التسميات

الخميس، 26 يوليو 2018

جغرافية التنمية مفاهيم نظرية وأبعاد مكانية - أ.د. أحمد محمد عبد العال ...


جغرافية التنمية: مفاهيم نظرية وأبعاد مكانية 

أ.د. أحمد محمد عبد العال

أستاذ الجغرافيا ـ كلية الآداب ـ جامعة الفيوم

فكـرة البحـث:

   تهدف هذه الورقة البحثية إلى إلقاء الضوء على العلاقة بين علم الجغرافيا من ناحية وعملية التنمية من ناحية أخرى، وذلك من أجل إبراز أهمية هذا العلم ودوره الحيويّ في دراسة التنمية، وذلك في محاولة للوصول إلى تعريف محدد لما يعرف بـ "جغرافية التنمية Geography of Development وذلك عن طريق: توضيح مفهوم التنمية وإلقاء الضوء على أبعادها المكانية ومقاييسها من ناحية، وعلى أهمية الاعتماد على علم الجغرافيا في دراستها دراسة شاملة وإدراكها إدراكاً كلياً من ناحية أخرى.
منهجية البحث:

  وفي سبيل تحقيق فكرة البحث تضمنت هذه الورقة ثلاثة موضوعات هي:

1. مفهوم التنمية ومقاييسها.

2. العلاقة بين كل من: التنمية والتخطيط والجغرافيا. 

3. مفهوم جغرافية التنمية وأبعادها المكانية.

    وقد تضمن الموضوع الأول: دراسة لمفهوم التنمية ومقاييسها، ومظاهر قصور هذا المفهوم رغم شموليته الواضحة، والعلاقة بينه وبين مفهوم النمو growth. أما الموضوع الثاني فقد تناول العلاقة بين الجغرافيا والتخطيط، وبين التنمية والتخطيط، ثم العلاقة بين الجغرافيا والمشكلات الإقليمية، ودور الجغرافيا في حل هذه المشكلات، بتطبيق سياسات التنمية الإقليمية Regional Development Policies، في حين عالج الموضوع الثالث العلاقة بين الجغرافيا والتنمية، وأهمية هذا العلم كمعدّلٍ لمظاهر اللامساواة المكانية Spatial Inequality، والتفاعل المكاني Spatial Interaction وما يؤدي إليه من أنماط مكانية. 

   والهدف النهائي لكل ما سبق هو محاولة الاقتراب من المفهوم الجغرافي للتنمية، وهـو المفهـوم الذي يوصلنا إلى "جغرافية التنمية"، كل هذا في ظل صعوبة النظر إلى التنمية على أنها موضوع جغرافي بحت أو مقصور على علم الجغرافيا وحده دون غيره من العلوم، ومع ذلك فنظراً لأن سطح الأرض وما عليه من ظاهرات مختلفة "مكانياً "هو ميدان علم الجغرافيا ومجال دراسته، ولأن "التغير هـو الـشيء الثابت الوحيد على سطح الأرض سواء أكان تغيراً مكانياً يطرأ على الحيز الجغرافي الذي يحتوي الظاهرة الجغرافية أو تغيراً مادياً يلم بعناصر هذه الظاهرة، فإن لعلم الجغرافيا دوره المهم في عملية التنمية٠ 

مفهوم التنمية:

   كل إنسان يريد التنمية، ولكن ماذا يعني هذا المصطلح الذي استخدم بطريقة فضفاضة ليـصف أوضاعاً معينة لمجتمعات خاصة ويفسر عمليات التغير التي مرت بها هذه المجتمعات، ثم استخدم للإشارة إلى "مزيج" من الخصائص والمميزات المتعلقة بكل من: النمو الاقتصادي Economic Growth أو الرفاه الاجتماعي social welfare، أو التحديث٠ Modernization. 


عن: أسماء عبد العاطى محمد ـ محاور الحركة الرئيسية وتأثيرها على التنمية ـ ٢٠٠٤ . شكل رقم (١ تطور مفهوم التنمية) 

   ويوجد اتفاق عام على عدم وجود اتفاق تام ـ حتى الآن ـ بين مختلف الباحثين على مفهـوم واحد للتنمية، ومن ثم فلا يوجد تعريف واحد جامع مانع لهذه العملية، الـذي بـدأت اقتـصادية فاجتماعية، وانتهت بأن أصبحت عملية كلية شاملة، ولذلك تتفاوت مقاييس التنمية من مجال بحـث علمي إلى مجال آخر ، بحيث أصبحت هذه التنمية تعرّف ـ في ضوء تعدد مفاهيمها ـ من المقـاييس الدالة عليها أكثر من تعريفها بواسطة تعريفاتها، ويمكن القول أن التنمية هي "نتاج كل ما يخطط لـه ويتم متابعة تنفيذه بطريقة علمية علي مستوي الفرد والمجتمع والبيئة من مشروعات اقتصادية وخدمات اجتماعية تؤدي بالفرد ومجتمعه إلى حال أفضل وظروف معيشية أحسن"٠ 

   ولقد شهدت التنمية خلال النصف الثاني من القرن العشرين تحولا في مفهومها وشمولها وأهدافها سواء أكان ذلك فيما يتعلق بحالتها Status أو مداها الزمني ـ مرحلية أو متواصلة ، بعـد أن أزاح مفهوم التنمية الاقتصادية مفاهيم النمو الاقتصادي ليفسح لنفسه المجال النظري والتطبيقي الخاص بالتنمية ثم يتنازل عن مكانته لمفهومي: التنمية الاجتماعية ثم التنمية الشاملة، كما تحول هدف التنمية من مجرد تعظيم نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي إلى تحقيق الحاجات الأساسية للسكان ورفع مـستويات معيشتهم وتقليص الفقر والحد من سوء توزيع الدخل الفردي ونشر الرفاه وحسن توزيع نتـائج هـذه التنمية على مناطق الدولة المختلفة٠ 

مقاييس التنمية:

   تتنوع مقاييس التنمية ما بين اقتصادية واجتماعية، ومادية ولامادية، وكميّـة ونوعيّـة، ولا عجب في هذا، فقلما تتفق العلوم الإنسانية على مواقف فكرية موحدة خاصة وأن الإنسان ـ محـور اهتمام هذه العلوم ـ متغير بدوره زمانياً ومكانياً، وهذا التغير الإنساني ـ بدوره ـ يتفاوت زمانيـاً ومكانياً هو الآخر، ومن ثم تتفاوت التنمية بشدة من حيث: مفهومها وأهميتها ودرجة الحاجـة إليهـا لدى سكان ناطحات السحاب في مدينة نيويورك مثلا من ناحية، وسكان المناطق الـتي تعـاني مـن الجفاف والتصحر في غرب أفريقيا، أو سكان مناطق الفقر الريفية في الهند من ناحية أخرى، كـذلك تتعدد معايير قياس التنمية بتعدد خصائص التنمية ومقوماتها ومعوقاتها من دولة إلى أخرى، بمثل ما قـد تتعدد في الدولة الواحدة على حسب درجة التنمية المتطلبة من ناحية.

  وفيما يتعلق بمقاييس التنمية توجد أربع قضايا أساسية لوضع مؤشر للتنمية هي اختيـار المـتغيرات وتقدير أهمية هذه المتغيرات ووسيلة إيجاد مؤشر مركب وفائدة هذا المؤشر وجدوى استخدامه٠ وقـد أوجدت هذه القضايا واحداً من المقاييس ـ المتعددة الأبعاد ـ الباكرة للتنمية الاقتصادية وهو التحليل العاملي الذي وضعه "بري .Berry , B" مكوناً من ٤٣ متغيراً ـ اقتصادي واجتماعي وسياسي.

    وقد قدّر "بري" أهمية هذه العوامل باستخدام قيم العامل Factor score ثم استخدم مجموع نقـاط العامل لإيجاد مؤشرات مركبة، ولقد أدى هذا إلى إيجاد أربعة أبعاد للتنمية هي: البعد التقني والبعـد الديموجرافي والبعد الخاص بعلاقات الدخل والعلاقات الخارجية والبعد الخاص بالدول الكبرى والـدول الصغرى، ولقد رتبت الدول على أساس هذا المقياس ورسمت لها خرائط بناء على ذلك، ولكن العديد من متغيرات "بري" كان مطولاً أو مكرراً، ولذلك فإن المؤشرات الناتجة كانت معممة بدرجة كـبيرة ومن الصعب تفسيرها٠

  وفي السنوات التالية اقترح الباحثون من مختلف النظم العلمية مؤشرات متنوعة للتنمية، وذلك في محاولة لإيجاد مقياس ذا معنى منهم: معهد بحوث الأمم المتحـدة U.N Research Institute ،١٩٨٢ Ram رام ، ١٩٨١Cole كول ١٩٧٩ Morris موريس ،١٩٧٨ Eyre إير ،١٩٧٢ ولجنة أزمة السكان Population Crisis Committee١٩٨٧ ، وقد اتفقوا كلهم علـى أن متغير الناتج القومي لكل شخص هو متغير مناسب وكاف للاستخدام، ولكنه يهمل بشدة العديد من جوانب التنمية المهمة ولقد حاول كل باحث إيجاد مؤشر جديد يعكس آراء أوسع أو أعمق لمـشكلة التنمية، ولكن لسوء الحظ، فبينما كان لكل مقياس منظورات التي يتفرد بها، فإن أياً منـها لم يكـن مقياساً شاملاً، حيث ترك العديد من الموضوعات المهمة بدون حل٠

   ولقد نشر كل من " دي سوزا و بورتر De Suza , A. & Porter , P. W.١٩٧٤ " دراسة جلية عن التخلف والتحديث نقبت بدرجة أعمق عن الأسباب الكامنة وراء ظاهرة التخلـف ، ومن هذه الأسباب سببان ـ أحدهما ضمني والآخر جلي ـ يعتبران من الأسباب الحاسمة لفهم مشكلة التنمية، الأول هو أنه بسبب عدم وجود "مجتمع كامل Perfect" في العالم فإن كل الدول يمكن أن تعتبر "نامية" ومن ثم فإن أي مقياس لحالة التنمية يمكن اعتباره كمكان أو كنقطة على طـول متـصل "المتقدم ـ الأقل تقدماً Developed – Less Developed Continuum " أما السبب الثاني فهو أن متصل التنمية يجب أن يحدد على أساس الحاجات البشرية فالتنمية في النهاية هي هـدف ووظيفة الرفاه البشرى، ولقد وضع كل من "دي سوزا و بورتر" قائمة بتسع من الحاجات الإنـسانية الأساسية تراوحت بين الغذاء الكافي والمساواة السياسية والاجتماعية، وتتوازى مقابلـة الاحتياجـات البشرية كهدف للتنمية والتحديث مع المفاهيم المعبر عنها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان٠

 دليل التنمية البشرية:

    يعتبر مفهوم التنمية البشريّة أرحب مجالاً من نظريات التنمية الاقتصادية التقليديّة ، فكـثيراً مـا يضيع الهدف من التنمية في زَخم الانشغال بالمفاهيم الاقتصاديّة للنمو و التضخّم وغيرها من الموضوعات الاقتصاديّة٠ولما كانت نماذج النمو الاقتصادي تتناول زيادة الناتج القوميّ أكثر مما تتناول تحسين حيـاة البشر ، فقد ظهرت ضرورة البحث عن بديل لمتوسط نصيب الفرد من الناتج القوميّ كمقياس لدرجة التقدم ومتابعته لأنه " ليس بمتوسط الدخل وحده تقاس التنمية

  ولقد تزايد استخدام "دليل التنمية البشريّة" كمؤشّر مُركّب لقياس مـدى تلبيـة الاحتياجـات الأساسيّة للفرد والمجتمع، ولتحديد مراتب الدول وكذلك أقاليمها من حيث درجة التنمية، ويتكون هذا الدليل من ثلاثة مكونات هي الصحة والتعليم والدخل، ويقاس التقدم في هذه المكونات بالمؤشّرات التالية: توقّع الحياة عند الميلاد ، مُعدّل القراءة والكتابة بين البالغين، المُعدّل المُركّب لنسب القيـد في مراحل التعليم، ومتوسط نصيب الفرد من الناتج المحليّ الإجماليّ.

   ورغم الإدراك العام بأن دليل التنمية البشريّة يلخص وضع هذه التنمية في الدولة ـ ومـن ثم في أقاليمها إذا ما طبّق على مستوى هذه الأقاليم ـ إلا أنه لا يعتبر مقياساً شاملاً لكل جوانـب الرفـاه البشرى، لأنه دليل محدود في حاجة إلى توسيع مجالاته، وينبغى تعزيزه بمؤشّرات مهمة في دلالتها على حالة التنمية البشريّة، حتى يمكن باستخدامه تقديم صورة كاملة لما تم إنجازه في مجال هذه التنمية٠

  وغالباً ما يوصف دليل التنمية البشريّة ـ بطريقة خاطئة ـ بأنه مقياس لمستوى المعيشة أو لنوعيّة الحياة، بينما هو مجرد مؤشّر مشتق من مصادر عدة يهدف إلى قياس ورصد مستوى التنمية البشريّة عند نقطة معينة من الزمن ويستخدم لهذا القياس مؤشّرات هدفها قياس النتائج وليس تحقيقها، ومن ثم فهو محكوم بالاعتبارات الخاصة بالبيانات المُعتَمد عليها في وضع مؤشّراته٠

  ومن أوجه ضعف هذا الدليل كذلك أنه بعد تحديد مؤشّراته فإنه قد جمعها جمعاً بسيطاً للوصول إلى مؤشّرٍ كلىّ يفيد في عملية ترتيب الدول أو أقاليمها في هذا الصدد ، وليس هناك من منطق مقبـول يسمح بإضافة توقّع الحياة إلى معرفة القراءة والكتابة بين البالغين، فالتفاوتات الإقليميّة في حالة التنميـة تُفسر أساساً بالاختلافات في متوسط نصيب الفرد من الدخل القوميّ، وفى مس توى التحصيل العلميّ، في حين أن اختلافات توقّع الحياة أقل في تأثيرها على هذه التفاوتات٠

   لذلك لم يوجد اتفاق عام على دليل التنمية البشريّة يناظر في الإجماع عليه الاتفاق "مثلا" علـى مقياس الناتج المحليّ الإجماليّ ، وبما أنه يكاد يكون من المستحيل الاتفاق على أوزان ترجيح للمؤشّرات المكونة لدليل التنمية البشريّة فإن حساب المتوسط البسيط لها هو أفضل اختيار٠

  ونظرا لأنه " ليس بمتوسط الدخل وحده تقاس التنمية" ، ولتنوّع مقاييس هذه التنمية وتفاوهتا من حيث مفهومها وأهميتها ودرجة الحاجة إليها من مجتمع إلى آخر ، ولأن لكل مقياس من مقاييس التنمية منظورا ته التي يتفرّد هبا ، ولأن مؤشّر دليل التنمية المعتمد من قبل هيئة الأمم المتحدة لا يعتبر مقياسـا شاملا لكل جوانب الرفاه البشرى نظراً لمحدوديته ووجوب توسيع مجالاتـه وتعزيزه بمؤشّرات أخـرى مهمة في دلالتها على حالة التنمية البشريّة ، فإن لكل باحث الحرية في اختيار الوسيلة التي يراها مناسبة لقياس حالة التنمية٠

مقياس مقترح لدراسة مستوي التنمية في مصر:

   ويتمثل الهدف الأساسيّ من هذا المقياس المقترح في إلقاء الضوء علي الحالة الراهنة لمستوي التنمية في مصر على مستوى المحافظات، وذلك عن طريق إظهار التفاوتات المكانيّة الإقليميّـة Regional Spatial Disparities في المُتغيّرات الدالة على هذه التنمية، والتي بلغ عددها عشرة متغيرات هي نصيب الفرد من الناتج المحليّ الإجماليّ٠

١. قوّة العمل ( ٦ سنوات فأكثر ) %.

٢. قوّة العمل ( ١٢ـ٦٤ ) في الصناعة %٠

٣. معدّل البطالة %٠

٤. عدد الأطبّاء لكل ١٠٠٠٠ من السكان٠

٥. معدّل وفيات الأطفال الرضّع لكل ١٠٠٠ مولود حي٠

٦. المساكن المضاءة بالكهرباء عام ١٩٨٦.

٧. السكان الحاصلون على مياه من شبكة عامة٠

٨. معدّل القراءة والكتابة للبالغين٠

٩. عدد أجهزة التلفاز لكل ١٠٠٠ من السكان٠

  وتنقسم هذه المؤشّرات إلى مؤشّرات اقتصادية، وهي المؤشّرات من الأوّل إلى الرابع ومؤشّرات اجتماعية، وهي المؤشّرات من الخامس إلى العاشر، وذلك بهدف محاولة الوصول إلى تحديد أدق لمدى التنمية أو وضعها في كل محافظة، لمعرفة أيّ من هذه المحافظات التي يعرف التنمية الحقيقية، وأيها الذي يشهد تنمية ظاهرية Development ـ Pseudo تعكسها الأرقام والنسب والمعدّلات فقـط، والتي ربّما يكتفي بها لتقييم التنمية الإقليميّة في مصـر، وهو التقييم الذي يجـب أن يعتمـد علـى التحليلات المتعمقة والدراسة المتأنّية المثابرة، بهدف إعطاء صورة صحيحة ـ بقدر الإمكان ـ لوضع التنمية في مصر، تكون خطوة في سبيل تحقيق الرفاه البشرى للمجتمع المصري مع بداية القرن الحادي والعشرين٠

    وفي سبيل الوصول إلى هذه المؤشرات تم تقسيم محافظات مصر تقسيماً رباعيـاً فيمـا يتعلـق بمتغيّرات التنمية العشرة، حيث قَسّم "متوسط مصر" محافظاتها من حيث كل متغيّر إلى قسمين أحدهما أعلى من هذا المتوسط والآخر أقل منه، ثم تقسيمها تقسيماً ثلاثياً إلى ثلاث مراتب تنموية، نتج عنها ثلاث فئات تنموية لكل منها رقم أو درجة تنحصر بين (١) و (٣)، ومن ثم توزّعت هذه المحافظـات على ثلاث مجموعات من حيث مراتب تنمية كل مؤشّر هي :

١. مجموعة المحافظات ذات المرتبة الأولـى، ودرجتهـا (١).

٢. مجموعة المحافظات ذات المرتبة الثانـية، ودرجتهــا (٢).

٣. مجموعة المحافظات ذات المرتبـة الثالـثة، ودرجتـها (٣).

    مع ملاحظة أن هذا الأمر لا ينطبق على معدليّ البطالة ووفيات الأطفال الرضّـع لكـل ١٠٠٠ مولود حيّ، وذلك لأن الوضع بالنسبة لكل منهما سيكون معكوساً، وذلك كما يلي:

١. مجموعة المحافظات ذات المرتبة الأولـى، ودرجتـها (٣).

٢. مجموعة المحافظات ذات المرتبة الثانـية، ودرجتـهـا (٢).

٣.مجموعة المحافظات ذات المرتبـة الثالـثة، ودرجتـها (١).

   وذلك لكونهما متغيّرين سلبيين، بعكس بقية المؤشّرات الثمانية الأخرى الموجبة .

   وقد تألف المقياس العام المقترح لقياس مستويات التنمية في المحافظات المصرية من ثلاثة مؤشّرات فرعيّة هي مؤشّر درجة التنمية و مؤشّر مرتبة التنمية و مؤشّر حالة التنمية، وقـد تم الوصـول إلى مؤشّر درجة التنمية I.D.D)) Index of Development Degree)) عن طريق ترتيـب الوحدات المكانية المطلوب قياس درجة التنمية الخاصة بها، ثم إعطاء كل وحدة منها الدرجة الخاصـة بترتيبها فى كل متغير من متغيرات التنمية المختارة للدراسة، وقد تم إعطاء محافظـات مـصر درجـة (تتراوح بين ١ و ٢٦) لكل محافظة في كل متغيّر من المتغيّرات العشرة المختارة لقياس مستويات التنمية، وقد تراوحت هذه الدرجة بين ١ و ٢٦ لتدل على موقع المحافظة بين محافظات مصر (وعـددها ٢٦ محافظة) فيما يتعلق بهذا المتغيّر، ومن ثم تصبح درجة المحافظة في كل متغيّر منحصرة بين المركـز الأول والمركز السادس والعشرين أو الأخير٠

  وبافتراض أن محافظة ما قد شغلت المركز الأول في المتغيّرات العشرة فإن مجموع الدرجات الدال على مؤشّر درجة التنمية الخاص بها هو ١٠ درجات ، أي١٠× ١، وبافتراض أن محافظة أخرى قـد شغلت المركز السادس والعشرين في كل هذه المتغيّرات فإن مجموع درجاتها هـو ٢٦٠ درجـة، أي ٢٦ × ١٠، ومن ثم فإن درجات مؤشّر درجة التنمية لمحافظات مصر تتراوح بين ١٠ و ٢٦٠ درجـة، وهو المدى التنمويّ Developmental Range الذي تقع خلاله كل محافظات مصر فيما يتعلق بهذا المؤشر، مع ملاحظة أنه كلما قل الرقم كلما دل ذلك على درجة تنمية أعلى والعكس صحيح٠ 

جدول رقم [١] ترتيب محافظات مصر من حيث درجات مؤشر التنمية



شكل رقم (٢) محافظات مصر حسب قيم مؤشر درجة التنمية 

   أما مؤشّر مرتبة التنمية I.D.R) Index of Development Rank) فهو مجموع ناتج ضرب عدد مرات تكرار رمز مرتبة المحافظة في كل متغيّر من المتغيّرات العشرة المختـارة لقيـاس التنمية (وهي المراتب المنحصرة بين الأولي والثالثة حسب التصنيف المرتبيّ الثلاثي ) في عدد نقاط رمـز كل مرتبة، بافتراض أن قيمة المرتبة الأولى ويرمز لها الحرف (أ) ثلاث نقاط، وقيمة المرتبـة الثانيـة ويرمز لها بالحرف (ب) نقطتان وقيمة المرتبة الثالثة ويرمز لها الحرف (ج) نقطة واحدة٠ 

   فإذا حصلت محافظة ما في المتغيّرات العشرة على المرتبة الأولى ثلاث مرات والثانية خمس مـرات والثالثة مرتان ـ على سبيل المثال ـ فإن حساب قيمة مؤشّر مرتبة التنمية الخاص بها يكون عن طريق ضرب العدد الدال على تكرار رمز المرتبة في الرقم الدال على نقاط هذا الرمز وذلك وفق المعادلة: ش = ك ر× ن، حيث تعنى (ش) مؤشّر مرتبة التنمية، و (ك ر) تكرار رمز المرتبة، و (ن) نقاط رمز المرتبة،  وذلك كما يلي (٣×٣) ×٢×١أي  ٩+١٠+٢٠٢١  

جدول رقم [٢] درجات مؤشّـر مرتبة التنمية في محافظات مصر 



شكل رقم (٣) هرم التنمية للمحافظات المصرية


شكل رقم (٤) محافظات مصر حسب قيم مؤشر مرتبة التنمية 

    وأخيراً فقد تم الوصول إلى درجة مؤشّر حالـة التنميـة Index of Development I.D.S) Status) عن طريق قسمة مجموع تكرار الحرف (أ) الدال على المرتبة الأولى مـن مراتـب متغيرات قياس التنمية الثلاث على ١٠، أي على جملة المتغيّرات، ثم ضرب النـاتج في ١٠٠، فـإذا تكرر الحرف (أ) ثمان مرات في محافظة ما فإن حساب درجة مؤشر حالة التنمية الخاص بها يكون وفـق المعادلة :

 ح = (مج ك ر )÷١٠ × ١٠٠ ، حيث (ح) تعني مؤشر حالة التنمية، و(مج ك أ) مجموع تكرار رمز المرتبة الأولين، أي ٨ ÷ ١٠× ١٠٠ ٨٠ 

جدول رقم [٣] درجات مؤشر حالة التنمية في محافظات مصر 



شكل رقم (٤) محافظات مصر حسب قيم مؤشر حالة التنمية

قصور مفهوم التنمية رغم وضوح شموليته:

  واجهت المفهوم التقليدي للتنمية، والمجالات التي استخدم فيها هذا المفهوم عـدة اعتراضـات وبضعة انتقادات أهمها:

‰ - أن مصطلح التنمية قد قيّد نفسه بظاهر الكلمة الدالة عليه، وحدّد التنمية بعدد من المخرجـات ـ Outputs ـ بدون تحديد مواز لهوية الطريقة التي تحدث بها العلاقات بين هذه المخرجات٠ ‰

- أن هذا التحديد الافتراضي للتنمية قد وضع على أساس ضيق جدا، ثم فرض بعد ذلك على أوضاع وظروف متنوعة، ومن ثم أغفل أن الطرق الخاصة التى تستجيب بها بناءات اجتماعية معينـة لعمليـة التغيير هي ذاتها طرق متغيرة، بسبب توليفة العلاقات المتشابكة المتكاملة المترابطـة ـ Integrated ـ بين العمليات الداخلية والخارجية المكوّنة لهذه البناءات ومن أبرز الأمثلة على ذلك محاولـة تطبيـق نموذج المراحل لروستو ـ .Rostow , W ـ والذي وضع مطابقاً لظروف دول غرب أوربا على مناطق أخرى غير التي وضع طبقاً لظروفها٠

  وإذا كان الاتفاق التام على مفهوم التنمية لم يحدث حتى الآن، فإن الاتفاق على شموليتـها ـ Comprehensiveness وتكاملها ـ Integration ـ قد أصبح موضوعا متكرراً في أدب التنمية، التي وإن كانت قد بدأت اقتصادية، ثم اجتماعـية، ثم اجتماعية/ اقتصادية Socio ــ Economic إلا أنها قد انتهت الآن إلى كونها عملية كلّية تتناول كافة النواحي المادية والمعنويـة، الكميّة والكيفية للمجتمع " فلم تعد التنمية الاقتصادية مساوية للتنمية الكلية للمجتمع، إنهـا جـزء واحد فقط من التنمية العامة " وإذا كان البعض لا يزال يركز على الجوانب الكمية من عملية التنميـة باعتبارها ـ أي التنمية ـ مصطلح نسبيّ يشير إلى تغيّر كمي فإن معظم الباحثين قد أصبحوا مدركين لشمولية التنمية، التي" تشمل أكثر من مجرد النمو الاقتصادي، أو هي النمو الاقتصادي المقترن بتغيّـر نوعيّ في المستويات الاجتماعية والاقتصادية " والتي يجب أن تتضمن تغيّرا نوعيّا وكميّا في كـل مـن الجمتمع والاقتصاد معا، لأن الترابط الوثيق بينهما يحول دون نجاح تنمية اجتماعية أو اقتصادية بـصورة منفصلة فالتنمية هي حصيلة عوامل متعددة مترابطة يؤثر كل منها في الآخر ويتأثر به وليس المهم هـو الزيادة في الموارد أو الإنتاج، ولكن الأهم هو أثر هذه الزيادة على مستويات معيشة السكان، فالعجز في التنمية الاقتصادية عامل له أثره الواضح فى عرقلة التنمية الاجتماعية، كما أن القصور في الأخيرة ـ بدوره يمثل إحدى العقبات الخطيرة التي تعترض طريق الأولى٠

التنمية والنمو:

     تدور الأسئلة المطروحة عن التنمية في دولة ما حول موضوعات ثلاث هي الفقر Poverty، البطالة ـ Unemployment واللامساواة Inequality، فإذا تناقصت هذه الثلاثية أو أي من مكوناتها، فإن هذه الدولة تكون قد شهدت عملية تنمية، أمّا إذا ازداد واحد أو أكثـر مـن هـذه الموضوعات تدهوراً، فإنه "من الغريب أن ندعو ما نتج بالتنمية، حتى وإن تضاعف الدخل الفردي في الدولة المعنية" وإذا كان النمو الاقتصادي يعتبر مكوناً أساسياً من مكونات التنمية، فإنه ليس المكـون الوحيد، فالتنمية ليست ظاهرة اقتصادية بحت ولكن مضمونها الجوهري يتطلب منها أن تتضمن أكثـر من الجانب المادي أو "التمويلي" في حياة البشر لأنها ليست مرادفاً لارتفاع الدخل، ولذلك فإنها يجب أن تدرك على أنها عملية متعددة الأبعاد Multi Dimensional Process تضمن إعـادة تنظيم وإعادة توجيه للنظم الاقتصادية والاجتماعية بما يؤدي إلى تغييرات جذرية في البناءات الاجتماعية والمؤسسية والإدارية، فضلاً عن الأوضاع العامة، بل وحتى العادات والتقاليد في بعض الحالات٠ 

   وفي ضوء إدراكهم لشمولية التنمية، أقر العديد من الباحثين بعدم جدوى الاعتماد على انخفاض متوسط الدخل الفردي كمؤشر كاف للدلالة على "عدم التنمية " أو قلتها " أو ما يعرف بالتخلف Underdevelopment مع الأخذ في الاعتبار أن ما يحيط بمفهوم التنمية من تنـوع وتفـاوت ينطبق أيضاً على مفهوم التخلف، كما أقر هؤلاء الباحثون بعدم جدوى الاعتماد على معدل نمو هـذا الدخل عبر الوقت كمؤشر لمعدل التنمية، فالفرق بين التنميـة فى الـدول المتقدمـة Developed والنامية Developing يكمن في أن الأوضاع والمؤسسات في الدول الأولى قد هيئت وأعدت لتقبّل التجديدات Innovations، بينما تعانـي مثيلاتها في الدول النامية من وجود عوائـق "مزمنـة " ومتوطنة تقف في طريق التنمية٠

علم الجغرافيا والتخطيط:

    العلاقة بين كل من علم الجغرافيا والتخطيط علاقة قديمة وقوية، فرغم أن الثاني لا يعتبر موضوعاً من موضوعات الأول، إلا أنه ـ في بعديه الإقليمي والقومي ـ يحتاج إليه ويعتمد عليه، وليس الهدف هنا هو سرد تعريفات كل منهما بقدر ما هو إظهار ما بينهما من علاقات، وهي العلاقات التي تظهر أكثر ما تظهر في التخطيط الإقليمي، الذي هو حلقة الوصل بينهما، وذلك لأنه يهـدف إلى تحقيـق تفاعل عضوي وتكامل حيوي داخل الإقليم و/ أو بين الأقاليم، يؤدي إلى سيادة مبدأ المساواة الإقليمية Regional Equality الذي يحاول أن يوائم بين مثالية المساواة وواقع الاختلاف، وذلك بهدف إعادة التنظيم الداخلي للمكان٠

  ويرتبط التخطيط بالجغرافيا ارتباطاً وثيقاً، فهو كما قال فريمان .Freeman , T له أسـاس جغرافي لا يمكنه الهروب منه، فرغم أن المخطط يعمل في حدود القانون، وفي ظروف اقتصادية متغيّرة وهو مدرك للحاجات الاجتماعية للناس، إلا أنه يعمل ـ في كل الأوقـات ـ علـى " الأرض "، ولذلك فهو في حاجة إلى فهم المظهر الأرضي العام General Landscape القائم قبل أن يبـدأ في التعامل معه من أجل تعديله، والجغرافي هو الذي يمكنه إعطاء صورة شاملة كاملة عن هذا المظهـر لذلك المخطط، ليتمكن من فهمه فهماً سليماً، كما أن الشخصية الإقليمية مطمح جغـرافي أثـير، التخطيط الإقليمي هو نتاج امتزاج البحث الجغرافي بموضوع التخطيط، فعلم الجغرافيا يدرس الأقاليم، فيحيط بكل خصائصها الطبيعية والبشرية، والجغرافي له دور مهم في المساعدة على وضـع الخطـط الإقليمية الهادفة إلى تحقيق التنمية، لأنه يكون قادراً على إدراك العلاقات القائمة والمتبادلة بين أجـزاء الأقاليم Inter Regional أو بين هذا الإقليم وغيره من أقاليم الدولـة Intra Regional وذلك من أجل تقويم المواقع الأكثر مناسبة لتوطين النشاط البشري٠

  ويهتم علم الجغرافيا بموضوعات التخطيط الإقليمي لأن العوامل المتحكمة في عمليات اسـتخدام الأرض تتأثر بالبيئة، وتؤثر فيها، ومن ثم لا يمكن معالجة هذه الموضوعات ـ الهادفة إلى تحقيق التنمية ـ بعيداً عن البيئة، سواء أكانت هذه البيئة عاملاً مؤثراً أو متأثراً، أو بمعنى آخـر لا يمكـن تحقيـق التخطيط الهادف إلى التنمية بدون فهم العوامل الجغرافية التي أنشأت المظهر الأرضي العام والتي سـوف تظل تؤثر فيه على الدوام٠

  وإذا ما اعتبرنا أن التخطيط القومي هو التوزيع الإقليمي لعناصر الخطة القومية حسب مشكلات واحتياجات ومقوّمات أقاليم الدولة المختلفة، فليس أقدر من علم الجغرافيا على دراسـة التفاوتـات الإقليمية ـ Regional Disparities المتعلقة هبذه المشكلات والاحتياجات والمقومات، وعلى إدراك علاقة كل ذلك وترابطه بالتنمية الإقليمية٠

التنمية والتخطيط:

     توجد علاقة قوية و"حتمية " بين كل من التنمية والتخطيط ـ لكونها علاقة الهدف بأسـلوب تحقيقه، فنظراً لأن الأخير هو وسيلة تحقيق الأولى، فأننا نجد أن مستويات التخطيط تتفاوت بتفـاوت مستويات التنمية، ولهذا يتدرج التخطيط من: المحلى Local إلى الإقليمي إلى القومي National، بتدرج المدى المكاني المراد تحقيق التنمية خلاله، وما الأقسام التخطيطية الكبرى في بعض الـدول إلا أطر مكانية لتحقيق التنمية عن طريق التخطيط الإقليمي Territorial Planning ومنـذ عـام ١٩٥٢م، عندما تبنّت الهند خطتها الخمسية الأولى، أصبحت كلمة تخطيط ـ عملياً ـ مرادفاً لكلمة تنمية في الدول الأقل نمواً، وقد أظهر مسح مكثف للبنك الدولي أنه لا توجد دولة واحدة مـن هـذه الدول لم تشـهد ولو خطة واحدة، فمن نيجيريا إلى نيكاراجوا، ومن مالي إلى ماليزيا، يوجد إجماع على أن التخطيط هو أفضل وسائل تحقيق التنمية٠

   ونظراً لأن الأقاليم تتميز باختلافها من حيث مواردها وإمكاناتها ومشكلاتها فإنه لا يمكن وضـع أسس ثابتة ـ ثباتاً دائماً ـ للتخطيط الهادف إلى التنمية، ومن ثم تستمر الحاجة إلى علم الجغرافيـا ـ راصد التغير الذي يطرأ على ظاهرات سطح الأرض ومفسره والذي يتولى عملية مسح وتقويم هـذه الموارد وتلك الإمكانات من أجل وضع الخطة المثلى للتنمية لكل إقليم، حسب الخصائص الجغرافية التي تميزه عن غيره من الأقاليم، ومن هنا تتجلى قيمة وـ نفعيّة ـ علم الجغرافية بالنسبة لكل من التخطيط والتنمية لأنه " لا يوجد علم يمتد مجاله ليشمل كل عناصر البيئة أكثر من علم الجغرافيا، الذي يعتمـد على الربط والتعليل في إسهامه في معالجة مشكلات التنمية والتخطيط"٠

    وعندما تعرضت نظرية النمو الإقليمي إلى النقد بسبب إفرازها لما يعرف بـالنمو الاسـتقطابي Polarized Growth وهو نمط من النمو يتسم بالاحتكارية، بمعنى ظهور التنمية ـ سواء عـن طريق مراكز أو/و أقطاب النمو Growth Poles /Centers أو عن طريـق منـاطق التنميـة Development Areas في الأقاليم ذات الإمكانات المساعدة على تحقيق التنمية، مـع تـرك المناطق الأخرى التي لا تتمتع بمثل هذه الإمكانات دون أن تدخل في إطار الخطة العامة للتنمية الإقليمية أدخل فريدمان Freidman مفهوم التنمية الاستقطابية Polarized Development للتخلص من عيوب النمو الاستقطابي، على أساس أن النمو يعني تغيّراً كمّياً في خصائص الظاهرات، بينما تعني التنمية تغيّراً كمّياً ونوعيّاً معاً، وهنا تجدر الملاحظة أن الاهتمام بموضوع التنمية قد تطـور مفهوميّـاً وتطبيقيّاً بانتقاله من مفهوم النمو إلى مفهوم التنمية، ومن الخصائص الكمّية إلى الخصائص النوعيّة ومن التركيز على العلاقات الثابتة إلى التأكيد على العلاقات الدينامية المتبادلة، ومن ثـم يمكن القـول أن شمولية التفكير العلمي في موضوع التنمية قد تحققت عن طريق سلسلة معقّدة من التطـورات النظريـة والعملية٠

الجغرافيا والمشكلات الإقليمية:

   أظهر استعراض مفاهيم التنمية السابقة الذكر أن العلاقة بين كـل مـن: التنميـة والجغرافيـا والتخطيط قد تمخّضت عن عدة أفكار ومفاهيم تعكس أهمية المنهج الجغرافي في حل المشكلات الإقليمية ومن هذه المفاهيم فكرة التنمية الإقليمية المتكاملة، التي تتمثل في عملية توزيع الأنـشطة الاقتـصادية والاجتماعية في إقليم ما توزيعاً متساوياً بقدر الإمكان على كافة أجزاء هذا الإقليم، من أجل تحقيـق التنمية المتوازنة وهي الفكرة التي طبّقت في العديد من الدول، كفترويلا والمجر وجنوب أفريقيا٠

   ويتضمّن الاتجاه التكاملي للتنمية نمطين من أنماط التكامل، أحدهما وظيفي Functional، والآخر مكاني أو حيزي Spatial، ويتمثّل النمط الأول في إدمـاج كافـة الأنـشطة الاقتـصادية والاجتماعية للمجتمع في كـل واحد، مما يعني ترابط الموضوعات الـصحية والتعليميـة والزراعيـة والصناعية وغيرها من عناصر الحياة البشرية، بحيث يؤدّي التغيّر في أحدها إلى تغيّر مماثل في الموضوعات الأخـرى وهنا تفيد سياسة التنمية من العلاقات المتبادلة بين هـذه الموضـوعات / Interacted Interrelated Relationships ومن كيفية توزعها أو انتشارها، أما النمط الثـاني فيظهـر نتيجة لتوقّف العلاقات المتبادلة بين الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية على أماكن توزّعها ومواقع توطّنها، بحيث يؤدي إدراك العلاقات المكانية بين الأنشطة القائمة في المكان إلى إدراك النمط الذي يتحكّم في انتشارها أو تركّزها٠

  ولمّا كان تطوير الجزء يؤدي إلى تطوير الكل ،كالوصول إلى التنمية الشاملة عن طريـق تحقيـق التنمية في مختلف قطاعات المركّب الاجتماعي ـ الاقتصادي للمجتمع، فإن التنمية الإقليمية من هذا المنطلق تعتبر واحداً من مكوّنات عملية التنمية الكلية، ومن ثم فإذا تحققت التنمية في أقاليم الدولة أو في مناطقها، فإن المحصّلة النهائية هي تحقق التنمية الكليّة في هذه الدولة، وذلك من وجهة النظر المكانية٠

التنمية الإقليمية وأقاليم التنمية:

   تتحقق التنمية الإقليمية عن طريق السياسة الإقليمية Regional Policy، إحـدى نتـائج العلم الإقليمي ـ Regional Science وهي تلك السياسة الموجّهة نحو حل مشكلات التنمية غير المتساوية إقليمياً والناجمة عن عدم التساوي الجغرافي في توزّع مقوّمات وظروف الإنتـاج الاقتـصادي والوضع الاجتماعي، وذلك نتيجة لإدراك عمليات التغير غير المتساوية إقليمياً، وللوعي بالنتائج المحتملة للتغير على هذه الأقاليم، وتهدف هذه السياسة إلى تحقيق الرفاه الاجتمـاعي الإقليمـي Regional Social Welfare عن طريق تحقيق التنمية الإقليمية بواسطة تحسين ظروف الإنتـاج الإقليمـي، بالاستثمار في البنية الأساسية الإقليمية Regional Infrastructure، أو بإعادة التنظيم المكاني للقوى العاملة الإقليمية في تركّزات جغرافية أكثر سهولة في استخدامها، بمعنى أن هذه السياسة هـي محاولة لتحديث وإعادة بناء القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الإقليمي، عن طريق تعزيز عمليات الـتغير أو الانتقال الموقعي المتوافقة مع النمط الإنتاجي الأكثر فعالية، ومن هنا تتأكد أهمية الـسياسة الإقليميـة كجزء جوهري من عملية شمولية التنمية، كما تتأكد أهمية المنظور الإقليمي للجغرافيا في حل مشكلات الأقاليم٠

   ويمكن اعتبار مفهوم مناطق التنمية بمثابة " المحفز الفكري" لموضوعات التنمية الإقليمية، فالجغرافيا تدرس الأماكن بغية تحديد الأقاليم، ومن ثم يمكن اعتبار مناطق التنمية بمثابة "أقاليم تنمية"، وذلك على أساس أن ما يجمعها معا ويفرقها عن غيرها ـ أي هذه الأقاليم ـ هو حاجتها إلى التنمية فعلى سـبيل المثال، كانت "مناطق التنمية" في بريطانيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية هي الأقاليم التي حددت على أنها في حاجة إلى المساعدة في سياق التخطيط بين ـ الإقليمـي Interregional Planning، الذي كان يمثل الحلقة الأخيرة في سلسلة من السياقات الموجهة على أساس مناطقيّ ، حيـث اتبعـت سلطات التخطيط في هذه الدولة أسلوب "ضبط التنمية Development Control" للتحكم في عمليات استخدام الأرض من أجل تحقيق التنمية٠

   وترجع أهمية المفهوم الجغرافي لموضوع التنمية الإقليمية إلى طبيعة المنظور الجغرافي لكـل مـن: الإقليم والتنمية، فالإقليم من أبرز المفـاهيم الجغرافية، بل إن غاية البحث الجغرافي هي الوصـول إلى تحديد ملامح الشخصية الإقليمية، أما التنمية فليس أقدر من الجغرافي على دراستها دراسة شاملة من كافة أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والمكانية خاصة إذا ما وضع في الاعتبار أن من أهـداف علـم الجغرافيا ـ أو على وجه الدقة النواحي التطبيقية للعلم ـ تحسين سطح الأرض بوصفه مكاناً للحيـاة البشرية، ولذلك تهتم الجغرافيا بالمشكلات المكانية الإقليمية، من حيث دراسة أسسها وتحديد أسـبابها ووضع حلولها، كما أن الجغرافيا تعتبر ميدان بحث علمي له نتائج ذات أهمية كبرى في تحقيق التـوازن الإقليمي أو المساواة الإقليمية، وذلك عن طريق العمل على تقليل التفاوتات الإقليمية داخـل الإقلـيم الواحـد، والحد من هذه التفاوتات فيما بين الإقليم المختلفة داخل الدولة٠

     وتتلخص فكرة أو مفهوم التنمية الإقليمية في تلك العملية ـ النظرية أو التطبيقية ـ التي تـؤدي إلى حدوث عدة مظاهر تدل على تغير " اللاندسـكيب النفعـي "Beneficial Landscape "لإقليم ما، بما يحقق وضعاً أفضل لسكان هذا الإقليم، أو بمعنى آخر يمكن تعريف التنمية الإقليمية بأنها تلك التغيرات ـ والتغير من أهم اهتمامات علم الجغرافيا ـ التي تطرأ على حالة إقلـيم مـا بطريقـة مقصودة بهدف تحسين أوضاع حياة سكانه، وتقليل التفاوتـات المكانيـة/ البـشرية / Spatial Human Disparities بين أجزائه المختلفة، وذلك عن طريق الاستخدام الأمثل لموارده المادية، وتحسين كفاءة موارده البشرية بكافة تفصيلاتها، ويمكن اعتبار تحقيق هذه الأهـداف بغـرض تقليـل التفاوتات بين أقاليم الدولة أحد مفاهيم التنمية الإقليمية٠

الجغرافيا والتنمية:

    إذا تفحصنا موضوعات علم الجغرافيا ـ الطبيعية والبشرية ـ فإننا سوف نجد أن مفردات هذه الموضوعات تشكل الأساس المادي للتنمية، التي لم تعد مقصورة على جانـب واحـد اقتـصادي أو اجتماعي، وإنما أصبحت عملية كلّية، فلم تعد توجد تنمية اقتصادية فقط، أو تنمية اجتماعية مستقلة بل "تنمية فقط"، يصحح بها الإنسان الأوضاع السائدة في النواحي الاجتماعية والاقتصادية المتعـددة المتشابكة، والتي تتطلب دراسة جوانب متعددة من جغرافية الإقليم الذي يرغب الدارسون في تحـسين ظروف الحياة فيه ٠

   وللمفاهيم العلمية الخاصة مثل "الحركة" و "التنمية " تفسيرها الخاص في الجغرافيا، والذي قـد يتعارض مع القراءة العلمية العامة لهذه المفاهيم، فالحركة هي انتقال المادة ـ معلومات/طاقة/ سكان ـ من نقطة جغرافية إلى نقطة أخـرى على أن يتضمن هذا الانتقال تغطية المكان ـ الحيز Space ـ بمقياس بعديّ، أما التنمية فتعني تغيراً في بنية المكوّنات الجغرافية، عادة ما يكون مـصحوباً بـتغيرات تطورية، ولهذا تهتم جغرافية التنمية بالانتشار المكاني للتجديدات المؤدية إلى إحداث التنمية٠ 

   والتنمية هي عملية تغيير لأوضاع معينة من مرحلة إلى مرحلة أخرى أفـضل منـها، وهـذه الأوضاع تحدث في المكان، وهو الإطار الذي تتحرك بداخله الدراسات الجغرافية، والذي يمثل الناظم الفكري الأساسي للمنهج الجغرافي بحيث يمكن النظر إلى تاريخ علم الجغرافيا كله على أنه تاريخ لمفهوم المكان في الجغرافيا، والمكان يتألف من ظاهرات متنوعة، ويشتمل على إمكانات مختلفة، كما يتـسم باختلافات دقيقة تتمثل ـ في حالة مظاهر التنمية ـ فيما يعرف بتفاوتاتها المكانية، والتي يعبر عنـها بالتنمية غير المتوازنة Unbalanced، ومن ثم فإن بؤرة الاهتمام الجغرافي بموضوع التنمية تتمثل في رصد الحركة: المادية؛ الهادفة إلى التطوير من أجل التنمية المؤدية إلى تحقيق التقـدم، واللامــادية؛ المتمثلة في انتقال الأفكار الجديدة المؤدية إلى الهدف السابق ذاته، ومن هنا تأتي أهمية الاهتمام الجغرافي بموضوع الانتشار المكاني للتجديد أو التجديدات كما أوجزها " هويل ,.Hoyle ., B., S عندما كتب:ـ

  Development means change, and the geography of development is basically concerned with the spatial diffusion of innovation ؛ the spread of new ideas, the adoption of new techniques and the establishment of new forms of production, all of which involves changes in human distributions and movements and in patterns of human activities
فالجغرافيا في الحقيقة "منهج بحث أو طريقة دراسة ، أو هي طر يقة نظر إلى الناس والأشياء فى علاقاتهما بالمكان، والمنهج الجغرافي في دراسة التنمية يتضمن وعياً بالمقاييس المختلفة للنشاط البشري، وبالتفاعل والتداخل بينهما٠

    والتنمية عملية تاريخية، ولكنها جغرافية في الأساس، ليس فقط بسبب متغيراتهـا وخصائـصها الخاصة، ولكن أيضاً لأنها نتاج عمل إنساني واعٍ يعمل في ظروف اجتماعية ومادية معينة، والمحاولات التقليدية الواسعة لتحديد التنمية وتجسيدها أو تقييدها في مصطلحات ذات صيغة عالمية أحادية البعد، أو لبناء نماذج محددة مقيدة، محاولات اصطدمت كلها بالظروف الجغرافيـة والتاريخيـة وبالعمليـات الاجتماعية المتغيرة، التي يمكن عن طريقها تحقيق التنمية وفي هذا تأكيد آخر على شموليـة التنميـة، وشمولية المنهج الجغرافي إذا ما تناول مثل هذا الموضوع٠

اللامساواة المكانية والتنمية الإقليمية:

    أصبحت اللامساواة المكانية والتنمية الإقليمية موضوعات ذات أهمية بارزة في العلم الإقليمـي، وهي ليست بعيدة عن الحقيقة التي تقول بأن الاختلافات والفروق بين الأقاليم هي من الأسباب الكبرى التي أضافت إلى التفكير العلمي في موضوع عدم الانتظام المكاني وما يتصل به من مشكلات، ورغـم ذلك فقد عولج موضوع التفاوتات المكانية والتنمية الإقليمية بطريقة مجزأة، إذ تضمنت دراسات هـذا العلم نمطاً واحداً من أنماط عدم المساواة الإقليمية، ذي عدد محدود من العلاقات بين المظاهر المختلفـة لهذه التفاوتات، ومن ثم عـولجت موضوعات مثل الإسكان، وتوزيع الدخل كموضوعات منفصلة، وفي هذا دليل واضح واعتراف صريح من غير الجغرافيين بضرورة البحث عن نظام علمي يستطيع تجميع كل هذه الأنماط في منظور بحثي واحد، وعلم الجغرافيا هو الذي يمكنه أن يفعل ذلك، "فـإذا كـان الاختصاص الأكاديمي الآخر والوحيد الذي يشارك الجغرافيا رأيها الشامل والإجمالي الذي تقدمه عـن العلاقات المكانية هو العلم الإقليمي كما تمثله نظرية ايزارد .Izard ,W ، فإن هذا العلم يغلب عليـه المنهج الاقتصادي النظري التجريدي، بينما الجغرافيا علم تجريبي أساساً٠

التفاعل المكاني والأنماط المكانية:

   يؤدى التفاعل المكاني Spatial Interaction إلى إيجاد الأنماط المكانية التي ينتج عن تنوعها ذلك الاختلاف المكاني الذي يتميز به سطح الأرض، وهذا الاختلاف هو نـاتج عمليـات عديـدة ومتنوعة، يستطيع الجغرافي ـ بمنهجه الشامل ـ أن يتوصل إليها، كما أن هذا الاختلاف بدوره يمثل سبباً أو أساساً لنتائج أخرى هي ما يعرف بالتفاوتات المكانية في توزع الظاهرات٠

  ولكن " لأن الإنسان وأعماله الموجودة في المكان والزمان أمور واضحة  فإنها تبدو وكأنها لا تستحق الذكر، ولكن الاختبار الدقيق لهذه الحقيقة البسيطة يؤكد أنها تحتوي على ثراء في المفـاهيم، وعلى تحد ذهني يشكل أساس أحد المجالات الجغرافية المعاصرة، وعند ما نضع في اعتبارنا وجود الإنسان وأعماله في الزمان والمكان فإننا لا نفكر في البناءات الثابتة والعلاقات الساكنة، بل نركز بؤرة تفكيرنا بوضوح على الأنماط المكانية الدينامية٠ ولهذا فقد أصبحت عمليات الانتشار المكاني الـتي تحـدث في المكان خلال الزمان قلب الاهتمام الجغرافي "فالجغرافيا هي علم العلاقات التي تربط بـين الظـاهرات المكانية، ونتاج التفاعل والتكامل والترابط بين هذه الظاهرات داخل إطار المكان "٠

   والجغرافيا ـ كعلم مكاني ـ بما يتضمنه ذلك العلم أو المكان مـن توزيعـات واختلافـات وائتلافات مكانية ناتجة عن التفاعل المكاني ـ هي أقدر العلوم على إعطاء وصف دقيـق مـصحوب بتفسير منظم وعقلاني للخصائص المتغيرة لسطح الأرض ولذلك فهي أقدر العلوم أيضاً علـى تحديـد وتفسير مواقع ومظاهر اللامساواة الإقليمية فيما يتعلق بخصائص التنمية، كالتفاوتات المكانية في توزيع الموارد الاقتصادية، وفي مراكز العمران، وفي مناطق الدخول النقدية الفردية٠

  والجغرافي يمكنه "تقديم الاقتراحات المؤدية إلى استبعاد العوامل التمييزية التي تعوق تحقيق التوازن بين الأقاليم المختلفة في الدولة " وهناك شك كبير في إمكانية دراسة موضوع التنمية على مستوى أي حيز مكاني سواء أكان منطقة صغيرة أو دولة ما أو العالم برمته دون الإفادة من علم الجغرافيا، الـذي يهدف إلى تحسين سطح الأرض كمكان للحياة البشرية، فما يزال بإمكان الجغرافيا أن تقدم رأياً شاملاً وإجمالياً عن العلاقات المكانية في الشئون البشرية، متجاوزة التقسيم التقليدي للظاهرات إلى ظـاهرات اقتصادية واجتماعية وسياسية٠

   ونظراً لأن التنمية ليست "وقفاً" على نظام علمي بذاته فإنه لذلك لا يوجد ما يقف أمام الجغرافيا وهي تقتفي أثر العوامل الطبيعية والبشرية التي تقف كعقبة أمام تحقيق التنمية أو التي تيسرها وتـساعد عليها، فالتنمية عملية يقوم بها الإنسان عن طريق إحداث تعديلات نفعية في بيئته بهدف تحسين حياتـه على سطح الأرض، وبما أن التنمية في جوهرها هي عملية تغيير يقوم بها الإنـسان لـصالحه مـستغلاً إمكانات بيئته، فإن للتنمية اتصال بكل من البيئة والمجتمع الذي يعيش في هذه البيئة٠

   وإذا ما وضعنا في الاعتبار أن التنمية تحدث في المكان الذي هو ميدان علم الجغرافيا فإنهـا ـ أي التنمية ـ تعتبر أحد محاور اهتمام هذا العلم؛ المهتم أصلاً بالعلاقة بين الإنسان وبيئته، والذي يتـبين اتجاهه إلى الميدان التطبيقي في اعتنائه بمشكلات المجتمع، وتوزيع وتنظيم مرافقه وخدماته داخل الإطـار الإقليمي الذي يشغله هذا المجتمع٠ ومن ثم تبرز أهمية الدراسات الجغرافية لموضوع التنميـة "كنظـام علمي يتولى العناية بأحد أهم أبعاد هذا الموضوع، ألا وهو بعده المكاني " فلم تعـد بـؤرة الاهتمـام الجغرافي تتمحور حول ظاهرة محددة بقدر ما أصبحت تركز على البعد المكاني لهذه الظاهرة، وذلـك بعد أن تحول الفكر الجغرافي من مجرد محاولة إشباع تطلعات الإنسان إلى العمل على إشباع حاجاته٠

    ويستدل من مؤشرات التنمية في العالم، والتي ترد في تقارير البنك الدولي عن التنمية العالمية على أن هذه المؤشرات تتعلق بموضوعات اقتصادية واجتماعية يدل استعراض مفرداتها علـى أهميـة علـم الجغرافيا في هذا الصدد، ومن هنا تتوافق شمولية عملية التنمية مع شمولية المنهج الجغـرافي في دراسـة ظاهرات سطح الأرض، ففي الدراسة الجغرافية لموضوع التنمية تتجلى النظـرة الـشمولية والترعـة التكاملية عند معالجة مقومات التنمية ومعوقاتها٠

   وعند دراسة الأبعاد المكانية لنتائجها ـ توزيع عوائد التنمية على الحيز الجغـرافي والتفاوتـات المكانية فيما يتعلق بهذا التوزيع ـ ولهذا تتمثل جغرافية التنمية في: دراسة إمكانات ومقومات ونتـائج التنمية في المكان، بهدف رصد وتقويم هذه العناصر رصداً وتقويماً جغرافياً، باعتبار أن المنظور الجغرافي في تناول موضوع التنمية منظور أكثر من غـيره من منظورات العلـوم الأخرى شمولاً واستيعاباً لأبعاد عملية التنمية٠

  ويعزى تفرد المنظور الجغرافي لموضوع التنمية بشموليته ومقدرته على استيعاب كافة أبعاد عملية التنمية أكثر من غيره من منظورات العلوم الأخرى ـ حتى من العلم الإقليمي ذاته ـ إلى أن المعالجـة الجغرافية لموضوع التنمية تتناول الأبعاد: الاقتصادية والاجتماعية والمكانيـة لهـذا الموضـوع بكافـة تفصيلات كل بعد من هذه الأبعاد، كما أنها تتميز بإدراكها ووعيها بالأنشطة البـشرية المختلفـة في المكان من ناحية، وبالخصائص الطبيعية لهذا المكان من ناحية ثانية، وبالتداخل والتفاعل والتكامل بين هذه الأنشطة وتلك الخصائص من ناحية ثالثة، وهما الإدراك والوعى اللازمين والـضروريين لتحليـل أنماط البنية الاقتصادية والاجتماعية في المكان٠

المفهوم الجغرافي للتنمية:

     ينبثق مفهوم التنمية في الجغرافيا أو المفهوم الجغرافي للتنمية من دور الجغرافيا في الكـشف عـن مختلف جوانب معرفة المكان، فالحقيقة هي مجال له ثلاثة أبعاد في وقت واحد ـ كما أوضـح هتنـر .Hittner , A ، ولابد من فحصها من وجهات نظر ثلاثة حتى يمكن إدراكها، وهذه الأبعاد هي:

ـ العلاقات القائمة بين الظاهرات٠

ـ التطور الزمني لهذه الظاهرات٠

ـ التنظيم أو التوزيع المكاني لهذه الظاهرات٠

   ولهذا فالحقيقة الكاملة لا يمكن الإحاطة بها إحاطة كاملة وتامة في العلوم الأصـولية ـ المهتمـة بالعلاقات القائمة وهي البعد الأول، حتى ولو شاركت الدراسات التاريخية في فهم تطور هذه الحقيقـة ـ التطور التاريخي وهو البعد الثاني لأن هذه الحقيقة لن ترى كاملة إلا إذا نظرنا إليها من وجهة نظـر التنظيم أو التوزيع في المكان وهو البعد الثالث٠

  وتتمثل الدراسة الجغرافية لموضوع التنمية في عملية تطبيق الوسائل الجغرافية مسحاً وتحليلاً، فهماً وتعليلاً ـ من أجل إدراك وتفسير بعض مظاهر المشكلات البيئية المعاصرة والتطبيق والتخطيط ليـسا دخيلين على الجغرافيا لأن أية عملية تخطيطية يراد بها إزالة وضع قائم أو تعديله أو تنميته لابد وأن تبدأ بمعرفة هذا الوضع، وليس أقدر من علم الجغرافيا على فعل ذلك ـ خاصة الجانب التطبيقي منـها.

    كما أن جميع عمليات تنظيم المجتمع وتنميته إنما تتم في النهاية في الإطار المكاني، الذي يعد الجغـرافي أكثر الباحثين خبرة به، فقد "حان الوقت لتطبيق الوسائل الجغرافية في المساعدة علـى حـل بعـض المشكلات المعاصرة والتي من أبرزها: الضغط السكاني المتزايد على المكان، وتنمية المناطق المتخلفـة، وذلك من أجل تحسين الظروف المعيشية لسكان بعض مناطق العالم٠

   وتكمن إمكانية علم الجغرافيا في حل بعض هذه المشكلات في تمكّن الجغـرافيين ـ في ضـوء امتلاكهم لملكة تحديد وبلورة الأبعاد المكانية للظاهرات الجغرافية ـ من إدراك الخصائص المكانية لهـذه المشكلات، والإسهام في تحليلها ـ أو حلها ـ بطريقة جيدة من خلال تطبيق كل من: النظريات أو المفاهيم أو الأساليب الجغرافية، فالجغرافيا عند معالجتها لموضوع التنمية لا يقتصر اهتمامها على مجـرد كشف أو اكتشاف الأنماط التي تشكلها مستويات التنمية على مستوى الحيز الجغرافي أيّا كان مـداه، وإنما تبحث أيضاً عن فهم للأسباب التي أدت إلى وجود مثل هذه الأنماط٠

   وتتراوح مستويات اهتمام جغرافية التنمية بالموضوع الواحد ما بين إقليم أو منطقة أو دولة معينة من ناحية، والعالم ككل من ناحية أخرى ـ من المستوى القروي إلى المستوى القاري ـ ومثال ذلك موضوع أو مفهوم: القلب/ الهامش ـ The Prephery – Core Concept أو المركـز/ الحد الخارجي، والذي يمثل أحد أهم جوانب الأبعاد المكانية للتنمية؛ لاهتمامه بالتفاوتات المكانيـة في توزع مستويات هذه التنمية، فبهذا المفهوم يمكن تفسير التفاوت المكاني في مستويات التنمية في دولة ما، أو في أحد أقاليم هذه الدولة، كما هو الحال في كل من البرازيل أو كندا على سبيل المثال٠

    كما يمكن أيضاً تفسير النمط العالمي الراهن للتنمية، والذي يتمثل في انقسام العـالم ـ الآن ـ إلى جزء متقدم وآخر متخلف، أو إلى قلب متقدم Developed Heartland وظهير متخلـف Underdeveloped Hinterland، ويتمثل قلب الأرض المتطور أساساً في الـدول المحيطـة بالمحيط الأطلنطي الشمالي وبعض المناطق المجاورة لها، بينما يتمثل الظهير المتخلف في دول العالم الثالث، مع ملاحظة وجود نطاق انتقالي واستثناءات موضعية كاليابان واستراليا وسنغافورة، التي تعتبر أجزاء من القلب المتطور واقعة في حزام الظهير الأقل تطوراً٠

  وينعكس المنظور الشامل الذي ينظر به الجغرافي إلى موضوع التنمية في أنه ـ أي الجغرافي ـ لا تستهويه تنمية أحادية الجانب، بل إن الجغرافي الواعي ليشعر بالقلق إذا ما تركز الاهتمام على تنميـة أحادية الجانب، فكما أن الفصل بين الجغرافيا الطبيعية والجغرافيا البشرية في إطار علم الجغرافيا يعتـبر "فصلاً تعسفياً" فإن التنمية الكلية أو الشاملة ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية المتأثرة بالمكان هـي التنمية التي تملأ "عين الجغرافي" الحساسة بالمكان وأبعاده٠

   ولذلك فإن الجغرافي المهتم بموضوع التنمية هو أكثر الجغرافيين شمولية في منهجه، فهو جغـرافي تطبيقي يضع نصب عينيه القيمة النفعية لعلمه الذي "رغم كونه علم المكان ألا أنه لم يشارك غيره من النظم الأصولية اقتسام عناصر هذا المكان، بل اختص بدراسة هذه العناصر مجتمعة، فاعلة متفاعلـة، بكل ما ينجم عن ذلك من علاقات، فالجغرافيا المعالجة لموضوع التنمية تدرس الأساس المـادي لهـذه التنمية والخصائص الاجتماعية الخاصة بها، وترصد مناطق الخلل في توزع كل منهما، مثلما تـدرس وتفسر أسباب التفاوتات المكانية في توجيه عملية التنمية، لتضع الصورة المثلى المرتكزة علـى النظـرة الشاملة والكلية لتوزيع مشروعاتها، والوضع الأمثل لتوزيع نتائجها، لتحقيق المساواة المكانية في كافـة أرجاء الحيز الجغرافي ٠

الخاتمة

  لما كانت الجغرافيا ـ ولا تزال ـ قد عرفت أو عرّفت بأنها علم المكان الذي يزودنـا بتفـسير منطقي ومعقول ومقبول لتوزع الظاهرات في هذا المكان، فإنه من هنا تأتي أهمية دراسة الأبعاد المكانية لتوزع الظاهرات الجغرافية، خاصة ما يهمنا منها هنا وهي تلك المتصلة بموضوع التنمية، والجغرافيا في اهتمامها بالتفاوتات المكانية لا تكتفي بالدراسات المسحية التى تعرّفنا بأماكن هذه التفاوتات، ولكنها لكونها تهتم بصنع الوضع الأمثل للحياة البشرية على سطح الأرض عن طريق تحسين مستوى التفاعل بين الإنسان وبيئته، فإنها تعمل على " تسوية " الاختلافات المكانية المتعلقة بالتنمية، عن طريـق تقليلـها ـالاختلافات أو التنمية ـ من مناطق تزايدها أو تركزها، ونقل التنمية إلى منـاطق تناقـصها بغيـة الوصول إلى ما يمكن أن يطلق عليه " سطح تسوية التنميـة Developmental Peneplain "، فالمستوى الذي تبغي الجغرافيا الوصول إليه عند دراستها للاختلافات المكانية المتعلقة بالتنمية، وهو ما يمكن أن يطلق عليه "مستوى قاعدة التنمية Developmental Base Level" هـو ذلـك الوضع الذي تتساوى فيه أجزاء المنطقة أو الإقليم في الإفادة من التنمية، حتى وإن لم تكن متـساوية في مقومات هذه التنمية بحيث تخف ـ إلى حد ما ـ مظاهر اللاتوازن المكاني الخاصـة بهبا، ويظهـر "لاندسكيب تنمية Developmental Landscape" منتظم، بعد إعـادة توزيـع مـوارده وسكانه وعوائد تنميته بشكل يخفف من معاناته ويرفع من مستوى معيشة سكانه، بحيث يدل تساوى مؤشرات التنمية في الحيز الجغرافي على وصول هذا الحيز إلى مستوى قاعدة التنمية٠

   ويتضح مما سبق أن الجغرافيا ـ كعلم تطبيقي ـ لها دورها المهم في دراسة التنمية سواء أسسها المادية أو مظاهر اللامساواة في توزيع نتائجها، كما يتضح أن التنمية الشاملة وقد أضحت ذلك النمط من أنماط التنمية الذي تسعى إليه المجتمعات البشرية المعاصرة لا يصلح لدراستها دراسة كلية إلا علـم يتميز بالمنهج الشامل والنظرة الكلية، وليس مثل علم الجغرافيا ما يتميز بشمولية منهجه وكلية نظرته، خاصة بعد التيقن من أن " أحادية التنمية" قد أصابت مفهوم هذه التنمية بشيء من القصور٠ 

   وقد أظهرت العلاقة بين كل من: التخطيط والتنمية كوسيلة وهدف، وبين التخطيط والجغرافيا حيث يلتقيان في مجال التخطيط الإقليمي، أظهرت الأساس الجغرافي لموضوعي التخطيط والتنمية مـن ناحية، وأهمية علم الجغرافيا في حل بعض مشكلات اللاتوازن المكاني والتنمية الإقليمية من ناحية أخرى، حيث يتجلى مفهوم جغرافية التنمية باعتبارها تلك الدراسة الجغرافية التي تتناول التنمية من حيـث أبعادها: الاجتماعية والاقتصادية والمكانية، وهو ما يميزها عن غيرها من العلوم الأخرى إذا ما تناولت مثل هذا الموضوع٠

المصــادر

١. أحمد محمد عبد العال ـ الاختلافات الإقليمية في مستويات التنمية في مصر ـ مجلـة الجغرافيـا والتنمية ـ كلية الآداب جامعة المنوفية ـ العدد التاسع ـ يوليو ٠١٩٩٧ 

٢. أحمد محمد عبد العال ـ المدن الجديدة والتنمية الإقليمية في مـصر ـ مجلـة الآداب والعلـوم الإنسانية ـ المجلد العاشر ـ جامعة المنيا ـ يونيه ١٩٩٢.

٣. أحمد محمد عبد العال ـ جغرافية التنمية مفهومها وأبعادها ـ مجلة كلية الآداب جامعة المنيا  ـ المجلد ٩ ـ ١٩٩٠. 

٤. أحمد محمد عبد العال ـ قياسات كمّية مقترحة لبعض الظاهرات الجغرافيـة ـ مجلـة الآداب والعلوم الإنسانيّة ـ المجلة العلميّة لكليّة الآداب جامعة المنيا ـ المجلد التاسع والعشرون ـ يوليو ١٩٩٨.

٥. أحمد محمد عبد العال ـ منطقة غرب فرع رشيد دراسة في جغرافية التنمية ـ رسالة دكتوراه ـ غير منشورة ـ كلية الآداب جامعة المنيا ـ ١٩٨٧.

٦. أسماء عبد العاطي محمد ـ محاور الحركة الرئيسية وتأثيرها على التنمية الاقليمية ـ رسالة ماجستير ـ غير منشورة ـ كلية الهندسة جامعة القاهرة ـ ٢٠٠٤.

٧. الأمم المتحدة ـ تقرير التنمية البشرية ـ ١٩٩٤.

٨.البنك الدولي ـ تقرير عن التنمية في العالم ١٩٩٩ـ٢٠٠١ ـ ترجمة : مركز الأهرام للترجمـة والنشر ـ القاهرة ـ ٢٠٠١.

٩. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ـ التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت ١٩٨٦ ـ النتائج الأولية ـ القاهرة ـ إبريل ١٩٨٧.

١٠. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ـ التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت ١٩٨٦ ـ النتائج الأولية ـ المدن ـ القاهرة ـ إبريل ١٩٨٧,

١١. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ـ الكتاب الإحصائي السنوي ١٩٥٢ ـ ١٩٩٢ ـ القاهرة ـ يونيو ١٩٩٣.

١٢. السيد محمد كيلاني و سيد محمد عبد المقصود ـ الفوارق الإقليمية في مصر وطرق قياسـها ـ معهد التخطيط القومي ـ مذكرة رقم ١٣٢٤ ـ القاهرة ـ مايو١٩٨٢. 

١٣. حرب الحنيطي ـ الأنماط التنموية والإقليمية في الوطن العربي ـ المجلة العربية للعلوم الإنـسانية جامعة الكويت ـ العدد التاسع ـ المجلد الثالث ـ شتاء  ١٩٨٣.

١٤. حسن الخياط ـ نحو جغرافية عربية تطبيقية ـ بحوث المؤتمر الجغرافي العربي الثاني ـ المجلـس الأعلى للثقافة ـ القاهرة ـ ١٩٨٨.

١٥. د٠م٠ سميث ـ جغرافية الرفاه الاجتماعي ـ تعريب : شاكر خصباك ـ نشرة قسم الجغرافيا جامعة الكويت رقم ٢ ـ نوفمبر ١٩٨٨.

١٦. صفّوح خير ـ البحث الجغرافي مناهجه وأساليبه ـ دار المريخ ـ الرياض ـ ١٩٩٠. 

١٧. طلال البابا ـ قضايا التخلف والتنمية في العالم الثالث ـ ط٢ ـ دار الطليعة ـ بـيروت ـ ١٩٨٣.

١٨. عبد الإله أبو عياش ـ الجغرافيـا والتخطيط ـ فـي: عبــد الله يوسف أبـو عيـاش [محرر] التخطيط والتنمية في المنظور الجغرافي ـ وكالة المطبوعات ـ الكويت ـ ١٩٨٣.

١٩. علا سليمان الحكيم ـ التفاوتات الإقليمية للتنمية البشرية ـ تقرير التنميـة البـشرية لمـصر ١٩٩٤ـ ورقة خلفية رقم (٥) ـ معهد التخطيط القومي ـ القـاهرة ـ إبريـل ١٩٩٤ ـ الملحق الإحصائي٠

٢٠. محمد خميس الزوكه ـ التخطيط الإقليمي وأبعاده الجغرافية ـ ط٣ ـ دار الجامعات المـصرية ـ الإسكندرية ـ ١٩٨٤.

٢١. محمد عدنان وديع وآخرون ـ مسح التطورات في مؤشرات التنمية ونظرياتها ـ المعهد العربي للتخطيط ـ الكويت ـ ديسمبر١٩٩٧.

٢٢. معهد التخطيط القومي ـ مصر٠ تقرير التنمية البشرية ١٩٩٥ ـ القاهرة ـ ١٩٩٥ .

٢٣. معهد التخطيط القومي ـ مصر٠ تقرير التنمية البشرية ١٩٩٦ـ القاهرة ـ ١٩٩٦.

24.Abler , R., et al . Spatial Organization, Prentice Hall , London , 1972 . 

25.Alaev , E. , Regionalization of Country for Regional Planning , in : Adams ,P., and Helliner , M., eds., International Geography , University of Toronto Press, 1972 . 

26.Alaev , E., Social and Economic Geography, Progress Publishers , Moscow 1986 . 

27.Coates , B., E. , et. al ., Geography and Inequality , Oxford University Press , 1977 . 

28.Coffey ,W., J., Geography ؛ Towards a General Spatial System Approach , Methuen , London, 1981. 

29.Courtenay, PP., Geography and Development, in: Courtenay, PP, ed.,: Geographical Studies of Development, Longmann . London , 1985 . 

30.De Suza , A.& Porter , P. The Underdevelopment and Modernization In The Third World , A.A.G. , Resource Paper no. 28 . 1974 .

31.Dickinson, R., E., Regional Ecology, John Wiley & Sons, inc. New York. 1970. 

32.Folmer H., and Oosterhaven, J., Spatial Inequality and Regional Development, in: Folmer H., and Oosterhaven, J., eds. , Spatial Inequality and Regional Development, Martinus Nijhoff Publishing, Boston, 1979. 

33.Frazier , J.,W., Applied Geography: a Perspective , in : Frazier , J.,W, ed., Applied Geography , Prentice Hall , inc., Englewood Cliffs , New Jersey , 1982 . 

34.Freeman, T., W., Geography and Planning, Hutchinson & co. LTD., London, 1968. 

35.Friedmann, J., a General Theory of Polarized Development, in: Hansen N., M., ed., Growth Centers in Regional Economic Development, The Free Press, New York, 1972. 

36.Hansen N., M., The Challenge of Urban Growth, Lexington Books, London, 1975. 

37.Hoyle , B., S., Spatial Analysis and Less ــ Developed Countries , in : Hoyle , B., S., Spatial Aspects of Development , John Wiley & Sons, London , 1974.

38.Johnston, R., J., et al. eds. The Dictionary of Human Geography , 2nd . Edit. , Black Well, Oxford, 1986. 

39.Krugman,P. The Role of Geography in Development, Annual World Bank Conference on Development Economics, Washington,D.C.,April 20–21,1998. 

40.Lavrov, S., and Sdasyuk, G., Concepts of Regional Development, Progress Publishers, Moscow, 1988. 

41.Leys C., and Marris, P., Planning and Development, in: Seers, D.and Joy, L., and Eds. Development in a Divided World , Penguin Books , London , 1972 . 

42.Meier, G., Leading Issues in Economic Development, Oxford University Press, 1970. 

43.Mosely, M., J., Growth Centers in Spatial Planning, Pergamon Press, Oxford, 1974. 

44.Richardson , H., W., Regional Growth Theory , Mac John Willey & New York, 1973 ٠ 

45.Riddle, R., Ecodevelopment, Gower, London, 1981. 

46.Robert J. Tata And Ronald R. Schultz , World Variation In Human Welfare : A New Index of Development Status , A.A.A.G. , vol. 78 , no 4 , December 1988 .

47.Rodwin, L., Choosing Regions for Development, in: Friedmann, J., and Alonso W., Regional Development and Planning, The MIT Press, Cambridge, Mass., 1964. 

48.Seamon, D., AGeography of Liveworld, Croom Helm, London, 1979. 

49.Sen, L., K., The Need for Micro ــ Level Planning in India, in: Sen, L., K., ed., Readings in Micro ـ Level Planning and Rural Growth Centers, N.I.C.D., Hyderabad, 1972. 

50.Stohr, W., and Todtling, F., Spatial Equity, some anti ـ thesis to current regional development doctrine, in: Folmer H., and Oosterhaven, J., eds, spatial inequality and regional development, Martinus Nijhoff Publishing, Boston, 1979. 

51.Stohr, W., Interurban Systems and Regional Economic Development, A.A.A.G., resource paper no. 26, 1974. 

52.The World Bank, World Development Report, New York, 1988. 

53.Thomas, D., Geography and Physical Planning, in: Cooke R., U., and Johnson J., H., Eds. , Trends in Geography , Pergamon Press ,Oxford , 1964. 

54.Ullman , E., Regional Development and the Geography of Concentration , in : Freedman , J., and Alone W., Regional Development and Planning , The MIT Press , Cambridge , Mass. , 1964. 

55.Wadhen M., Urban and Regional Planning in Brazil, Applied Geography and Development, vol. 16, 1981. 

56.Wood,P.,and Marshall,N.,Services&Space,Longman Scientific&Technical,,Harloe,Essex,1995 . 


ملخصات الأبحاث المشاركة في الملتقى الخامس للجغرافيين العرب - جامعة الكويت - 2008م - مكتبة جزيرة الورد


حمله                       من هنا 



للقراءة والتحميل       اضغط هنا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا