مساھمة الجباية البيئية في تحقيق التنمية المستديمة
دراسة حالـة الجزائر
مذكرة تخرج مقدمة ضمن متطلبات نيل شهادة الماجستير
في علوم التسيير فرع : مالية ونقود
كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير
جامعة الجزائر
إعداد الطالب
عبد الباقي محمد
إشراف
أ.د. بلالطة مبارك
السنة الجامعية
2009 - 2010 م
الفصل الأول: التنمية الاقتصادية والتنمية المستديمة
- ملخص نظريات التنمية الاقتصادية
- تطور مفهوم التنمية ومحتواها منذ الحرب العالمية الثانية
- أهداف التنمية للألفية الثالثة وغايتها
- الأهداف الأساسية من تحقيق التنمية المستديمة
- مؤشرات التي طورتها الأمم المتحدة
الفصل الثاني: التلوث البيئي ومساهمة الجباية البيئية في الحد منه
- بعض الآثار الايجابية والآثار السلبية لتفاعل مكونات البيئة مع بعضها البعض على البيئة .
- المشاكل البيئية وآثارها على الصحة والإنتاجية
- الآثار الايجابية والآثار السلبية لإجراءات حماية البيئة على فرص العمل والتشغيل
الفصل الثالث: واقع التنمية المستديمة ومساهمة الجباية البيئية في تحقيقها دراسة حالة الجزائر
مقدمة :
لقد أدت مختلف التوجهات والسياسات التنموية التي باشرتها بلدان العالم من أجل تنمية اقتصادياتها ، والتي خلفت آثاراً اقتصادية واجتماعية كبيرة ، إلى ظهور بعض النتائج الإيجابية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، غير أنه وخلال فترة السبعينيات إلى غاية الثمانينيات القرن العشرين ، ظهرت نتائج أخرى لم تؤخذ بعين الاعتبار في السياسات التنموية السابقة، والتي تتمثل أساساً في التلوث البيئي ، الناتج عن التزايد والتوسع المستمر في القطاعات الصناعية بدرجة أولى، وهو ما تجلى في ظهور آثار له على مستوى ارتفاع نسبة الرصاص ، ومختلف أكاسيد النتروجين في الجو، بالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون ...الخ، وقد اختل التوازن النظام البيئي والذي يعبر عن مجموعة كائنات حية ، وغير حية تتفاعل فيما بينها ، نتيجة لهذه الزيادات غير المتوقعة في العناصر التي يتكون منها أصلاً، والتي كانت في حدود ما يسمح لهذا النظام بالتوازن المستمر .
ولأجل إعادة تصحيح الوضع القائم، عقدت عدت مؤتمرات تهدف كلها إلى إدراج البعد البيئي في التنمية الاقتصادية ، والاجتماعية التي تنشدها بلدان العالم، وقد كان أهم مؤتمر ينعقد هو مؤتمر ستوكهولم في 05/06/1972 ،وهو أول مؤتمر يولي البعد البيئي اهتماماً كبيراً،إلى غاية ظهور تقرير المجلس العالمي للبيئة والتنمية التابع للأمم المتحدة، والذي يحمل عنوان « مستقبلنا المشترك» والمعروف بـ: تقرير برونتلاند ، والذي يعتبر نقلة نوعية في مفاهيم التنمية، حيث تبنى مفهوم التنمية المستديمة، والتي يصطلح عليها باللغة الفرنسية Durable Développement والإنجليزية Sustainable Development ،والتي تعبر عن تحقيق فكرة مقابلة الحاجات الحالية دون تعريض قدرة الأجيال القادمة لمقابلة حاجاتهم للخطر، حيث أصبح هناك تفرقة بين نظريات التنمية، فالتنمية المستديمة تراعي الجانب البيئي أهمية ، والتنمية الاقتصادية البحتة التي لا تراعي بدرجة كبيرة أي أهمية للجانب البيئي، كما عقد مؤتمر قمة الأرض 1992 بريو دي جانيرو بالبرازيل، وعقد أيضاً مؤتمر جوهانسبوغ عام 2002 للتنمية المستديمة، والذي ضم الكثير من المشاركين، منهم رؤساء الدول والحكومات ، وأعضاء الوفود الوطنية، وقيادات من المنظمات غير الحكومية ، وقطاع الأعمال التجارية ، وغير ذلك من الفئات الرئيسة، وركز مؤتمر القمة اهتمام العالم على الأعمال الهادفة إلى تحقيق التنمية المستديمة.
وللأهمية الكبيرة التي منحت للبيئة ، بدأ العمل على إيجاد الطرق ، والسبل الكفيلة للمحافظة عليها وضمان استمرار توازن النظام البيئي، وذلك بهدف ضمان استمرارية التنمية ، والحياة على كوكب الأرض على حد السواء .
و يحدد مفهوم السياسة البيئية، الآليات والإجراءات الكفيلة ب المحافظة على البيئة، وتتلخص في الآليات القانونية والآليات الاقتصادية ، حيث تحتل هذه الأخيرة أهمية بالغة، وذلك لتكامل البعدين الاقتصادي والبيئي في عملية اتخاذ القرار . وتتكون الآليات الاقتصادية أساساً من نظام الرخص القابلة للتداول و الجباية البيئية .
وباعتبار أن الجباية البيئية مفهوم يتم من خلاله استدخال التلوث البيئي، والذي كان يمثل تكاليف خارجية سلبية، إلى جعله تكلفة داخلية، حيث تؤخذ بالحسبان عند انجاز المشاريع، أو إعادة تقييم المشاريع المنجزة من الناحية البيئية – تقييم الأثر البيئي - وذلك بهدف التقليل من التلوث الناتج عنها . وبذلك نستخلص أن للجباية البيئية أهمية، بحيث تسهم في التقليل من حجم التلوث .
الإشكالية العامة :
ومن خلال كل ما سبق تظهر أو تتجلى بوضوح الإشكالية العامة لهذا البحث فيما يلي :
ما مدى مساهمة الجباية البيئية كآلية من الآليات الاقتصادية في تحقيق التنمية المستديمة ؟ .
الإشكاليات الفرعية :
ومن خلال الإشكالية العامة يمكن أن نطرح الإشكاليات الفرعية التالية :
1 – ما المقصود بالتنمية المستديمة ( التعريف، إرهاصاتها، الأبعاد، والسمات . ؟ ) .
2 - ماهية التلوث البيئي و ما مدى مساهمة الجباية البيئية في الحد منه، وما هي أهم العراقيل التي قد تؤثر فيها؟.
3 – ما هو واقع وآفاق الجباية البيئية والتنمية المستديمة في الجزائر كنموذج للدراسة؟ .
الفرضيات :
وبداية لموضوع البحث سوف ننطلق بعدة فرضيات ، والتي يمكن اعتبارها الإجابات الأولية للإشكالية العامة والإشكاليات الفرعية :
1 – التنمية المستديمة مفهوم يربط بين حق الأجيال الحا ،لية والأجيال القادمة في التنمية، وترتكز على عدة أبعاد، منها ما هو اقتصادي، وبيئي، واجتماعي .
2 – تعتبر مشكلة التلوث البيئي من بين أهم المشكلات ، التي يمكن أن تعرقل التنمية في المستقبل وتمثل الجباية البيئية أحد الوسائل التي قد تسهم في الحد منه، وذلك بفرض بعض الضرائب والرسوم على الأنشطة الملوثة ، محاولة منها إدخال التلوث البيئي باعتباره تكلفة خارجية ، إلى اعتباره تكلفة داخلية عن طريق هذه الجباية
3 – يعتبر مفهومي التنمية المستديمة ، والجباية البيئية من بين تحديات النظام الضريبي الجز ائري والذي بدأ يأخذ الجانب الايجابي ، وذلك بإصداره مجموعة من الرسوم التي من خلالها قد تحل إلى حد ما من مشكلة التلوث البيئي في الجزائر .
أهمية البحث:
تمكن أهمية الموضوع في أن نظام السوق يقوم على أساس التكلفة الداخلية فقط ، دون التكلفة الخارجية وخاصة السلبية منها، التي يمكن أن تؤدي في أغلب الحالات إلى تدهور كبيرا، سواء من الناحية الصحية للسكان أو بإخلال التوازن النظام البيئي ككل .
وأمام هذا الفشل في نظام السوق الحالي، ظهرت عدة نظريات تنادي بتصحيح هذا الخلل وذلك بإدراج بعض الوسائل والآليات الاقتصادية إلى النظام الاقتصادي، والتي من خلالها يمك نان أن نعالج الوضع المتدهور، الذي يشكل أصلا خطراً على التنمية في المستقبل ، نظراً لتدهور الموارد الاقتصادية والطبيعية التي تدخل في ما يسمى بعوامل الإنتاج، بالإضافة إلى عدم تكليف الأجيال القادمة بأعباء جد مرتفعة لمكافحة التلوث البيئي و ، الناتج عن تواصل التنمية الاقتصادية بهذا النهج، لذا وجب محاربته والحد من مسبباته ، بواسطة التقييم الأثر البيئي للمشاريع الاقتصادية،وادراجه كتكلفة داخلية بواسطة بعض الوسائل و الأدوات الاقتصادية، وكانت الجباية من أهمها .
حدود الدراسة :
يمكن تحديد الحدود العامة للدراسة كالتالي :
1 - تركزت الدراسة من ناحية الإطار المكاني حول الجزائر .
2 - أما من حيث الإطار الزماني فقد تركزت الدراسة على واقع التنمية المستديمة والجباية البيئية في الجزائر خلال الفترة 1992 إلى غاية 2008. غير أن ذلك لا يمنعنا من التطرق إلى فترات سابقة، وخاصة مرحلة ما بعد الاستقلال إلى غاية تطبيق الجزائر الإصلاحات الاقتصادية ابتداءً من سنة 1989م ،إثر الأزمة الاقتصادية التي حلت بها بعد انهيار أسعار البترول عام 1986 .
الدراسات السابقة :
تتلخص أهم الدراسات السابقة حول التنمية المستديمة أساساً في :
1 - أطروحة دكتوراه لمحمد طاهر قادري، من جامعة الجزائر، تحت عنوان: آليات تحقيق التنمية المستدامة في الجزائر، حيث حملت هذه الأطروحة إشكالية مفادها: ما مدى إمكانية تحقيق تنمية مستدامة في الجزائر؟، وما هي الصعوبات والتحديات التي تحول دون ،كذلك على الرغم من توفر الإمكانات والمتاحات الطبيعية المادية والبشرية؟ . وقد ركز في علاجه لهذه الإشكالية على الإمكانات الطبيعية والبشرية، بالإضافة إلى التحديات و المعوقات التي يمكن أن تحول دون تحقيق تنمية مستديمة في الجزائر، والتي كانت أهمها التقانة والحكم الراشد ، بالإضافة إلى بعض المعوقات الاقتصادية ليخلص في النهاية إلى إدارة وحلول التنمية المستديمة في الجزائر .
2 -مذكرة ماجستير لعبد الله الحرتسي حميد، من جامعة الشلف، تحت عنوان: السياسة البيئية ودروها في تحقيق التنمية المستدامة مع دراسة حالة الجزائر 1994 - 2004 .حيث كانت إشكاليتها تتمثل في: ما هي أدوات السياسة البيئية الكفيلة بضمان التنمية المستدامة في الجزائر؟ . وقد ركزت هذه الدراسة على مضمون السياسة البيئية وأدواتها، والتي تتمثل أساساً في الأدوات التنظيمية والأدوات الاقتصادية، والاتجاهات الحديثة للسياسة البيئية، كما وقف على حدود كل أداة من أدوات هذه السياسة.
3 - مذكرة ماجستير لزرنوح يسمينة، من جامعة الجزائر، تحت عنوان: إشكالية التنمية المستدامة في الجزائر دراسة تقييمية، وقد جاءت إشكالية هذه المذكرة على النحو التالي: ما هو واقع إستراتيجيات التنمية وتحدياتها في البلدان النامية؟. حيث ركزت لمعالجتها على الاستراتيجيات التنموية وواقعها بين الاحتياجات الأساسية والاستدامة، لتخلص في النهاية إلى طبيعة الاستراتيجيات التي تبنتها الجزائر إلى غاية تبني إستراتيجية المشاريع الكبرى.
4 - مذكرة ماجستير لحيزية لصاق ، من جامعة الجزائر، تحت عنوان، أثر ترشيد الموارد الطاقوية على التنمية المستدامة دراسة حالة الجزائر، وكانت إشكاليتها تتلخص في: ما هو أثر ترشيد الموارد الطاقوية على التنمية المستدامة؟. حيث ركزت الدراسة على العلاقة بين مكانة الموارد الطاقوية غير المتجددة الحالية، و واقع الموارد الطاقوية المتجددة وآفاقها، لتخلص في النهاية إلى أهمية ترشيد الطاقة من أجل استمرار التنمية، والعمل من أجل استغلال الموارد الطاقوية المتجددة في المستقبل .
وعلى أساس ما تقدم من دراسات سابقة، سوف تأتي هذه دراسة من أجل معرفة مدى المساهمة التي يمكن أن تساهم بها الآليات الاقتصادية ممثلة في الجباية البيئية، حيث تهدف إلى تقليص من حجم التلوث البيئي، وهو ما يعني بيئة نظيفة، ليتم في النهاية تحقيق تنمية مستديمة، والتي تولي أهمية بالغة للبعد البيئي بدرجة أولى.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق