التسميات

آخر المواضيع

الأحد، 29 يناير 2017

لمحة عن تاريخ مدينة طرابلس - الأستاذ : سعيد علــي حـامد ...


لمحة عن تاريخ مدينة طرابلس


الأستاذ : سعيد علــي حـامد


  تغطي الأراضي الليبية رقعة من اليابس تمتد فيما بين خطي طول 25 , 9 درجة شرقاً، وبين دائرتي عرض 45 - 14، 33 درجة شمالاً، وتبلغ مساحتها نحو 1.750.000 كليومتر مربع. يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب جمهوريتي تشاد والنيجر ومن الشرق جمهورية مصر العربية ومن الجنوب الشرقي جمهورية السودان ومن الغرب جمهوريتي تونس والجزائر.

  لقد أهل هذا الموقع المميز ليبيا بأن تشارك وتمتزج فيها حضارات البحر الأبيض المتوسط مع حضارات عصور ما قبل التاريخ التي شهدتها الصحراء الكبرى.

  وردت تسمية ليبيا لأول مرة في نقيشة ترجع إلى الألف الثانية ق.م. في عهد الدولة القديمة في مصر. ويبدو أن الأسم أشتق من اسم إحدى القبائل ( الليبو) التي كانت تسكن غرب نهر النيل. 

  ولقد استخدم اليونانيون القدماء كلمة ليبيا لتشمل المنطقة الممتدة من غرب نهر النيل حتى المحيط الأطلسي. وفي العهد الروماني أصبح مدلول (أرض اللوبيين) ينحصر في ولاية أفريقيا الرومانية وكان إقليم المدن الثلاث ( لبدة ، أويا ، صبراته ) جزءاً منها، والذي أطلق عليه خلال القرن الثالث الميلادي مصطلح إقليم طرابلس.

تأسيس المدن الثلاث:-

   من المعلوم أن الكنعانيين ــ وهم سكان بلاد الشام والذين عرفوا باسم الفينيقيين وقد أطلقه عليهم الأغريق وتعني اللون الأرجواني لاشتهارهم بصناعة الأصباغ والملابس الأرجوانية ــ اشتهروا بركوب البحر بغرض التجارة مع شعوب البحر الأبيض المتوسط منذ أواخر الألف الثاني قبل الميلاد. فأنشأوا مجموعة من المراكز التجارية من أهمها قادش (أسبانيا) نحو عام 1100 ق.م. وعتيقة (عنابة حالياً) ثم مدينة قرطاج في تونس سنة 814 ق.م.

  لقد عرف الفينيقيون الشواطئ الليبية منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد ثم قاموا بإنشاء مجموعة من المدن التجارية به اشتهرت من بينها (لبدة) التي يحتمل أنها انشأت في القرن السابع ق.م. وأويا وصبراته اللتان يحتمل أنهما انشأتا في القرن السادس ق.م. كما تدل المخلفات الأثرية المكتشفة فيهما.

  لقد ارتبطت المدن الثلاث بقرطاج التي فرضت هيمنتها عليها اقتصاديا، وتأثرت تلك المدن بتيار الحضارة القرطاجية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ودينياً، وإن تمتعت بإستقلال ذاتي شأنها شأن المدن الأخرى الخاضعة لقرطاج في حوض البحر الأبيض المتوسط الغربي.

  بعد قضاء الرومان على مدينة قرطاج سنة 146ق.م . خضع إقليم المدن الثلاث لمملكة نوميديا وفي القرن الأول ق.م. فرض الرومان سيطرتهم على الإقليم الذي أصبح جزءاً من الأمبراطورية الرومانية.

مدينة طرابلس:-

   تردد الفينيقيون على موقع مدينة طرابلس منذ الألف الأول قبل الميلاد، إذ كان يتمتع بمرفأ آمن وهو ما يحتاجونه لسفنهم وللتزود بالمؤن والماء والتعامل مع سكان المنطقة، إن تأسيس مدينة أويا (طرابلس فيما بعد) يعود لموقعها المميز، وقد نمت وتطورت حتى أصبحت من أهم مدن حوض البحر الأبيض المتوسط. ظلت أويا تابعة للمدينة الفينيقية قرطاج منذ القرن الخامس ق.م. إلى سنة 146 ق.م حيث حكمها النوميديون ومع نهاية القرن الثاني ق.م. بدأ النفوذ الروماني بها إلى أن تم احتلالها من قبلهم سنة 46 ق.م. وخضعت لحكمهم إلى أن سقطت بين الوندال سنة 439م، وفي سنة 543 تمكن القائد البيزنطي بليزاريوس من الإستيلاء عليها فخضعت للحكم البيزنطي حتى سنة 23هـ / 643 م عندما تمكن القائد العربي عمرو بن العاص من فتحها، وتعتبر هذه السنة نقطة تحول حاسمة في تاريخ مدينة طرابلس إذ أقبل أهلها على إعتناق الإسلام وتعلم اللغة العربية وأصبحت أحد الرباطات التي إنطلق منها العرب المسلمون لفتح باقي الشمال الأفريقي.

  تنفرد مدينة طرابلس عن شقيقتيها لبدة وصبراته بأنها مدينة مأهولة تواصلت الحياة فيها مما لم يمكنها من الاحتفاظ بكثير من المعالم الأثرية التي تعود للحضارات الفينيقية والرومانية والبيزنطية.

  ولقد احتفظت طرابلس بأثر روماني وحيد هو قوس ماركوس أوريليوس بمنطقة باب البحر، وهو قوس نصر ذا أربع واجهات زخرف بمجموعة من النقوش التي تمثل بعض الآلهة الرومانية (أبوللو، منيزفا، فيكتوريا) وبعض الأسرى والأسلاب. وقد شيد سنة 163م تكريماً للأمبراطوريين الرومانيين ماركوس أوريليوس ولوكيوس فيروس. في حين أنها تزخر بالمعالم العربية الإسلامية التي تعود لفترات تاريخية مختلفة.

قوس ماركوس اوريليوس وجزء من ميناء طرابلس

  زار الكثير من الجغرافيين والرحالة مدينة طرابلس وتركوا مدوناتهم عنها . ونشير هنا أن المدينة عرفت منذ الفتح العربي باسم ( أطرابلس ) سنة 23 هـ / 643 م بزيادة ألف ، إذ ورد هذا الاسم في الكتاب الذى أرسله القائد عمرو بن العاص إلى الخليفة عمر بن الخطاب بالمدينة المنورة يخبره بفتح مدينة شروس عاصمة جبل نفوسة ويستأذنه في فتح أفريقية ومما جاء فيه " أن الله قد فتح علينا أطرابلس ، وليس بينها وبين أفريقية إلا تسعة أيام ، فإن رأي أمير المؤمنين أن يغزوها ويفتحها على يديه فعل". وقد ذكرها الكثير من المؤرخين والرحالة العرب باسم أطرابلس إلا أنه مع استمرار الزمن حذفت الألف للتخفيف واشتهرت باسم طرابلس الغرب قبل العهد العثماني (1551 م.) بقرنين من الزمن إلا أنه التصق بها أكثر في ذلك العهد تميزاً لها عن طرابلس لبنان .

  وصف المؤرخ اليعقوبي في كتابه البلدان مدينة طرابلس في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي بقوله :- " أطرابلس مدينة قديمة جليلة على ساحل والبحر عامرة آهلة ".وفي القرن الرابع الهجري /العاشر الميلادي نجد لها وصفاً في كتاب أبن حوقل ( صورة الأرض ) جاء فيه :- " فأما أطرابلس فكانت قديماً من عمل أفريقية ... وهي مدينة بيضاء من الصخر الأبيض على ساحل البحر خصبة حصينة كبيرة ذات ربض صالحة الأسواق...".
منظر عام لمدينة طرابلس

   أما الرحالة البكري صاحب كتاب المسالك والممالك فيصف المدينة وأهلها فى أواخر القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي بقوله :-" فإن أهل طرابلس أحسن خلق الله معاشرة وأجودهم معاملة وأبرهم بغريب ... وتسمى مدينة أطرابلس مدينة أناس ...".

  وزار بعد تلك الفترة العديد من الرحالة مدينة طرابلس وأثنوا عليها ووصفوا أوضاعها الاقتصادية والعمرانية وأشادوا بحسن معاملة أهلها وكرمهم وبنظافة أعراضهم وثيابهم.

  ولقد عرفت مدينة طرابلس بالمدينة البيضاء فالرحالة التجاني الذي زارها في سنة 706 هـ/ 1307 م. يذكر في كتابه ( تقييد الرحلة ) :- " ولما توجهنا إلى طرابلس وأشرفنا عليها كاد بياضها مع شعاع الشمس يغشي الأبصار فعرفت صدق تسميتهم لها بالمدينة البيضاء...". وترك لنا التجاني وصفاً وافياً لمعالم المدينة ؛ مساجدها ، مدارسها ، قصبتها وأسوارها ، حماماتها ،أسواقها ،شوارعها ، القوس الروماني والحياة العلمية والثقافية بها .

  وقعت طرابلس في سنة 1510 تحت الاحتلال الأسباني إذ تمكن قائد الأسطول الأسباني بيدرو دى نفارو((Pedro di Navarro من احتلال طرابلس وقلعتها يوم 25 يوليو 1510 وتعود أسباب الاحتلال إلى الصراع الديني الإسلامي المسيحي في تلك الفترة ورغبة ملك أسبانيا فرديناند Ferdinand في جعل طرابلس نقطة انطلاق وتموين للأساطيل الأسبانية لضرب المسلمين في المشرق وتعميرها برمتها بالنصارى. كما أن طرابلس حظت بموقع استراتيجي مهم جعل منها مركزاً تجارياً وحلقة وصل بين أوربا ومدن ماوراء الصحراء الكبرى، فكانت تنعم برفاهية العيش وقوة الاقتصاد واستقرار وأمن في الحياة مع فراغ سياسي وعدم وجود سلطة قوية قادرة على الدفاع عنها.

  لم يتجاوز احتلال الأسبان أسوار مدينة طرابلس وقلعتها، واقتصر تواجدهم بهما ونظم الأهالي مقاومة شعبية اتخذت من تاجوراء مركزاً لها، وأمام تلك المقاومة والظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بهما أسبانيا قرر ملكها التنازل عن طرابلس وقلعتها لمنظمة فرسان مالطا سنة 1530 الذين استمر احتلالهم لها إلى سنة 1551 عندما تمكن الأهالي بمساندة الأسطول العثماني من طرد فرسان مالطا وخضعت ليبيا للسيادة العثمانية. 

طرابلس خلال العهود العثمانية والقرمانلية:-

   تميز منتصف القرن السادس عشر الميلادي بسيطرة العثمانيين على طرابلس من عام 1551 – 1711 وعرفت هذه الفترة بالعهد العثماني الأول ثم حكمت طرابلس الأسرة القرمانلية من 1711- 1835 عادت طرابلس وخضعت للحكم العثماني من 1835-1911 . وقد حظيت طرابلس خلال تلك العهود بإقامة مجموعة من المنشآت الدينية والمدنية والحربية ، شيدها الولاة والمتنفذون والموسرون من أهل البلاد. 

رسم لمدينة طرابلس سنة 1559

  شيدت مجموعة من المساجد من أهمها ؛ جامع درغوت باشا (1560) جامع الناقة (اعادة بناء 1610) جامع شايب العين (1699) جامع أحمد باشا (1738) جامع قرجي (1834) . وشيدت مجموعة من المدارس ؛ مدرسة عثمان باشا (1654) مدرسة جامع ميزران (خارج المدينة 1880) مدرسة الفنون والصنائع (1898).

  وفي مجال العمارة المدنية أقيمت مجموعة من المنشآت ؛ فنادق ، أسواق ، حمامات ، مدارس ، مستشفيات ، قصور وبيوت مميزة، وستحدتث شوارع خارج أسوار المدينة وزودت طرابلس بالمياه العذبة وأقيمت الأسبلة.

  وأهتم الولاة بتحصين المدينة فأنشاوا الحصون والقلاع والأبراج ودعموا الأسوار ،وأولوا عناية كبيرة بقلعة طرابلس ( السرايا الحمراء) التي كانت مقراً لهم ومنها يديرون شؤون الولاية.

  وفي أواخر القرن التاسع عشر استحدتث خارج أسوار المدينة بعض الشوارع والأحياء (بلخير ، ميزران ).

طرابلس في ظل الاحتلال الايطالي:-

   في اليوم السابع من شهر أكتوبر 1911 وطأت أقدام الجنود الأيطاليون مدينة طرابلس ووقعت تحت الاحتلال الإيطالي الذي استمر حتى سنة 1943 . وأثر الاحتلال قام الأيطاليون بتهديم معظم أسوار المدينة ، وأنشاوا سوراً عرف باسم ( الكردون ) حول المنطقة المحيطة بمدينة طرابلس ، يمتد من باب قرقارش ( الحمامجى سابقاً ) إلى باب العزيزية ثم باب عكارة فباب بن غشير ثم باب تاجوراء لينتهي عند أبي ستة لحماية أنفسهم ضد هجمات المجاهدين الليبيين . وأزال الأيطاليون عدداً من المعالم العربية التي كانت تحيط بالقوس الروماني ليعطوا له حرماً ويبرزوا التواجد الروماني بالمدينة . وفتحوا طريقاً عبر القلعة بعد إزالة جزءاً من مبانيها ليربط بين الميناء بالمنطقة المحيطة بأسوار المدينة، وقاموا باستحدات بعض الشوارع والمباني وأجروا تحويرات بدار البارود والتي هيات بتصميم وضعه المعماري دي فاوستو لتكون سوقاً للصناعات التقليدية المحلية.

  عاش أهل طرابلس داخل أسوارالمدينة القديمة ، ومارسوا كافة الأنشطة الاقتصادية خاصة التجارة ، إذ تمتعت بموقع جغرافي متميز وبمرفأ مكنها من أن تكون من أهم المدن التجارية في البحر الأبيض المتوسط وحلقة وصل مع مدن ما وراء الصحراء ، وأرتبطت مع الكثير من مراكزالتجارة كغدامس ،غات ، مرزق وغيرها بطرق سهل لها الوصول إلى المدن التجارية فيما وراء الصحراء . وحفلت طرابلس بمجموعة من من المنشآت التي ساهمت في أثراء التجارة كالأسواق والفنادق والوكالات التجارية وأماكن للحرف والصناعات المتنوعة ، فكانت طرابلس تجمع تحف البر والبحور. وأمتلك أهلها البساتين التي كانت تحيط بالمدينة والمعروفة باسم المنشية ، وكانت تزود المدينة بمختلف الخضروات والفواكه ، كما كانت متنفساً لهم وأماكن ترفيه تدخل البهجة إلى النفوس.

  كانت تعقد خارج المدينة سوقان أسبوعيان ، هما سوق الثلاثاء وسوق الجمعة وهما من أهم الأسواق التجارية في ليبيا .يعقد السوق الأول يوم الثلاثاء من كل أسبوع وكان في العهد العثماني يعقد في المنطقة المعروفة الآن بمنطقة الغزالة ، وهو سوق متنوع يأتي إليه الناس من المدن والقرى القريبة من طرابلس ولم ينعقد هذا السوق في مكانه في فترة الاحتلال الإيطالي إذ أستغل الموقع في تنفيذ مشاريع لصالح المستعمرين . وبعد سنة 1920 دبت الحياة في الأسواق وأمام ذلك أضطرت السلطات البلدية بتخصيص أماكن غير دائمة لإقامة الأسواق ، فكان سوق الخضروات ينعقد تحت أسوار المدينة وإلى جانبها سوق في العراء لبيع الطيور والأرانب وغيرها. وكانت الأسواق تنقل من مكان إلى آخر دون استقرار أو نظام حتى في فترة الإنتداب البريطاني وما بعده . ومن أهم الاماكن التي شغلها سوق الثلاثاء كانت منطقة العيون (برج الفاتح وما حوله الآن ) ونظراً للتطور العمراني لطرابلس فقد نقل السوق مرة أخرى إلى المنطقة المعروفة بسوق الثلاثاء الجديد في ستينيات القرن العشرين واستمر يؤدي وظيفته إلى أن شملت المنطقة أعمال التطوير فأزيلت مبانيه السنة الماضية لتكون منطقته جزءاً من الحزام الأخضر الذي سيطوق مدينة طرابلس .

المخطط التاريخي لطرابلس :-

   أشار الكثير من المؤرخين والآثريين أن مخطط مدينة طرابلس يعود إلى الفترة الرومانية ، وأن قوس ماركوس أوريليوس هو ملتقى الشارعين الرئيسيين بها ( الكاردو والديكومانوس ) . أن المتمعن في المخطط التارخي للمدينة يلاحظ اختفاء سيمات التخطيط الروماني فيها وبوضوح الملامح العربية الإسلامية في مخططها فتوزعت المساجد الجامعة بها والتي بالقرب من كل واد منها مسجدين أو ثلاثة لأداء صلاة الأوقات . في حين تعددت المساجد الجامعة في منطقة الأسواق لإكتظاظها بالناس. 

  تميز مخطط طرابلس بوجود طريقين عرضين وطريقين طوليين وتتداخل معهم شبكة من الطرق الفرعية لتربط أطراف المدينة بعضها ببعض . وقد وصف الكثير من الرحالة شوارع مدينة طرابلس ومنهم التجاني (1308م.) الذي قال :- "فلم أر أكثر منها نظافة ولا أحسن اتساعاً واستقامة ، وذلك أن أكثرها تخترق المدينة طولاً وعرضاً من أولها الى أخرها على هيئة شطرنجية". ومما يلاحظ على المخطط أن منطقة الأسواق بالمدينة تخلو أو تكاد من البيوت ، وأن وجدت فإنها تنزوي في الأزقة المتفرعة من الأسواق.

  ساهم المخطط العام للمدينة في اكساب شوارعها الظل الذي يحتاجه أهلها في فترات فصل الصيف القائضة ، فيمكنهم اختراق العديد من شوارعها دون أن تلفحهم حرارة الشمس ويعود ذلك إلى أزورار الشمس عنها كما أن معظم إلى ما تميزت به المدينة من كثرة العقود التي دعمت المباني وألقت الظل بالشوارع . 

  وساهمت الساباطات في توفير الظلال ووفرت مساحة للبيوت ونسمات تنساب من خلال الشبابيك التي تفتح على جهتي الشارع.

سوق الترك في فترة الاحتلال الإيطالي

ساباط في مدينة طرابلس

  كما غطيت بعض الشوارع والمحلات بأنواع من المظلات ، وكانت بعض الأسواق مسقوفة كسوقي الربع واللفة.

  أعطى أهل طرابلس لمدينتهم نوعاً من الإخضرار ليكون مع جدران المباني البيضاء تناغماً محبباً للنفوس فأقاموا العرائش التي ترتكز عليها الكروم مع تناثر في أرجاء المدينة لأشجار الفل والياسمين فأعطـت للشوارع شكلاً ومنظراً أخاذاً ورائحة فواحة.

إحدى العرائش بطرابلس



عريشة بطرابلس

  أما خارج المدينة في البساتين فقد إستظل أهلها بالنخيل والتي بجريدها الأخضر المقوس وبعراجينها في فترة نضوج ثمارها مع خليفة لأشجار الزيتون والبرتقال والليمون والرمان وغيرها وأرضية صفراء ممزوجة باحمرار والتي تخترقها جداول المياه الرقراقة التي تنساب من حوض بئر تقليدي ( أبوجناحين) لتشكل هذه المناظر لوحة تشكيلية أبدعتها الأيدي السمراء. 

  لقد فضل أهل طرابلس لطلاء واجهات بيوتهم ومحلاتهم اللون الأبيض الذي كان مع شعاع الشمس يغشى الأبصار فعرفت طرابلس في العصور الوسطى بالمدينة البيضاء . أما اللون المحبب لهم لطلاء الأبواب والنوافذ والمشغولات الخشبية والحديدية فكان اللون الأخضر الداكن ولتكتمل اللوحة فينبهر زوارها مع نظافة ثياب أهلها وأعراضهم وكرم ضيافتهم وفي ذلك يقول الشاعر:-

لأهــل طرابلس عــــادة    من البر تنسي الغريب الحميما
حللت بها مكرها ثم إذا     أقمت بـهـا أبدلوا الـهـاء ميـما

باب بمدينة طرابلس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا