التسميات

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2017

ارتفاع نسبة الملوثات في ترسبات نهر دجلة في مدينة بغداد ...


ارتفاع نسبة الملوثات في ترسبات نهر دجلة

في مدينة بغداد

الدكتور اسحق صالح العكام

أنفال سعيد داود
قسم الجغرافية كلية التربية للبنات

قسم الجغرافية -  كلية الآداب
جامعة بغداد

جامعة بغداد

مجلة كلية الآداب جامعة بغداد - العدد 96  - 2011 - ص ص 198 - 215:                    
المقدمة:
      مما لا شك فيه للتحضر مؤثرات بيئية، سواء في استنزاف الموارد الطبيعية أو الآثار البيئية الناتجة من هذه العملية وينعكس ذلك على التوازن البيئيوتتعرض مياه نهر دجلة إلى تأثيرات هذا الاختلال في التوازن إذ تزداد نسبة المركبات فيه بتراكيز غير اعتيادية ناتجة من المخلفات المطروحة بشكل مباشر إلى النهر، والجدير بالذكر أن هذه المخلفات والملوثات تتركز في مواقع ترسيبية في المجرى ، ففي السنوات العشرون الأخيرة تعرض نهر دجلة إلى أزمة مائية متمثلة في انخفاض ملحوظ في التصاريف السنوية والشهرية وأثر ذلك على انخفاض مناسيب النهر مما ولد مناطق غير اعتيادية تتجمع فيها الرواسب وهي بدورها تجذب الكثير من الملوثات
وتصبح حاملة لها وبمرور الوقت ترتفع تراكيز الملوثات في هذه التجمعات الرسوبية .
    تتحدد الدراسة بنهر دجلة في مدينة بغداد وبالتحديد التوائات شمال بغداد والمتمثلة بثلاثة ثنيات (الكريعات والأعظمية والعطيفيةلأنها تحتوي تجمعات رسوبية غير متوافقة في مواقعها ،حيث حاولت الدراسة تحديد سبب تركز الرواسب في هذه المناطق وأنواع الملوثات التي تتركز في هذه الرواسب بالإضافة إلى أسباب التلوث الحاصل لها من خلال الدراسة الميدانية وتحليل عينات المياه ومقارنتها بتحاليل نهر دجلة

عوامل الترسيب النهري
   يمثل التصريف النهري وحجم الحمولة النهرية من أكثر العوامل التي تؤثر على الترسيب في نهر دجلة آذ يمتاز نهر دجلة بتفاوت تصاريفة من سنة إلى أخرى معتمد في ذلك على السنة المائية ، وهذه الحالة تنطبق على التصاريف الشهرية للنهر آذ نجد ذروة التصريف تحدث في شهر (آذار ونيسان ومايسمعتمداً على تساقط الأمطار وذوبان الثلوج في منبع نهر دجلة جدول رقم (1).
    اتجهت تصاريف نهر دجلة خلال الفترة الأخيرة وبالأخص العشرون سنة الماضية نحو الانخفاض بشكل ملحوظ وهو انعكاس لحالة الجفاف السائدة في المنطقة وأصبحت المعدلات السنوية للتصاريف دون المعدل العام الشكل رقم(1).
جدول (1) معدل تصريف نهر دجلة للمدة 1930 – 2008
م/ثا
الشهر
معدل التصريف م/ثا
تشرين أول
453
تشرين ثاني
565
كانون أول
686
كانون ثاني
855
شباط
1110
آذار
1502
نيسان
1938
مايس
1889
حزيران
1226
تموز
719
أب
527
أيلول
455
المعدل السنوي
992
المصدروزارة الموارد المائية ،الهيئة العامة للسدود والخزانات،قسم المدلولات المائية ،بيانات غير منشورة، سنة 2009.

    وأثر انخفاض التصاريف بشكل واضح على مناسيب النهر التي هي الأخرى انخفضت وأصبحت دون المعدلات السنوية السابقة آذ انخفضت إلى أكثر من 27م بعد أن كانت 30م فوق مستوى سطح البحر أي بانخفاض 3م في المجرى وهو انعكاس واضح لقلة التصريف في نهر دجلة شكل رقم (2) وهذا يعني تغييراً كلياً بالمقطع العرضي للنهر والذي بدوره يؤثر على ظهور مناطق جديدة كانت مغمورة بالمياه تتعرض لعملية التعرية بالإضافة إلى تأثيره على هيدروليكية المجرى وتباين في عملية النقل والترسيب والتعرية في مناطق غير مناطقها.
       أما العامل الثاني وهو الحمولة النهرية فهي تتمثل بالأنواع الثلاثة حمولة قاع وحمولة معلقة وحمولة ذائبة يصرفها النهر خلال جريانه ، تتمثل حمولة قاع والمعلقة بالمواد الصلبة التي يمكن أن تظهر للعيان وبأحجام مختلفة ، والثالثة هي حمولة غير ظاهرة للعيان ، تتأثر الحمولة النهرية بسرعة الجريان والسعة النهرية التي تمثل بأكبر كمية من الرواسب التي يمكن أن ينقلها النهر ، وهي بدورها ترتبط ارتباط وثيق مع التصريف النهري ودرجة الانحدار ومع أن التصريف النهري قد انخفض خلال هذه الفترة فقد انخفضت سرعة الجريان وبالتالي ترسيب اكبر مهما كانت أحجامها بسبب عدم قدرة النهر على حملها ، وهذا يظهر في نهر دجلة الذي يكون محملا بكمية رواسب تصل إلى 105 مليون طن في سامراء تنخفض إلى 40  مليون طن في جنوب بغداد أي أن نهر دجلة يرسب حمولة قدرها 65مليون طن بين مدينة سامراء ومدينة بغداد تظهر على شكل جزر وألسنه نهرية.(1)  

شكل رقم (1) تصريف نهر دجلة في بغداد للمدة 1930 – 2008 .
المصدرجدول رقم (1).  

شكل رقم (2) مناسيب نهر دجلة في سراي بغداد للمدة 1960 – 2008 .
المصدروزارة الموارد المائية ، الهيئة العامة للسدود والخزانات ، قسم المدلولات المائية ، بيانات غير منشورة ، سنة 2009.

مناطق الترسبات الملوثة في نهر دجلة:
     يحدث الترسيب عادة في الالتوائة النهرية وخصوصاً في الضفة المحدبة المواجه للضفة المقعرة التي تمثل منطقة التعرية ، وسبب ذلك هو نتيجة للحركة الحلزونية لتيار الماء فان الإرساب سيكون على الضفة المحدبة المواجهة لها وبذلك تكون التعرية النهرية على أشدها في الضفة المقعرة في حين يزداد الإرساب في الضفة المحدبة للنهر(2) ، باستمرار هذه العملية تحدث الالتوائات النهرية ويغير مجرى النهر موقعة على السهل الفيضي وما يولد ذلك من نمو لأشكال ارسابية قد تكون مقوسة مع المجرى أو تجمعات غير منتظمة في الضفة المحدبة شكل رقم (3). يتبع نهر دجلة هذا النظام في عملية تغير المجرى ووجود مناطق تعرية يقابلها مناطق ترسيب في ثنيات شمال بغداد، ألا أن في الفترة الأخيرة وبخاصة خلال العشر سنوات الماضية بدأت تظهر مناطق للترسيب و التعرية في جوانب مجرى النهر خلافاً لكل القوانين المتعلقة بهذه العمليات حيث ظهرت مناطق ترسيب في الجانب المقعر وأحيانا تكون هذه المنطقة مجاورة لمناطق التعرية ، فقد ظهرت مناطقالترسيب في كل من ثنية (الكريعات والاعظمية و العطيفيةبشكل تجمعات رسوبية غير واضحة الشكل تطورت وبدأت تنمو فوقها النباتات و بمساحات متباينة، شكل رقم (4)  وجدول رقم (2)(3).           



شكل رقم (3)  مقطع عرضي للمجرى المائي

جدول (2) مواقع ومساحة التجمعات الرسوبية في منطقة الدراسة
نوع الظاهرة
الموقع
المساحة كم2
ترسبات
التوائة الكريعات
0.0468
ترسبات
التوائة الاعظمية
0.1562
ترسبات
التوائة العطيفية
0.0937
  

شكل رقم (4) مناطق الترسيب لنهر دجلة في بغداد
المصدرصورة فضائية من برنامج كوكل أيرث ، سنة 2006

  وأصبح للنباتات المنتشرة على هذه التجمعات الرسوبية دور مهم في زيادة مساحتها حيث أن انخفاض التصريف وسرعة التيار البطيئة أصبح النهر في هذه المنطقة يعمل بدور البناء أكثر من الهدم وبالتالي أصبحت هذه المناطق مصيدة للرواسب التي يحملها النهر على مدار السنة(4) والجدير بالذكر أن هذه التجمعات الرسوبية لا تأخذ شكل متعارف علية كأن يكون لسان نهري أو جزيرة نهرية وإنما هي مجموعة متفرقة من الترسبات الرملية التي تمثل بيئة مناسبة لانتشار نبات القصب ذات النظام الجذري المتماسك وجذور عريضة تساعد بشكل كبير على اقتناص المزيد من الرواسب الغرينية القادمة مع المجرى.

أنواع الملوثات في ترسبات نهر دجلة:
      يعد التقدم الحضاري لمختلف نشاطات الإنسان هي العامل الأول في ارتفاع نسبة ملوثات الأنهار عامة ونهر دجلة خاصة ، فنهر دجلة يعاني من استقبال المخلفات الصناعية والزراعية والمنزلية بجميع أنواعها مما أدى إلى ارتفاع نسبة الملوثات وزيادة أنواع المركبات الكيماوية في النهر بشكل عام تعتبر الرواسب النهرية مصيدة للعناصر الملوثة المختلفة وبذلك تكون الرواسب سجلاً تاريخياً لبيئة النهر من حيث زيادة المركبات الكيماوية أو انخفاضها.(5)
     تميزت التجمعات الرسوبية في منطقة الدراسة بأنها ذات تراكيز كيماوية تختلف تماما عن مثيلاتها من الرواسب فهي معظمها تراكيز صناعية وزراعية بالإضافة إلى مخلفات منزلية وهي ما يطرح بشكل مباشر إلى النهر، فقد تم تحليل ثلاث عينات مأخوذة من مناطق التجمعات الرسوبية وأجراء التحاليل الكيماوية لها كما موضح في جدول رقم (3) مع مقارنة لتحليل مياه نهر دجلة لسنة جافة وسنة حالية.

التحاليل الكيماوية :
  1. التوصيل الكهربائي EC :
       هو قابلية المادة على نقل التيار الكهربائي بواسطة الايونات الذائبة، ويزداد التوصيل الكهربائي طرديا مع زيادة تركيز الايونات المذابةوالتوصيل الكهربائي لايؤشر على زيادة المركبات العضوية التي تعد موصل غير جيد للكهرباء وبذلك هذا التحليل دلالة على زيادة أو نقصان المواد اللاعضوية كالأحماض والقواعد.(6) 

جدول رقم (3) التراكيز الكيماوية في ترسبات منطقة الدراسة
نوع التحليل
أقصى تركيز مسموح به(7)
سنة جافة2001(8)
سنة حالية2009(8)
موقع رقم الكريعات(9)
موقع رقم 2الاعضمية
موقع رقم العطيفية
التوصيل الكهربائي EC
400
1250
942
1084
1268
1212
المواد الصلبة الذائبة TDS
1500
853
660
776
840
903
الاس الهيدروجينيPH
6 – 9.5
7.8
8.2
8.4
8.4
8.5
الكبريتاتSO4
اقل من 200
374
112
360
354
269
بكتريا القولونC

16 مليون/100مل(10)
-----
25 مليون/100مل
24 مليون/100مل
25.5 مليون/100مل

    من الجدول (3) نجد أن معظم نتائج التوصيل الكهربائي هي أعلى من المسموح بها وهي عادة تزداد في سنوات التصريف المنخفض وهذا ما ظهر في سنة 2001 الجافة، إذ بلغت 1250 (مايكروسيمنز/سم)، أما عينات التجمعات الرسوبية فهي متقاربة في القيم مع الارتفاع شكل (5) وظهر أعلى تركيز في موقع رقم (2) وهو انعكاس لما تصطاده الرواسب من ايونات موجبة وسالبة الصادرة من المخلفات الصناعية المطروحة للنهر وهي مخلفات معامل النسيج بالإضافة إلى الغسل المستمر للأراضي المجاورة لهذه التجمعات من قبل الأمطار وطرحها مباشرة مع ما تحمله من أملاح مذابة.

  1. المواد الصلبة المذابة TDS :
     وهي تجمع المواد الذائبة في المياه بإحجام محددة والصادرة من الأنشطة البشرية والتي تتمثل بالمخلفات الصناعية ومياه الصرف الصحي ومياه المبازل بالإضافة إلى الأملاح المكونة للعسرة والكلوريدات.(11) ويرتبط هذا التحليل بعلاقة عكسية مع التصريف حيث بلغ معدل TDS في نهر دجلة 660ملغم/لتر لسنة 2009 بينما بلغ المعدل في سنة 2001 وهي سنة جافة 853 ملغم/لتر.ترتفع قيم TDS في التجمعات الرسوبية بشكل يفوق قيمها في مياه نهر دجلة ، وهذا الارتفاع يكون بشكل تدريجي إلى أن يصل إلى أعلى مستوياته في موقع العطيفية شكل (6) وجميعها تقع تحت الحد المسموح به حسب المحددات البيئية لنهر دجلة والذي يبلغ 1500 ملغم/لتر وبدأت تظهر في الموقع الأخير الطحالب وزيادة الأحياء المائية والتجمعات العضوية وهو انعكاس لزيادة نسبة هذه المواد في المنطقة.

  1. الكبريتات SO4
    يمتاز نهر دجلة بارتفاع نسبة الكبريتات نسبياً إلى نوعية الصخور التي يجري عليها نهر دجلة وهي من نوع صخور جبسيه وانهايدرايت تؤدي بذوبانها إلى رفع نسبة الكبريتات في المياه مضاف أليها طرح المخلفات البشرية الغير معالجة بشكل مباشر إلى النهر والمخلفات الصناعية السائلة كصناعة الورق وتكرير النفط والأسمدة وغيرها.(12)
      تتأثر هذه المركبات بشكل كبير بالتصريف المائي آذ نجدها ذات قيمة منخفضة جداً ودون الحد المسموح به في سنة رطبة 2009 بلغ 112ملغم/لتر وترتفع إلى قيم عالية جداً في السنوات الجافة جدول (3) .

شكل (5) تغير قيم التوصيل الكهربائي في منطقة الدراسة

شكل (6) تغير قيم المواد الصلبة الذائبة في منطقة الدراسة

      تتجه القيم في التجمعات الرسوبية نحو التناقص التدريجي من أول تجمع (الكريعاتوهو أعلى القيم 360ملغم/لتر إلى أخر تجمع (عطيفية) 269ملغم/لتر وهو اقل القيم ويشير ذلك إلى أن النهر عند دخوله إلى بغداد يكون محمل بأكبر كمية من هذه المركبات ومن ثم تتناقص بالتدريج حيث تصطاد رواسب التجمعات هذه المركبات وتتجمع حسب التركيز في التجمعات الرسوبية عند دخول النهر إلى بغداد شكل (7) وهي بجميعها قيم تتجاوز الحدود المسموح بها والبالغة اقل من 200 ملغم/لتر.

  1. الأس الهيدروجيني PH
   يدل هذا التحليل على درجة حامضية أو قاعدية المحاليل ، آذ تصبح المحاليل حامضية أذا كانت ضمن (1-7) أما إذا كانت (7) فهو متعادل وإذا ما زاد عن (7) فيدل على قاعدية المحلول ، والمجهز الأساسي للقاعدية في نهر دجلة هو صخور الدولومايت والجيرية وغيرها من القواعد مثل الفوسفات والسلكا بالإضافة إلى ما القواعد المطروحة من معامل المشروبات الغازية والنسيج.(13) 
   نلاحظ من الجدول (3) والشكل (8) ان قيم PH لجميع مناطق التجمع الرسوبي متقاربة ومحصورة ما بين (8.2)و(8.5) وهي دلالة على أنها قيم قاعدية مماثلة لقيم PH لمياه نهر دجلة الذي اثر بشكل واضح على قاعدية منطقة الدراسة.

  1. بكتيريا القولون C
    وهي من الفحوصات الحيوية الضرورية لمعرفة مدى تأثير الأنهار بالمطروحات العضوية وأهمها مياه الصرف الصحي الغير معالجة والمياه الثقيلة المطروحة بشكل مباشر .
     تختلف كمية بكتيريا القولون من منطقة إلى أخرى حسب موقع المطروحات العضوية آذ نجدها ترتفع لتصل إلى أكثر من 25مليون/100مل في جنوب بغداد اعتماداً على تصريف مياه الصرف الصحي في السيدية والزعفرانية ، وتنخفض إلى 170خلية/100مل عند دخول نهر دجلة إلى بغداد ، بصورة عامة تبلغ مجموع بكتيريا القولون في نهر دجلة 16مليون خلية/100مل.(14)     

شكل (7) تغير قيم الكبريتات في منطقة الدراسة 

شكل (8) تغير قيم الأس الهيدروجيني في منطقة الدراسة 

شكل (9) تغير قيم بكتيريا القولون في منطقة الدراسة 

       من الجدول رقم (3) والشكل (9) نجد أن تجمع بكتيريا القولون في التجمعات الرسوبية واضحة جداً وذات قيم مرتفعة وتراوحت ما بين 24- 25.5 مليون خلية/100مل وعادة تتجمع هذه البكتيريا أذا توفرت ظروف مثالية لعيشها وتكاثرها وأهمها درجة الحرارة ، والتجمعات الرسوبية تكون بيئة مثالية لهذه البكتيريا والمتمثلة بدرجة الحرارة المنخفضة حيث أن مياه التجمعات الرسوبية لاتختلط مع مياه النهر بشكل مباشر مما يجعلها ذات درجة حرارة أكثر انخفاضاً من مياه النهر بالإضافة إلى أن هذه البكتيريا عادة تتمسك بالرواسب الغرينية والطينية في النهر وعند تجمعها في منطقة الدراسة تتكاثر أعدادها بمرور الزمن.

أسباب زيادة الملوثات في التجمعات الرسوبية
     مما سبق نجد أن جميع أنواع الملوثات في التجمعات الرسوبية هي أكثر تركيز من مياه النهر ، وهذا راجع إلى طبيعة النهر في جريانه ففي الفترة الأخيرة أصبح النهر يرسب حمولته في مناطق غير اعتيادية تتمثل في الجوانب المقعرة من الالتوائة بعد أن كانت من مناطق التعرية وهذا حاصل بسبب قلة التصريف وانخفاض مناسيب النهر وكبر حجم المجرى المائي على حجم المياه المنصرفة ، لذلك بدأت هذه المناطق باصطياد الرواسب وما تحملها من ملوثات بتراكيز تزداد يوم بعد يوم .
      تختلف هذه الملوثات وتركيزها باختلاف موقع الترسيب حيث نجد أن تراكيز موقع رقم (1) منخفضة مقارنة بالتجمعات الأخرى والسبب في ذلك يعود إلى أن هذه التجمعات تقع في بداية دخول النهر إلى بغداد ولا يحمل كمية كبيرة من الملوثات وسبب أخر قد يكون دخول النهر لبغداد بسرعة اكبر فلا يسمح لتجمع كبير من الرواسب والملوثات وهذا ما نلاحظه في مساحة التجمع الرسوبي0.0468كمأما المواقع الأخرى فتتباين في تركيز الملوثات فيها.
    بشكل عام تتدرج زيادة تركيز الملوثات من موقع (1) إلى موقع (3) باتجاه جنوب بغداد ويدل التركيز المتدرج بالزيادة على أن معظم ملوثات نهر دجلة هي صادرة من مدينة بغداد وهذا ما تشير أليه تراكيز موقع (1) مقارنة بتراكيز موقع (3) ، وهي ما تطرحه جميع المصانع المقامة على النهر من مخلفات وبدون معالجة بشكل جيد وأحيانا تطرح بدون معالجة وبشكل مباشر وخصوصا خلال السبع سنوات الماضية وبالتحديد بعد سنة 2003 أي بعد غياب الرقابة وتصرف الأفراد المؤسسات حسب ما يناسبهم بدون محددات قانونية فعلى سبيل المثال طرحت محطة تصريف السيدية للمياه الثقيلة جميع ما يصرف لها بشكل مباشر وبدون معالجة إلى نهر دجلة سنة 2003 بسبب انسداد في أنابيب التصريف (المعالجة).
    تختلف تراكيز الملوثات في التجمعات الرسوبية حسب نوع الملوث حيث نجدان بكتيريا القولون هي مرتفعة في كل التجمعات لأنها توفر ظروف ملائمة لها أذا استثنينا المياه الثقيلة المطروحة بشكل مباشر، وهي من اخطر الملوثات حيث بدأت وزارة الموارد المائية ببيع الغرين (الزميجمن هذه المواقع إلى المواطنين ، وبالملامسة لهذه الرواسب تنتقل هذه البكتيريا إلى الإنسان ويسبب الكثير من الأمراض أهمها التهاب القولون والتهاب الكبد الفيروسي وهي من الأمراض الشائعة في بغداد بشكل خاص وفي العراق بشكل عام أما الملوثات المتبقية فهي تؤثر على المدى البعيد على نوعية المياه ونوعية الحياة النباتية والحيوانية .

الاستنتاجات

      من خلال هذه الدراسة برزت مجموعة من الحقائق أهمها

  1. يعد الانخفاض الحاصل في تصاريف مياه نهر دجلة وانخفاض مناسيب المياه في النهر، السبب الرئيسي في اتخاذ النهر عملية تعرية وترسيب مغايرة لما متعارف علية حيث بدأ النهر بالترسيب في مواقع كانت في السابق مواقع تعرية، وأصبحت هذه المنطقة تصطاد الرواسب.
  2. ظهرت ثلاث تجمعات رسوبية غريبة الموقع تتباين في مساحتها متمثلة في التوائه الكريعات والاعظمية والعطيفية وهي تجمعات رسوبية غير منتظمة الشكل .
  3. تمثل الرواسب النهرية سجل تاريخي لبيئة النهر فهي العامل الأساسي في نقل الملوثات بسبب استقرار المركبات الكيماوية على هذه الرواسب وتذهب الملوثات حيثما تذهب الرواسب.
  4. تبين من خلال التحاليل الكيماوية هناك علاقة عكسية بين الملوثات والتصريف المائي ، وان معظم الملوثات تتجاوز الحد المسموح به وهي بدورها تؤثر بشكل كبير على نوعية المياه وخصوصاً الكبريتات التي ترتفع إلى أعلى مستوياتها .
  5. ظهرت أن بكتيريا القولون من الملوثات الأكثر تركيزاً في نهر دجلة وهو ملوث خطر جداً بعد أن أصبح هناك تلامس حقيقي بين الرواسب الحاملة للبكتيريا والإنسان من خلال استخدام التربة المزيجية المتخرج من هذا الموقع.
  6. تعد مدينة بغداد وما تحويه من مصانع مقامة على نهر دجلة التي تعتمد على المياه في التبريد أو ادخالة في صناعاتها الملوث الأساسي لنهر دجلة وزيادة تراكيز المركبات الغريبة في مياه النهر.

التوصيات

  1. وضع الاتفاقيات بين العراق ودول المنبع على حجم المياه الواصلة إلى العراق للحد من عملية انخفاض تصريف النهر وبدورة انخفاض مناسيب النهر .
  2. وضع محددات وقوانين بيئية على كل المصانع والمؤسسات الحكومية المقامة على نهر دجلة وتحديد نوعية المطروحات وحجم المركبات الكيماوية فيها.
  3. محاولة وزارة الموارد المائية من معالجة مناطق الترسيب العكسية من خلال وضع المسنايات أو ردم هذه المواقع وعدم استخدامها في البيع المباشر للزميج.

الهوامش
  1. ماجد السيد ولي، مرحلة الشيخوخة لنهر دجلة ضمن الدورة الجيومورفولوجية ، أسبابها، نتائجها، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية، العدد 42 ،سنة 1999، ص3.
  2. عبد الآلة رزوقي كربل ، الالتوائات النهرية ،أساليب دراستها في علم الجيومورفولوجي ،مجلة كلية الآداب جامعة البصرة، عدد 13 ،سنة 1978 ص120.
  3. اسحق صالح العكام ومحمد سلمان الجبوري ، تغير مواقع التعرية والترسيب لنهر دجلة في مدينة بغداد، مقبول للنشر في مجلة كلية الآداب جامعة بغداد ،سنة 2010.
  4. محمد سلمان الجبوري ، منعطفات نهر دجلة بين الصويرة والعزيزية دراسة في الجغرافية الطبيعية، أطروحة دكتوراه جامعة بغداد،كلية الآداب ،غير منشورة،1985 ،ص89.
  5. نجاح عبود حسين وآخرون، شط العرب دراسة علمية أساسية ،جامعة البصرة ،منشورات مركز علوم البحار رقم 10،سنة  1991 ،ص278.
  6. مقداد حسين علي وخليل إبراهيم محمد، السمات الأساسية للبيئات المائية،وزارة الثقافة والأعلام،بغداد،سنة 1999 ،ص229.
  7. وزارة الصحة، التشريعات البيئية، نظام صيانة الأنهار من التلوث ،رقم 25، لسنة1967 ،دائرة حماية وتحسين البيئة ،1998.
  8. وزارة الموارد المائية، المديرية العامة للسدود والخزانات، قسم المختبرات، بيانات غير منشورة.
  9. الدراسة الميدانية.
  10. نيران محمود الخالدي ، اثر اختلاف مستويات تصريف نهر دجلة في تغير النظام البيئي الحياتي في النهر بين جسر المثنى ومصب نهر ديالى ،رسالة ماجستير، جامعة بغداد ،كلية الآداب ، غير منشورة ، 2004 ، ص191.
  11. يعرب ناظم فرمان ،هيدروكيميائية نهر دجلة في مدينة بغداد ،رسالة ماجستير ، جامعة بغداد ،كلية العلوم ، غير منشورة،1992 ،ص63.
  12. نيران محمود ألخالدي، مصدر سابق، ص60.
  13. نفس المصدر ، ص 44.
  14. نفس المصدر ،ص191-192.

المصادر
  1. الجبوري، محمد سلمان، منعطفات نهر دجلة بين الصويرة والعزيزية دراسة في الجغرافية الطبيعية، أطروحة دكتوراه جامعة بغداد،كلية الآداب ،غير منشورة،1985.
  2. حسين ،نجاح عبود وآخرون، شط العرب دراسة علمية أساسية ،جامعة البصرة ،منشورات مركز علوم البحار رقم 10،سنة  1991.
  3. الخالدي ،نيران محمود ، اثر اختلاف مستويات تصريف نهر دجلة في تغير النظام البيئي الحياتي في النهر بين جسر المثنى ومصب نهر ديالى ،رسالة ماجستير، جامعة بغداد ،كلية الآداب ، غير منشورة ، 2004.
  4. العكام ،اسحق صالح ومحمد سلمان الجبوري ، تغير مواقع التعرية والترسيب لنهر دجلة في مدينة بغداد ، مقبول للنشر في مجلة كلية الآداب جامعة بغداد ،سنة 2010.
  5. علي ،مقداد حسين وخليل إبراهيم محمد، السمات الأساسية للبيئات المائية،وزارة الثقافة والأعلام،بغداد،سنة 1999.
  6. كربل ،عبد الآلة رزوقي ، الالتوائات النهرية ،أساليب دراستها في علم الجيومورفولوجي ،مجلة كلية الآداب جامعة البصرة، عدد 13 ،سنة 1978.
  7. فرمان ،يعرب ناظم ،هيدروكيميائية نهر دجلة في مدينة بغداد ،رسالة ماجستير ، جامعة بغداد ،كلية العلوم ، غير منشورة،1992 .
  8. ولي ،ماجد السيد ، مرحلة الشيخوخة لنهر دجلة ضمن الدورة الجيومورفولوجية ،أسبابها،نتائجها ، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية، العدد  42 ،سنة 1999.
  9. وزارة الصحة، التشريعات البيئية، نظام صيانة الأنهار من التلوث، رقم 25، لسنة1967، دائرة حماية وتحسين البيئة، 1998.
  10. وزارة الموارد المائية، المديرية العامة للسدود والخزانات، قسم المختبرات،  بيانات غير منشورة.
  11. وزارة الموارد المائية، الهيئة العامة للسدود والخزانات، قسم المدلولات المائية، بيانات غير منشورة ، سنة 2009.
  12. وزارة الموارد المائية، الهيئة العامة للسدود والخزانات، قسم المدلولات المائية، بيانات غير منشورة، سنة 2009.
  13. صورة فضائية من برنامج كوكل أيرث ، سنة 2006.
  14. الدراسة الميدانية.

حمله 





للقراءة والتحميل





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا