التسميات

الخميس، 14 ديسمبر 2017

تطور العمارة بالمملكة العربية السعودية عبر العصور المختلفة

                                    
تطور العمـارة بالمملكة العربية السعودية عبر العصور المختلفة 

  يتناول البحث التطور التاريخي بالمملكة العربية السعودية عبر العصور المختلفة موضحاً أهم السمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية في كل مرحلة مع عرض لبعض النماذج المعمارية في كل مرحلة عند العمارة الدينية وكذلك العمارة السكنية من حيث أنماط الإسكان وتوزيعها. 


              البحث الأول:
 
   التطـــور التـاريخي لشبــه الجزيـــرة العربيـــة 
      • فترة ما قبل الإسلام.
      • فترة صدر الإسلام.
      • مرحلة ظهور الدول الحديثة.
      • عصر اكتشاف البترول.
      • الازدهار الاقتصادي والانطلاقة الحضارية. 


التطور التاريخي لمدن شبه الجزيرة العربية
بوجه عام والمملكة العربية السعودية بوجه خاص 
   يتركز هذا البحث على دراسة جزء من الجزيرة العربية يتحد في صفات واحدة سواء بيئية أو اجتماعية أو جغرافية أو حضارية،  وترجع في جذورها البشرية إلى أصل واحد،  ويتلاحم تاريخها مع بعضها البعض بحيث يصعب عمليا الفصل القاطع بينها،  حتى لو تقسمت اليوم إلى ممالك ودول وأمارات كل لها حدودها السياسية ونظام حكمها المستقل.  وينص هذا البحث على دراسة الجزء المساحي الذي يغطي المملكة العربية السعودية ودولة الكويت وأمارة البحرين ودولة قطر ودول الأمارات العربية المتحدة.  ولسهولة التعبير سنشير إلى منطقة البحث هذه يسمى شبه الجزيرة العربية وأن كان لمنطقة اليمن وحضرموت وعمان دراسة خاصة.  وقد تتداخل في بعض الأحيان دراسة هذه المناطق وذلك بسبب صعوبة إيجاد حدود قاطعة للتداخلات المختلفة بالمنطقة.
  الموقع والبيئة:
    تقع منطقة الدراسة في شبه الجزيرة العربية في المنطقة المدارية،  وهي ذات مناخ صحراوي تتفاوت فيه الظروف المناخية المحلية من صحراوي جاف في أواسط شبه الجزيرة،  إلى صحراوي رطب بالمناطق الساحلية للخليج العربي والبحر الأحمر،  ومناطق باردة في مرتفعات  الجبال وعلى وجه الخصوص في منطقة جنوب غرب الجزيرة العربية.  ويوجد بشبه الجزيرة العربية مناطق زراعية،  وواحات،  مثل الإحساء والقطيف والبوديمي والخرج والقصيم والمدينة المنورة ودومة الجندل وهي مناطق غنية بالزراعة وتقوم أساسا على العيون المائية.  كما تنشط الزراعة المعتمدة على الأمطار على سفوح الجبال ومدرجاتها خصوصا في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية وحتى حدودها.
   وتتميز منطقة شرق شبه الجزيرة العربية بثروة بترولية كبرى،  كان لها كبير الأثر في الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية التي أصبحت تتبؤها شبه الجزيرة العربية.  كما كان لهذه الثروة البترولية كما سيتبين فيما بعد عظيم الأثر في تغيير الوجه الحضاري لشبه الجزيرة العربية. 
   وتتصف شبه الجزيرة العربية بالانخفاض النسبي لعدد السكان والكثافة السكانية مع وجود تمركزات يتجمع فيها السكان وتزيد هذه التمركزات كلما اتجهنا شرقاً أو غرباً في الجزيرة العربية وتقل كلما اتجهنا إلى أواسطها.  وبالطبع فهذا راجع إلى توزيع الثروة الطبيعية وتوافر مصادر المياه والرزق،  علاوة على قسوة الظروف البيئية المناخية  الصحراوية. 
  وتتحد دول هذه المنطقة في الأصول الحبشية الواحدة،  وتترابط فيما بينها قديما أو حديثا بصلات النسب والمصاهرة.  ومن أبرز الأمثلة لذلك حركة الهجرة الاستيطانية الكبرى من بلاد اليمن إلى شمال شبه الجزيرة العربية وإلى منطقة عمان وجبال ظفار في أعقاب انهيار سد مأرب. 
وكان من أبرز العوامل التي أوجدت روابط وعلاقات اجتماعية بين سكان شبه الجزيرة العربية،  قديما وحديثا موقع شبه الجزيرة العربية بين حركة التجارة من العالم القديم في آسيا وأفريقيا إلى أوروبا،  علاوة على وجود الأراضي المقدسة في مكة المكرمة ثم في المدينة المنورة،  كل هذه العوامل أدت إلى زيادة تحركات السكان وإلى إقامة علاقات ومعاملات بينهم. 
التطور التاريخي لشبه الجزيرة العربية: 
  عاش الإنسان الأول بشبه الجزيرة العربية في وقت كانت صحاريها وفي الجزء الأكبر منها مخضرة ومزهرة بالحياة وقادرة على توفير بيئة ملائمة للمعيشة.  وهناك شواهد على أن الربع الخالي كان منذ حوالي 10,000 سنة يزخر بالعديد من فصائل الحيوانات مثل الغزال والبقر الوحشي والأسد وفرس النهر الذي كان مصدرا أساسيا للغذاء والكساء لأقوام ذلك الزمان.
   وعلى مر السنين،  تتابعت الحضارات بشبة الجزيرة العربية وتشهد على ذلك الآثار الباقية إلى اليوم في صورة مبان ونقوش وكتابات،  وفي صورة تماثيل وعملات وأوان وأدوات ونصب،  أو في صورة مساكن ومقابر منحوتة في الجبال،  هذا بالإضافة إلى السدود والقلاع والمعابد والأسوار.
    ونتيجة للاكتشافات الأثرية بشبه الجزيرة العربية،  فقد تم التوصل إلى أدلة على قيام نوع من الاتصالات بين حضارات شبه الجزيرة العربية والحضارات الكبرى التي كانت قائمة في ذلك الزمان.  فقد كانت المنطقة الشرقية من شبه الجزيرة العربية جزءا من حضارة العبيد التي دامت في جنوب بلاد ما بين النهرين من حوالي 5300 سنة إلى 3500 سنة ق.م.  كما أن هناك شواهد عديدة على وجود علاقة بين الحضارة الفرعونية في حوض نهر النيل وبين حضارات شبة الجزيرة العربية،  ويستدل على ذلك من وجود مظاهر متشابهة في النقوش الصخرية الموجودة في كل من مصر وشبه الجزيرة العربية،  تلك النقوش التي يعود بعضها إلى حوالي 3000 سنة ق.م. وقد بزغ نجم العرب لأول مرة في التاريخ المدون المعروف لدينا منذ حوالي 1000 سنة ق.م. وكان ذلك مرتبطا باستئناس الجمل وتنشيط القوافل التجارية البرية عبر شبه الجزيرة العربية.  وتذكر الآثار الأشورية أن العرب كانوا يصدون غزوات الأشوريين الذين كانوا يحاولون إخضاعهم بها في ذلك الزمان،  وكانت مقاومة العرب تتركز أساسا في مدينتين هما " أدوماتو " (  دومة الجندل اليوم ) و " تيماء " بشمال شبه الجزيرة العربية.
   ومع ازدهار الحركة التجارية عبر أراضي شبه الجزيرة العربية وعلى طول سواحلها رابطة بين حضارات وادي النيل وبلاد ما بين النهرين،  ازدهرت بعض المدن على امتداد طرق التجارة،  فعلى امتداد الجانب الغربي لشبة الجزيرة العربية ازدهرت مدن " نجران" و "جرش" و  "الفاو" و "الطائف" و "مكة ا لمكرمة " و " المدينة المنورة " و " العيص" و " بير " و "ديدان " و " دائن صالح " و " تيماء" و "روافة " و "البدع" و "قرية".  وعلى امتداد الجانب الشرقي قامت مدن " تاروت" و " الجرهاء" و "جوان " و " تاج " و "الحنا " كما ازدهرت مدن "دومة الجندل " و " قريات الملح" و " اثرا "  بالبادية في شمال شبه الجزيرة العربية.
   وقد كانت شبه الجزيرة العربية موطنا للعديد من الحضارات البائدة التي ورد ذكرها بالقرآن الكريم،  وكانت مهدا للرسالات السماوية والرسل.  وإذا رجعنا إلى القرآن الكريم نجد أن الجانب الغربي خاصة من شبه الجزيرة العربية كان مسرحا للعديد من الأحداث التي ورد ذكرها بالقرآن الكريم.  ففي د اخل حدود المملكة العربية السعودية عن " البدع " والمنطقة المعروفة " بمغاير شعيب " ازدهرت حضارة " مدين " حاضرة قوم النبي شعيب عليه السلام.  وإذا تحركنا جنوبا إلى "العلا " وعند المنطقة المعروفة باسم " مدائن صالح " نجد حاضرة " ثمود" قوم النبي صالح عليه السلام والتي ما زالت أثارها قائمة إلى يومنا هذا شاهدة على ما وصل إليه القوم من تقدم في فنون النحت.  وإذا تحركنا جنوبا إلى " نجران " ،  " نجد " الأخدود " الذي ذكر في معرض الحديث عن أصحاب الأخدود حيث ألقى المؤمنون من المسيحيين في النار.  ثم إذا تحركنا جنوبا وجدنا حاضرة سبأ في مأرب باليمن،  ثم وجدنا بالمنطقة قوم عاد أرم على أقصى الحدود الجنوبية لشبه الجزيرة العربية على بحر العرب.
    ومن دراسة ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية عن ثمود قوم النبي صالح عليه السلام،  يمكن وضع تصور لما كانت عليه حاضرة ثمود،  تلك الحاضرة التي يمكن أن تؤخذ كنموذج لمدن الحضارات البائدة بشبه الجزيرة العربية.  فقد كانت حاضرة دولة ثمود القوية مدينة تقع في منطقة آمنة سهلة تحيط بها سلسلة من الجبال.  وكانت المنطقة تزخر بعيون المياه العذبة،  تحف بها الحدائق وزراعات النخيل بالإضافة إلى الحقول التي كانت تزرع شتى المحاصيل.  وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم على لسان النبي صالح عليه السلام موجها كلامه إلى قوله ( أتتركون في ما ههنا آمنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم ).
   وكان مترفو ثمود يبنون قصوراً من الحجر في الوديان وسط جناتهم وبساتينهم بينما كان باقي القوم ينحتون من الجبال بيوتا فارهة ويعيشون  فيها أمنين مطمئنين.  ويستدل على ذلك من أكثر من آية بالقرآن الكريم حيث يقول الله تبارك وتعالي على لسان النبي صالح عليه السلام ( وأذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وسواكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين )  وقوله تعالى ( وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين )  وقوله تعالي أيضاً ( وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين )
   ويمكن ان يستدل من ( بوأكم في الأرض ) ما وصلت إليه دولة الثموديين من قوة ومنعة وأتساع رقعتها،  وامتداد سلطانها على ما قد جاورها من مستوطنات آخري.  كما أنها تعكس ما وصلت إليه من كثرة في العدد وغزارة في الموارد والإنتاج – والتي يصعب أن تكون هناك قوة بدونها – مما يسر للثموديين سبل التمكن والمقدرة في الأرض.  وتعطي الآيتان ( تتخذون من سهولها قصورا ) و ( تنحتون من الجبال بيوتا فارهين )  مؤشرات على ما وصلت إليه مدينة الثموديين من تقدم وازدهار حضاري وعمراني وفني ،  حيث نجد أن مساكنهم لم تكن لغرض توفير مأوى بالحد الأدنى لاحتياجات الإنسان،  بل تعدتها إلى التنوع في أشكالها لكي تشمل قصورا ومساكن _ كل حسب إمكانياته ومقدرته – ولكن وفي كافة الأحوال كانت تلك المساكن تتمتع بالفراهة والأمن اللذين ذكرا بالقرآن الكريم.
   ويمكن أن يستدل من الآيات ( تتخذون من سهولها قصروا ) و ( تنحتون من الجبال بيوتا ) و ( وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ) على ما وصل إليه الثموديون من براعة وتقدم في وسائل البناء والتشييد حيث تنوعت الوسائل بين النحت في الجبال،  وقص الأحجار ونقلها لاستعمالها في أعمال البناء المختلفة.
وما زال قائما إلى يومنا هذا بمنطقة مدائن صالح العديد من المنشآت والآثار المنحوتة في الصخر وتشهد الآثار على الرقي الفني الذي وصل إليه هؤلاء القوم.  وينتظر أن يكشف عن المزيد من آثار تلك الحضارة البائدة بعد أجراء البحوث والحفريات اللازمة بالمنطقة وتسجيل ما يوجد بها من آثار. 
  • فترة ما قبل الإسلام:
    كان الموقف في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام تحدده ملامح ثلاثة :  مؤثرات إمبراطورية الفرس في الشرق ، إمبراطورية الروم في الشمال ،  والأحباش في الغرب،  حيث كانت منطقة الخليج تتبع في بعض الأزمنة عضويا إمبراطورية الفرس كمحافظة هجر التابعة لدولة الفرس،  ثم كانت في بعض الأحيان تمثل تابع يخضع بصورة أو بأخرى للحكم الفارسي أو بمثابة مولى من مواليه.  وفي كافة الأحوال فقد كان تأثير دولة الفرس حضاريا وعقائديا كبير على منطقة الساحل الشرقي لشبة الجزيرة العربية.
   أما شمال شبه الجزيرة العربية فقد كان يقع في نطاق تأثير الإمبراطورية الرومانية الشرقية ويرتبط بها حضاريا مع وجود تأثير عقائدي،  حيث وجدت المنطقة بعض القبائل التي تدين بالمسيحية.  وكان شمال شبه الجزيرة العربية بمثابة أقاصي الحدود الجنوبية للإمبراطورية.  وكان الموقف يختلف في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية خصوصا في منطقة اليمن وعسير حيث كان يقع في نطاقه تأثير أو العلاقة المتبادلة مع دولة الأحباش بأفريقيا.
   وعند ظهور الإسلام كانت هذه المنطقة في نطاق الولاية لدولة الفرس أما باقي شبه الجزيرة العربية،  وهي تشمل وسط وجنوب شبه الجزيرة،  وهي المنطقة الصحراوية القاحلة قليلة الزرع والماء فلم يكن لها دور أو سمة ملحوظة في الأحداث بالمنطقة وكانت مجرد معبر من طرف إلى آخر.  يستثنى من التقسيم السابق وجود منطقة مضيئة ذات كيان ووضع مميز ومستقبل في مكة المكرمة وهي الحرم الأمن الذي وضعه الله سبحانه وتعالى آمنا وسكنية للناس.
  • فترة صدر الإسلام:
    ارتبط في التاريخ الإسلامي كثير من المواقع والمدن بالأحداث الإسلامية الكبرى التي واكبت مولد الدعوة الإسلامية وانتشارها ،  فبالإضافة إلى مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة نجد مدنا أخرى كالطائف وخبير وتبوك والتي ارتبط اسمها بالدعوة إلى الإسلام وبالغزوات الإسلامية في عهد الرسول صلى الله علية وسلم،  تلك المدن التي مازالت قائمة مزدهرة إلى يومنا هذا.
   وقد شرف الله سبحانه وتعالى الأرض بالكعبة المشرفة.  أول بيت وضع للناس ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين )  وتعود الحياة المستقرة المعاصرة بالمكان الذي أصبح فيما بعد مدينة مكة المكرمة إلى زمن سيدنا إبراهيم أبى الأنبياء حيث أسكن من ذريته الأرض الجرداء التي ليس بها زرع ولا ماء ودعا ربه جل جلاله أن يرزقهم من الثمرات وأن يجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم ( ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وأرزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ).  وصارت مكة المكرمة حرما أمنا حيث استجاب ا لله سبحانه وتعالى إلى دعاء أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام،  وفي ذلك يقول الله عز وجل على لسان إبراهيم عليه السلام ( وإذ قال إبراهيم رب أجعل هذا البلد آمنا ) ورسخت مكانة مكة المكرمة وأخذت دورها العالمي بعد أن شرفها الله سبحانه وتعالى بأن جعل البيت قبلة الحجيج ( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق )  ثم استجاب الله سبحانه وتعالى لأمنية رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأن جعل الله البيت الحرام قبلة صلاة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها،  وبذلك رسخت مكة المكرمة في قلوب المسلمين حيث يتوجهون للصلاة صوب المسجد الحرام خمس مرات في اليوم والليلة ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون". وسيظل هذا الدور العالمي قائما ما دامت السماوات والأرض وحتى يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها.  وشهدت مدينة مكة المكرمة مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم،  وشهدت دعوته رسولا ورحمه للعالمين.  ويفتح مكة المكرمة في العام العاشر من الهجرة دخل الناس في الإسلام أفواجا ورسخت أقدام الدعوة الإسلامية ومنها أشعت بنورها على العالم أجمع.  ( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في الدين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك وأستغفره أنه كان توابا ).  ومع إشراقه الإسلام وهجرة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام إلى يثرب بزغ النجم المعاصر للمدينة المنورة التي شرفها الله تعالى بإنشاء أول مسجد في الإسلام بها،  وهو " مسجد قباء " وفيه يقول الله عز وجل ( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه ).  وشرفها الله عز وجل كذلك بالكثير من الأحداث العظام التي ورد ذكرها في القرآن الكريم كغزوة أحد وغزوة الخندق،  كما يوجد بها مسجد القبلتين والبقيع وعلاوة على ذلك ففيها مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام ويضم ثراها جسده الشريف،  ويفد إليها كل عام ملايين الزوار لزيارة المسجد النبوي الشريف والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عملا بالحديث الشريف " لا تشد الرجال إلا إلى ثلاثة مساجد،  مسجدي هذا والمسجد الحرام،  والمسجد الأقصى ".  ومن المدينة المنورة أشع الإسلام بنوره حتى غمر أركان الأرض ومحا عروش الشرك والوثنية،  وما زال نجم المدينة المنورة منذ ذلك الحين بازغا على الصعيدين المحلي والعالمي.
    ومع بزوغ نور الإسلام في مكة المكرمة عم نوره باقي أنحاء شبه الجزيرة العربية،  حيث دخلت قبائل ومشايخ العرب في دين الله،  وظهر بالتالي أول كيان لدولة جمعت لأول مرة في تاريخ شبه الجزيرة العربية شمل شتات الجزيرة في كيان دولة واحدة وحكم مركزي منظم،  وهذا لم يتبع من وجود ولاة وحكام محليين من قبل الخليفة في المدينة المنورة.  مع ظهور كيان الدولة الإسلامية فتحت بلاد الفرس ومصر وبلاد الشام،  ودخلت هذه البلاد في دين الإسلام،  وبالتالي نجد أن المناطق المحيطة بشبه الجزيرة العربية أصبحت لأول مرة هي المتأثرة بالمد الحضاري العقائدي التابع من شبه الجزيرة وليست المؤثرة فيه.  ومع دخول بلاد الفرس في الإسلام ظل التأثير الحضاري المحلي لها ممتدا إلى منطقة الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية.  أما شمال شبه الجزيرة العربية فقد بعد عن التأثر الحضاري بالإمبراطورية البيزنطية حيث إنها أصبحت في عداء مع الدولة الإسلامية الجديدة،  وعلى دين مخالف كما زادت الهوة بسبب اختلال القيم الاجتماعية المرتبطة أساسا بالعقيدة.  وبالنسبة لمنطقة جنوب غرب شبه الجزيرة،  فقد أعطى الإسلام والدولة الفتية القوية لهذه المنطقة المنعة والحماية ضد الأطماع الخارجية التي كانت تتعرض لها هذه المنطقة سواء من الفرس أو الأحباش.  وأصبح جنوب غرب شبه الجزيرة العربية مرتبط حضاريا وعقائديا بالدولة الإسلامية ومكونا لجزء منها.
    ومع الأحداث التي واكبت قيام الدولة الأموية بدمشق،  وانتقال كرسي الخلافة من المدينة المنورة أصبحت شبه الجزيرة العربية بأكملها،  تدور في فلك الحكم الأموي المركزي بدمشق ثم فيما بعد الحكم العباسي المركزي ببغداد،  ثم في أجزاء منها بالحكم المركزي الأيوبي ثم المملوكي بالقاهرة ثم بالحكم العثماني من إسطنبول مع وجود نقاط عسكرية وقلاع ساحلية بها تواجد برتغالي لحماية  التجارة البحرية ولضمان الوجود والسيطرة العسكرية البرتغالية بالمنطقة.  ثم في نهاية القرن ال19 وأوائل القرن العشرين وقعت بعض المناطق الساحلية من شبه الجزيرة العربية تحت الاحتلال البريطاني سواء في عدن أو في منطقة الخليج العربي.  كل ذلك مع المحافظة على الكيان المميز والمقدس لكل من الحرم المكي والحرم النبوي. 
   مما سبق نجد أن منطقة شبة الجزيرة العربية خرجت بانتقال الخلافة من المدينة المنورة من دائرة الضوء إلى دائرة شبه الضوء أو دائرة الظل والنسيان لأحقاب تاريخية طويلة كانت فيها شبه الجزيرة العربية مسرحا للصراعات القبلية أو الطائفية ونشأ فيها هنا أو هناك في فترات زمنية قصرت أو طالت نسبيا،  حكام أو دويلات ولكن لم تتصف هذه الأعمال إلا بالمحلية الشديدة أو كانت أحيانا خاضعة أو موالية،  وبالتالي فلم يكن لها أي دور في سير الأحداث بالمنطقة.
مرحلة ظهور الدول الحديثة في شبه الجزيرة العربية: 
  انتهى ذلك العصر مع بدء القرن العشرين،  وعلى وجه التحديد مع بدء حركة الملك عبد العزيز بوسط شبه الجزيرة العربية لإنشاء دولة فشهدت شبه الجزيرة العربية في هذه الفترة صراع بين مجموعة المشايخ والأمراء والملوك،  انتهى بزوال مملكة  الحجاز وأمارات حائل والقصيم والقطيف والاحساء ودخولها جميعا في ظل حكم موحد تحت شعار لا إله إلا الله محمد رسول الله الذي أتخذه الحكم السعودي شعارا له،  ونشأ بالتالي ولأول مرة منذ صدر الإسلام كيان لدولة كبرى بشبه الجزيرة العربية وهي المملكة العربية السعودية. 
  كما ظهر في نفس الزمن إمارات ودول أخذت الكيان المستقل وكونت دولة الكويت وقطر والبحرين والأمارات العربية المتحدة،  علاوة على وجود دولة عمان واليمن الشمالي والجنوبي في جنوب شبه الجزيرة العربية.  وهذا ما وضع منطقة شبه الجزيرة العربية على أولى درجات التطوير الحديث.
وحيث أن المملكة العربية السعودية تمثل الثقل الأعظم في شبه الجزيرة العربية، فكان من الطبيعة أن تكون لها المقدرة على التأثير وصنع الأحداث في شبه الجزيرة. وكما سبق ذكره فقد كان لإنشاء المملكة العربية السعودية دورا في تغيير وجه شبه الجزيرة العربية ، وكما كان للحكم السعودي دور في تطوير شبه الجزيرة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية ، فقد كان له أيضاً دور مؤثر على الهيكل العمراني للمملكة شاملا توزيع المـدن والقـرى والهجـر ( مستوطنات جديدة ) وتحديثها وظهور الطرق ووسائل المواصلات على المستوى القومي . 
   ففي سنة 1331 هـ (1912 م )- أي قبل اكتمال توحيد المملكة – شرع الملك عبد العزيز في تنفيذ سياسته ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية بهدف توطين البدو الرحل في مستوطنات زراعية سميت " هجر" وذلك كحل لمشكلة مصادر الرزق للبدو الرحل بدلا من السلب والنهب والغزو ، ولاستغلال تلك الطاقات البشرية المعطلة فيما يعود بالنفع على الدولة الفتية .وقد أنشئت الهجر حول الآبار وينابيع المياه والعيون ، كما أنشئت فيها المساكن اللازمة ، وأقيم بكل هجرة مسجد زود بمعلم من رجال الدين . وقد اعتبرت الهجر بمثابة قواعد للإنتاج والحرب في آن واحد حيث وضع نظام عسكري خاص بالهجر يكفل تعبئة المقاتلين عندما يدعو الداعي إلى ذلك. وفى عهد الملك عبد العزيز بلغ عدد الهجر التي أسست ما يزيد عن 120 هجرة وبلغ عدد المقاتلين فيها ما يزيد عن 76500 مقاتلا كانوا فيما بعد نواة جيش المملكة العربية السعودية. هذا وقد عمل إنشاء الهجر على ظهور العديد من المدن والتجمعات القروية الجديدة على خريطة المملكة العربية السعودية أبرزها ما أقيم بمنطقة الخرج. ومن أبرز نتائج توحيد المملكة أن ظهرت الرياض كمدينة وعاصمة للمملكة ، ويعود الموقع الذي تشغله الرياض اليوم إلى ما قبل ظهور الإسلام حيث كانت تقع قديما في هذه النواحي مدينة "حجر" حاضرة اليمامة ، وان كان أول ظهور لاسم الرياض قد بدأ في القرن الثاني عشر الهجري . وأقدم المنشآت القائمة بالرياض اليوم هو "المصمك " الذي بني عام 1282 هـ ( 1865 م ) ، وعند استيلاء الملك عبد العزيز على الرياض عام 1318 هـ (1900 م ) أحاطها بسور من الطين وذلك لحمايتها من الأعداء وكان للسور خمسة أبواب ما زال اثر أسمائها باقيا إلى يومنا هذا على أسماء شوارع وميادين الرياض الحديثة .
   وقد أدى استتباب الأمن في البلاد بعد توحيدها إلى أن فقدت أسوار المدن أسباب وجودها،  وكما أزيل سور مدينة جدة سنة 1967هـ  ( 1947م ) أزيل سور مدينة الرياض عام 1370 هـ ( 1950م)، ثم تتابعت بعد ذلك إزالة باقي أسوار المدن وبالتالي فقد عبرت المدن بشبة الجزيرة العربية النطاق المحدود لتلك الأسوار وامتدت إلى خارجها،  الأمر الذي أعطى المدن الإمكانيات الواسعة للنمو والانطلاق،  وساعد على ظهور أنماط تخطيطية جديدة للمدن بشبة الجزيرة العربية بعيدا عن التكتل القديم للمباني،  الذي كان نتيجة حتمية لضيق المساحة داخل حدود الأسوار.
كما ساعد على اتساع الرقعة العمرانية للمدينة وعلى خفض كثافتها السكانية . كل ذلك أدى إلى ظهور أحياء سكنية جديدة صحية تتوفر فيها المساحات اللازمة للحركة والتهوية والإنارة والتجميل ، ولكن على الرغم من كل تلك المميزات ألا أن إزالة هذه الأسوار وغالبا اندثار كل اثر لها يعتبر خسارة تاريخية وأثرية لا يمكن تعويضها .
   ومع استتباب الأمن الذي شهدته شبه الجزيرة العربية أصبح من الممكن التنقل بأمن وسلامة داخل أرجائها الشاسعة المترامية الأطراف.
عصر اكتشاف البتــرول:-
  وتعرضت منطقة شبه الجزيرة العربية وعلى وجه الأخص وبالدرجة الأولى منطقة الخليج إلى طفرة كبرى أدت إلى تغيير الوجه الحضاري للمنطقة ودخلت بشبه الجزيرة العربية في دائرة الضوء ليس فقط على المستوى المحلى ولكن على المستوى العالمي ، وذلك باكتشاف البترول في منطقة الخليج . كان الاقتصاد بمنطقة الخليج – قبل اكتشاف البترول يعتمد على نشاط صيد المحار واللؤلؤ وصيد الأسماك والزراعة في بعض المناطق التي تتوفر فيها مصادر المياه والأرض الصالحة ، كذلك بعض الأنشطة التجارية المحدودة ومن قبل فقدت هذه المنطقة بريقها وأهميتها التجارية التي كانت تحتلها فيما مضى كهمزة وصل مع تجارة الهند وذلك مع افتتاح قناة السويس . 
  وكان اكتشاف البترول بكميات اقتصادية لمنطقة الخليج سابق لبداية الحرب العالمية الثانية. وفى ظروف الحرب العالمية الثانية لم يمكن استغلال البترول العربي ، حيث كان الخلفاء الغربيين يحظرون ذلك خوفا من وقوع البترول العربي في يد الجيش الألماني سواء عند غزوة لشمال أفريقيا ودخوله مصر ومنها إلى بلاد الشام فالخليج العربي ، أو من خلال تدخل إيران التي كانت على وفاق مع الألمان . 
   بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، في أواخر الأربعينات شهدت المنطقة طفرة بترولية كبرى حيث تم التوسع في استخراج البترول ، وكذلك في التنقيب عنه ، وأصبحت بالتالي هذه المنطقة تتبوء أهمية اقتصادية كبرى ، وأصبحت منطقة جذب رؤوس الأموال الأجنبية وبفرض استغلال الموارد البترولية المتاحة واستتبع ذلك بالضرورة تنفيذ العديد من المشروعات الصناعية المرتبطة بالبترول واستخراجه مثل إنشاء معامل فرز الغاز والزيت ومحطات الضخ وخزانات البترول وخطوط الأنابيب ومحطات القوى .... الخ . ذلك بالإضافة إلى إنشاء العديد من المشروعات الأخرى التي واكبت بالضرورة هذه الحركة الصناعية الاقتصادية الكبرى مثل إنشاء شبكات ( الطرق ، والمرافق ، وإنشاء المواني. وكذلك إنشاء المستوطنات السكنية للعمال وما يتبعها من خدمات صحية وتجارية وتعليمية وترفيهية .... الخ . 
   كما أصبحت المنطقة مركز تنمية اقتصادية كبرى على المستوى المحلى والعالمي أصبحت بالتالي مركز جذب سكاني كبير على نفس المستويين ، حيث شهدت المنطقة حركة هجرة مكثفة سواء من داخل شبه الجزيرة العربية أو من خارجها مما نتج عنه تغيير جذري في خريطة المنطقة العمرانية والاقتصادية والسكانية ، إذ تحول النمو السكاني المرتبط بالنمو الاقتصادي إلى نمو في صورة ظفرات سكانية بالتالي حدث تضخم في أحجام بعض القرى الساحلية الصغرى والتي غالبا ما كانت مجرد قرى صيادين ، وأصبحت تمثل مدن كبرى ساحلية لمدينة الكويت ، أبو ظبي ، ودبي ، والدمام والخبر . وعلى سبيل المثال نما حجم قرية الدمام الساحلية بالمملكة العربية السعودية من حوالي 4000 نسمة عام 1934 إلى 128000 نسمة عام 1974 ، كما نمت مدينة الخبر التي كان تعدادها عام 1934 500 نسمة فقط إلى حوالي 49000 نسمة عام 1974 . ويكون الآن مثلث الدمام والخبر والظهران تعداد سكاني يكاد يتخطى المليون نسمة على أواخر هذا القرن . 
    ومن ناحية أخرى فقد حدث تأثير عكسي على العديد من المواقع السكنية ( المدن والقرى الكبرى) الزراعية التقليدية وغالبا التاريخية، حيث هجرها أعداد كبيرة من السكان وبخاصة الشباب القدامى على العمل مما نتج عنه فقدان التوازن في التركيب السكاني لهذه القرى  كما هبطت المكانة الإدارية أو السياسية التي كانت تحتلها مدن عريقة لها جذور قديمة وكانت تمثل في يوم كراسي حكم أو مراكز قوى. هبطت مكانة مدن مثل الهفوف والمبرز بالإحساء والقطيف ، وأصبح تأثيرها قاصرا فقط على النطاق المحلى لها والمحدود بالنشاط الزراعي . 
   ولقد ساعد سوء وسائل المواصلات آنذاك وانعدامها أحيانا على تزايد حدة الهجرة الداخلية من قرى ومدن شبه الجزيرة العربية أو من قرى أو مدن منطقة الخليج إلى مراكز الإنتاج البترولي إلى مراكز النمو الاقتصادي الجديد مما دفع العديد من العاملين إلى الهجرة للسكن بجوار مقار عملهم الجديد وفيما بعد أدى التحسن المعيشي في مدن البترول الجديدة إلى اجتذاب أعداد سكانية أخرى من سكان القرى ، وذلك بحثا عن ظروف معيشية أفضل . 
   بالطبع، أصبحت مدن البترول الجديدة، وكما سبق ذكره – مركز جذب بشرى كبير تعدى حدود الدول البترولية إلى المستوى العالمي. شهدت أولى فترات استكشاف واستخراج البترول استخدام عمالة أجنبية غالبا أوروبية وأمريكية مدربة على فنون الصناعة الجديدة ومعداتها وقادرة على تركيب وتشغيل وصيانة هذه المعدات . واستتبع ذلك استخدام العديد من الأيدي العاملة الأخرى اللازمة وغالبا ما كانت من الدول العربية كاليمن والأسيوية كالهند وباكستان والتي تعانى من التضخم السكاني وقلة الموارد . استقدام أعداد كبيرة من الأيدي العاملة الغير عربية أدى إلى حدوث تحولات اجتماعية ودخول أجناس غير عربية بأعداد كبيرة إلى المنطقة وغالبا بهدف الاستقرار الدائم . 
   ومع التوسع في المنشآت البترولية وعدد العاملين وتوسع الأنشطة بمختلف أنحاء المنطقة ، ظهر العديد من المستوطنات الجديدة وهى ما يمكن أن نسميه مجازا بمدن البترول الجديدة . ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك وأوضحها تعبيرا المملكة العربية السعودية ، فقد ظهرت مدن مثل الظهران ورحيمة ونجمة وأبقيق . كما ظهرت مدينة الخفجى فى المنطقة البترولية المناخمة للحدود مع دولة الكويت . وعلى امتداد خط أنابيب البترول ( التابلاين ) ظهرت مدن عرعر وطريف والقيصومة ورفحاء بالمنطقة الشمالية للمملكة ، تلك المدن التي ارتبط وجودها بخط أنابيب البترول وخدماته . وحيث توجد حقول البترول وخدماتها وخطوط أنابيب البترول وما يرتبط بها من منشآت ظهرت مواقع صناعية غير مأهولة كحقل " عين دار " مثلا – يتم التحكم فيها عن بعد ويقوم الفنيون بزيارتها على فترات ، ويمكن القول بأن تلك المواقع يمكن أن تكون – مستقبلا – نواة لتحوصل سكاني إذا تغيرت الظروف أو إذا استدعت الضرورة ذلك . 
الازدهار الاقتصادي والانطلاقة الحضارية :-
   استمر الحال في النمو الاقتصادي والسكاني بمناطق البترول وانعكس مدة على كافة أنحاء الدول البترولية، حيث ساعدت عوائد البترول هذه الدول على تحسين الأحوال المعيشية بالدولة كلها وليس بمناطق استخراج البترول وتصنيعه فقط. ولعل من أبرز هذه الأمثلة المملكة العربية السعودية ، حتى جاء عام 1973 وقامت حرب رمضان وقفزت وتضاعفت عوائد البترول بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ مما وفر للدول البترولية موارد مالية طائلة مما أمكن هذه الدول من تنفيذ برامج تنمية طموحة للغاية كان لها كبير الأثر في تغيير الوجه العمراني لها .
    وجهت الجهود نحو تنمية المدن والقرى وتزويدها بالخدمات والمرافق اللازمة وذلك بهدف إضفاء الوجه الحضاري عليها وبهدف رفع مستوى المعيشة والعمل على زيادة رفاهية المجتمع وفى ظل تلك الانطلاقة توسعت المدن القائمة بشكل مطرد وظهر ذلك جليا في مدن الكويت ، أبو ظبي ، وكذلك في مدن الرياض وجدة والدمام والخبر بالمملكة العربية السعودية .
  وفى المملكة العربية السعودية، ساعدت الموارد المالية الكبيرة على تطوير مدن مكة المكرمة والمدينة المنورة ومناطق الحج حيث تم النهوض بها وتزويدها بالخدمات اللازمة. فتم توسعة الحرم المكي بما في ذلك المطاف حول الكعبة ، كما تم عمل إضافة جديدة في صورة ساحة كبرى تقع شرقي المسجد شملت ما عرف بالسوق الصغير حيث تم إزالة كل ما فيه من مباني وتحضيره ليكون ساحة خارجية للحرم المكي ، ومن المنتظر أن تكون هذه الساحة فيما بعد مجالا لأي توسع عمراني جديد لمبان المسجد . أما الحرم المدني فقد خصصت مساحة كبيرة من الأرض تبلغ حوالي 5 أمثال مساحة المسجد القائم. وتمثل في حالة بنائها التوسعة الثانية في المسجد النبوي الشريف . كذلك أقيمت داخل المشاعر المقدسة في المزدلفة ومنى مجموعة كثيرة من شبكات الطرق المتطورة كالجسور والأنفاق والكباري تيسيرا على حركة الحجاج .
  مع التوسع الكبير والنمو السريع لمدن منطقة الخليج بوجه خاص وشبه الجزيرة بوجه عام، كان طبيعيا أن تظهر مشاكل كثيرة تعرض لها كل من الهيكل الاجتماعي الاقتصادي والعمراني للمدينة. وكما سبق ذكره فقد نزح إلى المدن العديد من الأيدي العاملة الغير عربية والغير مسلمة، وأكثرها بهدف الاستيطان الدائم. " مثل هذا الوضع غير كثيرا من الشخصية النقية المميزة للمجتمع العربي في الكثير من دولة الخليج حتى أصبح السكان الأصليين في بعض المدن يمثلون أقلية بالنسبة للسكان الأجانب الذين يبرز فيهم الجنس الأسيوي الهندي . وبالطبع فمثل هذا الوضع أدى إلى مشاكل اجتماعية كبيرة خصوصا مع اختلاف القيم الاجتماعية والعقائد وأدى إلى ظهور الدعوة إلى إصلاح اجتماعي وحماية الشخصية العربية الإسلامية في هذه الدول من أن تنطمس أو تضيع إذا ترك الحال على ما هو عليه . وليس من سبيل المبالغة أن تقول أن في بعض دول إمارات الخليج العربي تقوم حاليا أحياء كاملة بسكانها ومنشأتها وسلعها ومدارسها ولغتها وفنونها وعاداتها وتقاليدها الآسيوية الصرفة المرتبطة بسكان الحي والبعيدة كل البعد عن القيم المحلية العربية وأحيانا الإسلامية.
واكب أيضا التوسع العمراني الكبير في المدن الرغبة في إضفاء وجه حضاري (حتى ولو كان خاطئ وغير مناسب ) على المدينة العربية . أدى ذلك إلى تدمير وإزالة جزء كبير لا يستهان به من المباني القديمة التقليدية بل والتاريخية ، تحت دعوى التحديث والمعاصرة وبالطبع فمثل هذا الأمر أدى إلى طمس الشخصية المميزة للمدينة العربية الخليجية على وجه التحديد بحيث أصبحت في مظهرها العام خليطا بين كل شاذ وغريب من طرز وفنون ومواد وتقاليع العمارة .
    وبهدف مقابلة احتياجات النمو السريع لهذه المدن ، فقد أعدت مخططات عامة لأغلب هذه المدن وقام على إعداد هذه المخططات مكاتب استشارية عالمية من إيجابيات هذه المخططات أنها ساعدت الدولة على توجيه أعمال التنمية العمرانية ساعدت على وضع حدا للنمو العشوائي والغير منظم لهذه المدن في ظل غياب المخططات ، وبذلك أصبحت أغلب مدن الخليج سباقة في مجال الأخذ بأسلوب التنمية العمرانية المخططة وكذلك سباقة في وضع هذه المخططات العمرانية موضع التنفيذ . ولكن يؤخذ على هذه التجربة إن أعمال التنمية العمرانية للمدن بحكم عملها بواسطة خبرات أجنبية غربية ، لا تعرف ولا تحس بالواقع المحلى لبعده الاجتماعي والتاريخي والاقتصادي والذي يرجع إلى جذور تاريخية في المنطقة وبالتالي جاءت مخططها بعيدة إلى حد كبير من احترام هذا الواقع طبقت معايير تخطيطية دخيلة وغريبة غالبا لا تناسب البيئة المحلية ، الشركة الانجليزية استخدمت المعايير البريطانية والفرنسية المعايير الفرنسية والألمانية المعايير الألمانية وهلم جرا . وعلاوة على ذلك تم إدخال العديد من الأنماط العمرانية الغربية عن الطابع العمراني المحلى بالمنطقة وغالبا تم إزالة المدينة القديمة بدعاوى مختلفة كشق الطرق أو توفير المرافق إذ توفير الخدمات أو تنظيف المدينة أو إزالة الخرائب ........ الخ.
   وما يعنينا في الأمر أن كل ذلك أدى إلى ضياع جزء عزيز من الثروة العمرانية والتراث الحضاري المحلى ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك مدينة الكويت . 
    البحث الثاني: 
                                   عمارة المساكن التقليدية في المملكة العربية السعوديـــــــة
     
    عمارة المساكن التقليدية
    في المملكة العربية السعودية
         بصفة عامة،  يمكن التعرف على أربعة أنماط متميزة للمساكن التقليدية بالمملكة العربية السعودية.  وقد نبعت هذه الأنماط من واقع التباين المناخي والإقليمي فيما بينها،  كذلك من واقع اختلاف العوامل المؤثرة على هذه الأنماط سواء خارجية أو داخلية،  إلا إنه مهما اختلفت هذه الأنماط وتباينت ،  فهي تتحد جميعها في الثوابت المرتبطة بالقيم الإسلامية والتراث المحلي.
    هذه الأنماط الأربعة هي:
    1. العمارة الحجازية بالإقليم الغربي للمملكة.
    2. عمارة المرتفعات في الإقليم الجنوبي الغربي للمملكة.
    3. العمارة النجدية بالإقليم الأوسط من المملكة.
    4. عمارة الإقليم ذو المناخ الممتزج بالإقليم الشرقي.
     العمارة الحجازية:
         وهي تنتشر في الإقليم الغربي للملكة حيث نجد المناخ الحار الرطب على الساحل الذي يتحول إلى المناخ الحار الجاف كلما اتجهنا شرقا إلى الداخل.  وهذا الإقليم يضم مدن مكة المكرمة،  المدينة المنورة والطائف وجدة والمناطق التي تقع فيما ببينهم.  في هذا الإقليم،  نجد أن وجود مدينة جدة كميناء تجارية،  كان له كبير الأثر على الطابع العام للعمارة الحجازية ،  حيث كانت جدة مركزا للتبادل الثقافي والتجاري فيما بين الإقليم ومختلف بلدان الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا،  مثل هذا التبادل أثر على تقنية البناء في الحجاز منذ أيام الحكم العثماني للحجاز،  فظهرت مواد بناء – غير محلية – أكثر تطورا وثباتا وأدخلت أساليب بناء أكثر تقدما.  كذلك لا يمكن أن نغفل تأثير حركة الحجاج التي تدخل إلى الإقليم عبر جدة من شتى أنحاء العالم ،  ولذا تعتبر عمارة هذا الإقليم استمرارا طبيعيا للعمارة الإسلامية في مصر والشام،  ويظهر ذلك واضحا في المشربيات البديعة الزخارف المركبة على الفتحات والشبابيك والتي أخذت عن العمارة المصرية. وقد تطورت هذه المشربيات حتى أصبحت غنية بالزخارف الخشبية، وقد أثر هذا الطابع المنتشر في جدة – بصورة واضحة على طابع العمارة في المنطقة الحارة الجافة في مكة والمدينة.
       وتتميز هذه المنطقة الحارة الجافة بعنصر معماري إضافي فرضته البيئة المناخية الحارة بالإقليم ، وهو الفناء الداخلي الذي يعمل كملطف مناخي مع إعطاء أعلى درجات الخصوصية،  بحيث تتجمع الغرف من حول الفناء الذي عادة يأخذ شكلا منتظما – سواء مستطيلا أو مربعا – في المدن ويتخذ أشكالا غير منتظمة في المناطق الريفية.  وعادة يضم الفناء أحواض مياه أو نافورات للمساعدة على تلطيف المناخ.  ومع استخدام الفناء تقل الفتحات الخارجية.  والفناء بصفة عامة يستخدم في المنازل الكبيرة في إقليم الحجاز وهو يؤكد الاهتمام بداخلية المسكن العربي.  وعادة يكون الفناء محاطا بحوائط مزخرفة.  إلا أنه يوجد بالإقليم الساحلي طراز عمارة مميزة يعتبر خليطا بين عمارة حوض البحر الأبيض المتوسط والعمارة الإسلامية،  وتعتبر مماثلة لتلك الطرز التي ظهرت بمصر منذ الانفتاح على أوروبا من قرن مضى.  إلا أنه تم تطويع هذه الطرز المستوردة بحيث أصبحت تحافظ على الروح الإسلامية الأصيلة والحياة الأسرية الخاصة.
        ترتفع المباني في هذا الإقليم ( الحجاز ) حتى أربعة وخمسة أدورا وأحيانا أخرى سبعة أدوار، وذلك استجابة للمناخ الحار الرطب وذلك بحيث يسمح الارتفاع بحركة الهواء من خلال المبنى.  والمباني عموما من الطوب والحجر ويستخدم الجبس مع الحجر كمادة رابطة لضمان العزل بينما الأرضيات والأسقف من الخشب – وعادة يستخدم الخشب المستورد من الخارج وهذا انعكاس للطبيعة التجارية الدولية لمدينة جدة.  كما نجد أن التصميم الداخلي للمسكن يسمح بحركة الهواء خلال الغرف،  كما توضح غرف النوم وغرف المعيشة في الطوابق العلوية لإعطائها أكبر فرصة لمرور الهواء من خلالها.  والمباني عامة غنية بالزخارف الخشبية أو الجصية المنحوتة في خطوط هندسية أو نباتية زخرفيه رائعة،  وكل ذلك يعمل على توفير مسطحات كبيرة من الظلال على واجهات المباني مما يقوي من خاصية مقاومة المبنى للحرارة الخارجية.  وبصفة عامة تبنى المباني متباعدة من بعضها البعض،  وذلك للسماح بحركة الهواء من حولها ولإعطاء أكبر مسطح ممكن لعمل المشربيات التي تسمح بمرور الهواء داخل المبنى،  إلا أنه يستثنى من ذلك ا لوضع الأحياء المزدحمة التي تتلاحم فيها الكتل السكنية. 
    عمارة المرتفعات:-
       ومن طراز العمارة بمنطقة الجبال في الإقليم الجنوبي الغربي من المملكة والذي يضم عسير والطائف وأبها.  وقد أثرت طبيعة المنطقة الجبلية المرتفعة ومناخها الرطب على سمات العمارة بالمنطقة التي تختلف عن العمارة بباقي شبة الجزيرة العربية،  فعمارة منطقة عسير متأثرة تأثرا واضحا بالعمارة اليمنية المتمثلة في المساكن البرجية المبنية أعلى الجبال بينما تستغل سفوح الجبال في الزراعة.  ونظرا لوعورة الأرض بالمنطقة فأن المساحة الأفقية للمبنى تعتبر صغيرة نسبيا.  ومن ثم يتسع المبنى في صورة رأسية لكي يستوعب كافة احتياجاته الأساسية.  وعلى الرغم من  التشابه الواضح مع عمارة اليمن إلا أن قرى عسير لا توجد بها حصون أو قلاع – كما هو الحال في اليمن وحضرموت – إذ أن أهل عسير اتخذوا لأنفسهم وسائل دفاعية أخرى – لحمايتهم من غارات القبائل،  وذلك ببناء مساكنهم أعلى الجبال وبنائها متلاحمة مع بعضها حول طرقات ضيقة ملتوية. 
       المباني في عسير مبنية من الطين والحجر،  وتتميز بوجود مداميك حجرية متعددة بارزة على مسافات منتظمة في صورة أحزمة كاملة تمتد حول المبنى،  ووظيفة هذه المداميك الأساسية حماية المبنى من الخارج من التقلبات الجوية التي تكون في صورة أمطار كثيفة تشهدها المنطقة بحكم موقعها في قمم سلسلة الجبال.  ترتفع المباني في المنطقة إلى أربعة وخمسة أدورا بحيث تخصص الأدوار العليا للنساء وأدوار الخدمات المنزلية وغرف أهل المنزل.  هناك بعض المباني تكون مبنية من الحجر – الذي يجلب من الوديان – وبدون مونه بأشكال وأحجام وألوان مختلفة.  مثل هذه المساكن تكون من دور أو أثنين ولضمان الثبات والترابط تحشى الفجوات بكسر الحجارة الصغير وقد يصل سمك الحائط إلى 70سم في الدور الأرضي، عادة هذه المساكن تكون مزودة بفناء داخلي. 
       ومن أنماط البناء المميزة في عسير النمط المعروف بطراز أبها – حيث أنه الطراز الشائع في منطقة أبها في هذا النمط يبنى المسكن من الحجارة والطين سويا على أن يكون الدور الأرضي من الحجر ثم يعلو باقي المبنى بحوائط من الطين والحجر،  وهذا يعطي للمبنى ثباتا أكثر. 
    والمباني عامة غنية بالزخارف الهندسية الملونة بألوان بهيجة كالأحمر والأخضر والأصفر والأزرق.  وتظهر هذه الزخارف في الأبواب والشبابيك وعلى الأسقف وحول الفتحات وعلى الحوائط الخارجية وتعتبر هذه الزخارف الملونة من السمات العامة لعمارة عسير.
    العمارة النجدية:
        وهي طراز العمارة بالمناطق الصحراوية بشبه الجزيرة العربية الذي تتميز به المنطقة الوسطى من المملكة العربية السعودية، وهذه المنطقة ذات مناخ حار جاف.  ويميز هذا الطراز المعماري وجود الفناء الداخلي الذي لا يعمل كملطف مناخي فقط،  بل يوفر أعلى درجات الخصوصية للأسرة داخل المسكن.  وتستمد عمارة هذا الإقليم طابعها من البيئة الصحراوية المحيطة وهي شبيهة بالبيئة الصحراوية في بعض مناطق تونس والمغرب وإيران التي تستخدم الأفنية كحل مناخي وينعكس ذلك في قلة الفتحات الخارجية – وعند وجودها تكون ضيقة – بينما تتوجه كافة الغرف والخدمات الأخرى إلى الفناء الداخلي للمسكن الذي تفتح عليه الأبواب والنوافذ المحمية بواسطة ممر مغطى حول الفناء وعادة تتخذ الأفنية أشكالا غير منتظمة تتجمع حولها الغرف.  وفي النماذج الأكثر تطورا بدأت الأفنية تنتظم أشكالها سواء بمستطيل أو بمربعة وتنتظم الغرف حولها والمباني عموما مبنية من الطين بسمك 45 إلى 75 سم ،  وأحيانا تستخدم الحجارة مع الطين والحوائط السميكة توفر درجة عالية من الثبات الحراري داخل المبنى وعادة يستخدم الجبس والطين كمادة رابطة،  ويستخدم الجبس في البياض أما الأسقف فتكون من الخشب أو جذوع وأفرع النخيل.  تتصف المباني بالاتساع وانتظام خطوطها.  وإذا كانت المباني من الخارج تعتبر بسيطة قليلة الزخارف والنقوش إلا أنها من الداخل غنية بالزخارف والنقوش الهندسية الرائعة،  كذلك تستخدم الألوان المختلفة في تزيين الأبواب والنوافذ والأسقف،  مما يضفي على المنزل البهجة وسط البيئة الصحراوية من حوله.
       وعامه تتواجد المساكن متلاحمة مع بعضها بحيث تظلل على بعضها وهذا يأتي استجابة للطبيعة المناخية الشديدة الحرارة،  أما المنازل الموجودة على أطراف التجمع السكني فنجدها أقل المساكن ذات الفتحات لتفادي الوهج الشديد لأشعة الشمس أثناء النهار.
       وبساطة العمارة النجدية يمكن أن تعتبر نابعة من بساطة البيئة الصحراوية المحيطة،  ومن ناحية أخرى يمكن اعتبارها انعكاسا لتعاليم الدين الإسلامي في احترام حرمة البيت وأهله،  فلا تبدو زينة البيت للغرباء وبالتالي توجه الزخارف والزينات إلى الداخل مع المحافظة على الطابع البسيط الخارجي. 
    عمارة المنطقة الشرقية للمملكة ذات المناخ الممتزج:
        وهو طراز العمارة بالمنطقة التي تتميز بمناخ متأرجح بين الحار الجاف والحار الرطب بالقرب من الخليج وتشمل هذه المنطقة الظهران والرياض والدمام.  وتتميز عمارة المساكن التقليدية بهذه المنطقة بوجود الفناء الداخلي كعنصر أساسي بالمسكن.  والفناء في هذه المنطقة يتخذ أشكالا أكثر انتظاما عنها في المناطق الصحراوية.  وعادة تبنى المباني في صفوف متراصة بحيث تظلل مجموعات المباني على بعضها،  وتوضع المباني في صفوف ممتدة عبر اتجاه الشرق – الغرب بحيث تكون مساحات المعيشة الداخلية بالمسكن ذات توجيه شمالي وجنوبي على أن توضع غرف الخدمة والتخزين على الجانب الغربي،  يراعى أن تكون فتحات الأبواب والنوافذ على ممرات مغطاة حول الفناء،  بينما تكون الفتحات الخارجية قليلة وضيقة وتزود بسواتر خشبية لحماية الفراغ الداخلي من وهج الشمس والرياح المتربة.  قد تتواجد نوافذ غير مباشرة لعملية تغيير الهواء بدون جرح للخصوصية أو توضع النوافذ في أعلى الجدران.  في بعض الأحيان تلغى الفتحات الخارجية تماما ويعتمد المسكن في توفير الضوء وتغيير الهواء على الفناء الداخلي.  ولضمان الثبات الحراري داخل المسكن تكون الحوائط من الحجر بسمك يتراوح بين 45 و 75سم مع استخدام الطين والجبس كمادة رابطة.  وفي المناطق القريبة من الخليج حيث تزداد نسبة الرطوبة يستعمل كمادة عازلة للحماية من الرطوبة.  أما الأسطح فتكون من جذوع النخيل الملقى عليها كسر الحجارة والطين. 
      بصفة عامة تستخدم مواد نهو ملساء ذات ألوان ( فاتحة ) لتحقيق الانعكاس المباشر لأشعة الشمس ويجب أن تكون مواد النهو ثابتة حتى لا تتأثر بالرطوبة والأمطار التي تهبط على هذا الإقليم . وقد روعي في المساكن التقليدية استخدام الألوان كالأحمر والأزرق والأصفر في الزخارف الهندسية على الأبواب والشبابيك والأسقف. كما روعي كذلك إحاطة المسكن – إن أمكن – بمسطحات خضراء كثيفة على الجانب الجنوبي والغربي للتقليل من حدة أشعة الشمس الساقطة . في النماذج المطورة روعي أن تكون الأرضيات حول المبنى ملساء بحيث تسمح بانعكاس الأشعة لا اختزانها .  

     
    البحث الثالث: 
                  عمارة المساكن الغير تقليدية في المملكة العربية السعودية
                        والعمارة المعاصرة
     
    عمارة المساكن الغير تقليدية في المملكة العربية السعودية
        تظهر في بعض مناطق المملكة طرز معمارية أو أنماط غريبة على الروح العام للعمارة السعودية.  وقد ظهرت هذه الأنماط في المنطقة الجنوبية الحارة الرطبة في إقليم نجران.  يظهر هذا النمط في شكل أكواخ مخروطية،  ذات أصل أفريقي من الأخشاب وحوائط وأسقف من الطين.  ويظهر التأثير الأفريقي في مواد البناء والأشكال المختلفة لهذه الأكواخ وقد دخلت هذه الأنماط إلى المنطقة عن طريق السودانيين والأثيوبيين الذي انتقلوا وسكنوا واستقروا في المنطقة.  ويتميز هذا النمط بأنه يوفر الظروف المناخية المناسبة لمعيشة الإنسان حيث يسمح القش والطين بتغيير الهواء وتهوية الكوخ بدون أي فتحات غير الباب،  ويسمح الشكل المخروطي للسقف المطلي من الداخل ببياض أملس – بهروب الهواء الساخن من السقف.  ومن ناحية أخرى،  فإن القش يحمي السقف الطيني من تقلبات الجو،  بالتالي يوفر نوع من التظليل للسطح الطيني ملطفا لدرجات الحرارة الداخلية.
       عادة تكون الحوائط الداخلية للأكواخ والأسقف مزخرفة وملونة عند قمة ورأس المخروط،  في صورة أشكال نباتية وحيوانية كذلك أشكال هندسية ملونة بألوان الأزرق والأحمر والأصفر والأزرق.  يلاحظ أن الباب هو الفتحة الوحيدة بالكوخ إلا أن هذا لا يمنع وجود التهوية والإنارة الكافية بالكوخ.  وغالبا يحاط الكوخ بفناء تمارس فيه كافة الأنشطة المنزلية وترعى فيه الماشية وعادة تتجمع الأكواخ بأفنيتها في مجموعات من كوخين أو ثلاثة.
        ويعود عدم انتظام تجمعات القرى في المنطقة ( منطقة نجران ) إلى عدم ثبات هذه الأكواخ ذات العمر المحدود ولذلك نجدها منتشرة متفرقة عن بعضها حول القرى الساحلية.  وهذا النمط ينمو ببطء في نجران بالنسبة لمنطقة الساحل الشمالي الغربي في جدة وينبع.
       وبعيدا عن الأنماط المعمارية التقليدية للمسكن بالمملكة العربية السعودية،  ظهرت أنماط ( سكنية ) متدهورة في صورة إسكان عشوائي غير مرخص ارتبطت هذه الأنماط العشوائية بالدرجة الأولى بالمدن ذات المقومات الاقتصادية الكبيرة النمو ،  حيث نزح أعداد من السكان ،  غالبا من منخفضي الدخل بحثا عن مصادر للرزق ،  وبالتالي فلم تكن هذه المدن مجهزة أو مستقرة لاستقبال هذه الأعداد المتدفقة من السكان،  وبالتالي ظهر ما يسمى بالصنادق والعشش،  وهى أنماط سكنية بنيت من الصفيح وأخشاب الصناديق،  ومخلفات المباني وبالطبع فلا تتمتع هذه المساكن بأقل حد ممكن من الخدمات الأساسية.  وتمثل بالتأكيد نقطة سوداء في الوجه المعاصر للمدينة السعودية. وقد ساعد على تفاقم هذه الظاهرة نقص المعروض من الوحدات السكنية  في ذلك الوقت وارتفاع القيمة الايجارية وارتفاع أسعار الأراضي.  ولكن مما هو ملفت للنظر تمتع بعض هذه المساكن بكماليات تدل على ارتفاع نسبي في مستوى داخل المساكن مثل وجود أجهزة تكييف بالعشة وإيريال التليفزيون وسيارة خاصة بالباب.  ويستدل من ذلك على أن هذا النمط المتدهور  من المساكن وإن كان قد ارتبط في أول الأمر بمستوى الدخول المنخفض إلا انه في آخر الأمر أصبح أيضا نمطا للمسكن ممكن الحصول عليه بوسيلة سهلة بدون مقابل وأرخص التكاليف.  وبالطبع فقبول مثل هذا الوضع السكني من القادر ماديا نسبيا يعني ضمنيا انخفاض المستوى الحضاري والثقافي.  ويلاحظ أن هذه الصنادق والعشش توجد في صورة مجمعة في المدن بالقرب من مراكز الأعمال والصناعة وكذلك على الأطراف الخارجية للمنطقة المركزية من المدينة ،  ومن أبرز هذه المواقع ما هو موجود بمدينة الرياض خلف حي الوزارات وعند المنطقة الصناعية على طريق الخرج.  وتمثل نسبة هذه المساكن في مدينة الرياض عام 1979 3,3% من أجمالي عدد المساكن.  ولكن مما يلاحظ أنه على الرغم من تدهور حالة المسكن والبيئة المحيطة وفقدان كل المقومات الأساسية لقيام حياة مستقرة إلا أنه توجد ظاهرة صحية يمكن أن نشير إليها في هذا المجال إلا وهي وجود روح المسكن ذو الفناء في تخطيط العشة وذلك على الرغم من صغر المساحة وسوء حالة البناء _ كما سبق ذكره.  هذا يدل على أن الإنسان العربي متشبع في أعماقه بقطرة المحافظة على الخصوصية والقرب من الطبيعة وهذا ما يمكن أن يوفره للفناء.
      وتقوم الحكومة بتنفيذ سياسات لتوفير المساكن لذوي الدخل المنخفض.  مرت هذه السياسات بعده مراحل منها مرحلة منح قطع أراضي (20 x 20م) للأسرة لكي تبنى عليها مسكنها بجهودها الخاصة ثم أنشئت الدولة صندوق التنمية العقاري الذي قام من ناحية أخرى بإعطاء قروض تمثل 80% من إجمالي قيمة المنشأ بدون أي فوائد وبتسهيلات كبرى في الدفع على أقساط إلى درجة أن يمكن وصف هذه العروض على أنها أقرب منها إلى المنح.  من ناحية أخرى قامت الحكومة بإنشاء مساكن لذوي الدخل المنخفض،  ولكن في بعض هذه المشروعات التي لم تتمشى مع المتطلبات الاجتماعية والمعيشة للسكان فشلت فشلا تاما،  بل ولم نجد من يقبل السكن فيها.  مثل مشروع الإسكان بمدينة جدة الذي بنى في صورة عمائر كبيرة الارتفاع ( بارتفاع 16 دورا) ولذلك مثل مشروع الإسكان ذوي الدخل المحدودة بمدينة الرياض  والذي مبنى في صورة وحدات سكنية من دور ارضي فقط.
     
      عمارة المسكن المعاصرة ما لها وما عليها:-
       لقد ظهرت محاولات معمارية أقل ما توصف بها أنها موفقة وكان ذلك في إطار محاولات النقل والابتكار والانزلاق في محاولات للتجديد بلا روية.  فظهرت أنماط وطرز معمارية غريبة وبعيدة كل البعد عن طراز البيئة والطراز المحلي وكذلك غريبة وبعيدة كل البعد عن طراز أو شكل أو نمط معماري بأي مكان.  غذي مثل هذه المحاولات،  التحضر المبكر وزيادة السيولة النقدية وبالتالي فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن نصف هذه المساكن بأنها رديئة من ناحية المواد حيث استخدم فيها أغلب وأرقى أصناف مواد التشطيب من رخام ونحاس والومنيوم وزجاج،  ولكن المحصلة النهائية لهذه الأشكال المعمارية الجديدة هو ضياع الشخصية المميزة للعمارة ذلك إذا استفحل الأمر هذه الأعمال بالمدن.
      وظهر كذلك الاتجاه إلى بناء العمارات السكنية شديدة الارتفاع والعمارات السكنية الضخمة،  وبالطبع فأن هذا نمط سكني سيضفي طابعا دخيلا على المدينة ويمثل ( يسبب) مشاكل تخطيطية مستقبلا كما يعتبر نمطا سكنيا يبعد كل البعد عن المقدرة على التوفير بيئة سكنية لحياة أسرية سليمة.
      ولعل من أبرز ما قيل في مجال الحديث عن أنماط المعماري الكبير بمدن دول البترول ما كتب في محلة " دومس " والذي ترجمه النص كما يلي:-
      " في السنوات العشر الأخيرة تحولت بلاد منطقة الخليج العربي أو بالأحرى بلاد البترول الثرية – تحولت بمحض إرادتها إلى ملعب كبير تمارس فيه الأعمال المعمارية والفنية ذات المهارة العالية.  هذا الملعب بالطبع لا يتردد عليه إلا الأبطال العالميين وهو مزود بجميع الإمدادات التي تكفل التدريب والتمرين في أمان تام بعيدا كل البعد عن النظرات المتسائلة من الأوساط الثقافية في بلاد اللاعبين أنفسهم.  وحيث أن هذا يحدث بدون كيفية ممكنة وبنوع من التشويش يصبح معه الحديث عن الصفقات والتجار المهرة أيسر من الحديث عن العمارة والمعماريين.  كما أصبح من المألوف الربط بين المعماريين التجار وبين العمارة كتجارة."
      وهكذا ظهر " الطراز المعماري الجاهز للاستعمال "  الذي يتيح التخطيط والتشييد السريع لأي مشروع وبأي حجم وفي أي مكان ثم تضاف بعضا من الزخارف أو مئذئة زائفة لجعل المبنى يحاكي بمهارة التقاليد المعمارية المحلية.  بيد أنه من النادر أن تحترم التقاليد الإسلامية أو تؤخذ في الاعتبار كأساس للتخطيط وهكذا فأن  قيمة التفاصيل عموما مثل قيمة الأصوات كصوت المياه أو الموسيقى أو الريح أو تناغم الألوان أو إمكانيات الضوء أو أشياء أخرى صغيرة كالأهمية الشاعرية لغرفة ما في العمارة الإسلامية كل تلك القيم تذبح على محراب التجارب والتقنية الغربية.
      وهكذا فأنه كل ما هو رائع ودائم يظهر وكأنه مؤقتا وكأنه في معرض صناعي ضخم يبدو فيه كل شئ وكأنه عمل جميل وكل شئ يصلح للاستعمال – دعنا نتمنى أنه عندما يعود البترول إلى كونه زيتا وليس ذهبا أن ينجح التفاعل بين الإنسان والصحراء في محو تلك المخلفات الدخيلة التي لا تنتمي إلى أيه ثقافة بالمرة.
      ومن المحاولات الجادة في ظل هذا الخلط المعماري الكبير الذي شهدته في فترة المدن بالسعودية بوجه خاص وبدول الخليج بوجه عام،  كان  لابد من ظهور عودة للوعي المعماري المحلي الأصيل فبذلت محاولات جادة وصادقة لأحياء الطابع القديم والمحافظة على الشخصية المميزة للعمارة بالمدينة الإسلامية.  وقد تعدت هذه الجهود العمارة السكنية إلى العمارة المدينة سواء في صورة منشآت حكومية أو مباني خدمات،  وتعتبر التجربة التي تحدث في مدينة جدة نحو تأصيل القيم المعمارية المحلية في العمارة المعاصرة،  وكذلك إضفاء الطابع المعماري المحلي على ما سبق من منشآت أقيمت سابقا وكانت بعيدة كل البعد عن هذا الطابع،  تجربة راشدة وبناءه على هذا الدرب.  كذلك تبذل الجهود نحو المحافظة وحماية المدينة القديمة بجدة،  حيث تم بالفعل وضع تخطيط لها وترميم أغلب مبانيها وخصصت لها بلدية فرعية خاصة. 
      البحث الرابع 
      العمارة الدينية في المملكة العربية السعودية 
     
    العمارة الدينية في المملكة العربية السعودية
       تتبع العمارة الدينية التقليدية في مجملها الأنماط المعمارية الأربعة التي تحدثنا عنها  عند سابق دراستنا للعمارة في المملكة العربية السعودية  فتظهر سماتها واضحة جلية خاصة في عمارة المساجد الأولى حتى ازدهار الإسلام وانتشاره في كافة الأمصار والبلاد المحيطة بالمملكة ،  فتلاشت الحدود واختلطت الحضارات ،  فتخالطت التقنيات المختلفة للأمصار،  وتبارى الولاة في تعمير ارض المساجد كل حسب مقدرته وعز جاهه حتى أصبحت المملكة وخاصة الجزء الشرقي منها بحق أرضا لمساجد وبيوت الله بفضل أهلها وأهل غيرها من بلاد المسلمين.
       أما عن المسجد النبوي الشريف والحرم المكي،  فقد كان لهما مكانة خاصة في نفوس المسلمين منذ بداية الإسلام،  فسرعان ما بدأ الولاة والخلفاء والسلاطين في إصلاح وإعادة بناء وتوسعة وزخرفة الحرمين،  باذلا ماله وعماله،  وعصارة فنون أمصاره لتعمير وتجميل الحرمين الشريفين آملا في وجه الله أو تخليدا لذكراه في أقدس بيوت الله.  فجادا الحرمين رمزا لامتزاج حضارات المسلمين ومرآه لأنماطهم وطرزهم المختلفة ومحطا لاهتمامهم – لذا سنفرد جزءا خاصا للحديث عن هذين المسجدين وتطورهما ودلاله هذا التطور ومدى تأثر عمارة المملكة به لتفرد أنماط عمارتهما عن باقي أنماط المملكة الأربعة الأساسية ولما لهما من مكانة خاصة.
    العمارة الدينية بمنطقة الحجاز :
        عمارة منطقة الحجاز الدينية تحتوي على أغلب مميزات عمارة الإقليم الغربي من المملكة حيث المناخ الحار الرطب على المدن الساحلية والحار كلما اتجهت شرقا إلى الصحراء – غير أن هذه العمارة لم تكن فقط صدى للظروف المناخية ومواد البناء المتاحة من أحجاز وأخشاب مجلوبة من بلاد قريبة عن طريق السفن والتجارة ،  بل كانت أيضا محل تفاعل مع خبرات وتقنيات وحضارات مجاورة.  وعند ازدهار الإسلام وانتشار تعاليمه كان الاهتمام بهذة المنطقة رمزا لأهميتها ومكانتها في نفوس المسلمين فنجد عمارة مملوكية وعثمانية منتشرة على ساحل المملكة وقد تمتد لقلبها.  تكون في بعض الأحيان صورة مطابقة لأبنية مماثلة في مصر وغيرها من الأمصار أو تمتزج الطرز فتظهر الصورة باهتة تحمل بعض الصفات من هذا الطراز وذاك ،  خاصة في المناطق القريبة من الصحراء حيث جاءت بعض النماذج هزيلة غير محدودة الهوية ليست بالتقليدية الصرفة الدالة على شخصية المنطقة ولا هي بالمصبوغة بصبغة الممالك المجاورة.
       تميزت المساحة الأولى في منطقة الحجاز ببساطتها الشديدة سواء في مسقطها أو في كتلتها،  مطابقة في ذلك روح الإسلام الأصيلة – فجاءت مساحات كبيرة كانت أو صغيرة ،  نظيفة طاهرة محاطة بسور،  في فنائها منطقة مظللة أو مسقوفة تجاه القبلة.  مع استقرار الإيمان في نفوس المسلمين بدأت بعض التغيرات في الحدوث ليس جوهر المسجد ولكن في تفاصيله ،  فبدأت الزخارف والنقوش تجد مكانها.
     
     الحرم المكي الشريف: -
        هو البيت الحرام والبيت العتيق وهو أول مسجد وضع للناس ،  فمنذ بناه إبراهيم وولده إسماعيل، والحرم يعد قبلة للمؤمنين والأحناف من شمال بلاد العالم.  وقد هدمت السيول الكعبة عدة مرات وأعيد بناؤها عدة مرات احدهما عندما كان الرسول شابا،  ووضع ركنها :  الحجر الأسود في ثوبه وأخرها عام 1627م
        والكعبة مبنية بحجر مكة الرمادي اللون على شكل متوازي مستطيلات ومقاماتها حوالي 9م طولا x 7م عرضا x 10 متر ارتفاعا،  والسقف أفقي محمول على أعمدة خشبية من الداخل ولها باب واحد جهة الشرق مرتفع عن مستوى الأرض،  وتكسي الكعبة بأستار قرآنية وتترك محرمة ( عارية ) لمدة 15 يوم.
       كانت الكعبة حتى عهد الخليفة أبو بكر محاطة بساحة فضاء للطواف تأتي بعدها المساكن ثم هدم الخليفة عمر رضي الله عن المساكن حولها ( حوالي عام 17هـ) وحول المنطقة المحيطة بدائرة الطواف إلى مسجد (ظلات) حول الكعبة لأول مرة،  منذ ذلك الحين وتتوالى التوسعات والتحسينات على المسجد الحرام في عصور عديدة على يد حكام كثيرين نذكر منهم الخليفة المهدي والسلطان برقوق والسلطان الغوري والسلطان  سليمان،  كما أعاد بناءها كاملة الأتراك العثمانيين بعد سيل داهم عام 1626م حتى جاءت التوسعات الأخيرة التي تقوم بها المملكة العربية السعودية حاليا.  وقد احتفظت التوسعة الأخيرة بجزء من الأروقة ذات القباب العثمانية الحجرية وغطت المسعى بين الصفا والمروة وجعلته من دورين وضمته إلى جسم المسجد وأضافت أروقة أخرى من دورين وجددت الجدران والمداخل وكستها بالرخام،  كما غظت الأرضيات برخام عازل للحرارة  بدلا من الحصباء.  وقد بنيت 7 مآذن جديدة لتحل محل بعض المآذن القديمة.  تكاد شبيهة بالمآذن الفارسية في مجملها غير أنها تختلف عنها في نسبها وتفاصيلها.
       أما بئر زمزم فقد تغطت تماما وسحبت مياهها في مواسير خاصة خارج المسجد.  ومن الجدير بالذكر أن هذه التوسعات بالحرم المكي الشريف كانت ذات تأثير هام وجذري على التوسع العمراني بمدينة مكة،  فكل هذه الجهود المبذولة في سبيل تيسير الحج وتطوير الحرم تؤثر على كل ما يحوط تخطيطه العام.  لذا فقد أخذت المملكة بكل ما توفر لها من تكنولوجيا متقدمة لتعيد تخطيط المدينة تمدها بكل ما قد يسهل على الحج من طرق وأنفاق ومرافق. 
    المسجد النبوي الشريف :-
        يتوسط الحرم النبوي الشريف المدينة المنورة ،  فقد بنى الرسول صلى الله عليه وسلم مسجده في بدايات هجرته إلى المدينة ليقوم بوظائف متعددة،  فكان دارا للأمارة ومسجدا جامعا للجماعات الإسلامية الناشئة كما كان أيضا المركز الروحي والفكري والسياسي للجماعة رمز وحدتها،  ففيه كان الرسول يؤدي صلواته الجامعة،  تجتمع فيه بصحابته وتبليغ رسالته إلى عشيرته من المسلمين.  ومن ثم فقد كان هذا المسجد صفة لتجمع المباني من حوله فأصبح صفة في مدننا العربية.
      وكان المسجد عند بنائه مستطيل المسقط عرضة 60 ذراع وطوله من الشمال إلى الجنوب 70 ذراع وكانت حوائطه غير تامة التعامد فيما بينها.  كان ملحقا بصحنة ظلة بمؤخرة المسجد في الجهة الجنوبية،  يأوي إليها المهاجرون الذين لا دار لهم ولا مأوى ،  وكان محاطا بسور قليل الارتفاع.  وكانت قبلته تجاه القدس الشريف.
      كان أساس المسجد من الحجر،  يعلوه حائط من الطوب اللبن،  وقد ظل المسجد وعملت له أعمدة من جذوع النخيل،  وضعت على العوارض وعطيت بالجريد والخوص،  ثم غطيت بالطين بعد فترة لسقوط الأمطار على المصلين.  وعند تحول القبلة من القدس إلى الكعبة عام 2هـ/624م أغلق الباب في الحائط الجنوبي وحل محلة باب في الحائط الشمالي وعملت ثلاثة أروقة جهة الجنوب على غرار تلك التي بالجهة الشمالية وأحتفظ بالبابين.  وقد أستمر المسجد على حاله حتى توفي الرسول ودفن بحجرة السيدة عائشة رضي الله عنها.  وقد زاد أبو بكر الصديق وعمر أبن الخطاب في مساحة المسجد وحسنا في بنائه.  فأزيلت الصفة،  في عهد عمر حيث أصبحت لا حاجة إليها بعد استقرار حال المهاجرين.  ودفن كل منهما مع رسول الله (صلعم).  أما عثمان فقد استخدم الحجر بدلا من اللبن ليزيد من متانة المسجد النبوي الشريف عند توسعته واستبدل جذوع النخيل بأعمدة من حجر منحوت وضع بها قطع من حديد مغطاة بالرصاص المصهور ( وهي طريقة وجدت في العمارة البيزنطية وفي قبة الصخرة) ولم يتغير شئ في التصميم الأصلي للمسجد،  ولكن عملت ورقة بياض داخلية من الجص وفتحت طاقات في حوائط المسجد لأول مرة وأن لم يكن للزخارف مكان في المسجد حتى وقته.  وفي خلافة الوليد بن عبد الملك هدم عامله عمر بن عبد العزيز غرف أمهات المسلمين وأقام بناء حول حجرة السيدة عائشة جعله مخمسا غير منتظم خشية أن يستقبله الناس كما يستقبلون الكعبة.  وكان السلطان قلاوون قد أقام عليها قبة جددت عدة مرات وغطيت بألواح الرصاص تم لونها باللون الأخضر حتى اتخذت اسمها " القبة الخضراء " .  وكان الوليد بن عبد الملك قد أرسل عمال البناء الذين وصفوا في بعض الروايات بأنهم من "القبط" ( نسبة للمصريين وليس لإتباعهم المذهب القبطي ) وفي أخرى بأنهم من " الروم " ليقوموا بأعمال الفسيفاء.  فخط بذلك بدايات التأثيرات الخارجية على عمارة المسجد النبوي الشريف.  وكانت من أهم إضافات الوليد تيجان الأعمدة المذهبة وكسيت أبدن الأعمدة بطبقة بياض جعلتها تشبه الرخام.  كما عملت مآذن مربعة في الأركان الأربعة على غرار المنارات الموجودة في مصر والشام  لأول مرة.  كما ظهر المحراب المجوف في حائط القبلة لأول مرة أيضا أثناء هذه التوسعة. 
       فى عهد المهدي العباسي زيد أيضا في مساحة المسجد وزخرفته بالفسيفساء وأحترق المسجد النبوي عام 654هـ وعام 886هـ فأعاد بناءه السلطان الأشرف فايتباي في عصر المماليك البحرية،  وقد تم بناء المئذنة السنجارية لشبة الأمير سنجر الجاولي وهي تتبع في شكلها المئذنة المصرية المملوكية حتى فى وجود الكورنيش الفرعوني بها وهي شديدة الشبة بمئذنة قلاوون وشيخون الناصري.
    أما في عصر المماليك  الجراكسة فقد استبدلت الجسور الخشبية بعقود من الأجر على نمط العقود الموجودة في البناء المصري.  كما أقيمت مدرسة ورباط ملاصقين للحائط الغربي للمسجد بين بابي السلام والرحمة.  زخر العصر العثماني بالعديد من التوسعات والإصلاحات للحرم النبوي الشريف فهدمت بعض المآذن وأقيم غيرها وغيرت الكسوة الداخلية للمسجد وللقبر وزينت الروضة وغطيت الأرضيات بالقاشاني الملون.
       عند قيام المملكة بدأ الملك عبد العزيز آل سعود في توسعة الحرم،  فبدأ في هدم المباني المحيطة وتغير المسقط العثماني قليلا،  وأحتفظ بجناح القبلة وأقيمت التوسعة كمبنى هيكلي من الخرسانة المسلحة عبارة عن أعمدة تحمل عقودا مدببة تقسم السقف إلى مربعات،  شكلت على نمط الأسقف الخشبية وزخرفت بزخارف نباتية وغطيت بقباب،  أما الأعمدة فجاءت مستديرة ذات تيجان من البرونز وغطيت قواعدها بالرخام.
    وتستمر أعمال التوسع والدراسات التي تزيد من مساحة الحرم النبوي حتى يومنا هذا فتتوالى الأعمال لتحسين الحرم وإمداده بكافة الخدمات وتوسعته لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من المصلين للصلاة فيه.  ويلاحظ أن الامتدادات تكون دائما من الجهة الشرقية والجنوبية فقط مراعاة لأن يظل قبر الرسول دائما في طرف المسجد خشية أن يتحول إلى قبلة للمصلين فمنع الفتن خير من قمعها.
    مسجد الهنود بالطائف:
       يرجع تاريخ هذا المسجد إلى أكثر من 150 عاما،  كما هو واضح من أسمه فقد بناه الهنود المسلمين عندما نزلوا بهاذا الموقع – ويقع المسجد بالمنطقة المركزية لمدينة الطائف الواقعة في المنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية،  فأنه يفرض نفسه عليها كعنصر رئيسي وبارز داخل هذه المنطقة – وتلعب مئذنته دورا بارزا في تحديد الاتجاهات كعلامة أرضية مميزة – ويقع المسجد في المنطقة التجارية القديمة بالمدينة وتحيط به من كل الجوانب وفي صورة متلاحمة ،  المحلات التجارية التقليدية التي تتاجر في العطور والبخور والمصنوعات والمنتجات المحلية البدوية – ويتميز المسجد بطابعة المعماري الذي يجنح إلى البساطة في التصميم أو في التشكيل وتميزه مئذنته ذات الطابع المحلي الفريد.
    وقد تدهور حال المسجد في الآونة الأخيرة،  مما دعي إلى البدء فورا في تجديده وما يحيط به ومع ضرورة زيادة مساحته وربطه بالعناصر الأخرى الضرورية لتكامل وظائفه مع البيئة المحيطة.
      وقد تم أعداد تصميم لتطوير مسجد الهنود على ضوء الدراسة الفراغية ودراسة استعمالات الأراضي التي أعدت للمنطقة ،  فروعا التشكيل الفراغي للمنطقة ونوعية النشاط التجاري والطابع والطراز المعماري السائدين بها – كما روعي احترام العوامل المناخية والتقاليد الإسلامية في التصميم والتخطيط.  فجاء التصميم الجديد للمسجد مؤكدا لوظائف المسجد الاجتماعية والدينية والتعليمية – فالمسجد يحتوي على مصلى للرجال وآخر للنساء ،  كما يمكن استخدام ساحة المسجد كمكان اجتماع لبحث امور المسلمين أما عن الوظيفة التعليمية فقد زود المسجد بمكتبة عامة دينية وصالة للاطلاع تعمل أيضا كمدرسة لتحفيظ القرآن،  يمكن الوصول إليها من خارج المسجد،  ولتكامل المسجد يتم إنشاء محلات تجارية لكي يمكن الصرف من ريعها على المصاريف الجارية للمسجد وأعمال الصيانة الدورية وكذلك يتم تزويد المسجد بوحدات سكنية مناسبة لسكن الأمام والمؤذن وخدم المسجد وقد أعد التصميم المعماري للمبنى بشكل يتمشى مع الخطوط العريضة المكونة لحدود المباني السابقة بالموقع وكذلك مع مراعاة ثبات الاستعمالات التي كانت قائمة على جوانب الممرات ،  وكل في موقعه.
    العمارة الدينية النجدية:
      يعتبر طراز العمارة النجدية من أنقى الطرز المعمارية في المملكة نظرا لبعده عن العديد من المؤثرات الحضارية الخارجية، فجاء موافقا للمناخ الحار الجاف للمنطقة ومواد البناء المتوفرة بها وهي الطين ومواد صحراوية أخرى،  فكانت متميزة أصيلة دون غيرها بالمملكة.
       وتتميز المساجد النجدية بالإضافة إلى مساقطها المستطيلة أو المربعة بالعديد من العناصر فالمسجد يتكون من صحن مربع غالبا،  تليه مظلة أو عريشه مسقوفة جهة رواق القبة،  بسقف أفقي من الطين المصبوب على عوارض خشبية من جذوع النخيل،  يحيط المسجد سور تعلوه شرافات مسننة مثلثه،  به فتحات صغيرة عميقة،  مربعة الشكل أو مثلثة،  في الطرف الأعلى من الجدار الطيني،  ولعل أهم ما يميز المسجد النجدي هو تلاحم جسم مئذنته مع السور المحيط فتأتي وكأنها امتداد لجسم المسجد نحو السماء،  مما يعطي اتجاها لكتلة المسجد تضفي على بساطته ونقاء مظهرة وقارا وقوة.
    العمارة الدينية في المنطقة الشرقية من المملكة:
       تتميز المنطقة الشرقية من المملكة بمناخها الممتزج بين حار جاف ورطب قرب الخليج كما تتميز بقربها من تجمعات الشيعة في جنوب العراق وبلاد فارس فجاءت عمارتها ممتزجة هي الأخرى ومعبرة في بعض الأحيان عن معتقدات أهلها الدينية والاجتماعية فعمارة المساجد في هذه المنطقة ذات مسقط مستطيل أو مربع بسيط كما في العمارة النجدية،  لكن مع تقليل في الفتحات الموجودة وتصغير في حجم الفناء وزيادة للمساحات المظللة،  أما مواد البناء وتكنولوجيا الإنشاء فتكاد أن تكون نفس مواد منطقة نجد – فتأتي الحوائط الطينية السميكة مسلوبة في أعلاها والأسقف أفقية ممتدة على جذوع النخيل غير أن المظهر الخارجي للمسجد يختلف في مجمله عن المسجد النجدي ،  فنجده غنيا بالألوان والإصباغ الزاهية،  مزخرفا بنقوش هندسية ولونية متباينة،  وتظهر العناية بزخرفة وتلوين أبواب المساجد – أما المآذن فجاءت مستديرة في أغلب الأحيان ذات تأثير فارسي ظهر في بعض منها عقود فارسية مدببة وأروقة محيطة بالأفنية – فجاءت العمارة متباينة بالرغم من ما تشترك فيه مع جاراتها. بعد أن كانت نادرة وشبه مكروهه في المساجد ،  وبدأت بعض العناصر في الظهور كالقباب المتعددة والمحاريب والمآذن.  من حيث المسقط،  احتفظ المسجد بمسقطه المستطيل أو المربع وبوجود صحن أو فناء،  أما رواق القبلة فقد زاد عمقه وارتفاعه مع احتفاظ السقف بأفقيتة عدا القباب.  أما المآذن فقد ظهرت متأثرة بمنارات مصر القديمة في بداياتها حتى العصر العثماني والمملوكي الذي صبغ المساجد ليس فقط بمآذنه لكن بما بقى من مميزات عمارته من قباب وزخارف وطرق للإنشاء وظهر تأثيرها في مدن المملكة بوضوح وغالبا ما كان المسجد يحتل مكانا منفردا في التجمعات السكانية،  إلا في ا لمناطق المكتظة فكان يتخذ شكله كنواه للنسيج العمراني الموجود ،  فتلتف حوله المساكن يحدد اتجاهات شوارعها ويكون لها مركز روحانيا وفكريا ورمزا لوحدة جماعتها.
       ولا تقتصر العمارة الدينية في منطقة الحجاز على عمارة المساجد فقط،  ولكن تمتد أيضا إلى المدارس والأسبلة والكتاتيب خاصة أثناء العصور المملوكية والعثمانية حيث أهتم الولاة والسلاطين بنشر تعاليم المذاهب المختلفة في شرق المملكة ،  بعد امتداد المذهب الشيعي من جنوبي العراق وشمالي اليمن – وكان المسقط العام لهذه المدارس والكتاتيب والاسبلة يتبع في مجمله المسقط المتعارف عليه لمثل هذه المباني في مصر وغيرها من الأمصار ،  غير أنها كانت تفتقر إلى قوتهم وجمالهم سواء في بنائها المادي أو تأثيرها الروحي على تلاميذها بالمقارنة لما كانت عليه في بلادها الأصلية _ فنجد بعضا من الأمثلة في مدن المنطقة الشرقية كجده والطائف والمدينة غير أنها نادرا ما تكون في مناطق داخلية أخرى من المملكة.
    العمارة الدينية بالمرتفعات:
       العمارة الدينية بالمرتفعات الجنوبية الغربية من المملكة في منطقتي عسير والطائف جاءت معبرة عن طبيعة المنطقة الجبلية المرتفعة ومناخها الرطب بالإضافة إلى معتنقات أهلها من الشيعة المسلمين _ وتنحسر العمارة الدينية في هذه المناطق على المساجد والمساجد الجامعة أما المدارس والاسبلة وغيرها فلا مكان لها في مثل هذه التجمعات البشرية الصغيرة وهذه الظروف المكانية والمناخية الوعرة.  فيقوم المسجد بهذه الوظائف جميعها _ وتتأثر أنماط المساجد في هذه المنطقة تأثرا مباشرا بالعمارة البيئية فتبنى من مداميك صخرية منتظمة في مساقط مستطيلة أو مربعة في حوائط سميكة تقل عروضها كلما ارتفعت بينما الأسقف تأتي مستوية في غالب الأحيان ويكاد الصحن أو الفناء أن يختفي، حيث تكثر الأمطار قد تجد أحيانا قبة صغيرة مطلية بلون اخضر زاه فوق رواق القبلة وأن كانت غير دراجة في أسقف المساجد،  ولكن فقط فوق مشاهد الشيوخ والولاة المتفرقة في المنطقة – ولعل أهم ما يميز مساجد هذه المنطقة مآذنها فهى تبنى من حجر أو طمي مربعة المسقط أو مستديرة ،  تمتد مسلوبة إلى أعلى في ركن من أركان المسجد كبرج من أبراج القلاع،  وتأتي نهايات الحوائط مزخرفة بزخارف هندسية متنوعة وملونه – ولعل غني مساجد المنطقة بالألوان والزخارف هو ما يعطيها صفتها المميزة عن باقي مساجد المملكة.
حمله 

من هنا    أو   من هنا  

للقراءة والتحميل 

  

هناك تعليق واحد:

  1. مرحبا جميعا،
    اسمي السيد روجار سيم. اعيش في عمان وانا رجل سعيد اليوم؟ وقلت لنفسي إن أي مقرض ينقذني وعائلتي من وضعنا السيئ ، سأحيل أي شخص يبحث عن قرض له ، لقد أعطى السعادة لي ولعائلتي ، كنت بحاجة إلى قرض بقيمة 300 ألف دولار لأبدأ حياتي كلها لأنني أب أعزب ولدي طفلين ، قابلت هذا المقرض الصادق الذي يخشى الله من الرجل الذي ساعدني في الحصول على قرض بقيمة 300000.00 دولار ، فهو رجل يخشى الله ، إذا كنت بحاجة إلى قرض وأنت سوف يسدد القرض ، يرجى الاتصال به وأخبره أن (السيد ، Rugare Sim) يحيلك إليه. تواصل مع السيد محمد كرين عبر البريد الإلكتروني: (arabloanfirmserves@gmail.com)


    استمارة معلومات طلب القرض
    الاسم الأول......
    الاسم الأوسط.....
    2) الجنس: .........
    3) مبلغ القرض المطلوب: .........
    4) مدة القرض: .........
    5) الدولة: .........
    6) عنوان المنزل: .........
    7) رقم الجوال: .........
    8) عنوان البريد الإلكتروني ..........
    9) الدخل الشهري: .....................
    10) المهنة: ...........................
    11) ما هو الموقع الذي اتصلت به هنا عنا .....................
    شكرا مع اطيب التحيات.
    Email arabloanfirmserves@gmail.com

    ردحذف

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا