العلاقة الحضرية الريفية في إقليم مدينة سرت
الليبية ، الواقع والخلفيات
ورقة بحث من إعداد :- د . محمود أحمد زاقوب
( عضو الجمعية
الجغرافية الليبية )
دكتوراه
جغرافية المدن
هاتف : 00218912154034
mahmoudzagob@gmail.com
Zagob1@yahoo.com
2015
مستخلـــــص:
إن تسارع نمو المدن على حساب الريف في الدول النامية وما
ينتج عنه من استنزاف للموارد وإخلال بالبيئة من الظواهر التي تثير القلق ، لذا تهدف
هذه الورقة إلى تسليط الضوء على إقليم مدينة سرت والتوسع العمراني الذي شهده خلال
العقود السابقة والتحول في العلاقة الريفية الحضرية بين قطب النمو الرئيسي في
الإقليم وريفها و إمكانية التعرف على خلفياته وتداعياته المختلفة واعتباره نموذجاً
لعملية التحضر في ليبيا .
اعتمدت هذه
الورقة على المنهج الوصفي التحليلي Qualitative من خلال
البيانات المتاحة بالمراجع والمصادر العلمية ، بالإضـافة إلى استخدام المنهـــج
الإحصائي الكمــي Quantitative، والدراسة
الميدانية للإقليم والاستعانة بالتمثيل البياني و الكارتوغرافي في محاولة لتبسيط
المعطيات والنتائج من جهة واستخراج المشاكل والحلول من جهة أخرى .
تم أتباع آلية طرح المعلومات بشكل يلبي أهداف الورقة ،
بدايةً باستعراض إطار نظري موجز عن وسائل قياس ومؤشرات العلاقة بين مدن الأقاليم
الحضرية تمهيداً ، ومن ثم تشخيص النمو الحضري لقطب النمو الرئيسي بالإقليم ،
والتعرف على طبيعة العلاقة بين مدينة سرت وريفها
لمعرفة الخلفيات المؤثرة ، كذلك قياس مؤشر الهيمنة و الرتبة والحجم بين مدن الإقليم مما مكَن من تشخيص طبيعة نمو مدينة
سرت وأثره على باقي مدن الإقليم ، ومن ثم مناقشة التداعيات المختلفة للتوسع
العمراني بالإقليم و طرح الآليات الكفيلة لتدبيره واستدامته .
وتوصلت الورقة لعدة نتائج منها ، وجود هيمنة واضحة من
مدينة سرت على المدن والأرياف في إقليمها الحضري مع اختلافها زمنياً ، وكذلك كان
للعامل السياسي والاقتصادي الدور الأبرز في
توجيه الهجرة من الأرياف إلى المدينة في إقليم مدينة سرت الحضري .
وتم اختتام الورقة بعدة توصيات من شأنها توجيه
الانتباه للوعي بمدى أهمية ضبط وإدارة
النمو العمراني بالأقاليم الحضرية لتحقيق تنمية ثنائية مستدامة بين الريف والحضر .
الكلمات
الدالة : إقليم
المدينة ، ظهير المدينة ، الهيمنة الحضرية ، تخوم المدن ، الرحلة إلى العمل ، التمدد
الحضري ، التنمية المستدامة ، الرتبة والحجم ، الثنائية الريفية الحضرية .
Abstract :
The accelerated growth of cities to the countryside
account in developing countries and the resulting depletion of resources and
the environment in breach of the phenomena of concern This paper aims to shed
the light on Sirte region and urban expansion which has occurred in the last
decades and the change in the rural-urban relationship between main growth pole
in the region and its rural areas as well as to try to recognize its background
and effects, being considered a model for Libyan urbanization process.
The paper adopted the qualitative-analytical approach
based on scattered data in books, and various periodicals. In addition it also
used a quantitative-statistical method coupled with field study . It utilized
data and cartographic representation to simplify the model on one hand, and to
identify problems and recommend solutions on the other. The introduction of
information was done in such a way to serve the purpose of the paper. Starting
with a brief theoretical framework about method of measurement and indication
of relationships between urban areas. And then diagnosis of urban
development for main growth pole and
recognition of nature of relationship between the city of Sirte and its rural areas as to identify
impact of background. Also measuring the indication of primacy and rank-size
between cities in the region. This has facilitates diagnosis the nature of
devolvement of the city of Sirte
and its impact on the rest of cities in the region. Then discussion of
different aspects of urban expansion in the region and suggesting effective
ways for proper management and sustainability.
The paper has drawn several conclusions ;among them
that there is a real and clear primacy of the city of sirte on the urban and
rural areas surrounding it with different times. And that political and
economic factors have played a major role in migration from rural to urban
areas in the region of Sirte.
Finally, the paper gives several recommendations to
draw attention to the importance of controlling and management of urban growth
in urban regions in order to achieve balanced development
between urban and rural areas.
Key words : City region , Hinterland , Urban Dominance , Urban Fringe, Sustainable
مقدمة :
" أصبح لإقليم المدينة أهمية
كبيرة في الدراسات الجغرافية . وبه تقترب جغرافية المدن اقتراباً شديداً من
الجغرافية الإقليمية ، والواقع أن إقليم
المدينة نوع جديد من الأقاليم يضاف إلى ما نعرفه في الجغرافيا من أقاليم " (1)
، إن دور المدينة في الإقليم لا يتوقف عند ما تقدمه من خدمات ، بل يتعداه إلى
تأثيرها في استعمالات الأراضي في النطاقات المحيطة وفي المراكز الحضرية الأخرى
وكذلك في نوع البضائع والسلع التي تستقبلها وتلك التي توزعها وقد تكون قد وصلت
إليها من مدن تبعد عنها ألاف الكيلومترات ، إن التوسع الحضري الذي شهدته مدينة سرت
جاء نتيجة للنمو الديموغرافي لسكان المدينة والذي لم يكن نتاج النمو الطبيعي–
المواليد والوفيات – للمدينة وحده وإنما جاء أيضا كنتيجة للنمو غير الطبيعي -
الهجرة للسكان - وهي هجرة اعتمدت في جلها على تفريغ وجذب المخزون البشري في إقليم
مدينة سرت ، وفي إطار محاولة الحد من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية
الناتجة عن التوسع العمراني للمدينة والمساعدة في وضع محددات لاستمرارها مستقبلاً
جاءت هذه الدراسة للمساهمة في وضع اقتراحات عملية يمكن للمسئولين الاسترشاد بها عند
اتخاذ القرارات التخطيطية مستقبلاً .
مشكلة الدراسة:
" تضاعف عدد سكان مدينة سرت خلال فترة وجيزة من الزمن حيث كان عدد
سكانها في عام 2006 نحو 57 ألف نسمة في حين وصل عدد سكانها سنة 2014 نحو 117 ألف
نسمة " (2) الأمر الذي يستدعي التساؤل :
- ما مدى أثر هذا النمو للمدينة على
مدن الإقليم ؟
- هل هنالك هيمنة واضحة من مدينة سرت
على مدن إقليمها ؟
أهمية وأهداف الدراسة :
" إن هجرات السكان وتدفق السلع
والخدمات بين المدينة وإقليمها ، شكل من أشكال التفاعل والعلاقات المكانية داخل
النظام العمراني " (3) وحيث أن
النظام الحضري جزء هام من عناصر النظام العمراني الرئيس الذي يشمل كذلك المراكز
العمرانية الريفية ، وللوقوف والتعرف على ماهية وطبيعة التوسع العمراني الحضري
الريفي في أحد أقاليم القطر الليبي ولندرة الدراسات المهتمة بموضوع التركز الحضري
وخصوصاً في الأقاليم في ليبيا بشكل خاص وفي الدول العربية بشكل عام ، لذا فأن هذه
الدراسة محاولة للإسهام في تحقيق الأهداف التالية :
- تسليط الضوء على ظاهرة التوسع العمراني بإقليم مدينة
سرت .
- التعرف على تراتبية النظام الحضري في أحد أقاليم القطر
الليبي .
- استخدام المقاييس العالمية المعتمدة بالخصوص والتعرف
على نتائجها واتجاهاتها في منطقة الدراسة .
أولاً - الإطار النظري : وسائل
ومؤشرات قياس العلاقة بالنظام الحضري :
1/1 – آلية تحديد ألأقاليم
الحضرية .
" لقد شغلت فكرة نفوذ المدن في أقاليمها أذهان الدارسين منذ ما يربو
عن خمسين عاماً ، وهي ميدان لمزيج من
دراسات وظائف المدن وأحجامها وحيزها المكاني وطرق النقل ووسائل الاتصال التي
تربطها بسواها "(4) ، ويختلف إقليم المدينة عن الأقاليم الأخرى ، التضاريسي ،
المناخي ، حيث هو إقليم وظيفي لا تركيبي ، من صنع الإنسان وهو إقليم منظم Organized region ، عند دراسة
العلاقة بين الريف والمدينة ، تسيطر فكرة موجهة وهي أن لكل مدينة صغرت أم كبرت
مساحة من الريف يتبعها ويخدمها ، دون تحديد إقليم المدينة ، وهو منطقة نفوذ
المدينة أو مجالها ، Urban Field .
يطلق العديد من المصطلحات على إقليم المدينة في اللغة العربية ، مجال التأثير الحضري ، منطقة سوق المدينة ،
إقليم تجارة المدينة ، منطقة ركيزة المدينة ، والحقل الحضري ومنطقة خدمة المدينة
والبعض يستخدم مصطلح ظهير المدينة Hinterland ، وكلما كبرت المدينة ، كان
نطاق نفوذها أكبر هذا بشكل عام ، ولكن حدود إقليم المدينة تختلف بحسب أهميتها ،
وفي هذا الإطار يمكننا اعتبار فرنسا كلها ضاحية لباريس ، وبوجه عام ، التضاريس و
الكثافة السكانية تصبغ على إقليم المدينة أتساعاً خاصاً ، فمدن غرب أوروبا تختلف
في أقاليمها عن الولايات المتحدة ، لاختلاف المقياس القاري وتاريخ العمران ،
والمواصلات أهم العوامل في تحديد اتساع إقليم المدينة . إن تحديد الإقليم المتصل
بالمدينة ليس بالأمر الصعب حيث يعرف بأنه ذاك الجزء من المجال الحضري الملاصق
للمدينة ويمكن ملاحظته وتحديده من خلال العمل الميداني أو من الخريطة وكذلك من
خلال حركة السـكان اليوميـة ، أما ثاني هذه الأقاليم هو الإقليم المنفصل للمدينة ،
حيث أن لبعض المدن أقاليم غير متصلة وواسعة قد تشمل القطر أو الدولة بحالها أو جزء
من العالم أحياناً ، كمدينة طرابلس العاصمة ، حيث تأثيرها يمتد لكل المدن الليبية
بدءاً من المدينة الثانية في الرتبة وهي بنغازي و انتهاء بأصغر قرية أو تجمع حضري
في البلاد ، وعند القيام بعمليات تحديد مناطق نفوذ المدينة أو خدماتها ، لابد من
أن نضع نصب أعيننا ، طبيعة المنطقة وطبيعة الإقليم الواقعة فيه ، حيث عادة ما تقاس
تلك الأقاليم بواسطة أحد الفعاليات أو المناشط أو الخدمات الصادرة عنها ، مثال ذلك
مجال توزيع الصحف الصادرة عنها ، أو مجال نشاطها التجاري بالجملة أو المفرق أو
مجال الخدمات الإدارية أو مجال الخدمات التعليمية والثقافية والدينية وهكذا ،
وتبرز لدينا العديد من التحديات حالما نباشر في تحديد المجال ، حيث نسأل هل المجال
أو الخدمة ترقى إلى الاهتمام والأهمية المطلوبة ؟ وهل من الممكن الحصول على
معلومات دقيقة وكافية لنحدد بها المنطقة أو الإقليم ؟ عند ذلك قد نستخدم معيار
واحد أو أكثر من معيار وقد نستخدم أحد الأساليب الكمية – الرياضية – ومن كل ذلك
سوف نخلص إلى تحديد مكانة المدينة من حيث موضعها ومن حيث ارتباطها بمحيطها أو
إقليمها .
2/1 قياس التركز الحضري بالأقاليم العمرانية :
الهيمنة الحضرية Urban Dominance وتسمى
أحياناً السيادة الحضرية Urban Primacy وهو تعبير يطلق حين تستولي أو تستحوذ مدينة أو
اثنتان على معظم سكان الحضر والخدمات في الإقليم أو ألدولة ، وعادة ما يكون واضحاً
هذا المشهد الحضري في دول العالم النامي مما ينتج عنه توزيعاً غير متناسب Disproportionate في السكان
الحضر والخدمات ، " يقول بعض الباحثين أن وجود مدينة مهيمنة على النظام
الحضري يدلل على عدم تطور شبكة العمران وهو مؤشر للتخلف في مجالات التنمية ، ويقول
آخرون أن هذا غير صحيح ، حيث أن بعض الدول المتقدمة توجد بها مدن مهيمنة ، كما هو
الحال في بريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية ، ولم يكن الآمر مقتصراً على الدول
النامية فقط ، وقد تكون الهيمنة ناتجة عن المركزية السياسية والاقتصادية ، و عموماً يمكن القول بأن ظاهرة المدينة
المهيمنة ، هي سمة من سمات التحضر في الدول النامية حيث تنتشر الظاهرة بقوة "
(5) ، يسبب تركز السكان الحضر في مدن قليلة العدد في أية دولة خللاً في الهرمية
الحضرية وفي توازن شبكة المدن ، وتشير الدراسات إلى خطورة النمو الحضري الغير
متوازن ، ويرجع ذلك لعدم توفر سياسات حضرية شاملة لكل الدولة ، لذا تم التفكير في
بناء أقطاب نمو إقليمية متكاملة للاستفادة من الميزة التنافسية لكل مدينة ، للتخفيف
عن المدن الكبرى.
3/1 مقياس
الأولوية – كريستالر 1933 Walther Christaller :-
" تعرض هذه النظرية التفسير ألاستنتاجي الأول لتوزيع المدن لميزان
التدرج بأحجام المراكز الحضرية بدلالة الخدمات الحضرية ، إذ ترتبط الأماكن
المركزية حسب النظرية مع أقاليمها ، بعلاقات اقتصادية تقل أو تزيد حسب الخدمات
التي يقدمها كل منهما ومن ثم جاءت النظرية لدراسة العلاقة بين مراكز توزيع الخدمات
و البضائع في إقليم ما ، وأثر ذلك في هرمية النظام الحضري في ذلك الإقليم " (
6 ) ، لقد كانت الدراسات الجغرافية التقليدية للعمران تركز على مواضيع معينة ،
كالموضع والموقع للمحلات وأصولها ونشأتها و وظائفها وتصنيفاتها ودراسة المناطق
التابعة للمدينة كالظهير Hinterland في حين لم يهمل كريستالر تلك العناصر التقليدية
بل عمل على دمجها في تحليلاته للعلاقة بين المراكز الحضرية والمناطق التابعة لها ،
ورغم نشره لتلك الدراسات سنة 1933 إنما لم يتم ترجمتها إلى الانجليزية إلا في سنة
1966 على يد العالم الجغرافي الأمريكي باسكين Baskin ، والهدف
الرئيسي للنظرية هو شرح التنظيم المكاني للمحلات العمرانية ومناطقها التابعة وخاصة
مواقعها النسبية وأحجامها وفي هذا النظام تتموضع المدن الكبرى في الإقليم في وسط
أكبر بشكل سداسي والمعادلة التي أعتمدها كريستالر هي :-
عدد
سكان المدينة الأولى
قياس الأولية = ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عدد سكان المدينة الثانية + الثالثة +
الرابعة
4/1 الاستدلال على البنية الهرمية
في النظام الحضري
" تنتج عن عملية النمو الحضري تغيرات هامة في حجم المدن ، وتقاس حجوم المدن
بطرق عديدة ، من أهمها عدد السكان وعدد الوظائف التي تقدمها المدينة ، وهذان المقياسان
مترابطان بشكل تام ، إذ كلما زاد حجم المدينة زاد عدد الوظائف التي تقدمها ، ويحدد
هذان المقياسان العلاقة الرتبية – الحجمية و البنية الهرمية للنظام الحضري
" (7) ، و للكشف عن صورة النظام
الحضري الموجود في أي بلد أو إقليم ، يكون من خلال التعرف إلى مدى انطباق قاعدة الرتبة
والحجم السكاني فيه ، حيث لابد من الاستدلال والفحص إلى مدى إمكانية وجود مدينة مهيمنة
في النظام الحضري من حيث عدد السكان والوظائف والخدمات والأنشطة المختلفة . وتعتبر
قاعدة الرتبة والحجم Rank – Size Rule للجغرافي زييف Zipf التي توصل
لها نتيجة دراسته لمجموعة من المدن الأمريكية من القواعد الأساسية ، حيث وجد علاقة ما بين ترتيب المدن من حيث حجومها
السكانية و ذلك بترتيبها ترتيباً تنازلياً وعدد سكانها ، إذ تعتبر من أهم الأساليب
الأقرب إلى الواقعية " وينتج عنها دراسة لشبكات توزيع المدن ، والتعرف على العلاقة
مابين توزيع المدن ورتبها الحجمية ، ومن ثم التوصل إلى التعرف على النظام الحضري القائم
في دولة أو إقليم ما ، وتحديد مدى قربه أو بعده عن التوزيع المنتظم لرتب الحجم
" ( 8 ) ، و تنص قاعدة الرتبة والحجم على وجود مدينة أولى ، تأتي في الرتبة الأولى
من حيث عدد السكان ، والمدينة الثانية في الرتبة الحجمية فأنها تساوي نصف عدد سكان
المدينة الأولى ، وحجم سكان المدينة الثالثة يساوي ثلث عدد سكان المدينة الأولى ، وحجم
سكان المدينة الرابعة يساوي ربع عدد سكان المدينة الأولى وهكذا ، فرتب المدن في القطر
أو الإقليم وفق هذه القاعدة يخضع للتسلسل التالي ويمكن التعبير عن قاعدة الرتبة والحجم بالمعادلة
التالية :-
عدد سكان المدينة الأولى
عدد سكان المدينة ذات الرتبة ن = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ن
ويمكن التعبير بالرموز التالية = pr = P1
_____
r
حيث :- pr = عدد سكان المدينة ذات الرتبة r .
P1 = عدد سكان المدينة الأولى
في القطر أو الإقليم .
R = رتبة المدينة . (9)
ثأنياً / طبيعة ومؤشرات النمو
الحضري بالإقليمين المتصل والمنفصل لمدينة سرت :
1/2
– تحديد الإقليم الحضري لمدينة سرت :
عند دراسة وتحليل علاقة مدينة سرت بمدن وقرى
إقليمها ، نستبعد استخدام معيار الصحف اليومية أو الدورية ، حيث لم تكن للصحف دوراً
مهم في المنطقة بل في الدولة بشكل عام وهنا ليس لنا مجال في خوض غمار هذا الموضوع ،
أما النشاط التجاري بالجملة والمفرق فتأثيره على الإقليم المتصل ظاهر للعيان ، ومن
خلال الاستبيان و الاتصال المباشر بالتجار ورجال الأعمال ، وجدنا بأن ، مدينتي طرابلس
ومصراتة لهما تأثيرهما الواضح حتى على مدينة سرت ذاتها فضلا عن بقية مدن وقرى الإقليم
، لذا تم الاعتماد على الخدمات الإدارية وذلك وفق التقسيمات الإدارية التي مرت على
المدينة وإقليمها ، بالإضافة إلى الخدمات الطبية التي يقدمها مستشفى أبن سيناء المركزي
التعليمي الذي يعد أكبر وأفضل مستشفى في الإقليم ، كذلك خدمات جامعة سرت التي تمتد
إلى أغلب مدن وقرى الإقليم ، وإذا ما اعتبرنا النشاطين جزء من النشاط الإداري حيث وفي
أغلب الأحوال نجد بأن الكليات و المعاهد العليا في مدن الإقليم تتبع إدارياً جامعة
سرت هذا من ناحية ، كم أن أغلب طلاب الجامعة المسجلين بها والغير قاطنين بالمدينة هم
من قرى وأرياف مدينة سرت وأن لجان العلاج الطبي المركزية التي لها فروع في بقية الإقليم
وكذلك أحالة المرضى والمصابين من المستشفيات والعيادات في مراكز الإقليم غالباً ما
تكون صوب مستشفى أبن سيناء الطبي بسرت .
لقد مرت منطقة سرت بمراحل
من التقسيمات الإدارية المتنوعة ، حيث كانت في فترة الخمسينيات من القرن الماضي كانت
تابعة إدارياً لولاية طرابلس ، ثم في الستينيات أصبحت تابعة إدارياً لمقاطعة مصراتة
، ثم في السبعينات من القرن الماضي ، بلدية سرت وتقسم إلى ثلاثة فروع بلدية ، هي الفرع
البلدي سرت والفرع البلدي بوهادي والفرع البلدي جارف وهي بلدية تابعة لمحافظة الخليج
والتي كان مركزها الإداري مدينة اجدابيا ، وكان عدد سكان بلدية سرت سنة 1973 نحو22797
نسمة ، ثم في ثمانينات القرن الماضي أصبحت منطقة سرت بلدية مستقلة حيث كانت تتكون من
تسعة فروع بلدية وهي الفرع البلدي سرت المركز و فرع الصلول الخضر وفرع بن جواد وفرع
هون وفرع ودان وفرع سوكنه وفرع زلة وفرع الهيشة الجديدة وفرع أبونجيم ، ولم تكن بلدية
سرت تتبع أية محافظة ، حيث تم إلغاء نظام المحافظات آنذاك ، وكان إجمالي عدد سكان بلدية
سرت سنة 1984 نحو 109579 نسمة ، ثم في تسعينيات القرن الماضي أصبحت منطقة سرت بلدية
خليج سرت ، لتضم ثمانية فروع بلدية وهي سرت المركز والكفرة و اجدابيا و الواحات ومصراتة والجفرة وزليتن و سوف ألجين
وكان إجمالي عدد سكان بلدية الخليج نحو 896186 نسمة ، ثم في بداية القرن الحالي وبالتحديد
في سنة 2006 أصبحت منطقة سرت جسم إداري يعرف " بالشعبية " وكانت تتبعها منطقة
الجفرة وهذا الجسم الإداري مقسم إلى واحدٍ وثلاثين محلة وكانت مدينة سرت المركز الإداري
له ، وكان عدد سكانه نحو 193720 نسمة . (10)
إن ترسيم الحدود الإدارية وبالتالي الحصول على الخدمات
داخل حدودها أو إطارها والحصول على الوظائف وبعض الفعاليات والخدمات أمر لا يتعلق بالمستهلك
وخياراته حيث يحصل نتيجة قرار من الدولة أو جهات حكومية ، ففي حالة مدينة سرت وإقليمها
وتحديده ، حاولنا أن نستفيد من تاريخ الحدود الإدارية وتقديم الخدمات خلالها من ناحية
وكذلك أثر الخدمات الغير إدارية والغير ملزمة لسكان الإقليم ، كالاستشفاء والدراسة
والتسوق ، فوجدنا انطباق التقسيمات الإدارية في أغلب مراحلها ، فيما عدا مرحلة واحدة
وهي تلك المرحلة التي ترهلت فيها مساحة الإقليم الإداري لتشمل مساحة أجمالية قدرها
903820 كم2 والتي قدرت أكثر من نصف مساحة الدولة كما في الخريطة ( 2 ) ، حيث ضمت مدن أكبر منها حجماً كمصراتة
و اجدابيا واللتان تبعدان عنها بمسافات بعيدة ، وحدث هذا في فترة التسعينات من القرن
الماضي ، في حين كانت الفترات الإدارية الأخرى قريبة من التفاعل والحراك الحضري الطبيعي
كما توضحه الخريطة (1) و (2) وسوف نعتمد في دراستنا للإقليم الحضري Urban Region لمدينة سرت التقسيم الإداري المتوافق مع الحقل الحضري
Urban Field لمدينة
سرت .
2/2
تحليل طبيعة علاقة المدينة بمدن الإقليم وريفه :
العلاقة متبادلة بين المدينة وريفها وهي ليست من
جانب واحد ، حيث يعتبر رخاء المدينة من رخاء ريفها ، والعكس صحيح ، " إذا كانت
المدينة تغزو الريف بحضارتها ونفوذها وتعمل على – تمدين – الريف بالتدريج ، فأن للريف
أثره على المدينة ، فالمهاجرون يحملون معهم طريقة حياتهم فترة طويلة ، فهناك عملية
– ترييف – Ruralization" " للمدينة والواقع إن زواج المدينة بالريف حضارياً خلق نمطاً جديداً هو النطاق
الانتقالي Urban Fringe - تخوم المدن - كما سماه جالبن Galpin " ( 11)
1/2/2 علاقة مدينة سرت الإدارية بإقليمها :
يعتبر الدور الإداري من أقدم أدوار المدينة ، كما أن
وظيفة المدينة الإدارية هي بالضرورة وظيفة إقليمية محلية ، وهنالك تراتبية في
الوظيفة الإدارية تختلف من بلد لأخر ، لكن بوجه عام فأن المدينة تخدم إقليمها
كمركز لكل شئونه الإدارية والاقتصادية ، لقد كانت مدينة سرت منذ القدم هي مركز
الإقليم الإداري ، دلت الحفريات الأثرية بأن
الفينيقيين سنة 600 ق م جعلوها مقراً لترسو سفنهم فيه ، ثم في العهد الروماني " كانت الإدارة الرومانية تتصل بالقبلة
عن طريق موظف تختاره من الزعماء المحليين وحافظ السكان على نظمهم وتقاليدهم هذه
حتى القرن الميلادي الثاني " ( 12 ) ، و في العهد البيزنطي كانت مركزاً
إدارياً ، حيث وجدت بعض المخلفات الأثرية البيزنطية التي من أهمها في قرية وادي
حمد حيث وجدت بها نقود ذهبية وفخار وأواني
خزفية ، وفي عام 641 م
تمركزت بها حامية بقيادة بسر بن ارطأة وعرفت آنذاك باسم مكمداس وهو أسم روماني ،
وكانت مركزاً إدارياً واقتصاديا للإقليم حيث بنيت بها قلاع وحصون في أطراف المدينة
، واستمرت على هذه الحال حتى فترة العهد
العثماني حيث كانت في البداية قضاء من الدرجة الثانية تتبع برقة ، ثم في سنة 1847 م انتقلت لتصبح تابعة لطرابلس
، ثم في سنة 1912 م
تم احتلال سرت من الطليان وأصبحت قاعدة للتوسع نحو الواحات المحيطة بها والجنوب ،
وفي ستينيات القرن الماضي كانت المدينة تضم نحو تسع مباني إدارية تخدم المدينة
والإقليم وأغلب هذه المباني بنيت في ثلاثينيات وخمسينيات من القرن العشرين ، ومن
سبعينيات القرن الماضي حتى 2011
م كانت مدينة سرت حينناً مركز للمحافظة ومركزاً للبلدية
أحياناً أخرى ، وخلال ذلك كانت تؤدي في وظيفتها الإدارية لكافة مدن الإقليم ، بل
في بعض الأحيان أمتد دورها الإداري ليشمل الدولة جميعها وذلك عندما اختيرت لتكون
المركز الإداري الأول للبلاد .
2/2/2 علاقة مدينة سرت الاقتصادية
بمدن الإقليم :
إن الدور
الاقتصادي للمدينة لا يقتصر على توفير فرص العمل لسكانها وسكان إقليمها وتزويدهم
بالقروض وتوفير حساباتهم المصرفية وتسويق منتجاتهم فقط ، بل يشمل توفير حاجاتهم
بما يتماشى وقدراتهم الشرائية ، فسكان الريف يأتون ببضائعهم المتنوعة فيبيعونها ،
ثم يقصدون محال و أسواق معينة لتسوق بضائعهم وحاجاتهم ، ومع هذا فإن المدينة لا
تتحول إلى سوق للريف تستقبل بضائعه ومنتجاته فحسب ، بل هي أيضا بمؤسساتها وشركاتها
ومحلاتها التجارية تعرض إنتاج الريف وتتكفل بتوزيعه على أوسع نطاق ومجال وتتنوع
العلاقة الاقتصادية بين مدينة سرت وإقليمها وسوف ندرسها على النحو التالي :
- النشاط الزراعي والرعوي / وهذه العلاقة تعتبر من أهم العلاقات وأوضحها ،
نتيجة لاعتماد أغلب المدن على منتجات الريف الزراعية و الحيوانية ، وبالإضافة إلى
ذلك فأن ريف مدينة سرت يزودها وبعض المدن
الأخرى ببعض المنتجات التي نتجت من مزاولة بعض الحرف الثانوية ، كتربية النحل لإنتاج عسل النحل ، وتربية
الأبقار الحلوب لإنتاج الحليب ، وتربية الأغنام والماعز من أجل تسويق لحومها
وجلودها وأصوافها ، و تربية الدواجن لإنتاج البيض واللحوم .
- النشاط
الصناعي و المهني / في هذا المجال عادة ما تؤثر المدن في النشاط الصناعي المتوطن
فيها وفي إقليمها رغم تفاوت ذلك من مدينة إلى أخرى ، حيث تنتقل بعض الصناعات من
المدينة إلى الريف بحثاً عن الأماكن الواسعة ورخص أسعار الأراضي وانخفاض الضرائب ،
بالإضافة إلى هذا فأن المدينة تقدم الخدمات المتنوعة لتلك الصناعات ، إلا أن مدينة
سرت لا تعتبر من المدن الصناعية والتي بها توطن أو تركز لبعض الصناعات ، وأن اغلب
النشاطات الصناعية والمتمثلة في الورش والمصانع الغذائية الصغيرة توطنت في المدينة
وليس بخارجها .
- النشاط
التجاري / سكان الريف وبالذات المجاور
لمدينة سرت لا يحصلون على كل متطلباتهم من محال الريف ، فيستكملون نواقصهم تلك من
المدينة في رحلة يومية أو وفق الاحتياج إلى المدينة ، في حين يفضل المنتجين
والفلاحين بريف سرت تسويق منتجاتهم بشكل مباشر في المدينة في رحلة يومية ، وغالباً
ما تكون تجارة التجزئة هذه محدودة الكمية والزمن ، فيما عدا تصريف الفائض الحيواني
، حيث تقام أسواق في المدينة وهي أسواق خاصة لذلك ، حيث يفد الريفيون إلى المدينة
لبيع وشراء حيواناتهم لتلك الأسواق بشكل دوري وغالباً ما يكون أسبوعي ، حيث دلت
أقدم الإحصائيات لاستعمال الأراضي في سنة 1966م بأن مساحة سوق الحيوانات كانت كبيرة وقدرت بنحو 1,5 هكتار ، كما أن
المدينة تعتبر المخزن أو المستودع الرئيسي لتوزيع البضائع بالجملة لمحال البيع
القطاعي في الريف وخصوصاً القريب من مدينة سرت .
3/2/2 علاقة مدينة سرت
السكانية بمدن الإقليم :
" تتميز العلاقة بين المدينة والإقليم بظاهرتين ،
هجرة دائمة من الريف إلى المدينة ، وحركة يومية بين العمل والسكن - رحلة العمل اليومية – Commuting Zone" (13) ،
ومدينة سرت لا تخلو من الظاهرتين ، حيث كانت الظاهرة الأولى وهي الخروج من الريف
أو الإقليم إلى المدينة قد بدأت منذ اكتشاف النفط والازدهار الاقتصادي في المدينة
مقارنة بالريف ، فمثلاً جذبت مدينة سرت في الفترة ما بين إحصائي 1973 – 1995 م ، نحو 10,000 مهاجر إليها
، بينما هاجر منها نحو 2263 مهاجر ، ليكون صافي الهجرة إليها نحو 7737 نسمة (14)، لقد
كانت هنالك عوامل جذب كبيرة للهجرة إلى مدينة سرت ، حيث التحول الكبير في وظيفة
سرت الإدارية وتوفر الوظائف وخصوصاً في الفترة التي اختيرت فيها سرت لتكون المركز
الإداري الأول على مستوى الدولة ، والذي بدوره وفر وظائف أخرى على هامشه ،
كالتجارة والنقل وغيرها من الوظائف ، كما أن توفر السكن اللائق والخدمات الأخرى
كالمدارس والجامعة والمستشفيات والعيادات وغيرها من الخدمات كان له الدور الواضح
في جذب المهاجرين ، كما أن توفر شبكة طرق جيدة من وإلى المدينة مع المناطق المحيطة
والبعيدة جذب المهاجرين أليها ، أما الظاهرة الثانية وهي الرحلة اليومية إلى العمل
، حيث كثيراً ممن يشتغلون في المدينة ، يسكنون خارجها ، ويأتي توفر العمل وعدم
توفر السكن في المقام الأول من الأسباب لهذه الرحلة اليومية ، كما أن توفر وسائل
المواصلات الشخصية ووجود الطرق البرية الجيدة سبباً إضافياً لذلك ، حيث كلما توفرت
وسائل المواصلات وتحسنت الطرق واتسعت ، زادت مسافة الرحلة اليومية بين المدينة
وإقليمها " ومن الناحية النظرية
البحتة يخرج من منطقة الرحلة اليومية للعمل في المدينة ما يتراوح ما بين 5- 10 %
من قوة المدينة العاملة " (15) .
3/2 قياس الهيمنة والبنية الهرمية للإقليم
الحضري سرت :
لقياس
التركز الحضري والتعرف على أثاره ومدى التوسع العمراني في الإقليم الحضري سرت ،
وصولاً إلى تحديد الآليات الكفيلة بتدبيره واستدامته ، ينبغي استخدام المؤشرات
الكفيلة لإيضاح معالم وطبيعة هذا التوطن وذلك باستخدام أهم المؤشرات استخداماً .
1/3/2 مؤشر الهيمنة الحضرية بين مدينة سرت ومدن
الإقليم :
عندما
طبقنا هذا المقياس على مدن إقليم مدينة سرت ، من خلال بيانات التعداد العام للسكان
في عامي 1984 و 2006 م
، المبينة في الجدول (1) ، ومن خلال تقسيم عدد سكان مدينة سرت على عدد سكان المدن
الثلاثة التالية لها في الترتيب من حيث الحجم ، نجد أن مؤشر الهيمنة كان في سنة
1984 منخفض حيث سجل نحو 0,81 ، في حين سجل ارتفاعا واضحاً في سنة 2006 حيث سجل نحو
1,24 والذي يعتبر مؤشراً قوياً على هيمنة مدينة سرت على مدن الإقليم ويشير ذلك إلى
عدم وجود مدينة منافسة لمدينة سرت في الإقليم ، هذا الارتفاع في مؤشر الهيمنة
مابين التعدادين ، يشير إلى أن أهمية مدينة سرت كان في تلك الفترة في تصاعد ، رغم
أن الشعارات التي كانت ترفع من الدولة بتبني اللامركزية في حين كانت الحقائق على
الأرض والواقع يشي بغير ذلك ، وهذا يؤدي
إلى إشكالية عدم التوازن في التنمية في الأقاليم ، مما يستدعي الاهتمام بالدراسات
الحضرية والعمرانية ومعرفة شبكات العمران في الإقليم وفي الدولة الليبية عموماً
ووضع خطط واضحة لتنمية المراكز الحضرية الصغرى والمتوسطة في الأقاليم .
وعند مقارنة بيانات الإقليم بمؤشرات الدولة الليبية ،
" والتي تشير خلال تعدادي السكان
عامي 1984 و 2006 حيث سجل مقياس الهيمنة
في تعداد 1984 ، 1,7 وهو مرتفع ، في حين سجل في سنة 2006 نحو 0,82 وهنا يسجل
انخفاضا على نحو واضح" (16) ، وهنا نستنتج بأن مؤشر الهيمنة عندما يؤخذ
للدولة بشكل عام قد لا يعطي النتائج الحقيقية أو الصحيحة لكل الأقاليم ، لذا من
المفيد التعرف على ظاهرة التوطن الحضري بالأقاليم ، للتعرف على الصورة الحقيقة
والقريبة من الواقع للظاهرة .
الجدول (1) الترتيب ألحجمي
لمدينة سرت وبعض مدن الإقليم 1984-2006
م
المدينة
|
عدد السكان1984
|
الرتبة
1984
|
عدد السكان
2006
|
الرتبة 2006
|
سرت
|
19100
|
1
|
56681
|
1
|
هون
|
8443
|
2
|
19816
|
2
|
ودان
|
7691
|
3
|
13302
|
3
|
رأس لانوف
|
5725
|
7
|
12630
|
4
|
سوكنه
|
7368
|
4
|
9887
|
5
|
بن جواد
|
5330
|
8
|
9766
|
6
|
أبو هادي
|
1800
|
9
|
8936
|
7
|
زلة
|
5967
|
6
|
8202
|
8
|
وادي زمزم
|
1655
|
10
|
6844
|
9
|
الزعفران
|
6449
|
5
|
6245
|
10
|
جارف
|
500
|
11
|
4984
|
11
|
المصدر / التعداد العام للسكان –
1984 – 2006 .
2/3/2 قياس المرتبة والحجم بين مدن إقليم مدينة سرت :
وبتطبيق نظرية المرتبة والحجم على إقليم سرت نجد الأتي
:-
عدد سكان المدينة ذات الرتبة 2 في الإقليم سنة 2006
=
عدد سكان مدينة سرت
______________
2
عدد سكان المدينة ذات الرتبة 2 في الإقليم =
56681
___________
2
عدد سكان المدينة ذات الرتبة 2 في الإقليم = 28340
نسمة .
هذا نظرياً أو من حيث المعادلة ، في حين الواقع عدد سكان
المدينة ذات الرتبة الثانية في الإقليم وهي مدينة هون سنة 2006 هو 19816 نسمة ،
وهو يقل كثيراً عن ما يفترضه المقياس .
وهكذا يتم قياس رتب بقية مدن الإقليم وبنفس المعادلة
واستنادا إلى قاعدة الرتبة والحجم للعامين
1984-2006 م
وكما يتضح من الرسم البياني (1)، نجد أن النتائج تختلف بين هذين العامين ، حيث اتضحت
هيمنة مدينة سرت في التعداد الأخير أكثر من التعداد الأول كما سبق وأن اشرنا ، حيث
ابتعد المنحنى عند مدينة سرت عن منحنى القاعدة مما يشير إلى تزايد سكان مدينة سرت في
تعداد 2006 بشكل ملحوظ عن التعداد في 1984 ، وبشكل عام يمكن أن نلاحظ التالي :-
- - احتلت مدينة سرت كمدينة مركزية في الإقليم الرتبة الأولى ، وقد اتخذت موقعاً
مركزياً بالنسبة للإقليم .
- - عدم وجود تقاطع للمنحنيين في أية نقطة ، مما يدلل على استمرار نفس نمط النمو
في الفترة ما بين التعدادين .
- - انخفاض المنحنيين بشكل عام عن القاعدة عند معظم المراكز الحضرية ، وهذا يشير
إلى هيمنة مدينة سرت على المناطق الحضرية الأخرى ، ويشير إلى تركز السكان الحضر في
مركز الإقليم .
ويمكننا أن نستخلص نتيجة
مهمة من المفاهيم المتضمنة في قاعدة الرتبة والحجم ، وفي مفهوم الهيمنة الحضرية أو
سيطرة المدينة المركزية في الإقليم ، وهي أن قاعدة الرتبة والحجم توضح مدى انتظام العلاقة
بين حجم المدن ورتبها ، كما تظهر توزع السكان في جميع المدن بشكل أقرب إلى الانتظام
، أي تركز السكان في المدن دون تطرف ، فيتوزع السكان بين المدن لتظهر علاقة أشار إليها
زيف ، وذلك بأن حجم المدينة الثانية يساوي نصف حجم المدينة الأولى وحجم المدينة الثالثة
يساوي ثلث حجم المدينة الأولى وهكذا ، ويظهر أن هذا الانتظام بشكل أكثر وضوحاً في الدول
المتقدمة ، بسبب نمط الهجرة وذلك بتدرجها على مراحل ، حيث يتم الانتقال من مدينة صغيرة
ثم إلى مدينة متوسطة إلى أخرى كبرى ، وعادة ما تأخذ هذه الرحلة من المدينة الصغيرة
إلى المدينة الكبرى وقتاً طويلاً ، في حين تتم عملية الهجرة في الدول النامية في مرحلة
واحدة ، حيث ينتقل المهاجرون من القرى الصغرى إلى مركز الإقليم أو المدينة الأولى دفعة
واحدة وفي وقت قياسي .
الجدول (2)
أحجام ورتب المراكز الحضرية
في إقليم سرت استنادا لبيانات سنة
2006م
بعد تطبيق قاعدة الرتبة والحجم
أسم المدينة
|
الحجم (نسمة) حسب
تعداد 2006
|
الحجم (نسمة)حسب قاعدة زيف
|
الفجوة
|
مرتبة المدينة
|
سرت
|
56681
|
56681
|
0
|
1
|
هون
|
19816
|
28341
|
8525-
|
2
|
ودان
|
13302
|
18894
|
5592-
|
3
|
رأس لانوف
|
12630
|
14170
|
1540-
|
4
|
سوكنه
|
9887
|
11336
|
1449-
|
5
|
بن جواد
|
9766
|
9447
|
319
|
6
|
أبو هادي
|
8936
|
8097
|
839
|
7
|
زلة
|
8202
|
7085
|
1117
|
8
|
وادي زمزم
|
6844
|
6297
|
547
|
9
|
الزعفران
|
6245
|
5668
|
577
|
10
|
جارف
|
4984
|
5153
|
169-
|
11
|
-
أعداد الباحث .
خريطة ( 1)
حدود بلدية سرت 1984 . (17 )
خريطة ( 2 ) حدود
بلدية خليج سرت 1995 . (17 )
خريطة ( 3) حدود
شعبية سرت 2006 . (17 )
1/4 قياس معدل نمو السكان وفق معياري
المسافة والزمن :
أوضحت الدراسة بأن المراكز الحضرية والقرى والقريبة المسافة لمركز النمو
سرت والتي كانت أقصى مسافة لها بنحو 15 كيلو متر ، كانت نسبة نموها سكانياً متدنية
حيث ، كانت أقربها لسرت هي القرضابية والتي لم تبعد سوى 10 كم وكانت نسبة نموها سالبة
أي بنحو – 129% ، في حين كانت الغربيات الثانية من حيث المسافة وتبعد بنحو 11 كم ، كانت نسبة نموها
نحو25% ، وكانت القبيبة الثالثة بعداً في المسافة وتبعد بنحو 14 كم وكانت نسبة نموها نحو
16% ، وهذا يدلل بأن المراكز القريبة قليلة النمو سكانياً حيث هنالك أمكانية النقل
والعيش في المدينة بشكل أبسط واتضح بأن السكان يفضلون الانتقال والعيش في المدينة
بدلاً من البقاء في الضواحي ، كما أوضحت الدراسة بأن المراكز الحضرية والقرى ،
البعيدة المسافة عن مركز النمو سرت ، والتي كانت يتراوح بعدها مابين 60 – 200 كم ، كانت نسبة نموها
مرتفعة أكثر من سابقتها ، حيث كانت أقربها لمدينة سرت العامرة بمسافة 60 كم ، وكانت نسبة نموها
سكانياً بين التعدادين بنحو 25% ، ثم جاءت هراوة بمسافة 75 كم وبنسبة نمو نحو 53% ،
والوادي الأحمر يبعد بمسافة بنحو 90
كم وكانت نسبة النمو السكاني نحو 50% ، كما جاءت أبو قرين
بمسافة 140 كم
عن مدينة سرت ونسبة نمو نحو55% ، أما زمزم فكانت تبعد بنحو 150 كم ونمت بنسبة 76% ما بين
التعدادين ، ثم جاءت أبونجيم ألأكثر بعداً في المسافة عن مدينة سرت بين مدن العينة
وتبعد نحو 200 كم
وكانت نسبة نمو السكان فيها قدرت بنحو 29% ، وهذا يدلل بأن المراكز والقرى البعيدة
عن مركز نمو الإقليم الأكثر نمواً سكانياً عن تلك المراكز القريبة من مدينة سرت .
أعداد الباحث .
2/4 النتائج
والتوصيات :
1/2/4 – النتائج :
1- هنالك هيمنة من قطب نمو إقليم مدينة
سرت والمتمثل في سرت المدينة على باقي المراكز الحضرية في الإقليم وهذا يعكس عدم
توزيع بعض الخدمات الأساسية في الإقليم مما حث ونشط السكان على التوجه للسكن في
سرت المدينة .
2- وضوح الفجوة مابين حجم مدن إقليم مدينة
سرت حسب آخر تعداد للسكان بالبلاد 2006 وحجمها وفق قاعدة زيف وهذا يدلل على أن
العلاقة بين الحجوم والرتب غير منتظمة وأن التركز الحضري واضح في مركز الإقليم .
3- لقد تبين بأن المراكز الحضرية والقرى
والقريبة المسافة بمركز النمو سرت والتي كانت أقصى مسافة لها بنحو 15 كيلو متر ،
كانت نسبة نموها سكانياً وفق تعداد السكان 2006 متدنية في حين كانت المراكز
الحضرية والقرى ، البعيدة المسافة عن مركز النمو سرت ، والتي كان يتراوح بعدها
مابين 60 – 200 كم
، كان نسبة نموها سكانياً مرتفعة .
4- ارتفاع مؤشر الهيمنة لمدينة سرت في
إقليمها عن المؤشر العام للهيمنة في الدولة الليبية وفق تعداد السكان 2006 ، مما
يدلل على أهمية القيام بالدراسة ذات العلاقة في الأقاليم للتعرف بشكل واضح على
الظاهرة في الدولة .
4/2/2 – التوصيات :
1- العمل على القيام بكل ما من شأنه
تشجيع سكان الأرياف والمراكز الحضرية خارج مدينة سرت والساكنين بإقليم المدينة من
الاستقرار بمحال إقامتهم وذلك بتوفير المساكن وقطع الأراضي للبناء والاستثمار
والخدمات المتنوعة .
2- استحداث برامج تنموية مستدامة في
المدن المتوسطة بالإقليم لإحداث بيئة قادرة على إيجاد حركة نزوح وهجرة معاكسة من
مركز الإقليم اليها .
3- القيام بالدراسات الميدانية واستقراء
أراء المواطنين والتعرف على أسباب النزوح والهجرة إلى مركز الإقليم لوضعها في عين
الاعتبار عند وضع السياسات التنموية .
4- التركيز على الميز التنافسية المتوفرة
ببعض المراكز الحضرية بالإقليم وجعلها نقاط قوة داعمة للمشاريع التنموية الجاذبة
للاستثمار وبالتالي ضامن لاستقرار سكانها ولهجرات عكسية أضافية .
5- القيام بالصيانة الدورية لشبكة الطرق
الرابطة بين مدينة سرت ومدن الإقليم لاستدامتها وتمكين سكان الإقليم من التحرك من
وإلى المدينة بيسر وسهولة .
الهوامش والمصادر :
(1) عبدالله عطوي ، جغرافية المدن ، ج2 ،
دار النهضة العربية ، بيروت ، 2002 ، ص 77 .
(2) محمود زاقوب ، مدينة سرت ، دراسة في
النمو والتخطيط الحضري والوظيفة الإقليمية وإعادة الإعمار ، رسالة دكتوراه غير
منشورة ، جامعة النيلين ، الخرطوم ، 2015 ، صـ 199 .
(3) يحي الفرحان ، أحمد الخشمان ، جغرافية العمران ، ط1 ، الشركة العربية
المتحدة للتسوق والتوريدات ، القاهرة ، 2010 ، صـ 108 .
(4) عيسى علي إبراهيم ، جغرافية المدن ، دراسة
منهجية تطبيقية ، دار المعرفة الجامعية ، الإسكندرية ، 2005 ، صـ 261 .
(5) السيد البشرى محمد ، عبد العظيم عثمان
أحمد الأمام ، التحضر في الدول النامية ، معهد الدراسات الحضرية ، جامعة الخرطوم ،
2006 ، صـ 4 .
(6) عثمان محمد غنيم ، مقدمة في
التخطيط التنموي الإقليمي ، كلية التخطيط والإدارة ، جامعة البلقاء التطبيقية ،
دار الصفاء للنشر والتوزيع ، عمان ، ط 3 ، 2005 ، صـ 145 .
(7)
يحي الفرحان ، أحمد الخشمان ، مصدر سابق ، 2010 ، صـ 111 .
(8) ماجدة أبو زنط ، تخطيط التنمية الإقليمية في شمالي الضفة
الغربية ، فلسطين ، رسالة دكتوراه غير منشورة ، الجامعة الأردنية ، عمان الأردن ،
2002 ، صـ 133 .
(9) محمد مدحت جابر ، جغرافية العمران
الريفي والحضري ، مكتبة الإنجلو المصرية ، القاهرة ، 2006 ، صـ 290 .
(10) محمود زاقوب ، مصدر سابق ،
2015 ، صـ 288 .
(11)
عبد الله عطوي ، مصدر سابق ، 2002 ، صـ107
.
(12) أحمد
غيث لامة ، مختصر تاريخ سرت ، منذ أقدم العصور حتى الحرب العالمية الثاني ، دار الكتب الوطنية ،
2005 ، صـ 46 .
(13) فتحي محمد أبوعيانة ، جغرافية
العمران دراسة تحليلية للقرية والمدينة ، دار المعرفة الجامعية ، القاهرة ، 2000 ،
صـ 342 .
(14) محمد العماري الفيتوري ، التركيب الوظيفي لمدينة سرت
وعلاقتها بمجاوراتها ، المؤسسة العامة للثقافة ، طرابلس ، 2009 ، صـ 155 .
Garnier , j . & Chabot
,1967 , P 420,
(15)
(16) محمود زاقوب ، مرجع سابق ، 2015 ، صـ 306 .
(17) أمانة التخطيط ، مصلحة المساحة ، الأطلس الوطني ، شركة
اسليت لخدمة الخرائط ، استوكهلم ، 1978 ، صـ 115 ، 125 .
أو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق