المناطق العشوائیة في مدینة بغداد
"دراسة تخطیطیة تحلیلیة"
م.م. شیماء مطشر حمزة
قسم ھندسة العمارة / كلیة الھندسة
الجامعة المستنصریة / بغداد - العراق
مجلة
الھندسة والتنمیة – المجلد التاسع عشر – العدد الأول – كانون الثاني ٢٠١٥
الخلاصة:
شھدت مدینة بغداد بعد عام ٢٠٠٣ ظھور المناطق العشوائیة بشكل
كثیر وفي مناطق مختلفة من بغداد ، وذلك بفضل مجموعة من الأسباب ، أھمھا الانفلات
الأمني بعد ٢٠٠٣ وضعف سیطرة البلدیات على أراضي الدولة وعلى استعمالات الأرض ،
إضافة إلى أسباب اقتصادیة وإسكانیة واجتماعیة وعمرانیة وضعف في القوانین
والتشریعات التخطیطیة والإسكانية. وقد صدرت قوانین متعددة تخص العشوائیات، لكنھا
لم تستطیع منع ھذه العشوائیات، لأنھا تحتاج إلى معالجة أسباب العشوائیات أولا، ثم
منعھا وإیجاد الحلول المناسبة لھا. ھنالك سیاسات مختلفة لمعالجة العشوائیات في
بلدان العالم، وتختلف ھذه السیاسات حسب عوامل وطبیعة ظھورھا، ومن بلد إلى آخر، ومن
أھم السیاسات ھي الإزالة الكلیة أو الجزئیة وإیجاد البدیل، أو سیاسة التطویر من
خلال تأھیل المنطقة وإمدادھا بالخدمات. استنتج البحث أن بلدیات الغدیر والشعب
وبغداد الجدیدة ھي الأكثر احتواء للعشوائیات في مدینة بغداد وذلك لوقوعھا على
حافات المخطط الأساس لمدینة بغداد ووجود فراغات عمرانیة غیر مستغلة، وأوصى البحث
بإعداد قاعدة بیانات لسكان المناطق العشوائیة وتنظیمھم حسب الأولویة وشمولھم
بالمشاریع الإسكانیة، كذلك الابتعاد عن تملیك المناطق العشوائیة لساكنیھا بشرط وضع
البدائل التخطیطیة المناسبة لحل مشكلة العشوائیات ومراعاة حقوق الإنسان.
الكلمات المفتاحیة (المناطق
العشوائیة، مدینة بغداد، الإزالة، التطویر)
Slums in Baghdad city
"Analytical planning study"
Asst. Lecturer Shaimaa Mutashar Hamza
Architecture Department – Engineering Collage – Mustansiriyah University
shaimaamh2002@gmail.com
Abstract :
Baghdad city after 2003 emergence of slums in many different areas of Baghdad, due to a variety of reasons, mainly lawlessness after 2003 and the weakness of control municipalities on the land of the state and the land uses, in addition to economic, housing, social, urban and poor in the laws and regulations planning and housing. Multiple laws were passed belong slums, but they cannot prevent these slums, because they need to treatment the reasons slums first, and then prevent it and find suitable solutions. There are different policies to treatment the slums in the world, and vary these policies as factors and the nature of its appearance, and from one country to another, and the most important policies is comprehensive or partial removal and find alternative, or policy development through the rehabilitation of area and supplying services. The research concluded that Al Qader, Al Shaab and New Baghdad municipalities are the most containment for the slums in Baghdad city, because it is located on the edge of the master plan of Baghdad city and the presence of unused urban spaces. The research recommended preparing a database of slum area and ordering them according to priority and including them in projects of housing, as well as moving away from ownership of slums for residents on the condition proper planning alternatives to solve the problem of slums and observance of human rights.
المقدمة :
تواجه
مدینة بغداد العدید من المشكلات الحضریة بسبب كبر حجمھا مقارنة بالمدن العراقیة الأخرى
وتوسعھا السریع، إلا أن أھمھا ھي مشكلة المناطق العشوائیة والتجاوزات السكنیة التي
باتت تستشري بشكل واضح للعـیان، فالنمو غیر الاعتیادي في حجم المناطق السكنیة العشوائیة
واستمرار ظھورھا وباختلاف مسسبباتھا، جعل السیطرة على ھذا النمو أمراً صعباً یؤرق
الجھات التخطیطیة والسلطات التنفیذیة في المدن الكبرى لبلدان العالم النامي ومنھا
العراق. وقد تبدو ھذه الظاھرة مشكلة عمرانیة بحتة، ولكنھا في حقیقة الأمر ھي نتاج
لعدة أسباب: سیاسیة واقتصادیة واجتماعیة وعمرانیة، وھذه المناطق رغم التشابه
الواضح في معظم خصائصھا عالمیاً إلا ّ أنّھا تظھر في بعض الأحیان مختلفة حسب
التركیبة الاقتصادیة والعمرانیة لھذه المدن، وكذلك الأسباب التي أدت إلى وجودھا في
البیئة العمرانیة. فقد أدت الأوضاع السیاسیة والاقتصادیة الصعبة التي مرت بھا
العراق منذ ثمانینات القرن المنصرم إلى تركیز الاستثمارات وفرص العمل بالمدن
الكبرى، مما أدى إلى ظھور تیارات من الھجرة الداخلیة إلى المدن الكبرى بحثا عن
عمل، ومن ثم ظھور المناطق العشوائیة داخلھا وحولھا، وأیضاً أدت الحروب التي خاضھا
العراق وما ترتب علیھا من ضخامة الإنفاق العسكري إلى تخفیض الاستثمارات في مجالات
مختلفة من بینھا الإسكان، وقد أدى عجز الدولة إلى توفیر الإسكان المتوافق والملائم
للأسر محدودة الدخل بأسعار مناسبة لإمكانیاتھم، فقد قامت القطاعات الفقیرة بحل
مشكلة الإسكان بجھودھا الذاتیة وتكوین المناطق العشوائیة، مما یقتضي اتخاذ الإجراءات
التخطیطیة المناسبة لمعالجة ھذه الظاھرة.
مشكلة البحث :
تشكل المناطق
العشوائیة في المدینة عقبة حضریة في تطور المدن، متجاوزة على أراضي الدولة أو على
استعمالات الارض المخصصة لھا ضمن المخطط الأساس لمدینة بغداد ، وتنتشر بصورة كبیرة
یوم بعد یوم. ھدف البحث : دراسة ظاھرة المناطق العشوائیة من حیث المفھوم ، الأسباب
، الخصائص . ووضع السبل الكفیلة والخطط المناسبة لمعالجة المناطق العشوائیة بشكل
تخطیطي بما يتلاءم مع المعاییر التخطیطیة لمدینة بغداد والحد منھا مستقبلاً .
فرضیة
البحث :
وضع الآلية لمعالجة التجاوزات سواء عن طریق إزالة بعض ھذه المناطق بسبب
عدم ملائمة الموقع ولحاجة المدینة للأرض للاستعمالات الأخرى، أو من خلال دمج ھذه
التجمعات العشوائیة بالھیكل العمراني للمدینة والمجتمع المحلي (اجتماعیاً واقتصادیا
وعمرانیا) وذلك لتفادي تولد جیوب حضریة متھرئة جدیدة في مناطق أخرى، تكون بمثابة
بور للمشكلات العمرانیة والاقتصادیة والاجتماعیة.
منھجیة البحث :
یعتمد البحث على
المنھج الاستنباطي وتحلیل ما یلي بطریقة وصفیة :
· الدراسة النظریة للمناطق
العشوائیة وأھم التجارب التي عالجت ھذه الظاھرة .
· الدراسة العملیة من خلال جمع
البیانات والمعلومات والمخططات لمعرفة التوقیع المكاني للمناطق العشوائیة ، ومن ثم
تحلیل البیانات.
بالتالي استخراج النتائج من الدراستین النظریة والعملیة ، للوصول إلى
وضع الاستنتاجات والتوصیات لحل مشكلة المناطق العشوائیة
الاستنتاجات
١. تعتبر مشكلة
المناطق العشوائیة من اھم المشاكل الحضریة في مدینة بغداد .
٢. یعتبر البعد
الاقتصادي وأزمة السكن العوامل الأساسية في نشوء المناطق العشوائیة في مدینة بغداد
وباقي المدن العراقیة .
٣. ضعف وجود الرقابة من الجھات التنفیذیة في أمانة بغداد
وانتشار الفساد الإداري ساعد على انتشار ظاھرة المناطق العشوائیة .
٤. وجود
الفراغات العمرانیة غیر المنفذة والمخططة كخدمات عامة أو مناطق مفتوحة ساعدت
المتجاوزین على استغلالھا ، وخاصة الموجودة داخل حدود المحلات السكنیة .
٥. عدم
استغلال وإھمال المناطق العسكریة التابعة للجیش السابق ، أدى إلى توجھ السكان إلى
بناء دور متھرئة الحالة داخل ھذه المعسكرات .
٦. ظھور المناطق العشوائیة في حافات
المخطط الأساس لمدینة بغداد باعتبارھا مناطق مفتوحة أو مناطق زراعیة ، ویحوي جانب
الرصافة النسبة الأكبر من المناطق العشوائیة وخاصة في الجھة الشرقیة والشمالیة
الشرقیة من مدینة بغداد والمتمثلة بمناطق الشعب والعبیدي والكمالیة وبغداد الجدیدة
، بینما في جانب الكرخ فتتمركز المناطق العشوائیة في بلدیة الرشید والدورة أي في
الجھة الجنوبیة والجنوبي الغربي من مدینة بغداد .
٧. معظم المناطق العشوائیة تكون
حالتھا الإنشائية غیر جیدة ، عدا المناطق الزراعیة التي قسمت إلى قطع سكنیة مثل
منطقة الكریعات .
٨. كثافة العشوائیات في جانب الرصافة أعلى من جانب الكرخ ، وھذا
یعود إلى الطبیعة الاجتماعیة للإھالي في الرصافة وقربھم من العشیرة والأقرباء
الذین كانوا متجاوزین سابقا وتم إسكانھم .
٩. انخفاض المردود المالي للمناطق
الزراعیة أدى تقسیمھا وبیعھا إلى قطع سكنیة والتجاوز على الاستعمال المخصص لھا ،
مما ساعد على انتشار المتجاوزین على الأراضي الزراعیة والبساتین وبالتالي تغیر في
معاییر تخطیط المدن من جھة وزیادة الاختلال في بیئة مدینة بغداد من جھة أخرى .
١٠.
التجارب التي تعاملت مع العشوائیات تختلف من بلد إلى آخر ، وتعتمد على حجم الظاھرة
وإمكانيات المادیة للدولة ، وأعطت أھمیة للساكن في المناطق العشوائیة باعتباره جزء
من حل المشكلة ، إضافة إلى الاعتماد على المنظمات الدولیة في المساعدة على وضع
الحلول والمعالجة ، واعتمدت على المعالجات الإجرائية فقط ولم تخطط بصورة شاملة لحل
مشكلة العشوائیات ، وتضمنت معظم الحلول إلى توفیر الخدمات إلى ھذه المناطق أو إجراءات
تطویریة .
١١. ازدیاد حجم ظاھرة العشوائیات ھو عدم وجود جدیة في حل المشكلة لأسباب
فنیة وسیاسیة .
١٢. القرارات التي صدرت قبل ٢٠٠٣ كانت ما بین تملیك المتجاوزین أو إزالة
التجاوز مع الغرامة أو السجن أو معاقبة مسئول الدائرة ، لكن لم تحد القرارات من
انتشار ظاھرة العشوائیات إذ كانت ما بین فترة وأخرى تظھر العشوائیات ، بعد ٢٠٠٣
صدرت قرارات وكانت فحواھا إزالة المتجاوزین ، لكن كانت تتعارض مع التطبیق العملي
للقرار وذلك للأسباب التالیة :
أ- استخدمت العشوائیات لغرض الدعایة الانتخابیة .
ب-
عدم قدرة الدولة على إزالة العشوائیات لقوة وعدد السكان في العشوائیات .
ت- عدم
وجود بدائل تستطیع الدولة توفیرھا لسكان العشوائیات .
١٣. عجز التشریعات الخاصة بتنفیذ المخططات
الأساسیة في مواجھة تشعب وتطور المشكلات التخطیطیة التي تواجه تنفیذ المخطط
الأساسي لمدینة بغداد سبب لنا ظھور المناطق العشوائیة على ھذا المخطط .
١٤. إعطاء
الشرعیة لجزء كبیر من التجمعات العشوائیة یعمل على التشجیع بالاستمرار على ھذه
المخالفات مادام إن المخالف یتملك السكن في النھایة دون الاضطرار إلى دفع الأجور
الحقیقیة للأرض حیث یتم التملیك بالمجان أو بمبلغ رمزي .
١٦. أن
بلدیات (الغدیر والشعب وبغداد الجدیدة ) ھم من أكثر البلدیات احتواءا للتجمعات
العشوائیة ، ویعود السبب في ذلك لوجود الأراضي الشاغرة والتي أما أن تكون زراعیة ،
أو مخصصة لاستعمالات مختلفة ولكن لم یتم تنفیذ المخطط الأساس لحد الآن وقد ساعد
الانفلات الأمني والنمو السكاني لإملاء ھذه الشواغر .
١٧. حجم الظاھرة اعتمدت على
مؤشر المساحة وھو أدق من المؤشرین (عدد المواقع ، وعدد الدور) ، فھو یصور بصورة
صحیحة حجم المشكلة ، لان عدد المواقع لا تحدد حجم المشكلة ولا مؤشر عدد الدور لان
العدد المعطى غیر دقیق .
التوصیات :
لحل مشكلة العشوائیات تتطلب حلول آنیة ومستقبلیة
مع وضع بدائل مختلفة من برنامج وطني للقضاء
على العشوائیات من خلال :
١. وضع قاعدة بیانات شاملة عن المتجاوزین وإجراء عملیة
جرد شامل وفقا لاستمارة منمطة تعد لھذا الغرض وتشكیل لجان تقوم بعملیة الجرد لكل
بلدیة ضمن حدود أمانة بغداد وإعطاءھا مدة محددة لانجاز العمل مع ضرورة الإشارة إلى
أن كل عملیة جرد تؤدي ارتفاع وتیرة التجاوزات لوجود اعتقاد بأن المتجاوزین سیتم شمولھم
بامتيازات (تملیك أو تعویض أو ما شابه) وذلك بتحزیم المنطقة .
٢. إصدار إطار تشریعي
جدید یكمل القرار السابقة یتم بموجبه إيقاف التجاوزات أولا ، بالإضافة إلى تنظیم
وتحدید طریقة التعامل مع المتجاوزین وفق تسلسل زمني محدد لحل مشكلتھم .
٣. العمل
ببرنامج وطني للإسكان یوفر السكن الملائم للمواطنیین عموما.
٤. حصر المتجاوزین لیس
كأعداد وإنما كحالات لغرض وتدقق مع دوائر التسجیل العقاري ومن ثم تصنیفھم والتعامل
معھم كشرائح متعددة وبصیغ ومعالجات مختلفة صحیح أن المتجاوزین ھم مواطنون عراقیون
یفترض من الناحیة النظریة في الأقل التعامل معھم بشكل متساو إلا أن واقع حالھم وظروفھم
المعیشیة مختلفة وسيتأكد ذلك من خلال عملیة الحصر .
٥. دراسة شاملة للمناطق العشوائیة
وتصنیفھا حسب معیار الحالة الإنشائية لغرض تطبیق سیاسة الإزالة أو التطویر لبعض
المناطق المطابقة للاستعمال السكني وفق المخطط الأساس لمدینة بغداد والتقید باستعمالات
المخطط الإنمائي لمدینة بغداد وعدم اللجوء إلى تغیر الاستعمالات إلا للضرورات
القصوى ووفقا لمسوغات ترتبط بالمصلحة العامة .
٦. اتخاذ إجراءات جزئیة لمعالجة الحالات
حسب طبیعتھا مثل إعطائھم الأولية في تخصیص القطع السكنیة وإيجاد فرص عمل وتشغیل
البالغین منھم .
٧. الابتعاد عن فكرة تملیك المتجاوزین في المواقع الحالیة في كل الأحوال
لان ذلك یربك المدن ومخططاتھا الأساسية حتى لو اضطرت الدولة لاختیار البدیل الأصعب
وھو بناء المساكن في مواقع جدیدة وترحیل المتجاوزین المستحقین للسكن فیھا .
٨. تقویة
إدارة سلطة التنمیة الحضریة للتعامل مع المشكلة ومنح الصلاحیات للدوائر البلدیة لإزالة
التجاوزات بشكل فوري عند حدوثھا لمنع ظھور التجاوز مستقبلا .
٩. الاستفادة من مبدأ
المشاركة والتعاون لتكوین منظومة متكونة من الحكومة والمواطن لحل مشكلة العشوائیات
.
١٠. إيجاد تمویل من المنظمات الدولیة وخاصة الأمم المتحدة التي تھتم بشؤون
اللاجئین والنازحین من خلال الدعم المالي واللوجستي لھذه المناطق .
١١. توفیر
القروض والأراضي لسكان العشوائیات لغرض إنشاء وحدة سكنیة في مناطق مخططة.
١٢. إعطاء
الأولوية لسكان المناطق العشوائیة في إسكانھم في المشاریع الاستثماریة لأمانة بغداد
، مثل مشروع المجمع السكني في معسكر الرشید ومشروع بسمایة .
١٣. توفیر الخدمات الأساسية
للقطع السكنیة المفرزة سابقا لغرض زیادة الرصید السكني من الوحدات السكنیة .
١٤. توفیر بعض الخدمات الأساسیة (الماء ، الكھرباء ، جمع النفایات)
للمناطق العشوائیة كحالة إنسانية وصحیة لحین إيجاد البدیل المناسب لھذه المناطق.
١٥.
إيجاد معاییر تخطیطیة لتصنیف المناطق العشوائیة وتطبیق إحدى سیاسات المعالجة (الإزالة
(الكلیة أو الجزئیة) أو التطویر أو التأھیل) من خلال إعداد الدراسات العلمیة في
الجامعات والمختصین في التخطیط والعمارة .
للقراءة والتحميل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق