التسميات

السبت، 8 يوليو 2023

الخصائص المكانية لسياسة الاستثمار الصناعي في ليبيا - منطقة الخمس أنموذجاً - الصادق محمود علي عبد الصادق - أطروحة دكتوراه 2011م

 الخصائص المكانية لسياسة الاستثمار الصناعي 

في ليبيا - منطقة الخمس أنموذجاً

  

 

أطروحة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في الجغرافيا الاقتصادية من قسم الجغرافيا بكلية الآداب - جامعة دمشق

 

 

إعداد الطالب

 

الصادق محمود علي عبد الصادق

 

 

إشراف

 

الأستاذ الدكتور

عبد الرؤوف الرهبان

 

المشرف المشارك الأستاذ الدكتور

الهادي كشيدان

 

العام الجامعي 2010 / 2011م






 

مقدمة

    تتبع الدول سياسات موقعية صناعية تختلف من دولة لأخر ى حسب المرحلة الإنمائية التي تمر بها، ووفق الموارد المتاحة لها، وقد تنبهت معظم دول العالم إلى مخاطر تركيز الصناعة في مدن أو أقاليم معينة وما ينجم عن هذا من تركيز للنشاط الاقتصادي، وسوء تصرف بالموارد الاقتصادية عل ى مستوى الأقاليم والمناطق، لذلك اتبعت سياسة الانتشار الصناعي بهدف توزيع الفعاليات الصناعية على أوسع رقعة جغرافية ممكنة، ومن ثم التقليل من الآثار السلبية لتركز الصناعة.

   وعلى الرغم من أن إتباع سياسة الانتشار الصناعي أصبحت من السمات المعروفة للعديد من الدول سواء كانت متقدمة أم نامية، إلا أن ما تحقق فعلاً   في هذا المجال محدود، حيث إن اتباع سياسة الانتشار الصناعي دون وجود آلية محددة ذات خصائص كفوءة قد لا تؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة، إضافة إلى أن الآثار المترتبة على هذه العملية هي تراكمية، أي أن ما تم اتباعه في فترة زمنية معينة له آثار مباشرة أو غير مباشرة في الفترات اللاحقة.

  ويلاحظ على الجماهيرية الليبية بأنها اتبعت سياسة التركز الصناعي خلال الخمسينيات والستينيات، وإلى حدٍّ ما إلى منتصف السبعينيات من القرن الماضي وذلك لتوافر ظروف التنمية الصناعية والخدمات في المدن الكبرى، وقد ترتب على ذلك زيادة في معدلات نمو هذه المدن، وبالتالي حصول العديد من الاستراتيجية والكبيرة استمر تطويرها في المدن الكبيرة، وبذلك فإن نتائج هذه السياسة استمرت محدودة، إضافة إلى أن معظم الصناعات التي أقيمت وفق هذه السياسة كانت تعتمد على الصناعات الاستهلاكية أو التجميعية التي لا تخلق طلبًا على عوامل الإنتاج المحلية، وإنما تبقى ذات صلة وثيقة بالاقتصاد الخارجي للدول التي تزود هذه الصناعات بالمواد الأولية أو السلع نصف المصنعة.

  وعليه فإن هذه الدراسة تتعرض للآثار الناجمة عن سياسة التوزيع الصناعي في ليبيا، وتبيان المتغيرات التي ساهمت فيها، وتركز الدراسة بشكل خاص على منطقة الخمس كأنموذج لتبيان الآثار الناجمة على هذا الانتشار وما ترتب على هذه السياسة.

النتائج

 من تحليل الاستراتيجيات والسياسات التي اتبعت لنشر وتوزيع الأنشطة الصناعية في ليبيا، نستنتج العديد من النقاط المهمة، والتي تعد ذات أهمية لتنمية وتطوير قطاع الصناعة، وتجاوز العقبات التي تقف في طريقه، ومحاولة وضع آلية يمكن من خلالها توجيه سياسة الانتشار الصناعي وخصائصه المكانية مستقبلاً، وفق آلية محددة تسهم في تحقيق أهداف هذه السياسة، وذلك بوضع أسس ومعايير تنفيذها، وتحديد متطلبات التنفيذ للجهات المنفذة من أجل تأمين مصادر الدخل، ومساهمته إلى جانب القطاعات الأخرى في تحقيق أفضل النتائج لتنمية الاقتصاد الوطني، والاعتماد عليه في تحقيق أكبر قدر من الناتج المحلي، وتتمثل هذه النقاط فيما يلي:

 1 – اتضح من خلال الدراسة أنه مع بداية ظهور الصناعات الحديثة، وانتشارها في مناطق وأقاليم البلاد المختلفة بدأت الصناعات التقليدية اليدوية في التقلص، نتيجة لعزوف الحرفيين عنها، وانخفاض قيمتها، نتيجة لمنافسة السلع الصناعية الحديثة لها، وعليه فقد بدأت بالاختفاء من مناطق عديدة في البلاد، باستثناء بعضها والتي تغيرت تقنياتها، وانضمت إلى قائمة الصناعات الحديثة.

 2 – تجلت أهمية موقع ليبيا الجغرافي والفلكي، والخصائص المكانية التي يتميز بها، كما أن لمساحة البلاد العديد من الخصائص الإيجابية والسلبية التي لها علاقة باستثمار الثروات الطبيعية الموجودة بها، لاسيما وأن معظم هذه المساحة عبارة عن مناطق جافة ذات ظروف مناخية قاسية، كان لها دور أيضًا في انتشار الصناعة وتركزها في مناطق وأقاليم دون غيرها.

3 – إن الاتجاه ناحية الأنشطة الصناعية والتجارية والخدمية بشكل كبير في ليبيا، انعكس سلبًا على بقية القطاعات الأخرى، ومنها الزراعة والسياحة والصيد البحري، مما أثر على معظم الاستراتيجيات والسياسات لنشر الصناعة وتنميتها وتطويرها أيضاً في مناطق وأقاليم البلاد المختلفة، فلقد انخفضت القوى العاملة % الزراعية بالمقارنة مع الأنشطة الأخرى من 59 % سنة 1954 م، إلى 21.9 سنة 1984 م، ثم إلى 18.5 % سنة 1990 م، ثم إلى 8.19 % من إجمالي عدد المشتغلين اقتصاديًا حسب تعداد السكان سنة 2006 م، كما بلغ الانخفاض في 2007 م من  أعداد الحائزين المتفرغين للزراعة بين التعداد الزراعي 2001 % 59566 مزارعاً إلى 38129 مزارعاً ، أي بنسبة انخفاض وصلت إلى 39 خلال سبع سنوات، ويعزى ذلك إلى انخفاض الأجور لهذا النشاط مقارنة مع الأنشطة الأخرى، إضافة إلى المشكلات التي تعترضها في ظل المناخ الجاف، وقلة المياه.

4- ضعف الجهات التخطيطية المسؤولة عن قطاع الصناعة في توضيح الصورة وتقديم المعلومات والبيانات والدراسات المتعلقة بالمواد الأولية المحلية، وتسهيل الإجراءات للمستثمرين لاستغلال هذه المواد والخامات، مما أدى إلى التأثير سلباً على سياسة انتشار وتنمية الصناعات في هذه الأقاليم والمناطق ليبقى السوق رهينة في احتياجه لهذه السلع من الخارج. ولقد أكد ذلك اعتماد نحو 60.7 % من الأنشطة الصناعية في منطقة الدراسة على المواد الأولية المستوردة، بينما بلغت نسبة الصناعات التي تستخدم المواد الأولية المحلية نحو 39.3 %، وبالتالي ترتب على هذه التبعية للخارج وجود العديد من المشكلات لهذه الصناعات منها نقص مستلزمات التشغيل وقطع الغيار بنسبة 23.7 %، ونقص التمويل بنسبة 23 %، ونقص المواد الأولية بنسبة %20.1 ، ولقد ترتب على ذلك توقف العديد من الصناعات في المنطقة، مما كان له بالغ الأثر على الإنتاج الصناعي والعائد منه، وكذلك على القوى العاملة في هذا القطاع.

5- إن تعثر الخطط التنموية، وتغير استراتيجيات وسياسات التنمية في فترات سابقة، نتيجة للظروف التي مرت بها البلاد، من حصار وتذبذب وانخفاض في أسعار النفط، وكذلك عدم الاستقرار الإداري للمناطق والأقاليم، كل ذلك كان له تأثيرسلبي على تنمية وتطور الأنشطة الاقتصادية، ومنها الصناعة.

6- إن التوزيع الجغرافي غير المتوازن في الإنفاق على الصناعة بين مناطق البلاد، أدى إلى تركزها في مناطق دون أخرى، مما أضفى خصائص مكانية تختلف بين كل منطقة وأخرى حسب نوع الصناعة التي قامت في هذه المناطق، وقد ترتب على هذا التركز ازدياد الأثر على الأنشطة الأخرى، وأيضاً على التركيبة الاقتصادية للسكان والتركيبة الديموغرافية متمثلة في الهجرة إلى هذه المناطق، وترك المناطق الأخرى والتي غالبًا ما تكون زراعية أو رعوية، مما زاد من الإشكاليات للمناطق المهاجر منها، وكذلك المهاجر إليها، وتأكيدًا لذلك فإن ما نسبته 72 % من الأنشطة الصناعية بمنطقة الخمس تركزت في المناطق السهلية والزراعية، وهي إما أراضٍ زراعية أو رعوية أو صالحة للاثنين معاً.

7 – على الرغم من تأكيد معظم الدراسات منذ سنة 1960 م على ضرورة نشر وتوزيع الصناعة في مختلف المناطق، وعدم تركيزها في أقطاب معينة، إلا أن هذا لم يتحقق، حيث احتلت أقطاب النمو الصدارة من حيث أعدا د المنشآت الصناعية والقوى العاملة، نتيجة لجذبها الكبير لهذه الأنشطة، وتوافر  عوامل قيامها، وتأكيدًا لذلك فقد تم قياس نسبة التركز بمدينة طرابلس بناءً على عدد عمال الصناعة لسنة 2004 م، حيث أتضح أن حوالي 50 % من أنواع هذه الأنشطة قد حققت أهمية موقعيه في هذه المنطقة أكثر من غيرها، وهذه الأنواع تمثلت في الصناعات الغذائية، وصناعة الغزل والنسيج والجلود والأحذية، وصناعة الأثاث والورق والأخشاب.

8- لقد ترتب على الانتشار العشوائي للصناعة داخل الأقاليم والمناطق في البلاد ارتفاع نسبة التلوث، نتيجة لهذا الانتشار الذي لم يأخذ في حسبانه الآثار السلبية للصناعة، مما زاد من المشكلات المترتبة على ذلك للأنشطة الأخرى الزراعية والرعوية والسياحية، وتأثرها بمخلفات هذه الصناعات خاصة وأن البلاد تتميز بفقرها بالمساحات الزراعية والغابية، كما أنها تتميز بوجود العديد من المدن والمناطق الأثرية والسياحية، ومنطقة الخمس ضمن هذه المناطق، والتي دلت الدراسة الميدانية على أن حجم الآثار المترتبة على نوعية الصناعات المختارة في 265 مناطق وأقاليم البلاد المختلفة عموماً لم تعط القدر الكافي من الاهتما م عند اختيارها لمواقع الصناعات، حيث أكد نحو 40 % على مستوى اللجنة الشعبية العامة للصناعة ذلك، إلا أن هذه النسبة لم تختلف كثيراً في منطقة الخمس، حيث وصلت إلى نحو 34 % ممن أكدوا على عدم الأخذ في الحسبان الآثار المترتبة على نوعية الصناعات المختارة في المنطقة، وهذا دليل واضح على أن هذا الاختيار تم فيه الاعتبار الأساسي للعائد المادي بواسط ة التقليل من تكاليف الإنتاج، دون النظر إلى الآثار السلبية المترتبة على نوعية الصناعات المختارة، وما أكد ذلك هو أن نسبة 82 % من أفراد العينة في منطقة الدراسة، أكدوا أن مواقع مصانعهم تساهم بدرجة كبيرة في تحقيق العائد من هذا النشاط.

9- من المؤكد أن معظم الاستراتيجيات والسياسات المتعلقة بتوزيع الصناعة ونشرها في مناطق البلاد المختلفة ركزت منذ بداياتها بشكل كبير على توزيع هذه الصناعات خارج أقطاب النمو الرئيسة (طرابلس – بنغازي) بعد تفاقم المشكلات في تلك الأقطاب، وعليه فقد ظهرت مدن أخرى لمنافسة هذين القطبين نتيجة لهذه السياسات، لم تبتعد عن مناطق التركز السكاني في البلاد، كما ارتبطت أنواع من السلع الصناعية بمناطق وأقاليم جديدة دون غيرها، وذلك إما لوجود المادة الخام، أو كنتيجة واضحة لهذه السياسة في نشر الصناعة وتوزيعها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي كهدف استراتيج ي ومستعجل، دون أي حساب لأسس انتشار الصناعة وتركزها في هذه المناطق، مما خلق العديد من المشكلات لهذه الصناعة في اختيار مواقعها، والتي تحكمت فيها عوامل التوطن الصناعي بشكل أكبر من التخطيط والتوطين لهذه الصناعات.

10- إن الاهتمام الكبير بالتنمية المكانية الاقتصادية والاجتماعية على حساب التطور والنمو الاقتصادي، وتوزيع الصناعة على المناطق المختلفة كان هو الأساس في هذا التوزيع والانتشار، كما أن التركيز على كم الإنتاج دون النظر إلى الجودة والتكلفة، أدى إلى ضعف المنافسة للمنتجات المحلية، بحيث أصبحت سمة واضحة لكثير من هذه السلع المعروضة بالأسواق في كثير من المناطق، الأمر الذي أدى إلى العزوف عنها، والاتجاه إلى السلع المستوردة، وزاد من ذلك الهدم المفاجئ لأسوار الحماية لهذه المنتجات.

11- إن تضخم العمالة الصناعية، وتدني كفاءتها الإنتاجية من الخصائص التي تتميز بها الصناعات، وخاصةً صناعات القطاع العام، بعد ما كانت البلاد تعاني من النقص الحاد لهذه العمالة المؤهلة لهذا القطاع، والسبب في ذلك هو المشكلات التي واجهت هذه الأنشطة، مما أدى إلى البطء في إنشاء المشروعات وتوقفها في كثير من الأحيان، وقلة الاهتمام بالعمالة الصناعية ودورانها بين كل فترة وأخرى.

12- أتضح أن معظم الصناعات التحويلية في ليبيا باستثناء النفطية منها تعتمد على مواد خام ومستلزمات تشغيل خارجية، مما أدى إلى قلة الاهتمام والبحث والتنقيب عن المواد الخام في مساحات البلاد الشاسعة، وإهمال الموارد الطبيعية المحلية سواء معدنية أم بحرية...الخ، بحجة ارتفاع تكاليف إنتاجها، وعلى ذلك فإن معظم هذه الصناعات متعثرة، ومنها ما هي متوقفة، نتيجة للظروف التي تم ذكرها، مما دعا عمال هذه الصناعات إلى الانتقال إلى مواقع صناعية أو قطاعات أخرى، وزيادة العبء على تلك القطاعات

13- من الخصائص المكانية المهمة الناتجة عن مساهمة الصناعة وانتشارها في المناطق المختلفة هو إنشاء المجمعات الصناعية التي اعتمدت على مواد خام محلية بنسبة كبيرة، استطاعت الوصول إلى تغطية نسبة كبيرة من السوق المحلي، وتعدتها إلى مرحلة المنافسة العالمية، إلا أن الدولة توقفت عن إنشاء وتطوير مثل هذه المجمعات، ومع كل ذلك فإن هذه المنشآت قد تعرضت لبعض الظروف والمعوقات جعلها متعثرة في تنمية الصناعات الأخرى المرتبطة بهذا النوع من الإنتاج

14- نتيجة لضعف السياسات الصناعية، مما ترتب عليه تدني كفاءة معظم المنشآت الصناعية، وبالتالي ضعف العائد الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى دخول نسبة لا بأس بها من السكان ضمن خط الفقر، وصلت حسب تقديرات سنة 1994 م إلى حوالي 19 %، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة أو بروز ظاهرة التفاوت الإقليمي بين المناطق بشكل حاد، نتيجة لعدم نجاح هذه الاستراتيجيات والسياسات في معظم خطط التحول لنشر التنمية المتوازنة بين مختلف هذه المناطق، على الرغم من التركيز على هذا الجانب في معظم أهداف هذه الخطط في البلاد

15- إن وجود النفط الخام في ليبيا، وتصديره بكميات كبيرة، والاعتماد عليه في حل كل المشكلات بكل القطاعات، انعكس سلبًا على تنمية هذه القطاعات والاهتمام بها، والبحث عن البدائل، والتي يواجه استغلالها صعوبات أكبر من استغلال النفط، على الرغم من القناعة التامة بأن هذا المصدر محدود

16- اتسمت دراسات الجدوى الاقتصادية بالضعف الواضح، وذلك لعدم مراعاتها للمتطلبات الاقتصادية والبيئية لمواقع الصناعة، مما نجم عنه ارتفاع في التكاليف الاستثمارية لتلك المشروعات، وتدني جدواها الاقتصادية، وذلك راجع إلى السرعة في اتخاذ القرارات بهذا الشأن، نظرًا للظروف الماسة في تلك الفترات إلى تحقيق عمليات تنموية في مناطق مختلفة من البلاد.

17- لقد ساهم قطاع الصناعة ولو بشكل جزئي أو بطرق غير مباشرة ف ي دعم بعض القطاعات الأخرى والمشروعات الاستراتيجية، حيث قدرت المبالغ المدفوعة لقطاع النقل مثلاًسواء أكانت منتجات جاهزة، أم مواد أولية ومستلزمات تشغيل بحوالي 1.7 مليار دينار، إضافة إلى مساهمة هذا القطاع في تزويد مشروع النهر الصناعي العظيم بمادة الأسمنت متوسط المقاومة للكبريتات منذ البداية، كما أن هذا القطاع يأتي في المرتبة الثانية كداعم للخزانة العامة بعد النفط، على الرغم من المشكلات التي تعترض طريقه، ولقد تأكد ذلك من خلال التطرق إلى الآثار الإيجابية لانتشار الصناعة في منطقة الخمس، حيث أكد نحو % %40 من أفراد العينة تحقيقه لفائض في الإنتاج المحلي، بينما أكد نحو 33  توفيره لفرص العمل في المنطقة، إلا أن نسبة 27 % من أفراد العينة أشاروا بمساهمته في تحسن مستوى الدخل الفردي والمساهمة في زيادة الدخل القومي

18- تبين من خلال هذه الدراسة ارتباط الصناعات في انتشارها وتوزيعها بالمادة الخام والسوق كمعيارين أساسيين لهذه السياسات، وصلت نسبتها على مستوى البلاد إلى نحو 48 %، بينما جاءت الطرق والمواصلات ومصادر الطاقة في المرتبة الثانية، وقد أكد ذلك ارتباط هذه الصناعات بمنطقة الخمس بمادتها الخام، حيث تركزت نحو 51.4 % من هذه الصناعات في مواقع لا تتجاوز في بعدها عن مادتها الخام المحلية أكثر من 10 كم، بينما تركزت نحو 40 % من هذه الصناعات في مواقع تبعد أقل من 5كم عن هذه المادة، وذلك للتقليل من تكلفة الإنتاج دون أي انتباه للتداخل في استعمالات الأرض، أو الجانب البيئي. كما أن نحو 86 % من الصناعات المنتشرة في منطقة الخمس لا تبعد عن شبكة الطرق الرئيسة بأكثر من 5كم، وإن كل هذه الصناعات في المنطقة لا تبتعد عنه بأكثر من 10 كم، وكل ذلك أدى إلى الانتشار العشوائي في المنطقة، نتجت عنه العديد من المشكلات التي تم ذكرها

19- اتضح من خلال هذه الدراسة أن وضع السياسات المتعلقة بنشر الصناعة وتوزيعها على مناطق البلاد المختلفة كان مركزيًا على مستوى البلاد ككل، ولم يوضع لكل منطقة على حدة، حيث أكد ذلك نحو 80 % من المستجوبين على مستوى البلاد، وقد اعتمد واضعو هذه السياسات على عديد من الأهداف العامة من وراء ذلك، كان من أبرزها وضع استراتيجية عامة للتنمية الاقتصادية، وتطوير المستوى المعيشي والرفاه الاجتماعي، وكذلك وجود الموارد الطبيعية والبشرية، بينما كانت هناك أهداف إقليمية تمثلت في تنمية المناطق النائية، وتحقيق التوازن الديموغرافي بين المناطق وتحقيق الترابط بين المناطق المتباينة في مواردها، والهجرة العكسية من المدن إلى الضواحي للتخفيف من حدة المشكلات داخل المدن، إلا أن معظم هذه الأهداف لم تتحقق مما زاد من التباعد بين الأهداف والنتائج المتعلقة بذلك.  20- ضمن نتائج هذه الدراسة أيضاً أتضح أن انتشار الصناعة في ليبيا كان القصد منه تلبية الاحتياجات المحلية فقط، دون النظر إلى المنافسة الخارجية بشكل مخطط له، حيث أكد ذلك نحو 80 % بين أفراد العينة على مستوى البلاد، بينما زادت هذه النسبة على صعيد منطقة الخمس لتصل إلى 90 %، وبالتالي لم تكن هناك استراتيجية واضحة وسياسات للتصدير والمنافسة الخارجية، حيث كانت معظم الصناعات المنتشرة في المنطقة هي صناعات استهلاكية ووسيطة، ويعزي كل ذلك إلى عدم وجود أجهزة للتخطيط الصناعي على مستوى محلي، حيث أكد ذلك نحو 92 % من أفراد العينة بمنطقة الدراسة

21- التباطؤ في إنشاء المناطق الصناعية، و تأسيس البنية التحتية الملائمة لها، وعدم إلزام المستثمرين بإنشاء صناعاتهم في المناطق القائمة، مما أدى إلى هذا الشكل من الانتشار العشوائي داخل المناطق العمرانية، وتداخلها مع الاستعمالات الأخرى، وحدوث المشكلات التي تم التطرق إليها، مما أثر على التنمية والتطور الصناعي بمختلف المناطق في ليبيا، مع العلم أن معظم المخططات القائمة للمدن تشمل المنطقة الصناعية وموقعها، إلا أن عدم الالتزام بتطبيق هذه المخططات هو ما أدى إلى هذا الانتشار للأنشطة الصناعية.
التوصيات

   من خلال النتائج السابقة لهذه الدراسة، نستطي ع اقتراح العديد من التوصيات، والتي تمثل منهاج عمل من شأنه المساهمة في تنمية قطاع الصناعة في ليبيا، وتشجيع الدراسة والبحث حول الموضوعات المتعلقة بذلك، ومن هذه التوصيات ما يلي:-

1-   ضرورة دعم الدولة وتشجيعها للصناعات التقليدية الحرفية، وذلك لتساهم في خلق فرص عمل للعديد من العمالة المهنية، واستغلال العديد من المواد الأولية المحلية، وذلك بتوفير الظروف الملائمة لتنمية وتطوير ونشر هذا النوع من الصناعات في مختلف المناطق.

2-   استغلال الظروف الطبيعية، المتمثلة في موقع ليبيا و مساحتها لتنمية وتطوير الأنشطة الاقتصادية، ومنها الصناعة، وذلك من حيث الكشف عن الثروات الكامنة في هذه المساحة الكبيرة، وتشجيع الدراسات والأبحاث لتوضيح الصورة كاملة، وتقديم البيانات والمعلومات المتعلقة بالثروات الطبيعية الموجودة في البلاد للمستثمرين، وتسهيل كل الإجراءات لاستغلالها بالطرق العلمية، واستغلال الموقع الجغرافي للبلاد بين الدول الصناعية المتقدمة شمالاً، والدول الفقيرة والنامية جنوباً

3-  الاهتمام بجميع الأنشطة الاقتصادية في جميع السياسات، بشكل لا يسمح بتداخل الاستعمالات على حساب بعضها بعضًا، وذلك ما يدعو إلى إنشاء المناطق الصناعية، وتجهيزها بكامل بنيتها التحتية، وتشجيع الاستثمار في هذه المناطق، وتطبيق التشريعات المنظمة لذلك منعًا للانتشار العشوائي للأنشطة الصناعية، وتداخلها مع بقية الاستعمالات الأخرى، إضافة إلى منع تطور نشاط على حساب الأخر، فالاهتمام بالزراعة و السياحة والثروة البحرية يجب أن يكون مشمولاً في جميع استراتيجيات وسياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتشجيع الاستثمارات في تنمية وتطوير هذه الأنشطة بحيث تسمح هذه الأنشطة بتوفير فرص العمل بنسب متساوية مع القطاعات الأخرى.

4-    التركيز على الصناعات التي تعتمد على المدخلات المحلية، وتوفير مستلزم ات تشغيلها وقطع الغيار اللازمة لها، والاهتمام بتمويلها، وإجراء عمليات الإحلال والتطوير لها مواكبة للتقنية الحديثة والتطور في هذا المجال، وحل كل المشكلات الفنية الإدارية ومشكلات التسويق، وفرض الحماية على المنتج المحلي، والدفع به للمنافسة الخارجية.

5-  الاهتمام بالقوى العاملة الصناعية، وفتح المجال لتشجيع ومواكبة التطور الصناعي ومراعاة الأفضلية والكفاءة والتضخم في هذه العمالة، والاهتمام بها وبدورانها بين كل فترة وأخرى لمنع حدوث المشكلات في المستقبل، والاهتمام بالخدمات التعليمية والصحية، وكذلك معالجة نسبة البطالة في مختلف خطط التحول.

6-  اتخاذ سياسات المرونة والقابلية للتغيير في الاستراتيجيات المستقبلية لتنمية الصناعة وتطورها، تفادياً لحدوث معوقات في طريق هذه التنمية. 

7-  إن الاستقرار الإداري، وكذلك الثبات في التقسيمات الإدارية بين المناطق من الأمور التي تساعد على البحث والدراسة، وذلك للتعرف على مكامن الخلل بين هذه المناطق، والاطلاع على البيانات والمعلومات الصحيحة خلال الفترات الزمنية المتعاقبة من أجل تطوير وتنمية هذا القطاع.

7-   التركيز على تغيير استراتيجية الصناعة التي تستند إلى الانتشار الواسع باستراتيجية انتقائية ترتكز على الأهمية النسبية، ومقومات التطور والنمو، بحيث يمكنها المنافسة في الأسواق الداخلية والخارجية، كما ينبغي التركيز على وجود أجهزة التخطيط الصناعي على مستوى محلي بين المناطق، وذلك لتفادي العراقيل المستقبلية للتنمية الصناعية. 

9- الاهتمام بدراسات الجدوى الاقتصادية، والتركيز على نوع الصناعات، واختيارها لمواقعها، وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتوفير المناخ الاقتصادي المحفز على الإنتاج والتنمية في هذه الظروف.

9- إلزام الصناعات الملوثة للبيئة، والتي تقع بالقرب من المناطق العمرانية والزراعية والسياحية بمعالجة مخلفاتها، أو تغيير مواقعها بعيداً عن هذه المناطق وفق خطط علمية استراتيجية على مستوى مركزي وإقليمي ومحلي.

10- مساهمة الدولة والقطاع الأهلي والمستثمرين الأجانب في إنشاء المجمعات الصناعية، وذلك لتطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة بمنتجاتها في مناطق محددة، ومعالجة كل المعوقات التي من شأنها أن تعرقل تنمية الصناعات الأخرى المرتبطة بهذه الأنواع من المنتجات.

11- التقليل من الاعتماد على النفط في حل كل المشكلات للقطاعات المختلفة، وتحفيز هذه القطاعات للاعتماد على مواردها وتنميتها وتطويرها، والقضاء على الصعوبات التي تواجه هذه القطاعات، والاهتمام بتصنيع وتصدير المنتجات النفطية المكررة بدلاً من تصديره خاماً.    

 الخاتمة

  تعرضت هذه الدراسة للاستراتيجيات والسياسات التي اتبعت لنشر الصناعة وتوزيعها بين المناطق والأقاليم الليبية، وما ترتب على ذلك من خصائص مكانية تميزت بها هذه المناطق نتيجة لهذه السياسات، وتفسير أهم المتغيرات التي ساهمت في خلق هذا الشكل من التوزيع للأنشطة الصناعية، ولقد أدى اختلاف السياسات الصناعية، وتعثرها بين فترة وأخرى إلى تركز وانتشار الصناعة في مناطق دون أخرى، دون آلية محددة مبنية على تخطيط علمي على نطاق مركزي ومحلي، الأمر الذي ساهم إلى حدٍّ بعيد في وصفها بالانتشار العشوائي المتداخل غير المنظم. وعليه فإن مثل هذا التوزيع للأنشطة الصناعية لا يؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوة منه، والأهداف التي رسمت لتنمية الصناعة في أقاليم ومناطق البلاد المختلفة، الأمر الذي زاد من تراكم العديد من المشكلات التي أثرت على مسيرة التنمية لهذا القطاع، كما وصلت هذه الآثار إلى القطاعات الأخرى، كما أن تركيز هذه السياسات على نشر الصناعات الاستهلاكية والصغيرة في المناطق الأخرى، في حين استمر إنشاء الصناعات المتوسطة والكبيرة في أقطاب النمو الكبيرة، مما ترتب عليه استمرار محدودية النتائج والأهداف المتوقعة من ذلك. الاختناقات فيها، ويلاحظ من خلال ذلك أنه منذ منتصف الستينيات فقد تبنت خطط التحول الاقتصادي والاجتماعي أهدافاً معينة باتجاه إعادة توزيع الصناعة عند الأطراف، وفعلاً فقد تم نشر وتوزيع الصناعة على أوسع نطاق ممكن، وذلك بإقامة المشروعات الصناعية في العديد من المدن الصغيرة والمتوسطة الحجم في مختلف أنحاء البلاد، إلا أن النتائج التي ترتبت عليها كانت محدودة وذلك لتركيز هذه السياسة على الصناعات الاستهلاكية والصغيرة، في حين أن الصناعات.


تحميل الأطروحة

👇

 
👇



👇
 



اطلاع وتحميل الأطروحة

👇

 



👇


👇



تحميل الأطروحة من قناة التليغرام


👇



👇






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا