التسميات

الخميس، 21 يونيو 2018

تصور استراتيجي لدور الأبعاد السياسية في الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية

بسم الله الرحمن الرحيم
جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
مركز الدراسات والبحوث
بالتعاون مع جامعة الحسن الأول والمنظمة الدولية للهجرة
ندوة : الهجرة غير الشرعية : الأبعاد الأمنية والإنسانية
  
ورقة بعنوان :
تصور استراتيجي لدور الأبعاد السياسية
في الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية

إعداد
أ.د. أمير عبد الله النعمان
قسم الدراسات الإستراتيجية
كلية العلوم الإستراتيجية

ربيع الثاني 1436ه/ فبراير 2015م



مدخل تمهيدي
              تعتبر الهجرة غير الشرعية بأبعادها الإنسانية والأمنية الشائكة والمعقدة من أكبر هواجس العصر وانعكاسات متغيراته المتسارعة , والهجرة غير الشرعية هي أهم العوامل الثلاثة  للتفسير السكاني (الديمغرافي) مع عنصري الخصوبة والوفيات ، لكنها تختلف عنهما من حيث إمكانية  التتبع  وسهولة  جمع البيانات والقياس لكل من العنصرين الآخرين لتتفرد الهجرة بخواص معقدة وتذبذباً يصعب معه وضع معايير دقيقة ومقاييس محددة للتعامل معها. فإذا ما أضيف لذلك عنصر المفاجأة في تدفق الهجرات وارتباطها بعوامل واسعة الطيف ، وأبعاداً مختلفة ،تتضح الصورة حول مدى الأهمية البالغة لموضوع الهجرة و قضاياه بصورة عامة، والهجرة غير الشرعية أو (الهجرة السرية) كما يطلق عليها البعض بصفة خاصة.
       إن الناظر لأبعاد الهجرة غير الشرعية المتعددة لا يفوت عليه مدى التداخل الشديد بين هذه العوامل، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو بيئية أو نفسية وغيرها، كما بلا يفوت عليه تباين أسباب الهجرات سواء كانت شرعية أم غير شرعية من دولة إلى أخرى، أو في ذات الدولة بالنظر إلى حقب مختلفة مرت بها. ولئن اتفق كثير من الباحثين حول رجوح الأسباب الاقتصادية قياساً على غيرها، لكنني أود لفت النظر خلال هذه الورقة إلى أهمية الرؤية التكاملية Integrated Vision في مثل هذه القضايا الشائكة، وأسعى خلال هذا الطرح إلى استجلاء (الأبعاد السياسية) ودورها الإستراتيجي في الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية. فإن رجحت كما تقدم الأبعاد الاقتصادية أوالاجتماعية أو القانونية أحياناً، إلا أن الأبعاد السياسية في نظري هي أصل الداء وأس البلاء، فالأبعاد الأخرى تمثل الظاهر المرئي، بينما تمثل الأبعاد السياسية الباطن المحرك واللاعب المنظم والصانع لكثير من التكتيكات والاستراتيجيات التي ما إذا أحسنا استجلاءها وتوظيفها، من شأنها أن تسهم إسهاماً مقدراً في ضبط الهجرات غير الشرعية والحد منها واحتواء دوافعها وأثارها. فقد انتبهت اليونسكو عند تصنيفها للعلوم الإنسانية عام 1948م إلى أصالة البعد السياسي في علم الاقتصاد فأسمته الاقتصاد السياسي Political Economy، اعترافاً بأصالة العوامل السياسية ودورها الجوهري في توجيه الاقتصاد وبنائه وتحقيقه لتطلعات الدول وآمال شعوبها، حيث تلعب هذه العوامل أدواراًمفتاحيه في تحقيق الاستقرار السياسي، وتقسيم الثروات ورشد الحوكمة وتوظيف السياسات العامة للدول.
    إن الأبعاد السياسية في ظاهرة الهجرة غير الشرعية متغلغلة بعمق في كثير من مظاهرها ودوافعها وتزايدها كذلك، لذا تسعى هذه الورقة إلى تقديم طرح غير نمطي أو تقليدي، قد يسهم خلال عناصره المستقاة من بعدين : تحليلي تفكيكي لهذه العناصر  وآخر تركيبي اجتهادي، لاستجلاب القناعات والمسلمات لدائرة الوعي النظري والتطبيقي معاً، إسهاماً في الحد من هذه الظاهرة التي يكبر شبحها المخيف يوماً بعد يوم .
أولاً: رؤى مفتاحيه للأبعاد السياسة في الهجرة غير الشرعية:
تتجاوز الورقة هنا النواحي الاصطلاحية والمفاهيمية وما يطلق عليه الباحثون قضية تحرير المصطلحات وأزماتها، باعتبار أن أوراقاً أخرى في ذات الندوة تعالجها، وباعتبار ما تواضع عليه المجتمع الدولي من تعريفات ومفاهيم أصبحت كافية للتفريق بين كل من النزوح واللجوء والهجرات، والتداخل الموضوعي بينها أحياناً كثيرة، وما تقود إليه من ظواهر مصاحبه كالاتجار بالبشر وغيرها من الظواهر، لذا تتقيد هذه الورقة بموضوعها الرئيسي وهو معالجة الأبعاد السياسية لهذه الظاهرة، خلال تصور استراتيجي لدور هذه الأبعاد. وفي ما يلي بعض المداخل المفتاحية للأبعاد السياسية في نظر الباحث :
أ/ أنسنة الهجرات :
وذلك خلال إضفاء الطابع الإنساني الدولي للهجرات سواء كانت شرعية أو غير شرعية. ليس ذلك من باب التعامل مع الواقع الراهن والقبول به، بل من باب إيجاد السبل الكفيلة بتغييره وتبديله إلى واقع أفضل، وغني عن البيان هنا أن اهتمام عالمنا المعاصر بحقوق الإنسان أصبح يزداد يوماً بعد يوم، ينطلق في ذلك من ممسكات حضارية ضاربة في القدم، تشمل طيفاً من المبادئ الاقتصادية الدينية في النظر لكرامة الإنسان، والأسس التنافسية الحضارية في إبراز قدراته وتطوره وخدمته لآماله وتطلعاته. وقد اضطلع المجتمع الدولي في هذا الصدد خلال مسيرته التاريخية بعدة مشاريع دولية تطورت لتشمل الإصلاح الإنساني، بأبعاده التكاملية سياسياً واقتصادية واجتماعياً سواء في الأطر العالمية أو الإقليمية(1)، والذي يعنينا في هذا المدخل أنه بالرغم من الجهود الجبارة في العناية بحقوق الإنسان ورعايتها، لكن النظر المتعمق لحقه في الانتقال والعمل والهجرة، ما يزال بحاجة إلى جهود بحثية وعملية تنقل الهجرات البشرية إلى مربع (الأنسنة) الذي يخدم هذه القضية بأبعاد إستراتيجية شاملة تغطي كافة الأطراف المنتفعة  والمتضررة. هذا الأمر يقتضي مراجعات واسعة النطاق للتشريعات الدولية، وأداء المنظمات ذات الصلة بهذه القضية، إضافة لتعامل الحكومات والدول معها.
    إن إرساء السلم والأمن الإنسانيين قضية لا تخدمها دولة بعينها مهما كبرت، ولا حكومة لوحدها مهما رشدت. لذا لابد من جمع الجهود الإنسانية لتكريس كافة القدرات وشحذ الهمم للنظرة الإنسانية في مكافحة انتهاك الحرمات البشرية، أو استغلال الإنسان في تحقيق الكسب المادي الرخيص، وهنا يجب تنشيط أداء كل المجالس الدولية والإقليمية في مجالات حقوق الإنسان والدراسات السياسية والإستراتيجية، وغيرها من أجل الانتقال بظاهرة الهجرة من مربعاتها التقليدية إلى مربع الأنسنة الشامل.
ب/ تجفيف منابع الصراعات:
ما من شك أن النزاعات والصراعات المختلفة، تأتي في مقدمة الأبعاد السياسية عند النظر لدواعي الهجرات غير الشرعية. وما من شك أن لكل من التنشئة السياسية Political Socialization والثقافة السياسية كذلك Political culture دور كبير في تشكيل النزاعات والصراعات. يقول ستيفن تانسي : (لقد وثقت بعض الدراسات الرائعة الاختلافات المهمة بين الدول والجماعات الاجتماعية طبقاً لتصوراتها ومستوى معرفتها بالسياسة. ومواقفها تجاه القوى السياسية والمؤسسات)(2). ثم قدم تانسي تحليلاً نموذجياً لمصادر المعلومات التي تستقى منها كثير من الشعوب ثقافتها، وتتفاوت في دورها في التنشئة مثل: الأفلام  الوالدين- التلفزيون- الكتب المدرسية- المجلات- الاتصال المباشر وغيرها، فإذا أضفنا وسائط الاتصال الحديثة المختلفة، يتشكل لدينا تصور جيد في كيفية صلتها بتأجيج النزاعات والصراعات(3)، أو ضبط التنشئة من جانب آخر. كل ذلك وصولاً لاستراتيجيات ذات مكون غير عشوائي في إدارة الصراعات وتجفيف منابعها وصولاً لتحويلها Conflict-transformation إلى تغيير اجتماعي وسياسي إيجابي.
ج/ ترشيد السياسات العامة:
    تعتبر السياسة العامة للدولة Public Policy من أهم العوامل المفتاحية لتحقيق الاستقرار السياسي، وقد أجتهد كثير من الباحثين في خدمة هذا الجانب لأهميته القصوى، حيث إن عملية صنع السياسات أصبحت تأخذ في الاعتبار نماذج علمية متطورة تهدف إلى تحقيق نتائج مثمرة لها في إطارها العام، مثل نموذج هوغوود وغان (4)Hogwood and Gun، والذي شمل عناصر القرار والبت في كيفية اتخاذها، إضافة لتعريف القضية والتنبوء وتحليل الخيارات المتاحة، مع تنفيذ السياسات والرصد والتحكم، وصولاً إلى صيانة السياسة أو تعاقبها أو إنمائها. فالتنفيذ المثالي للسياسات العامة في الدول من شأنه أن يخلق سلسلة متصلة من الجهود، لا تتأثر بتغير الحكومات أو الأنظمة أو الوزراء ومتخذي القرار، بقدر ما تتصل لتبلغ مرادها الإستراتيجي.
د/ الاستقرار السياسي
   فالاستقرار السياسي Political Stability يلي السياسات العامة في الدولة ويتصل معها بعلاقة طردية مباشرة، حيث إن رشد السياسات العامة وتوفيقها ينعكس بمردود إيجابي على الاستقرار السياسي واستدامته. والاستقرارالسياسي في جوهره ومضمونه ليس وليداً للقوة العسكرية والأمنية، بقدر ما هو وليد تدابير سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية تجعل من كل قوى المجتمع وفئاته عيناً ساهرة على الأمن(5). فالعديد من الدول تمتلك ترسانات عسكرية وأسلحة ضخمة وأجهزة أمنية متطورة، ولكن استقرارها السياسي هش وضعيف، وبالمقابل أخرى لا تمتلك ذلك لكن استقرارها السياسي صلب وقوي يمكنها من الحفاظ على قدر محترم من التماسك والثقة بين المجتمع والسلطة. وهنا تتضح الصورة أكثر في الارتباط الموضوعي بين الاستقرار السياسي ورشد السياسات العامة للدولة وتوجهاتها. وبالمقابل فإن كلاً من الجانبين يجسدان انعكاساً مباشراً للأخذ بمبادئ الحوكمة الرشيدة Good Governanceوما تقتضيه من أسس الشفافية Transparency والمحاسبية Accountability وحكم القانون Judge of law ، وعناصر الحوكمة الرشيدة المعروفة التي تقتضي وجود إستراتيجية واضحة، ونظام موثق، وثقافة مؤسسية مناسبة. فالثقة المتبادلة والرضى بين السلطة والمجتمع، إضافة إلى التصالح الاجتماعي كلها مطلوبات أساسية للاستقرار  السياسي خلال منظومة متكاملة الأداء. وغنى عن البيان أن هنالك عوامل أخرى عديدة مضرة بالاستقرار السياسي، ما لم يتم التقنين لها بصورة منهجية في إطار معالجة قضايا المواطنة والحقوق مثل الطائفية والعشائرية والمذهبية والأقليات(6). فالانتماء للأوطان و التوجه الوحدوي عامل استراتيجي مهم جداً لدعم الاستقرار والتعايش السلمي وبالتالي الإسهام في الحد من الهجرات غير الشرعية .
هـ / الإرادة السياسية :
       لا يمكن الحديث عن الأبعاد السياسية سواء في إطار الهجرة غير الشرعية أو غيرها من الظواهر، بمعزل عن التطرق للإرادة السياسية و أهميتها البالغة، والإرادة السياسية Political Will أو العزيمة السياسية PoliticalDetermination ،هي التجسيد البشري للتكليف الرباني العلوي الذي يمثل الإرادة العلوية أو المشيئة الإلهية الموحدة لأصل الخلق، والضامنة لوحدة الوجود البشري وتحقيقه لمراده الإعماري . ولئن كانت الإرادة العلوية أزلية ووحدانية، فإن الإرادة السياسية تعتبر تجميعية تركيبية في تكوينها وتشكيلها، موحدة في مؤداها وإخراجها لتدعم التماسك البنيوي في توجه الدولة وأداء الأنظمة السياسية. وما من شك أن نقص الإرادة السياسية أو ضعفها من أهم معوقات التنمية وأسباب فشل خططها. ولعل فهم مضامين الإرادة السياسية بوضوح يشمل عناصر أساسية في نظري أهمها:
أولاً: القدرات المستنبطة للفاعلين السياسيين، وتوظيفها لتحقيق أهداف المؤسسين.
ثانيا: ضرورة امتلاك رؤية أو تصور واضح لكيفية تغيير الواقع باختلاف الوقائع.
ثالثاً: عزيمة القادة على محاصرة الصعاب، لكن بإتقان لا تعجل واندفاع.
      كل ما سبق من شأنه أن يجعل من الإرادة السياسية عنصراً مبدعاً ومبتكراً و مبادراً في اتخاذ خطوات استباقيه، وليس لاحقه في التعامل مع الظواهر المحتملة قياساً على حالات شبيهة أو استفادة من حالات مغايرة شيئاً ما.
ولعلنا عند النظر من زاوية موضوعية Objective لا ذاتية، نجد أن للإرادة السياسية أربعة مستويات تتمثل في عوامل أساسية هي (7) :
-1     عوامل على مستوى فردي .
-2     عوامل على مستوى تنظيمي .
-3     عوامل تتصل بالعلاقات.
-4     عوامل تتعلق بالمجتمع.
وهنا لابد من تفكيك هذه المستويات لعواملها الأساسية ثم تركيب كل هذه العوامل في منظومة (الإرادة السياسية)، وبؤرة هذه العوامل مزيج من القيم الفردية والجماعية والشعور بالمسؤولية المشتركة والقدرة على ترتيب الأولويات والصبر على تحققها. فبناء الإرادة السياسية(8) في منتهاه يجسد فكرة الحكم التشاركي Participatory Governance وذلك لإرادة كل من: الموازنة العامة Public Budget، والإنفاق العام Public Expenditure والخدمات العامة Public services ، والبناء القاعدي العام Public Oversite .
     ولعل الأخذ بمزايا الإرادة السياسية في مجمله، يعاون في تجاوز ما أسماه فرانسيس فوكوياما (ثقب الإدارة العامة الأسود)(9)، ويوفر المضامين السياسية اللازمة لبناء القدرات المؤسساتية على بصيرة من الأمر، مما يسهم في إيجاد واقع يدعم الاستقرار ويحجم من الرغبة في الهجرات الجماعية للأوطان، أو الهجرات الفردية غير الشرعية ويقنن لاحتوائها.
و/ الإعلام الأمني :
    والإعلام بصورة عامة لا يخفى على أحد مدى تأثيره على حياتنا المعاصرة وقيادته لكثير من مظاهرها وتوجهاتها. فالإعلام هو (السلطة الرابعة) كما يحلو للكثيرين تسميته، وللإعلام تأثير مباشر على الحياة العامة للناس في كافة مجالاتها. والإعلام الأمني من المصطلحات الحديثة التي ذاعت وانتشرت وتبوأت مكانتها بين مختلف أساليب الإعلام النوعي، ويهدف للمحافظة على أمن الفرد والجماعة معاً، وأمن الأوطان ومكتسباتها. وقد تطور الإعلام الأمني في عصرنا تطوراً كبيراً ومشهوداً، وصارت له علاقات مباشرة بالأجهزة الأمنية لتحقيق مزيد من الفهم المشترك للمخاطر، والسيطرة على الأضرار الدعائية المختلفة وتوجيه عقول الناس نحو الصواب. فالخلخلة التي قد يحدثها الإعلام العادي بشأن الأرزاق، أو إبرازه لجوانب إيجابية وأحلام وردية للشباب تجاه الدول الأخرى، دون اعتبار لأي مخاطر أمنية جسيمة قد تحيط به إزاء هجراته أو تحركاته نحوها، كل ذلك ينبغي مقابلته بإعلام أمني مسئول يقود لإبراز الحقائق الغائبة والمهددات الأمنية التي تواجههم(10). ويستتبع الإعلام الأمني ما يعرف بالإعلام السياسي والاتصال السياسي، حيث لابد لوسائل الإعلام من لعب دور جوهري في تشكيل الوعي الشبابي والتكريس لمفاهيم المواطنة Citizen ship وتنمية الروح الوطنية، والتضحية من أجل الوطن وخدمته وتحمل الصعاب في سبيل ذلك والصبر في الوصول للغايات والآمال .
ز/ الفجوة التنموية واستدامة السلام :
     من المعلوم بالضرورة أن الارتباط سيظل وثيقاً بين الأبعاد السياسية داخلياً وخارجياً، وبين مسار التنمية في الدول من جانب، وكذلك استدامة السلام من جانب أخر، فالمتابع لحركة الاقتصاد العالمي يلحظ طيفاً واسعاً من المؤثرات السياسية عليه في كافة حقبه وتطوراته، وكذلك بناء نظرياته الحاكمة والمسيطرة، وبالرغم من أن كبريات دول العالم قد فطنت منذ تاريخ مبكر لهذه المسألة وما يرتبط بها من فجوات تنموية Development Gap وعملت خلال أجسام ومجالس مختلفة لدراستها(11)، لكنها في نظري لم تبد تجاوباً مسئولاً حتى يومنا هذا لتسهم في سد هذه الفجوات، وتصد عن نفسها وعن غيرها كذلك أثاراً خطيرة لها، أقلها ازدياد الهجرات غير الشرعية وما تتبعها من مخاطر أمنية وعالمية مدمرة.
     إن مجرد اعتماد برامج للمساعدات الغذائية وما شابهها في أحوال استثنائية في نظري، لا يجدى فتيلاً بقدر ما إننا مطالبين بعمق فكري تنموي استراتيجي يضع كثيرا من الدول في خانة تسمح لها بفعل إيجابي للحد من الفجوات غير الشرعية. كما إن الأوان قد آن داخلياً لتسخير الأبحاث التنموية المحترمة في رسم السياسات الحكومية(12)، فرصد الفقر وقضايا التجارة والمال وإدارة الموارد والثروات، إضافة للإصلاح الصحي والتعليمي والشبكات والتجديد، ومسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الخاصة بالتنمية كل هذا قضايا ينبغي أن تسخر فيها البحوث والدراسات الجادة لمعالجتها.
    إن العالم اليوم لم يعد محتاجاً لبناء السلام Peace Building فحسب، ولا لتحقيق صناعة السلام Peace Making فقط، بل لحفظ السلام Peace Keeping واستدامته تفادياً للأثمان الغالية الناتجة عن تزعزعه ناهيك عن غيابه.
س / نظرة متجددة للجغرافيا السياسية :
              كم تفاوتت الطروحات حول قضايا الجغرافيا السياسية Geo-politics، وتعددت النظرات في حقب زمانية مختلفة ، تحليلاً لأنماط الحدود السياسية للدول وأسسها الطبيعية والبشريةوما من شك أن العقود الأخيرة من قرننا شهدت خلالها خارطة العالم تغيرات جذرية غير متوقعة ، جالت فيها تلك الطروحات ما ين سيطرة الدول القومية، و انهيارها ، وسيادة تيار ما يعرف بالعولمة Globalization في محاولة للإشارة إلى تناقص الدور الذي تلعبه الحدود السياسية للدول وتآكل مفهوم السيادة Sovereignty الذي ساد العلاقات الدولية لعدة قرون (14). خلال كل ذلك شهدت الجغرافيا البشرية والسياسية كواحدة من أفرعها إضافة إلى الجغرافيا الاقتصادية وجغرافيا السكان ، تطوراً واسعاً في مفهومها. فقد تطور منهج  الجغرافيا السياسية الحديث على يد فريدريك راتزل (1844- 1904م) (15)، مشتملاً على طيف واسع من المجالات التي تحكم الدولة في حركتها الحيوية خلال مبادئ راسخة من أهمها نظرته للحدود السياسية باعتبارها كائناً حياً مغلفاً للدولة يعكس نموها وقوتها ويضمن لها الأمن والحماية فالحافز الإقليمي للنمو والتوسع يأتي للدولة البدائية من الخارج في نظرته ومن حضارة أعلى منها، لأن الدول ذات المدنية الأعلى تنزع للتوسع على حساب الدول الأدنى وهنا في نظري مكمن النقاش وإعادة النظر المتجدد لمثل هذه القضايا في إطار دور حضاري للجغرافيا السياسيةفالصلة بين الموارد الاقتصادية والتركيب السياسي والبشري ، وموارد المعادن والغذاء والوقود، وتحريك كل ذلك خلال دراسة متعمقة حديثة للجغرافيا السياسية للدول من شأنها الإسهام في الحد من الهجرات غير الشرعية وإحداث تغييرات بيئية جغرافية سياسية معتبرة نحو الأفضل. كل ما سبق لابد من تكييفه في نموذج معرفي واقعي جديد لدراسة العلاقات الدولية (15)، وإعادة توظيفها لتكييف كل من المعايير الأخلاقية Ethical Standards والمصالح القومية National Interests ، وتوازن القوى Balance of Power وغيرها من القضايا الحيوية ذات الصلة.
عأدوار مسئولة لمنظمات المجتمع المدني:
              تعتبر منظمات المجتمع المدني  NGOs من أهم الأطر المعاصرة في النظر إلى تقدم المجتمعات الإنسانية واضطلاعها بأدوارها فإن كان البعد الرسمي أو غير التطوعي هو الغالب في تكييف المصالح وتمثيلها ، فإن البعد التطوعي أصبح يشمل طيفاً عريضاً من الأنشطة الضرورية والمتنوعة التي ينخرط فيها المجتمع المدني لتقديم الخدمات ، أو التأثير على السياسات العامة وإسنادها فالنوادي الاجتماعية والرياضية ، وجمعيات رجال الأعمال، وجماعات حقوق الإنسان ، واتحادات العمال والطلاب والمهنيين وغيرها أصبحت مدارات لأعمال كبيرة، من شأنها أن تقدم الكثير في كافة المجالات (16) . يشمل ما ذكر جهوداً مقدرة في مراحل الحروب والنزاعات ، أو في مراحل السلام وترسيخه ، حيث تشمل هذه المنظمات حرية تأسيس شركات ومؤسسات أهلية للتجارة أو الإنتاج الصناعي وغيرهوبتزايد الشركات المساهمة التي ينشئها الأهالي ، تزداد بكل تأكيد فرص العمل ويقل العبء على الدولة لتوفير عمل لكل مواطن ويتيح للحكومات الاهتمام بالتعليم الأساسي والجامعي والتأهيل الجيد للشباب حتى يتسنى له المشاركة الفعالة في الإنتاج ، وبالتالي تتقلص  دواعي الهجرة غير الشرعية وغيرهاوقد عرف الغرب في كثير من دوله أسس العمل الطوعي وفق توجهات عصرية ، رغم سبق دولنا العربية والإسلامية في هذه المبادئفقد وظفت الدول الغربية على اختلافها منظمات المجتمع المدني توظيفاً مدروساً لسد ثغرات الأداء الحكومي، وارتياد مجالات واسعة التأثير على المجتمعات وتنميتها بما يسهم في تأمين البطالة ، أو إعانتها وفق القوانين وتوفير فرص ومفاتيح جديدة للعمل والتوظيف.
وتصاحب  منظمات المجتمع المدني ما أصبحت تعرف بالمسؤولية الاجتماعية والتي انتقلت من المسؤولية الاجتماعية الرسمية إلى المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR)  Corporate Social Responsibility، وبغض النظر  عن الاختلافات حول تكييف هذه المسؤولية وجدواها الاقتصادية، إلا أن خبراء عاملين كثر أصبحوا ينادون بضرورة التكريس العلمي للمسؤولية الاجتماعية لآثارها الموجبة التي لا يمكن إغفالها (18). وللمسئولية الاجتماعية عناصر ذات أبعاد سياسية تربوية واضحة أهمهاالاهتمام Concern، والفهم  Understand   ، والمشاركة participation   ، حيث لابد من صياغتها في تصور استراتيجي يسهم بدوره  في تحقيق مقاصد إنسانية تطبيقية فعالة في الحد من كثير من الظواهر السالبة ، لا يستثنى من ذلك المنظمات المحلية  أو الإقليمية أو الدولية.
ثانياعناصر التصور الاستراتيجي (تفكيك وتركيب):
لعل المتابع للرؤى المصاحبة للأبعاد السياسية وصلتها المباشرة بقضية الهجرة غير الشرعية ، يلحظ شمولها طيفاً عريضاً من المجالات التي تتطلب تفكيكاً  دقيقاً لعناصرها الرئيسية تسهيلاً لفهم التعامل معها بمنظور شمولي  استراتيجي، ومن ثم إعادة تركيب هذه العناصر في تسلسل  موضوعي أو ترتيب تطبيقي عملي، لبناء التصور أو تحديد المسؤوليات  التنفيذية في كل بعد من الأبعاد.
ولكي تتسنى قراءة هذا التصور بيسر فقد استحسنت تقسيم هذه الرؤى للأبعاد  السياسية خلال محورين رئيسيينالبعد السياسي الداخلي والبعد السياسي الخارجي، وقد تتكرر العناصر الموضوعية عند تفكيكها أحيانا لتشمل المحورين ، لكنها تعالج أو يعاد تركيبها بصورة مغايرة في كل محور حسب طبيعته وتركيبههنا غني عن البيان أنه بالرغم  من الارتباط الوثيق بين كل من السياسة الداخلية للدولة والسياسة الخارجية، إلا أن مداراتهما الإستراتيجية  تحتاج لأساليب مختلفة في التعامل معها كما إن حركة تأثيرهما المتبادلة قد تكون من الداخل إلى الخارج أحياناَ، كما قد تكون العكس في أحايين أخرى وفي ما يلي أهم العناصر الموضوعية ، وبعض مؤشراتها الإستراتيجية القياسية في كل من المحورين:  
1-    البعد السياسي الداخلي في الحد من الهجرات غير الشرعية:
                
     


العنصر الاستراتيجي
مؤشرات القياس
1
المعلومات والبيانات
-         توافر قاعدة بيانات حول الهجرة
-         تحديث المعلومات دوريا
-         التحليل الدوري
-         مستويات تبادل المعلومات
-         الربط الشبكي
2
الدراسات والبحوث
-         شمولها لقضايا الهجرة
-         الأخذ بها في سياسات الحكومة
-         تقييم نتائجها وآثارها
-         تحليل عوامل الطرد والجذب 
3
إدارة الموارد الاقتصادية
-         تصنيف المصادر واستغلالها
-         تخصيص الموارد بعدالة وتحويلها
-         مدى الاستفادة القصوى من الموارد النادرة.
-         مستوى دخل الأفراد متطورة.

4
الشبكات والتكنولوجيا
-         القدرات والمحتوى .
-         التجديد والمواكبة.
-         الربط الشبكي والمجال.
-         توطين التكنولوجيا.
-         معدل الأمية التقنية .
5
التنمية البشرية
-         مستوى التعليم وتوعيته.
-         توظيف العقول .
-         مكافحة البطالة .
-         مكافحة الفساد .
-         تعزيز النزاهة .
6
السياسات العامة
-         البناء الاستراتيجي
-         وحدة الإرادة السياسية
-         الاستقرار السياسي
-         تطور العلاقات
-         التماسك والتأييد المجتمعي
-         الحكم التشاركي

7
المسؤولية الاجتماعية
-         إحصاء الفقر ونسبته
-         دور المؤسسات الحكومية
-         دور الشركات والمصانع
-         مشاركة الأسر
-         دور الإعلام
-         ارتباطها بأهداف إستراتيجية
8
الإعلام الأمني
-         تعزيز المواطنة
-         شمول المحتوى
-         التنسيق بين الأجهزة الأمنية
-         دالة الهجرة
9
الاستقرار السياسي
-         دالة النزاعات والحروب
-         سلاسة انتقال السلطة
-         توافر ونمو فرص العمل
-         الهجرة من الريف للحضر
-         معدل نمو الدخل القومي

ب/ البعد السياسي الخارجي (إقليمياً وعالمياً) في الحد من الهجرات غير الشرعية:

العنصر الاستراتيجي
مؤشرات القياس
1
سياسات الهجرة واللجوء
-         مدى كفاية ومراجعة التشريعات
-         توحيد السياسات الرئيسية
-         المرونة والجمود
-         مواقف الأحزاب والجماعات
-         تطوير وسائل التعداد

2
الفجوات التنموية
-         مؤشرات الفقر العالمي
-         توزيع الموارد إقليمياً ودولياً
-         الموازين التجارية الدولية
-         مؤشرات الحراك السكني
-         سياسات التنمية والدعم الدولي
3
عوامل الطرد والجذب
-         أسواق العمل الدولية
-         قوانين الهجرة ودورها
-         مستوى الأجور والحوافز
-         الاندماج والرفض
-         فرص التوظيف المحلي  
4
المسؤولية الاجتماعية دولياً
-         مكافحة الفقر الدولي
-         دور الشركات عابرة القارات
-         الإعلام الدولي وأثره
-         المنظمات الطوعية والخيرية
-         تفادي العقاب الجماعي
5
النزاعات والحروب
-         تسوية النزاعات والحروب
-         نزع الأسلحة الفتاكة
-         تسريح القوات وإعادة الدمج
-         تأمين مسارات ومناطق آمنة
-         نشر ثقافة السلم والأمن
-         عزل آثار التدخلات الخارجية
6
الجانب الأمني السياسي
-         اتفاقيات التعاون
-         تحييد المواقفف السياسية ومؤثراتها على الهجر
-         تخصيص قوات مشتركة
-         مراقبة الحدود المعنية
-         الشراكات الأمنية
-         شبكات المعلومات المتخصصة
-         بناء استراتيجيات أمنية للهجرة
-         إدارة الأزمات والكوارث

*ملحوظة :
قمت باستخراج العناصر أعلاه خلال تتبعي لتفكيك العوامل الأساسية التي طرحتها لدور الأبعاد السياسية في الحد من ظاهرة الهجرات غير الشرعية. وتجسد هذه العناصر اتجاه التصور الاستراتيجي في محتواه (الموضوعي) مصحوباً بنماذج للمؤشرات الإستراتيجية كما هو موضح أمام كل عنصر، بقصد أن يسهم ذلك في وضع (خطط إستراتيجية) تنفيذية تفصيلية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية للدول أو المنظمات ذات الاختصاص . وبكل تأكيد فإن هذه الخطط من شأنها تحديد الجهات المسئولة عن التنفيذ، إضافة إلى الفرص المتاحة والتحديات المماثلة أو المتوقعة وأساليب القياس والتقويم إلى غير ذلك من أبعاد التخطيط الاستراتيجي المعروفة .
خاتمة :
  إن ظاهرة الهجرة غير الشرعية دون شك أصبحت من الهواجس الإنسانية الخطيرة التي تهدد جميع المجتمعات البشرية والدول، سواء تلك الطاردة أو الجاذبة، المتقدمة أو النامية أو المتخلفة جميعاً. واستتبعت الظاهرة مؤخراً معها ظواهر مصاحبة غاية في الخطورة والتأثير واسع المدى، مثل ارتباطها بالإرهاب  الشغب والقلاقل- الاتجار بالبشر وغيرها. وبكل تأكيد فإن معالجة الظاهرة الأساسية أو الظواهر التابعة لا يمكن أن تتم بمعزل عن منهج تكامليIntegrated Method يشمل كافة الأبعاد وأساليب الحلول الفعالة، حيث لم تعد الوسائل الأمنية أو القانونية في معالجة هذه الظواهر كافية لوحدها، إذ تلزمها أبعاد سياسية و اقتصادية واجتماعية إنسانية شاملة تتآزر جميعاً لتقود إلى المنشود. ولئن أسهمت هذه الورقة في دراسة الحد من هذه الظاهرة فإنما هو بتوفيق من الله وفضله، وإن كان من قصور فهو أمر حتمي يصاحب الاجتهاد الفردي القاصر، فلكم العتبى، ولي أجر المحاولة.
                                                               وبالله التوفيق وهو المستعان،،،   
الإحالات المرجعية
1     أنظر: المنظمة العربية لمكافحة الفساد، المشاريع الدولية لمكافحة الفساد والدعوة للإصلاح السياسي والاقتصادي في الاقطار العربية، بيروت لبنان ، 2006م.
2     تانسي: ستيفن دي ، علم السياسة الأسس ، بيروت لبنان، الشبكة العربية للأبحاث، ط3 2012م ، ص 186.
3     شيلنج، توماس، إستراتيجية الصراع ، الدوحة ، قطر ، مركز الجزيرة للدراسات، 2010م ص 189 وما بعدها .
4     تانسي، ستيفن دي ، مرجع سابق ، ص 356.
5     محفوظ، محمد ، في معنى الاستقرار السياسي ، صحيفة الرياض ، العدد 13819، الثلاثاء 27 ربيع الأول 1427هـ.
6     غليون، برهان ، المسألة الطائفية ومشكلة الأقليات، بيروت ، لبنان، دار الطليعة للطباعة والنشر، 1979م، ص 79.
7     راجع: 
Malena, Carmen, From Political  Wont to Political Will, building support for participatory govermance, Kumarian press, p267-291
8-     Woocher,L 2001-Deconstructig political will: Explaining the failure to prervent deadly conflict and mass atrocities. Princenton Journal of public and international affairs 12:10
9-     فوكوياما ، فرانسيس بناء الدولة : النظام العالمي ومشكلة الحكم والإدارة في القرن الحادي والعشرين ، الرياض، المملكة العربية السعودية، مكتبة العبيكان، 2007م، ص99 وبعدها ترجمة مجاب الإمام .
10-راجع فعاليات ندوة: الدور الوقائي للإعلام الأمني، مركز الدراسات والبحوث، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية ، أكتوبر 2014م.
11-أنظر على سبيل المثال: Hunter, Robert E. and Other . The United States and the Developing World. Agenda For Action.1975. Overseas development Council.
12-راجع : كاردن، فريد، تسخير الأبحاث التنموية في رسم السياسات الحكومية، كندا: مركز البحوث للتنمية الدولية ، نشر الدار العربية للعلوم ، لبنان، 2012م، ص 89وبعدها.
13-راجع: Evans, G and Newnham,J. 1989-1992 The penguin Dictionary of International RelationsEngland : clays ltd. St leves plc, p425.
14-أبو عيانة، فتحي محمد ، الجغرافيا السياسية، الإسكندرية : دار المعرفة الجامعية، 2011م ، ص 7.
15-فرح، أنور محمد، النموذج المعرفي الواقعي لدراسة العلاقات الدولية ، عمان: الأردن، المركز العلمي للدراسات السياسية، 2008م ، ص 24 وما بعدها.
16-راجع: النعمان، أمير عبد الله ، دور منظمات المجتمع المدني في مرحلة السلام، بيروت: لبنان، دار الفكر 2005م .
17-راجع: موقع شبكة المسؤولية الاجتماعية على الرابط الالكتروني: Htpp:\\ar,Wikipedia.org\w\index.php.oldid=14263767
18-راجع: الموقع الرسمي للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين على الرابط الالكتروني: Htpp:\\ww.unchr.org\cgi.bin\texis\vtx\home  

حمله          من هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا