التسميات

الأربعاء، 18 أبريل 2018

تخطيط السياحة البيئية المستدامة ودوره في توفير الحماية وتنمية المجتمع المحلي بالمناطق الساحلية . دراسة تطبيقية بولاية الطارف -الجزائر


تخطيط السياحة البيئية المستدامة 
ودوره في توفير الحماية وتنمية المجتمع المحلي بالمناطق الساحلية

دراسة تطبيقية  بولاية الطارف -الجزائر-.

الدكتور فـؤاد بن غـضبان
أستاذ محاضر أ، معهد تسيير التقنيات الحضرية، جامعة أم البواقي، الجزائر
fouad_benghadbane@yahoo.fr

 نُشر هذا البحث في مجلة العمران والتقنيات الحضرية وفق الآليات المتعارف عليها.


الندوة الدولية الأولى: العمران والسياحة المستدامة 2011

ملخص

   غدت السياحة المستدامة منهجًا وأسلوبًا تستند إليه العديد من المؤسسات السياحية العالمية لعائده المادي والمعنوي. وتلبي السياحة المستدامة اِحتياجات السواح مثلما تعمل في المحافظة على المناطق السياحية وزيادة فرص العمل للمجتمع المحلي، وتعمل على تسيير الموارد المتاحة سواء كانت اِقتصادية أم اِجتماعية أم طبيعية في التعامل مع المعطيات الطبيعية التراثية والثقافية، بالإضافة إلى ضرورة المحافظة على التوازن البيئي والتنوّع الحيوي. وسنسلط الضوء في هذا البحث على ولاية الطارف باِعتبارها من المناطق الساحلية الجزائرية الواقعة بأقصى الجهة الشمالية الشرقية، واِكتسابها لجملة من الإمكانات البيئية والطبيعية الهامة وغير المستغلة، تتضح من خلال اِحتضانها للحظيرة الوطنية للقالة والتي من شأنها دفع عجلة التنمية السياحية البيئية إذا ما تم التخطيط لها باِستغلالها عقلانيًا بدمج المجتمع المحلي في هذه العملية. ويسعى البحث إلى الكشف عن إمكانات وطاقات ولاية الطارف في السياحة البيئية وأنواع السياحة الأخرى بوجه عام وبالحظيرة الوطنية للقالة علىوجه الخصوص من أجل توجيه أنظار صناع القرار السياحي والبيئي إلى أهمية ومكانة الحظيرة الوطنية للقالة في السياحة البيئية والعمل على التخطيط لها وحمايتها وتنمية المجتمع المحلي باِعتبارها من أهم المناطق الساحلية الجزائرية.
    وقد تحددت منهجية البحث في الأسلوب الوصفي الذي يقوم على وصف الظاهرة وتشخيصها، إلى جانب الأسلوب التحليلي الكمي الذي يقوم على تحليل وتفسير الظاهرة من خلال البيانات الكمية والأساليب والطرق الإحصائية، ولتحقيق ذلك تم جمع العديد من المعطيات من مصادر مختلفة واِستخدمت العديد من التقنيات لمعالجةهذه المعطيات.

     وقد اِنتهى البحث إلى العديد من النتائج، لعل أهمها أنه لا يوجد تأثير كبير في الحظيرة الوطنية للقالة في المجتمع المحلي كما أن وجودها ساعد في حماية التنوّع الطبيعي...، وبناء على ذلك فقد أوصى البحث بضرورة العمل على إدماج المجتمع المحلي في عملية التنمية السياحية واِستثمار الإمكانات البيئية والطبيعية المتوفرة وإعادة تخطيط السياحة البيئة باِستغلال عناصر الجذب السياحي.
  
1. مقدمة
   برز على الصعيد العلمي مؤخرًا مفهوم جديد هو السياحة المستدامة والذي يعني قابلية المكان السياحي للبقاء في ساحة المنافسة تجاه الجديد في عامل السياحة التي تتمتع بقوة جذب محبي الاِستطلاع وقابليته للبقاء لأمد طويل الأجل محافظًا على المزايا الثقافية ومتوازنًا مع عناصر البيئة (أحمد الجلاد، 2000). وفي إطار مفهوم "الاِستدامة"، أصبحت صناعة السياحة في مقدمة اِهتمامات وجهود الباحثين والمخططين لإعادة النظر في الأسس والأولويات التقليدية في الأعمال والأنشطة السياحية التي يمكن أن تُضر الثقافة والبيئة.
   ولهذا فإن تخطيط السياحة يجب أن يكون عقلانيًا وبمبدأ الاِستدامة أي النظر للمستقبل البعيد ودراسة طاقة اِستيعاب المكان بدقة ومن ثم وضع أسلوب اِستخدام المزايا السياحية بشكل متوازن وبشكل يبقيه صالحًا للأجيال المقبلة (ابراهيم بظاظو، 2010).
   وعليه زاد الوعي بأهمية السياحة كأحد الأنشطة الداعمة للتنمية الاِقتصادية، ويرجع هذا الاِهتمام إلى تغيير هيكل الطلب الكلي وظهور الأهمية النسبية لاِقتصاديات الخدمات في هذا الهيكل. إذ مع زيادة الدخول الحقيقية وزيادة وقت الفراغ أصبح هناك طلب متزايد على وسائل الترفيه والإجازات (مصطفى يوسف كافي، 2008). ونتيجة لهذه التطورات برز الدور الذي يمكن أن تلعبه صناعة السياحة كأحد الصناعات الواعدة للنمو الاِقتصادي والاِجتماعي والبيئي.
  إن تطبيق مفهوم الاِستدامة السياحية يعتمد على ثلاث جوانب هامة، أولها العائد المادي لأصحاب المشاريع السياحية، وثانيها البعد الاِجتماعي على اِعتبار أن هذه المؤسسات هي جزء من المجتمع المحلي وعليها الاِستفادة من الخبرات والكفاءات المحلية ما أمكن، بالإضافة إلى إشراك المجتمع المحلي والأخذ برأيه، أما الجانب الثالث فهو البيئة، حيث تُعامل هذه المؤسسات على أنها جزء من البيئة، وبالتالي يجب عليها المحافظة على الموارد الطبيعية من ماء وطاقة ونباتات وأحياء طبيعية لدرء أي خطر محتمل.
   ومن الجائز أن تكون السياحة عاملاً بارزًا في حماية البيئة عندما يتم تكييفها مع البيئة المحلية والمجتمع المحلي، وذلك من خلال التخطيط والإدارة السليمة، ويتوفر هذا عند وجود بيئة ذات مجال طبيعي وتضاريس مثيرة للاِهتمام، وحياة نباتية وحيوانية وافرة وهواء نقي وماء نظيف، مما يُساعد على اِجتذاب السياح، كما يتساوى كل من التخطيط والتنمية السياحية في الأهمية من أجل حماية التراث الطبيعي والثقافي والاِجتماعي لمنطقة ما (عثمان محمد غنيم، نبيل سعد بنيتا، 1999).
   وقد حظيت السياحة باِهتمام بالغ في الدول المتقدمة منذ سنة 1930 (A., Mesplier, A., Bloc-Duraffour, 2000)، غير أن هذا القطاع قد بدأ في الاِزدهار في دول المغرب العربي منذ عشرية الستينات خاصة في تونس والمغرب ، والتي تبنت سياسة إرادية طوعية تجعل من السياحة عاملاً محفزًا للتنمية الاِقتصادية والاِجتماعية وعنصرًا للتنظيم المجالي.
     أما بالنسبة للسياحة في الجزائر، فإن هذا النشاط لا يزال ضعيفًا إذا تم مقارنته ببقية القطاعات الاِقتصادية الأخرى وكذلك مع دول أخرى من نفس القارة التي لا تحظى بنفس الإمكانات السياحية التي تستحوذ عليها الجزائر كتونس التي تحتل المرتبة الثانية في إفريقيا من حيث اِستقبال السياحوالمغرب بالمرتبة الثالثة، أما الجزائر فتنزاح نحو مراتب متأخرة، ومن أجل تحقيق التنمية السياحة بالجزائر تم تسطير إستراتيجية وطنية تهدف إلى تثمين البعد البيئي في التنمية السياحية عن طريق تحديد مخطط للتهيئة وإحياء مناطق التوسع السياحي يبررها الإطار التشريعي من خلال القانون رقم 03/01 المؤرخ في 17 فيفري 2003 المتعلق بالتنمية المستدامة للسياحة، والقانون رقم 03/02 المؤرخ في 17 فيفري 2003 المتعلق باِستغلال الشواطئ لأهداف سياحية والقانون رقم 03/03 المؤرخ في 17 فيفري 2003 المتعلق بمناطق التوسع السياحي والمواقع السياحية، وقد شرع في الدراسات لتهيئة 22 منطقة توسع سياحي كمرحلة أولى تتوزع بين 19 منطقة توسع سياحي على الشريط الساحلي و03 مناطق للتوسع السياحي بالصحراء، وإنشاء صندوق لتدعيم الاِستثمار السياحي وخلق مجلس وطني للسياحة (فؤاد بن غضبان، 2010). فالجزائر تزخر بتراث ثقافي وتاريخي واسع نتيجة الاِنتشار الكيف للآثار التي تدّل على مختلف الحضارات المتعاقبة على الجزائر، وتضم تراث عالمي كالطاسيلي وغرداية، بالإضافة إلى المظاهر الطبيعية الهائلة والمختلفة من صحراوية، وسهلية، وجبلية وساحلية بشريط ممتد على أكثر من 1200كم.
     وفي هذا الإطار نجد ولاية الطارف التي اِخترناها مجالاً دراسياً لهذا البحث تكتسب إمكانات سياحية هائلة فريدة من نوعها على المستوى الوطني وحتى الدولي، لأنها مجال يجمع بيئات طبيعية مختلفة (جبلية، سهلية، بحيرية ...) متكاملة فيما بينها وشريط ساحلي ممتد يضم العديد من الشواطئ، بالإضافة إلى الأماكن التاريخية والأثرية والحظيرة الوطنية للقالة. وهي كلها إمكانات غير مستغلة والتي من شأنها دفع عجلة التنمية السياحية البيئة إذا ما تم التخطيط لها باِستغلالها عقلانيًا بدمج المجتمع المحلي في هذه العملية.
    وعليه فإن أهداف البحث تنبع أهميتها في كون السياحة عنصرًا مهمًا في بناء الاِقتصاد العالمي والوطني، ولكونها تعد موردًا اِقتصاديًا متجددًا، فهي مصدر للعملات الأجنبية وتُسهم في زيادة الدخل الوطني من خلال دورها المباشر في دعم الإنتاج المحلي من جهة، وتُنشط الفعاليات الاِقتصادية والاِجتماعية والثقافية من جهة أخرى، فهي بالتالي صناعة وتجارة في آن واحد.
  لذا نجد أهداف هذا البحث تتمثل فيما يلي:
- الكشف عن إمكانات ولاية الطارف في السياحة البيئية وأنواع السياحة الأخرى بشكل عام وفي الحظيرة الوطنية للقالة بشكل خاص.
- البحث عن سبل المحافظة على البيئة الطبيعية لولاية الطارف من خطر التلوث.
- توجيه صناع القرار السياحي والبيئي إلى أهمية ومكانة ولاية الطارف في السياحة البيئية والعمل على تخطيط الحظيرة الوطنية للقالة وحمايتها وتنمية المجتمع المحلي باِعتبارها من أهم المناطق الساحلية الجزائرية.
وعليه نجد أن موضوع البحث يمثل أحد أشكال التفاعل المكاني في النظام السياحي المحلي والدولي، وعنصرًا مهما في الجغرافية السياحية لم يحظ بالاِهتمام الكاف باِعتبارها أحد فروع جغرافية الخدمات، ويسعى البحث إلى محاولة إحداث توازن بين العملية السياحية بولاية الطارف وبين اِستغلال المواقع السياحية بالحظيرة الوطنية للقالة اِستغلالاً بيئيًا سليمًا، مع الأخذ في الاِعتبار حاجيات المجتمع المحلي وضرورة دمجهم في العملية السياحية.

2. أهمية الموقع الجغرافي لولاية الطارف ودوره في تخطيط السياحة البيئية المستدامة
    تكمن أهمية ولاية الطارف كمجال لدراسة موضوع تخطيط السياحة البيئية المستدامة في خصوصية موقعها بأقصى الجهة الشمالية الشرقية من الجزائر (خريطة: 01) الذي يجمع بين التطرف الحدودي بطول 98كم والإشراف على البحر بشريط ساحلي يقدر بـ 90كم. مما أكسبها إمكانات طبيعية هامة فريدة تُساهم بشكل كبير في تنمية السياحة البيئية المستدامة إذا ما تم التخطيط لها وحمايتها من الأخطار التي تهددها وتنمية المجتمع المحلي بها.

   لقد ظهرت ولاية الطارف إثر التقسيم الإداري الأخير لسنة 1984 واِنفصالها عن ولاية عنـابة (الولاية الأم) من أجل دفع عجلة التنمية بها وتخفيف العبء عن ولاية عنـابة، تمتد ولاية الطارف على مساحة قدرها 2.891,55كم2 وتضم 24 بلدية، ويقطن بها  ما يقارب 404.007 نسمة (2008). 
1.2 مقومات الجذب السياحي بولاية الطارف وتوزيعها المكاني
- شواطئ متعددة وممتدة على طول الشريط الساحلي لولاية الطارف
تكتسب ولاية الطارف شريطًا ساحليا بطول 90كم، وهذا الاِمتداد جعلها تزخر بالعديد من الشواطئ فمنها الصخري وكذلك الرملي، وهي موضحة بالجدول رقم (01) الموالي:

جدول رقم (01): توزيع الشواطئ بولاية الطارف
اِسم الشاطئ
بلدية الموقع
طول الشاطئ (م)
مساحة الشاطئ (هـ)
الـمـسيـــدا
السوارخ
550
3,80
الـكـبـيـــــر
الـقـالـــة
400
3,20
الـمـصـنــع
الـقـالـــة
1.200
6,00
القالة القديمة
الـقـالـــة
750
4,50
كاب روزا
الـقـالـــة
290
1,20
الحــنــايــا
بريحان
470
1,64
الــدراوش
بريحان
1.400
5,60
البطاح الغربي
بن مهيدي
2.400
12,40
الشـــــط
الـشــــط
2.500
12,50
                                                 المصدر: مديرية السياحة لولاية الطارف.

- الحمامات المعدنية الطبيعية محفز أساسي للسياحة البيئية
   تتوفر ولاية الطارف على حمامات معدنية تدخل ضمن شريط الحمامات الحارة المعدنية بالجزائر الشرقية المعروفة بالشريط العنابي الممتد من عنـابة إلى الأراضي التونسية مخترقا باِتجاه شمال غرب وجنوب شرق الولاية (عبد الكريم عيون، 2003) يتركز أغلبها بالجهة الجنوبية الشرقية (المنطقة الجبلية) أين تتواجد توضعات الكريتاسي الأعلى والأيوسين الأسفل، وتتميز هذه الحمامات بخصائصها الإستشفائية لعلاج العديد من الأمراض كالروماتيزم، الجلد والأوردة..، والتي أصبحت تتجاوب مع الاِتجاه العلمي في الطب الطبيعي، لكنها تعتبر ذات طابع تقليدي لأنها تستخدم لغرض الاِستجمام ولا تُساهم في الدخل الاِقتصادي. ويحدد الجدول رقم (02) الموالي أهم الحمامات المعدنية وخصائصها الفيزيائية والكيميائية والعلاجية وتوزيعها المكاني.

جدول (02): توزيع الحمامات المعدنية وخصائصها العلاجية عبر بلديات ولاية الطارف.
اِسم الحمام المعدني
بلدية التوطن
الصبيب (ل/ثا)
الخصائص الكيميائية
الأمراض المعالجة
حمام بني صالح
حمام بني صالح
1,5
كلوريد الصوديوم
روماتيزم- أعصاب
حمام سيدي زايد
بوحجار
0,2
بيكاربونات الصوديوم
روماتيزم- تنفس
حمام سيدي طراد
زيتونة
2,5
بيكاربونات الصوديوم
روماتيزم- جلد
حمام زعطوط
عين كرمة
0,5
بيكاربونات الصوديوم
روماتيزم- أعصاب
حمام سيدي جاب الله
الشافية
0,4
كلوريد الصوديوم
روماتيزم- جلد
حمام وادي بوناموسة
عصفور
0,8
بيكاربونات الصوديوم
روماتيزم- أوردة
حمام مكسنة
بوقوس
0,9
كلوريد الصوديوم
روماتيزم- أعصاب
   المصدر: مديرية السياحة لولاية الطارف.

- الأثار والمعالم التريخية إحدى مؤشرات الاِستدامة السياحية بولاية الطارف
    تزخر ولاية الطارف بكثير من الأثار التاريخية لحضارات غابرة تعاقبت على المنطقة، وهي ظاهرة للعيان ومعروفة، ومنها العائدة لما قبل التاريخ حيث نذكر "محطة دمنة الحسان" قرب مركز عين لعسل، ومحطتي عين خيار وقرقور قرب الطارف، وفي فجر التاريخ هناك مقابر الدولمان في منطقة سقلاب وجبل غرة وقرور[1] وكهوف وصور نيوليتية قرب رمل السوق، ثم "مشتة العناب" عند أقدام جبل الوسط التي تحتضن قبور مميزة قديمة ومسلات صخرية وأعمدة وأحواض مائية منحوتة بالصخر، أما الفترة البونيقية فهناك معاصر الزيتون المنتشرة عبر إقليم الولاية، وأهم ما يميز الفترة الرومانية قصور بها حمامات ومسارح وأماكن لملتقيات ثقافية مثل "القصر الروماني" بأعالي بلدية العيون بواد جنان المسمى "قصر لالة"، وكذلك قصر الحاج المسمى "برج الرمان" الواقع بغابة قريبة من مركز الطارف، وقصر "بئر الكرمة" الواقع ببلدية رمل السوق على الحدود الجزائرية التونسية، وتعتبر الفترة الرومانية الأكثر حضورا بالولاية حيث نجد الآثار الرومانية بارزة بكثرة ببلدية الشافية وكذلك أثار مشتة "فجاج" و"القمة الشقراء" ببلدية السوارخ و"قصعة الغول" قربة القنطرة الحمرة ...، بينما الفترة الإسلامية فهي تبرو بالولاية من خلال قصر "علي باي" ببلدية بريحان، كما أن ساحل القـالـة فتوجد به مرافئ تاريخية فنيقية الأصل تداول عليها اليونان والرومان وحتى الفرنسيون وكانت تخدم السفن ومراكب صيد الأسماك والمرجان والتبادل التجاري وتعرف في التاريخ بالأماكن المحصنة مثل الموقع المحصن لـ"مجاز نشاع" أو "حدبة البلدي" ببلدية القالة والذي بني في القرن 16 ميلادي، والموقع المحصن لـ"القمة الشقراء" ببلدية السوارخ الذي بني متزامنا مع الأول وحصن فرنسا الشهير ببلدية القالة الذي يعود للقرن 17 ميلادي والذي صنف سنة 1930 ضمن التراث الوطني إلى جانب كنيسة القالة والتي تُعرف حاليًا بالمسرح البلدي (عبد الكريم عيون، 2003). كل هذه الآثار تعد أساس جذب سياحي وطني ودولي إلى جانب المتحف[2] الذي يضم مجموعة من الآثار والصور التاريخية والوثائق القديمة.

- نقص في عدد الفنــادق وبيوت الشباب وتركزها ببلدية القالة
   تتركز أغلب فنادق الولاية ببلدية القالة التي تضم لوحدها على 13 فندق غير مصنف بطاقة استيعاب إجمالية تقدر بـ: 395 غرفة (1035 سرير) يتوافد عليها ما يقارب: 20800 شخص منهم حوالي 790 أجنبي.
ت   تميز هذه الفنادق بتدني الخدمات المقدمة بها، كما أنها لا تحترم أدنى المقاييس الدولية، ولا تلبي اِحتياجات السواح سواء كانوا أجانب أو محليين، تصل ذروتها في موسم الاصطياف، فهي تمتاز بالموسمية.
   إن أغلب الفنادق غير مصنفة (فندق واحد مصنف)، وأن 5 فنادق من بين الثمانية غير مجهز بمطعم، كما أن طاقتها الاِستقبالية لا تتعدى 643 سرير، مما يدل على ضعف وعجز في اِستقبال أعداد السياح المتزايدة، رغم الإمكانات الطبيعية البيئية المتوفرة.
   إلى جانب ذلك هناك 04 بيوت شباب تقع ببلديتي السوارخ والقـالة بطاقة اِستيعاب إجمالية تقدر بـ 345 سرير.

والجدول رقم (03) يوضح عدد الفنادق وتوزيع الأسرة والغرف ببلدية القالة.

جدول رقم (03): توزيع لأهم الفنادق ببلدية القالة.
اِسم الفندق
التصنيف
سعة الفندق
عدد المستخدمين
التجهيز بمطعم
عدد الغرف
عدد الأسرة
الدائمين
المؤقتين
المرجان[3]
03 نـجــوم
103
206
46
68
نعم
يوغرطة
غير مصنف
60
200
11
/
نعم
المرسى
غير مصنف
32
80
11
/
لا
بوليف
غير مصنف
23
65
6
3
لا
السعادة
غير مصنف
16
34
4
/
لا
نسيم القمم
غير مصنف
15
30
7
/
نعم
الطارق
غير مصنف
7
15
4
/
لا
القالي الصغير
غير مصنف
6
13
3
/
لا
المجموع
262
643
92
71

    المصدر: مديرية السياحة لولاية الطارف.

- المخيمات الصيفية دافع أساسي لتنمية السياحة البيئية بولاية الطارف
   تُمثل المخيمات الصيفية إحدى أشكال اِستقبال السوّاح ونخص بالذكر المصطافين، حيث تتراوح مدّتها 20-30 يومًا، وتُنظم كل سنة خلال فصل الصيف بالقرب من الشواطئ من طرف بعض المؤسسات والهيئات، ويوضح الجدول رقم 04 الموالي توزيع المخيمات الصيفية وطاقة اِستيعابها عبر البلديات الساحية للولاية، وذلك كما يلي:

جدول رقم (04): توزيع المخيمات الصيفية وطاقة اِستيعابها
اِسم المخيم
بلدية الموقع
الشاطئ
طاقة الاِستيعاب (سرير)
مسيدا 01
السوارخ
مسيدا
300
مسيدا 02
السوارخ
مسيدا
150
مسيدا 03
السوارخ
مسيدا
255
مسيدا 04
السوارخ
مسيدا
350
Cap Rosa
القـــالـــة
Cap Rosa
350
بوليف العائلي
القـــالـــة
المصنع
328
المنظر الجميل
القـــالـــة
الشاطئ الكبير
200
Africa
القـــالـــة
المصنع
175
بوزريبة
القـــالـــة
المصنع
100
الشباب
القـــالـــة
الشاطئ الكبير
50
Genie-Sider
بن مهيدي
الشاطئ الكبير
500
Ferfos
الــشــــط
الشاطئ الكبير
250
الدراوش
بريـحــان
المصنع
175
الحنايا
بريـحــان
المصنع
225
الـمـجــمــــــوع
3.408
                                                                    المصدر: مديرية السياحة لولاية الطارف.

   وتتميز ولاية الطارف باِرتفاع عدد المخيمات الصيفية بها واِرتفاع طاقات اِستيعابها ويعزى ذلك إلى تعويض النقص المسجل في عدد الفنادق وتركزها فقط ببلدية القـالـة، كما أن المخيمات الصيفية تتميز باِنخفاض تكاليف إيجارها، وتسمح شواطئ ولاية الطارف بتوطن هذه المخيمات لاِتساعها مقارنة بشواطئ الولايات المجاورة.
2.2 مناطق التوسع السياحي إحدى خيارات التخطيط السياحي البيئي
للمحافظة على ساحل مدينة القالة من أجل التنمية السياحية وردت فكرة حماية هذه الشواطئ بتعين(03) مناطق للتوسع السياحي بها، والتي يقدمها الجدول الموالي:

جدول رقم (05) : مناطق التوسع السياحي ببلدية القالة.
الشواطئ
مناطق التوسع السياحي
المساحة (م²)
الشواطئ المحروسة
المساحة (هكتار)
الموقع
اِسم المنطقة
12000
قمة روزا
870
الحنايا
الحنايا
45000
القالة القديمة
بالحاج
60000
المصنع
عين طكوكة
8000
الشاطئ الكبير
900
قمة روزة
قمة روزة
22500
العوينات
قمة الأسد
25000
الملاح
كال بريزونيير
40000
مسيدا
565
مسيدا
مسيدا
                                                                            المصدر: مديرية السياحة لولاية الطارف

   إلى جانب كل هذه الإمكانات السياحية، فإن ولاية الطارف تتوفر على الحظيرة الوطنية للقالة والتي تعتبر من أهم المقومات التي تسمح مكوناتها من تجسيد التنمية السياحية المستدامة والتخطيط لها بولاية الطارف، وتتمثل خصائصها في ما يلي: 
3.2 الحظيرة الوطنية للقالة كمائن هامة للتنمية السياحية البيئية بولاية الطارف
    تقع الحظيرة الوطنية للقالة في الجهة الشمالية الشرقية من ولاية الطارف على بعد 80كم شرق مدينة عنـابة، يحدها من الشمال البحر المتوسط، ومن الشرق الحدود الجزائرية التونسية، ومن الغرب سهل عنـابة ومن الجنوب جبال مجردة (السلسلة النوميدية).
     تنتمي الحظيرة الوطنية للقالة إداريًا إلى ولاية الطارف، تحتل مساحة قدرها 76.438هكتار، وهو ما يُمثل نسبة 26,43% من مساحة الولاية، وهي بذلك تغطي 09 بلديات: 03 بلديات تدخل بنسبة كاملة وهي العيون، رمل السوق والسوارخ و03 بلديات الأخرى فتدخل بنسبة جزئية متباينة وهي الطارف، بوثلجة، عين لعسل، القالة، بوقوس، وزيتونة (خريطة رقم: 02).
صنفت الحظيرة الوطنية للقالة بموجب المرسوم الوزاري رقم 83/458 المؤرخ في 23 جويلية 1983 المتضمن القانون الأساسي النموذجي للحظائر الوطنية[4].
    إن فكرة الحظيرة الوطنية للقالة تعني إطارًا قانونيًا لحماية الثروة الطبيعية الموروثة بسلاسلها الغذائية ونظامها الحيوي، كما يشمل تقنين الاِستغلال البشري للموارد الطبيعية ضد الاِستنزاف المحتمل من أجل المحافظة على المظهر الخارجي والثروات المعدنية والجيولوجية والآثار التاريخية القديمة.

    فالحظيرة من ناحية البيئة الطبيعية تشمل أنوعًا من التشكيلات، ففي الشمال نجد الهضاب التلية والسهول ذات الاِرتفاعات البسيطة (100م) بها منخفضات بحيرية إذ نذكر بحيرات: التونغا، أوبيرا الملاح والبحيرة الزرقاء ومستنقع بورديم وغيرها من المسطحات الأقل حجمًا، وباِتجاه الجنوب نجد الكتلة التلية للشافية بمتوسط اِرتفاع يقارب 500م، وإن إشراف الحظيرة على البحر المتوسط و في أكثر مناطقه رطوبة بتساقط سنوي ما بين 800 و1300ملم واِحتواءها على مسطحات مائية كبيرة منحها غطاء غابي متنوع ودائم الخضرة بنظام بيئي ديناميكي ومتكامل.
    وتزخر الحظيرة بثروة نباتية متنوعة بحسب مستويات الغابة التي تحصي حوالي 900 نوع أي ما يُمثل ثلث الأنواع النباتية (الأنواع الفلورية) بالجزائر، كما تعيش بها أنواع نادرة من الطيور والطيور المهاجرة يصل عددها 189 نوعًا، إضافة إلى الحيوانات البرية النادرة جدًا مثل الأيل النوميدي، والقط البري والنمس...، وكذلك الأنواع البحرية مثل الفقمة وكلب البحر وسمك القرش... وأسماك المياه العذبة مثل الشبوط والطنش والكراكي... كل هذا التنوع الإحيائي ضمن نظام التجديد الذاتي يجعل من الحظيرة مخبرًا طبيعيًا هاما علميا وسياحيًا على المستوى الساحلي.
     
3. تنوّع السياحة وتعدّد الأنشطة السياحية بولاية الطارف
1.3 أنواع السياحة
   تنتشر ولاية الطارف العديد من الأنواع السياحية، لكن بشكل غير متطور ولا يراع التوازن البيئي، ولعل أهمها نذكر:
السياحة الشاطئية: تعتبر من أهم الأنواع السياحية المنتشرة بولاية الطارف، رغم المشاكل التي يعاني منها النظام الإيكولوجي الساحلي، وهي تستقطب أعداد كبيرة من السكان المحليين وغير المحليين في التوجه إلى البحر، لكن تقتصر هذه السياحة على السباحة والاِستمتاع بأشعة الشمس، ويمكن ترقيتها بخلق أنشطة تحفيزية أخرى لتخفيف التركز على الشواطئ.
السياحة البـيـئـية: تكتسب ولاية الطارف كمائن بيئية طبيعية هامة والتي من شأنها أن تشكل قطبا سياحيا بيئيا مستقبلا لاسيما مع تواجد العديد من البحيرات (التونغا، أوبيرا، الملاح...) (صورة رقم: 1، 2 و3) والغطاء الغابي الموزع بين الجبال والسهول، إلى جانب الأدوية (واد بوناموسة، واد الكبير...) فضلا عن الثروة الحيوانية المعتبرة.

السياحة الريفـية: من الوجهة الاِقتصادية فإن أغلب بلديات ولاية الطارف ذات طابع ريفي (فؤاد بن غضبان، 2009) فهي الولايات التي تحتضن أهم المحيطات الفلاحية المسقية ضمن سهل بوناموسة والعديد من القرى الاِشتراكية (داغوسة، القنطرة الحمرة...) والمزارع الاِستعمارية (الكوس، بني عمار...) سواء في الوسط السهلي وحتى الجبلي، وهي عوامل تدعم السياحة الريفية بشكل أساسي في أوقات الفراغ وفي نهايات الأسبوع.
السياحة الترفيهية: تُساهم السياحة الترفيهية في تطور السياحة البيئية بالولاية نظرا لتوفرها على العديد من الأماكن الطبيعية البيئية.

2.3 أنواع الأنشطة السياحية
- صيد السمك: هو نشاط رياضي وسياحي في نفس الوقت، وإمكانية ممارسته واسعة نظرًا لتوفر ولاية الطارف على ساحل بحري وبحيرات عديدة وأدوية وسدود...، إن هذا النشاط له تأثيراته المعتبرة على المستويين الترفيهي والإيكولوجي، ويجلب العديد من صيادي المناطق المجاورة (سوق اهراس، قالمة...)، لذلك تستدعي الضرورة تنظيم هذا النشاط السياحي وتقنينه.
- صيد الحيوانات البرية: تتوفر ولاية الطارف بوجه عام والحظيرة الوطنية للقالة على وجه الخصوص على ثروة حيوانية كبيرة للصيد لا يوجد لها مثيل على المستوى الوطني، وذلك بسبب تنوّع حيواناتها وتعدد الأصناف التي يُباح صيدّها، إلا أن تشجيع وتطوير هذا النشاط يتطلب مراقبة دقيقة للحماية والمحافظة على الأصناف التي يحميها القانون.
- الصناعات التقليدية: تنتشر الصناعات التقليدية بولاية الطارف وتتعدد نظرًا لاِستعمال المواد المحلية وتحويلها إلى منتوجات تقليدية، ونذكر على سبيل الحصر:
- الغليون، ومقبض محوّل السرعة بالسيارات والأزرار... هي كلها أدوات تقليدية يتم إنتاجها من خلال جذمة الغليون المتواجد بالجهة الشرقية من الولاية والمسمى محليًا بـ"بوحداد".
- كما يستعمل قصب السمار والمسمى محليًا بـ "الدوم" المتواجد على جوار البحيرات في إنتاج القفف، والسجادات والسلال...
- بالإضافة إلى أهم الصناعات التقليدية التي تشتهر بها المنطقة وهي صناعة "المرجان" الذي يقوم الحرفيون بتحويله إلى منتوجات مختلفة كالعقود والمشابك الصغيرة...  

3.3 موسمية السوق السياحية بولاية الطارف
من أجل توضيح مميزات السوق السياحية بولاية الطارف، سنتناول دراسة خصائص السوّاح الوافدين إليها باِختيار عينة منهم، ونخص هنا السوّاح المترددين للإقامة بفندق المرجان بمدينة القالة المصنف بـ 3 نجوم، والذي بلغ عددهم 9.240 سائح سنة 2008، يتوزعون بين 9.063 سائح محلي (98,08%) و177 سائح أجنبي (1,92%). كما يتباين توزيعهم حسب الفئات العمرية، حيث ترتفع نسبة السوّاح المنتمون إلى الفئات العمرية (21-30سنة) و(31-40سنة) إلى 34,20% و34,42% على الترتيب، وهو ما يتناسب مع الفئة النشطة القادرة على ممارسة السياحة والاِندماج فيها، ويرتفع كذلك عدد السوّاح من جنس الإناث في الفئة العمرية (21-30سنة)، مع اِرتفاع مماثل لجنس الذكور في الفئة العمرية (31-40سنة)[5].
    يتغيّر حجم السوّاح الوافدين من سنة لأخرى ومن شهر لآخر خلال نفس السنة، إذ تشير المعطيات الإحصائية إلى أن حجم السوّاح الوافدين إلى مدينة القالة في اِرتفاع تدريجي اِبتداءً من شهر جانفي حتى يبلغ أقصى قيمة له في شهر أوت بحجم قدره 3.114 سائح أي ما يُمثل نسبة 33,70%، ثم يبدأ في الاِنخفاض تدريجي وحاد حتى شهر ديسمبر بحجم 234 سائح أي ما نسبته 2,53%، كما تبرز ثلاثة شهور (جويلية، وأوت وسبتمبر) من السنة يرتفع فيها حجم السوّاح بنسبة إجمالية تقدّر بـ 53,48%، وهذا يعني أن ما يُقارب نصف إجمالي السوّاح يتوافدون إلى مدينة القـالة خلال ثلاثة أشهر من السنة، بينما الباقي يتوزعون على باقي الشهور، وبالتالي هناك تغير في حجم السواح الوافدين من شهر لآخر لنفس السنة.
   فضلا عن توفر ولاية الطارف على الحظيرة الوطنية للقالة التي تعد مكسبا للتنوّع الطبيعي والبيئي مع اِحتواءها على العديد من عناصر الجذب السياحي، سنسلط الضوء في تخطيط السياحة البيئية على هذه الحظيرة، وذلك كما يلي:

4. التخطيط البيئي ودمج المجتمع المحلي في التنمية السياحية المستدامة

1.4 تعدّد المتدخلين في النظام التسييري للحظيرة الوطنية للقالة
    أدمجت الحظيرة الوطنية للقالة ضمن مخطط التهيئة الإقليمي الذي يهتم بجوانب التنمية السياحية والحد من التصنيع والتعمير، وضمان أماكن موجهة لراحة السكان، ويتضمن نمط التسيير والرقابة والتمويل بالإضافة إلى عمليات التدخل من خلال التشجير والمكافحة البيولوجية للآفات الغابية وحماية التربة، والماء والهواء...
وقد ورد تصنيف الحظيرة الوطنية للقالة إلى 03 مناطق، وهي:
- مناطق حماية مشددة ومغلقة على الجمهور.
- مناطق حماية غير مغلقة بدرجات متفاوتة بهدف المحافظة أو تهيئة اِحتياطات مجالية مندمجة مما يحتم الدخول إليها تحت المراقبة وبجواز مرور.
- مناطق مسموحة الدخول.
وتعتبر الحظيرة الوطنية للقالة هيئة عمومية ذات طابع إداري تحت إشراف المديرية العامة للفلاحة والغابات، والتي تعمل على تسيير الحظيرة الوطنية والمحافظة على الإمكانات البيئية والطبيعية الموجودة بها، وذلك من خلال مجلس توجيهي يتشكل من ممثلين محليين وشخصيات علمية وموظفين أسندت لهم المهام التالية:
- المحافظة على الغطاء النباتي والموارد الطبيعية السطحية منها والجوفية والماء والهواء والموارد المعدنية، وبصفة عامة حماية المجال الطبيعي بكل مكوناته.
- حماية المجال الطبيعي من كل التدخلات التي من شأنها إلحاق الضرر بمكونات الحظيرة ومراقبة كل التطورات الحاصلة به.
- العمل على تنمية وتطوير مختلف الأنشطة الترفيهية والرياضية بالحظيرة بالتنسيق مع مختلف الجهات وبمراعاة مبدأ المحافظة على المجال الطبيعي.
- توطين مختلف البنى التحتية والمنشآت السياحية بمناطق الأطراف من الحظيرة بالتنسيق مع مختلف الجهات والسلطات الوصية.
- ملاحظة تطور المجال الطبيعي والتوازن الإيكولوجي ودراسته.
- المشاركة في الاِجتماعات العلمية والملتقيات والمؤتمرات الوطنية منها والدولية .
    وتكتسب المديرية العامة للغابات التي تعتبر هيئة مركزية منبثقة عن وزارة الفلاحة والتنمية الريفية أدورًا أساسية سواء في التأطير والإشراف على تنمية الفلاحة والغطاء الغابي.
إلى جانب ذلك نجد الوكالة الوطنية للمحافظة على الطبيعة التي تتكفل بدراسة ومتابعة التشكيلات النباتية والحيوانية بالحظيرة.

2.4 حظيرة طبيعية بيئية ضمن مجال اِقتصادي واِجتماعي يعيق السياحة البيئية المستدامة
    يُمثل السكان الريفيين القاطنيين ببلديات الحظيرة الوطنية للقالة نسبة 47,70% (ONS, 2008) متوطنين بالمناطق الزراعية، وقد بلغ عدد المستثمرات الفلاحية سنة 2001 بالحظيرة 2.719 مستثمرة فلاحية وهو ما يُشكل نسبة 16% من إجمالي المستثمرات الفلاحية بالولاية بحجم 05 هكتارات/مستثمرة، وتعتبر "تربية المواشي" النشاط الاِجتماعي والاِقتصادي الهام للسكان الريفيين وتتم ممارستها بالغابة والأحراش على طول السنة .
وعلى مستوى الحظيرة الوطنية للقالة نجد أن 35% من السكان بها يجدون مصدر رزقهم في تربية المواشي، و70% من مربي الماشية لا يملكون أراضي فلاحية (Bouyacoub et al., 1998) لذلك فهم لا يستفيدون من مراعي أراضيهم في فصل الربيع ويزيدون من ضغط الرعي على الغابة، فتربية المواشي الكثيفة لا تخضع لأية مراقبة[6] حيث تقيم قطعان كبيرة من الأبقار في الغابة عدّة أشهر (الشتاء والربيع)، وهي تُشكل خطرًا في الوسط الجنوبي خاصة بالغابات القديمة للبلوط الفليني وبلوط الزان في كتلة جبل غرة أين لوحظ اِختفاء كلي للطبقة العشبية والأدغال (الماكي) وعُوضا بتشكيلات البرواق التي تدّل على الرعي المفرط، وعليه نجد أن هناك صراعات قائمة بين مربي المواشي ومديرية الغابات خاصة ببلديات رمل السوق وبوقوس أين ينتشر البلوط الفليني والصنوبر الحلبي أين يشكل خطرا متزايدا على تقهقر الغطاء الغابي بالحظيرة رغم توفر التشريعات الضرورية.

3.4 التخطيط المجالي للحظيرة الوطنية للقالة يُراعي الحماية البيئية
   بناءً على النقص الذي تعاني منه الحظيرة الوطنية للقالة، فلا بد أن يتضمن تخطيطها عددا من النُقاط حتى نتمكن من تجسيد التنمية السياحية المستدامة ، لعل أهمها:
-          تحديد مراكز دخول الزوار والاِستراحات إلى الحظيرة.
-          تسطير ممرات ومسارات داخل الحظيرة.
-          تعيين نقاط مراقبة بيئية وأبراج حماية.
-          إنجاز مخيمات إقامة للسواح الوافدين.
-          العمل على مراقبة الطيور (المقيمة والعابرة).
4.4 دمج المجتمع المحلي في تنمية السياحة البيئية المستدامة بولاية الطارف
وترتبط هذه العملية بـ:
- دمج السكان المحليين في تخطيط الحظيرة وذلك بالأخذ بآرائهم في جميع المشاريع السياحية المراد برمجتها ضمن مخطط تنمية السياحة البيئية المستدامة بها، واِستشارة جمعيات المحافظة على التراث وجمعيات المحافظة على البيئة وممثلين السكان في المجالس البلدية المنتخبة.
- تدريب وتأهيل بعض السكان المحليين كأحد عناصر الجذب السياحي.
- اِستغلال النباتات الطبية المتوفرة في الحظيرة باِعتبارها من كمائن الطبيعية التي من شانها بعث عادات وتقاليد المنطقة وجذب السوّاح.
- العمل على توفير بيوت اِستقبال السوّاح ضمن المراكز العمرانية للاِستفادة من الخدمات الضرورية المتوفرة بها.
- إقامة مزارع بيئية سياحية.
- توفير خدمات البنى التحتية والفوقية التي بإمكانها أن تطيل فترة إقامة السائح.
- العمل على نشر ثقافة السياحة البيئية لدى السكان المحلين وكذا لدى السوّاح الوافدين.  

5. خـاتـمة 
   ما يمكن أن نستخلصه من هذا البحث أنه لا يوجد تأثير كبير للحظيرة الوطنية للقـالة بولاية الطارف في المجتمع المحلي من الناحية الاِقتصادية، فضلا من أن وجودها قد ساعد في التنوّع الطبيعي والحيوي، وأنه يمكن دمج المجتمع المحلي في التنمية السياحية البيئية، وأن الحظيرة تفتقر للكثير من خدمات البنية التحتية والفوقية التي يمكن أن تطيل فترة إقامة السائح، وأن الحظيرة على وجه الخصوص تحتوي على العديد من عناصر الجذب السياحي ولكنها غير مستغلة لقلة الإطارات البشرية المؤهلة والمدربة وغياب الثقافة المتعلقة بالسائح البيئي (خصائصه وسماته).
   وبناءً على ذلك فقد أوصى البحث بضرورة العمل على إيجاد سبل كفيلة تُساعد على اِستفادة المجتمع المحلي اِقتصاديًا من وجود الحظيرة الوطنية للقـالة واِستثمار مقوماتها البيئية والطبيعية المتاحة في تخطيطها واِستغلال عناصر الجذب السياحي الموجودة بها، وتوفير الخدمات باِختلاف أنواعها والتي من شأنها أن تُطيل فترة إقامة السائح مع اِستغلال العديد من عناصر الجذب السياحي المتوفرة.  

قائمة المراجع:
[1]    الجلاد، أحمد، (2003)، "التنمية والإعلام السياحي المستدام"، الطبعة الأولى، دار عالم الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة.
[2]    الجلاد، أحمد، (2000)، "التنمية السياحية المتواصلة"، الطبعة الأولى، دار عالم الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة.
[3]    الجلاد، أحمد، (بدون تاريخ)، "التخطيط السياحي والبيئي بين النظرية والتطبيق"، دار عالم الكتب للنشر والتوزيع، القاهرة.
[4]    أبو رمان، أسعد، و الراوي، عادل، (2009)، "السياحة في الأردن: الأسس العلمية، المقومات، الأسواق، الجدوى"، الطبعة الأولى، مكتبة الجامعة، الشارقة، إثراء للنشر والتوزيع، عمان.
[5]    الطائي، حميد، (2001)، "أصول صناعة السياحة"، الطبعة الثانية، الوراق للنشر والتوزيع، عمان.
[6]    أحمد الخضري، محمد، (بدون تاريخ)، "السياحة البيئية"، مجموعة النيل العربية، القاهرة.
[7]    الحميرى، موفق، و الحوامدة، نبيل، (2006)، "الجغرافيا السياحية في القرن الواحد والعشرين"، دار حامد للنشر والتوزيع، عمان.
[8]    العطار، حنان، (1999)، "تخطيط التنمية السياحية في شرم الشيخ"، رسالة ماجستير، جامعة الإسكندرية، الإسكندرية.
[9]    بظاظو، ابراهيم، (2010)، "السياحة البيئية وأسس اِستدامتها"، الطبعة الأولى، دار الوراق للنشر والتوزيع، عمان. 
[10] بن محمد الهزاع، عبد العزيز،(2007)، "مساهمة قطاع السياحة في تنمية الموارد البشرية السياحية"، الهيئة العامة للسياحة والآثار، السعودية.
[11] بن غضبان، فؤاد، (2010)، "السياحة البيئية بديل لتجسيد التنمية السياحية في الجزائر، دراسة تطبيقية على ولاية عنـابة"، الجغرافي العربي، العدد 25، دمشق.
[12] حسن موسى، علي، (2004)، "السياحة في سوريا"، مطبعة نينوى، دمشق.
[13] خميس الزوكة، محمد، (2002)، "صناعة السياحة من المنظور الجغرافي"، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية.
[14] عبد الفتاح أحمد، محمد، و عبد اللطيف طه، طايع، (2009)، "الجغرافيا السياحية"، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية.
[15] عيون، عبد الكريم، (2003)، "المقومات المحلية والتنمية الإقليمية في ولاية الطارف"، أطروحة دكتوراه دولة، جامعة قسنطينة.
[16] مصطفى، عبد القادر، (2000)، "دور الإعلان في التسويق السياحي"، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت.
[17] مقابلة، خالد، (1999)، "فن الدلالة السياحية"، الطبعة الأولى، دار وائل للطباعة والنشر، عمان.
[18] محمد غنيم، عثمان، و أبو زنط، ماجدة، (2007)، "التنمية المستدامة، فلسفتها وأساليب تخطيطها وأدوات قياسها"، الطبعة الأولى، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان.
[19] محمد غنيم، عثمان، و سعد بنيتا، نبيل ، (1999)، "التخطيط السياحي في سبيل تخطيط مكاني شامل ومتكامل"، الطبعة الأولى، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان.
[20] هاتو خلف، نعيمي، (2009)، "محاسبة التلوث البيئي"، بغداد.
[21] يوسف كافي، مصطفى، (2008)، "اِقتصاديات السياحة"، دار الرضا للنشر، دمشق.
[22] يسري دعبس، محمد، (2001)، "المحميات الطبيعية والجذب السياحي"، البيطاش سنتر للنشر والتوزيع، الإسكندرية.

[23] Baum, T., Ludtor P.-S., "Seasonality in tourism", 1st ed, Elsevier Science LtdLondon, 2001.
[24] Belair G., "Structure, fonctionnement et perspective de gestion de quatre éco complexe lacustres et marécageux (El Kala, Est Algérien)", Thèse de Doctorat, université de Montpellier 2, 1990.
[25] Benyacoub S., Louanchi M., Bada A.-R., "Plan directeur de gestion du Park National d’El Kala et du complexe des zones humides (Wilaya d’El Taref)", DGF/MADR, Projet Banque Mondiale, 1998.
[26] Duhamel, P., Sacareau, I., "Le tourisme dans le monde", Armond Colin, Paris, 1998.
[27] Deprest, F., "Enquête sur le tourisme de masse, l’écologie face au territoire", Belin, Paris, 1997.
[28] Grimes S., "Plan de gestion de l’aire marine du Park National d’El Kala (Wilaya d’El Taref)", MedMPA /PNUE /PAM CARASP, Ministère de l’Agriculture et de Développement rural, Direction générale des forêts, Alger, 2005
[29] Mesplier, A., Bloc-Duraffour A., "Le tourisme dans le monde", Breal, Paris, 2000.
[30] Hellal, M., "La marina de la station touristique intégrée Yasmine-Hammamet (Tunisie): Enjeux, conception et impacts", in Revue de l’Information Géographique, n° : 4, volune 37, 2009.
[31] Hellal, M., "Le complexe « Yasmine » : un projet culturel et de loisir au sein de la station touristique de Yasmine-Hammamet (Tunisie)", in Revue InsaniyetOrann° : 42, 2008.
[32] Suchet, A., Hellal, M., "Gouvernance du tourisme en station et logiques d’aménagement des sites contre vulnérabilité ou résilience", in Cahiers de Géographie, n° : 6, Fes, Maroc, 2009.
[33] Signoles P., "Un cas exemplaire de littoralisation : La Tunisie littorale de Nabeul à Mahdia", in J.-F. Troin (dir.), Le grand Maghreb, Mondialisation et construction des territoires, Armond Colin, coll. « U »,Paris, 2006.


[1] يقع جبل غرة و جبل قرقور بالجهة الجنوبية الشرقية لولاية الطارف ضمن جبال السلسلة النوميدية.
[2] يقع المتحف ضمن شبه جزيرة بحرية بالقالة، وقد تم تحويله بقرار بلدي داخل النسيج العمراني لمدينة القالة وذلك منذ سنة 2002.
[3] هناك فندق آخر مصنف وهو فندق "الجديد" بنجمة واحدة، يقع ببلدية بوثلجة بـ 12 غرفة و24 سرير.
[4] أنشأت الحظيرة الوطنية للقالة على غرار 08 حظائر على المستوى الوطني (تازة، جرجرة، بجاية، تاسيلي...) بموجب المرسوم الوزاري رقم 83/458 المؤرخ في 23/07/1983 المتضمن القانون الأساسي النموذجي للحظائر الوطنية، وتندرج الحظيرة الوطنية للقالة أيضًا ضمن أحكام إتفاقية Ramsar المؤرخة في 02/02/1997 المتعلقة بحماية المناطق الرطبة ذات الأهمية العالمية، باِعتبارها مأوى للطيور المهاجرة والدالة على الحالة الصحية للنظام البيئي للمنطقة.
[5] يتميز السائح البيئي بعدّة خصائص ومميزات وهي:
- وجود رغبة كبيرة للتعرف على الأماكن الطبيعية والحضارية.
- الحصول على خبرة حقيقية.
- الحصول على الخبرة الشخصية والاِجتماعية.
- الرغبة في زيارة المناطق ذات الأعداد القليلة من السوّاح.
- تحمل المشاق والصعوبات وقبول التحدي للوصول إلى هدفه.
- التفاعل مع السكان المحليين والإنخراط بثقافتهم وحياتهم الاِجتماعية.
- سهولة التكيف حتى بوجود خدمات سياحية بسيطة.
- تحمل الاِزعاج والسير ومواجهة الصعوبات بروح طيبة.
- أن يكون إيجابي وغير اِنفعالي.
وعليه فإن النسب المحصل عليها بإمكانها أن تتطابق جزئيًا مع خصائص السائح البيئي.
[6] القانون رقم 84/12 المؤرخ في 23 جوان 1984 يمنع الري في الميدان الغابي.  

حمله                من هنا





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا