التسميات

الاثنين، 2 أبريل 2018

قراءة في سيكولوجية الهجرة غير المشروعة - أ. د. خالد إبراهيم حسن الكردي ...


قراءة في سيكولوجية الهجرة غير المشروعة

إعداد: أ. د. خالد إبراهيم حسن الكردي

ورقة علمية مقدمة في الندوة العلمية بعنوان
 " الهجرة غير الشرعية: الأبعاد الأمنية والإنسانية"
المنعقدة في مدينة سطات بالمغرب
خلال الفترة من 
15- 17/ 4 / 1436هـ ، الموافق 4-6 فبراير 2015م 

جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
مركز الدراسات والبحوث
قسم الندوات

ملخص الدراسة:
  الهجرة غير المشروعة مليئة بالمخاطر لذا من الممكن أن يتعرض بعض المهاجرين غير الشرعيين لبعض الاضطرابات النفسية مثل تعرضهم لاضطراب ضغوط ما بعد الصدمة و لتجارب ضاغطة.

  إن أحداث قوارب الموت في المتوسط تصيب الناجين في صميم صحتهم النفسية وآمنهم النفسي، وتؤكد الدراسات معاناتهم في تحقيق التوافق النفسي والشخصي والاجتماعي مع المجتمع الجديد الذي هاجروا إليه.
   إن مشكلة الاندماج في المجتمع الجديد والتكيف معه تولد لدى المهاجر غير الشرعي الشعور بالعزلة الاجتماعية والنفسية، جراء انتقاله من البيئة والمجتمع الذي ألفه إلى آخر جديد غير مألوف مصحوب بالشعور بالحزن والأرق ، وحالات من القلق في المراحل الأولى من الهجرة ، ثم الخوف من المجهول يضاف لذلك شعور المهاجر بالخسارة وفقدان المنزل والأصدقاء والأقارب وفقدان الطمأنينة والاستقلال.
  دراسات كثيرة أشارت إلى مشكلات الهجرة غير المشروعة والمتمثلة في تعاطي الكحول أو المخدرات في محاولة لتخفيف القلق، والتوتر والاكتئاب أو الهروب من المشاكل أو رغبة في مجاراة المجتمع الذي انتقل إليه المهاجر ولما لهذا التعاطي من مضاعفات نفسية.
   كما أن الهجرة غير المشروعة يمكن أن تنال من هوية المهاجر ذلك أن الهجرة إلى البلد الجديد تقود إلى آثار سلبية لدى البعض، لذلك يلاحظ لجوء هؤلاء عمداً إلى أساليب دفاعية نفسية مثل الاستماع للموسيقى والأغاني الشعبية واقتناء الرسومات واللوحات وما يعلق على الجدران وارتداء الأزياء والملابس الوطنية والتمسك بمظاهر اللهجة المحلية.
   تهدف الدراسة إلى التعرف على الدوافع النفسية التي تدفع بالمهاجر غير الشرعي إلى الإقدام على الهجرة غير الشرعية والتعرف على الآثار النفسية والاضطرابات النفسية التي يتعرض لها المهاجر.

استخدم الباحث المنهج الوصفي الكيفي لتحقيق أهداف الدراسة.
  عرض الباحث عدداً من الدراسات السابقة بلغت (12) دراسة، كما عرض إطارا نظرياً مركزاً على النظريات التي تناولت الهجرة غير الشرعية من المنظور النفسي.
أهم المؤشرات:
1.ازدادت في السنوات (الأخيرة ظاهرة الهجرة غير الشرعية فقد بلغ عدد المهاجرين في 2014م) الذين وصلوا إلى الشواطئ الايطالية أكثر من (160) ألف مهاجر.
2.نتيجة لهذه الأعداد الكبيرة فإن عدد الذين فقدوا حياتهم في البحر في 2014م بلغ (أربعة آلاف) مهاجر منهم (3200) مهاجر فقدوا حياتهم في البحر الأبيض المتوسط.
3.ترجع الهجرة غير المشروعة إلى اختلال في التوازن الاجتماعي والاقتصادي والبطالة وعدم توفر فرص عمل حقيقية وانخفاض مستوى الأجور وغلاء الأسعار والفساد والاستبداد ، وعدم الاستقرار السياسي، والصراعات المسلحة والحروب كلها عوامل تدفع باتجاه الهجرة.
4.يواجه المهاجر غير الشرعي عقبات في المجتمع الجديد تتمثل في التمييز في العمل والسكن والأجور واللغة ، إضافة إلى مشكلة الاندماج في المجتمع الجديد.
5.يعاني المهاجر من الشعور بالعزلة الاجتماعية والنفسية، والضغوط النفسية وضعف الهوية لدى البعض.
6.يرى بعض المهاجرين أن الهجرة تشكل بديلاً وحيداً لجميع المشكلات التي يعاني منها، في حين ينظر لها البعض الآخر باعتبارها فرصة أفضل نحو تحقيق الطموحات.
7.والهجرة سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة لبعض مدارس علم النفس تشكل خبرة صدمية وشرخاً يصعب مداواته فهي منفحى وإن كان اختياريا في حين يرى البعض الآخر أن فقدان الأمن النفسي يدفع البعض للهجرة والبعض الآخر يرى بأن الهجرة تجعل الفرد في أشد الحاجة للأمن النفسي.
وانتهت الدراسة بعدد من التوصيات.
المقدمة:
الهجرة ظاهرة قديمة قدم الإنسان نفسه عرفتها المجتمعات المختلفة ، وبواسطتها عمرت الأرض وتلاقت الثقافات واختلطت المجتمعات بعضها بالآخر، وهي تعتمد على العنصر البشري وأسهمت في بناء الكثير من الدول والمجتمعات ، إضافة إلى دورها في دعم الإثراء الحضاري والتواصل الاجتماعي والثقافي بين كافة الحضارات والمجتمعات، ولا يمكن نكران وتجاهل إسهامها وبشكل مؤثر في الجوانب الاقتصادية والسياسية في مختلف المجتمعات (سلام، م2010، 199).
ويمكن النظر إلى الانتقال السكاني من مكان لآخر من الظواهر الأساسية الملازمة للوجود البشري كأمر طبيعي لأن الإنسان يبحث عن حياة أفضل يشعر فيها بالاستقرار والطمأنينة والأمن النفسي وتلبية احتياجاته الأساسية ، وتحسين شروط حياته وأسرته، وبالرغم من اختلاف الهدف من الهجرة فإن العامل الاقتصادي يأتي في المقام الأول، ويبدو ذلك  واضحاً في سعي أكثرية المهاجرين للانتقال إلى الدول الغنية وإلى الدول الأكثر تقدماً والحصول على فرص عمل بأجر مرتفع إذا ما قورن بدخلهم في بلدانهم بمعنى أن الدولة التي يهاجر لها الفرد تتمتع بعوامل وقوة جذب في حين أن مكان الإقامة الأصلي يتمتع بقوة طرد.
والهجرة هي انتقال الأشخاص فرادى وجماعات من موقع لآخر بحثاً عن الأفضل اجتماعياً أو اقتصادياً أو أمنيا، وقد عرف الإنسان مثل هذا الانتقال وخبره دون قيد أو عائق ، حتى ظهور الثورة الصناعية وما تبعها من تطور في القوانين محليا ودولياً فظهرت الحدود وجوازات السفر وتأشيرات الدخول التي حدت كثيرا من حرية تنقل الأفراد والجماعات ونظمت عملية الانتقال في إطار الهجرة المشروعة عبر الدول، وهو أمر كما يرى البعض بأنه ساعد على نشوء هجرة موازية سميت بالهجرة غير المشروعة، أو الهجرة السرية ، وهي هجرة معروفة في كل العالم شماله وجنوبه وشرقه وغربه ووسطه في الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية، ودول الخليج العربي الغنية بالنفط، وفي أمريكا اللاتينية المكسيك وكوبا وهايتي والبرازيل والأرجنتين وكذلك في بعض الدول الأفريقية (السرياني م2010، 171).
ازدادت معدلات الهجرة غير المشروعة من الدول الفقيرة إلى تلك الغنية في العقد الأخير من القرن العشرين بحثاً عن فرص العمل، مع ثورة الاتصالات والمواصلات والعولمة التي سهلت هجرة أعداد كبيرة من الساعيين للوصول إلى ظروف معيشية أفضل حيث تقدر منظمة الهجرة الدولية عدد المهاجرين الشرعيين بأكثر من (200) مليون شخص (عيد ، 2010 ، 48).
ومع التوسع في الهجرة ظهرت هجرة موازية هي الهجرة غير الشرعية بقيام شخص لا يحمل جنسية الدولة أو من غير المرخص له بالإقامة فيها بالتسلل إلى هذه الدولة عبر حدودها البرية أو البحرية أو الجوية ، أو الدخول إلى الدولة عبر أحد منافذها الشرعية بوثائق أو تأشيرات مزورة ، وغالباً ما تكون الهجرة غير المشروعة جماعية ونادراً ما تكون فردية (عيد، 2010، 50).
وقد حاول المكسيكيون والأسيويون و الأفارقة وغيرهم التسلل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبعض الدول الأوروبية عبر الحدود البحرية والبرية وهو أمر رافقته حوادث وأخطار ومشكلات خاصة مع شبكات التهريب والسماسرة التي تنقلهم عبر دول وتخطي الحدود من مناطق عبور بعيدة عن رقابة السلطات ، كما أن ركوب البحر يتطلب انتظاراً لحين الفرصة المواتية في غفلة من حرس الشواطئ والإبحار غالبا في قوارب صغيرة دون مراعاة لأحوال الطقس الأمر الذي يعرض حياتهم للخطر وقد أطلق على مثل هذه القوارب قوارب الموت لخطورتها (السرياني،م2010، 185).
هذه الرحلة المليئة بالمخاطر تعرض البعض لاضطرابات نفسية مؤلمة خاصة عندما يتعرض القارب للغرق فالبعض قد يشاهد بعض الجثث التي تطفو فوق الماء ومثل هذه التجربة تشكل مجموعة من الأحداث الصادمة شديدة الألم ، فيشعرون بالخوف الشديد والهلع والعجز، وتمثل مثل هذه الأحداث الصادمة قائمة طويلة منها مواجهة الكوارث والإصابة ومشاهدة الأحداث العنيفة (إبراهيم، 2009، 121).
وحسب الرابطة الأمريكية للطب النفسي في الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع (DSM-IV-1994) فإن الخبرة الصادمة تتمثل في التعرض لحادث صدمي على نحو مفرط الشدة متضمنا خبرة شخصية مباشرة لهذا الحدث الذي ينطوي على موت فعلي، أو تهديد بالموت أو إصابة شديدة أو غير ذلك من التهديد للسلامة الجسمية وهو أمر يتعرض له المهاجر غير الشرعي في كل خطوة يخطوها نحو المجهول.
ومن الصعب تحديد حجم الهجرة غير الشرعية نظراً لطبيعتها السرية من جهة ولتباين أصناف المهاجرين من جهة أخرى ، لذلك تتضارب التقديرات لمثل هذه الهجرة ولكن منظمة العمل الدولية تقدرها ما بين (10-15%) من عدد المهاجرين في العالم والذي سبق أن أشرنا إلى حجمه بأكثر من (200) مليون شخص. من جانب آخر فإن تقديرات منظمة الهجرة الدولية للهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي تصل إلى (1.5) مليون شخص سنوياً (يونس،2013،5).
وتوقعت منظمة الهجرة الدولية ازدياد الهجرة غير الشرعية جراء الأزمة الاقتصادية والمالية التي يشهدها العالم الآن دون أن تحدد حجم هذه الزيادة، مؤكدة أن (15%) من المهاجرين في العالم غير نظاميين (مركز الأهرام للدراسات- ahram.org.eg).
يشير تقرير صادر عن المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، إلى زيادة عدد ضحايا الهجرة غير الشرعية من البلدان العربية خلال السنوات العشر الأخيرة بنسبة (300%) (مركز الأهرام للدراسات- ahram.org.eg).
إن من عوامل دفع المهاجرين للهجرة بشقيها المشروعة وغير المشروعة يعود إلى عوامل اقتصادية واجتماعية تتمثل في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وغياب الحريات وانتشار الفساد والتسلط السياسي والدكتاتوريات والتطلع إلى زيادة دخل الفرد وتحسين مستوى المعيشة.
ولا يكاد يمر أسبوع دون عرض الفضائيات لصور قوارب تحمل مهاجرين غير شرعيين متجهين إلى أوروبا وقد تناولت الجزيرة نت في منتصف أيلول (م2014) حادث قارب يحمل نحو خمسمائة مهاجر غير شرعي أقدم مهربون على إغراقهم عمداً وصل عدد من الناجين إلى ايطاليا وقد حظى هذا الحادث باهتمام السلطات الايطالية ومنظمة الهجرة الدولية ويشير تقرير الجزيرة نت إلى أن (3072) شخصاً قضوا خلال العشرة أشهر الماضية (Aljazeera).
إن أحداث قوارب الموت في المتوسط تصيب الناجين في صميم صحتهم النفسية وأمنهم النفسي ولهذا فهم من المتوقع كما تؤكد الدراسات النفسية يعانون من صعوبات في تحقيق توافقهم النفسي والشخصي إضافة إلى توافقهم الاجتماعي مع المجتمع الجديد الذي هاجروا إليه ذلك أن مثل هذه الأحداث تجعل شروخها دائمة في النفوس مدى الحياة، ذلك أن المهاجر غير الشرعي الذي تعرض لمثل هذه الأزمة قد يدرك أن بيئته غير صديقة وأنها محبطة يشعر فيها بالخطر والتهديد والتعرض للأخطار الاجتماعية مع شعوره بالألم والخوف.
إن قوارب الموت تصيب الأمن النفسي للمهاجر غير الشرعي بالضعف وهو كما نعلم أحد الحاجات المهمة للفرد حسب ماسلو والتي تأتي في ترتيب الحاجات بعد الحاجات الفسيولوجية التي تشكل قاعدة الهرم وهنا يتعرض مثل هذا المهاجر غير الشرعي لضغوط نفسية لا قبل له بمواجهتها وقد يؤدي مثل هذا الأمر إلى إصابته ببعض الاضطرابات النفسية (جبر،30،1996م).
تحقق الهجرة غير الشرعية وعمليات تهريب البشر أرباحاً تصل إلى (404) مليار دولار وهو رقم كبير دفع بشبكات المافيا العالمية للعمل في هذا الميدان والتوسع فيه (أحمد،2014، 1).
تأخذ الهجرة العربية أشكالا متعددة من بينها الهجرة البينية العربية وهي هجرة من أقطار عربية حجم سكانها نسبياً كبير ودخلها القومي متواضع و بها أعداد كبيرة من الفقراء ،هذه الأقطار يطلق عليها الأقطار المرسلة أو المصدرة للأيدي العاملة باتجاه الدول العربية المصدرة للنفط والتي تحتاج إلى أيد عاملة للعمل في مشاريع التنمية وقد استقبلت دول الخليج العربي نحو (40%) من إجمالي المهاجرين القادمين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتتجه نسبة (10%) إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا.
الهجرة غير المشروعة نحو أوروبا تأتي من دول المغرب العربي حيث تشكل المغرب والجزائر وليبيا بلاد عبور إلى معظم دول أوروبا وقد شكلت المغرب لسنوات طويلة المحطة الرئيسة للتسلل إلى أوروبا نظراً لقربها الجغرافي من إسبانيا حيث يمكن من طنجة رؤية الساحل الأوروبي بالعين المجردة وسمى المهاجرين غير الشرعيين بالحراقة حيث يلجأ المهاجر بمجرد وصوله إلى أوروبا إلى إحراق أوراق هويته أملاً في الحصول على هوية جديدة في دولة المقصد (غلو ،2009م، 3).
زادت معدلات الهجرة غير المشروعة عبر ليبيا بعد (2011م) بسبب غياب وانهيار أجهزة وأنظمة الأمن الرسمية وشيوع وتوفر المركبات الصحراوية بكثرة وعدم توفر إمكانات السيطرة على الحدود البرية والبحرية ومرافئها وارتفاع الصراعات كل ذلك أسهم في زيادة معدلات الهجرة غير المشروعة عبر ليبيا حيث قدرت ايطاليا عدد المهاجرين غير الشرعيين القادمين إليها من ليبيا بنحو (1.5) مليون أغلبهم من دول شمال أفريقيا وآخرون من تشاد والصومال واريتريا وأثيوبيا (المصراتي،196،2014م).
كما تشكل تركيا معبراً للمهاجرين من منطقة الشرق الأوسط وشرق أوروبا إلى أوروبا الغربية حيث تشير الإحصاءات إلى أن أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين قدموا لتركيا قد ازدادت خلال الفترة من 1997- 2001م من (28) ألف مهاجر إلى (92) ألف مهاجر ثم انخفضت هذه الأعداد لاحقا(Ahmet,2006)
كما شكلت مصر معبراً للمهاجرين من أفريقيا إلى أوروبا وأمريكا وقد تزايدت معدلات الهجرة إلى مصر مع بداية التسعينيات نتيجة للحروب في منطقة القرن الأفريقي خصوصا في السودان واريتريا والصومال وأثيوبيا لوجود أكبر البرامج العالمية لإعادة التوطين في كندا واستراليا والولايات المتحدة وأوروبا وتقدر منظمة غوث للاجئين عدد اللاجئين في مصر ما بين (500) ألف مهاجر إلى (900) ألف مهاجر (نور والمبارك ،2008م، 65).


مشكلة البحث:
هناك اتفاق بين الباحثين في ميدان الهجرة بأن فشل نماذج التنمية وأزمة المديونية والظروف غير المستقرة للاقتصاد العالمي والعولمة عوامل ساعدت في تفاقم ظاهرة الهجرة(شهاب 1998م، 22) يضاف إليها تناقص الموارد والنمو السكاني المطرد والأزمات والكوارث الطبيعية إضافة إلى اتساع رقعة القتال في مناطق واسعة في بعض الدول العربية والأفريقية (الزواوي،2004م، 15).
يشير السرياني (2010م، 186) إلى تعدد حوادث غرق القوارب التي يستقلها المهاجر والتي وصفت بقوارب الموت وقوارب الانتحار الجماعي وقوارب الفرار إلى المجهول ففي الجزائر تشير إحصاءات البحرية الجزائرية إلى أن عدد الجثث التي عثر عليها في عام 2005م (29) جثة وفي 2006م (73) جثة وفي عام 2007م (83) جثة وبلغ عدد الموقوفين في (2002م) ما يزيد عن عشرين ألف مهاجر قدموا من (91) دولة.
كما تشير إحصاءات وزارة الداخلية الايطالية بأن (121) ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الايطالية (2006م) وعدد الذين اعتقلوا (2007م) (1419) مهاجر ولقى (500) مهاجر مصرعهم في البحر.
في حين بلغ عدد الذين وصلوا إلى أسبانيا بطريقة غير شرعية (2008) قرابة (7300) شخص مهاجر وتقدر أسبانيا عدد ضحايا الهجرة غير الشرعية بين 800-1000 ضحية ما بين عامي 1990- 2007م وهذه الأرقام تعكس حجم المشكلة الظاهرة.
كما يمكن النظر للمشكلة من جانب آخر يتمثل في الآثار السلبية التي ترتيب على الهجرة نتيجة الضغط على مرافق المدن المستقبلة وتعقد المصالح والتزايد السكاني المطرد الذي يترتب عليه ارتفاع معدلات الجريمة من عمليات السطو والنهب والسرقة وتخريب بالممتلكات العامة والخاصة والاعتداءات، وهناك من يرى أن معدلات الجريمة جاءت كرد فعل لهؤلاء تجاه المجتمع وإلى فقدانهم للاهتمام والرعاية والعناية والشعور بالمسؤولية وفقدان الأمن والطمأنينة وغياب الأمل عن المستقبل(نور والمبارك، 2008م، 72).
يعاني المهاجرون من مشكلات اجتماعية ونفسية نتيجة التباين بين المجتمعات والانتقال إلى مجتمع جديد له لغته وتقاليده وعاداته وقيمه فيصعب على بعض المهاجرين التواصل مع المجتمع الجديد ويعانون من مشكلة الاندماج التي تقف عائقا أمام إمكانية تكيفهم وتأقلمهم مع المجتمع الجديد ويزداد الأمر تعقيداً في حالة الهجرة غير المشروعة حيث لا يحمل المهاجرون أي سند قانوني يحمي وجودهم في تلك البلدان.
انطلاقاً من ذلك فأن غالبية المهاجرين غير الشرعيين يعيشون في قلق دائم نتيجة لعدم شعورهم بالأمن والانتماء واحترام أنفسهم أو أنهم حققوا ذاتهم وانخفاض الروح المعنوية لديهم والإحباط بل والتفكير في الانتحار (محمد، 1994م، 51).
إن مشكلة الاندماج في المجتمع الجديد والتكيف معه كما يرى الكردي والكناني(2002م، 45) تولد مشكلة أخرى تتمثل في العزلة الاجتماعية والنفسية للمهاجر غير الشرعي جراء انتقاله من البيئة والمجتمع الذي ألفه إلى آخر جديد غير مألوف الأمر الذي يولد لديه نوعاً من الإحساس بالحرمان مصحوباً بالشعور والحنين إلى الوطن والتفكير فيه واستعادة ذكرياته وقد يترافق معه الحزن والأرق وفقدان الشهية وحالات من القلق في المراحل الأولى كما سبق أن تمت الإشارة إليه والخوف من المجهول في البلد الجديد وقد يدفع ذلك بالمهاجر إلى طلب المعالجة الطبية النفسية.
والهجرة غير المشروعة إلى البلد الجديد تتطلب احتكاك المهاجر بأهل البلد الأصليين ومحاولة تطبعه بعاداتهم وأخلاقهم ومن الطبيعي أن يواجه صعوبة في التكيف مع هذا الوضع الجديد سيما أن بعض وسائل الإعلام تقوم بدور تحريضي على أن المهاجرين غير الشرعيين غالبيتهم مجرمون أو متطرفون إرهابيون فيؤدي ذلك إلى زيادة التعصب وتأجج مشاعر الكراهية والحقد وظهور صورة ذهنية سلبية قد تتحول إلى صورة نمطية تحول دون تواصلهم مع المجتمع الجديد بشكل فعال وهو أمر قد يؤدي إلى ظهور حالات الاضطراب النفسي لدى البعض (موصار،1983م، 48) (يوحوش، 1979م، 26).
وقد تؤدي الهجرة غير المشروعة إلى إضعاف الشخصية وهو أمر ينعكس سلباً فيجعل الحياة تبدو صعبة يترافق مع ذلك شعور بعض المهاجرين بخسارتهم الكبيرة مثل فقدان البعض لمنازلهم ومالهم والأصدقاء المقربين والأقارب وذلك يولد الشعور بفقدان الاستقلال وفقدان القدرة على اتخاذ القرار وفقدان الطمأنينة والأمن النفسي والبعض يتأثر بنظرة الآخرين إلى هويتهم وتزداد المشقة والصعوبة لأن الأمر بتطلب بداية جديدة في مجالات الحياة المختلفة وأولها تعلم لغة جديدة وهو أمر يؤدي في بعض الأحيان إلى ضغط نفسي قد يتطور إلى أزمة (Diary of polar camel).
يشير السعيد وعدوان (2013م ، 230) إلى أن المكانة الاجتماعية التي بإمكان المهاجر الحصول عليها قد تكون سبباً في زعزعة توازنه النفسي فبعض المهاجرين غير الشرعيين (السريين) كانوا أصحاب مكانة اجتماعية محترمة أساتذة ،أطباء، مدراء ...الخ حيث يجد المهاجر نفسه بعد المغامرة مرميّاً في مراكز الاستقبال مع المهمشين والمصابين بشتى أنواع الاضطرابات النفسية والعقلية.
ويزداد الضغط على المهاجر غير الشرعي عندما تتقاذفه فكرة العودة للوطن فيشعر برهاب العودة الذي يشكل اعتراف المهاجر بالفشل أمام الأهل والأصدقاء وهو أمر غير مقبول لشخص مغامر يبحث عن النجاح فالعودة بالنسبة له مرادف للاعتراف بالفشل والانتكاس والشعور بالإحباط.
في حين يرى بعض الاختصاصيون في مجال الطب النفسي أن الهجرة إلى الخارج وبأعداد كبيرة تركت أثراً نفسياً من الصعب محوه، وأدت إلى اضطرابات نفسية وسلوكية لدى المراهقين والشباب إضافة إلى أخطار اجتماعية في أنماط الحياة الجديدة والتناقضات في السلوكيات الاجتماعية ما قد يخلخل التماسك الاجتماعي.

الأهمية:
يشير (نور والمبارك،2008م، 9) إلى أن الهجرة غير المشروعة أصبحت إحدى القضايا التي تشغل تفكير المسئولين في الدول والمنظمات والباحثين المهتمين بدراسات الهجرة وقد عقدت العديد من المؤتمرات والندوات العلمية التي تناولت الهجرة غير المشروعة من حيث أسبابها والآثار المترتبة عليها والسياسات الخاصة بالحد منها وتخفيف الآثار المترتبة عليها وقد عقدت منظمة الأمم المتحدة حواراً رفيع المستوى حول شؤون الهجرة الدولية والتنمية بمدينة نيويورك.
وكان لابد أن تتحرك جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في هذا الاتجاه فهي ولدت بأسنانها استجابة للتحديات التي مرت وتمر بها المنطقة العربية ، لذا عقدت حلقة علمية بعنوان "أثر تهريب المهاجرين غير الشرعيين" في أيار/مايو 2004م، نوقشت فيها العديد من الدراسات واستعرضت فيها تجارب بعض الدول العربية للتصدي لظاهرة الهجرة غير المشروعة وآثارها الاجتماعية والأمنية، كما تناولت بحوث الحلقة العلمية المسائل القانونية والتشريعية الخاصة بالهجرة غير المشروعة وعلاقة الهجرة غير المشروعة بقضية اللجوء السياسي.
كما نظمت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ندوة علمية بعنوان "مكافحة الهجرة غير المشروعة" خلال الفترة من 24-26/2/1431هـ  الموافق 8-10/2/2010م بالرياض، قدمت فيها مجموعة من الأوراق العلمية عن الهجرة غير المشروعة الانتشار والأشكال والأساليب المتبعة، ورقة أخرى عن التجارب الدولية في مكافحة الهجرة غير المشروعة ، وثالثة عن العلاقة بين الهجرة غير المشروعة وجريمة تهريب البشر والاتجار بهم ، ورابعة عن المعاهدات والصكوك والمواثيق الدولية في مجال مكافحة الهجرة غير المشروعة، وخامسة عن هجرة قوارب الموت عبر البحر المتوسط بين الجنوب والشمال، وأخيراً و ورقة الأخطار الظاهرة والكامنة على الأمن الوطني والهجرة غير المشروعة وهذه الأوراق تعكس حجم المحاور في هذه الندوة وتباين التخصصات.
كما نشرت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية مؤلفات عن الهجرة غير المشروعة والجريمة في 2008م، ومؤلفاً آخر عن "حقوق المهاجر والتزاماته في القانون الدولي الخاص" في 2013م ، وفي هذا تأكيد لدور الجامعة في الدراسات والبحوث التي اهتمت بظاهرة الهجر غير المشروعة.
ومن الواضح ازدياد أعداد هجرة الشباب في دول العالم الثالث بطرق غير مشروعة بسبب تناقص فرص العمل في بلدانهم وزيادة حدة الفوارق بين الدول الغنية والدول الفقيرة وازدياد الوعي بهذه الفوارق إضافة إلى سهولة الانتقال بسبب التقدم الذي حصل في وسائل التواصل والاتصالات الدولية (فرنسيس ،1،2011م) كما لابد من الإشارة إلى أن الحروب والصراعات المسلحة داخل بعض دول العالم الثالث وعدم الاستقرار دفع بالكثير إلى ركوب المخاطر والهروب من دولهم بحثا عن حلم مفقود في اتجاه نحو النفي الاختياري كل ذلك جدير بالدراسة والبحث.
ويمكن تناول أهمية هذه الدراسة في البعدين التاليين:
1.الأهمية النظرية:
تأتي الأهمية النظرية للدراسة من حيوية الموضوع الذي تتناوله، بما فيه من جدة تتمثل في القراءة النفسية للهجرة غير المشروعة، ومن الواضح أن الهجرة غير المشروعة تم تناولها من أبعاد أخرى جغرافية، سياسية ، اقتصادية، اجتماعية، وأمنية ، وندر تناولها في الجانب النفسي.
كما تبرز الأهمية النظرية فيما تمثله هذه الدراسة من إضافة للتراكم المعرفي في ميدان الهجرة غير المشروعة.
إلقاء الضوء على التأثيرات النفسية التي يتعرض لها المهاجر غير الشرعي والتي تؤثر على نفسيته وتعرضه لبعض الاضطرابات النفسية.
حياة المهاجر في المجتمع الجديد الذي وفد إليه مليئة بالضغوط والقلق والإحباط وهي متغيرات يمكن أن تؤثر على صحته النفسية وأمنه النفسي.
2.الأهمية التطبيقية:
تبرز الأهمية التطبيقية لهذه الدراسة في النتائج التي يمكن الحصول عليها من خلال تحليل الدراسات والنظريات في الجوانب النفسية والتي تعكس واقعاً يجب أن يتم التصدي له للحفاظ على الصحة النفسية للمهاجر غير الشرعي.
يمكن أن يستفيد من نتائج الدراسة العاملون في ميدان الصحة والعلاج النفسي.
كما يمكن أن يستفيد من الدراسة رجال الأمن والشرطة والجمارك المعنيون بالتعامل مع المهاجرين غير الشرعيين.
أهداف الدراسة:
تهدف الدراسة الحالية إلى التعرف على:
1.الدوافع النفسية التي تدفع بالمهاجر غير الشرعي إلى الإقدام على المغامرة بالهجرة غير المشروعة.
2.الآثار النفسية السلبية على شخصية المهاجر غير الشرعي.
3.الاضطرابات النفسية التي يتعرض لها المهاجر غير الشرعي.
حدود الدراسة:
تحدد الدراسة الحالية من حيث الموضوع بقراءة نفسية للهجرة غير المشروعة خلال الفترة 1436-2015م.
منهجية الدراسة:
سعى الباحث إلى تطبيق البحث الوصفي الكيفي في هذه الدراسة، وهو منهج قائم بالأساس على التحليل العلمي للمصادر العلمية من أبحاث ودراسات تطبيقية ، وتقارير وإحصاءات تتعلق بالهجرة غير المشروعة، وعرض ما توصلت إليه الدراسات مع التركيز على المتغيرات النفسية التي اتفقت معظم الدراسات حولها كمتغيرات نفسية مؤثرة في حياة المهاجر غير الشرعي.
ومن المهم جداً أن يتم تحليل بعض الدراسات السابقة التي تناولت متغيرات الدراسة، مع عرض لإطار نظري ومفاهيمي متماسك لهذه المتغيرات وتقديم قراءة نفسية تحليلية للهجرة غير المشروعة من منظور علم النفس.
تحديد المصطلحات
مفاهيم الدراسة:
1.الهجرة:
 يقصد بها لغوياً كما جاء في لسان العرب: الهِجرةُ والهجْرةُ الخروج من أرض إلى أرض وأصل المهاجر عند العرب خروج البدوي من باديته إلى المدن، وكل من فارق بلده من بدوي أو حضري أو سكن بلداً آخر فهو مهاجر.
كما نجد أن الهجرة في الأصل الاسم من الهجرة ضد الوصل وقد هاجر مهاجرة والتهاجر التقاطع (بن مشري، ب.ت،97).
والهجرة حسب علم السكان (الديموغرافيا) هي: الانتقال فردياً أو جماعيا من موقع لآخر بحثاً عن وضع أفضل اجتماعيا أو اقتصاديا أو دينياً أو سياسياً ، أما علماء الاجتماع فيرون بأن الهجرة تدل على تبدل الحالة الاجتماعية كتغير في الحرفة أو الطبقة الاجتماعية وغيرها (فرنسيس،2،2011م).
2.الهجرة المشروعة:
يقصد بها الهجرة للعيش من دولة إلى دولة أخرى وفق الضوابط والشروط التي يضعها النظام القانوني للدولة المستقبلة ويصاحب الانتقال نية البقاء في الدولة المستقبلة لفترة طويلة (نور والمبارك، 2008م، 12).
3.الهجرة غير المشروعة:
وفيها ينتقل الفرد أو الجماعة من موقع إلى آخر بحثاً عن الرزق ووضع أفضل اجتماعيا واقتصاديا أو دينيا وفيها تتبدل الحالة الاجتماعية كتغير الحرفة أو الطبقة الاجتماعية.
وتعني قيام شخص لا يحمل جنسية الدولة ، من غير المرخص له بالإقامة فيها بالتسلل إلى هذه الدولة عبر حدودها البرية أو البحرية أو الجوية أو الدخول إلى الدولة عبر أحد منافذها الشرعية بوثائق أو تأشيرات مزورة وغالبا ما تكون الهجرة غير المشروعة جماعية ونادراً ما تكون فردية (عيد ،2010، 50).
ويقصد بالأفراد المهاجرون غير الشرعيين أو غير القانونيين السريين:
-        الأفراد الذين يعبرون الحدود خلسة عن الرقابة المفروضة.
-        شخص يدخل دولة بطريقة غير قانونية ولا يسوي وضعه القانوني فيها (غلو، 2009م).
-        شخص يدخل دولة بطريقة قانونية ثم لا يغادر الدولة بعد انتهاء مدة إقامته القانونية.
الدراسات السابقة:
أجرى صالح في(2005م) دراسة عن الأبعاد الاجتماعية والثقافية لهجرة المصريين الريفيين إلى إيطاليا والتي بينت أن العقبات التي يواجهها المهاجرون غير الشرعيين بعد الهجرة تتمثل في التميز وفي العمل في الأجور واللغة والسكن والحصول على الإقامة كما ساهمت الهجرة في حدوث تحسن في المكانة الاجتماعية للمهاجرين الذين أمضوا فترة طويلة نتيجة التحويلات التي يتم استثمارها في مشروعات استثمارية مما أدى إلى الصعود أعلى السلم الطبقي.
في دراسة الهراس (2008م) التي تناولت الصدمة التي يعيشها المهاجرون المغاربة في أسبانيا إثر اصطدام ثقافتهم الأمنية ليس فقط بالثقافة الأمنية للمجتمع المستقبل وإنما أيضا بمختلف التحديات والإكراهات الأمنية التي تضعها الدولة الاسبانية كشروط لتقديم طلبات الإقامة أو تجديد وثائق الإقامة أو للتصريح بالعمل...الخ كما يضطر المهاجرون المغاربة في سياق المجتمع المستقبل إلى تكييف أمنهم المرتبط بمناسبات دينية ووطنية والأمن الذي تفرضه مناسبات المجتمع المستقبل ثم أن أمنهم التاريخي يتحمل بدوره انعكاسات التشويه والصمت والتجاهل وكل ذلك يؤثر في المهاجر وفي ثقافة المهاجر وبصفة غير مباشرة في مجتمع الانطلاق (دكاك، 2008م، 425-426).
أما دراسة عيد (2009م) فهي دراسة نفسية للهجرة غير الشرعية حيث ترى أن الوطن هو الركن الذي يستكين فيه الأفراد عندما يتشبعون من معنى المواطنة في ظل الأمن والاستقرار والسكينة وتشير الدراسة إلى أن الفرد يتمسك بالأرض عندما يضطر للرحيل كما هو الحال في حالة اللجوء التي أفرزتها نكبة فلسطين 1998م وكيف يستجيب الحراق عندما يقرر الرحيل.
وتشير الدراسة إلى أن الحاجة إلى الأمن تعد ضرورة قصوى تدفع الفرد إلى سلك شتى الطرق لإتباعها فالتهجير يدفع إلى سلوك عكسي يتمثل في الرغبة للرجوع والبقاء في الوطن سعياً إلى تحقيق الارتياح النفسي الذي يؤخره الاستقرار أما الحرقة فهي سلوك تحقيق الأمن بالابتعاد عن الوطن والبحث عن مصادر أخرى تلبي هذه الحاجة.
أكدت دراسة لدميه (ب.ت) على تعدد الأبحاث والدراسات التي اهتمت بالعوامل المؤدية إليها عاكسة وجهة نظر الدارسين فمنهم من تبنى العامل السياسي، في حين شدت البيئة الاقتصادية المشتغلين على هذا الأمر والذين وجدوا أن عامل البطالة وما يرتبط به من متغيرات أخرى يمكن أن يكون سبباً في بروز ظاهرة الهجرة غير الشرعية وشيوعها بينما أهتم آخرون بالنواحي النفسو-اجتماعية للمهاجر غير الشرعي المدفوع عن طريقها إلى ذلك كحاجاته المختلفة نفسية كانت أم اجتماعية.
في الوقت نفسه جاءت دراسة شرون التي أشارت إلى أن الهجرة غير الشرعية موضوع حديث نسبياً لا يزال في مرحلة الأخذ والرد خاصة أنه لا توجد نظرية جامعة مفسرة لهذه الظاهرة وأن للهجرة غير الشرعية منافع لا تنكر وأن الجزائر مصادقة يتحفظ على بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين الذي يؤكد على ضعف المهاجر غير الشرعي وينص على عدم تجريم الهجرة غير الشرعية وكذا عدم اتخاذ أي إجراءات بخصوص المتابعة الجزائية للأشخاص مرتكبي هذا السلوك.
دراسة إبراهيم بدورها أكدت أن وسائل الإعلام لم تقم بدور فاعل للحد من تلك الظاهرة كما أن الجهات الأهلية والحكومية لم يكن لها الدور الفاعل في توعية الشباب بمخاطر تلك الظاهرة وأن الدول الأوروبية لها دور في انتشار هذه الظاهرة نتيجة للسياسات التي اتبعتها لخدمة مصالحها وأخيراً أشارت الدراسة إلى أن للهجرة غير الشرعية آثارا إيجابية وأخرى سلبية تهدد أمن واستقرار المجتمع.
أجرى نور والمبارك (2008م) دراسة حول الهجرة غير المشروعة والجريمة توصلت إلى أن الأسباب العميقة لمشاكل الهجرة ترجع إلى تباين مستويات التنمية بين مختلف البلدان وبين مختلف الأقاليم داخل البلد الواحد وأن ظاهرة الهجرة غير الشرعية أخذت أبعاداً خطيرة بعد ظهور شبكات منظمة للجريمة وسط المهاجرين غير الشرعيين تحمل مسؤولية اتخاذ تدابير مشتركة وغير انفرادية من أجل إيجاد الحلول الملائمة لهذه المشكلة كما يجب اتخاذ إجراءات تكون قادرة على تفكيك شبكات التهريب والمتاجرة بالعنصر البشري كما أن إسهام المنظمات الدولية والإقليمية والخبراء في مجال الهجرة تعد مفيدة للبلدان الراغبة في الحصول على الدعم الضروري في هذا المجال وقد أوصت الدراسة بضرورة عقد اتفاقيات عمل ثنائية بين الدول المصدرة للعمالة وتلك التي تحتاج إلى عمالة موسمية وفقا لقانون العرض والطلب في سوق العمل الدولي وينبغي ألا تمنع الإجراءات المتخذة للحد من الهجرة غير الشرعية اللاجئين من الوصول إلى الدولة التي يرغبون في اللجوء إليها.
إما دراسة الأصغر (2010) فقد تصدت لدراسة الهجرة غير المشروعة الانتشار والأشكال والأساليب المتبعة ، مؤكدة على أن قضايا الهجرة غير المشروعة أصبحت مصدر قلق لمتخذي القرار في الدول المصدرة لها وفي الدول المستوردة لها بالنظر لما تسببه من مشكلات اجتماعية واقتصادية متعددة بالإضافة إلى المشكلات السياسية بين الدول. إن مشكلة الهجرة غير المشروعة تكتسب أشكالاً جديدة ذلك أن العاملين في الجريمة المنظمة لديهم الوعي والانتباه والحذاقة التي تمكنهم من متابعة أي تطور يحدث في العالم لتسخيره وتوظيفه لأغراض تجارتهم غير المشروعة وتحقيق الثراء المادي.
ويرى معد الدراسة أن العوامل التي تؤدي إلى تفاقم المشكلة على المستوى العالمي لتصبح أكثر بكثير من كونها ضعفاً في الإجراءات الأمنية والقانونية يتمثل في الآتي: مشكلة التباين في مستويات المعيشة التي تزداد وضوحاً واتساع الهوة بين الدول المتقدمة والدول الفقيرة ، كما أن شبكات الجريمة المنظمة تستفيد كثيراً من عمليات تهريب الأشخاص والعمل على توفير الظروف المناسبة لعمليات الانتقال بين الدول إضافة إلى أن ارتباط الفرد أصبح أضعف بالمجتمع الذي نشأ فيه.
في حين تناولت دراسة عيد (2010م) التجارب الدولية في مكافحة الهجرة غير المشروعة وتوصلت إلى أن البطالة وعدم توافر فرص عمل حقيقية وانخفاض مستوى الأجور وغلاء الأسعار والفساد والاستبداد وإعجاب الشباب في دول المصدر بالحياة في دول المهجر من بين العوامل الدافعة للهجرة غير المشروعة.
وقد عرضت الدراسة لتجربة مصر في مكافحة الهجرة غير المشروعة وأبعادها وكيف تحولت مصر من دولة مستقبلة للهجرة سواء كانت هجرات بشرية أم قوافل تجارية أم غزوات عسكرية إلى دولة مصدرة للعمال بالهجرة الرسمية ومروراً بالهجرة غير الشرعية لدول الخليج العربي  ثم لدول المغرب وبينت الدراسة أن تجربة مصر في مكافحة الهجرة غير المشروعة تقوم على عدة محاور: المحور الأمني محور الوقاية محور التعاون الدولي، محور التنمية، وأنها اتجهت في السنوات الأخيرة إلى الاهتمام بمحور التنمية.
كما أشارت الدراسة إلى تدابير الشراكة العربية والدولية لمكافحة الهجرة غير المشروعة وقد أوصت الدراسة بعدة توصيات منها مناشدة الدول العربية التي لم تنضم بعد إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام 2000م والبروتوكولات المكملة لها وخاصة بروتوكول الاتجار بالأشخاص وبروتوكول تهريب المهاجرين أن تتخذ إجراءات التصديق عليها للحد من حوادث موت المهاجرين غير الشرعيين غرقاً أو اختناقاً.
دراسة أخرى للسرياني (2010م) عن العلاقة بين الهجرة غير المشروعة وجريمة تهريب البشر والاتجار بهم توصلت إلى أن ارتفاع معدلات الهجرة غير المشروعة يرجع في الأساس لعوامل اقتصادية بحتة أهمها الفقر والعوز المادي وانعدام الدخل الشهري كما أن أهم أسباب الهجرة غير المشروعة السياسية تتمثل في الاضطرابات السياسية والاستبداد والتعسف والاضطهاد السياسي وأن أهم الأسباب الأمنية للهجرة غير المشروعة تكمن في عدم الاستقرار الأمني والخوف من التعرض لاعتداءات وأن أهم الأسباب الاجتماعية للهجرة غير المشروعة هي ضعف الولاء والانتماء والتفكك الأسري وأهم الأسباب العقائدية للهجرة تتمثل في الاضطهاد الديني والسعي لنشر الفكر المذهبي وأن هناك علاقة وطيدة بين الهجرة غير المشروعة وتهريب البشر والاتجار بهم وأهم الأخطار الأمنية للهجرة غير المشروعة هي زيادة معدلات الجريمة وتهديد الأمن الوطني والسياسي ونشر الفكر المتطرف.
تناول السرياني في دراسته (2010م) هجرة قوارب الموت عبر المتوسط بين الجنوب والشمال حيث توصل إلى أن الحلول الأمنية هي التي حكمت سياسات دول الاتحاد الأوروبي المستقبل للمهاجرين وكذلك سياسات دول جنوب المتوسط هذه الإجراءات من الممكن أن تقلل من فرص الهجرة غير الشرعية لكنها لا تقدم حلاً جذرياً للمشكلة لذلك فإن الحل يكمن في بعض الآليات منها: تعاون دول جنوب وشمال المتوسط كشركاء متكاملين للتعاطي المجدي مع الهجرة غير الشرعية عبر تعزيز الاتفاقيات الثنائية بين دول الاتحاد الأوروبي ودول جنوب المتوسط كما أن محاربة الهجرة غير المشروعة تتطلب على المدى الطويل مواجهة الأسباب التي تعود إليها وتامين احتياجات الشباب من فرص العمل التي هي الهدف الأساسي وراء هجرتهم إلى الخارج كما أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية بهذه الكثافة العالية تعبر عن ظاهرة التمرد على الواقع الوطني كما تظهر كره الوطن والاستهتار بالوطنية والقومية التي لم تقدم حلاً عملياً لمشكلات الشباب الذين يعيشون أزمة الهوية الوطنية.
وجاءت دراسة سلام (2010م) عن الأخطار الظاهرة والكامنة على الأمن الوطني للهجرة غير المشروعة لتؤكد على خطورة الدخول غير الشرعي – التسلل وعدم احترام القواعد الداخلية لدولة الاستقبال وأهمية الاتحاد لمواجهة أضرار تلك الظاهرة التي تعد جريمة ضد الدولة ذلك أن الهجرة غير المشروعة أصل الجريمة الاتجار بالبشر وما يتعلق بها من جرائم تهريب مجرمين وتسهيل تهريب المجرمين والتمكين من الإقامة غير المشروعة مما يشكل أثراً سلبياً للهجرة غير المشروعة على كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للمجتمع.
وقد أجرى السعيد وعدوان (2013م) دراسة حاولا فيها استجلاء الآثار النفسية والعقلية التي تنتجها ظاهرة الهجرة غير الشرعية على الشباب المتواجدون على الأرض الفرنسية في ظل غياب الشعور بالأمن لديهم الأمر الذي قد يسبب زعزعة في التوازن النفسي إضافة إلى رهاب العودة والحنين Nostalgi إضافة إلى مشكلة اندماج المهاجرين داخل المجتمع الفرنسي (المجتمع الجديد).
دراسة المصراتي (2014م) توصلت إلى أن الهجرة غير الشرعية في ليبيا مدفوعة بعوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية تتمثل في تدني أوضاع المهاجرين في بلدانهم الأصلية إضافة إلى توفر فرص عمل غير احترافي مثل الرعي وأعمال البناء والعمالة اليدوية الأمر الذي شجع الكثيرين لقصد ليبيا بحثا عن فرص عمل تلبي لهم طموحاتهم وأهدافهم الاجتماعية والاقتصادية.
عرض الباحث (12) اثنى عشرة دراسة حول موضوع الدراسة وهناك عدد من الدراسات ركزت على دوافع الهجرة والتي تمثلت في تباين مستويات التنمية في مختلف البلدان في حين أشارت دراسات أخرى إلى أن البطالة وعدم توافر فرص عمل حقيقية وانخفاض مستوى الأجور وغلاء الأسعار والفساد والاستبداد من أهم دوافع الهجرة إضافة إلى الاضطهاد السياسي ومن العوامل الاجتماعية ضعف الولاء والانتماء والتفكك الأسري والاضطهاد الديني إضافة إلى عوامل الجذب في الدول التي تجذب المهاجرين غير الشرعيين.
أشارت بعض الدراسات إلى أن المهاجرين غير الشرعيين يواجهون عقبات تتمثل في التمييز في العمل وفي الأجور واللغة والسكن والحصول على الإقامة إضافة إلى صعوبة التكيف مع المجتمع الجديد بعاداته وتقاليده وقيمه وما قد يتعرض له بعضهم من اضطرابات نفسية.
يمكن القول يتباين الدراسات التي عرضت بحكم تخصص معد الدراسة فهناك من تناولها من زوايا اقتصادية وآخرون من جوانب سياسية ومجموعة ثالثة من زوايا اجتماعية ورابعة من جوانب نفسية وهذا دليل على حيوية الظاهرة التي انعكست في تعدد الأبحاث والدراسات التي تناولتها في ميادين علمية مختلفة ولأن من الإشارة إلى أن البعض ركز على أن لوسائل الإعلام دوراً في الهجرة غير الشرعية وهناك رأي للبعض ورد في الدراسات بأنها لم تقم بدورها الفاعل للحد من تلك الظاهرة.
في الدراسة الحالية سعى الباحث إلى تقديم قراءة نفسية لظاهرة الهجرة ومن الواضح ندرة مثل هذا الاتجاه وهو اتجاه يميز الدراسة الحالية عن الدراسات السابقة.














مدخل نظري:
لقد استقطبت الهجرة غير المشروعة الفئات العمرية الشابة القادرة على العطاء والتي تتميز بالفتوة والقوة والقدرة العالية على مواجهة الصعاب في حين أن بعض الفئات من الأطفال والنساء دفعوا للهجرة لعدم توفر الأمن والاستقرار.
لا يمكن تجاهل وإنكار آثار الهجرة غير المشروعة على الصحة النفسية والعقلية للمهاجر وهذا ما أكدته الدراسات العربية والأجنبية التي تعرض صورا متعددة عن التأثيرات السلبية للهجرة غير الشرعية على الحياة النفسية للمهاجر.
يعاني المهاجر غير الشرعي من مشكلة العزلة الاجتماعية والنفسية جراء انتقاله من البيئة والمجتمع الذي إلفه إلى آخر جديد غير مألوف الأمر الذي قد يولد لديه نوعا من الإحساس بالحرمان مصحوبا بالشعور بالحزن والأرق والقلق وفقدان الشهية في المراحل الأولى لوصوله لبلد الاستقبال وقد تزداد حالات القلق والانطواء النفسي عندما لا يستطيع المهاجر غير الشرعي تحمل الوحدة واللغة الجديدة يضاف لذلك البحث عن مكان مناسب للسكن ثم البحث عن عمل كل ذلك قد يولد خوفا من المجهول لأنه يشعر بصعوبة وضعه النفسي والاجتماعي والاقتصادي وهي عوامل تزيد من الضغوط عليه الأمر الذي قد ينعكس على صحته الجسمية فيصاب ببعض الأمراض النفس جسمية ويزداد الأمر سواء عندما يفرض الواقع الجديد على المهاجر غير الشرعي تحوير وتعديل بعض القيم الثقافية التي جلبها معه وقد يجد صعوبة في التكيف مع الواقع الجديد فتزداد الضغوط النفسية عليه، في جانب آخر قد يلجأ البعض من المهاجرين غير الشرعيين إلى مجاراة قيم المجتمع الجديد وهم الأكثر عرضة لبعض الانحرافات والعلاقات غير المشروعة وتعاطي الكحول أو المخدرات.
من مشكلات الهجرة غير المشروعة نفسياً تعاطي الكحول أو المخدرات ، فلقد اتفقت العديد من الدراسات على أن أحد أسباب التعاطي يكمن في محاولة البعض تخفيف القلق أو التوتر أو الاكتئاب أو الهروب من المشاكل (الدمرداش، 1983م، 69).
وتتفق هذه النتيجة مع نتائج المسح على البولنديين المهاجرين إلى فرنسا ونتائج البحوث على المهاجرين إلى أمريكا المنحدرين من أصل ايرلندي أو ايطالي ودراسة بوحوش عن العمال الجزائريين في فرنسا (اليافي، 1975م،ص39-40) ، (بوحوش ،1979م، 27).
ويمكن أن يتعاطى المهاجر غير الشرعي الكحول أو المخدرات رغبة في مجاراة المجتمعات التي انتقل إليها خاصة إذا سبقه في التعاطي معارفه وأصدقاؤه لذا فأن أمر مشاركتهم يبقى محتملا كما يمكن أن يلجأ البعض الآخر للتعاطي اعتقاداً منهم في الحصول على خبرة ممتعة (لعيوي،126،1970م).
وحينما يشعر المهاجر بالضيق والضجر والملل يندفع إلى التعاطي في محاولة منه للتخفيف من ضيقه ويتفق ذلك مع الدراسات التي أشارت إلى أن انتشار تعاطي الكحول أو المخدرات يكون في أوقات البطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية وهذا ما يمكن أن يحصل للمهاجر غير الشرعي.
ومن آثار تناول الكحول أو المخدرات الاعتماد أو الإدمان وهو ما أشارت إليه دراسات عديدة وهو حالة تسمم دورية أو مزمنة تلحق الضرر بالفرد والمجتمع وهي ظاهرة سيكوفسيولوجية وليست ظاهرة فسيولوجية فقط (المسلم، 1980م، 5).
ولمثل هذا التعاطي مضاعفات نفسية وعقلية تصيب المدمنين مثل الهذاء الرعاشي عند الكف عن التناول لأي سبب حيث تظهر على المتعاطي علامات عدم الاستقرار والتوتر والمخاوف غير المحددة والقلق والأرق والأحلام المخيفة كما تظهر الهلاوس البصرية إضافة إلى رعشة اليدين واضطراب التوازن وسرعة النبض ويمكن أن يتسبب الهذاء الرعاشي في هبوط القلب.
ومن الآثار النفسية للهجرة غير المشروعة النيل من هوية المهاجر فلقد عد العجز في الحصول على عمل في الوطن الأصلي للمهاجر تهديداً لا يوازيه تهديد للهوية والذي قد يقود إلى حدوث مزيد من السخط وعدم الاستقرار على مستوى الفرد والجماعة مستقبلا (klapp, 1969,18) وكما أن البحث عن الهوية في الوطن الأم سبب رئيس في الهجرة فإن الهجرة إلى البلد الجديد تقود إلى آثار سلبية على الهوية وإن دراسات عديدة بحثت في ذلك بعضها عن مهاجرين من أقطار عربية والبعض الآخر عن المهاجرين إلى بعض دول أوروبا وإلى أمريكا فدراسة موصار (1983م) عن المهاجرين الجزائريين إلى أوروبا ودراسة عبد الوهاب (1985م) عن المهاجرين اليمنيين إلى أمريكا ودراسة انتونيو(1986م) عن المهاجرين الفلبينيين إلى أمريكا ودراسة يكول (1988م) عن المهاجرين الكوريين إلى كندا ودراسة بينتز (1988م) عن المهاجرين البورتوريكيين إلى أمريكا ودراسة كريستينا (1988م) عن المهاجرين البورتريكيين إلى أمريكا كلها أشارت إلى الآثار العميقة التي تحدثها الهجرة على هوية المهاجر.
واستجابة للتحدي الذي يواجهه المهاجر في البيئة فانه يعمد إلى وسائل عديدة للتعبير عن هوية تجعله على صلة بماضيه ووطنه وأهله من خلال أساليب دفاعية نفسية يلجأ إليها المهاجر باستمرار لتحصينه من مخاطر الوقوع في المرض النفسي وهي وسائل عديدة فقد وجد في بعض الدراسات أن بعض المهاجرين يعاود زيارة بلده حتى إذا حصل على جنسية البلد الذي توجه إليه أو تبادل الخطابات والرسائل من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو الاستماع إلى الموسيقى والأغاني الشعبية واقتناء الرسومات واللوحات وما يعلق على الجدران وارتداء الملابس الوطنية والتمسك بمظاهر اللهجات المحلية أو اللغة كمظهر من مظاهر التعبير عن الهوية.
إن الآثار النفسية للهجرة التي اشرنا إلى بعضها قد تم تفسيرها وفق أطر نظرية متعددة وقد صنف الباحث هذه النظريات إلى صنفين رئيسين حسب اتجاهاتها الأساسية وحتى تكون قريبة الصلة بالاتجاه النفسي في تفسير الهجرة:
1.الصنف الأول:
أكد على الاتجاه الفردي في الهجرة وهو يركز على دور الفرد أو العوامل الشخصية في الهجرة دون اعتبار كاف للمجتمع الذي يهاجر منه الفرد أو إليه ويتمثل هذا الاتجاه بنظرية الدفع-الجذب ، ونظرية قرار الهجرة ونظرية الانتقائية والتمايزات في الهجرة ونظرية التحليل النفسي (الكردي والكناني، 2002م، 46).
تعالج نظرية الدفع- الجذب push –pull theory السؤال التالي:
لماذا يهاجر الناس ؟ إن إحدى المحاولات للإجابة عن هذا التساؤل قدمتها فرضيات الدفع-الجذب التي ترى أن الهجرة ترجع إلى اختلال التوازن الاجتماعي والاقتصادي لجماعة معينة يدفع بعض أفرادها إلى خارج وطنهم مع وجود عوامل مغرية تجذبهم نحو مكان آخر جديد وهذا ما يمكن تطبيقه على المهاجر غير الشرعي (Jansen,1969,65).
وترتبط عوامل الدفع والجذب بالانتقائية فعندما يكون عامل الدفع قويا جداً كالمجاعة، أو زلازل، أو حروب،أو اضطهاد ...الخ فأن الخيار أو الانتقائية للبقاء في المكان الأصلي تكون في حدها الأدنى لذا يكون الفرد أمام خيار الانتقال إلى مكان آخر ليضمن سلامته وهذا يمكن أن يحصل تماما للمهاجر غير الشرعي (Jansen,1969,65) ويسجل الشرق الأوسط وبعض أجزاء من أوروبا ومناطق صغيرة في جنوب شرق آسيا وبعض المناطق في جذر الهندية الغربية أعلى معدلات الهجرة السكان كما ظهر من إحصاء الأمم المتحدة (2005م) وقدرت المنظمة الدولية للهجرة عدد المهاجرين الأجانب بما يزيد على (200) مليون شخص في كل أرجاء العالم في الوقت الحاضر وأن نسبة المهاجرين غير الشرعيين تقدر ما بين (10-15%) من هذا العدد.
تعد نظرية عوامل الدفع والطرد التي تم عرضها من النظريات القديمة مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكاليف السفر والتنقل بطريقة غير مشروعة متاحة وأن الزمن المختصر في السفر قد تم اختصاره كما أن المهربين أصبحوا الآن يستخدمون قوارب كبيرة الحجم الأمر الذي يزيد من أرباحهم.
هناك من يرى أن المشكلة الرئيسة في نظريات عوامل الدفع والجذب  أنها تركز على ما هو ظاهر مثل سعي الأشخاص من البلدان الفقيرة إلى الذهاب إلى البلدان الغنية وأنها أي النظرية غير قادرة على تفسير سبب ظهور تدفقات من المهاجرين (ويكيبيديا الموسوعة الحرة Wikipedia).
ترى النظرية قرار الهجرة Migration Decision Theory أن المهاجرين في الأغلب خاصة في حالة الهجرة غير المشروعة يحددون أهدافهم ويتخيرون المكان والزمان المناسبين لتنفيذ ما استقر عليه رأيهم والأغلب أنهم يعرفون مقدماً الشيء المناسب عن المكان الذي سيهاجرون إليه وظروفه ومن ثم يعدون لهجرتهم بشكل جيد (Lee,1969,244) وقرار الهجرة حسب هذه النظرية مرتبط إلى حد كبير بالدافعية motivation وقد صنفت النظرية المهاجرين إلى نوعين تبعاً لدوافعهم المدركة:
النوع الأول ينظر إلى الهجرة بديلاً وحيداً لجميع المشكلات التي يعاني منها (ومن هؤلاء المهاجر غير الشرعي).
النوع الثاني ينظر إلى الهجرة أنها فرصة أفضل نحو تحقيق الطموحات والتطلعات (Shaw, 1975, 13).
إن قرار الهجرة كما يرى الباحث مرتبط إلى حد كبير بسمات وخصائص الشخصية فهناك أفراد لديهم القدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب كما أنه مرتبط لدى فئة أخرى بحب المغامرة ومواجهة الصعاب وبصلابة نفسية مرتفعة.
أما نظرية الانتقائية والتمايزات في الهجرة selectivity and differentials in migration فترى أن المهاجرين لا يكونون عادة عينة ممثلة للمجتمع الذي نشأوا فيه فهناك أفراد معنيون يهاجرون إلى أماكن جديدة للإقامة وقد لاحظنا أن أهم دوافع الهجرة غير الشرعية لهذه الفئة المهاجرة قد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية حيث تكون الظروف الاقتصادية ضاغطة على الفرد ومستوى معيشته يكون متدنياً إضافة إلى العطالة التي يعاني منها البعض أو نتيجة الفساد أو التفكك الأسري أو الاضطهاد هذه المجموعات هي الأكثر عرضة للهجرة ويرتبط بذلك العمر والجنس والمستوى التعليمي والمهنة كتغيرات أساسية في الانتقائية (Shaw, 1975,17-18).
والهجرة من وجهة نظر التحليل النفسي psychoanalysis and migration خبرة صدمية والتي تكون فيها ردود أفعال الفرد غير معبرة أو ملحوظة ولكن آثارها تتغلغل في العمق وأول هجرة للفرد عندما يغادر رحم أمه وهي تجربة صدمية لأن الجنين تعود على الرحم وعندما يخرج يبدأ في سماع أصوات ويرى وجوهاً وهو أمر يستدعي منه التكيف مع الواقع الجديد والهجرة الثانية التي تشكل صدمة للفرد عن مغادرته ثدي أمه وهي تجربة الفطام وهي تجربة مؤلمة صادمة لأن الطفل من خلال ثدي أمه يشعر بالدفء وعندما يتم فطامه يشعر بالألم وهكذا هي حال المهاجر خاصة غير الشرعي الذي يتعرض لمخاوف ناجمة عن فقدان التآلف مع القواعد الجديدة فيعايش مشاعر عميقة من الخوف والمزيد من العزلة والوحدة كما يعاني بعض المهاجرين من اللغة الجديدة في المجتمع الجديد كما أن الهجرة حسب التحليل النفسي تشكل مخاطر على الإحساس بالهوية الذاتية للفرد المهاجر وهو يحتاج في صراعه للمحافظة على هويته الذاتية وإلى التمسك بعناصر من بيئته مثل الأشياء المألوفة والموسيقى والذكريات والأحلام (Grinborg and Grinberg, 1989, 129-134).
فالفرد الذي يهاجر حسب التحليل النفسي لديه جنسية وإرادة وهوية فعندما يهاجر كأنه (نفي) أي اختار المنفى حتى عندما يحلم الفرد بالهجرة ويرسم صورة رائعة لها سرعان ما يصطدم بالنفي الاختياري والصدمة وقد عرضت النظرية حالات كثيرة لمهاجرين ذكوراً وإناثاً منهم من اختار الهجرة طوعاً ثم بعد ذلك بدأ يشعر بالقلق أو الاكتئاب وهي حالات موثقة تعبر عن الغربة والمرض فالحنين هو جوهر أغنية الغجر "منزل العودة" فالفجر ليس لديهم المنزل وليس لديهم حلم الوطن فالعودة إلى لا مكان وهكذا النفي للمهاجر الذي يسأل نفسه وهو يبحث عن هويته من أنا؟
وإذا ما ألقينا نظرة على نظرية ماسلو في الدافعية وهي نظرية تصنف ضمن النظريات الإنسانية قلبها هو الحاجة إلى الشعور بالأمن النفسي الذي يفتقده المهاجر غير الشرعي فالفرد لجأ إلى طريق بحثاً عن أمنه النفسي الذي افتقده بل أن البعض من هؤلاء والذين قد يشكلون الأغلبية فقدوا حاجاتهم الأساسية من سكن وطعام وسدت أمامه الطرق لذلك لجأ للهجرة غير الشرعية (عيد ، 2009م، 156).
أن المهاجر الذي فقد جزء من حاجاته الفسيولوجية الضرورية لاستمرار حياته وافتقد إلى الشعور بالأمن النفسي الأمر الذي ولّد لديه حالة من عدم الاتزان يسعى جاهداً إلى تحقيق حالة الاتزان من خلال إشباع الحاجات التي افتقدها (بن جابر، 2004م).
ذلك أن الفرد الآمن نفسيا يكون في حالة توازن أو توافق أو استقرار لذلك فأن الأمن النفسي حسب ماسلو Maslow محور أساسي من محاور الصحة النفسية فالصحة النفسية للمهاجر غير الشرعي لا تعني غياب الأعراض المرضية فقط بل هو قدرة المهاجر على مواجهة الاحباطات التي يتعرض لها وقدرته على تحقيق التوافق الشخصي وهو الحالة النفسية التي من خلالها تحدد علاقة المهاجر بمحيطه الخارجي ومجتمعه وهو يعني انعدام الشعور بالألم من أي نوع أو الخوف ويعني تبدد مظاهر التهديد والمخاطر على مكونات الشخصية مع إحساس بالطمأنينة والاستقرار الانفعالي.
والحاجات الفسيولوجية تشكل قاعدة الهرم الذي وضعه ماسلو وهي حاجات مرتبة ترتيبا تصاعديا تعقبها حاجات الأمن والسلامة Safety Needs التي تعد من أهم دوافع السلوك كما أنها تعبر عن الانتماء وإحساسه بأن يكون له مكاناً في الجماعة.
 واقع المهاجر غير الشرعي وبقراءة نفسية يشير إلى أن المهاجرين غير الشرعيين يفتقدون الشعور بالأمن النفسي وأن دوافع مثل هذه الهجرة وركوب المغامرة يؤكد ذلك وأن هذه الحاجة يندر أن تتحقق بل يمكن أن تنعدم في حالة الكوارث والحروب التي تولد توتراً وخللاً في إرضاء وإشباع وتلبية هذه الحاجة.
إن تصاعد وتأثر الهجرة غير المشروعة تؤكد فقدان الشعور بالأمن النفسي لدى هؤلاء المهاجرين وهنا لابد من الإشارة إلى بعض الإحصاءات التي تدعم هذه القراءة وعلى النحو التالي:
-        بلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين فقدوا في 2014م أربعة آلاف شخص منهم (3200) شخص غرقوا في البحر الأبيض المتوسط فكيف تحقق للمهاجر غير الشرعي شعور بالأمن النفسي وهو يعلم المخاطر التي ركبها وهو في الواقع بين نارين نار البقاء واحتمال تعرضه للقتل والموت أو الهجرة بكل ما تحمله من مخاطر.
-        بلغ عدد الذين وصلوا إلى شواطئ ايطاليا في العام 2014م أكثر من (160) ألف شخص  أغلبهم من سوريا وأن هذا الرقم يشكل ثلاثة أضعاف الهجرة غير المشروعة منذ العام (2011م).
-        خلال الأسبوع الأخير من (2014م) أنقذت القوات الايطالية (1250) شخص من الغرق كانوا ضمن سفينتين وهو رقم كبير يشير إلى لجوء المهربين باستخدام سفن كبيرة الحجم.
-        تشير الدراسات إلى أن المهاجر غير الشرعي يدفع في رحلة الموت ما بين ألف وألفي دولار وهو مبلغ يعد كبيرا لفئة المهاجرين غير الشرعيين.
الصنف الثاني من الأطر النظرية حسب اتجاهاتها الأساسية هذا الصنف من النظريات يركز على العوامل البنائية من خلال تأكيدها على العوامل التي تحيط بالفرد والمجتمع الذي هو جزء منه أو إليه سنعرض فيما يلي لهذه النظريات:
تشير نظرية التثاقف Acculturation theory إلى التغيرات النفسية التي تواجه المهاجر في سلوكه وخصائصه الداخلية ضمن مستويات مختلفة حال وصوله للجهة التي قصدها:
ففي المستوى الأول تحصل تغيرات مادية تتمثل في الانتقال للإقامة والعيش في مكان جديد وسكن جديد.
في المستوى الثاني تحصل تغيرات بيولوجية تتمثل في وضع غذائي جديد قد يختلف تماما في حالة المهاجر غير الشرعي عن ذاك الذي تعود عليه سابقا.
 في المستوى الثالث تحصل تغيرات في بعض الأنماط الثقافية ناتجة عن الاتصال بين جماعتين مختلفتين.
في المستوى الرابع يسعى المهاجر لتأسيس علاقات اجتماعية جديدة مع الأوساط الجديدة.
في المستوى الخامس والأخير تحصل تغيرات نفسية وسلوكية نتيجة لمحاولة الفرد التكيف مع المجتمعات الجديدة التي هاجر إليها (الكردي ،الكناني، 2002م، 48).
أما نظرية الضغط التثاقفي Acculturative stress الناتج من المعاناة والتوتر النفسي الذي يشعر به الفرد في المجتمع الجديد وهو أمر قد يؤثر سلبا ًعلى الوضع الصحي والنفسي والاجتماعي له وقد يودي به ذلك إلى القلق والاكتئاب والشعور بالوحدة والاغتراب والتعرض لبعض الأمراض النفس جسمية وللتقليل من هذه الحالات يلجأ المهاجر لمسايرة المجتمع الجديد بهدف تحقيق بعض التكيف معه (Berry , 1974,382) وهكذا فإن بعض المهاجرين يمتلك أنواعا من استراتيجيات المسايرة تسمح لهم بالتكيف بصورة ناجحة للتثاقف في حين يفشل البعض في تحقيق ذلك الأمر الذي يؤدي إلى نشوء ضغط تثاقفي عال (Berry and Kim, 1987,491).
في حين ترى نظرية التمثل Assimilation theory أن المهاجر بشكل عام يُعد متمثلا إذا استطاع التقدم في البلد الذي هاجر إليه ويتوقف ذلك على قدرته في أن يجد له مكانا في هذا البلد وفي مختلف شؤون الحياة العادية على أساس كفاءته وأهليته بالإضافة إلى ذلك فإن المهاجر لا يعد متمثلا إلا عندما يكون قادرا على جعل لغة البلد المهاجر إليه وعاداته جزء منه وبأسلوب متقن (الكردي والكناني، 2002م، 48).
وأخيراً نصل إلى نظرية النسق الاجتماعي (المجتمعي) Theory of Societal system  والتي طرحها هوفمان – نوتني Hoffman-Nowotny  أكد أن الإنسان كائن يحب الاستقرار بطبيعته لهذا فإن الهجرة تتطلب وجود منبهات إما من داخل المجتمع أو من خارجه تدفع الفرد أو الجماعة إلى الهجرة وهي تعد منفذاً ومخرجاً لحالات التوتر التي تحدث نتيجة لشعوره بالتنافر بين واقع هيبته واحترامه ودرجة تأثيره بالآخرين والأحداث والأشياء الواقعية وبين ما يتوقعه ويتمناه من ذلك لذا تبرز لديه في تلك اللحظة الحاجة إلى التغير وعليه فإن الهجرة إلى بيئة جديدة أفضل من تلك التي يعيش فيها تقلل من التوتر ولكنها في الوقت نفسه يمكن أن تولد ضغوطاً وصراعات قد تؤدي إلى خلق حالات من التوتر النفسي وعدم التوازن (Hoffman-Noouatny,1997,96).
وللنظرية موقف من التكامل والتمثل integration and Assimilation  فالتكامل هو المشاركة في تبادل العلاقات ضمن مجموعة الأوضاع الاجتماعية في المجتمع الجديد أما التمثل فهو توافق الفرد المهاجر مع ثقافة المجتمع الجديد وحتى يحقق ذلك عليه أن يتنازل عن بعض مفردات ثقافته ومعاييره ويتبنى ثقافة المجتمع الجديد.
المؤشرات العامة من الدراسة:
1.ازدادت معدلات الهجرة غير المشروعة في السنوات الأخيرة من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية بسبب اختلال التوازن الاجتماعي والاقتصادي والبطالة وعدم توفر فرص عمل حقيقية وانخفاض مستوى الأجور وغلاء الأسعار وارتفاع مستوى المعيشة والفساد والاستبداد وعدم الاستقرار السياسي والصراعات المسلحة والحروب كلها أسباب تدفع باتجاه الهجرة.
2.تواترت وتصاعدت الهجرة غير المشروعة حيث بلغت في 2014م ثلاثة أضعافها في 2011م وتشير الإحصاءات إلى أن عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين وصلوا إلى الشواطئ الايطالية أكثر من (160) ألف مهاجر غير شرعي وهو رقم كبير.
3.يواجه المهاجرون غير الشرعيين في رحلتهم عبر قوارب الموت مخاطر عدة على حياتهم حيث بلغ عدد الذين فقدوا حياتهم عبر هذه الرحلات (4) أربعة آلاف شخص منهم (3200) عبر البحر الأبيض المتوسط.
4.أكدت الدراسات والبحوث أن المهاجرين غير الشرعيين يواجهون عقبات في المجتمع الجديد الذي وفدوا إليه تتمثل في التمييز بالعمل والسكن والأجور إضافة إلى أنهم يواجهون مشكلة حقيقية هي مشكلة الاندماج في المجتمع الجديد والاحتكاك المباشر بأبنائه ويصعب على البعض تحقيق التوافق الاجتماعي والتكيف مع الواقع الجديد وهو أمر يولد مشكلات نفسية لدى البعض.
5.تشير الدراسات إلى أزمة الهجرة غير الشرعية وانعكاساتها على الجوانب النفسية للمهاجرين والتي تتضح بصورة جلية عبر الشعور بالعزلة الاجتماعية والنفسية والضغوط النفسية ومشكلة الهوية وضعفها لدى البعض وتعاطي الكحول والمخدرات لدى البعض إضافة إلى القلق والتوتر والاكتئاب لدى البعض الآخر وأن هناك من يعاني من الخبرات الصادمة.
6.والهجرة في ميدان علم النفس ينظر لها البعض باعتبارها صادمة سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة وهي بمثابة المنفى الاختياري في حالات والنفي الإجباري في حالات أخرى لذا لها نتائج سلبية على شخصية المهاجر في حين يرى البعض الآخر أنها البديل الأفضل للمشكلات وأنها تقدم حلاً لأولئك الذين فقدوا الأمن النفسي أو شعروا بالتناشز الإدراكي بين واقعهم الحالي ومستقبلهم.
التوصيات:
1.مواجهة الأسباب التي تؤدي إلى الهجرة غير المشروعة ومواجهة بطالة الشباب بتأمين احتياجاتهم من فرص العمل ومواجهة أزمة الهوية الوطنية التي يعاني منها البعض والانجذاب نحو ثقافة الغرب من خلال تطبيق برامج التنمية التي تحقق فرص العمل وفرص كسب العيش والرزق في الدول المرسلة للمهاجرين.
2.يتعرض العديد من المهاجرين غير الشرعيين للاضطهاد والتمييز ويواجهون صعوبات في الاندماج الاجتماعي والتعايش السلمي مع المواطنين لذا لابد من إجراءات فاعلة لتعزيز الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين غير الشرعيين.
3.تشديد إجراءات مواجهة المهربين والعصابات والتنظيمات التي تنظم الهجرات السرية والأشخاص المهتمين بالمساعدة في تنظيم عمليات  تهريب البشر.
4.يعاني المهاجرون غير الشرعيين من ضغوط وقلق وعدم الشعور بالأمن النفسي وبعض الأمراض النفس جسمية الأمر الذي يتطلب من الدول المستقبلة الاهتمام بالصحة النفسية لهم من خلال مراكز العلاج والدعم النفسي.
5.الاهتمام بإنشاء مراكز لدراسات الهجرة في الدول التي يتم منها تهريب البشر تهتم بدراسات الهجرة في كافة الميادين الاقتصادية والسياسية والنفسية والاجتماعية والإعلامية.








المصادر والمراجع:
إبراهيم، عبد الستار (2009م) الضغوط اللاحقة للصدمات النفسية والانفعالية، مجلة شبكة العلوم النفسية، ع 21-22 شتاء 2009م ص ص140-134.
إبراهيم، علي طلبة محمد (ب.ت) دوافع الهجرة غير الشرعية لدى الشباب المصري: دراسة ميدانية على عينة من الشباب بالمهاجر، كلية الآداب، جامعة جنوب الوادي.
أحمد، شيماء (2014م) هجرة شباب مصر: فرار إلى المجهول: المصرية لحقوق الإنسان:htt://www.saveagy ygt fyent.org/news
الأصقر ، أحمد عبد العزيز (2010م) الهجرة غير المشروعة: الانتشار والأشكال والأساليب المتبعة: ورقة قدمت في الندوة العلمية بعنوان " مكافحة الهجرة غير المشروعة" الفترة من 24-26/2/1431هـ الموافق 8-10/2/2010م جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ،الرياض.
بوحوش، عمر (1979م) العمال الجزائريون في فرنسا الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر.
البياتي، عبد الكريم (1975م) الهجرات وتحركات السكان ،مجلة عالم الفكر ،المجلد الخامس، العدد الرابع ، الكويت.
بن جابر، جوده (2004م) علم النفس الاجتماعي.مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن.
جبر، محمد جبر(1996م) بعض المتغيرات الديموغرافية المرتبطة بالأمن النفسي مجلة علم النفس، ع (2) ص80-93.
دكاك، أمل حمدي (2008م) الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للهجرة الدولية على المجتمعات العربية والأفريقية، مجلة دمشق، المجلد (24) العدد الأول+ الثاني ص ص425-430.
الدمرداش، عادل(1982م) الإدمان: مظاهرة وعلاجه. سلسلة عالم المعرفة رقم (56) المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت.
الزواوي، خالد (2004م) البطالة في الوطن العربي: المشكلة والحل، مجموعة النيل العربية ،القاهرة.
السرياني، عبد الله سعود (2010م) العلاقة بين الهجرة غير المشروعة وجريمة تهريب البشر والاتجار بهم، ورقة علمية مقدمه في الندوة العالمية بعنوان "مكافحة الهجرة غير المشروعة" جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الفترة من 24-26/2/1431هـ الموافق 8-10/2/2010م ، الرياض.
السعيد ، عون وعدوان يوسف (2013م) الهجرة غير المشروعة: قراءة أثر وبيولوجية سيكوباتولوجية (فرنسا أنموذجاً) مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد (13) ديسمبر ، ص ص225-234.
سلام ، أحمد رشاد (2010م) الأخطار الظاهرة والكامنة على الأمن الوطني للهجرة غير المشروعة ورقة قدمت في الندوة العلمية بعنوان "مكافحة الهجرة غير المشروعة" جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، خلال الفترة 24-26/2/1431هـ الموافق 8-10/2/2010م ، الرياض.
شروق ،حسينة (ب.ت) الهجرة غير الشرعية بين الإباحة والتجريم، مجلة الاجتهاد القضائي، العدد الثامن، جامعة محمد خفير بسكرة، ص66-84.
شهاب ، خالد (2004م) البطالة في الوطن العربي: المشكلة والحل، مجموعة النيل العربية القاهرة.
عبد الوهاب، سالم (1985م) هجرة القوى العاملة اليمنية في الشطر الشمالي: واقع المغترب اليمني في المهجر الأمريكي رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الآداب، جامعة بغداد.
عيد، آمال(2009م) دراسة نفسية للهجرة غير الشرعية واللجوء في ظل نظرية ماسلو للحاجات: مجلة دراسة نفسية وتربوية ، عدد  (3) ديسمبر ص ص153-169.
عيد، محمد فتحي (2010م) التجارب الدولية في مكافحة الهجرة غير المشروعة ورقة قدمت في الندوة العلمية بعنوان "مكافحة الهجرة غير المشروعة " جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، خلال الفترة 24-26/2/1431هـ الموافق 8-10/2/2010م ، الرياض.
غلو، أحمد (2006م) الهجرة غير الشرعية بين تجار الأوهام وحلم الثروة، مجلة الجيش اللبناني، العدد 289، موقع الجيش اللبناني- الإنترنت.
صالح ، ربيع كمال كردي (2005م) الأبعاد الاجتماعية والثقافية لهجرة المصريين الريفيين إلى إيطاليا، دراسة انثروبولوجية في قرية نطون، محافظة الفيوم، أطروحة دكتوراه غير منشورة.
فرنسيس، بيار(2011) الهجرة غير المشروعة بين الدول العربية ، بيروت htt://cajj.org.
لدمية، قريحة (ب.ت) الهجرة غير الشرعية: دراسة في الحركيات السببية الظاهرة، مجلة الاجتهاد القضائي، العدد الثامن، جامعة محمد خضير بسكرة ،ص ص66-84.
الكردي، خالد إبراهيم حسن والكناني، إبراهيم عبد المحسن (2002م) هجرة السودانيين إلى الخارج: الأسباب والآثار النفسية والاجتماعية، مجلة شؤون الاجتماعية العدد (7) صيف (2002م) السنة (19) ص ص43-65.
محمد، عمر محمد علي (1994م) مشكلة البطالة أسبابها وعلاجها، جامعة الخرطوم. 
مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ظاهرة الهجرة غير المشروعة التعريف، الحجم والمواثيق الدولية، الدوافع والأسباب ahram.org.eg.
المسلم، حياة حيدر (1980م) الآثار الجسمية والنفسية لتعاطي وإدمان المواد الكيماوية المختلفة، إدارة البحوث الاجتماعية ،مجلس الوزراء ،الكويت.
المصراتي، عبد الله أحمد عبد الله (2014م) الهجرة غير الشرعية، بالمجتمع الليبي: دراسة اجتماعية ميدانية على المهاجرين غير الشرعيين بمركز قنفوذة بمدينة بنغازي، المجلة العربية للدراسات الأمنية والتدريب المجلد (30) العدد (59) ص ص193-228 ، الرياض.
موصار، عبد الحميد (1983م) واقع القوى العاملة المهاجرة إلى أوروبا (العمال الجزائريون) رسالة ماجستير غير منشورة كلية الآداب ، جامعة بغداد.
نور، عثمان محمد الحسن والمبارك ، ياسر عوض الكريم (2008م) الهجرة غير المشروعة والجريمة ،مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ،الرياض.
يونس، سامر (2013م) التجارب الدولية في مكافحة الهجرة غير المشروعة، بيروت.
Ahmed , C(2006) The Labour Dimensions of irregular migration in Turkey (2006) European university institute , RSCAS.
American psychiatric Association (1994) "Diagnostic and statistical manual of Mental Disorder" (DSM-IV) ,(4th Ed.) , DC.APA. author Washington.
Antonio,P.(1986) the Philippines in America: Family and social relationship. The counter of  migration studies, New york.
Benites,V. (1988) cultural impact on self-concept and ethnic identity of patricians (Ph.D) degree, city university of New York.
Berry, J.Uidchol K, Thomas, M. and Doris, M.(1987) comparative studies of acculturative stress international migration review, special issue: migration and health. The center for migration studies, vol. (21) New York.
Cristina ,M (1988) phenomenology of Ethnic identity and migration among purtorican migrants  (Ph.D) degree, boston university , Boston.
Diary of polar camel (2011) immigrants suffer worse health: A collection of Articles and links, htt://saadmuhialdin, wordpress.com
Grinborg, L. and Grinberg,R(1989) psychoanalytic prospective on  migration and exile. Yale university press, London.
Hoffman-Nowotny, H.J. (1997) A macrotinitical approach, toward general explanation of migration and rileted phenomena lake come Haiy.
Jansen, G. (1969) some sociological aspects of migration in: Jackson migration, Cambridge university press, London.
Lee, E.A(1969) theory of migration in: Jackson: migration Cambridge university press , London.
Shaw,R.P (1975) migration theory and fact. Reginol science, Philadelphia 


حمله 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا