التسميات

السبت، 23 يونيو 2018

المحاضرة الأولى: مفهوم علم المناخ ومراحل تطوره ...


المحاضرة الأولى 

 مفهوم علم المناخ ومراحل تطوره  

 
 -1مفهوم علم المناخ:

   تركز جغرافية المناخ على دراسة معدل قيم العناصر والظواهر التي تحدث في الغلاف الجوي وطبيعة العلاقة القائمة بينهما ، فضلاً عن التأثير المتبادل الذي تعكسه على خصائص وعناصر البيئة بشكل عام والإنسان بشكل خاص يتضمن مصطلح ((المناخ )) العناصر الأساسية التي يتكون منها وهي ((الإشعاع الشمسي ، الحرارة ، الضغط الجوي ، الرياح ، الرطوبة وصور التكاثف )) ، فضلاً عما يرافقهما من ظواهر طقسية ومناخية تتكون في الغلاف الجوي ، كما يعتمد كل منهما على التسجيلات التي توفرها محطات الرصد الجوي المحلية منها والعالمية ، فضلاً عما يعتمد عليهما حالياً في مجال التنبؤ بعناصرهما ووفق طرائق التنبؤ ووقتها لحالة الجو المتوقعة لمدة طويلة في حالة التنبؤ المناخي.


   وتؤكد الدراسات المناخية على تلك العناصر وظواهرها الجوية لمدة طويلة يمكن أن تتجاوز السنوات الطويلة وتأثير الظروف التي يتعرض لها الغلاف الجوي على عناصر المناخ وما يعكسه ذلك على الحياة الطبيعية والحيوية على سطح الارض .

   وللتفريق بين الطقس والمناخ لابد من تحديد مفهوم كل من الطقس (Weather) والمناخ (Climate) ، فالطقس: ( هو حالة الجو في مكان ما من خلال مدة قصيرة قد تكون خلال اليوم الواحد أو لعدة أيام والتنبؤ بحالته ) ، ويعني ذلك رصد وتحليل لعناصر الطقس وما يرافقها من ظواهر جوية كالضباب ، السحب ، العواصف الغبارية ...... وغيرها والتنبؤ بها ، إذ لم يعد الطقس كما كان عليه سابقاً مجرد إشارات لطبيعة عناصره وإنما تحليل لتلك العناصر آنياً مع الاهتمام بتفسير أسباب حدوثها وتقدير ما يمكن أن تكون عليه وما يرافقها من ظواهر جوية متوقعة في الغلاف الجوي خلال الأربع وعشرين أو الثمانية وأربعين ساعة المقبلة ، إذ أن لمثل هذا التنبؤ في الوقت الحاضر أهميته على حياة الإنسان اليومية ، وبالشكل الذي أعطى للجغرافيين مكانة متميزة في تناولهم لعناصر المناخ عن غيرهم من المترولوجيين والذين يتناولون مجرد رصد وقياس هذه العناصر بدون تحليل أولا ، ولان الجغرافيين أكثر من غيرهم قدرة في التحليل والربط والتوقع أو التنبؤ ثانياً

    أما المنـاخ (Climate) فقد تعددت المفاهيم عنه ، هناك من يحدده بأنه مجموع المتوسطات أو المعدلات الشهرية أو الفصلية والسنوية لكل جانب من جوانب الطقس ، بما فيها التغيرات الحالية أو المتوقعة لمساحة واسعة ولعدد من السنوات ن وهو بذلك يبحث شخصية الطقس أو سلوكه العام الذي يسود في كل شهر من أشهر السنة خلال سنوات الرصد ، وباختصار فانه حالة الطقس بعناصره المختلفة ، في حين حدد له مفهوماً أوسع يتضمن بأنه ((الحالة العامة للغلاف الجوي في منطقة ما لفترة طويلة قد تزيد عن شهر من الشهور أو فصل واحد أو حالة الغلاف الجوي الدائمية )) كما تضمن هذا التعريف تفاصيل عديدة عن عناصر المناخ ( الإشعاع الشمسي ، الحرارة ، الضغط الجوي، الرياح ، الرطوبة ، التساقط ، الكتل الهوائية ... وغيرها ) ، كما يضاف إلى ذلك الظواهر المناخية التي تتكون في الغلاف الجوي كالضباب، السحب والعواصف الترابية والعلاقة والتباين بين عناصر المناخ محلياً أو إقليميا . ويمكن أن نتتبع تعريف علم المناخ عند المتخصصين فيه ، إذ عرفه عالم المناخ (( تريوارثا Trewartha )) بأنه (( مجموع معدل حالة الجو بعناصره المختلفة )) ، ويؤكد (( توماس بلير Thomas Blair )) في مؤلَفَه (علم المناخ ) بان المناخ يمثل (( جميع التغيرات التي تطرأ على عناصر الطقس من يوم إلى آخر )) ، ويعرفه (( جرفت ودرسكول )) بأنه (( تركيب حالة الطقس ، وبأنه أكثر من معدل حالة الطقس ، بل يتعداه إلى التباين في قيم العناصر وتوزيعها )) أما العالم ((اوليفر )) فيعرفه على أنه (( مجموع حالات الطقس )) وقد عرفه( ج.هان ((انه هو مجموع الظواهر المترولوجية أو الجوية التي تميز الحالة الوسط للجو في نقطة ما على سطح الارض)،وذكر (سور)(انه مجموع الحالات الجوية التي تتابع عادة في مكان ما )،وذكر ديهوت (انه هو مجموع حالات الطقس التي تتعاقب في منطقة ما وترصد خلال فترة طويلة.

   ويعرفه (( نعمان شحاده )) بأنه (( الخصائص الرئيسية المميزة لحالة الجو في منطقة معينة ولمدة طويلة )) كما ورد في (( الانسكلوبيديا المناخية )) تحديداً للمناخ على انه : (( معدل الحالة الفيزيائية للجو مع الاختلافات الإحصائية في الوقت والمكان )) ، ووفقاً لما تقدم أعلاه فان المناخ يعني : ((حالة الغلاف الجوي من حيث الإشعاع الشمسي ، الحرارة ، الضغط الجوي، الرياح ، الرطوبة والتساقط وصوره لمساحة واسعة من الارض ولعدد من الأشهر أو السنوات )) ، وهذا المفهوم يعطينا صورة واضحة عن عناصر الطقس خلال اليوم أو الأيام والتي تجمع لترسم لنا طبيعة وخصائص المناخ للمنطقة المدروسة وبالشكل الذي لا يمكن للمناخ أن يستغني عن تسجيلات الطقس والتي توفر للمهتم في المناخ تفسير وتحليل ما يرافق عناصر المناخ من هذه من ظواهر جوية وأحوال مناخية يمكن أن نستنتج منها التنبؤ أو التوقعات المستقبلية للمناخ ، من هنا ظهرت أهمية دراسة الظروف الجوية سواء أكانت طقسية أم مناخية في جغرافية الطقس والمناخ ، إذ أن من يهتم بدراسة المناخ يعتمد على ما توصل إليه دارس الطقس من معلومات عن التغيرات الجوية لعناصر الطقس والتي توفر له إمكانية التحليل وإظهار الاختلاف والتباين في توزيع الظواهر الجغرافية وإيجاد العلاقة بينهما واستخراج المتوسطات الشهرية والسنوية لهذه العناصر لمدة لا تقل عن (30 سنة ) وإعطاء صورة كاملة لحالة المناخ لأي منطقة على سطح الارض وما يمكن أن يكون عليه المناخ مستقبلا ً، إذ أن جميع الظواهر الطبيعية والبشرية توجد ، تنمو ، تتطور، وتزول تحت مظلة المناخ

 -2التطور التاريخي لدراسة علم المناخ:- 

    اهتم الإنسان منذ القدم بالعناصر والظواهر الجوية لما لها من تأثير مباشر على الحياة البشرية،وغالبا ما اقتصر اهتمام الإنسان خلال العصور القديمة والوسطى على وصف العناصر والظواهر الجوية وتأثيرها على الإنسان،وما يزال العلماء مهتمين بدراسة المناخ والطقس من اجل استثماره في خدمة البشرية على أفضل وجه فالأحوال الجوية تؤثر في حياة الإنسان من مختلف المجالات.فللعناصر المناخية نفوذ في نوع اللباس حيث يكون اللباس خفيفا في أوقات الحر وثقيلا في أوقات البرد،كما ويؤثر على نوعية المساكن وتصميمها فتختلف أنواع المساكن من إقليم لآخر، من مساكن الاسكيمو الجليدية في المناطق القطبية،والمساكن الحجرية والإسمنتية في الوطن العربي وأوربا، إلى الخيام التي يسكنها البدو، وغيرها من أنواع المساكن والتي تأثرت جميعها بالبيئة المحلية،وتؤثر عناصر المناخ خاصة الحرارة والأمطار على الزراعة ومن ثم على توفر الغذاء للإنسان والحيوان،وللظروف الجوية علاقة قوية مع انتشار الأمراض التي كانت وما تزال تفتك بالبشر،كما أن للأحوال الجوية تأثير على وسائل النقل المختلفة فكان لابد للإنسان من فهم حركة الرياح لتسهيل ونجاح تنقل السفن التجارية والحربية عندما كانت السفن الشراعية تعتمد في حركتها عبر البحار على سرعة الرياح واتجاهها،كذلك الضباب والصقيع والفيضانات والثلوج ما تزال تعرقل حركة وسائل تنقل الإنسان،وكذلك لابد من محاولة التعرف على الظواهر الجوية الخطيرة مثل الزوابع والعواصف الجوية التي لها تأثير سلبي على حياة البشر مثل الفيضانات والأعاصير التي تدمر الإنسان والأرض

   نظراً لأن جميع الظواهر الطبيعية والبشرية التي وجدت على سطح الأرض تتأثر بما يحدث من تغيرات في الغلاف الجوي والتي هي أساسا تمثل عناصر الطقس والمناخ ، فقد دفع ذلك بالإنسان الذي هو احد واهم مفردات عناصر البيئة إلى الاهتمام بتلك التغيرات لما تعكسه من تأثيرات على حياته وأنشطته المختلفة ، حيث لا يوجد أيّ مفصل من مفاصل حياته لا يتأثر بتلك التغيرات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر

   لقد تطورت المفاهيم عن الظروف الجوية منذ القدم وأول الأعمال العلمية عن الظروف الجوية كانت في زمن الإغريق وأشهرها ما احتواه كتاب أرسطو (المتيورولوجيا) وكتاب أبو قراط(الهواء والماء والأماكن) زمن الأمثلة في  موضوع المناخ تقسيم أرسطو العالم إلى أقاليم مناخية حسب درجات الحرارة وهي الإقليم الحار في المنطقة جنوب الصحراء الكبرى(حول المنطقة الاستوائية) وهي منطقة غير مأهولة والإقليم البارد في العروض العليا شمال أوربا وهي غير مأهولة أيضا وبينهما يقع الإقليم المعتدل الذي نشأت فيه الحضارات القديمة في المنطقة من أوربا إلى الصين،كما وظهرت فكرة كروية الارض عند الإغريق ويؤيد ذلك محاولاتهم لقياس محيط الارض ومن أهمها قياس ايراتوستين الذي لقب بابي الجغرافية ويرجع اهتمام الإنسان بالظواهر الجوية منذ أن وجد على سطح الأرض، إذ كان الإنسان في بداية مراحل حياته الأولى أكثر إحساسا بالتأثير المباشر لظواهر الطقس اليومية لأنه كان بدائياً يخضع خضوعاً مباشراً في جوانب حياته ( المأكل ، الملبس والمأوى )، مما دفعه ذلك إلى التفكير فيما يحيط به من تلك المؤثرات ويعطيها تفسيراً يتناسب وعقليته البدائية البسيطة وبالشكل الذي أرجعها إلى قوى طبيعية والى إرادة الإلهة لأنها تقع خارج إرادته ، مما دفعه ذلك إلى عبادتها ، فأقام لها الطقوس والقرابين وأعطى لعدد من الظاهرات تسميات منها ( آله الشمس رع Ra ) و (آله قرص الشمس آتون)، وهو المسئول في نظره عن سقوط أشعة الشمس على سطح الارض وبعث الحياة في كل الكائنات الحية

    وأعتقد السكان القدامى من الفراعنة أيضا بان الإله ( بورياس Boreas آله الرياح) هو المسئول عن هبوب الرياح ، وان الإله (بلوفيوس Pluvius) هو آله المطر عند الرومان ، والإله ( ثور Thor ) هو آله الرعد عند القبائل في شمال أوربا من الاسكندينافيين . كما ذكرت تسميات للآلهة ارتبطت بتأثير الظواهر التي تحدث في الغلاف الجوي منها ماورد عند سكان العراق مثل (آنليل ) والذي يمثل لديهم الهواء والجو والظواهر المتعلقة بهما حتى أنهم أطلقوا عليه ( سيد الهواء ) أو ( الرب الهواء ) ، والآلة (آنور) للسماء ، والآلة ( سين ) للقمر والآلة ( شمس ) الذي أطلق على الشمس

   ونظرا لتأثير الظواهر الجوية التي يعيش الإنسان تحت مظلتها فقد تم الربط بين رؤية البرق وسماع الرعد ، أو بين رؤية الهالة حول قرص الشمس وسقوط المطر ( حتى أنهم يذكرون دائماً بان الشمس عندما تكون في بيتها تسقط الأمطار ) ، وتوسعت معرفتهم عن أحوال الجو في نظرتهم للنجوم وصوروها بشكل ( أبو الجنيب ، أو السرطان ، أو بشكل ماعز ( الجدي ) ) في مكان غروب الشمس وقبل شروقها ، وظهرت هذه التسميات عند مختلف الشعوب البدائية من البابليين والمصريين والأشوريين والصينيين والهنود والإغريق
  
   وأستمر اهتمام السكان بالظواهر الجوية التي تحدث في الغلاف الجوي والتي هي أساسا انعكاساً لما تتعرض له عناصر الطقس والمناخ من تغيرات خاصة بعد أن استقروا وازداد عددهم وبشكل أسهم في بروز الملامح الحضارية ، حيث بدأ النتاج الفكري الجغرافي في هذا الجانب يتبلور من خلال الربط بين هذه الظواهر تحليلاً وتفسيراً وحتى توقعاً ، وكان للصينيون دوراً بارزاً في هذا المجال ، إذ تعد الشعوب الصينية من أقدم الشعوب التي اهتمت بملاحظة الجو وظواهره نظراً لممارستهم الزراعة التي ترتبط بما يحدث من تغيرات جوية ، أما الإغريق والرومان فقد كانوا يؤمنون إيماناً مطلقاً بالظواهر الجوية وتأثيرها مما دفع بهم إلى التفكير بها والنظر لها بنظرة واقعية

   واستمرت الدراسات الطقسية والمناخية والأنواء الجوية حتى قام (كيروهيستس Kyrhestes) عام ( 100 ق.م ) بدراسة الرياح وتأثيرها ، ووضع تصميم لبرج الرياح Tower of the win )، وهو أول مرصد أنوائي في تلك الفترة ، وكانت للشعوب الأخرى إسهامات عديدة في هذا الجانب ، إذ يعد الصينيون القدماء من الشعوب التي اهتمت بملاحظة الجو وما يحدث في الغلاف الجوي من ظواهر لعلاقتها بطبيعية حياتهم الزراعية ، فقد راقبوا الأمطار وحددوا مواعيد سقوطها منذ أكثر من ( 300 سنة مضت )، حتى وصلوا إلى التنبؤ بتحديد مواعيد سقوطها وفصولها . ولم تكن الشعوب الهندية أقل اهتماماً من غيرهم بما يحدث من ظواهر طقسية ومناخية ، في بيئاتهم وخاصة الأمطار منها والذي مكنهم من التوصل إلى وضع قياسات للأمطار بوساطة أجهزة خاصة بهم ربما كانت هي الأولى من نوعها في العالم

    ونظراً لأن العرب أكثر شعوب العالم تأثرا بتأثيرات البيئة الطبيعية وفي مقدمتها خصائصها الطقسية والمناخية ، وهذا ما دفعهم إلى الاهتمام بالظروف الطبيعية التي تواجه العربي في جزيرته ذات الظواهر الطقسية والمناخية القاسية ،حيث الجفاف والتقلب والتذبذب في عناصر الطقس والمناخ والذي دفعهم للتوصل إلى تحديدات لم يسبقهم فيها أية مجموعة بشرية عن الرياح والأمطار ومواسم سقوطها ، والذي مكنهم من التنبؤ بحالة الطقس فصول السنة الملائمة للتنقل بحيواناتهم أم للزراعة نتيجة ًلخبرتهم الطويلة بمراقبة طلوع ومغيب الشمس ، النجوم ، أو ما يسمى بالغروب الكوني للمنازل القمرية، وكان العرب يحددون ذلك باسم النوء ( الجمع أنواء).

   وأسهم العلماء العرب المسلمون في تطوير المفاهيم حول الظروف الجوية ، ولم يتوقفوا عند حدود المفاهيم الإغريقية وإنما تم تطويرها بالإضافات العديدة التي يمتلكونها من خلال ارثهم الجغرافي الكبير في المجالات الجوية سواء التي كانت تتم عن طريق الملاحظة المباشرة أم بالاستنتاج ، إذ كان للعرب كتابات متميزة عن الفلك والجو ، حيث ساعدهم في ذلك رحلاتهم البحرية بصفة خاصة في دراسة الدورة العامة للهواء على سطح الارض ، خاصة ًفي المحيط الهندي والذي كانت سفنهم تجوب مياهه بلا توقف خلال أشهر السنة ، استطاعوا تحديد نظام حركة واتجاه الرياح الموسمية ، وهم الذين أعطوها هذا الاسم الذي عرف فيما بعد إلى مصطلح (Monsoons ) ، كما أنهم أول من أطلق تسمية ( الطوفان ) على الأعاصير المدارية التي كانت تحدث في المحيط الهندي وبحر العرب والتي تعرف حالياً بـ( التايفون Typhoon ) . 
  
   وتعد الكتابات التي وردت عند ( المسعودي وأخوان الصفا والقزويني والإدريسي) وغيرهم قد تناولت ولأول مرة الظروف الطقسية والمناخية والعوامل المؤثرة عليها ، فضلاً عن مساهمتهم في إعطاء تفسير لتلك الظواهر، فقد ورد عن (المسعودي ) في كتابه (( مروج الذهب )) إشارات عديدة وواضحة عن الرياح ن فقد حدد اتجاهاتها وأنواعها وشدتها ، كما أنه ربط بين مواعيد هبوبها وما يرافق ذلك من عواصف أو زوابع في الخليج العربي والبحر العربي والمحيط الهندي ، كما في قوله : ((ومن الرياح ما يكون مهبه من النجم دون ما يظهر من قصر البحر ، ولكن من يركب البحر من الناس كبحر النيل وبحر العرب وبحر الهند وبحر اليمن وبحر قلزم أرياح يعرفونها في أوقات تكون فيها مهابها )) ، وهذا يعد طفرة في علم الطقس والمناخ

   كما حدد المسعودي العوامل المؤثرة في المناخ حيث ورد عنه (( قد تختلف قوى الأرضين وفعلهما في الأبدان لثلاثة أسباب ، كمية الهواء التي فيها ، وكمية الأشجار ، وكذلك مقدار ارتفاعها وانخفاضها ، فالأرض التي فيها مياه كثيرة ترطب الأبدان ، والأرض العادمة للمياه تجففها ، وأما اختلاف كونها من قبل الأشجار ، فان الارض الكثيرة الأشجار تقوم الأشجار التي فيها مقام السترة ، والأرض المكشوفة من الأشجار العادمة لها حالها عكس حال الارض كثيرة الأشجار ، وأما اختلاف قواها من قبل مقدار علوها وانخفاضها فإن الأرض العالية المشرفة فسيحة والأرض الفسيحة المنخفضة العميقة حارة)) ، وهذا التوضيح للعوامل المؤثرة قريب إلى حد ما لما يتم تناوله حالياً، كما تمكن بطريقة علمية من إظهار العلاقة بين جبال الهملايا وتأثيراتها على مسارات الرياح الموسمية وسقوط الأمطار

    وبجانب المسعودي فقد حدد ( أخوان الصفا ) آثار وأفكار عن الطقس والمناخ لم يتناولها أحد من قبلهم ، فقد لاحظوا حرارة الغلاف الجوي نتيجة لانعكاس أشعة الشمس ، وان تحول الأراضي المزروعة إلى صحاري هو بفعل الحرارة، كما تناولوا التساقط تكويناً وتفسيراً بقولهم (( إذا ارتفعت البخارات في الهواء وتدافع الهواء إلى الجهات ، ويكون تدافعه إلى جهة أكثر من جهة ، ويكون من قدام له جبال شامخة مانعة ، ومن فوق له برد الزمهرير مانع ، ومن أسفل مادة البخارين متصلة فلا يزال البخاران يكثران ويغلظان في الهواء، وتتداخل أجزاء البخار وتظم أجزاء البخار الرطب بعضها إلى بعض وصار ما كان دخاناً يابساً ماء ونداء ، ثم تلتم الأجزاء المائية بعضها إلى بعض، فان كان صعود ذلك البخار الرطب بالليل والهواء شديد البرودة منع ذلك من تصاعد البخار في الهواء قليلاً ، وإذا عرض لها البرد صارت سحاباً رقيقاً )) ، وإذا ما تمعنا في ذلك لوجدنا بأنهم تتبعوا تكون صور التكاثف، بخار، تكون السحب ، سقوط الأمطار وهذا اقرب إلى واقع المعرفة التي تعلل وتوضح صور التكاثف ، كما أعطوا وصفاً لطبقات الجو وقسموها إلى ثلاث طبقات أعلاها وأكثرها حرارة (الأثير ) ، وأوسطها قارصة البرودة وأسموها (الزمهرير) ، والطبقة الدنيا القريبة من الارض وأسموها بـ( النسيم ) ، كما حددوا سمك الغلاف الجوي بـ( 12 كم ) معتمدين على حسابات هندسية وفلكية ، وتوصل إخوان الصفا إلى أن الأرض لا تسخن من الإشعاع الشمسي فقط وإنما من الإشعاع الأرضي أيضا

    وأضاف ( القلقشندي ) آراء عن الأحوال المناخية من خلال إشارته إلى خط الاستواء وتصنيفه الأرض ، فضلاً عن ما أشار إليه في أسباب حدوث الرياح وأنواعها والى السحاب وكونه بخاراً متصاعداً من الأرض يرتفع من الطبقة الحارة إلى الطبقة الباردة فيثقل ويتكاثف فيصير سحاباً ، ووصف الرعد بأنه حدوث صوت هائل يسمع من السحاب ، وأن البرق ضياء يخرج من أطراف السحب ، ولم يترك ظاهرة من ظواهر التساقط إلا وأشار إليها

     ويعد ( أبن حوقل ) أول من فند نظرية اليونانيين عن المنطقة الاستوائية والتي وصفوها بالمنطقة المحروقة غير المسكونة، إذ أكد بوجود السكان فيها بعد أن اجتاز خط الاستواء، حيث وجد عدد كبير من الناس في مثل هذه المناطق. ووضع العالم ( الإدريسي ) أول تقسيم للأرض ، إذ قسمها إلى سبع أقاليم مناخية على شكل أحزمة مستطيلة أفقية تبدأ في خط الاستواء وموازية له، وجعل بداياتها من الغرب إلى الشرق . كما قسم ( المقدسي ) العالم سنة (985م) إلى ( 14 إقليما مناخياً ) ، وأضاف إلى العوامل التي كانت سائدة عند اليونانيين عامل جديد هو الموقع بالنسبة لليابس والماء ، حيث أكد ومن خلال ملاحظاته بان السواحل الشرقية للقارات أكثر مطراً وحرارة من السواحل الغربية ، وهذا ما أكده العالم ( همبولت Humboldt ) بعد أكثر من (800 سنة ) ، وكذلك البيروني الذي شرح بإسهاب تأثير جبال الهملايا على الرياح الموسمية وسقوط الأمطار .

    فضلا ًعن ذلك فقد تضمنت مقدمة ( ابن خلدون ) حقائق علمية عن عناصر المناخ وتأثيراتها ، إذ ربط بين المناخ وعادات الشعوب وتقاليدهم وأنشطتهم المختلفة ، والتي هي انعكاساً لتأثير الظروف الجوية ، وبذلك عُد ابن خلدون من أوائل من أكد على الحتم البيئي . كما تمكن العلماء العرب في القرن الحادي عشر الميلادي بتقدير سمك الغلاف الجوي بنحو ( 92 كم ) معتمدين في ذلك على طول المدة التي يمكثها الشفق فوق الأفق ن كما تمكن عدداً منهم خلال هذه الفترة التاريخية من إعطاء وصف كامل للظواهر الجوية كالرياح وتأثيرها على حركة الملاحة والأمواج والتيارات البحرية وحركة المد والجزر، وقد ورد وصف عن الرياح والتيارات والعواصف التي تحدث في المحيط الهندي في مؤلف ( ابن ماجد ) والمعروف بـ( الفوائد في أصول علم البحار والقواعد ) وفي ( الرسالة البحرية) .

قسم بعض العلماء العناصر المناخية من حيث طريقة الحصول عليها إلى ثلاثة أقسام


 -1العناصر المقاسة: - مثل الإشعاع الشمسي،ودرجة الحرارة،الرياح،الرطوبة،الضغط الجوي،التبخر،الأمطار وغيرها وتقاس هذه العناصر بأجهزة خاصة لكل عنصر

 -2العناصر المشتقة: - وهي العناصر التي يتم اشتقاقها من قياسات مناخية مباشرة وتلعب دوراً هاماً في وصف المناخ من اجل تطبيقات معينة تهم حياة الإنسان،مثل التبخر (يحسب للمحطات التي لا يقاس فيها) ،ومعامل تبريد الرياح،وقرائن راحة الإنسان،وقرائن الجفاف،ومواسم النمو والأمطار المساحية

 -3العناصر المساندة: - وهي العناصر التي تستخدم لمعرفة الظروف الجوية التي سادت خاصة قبل مئات وآلاف السنين، ولتلك العناصر علاقة قوية بالمناخ،ومن أمثلتها الرواسب البحرية، والجليد، ونويات الطلع .

    وتطورت الدراسات الطقسية والمناخية مع النهضة الأوربية والتي رافقها نقل الكتب والمؤلفات العربية وترجمتها أولاً ، فضلا ًعن اختراع الآلات والأجهزة التي توفر إمكانيات رصد عناصر الطقس والمناخ والظواهر الجوية ثانياً ، بحيث بدأت هذه الدراسات تخطو خطوات واسعة وسريعة

   وانتقل الإنسان من مرحلة الوصف لعناصر الطقس والمناخ والظواهر الجوية إلى مرحلة القياسات المباشرة بعد توفر أجهزة القياس هذه والتي تم اختراعها ووفق ما يلي

 -1استطاع العالم جاليلو Galileo عام (1593) م من اختراع الثرمومتر Thermometer لقياس درجة الحرارة

 -2تمكن العالم تورشلي Evan gelisra Torricelli عام (1643) م من اختراع جهاز الباروميتر Barometer والذي اخذ يستعمل في قياس الضغط الجوي

 -3عام (1648) م اكتشف العالم برايس باسكال بان هناك فراغاً فوق الجو ولكنه لم يجد من يصدقه

 -4عام (1661) م استطاع بويل Boyle من اكتشاف العلاقة بين حجم الهواء وضغطه

 -5أنشأت عام (1664) م أول محطة رصد في باريس والتي تحتفظ الآن بأطول مدة لتسجيل الحرارة في العالم ، ثم أعقبتها تأسيس محطات رصد في ايطاليا وألمانيا وبريطانيا وروسيا
  
 -6في عام (1667) م تمكن العالم (هوك) من اختراع مقياساً لقياس سرع الرياح

 -7عام (1668) م تمكن العالم (آدموند هالي) Edmund Halley من اكتشاف ما يؤكد قاعدة باسكال حول الضغط الجوي والتي عرفت بخلايا (هادلي) ، ووصف فيها الدورة العامة للرياح the general circulation والتي ركز فيها على الرياح التجارية والموسمية

 -8وتمكن العالمين (فهرنهايت) والعالم (سيليز) Fahrenheit عام (1714) م و Calicoes عام (1715) م من وضع المقياسين الفهرنهايتي والمئوي (سيلز) ، واللذان سميا باسميهما

 -9في (1783- 1784) م تمكن (بنجامين فرانكلين) من التوصل إلى أن أنظمة الطقس في أمريكا الشمالية تتحرك من الغرب إلى الشرق

 -10عام (1783) م وضع العالم (دي سواسور) مقياس درجة الرطوبة Hygromete. 


 -11عام (1787) م ظهر مقياس المطر Rain gage والذي تمكن من خلاله توفير إحصاءات واقعية عن المطر

 -12عام (1806) م وضع العالم (فرانسيو بيوفورت) تصنيف سرع الرياح

 -13عام (1827) م تمكن العالم الألماني (دوف Dove) من وضع أساس لفهم العواصف Storms ، حيث أكد بان العواصف الجوية هي نتيجة التقاء الرياح المدارية مع الرياح القطبية ، ويعد أول من وضع مصطلح المناخ الشمولي

 -14عام (1845) م تمكن العالم (بيرجهاوس) Burghous من وضع أول خريطة للأمطار

 -15عام (1854) م ظهرت إلى الوجود أول محطة للأرصاد الجوية في بريطانيا والتي أخذت على عاتقها جمع البيانات الجوية عن الدول المجاورة وتسجيلها يومياً والتي اقتصرت على طبقات الجو السفلى
  
 -16استطاع العالم (اسبي) Espy من توضيح حركة وتطور العواصف والكتل الهوائية. واوجد العالم (كوريولس) Caspard Coriolis ما يعرف بقوة كوريولس وهي : ( تنحرف الرياح إلى يمين اتجاهها في النصف الشمالي والى يسار اتجاهها في النصف الجنوبي ، والذي ربط فيه بين اختلاف الضغط الجوي واتجاه الرياح نتيجة لدوران الأرض من الغرب إلى الشرق

 -17عام (1857) م اكتشف العالم (بايز – بايلوت) Buys – Ballot قانونه المعروف حول سرع واتجاه الرياح حسب قيم الضغط الجوي

 -18عام (1860) م بدأ العالم (روبرت فيرو ري) بدراسة المناخ في انكلترا ، وبدأت توقعاته عن حالة الطقس وانتشارها

 -19وتمكن العالم (دوف Dove) أيضا عام ( 1862 )م من وضع خريطة مثل فيها المعدلات الشهرية للحرارة في العالم ، كما يعد بأنه أول من حدد مفهوم الكتل الهوائية Air masses وتأثيرها على الخصائص المناخية ، فضلاً عن دوره الكبير في وضع معادلة رياضية للموازنة الإشعاعية Radiation Budget ، وفي نفس العام وضع العالم رينو Renou خريطة للتوزيعات الضغطية في غرب أوربا

 -20ولم يصل الاهتمام بالطقس ويتقدم إلا من خلال مساهمة الفنيين العسكريين الأمريكيين وحاجتهم لذلك في الحروب ، حيث أسس سلاح الإشارة في الجيش الأمريكي عام ( 1882 )م أول مؤسسة أطلق عليها (مؤسسة خدمة الطقس الوطنية ) والتي بقيت تدير شؤون الطقس والتنبؤ به حتى اليوم في أمريكا وبقية دول العالم ، كما حاول ( جون فنلي) الخبير الفني الأمريكي في ذلك الوقت من تحديد خط سير العواصف خاصة (التورنادو Tornado ) وتحولت خدمة الطقس الوطنية التي أسسها العسكريون قبل أكثر من ( 120 سنة ) إلى إدارة محطات الفضاء الخارجي للقمر ( نوا NOAA . 5 ) ، ويقع قريباً منها مبنى ( طقس العالم ) في (كامب سبرنغ ) في ولاية (مريلاند) والتي يوجد فيها اكبر كومبيوتر في العالم لحساب الطقس والتنبؤ به ، وتنسق ( نوا ) مع منظمة الطقس الدولية التابعة للأمم المتحدة في جمع المعلومات الدولية ودراستها وتحليلها ورسمها على خرائط وتوزيعها
  
   وبالرغم من التطور الذي رافق جوانب متعددة من الدراسات المناخية إلا أن هذا التطور كان يسير ببطء شديد بسبب قلة البيانات المناخية عن طبقات الجو العليا ولعدم وجود أسس نظرية كافية لتطور العلم ، ويعد ( دليل المترولوجيا ) أقدم كتاب كلاسيكي في العصر الحديث يعالج المناخ بأسلوب وصفي ، وهو يتكون من ثلاثة أجزاء : تناول الجزء الأول ( المناخ العام ) ، في حين ركز الجزئين الثاني والثالث على ( المناخ الإقليمي ) . وظهر الكتاب مرة أخرى باسم (( أطلس الميترولوجيا )) للمؤلفين ( بارثلوميو و هربرتسون). أما خلال القرن العشرين فقد تطورت الدراسات الطقسية والمناخية بشكل سريع تماشى مع التطور العلمي والتكنولوجي الذي شهده العالم والذي تمثل بظهور المدارس على يد عدد من العلماء ومنهم ( بيركنز Berkenze ) الذي أسس مدرسة بيركن Berken بعد الحرب العالمية الأولى عام ( 1917 )م في تحليل خرائط الطقس وتفسير الأمواج Waves والدوامات الهوائية ، وأسس شبكة كثيفة من محطات الرصد جنوب النروج ، وتمكن من اكتشاف الجبهة الدافئة Warm Front والجبهة القطبية Polar Front بين سنتي ( 1918 و 1919 )م وأثرهما في تطور المنخفضات الجوية وتأثيراتها ، وتمكن بعد ذلك العالم ( بيرجرنBergeron )الذي اكتشف جبهة الامتلاء Eclouded Front في المنخفضات الجوية . وتعد الفترة الواقعة بين الحربين العالميتين من الفترات التي شهدت تطوراً في الدراسات الطقسية والمناخية لحاجة الدول إلى ذلك ، فقد اهتمت الحكومات والعلماء والباحثين في ذلك لحاجتها في الطيران المدني والعسكري فازداد استعمال البالونات والطائرات والأقمار الصناعية والصواريخ والمركبات الفضائية مما أدى إلى تطور المعرفة العلمية عن الخصائص المناخية
  
    وتوجت الدراسات المناخية عام ( 1918 )م بظهور أكثر التصانيف المناخية شيوعاً في الجغرافية هو تصنيف العالم الألماني ( كوبن W.Koppen) والذي قسم العالم إلى (خمسة أقاليم مناخية كبرى ) تتخللها أقاليم ثانوية معتمداً في ذلك على الحرارة أولا ، والعلاقة بين الحرارة والأمطار ثانياً، واعتمد على النبات الطبيعي كأساس في تصنيفه المناخي
  
   وفي عام ( 1921 )م طور العالم الروسي ( فيدروف Fedrov ) مبادئ علم المناخ المركب Complex climatology والذي يعتمد على دراسة تكرار أنماط الطقس اليومي . ورافق هذا التطور العلمي الذي شهده العالم استخدام جهاز ( الراديو ساوند Radio – Sond ) أو المسبار الراديوي عام (1928)م حيث نجح العالم الأرصادي الجوي الروسي (مولتخانوف) في استخدامه في الرصد ويشمل درجات الحرارة على ارتفاعات عالية جداً من سطح الارض . واستخدمت محطات الرصد الجوي في الولايات المتحدة هذا الجهاز منذ عام 1935 م وارتفع عدد محطات الرصد الجوية التي تستخدم الراديو سوند لرصد وتسجيل خصائص الطبقات العليا للهواء في الولايات المتحدة من (6 محطات عام1937 م ) إلى ( 335 محطة عام 1935 ) ، وطور العالم بيرجرن سنة 1930 مبادئ علم المناخ الديناميكي Dynamic Climatology والذي فسر فيه (أن أنماط الطقس المستقرة كالكتل الهوائية والجبهات تمثل عمليات ديناميكية في الغلاف الجوي) ، وشهدت الفترة بين (1933 – 1940) ظهور دليل الميترولوجيا لمؤلفة كوبن Koppen وجيجر Geiger في خمسة أجزاء والذي تم التركيز فيه على الأسلوب الكمي في الوصف والاعتماد على الإشكال البيانية والجداول الإحصائية لعناصر الطقس، وظهر بين عامي ( 1931- 1933 ) ظهر تصنيف جديد للأقاليم المناخية ينافس تصنيف كوبن هو تصنيف العالم الأمريكي الشهير ( ثورنثويت THORNTHWAITE والذي أعتمد على حساب التبخر والنتح في تقدير فعالية الأمطار ، كما شهدت هذه السنوات ظهور مدرسة عالم الأرصاد الجوي للسويدي ( روسبي ROSSBY) في تفسير الدورة العامة للغلاف الجوي وتتلمذ على يده علماء في شيكاغو، وطور النماذج التجريبية في المعالجات المناخية وفسر الحركات الموجية في الجو حتى عرفت( بأمواج روسبي) ، وقد عدلت الكثير من المعتقدات السابقة عن التيارات النفاثة (JETSTREAM) التي تتكون في طبقات الجو العليا والتي لها دورها الكبير في عملية انتقال الطاقة من المناطق المدارية إلى المناطق القطبية وفي نشوء وتطور المنخفضات الجوية

    وتعد مدرسة شيكاغو التي درس فيها (روسبي) أول المدارس الجغرافية التي اعتمدت الحاسوب الالكتروني في تحليل البيانات المناخية وساعدت بدرجات كبيرة على تطوير النماذج الجغرافية والتوسع فيها وكان من نتائج أبحاثها (استنباط الخصائص العامة للمناخ والطقس ) و(الخصائص الديناميكية للغلاف الجوي ) . كما يعد العالم ( جيجر GEIGER ) الرائد الأول في المناخ التفصيلي والذي تناول دراسة الطبقة السفلى من الغلاف الجوي الملاصق لسطح الأرض

   وازدادت خلال الحرب العالمية الثانية الدراسات حول الغلاف الجوي وحاجة الدول فيما يتعلق بالتنبؤ الجوي عن الطقس ليوم أو يومين أو أكثر مع تطور علم المناخ الشمولي وتمكن العالم الجغرافي ( جياو giao ) سنة (1941)م من تفسير الدورة العامة للهواء فوق مناطق معينة عن طريق (بناء نماذج رياضية تقوم على النظريات الهيدروديناميكية والعوامل المؤثرة والتي منها طبيعة سطح الارض ومصادر الحرارة ومصادر البرودة ومعامل انعكاس الأشعة الالبيدو (Albedo) ، وبعد إن أدركت دول العالم أهمية التعاون في مجال الطقس والمناخ وفي دراسة الغلاف الجوي والتنبؤات الجوية ، لذلك بادرت إلى تأسيس المنظمة العالمية للأنواء الجوية WMO ) ) (World Meteorological organization ) عام ( 1956 )م والتي هي أكثر منظمات الأمم المتحدة نشاطاً ومقرها ( جنيف ) في سويسرا

   وحدث خلال السنوات الماضية القريبة تطورات كبيرة في دراسة الغلاف الجوي خاصة من خلال التوسع الذي شهده العالم في عدد المحطات المناخية في الخمسينيات من القرن الماضي والتي وصلت إلى ( 10000 محطة أرصاد جوية ) و ( 1000 محطة جوية ) لقياس درجات الحرارة والضغط الجوي والرياح في مستويات مختلفة ، فضلاً عن وجود ( 3000 سفينة مجهزة بأحدث الأجهزة المترولوجية ، كما توفرت أجهزة متطورة لقياس الإشعاع الشمسي وجمع المعلومات عن طبقات الغلاف الجوي ونقلها إلى محطات الأرصاد الجوية وتصنيفها ووضعها بشكل خرائط للطقسWeather Maps تعرف باسم ( Synoptic Chat ) والتي توفر معلومات عن الظروف الطقسية التي يمكن من خلالها التنبؤ بحالات الطقس المتوقعة

    كما شهد العالم تطوراً في صناعة الأقمار الاصطناعية والتي لها دورها الكبير والمميز في تطور الدراسات الطقسية والمناخية ، حيث أطلق أول قمر اصطناعي ( تيروس Tiros ) للرصد الجوي في عام ( 1960 )م وقد احدث طفرة هائلة في مجال مراقبة الطبقات الجوية وما يحدث فيها وإرسال ذلك إلى محطات المراقبة الأرضية ، وازدادت مساحة المناطق التي يتم رصدها ، والعناصر المناخية التي يتم قياسها ، وزودت الأقمار الاصطناعية ومنها قمر (NOAA-5 ) بأجهزة تصوير يمكن من خلالها إرسال صور ملونة في غاية الدقة والوضوح لمساحة تصل إلى ( 2000 كم2 ) كما انه يحمل آلة تصوير ليلية أخرى ( سبكتروميتر Spectrometer ) تستعمل الأشعة ما دون الحمراء لقياس درجة الحرارة في الغلاف الجوي ، وشهدت السنوات التي أعقبت ذلك وضع برامج للأقمار الاصطناعية أكثر تطوراً ، حيث توج ذلك بصناعة القمر ( نمبوس Nimbus-6 ) والذي زود بأجهزة بالغة الدقة يمكن من خلالها تصوير السحب وتحت مختلف الظروف الجوية ، كما يتضمن جهازاً لرصد الأشعة دون الحمراء

    واتفقت دول العالم على تخصيص ما يعرف بالساعة الطقسية العالمية (World Weather Watch ) حيث تقوم كل دولة من دول أعضاء منظمة الأرصاد الجوية العالمية بإذاعة وتلفزة معلومات مناخية تفصيلية عن حالة الطقس فوق أراضيها لمدة ساعة يومياً على موجات محددة بحيث يمكن إن تستغلها أجهزة الاتصال في دول العالم الأخرى ، وتحديد الطقس اليومي فوق أجزاء سطح الأرض لخدمة الملاحة الجوية والبحرية ، وقد بلغ عدد محطات الأرصاد الجوية العالمية المشتركة في نظام الرصد العالمي نحو ( 3300 محطة ) عام (1970)م منها ( 511 محطة ) افريقية و( 875 محطة ) في آسيا و( 298 محطة ) في أمريكا الجنوبية و( 444 محطة ) في أمريكا الشمالية و( 314 محطة ) في المحيط الهادي الجنوبي و( 835 محطة ) في أوربا و( 24 محطة ) في القارة القطبية الجنوبية ، وهذا يعني أن تطور دراسة الطقس أصبحت ذوات صبغة عالمية ، حيث يؤكد ( ادوارد لورنز ) أستاذ الجغرافية في معهد ( ماساشوستس للتكنلوجيا ) ومؤلف كتاب ( أحوال الطقس ) بان العالم أصبح قرية واحدة في مجال الطقس ، ووضع ( نظرية الفراشة ) التي يقول فيها ( إذا نفضت فراشة جناحيها في حوض الأمازون ستؤثر على سرع الرياح واتجاهاتها في المنطقة التي تطير فيها ، وتؤثر نظرياً على إعصار ( نيواورلينز ) في أمريكا ، وسقوط مطر مفاجئ في جدة ، وموجة برد في كلكتا) .

    وأسهمت أقسام العلوم الطبيعية والجغرافية في عدد من الجامعات الكبرى كما في ( جامعة شيكاغو ، وجامعة كاليفورنيا ، وسكنسن ، والجامعات البريطانية) في تطوير أبحاث علميّ الطقس والمناخ ، فضلاً عن التقدم العلمي الذي أحرزته الدراسات الطقسية والمناخية في الاتحاد السوفيتي سابقاً

      ويقف برنامج الأبحاث الجوية العالمي ( GARP ) الذي يضم أكثر من ( 5000) باحث ينتمون إلى أكثر من عشر دول ) في دراسة ووضع برامج عالمية لدراسة الخصائص الطقسية والمناخية التي تحدث في الغلاف الجوي ، وعقد المؤتمرات الدولية حول هذه التغيرات التي تحدث في الغلاف الجوي حالياً والتوقعات التي ستكون عليه مستقبلا

 حمله                من هنا

هناك تعليقان (2):

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا