التسميات

الخميس، 9 نوفمبر 2017

قضايا تمويل التراث العمراني الإطارالإستراتيجي لتعزيز حفظ وحماية التراث ...


قضايا تمويل التراث العمراني

الإطار الإستراتيجي لتعزيز حفظ وحماية التراث 

ملتقى التراث العمراني الوطني الثالث  المدينة المنورة 1435هـ / 2013م

مقدمة
   في عصر يتسم بالعولمة والانفتاح والحداثة, يمثل التراث العمراني الأداة الرئيسية لنقل القيم والقواعد المشتركة والتواصل بين الماضي والحاضر وتعزيز الهوية الوطنية للشعوب, مما يساعد على إيجاد شعور قوي بالانتماء والارتباط في الحياة الحضرية المعاصرة في ظل عالم آخذ في التحضر بسرعة كبيرة وتسيطر عليه مبادئ العولمة وقيمها. وينظر الآن للتراث العمراني بشكل متزايد ليس فقط باعتباره ذكريات مهمة من الماضي تساعد على تشكيل إحساسنا بالهوية والمكان, ولكن أيضاً كأحد العوامل الاقتصادية التي يمكن أن تعزز نوعية حياتنا من خلال الجذب السياحي. ولعل حفظ وتنمية الأصول التاريخية والمواقع التراثية تكتسب اليوم أولوية في سياسات المجتمع الدولي والحكومات المحلية, وذلك بسبب الدور الرئيسي الذي يمكن أن تضطلع به في تعزيز السياحة وزيادة الفرص الاقتصادية, بالإضافة إلى التنمية المستدامة على المدى الطويل, وزيادة هذه الفرص يعتمد على التقاليد المحلية والموارد المجتمعية في سياق العولمة المتزايدة للاقتصاد والثقافة.

   وقد بدأ المجتمع الدولي بالاهتمام بحفظ التراث العمراني وصيانته نهاية القرن 18 حيث أصبحت أكثر علمية وحداثة (Li Rui, 2008), وفي بداية الأمر اقتصرت المحافظة على التراث العمراني من حيث الحفظ والترميم, خصوصاً بعد ظهور ميثاق البندقية 1964 وميثاق واشنطن 1987.
  وهناك عدد من المنظمات الثقافية الدولية التي اهتمت بالتراث العمراني منها, منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (UNESCO), والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (ICCROM), والمجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMOS), ومركز التراث العالمي (WHC), والمجلس الدولي للمتاحف (ICMOI), ومنظمات أخرى عديدة, بذلت جهداً كبيراً من أجل تحقيق أكبر قدر من الاهتمام للحفاظ والمحافظة على الآثار القديمة والقيم التاريخية في ظل وجود العديد من العوامل والتحديات التي قد تسهم في نهاية الأمر إلى فقدان أهم المعالم التاريخية.
  ولعل من أهم العوامل التي تسهم في فقدان الأماكن التراثية على المستوى العالمي انخفاض ميزانيات تمويل الأماكن والمباني التراثية, وعدم القدرة على توفير الأموال الكافية للقيام بأعمال الحفظ والصيانة والترميم. واليوم, فإن حماية التراث العمراني ليست مجرد مسألة ثقافية بحتة, ومع ذلك فهي أساسية لحفظ ودوام ثقافة المجتمعات والحضارات, وهي أيضاً تنطوي على نهج جديد للتخطيط العمراني وإدارة الموارد الاجتماعية. ويجب وضع قضية حماية وحفظ التراث العمراني على أسس جديدة وتقنيات حديثة لتمويل خطط الترميم والتدخل للحماية, فلم يعد كافياً اعتماد نهج ثقافي, حيث نضع بعض الالتزمات الناشئة عن الحماية القانونية للمباني التاريخية, بل يجب استكمال هياكل الدعم التقليدية (Jean, 1987) أو الاستعاضة عن أساليب التمويل المناسبة إلى التقنيات والإجراءات المستخدمة لتنفيذ سياسة التوسع الاقتصادي والتنمية الإقليمية. كما أنه يجب تطوير التطبيقات من أجل توفير المعلومات الكافية لسلطة التخطيط لاتخاذ قرار مستنير بشأن الأثر المحتمل على التراث العمراني.
   وبوجه عام, فإن حفظ وحماية التراث العمراني هو في نهاية المطاف يدخل تحت الصالح العام الذي يقوده المجتمع, وعلى هذا النحو هناك توقع قوي في المجتمعات الحديثة أن تقدم جميع مستويات الحكومة جزءاً كبيراً من مسئولية الحفاظ وضمان بقاء وديمومة الأماكن ذات القيم التراثية والحفاظ عليها للأجيال القادمة. وعموماً يهدف حفظ التراث العمراني إلى ثلاثة مبادئ أساسية وهي:
  • الأول - تحقيق الصالح العام: حيث إن الحفاظ على التراث العمراني يسهم في المحافظة على الممتلكات الثقافية والتاريخية, كما أنه يساعد على حماية المال العام والصالح العام وهو ما يسهم في تحسين نوعية الحياة, والدعم الإداري والتشغيلي, وجودة الحياة, والشعور بالانتماء.
  • الثاني - تحقيق التنمية الاقتصادية: حيث يسهم حفظ وحماية الأصول العمرانية من مباني ومواقع تراثية في تعزيز التنمية الاقتصادية وتحريك عجلة النمو والتقدم من خلال مجموعة من العوامل التجارية في حال استغلالها بشكل جيد وفعال, مثل الجذب السياحي للتراث العمراني.
  • الثالث - تحقيق التنمية المستدامة: يؤدي التراث العمراني دوراً مهماً في تحقيق التنمية المستدامة داخل المجتمع, فمن خلال تعزيز التنمية العمرانية وحماية الأصول التاريخية واتباع أفضل طرق التخطيط العمراني يمكن تحقيق وتعزيز التنمية المستدامة.
أهداف الدراسة:
   تهدف هذه الدراسة إلى وضع إطار إستراتيجي يساعد على حفظ وحماية التراث العمراني, كما أن هذه الدراسة تأخذ في اعتبارها المشاكل والقضايا الحالية التي تواجه تمويل هذا النوع من التراث.
أهمية الدراسة:
  تكمن أهمية هذه الدراسة فيما يلي:
  • التعرف على السياسات المختلفة للحفاظ على التراث العمراني.
  • المساعدة في تقديم لمحة تعريفية بالتمويل وأنواعه وطرقه من خلال تجارب الدول الغربية.
  • تناول قضايا تمويل التراث العمراني ووضع تصور لصياغة أفصل الحلول.
  • وضع إطار إستراتيجي يهدف إلى حماية وحفظ التراث العمراني. 
منهجية الدراسة:
  تعد هذه الدراسة نظرية تحليلية, تعتمد في إنجازها على الأسلوب الوصفي المكتبي التوثيقي بهدف جمع البيانات من الأدبيات والدراسات السابقة والمراجع العلمية ذات الصلة في مجال البحث بهدف وضع إطار إستراتيجي يساعد على حفظ وحماية التراث العمراني, وتحقيقاً للهدف منها سوف نتناول هذه الدراسة من خلال الإطار النظري التالي:
  • أولاً- التراث العمراني: المفهوم وسياسات الحفاظ.
  • ثانياً- تمويل التراث العمراني: بين محدودية التمويل وإيجاد بدائل مناسبة.
  • ثالثاً- قضايا تمويل التراث العمراني والحاجة إلى إطار إستراتيجي.  
أولاً- التراث العمراني: المفهوم وسياسات الحفاظ
   نظراً لأهمية التراث العمراني على المستوى الوطني والدولي وما يحمله من قيم ومبادئ تسهم في تعزيز بعض العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع, نجد مجموعة من المساعي الهادفة التي تضع حماية وبقاء التراث نصب أعينها, ونتناول فيما يلي مفهوم التراث العمراني وتصنيفه, وبعد ذلك نتناول الحفاظ عليه من خلال توضيح مفهوم وسياسات الحفاظ, ونتناول أيضاً أهميته والتحديات التي يواجهها, وأخيراً نتناول قوانين الحفاظ على التراث العمراني بشئ من الإيضاح.
1.1 مفهوم التراث العمراني:
  يعرف التراث بأنه "صورة الماضي وتاريخه الذي طوى الزمان صفحاته وبين طياته أصالة الشعوب بانتمائها للمكان ومعاصرتها للزمان" (عبد الجواد, 1987: ص160). وأيضاً هو "إنتاج فترة زمنية تقع في الماضي وتفصلها عن الحاضر مسافة زمنية تشكلت خلالها هوة حضارية" (الورع, 1993).
ويعرف التراث العمراني بأنه "وثيقة تاريخية وفنية وجزء من التراث السياسي والروحي والرمزي وهو الحقيقة الثقافية واستمرارها وتعدد مجالات التراث المعماري وتنقسم إلى المحيط البيئي للملكية, والمبنى, والأثاث والمنقولات الداخلية والخارجية" (الشحات, 2003: ص18). وعرفته لجنة المعايير المحاسبية الدولية للقطاع العام بأنه "الأصول ذات الأهمية النقابية أو البيئية أو التاريخية وتشمل المباني والتماثيل التاريخية والمواقع الجيولوجية والمناطق البيئية لحماية الطبيعة أو المخلوقات والأعمال الفنية حيث تتمتع بالخصائص الأساسية التالية:
  • تتخطى قيمتها المضافة (من الناحية الثقافية أو التاريخية) قيمتها الاقتصادية.
  • يوجد عليها قيود تشريعية لتحد من حرية المُلاَّك في التصرف بها.
  • لا يمكن استبدالها.
  • قيمتها الاقتصادية تزيد مع الزمن عكس حالتها الفيزيائية (عوامل الإهلاك) والتي تتدهور بمرور الزمن.
  • يصعب تقدير عمرها الافتراضي لتغطية مئات السنين" (أنيس, 2008: ص28).
وأيضاً عرفت المادة الأولى من مسودة "ميثاق المحافظة على التراث العمراني في الدول العربية وتنميته" التراث العمراني بأنه: "كل ما شيده الإنسان من مدن, وقرى, وأحياء, ومبانٍ, وحدائق, ذات قيمة تاريخية أثرية, أو معمارية, أو عمرانية, أو اقتصادية, أو تاريخية, أو علمية, أو ثقافية, أو وظيفية, ويتم تحيدها وتصنيفها وفقاً لما يلي:
  • المباني التراثية: وتشمل المباني ذات الأهمية التاريخية والأثرية والفنية والعلمية والاجتماعية بما فيها الزخارف والأثاث الثابت المرتبط بها والبيئة المرتبطة بها.
  • مناطق التراث العمراني: وتشمل المدن والقرى والأحياء ذات الأهمية التاريخية والأثرية والفنية والعلمية والاجتماعية بكل مكوناتها من نسيج عمراني وساحات عامة وطرق وأزقة وخدمات تحتية وغيرها.
  • مواقع التراث العمراني: وتشمل المباني المرتبطة ببيئة طبيعية متميزة على طبيعتها أو من صنع الإنسان".
   وهذا التعريف يحتوي على ثلاثة مصطلحات أساسية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهوم التراث العمراني, فتعرف المباني التراثية بأنها "تلك المباني التي تعطينا الشعور بالإعجاب وتجعلنا بحاجة إلى معرفة المزيد عن الناس الذين سكنوها وعن ثقافتهم, وفيها قيم جمالية, ومعمارية وتاريخية وأثرية واقتصادية واجتماعية وسياسية" (Feilden, 1994, P1) وتتسم المباني التاريخية بأنها تحظى بقبول مجتمعي وتفاعل إيجابي من قبل المجتمع من جهة, وأنها تعبر عن ظاهرة ثقافية واجتماعية معبرة عن ظواهر مادية ومعنوية أو فكرية في حقبة زمنية معينة من جهة أخرى.
  والمناطق التراثية تعرف بأنها "تلك المناطق التي تميز بيئة عمرانية متوازية شيدت في عصر تاريخي بحيث تشكل تراث يحفظ جذور الحضارة وسماتها وتعكس أحداث العصر الذي واكبته وتعد هذه البيئة نتاجاً لقيم وأعراف وفلسفة تخطيطية تصل هذه العصور التاريخية بما قبل بتجانس وتكامل واضح" (الدواخلي, 1996: ص3), وهي أيضاً "الحيزات الحضارية المتجانسة التي تزخر بمجموعة من المفردات التراثية الواقعة تحت مسمى القانون الخاص بحماية الآثار, فهي ذات ملامح عمرانية متجانسة نابعة من قيم ديناميكية وإستاتيكية تعبر عن خصائص المجتمع حيث نجد القيم العمرانية إلى جانب العادات والتقاليد" (الدواخلي, 1996: ص4).
ومن خلال تناول مفاهيم التراث العمراني نستنتج أن مفهوم التراث العمراني يتضمن عدداً من القضايا الأساسية والتي يمكن أن نختصرها فيما يلي:
  • أولاً: يعد مفهوم التراث العمراني مفهوماً حديثاً نسبياً بالمقارنة مع أنواع أخرى من التراث, بالإضافة إلى أنه يقوم على نهج معقد يدمج كلاً من المفاهيم المألوفة من التراث بمفاهيم أخرى أكثر تعقيداً مثل الحفاظ والترميم والتجديد والصيانة وغيرها, كما أنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبعد الاقتصادي والاجتماعي داخل المجتمع.
  • ثانياً: هناك فهم خاطئ لمفهوم التراث العمراني يتمثل في قصر المفهوم على المعابد والمباني الدينية والتاريخية والقصور والقلاع والحصون والأسوار التاريخية والبوابات والأنواع الأخرى للمباني التاريخية دون غيرها (Florian, 1996, p:470), وهذا الفهم في كثير من الأحيان لا يشمل المناطق السكنية التاريخية ومراكز المدن التاريخية التي تمثل تراثاً عمرانياً, بالإضافة إلى ذلك, قد يكون هناك عناصر غير ملموسة من التراث العمراني مثل العادات والمعتقدات والتي تؤدي دوراً أساسياً لتوضيح استخدام الفضاء والبيئة العمرانية.
  • ثالثاً: يؤدي التراث العمراني بالإضافة إلى الأشكال الأخرى للتراث دوراً رئيسياً في التنمية المحلية, وهذا يتطلب إعادة تعريف مفهوم التراث العمراني من أجل تقييم الواقع الاقتصادي والاجتماعي المؤثر على أساليب إدارة التراث العمراني, كما أنه يتصل بتنفيذ مبادئ التنمية المستدامة.
1.2تصنيف التراث العمراني:
  يصنف التراث العمراني إلى فئتين:
  • تراث مادي: وهو الذي يتضمن المباني والعناصر المادية للأهمية المعمارية والتاريخية.
  • تراث غير مادي: وهو يضم القطع الأثرية المنقولة, والحرف اليدوية, والفنون الشعبية, والمعارف التقليدية, والطقوس والشعائر, والتظاهرات الاحتفالية, والفنون البصرية والأدائية, والأدب واللغة واللهجات, والطب التقليدي, وتقاليد الطهي وغيرها مما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتراث العمراني (Denhez, 1981, P.7).
1.3 الحفاظ على التراث العمراني:
1.3.1 تعريف الحفاظ:
  يعرف الحفاظ بأنه "التدخلات المادية في المنشآت الفعلية لضمان استمرار سلامتها الهيكلية" (Marston, 1998), كما أنه "يهتم بحماية ووقاية الأبنية التاريخية أو ذات القيمة التاريخية وفق أساليب علمية متطورة, كما أنه يهدف إلى إطالة عمر المبنى التراثي, ومحاربة الأضرار التي تلحق بالممتلكات التراثية سواء الطبيعية أو البشرية" (Steven, 1996). وهو أيضاً "عملية حماية المنشآت والعناصر والمفردات المعمارية ذات الخصائص التاريخية والثقافية والبصرية المتميزة, وصيانتها وإصلاحها" (اللحام, 1997: ص6), وهو أيضاً "الإجراءات والأعمال التي تتخذ لإطالة عمر التراث المعماري ومنع تلفه, إذ يجب أن تتم عملية الحفاظ بدون الإضرار بالمبنى وبدون تدمير أو تزوير لقيمته التاريخية" (سعادة, 2008). 
   ويرى "ريجل" أن الحفاظ على الأعمال هو في حد ذاته حفاظ على الثقافة وعلى الخصائص الخاصة بالفترة الزمنية حيث إن كل فترة تاريخية وكل ثقافة بظروفها واحتياجاتها يجب أن تكون لها قيمها الفنية المعبرة عن الفترة الزمنية" (Jukka, 1999). وعموماً يعرف الحفاظ العمراني بأنه "صيانة الأشياء والعناية بها لتؤدي وظيفتها التي وجدت من أجلها بكفاءة عالية, ومن ثم الحفاظ على قيمتها المادية رغم إنقضاء عمرها الإفتراضي" (فكري وصالح, 2006). وغالباً ما يصاحب أعمال الحفظ نوع من أنواع المنع عن استخدام المبنى الأثري أو إخلائه وتتعلق هذه الأعمال بالأبنية الأثرية المصنفة من الدرجة الأولى (Plenderleith, 2000).
نستنتج من التعريفات السابقة, أن مفهوم الحفاظ على التراث العمراني يشمل جميع عمليات الحفاظ التي تتم للمباني التاريخية أو المناطق ذات القيمة الأثرية وعلى جميع ما تحتويه من مبانٍ ذات أهمية أو منشآت معينة أو بيئة عمرانية مميزة أو نسيج عمراني فريد, ويمكن تحقيق هذا من خلال نقطتين هما:
  • الأولى: تحقيق عملية الحفاظ اللازمة لكل ما هو ذي قيمة تراثية مرتبط بالمبنى الأثري باستخدام أحداث الأساليب والطرق.
  • الثانية: توفير الدعم المالي والتقني لتنفيذ أعمال الصيانة والحفظ اللازمة للمباني والمواقع الأثرية.
كما يمكن استنتاج أن مفهوم الحفاظ العمراني وخلال السنوات القليلة الماضية قد خرج من مفهومه الضيق إلى مفهوم أوسع نطاقاً لسببين هما:
  • أولاً: الحفاظ كمفهوم عبارة عن مظله تضم من خلالها عدداً من الأفكار والمصطلحات الأخرى مثل الصون وإعادة الإحياء وإعادة الاستخدام والإعادة إلى الوضع الأصلي.
  • ثانياً: كما أن مصطلح الحفاظ اليوم لا يشمل الحفاظ على الموارد والمباني التقليدية فقط, وإنما يشمل حماية المستوطنات البشرية التاريخية والثقافية التي لا تزال تبدي أو تظهر نوعية وأسلوب حياة أو ميزة ثقافية تستحق المحافظة عليها وحمايتها.
1.3.2 سياسات الحفاظ على التراث العمراني:
   هناك العديد من سياسات الحفاظ على التراث العمراني التي جاءت بها الأدبيات المختلفة وهي تختلف من دراسة إلى أخرى, فهناك من حدد ستة أنشطة للحفاظ على التراث العمراني وهي: الصيانة والتحسين والترميم وإعادة التأهيل وإعادة البناء وإعادة التطوير (Buissink, 1985). وهناك من حدد سياسات الحفاظ على النحو التالي: الحماية والترميم والحفاظ وإعادة التشكيل والتعديل وإعادة الاستخدام (Fitch, 1990). وفيما يلي نتناول أهم هذه السياسات.
  • الحماية: يقتصر هذا النوع من السياسات على الحيزات التاريخية أو الأثرية, وأحياناً يتبع بالمناطق الحديثة ذات الطابع المميز, وتكون الحماية لمباني معينة أو للنسيج العمراني أو للطابع المعماري, كما تتسع أحياناً لكي تشمل حماية الهيكل الاجتماعي والاقتصادي جنباً إلى جنب مع الهيكل العمراني (موسى, وعبد الغني, 1991: ص34).
  • الصيانة: "هي عملية معالجة تلف أو خلل بالمبنى وقع فعلاً أو يحتمل وقوعه وتكون بالوسائل المتبعة, وتهدف إلى تحسين المظهر العام للمبنى, وهي عمل دوري يجب أن يتم بصفة مستمرة للحفاظ على المبنى" (السلفي والبس, 2003).
  • الترميم: "يقصد به أي تدخل يرمي إلى إعادة الكفاءة لأحد أعمال النشاط الإنساني, وتهدف عملية الترميم إلى إعادة المباني والمناطق التاريخية إلى حالتها الأصلية عند إنشائها" (اليزل, 1988: ص 3). وأيضاً هو "إعادة تكوين الجزء المفقود أو التالف من العنصر المعماري للمبنى, بالإضافة لمنع التدهور وما يلزمه من عمليات ضرورية لصيانة العنصر التاريخي" (عبد الرحمن, 2003, ص70).
  • إعادة التشكيل: هو "إعادة تجميع أجزاء مبنى تاريخي سواء في مكانه أو في مكان جديد باعتباره أثر قومي, مثل نقل معبدي أبو سمبل والفيلة بأسوان" (أبراهيم, وشديد, 2006: ص707).
  • إعادة الاستعمال: "عملية إعادة توظيف المباني ذات القيمة الأثرية والتاريخية في استعمالات جديدة تلائم التطور الحالي وفي الوقت نفسه تضمن استمرارية حياة تلك المباني والمحافظة عليها بصورة عملية وهذه السياسة تعد في حد ذاتها تعويضاً عما يتم إنفاقه على عمليات الترميم والصيانة حتى تحقق عائداً اقتصادياً بشرط ألا تمثل هذه العملية أية خطورة على المنشأ الأثري أو أي تعارض مع قيم أو مبادئ المجتمع" (مدبولي, 1992: ص26).
  • التجديد: كلمة التجديد بصفة عامة سواء في السياسة أو التخطيط ليس لديها تعريف محدد ويبدو أن هذا المصطلح قد تم اعتماده من قبل السياسيين والمخططين والمديرين في البناء الثقافي والاجتماعي والمعماري والقطاعات اللازمة لتتناسب مع جدول أعمالها المتغيرة (Keaney, 2005). ويعرف التجديد بأنه "استخدام التمويل العام لدعم مبادرة تهدف إلى تحقيق تحسن في أحوال السكان المحرومة أو الأماكن" (RLAEDC, 2002). وعادةً ما تستخدم سياسة التجديد من أجل إضفاء مظهر شكلي جديد يتفق مع النمط والذوق العام لوقت إجراء تلك العملية.
مما سبق نخلص إلى ما يلي:
  • أولاً: إن سياسات الحفاظ على التراث العمراني من صيانة وترميم وتكييف وإعادة استخدام وإعادة تشكيل وإحياء وتجديد تسمح للتراث العمراني بتحقيق فوائد جمالية وبيئية واقتصادية.
  • ثانياً: تتيح السياسات المختلفة الفرص أمام القائمين على عمليات الحفاظ في اختيار الأسلوب المناسب والتعامل مع التحدي الإبداعي في إيجاد السبل المناسبة لتلبية المتطلبات العمرانية للموقع الأثري بحيث تكون آمنة ودائمة ومفيدة من جهة, والإبقاء على طابعها التاريخي من جهة أخرى.
  • ثالثاً: الإدارة السليمة للتراث العمراني من خلال السياسات المختلفة للمحافظة عليه تعد أمراً ضرورياً كجزء من الجهود العالمية الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة.
  • رابعاً: تساعد سياسات الحفاظ على بقاء المبنى الأثري بما يحمله من مميزات عمرانية وتاريخية.
1.4 أهمية الحفاظ على التراث العمراني:
  أصبح العالم اليوم أكثر وعياً بأهمية الحفاظ على التراث التاريخي للإنسانية, فالأماكن التاريخية والتراثية تزيد من الروابط الثقافية والمادية بين حاضرنا وماضينا. كما أنها تساعدنا وعلى نطاق واسع على فهم حياة المجتمعات السابقة, وتعكس شعور المجتمع المحلي بالهوية الثقافية. وظهرت أهمية الحفاظ على التراث العمراني على الساحة الدولية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وما خلفته من دمار وتخريب للمباني التاريخية وللمواقع الأثرية مما استدعى تدخل المجتمع الدولي لوقف تدمير مواقع التراث العمراني العالمي, فعقد في عام 1931م مؤتمر دولي في اليونان اختتم بتوصيات عرفت بميثاق أثينا, وهو يعد بمثابة أول ميثاق عالمي يحظى بقبول دولي وإجماع على مبادئ دولية للحفاظ. وبعد الحرب العالمية الثانية سعى المجتمع الدولي في تقنين عمليات الحفاظ على التراث العمراني, فعقدت في عام 1964م معاهدة فنيسيا للمباني التاريخية, وفي عام 1979م وضعت اتفاقية بورا للحفاظ على الأماكن ذات الأهمية الثقافية, وفي عام 1987م وضعت معاهدة واشنطن. والآن يمثل التراث العمراني أهمية كبرى للمجتمعات المحلية بما يحمله من قيم وطنية, وللمجتمع الدولي بما يحمله من قيم إنسانية متعددة, ويمكننا أن نتناول أهمية الحفاظ على التراث العمراني من خلال تناوله كمصدر للدخل القومي وكأساس للتنمية المحلية والمحافظة على الهوية الثقافية والتنمية الاقتصادية وفيما يلي تفصيل ذلك:
  • كمورد للدخل القومي: تمثل المباني التراثية والمناطق التاريخية مصدراً رئيسياً من مصادر الدخل القومي ومصدراً للجذب السياحي, وذلك باعتبارها إرثاً تراثياً حيث يحتفظ بالعديد من الشواهد العمرانية والاجتماعية والتاريخية والتي تعكس مسيرة المدينة على مر التاريخ (أبو غزالة, 2012: ص8), كما أنها تعزز السياحة الثقافية وهى من أسرع القطاعات نمواً في سوق السياحة الدولية ومحرك قوي للتنمية الاقتصادية مما يسهم في تعزيز الدخل القومي.
  • كأساس لتنمية المجتمع المحلي: تستخدم اليوم عدد من الدول الأوروبية التراث الثقافي بوجه عام باعتباره إستراتيجية لتحسين فرصهم في المستقبل (Belinda, 2005, P.3). فواحدة من التحديات الرئيسية للتنمية الحضرية العالمية هو الحفاظ على التراث العمراني من هياكل ومواقع أثرية تروج لهوية الماضي واستمرارية المكان.
  • كأساس للمحافظة على الثقافة المحلية والهوية العمرانية: يساعد التراث العمراني على تعزيز البعد الثقافي داخل المجتمع من خلال تأكيد فكرة الافتخار بالحضارة السابقة واعتزاز بقيم الماضي وتعزيز الشعور بالانتماء والهوية, كما أنه يسهم في قدرة المجتمع على التأمل الذاتي (Belinda, 2005, P.4).
  • كأساس للتنمية الإقتصادية المستدامة: تسهم الأصول التراثية في التنمية الاقتصادية المستدامة والازدهار والتقدم الاقتصادي من خلال توفير أماكن للجذب السياحي في المراكز الحضرية والمناطق الإقليمية, وجذب الاستثمار وخلق المزيد من فرص العمل وتوفير منافع بيئية من خلال تقليل مخلفات الهدم وانخفاض الموارد اللازمة للهدم وإعادة البناء.
  بالإضافة إلى هذه المميزات المتعددة التي تساعد على تعزيز اتجاه المجتمع نحو الاهتمام بالمحافظة على التراث العمراني, هناك أيضاً بعض العوامل الدولية التي ساعدت على زيادة الاهتمام بالمحافظة على التراث العمراني على المستوى الوطني والإقليمي والدولي, وفيها:
  • زيادة التضامن الدولي لحماية الممتلكات: تبلورت فكرة التضامن الدولي من أجل حماية الممتلكات الثقافية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية, خصوصاً بعد ما تعرضت العديد من الممتلكات الثقافية والتاريخية في بعض الدول إلى الخراب والتدمير بسب ويلات الحروب, وبالإضافة إلى الحروب هناك أيضاً حافز مهم لصياغة التضامن الدولي لحماية الممتلكات العالمية وهو الكوراث الطبيعية مثل الفيضانات التي غمرت المعابد والآثار في بعض الدول. ومثال على ذلك حماية معبدي أبو سمبل والفيلة في مصر, التي كانت بداية التضامن الدولي لحماية الممتلكات الثقافية, والذي دعت من خلاله الحكومة المصرية المجتمع الدولي لتمويل بناء السد العالي لتجنب الفيضانات التي غمرت الآثار الفرعونية في أسوان. وبالفعل في عام 1959م أطلقت اليونسكو الحملات الدولية لحماية معبد أبو سمبل والفيلة وجمعت أكثر من 80 مليون دولار نصفها تم التبرع بها من قبل نحو 50 دولة وهذا يبين أهمية الدول في "المسئولية المشتركة في الحفاظ على المواقع الثقافية المتميزة" (Kuper et al, 1996, P.835), ونجح المجتمع الدولي في تمويل الحكومة المصرية لبناء السد العالي من أجل حماية التراث العمراني.
  • الاتجاه الاجتماعي والاقتصادي المتزايد للتراث: اكتسب التراث العمراني أهميه خاصة في الفترة المعاصرة, والشاهد الرئيسي هو الأعداد المتزايدة من التراث المسجل من قبل العديد من الدول, وأصبح التراث سلعة اقتصادية مهمة تجلب وتساعد في ازدهار وصناعة الاقتصاد الوطني.
1.5 تحديات التراث العمراني:
  هناك عدد من العوامل التي أدت إلى تدهور مناطق التراث العمراني, منها (عواد, 2007: ص133) عوامل طبيعية, وبشرية, واجتماعية, واقتصادية, وثقافية, وعمرانية, وإدراية. سوف نتناول بشكل مختصر فيما يلي أهم هذه العوامل, ومن ثم نتناول أهم تحدٍ للتراث العمراني في القرن الواحد والعشرين وهو تحدي تغير المناخ للتراث العمراني كما أن هذا التحدي يمكن إدراجه تحت جميع العوامل السابق ذكرها وهي:
  • العوامل الطبيعية: هي العوامل الناتجة عن خصائص البيئة الطبيعية المتمثلة في الإشعاع الشمسي (شاهين, 1975), والمناخ من حرارة ورياح وأمطار, والكوارث الطبيعية منها الفيضانات والزلازل والبراكين والبرق والرعد, والمشاكل البيولوجية ومنها الحيوانات الضارة والطيور والحشرات والنباتات والفطريات والبكتريا (الشريف, 2008: ص9). 
  • العوامل البشرية: تمثل إعتداءات البشر على المباني التاريخية قضية مزمنة جرت على هذه المباني أفدح النتائج وجرت على التاريخ الحضاري خسائر جسيمة (عباس, 2006: ص67), مثل الحرائق, (مثال حريق المسجد الأموي في أواخر العهد العثماني, وحريق المسجد الأقصى بالقدس الذي تسبب في وقوع السقف والمنبر الحلبي) (سعد, 1984: ص101), وأعمال الهدم والتخريب والسرقة, والترميم الخاطئ, والحروب, وقله الوعي.
  • العوامل الاجتماعية: منها غياب الوعي الثقافي والاجتماعي لدى سكان مناطق التراث العمراني بأهمية القيمة التاريخية والتراثية والجمالية لتلك المناطق. وأيضاً غياب الإحساس بالانتماء, وأيضاً النمو السكاني المتزايد, والتحول الاجتماعي.
  • العوامل الاقتصادية: منها إهمال الصيانة الدورية اللازمة لحفظ المباني التراثية, وهدم المباني التراثية نتيجة القيمة العقارية المرتفعة في تلك المناطق, وتحول القاعدة الاقتصادية للمدن في عصر العولمة, وغزو الاستعمارات التجارية للمناطق السكنية, وعدم توفير الدعم والتمويل اللازم للقيام بعمليات الحفظ.
1.5.1 تهديد تغير المناخ للتراث العمراني:
   تغير المناخ "يعني أي تغير في المناخ الزمني الذي يمكن أن يكون نتيجة للعوامل الطبيعية والنشاط البشري على حدً سواء" (Barr, 2008). كما أن هذا المصطلح في كثير من الأحيان يشير إلى ظاهرة الاحتباس الحراري للمناخ والتي تعني اختلافات طبيعية ناتجة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن النشاط البشري (United Nations 1992). ويشكل تغير المناخ تهديداً خطيراً لكثير من مواقع التراث, من خلال مجموعة من التهديدات المناخية والتي تشمل الفيضانات, وزيادة الظواهر الجوية المتطرفة, والتصحر, وتدهور التربة المتجمدة, واضمحلال المناظر الطبيعية الثقافية. وأثبتت التجارب العلمية بأن حماية مواقع التراث العمراني هي مسألة في غاية الصعوبة نظراً لأنها متنوعة جداً.
   وهناك أدلة متزايدة على أن تغير المناخ يطرح تحديات فريدة من نوعها للمناطق الحضرية وسكانها الذين تتزايد أعدادهم يوماً بعد يوم, بالإضافة إلى المخاطر المادية التي يفرضها تغير المناخ. ويمكن أن تتعرض خصائص التراث الثقافي العالمي بوجه عام, والتراث العمراني بوجه خاص, إلى الآثار السلبية لتغير الظروف المناخية على النحو التالي (Augustin et.al, 2010. p14):
  • ذوبان الأنهار الجليدية في جميع أنحاء العالم, ومنها بعض المواقع الجبلية المدرجة بقائمة التراث العالمي بسبب جمالها الاستثنائي يمكن أن تتغير بشكل كبير.
  • تغيرات حرارة سطح البحر وزيادة مستوى ثاني أكسيد الكربون المذاب في المحيطات, جعل من شروط الحفاظ على الشعاب المرجانية أكثر صعوبة.
  • يؤدي تغير المناخ إلى إجبار بعض النباتات والحيونات على الهجرة لأنها غير قادرة على التكيف مع بيئتهم المتغيرة, الأمر الذي يشكل مشكلة للحفاظ على التنوع البيولوجي لمواقع التراث العالمي.
  • يمكن أن تفقد الأدلة الأثرية المدفونة في باطن الأرض بسرعة في حال عدم سلامة طبقة التربة بسبب تنيجة زيادة الفيضانات, والتغيرات في هطول الأمطار, وذوبان الجليد.
  • تواجد عدد من مواقع التراث الثقافي في الأراضي الساحلية المنخفضة, وزيادة مستوى سطح البحر وتآكل السواحل يمكن أن تهدد الحفاظ عليها.
  ويمكن لزيادة خطر التهديدات المناخية أن تؤدي إلى فقدان الأصول التاريخية, وإذا كان التراث العمراني هو انعكاس لحياة الماضى, وامتداداً لجهود الحاضر من أجل بقائه للأجيال القادمة" (Cassar, 2005), لذلك يجب على المجتمعات والحكومات:
  • حماية التراث العمراني من خلال اعتماده على قدرة الأفراد والمجتمعات المحلية المتضررة لاستعادة التوازن في حياتهم بعد وقوع الكوارث الطبيعية من خلال الجهود المبذولة لاستعادة وتعزيز وحماية العناصر التراثية.
  • يجب أيضاً المحافظة على المواقع التاريخية من خلال تطوير استراتيجيات جديدة للتكيف والاستجابة لتهديدات تغير المناخ, وأيضاً يجب إقناع الرأي العام العالمي إلى التحرك لوقف ارتفاع درجة حرارة الأرض من خلال زيادة الوعي للتهديد الذي تتعرض له الآثار الثمينة والأماكن التاريخية. (Michelle, 2008, P66).
1.6قوانين الحفاظ على التراث العمراني:
يعد إصدار التشريعات والقوانين الخاصة بحماية التراث العمراني بمثابة نقطة البداية التي تكفل حماية الممتلكات الثقافية والتاريخية سواء على المستوى المحلي أو الدولي. ونتناول فيما يلي قوانين الحفاظ على الأصوال العمرانية من خلال تناول المواثيق الدولية والقوانين الوطنية.
1.6.1 المواثيق الدولية:
   صيغ عدد من المواثيق والاتفاقيات الدولية لحماية التراث العمراني, وهي تعبر عن محاولة لتوضيح - وخصوصاً على المستوى الدولي - المبادئ التي من شأنها أن تتخذ من خلالها قرارات صائبة حول كيفية حماية القيمة الثقافية والتاريخية للتراث العمراني وكيفية معالجتها. وتتميز هذه المبادئ بميزتين أساسيتين هما:
  • الأولى, أنها عبارة عن مجموعة واسعة من القيم والأولويات المتعلقة بالحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمرتبطة بحماية التراث العمراني.
  • والثانية, أن هذه الاتفاقيات جاءت في مجملها تتطلب التدخل اللازم لحماية الطابع العمراني والتاريخي والجمالي وسلامة الممتلكات الثقافية على المستوى المحلي والدولي.
  ويمكن فيما يلي وضع تصور لتدرج المجتمع الدولي في إقرار المواثيق الخاصة بحفظ وحماية التراث من خلال أربع مراحل أساسية, هي:
1.6.1.1 مرحلة حماية المباني التراثية: اهتم المجتمع الدولي في بداية الأمر وخصوصاً بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بوضع الأسس المبدئية لحماية وتعزيز الحفاظ على المبنى الأثري فجاء ميثاق أثينا عام 1931, وجاءت معاهدة حماية التراث الحضاري في حالة الحرب في عام 1945.
  • ميثاق أثينا 1931: صدر ميثاق أثينا ضمن توصيات المؤتمر الدولي الأول لاتحاد المعماريين ومرممي المباني الأثرية, وركز الميثاق على ضرورة القيام بدراسات تحليلية معمقة ودقيقة قبل تنفيذ إجراءات الصيانة للمباني والآثار, وضرورة التعاون وتبادل الخبرات بين الدول على صعيد حماية التراث الأثري والمعماري, وزيادة التوعية الجماهيرية بأهمية الحفاظ على التراث. حيث جاء مجمل الميثاق ليعبر عن البداية الحقيقية لتطوير فكر الحفاظ لدى المجتمع الدولي من خلال الاهتمام بحماية المباني والمناطق الأثرية.
  • معاهدة حماية التراث الحضاري 1945: جاءت هذه المعاهدة لحماية التراث الحضاري في الدول المختلفة في حالة العدوان أو الحرب والصادرة عن منظمة اليونسكو ومن أهم توصياتها قيام الأمم المتحدة بحماية المباني التراثية للدول المختلفة حال الحرب وبضرورة إصدار القرارات اللازمة لذلك من إمكانية استخدام القوة العسكرية لإلزام الجهات المختلفة بالمعاهدة إذا لزم الأمر.
1.6.1.2 مرحلة تنظيم التعامل مع التراث: جاءت الاتفاقيات والمواثيق الدولية بعد ميثاق أثينا ومعاهدة حماية التراث لتنظم كيفية التعامل مع التراث العمراني فجاء ميثاق فينسيا 1964. 
  • ميثاق فينسيا 1964: عرف ميثاق فينسيا الحفاظ على الأثر بأنه "يعني ضمنياً الإبقاء على المحيط, وهذا يعني أن لا يسمح ببناء جديد أو هدم أو أي تعديل من شأنه تعديل العلاقات بين الكتل وألوانها". وعرف الميثاق الترميم بأنه "يهدف إلى حفظ وإظهار القيم الجمالية والتاريخية للأثر, ويعتمد على احترام المواد القديمة الأصلية والوثائق الأصلية".
1.6.1.3 مرحلة شمول المواقع التراثية: تم الاتجاه الدولي نحو شمول المواقع التاريخية والتراثية وليست الآثار كمباني منفصلة, وضرورة الاهتمام بها وبالمناطق المفتوحة التي تحتوي على مواقع أثرية ومواقع الحفريات التي تمثل مستقرات إنسانية وجاء ذلك في توصيات بودابست عام 1972 ونيروبي 1976, وحلقة نقاش البرازيل 1987.
  • توصيات بودابست 1972: عرفت التوصيات إعادة الإحياء للمعالم التاريخية أو مجموعات المباني بأنها "إعادة استعمالها وإضافة استعمالات جديدة, لا تؤثر داخلياً أو خارجياً على هيكلها أو خصائصها".
  • توصيات نيروبي 1976: عرفت حماية المناطق التاريخية بأنها "التجديد والوقاية والترميم والصيانة وإعادة الإحياء للمناطق التاريخية أو التقليدية وبيئاتها وبذلك تتضمن الحماية كل طرق التدخل الممكنة في المناطق التاريخية".
  • حلقة نقاش البرازيل 1987: عرفت الإبقاء على المواقع التاريخية بأنها "صيانتها وتحسينها للتعبير عن الماضي وتقوية الشعور بالمواطنة".
1.6.1.4مرحلة المستقرات العمرانية الصغيرة: امتد بعد ذلك الاهتمام الدولي إلى الاهتمام بالتراث العمراني ليشمل المستقرات العمرانية الصغيرة والمدن وجاءت في توصيات تلكسكالا عام 1982 وميثاق واشنطن 1987.
  • توصيات تلكسكالا 1982: عرفت الحفاظ على المستقرات الصغيرة بأنها "إجراءات يتم تطويرها بعناية بحيث لا تكون هناك خطورة هدم أو تشويه لأسباب سياسية ذات مصلحة خاصة, وأن يكون هناك احترام لأعراف هذه الأماكن موضع الأهتمام".
  • ميثاق واشنطن 1987: يتعلق هذا الميثاق بحماية المناطق الحضرية التاريخية الكبيرة والصغيرة, بما في ذلك المدن والبلدات والمراكز التاريخية.
1.6.1.5 مرحلة الحفاظ والترميم: جاءت المواثيق الدولية فيما بعد لتقر بأهمية الحفاظ والترميم والصيانة بالطرق والأساليب الواجب اتباعها, ومن أهم مواثيق المرحلة مثياق أبلتون 1983, وثيقة نيوزيلاند 1983, ووثيقة نارا للأصالة 1994.
  • ميثاق أبلتون 1983: حدد ميثاق أبلتون مستويات التدخل للإبقاء على التراث العمراني ومنها الإبقاء على الشكل والمواد الموجودة ووحدة المكان والترميم وإعادة التأهيل وإعادة البناء وإعادة التطوير, كما أنه عرف الأنشطة اللازمة للحفاظ من صيانة وتثبيت وإزالة وإضافة.
  • وثيقة نيوزيلاند 1992: عرفت عملية الحفاظ بأنها تشمل على درجات متدرجة من التدخل تبدأ بعدم التدخل, والصيانة, والإصلاح, والترميم, وإعادة البناء.
  • وثيقة نارا للأصالة 1994: عرفت الحفاظ بأنه "كل المجهودات المصممة لفهم التراث الثقافي ومعرفه تاريخه, وتؤكد حماية مواده وأصوليتها وإظهاره وترميمه وإثراءه".
1.6.2 القوانين الوطنية:
     تعد الدولة مسئولة مسؤلية مباشرة عن حماية وحفاظ التراث العمراني, وعموماً, تسعى جميع الدول إلى وضع القوانين والتشريعات والسياسات الهادفة إلى حماية التراث العمراني, وعلى المستوى الدولي وخلال السنوات الماضية اتخذت الحكومات في جميع الدول مجموعة من الخطوات المهمة نحو المحافظة على التراث العمراني من خلال إدخال أحكام تشريعية شاملة ومنهجية وإقرار قوانين خاصة بحماية التراث العمراني وتنميته.
ثانياً- تمويل التراث العمراني: بين محدودية التمويل وإيجاد بدائل مناسبة
  نظراً للحاجة الملحة لحفظ وإدارة التراث العمراني, فقد حظى موضوع تمويل التراث باهتمام واسع النطاق من قبل صناع القرار على مختلف المستويات, بما في ذلك المنطمات الدولية والسلطات الوطنية والمحلية, والمنظمات غير الحكومية, ومجموعة واسعة من القطاع الخاص, وعدد من الجهات العامة المانحة. وقد نوقش مفهوم الحفظ ومتطلباته والطبيعة المتطورة له, وكذلك صلاتها بالتنمية الحضرية والقطاع السياحي والصناعات الإبداعية في عدد من المجالات. وأياً كان التركيز في المهام المحددة والأولويات قيد المناقشة, فيتطلب التراث العمراني توفير تمويل كافٍ لإدارة وصيانة المباني والمواقع التراثية وهذا يحتاج إلى مناقشة لقضايا التمويل ومعالجتها, ووضع نهج مبتكر لتحديات التمويل, حيث إن الحاجة إلى الاستثمار في الحفاظ على قيمة الأصول التراثية يعوقها عدد من التحديات منها:
  • عدد المباني والمواقع التراثية والتي تحتاج إلى صيانة وحماية وترميم في تزايد مستمر, الأمر الذي يتطلب زيادة مشاريع وحجم التمويل في المستقبل.
  • التكلفة العالية لأعمال الصيانة والترميم والتجديد مع زيادة عدد المباني التراثية.
  • عجز التمويل والقيود على الموارد العامة وهي قضية حرجة دولياً, وهذا يدعو بإلحاح إلى إيجاد أشكال جديدة للتمويل من أجل إدارة متطلبات التمويل في المستقبل, وتوفير الوسائل الضرورية لتحقيق الاستقرار في قيمة المباني التراثية لتحقيق تحسينات التمويل وتخفيض التكلفة لضمان توفير التمويل اللازم في المستقبل.
  وهناك عدد من الفوائد المرتبطة بالاستثمار في التراث العمراني, حيث أجريت بعض الدراسات للتعرف على فوائد الاستثمار في التراث العمراني, ومن أهم هذه الدراسات, دراسة أجريت من قبل المجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMOS) والتي كشفت عن فوائد مباشرة وفوائد غير مباشرة يمكن الحصول عليها من الاستثمار في التراث, وتشمل الفوائد المباشرة الحفظ والترميم وإعادة التأهيل للممتلكات التراثية والحفاظ عليها على المدى الطويل. أما الفوئد غير المباشرة هي أوسع من ذلك بكثير, وتشمل توفير أماكن للعيش والعمل, وعائدات الضرائب المكتسبة, ودعم الحرف التقليدية والعمالة المهنية, وعائدات الضرائب المكتسبة من خلال الأشخاص الذين يعملون في أعمال الحفظ, والسياحة والعمالة المرتبطة بها, والدخل والإيرادات الضريبية, وتحسين المرافق, وتحسين البيئة لصالح المجتمع ككل (Drivas, 2006). وفيما يلي نتناول تعريف تمويل التراث العمراني وأشكاله, وأولويات التمويل ومفهوم القيمة التراثية, وبعد ذلك نتناول محدودية التمويل الحكومي, ومن ثم نبحث في البدائل المناسبة والجديدة للتمويل.
1.2 تعريف تمويل التراث:
  إن النظرة التقليدية والمبدئية للتمويل تتمثل في الحصول على "الأموال واستخدامها لتشغيل أو تطوير المشاريع والتي تتركز أساساً على تحديد أفضل مصدر للحصول على أموال من عدة مصادر متاحة" (عاشور, وحاج, 2006: ص9), واليوم, وفي الاقتصاد الحديث, أصبح التمويل يشكل أحد أهم المقومات الأساسية لتطوير القوى المنتجة وتوسيعها وتدعيم رأس المال, وهو يساعد على:
  • تعبئة الموارد الحقيقة القائمة (عاشور, وحاج, 2006: ص9).
  • الإمداد بالأموال اللازمة في أوقات الحاجة إليها.  
  • توفير المبالغ النقدية اللازمة لدفع وتطوير مشروع خاص أو عام.
ويعرف التمويل بأنه "تطبيق مجموعة أساليب يستخدمها الأفراد أو المؤسسات لإدارة أموالهم, وعلى وجه الدقة إدارة الفرق بين مداخلهم ومصاريفهم بالإضافة إلى المخاطر المتعلقة باستثماراتهم" (عبد الفتاح, 2012, ص41), ويتمثل التمويل في "كافة الأعمال التنفيذية التي يترتب عليها الحصول على النقدية واستثمارها في عمليات مختلفة تساعد على تعظيم القيمة النقدية المتوقع الحصول عليها مستقبلاً في ضوء النقدية المتاحة حالياً للاستثمار والعائد المتوقع الحصول تحقيقه منه, والمخاطر المحيطة, واتجاهات السوق المالية" (قاسم, 2005: ص2).
  وبوجه عام هناك ثلاث قضايا رئيسية ترتبط بشكل وثيق بتكوين وتهيئة مصطلح تمويل التراث العمراني, الأولى وهي رد الفعل الدولي ضد الآثار والعوامل السلبية وتأثيرها على التراث العمراني, والثانية وهي الحاجة إلى حماية وحفظ التراث وبقائه للأجيال القادمة, والثالثة وهي نتيجة لتزايد فهم وقبول مبادئ الحفاظ على التراث العمراني.
2.2 أشكال تمويل التراث:
للتمويل أشكال متعددة منها:
1.2.2 التمويل المباشر وغير المباشر:
  • التمويل المباشر: يعد التمويل المباشر عن "العلاقة المباشرة بين المقرض والمقترض والمستثمر دون تدخل أي وسيط مالي مصرفي أو غير مصرفي" (عاشور, وحاج, 2006: ص11) وهذا النوع من التمويل يتخذ صوراً متعددة كما يختلف باختلاف المقترضين.
  • التمويل غير المباشر: يعبر هذا النوع عن كل طرق وأساليب التمويل غير المباشرة والمتمثلة في الأسواق المالية والبنوك وجميع المصادر المالية التي فيها وسطاء ماليين.
2.2.2 التمويل المحلي والتمويل الدولي:  
  • التمويل المحلي: يعرف "بأنه كل الموارد المالية المتاحة والتي يمكن توفيرها من مصادر مختلفة لتمويل التنمية المحلية بالصورة التي تحقق أكبر معدلات لتلك التنمية عبر الزمن, وتعظم استقلالية المحليات عن الحكومة المركزية في تحقيق التنمية المحلية المنشودة" (عبد الحميد, 2001: ص22). ويعتمد مثل هذا النوع من التمويل على المؤسسات المالية والأسواق المالية المحلية وهو يضم المصادر المباشرة وغير مباشرة.
  • التمويل الدولي: يعتمد هذا النوع على الأسواق المالية الدولية مثل البورصات والهيئات المالية الدولية أو الإقليمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك العالمي للإنشاء والتعمير.
3.2.2 تمويل مادي وتمويل معنوي:
  • التمويل المادي: هو تمويل المناطق والمباني التراثية بالمعونات والمنح والقروض طويلة وقصيرة الأجل.
  • التمويل المعنوي: ويتمثل في تقديم الدعم الفني والخبرات التقنية والتكنولوجية, مثل الوكالة الألمانية للتعاون الفني والتي تقوم بصفة خاصة بتقديم المعونة الفنية لمشروعات التنمية العمرانية.
3.2 أولويات التمويل ومفهوم القيمة التراثية:
   يعتبر الهدف من تحديد القيمة التراثية للمناطق والمباني التراثية هو تحديد أولوية واتجاهات أسلوب التعامل معها للمساهمة في تحديد أفضل طريقة لتأهيل المنطقة. والقيمة هي عبارة عن "تصورات ومفاهيم ديناميكية صريحة أو خفية تميز الفرد والجماعة وتحدد ماهو مرغوب فيه اجتماعياً وثقافياً" (حسن, 1997), والقيمة إما أن تكون ذاتية أي ما يدركها العقل وهي حقائق ثابتة في الوجود مثل قيمة الليل والنهار والهواء (حواس, 2002), وإما أن تكون موضوعية وهي عندما يكون الشئ من صنع الإنسان مثل المنشآت المعمارية والعمرانية. وتتنوع قيمة التراث العمراني من قيمة معمارية أو تاريخية أو جمالية أو وظيفية, أو اجتماعية أو اقتصادية أو عمرانية. ويتم تحديد قيمة المناطق والمباني التراثية من خلال عدة شواهد ومظاهر تظهر جانباً معيناً, فمثلاً عملية الحكم على المناطق بأنها ذات طابع تاريخي وتمييزها عن المناطق الحديثة يتم من خلال مجموعة من الشواهد والمظاهر التي تظهر مدى قدمها حيث تكتسب هذه المواقع أو المناطق قيمتها عبر التقدم في وحدة الزمن وهي بذلك تعد بمثابة الأجزاء من الأراضي التي يكون لأهميتها التاريخية أو الأدبية أو الأسطورية ما يبرر حمايتها (غنيم: 1992: ص5).
4.2 محدودية التمويل الحكومي:
  تلتزم وتتعهد الحكومات من أجل حماية وحفظ التراث العمراني بتقديم التمويل اللازم لإدارة عمليات الصيانة والترميم والحفاظ على التراث العمراني من مباني ومواقع أثرية, ويعد التمويل أحد أهم ركائز تطبيق وتنفيذ أية إستراتيجية أو خطة للصيانة والحماية, ويعد مستوى تمويل الحفاظ على التراث العمراني على المستويين الدولي والوطني لا ينال الأولوية الواجبة بالرغم من أهميته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للإنسانية, كما أن هناك عدداً من العوائق أمام التمويل الحكومي منها:
  • التمويل الحكومي محدد بأهمية المشروع للمجتمع مما يتأثر بقرارات الدولة من استمرار أو وقف للمشروع.
  • العجز الحاد في الموارد المالية الحكومية بسبب عدم وجود التمويل الكافي لتمويل مشروعات ترميم وحفظ وصيانة التراث العمراني بالإضافة إلى تكلفتها الكبيرة نسبياً (علام وآخرون, 1997: ص308).
  • الضغوط المتضاربة على الموارد المحدودة للدولة.
  • إصدار عدد من القرارات قصيرة الأجل للحفاظ على التراث العمراني, وهذه القرارات سوف يكون لها عواقب وخيمة على التراث العمراني على المدى البعيد.
لذلك فإن التمويل الحكومي يحتاج إلى:
  • مواجهة متطلبات التمويل المتزايدة من خلال إيجاد حلول جديدة ومتطورة, مثل سد عجز التمويل, وزيادة حجم التمويل, وترشيد الوسائل واستخدام أكثر كفاءة من الأصول المتاحة.
  • إيجاد بدائل مناسبة للتمويل, وإشراك المجتمع المدني من منظمات غير حكومية وغير هادفة للربح, وإيجاد أرضية مشتركة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص, وتعزيز المشاركة المجتمعية.
  • تشجيع قدرة المواقع التراثية على توليد الإيرادات الخاصة بها, ويكون من المناسب أن يتمثل هذا التشجيع الحكومي من خلال تقديم دعم قصير أو طويل الأجل وكذلك منح قصيرة للتغلب على بعض العقبات المعينة.
  • العديد من مواقع ومباني التراث العمراني غير مستغلة حتى الآن بالرغم من توفير الإمكانيات التجارية, وخاصة في مجال السياحة, فالعديد من المواقع التراثية تحتاج إلى مساعدة من قبل الحكومات لتمكين المواقع التراثية من تحديد واستغلال هذه الفرص.
5.2 بدائل مناسبة للتمويل: نماذج من أوروبا
   بعيداً عن التمويل الحكومي والذي يعوقه عدد من التحديات هناك عدد من البدائل المناسبة للتمويل منها تدعيم الحوافز الضريبية ومشاركة المنظمات غير الحكومية, ومشاركة القطاع الخاص, والشركات, والمنظمات الدولية والإقليمية الداعمة لحفظ التراث.
1.5.2 الحوافز الضريبية لصالح المحافظة على التراث:  
يتجه عدد من صانعو السياسات والمسئولون في القطاع الحكومي والخاص إلى تدعيم وتعزيز الحوافز الضريبية, ويعتمد الأساس المنطقي لصانعي السياسات لاستخدام الحوافز الضريبية كأداة في حفظ التراث على أنها فكرة أقل قسرية من العمل الحكومي المباشر مثل الإعانات المانحة, لأنها تتيح المزيد من حرية الاختيار لاتخاذ الإجراءات اللازمة والتي من الناحية الاقتصادية ينبغي أن تؤدي إلى نتائج اقتصادية أكثر كفاءة. وعموماً فإن أهداف الحوافز الضريبية ثلاثة أهداف وهي (Blake and Lowe, 1992, ): خفض تكلفة الصيانة والترميم, والحد من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمبنى الأثري بدلاً من إزالته, وتعزيز تدفق الموارد إلى الهيئات غير الهادفة للربح. ويمكن أن تستخدم الحوافز لتشجيع العمل على حفظ التراث العمراني على نطاق واسع من خلال ثلاثة طرق رئيسية وهي (Robert, 2006, P.79):
  • حوافز لخفض تكاليف الحفظ والصيانة والترميم وإعادة التأهيل.
  • حوافز لمنع هدم واستبدال الأصول التراثية لصالح التجديد.
  • حوافز لتشجيع الرعاية والتبرعات إلى المنظمات غير الربحية مثل المؤسسات والمنظمات التراثية.
2.5.2 المنظمات غير الحكومية:
   تؤدي المنظمات غير الحكومية دوراً بارزاً في تمويل مشاريع حفظ وحماية التراث العمراني, مثل صناديق التراث, والمؤسسات والجمعيات, والشركات ذات المسئولية المحدودة, وغيرها من إسهامات المنظمات غير الربحية في تمويل حفظ وحماية التراث. ويشير عدد من الدراسات (فوزي وشبكة, 1959: ص136) التي تناولت دور المنظمات غير الحكومية في التنمية العمرانية للمناطق التراثية إلى أنها تسهم إسهاماً كبيراً في زيادة الإيرادات للتراث العمراني من خلال تشجيع الاستثمار الخاص, كما أنها تسهم في تحفيز المشاركة من خلال تشجيع إنشاء الجمعيات الأهلية, كما أنها تؤدي دور الوسيط بين الجمهور والجمعيات المركزية والجهات الحكومية, وهي أيضاً لها دور تمكيني في تقديم الاستشارات الفنية لعملية بناء وتنمية وصيانة المناطق التراثية. ونتناول فيما يلي أهم أشكال المنظمات غير الحكومية ومساعدتها في تمويل حفظ التراث مع توضيح بعض النماذج الأوروبية.
1.2.5.2 الصناديق الخيرية:
   تعرف هذه الصناديق بأنها عملية إنشاء أو تخصيص صندوق خيري لحماية التراث العمراني من أجل تحقيق المنفعة العامة, وتخضع هذه الصناديق للتنظيم القانوني للجمعيات الخيرية بوجه عام, ويشترط في هذه الصناديق ثلاثة شروط وهي أولاً يجب أن تكون الأموال لأغراض خيرية ومن أجل حماية التراث, وثانياً يتم منح تفويض قانوني لهذه الصناديق ويجب أن تعمل تحت مظلة القانون, وثالثاً أن تستفيد هذه الصناديق من الامتيازات المالية (Barber, 2000, P.16).
  • مثال (الصندوق الاستئماني الوطني - المملكة المتحدة): تأسس الصندوق الاستئماني الوطني في عام 1895م وهو عبارة عن مؤسسة خيرية مسجلة هدفها الحفاظ على الأماكن ذات الأهمية التاريخية أو الجمال الطبيعي, وهي من النماذج الرائدة في أوروبا فمنذ إنشائها وهي تقوم على حماية 250 ألف هكتار من الأراضي ذات الجمال الطبيعي وأكثر من 1,100 كم من السواحل, بالإضافة إلى 20,000 من المباني التراثية. ويعتمد الصندوق في إيجاد الدعم المالي من اشتراكات العضوية (فهناك أكثر من ثلاثة ملايين عضو) والهدايا والتبرعات والنشاط التطوعي (Beaumont, 1996).
2.2.5.2 مؤسسات التراث:
   تعمل هذه المؤسسات على حماية وحفظ التراث العمراني, وهذه المؤسسات مدنية بطبيعتها, ويمكنها تعزيز أسس الدعم المالي للأماكن التراثية من خلال حملات جمع الأموال (Howlett, 1991, P.16). وتختلف هذه المؤسسات من دولة إلى أخرى بحسب القانون الذي يحكمها فيمكن أن تكون مؤسسة عامة أو محمية أو نظامية, وعموماً يجب أن تسهم هذه المؤسسات في حماية التراث العمراني من خلال توزيع الأموال لأغراض الحفظ والحماية.
  • مثال (مؤسسة التراث - فرنسا): تم إنشاؤها من قبل تشريع قانوني في عام 1996 ومنحها مركز المرافق العامة في 1997 (Benhamou, 1996, P.77), وتهدف هذه المؤسسة إلى الحفاظ على التراث وتطويره ونشر الوعي من التراث الوطني, مع التركيز بصفة خاصة على تجديد وصيانة وترميم التراث الريفي, كما أنها تدعم صيانة المعالم الأثرية والمباني ومجموعات المباني الفردية, والمناطق الطبيعية التي تهددها الإنحطاط والتدهور أو الخراب, وأنها توفر أيضاً فرص العمل والتدريب في ترميم وحفظ التراث (Benhamou, 1997, p.199).
3.2.5.2 الشركات ذات المسئولية المحدودة:
  يمكن للشركات الراعية تأكيد وجودها في السوق أو تحسين صورتها العامة من خلال الانضمام إلى ترتيبات شراكة رفيعة المستوى تستهدف حماية وحفظ أصول التراث العمراني والتي يمكن تطويرها لأغراض تجارية (Hill, 1997, P.11).
  • مثال (شركة Naamloze – أمستردام): أدى التهديد من إعادة تطوير شاملة في أمستردام في عام 1950 إلى العمل على حماية وحفاظ وإنقاذ المباني التاريخية, حيث قامت مجموعة من رجال الأعمال بتأسيس شركة ذات مسئولية محدودة تسمى (Naamloze Vennootschap) في عام 1956 للحفاظ على المباني التاريخية, ويتكون رأس مال الشركة من المساهمين من أشخاص ومجتمعات وشركات وبنوك, وتمكنت الشركة منذ إنشائها وحتى الآن من الحفاظ على عدد من المباني التراثية وإحياء عدد من المباني المتدهورة (Eggenkamp, 2002).
4.2.5.2 الصناديق الدوارة أو المتجددة:
   يوفر الصندوق الدوار أو المتجدد أداة استباقية للمحافظة على التراث العمراني من خلال شراء العقارات المهددة بالانقراض وتجديدها أو بيعها للمستثمرين (Costonis, 1997). ومبدأ الصناديق الدوارة هو أن يتم استرداد رأس المال المستثمر في خاصية واحدة من خلال بيع أو السماح لتحسين البناء, لذلك يمكن إعادة تدوير المال في إدخال تحسينات على خاصية أخرى, وبالتالي فإن الصندوق المتجدد هو تجميع لرأس المال وخلق محفظة لنشاط معين مثل حفظ التراث, مع تقييد أن يتم إرجاع الأموال إلى الصندوق لإعادة استخدامها لأنشطة مماثلة (Delvac et al, 1997). ويمكن تكوين رأس مال الصندوق من خلال المنح المقدمة من المؤسسات المحلية والشركات أو الوكالات الحكومية, وينبغي إدراج الصندوق تحت إدارة القطاع الخاص باعتبارها غير ربحية, ومعفاة من الضرائب, وتعد الصناديق الدوارة هي الأكثر فعالية في حماية التراث خصوصاً عندما تستهدف المناطق أو الخصائص التي أهملت من قبل القطاع الحكومي.
  • مثال (صندوق التراث المعماري - المملكة المتحدة): يعمل صندوق التراث المعماري بشكل فعال كصندوق متجدد على مدى 30 عاماً, حيث ارتفعت قيمة الصندوق من مليون جنيه استرليني إلى 13 مليون جنيه في عام 2005, وقدمت المؤسسة منح بمقدار 4 ملايين وقروضاً أكثر من 82 مليون, ويقوم الصندوق بتنفيذ مشاريع متعددة لحماية التراث العمراني, وهو يعمل كصندوق متجدد من خلال استعادة وإعادة تأهيل المباني.
3.5.2 إتفاقيات التراث:
  يعرف اتفاق التراث بأنه عقد ملزم قانوناً ويهدف إلى ضمان الحفظ طويل الأجل للتراث العمراني, ويتم توقيع الاتفاقيات لفترات زمنية طويلة, وبالتالي فهي ملزمة لأصحاب المصلحة والمشتركين في العقد حاضراً ومستقبلاً, ويحدد الاتفاق أيضاً نهج لاستعادة أو إدارة الممتلكات ويمكن أن يوفر للمالك الحصول على حوافز مثل تخفيضات ضريبية على الأراضي, ومنح وتنازلات.
4.5.2 الاستغلال التجاري للتراث:
   طريقة أخرى لجمع تمويل مشاريع حفظ وحماية التراث العمراني, يجرى تطبيقها من قبل بعض الدول الأوروبية مثل كرواتيا (Antolovic, 2001), هو الاستغلال التجاري للتراث, ويشمل فرض رسوم على استخدام صور الممتلكات الثقافية أو إيجارها لأغراض تجارية, والاستغلال التجاري يدعم ذاتية التمويل والتي تعرف بأنها "البحث في إمكانية استغلال العناصر والمكونات القائمة والطاقات الكامنة في المشروع للحصول على التمويل الذاتي (الطويل, ص122).
5.5.2 المنظمات الدولية والإقليمية:
  تؤدي المنظمات الدولية والإقليمية دوراً مهماً في تمويل مشاريع حفظ وحماية التراث العمراني, فالعديد من المباني والمواقع التراثية تم تمويلها من خلال المنظمات الدولية, كما أن المنظمات غير الحكومية الدولية تستطيع مساعدة الحكومات والسلطات المحلية فيما يلي (Martin, 2003): دعوة المجتمع الدولي والحكومات والوكالات والشركات العالمية للحصول عى درجة أعلى من الأولوية لتمويل الحفظ, جلب القضايا المحلية والوطنية إلى الساحة الدولية, وتقديم المساعدة التقنية ليس فقط في إدارة الموقع التراثي ولكن أيضاًً في تأمين التمويل اللازم وبناء الأمن المالي بطرق تنمية القدرات, وأيضاً تساعد على رفع وتوفير الأموال, كما أنها تعمل كوسطاء في شراكات جديدة, وفيما يلي نتناول أهم المنظمات الدولية والإقليمية ودورها في تمويل مشاريع حفظ وحماية التراث:
  • منظمة اليونسكو: أنشئت اليونسكو في نوفمبر 1945, وتهدف إلى بناء حصون السلام في عقول البشر عن طريق التربية والعلم والثقافة والاتصال, وتعمل على تحقيق رؤية متكاملة للتنمية المستدامة, بالإضافة إلى تحقيق التقدم المادي, وتصدرت جهود اليونسكو المساعي الدولية لحماية التراث المادي وغير المادي فوضعت عدداً من المواثيق والمعاهدات الدولية التي تتعلق بصون وحماية التراث الثقافي المادي وغير المادي والطبيعي.
  • المجلس الدولي للآثار والمواقع: منظمة دولية حكومية يقع مركزها في باريس, وأنشائه اليونسكو في عام 1965 ويتمثل دوره في تعزيز تطبيق نظرية صون التراث المعماري والأثري ومنهجياته وتقنياته العلمية, ويقوم نشاطه على مبادئ ميثاق البندقية 1964.
  • الصندوق العالمي للآثار: تأسس الصندوق العالمي للآثار في عام 1965 كمنظمة دولية غير ربحية مقرها في نيويورك ولندن ومركز إقليمي في باريس, وهو يتلقى طلبات المساعدة المقدمة من الأطراف المعنية في جميع دول العالم, بما في ذلك الأفراد والمنظمات والهيئات الحكومية, من أجل المحافظة على مواقع التراث الثقافي.
  • الاتحاد الأوروبي: وفرت المعاهدة المنشئة للاتحاد الأوروبي 1993 الأساس القانوني للأنشطة المتعلقة بصون وتعزيز وحماية التراث الثقافي, حيث نصت المادة 151 على أن الاتحاد يجب أن يدعم ويكمل الإجراءات التي تتخذها الدول الأعضاء من أجل الحفاظ على التراث الثقافي".
  • مؤسسة الآغاخان للثقافة: وهي وكالة ثقافية لشبكة الآغاخان للتنمية, وأنشئت رسمياً في عام 1988 في جنيف كمؤسسة خيرية خاصة لإدماج وتنيسق المبادرات المختلفة للأمير آغاخان فيما يتعلق بتحسين الحياة الثقافية وبصفة خاصة البيئة المبنية, وأحد أهم برامجه هو برنامج دعم المدن التاريخية الذي أنشئ 1991 لتنفيذ مشاريع الترميم وإعادة التنشيط الحضري في مواقع تتسم بالأهمية الثقافية في العالم الإسلامي.
ثالثاً- قضايا تمويل التراث العمراني والحاجة إلى إطار إستراتيجي
   بعدما تناولنا فيما سبق مفهوم التراث العمراني وأهميته وسياسات الحفاظ عليه وشروط ومتطلبات تقديم التمويل المالي والتقني, نتناول فيما يلي أهم القضايا والتحديات التي تواجه التمويل بوجه عام, ومتطلبات وعناصر الإطار الإستراتيجي المقترح لحفظ وصون التراث العمراني.
1.3 قضايا تمويل التراث العمراني:
  هناك عدد من القضايا والتحديات التي تواجه عمليات تمويل التراث العمراني, منها ما يتعلق بتحديات التمويل الحكومي وتمويل القطاع الخاص, وعدم الرغبة في تقديم مساعدات, وعدم وجود خطة ممنهجة لتحديد الإحتياجات التمويلية, وعدم وضع تقدير فعال لتكاليف المشروع, بالإضافة إلى عدم تجنب التكاليف غير الضرورية, وعدم تصنيف المباني التاريخية, والقدرة المحدودة لسوق العقارات, وازدواجية الدعم, وعدم وجود خطة للترويج, وبطء عملية تقديم التمويل, وعدم وجود محفزات استثمارية للجهات الداعمة, وقضايا أخرى عديدة نتناولها فيما يلي.
1.1.3 عوائق التمويل الحكومي:
 تناولنا فيما سبق, محدودية التمويل الحكومي والتحديات التي تواجه قدرة الحكومات على تقديم التمويل اللازم لحفظ وصيانة المباني والمواقع التراثية. وخلصنا إلى أن أهم التحديات التي تواجه التمويل الحكومي تتلخص فيما يلي:
  • التمويل الحكومي محدد بأهمية المشروع للمجتمع مما يتأثر بقرارات الدولة من استمرار أو وقف للمشروع.
  • العجز الحاد في الموارد المالية الحكومية بسبب عدم وجود التمويل الكافي لتمويل مشروعات ترميم وحفظ وصيانة التراث العمراني بالإضافة إلى تكلفتها الكبيرة نسبياً (علام وآخرون, 1997: ص308).
  • الضغوط المتضاربة على الموارد المحدودة للدولة.
  • إصدار عدد من القرارات قصيرة الأجل للحفاظ على التراث العمراني, وهذه القرارات سوف يكون لها عواقب وخيمة على التراث العمراني على المدى البعيد.
2.1.3 عوائق الاستثمار الخاص في التراث العمراني:
   تنطوي المحافظة على التراث العمراني على مجموعة من القيم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية, وكل منها يحتاج إلى أن يؤخذ بعين الاعتبار في ضوء الحاجة إلى إيجاد التمويل اللازم للحفاظ على القيم التراثية. وعملية إشراك القطاع الخاص في تمويل التراث العمراني تعوقها مجموعة من المصالح المختلفة, فمن جهة تنظر السلطات في المقام الأول إلى القيم الثقافية في أعمال الصيانة والحفظ, والقطاع الخاص ينظر إلى هدف مهم بالنسبة له وهو تحقيق - على الأقل - الحد الأدنى من الربحية في حين تكون القيم الثقافية أقل أهمية بالنسبة له, وهذا يمكن معالجته إما من خلال تقليل التكاليف أو تعزيز القيم التجارية لتحقيق التوازن بين الأهداف المختلفة من جهة السلطات وتطلعها إلى الحفاظ على القيم التراثية ومن جهة أخرى القطاع الخاص ورغبته في تحقيق أرباح.
وضمن إطار مستدام, يجب إخراج القيم التراثية من دائرة صراع المصالح من خلال التفاوض بين السلطات والقطاع الخاص حيث تكون المنفعة العامة من الأهداف الرئيسية في عملية إشراك القطاع الخاص هي الحفاظ على التراث العمراني, لذلك هناك حاجة إلى تحقيق التوازن بين احتياجات جميع الأطراف المعنية: السلطات العامة, ومصالح القطاع الخاص, وعامة الجمهور. وهذا يمكن تحقيقه من خلال:
  • أولاً: إتاحة إجواء مواتية لإطلاق مشاريع مشتركة تتعلق بالتراث العمراني.
  • ثانياً: إجراء الحوافز المالية المتاحة, لضمان أن آليات الحماية والتعزيز يمكن أن توجه بشكل أكثر تحديداً. 
3.1.3 عدم رغبة مؤسسات الائتمان في تمويل عمليات الحفظ:
  يتلقى دور ومشاركة المصارف والمؤسسات المالية في مساعدة الاقتراض من أجل حماية وتطوير أصول التراث اهتماماً متزايداً, فالروابط بين المحافظة على التراث والتنمية الاقتصادية لاسيما في سياق تعزيز السياحة, لا يزال في مراحلة الأولى, مما يؤدي بالبنوك إلى توخي الحذر في تمويل مشاريع الحفاظ على التراث العمراني, وهناك عدد من المعوقات التي تقف أمام الاستثمار الخاص في عملية إعادة التأهيل, فمؤسسات الائتمان مثل البنوك قد تكون مترددة في إقراض المال للمباني التراثية القديمة للمساعدة في عملية حفظ وحماية وإعادة التأهيل, وهذا يرجع إلى وجود مخاطر عديدة للمباني القديمة بالمقارنة مع المباني الحديثة, لذلك فهناك حاجة إلى إيجاد إطار أكثر ملاءمة لعملية إعادة تأهيل السوق, والتي يمكن أن تكون لها فوائد اجتماعية واقتصادية وثقافية عند تطبيقها على حماية التراث العمراني وحفظ قيمته التاريخية.
4.1.3 عدم تصنيف المباني التاريخية بطريقة منهجية:
  غالباً ما تكون عملية الحفاظ والترميم غير عادلة وغير واقعية لعدة أسباب منها عدم تصنيف المباني التاريخية بدقة ووضوح, مما يؤدي إلى توجيه التمويل والاهتمام إلى مشاريع أقل أهمية تاريخية وتهمل مشاريع أخرى أكثر أهمية. وتعد عملية تصنيف المباني التاريخية مهمة في عملية الحفاظ؛ حيث إنها تضمن تحقيق توازن بين قيمة المباني التراثية وعملية الحفاظ عليها بحيث لا يكون هناك تعظيم لمبنى أقل قيمة على حساب مبنى أكثر قيمة, وحتى يمكن تحقيق عملية حفاظ حضري متواصلة (أبو عزالة, 2012: ص3).
5.1.3 عدم دقة تحديد الاحتياجات التمويلية:
  من الأهمية تحديد الاحتياجات التمويلية اللازمة للمشروع الأثري لضمان عدم تأخير التمويل للمشروع في أي مرحلة من مراحله, وتمر عموماً هذه العملية بعدة خطوات, كالتالي (عبد الفتاح, 2006: ص48):
  • تحديد ووضع خطة للعمل بشكل تفصيلي.
  • تحديد خطة وجداول إمداد المشروع باحتياجاته الشهرية من المواد والقوى البشرية والمقاولين الفرعيين بالاستناد إلى خطة العمل المقررة.
  • تحضير جداول الإنفاق الشهرية بالاستناد إلى خطة العمل, وإلى أساس جداول إمداد المشروع باحتياجاته الشهرية من المواد والقوى البشرية والآلية.
  • تحضير جداول العائدات الشهرية والدخل للمشروع بالاستناد إلى خطة العمل وشروط العطاء.
  • تحضير جداول الاحتياجات التمويلية للمشروع وبالتالي تحديد هذه الاحتياجات.
6.1.3 عدم فعالية تقدير تكاليف المشروع:  
   من أهم التحديات التي تواجه تمويل التراث العمراني عدم تقدير تكاليف المشروع بشكل دقيق وفعال, وعموماً تنقسم التكاليف إلى تكاليف مباشرة وغير مباشرة وإضافية. والتكاليف المباشرة هي "تلك العناصر التي يمكن تتبعها وتخصيصها وقياسها وتحميلها لوحدة منتج معين وتقوم بينها وبين الإنتاج علاقة مباشرة وارتباط قوي" (سالم, 2000: ص52), وتشمل التكلفة المباشرة كافة التكاليف الخاصة بالعمالة والمعدات والموارد ومقاولي الباطن ولكنها لا تشمل حساب التكاليف الإدارية للموقع أو التكاليف الإدارية للمركز الرئيسي للشركة (السمادوني, 1993, ص12).
   وتشمل التكاليف المباشرة تكليف العمالة الذاتية وهي تكلفة جميع أنواع العمالة اللازمة لتنفيذ بنود المشروع ويتم حسابها على أساس إنتاجية العامل وتكاليفه خلال العام, وتكاليف التشغيل للأدوات والمعدات وهي "التكاليف الخاصة بتشغيل الأدوات والمعدات المملوكة للشركة أو تكلفة إيجار هذه المعدات من الخارج" (توفيق, 2004: ص42). ومقاول الباطن وهي "تكلفة الأعمال التخصصية التي يتم إسنادها لمقاول من الباطن مضافاً إليها نسبة الربحية للمقاول الرئيسي وكذلك المخاطر التي يتحملها عن العمل" (السمادوني, 1993, ص12).
  أما التكاليف غير المباشرة فهي "تلك العناصر التي يصعب تتبعها وتخصيصها وقياسها وتحميلها لوحدة منتج معين أي أنها عبارة عن بنود التكاليف التي تصرف من أجل وحدة إنتاج معينة ولا توجد بينها وبين الوحدات المنتجة علاقة مباشرة" (سالم, 2000: ص52).
7.1.3 عدم تجنب التكاليف غير الضرورية:
  تعوق التكاليف غير الضرورية مشاريع حفظ وحماية التراث العمراني لسببين, الأول لأنها تؤدي إلى عجز في الميزانية, والثاني لأنها تعوق سير المشروع في المواعيد المحددة. وتعرف التكاليف غير الضرورية بأنها "التكلفة التي لا تؤثر في زيادة كفاءة عناصر المشروع الأساسية من الاستخدام أو العمر الافتراضي أو الجودة أو شكل المنتج النهائي مع الوضع في الاعتبار ضرورة التوافق بين العمر الإفتراضي ومكونات البديل" (خضير, 2010: ص120), وهناك عدد من الأشكال للتكاليف غير الضرورية منها (عبد الفتاح, 2012: ص 53):
  • تكاليف غير ضرورية للعنصر: وهو ما ينتج عن استعمال عنصر يمكن الاستغناء عنه أو استعماله بصورة مبالغ فيها.
  • تكاليف غير ضرورية للموارد: وتنتج عند استخدام مادة ذات كفاءة غير متوافقة وتزيد عن المتطلبات الوظيفية للمحتوى المحيط.
  • تكاليف غير ضرورية نتيجة لضعف قابلية التنفيذ: وتنتج عند استخدام أفكار ذات قابلية ضعيفة للتنفيذ والتي يستتبعها توافر عمالة خاصة وتقنيات عالية لها مما يظهر أثره بوضوح على التكلفة.
  • تكاليف غير ضرورية نتيجة لدورة حياة المشروع: وتنتج من استعمال عناصر تتطلب صيانة دورية مما يمثل زيادة في التكلفة.
  • تكاليف غير ضرورية نتيجة لضعف الاستغلال: نتيجة عدم استغلال استثمار متاح بدون زيادة تذكر في التكاليف مقارنة بحجم الفائدة.
  وهناك عدد من الأسباب والعوامل التي ينتج عنها ظهور تكلفة غير ضرورية منها نقص المعلومات ونقص أتعاب التصميم والظروف المؤقتة وقلة الأفكار ونقص الوقت والعادات والسلوكيات والتغيير في التقنية وعدم وجود تنسيق جيد والقوانين وتغيرات في متطلبات المالك وعدم وجود مقاييس للقيمة (خضير, 2010: ص139).
8.1.3  القدرة المحدودة لسوق العقارات:
   تؤثر القدرة المحدودة لسوق العقارات على تقدير القيمة الحقيقية للتراث العمراني وتنعكس بالتالي على عدم القدرة في تشجيع وتوفير مصادر كافية لتمويل مشاريع الحفظ والحماية لمباني ومواقع التراث, مما يجعل الجهات المسؤولة عن الحفاظ والترميم من حكومات ومنظمات مجتمع مدني وهيئات غير حكومية عاجزة عن توفير الماديات التي تكفل تكاليف الحماية والترميم للمنشآت التراثية خصوصاً مع زيادة أعدادها. بالإضافة إلى ذلك, هناك بعض الأسر والأفراد أصحاب المباني والعقارات التراثية تعد من فئة محدودي الدخل ليس لهم سوى الراتب الوظيفي في حين يبلغ قيمة هذه العقارات الملايين, لذلك فهم في حاجة ملحة لاستثمار هذه العقارات لتحسين مستواهم المادي, وعلى هذا يلجأ العديد منهم إلى هدم وإزالة هذه المباني التراثية وبناء الأبراج والعقارات الجديدة للحصول على عائدات واستثمارات بالملايين (أبو غزالة, 2012: ص3).
9.1.3 ازدواجية الدعم:
   يقوم عدد من الدول بتفويض المسئولية عن حفظ وحماية التراث العمراني لعدد من الوكالات التابعة للدولة, مما ينتج عنه ازدواجية للجهود وهذا يتناقض مع محدودية الموارد المتاحة للحماية, لذلك من الأهمية ضمان عدم وجود ازدواجية للجهود وأن جميع الأطراف المعنية تعمل بطريقة منظمة ومتماسكة, ويمكن تحقيق هذا من خلال:
  • التنسيق والترتيب بين جميع الجهات المعنية بما في ذلك الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات الخاصة والشركات والمنظمات الدولية.
  • الشراكة التنسيقية من أجل تجنب ازدواجية الجهود واستغلال الموارد المالية بشكل جيد للحفاظ على مشاريع متعددة للتراث العمراني.
10.1.3  بطئ عملية تقديم التمويل:
  تتبع المنظمات والهيئات والجهات المانحة عدداً من الخطوات لاعتماد والموافقة على التمويل, مما يؤدي إلى طول فترة الحصول عليه, وهناك ثلاثة مراحل رئيسية لتشغيل برنامج التمويل, أولاً يتطلب برنامج التمويل ذاته إذناً محدد من خلال التشريع والتنظيم, ثانياً, سوف يتطلب نظاماً لاختيار المستفيد المناسب وتخصيص الأموال, ثالثاً ينبغي أن يكون لها أسس علمية لتقييم ولرصد كيفية استخدام المتلقي للأموال. وعموماً يجب على الجهة المسؤولة إنشاء الأنظمة التي تؤدي إلى تسريع عملية تقديم المنح منها تحديد العمليات الإدارية (أحكام تطبيق والمواعيد النهائية, وإجراءات الطعن), وتحديد الأنشطة المؤهلة للحصول على المساعدات, والمدة والتخلص من المساعدة, ومطابقة متطلبات الصندوق وغيرها من الالتزمات, وعملية رصد واستعراض تحديد الأداء (Robert, 2006, P.78).
11.1.3 عدم وجود محفزات للجهات الداعمة:
  لعل عدم وجود خطة دقيقة لتحفيز الجهات الداعمة المحلية والدولية يعد من معوقات وتحديات توفير تمويل الحفاظ على التراث العمراني, لذلك يجب على الحكومات تقديم مجموعة متنوعة من التحفيزات للجهات الداعمة, وتشجيع الاستثمار الأجنبي, ولفت انتباه المجتمع الدولي بأهمية التراث الوطني وحاجته للتمويل من أجل بقائه للأجيال القادمة, وهذا يتطلب وجود خطة لترويج أهمية التراث.
12.1.3 عدم وجود خطة للترويج:
  أيضاً من القضايا الرئيسية التي تواجه تمويل التراث العمراني عدم وجود خطة لترويج التراث وإظهار أهميته على المستوى المحلي والدولي, وتوعية الجهات الداعمة بمهددات وتحديات بقاء التراث وضرورة تقديم الدعم المالي له.
2.3 الإطار الإستراتيجي:
   بعدما تناولنا فيما سبق قضايا وتحديات تمويل التراث العمراني, وتناولنا آليات المعالجة وصياغة الحلول, نتحدث فيما يلي عن وضع إطار إستراتيجي مبدئي لحماية التراث العمراني يعتمد في الأساس على العناصر الأساسية لحماية حفظ وصون التراث العمراني, ويسعى هذا الإطار إلى:
  • تحديد ووضع الأولويات المتفق عليها عالمياً لحماية التراث العمراني, والتي سوف تساعد المجتمعات المحلية والهيئات والمؤسسات لتطوير خطط العمل القائمة حول مجموعة مشتركة من الأهداف, والتي سوف تساعد في زيادة التعاون والشراكة, والحد من الازدواجية ومعالجة الثغرات وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات.
  • تعزيز التعاون على نطاق تنسيق الموارد المالية الشحيحة لمعالجة تلك الأولويات, وأخذ قضايا التمويل بعين الاعتبار.
  • تقديم إطار عمل مشترك يمكن من خلاله بلورت جهود كل الأطراف سواء الحكومية أو القطاع الخاص في الحماية, من خلال تحديد القضايا ذات الأولوية وتعزيز تطوير الإستراتيجيات وخطط العمل.
وفيما يلي نتناول ثلاثة عشر عنصراً أساسياً لبناء الإطار الإستراتيجي:
1.2.3 تنسيق الدعم:
  يقوم عدد من الدول بتفويض المسئولية عن حفظ وحماية التراث العمراني لعدد من الوكالات التابعة للدولة, مما ينتج عنه إزدواجية للجهود وهذا يتناقض مع محدودية الموارد المتاحة, لذلك من المهم ضمان عدم وجود إزدواجية للجهود وأن جميع الأطراف المعنية تعمل معاً بطريقة منظمة ومتماسكة. كما أن هناك تناقضات في الطريقة التي يتم بها تحديد الهياكل المدرجة في سجل المنشآت المحمية وهذه التناقضات يكون لها تأثير على إدراة مخططات المنح في مختلف أنحاء الدولة. على سبيل المثال, يستند مبدأ تخصيص التمويل للسلطات المحلية على عدد من الهياكل المحمية في منطقة معينة والهياكل المحمية فقط هي المؤهلة للحصول على الدعم, ومع ذلك تشير الأدلة بأن هناك اختلافات واسعة بين مستويات التمويل المتاحة للهياكل المحمية في مناطق السلطة المحلية المختلفة, وبالتالي فمن المتصور أن يكون هناك جزء غير مستخدم من التمويل في بعض المناطق, مع وجود طلب مفرط في مناطق أخرى, وهناك أيضاً تناقضات في شروط الدعم, ورصد الأعمال, ومستويات التمويل, والحصول على منح المعونة والمعلومات في خطط أخرى (Michael, 2003).
   وتشير النتائج إلى ضرورة التنسيق وإنشاء خطوط رسمية للاتصال والتعاون بين جميع الوكالات العاملة في هذا القطاع, ومنها, تقديم لمحة عامة عن مواقع التراث والتي من شأنها أن تساعد في تحديد الثغرات ومجالات الازدواجية, ووضع الأولويات الوطنية والإقليمية, وتحقيق مستويات أعلى من الحفظ, وخفض التكاليف الإدارية وتسهيل نقل المنح غير المستغلة بين مختلف مناطق السلطة المحلية.
2.2.3  تسجيل وتوثيق المباني والمواقع التراثية:
  يعد تسجيل وتوثيق المباني والمواقع التراثية في غاية الأهمية لحمايتها؛ لأنها تساعد على حصر تلك المباني ودراستها وتصنيفها على حسب احتياجها لأعمال الصيانة, فهناك مواقع تراثية قائمة ولكنها تحتاج إلى مساعدة من أجل الحفاظ على سلامتها, ومواقع تراثية مهددة بالفعل. وتوجد عدة طرق مختلفة لتوثيق وتسجيل البيئات التراثية تتم منفردة أو بصورة متكاملة منها: المساحة التصويرية (Photogrammetric), والاستشعار عن بعد (Remote Sensing), ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS), والمساحة المستوية (Land Survey), ونظم المعلومات الجغرافية (GIS) (راشد, 2002). فيجب إنشاء قاعدة بيانات حاسوبية لتوثيق وتسجيل التراث العمراني ويجب أن تعتمد في الأساس على النقاط التالية:
  • اعتماد أفضل الطرق والأساليب الحديثة في تسجيل وتوثيق المباني والمواقع التراثية.
  • أخذ العوامل الاجتماعية والمكانية بعين الاعتبار عند التسجيل والتوثيق.
3.2.3 دقة تصنيف التراث العمراني:
   يجب ترتيب وتصنيف التراث العمراني بطريقة ممنهجة ودقيقة تعتمد اعتماداً أساسياً على معايير وأسس علمية وعملية للمباني والمواقع التراثية ومن ثم ترتيبها ترتيباً علمياً دقيقاً بحيث يمكن التعامل معها وفق هذا الترتيب وتقديم المساعدات المالية والفنية اللازمة للحفاظ والترميم وصيانتها, ولعل دقة ومنهجية التصنيف تساعد على تحقيق هدفيين أساسيين لحفظ التراث العمراني وهما:
  • الأول: تحقيق التنمية العمرانية المستدامة لمواقع ومباني التراث العمراني والإسهام في تحقيق استمرارية التراث ومنع تدهوره للوصول إلى تنمية مستدامة على المستوى الوطني والدولي.
  • الثاني: توجيه التمويل للأماكن الأكثر عرضه للخطر والأكثر أهمية تاريخية.
ولعل الوعي بالمبادئ الأساسية لتصنيف المباني التراثية يحقق التوازن بين قيمة المباني وعملية الحفاظ, فعلى مدى عدد من السنوات أهمل عدد من المباني التراثية التي تحمل مجموعة من القيم التاريخية والعمرانية والاجتماعية والدينية لعشرات السنين إلى أن تهدمت تماماً في حين يحظى بعض المباني الأقل أهمية والأحداث تاريخياً والأقل قيمة بالاهتمام والتمويل والدعم الفني. ونظراً لاختلاف قيمة المباني التراثية من منطقة إلى أخرى ومن دولة لأخرى لذا يجب على الحكومات والجهات المعنية أن تضع معايير وأسس تتفق مع القيمة التاريخية للمباني ويمكن تحقيق هذا من خلال:
  • توثيق وتسجيل جميع المباني التاريخية وتصنيفها من حيث قيمتها التاريخية والعمرانية والاجتماعية.
  • تحديد العناصر الأساسية للتراث العمراني داخل الدولة وبكل منطقة مع الأخذ في الاعتبار العناصر البيئية والثقافية المحلية المشتركة والتي تسهم في تشكيل الطابع العمراني بكل منطقة ومدينة مما يساعد على تحديد قيمها المختلفة.
4.2.3 تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في التراث العمراني:
   من الأهمية أن يشمل الإطار الإستراتيجي وضع خطة فعالة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار وتمويل حفظ وحماية التراث العمراني, وهناك نوعان من الطرق الرئيسية التي يمكن للحكومات أن تتخذها لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في التراث العمراني, الأول ينطوي على سياسات وتدابير لتحفيز القطاع الخاص على الاسثمار في التراث العمراني وهو ما يسمى بالنهج الديناميكي, والثاني مستمد من حقيقة أنه بدون الدعم الحكومي, قد يقرر القطاع الخاص بأنه ليس هناك ما يبرر الاستثمار اقتصادياً, وبالتالي خلق الحاجة إلى حوافز وإعانات مالية وهذا ما يسمى بنهج الدعم. (Robert, 2006, p.14). وهذا يكون فعال في تشجيع الاستثمار, على سبيل المثال, اعتمدت بعض الدول آليات لسياسات تركز على المجالات ذات الاهتمام المعماري والثقافي والتاريخي, وذلك باستخدام شكل من أشكال الشراكة مع القطاع الخاص من أجل الحصول على الأموال اللازمة لحفظ التراث. وتشير الدلائل والدراسات إلى أن مثل هذه البرامج يمكن أن تولد ستة أضعاف الاستثمار العام, من خلال شركاء القطاع الخاص أو من مصادر أخرى.
5.2.3 زيادة الوعي:
   هناك عدد من العقبات التي تعترض مشاريع الحفظ والترميم وإعادة التأهيل من قبل القطاع العام تنبع إما من نقص في الهياكل الإدارية المناسبة أو من تعقيد لا لزوم له، أو عدم الاهتمام بتوعية المجتمع المحلي, ولعل وضع سياسة ملائمة لزيادة الوعي أمر ضروري لتشجيع الملاك والمطورين للاستثمار في مجال الحفظ وإعادة التأهيل, كما أن مثل هذه السياسات تؤكد للمستثمرين على القيمة الاقتصادية المحتملة من حماية الأصول التراثية، الأمر الذي يجعل من الممكن استخدام الموارد المتاحة وتجنب "إضاعة" الأصول. لذلك يجب وضع خطة لزيادة الوعي داخل المجتمع لحماية التراث العمراني من خلال:
  • اعتماد إستراتيجيات الوعي المعلوماتي، والتي يمكن أن تكون حافزاً مهماً من مصلحة المجتمع في تعزيز سبل الحماية، والدعم السياسي، والحفاظ على التراث.
  • عدم وقوف هذه الخطة على تعزيز الوعي فقط بل يجب أن تشمل المشاركة المجتمعية الفعلية في حماية التراث العمراني.
6.2.3 المشاركة المجتمعية:
   تعد المشاركة المجتمعية من أهم مبادئ عمليات الحفاظ على التراث العمراني وذلك للأسباب التالية (الخضراوي, 2003: ص24):
  • إسهامها الفعال والمؤثر في توعية الناس بأهمية عمليات الحفاظ على التراث العمراني وفوائدها.
  • دورها في جعل عملية الحفاظ على التراث العمراني والمواقع التي تتم المحافظة عليها جزء من حياة الناس مما يسهل عملية المحافظة عليها وصيانتها وعدم تخريبها والشعور بأنها ملك لهم وليست مجرد مشاريع دخيلة.
  • تسهم عملية المشاركة المجتمعية في معرفة حاجات الناس الفعلية في مواقع الحفاظ على التراث العمراني ومطالبهم ومحاولة تلبيتها من خلال مشاريع الحفاظ.
7.2.3 التحالف الإستراتيجي من أجل حماية التراث:
  يمكننا أن نستخدم مفهوم التحالف الاستراتيجي لحماية وحفظ التراث العمراني ولإيجاد التمويل اللازم لعمليات الحفاظ على المباني والمواقع التراثية, فيمكن لشركتين أو منظمتين أن يقيما علاقة تعاون لتمويل مشروع معين. ويمكننا أن نحدد ثلاثة شروط لإنجاح هذا التحالف الاستراتيجي, الشرط الأول وجود مشروع محدد يحتاج إلى تمويل والشرط الثاني وجود علاقة بين الطرفين تكون مبنية على تبادل المعلومات والخبرات والتقنيات من أجل تحقيق أهداف التحالف, والشرط الثالث وجود عقد ملزم للطرفين يلتزم من خلاله كل طرف بأداء المهام الموكلة إليه وبتقديم التمويل المتفق عليه.
8.2.3 دعم المشروعات الثنائية:
  تعد المشروعات الثنائية في غاية الأهمية لتوفير الدعم المالي اللازم خصوصاً لو كان المبلغ المالي كبيراً, وهي تقوم في الأساس على الاشتراك والتعاون بين جهة داعمة وأخرى, وقد تكون بين جهة حكومية وأخرى خاصة أو جهة محلية مع جهة دولية, ويعد دعم المشروعات مهم لتخفيف عبء الدعم, والإسهام في توفير التمويل اللازم, ومن ثم الإسهام في الحفاظ على التراث العمراني, لذلك يجب على الحكومات تشجيع المشروعات الثنائية لتوفير الدعم المالي.
9.2.3 التعاون الثنائي بين الدول:
   يعرف التعاون الثنائي بين الدول بأنه تقديم مساعدات متبادلة بين دولتين تقوم فيها دولة غنية بمساعدة دولة نامية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية وغيرها, ومن أمثلة على ذلك ما تقدم به ألمانيا من خلال المؤسسة الألمانية للتنمية الدولية بدعم الدول النامية, وإنجلترا من خلال وزارة التنمية لما وراء البحار, وكندا من خلال الهيئة الكندية للتنمية, والدنمارك من خلال الهيئة الدانمركية للتعاون, والولايات الأمريكية من خلال الهيئة الأمريكية الدولية للمساعدات (خليل, 2003, ص139).
10.2.3 التنسيق والشراكة:
  تسمح شراكات التمويل بالجمع بين مختلف مستويات الحكومة مع أصحاب المصلحة الآخرين من منظمات غير حكومية وهيئات غير هادفة للربح, وكيانات وشركات وأجزاء أخرى من القطاع الخاص من المشاركة في مخاطر وعوائد إستراتيجيات الحفاظ على التراث العمراني, وتعرف الشراكة بأنها "التفاهم بين أطراف مختلفة على العمل بصورة مشتركة بغية إنجاز مهمة معينة, ذلك عبر جمع ودمج الخبرات والتخصصات اللازمة والمتوافرة لمعالجة مشكلة ما, ولتحقيق ذلك تركز أطر الشراكة على النتائج, في حين تستخدم الموارد والصلاحيات في شكل تعاون متكامل, ويتم تصميم أطر الشراكة بهدف توزيع الأعمال والمخاطر بين الأطراف المختلفة وذلك حسب القدرات والخبرات المتوافرة" (جمال, وسليمان, 2000) (Adsetts, 1989, P.7). ومن أجل الإحاطة بعملية الشراكة لابد من اتخاذ مجموعة من الإجراءات الأساسية التي تمكن من اجتياز الحواجز الموجودة مثل: توفير البيئة الاجتماعية والسياسية التي تشجع المستثمر, وتوفير المعلومات الخاصة بشروط الاستثمار, وإقامة مناخ ملائم لتنيمة الشراكة, واتخاذ إجراءات من شأنها دعم المستثمرين وأن تكون أكثر جاذبية من تلك المعروضة.
وتتطلب الشراكة تطبيق مبادئ الانفتاح والشفافية, ودقة تحديد الأهداف وتأسيس القرار على تفاوض ومعلومات دقيقة, ونشر الوعي بأهميتها, وتحديد الاحتياجات وحصر الموارد والأنشطة وتصميم المشروع وإدارة برنامج الشراكة بالصورة المثلى التي تحقق الأهداف المرجوة من الشراكة (جمال, وسليمان, 2000). وهناك أنواع مختلفة من الشراكة منها الشراكة مع الدول الأجنبية, والشراكة مع القطاع الخاص, والشراكة مع المنظمات الدولية المانحة, ويجب على الدول التي هي في طريقها إلى إيجاد شراكات دولية هادفة:
  • وضع ميزانية مالية محددة وبرامج تنمية وتطوير محددة بدقة.
  • حصر المناطق التراثية التي تحتاج إلى تمويل. 
  • الاستعداد للمشاركة الفعلية في تحقيق أهداف الشراكة والتعاون في التنفيذ والإدارة.
  • الاستعداد أيضاً في الاستثمار المشترك.
11.2.3 تقديم المساعدة التقنية:
   توفير المعرفة والمساعدة التقنية يعد أداة مهمة لحفظ التراث, ويمكن توفيرها لمالكي العقارات من قبل الأشخاص ذوي المهارات والخبرات ذات الصلة, إما مجاناً أو لقاء رسوم مدعومة, ويمكن تقديم الخدمات من قبل المؤسسات الحكومية أو غير الحكومية.
3.2.12الإعلام التمويلي:
يجب على الحكومات وخلال وضع إستراتيجيات حماية وحفظ التراث العمراني أن تضع خطة للإعلام التمويلي تركز على توعية المجتمعات المحلية بأهمية التراث, وإظهار أهمية التراث العمراني للمجتمع الدولي, وضرورة توفير الدعم المالي.
13.2.3 وضع إطار قانوني مناسب:
  يجب وضع إطار قانوني مناسب لتوفير المعايير والأسس القانونية لدعم تمويل مشاريع حفظ وصيانة التراث العمراني من مباني ومواقع تراثية, ويجب أن يعتمد هذا الإطار على:
  • إقرار ووضع قانون خاص بحماية التراث العمراني وتنميته.
  • وضع الأسس القانونية لتمويل مشاريع حفظ التراث العمراني.
  • تحفيز وجذب الاستثمار الأجنبي.
الخاتمة والتوصيات:
   رأينا فيما سبق عدداً من القضايا الرئيسية لتمويل التراث العمراني والتي شملت أهم التحديات التي تقف كحجر عثرة أمام تقدم مشاريع حفظ وحماية المباني والمواقع التراثية, من خلال تناول مفهوم التراث العمراني وتصنيفه وأهميته وسياسات الحفاظ عليه والقوانين والتشريعات الدولية والوطنية التي اهتمت ببقائه وتنميته. وأيضاً تم تناول أشكال وتعريف تمويل التراث العمراني ومحدودية التمويل الحكومي والبدائل المناسبة. إلى أن تم عرض قضايا التمويل وصياغة الحلول العملية اللازمة لمعالجة تلك القضايا, ووضع تصور لإطار إستراتيجي من أجل حماية وحفظ التراث العمراني, وفيما يلي يعرض الباحث أهم استنتاجات الدراسة وتوصياتها:
الاستنتاجات:
  • يساعد الحفاظ على التراث العمراني على تحقيق الصالح العام حيث إنه يسهم في وقاية الممتلكات الثقافية والتاريخية, ويساعد على حماية المال والصالح العام, ويسهم في تحسين نوعية الحياة, وتقديم الدعم الإداري والتشغيلي, والشعور بالانتماء. كما أنه يحقق التنمية الاقتصادية وتحريك عجلة النمو والتقدم وتحقيق التنمية المستدامة.
  • يعد مفهوم التراث العمراني مفهوم حديث نسبياً بالمقارنة مع أنواع أخرى من التراث, بالإضافة إلى أنه يقوم على نهج معقد يدمج كلاً من المفاهيم المألوفة من التراث بمفاهيم أخرى أكثر تعقيداً مثل الحفاظ والترميم والتجديد والصيانة وغيرها, كما أنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبعد الاقتصادي والاجتماعي داخل المجتمع.
  • هناك فهم خاطئ لمفهوم التراث العمراني يتمثل في قصر المفهوم على المعابد والمباني الدينية والتاريخية والقصور والقلاع والحصون والأسوار التاريخية والبوابات والأنواع الأخرى للمباني التاريخية دون غيرها من مواقع ومدن تاريخية.
  • يؤدي التراث العمراني بالإضافة إلى الأشكال الأخرى للتراث دوراً رئيسياً في التنمية المحلية, وهذا يتطلب إعادة تعريف مفهوم التراث العمراني من أجل تقييم الواقع الاقتصادي والاجتماعي المؤثر على أساليب إدارة التراث العمراني, كما أنه يتصل بتنفيذ مبادئ التنمية المستدامة.
  • مفهوم الحفاظ على التراث العمراني يشمل جميع عمليات الحفاظ التي تتم للمباني التاريخية أو المناطق ذات القيمة الأثرية وعلى جميع ما تحتويه من مبان ذات أهمية أو منشآت معينة أو بيئة عمرانية مميزة أو نسيج عمراني فريد, ويمكن تحقيق عملية الحفاظ اللازمة لكل ما هو ذو قيمة تراثية مرتبط بالمبنى الأثري باستخدام أحداث الأساليب والطرق, وتوفير الدعم المالي والتقني لتنفيذ أعمال الصيانة والحفظ اللازمة للمباني والمواقع الأثرية.
  • تسمح سياسات الحفاظ على التراث العمراني من صيانة وترميم وتكييف وإعادة استخدام وإعادة تشكيل وإحياء وتجديد للتراث العمراني لتحقيق فوائد جمالية وبيئية واقتصادية. كما أنها تتيح الفرص أمام القائمين على عمليات الحفاظ في اختيار الأسلوب المناسب والتعامل مع التحدي الإبداعي في إيجاد السبل المناسبة لتلبية المتطلبات العمرانية للموقع الأثري بحيث تكون آمنة ودائمة ومفيدة من جهة, والإبقاء على طابعها التاريخي والمعماري من جهة أخرى, كما أن الإدارة السليمة للتراث العمرني من خلال السياسات المختلفة للمحافظة عليه تعد أمراً ضرورياً كجزء من الجهود العالمية الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة.
  • هناك عدد من العوامل التي أدت إلى تدهور مناطق التراث العمراني منها عوامل طبيعية وبشرية واجتماعية واقتصادية وثقافية وعمرانية وإدارية, كما أن التهديدات المناخية لتغير المناخ والتي تشمل الفيضانات وزيادة الظواهر الجوية العنيفة والتصحر وتدهور التربة المتجمدة واضمحلال المناطر الطبيعية الثقافية تؤثر تأثيراً مباشراً على بقاء وحفظ التراث العمراني.
  • التمويل الحكومي محدد بأهمية المشروع للمجتمع مما يتأثر بقرارات الدولة من استمرار أو وقف للمشروع, كما أن العجز الحاد في الموارد المالية الحكومية يؤدي إلى عدم وجود التمويل الكافي لتمويل مشروعات ترميم وحفظ وصيانة التراث العمراني بالإضافة إلى تكلفتها الكبيرة نسبياً. 
  • هناك عدد من البدائل المناسبة لتمويل التراث العمراني منها الحوافز والتدابيير الضريبية لصالح المحافظة على التراث, ومشاركة المنظمات غير الحكومية, ومشاركة القطاع الخاص, والشركات الخاصة, والتمويل الذاتي, والمنظمات الدولية والإقليمية الداعمة لحفظ التراث.
  • تستنتج هذه الدراسة مجموعة من قضايا تمويل التراث العمراني من أهمها تحديات التمويل الحكومي وعوائق تمويل القطاع الخاص, وعدم الرغبة في تقديم المساعدات, وعدم وجود خطة ممنهجة لتحديد الاحتياجات التمويلية, وعدم وضع تقدير فعال لتكاليف المشروع, وعدم تجنب التكاليف غير الضرورية, وعدم تصنيف المباني التاريخية, والقدرة المحدودة لسوق العقارات, وازدواجية الدعم, وعدم وجود خطة للترويج, وبطء علمية تقديم التمويل, وعدم وجود محفزات استثمارية للجهات الداعمة.
التوصيات:
  • يجب مواجهة متطلبات التمويل المتزايدة ومعالجة قضايا التمويل المختلفة, من خلال إيجاد حلول جديدة متطورة, مثل سد عجز التمويل, وزيادة حجمه, وترشيد الوسائل لاستخدام أكثر كفاءة للأصول المتاحة.
  • إيجاد بدائل مناسبة للتمويل, وإشراك المجتمع المدني من منظمات غير حكومية وغير هادفة للربح, وإيجاد أرضية مشتركة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص, وتعزيز المشاركة المجتمعية.
  • يجب تعزيز الموارد المالية للتراث العمراني من حيث الحصول على التمويل وترشيده وضمانه في المستقبل, وتحسين الاتصال بين أصحاب المصلحة للمشاركة, وبالتالي الاهتمام بالسياسة المستقبلية والتخطيط الإستراتيجي المستقبلي لتمويل التراث.
  • تشجيع قدرة المواقع التراثية على توليد الإيرادات الخاصة بها, ويكون من المناسب أن يتمثل هذا التشجيع الحكومي من خلال تقديم دعم قصير أو طويل الأجل وكذلك منح قصيرة للتغلب على بعض العقبات المعينة في الوقت الحالي.
  • عدد من المواقع التراثية تحتاج إلى مساعدة من قبل الحكومات لتمكين المواقع التراثية من تحديد واستغلال هذه الفرص حيث إن عدد من مواقع ومبانٍ التراث العمراني غير مستغلة حتى الآن بالرغم من توفير الإمكانيات التجارية وخاصة في مجال السياحة.
  • يجب تكوين فريق عمل لدراسة الحوافز وغيرها من أدوات السياسة لتعزيز المحافظة على التراث العمراني بما يتناسب مع متطلبات المجتمع المحلي, ووضع توصيات بشأن تطبيق هذه الأدوات على أكمل وجه.
  • إنشاء مركز لتسهيل التعاون والتنسيق بين جميع الوكالات والجهات التي تقدم دعماً للتراث العمراني تحت رعاية وزارة الثقافة والحكومة المحلية ووزارة المالية, بحيث يهدف هذا المركز التوصل إلى نهج متسق لمعايير الحماية والحفظ ومراقبة معايير الجودة والمساواة في الفرص والدعم المالي.
  • يجب تعزيز قيم التحالف الإستراتيجي والتعاون الثنائي بين الدول وتشجيع إقامة المشاريع الثنائية, وإقامة شراكة واسعة بين مختلف الجهات المسئولة عن حفظ وصون التراث العمراني.
  • يجب إنشاء قاعدة بيانات حاسوبية لتوثيق وتسجيل التراث العمراني, ويجب أن تعتمد على اختيار أفضل الطرق والأساليب الحديثة في التسجيل, وأخذ العوامل الاجتماعية والمكانية بعين الاعتبار عند التسجيل والتوثيق.
  • يجب إدخال تدابير جديدة لزيادة الوعي المجتمعي وتعزيز المشاركة المجتمعية وتشجيع أصحاب المصلحة والمهنيين والجمهور العام لحماية التراث العمراني.
  • جميع الأدبيات المتعلقة بنظم تطبيق التمويل والإجراءات الإدارية لمنح المساعدات وتقديم الحوافز المالية الأخرى ينبغي أن تكون واضحة وشاملة وسهلة الفهم.
قائمة المراجع:
مراجع باللغة العربية:
  1. أبرهيم, وحيد زكريا, و شديد, منال (2006). "تأثير تجديد المباني ذات القيمة التاريخية على تجديد الفراغات الحضرية المتاخمة لمها, مؤتمر قسم الهندسة المعمارية, كلية الهندسة, جامعة القاهرة, المؤتمر الدولي الثالث, القاهرة.
  2. أبو غزالة, أسعد (2012). "الأبعاد الاقتصادية لتصنيف وترتيب المباني التراثية والحفاظ عليها نحو مدخل لتفعيل التنمية المستدامة للمدن التاريخية", منشورات المؤتمر والمعرض الدولي الثالث للحفاظ على التراث العمراني, دبي, 17-19 ديسمبر.
  3. أنيس, أحمد رجائي (2008). "تقييم المباني التراثية", ورقة بحثية, جمعية خبراء التقييم العقاري, القاهرة.
  4. توفيق, طارق محمد (2004). "منهجية استخدام الحاسب الآلي في دراسة وتحليل العطاءات في مصر", رسالة ماجستير, هندسة حلوان, القاهرة.
  5. جمال, أحمد و سليمان, منى (2000). "الشراكة والتنمية الحضرية المستدامة للبيئات التراثية بين الواقع والطموح, رؤية مستقبلية لمنطقة القاهرة القبطية".
  6. حسن,  محمود حسن (1997). "أحياء المناطق التاريخية من خلال إعادة توظيفها, دراسة تطبيقية للمنطقة التاريخية برشيد", رسالة ماجستير, كلية التخطيط العمراني, جامعة القاهرة.
  7. حواس, سهير زكي (2002). "القاهرة الخديوية", مركز التصميمات المعمارية, الطبعة الأولى, القاهرة, مصر.
  8. الخضراوي, ريهام كامل (2003). "الحفاظ على التراث العمراني لتحقيق التنمية السياحية المستدامة من خلال مؤسسات المجتمع المدني – دراسة حالة واحة سيوه", رسالة ماجستير, كلية الهندسة, جامعة عين شمس, مصر.
  9. خضير, أحمد طلعت (2010). "دور هندسة القيمة وآثره في خفض التكاليف الكلية لمشروعات التشيد", رسالة ماجستير, جامعة حلوان, القاهرة.
  10. خليل, رانيا فوزي (2003). "مشروعات التنمية المتواصلة للارتقاء بالمناطق العمرانية المتدهوة في مصر", رسالة دكتوراه, كلية الهندسة بالمطرية, جامعة حلوان, القاهرة.
  11. الدواخلي, أماني (1996). "التلوث البيئي وإنعكاسه على المدينة الإسلامية القديمة"و ماجستير غير منشور, كلية التخطيط, جامعة القاهرة.
  12. راشد, أحمد يحيي (2002). "استدامة البيئات التراثية: توثيق العمران التراث كمدخل لعملية الحفاظ – دراسة لقلعة الرميلة بمدينة العين".
  13. سالم, منير محمود (2000). "محاسبة التكاليف بين النظرية والتطبيق", مكتبة جامعة عين شمس, القاهرة.
  14. سعادة, أيمن عزمي جبران (2009). "آليات تفعيل المشاركة الشعبية في مشاريع الحفاظ المعماري والعمراني – حالة دراسية للضفة الغربية", رسالة ماجستير, جامعة النجاح الوطنية, نابلس, فلسطين.
  15. سعد, كواكب (1984). "منبر المسجد الأقصى", ضمن دراسات في تاريخ وآثار فلسطين, جامعة حلب, المجلد الأول.
  16. السلفي, جميل والبس, عبد الحميد أحمد (2003). "الصيانة والترميم كوسيلة لحفظ التراث العمراني التجربة السعودية", مؤتمر انتربيلد الدولي العاشر للبناء والتشييد, القاهرة, مصر.
  17. السمادوني, عادل (1993). "دورة في دراسة وتحليل العطاءات", مكتبة كلية الهندسة المطرية جامعة حلوان, جامعة القاهر.
  18. شاهين, عبد المعز (1975). "طرق صيانة وترميم الآثار والمقتنيات الفنية", الهيئة المصرية للكتاب, مصر.
  19. الشحات, أحمد محمود (2003) "الإستدامة في مشروعات الحفاظ العمراني والمعماري", رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة القاهرة, كلية الهندسة, قسم الهندسة المعمارية, القاهرة.
  20. الشريف, عمران أحمد (2008). "صيانة وترميم المعالم الأثرية", ندوة الاتجاهات المعاصرة في إدارة التراث الثقافي, مراكش, المغرب.
  21. الطويل, حاتم عبد المنعم, إعادة تأهيل المركز التقليدية للمدينة العربية التجربة اللبنانية, حالة دراسية, جامعة بيروت, لبنان.
  22. عاشور, كتوش, حاج, فورين (2006). "دور الاعتماد المستندي في تمويل التجارة الخارجية" منشورات الملتقى الدولي حول سياسات التمويل وأثرها على الاقتصاديات والمؤسسات النامية, جامعة بسكرة, الجزائر, 21-22 نوفمبر.
  23. عباس, ناهد نجا (2006). "النمو العمراني للمدن المصرية وتأثيره على المناطق الأثرية", رسالة دكتوراه, كلية الهندسة, جامعة طنطا, مصر.
  24. عبد الحميد, عبد المطلب (2001). "التمويل المحلي والتنمية المحلية", الدار الجامعية, الاسكندرية, مصر.
  25. عبد الرحمن, أماني سيد (2003). "المواثيق والتوصيات الدولية للتعامل مع التراث المعماري والعمراني, رسالة ماجستير, كلية الهندسة, جامعة القاهرة.
  26. عبد الفتاح, شهاب الدين محمد (2012). "إدارة تمويل مشروعات إعادة تأهيل المناطق التاريخية – دراسة حالة القاهرة التارخية", كلية الهندسة المطرية, جامعة حلوان, مصر.
  27. عبدالجواد, توفيق أحمد (1987). "العمارة الإسلامية فكر وحضارة", مكتبة الأنجلو المصرية, القاهرة, مصر.
  28. علام, أحمد وآخرون (1997). "تجديد الأحياء", مكتبة الأنجلو مصرية, القاهرة.
  29. عواد , أحمد (2007). "الإستدامة العمرانية في المناطق ذات القيمة التاريخية", رسالة ماجسيتر غير منشورة, كلية الهندسة بشبرا, جامعة بنا, مصر.
  30. غنيم, محمد صلاح الدين خيري (1992). "رصيد التغيرات في عمارة وعمران المناطق ذات القيمة الحضارية مع ذكر خاص لمدينة القاهرة, مدخل للحفاظ والتحكم, رسالة ماجستير, كلية الهندسة, جامعة القاهرة.
  31. فوزي, رانيا و شبكة, شاهدان أحمد (1959). "دور المنظمات الغير حكومية في تنمية المجتمعات العمرانية الجديدة" منشورات مؤتمر مستقبل المجتمعات العمرانية الجديدة, مركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية والهيئة العامة للتخطيط العمراني, مجلس وزراء الأسكان العرب, القاهرة.
  32. قاسم, شاوش لمياء (2005). "الأسواق المالية الناشئة مع دراسة حالة بورصة الجزائر" ماجستير, جامعة البليدة, الجزائر.
  33. اللحام, نسرين رفيق (1997) "الحفاظ على المباني التراثية وتوظيفها", رسالة ماجستير, كلية الهندسة, جامعة عين شمس, القاهرة. 
  34. محمد فكري, ونشوى صالح (2006). "تنظيم أدوار المشاركين في مشروعات الحفاظ على المباني والمناطق الأثرية", بحث مقدم في المؤتمر الدولي للمدن التراثية, الأقصر, مصر.
  35. مدبولي, مصطفى كمال (1992). "إعادة تأهيل المناطق المركزية ذات القيمة التاريخية في الدول النامية", دراسة حالة القاهرة, منطقة الدرب الأحمر, رسالة ماجستير, جامعة القاهرة, القاهرة, مصر.
  36. موسى, مجدي محمد و عبد الغني, جمال الدين (1991). "فلسفة البناء بمناطق الآثار" منشورات المؤتمر العلمي الأول, كلية الفنون الجميلة, جامعة حلوان.
  37. الورع, مأمون (1993). "دور المؤسسات التعليمية في الوثيق والحفاظ على المدينة الإسلامية القديمة", مؤتمر الحفاظ على التراث المعماري في الأردن والعالم العربي, جامعة الأردن, عمان.
  38. اليزل, سمير سيف (1988). "الترميم المعماري لإحياء التراث المعماري والفني", الدار الفنية للطباعة, القاهرة, مصر.
مراجع باللغة الإنجليزية:
  1. Adsetts, N. (1989). Partnership leads to citys rebirth in Development Review, V.1, N.10, p.7-8.
  2. Antolovic, J. (2001) Financing the protection and preservation of the architectural heritage: the Croatian experience, Proceedings of an international seminar organized by UNESCO under the theme of Management of Private Property in the Historic City Centers of European Countries in Transition, Bucharest, omania, 25-29 April 2001.
  3. Augustin Colette et.al, (2010) Case Studies on Climate Change and World Heritage, World Heritage Convention, UNESCO.
  4. Barber, T. (2000) Funding Heritage-Led Regeneration, Context, No. 68 (December), pp. 16-18.
  5. Barr, S. (2008). The Effects of Climate Change on Cultural Heritage in the Polar Regions. Petzet, M. and Ziesemer, J. (eds.), Heritage at Risk. ICOMOS World Report 2006/2007 on Monuments and Sites in Danger. < http://www.international.icomos.org/risk/world_report/2006-2007/index.htm> (accessed 29 October 2012).
  6. Beaumont, C. (1996) Smart States Better Communities. National Trust for Historic Preservation.
  7. Belinda Yuen, (2005). "Strengthening Urban Heritage In Singapore: Building Economic Competitiveness and Civic Identity", Global Urban Development, Vol 1, Issue 1.
  8. Benhamou, F. (1996) Is Increased Public Spending for the Preservation of Historic Monuments Inevitable? The French Case, Journal of Cultural Economics, Vol. 20, pp. 115-31.
  9. Benhamou, F. (1997) Conserving Historic Monuments in France: A Critique of Official Policies, in Hutter, M. and Rizzo, I. (eds) (1997) Economic Perspectives on Cultural Heritage, Macmillan, London, pp. 196-210.
  10. Blake, J.L. and Lowe, S. (1992) Using the Community Reinvestment Act in Low Income Historic Neighborhoods. National Trust for Historic Preservation, Information Series Number 56.
  11. Buissink, J. D., Ed. (1985) Aspects of urban renewal: report of an enquiry by questionnaire concerning the relation between urban renewal and economic development, The Hague: International Federation for Housing and Planning (IFHP).
  12. Cassar, M, (2005), Climate Change and the Historic Environment, London, English Heritage, ttp://www.ucl.ac.uk/sustainableheritage/research/climatechange/index.html.
  13. Costonis, J. (1997) The Redefinition of Property Rights as a Tool for Historic Preservation in Schuster, M., de Monchaux, J. and Riley, C.A. (eds), Preserving the Built Heritage: Tools for Implementation, Salzburg Seminar, University Press of New England, Hanover, NH.
  14. Delvac, W.F., Escherich, S. and Hartman, B. (1997) Affordable Housing through Historic Preservation  A Case Study Guide to Combining the Tax Credits. Government Publication, US Department of the Interior, National Parks Service, Cultural Resources, Heritage Preservation Services, National Trust for Historic Preservation.
  15. Denhez, M.C. (1981) “What Price Heritage?” Plan Canada, Vol. 21, No. 1, pp. 5-14.
  16. Drivas Jonas, (2006). Heritage Works: The use of historic buildings in regeneration: A toolkit of good practice, Royal Institution of Chartered Surveyors, British Property Federation, English Heritage and Drivas Jonas, London.
  17. Eggenkamp, W. (2002) Stadsherstel Amsterdam N.V., Annual Report, Amsterdam.
  18. Feilden, Bernard M, (1994). Conservation of historic buildings. London: Butterworth Architecture, p1.
  19. Fitch,James M., (1990), Historic preservation curatorial management of the built environment, University of Virginia press.
  20. Florian Steinberg, (1996). Conservation and Rehabilitation of Urban Heritage in Developing Countries, Habitatintl. Vol. 20, No. 3, pp. 463-475.
  21. Fritz, W. (1997) Foundations in Proceedings on Legal Structures of Private Sponsorship and Participation in the Protection and Maintenance of Monuments. ICOMOS. Weimar, Germany, 17-19 April 1997, pp. 16-21.
  22. Hill, J. (1997) The Company Structure in Proceedings on Legal Structures of Private Sponsorship and Participation in the Protection and Maintenance of Monuments. ICOMOS. Weimar, Germany, 17-19 April 1997, pp. 10-13.
  23. Howlett, M. (1991) Policy Instruments, Policy Styles and Policy Implementation: National Approaches to Theories of Instrumental Choice. Policy Studies Journal, Vol. 19, No. 2, pp. 1-21.
  24. Jean Luxen, (1987) New Budgetary and Financial Incentive Policies. Report of the York colloquy "Funding the architectural heritage" Architectural heritage reports and studies, No. 8, pp29.
  25. Jukka Jokilehto, (1999). A History of Architecture.
  26. Keaney, E. Art, (2005). Heritage and Civil Renewal: Do we have the right policies? IPPR, London.
  27. Kuper, Adam and Kuper, Jessica. (1996). ‘State’ in the Social Science Encyclopedia. London: Routledg, p. 835.
  28. Li Rui, (2008). Urban Heritage Conservation by GIS under Urban Renewal, A Case study of Hankou Historical District in Wuhan, China, 44th ISOCARP Congress.
  29. Marcon, C. (1999). “Adaptive Reuse of Heritage Buildings. Social Changes and Heritage Strategies” in Proceedings of The Heritage Canada Foundation Annual Conference, St. John’s, Newfoundland, 21-23 October 1999.
  30. Marston Fitch, J, (1998). Historic preservation. Curatorial Management of the Built World. University Press of Virginia, Charlottesville & London.
  31. Martin Hollands, (2003). "Securing Sustainable Financing for World Heritage Sites", Vth World Parks Congress: Sustainable Finance Stream, September 2003, Durban, South Africa.
  32. Michael Starrett, (2003). "Financial Support for Architectural Conservation in Ireland", The Heritage Council an Chomhairle Oidhreachta, pp10,From:http://www.heritagecouncil.ie/fileadmin/user_upload/Publications/Architecture/Funding_Architectural_Conservation_Ireland.pdf.
  33. Michelle L. Berenfeld, (2008) Climate Change and Cultural Heritage: Local Evidence, Global Responses, the George Wright Forum, Volume 25, Number 2. pp. 66:82.
  34. Plenderleith, H.J, (2000). The conservation of antiquities and works of art- treatment, repair and restoration, London, ox ford press, New York.
  35. RLAEDC, (2002). Definition utilized in Rebuilding Londons Future, Report of the London Assemblys Economic Development Committee, March 2002.
  36. Robert Pickard, (2006). Funding the architectural heritage: a guide to policies and examples, Council of Europe Publishing, from: http://book.coe.int/ftp/3255.pdf.
  37. Steven Tiesdelletal, (1996). Revitalizing Historic urban Quarters.
  38. United Nations, (1992). United Nations Framework Convention on Climate Change. United Nations.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا