التسميات

الأحد، 5 نوفمبر 2017

تحليل البنية الاقتصادية المكانية في العراق وتطورها ...


تحليل البنية الاقتصادية المكانية

في العراق وتطورها


بحث مقدم من قبل

د. مخطط مدن

علي كريم العمار

جامعة بغداد

2007 


1-1 مقدمـــة
2-1 الأبعاد المكانية للتنمية في العراق وتطورها
3-1 السمات الرئيسة للتنمية المكانية في العراق
  1 -1-3  سمة التركيز المكاني للنشاط والسكان
  1 -2-3  ثنائية الاقتصاد المكاني 
  1 -3-3  التأثير النسبي في سياسة نشر التنمية
  1 -4-3 الصفة الفردية في توقيع المشاريع الاقتصادية 
  1 -5-3  مشكلة حدود الأقاليم التخطيطية وضعف الترابط المكاني
  1 -6-3  فقدان التراتبية في هيكل المستقرات البشرية
4-1  التجربة العراقية في مجال تقييس العلاقات المكانية 
  1-4-1 المحاولات التخطيطية
  2-4-1 المحاولات الأكاديمية
5-1 الخلاصـــة
      المصادر 

1-1 مقدمة:
هناك عوامل كثيرة وراء توجيه الاستثمارات الأقتصادية بأشكالها المختلفة (عامة كانت أم خاصة) الى مناطق دون أخرى فمنها ما يتعلق بأمكانيات المكان ومدى توافر المقومات المادية والبشرية لأستقبال تلك الأستثمارات – والتي تمثل ميزة نسبية – مقارنة بأماكن لا تستطيع تلبية ذلك أما لو حدثت عمليات التوجيه هذه دون الأفضليات أعلاه فقد تحدث نتائج مؤثرة وبالغة الخطورة على الأبعاد المكانية على المستوى القومي بفعل ما تمارسه المراكز الخاضعة للتطوير من استقطاب على حساب المراكز الأخرى اقتصادياً واجتماعياً.
وفي العراق نجد إن هذا الموضوع قد روعي فيه اهتماماً واضحاً ومتأخراً وتحديداً للفترة التي تلت سبعينيات القرن الماضي والتي أثمرت عن أنشاء نواة لدائرة تعنى بالبعد المكاني (هيئة التخطيط الأقليمي 1971) طورت لاحقاً ولغرض الوقوف والتعرف على الحقيقة الفعلية للأبعاد المكانية للتنمية في العراق ومدى وجود تطبيق عملي للمؤشرات الأقتصادية على الأقاليم ، وهل أن الأبعاد المكانية وسماتها التفصيلية قد أشرت بعض النتائج الأيجابية المتعلقة بظهور أسس عملية وبالتحديد ما يتعلق منها بموضوع العلاقات التبادلية (سواءأكانت ما بين القطاعات الأقتصادية نفسها وعلى مستوى المكان أو ما بين الأقاليم ، فأن هذا الفصل سيحاول التطرق الى :
-  توضيح أهم الأبعاد المكانية للتنمية في العراق وتطورها
-  بيان أهم السمات التي ميزت تلك التنمية .
-  وأخيراً تقييم وجود أو عدم وجود تطبيقات في التجربة العراقية لموضوع تقييس العلاقات المكانية
2-1 الأبعاد المكانية للتنمية في العراق وتطورها:
برزت الحاجة الى تقييم الواقع  الفعلي ومحاولة أدخال البعد لمكاني في فلسفة التخطيط القطاعي بهدف تحقيق معدلات عالية للنمو الاقتصادي مكانياً كنتيجة للتباين الحاصل في التنمية المكانية بين محافظات العراق للفترات الواقعة بين عامي 1950-1970.
ومن المؤشرات على تلك الفترة يلاحظ أن النمط الأساسي للتنمية المكانية لم يكن يتجاوزاكثر من 3مراكز حضرية كبيرة هي العاصمة بغدادوالبصرة والموصل.
ونتيجة لتلك الأفضلية وما سببته لاحقاً على الأتجاهات الآنية والمستقبلية على التنمية المكانية فقد بدأت مرحلت التفكير العملي في تقييم النتائج السابقة وبشكل يساهم في إعادة توزيع الأستثمارات وتقليل الفوارق الأقليمية إلا أن الملاحظ على هذه الأجراءات وطرق تحديدها قد أنعكس فقط في المضامين النظرية دونما وجود فعلي ومؤثر باتجاه التقليل من هذا التركز سواء أكان اقتصادياً أو سكانياً ([1]) ومن مؤشرات ذلك نجد أن خطة 1970 -1974 اشرت استمرار تفوق محافظة بغداد في إجمالي التخصيصات الأستثمارية وبنسبة 23.9وكذلك محافظة البصرة 14.8%([2]) مما يعني هذا أن 38.7من إجمالي التخصيصات قد تركز في محافظتين ويستمر هذا النمط من التفضيل في خطة 1976-1980 كذلك مع بعض الأستثناءات المتمثلة بظهور أقطاب نمو جديدة (صلاح الدين، الأنباروبنسبة 6.2% و9.9% على التوالي من استثمارات ذات الخطة ، وهذا يبدو تحولاً ستراتيجياً في الأبعاد المكانية نحو أماكن جديدة تعمل كأقطاب نمو تقلل من هيمة المراكز التقليدية، ولكن يبقى السؤال هل أن هذا التمييز جاء وفقاً للأمكانيات التنموية المتاحة في هذين القطبين ، أم إعادة لأستقرار حركة الهجرة ، أم لأسباب أخرى تخطيطية؟

أما في خطة 1981-1985 فقد أكدت على ضرورة تقليل فجوة التنمية الاقتصادية الاجتماعية في مناطق القطر والعمل على زيادة التوازن بين المناطق الأقل تطوراً وتلك الأكثر تطوراً كما أكدت على زيادة توفير الخدمات العامة للفئات الأقل دخلاً وأعطاء المزيد من العناية في تقليل التفاوت المكاني بين الريف والمدينة([3]) إلا إنه وعلى الرغم من جملة تلك الأهداف ، فأن الواقع الفعلي يعكس حقيقة التباين واستمراره ما بين المحافظات فاستمرار تفوق بغداد من إجمالي التخصيصات (37.5%) يؤكد ذلك التباين (أنظر في هذا الجدول رقم 1-1والذي يبين التوزيع المكاني لأستثمارات خطة التنمية المكانية وبالنسب المؤية للفترة 1981-1985
جدول رقم (1-1 )
التوزيع المكاني لإستثمارات الخطة الخمسية 1981-1985 وبالنسب المئوية
المحافظة
النسبة
نينوى
9.3
صلاح الدين
6.6
التأميم
5.3
ديالى
2.5
بغداد
37.5
الأنبار
10.2
بابل
1.8
كربلاء
2.1
النجف
1.8
القادسية
1
المثنى
1.7
ذي قار
1.5
واسط
2.5
ميسان
1.7
البصرة
10.1
دهوك
1.2
أربيل
1.4
السليمانية
2

المصدر دعلي احسان شوكت، واقع واتجاهات تطور التخطيط الأقليمي في العراق، المعهد القومي للتخطيط،
          1985، بغداد.
  ومن المؤشرات التفصيلية التي تدعم رأينا في استمرار التباين الأقليمي ، يلاحظ إن عدد الأيدي العاملة في النشاط الصناعي قد تركزت بواقع 52.1% في محافظة بغداد لوحدها وبنسبة بلغت 2.04% من إجمالي السكان فيما أظهرت النتائج الخاصة بتعداد السكان 29.08% منهم في محافظة بغداد([4]).
  إلى جانب تلك التحليلات الضمنية لنمط التوزيع المكاني لمجمل الأستثمارات والمؤشرات المكملة لها فأن الملاحظة التي يجدر الأشارة أليها ما يتعلق بمؤشر حصة الفرد من الأستثمارات في تلك الخطة قد بلغ 976 دينار وبزيادة قدرها61 دينار عن الخطة السابقة ، إلا أنه مكانياً فقد توضحت بعض الأستثناءات لعدد محدود من المحافظات وبمعدلات تزيد عن المعدل العام (2678 دينار في محافظة الأنبار،(2394 دينار في محافظة صلاح الدينوهذا يعكس شكلين متناقضين ، الأول يتعلق بأعادة توزيع الدخل باتجاه أقاليم جديدة دون الأماكن التقليدية وفيما يعكس النمط الثاني ، استمرار تفوق هذين القطبين دون المحافظات الأخرى وبالتالي فأن توزيع الأستثمارات لم يراع في هذه الخطة التوسع بنشر ثمار التنمية على عدد أكبر من المحافظات وليس كما هو واقع فعلاً .(أنظر الجدول رقم 1-2 ) والذي يبين حصة الفرد الواحد من استثمارات خطط التنمية القومية للسنوات 1970-1995، ويبدو لأول وهلة إن هذا التوزيع يعكس جزءاً هاماً من تفسيرات نظريات التنمية المكانية والتي تتعلق بأنه لا يمكن إحداث التنمية في جميع الأماكن في الوقت نفسه وإن هناك مرحلية وهرمية في توزيع ثمار التنمية ، ولكن واقع الحال يجيب على ذلك بوضوح بأن استمرارية تفوق أقطاب نمو كان لها دوراً في إحداث التنمية الشاملة لذات المنطقة والمناطق المحيطة بها ، إلا أنه عملياً لا يمكن إثبات ذلك فقد استمرت مناطق واسعة من القطر بنسب واطئة من النمو وغير متأثرة بما يحدث من تنمية أقليمية في بعض المناطق الأخرى.
  فيما يتعلق بخطة 1986-1990 فقد أكدت على مواصلة الدعم الكامل للمجهود الحربي إلى جانب تعزيز الأهداف الأقتصادية ذات العلاقة برفع المستوى المعاشي للسكان وتحقيق التنمية المتوازنة من خلال تحليل واقع التنمية المكانية والذي توصلت فيه الى أهمية تقليل التركز الأستثماري مكانياً في المحافظات التقليدية ، إلا أن الخطة نفسها أكدت على أن الواقع الفعلي لا يزال لا يمثل النمط الأمثل وذلك بسبب استمرار التباين في مستويات التنمية على حد تشخيص مشروع هذه الخطة.
 إلى جانب تلك التحليلات فقد أضافت هذه الخطة عدداً من الأهداف منها التأكيد على وضع أسس ومعايير للتنمية الأقليمية من حيث تقليل حصص بعض المحافظات المتطورة من الأستثمارات وبالأخص القطاع الصناعي وعدم التركيز على العوامل الأقتصادية في توزيع المشاريع مع وضع معايير ومؤشرات تساعد على وضع سلم أولويات بين محافظات القطر وتحديد أنواع الأنشطة والفعاليات مكانياً.

جدول رقم ( 1-2  ) يبين حصة الفرد الواحد من استثمارات خطط التنمية القويمة للسنوات 1970/1995 بالدينار

المحافظات ة
خطة التنمية القومية 70/1974(1)
خطة التنمية القومية 76/1980(2)
خطة التنمية القومية 81/1985(3)
خطة التنمية القومية 86/1990(4)
خطة التنمية القومية 91/1995(5)
دهوك
68
962
531
247
73
نينوى
65
476
1041
674
1615
السليمانية
73
476
342
234
30
التأميم
74
794
1236
535
1015
اربيل
72
538
290
420
141
ديالى
60
1026
552
169
3947
الأنبار
66
2363
2678
1384
3915
بغداد
63
681
1228
478
4027
بابل
65
582
367
565
2521
كربلاء
63
707
953
176
215
واسط
64
1075
775
297
657
صلاح الدين
65
1913
2394
755
5000
النجف
64
578
589
271
1291
القادسية
32
586
288
170
170
المثنى
21
580
1021
298
545
ذي قار
22
698
206
235
834
ميسان
23
845
324
164
876
البصرة
67
2038
1178
1603
4987
معدل القطر
82.4
915
976
5150
2303

  ومن مؤشرات خطة 1986-1990 ، يلاحظ وجود تناقص واضح في الأهمية النسبية للتخصيصات المرصدة الى محافظة بغداد 21.7%مقارنة بـ37.5% في خطة 1981-1985 مع استمرار التفوق النسبي لقطبي التنمية الجديدة ، الأنبار 13.9% وصلاح الدين 6.6% مع ملاحظة استقطاب هذه المحافظات لعدد من المشاريع الحيوية ، مثالها طريق المرور السريع في محافظة الأنبار وإنشاء المشاريع الصناعية والجامعات في محافظة صلاح الدين.
وفي تأكيد لهذا الأختلال الهيكلي في البنية التنموية المكانية للقطر ، فقد أوضحت إحدى الدراسات المعدة في وزارة التخطيط([5]) بأن خلاصة ترتيب مستوى التطور بين محافظات القطر تؤكد على وجود فجوة تنموية واضحة حيث أمكن تمييز ثلاثة مجاميع من المحافظات بحسب مستوى تطورها وكما يلي:
1- مجموعة المحافظات الأقل تطوراً وقد شملت محافظات هي ذي قار بالمرتبة 18 ، واسط 17 السليمانية16 ،دهوك 15، القادسية 14 ،ديالى 13 ، ميسان 12.
-2  مجموعة المحافظات المتوسطة التطور وهي النجف 11 ، أربيل 10 ، التأميم ، المثنى 8، بابل ، كربلاء 6.
3- مجموعة المحافظات المتطورة وهي نينوى ،الأنبار ، صلاح الدين ، البصرة وأخيراً محافظة بغداد بالمرتبة الأولى.
   أما عند تحليل الأطار العام لخطة التنمية الأقتصادية والأجتماعية للفترة 1991 -1995 فهي وكما معروف تمثل الخطة الأولى بعد توقف الحرب العراقية الأيرانية 1988 وما يتطلب هذا من إعادة إعمار وتهيئة مستلزمات ذلك ، إلا أن أحداث حرب الخليج الثانية 1990-1990 وما تلاها من عقوبات اقتصادية دولية متمثلة بالحصار الأقتصادي ، ومنذ عام 1990 وما رافقها من ظروف غير طبيعية قد اثر ذلك وبشكل كبير على عملية التنمية بكافة أبعادها واتجاهاتها وأولوياتها وحتى في تسميتها التي لم تصدر بقانون ، أما أهدافها فهي الأخرى قد أكدت على توجيه الموارد بشكل عقلاني لتحقيق التنمية الشاملة ورفع المستوى المعاشي للسكان وتصحيح الأختلالات في الأقتصاد الوطني الى جانب تقديم الخدمات العامة وخاصة في قطاعي التربية والصحة ، أما على الصعيد المكاني فقد تضمنت أهدافها التأكيد على التوسع في توفير ونشر الخدمات الأجتماعية وتقليل التباين المكاني المكاني وذلك باعتماد المعايير التخطيطية لكل خدمة مقدمة.
   كما تضمنت في أهدافها التفصيلية ضرورة استحداث مدن جديدة والتي بقيت مجرد دراسات لأسباب منها اقتصادية وأخرى أمنيةتهدف في أولوياتها الى تقليل ظاهرتي التركز والأستقطاب لحركتي السكان والأستثمار فضلاً عنتأمين التوازن في توزيع السكان بين المناطق الريفية والحضرية وتنظيم حركة الهجرة وتوفير الشروط المكانية الملائمة لتحريك القوى العاملة مكانياً.
  إن الملاحظ على جملة الأهداف السابقة وضوح في تناول تفاصيل الأهداف التنموية مكانياً وبشكل يعبر عن حقيقة التباين القائم فعلاً ،فمثلاً يلاحظ إن نسبة محافظة بغداد لا تزال تتمتع بميزة خاصة من إجمالي التخصيصات الأستثمارية وبنسبة بلغت 37.6% والسبب في هذا التركز معروف ويعود الى حجم الأضرار التي أصابت البنية التحتية لعدد كبير من القطاعات الأقتصادية نتيجة لطبيعة التركز المفرط والمؤثر بشكل واضح على باقي الاقتصاداتالأقليمية ، وبشكل عام يجدر بنا أن نشير هنا الى نمط التوزيع المكاني للأستثمارات في القطر قد يتأثر جانب مهم منه بالتوزيع القطاعي للأستثمارات والذي تقع مسؤوليته المباشرة على الدوائر القطاعية المختصة ، حيث تمارس دوراً مهماً في توزيع الأستثمارات على المحافظات ، فقد يكون التخصيص لصالح محافظة س (كتخصيص مؤشر) ، لكن واقع الأمر أن هذا التخصيص قد جاء لخدمة أكثر من هذه المحافظة ، يعني هذا أن الحسابات الرقمية قد تفقد حقائق مهمة في توزيع ثمار التنمية والأسس المعتمدة في توزيعها[6] مكانياً .
    هذا من جانب الأبعاد المكانية للتنمية، أما الأبعاد القطاعية التي ركزنا فيها على تناول وتحليل القطاعين الرئيسين في الاقتصاد العراقي (الصناعي والزراعي)، نجد أن التباين الحاصل في مؤشرات كلاهما هي السمة البارزة في التحليل، فالتركيز المحدود للاستثمارات المخصصة قطاعياً ومكانياً ومن ثم القيمة المضافة المتحققة أو الإنتاج ومستلزماته قد أثر بشكل أو بآخر على الأطر العامة للتوازن التنموي بين القطاع نفسه وباقي القطاعات أولاً ثم على البعد المكاني فيما بين المحافظات ثانياً، ومن مؤشرات ذلك نجد في (جداول المستخدم – المنتج المعدة لتحليل قطاعات الاقتصاد العراقي للفترات 1968 – 1974 – 1982 – 1988أن مستلزمات القطاع الزراعي مثلاً قد تراوحت بين الاعتمادية لعدد محدود من الفروع الصناعية في نشاطها الإنتاجي إلى عدد أكبر خلال الخطط التنموية اللاحقة.
ففي الفترة (1959 – 1969) نجد أن مستلزمات الإنتاج الزراعي قد اقتصرت قطاعياً بفرعين صناعيين فيما كان الإنتاج الوسيط المتحقق في هذا القطاع قد ساهم بتلبية مستلزمات فرعين صناعيين أيضاً هما فرع الصناعات الغذائية والنسيجية([7]).
فيما تطورت هذه العلاقة بعض الشيء في خطة 1970 – 1974 حيث ازدادت عدد الفروع الصناعية المستخدمة للإنتاج الزراعي الوسيط إلى خمس فروع فيما ارتفع عدد الفروع الصناعية المجهزة لمدخلات الإنتاج المستخدم في قطاع الزراعة إلى أربع فروع وبنسبة زيادة قدرها 14.6% من المستلزمات الكلية للإنتاج الزراعي.
أما بالنسبة للعلاقات التبادلية للقطاعين (الزراعي والصناعيللخطط الخمسية 1980-1985، 1986-1990 فقد تطورت لتشمل العلاقات القطاعية الخلفية للقطاع الزراعي جميع فروع الصناعات التحويلية، باستثناء فرعين فقط، فيما شملت المستلزمات المجهزة من نفس القطاع جميع الفروع الصناعية باستثناء فرع واحد فقط وقد بلغت نسبة المساهمة التبادلية أعلى معدلاتها المسجلة على عموم الخطط القومية وبنسبة قدرها 50.4% لكلا القطاعين.

3-1 السمات الرئيسة للتنمية المكانية في العراق:
  من خلال الاستعراض السابق عن تطورات وأبعاد التنمية المكانية في القطر وما صاحبها من اختلالات هيكلية عميقة أثرت وبشكل مباشر على نمط التوزيع المكاني للنشاط الاقتصادي برمته وما صاحب الخطط الاقتصادية التي وضعت في فتراتها السابقة في ظروف غير طبيعية نخلص الى ان التنمية المكانية في العراق قد اتصفت بعدد من السمات الرئيسة نحددها كالآتي :

1-3-1 التركز المكاني للنشاط والسكان:
أظهرت معظم الخطط السابقة وابتداءاً من عام 1950 ولغاية 1995 بأن هناك تركيز واضح في مستويات التطور الأقتصادي والسكاني على عدد محدود من المحافظات ، مما ولّد تنامي في حركة الهجرة الكبيرة نحو هذه المراكز وبشكل ساهم في خلق التباين المكاني لكافة شروط التنمية من اقتصادية واجتماعية وعمرانية فيما بين المحافظات المتطورة والمتخلفة([8]) .
وقد انعكست تأثيرات تلك السياسات على مظاهر التركيز المستمر للأستثمارات وما صاحبها من تغيير على نمط التوزيع المكاني للسكان أيضاً ، حيث إن مراكز الثقل السكاني هي نفسها مراكز النمو الأقتصادي وإن استمرارية استقطابها لعناصر النمو في المناطق الأخرى قد جاء عبر علاقة طردية بين مستوى التحضر والتنمية الأقتصادية (أنظر في هذا الجدول رقم 1-3والذي يبين التوزيع النسبي لتركز السكان والأستثمارات في محافظة بغداد للفترة من عام 1965 لغاية عام 1995 من إجمالي القطر.
جدول 1-3
يبين التوزيع النسبي لتركز السكان والأستثمارات في محافظة بغداد للفترة من عام 1965 لغاية عام 1995 من إجمالي القطر.

نسبة التركز

1965
1977
1987
1995
نسبة تركز السكان
من إجمالي القطر
25.4%
26.6
23.5
24.5
نسبة تركز الأستثمارات الأقتصادية في إجمالي القطر
30.7
20.7
37.5
37.6
المصدر :  - سامي متي بولص وآخرون ،الأطار العام لأستراتيجية التخطيط الأقليمي في العراق ، وزارة التخطيط، دائرة التخطيط الأقليمي، 1983، ص30.
الواقع التنموي لمحافظات القطر التقرير الأجمالي لعام 2000 


شكل(2-2) يبين نسب تركز السكان والاستثمارات في مدينة بغداد للفترة1977/1995
المصدر:جدول رقم 1- 

2-3-1 ثنائية الاقتصاد المكاني :
  من النتائج التي أمكن استنباطها من تجربة التنمية المكانية في العراق ، يلحظ وجود ثنائية واضحة تتعلق في وجود مراكز رئيسة ومحدودة للتنمية في المدن الأقاليم تتميز بوجود ميزة نسبية من التطورات والوفورات الخارجية (كوفوراتالموقعوالتي حققت أفضلية في استقطاب الأستثمارات بمختلف اشكالها سواء أكانت عامة أم خاصة ، مقارنة بغيرها من المراكز الأخرى.
  ويمكن رصد النمو في هذه المناطق من خلال ارتفاع معدلات النمو القطاعية لمختلف الأنشطة الأقتصادية أو في معدلات نمو السكان وكذلك يمكن ملاحظة ذلك عن طريق حركة عناصر السلوك الأجتماعي وما يرافقها عادة من تطورات لاحقة على المجتمع، هذا من جانب ومن جانب آخر يلاحظ وجود مراكز ذات اقتصادات ثابتة نسبياً مما يجعل من نتائج التنمية فيها مختلفة بل وتابعة لمراكز التطور، وعادة ما يمكن تأشير هذا الأختلال عبر مؤشرات منها ، معدل ما يصيب الفرد من الدخل الأقليمي أو مستوى التحضر وندرة الموارد الأقتصادية([9]).       
  ومن المؤشرات التي تم قياسها من خلال إحدى الدراسات المعدة في وزارة التخطيط([10]) حيث تم تقدير التباين في مستويات التنمية المكانية باستخدام معامل تباين الدخل الأقليمي باعتباره من أهم المقاييس التي تعكس بشكل دقيق وواضح مشكلة الفوارق الأقليمية وبتطبيق هذا العامل على محافظات القطر ، وجد أن قيمته كانت عالية جداً وبحدود 5.28 وهذه تشير الى حقيقة وجود وتباين كبير من مستويات الدخل بين المحافظات، وأن تركيز الثروة والدخل في محافظات معينة وخاصة بغداد كان السمة البارزة للأقتصاد المكاني في القطر.

3-3-1 التأثير النسبي في سياسة نشر التنمية:
  من معطيات التنمية المكانية في القطر ، محاولة إعادة نشر الأستثمارات مكانياً، إلا أن الواقع الفعلي يؤكد اقتصار هذا الأنتشار على عدد محدود من النشاطات والمشروعات الأستهلاكية دون الأنتاجية ، فمثلاً في خطة 1976-1980، ثم نشر عدد من المشاريع على عموم المحافظات تبعاً لأسباب منها، الكثافة السكانية ، أو ميلها كمشاريع للأنتشار.
إلا أن الواضح على ذلك يؤكد على استمرارية تمتع المحافظات المتطورة تقليدياً بحصتها من هذه المشروعات بسبب ثقلها السكاني.
أما التوزيع المكاني للصناعات الأنتاجية([11])، فقد تركز بشكل محدد وضيق في عدد من المحافظات الرئيسة دونما وجود نوع من الأرتباطات القائمة مكانياً وبما يجعلها ذات أثر تنموي لاحق.

4-3-1 الصفة الفردية في توقيع المشاريع الأقتصادية:
  من الصفات المميزة لسياسة نشر التنمية يلاحظ عليها الأعتماد على سياسة توقيع منفردة للمشاريع ألقتصادية ،دون خضوعها لسياسات إنمائية شاملة تنسق بين البعد القطاعي والأبعاد المكانية ،كما أن طبيعة الأنتاج لم يلاحظ عليها بشكل واضح علاقات التشابك القطاعي وبالأخص منها المشاريع الصناعية التجميعية التي كانت توقع في مناطق متفرقة أبعدت معها الترابط الهيكلي للنشاط والمكان الموقع فيه ، وقد اقتصرت تلك العلاقات على الروابط الرأسية التي تظهر بين المؤسسات الصناعية المنفصلة عن بعضها، فيما تظهر الأهمية النسبية للبعد المكاني وترابطاته مع المنشآت الإنتاجية.

5-3-1 مشكلة حدود الأقاليم التخطيطية وضعف الترابط المكاني:
  فعلى الرغم من وجود عدد من الأساليب لتعيين الحدود التخطيطية للأقاليم نظرياً ، غير إن واقع الحال يعبّر عن أسلوب يتبنى الحدود الأدارية كأطار إجرائي لتنفيذ خطط التنمية القومية وما يرافق هذا الأسلوب من نظم للصرف المالي والتشريعات القانونية التي تحكم عملها ، إضافة الى الجانب المتعلق بالأحصاءات والبيانات ، وعلى الرغم من تبني عدداً من الدول لهذا الأجراء إلا انه لا يمثل النمط الملائم وخاصة عندما يتعلق الأمر بتحقيق الترابط المكاني المعتمد بالأساس على المؤشرات الأقتصادية المتعلقة بالأمكانات والمحددات التنموية التي تتعارض مع البعد الأداري الحالي والتي تقف وبشكل نسبي دون تحقيق هذه العلاقات وتنميتها بالشكل المطلوب. 

6-3-1 فقدان التراتبية في هيكل المستقرات البشرية:
  حيث أظهر نموذج الاقتصاد المكاني في القطر وخاصة للفترات السابقة من تطبيقات الخطط القومية فقدان شكل التراتب المبني على أساس العلاقات التبادلية التي تصب في مصلحة الطرفين المستقطب والمستقطب منه ، فاستمرار سيطرة بغداد على باقي مدن العراق والذي أفرزته معظم نتائج الخطط القومية أصبح هو الصفة المهيمنة على أبقاء هذا النمط المكاني المحدود ، ويكفي أن تكون النسب المتحققة لنمط توزيع حجوم مراكز المحافظات في القطر عن النسب الفرضية التي جاءت بها قاعدة  زيف وفق ماتوصلت اليه إحدى دراسات وزارة التخطيط([12]) ، بأن نسبة سكان المدينة الثانية بعد بغداد قد بلغت 1/6 مجموع سكان المدينة الأولى بخلاف نسبة 1/2 التي حددتها قاعدة زيف المعروفة.

4-1 التجربة العراقية في مجال تقييس العلاقات المكانية:
نود أن نشير هنا، إلى أن الدراسات النوعية والكمية في مجال التنمية المكانية في القطر أكثر وأوسع مما مما طرحه البحث وعليه من الضروري القول إن دراسات تقييم نمط التنمية المكانية في العراق خلصت الى أن اتجاهات التنمية في العراق تميل نحو الإزدواجية في تبني الخطط فتارة ما تميل نحو التركيز المفرط وتارة أخرى نحو إعادة النشر باتجاه مراكز نمو جديدة ، هذه السمات وغيرها أظهرت وبشكل جلي غياب الترابط الهيكلي الفعلي لأعلى مستوى للأنشطة المؤلفة للاقتصاد فحسب بل تعداه ليشمل الأبعاد المكانية اللازمة لأجراء التنمية ،إن الوصول الى تلك النتيجة لا يمكن التحقق منها لم يتم البحث عن مدى وجود تحليل كمي يقيس الأرتباطات بين القطاعات الاقتصادية على المستوى المكاني.

1-4-1 المحاولات التخطيطية:
يمكن عد الدراسات المتعلقة بإعداد جداول المستخدم – المنتج على المستوى القومي من أولى الدراسات التي فسرت نمط التوزيع القطاعي وكيفية حدوث العلاقات التبادلية بين القطاعات المؤلفة للأقتصاد العراقي وتعد أطروحة طاهر كنعان لسنة 1963 المحاولة التطبيقية الأولى تلتها عدة محاولات كمحاولة خبير الأمم المتحدة خالد الشاعر 1966 ثم محاولات دائرة الحسابات القومية في الجهاز المركزي للأحصاء للسنوات1968/1974/1982/1988 فيما لو اعتبر المستوى القومي يعبر عن بعد مكاني أشمل.
أما محاولات إعداد دراسة لجدول إقليمي للمستخدم – المنتج فلم تجر لحد الآن على المستوى المؤسساتي لأسباب منها ما يتعلق بضعف الأهتمام بموضوع البعد المكاني أو عدم توفر البيانات اللازمة لأعداد هذا النموذج ،فيما تعتبر الدراسة المعدة عام 1985([13] ) في هيئة التخطيط الإقليمي أول دراسة نظرية قدمت المفاهيم والأفتراضات الرياضية لمستلزمات إعداد جدول تطبيقي على المستوى الإقليمي وقد توصلت هذه الدراسة الى وضع ثلاث بدائل الأول يتضمن إعداد جدول منفصل لكل محافظة واعتباره اقتصاداً مغلقاً يحوي عددأ محدوداً من القطاعات الرئيسة أما البديل الثاني فيعتمد على تقسيم الاقتصاد القومي إلى ثلاث أقاليم رئيسة شمالي وسط جنوبي على أن يشمل التشابكات الاقتصادية بين القطاعات الرئيسة لاقتصاد هذه الأقاليم وفي الوقت نفسه يتم إعداد جدول تفصيلي يبين التشابكات الاقتصادية بين القطاعات الاقتصادية الرئيسة للمحافظات وضمن كل إقليم .
  أما البديل الثالث فيعتمد على جدول المستخدم المنتج القومي على اعتبار تقسيم هذا الجدول الى 18جزءاً يغطي 18 محافظة بحيث تكون الأركان الرئيسة لكل جدول (محافظة) مشابه في تفصيلاته للقطاعات المؤلفة للجدول القومي .
إن موضوع بناء نماذج لقياس العلاقات المكانية في تجربة التخطيط الإقليمي في العراق قد خضع للعديد من المشاكل والتعقيدات الفنية التفصيلية وبالأخص منها ما يتعلق بحجم الجدول وعدد القطاعات المؤلفة له ، كذلك البعد المكاني الذي يشملها وكيفية توفير البيانات عن النفقات الجارية بين المنتج والمستخدم لها لكي يساعد ذلك في بناء جدول تطبيقي يمكّن دوائر التخطيط المكاني والقطاعي مستقبلاًً من تحديد مستويات النشاط الاقتصادي على المستوى الإقليمي هذا من جهة ومن جهة أخرى يلاحظ إن النقطة الأهم في ذلك إن التخطيط الاقتصادي ابتداء من مستوى المشروع وصولاً إلى المستوى القطاعي لم يراع في اهتماماته موضوع حصر أو تكوين قاعدة معلومات تتضمن تفاصيل عن قيمة الأنتاج وكيف تحقق مكانياً وكذلك عن المستلزمات وكيفية الحصول عليها ومن أين تكونت وعلى أساس حسابات المنشاة ولكل محافظة([14] ).
  كما إن الدوائر المركزية والفرعية الخاصة بمتابعة وتقييم الخطط التنموية لم تراعي بأهتماماتها موضوع تتبع حركة التدفقات السلعية والخدمية فيما بين المنشأة الإنتاجية وباقي القطاعات الاقتصادية وما يرافقها من أثر اقتصادي مكاني مثال ذلك لم يتم قياس المضاعفات الإقليمية للاستثمارات وكيف تحدث مكانياً أو إعداد دراسات عن كيفية احتساب الدخل الإقليمي بالاعتماد على المؤشرات الإحصائية التفصيلية لكل قطاع إنتاجي وبكافة فروعه واستثماراتها داخل وخارج الإقليم كجزء من المتطلبات الأساسية لبيان حجم ونوع الإستثمار المحفز لأحداث العلاقات الاقتصادية مكانياً.
وكنتيجة للنقص الواضح في الأسس النظرية والتطبيقية اللازمة في تفسير أنماط العلاقات المكانية فقد توجهت الدوائر التخطيطية ومنها دائرة التخطيط الإقليمي وضمن سلسلة بحوثها على تناول عدد من الدراسات التي تهتم بتفسير التباين المكاني وطرق قياسها ([15]) والتي كانت كنتيجة لظاهرتي التركز والاستقطاب التي صاحبت خطط التنمية القومية وخصوصاً عندما تكون هناك اختلافات إقليمية واضحة مما يعيق انتشار التنمية وهذا بحد ذاته يعبر عن ضعف واضح في إمكانية حدوث الترابط بين الاقتصادات الإقليمية مضاف إلى ذلك إن المضاعفات الخاصة بالدخل والأيدي العاملة سيكون تأثيرها محدود وضمن نطاق ضيق في الأقاليم المتخلفة كما تناولت دراسة أخرى الوسائل الكفيلة لتحقيق مبدأ الموازنة المكانية في القطر توصلت إلى جملة توصيات منها ضرورة الاهتمام بالتوازن البنيوي للاقتصاد العراقي كما ركزت على ضرورة قيام الجهات التخطيطية وبالتحديد دوائر التخطيط الإقليمي بإعداد خطط تنمية إقليمية لكل محافظة تحدد فيها إمكانيات ومحددات التنمية وأنواع الأنشطة الاقتصادية الملائمة والقابلة للتطوير على ضوء بيانات حديثة عن معايير التنمية الاقتصادية والعمرانية.
وفي دراسة أخرى إعدت عام 1991([16]) توصلت إلى أن نمط التوزيع الاستثماري حسب المحافظات كان ذا تأثير مباشر في التنمية المكانية وأن النتائج المتحققة كان له أثر في تعميق الفجوة التنموية المكانية وهي كغيرها من الدراسات حاولت التصدي لهذه المشكلة من خلال عدد من التوصيات، أبرزها الاتجاه نحو بناء اتجاهات تفصيلية لكل محافظة ثم دراسة إمكانية خلق أقطاب تنموية جديدة حتى وإن كانت ثانوية مع تأكيدها الواضح على موضوع التخصص الوظيفي لهذه الأقطاب وبالتناسب مع إمكانات كل محافظة كما وضعت بعض التوصيات التفصيلية والتي تقع مسؤليتها على بعض الهياكل والمؤسسات التخطيطية المركزية والمحلية كدائرة التخطيط العمراني في وزارة الداخلية سابقاً (البلديات والأشغال حالياً) أو دائرة التنمية الصناعية وغيرها من الدوائر ذات العلاقة كما إن هذه الدراسة قد أبرزت ومن جملة توصياتها الإشارة إلى القوانين الخاصة بالاستثمار كقانون رقم 115 لسنة 1982 بهدف إعادة العمل ببعض المنح والحوافز المكانية التي تضمنتها القانون المذكور فيما أكدت وبشكل واضح وصريح على ضرورة تبني هيئات التخطيط المختلفة في وزارة التخطيط كهيئة التشييد والإسكان والخدمات مبدأ التنسيق المستمر والمفقود حالياً مع هيئة التخطيط التخطيط الاقليمي في ذات الوزارة وعلى وجه التحديد اعتماد مبدأ الربط بين مستويات تطور الخدمات مع الحجوم السكانية عند توزيع الاستثمارات الخدمية في الخطط السنوية وباتجاه زيادة حصص المحافظات ذات المراتب المتدنية في تلك الأستثمارات كما جاء في توصياتها ضرورة قيام الجهاز المركزي للإحصاء بتوفير البيانات الدورية عن الناتج المحلي الإجمالي حسب المحافظات والقطاعات الاقتصادية مع التركيز أن تكون عملية المسح والإحصاء متزامنة مع توفير قاعدة بيانات عن متوسط الدخل الفردي حسب المحافظات هذا يعني أن الإفتقار لمثل هذه الإحصاءات والتفكير بتوفيرها لم يعد شئ هامشي بل أصبح يمثل عبئاً كامناً في إمكانية تبني إعداد دراسات كمية تفيد في تحليل الاقتصاد المكاني .
2-4-1 المحاولات الأكاديمية:
على الرغم من محدودية الدراسات التي تناولت موضوع العلاقات الاقتصادية في العراق هناك دراسة الباحث محمد جاسم العاني 1998([17]) والذي توصل من خلالها إلى وجود الإمكانية في تسخير عدد من النماذج النظرية وادخالها حيز التطبيق مع الإشارة إلى وجود تلك الأشكالات والمحددات التي لا تزال تقف حائلاً أمام الباحثين ومنها محدودية البيانات والإحصاءات الإقليمية المستقلة إضافة إلى الإجتهاد في تحليل علاقات التشابك المكاني علىأساس القطاعات المؤلفة للاقتصادات الإقليمية وهذا ما أوضحه الباحث بأنه لا يمكن تحقيق هذا العمل ما لم يتم تحديد تفصيلي عن ابتداء وإنتهاء الإنتاج إقليمياً وهذا ما يتعارض مع الحسابات الاقتصادية للنشاط الإنتاجي وارتباطه مركزيا بالنشاط دون المكان .
هذا من جانب ومن جانب آخر نرى إن الإشكالية التي واجهت الباحث ومن وجهة نظرنا ما يتعلق بتحديد النسب الحدية للمعاملات الفنية التي تعتبر المفصل الأساسي في أهم الأساليب المستخدمة للقياس وهذا ما نعني به أسلوب المستخدم – المنتج الإقليمي فقد اعتمد الباحث نوع من الثبات للفن الإنتاجي ومحاولة تطوير المعاملات الفنية المستخدمة على المستوى القومي في التطبيق الإقليمي وهذا ما نعتقده بأنه يمثل نوع من الإجتهاد التقني في أسلوب التطبيق وإن المعالجة تستلزم استخراج قيم حقيقية تمثل الواقع الفعلي لحركة تداول الإنتاج والاستخدام على المستوى المبحوث وإن كان تطبيق هذا الإجراء من قبل الباحث نوع من الاضطرار إلا إن الملاحظة التي يمكن أن تسجل على هذه الدراسة هو في اعتمادها على مبدأ التجميع لمعظم القطاعات الاقتصادية المؤلفة لاقتصاد منطقة الدراسة مما جعل الإمساك بخيوط ومداخلات العمل ذات بعد شامل ومعقد في احتساب مفردات التدفق السلعي بين القطاعات وهذا يعني بحد ذاته عملاً شاملاً خاصة وإن البحث قد حدد بفترة إعداد قصيرة نسبياً ولأغراض بحثية أكاديمية إلا إن هذا لا يقلل من شأن الدراسة والباحث ومحاولته التصدي لمثل هكذا مشاريع بحثية وتطويرها على البعد المكاني في تجربة العراق التخطيطية .
5-1  الخلاصة:
  من خلال ما تم طرحه من هذا البحث ، أظهرت المحصلة النهائية اختلاف التوجهات التخطيطية التي وضعت لتفسير البنية المكانية لاستثمارات الخطط القومية في العراق خلال الفترات السابقة ، والتي أثرت فيما بعد على مجمل الاعتبارات الأخرى وخاصة ما يتعلق منها بالأبعاد الاجتماعية والاقتصادية ذات الأثر المتوقع على بنية العلاقات المكانية وتطورها ، ومع اختلاف السمات التي واجهت التخطيط العمراني في القطر ، نجد أن التباين الإقليمي لا يزال يمثل النمط القائم فعلاً والتي أفرزت جملة من النتائج ، كان الأبرز منها استمرار هيمنة مراكز النمو التقليدية على حساب المناطق الأخرى وباتجاه ساهم في توسيع فجوة التنمية ما بين الاقتصادات الإقليمية وبالتالي أثر هذا على فقدان شكل التراتبية والهرمية المفترض في توزيع أو استغلال الموارد المتاحة مكانياً وكذلك قطاعياً ، ونتيجة لذلك فأنه من الصعب نظرياً إثبات وجود أثر اقتصادي مبني على أساس تتبع حركة متوازنة (قطاعية – مكانيةللتدفقات السلعية والخدمية ما بين القطاعات الاقتصادية وفق مبدأ الإرتباطات الإقليمية المبنية على كفاءة التوقيع والاستغلال للموارد ، فيما لم يتم رصد أية محاولة تطبيقية حاولت إثبات ذلك، على الرغم من تعدد وتنوع الأساليب الممكنة والملائمة ويعود ذلك الى جملة أسباب، منها تقنية (على مستوى البيانات المتاحة وتفاصيلهاوإدارية كالنظم والأساليب المعتمدة في الأطر الأجرائية للتنمية المكانيةوعلى هذا الأساس فأن البحث وحين تناول هذا الموضوع فأنه يهدف من وراءه إلى التصدي لهذه المشكلة التي تعاني منها أكثر الدول التي كانت تتبع النظام المركزي في التخطيط والتنفيذ .
  مصادر البحث*
- وزارة التخطيط العراق/ خطة 1970 -1974
- وزارة التخطيط ، خطة بحوث الوزارة ، درسة رقم 206 سنة 1984
- دعلي احسان شوكت، واقع واتجاهات تطور التخطيط الإقليمي في العراق، المعهد القومي للتخطيط،1985
- وزارة التخطيط ، مشروع خطة التنمية القومية 1981-1985 ، حزيران 1981 ،
- د. عادل محبوب ، تقويم التجربة التخطيطية 1951-1975، وزارة التخطيط، 1976،ص13.
- وزارة التخطيط، هيئة التخطيط الإقليمي ، تقسيم نمط التوزيع المكاني لأستثمارات الخطط السنوية 76/1995 وزارة التخطيط ، هيئة التخطيط الأقليمي ، دراسة رقم 902 ، 1991
-  وزارة التخطيط، هيئة التخطيط الاقتصادي، دراسة رقم (22)، 1983، ص190 .
شوكت ، علي إحسان ،اقتصادات التركز والتشتت الصناعي ، المفاهيم والتطبيقات ، وزارة التخطيط ،1984 ،
- سامي متي بولص وآخرون ،الأطار العام لإستراتيجية التخطيط الإقليمي في العراق ، وزارة التخطيط، دائرة التخطيط الأقليمي، 1983.
-  الواقع التنموي لمحافظات القطر التقرير الإجمالي لعام مجموعة دراسات الواقع التنموي لمحافظات القطر ، وزارة التخطيط ، هيئة التخطيط الإقليمي ، دراسات غير منشورة ، سنوات مختلفة.
-  تقييم نمط التوزيع المكاني والقطاعي لاستثمارات الخطة السنوية 1991-1995، وزارة التخطيط، دائرة التخطيط الإقليمي ، 1995
- دراسة رقم 152 ، وزارة التخطيط، دائرة التخطيط الإقليمي .2000 دراسة 509 ،
- وزارة التخطيط ، هيئة لتخطيط الإقليمي ، الواقع التنموي لمحافظات القطر لعم 1990 ،
- وزارة التخطيط هيئة التخطيط الإقليمي دراسة وزارة التخطيط ، هيئة التخطيط الإقليمي ،
- فجوة التنمية الإقليمية ،خصائصها ،أساليب معالجتها ،دراسة تحت رقم 902 ،1991 257
- العاني، محمد جاسم شعبان ،تحليل علاقات التشابك المكاني في إقليم الأنبار وتطوره ، رسالة دكتوراه مقدمة الى مركز التخطيط الحضري و الإقليمي للدراسات العليا جامعة بغداد تشرين الثاني 1998 دراسة غير منشورة
ترتيب المصادر حسب ورودها بالبحث..

 
 

[1] في هذا أنظر خطة 1970 -1974
[2] وزارة التخطيط ، خطة بحوث الوزارة ، درسة رقم 206 سنة 1984 ص 92
[3] وزارة التخطيط ، مشروع خطة التنمية القومية 1981-1985 ، حزيران 1981 ،ص 7-8
[4] من المؤشرات الأخرى ، والتي تؤكد حقيقة التباين ، أظهرت بعض نتائج الإحصاء الصناعي لتلك الفترة ، على سبيل المثال ارتفاع عدد سيارات الصالون لكل 1000 شخص ، وبنسبة 39.6% في محافظة بغداد بالنسبة لعموم القطر ، أنظر في هذا :-
المجموعة الإحصائية ، لعام 1985 ، دائرة الإحصاء الصناعي 
[5] أنظر في هذا :
وزارة التخطيط ، هيئة التخطيط الإقليمي ، دراسة رقم 902 ، 1991 حيث تم إعداد هذه الدراسة وفق عدد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية ولفترات متباعدة ومن هذه المؤشرات :
  • مؤشر القطاع الصناعي متضمناً قيمة الإنتاج ، القيمة المضافة وعدد المشتغلين .
  • مؤشر صافي الهجرة
  • مؤشر الخدمات التعليمية معيار طالبمدرس
  • مؤشر الخدمات الصحية
  • مؤشر خدمات الماء والكهرباء
[6] مداولة مع السيد مدير عام التخطيط الإقليمي ، في وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي
[7] وزارة التخطيط، هيئة التخطيط الاقتصادي، دراسة رقم (22)، 1983، ص190 .
[8] شوكت ، علي إحسان ،اقتصادات التركز والتشتت الصناعي ، المفاهيم والتطبيقات ، وزارة التخطيط ،1984 ، دراسة رقم 166 ، ص 59-61 .
[9] أنظر في هذا :
-  مجموعة دراسات الواقع التنموي لمحافظات القطر ، وزارة التخطيط ، هيئة التخطيط الإقليمي ، دراسات غير منشورة ، سنوات مختلفة.
-  دراسة رقم 902 ،مصدر سابق  تقييم نمط التوزيع المكاني والقطاعي لاستثمارات الخطة السنوية 1991-1995، وزارة التخطيط، دائرة التخطيط الإقليمي ، 1995
- دراسة رقم 152 ، وزارة التخطيط، دائرة التخطيط الإقليمي.
[10] دراسة 509 ، مصدر سابق ، ص 51
[11] في هذا أنظر:
  تقييم نمط التوزيع المكاني والقطاعي ، مصدر سابق  ، ص 85
[12] وزارة التخطيط ، هيئة لتخطيط الإقليمي ، الواقع التنموي لمحافظات القطر لعم 1990 ، ص17 .
[13] وزارة التخطيط هيئة التخطيط الإقليمي دراسة 257 مصدر سابق ص 104 .
[14] من خلال الاطلاع على التفاصيل الواردة في استمارات المسح الشامل لمعظم القطاعات الاقتصادية التي تعدها دوائر الجهاز المركزي يلاحظ افتقارها للعديد من التفاصيل الهامة في احتساب مفردات الجدول الإقليمي للمستخدم المنتج وبالأخص منها ما يتعلق بالاستهلاك المحلي للإنتاج الزراعي كما هو الحال في استثمارات الإحصاء الزراعي كما تفتقر إلى التحديد المكاني عن مصدر وانتهاء المنتجات والمستخدمات محليا من خلال ذكر المكان بشكل صريح واقتصارها على تحديد المصدر فقط (محلي أو مستورد) دون الدخول في تفاصيل هذا المكان أو المصدر بالتحديد .
[15] تم التصدي لهذه الظاهرة في دراسة أعدت في هيئة التخطيط الإقليمي ،وزارة التخطيط تحت رقم 509 لسنة 1987 .
[16] وزارة التخطيط ، هيئة التخطيط الإقليمي ، فجوة التنمية الإقليمية ،خصائصها ،أساليب معالجتها ،دراسة تحت رقم 902 ،1991 .
[17] العاني، محمد جاسم شعبان ،تحليل علاقات التشابك المكاني في إقليم الأنبار وتطوره ، رسالة دكتوراه مقدمة إلى مركز التخطيط الحضري و الإقليمي للدراسات العليا جامعة بغداد تشرين الثاني 1998 دراسة غير منشورة.
حمله من هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا