الحالة البيئية وآفاق التنمية البشرية بالمغرب
المملكة المغربية
كتابة الدولة المكلفة بالبيئة
المجلس الوطني للبيئة
دورة سنة 2000م
27 -28 يوليوز 2000م
1. تقديم
يستعد المغرب في الوقت الحاضر لمواجهة تحديات الألفية الثالثة التي تتسم بالعولمة وتحرير السوق وتراجع القوانين أمام التطورات السريعة وانتشار المقاولات الحرة ونهج المنافسة والشراكة والتأهيل وإدخال الأبعاد والمؤشرات البيئية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
لمواجهة هذه التغيرات الكبرى أصبح المغرب ملزما بوضع إطار جديد للشراكة في الميدان البيئي وإدماجه في البعد التنموي المستديم.
وتكمن أول خطوة مهمة لإنجاح الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالمحافظة على البيئة في التعرف على المؤهلات الاقتصادية والاجتماعية التي لها علاقة بالبيئة، الأمر الذي يحتم وضع أسس قوية موازية لنظام معلوماتي للاتصال في المجال البيئي من أجل تفعيله.
والهدف المتوخى من هذه الاستراتيجية هو تظافر الجهود وتحقيق أدوات فعالة على أرض الواقع وإنجاز مقاربة واضحة للفعاليات الوطنية والطاقات البشرية أخذا بعين الاعتبار تراث وتقاليد المغرب العريقة من أجل ترسيخ معادلة إيجابية في ميدان التنمية البيئية مع مراعاة الاستغلال العقلاني للثروات الطبيعية وتماشيا مع متطلبات عولمة الاقتصاد المتميز ببيئة نظيفة التي ستمثل مقياس ومعيار لنوعية القرن المقبل.
2. المؤشرات:
إن تقييم حالة البيئة لا يمكنه أن يكون فعليا إلا بتحديد المؤشرات البيئية التي لها علاقة عضوية مع التنمية البشرية في هذا الإطار فإن هيئة الأمم المتحدة قد حددت 134 مؤشر بيئي تنموي وقسمت هذه المؤشرات إلى أربعة أنواع حسب الثلاثية الضغط- الحالة- الجواب (Pression –Etat-Réponse):
المؤشرات المؤسساتية؛
المؤشرات الاقتصادية؛
المؤشرات الاجتماعية؛
المؤشرات الإيكولوجية.
بالنسبة للمغرب، ليس هناك منظور شامل للمؤشرات البيئية السالفة الذكر بل نجد مؤشرات متناثرة وقطاعية. لكن رغم عدم وجود مؤشرات واضحة المعالم يمكن استخلاص بعض المعطيات التي تبرهن على تدهور الحالة البيئية بالمغرب منذ 3 عقود والتي تخص الحالة البيئية بالمغرب بين 1970 و 1998، وحصيلة النمو الاقتصادي وحجم تكاليف معالجة الأضرار.
1.2 تطور الحالة البيئية بين 1970 و 1998
يمكن قياس الحالة البيئية بالمغرب من خلال فحص وضعية بعض الموارد الطبيعية كالماء و الهواء والتنوع البيولوجي و الغابة والساحل وكذا تأثير الأنشطة البشرية على هذه الموارد الاستراتيجية التنموية.
الماء: يعتبر الماء موردا طبيعيا وعنصرا ضروريا يرتكز عليه الجزء الأكبر من الأنشطة الاقتصادية للإنسان كما أنه مورد نادر يتميز توفره بعدم الانتظام في الزمان والمكان وهو أخيرا شديد التأثير بالانعكاسات السلبية للأنشطة البشرية.
بالنسبة لبلادنا التزويد بالماء يعرف تطورا معاكسا للنمو الديمغرافي حيث عرفت الحصة المائية الفردية انخفاضا من 3000 م3 للشخص سنة 1971 إلى ما يقل على 1000 م3 سنة 1998 ويتوقع أن تنخفض هذه النسبة إلى حوالي 500 م3 للفرد في سنة 2020.
الهواء: رافق التطور الاقتصادي والاجتماعي والنمو الديمغرافي في بلادنا مشكل تلوث الهواء الناتج أساسا عن المنشآت الثابتة وعن السيارات، حيث بلغ نسبا مقلقة مشكلا بذلك خطرا على جودة الهواء وبالتالي على صحة السكان .
التلوث الناتج عن المنشآت الثابتة: يفوق عدد الوحدات الصناعية المتواجدة بالمملكة 6000 وحدة تساهم في تلوث الهواء بصفة مباشرة. حيث تبلغ كمية المقذوفات الغازية لهذه الوحدات حوالي 2.5 مليون طن في السنة. ويعتبر ثاني أوكسيد الكاربون أهم ملوثات الهواء حجما حيث يناهز 2مليون طن.
التلوث الناتج عن السيارات: إن التلوث الناتج عن الغازات المنبعثة من السيارات في تنام مستمر في المناطق الحضرية بفعل تطور وقدم حظيرة السيارات ، حيث أن 80 % منها، وهو ما يقارب مليون و400 ألف سيارة ، يتجاوز عمرها عشر سنوات. بينما أن عدد السيارات التي يقل عمرها عن خمس سنوات لا تتجاوز % 5 . كما أن عدد السيارات المستعملة في المغرب ارتفع من 306.000 سنة 1970 إلى حوالي 1.370.000 سنة 1996 أي ما يناهز نموا سنويا بمعدل % 6 .
وتجدر الإشارة إلى أن كل سيارة عمرها عشر سنوات تلفظ من خمس إلى عشر أضعاف كمية الغاز الذي تلفظه سيارة جديدة . فعلى سبيل المثال تلفظ السيارة بعد قطعها مسافة 1000كلم 0,34 كلغ من المواد العالقة كمعدل ، مما أدى إلى ارتفاع كمية الملفوظات في المغرب خلال سنة 1996 (0,34 ×1 369 702 سيارة ) حيث بلغت ما يعادل 698 465 كلغ من الغبار.
ومن خلال إحصائيات أجريت سنة 1996 تبين أن الحظيرة الوطنية تتكون من % 46 من السيارات التي تستعمل الدييزيل و %54 من السيارات التي تستعمل البنزين. كما يتضح أيضا أن السيارات التي تستعمل الدييزيل قد سجلت ارتفاعا بينا حيث لم تكن تتجاوز نسبتها % 10 سنة 1970 . ويمكن تفسير ذلك بالفرق المتزايد في الثمن بين البنزين والدييزيل.
التربة: إن تدهور التربة ينتج أساسا إما عن عوامل مباشرة كالاستعمالات المتعددة والانجراف والضغط المترتب عن تطوير الإنتاج الفلاحي، وإما عن عوامل غير مباشرة كضعف التجهيزات والبنيات التحتية المائية.
وتعرف التربة بالمغرب انجرافا يفوق المعدل الدولي كما يؤكد ذلك حجم الانجراف في منطقة الريف الذي يبلغ 5.8 طن في الهكتار المشجر و 18.4 طن في الهكتار في المناطق غير المزروعة ويفوق 90 طن في الهكتار سنويا في الأحواض المزروعة كليا.
أما الانجراف الناتج عن المياه فإنه يهدد 22.7 مليون هكتار من مجموع التراب الوطني مما يتسبب في انخفاض مردودية السدود بمعدل % 5 من الحجم الإجمالي للسد.
التنوع البيولوجي: يعتبر المغرب من أغنى بلدان البحر الأبيض المتوسط من حيث التنوع البيولوجي وذلك ناتج عن موقعه الجغرافي وتنوع مناخه وتضاريسه، حيث يتوفر على 32.500 صنف (نباتات ووحيش) من بينها حوالي 8000 صنف محلي. لكن هذا التنوع البيولوجي رغم غناه كما وصنفا عرف منذ بداية نصف القرن الحالي تراجعا كبيرا، حيث انقرض 25 صنف من بين 655 صنف مهدد بالانقراض ويتمتع بحماية خاصة.
المجال الغابوي المغربي: وببلادنا، يغطي المجال الغابوي حوالي 9 ملايين من الهكتارات أي ما يعادل %12 من مجموع التراب الوطني، وهي نسبة ضعيفة بالمقارنة مع المعيار (%15 إلى %20) اللازم للإبقاء على التوازن البيئي. ويتشكل هذا المجال من غابات طبيعية (الأرز-الأركان-البلوط الأخضر-الصنط الصحراوي-البلوط الفليني-العرعار-ومورقات وصمغيات) ومن غابات الحلفاء ومن غابات اصطناعية.
ويخضع توزيع الغابات لعدة عوامل طبيعية نذكر منها على الخصوص نوعية التربة والمناخ والموقع الجغرافي، بحيث أن أهم الغابات المغربية تقع بالتضاريس المرتفعة، كما أن المناطق المشجرة هي القريبة من الساحل الأطلسي حيث تتوفر المياه والتربة الجيدة وتقل كلما اتجهنا نحو المناطق الشبه القاحلة أو القاحلة.
إلا أن هذه التشكييلة الغابوية عرفت تدهورا كبيرا بفعل الإنسان (استغلال لاعقلاني، جمع خشب التدفئة، الرعي المفرط، حرائق، تلوث) و/أو بفعل العوامل الطبيعية (الجفاف، الأمراض والطفيليات). وقد أدى هذا التدهور إلى النتائج التالية:
تقليص التنوع البيولوجي على مستوى النظم البيئية والأصناف؛
تقليص النظم البيئية؛
تحويل النظم البيئية المتوازنة إلى نظم مبسطة وبالتالي هشة.
وبفعل هذا التدهور الذي لحق الغابات يفقد المغرب سنويا مساحات تتراوح بين 10.000 و 30.000 هكتار، بينما تقوم السلطات العمومية بتشجير مساحات تتراوح بين 3000 و 5000 هكتار سنويا، وهي نسبة ضئيلة جدا مقارنة مع المساحات المفقودة.
النفايات الصلبة: عرف إنتاج النفايات الصلبة بالمغرب ارتفاعا مهما خلال العقود الأخيرة مرتبطة أساسا بالنمو الديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي، حيث بلغ حوالي 17413 طن في اليوم سنة 1999، ولم تبلغ هذه الكمية سوى 12370 طن في اليوم سنة 1992 و 1600 طن في اليوم سنة 1960.
2.2 حصيلة النمو الاقتصادي
عرف الاقتصاد الوطني عدة تحولات جوهرية تهدف إلى إعادة التوازنات الماكرو اقتصادية وتهييء الاقتصاد الوطني لمواجهة التحديات الدولية وتحفيز النمو الاقتصادي. وتتجسد هذه الجهود في تشجيع الاستثمارات وتنمية الأنشطة الاقتصادية وتحديث القطاع الفلاحي التي ولا شك كان لها تأثير مباشر أو غير مباشر على المجال البيئي الذي يتسم بالهشاشة نتيجة النمو الديمغرافي المضطرد.
1.2.2 حجم النمو
يرتبط النمو الاقتصادي بالمغرب ارتباطا وثيقا بالتساقطات المطرية فكلما عرف المغرب تساقطات مهمة إلا وانعكس ذلك إيجابا على النمو الاقتصادي الإجمالي للبلاد حيث يقدر ب % 4 كمتوسط سنوي، لكن هذا المعدل قد يصل إلى أضعافه في السنوات الممطرة (%12) أو إلى معدلات سلبية في سنوات الجفاف. ففي سنة 1999 وصل هذا المعدل إلى %0.9 الأمر الذي أدى إلى ركوض اقتصادي ناتج أساسا عن الجفاف الذي عرفه المغرب سنة 1998.
2.2.2 توزيع النمو
يتميز النمو الاقتصادي بتباين في توزيعه الجغرافي على صعيد المملكة حيث يتركز في الحواضر وعلى طول الساحل بينما يعرف المجال القروي تهميشا في هذا الإطار.
.3.2 تكاليف معالجة الأضرار
تبين من خلال التقييم المادي لتدهور البيئة بالمغرب أن هذا الأخير يفقد سنويا 20 مليار درهم أي ما يعادل % 2 من الناتج الإجمالي الخام، من بينها 14 مليار درهم سنويا أي % 5.7 من الناتج الإجمالي الخام يهم قطاع الماء.
وتقدر التكاليف الحالية لمعالجة هذه الوضعية بحوالي 0.8 مليار درهم سنويا كما تقدر التكاليف المخصصة بصفة مستديمة ب 4.6 مليار درهم سنويا.
أما بالنسبة بالتطهير السائل، وعلى سبيل المثال، تبين من خلال آخر دراسة أجريت في هذا المجال أن التكاليف الاستعجالية التي يتطلبها التطهير السائل والتي تخص 305 مركز تقدر ب 31 مليار درهم سنويا مخصصة على مدى 15 سنة أي ما يعادل 2 مليار في السنة.
3. إكراهات المعادلة البيئية التنموية
تشكل التنمية بالنسبة لبلادنا أكبر التحديات، فإذا كانت بلادنا قد حققت في العشريات الأخيرة تقدما كبيرا في مجال التنمية فإن هذا لا يمنعنا من التساؤل وفي كل تخوف هل ليس هناك حدود للضغط الذي تعاني منه البيئة من جراء الأنشطة البشرية والحاجيات الاجتماعية والقوانين الاقتصادية الدولية الجديدة وكذا التغيرات المناخية. وهل سوف لن تكون لهذه الأخيرة تأثيرات جد سلبية على جودة الحياة ومستقبل الأجيال اللاحقة.
1.3 بفعل الأنشطة البشرية
رغم الطابع الإيجابي للأنشطة الاقتصادية المتبع في مختلف القطاعات كخلق فرص الشغل والنهضة الاقتصادية والاجتماعية فانه لم يخل من بعض المؤثرات السلبية على عناصر البيئة من ماء وهواء وتربة و أهم هذه المؤثرات التلوث والإيذايات.
ويمكن تصنيفها الى عدة أشكال:
التلوث الصناعي: الذي تعرفه بعض المناطق دون الأخرى حيث أن عدة مؤسسات صناعية تقذف ملفوظاتها في الهواء ومياه الأنهار دون مراعاة الإجراءات المعمول بها من اجل المحافظة على البيئة في الميدان الصناعي. ويلاحظ أن غالبية الأنشطة الصناعية تتمركز على المحور الساحلي الدار البيضاء - القنيطرة حيث يعرف اكبر نسبة في الملفوظات المقذوفة في الوسط الطبيعي.
وبالرغم من بعض المجهودات التي تقوم بها بعض المنشآت الصناعية لوضع التجهيزات الضرورية لمكافحة تلوث منشآتها فهي تبقى ضئيلة أمام جسامة هذا المشكل.
التلوث الناتج عن النفايات المنزلية الصلبة والسائلة.
التلوث الفلاحي: وهو ناتج بالأساس عن استعمال الأسمدة والمبيدات.
التلوث البحري: إن من مميزات الموقع الجغرافي للمغرب إطلاله على حوض البحر الأبيض المتوسط شمالا والمحيط الأطلسي غربا. وعليه فاذا كان هذا الساحل يعد من جهة مركزا لاستقطاب جل الأنشطة الصناعية والسياحية الوطنية فهو أيضا مركزا حيويا للنقل البحري عبر القارات مما يجعله عرضة للتلوث سواء الناتج عن الملفوظات الصناعية والسياحية أو الناتج عن السفن والبواخر (التلوث النفطي) مما يهدد الثروات البحرية بالانقراض.
2.3 بفعل الحاجيات الحاجيات الاجتماعية
لقد واكب النمو الديمغرافي الذي عرفه المغرب حركة عمرانية سريعة تضاعفت نسبتها خلال السنين الأخيرة. وقد ساهم هذا التزايد العمراني في تفاقم المشاكل البيئية سواء داخل الوسط الحضري أو القروي كانتشار السكن الغير اللائق وضعف التجهيزات الأساسية أو عدم مسايرتها للنمو السكاني من ماء صالح للشرب وتطهير وإنارة واندثار للتراث المعماري الأصيل وقضاء على المناطق الخضراء وغيرها.
3.3 بفعل القوانين الاقتصادية الدولية الجديدة
في سنة 1999 نشر تقرير يخص برنامج الأمم المتحدة في شهر أكتوبر تحديدا. ومنذ هذا التقرير عرف الموضوع البيئي في سياقه العالمي تحولات وتطورات من شانها التأثير المباشر على السير المألوف للعلافات الدولية في مجالات التجارة والاقتصاد والتعاون الدولي…
إن التقرير المشار إليه ينتهي الى تسجيل خلاصة مزعجة بخصوص شكل ومحتوى المقاربة السائدة والمعتمدة في مجال البيئة والمحافظة عليها، وفي علاقة هذا كله بمفهوم التنمية المستديمة. ولهذا صلة وثيقة بالنتائج والخلاصات التي انبثقت عن أول قمة للأرض (ريو 1992).
ويعتمد المغرب في تحركاته ومواقفه المقاربة التفاعلية بغية تجاوز سلبيات المقاربة التلاؤمية المتمثلة في ارتفاع وتيرة التدهور البيئي نتيجة تبخيس قيمة الموارد الطبيعية وترجيح كفة الخدمات والمعرفة في إطار ميكانزمات اقتصادية جديدة تتحكم ب95 % من المبادلات التجارية العالمية. والحصيلة هي أن القارة الإفريقية مثلا لا تساهم في الاقتصاد العالمي سوى ب % 1 في حين أنها تختزن % 70 من الموارد الطبيعية الكونية.
4.3 بفعل التغيرات المناخية
يعتبر المغرب قابلا للتغيرات المناخية وذلك راجع للأسباب التالية:
التوقعات الخاصة بارتفاع حرارة المناخ بالنسبة للقرن المقبل تدل على أن حرارة المناخ سترتفع ب5 درجات قياسا مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
حساسية البلاد لمختلف المجالات الخاضعة للتغيرات المناخية:
التصحر: يعرف المغرب تصحرا مهما حيث أن نسبت الانجراف تقــدر ب 22 ألف هكتار في السنة؛
الموارد المائية: ينتج عن ارتفاع درجة الحرارة ارتفاع نسبة التبخر الذي يؤدي الى انخفاض مهم في الموارد المائية. ويعتبر المغرب بلدا ذو ضغط مائي مهم؛
الفلاحة: بما أن الاقتصاد المغربي يعتمد أساسا على الفلاحة فان هذا القطاع مؤهلا أن يكون أول من سيتحمل نتائج التغيرات المناخية مما سيرهن مستقبل هذا القطاع الاستراتيجي.
4. عناصر الإصلاح
1.4 الإجراءات الاستعجالية
1.1.4 بخصوص توفير الموارد المائية
من خلال دراسة الحالة البيئة وآفاق التنمية تبين أن الموارد المائية تعرف ضغطا من حيث الكم والكيف. الأمر الذي يحتم اتخاذ إجراءات استعجاليه لتدارك الحالة الراهنة.
وفي هذا الإطار يجب:
1. إعادة النظر في سياسة تدبير الموارد المائية بغية استغلال عقلاني ومندمج في رؤية شاملة مبنية على التنمية المستدامة؛
2. القيام بتقييم للسياسة الحالية لتدبير الموارد المائية؛
3. العمل على بناء السدود التلية بوثيرة سريعة؛
4. التنقيب على المياه الجوفية بغية تحديد الفرشاة المائية الباطنية؛
5. العمل على إصدار وتطبيق المعايير المتعلقة بالمقذوفات السائلة؛
6. إعادة استعمال المياه العادمة بعد المعالجة؛
7. عقلنة استعمال الماء في المجال الفلاحي بالحث على استعمال التقنيات الحديثة.
2.1.4 بخصوص الحد من التأثيرات السلبية
العمل على تدبير معقلن للنفايات الخطرة لاسيما منها الخطرة والطبية؛
بناء مطارح مراقبة في المدن الكبرى للمملكة؛
تأهيل الصناعة المغربية من اجل إنتاج يراعى فيه البعد البيئي بالخصوص في الوحدات الكبرى.
3.1.4 بخصوص استصلاح البيئة (Réhabilitation)
يمكن أن يشتمل الإجراءات الاستعجالية استصلاح البيئة خاصة في الميادين التالية:
استصلاح المقالع؛
استصلاح المناجم؛
استصلاح المطارح العشوائية لنفايات المدن الكبرى.
2.4 الإصلاحات الهيكلية
إن الإجراءات الاستعجالية السالفة الذكر رغم أهميتها تبقى محدودة في الزمان والمكان ولبلوغ نظرة شمولية ومدمجة تهدف إلى جعل البيئة من الانشغالات الرئيسية للبيئة يجب التفكير في القيام إصلاحات هيكلية.
1.2.4 على مستوى التخطيط
إن المغرب على ضوء التغيرات السياسية الذي عرفها مؤخرا والتي كرست التخطيط كأداة جوهرية للرقي بالبلاد إلى تطلعاته الحتمية لمواكبة رهانات الألفية الجديدة من اللازم عليه تبني البعد البيئي كمحور استراتيجي للسياسات التنموية. بالفعل يعتبر مخطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية 2004-2000 أول مخطط يعطي للبيئة مكانة خاصة لكن هذا المخطط لن يمكن قطاع البيئة من تحقيق الرؤية الشمولية اللازمة للتنمية المستدامة ولبلوغ هذه الأخيرة يجب على القطاعات أن تتبنى البعد البيئي في برمجة وتطبيق مخططاتها التنموية بأداة حتمية.
2.2.4 على مستوى توزيع الأدوار
في هذا الإطار يجب تبني كما تعارفت عليه المنظومة الدولية شراكة فعلية بين جميع المتدخلين في ميدان البيئة من قطاع عام وفاعلين اقتصاديين ومجتمع مدني.
فالقطاع العام يجب أن يكون له دور توجيهي وتسهيلي أما دور الفاعلين الاقتصاديين فيجب أن ينبني على تحمل المسؤولية إزاء القضايا والمشاكل البيئية سواء الحالية منها أو المستقبلية.
أما بالنسبة للمجتمع المدني فيجب أن يلعب دور الوسيط الحقيقي لهدف إشراك وتعبئة السكان لمواكبة تحقيق السياسة البيئية. وهكذا يتبين الحفاظ على البيئة هي مسؤولية جماعية متفاوتة الدرجات تقع على عاتق كل من الدولة والجماعات المحلية وجمعيات والفاعلين الاقتصاديين وكذا الأفراد.
3.2.4 على مستوى المؤسسات
يتميز الإطار المؤسساتي المتعلق بالبيئة بتعدد السلطات المختصة وتشعب مسالك اتخاذ القرار، إلا أن هذه الصفة ليست مقتصرة على المغرب بل نجدها لدى غالبية وذلك نظرا لكون البيئة تضم كل أشكال الحياة وكذا كل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والصناعية والثقافية. وعليه لا يمكن أن نتصور على الأقل من الناحية التطبيقية، إدارة تستأثر لوحدها بكل الاختصاصات المتعلقة بالمجال البيئي. فالعمل في هذا المجال لا يمكن أن يكون إلا مشتركا بين جميع الوزارات عن طريق التنسيق فيما بينها وإشراك جميع الفاعلين الاقتصاديين و المجتمع المدني.
ويعتبر المجلس الوطني للبيئة أهم جهاز مشترك بين الوزارات يعمل على تنسيق وتوحيد الجهود المبذولة من طرف كافة القطاعات الإدارية في المجال البيئي والتي تهدف في مجملها إلى الحفاظ على التوازن الطبيعي ومحاربة كل أشكال التلوث والإيذايات.
وحتى يتسنى لهذا المجلس القيام بالدور المنوط به على أحسن وجه وأن يساير مستجدات العقد الجديد للبيئة والتنمية، ينبغي إعادة النظر في الاختصاصات المنوطة به وتوسيع مجال عمله وتدخله وملاءمته مع التوزيع الجغرافي والإداري لأقاليم المملكة.
وعلى مستوى القطاعات الوزارية ينبغي عدم الإغفال الدور الذي تقوم به مختلف المصالح الخارجية للوزارات المعنية بالبيئة. وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن كتابة الدولة المكلفة بالبيئة أعدت مشروع قرار يقضي بتنظيم مصالحها الخارجية، وذلك نظرا لضرورة توفرها على المخاطبين المحليين لإخبارها على الحالة البيئية على الصعيدين الجهوي والمحلي وتتبع المخططات الجهوية والمحلية للتنمية، وستهم هذه المصالح الخارجية في المرحلة الأولى الجهات الاقتصادية الستة عشر.
4.2.4 على مستوى التشريع والتنظيم
إن تحقيق أهداف كل تخطيط في مجال حماية البيئة واستثمارها يظل رهينا بوضع إطار قانوني ومؤسساتي ومالي ملائم. ومن هنا تأتي ضرورة تكريس تدخل المشرع لتقنين المجالات البيئية سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
فقد بات من الضروري اخذ الجانب البيئي بعين الاعتبار من طرف القانون بسبب التدهور المضطرد للبيئة وانتشار التلوث والإيذايات التي تهدد صحة الإنسان واستمرارية الموارد الطبيعية التي هي أساس كل تنمية اجتماعية واقتصادية.
لكن حل هذه المشاكل البيئية لا يكمن في إيجاد إطار قانوني فحسب بل يتوقف أيضا على عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وتقنية.
إلا أنه رغم أهمية هذه العوامل فلا يمكنها ان تحجب دور القانون باعتباره وسيلة لتنظيم العلاقات الاجتماعية وضبطها في المجال البيئي باعتباره مجالا أفقيا وحساسا بشكل متزايد.
ونظرا لكون جل القوانين المغربية المتعلقة بالبيئة تتسم بالقدم و العمومية ولا ترقى إلا ناذرا إلى مستوى التطبيق والردع، ومن أجل معالجة هذه الوضعية أعدت كتابة الدولة المكلفة بالبيئة استراتيجية تهدف إلى تزويد البلاد بإطار قانوني ومؤسسي ومالي ملائم عمل بتوجهات حكومة التناوب التي أبدت إرادة قوية وأعارت اهتماما خاصا إلى موضوع حماية البيئة، والدليل على ذلك ما جاء في التصريح الحكومي المتعلق بالسياسة العامة والذي يتمثل في وضع برنامج تنموي بيئي من اجل تقييم حالة البيئة بشكل دقيق في بلادنا وإنعاش ثقافة بيئية، ووضع تشريع ومعايير ملائمة.
وسيؤخذ هذا البرنامج عند تنفيذه في جوانبه القانونية والمؤسساتية والمالية التوجهات العامة التالية:
اعتبار البيئة جزءا أساسيا للتنمية المستديمة؛
تتطلب البيئة مقاربة شمولية ومندمجة؛
البيئة مسؤولية الجميع؛
الاعتراف القانوني بالمصلحة العامة التي تكتسبها البيئة؛
إلزامية أخذ البيئة بعين الاعتبار على المستوى القانوني؛
مشاركة المواطنين وإعلامهم؛
أخذ تكلفة تدهور البيئة بعين الاعتبار؛
الاستعمال الأمثل للأجهزة الإدارية المسؤولة.
إن برنامج عمل كتابة الدولة في البيئة في مجال تدعيم القانوني والمؤسسي والمالي يتركز حول المحاور التالية :
1. مراجعة وتحيين النصوص القانونية الجاري بها العمل بقصد سد الثغرات؛
2. تغطية بعض الميادين ذات الأولوية التي لم يشملها التشريع البيئي بعد؛
3. احترام التزامات التي تعهد بها المغرب على مستوى الاتفاقيات الدولية والجهوية؛
4. تبني وسائل مرافقة هادفة إلى تسهيل عملية تطبيق القوانين البيئية وجعلها أكثر فعالية ووضع الوسائل الاقتصادية والمالية.
5.2.4 على مستوى الإعلام والتكوين والتحسيس
إن الهدف من عملية التوعية والتكوين والتحسيس هو تغيير نمط العيش والسلوك الذي ما فتئ يشكل ضغطا ملموسا على الثروات الطبيعية وكذا أشكال التعمير التي لا تساعد على التقليص الملموس من الضغط المستمر على البيئة.
ولهذه الغاية يجب، في نطاق المطاف، تجنيد المجتمع ككل من متدخلين ورأي عام لإيقاض الوعي البيئي وتحفيز المشاركة الفعالة والفعلية للجميع في عملية حماية البيئة وصيانة مقوماتها.
وهكذا يمكن بلورة هذا الهدف في البرامج التالية:
تقديم معلومات موثوقة وفي مدة معقولة للمساعدة على اتخاذ القرار؛
نشر الوعي والأخلاق البيئية مع التركيز على الأعمال التي تهم السكان المستهدفين بالدرجة الأولى المقررون في القطاعين العام والخاص والمنتخبون والإعلاميون والنساء والأطفال والسكان القرويون؛
ترسيخ المعرفة والمعلومات المتعلقة بالبيئة في أذهان الأطفال وكذا القيم والسلوكات الإيجابية بهدف تحقيق الوعي البيئي؛
إدماج البعد البيئي في البرامج المدرسية للتعليم الأساسي والثانوي؛
ضمان التنسيق وإنعاش الشراكة مع المتدخلين في مجال التواصل البيئي؛
تدعيم كفاءات مختلف المتدخلين بهدف اخذ مشاكل البيئية والتنمية المستديمة بعين الاعتبار (الإدارة والجماعات المحلية والقطاع الخاص والجامعات والمنظمات غير الحكومية)؛
الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الوطنية والجهوية والمحلية؛
تطوير الشراكة من خلال إنجاز مشاريع مشتركة مع المنظمات غير الحكومية التي تساهم في التنمية المحلية وتخلق مناصب للشغل؛
ضمان التكوين وإعادة التكوين وإعادة التكوين في مجال تدبير البيئة لفائدة الشركاء الأساسيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق