التسميات

الجمعة، 3 نوفمبر 2017

حلايب وشلاتين.. بوابة الجنوب المنسية (2-2) ...


حلايب وشلاتين.. بوابة الجنوب المنسية (2-2)

ربيع السعدني

البديل - الثلاثاء 11 يوليوز 2017

مصر

  عمليات التنقيب عن الذهب في مثلث حلايب وشلاتين قبل ثورة 25 يناير كانت تتم بصورة عشوائية، في ظل حالة الانفلات الأمني التي أعقبت الثورة، ونقل المهربون كميات من الذهب إلى السودان لبيعها، حتى تم إنشاء شركة شلاتين للتعدين التابعة لهيئة الثروة المعدنية في نوفمبر 2012 بشراكة بين الهيئة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية وبنك الإستثمار القومي، لكن رأسمال الشركة الضئيل مثّل عقبة كبيرة أمام الاستثمار في مجال الذهب، ما اضطر الشركة للتعامل مع شركات خاصة ومقاولين من الباطن لتغطية العجز الشديد.

  كما أن النسب التي تحصل عليها الشركة من “الدهابة” مبالغ فيها، بحسب عدد من شيوخ القبائل الذين تحدثنا إليهم، حيث تتراوح ما بين (20 – 30)%، ما يدفع غالبيتهم للهروب من التعامل الشرعي مع الشركة واللجوء إلى بيع الذهب المستخرج من باطن الأرض إلى تجار من المنطقة للحصول على الثمن الفوري ودون اقتطاع نسبة محددة منهم، وبالتالي فإنه يدخل إلى السوق المصري بطرق غير رسمية بدلًا من دخولها عبر البنك المركزي والطرق الشرعية لتوفير احتياطي نقدي وطباعة “بنكنوت” جديد لدعم الاقتصاد الوطني.

  ومن جانبهم، طالب مشايخ القبائل بتصاريح فردية صادرة عن مكتب مخابرات حرس الحدود مباشرة غير محددة المكان وبأجر رمزي على أن يتم تجديده كل 6 أشهر دون شروط أو قيود.


مناجم الذهب

  كما أن المناطق الممنوحة لشركة شلاتين للثروة المعدنية تبلغ مساحتها 13.7 ألف كيلومتر مربع في حلايب وشلاتين وأسوان، وتشمل مناطق التنقيب “جبل أيقات، وجبل الجرف، ووادي مسيح، وجبل علبة، ومنطقة أسوان بالصحراء الشرقية”.

   الشيخ شاذلي القرباوي، أحد كبار مشايخ قبيلة العبابدة، ذكر أن شركة شلاتين للثروة المعدنية التي تعمل منذ ما يقرب من عام وهي تابعة للقوات المسلحة، تمنح تصاريح العمل الخاصة لعدد من أبناء قبائل المثلث الذين يتقدموا بأوراقهم للحصول على ذلك، قائلًا: “من لا يمتلك سيارة وجهاز GPXلكشف الذهب والمعادن الأخرى في باطن الأرض والذي يتراوح سعره من 8 – 10 آلاف جنيه لا يحصل على التصريح بالتنقيب عن الذهب”.


   وتحصل القوات المسلحة عبر جهاز مشروعات الخدمة الوطنية على نسبة 20% من حصيلة الذهب والكنوز والآثار والمعادن النفيسة والثروات الثمينة المستخرجة من باطن الأرض، بحسب القرباوي، وتحدد لـ”الدهابة” وغيرهم من الشركات الخاصة أو المقاولين المتعاقدين معها من الباطن المناطق التي ينقبون فيها بعيدًا عن المناطق المحظورة التابعة للجيش، والتي يُحاكم كل من يُلقى القبض عليه محاكمة عسكرية ويسري التصريح لما يقرب من شهرين فقط على أن يتم تجديده بعدها.

شركات خاصة للتنقيب

   ومن أبرز الشركات الخاصة التي تتعاقد معها “شلاتين للثروة المعدنية”، “القرباوي”، و”شباب المثلث” التي يمتلكها مجموعة من المصريين المغتربين من مناطق إدفو وأسوان وسوهاج، بالإضافة إلى “سهم دبي” المتواجدة منذ 3 سنوات في قرية الجاهلية الواقعة غرب مدينة شلاتين في عمق الصحراء الشرقية، وتسعى شركة شلاتين للذهب في الوقت الحالي للتعاقد مع شركات استرالية.

  رئيس المدينة السابق اللواء وجيه المأمون، أكد لـ”البديل” أن 30% من خيرات مصر موجودة في هذه المنطقة التي تحتوي على الذهب الأخضر والأبيض المدفون داخل تراب شلاتين وأبو رماد، كما أن تصاريح التنقيب عن الذهب تمنحها “شلاتين للتعدين” لشركات أو أفراد تحدد مناطق معينة لعمل أي شركة على أن تقوم تلك الشركات بمنح إنتاجها من الذهب للشركة المشار إليها مقابل تخصيص 20 % من الإنتاج لخزينة الدولة و80 % من الإنتاج تقوم هذه الشركة بشرائه من المنتجين أو “الدهابة”.


  كما تمتلك الشركة 3 مناجم لشركات أهلية مصرية بنسبة 100% تعمل تحت إشرافها بصورة كاملة، تحصل كل شركة على مساحات لا تزيد عن 10 كيلومتر مربع، بالإضافة إلى 13 منجما آخرين دخلوا جميعًا ضمن عمليات التنقيب والإنتاج مطلع العام الجاري.

  ومن جانبه، تقدم ممدوح عمارة، نائب حلايب وشلاتين في مجلس النواب بمذكرة عاجلة إلى رئيس الجمهورية، لإعادة النظر في التعاقد مع شركة شلاتين للتعدين وضرورة تفعيلها إداريًا وفنيًا للنهوض بالاقتصاد القومي بدلًا من اعتمادها على الربح بصورة رئيسية.

على هامش التنمية

  حسين محمد سيد، شاب ثلاثيني من أبناء قبيلة البشارية، بدى متخوفًا من التحدث لوسيلة إعلامية نظرًا لنفوذ الأجهزة العسكرية هناك، لكنه نقل جزءًا من المعاناة اليومية لأهالي المثلث وعدم استغلال الحكومة للمحميات الطبيعية والثروات الموجودة هناك، رغم وجود مكتبة تابعة لوزارة البيئة بجوار محمية جبل “علبة” المُهملة التي تقع على بعد 134 كيلو متر مربع من مدينة شلاتين، وتعد واحدة من أغنى محميات مصر بالموارد الطبيعة كالغزلان والماعز الجبلى والأيائل والزواحف والثعالب والكباش الجبلية والنسور الإفريقية والنمر الإفريقي ومجموعة نادرة من النباتات الطبية وأشجار الأومبيت النادرة فى العالم كله، والدخول إلى الجبل والمحمية يكون عن طريق عربيات دفع رباعي.

   ولا يتم الدخول إلى المحمية إلا بتصريح من المخابرات أو قوات حرس الحدود أو إدارة المحمية، التي تغرق في الإهمال، فضلًا عن إغلاق مكتب السياحة في الجوار، ما يتسبب في تزايد عمليات الصيد الجائر داخل المحمية وقتل الطيور النادرة وقطع الأشجار المُعمرة بطرق عشوائية تتكرر من يوم لآخر.

  “مافيش تنمية سياحية عندنا”.. هكذا لخص الشيخ محمد طاهر سدو، من كبار مشايخ حلايب، مشروعات الحكومة هناك، رغم وجود المركز السياحي في شلاتين “قسم شرطة للسياحة ومكتب تنشيط سياحي”، لكنهم مجرد مكاتب ومقرات فقط ولا يوجد أي إرادة لتنمية المنطقة سياحيًا وكذلك محمية “جبل علبة” التي أكل عليها الإهمال وشرب.

  سدو طالب الحكومة بفتح ابواب المحمية المغلقة أمام الباحثين والهواة وتسهيل الإجراءات للدخول وبدلا من استخراج تصاريح الزيارة من قبل الجهات الأمنية للهروب من المركزية التي تستغرق وقتًا أطول يصل إلى شهر ونصف في سبيل التحقق من هويتهم وإلا تم إلقاء القبض عليهم والزج بهم في السجون أو دفع غرامات مالية كبيرة لا يقوى عليها أبناء المثلث، ومن ثم ينبغي على المسؤولين الاكتفاء بتصاريح الجهات المحلية التابعة لمدينة شلاتين التي تصدر التصريح في غضون ساعات قليلة.

   كل أسبوعين ينتظر أهالي المثلث بفارغ الصبر أصوات كلاكسات عربات نقل المياة القادمة من محافظة أسوان لتروي ظمأهم في ظل عدم وجود محطات مياة هناك، وبمجرد وصولها يبدأ الأهالي بالتهافت على العربة لملء البراميل الخاصة بهم، التي يتراوح سعرها ما بين 25 – 30 جنيهًا، ومحطة التحلية لوحيدة الموجودة بشلاتين وتعمل على تكثيف المياة ويستعملها الأهالي في الاستحمام وغسيل الملابس والأطباق وهي مياة مالحة تصيب من يشربها بالأمراض القاتلة.

  الشيخ محمد طارق، المتحدث باسم مشايخ الجنوب، يحكي جزءًا من المعاناة اليومية، حيث يعاني غالبية سكان المثلث من غياب تام في الخدمات الأساسية اللازمة للمعيشة، فالمنطقة محرومة من الخدمات على مدار سنوات طويلة ونسبة عالية من شبابها حاصلين على المؤهلات العليا ولم تتح لهم فرصة التوظيف ولا توجد هناك أي مصانع أو شركات ومشروعات اقتصادية تستوعب كل هذا الكم الذي يتخرج سنويًا وينتظر فرصة من أجل الحياة الكريمة.

الدولة تدعم المثلث بـ1.5 مليار جنيه

  وقال اللواء أحمد عبدالله، محافظ البحر الأحمر، إن الدولة تضع أبناء المثلث الحدودي على قائمة أولوياتها وتدعمهم سنويًا بأكثر من 1.5 مليار جنيه، ووفرت لهم وحدات سكنية جديدة للتوطين، وبحلول عام 2020، لن يكون هناك أحد من أبناء المنطقة يقطن في “عشة” أو بيت خشبي بعد قيام جهاز تعمير البحر الأحمر بتوفير 350 وحدة توطين جديدة و100 وحدة إسكان اجتماعي يجرى بناءها بالتنسيق مع المحافظة.

  وأضاف عبدالله لـ”البديل” أن الحكومة نفذت مشروعات تنموية عديدة لخدمة أهالي المثلث البالغ عددهم أكثر من 37 ألف مواطن بالتنسيق مع القوات المسلحة التي لا ينكر أحد دورها هنا، حيث أقامت وزارة الصحة والسكان مستشفى شلاتين المركزي ورفعوا كفاءة العمل بها وتجهيزها بأحدث المعدات والأجهزة الطبية بإجمالي 250 مليون جنيه، وتم افتتاحها قبل شهر ونصف من قبل وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين راضي، الذي وعد الأهالي بأن جميع الخدمات الصحية سوف تقدمها الوزارة لهم باستثناء عمليات القلب المفتوح والمخ والأعصاب والتي وعدهم بأن يتم تحويلهم إلى القاهرة.

  وتعاقدت مديرية الشؤون الصحية بمحافظة البحر الأحمر مع 5 جامعات لتوفير استشاريين وأخصائيين ضمن بروتوكول مشترك، لكن المفارقة بحسب صلاح عمارة، أحد أبناء قبيلة البشارية أن كل ذلك لم يتم تفعيله حتى الآن ولا يوجد بالمستشفى المركزي بشلاتين غير طبيب عظام من جامعة الزقازيق وعدم وجود الأخصائيين والاستشاريين يتسبب في تحويل مرضى الحالات الخطيرة إلى مدينتي القصير والغردقة لبعدهما عن المنطقة بـ700 كيلو متر مربع.

فلاش باك

  يوجد خلاف ونزاع قائم بين البلدين له مرجعية تاريخية قديمة قبل استقلال السودان، بحسب اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة، الذي أكد أنه حين كان إقليم السودان جزءًا من مصر طلب حاكم الإقليم السوداني آنذاك بضرورة وضعه تحت الإدارة السودانية المدنية.

  جاء ذلك في ظل تعدد القبائل الموجودة بالمثلث الحدودي التي تتداخل فيما بينها من حيث اللغة والأعراف والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والحكومة وافقت على هذا الأساس بأن يُدار مثلث حلايب وشلاتين بواسطة حاكم الإقليم السوداني.

   بعد أيام من انفصال السودان عن مصر، ظلت الأوضاع كما هي، لكن تصاعدت مطالب الدولتين حول ملكية هذا “الجيب” بحسب توصيف مساعد وزير الدفاع الأسبق والمشكلة الأكبر في النزاع لا تثيرها الحكومة السودانية، لكن الأزمة بين الأحزاب السودانية والنظام الحاكم هناك والتي تضغط من حين لآخر لإحراج الحكومة بشأن ملكية السودان لمثلث حلايب وشلاتين.

  في الوقت الذي تمارس فيه مصر جميع سلطاتها المدنية والأمنية على المثلث الحدودي والقبائل المتواجدة هناك تدين بالولاء لمصر ويؤكد السكان هناك على جذورهم المصرية.

قضية أمن قومي

  وأوضحت الدكتورة هالة الهلالي، أستاذ القانون الدولي بجامعة 6 أكتوبر، أن مثلث حلايب وشلاتين يعد بمثابة عمق استراتيجي لمصر وقضية أمن قومي يخضع للسيادة المصرية كاملًا إداريًا وسياسيًا وجغرافيًا بحسب خطوط الطول ودوائر العرض وتم إثارة النزاع بين البلدين منذ الاحتلال البريطاني لمصر.

  وفي عام 2010، طالب الرئيس السوداني عمر البشير السلطات المصرية، بتسليم الحكومة السودانية إدارة المثلث ورفض الجانب المصري ذلك، واصر على ملكيته له حتى جاءت حكومة الإخوان في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي الذي وعدهم بنقل ملكية حلايب وشلاتين للجانب السوداني وبدأت القوات العسكرية السودانية تدخل إلى هناك حتى تم إجلاؤهم في عام 2013 من قبل الجيش.

  وأكد الفريق صدقي صبحي، وزير الدفاع ورئيس أركان القوات المسلحة آنذاك، خلال زيارته للسودان مطلع إبريل 2013 أن حلايب وشلاتين أرض مصرية ولا تفريط فيها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا