الأبعاد الجغرافية لمشكلة الزحف العمراني على الأرض الزراعية
في قريتي بسطرة ومنشأة نصار بمركز دمنهور
د. عبد العظيم أحمد عبد العظيم
أستاذ الجغرافيا البشرية المساعد
كلية الآداب - جامعة دمنهور
مقدمة
توضح صور الأقمار الصناعية الحديثة زيادة معدلات الزحف العمرانی settlements sprawi على الأرض الزراعية في مصر بنسبة تتراوح بين ۲ و ۳% سنويا مما يترتب عليه انكماش مساحة الأرض الزراعية(۱)؛ في الوقت الذي تتفق فيه الدولة الكثير من الأموال على استصلاح الصحراء.
ويعد "دمنهور" أحد المراكز الخمس عشرة التي تتألف منها محافظة البحيرة، وهو من أشد مراكز المحافظة تأثراً بالزحف العمراني على أراضيه الزراعية، وخاصة الأراضي القريبة من أطراف المحلات العمرانية ومدينة دمنهور. وقد نتج عن هذا الزحف العمراني الاستيلاء على ما يقارب 7% من جملة مساحة أراضيه خلال السنوات العشر الأخيرة فقط(۲)، مما ينذر بالخطر الداهم على بقية أراضيه الزراعية، وخاصة بعد غياب قبضة الدولة منذ يناير ۲۰۱۱.
الإطار المكاني للدراسة:
تقع قريتا بسطرة ومنشأة نصار في شمالي مركز دمنهور بمحافظة البحيرة (شكل 1).
وتضم منشأة نصار سبعة توابع، هي: البشبيشي، والحاجة فطوم، والدرمللي، والقلعة، وشرف الدين، وفرج أغا، إضافة إلى القرية الأم "نصار". أما بسطرة فتضم 15 تابعا، هي: أبو العيش - أبو حامد - الحرفة - الحوفي - الغول الصغرى - الغول الكبرى – النوام سعد - بسطرة - بيومي الوكيل - بيومی بلبع - جربوعة - خطاب محمد- عتمان مهنی - محمود فايد - مساكن المحطة (شکل ۲). (۱)
___________
(۱) Soliman A. M., ۲۰۰۹, “Using GIS Technique Of Urban Planning of Desert Cities, Case Of Kharga City, Egypt’’ Ph.D. Thesis, Slovak Technology Of Bratislava, Slovakia.
(۲) مديرية الزراعة بدمنهور، قسم الإحصاء الزراعي، بيانات غير منشورة، ۲۰۱۲م.
أهداف الدراسة:
ترمي الدراسة إلى تحقيق الأهداف التالية:
- دراسة الزحف العمراني على الأرض الزراعية في أبسطرة ومنشأة نصار).
- التعرف على العوامل المؤثرة في الزحف العمراني في القريتين.
- تحديد آثار الزحف العمراني على استخدام الأراض في القريتين.
- رصد خصائص النمو العمراني على الأرض الزراعية.
- رسم خرائط انكماش الأرض الزراعية.
- اقتراح أساليب مناسبة لوقف الزحف العمراني على الأرض الزراعية.
الدراسات السابقة:
سطرت عدة دراسات تتبع الزحف العمراني على الأرض الزراعية؛ ومنها: عن النمو العمراني للقرية المصرية، والذي أشار فيها إلى أن القرية المصرية تزحف قبالة الأرض الزراعية التابعة لها، دون ضوابط عمرانية.
- دراسة فتحي محمد مصيلحي (۱۹۹۰) (۱)
- دراسة علي حسين وآخرون (۱۹۹۳)(۲) عن هدر موارد الأرض والمياه في القرية المصرية؛ مع ذكر الأمثلة والإحصاءات المتعلقة بتجريف التربة الزراعية.
______________
(۱) فتحي محمد مصيلحي: النمو العمراني للقرية المصرية، مركز بحوث الشرق الأوسط، جامعة عين شمس، القاهرة، ۱۹۹۰.
(۲) علي حسين وآخرون: مستقبل القرية المصرية - هدر موارد الأرض والمياه - المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية - بحوث المجتمعات الريفية والصحراوية، القاهرة، ۱۹۹۳.
- دراسة ناهد عبد اللطيف محيسن (2004)(۱) عن التدهور البيئي للموارد الزراعية، وقد فصلت فيه الحديث عن انهيار تركيبة الإنتاج الزراعي في عدة صور ؛ منها تأكل مساحة الأرض الزراعية بزحف القرى والمدن عليها، مع فشل خطط المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة في جذب السكان بعيدا عن المعمور التليد في الوادي والدلتا.
- دراسة إبراهيم عسكورة (۲۰۰۰)(۲) عن التوسع الحضري وتأكل الأرض الزراعية بالتكتل الحضري لمدينة الزقازيق؛ والعوامل التي أدت إلى زيادة الامتداد العمراني علي الأرض الزراعية.
- دراسة فايز محمد العيسوی (2006)(۳) عن المراكز العمرانية للهوامش الريفية الجنوبية والغربية لمحافظة البحيرة (دراسة جغرافية)، وقد أوضح فيها مسارات التوسع الزراعي والزحف العمراني وتوسع المحلات العمرانية في مراكز: حوش عيسى وأبو المطامير ووادي النطرون ومناطق الاستصلاح الزراعي في مركز كفر الدوار..
- دراسة لميعة بنت عبد العزيز (۲۰۰۹)(4) عن التعدي العمراني على الرقعة الزراعية في مدينتي بريدة وعنيزة، وقد توصلت إلى أن المساحة المزروعة في بريدة نقصت بمقدار ۱۰۹كم، وفي عنيزة بمقدار ۱۱كم خلال ۲۱ عاما، فتتبعت الأسباب ووضعت الحلول.
___________
(۱) ناهد عبد اللطيف محيسن: التدهور البيئي للموارد الزراعية (حالة الأرض - المياه – السكان)، المجلة المصرية للتنمية والتخطيط، معهد التخطيط القومي، المجلد الثاني عشر، العدد الثاني، ديسمبر، 2004.
(۲) إبراهيم عسكورة، التوسع الحضري وتأكل الأرض الزراعية دراسة تطبيقية علي التكتل الحضري للزقازيق، المؤتمر العربي الإقليمي (الترابط بين الريف والحضر)، وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية، القاهرة، ۱۰-۱۸ ديسمبر ۲۰۰5م.
(۳) فايز محمد العيسوی: المراكز العمرانية للهوامش الريفية الجنوبية والغربية لمحافظة البحيرة (دراسة جغرافية)، الإنسانيات، كلية الآداب بدمنهور، جامعة الإسكندرية، العدد ۲۲، ۲۰۰۹.
(4) لميعة بنت عبد العزيز بن محمد الجاسر: التعدي العمراني على حساب الرقعة الزراعية في مدينتي بريدة وعنيزة في الفترة ۱۹۸6 – ۲۰۰۷ باستخدام الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية، الملتقى الخامس للجغرافيين العرب، الكويت، إبريل ۲۰۰۹، ص ص ۸۹۵-۸۸۸.
- دراسة المنظمة العربية للتنمية الزراعية (۲۰۱۰)(۱) عن تدهور الأراضي في الدول العربية، وخاصة مصر وبلاد المغرب العربي، وكيفية تفعيل نظم الإدارة المستدامة للحفاظ على البقية الباقية من الأرض الزراعية.
- دراسة مجدي شفيق (۲۰۱۲)(۲) عن ظاهرة الانفلات العمراني على طريق المنصورة الزقازيق، وتأثير ثورة يناير ۲۰۱۱ على هذا الانفلات، والتي تتبع فيها التغيرات العمرانية وخصائصها ميدانيا.
منهجية الدراسية وأساليبها:
تتحدد محاور الدراسة من خلال عدة مناهج ومداخل رئيسة، هي:
- المنهج السلوكي Behavioral Analysis: الذي يفسر سلوك الأفراد والجماعات في إطار كل ما يحيط بالإنسان من طبيعة ومجتمعات بشرية ونظم سياسية واجتماعي.
- منهج التحليل المكاني Spatial Analysis: من أجل تفسير التنظيم المكاني للظاهرة علي مستوي منطقة الدراسة.
- المنهج السببي التأثيري Causality Approach: وهو صورة متطورة من المنهج الايكولوجي القديم الذي كان يبرز العلاقات المتعددة بين الإنسان وبيئته. ولا يكتفي هذا المنهج ببيان الأسباب المباشرة لنشأة ونمو وتركيب الظاهرة؛ بل يتعداها إلى البحث عن أسباب غير مباشرة ومدي مساهمتها في نشأة الظاهرة ونموها.
__________
(۱) المنظمة العربية للتنمية الزراعية، خرائط تدهور الأراضي والإدارة المستدامة لها، الخرطوم، ۲۰۱۰ (۳) مجدي شفيق السيد صقر، ثورة ٢٥يناير ۲۰۱۱
(۲) تحليل جغرافي لظاهرة الانفلات العمراني على طريق المنصورة الزقازيق، بحث منشور في: ندوة "جغرافية العمران في محافظة دمياط"، قسم الجغرافيا، كلية الآداب بدمياط، جامعة المنصورة، مارس ۲۰۱۲.
- المنهج التاريخي: Historical Approach من خلال التركيز علي تتبع الظاهرة موضوع البحث منذ عام 1990 حتي الآن.
كما تستند الدراسة إلى الأسلوب الإحصائي في تحليل البيانات وتمثيلها ببرنامج Excel وبرنامج .S.P.S.S كما تم استخدام الأسلوب الكارتوجرافي في تمثيل البيانات الإحصائية، ورسم الخرائط والرسوم البيانية، وقد اعتمدت معظم الخرائط علي قاعدة البيانات التي تم إنشاؤها باستخدام برنامج .Arc G.I.S في رسم الخرائط.
وتعتمد الدراسة على تحليل نموذج الاستبيان والخرائط المساحية والدراسة الميدانية(۱). وذلك في الفترة من (أول مارس وحتى 30 مايو ۲۰۱۲)، ومن ثم تم توزيع ۲۱۱ نموذج استبيان للحصر الميداني الشامل، خلال المدة المذكورة.
وقد تمثل العمل الميداني فيما يلي
- مقارنة محاضر الجمعيات الزراعية بالواقع الميداني.
- استخدام الصور الفوتوغرافية لرصد مظاهر الزحف العمراني بكافة مظاهرها .
- إعداد نموذج استبيان لكل قطعة أرض تم تجريفها، به وصف دقيق لها من حيث الاستخدام والخصائص العمرانية.
- استخدام خرائط هيئة المساحة لتوقيع تلك التغيرات عليها.
(۱) تمت الاستعانة بطلاب قسم الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة دمنهور لمك نماذج الاستبيان في الميدان مع التدريب على أخذ الحيطة والحذر لعدم الاحتكاك بالسكان، موزعين على منطقة الدراسة؛ مع وجود مرشد منهم من سكان القريتين ليكون أعلم بحقائق الأمور فيها؛ للوصول للتحليل العلمي الميداني الدقيق.
وتشتمل الدراسة على خمسة محاور رئيسة كما يلي:
- العوامل المؤثرة في الزحف العمراني على الأرض الزراعية
- مراحل الزحف العمراني على الأرض الزراعية ومحاورها.
- خصائص الزحف العمراني على الأرض الزراعية.
- الأنماط الوظيفية لمباني التعديات.
- النتائج المترتبة على الزحف العمراني على الأرض الزراعية.
للقراءة والتحميل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق