التسميات

الأحد، 29 أكتوبر 2017

البطالة في العالم العربي - أ.غيداء صادق سلمان ...


البطالة في العالم العربي

أ.غيداء صادق سلمان

جامعة الأنبار – العراق 

المقدمة:

منذ أمد بعيد وبلدان العالم العربي تنتهج مسارات تنموية مختلفة بهدف تحقيق النمو الاقتصادي، غير أن تلك المسارات أثبتت أنها غير قابلة للاستمرار على المدى المتوسط أو البعيد. ففي منتصف الثمانينات أثر الانخفاض الكبير في عائدات النفط على إفرازات السياسات التنموية السائدة حينذاك مما أحدث جملة من المشاكل التي تطلبت إصلاحات اقتصادية وإعادة الهيكلة. فقد أدت تلك السياسات إلى هيمنة القطاع العام على جميع الأنشطة الاقتصادية وتراكم الديون وارتفاع معدلات البطالة. وكان القطاع العام هو محرك النمو الاقتصادي وهو الذي يوفر فرص العمل وهو الذي يقدم الخدمات الاجتماعية. وقد أدت هذه السياسات إلى وضع يعتمد فيه السكان على " دولة الرعاية" في تخطيط حياتهم وتوجيهها. وفي هذه الحلقة المفرغة أصبحت الدولة أسيرة لسياساتها الاقتصادية والاجتماعية المفتوحة، واعتاد الناس على تلقي ما تقدمه لهم الدولة. وبعد استمرار هذا الوضع لأكثر من 20 عاماً أصبح التخلي عنه في فترة قصيرة من الزمن مسألة بالغة الأهمية. وفيما يتعلق بقطاع العمل سادت فترة السبعينات والثمانينات أوضاع خارجية مؤاتية، حيث أمكن بفضل أزدهار حركة التشييد والهجرة الخارجية، أستيعاب نسبة كبيرة من اليد العاملة المتزايدة في الوطن العربي لاسيما العمالة القادمة من القطاع الزراعي وأعمال الريف. واصبحت الهجرة الخارجية هي الهدف الاساسي في البلدان التي تكثر فيها اليد العاملة ولم يكن التعليم والمهارات من المتطلبات الاساسية للعثور على عمل في قطاع الخدمات وقطاع البناء والتشييد في الخليج، لذلك لم يكن هناك أي اهتمام بمستوى معظم اليد العاملة التي اختارت الهجرة. وكان هذا بالذات هو حال اليد العاملة التي خرجت من القطاعات الزراعية في بلدان مثل مصر والاردن والجمهورية العربية السورية واليمن. وكانت فرص العمل في بلدان الخليج مضمونة للمواطنين بغض النظر عن التعليم أو المهارات. وفي فترة التسعينات انتفت الحاجة بعد تشبع القطاع العام، فأصبحت فرص العمل المتوافرة للوافدين الجدد على سوق العمل مركزة في القطاع الخاص الذي يتطلب مستوى من المهارات أرقى وأكثر تنوعاً والذي فتح المنافسة أمام شتى الجنسيات ومع تغيير هيكل الطلب على العمل من هذه المعادلة في معظم البلدان العربية وتفشي ظاهرة البطالة بوتائر عالية، استلزم الوضع اجراء تغييرات موازية من جانب العرض لليد العاملة من أجل تحسين المهارات والقدرات ونوعية اليد العاملة عموماً. وأدت قلة التجاوب مع هذه التغييرات إلى اعتماد أساليب إنتاج تعتمد على كثافة رأس المال وبالتالي أفرزت البطالة والعمالة الناقصة. وأدركت الحكومات العربية شيئاً فشيئاً أهمية العمل على تنويع مصادر إيراداتها وتخفيف اعتمادها الكبير على القطاعات التقليدية غير المنتجة وعلى إيرادات النفط (بالنسبة للبلدان النفطية) والمعونات الخارجية المتناقصة بإطراد فضلاً عن سياسات الاصلاح المطلوبة لتشجيع الصادرات وزيادة كفاءة القطاع الخاص وتخريج عاملين أكثر مهارة ومرونة والحد من ظاهرة الفقر بتسريع وتيرة نمو الهياكل الإنتاجية في البلدان العربية وردم فجوة التخلف الاقتصادي.

1  فرضية البحث:

أن ظاهرة البطالة آفة اقتصادية واجتماعية تقرض البنيان الانتاجي للدولة إذا لم يتم التصدي لها ومعرفة أسبابها وتلمس المعالجات والحلول الكفيلة للحد منها. وأن أهمالها يؤثر بشكل سلبي على تنمية المجتمع العربي ويزيد من فجوة التأخر الاقتصادي بينه وبين المجتمعات المتقدمة.

2 مشكلة البحث:

تعاني أغلب الاقتصادات العربية من مشكلة تفاقم ظاهرة البطالة وبشكل متزايد مما أثر سلباً على معدلات النمو الاقتصادي لديها وسجل حالات غير قليلة من الفقر وتدني مستويات المعيشة بالنسبة للسكان فتحولت بذلك من بلدان منتجة إلى بلدان غارقة في الديون الخارجية.

3 هدف البحث:

يهدف البحث إلى تسليط الضوء على أسباب تفشي ظاهرة البطالة في البلدان العربية والسبل الكفيلة بمعالجتها.

أولاً- ظاهرة البطالة : المعاني والمضامين.

تمثل ظاهرة البطالة موضوعاً هاماً في النقاشات المتعلقة بسوق العمل ولكن معناها الحقيقي لايعرف دائماً بوضوح والتعريف الرسمي للبطالة وفقاً لمنظمة العمل الدولية هو حالة الفرد المتعطل عن العمل في الوقت الحالي والذي يبحث عن عمل نشط لفترة من الزمن يتفق عليها الموظف ورب العمل.
وتعتبر ظاهرة البطالة بأشكالها المختلفة أحد المؤشرات الأساسية لتخلف اقتصاديات البلدان النامية، كما يشير العالم الفرنسي لاكوست إلى أن وجود جمع من الرجال المعطلين أو غير المنتجين هي سمة للبلدان المتخلفة(1). وتعد البطالة المقنعة من أبرز أشكال البطالة التي تعاني منها البلدان العربية وأكثرها انتشاراً. وتتمثل البطالة في تكديس الملايين من السكان البالغين (رجالاً ونساءاً) المعطلين على أرصفة الشوارع في أوقات العمل وذلك لزيادتهم عن الحاجة الفعلية أو الطلب في كل من الريف والمدينة. وفي هذا الصدد ينبغي التمييز بين البطالة والعمالة الناقصة لعدد ساعات العمل في اليوم وعدد أيام العمل في الأسبوع. وهنا تبين لنا وجود أنواع من البطالة تتمثل بما يأتي(2):-
1) البطالة السافرة: وتتعلق أساساً بتصلب سوق العمل الذي يؤدي إلى انخفاض الطلب على اليد العاملة نسبة إلى العرض منها.
2) البطالة العارضة: وتمتد عادة لفترة قصيرة من الزمن وتشكل جزءاً من عملية بحث العامل عن عمل مناسب وبحث رب العمل عن العامل المناسب.
3)  البطالة الدورية: وهي نتيجة  للتقلبات في الطلب التراكمي وتكون عادة مؤقتة ولكن يمكن أن تنتشر على نطاق واسع وأن تشتد حدتها. ويمكن ان يؤدي الانكماش إلى هذا النوع من البطالة. وإذا تعذر على العمال العودة إلى العمل بعد حدوث انخفاض في النشاط الاقتصادي يمكن ان تتحول البطالة الدورية إلى بطالة لفترة أطول من الزمن.
4)  البطالة الهيكلية: وهي أشد حدة من البطالة الدورية وتمتد عموماً لفترة من الزمن وتنتج عن فشل السياسات والركود الاقتصادي وسوء سير أسواق العمل. ويتطلب حل هذا النوع من البطالة انتعاش الطلب التراكمي على اليد العاملة واستهداف مهارات معينة.
5)  البطالة المقنعة: وتتمثل بوجود اعداد من القوى العاملة تزيد عن حاجة مستوى الانتاج السائد مما يترتب عليه أن تصبح الإنتاجية الحدية لهذه القوة العاملة الفائضة مساوية للصفر(3).
6)  لعمالة الناقصة: وتنشأ عندما يكون إنتاج الفرد أدنى من قدراته (أي ان ينضم خريج أو خريجة الكلية إلى القطاع الغير رسمي ويؤدي مهاماً لا علاقة لها بمؤهلاته العلمية). ويسود هذا الوضع عادة عندما يحول الموقف الاجتماعي من العمل دون قيام العمال المهرة بقبول العمل في مجال تعليمهم أو عندما تنتج عن النظام التعليمي مهارات غير مطلوبة في سوق العمل، أو عندما يشهد الاقتصاد انكماشاً أو (أنخفاضاً في الطلب على اليد العاملة) أو عندما يلجأ الاقتصاد إلى اعتماد نهج من النمو يقوم على كثافة رس المال.
وهنا ينبغي أن تراعى معدلات البطالة الحقيقية (في الوضع المثالي) جميع الفئات لتعكس مدى التقصير الفعلي في استخدام القوة العاملة. وسيؤدي تطبيق هذا المفهوم على البلدان العربية إلى مضاعفة المعدلات الرسمية أن لم يؤدِإلى بلوغها ثلاثة أمثال ماهي عليه.
وعلى الرغم من اعتراض البعض على تقسيم البطالة للانواع المبينة اعلاه. إلا أنه يبدو بأن أغلب الكتاب متفقون على وجود جزء مهم من الأيدي العاملة في البلدان النامية تشغل في الواقع عملاً معيناً ولكن انتاجيتها فيه تصل للصفر أو تكون ضعيفة جداً، وذلك ما يعرف بالبطالة المقنعة التي يمكن قياسها ولكن لا يمكن تشخيص المسببين في وجودها إذ ان العاملين في نشاط معين هم في نفس الوقت عاملون وعاطلون وعليه فأن تسمية هذا الشكل من البطالة بالمقنعة يتطابق مع جوهرها ويمثل تعبيراً صادقاً عنها(4). وغالباً ما يشيع ظهورها في القطاع الزراعي وذلك لما يتميز به هذا القطاع من تركز الجزء الأكبر من القوة العاملة فيه والتي تلزمهم صلة القرابة والألتزامات (العشائرية) على العمل بالأرض جيلاً بعد جيل. بحيث قدرت بعض الدراسات أن فائض العمالة الزراعية قبيل الحرب العالمية الثالثة قد تراوح ما بين 20-25% في مناطق الهند والباكستان والفلبين واندونيسيا. وتشير بعض التقديرات الأخرى إلى أن البطالة المقنعة في الريف المصري ما بين 20% وأكثر من 50% من أجمالي القوة العاملة في القطاع الزراعي(5).

ثانياً: أسباب شيوع ظاهرة البطالة

يكاد أن يتفق الباحثين على أن أسباب شيوع ظاهرة البطالة في البلدان النامية عموماً والعربية على وجه الخصوص إلى العديد من الأسباب التي من أهمها:-
1-     عدم كفاية عناصر الانتاج المكملة لعنصر العمل في العملية الانتاجية كالأرض ورأس المال والتنظيم التي بتكاملها يمكن أن تتحقق وتستمر العملية الانتاجية مما يتعذر معه توفير فرص العمل المنتج للطاقة البشرية الفائضة عن العمل.
2 تعذر وجود فرص العمل البديلة خارج القطاع الزراعي وخصوصاً بالنسبة للقطاع الصناعي الذي استبدل العمل الآلي محل العمل اليدوي، إضافة لحاجة القطاع التجاري لرأس المال النادر، ناهيك عن أن القطاعات الانتاجية عموماً في البلدان العربية تتصف بمحدوديتها وبطء نموها، مما ينتج عنه ضعف قدرتها على أستيعاب فائض العمالة الذي يكون مضطراً إلى اللجوء إلى القطاع الزراعي أو بعض النشاطات الخدمية.
3 ارتفاع معدل نمو السكان خلال فترة السبعينات والثمانينات مما أدى إلى ظهور عدد من الشباب الذين يبحثون عن العمل بحيث بلغ معدل نمو القوة العاملة 3,3% في السنة.
4 ندرة الأيدي العاملة الماهرة والكفوءة مما تعذر معه استبدال مثل هذا النوع من العمل محل العمل غير الكفوء. مما ادى إلى ارتفاع كثافة العمل غير الماهر وسيادته في وحدات الانتاج ومن ثم ظهور البطالة المقنعة.
5 الاعتماد على الهجرة كمصدر رئيس لتوليد العمالة من جانب البلدان المصدرة لليد العاملة وكمحرك لبناء الهياكل الاساسية من جانب البلدان المستوردة لليد العاملة. وعندما انتفت الحاجة لاستيراد العمالة وحلول الآلة محل اليد العاملة شاعت البطالة في البلدان المصدرة والمستوردة.
6 تعاني بعض المجتمعات العربية من نظرة الازدراء والتعالي للعاملين في القطاع الزراعي مما اضطر الفلاحين وخصوصاً الشباب منهم إلى ترك العمل بالأرض والهجرة إلى المدينة بحثاً عن العمل مما شكل زخماً في عرض قوة العمل وبالتالي زيادة نسبة البطالة في المدن.
7 عجز الموازنات العربية عن تمويل مشاريع استصلاح الأراضي الزراعية واعادة تأهيل الريف أجبر العاملين في القطاع الزراعي على التوقف عن العمل واتجاه البعض الآخر نحو الأعمال الخدمية التي تتصف بضعف قابليتها على تلبية متطلبات الأسرة.
8 سيادة بعض القيم والتقاليد الاجتماعية التي تؤثر في اتساع ظاهرة البطالة وخاصة في المجتمعات الغنية والطبقات الارستقراطية التي تحتقر العمل وتؤثر أن يشب ابنائهم متسكعين وعاطلين عن العمل بدلاً من أن يعملوا بأيديهم. ناهيك عن النظرة المتعصبة لعمل المرأة حيث تعاني المرأة العربية في بعض المجتمعات المتخلفة من منعها من ممارسة حقها في العمل وكما مبين في الجدول رقم (1) الذي نستنتج منه أن النساء في المجتمع العربي تمثل مجموعة من الموارد البشرية غير المستفاد منها أستفادة كاملة والتي يمكن استخدامها في العقود المقبلة للمساعدة في عملية التنمية وخاصة في القطاعات التي يمكن أن تتهيأ فيها بيئة مناسبة للمرأة تتفق والقيم الاجتماعية السائدة مثل البنوك والصحة والتعليم والعمل الاجتماعي.
9 عانت بعض البلدان العربية من الاثار المباشرة وغير المباشرة للحروب والمشاكل السياسية وخاصة خلال العقود المنصرمة. فعملت أغلب تلك البلدان إلى زيادة حصة الانفاق العسكري على حساب الانفاق الاستثماري مما شكلعوزاً كبيراً في حاجة تلك البلدان إلى المشاريع الاستثمارية التي تستقطب الزيادة الحاصلة في الأيدي العاملة وخاصة بين فئة الخريجين الجدد فتفاقمت ظاهرة البطالة نتيجة لذلك.
10 هيمنة القطاع العام على الأنشطة الاقتصادية وتوليد العمالة مع تقديم أجور مرتفعة. وظهر القطاع الخاص تدريجياً في دور القطاع الذي يخدم القطاع العام، وبالتالي واجه تصلبات هيكلية في نموه كقطاع مستقل عندما انخفضت قدرة القطاع العام على توليد مزيد من الوظائف.
11 تتسم طبيعة العمل في القطاع الزراعي بالفجائية والتباين الزمني بين مراحل عملية الانتاج. مما يتسبب في شيوع ظاهرة البطالة المقنعة. إذ أن التنبوء بالمستقبل من تغيرات فجائية غير متوقعة في العمل الزراعي يتطلب الاحتفاظ بجزء من القوة العاملة كأحتياطي لمواجهة مثل هذه التغيرات. وكذلك فأن التباين الزمني بين مراحل الزراعة ابتداءاً من تحضير الأرض حتى الحصاد واختلاف هذه المراحل من حيث حاجتها لكمية العمل يستدعي أيضاً الاحتفاظ بجزء معطل من القوة العاملة لحين نشوء الطلب عليه وقت حلول العملية الزراعية التي تحتاجه.
12 تواجه البلدان العربية شيوع ظاهرة البطالة الموسمية وبصفة سنوية حيث تظهر كنتيجة لموسمية العمل في بعض النشاطات الاقتصادية كالقطاع الزراعي بسبب الطبيعة الموسمية للانتاج الزراعي وعدم استخدام الأرض لفترات طويلة من السنة، كما أنها توجد في بعض الصناعات المحلية كصناعة المثلجات وغيرها. ويكون أثر ذلك النوع من البطالة أكثر حدة في البلدان النامية عموماً بسبب عدم تنوع الانتاج والقصور في تنوع مصادر الدخل بالنسبة للعاملين في تلك الانشطة.
13 ينسجم عن حالة عدم كفاية الطلب الكلي الفعال حدوث تقلبات وأزمات دورية تؤثر بدورها على مستوى استخدام الأيدي العاملة فيضطر المنتجون إلى تسريع أعداد غير قليلة من العمال بسبب هبوط مستوى الارباح وتسمى هذه الحالة بالبطالة الدورية (كما تم تعريفها آنفاً).
14 كان من الآثار السلبية التي نتجت عن كثرة الحروب والمنازعات او حالة عدم الاستقرار الاقتصادي زيادة عدد السكان المهاجرين للبلدان العربية الاخرى وخاصة لدول الخليج وسوريا والاردن ومصر بحثاً عن الاستقرار والأمان النفسي والاجتماعي والاقتصادي فأدت تلك الهجرة إلى زيادة مستوى عرض قوة العمل في اسواق تلك الدول وخاصة في قطاع الخدمات فشاعت ظاهرة البطالة فيها .
15 انخفاض اسعار النفط في أواسط الثمانينات وما نتج عنه من انخفاض الطلب على العمالة من البلدان العربية المصدرة لليد العاملة مما أدى إلى خلل في اسواق العمل فيها. وكان لحرب الخليج تأثير مشابه حيث انطوت هذه الحربعلى ضغوط سلبية على سواق العمل في الأردن وفلسطين واليمن ومصر.
16 أن الكثير من البلدان العربية لا تضع التعليم واحتياجات اسواق العمل ضمن علاقة ارتباط ملائمة. وهناك الكثير من المؤشرات التي توضح أن المردود الاجتماعي والاقتصادي للتعليم منخفض جداً في البلدان العربية وبشكل خاص بالنسبة للأسر الفقيرة. وقد أظهرت دراسة في مصر ان معدلات البطالة تصل إلى أعلى درجة بين الحاصلين على شهادات ثانوية، ويليهم الحاصلون على شهادات جامعية بينما تبلغ أدناها بين غير المتعلمين والحاصلين على شهادات عليا.


جدول رقم (1)
معدل مشاركة القوة العاملة في بعض البلدان العربية لعام 1997
البلدان
معدل المشاركة في القوة العاملة
معدل مشاركة النساء
في القوة العاملة
الاردن
25،0
14
الامارات العربية المتحدة
51،0
12
البحرين
45،0
17
المملكة العرية السعودية
34،0
10
الجمهورية العربية السورية
29،0
23
العراق
26،0
16
عمان
26،0
12
فلسطين
38،0
13
قطر
57،0
11
الكويت
42،0
23
لبنان
31،0
27
مصر
35،0
27
اليمن
30،0
28
المصـدر: جامعة الدول العربية- التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 1997.


ثالثاً: إشكالية العلاقة بين السكان والبطالة والفقر في العالم العربي.

لازالت الابحاث قاصرة عن تقديم تفسير واضح حول العلاقة بين النمو السكاني والتنمية الاقتصادية فلقد أثبتت بعض التجارب أن البلدان التي توصلت إلى تنمية ناجحة كانت لديها معدلات نمو أعلى للإنتاج منها للسكان. ولكي تصبح التنمية المستمرة أداة من أجل الوصول إلى رفاه الانسان يجب أن نفهم إشكالية العلاقة بين نمو السكان ووفرة الموارد والبيئة والتنمية. أن رفاه الانسان والتنمية الاقتصادية كلاهما يعتمدان على خلق فرص عمل منتجة للعاطلين عن العمل وللأعداد الكبيرة التي تدخل إلى سوق العمل.
وغالباً ما تتلازم البطالة مع الكثير من الامراض الاجتماعية المتأزمة كالأمية وتردي أوضاع النساء وسوء التغذية والتعرض للمخاطر البيئية وعدم توافر الخدمات الصحية والاجتماعية مع الفقر. ومن أفرازات هذه العوامل زيادة معدلات الخصوبة ووفيات عالية وانتاجية اقتصادية منخفضة، كما أن الفقر وهو النتيجة الحتمية للبطالة يتلازم ايضاً مع التوزيع الجغرافي غير المتكافيء للسكان.
وأن الحد من البطالة سوف يبطيء النمو السكاني والعكس صحيح. فأبطاء النمو السكاني سوف يخفض معدلات الانجاب وبالتالي يخفض حجم الاجيال الشابة وتسارع النمو في القوى العاملة. ومن جهة أخرى فأن البطالة والفقر متلازمان ايضاً مع الانتاجية والدخل ومستوى المعيشة. وأن خسارة موارد الدخل وخصوصاً في البلدان العربية الفقيرة حيث لا وجود لاعانات العاطلين عن العمل تفضي إلى الفقر. وتواجه منطقة الشرق الاوسط معوقات عدة بالنسبة إلى عوامل الفقر والنمو السكاني حيث أن معدل النمو السكاني في هذه المنطقة كان الاعلى بين سائر مناطق العالم النامي (2،9% للفترة 1960-1995) ومن المتوقع أن تكون هذه النسبة الخاصة بالدول العربية الاكثر ارتفاعاً بعد دول جنوب افريقيا في الفترة ما بين 1992-2000 ومن المتوقع ايضاً أن تتساوى هذه النسبة تقريباً مع البلدان الاقل نمواً (2،7%) وأن تكون أعلى منها للبلدان النامية (1،9%) وبالرغم من ارتفاع عدد السكان في البلدان العربية بمعدل الضعفين بين أواخر عام 1959 واوائل عام 1980، إلا أن تسارع النمو الاقتصادي قد سمح بتحسن الاوضاع المعيشية للمواطنين في تلك الفترة حيث ارتفع نصيب الفرد من الدخل القومي الاجمالي وارتفع العمر المتوقع عند الولادة ومعدل سنوات الدراسة وانخفضت معدلات وفيات الاطفال بسبب تحسن الوضع والوعي الصحي للسكان. ولكن قدرة الدول العربية على تحسين الاوضاع المعيشية للسكان أصبحت في الثمانينات متواضعة بسبب تباطوء النمو الاقتصادي وتعاقب الزيادات السكانية والنزاعات الداخلية والحروب الخارجية في كثير من بلدان الوطن العربي(6).
ومن الواضح ان معدل النمو السكاني في البلدان العربية في الفترة مابين 1960-1980 كان أعلى بكثير من النمو الاقتصادي للفترة مابين(1980-2000) وهذا لم يحصل في البلدان الاقل نمواً والبلدان النامية عموماً. ولم يكن تعبيراً عن اتجاه عام على المستوى العالمي. وكما بينا سابقاً فأن النمو السكاني السنوي في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا بلغ 2،9% في عام 1995 ولكن هذا المعدل يختلف بحسب البلدان العربية المختلفة حيث يتراوح بين 1،9% في تونس و3،5% في اليمن و 3،1% في الصومال و2،7% في الجزائر للفترة من 1992-2000. وتختلف أسباب هذه الزيادات في عدد السكان من دولة لاخرى بحسب اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والصحية والسياسية وتتمثل في الهجرة ومعدلات الخصوبة المرتفعة ومعدلات الوفيات المنخفضة وغيرها. وتمارس الزيادة السكانية السريعة والتوزيع السكاني غير المتكافيء في العالم العربي ضغوطاً على مستويات عدة تتمثل في عدم أو سوء إدارة واستغلال الموارد النادرة من أجل تأمين فرص التعليم والخدمات الصحية للأسرة الفقيرة وتأمين فرص الوصول على العمالة المنتجة. غير أن هذه الزيادات السكانية المستمرة ستبقى عاملاً معوقاً للنمو الاقتصادي في البلدان المتخلفة اقتصادياً من العالم العربي وبالتالي للمساعي التي تهدف للحد من الفقر.
كما أن اقتصاد الدول العربية المختلفة خلال فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي كان من بين الاقتصادات الاكثر نمواً في العالم. وبلغت نسبة النمو السنوي في أجر العامل حوالي 4% للفترة مابين 1970-1980 وذلك بسبب الانتعاشة النفطية في المنطقة آنذاك. ولكن منذ عام 1975 بدأت نسبة النمو والانتاجية تنخفض. بينما ارتفعت البطالة وتراجع الاجور الفعلية لاعتماد الدول العربية على النفط مما أثر وبشكل كبير في جعل هذه الدول شديدة الحساسية للتقلبات في الأسعار الدولية.
ومن المتوقع أن ترتفع نسبة السكان ممن هم في سن العمل في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في البلدان العربية في السنوات القادمة بسبب الزيادة في معدل العمر المتوقع وتحسن المستوى الصحي. ومن المتوقع أن تكون هذه النسبة أعلى من نسبة النمو السكاني بما لا يزيد عن الثلث. كما يتوقع أن تصل نسبة الزيادة في حجم العمالة في ثمانية دول في المنطقة (الجزائر، مصر، سوريا، الأردن، لبنان، المغرب، تونس، اليمن) إلى 4% سنوياً. مما يعني ارتفاع حجم القوى العاملة بمعدل الضعفين بين عام 1990 وعام 2010. وقد أصبحت البطالة تشكل مشكلة اساسية في الكثير من البلدان العربية بسبب ازدياد حجم القوى العاملة وتراجع نمو فرص التشغيل حتى باتت عام 1993 أعلى من أي منطقة أخرى في العالم. وتختلف معدلات البطالة بحسب الدول المختلفة في المنطقة وتصل معدلاتها إلى 20% في الجزائر والاردن واليمن بينما تقارب 15% في مصر وتونس (أنظر الشكل رقم -1-) ويشار إلى ان معدلات البطالة أعلى نسبياً في المناطق الحضرية وفي صفوف الأناث. ففي الاردن مثلاً تقارب معدلات البطالة 18% وتتجاوز هذه النسبة لدى الاناث بمعدل الضعف. كذلك فأن البطالة تشكل نسباً عالية قياساً لما موجود في المناطق الريفية كما هو الحال في مصر والمغرب التي تزيد نسبة البطالة في المدن بنسبة أربعة أضعاف عن مثيلاتها في الريف.
ويمكن قياس نسبة البطالة في أي دولة كالآتي:-
عدد العمال العاطلين= المجموع الكلي للسكان الفعال[*] – عدد السكان العام

رابعاً: بنية سوق العمل العربي.

تعد النواقص التي تظهر في سوق العمل العربي من العقبات الاساسية التي تعترض سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتبرز هذه العقبة من خلال تأثيرها المباشر، مع افتراض ثبات المتغيرات الاخرى على حجم وكفاءة الانتاج. وتعاني أسواق العمل العربية من النواقص التي تتمثل في انحراف هذه الاسواق وابتعادها عن شروط ومواصفات النموذج النظري للسوق والذي نعني به سوق المنافسة التامة لعنصر العمل وقلة التخصص فضلاً عن ثبات الاسعار وعدم مرونتها. ويمثل تحجر التركيب الاجتماعي والجهل وعدم المعرفة الكاملة بوضع واحوال السوق من قبل المنظمين له (العارضين والطالبين لعنصر العمل) من النواقص المهمة التي تظهر في اسواق البلدان العربية.
أن وجود هذه النواقص المهمة وتفاعلها فيما بينها يترتب عليه القصور في إمكانية تأمين المكسب الامثل والاستخدام الكامل لعنصر العمل الذي يتميز بتدني عوائده وانتاجيته المنخفضة لدرجة تكاد تقترب من الصفر في بعض النشاطات الاقتصادية. كذلك سوء توزيع العمالة بصورة متعادلة على مختلف القطاعات العاملة في النشاط الاقتصادي حيث غالباً ما تتركز في النشاطين الزراعي والخدمي على حساب قطاعي الصناعة والتجارة. وكما مبين في ( الجدول رقم-2-).

جدول رقم -2-
هيكل العمالة في البلدان العربية
البلد
الزراعة
الصناعة
الخدمات
نسبة الزيادة السنوية في أجر العامل
1965
19901995
1965
1990
1995
1965
1990-1995
1970-1980
19801995
الكويت
2

34
26
64
73

3،8
قطر

3

28

69


البحرين

3

14

83


الامارات
21
5
32
38
47
57


السعودية
68
48
11
14
21
37


سوريا
52
23
20
29
28
48
2،8
-5،4
ليبيا
41
20
21
30
38
50


تونس
50
26
21
34
29
40
4،2
-0،8
عمان
62
49
15
22
23
29

-3،9
الاردن
37
10
26
26
37
64


العراق
50
14
20
19
30
64


لبنان
29
14
24
27
47
59


الجزائر
57
18
17
33
26
49
-0،1

مصر
55
42
15
21
30
37
4،1
-2،1
المغرب
61
46
15
25
24
29


اليمن
73
63
8
11
19
26


السودان
81
72
5
5
14
23


موريتانيا
89
69
3
9
8
22


الصومال
81
76
6
8
13
16
-5،1

المصدر: تقرير التنمية البشرية لعام 1995، برنامج الامم المتحدة الانمائي، نيويورك.


خامساً: الاستراتيجيات المقترحة للحد من البطالة.

في ضوء التحليل الذي ورد آنفاً، وفهم طبيعة مشكلة البطالة وأسبابها، لابد للمرء من استنتاج وجود تفاؤل مفرط بشأن الآثار التي قد تخلفها السياسات الوطنية والدولية الجديدة التي توضع حالياً عند الأخذ بنهج استراتيجيات تخفيف وطأة البطالة. ويمكن القيام من خلال نهج استراتيجيات تخفيف وطأة البطالة بوضع استراتيجيات للحد من الفقر تقدم بديلاً حقيقياً ومطوراً كما أجري في الماضي من اصلاحات اقتصادية وما طبق من سياسات التكييف. لكن ذلك يقتضي وجود ملكية وطنية حقيقية للسياسات العامة واستقلالية في وضعها وذلك استناداً إلى إعادة بناء قدرات الدولة واحراز نجاح حقيقي في السياسات الوطنية يتجاوز سياسات دولية داعمة أكثر من ذي قبل. ويمكن تحقيق ذلك إذا استندت استراتيجيات الحد من البطالة إلى استراتيجيات انمائية طويلة الاجل وأذا لم تكن امتداداً لسياسات تكييفية من الماضي، ولابد للمشاريع الخاصة من القيام بدور قيادي رئيسي في بلوغ اهداف هذه الاستراتيجيات. ولكن ينبغي للعملية الانمائية أن تلقي الحفز والتوجيه من دولة تأخذ بالتنمية والمذهب العملي وتقوم من خلال الادارة السليمة للاسواق بترويض دافع الربح خدمة لأغراض التنمية الوطنية والحد من البطالة والفقر وكذلك إنشاء طبقة محلية وحيوية من المتعهدين مستعدة لزج مواردها في الاستثمارات المحلية وليس في استهلاك الكماليات أو امتلاك الثروات الخاصة في خارج البلاد.
ويترك للحكومات العربية ذاتها كل بمفردها أمر تحديد خياراتها الاستراتيجية. ولكن بصورة عامة يمكن تجسيد أربعة اتجاهات للسياسات العامة يرجح تطبيقها تطبيقاً واسع النطاق وأن كان ذلك سياق محدد وهذه الاتجاهات هي:-
* الاهمية الرئيسية لتعزيز النمو الاقتصادي السريع والمستدام.
* إيلاء مسألة الاستثمارات الصناعية الاهمية القصوى بين خيارات التنمية.
* وضع خيارات من السياسات العامة للتنمية الاجتماعية.
* اعتماد سياسات تكفل عدم تخلف فئات اجتماعية ومناطق معينة عن ركب مسيرة النمو.
والمطلوب لتحقيق ذلك الهدف ليس مجرد زيادة الناتج المحلي الاجمالي، أنما المطلوب هو نوع من النمو الاقتصادي أساسه تراكم رؤوس الاموال وجمع المهارات وزيادة الانتاجية، وتوسيع نطاق سبل كسب الرزق بصورة مستدامة وزيادة فرص العمل، الأمر الذي يزيد بالتالي من إمكانيات الاستهلاك لدى الأسر المعيشية والافراد ولبلوغ ما نصبو إليه من استراتيجية ملائمة للحد من البطالة. نقترح رسم عناصر استراتيجية إنمائية شاملة تتمثل عناصرها بالصورة الآتية:-



قائمة المصادر

1- Y. LACOSTE: "Les Pays- Sous-development" quelques Ouvrages Significatifs, Parus depuis dixans, OP.Cit, PP.77-80.
2 إصدارات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا)، الأثر الاجتماعي لأعادة الهيكلة مع تركيز خاص على البطالة، نيويورك، عام 2000، ص37.
3 د. عمرو محي الدين، كتاب التخلف والتنمية، دار النهضة العربية، بيروت، عام 1972، ص89.
4  د. سلوى جبر حسن، التنمية الاقتصادية، القاهرة، عام 1979، ص326.
5 د. محمد زكي الشافعي، التنمية الاقتصادية، القاهرة، دار النهضة العربية، 1980، ص32.
6 إصدارات برنامج الأمم المتحدة الانمائي UNDP – ندوة (مناهضة وإزالة الفقر) المقامة في دمشق للفترة من 28-29/شباط/1996، نيويورك، 1996، ص24.

[*] السكان الفعال: ويقصد بهم جميع الافراد في المجتمع (الذين هم في سن العمل) ممن يمقدورهم القيام بالعمل إذا ما توفرت لهم فرص العمل ويستبعد منهم المعوقين والاطفال (ممن دون سن العمل) والطلبة وافراد الجيش والمتقاعدين (كبار السن).

حمله من هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا