أقاليم التنمية في مصر
أ.د. فتحي محمد مصيلحي
تفرض الأقاليم الجغرافية لمصر توجهاتها على النظام التنموي المقترح، فالإقليم الفيضي كثيف سكانيا ويعاني من اختناقات واحتقانات شديدة، واستمرار التنمية داخله يكتنفه إهدار الإستثمارات، ويجب التعامل التنموي معه من الخارج بهدف خلخلة كثافاته السكانية المرتفعة وتفريغه جزئيا من خلال أقاليم الجوار الجغرافي الصحراوي، وتقتصر مشروعات التنمية داخل المعمور الفيضي على التأهيل البيئي والتنمية البشرية لمجتمعاته المحلية عامة، وتلك التي لها أولوية قصوى كإقليم الصعيد فقط (يرجى مراجعة أقاليم الضغوط السكانية الشديدة).
وتقسيم مصر لأقاليم تنموية يعتمد على رؤية قومية واضحة لمستقبل التنمية، تتمثل في تعظيم الاستفادة من موقع مصر الجغرافي لتحسين موقفها في خريطة التنمية بالعالم من خلال خريطة أولويات تنموية تعتمد على المزايا النسبية للمنتج التنموي القومي بما يسمح بموقف تنافسي في النظام العالمي الجديد.
ويتوفر لكل إقليم مجموعة من المعايير المهمة:
- أن يتوفر بكل إقليم توجه تنموي خارجي تجاه الكتل الاقتصادية العالمية في النظام العالمي الجديد.
- اتصالية عالية بالخارج من خلال تنوع موقعي على الجبهات البحرية والحدود السياسية وتخوم المعمور الفيضي والظهير الصحراوي، ومن ثم فإن كل إقليم يجب أن تتوفر به مداخل وبوابات بحرية وبرية تربطه بالعالم والجوار الجغرافي الدولي.
- يشتمل كل إقليم تنموي على تنوع بيئي مثل البيئات الصحراوية والساحلية والفيضية والبحيرية، أي يملك مقومات التكامل الوظيفي.
- تفاوت توزيعي شديد يفرض ضرورة إعادة التوزيع السكاني من خلال تفريغ مناطق الكثافة المرتفعة في المعمور الفيضي إلى المناطق شبه الخالية بالصحارى.
إقليم الجبهة الشرقية:
تتفق الجبهة الشرقية لمصر القديمة (المعمور الفيضي– الوادي والدلتا) مع هضبة الصحراء الشرقية التي تنحصر فيما بين ساحل البحر الأحمر ووادي نهر النيل من الشرق والغرب على التوالي، وتتألف من ثلاث وحدات مكانية من المنظور التنموي، نطاق المنحدرات الشرقية للهضبة المواجهة للبحر الأحمر، نطاق المنحدرات الغربية للهضبة المواجهة لوادي النيل، وشبه جزيرة سيناء.
وتبلغ مساحة الإقليم (192.6 ألف كم2)، تشكل 19.27% من جملة الحيز المساحي لمصر، ويطل الإقليم على أكثر من ثلاثة أخماس (63.4%) السواحل المصرية، ونصف الواجهات المطلة على المعمور الفيضي، وعلى الحدود السياسية والمناطق الداخلية بمقدار عشر جملة الحدود السياسية والداخلية (9-12% لكل منهما على التوالي).
إقليم الجبهة الشمالية الغربية:
يضم هذا الإقليم نطاق التعاون الدولي المصري – الأوروبي، ويمتد غرب الدلتا حتى الحدود المصرية- الليبية وبعمق يتفق مع المنخفضات الشمالية لصحراء مصر الغربية (سيوة، العرج، البحرين، نويمسية، تبغبغ، وادي النطرون).
وينقسم إلى وحدتين تنمويتين مكانيا، الحوض الغربي للدلتا والذي ينحصر بين منخفض القطارة وغرب الدلتا، والقطاع الغربي فيما بين القطارة والحدود المصرية الليبية، ولكل منهما ملامحه الجغرافية البارزة رغم القواسم المشتركة.
والإقليم يتماثل مع نظيره الشرقي في المساحة حيث تبلغ (218.8 ألف كم2) بنسبة 21.9% من جملة الحيز المساحي القومي، ويطل الإقليم على ربع جملة الواجهات البحرية والنيلية (28، 23.3% لكل منهما على التوالي)، وتطل على الداخل بنسبة 38.3% من طول الحدود الداخلية، وما يقرب من سبع (13.6%) جملة الحدود السياسية.
إقليم الجبهة الجنوبية:
يستهدف النظام التنموي في إقليم الجبهة الجنوبية تحقيق التعاون الدولي مع الظهير الدولي الجنوبي في العمق الأفريقي، وتنظيم التفريغ السكاني للقطاع الجنوبي من المعمور الفيضي ونشره على العروض الجنوبية من الصحراوين الشرقية والغربية، وتحقيق التكامل بين البيئات الصحراوية والفيضية والبحيرية والبحرية، وتشكيل هوية تنموية للإقليم.
ويشغل الإقليم النطاق الجنوبي الغربي من مصر، ويتألف من ثلاث وحدات مكانية متميزة، القطاع الأوسط من الصحراء الغربية بمنخفضاتها ومرتفعاتها في الغرب، والمعمور الفيضي جنوب محافظة أسيوط في الوسط حيث وادي النيل وسهوله وهوامشه وبحيرة ناصر، والقطاع الجنوبي من الصحراء الشرقية جنوب مرسى علم ذات البيئات المتنوعة (السهل الساحلي – البيئة الجبلية – بيئة الأودية شبه الرطبة). انظر الشكل رقم (139).
كما يعد أكبر أقاليم التنمية المكانية وتتجاوز مساحته نصف (58.8%) مساحة مصر، ويمتد في 587.8 ألف كيلومتر مربع، ويطل على القطاع الجنوبي من ساحل البحر الأحمر بنسبة (8.6%) من جملة السواحل المصرية، كما يتاخم أكثر من ربع (26.7%) جملة الواجهات على المعمور الفيضي من الشرق والغرب، كما يطل على الداخل بنسبة تزيد عن نصف الحدود الداخلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق