تهدف هذه الورقة إلى إلقاء الضوء على بعض العناصر التي تشكل الهوية الجغرافية لمدينة القدس المحتلة وهي كالتالي:
- أولاً: الموقع والأبعاد الجغرافية
- ثانيًا: المناخ
- ثالثًا: موارد المياه
- رابعًا: الزراعة والمنتجات الزراعية في "القدس"
- خامسًا: التكوين الجيولوجي لمدينة "القدس" وطبيعة التربة فيها
- سادسًا: الجغرافيا الطبيعية لمدينة "القدس"
- سابعًا: أهم الطرق التي تربط مدينة "القدس" بباقي مدن فلسطين
أولاً: الموقع والأبعاد الجغرافية
تقع مدينة "القدس" على خط عرض "52َ 31ْ" شمال خط الاستواء، وعلى خط طول "13َ 35ْ" درجة شرق خط جرينتش، والمدينة ذاتها عبارة عن هضبة غير مستوية تمامًا يتراوح ارتفاعها ما بين 2130 و2469 قدمًا، ويبلغ متوسط ارتفاع المدينة فوق سطح البحر من جهة البحر الأبيض المتوسط من اتجاه الغرب 2500 قدم، و3800 قدم من جهة البحر الميت من اتجاه الشرق.
وتبعد المدينة عن البحر المتوسط حوالي 32 ميلاً "نحو 55 كيلومترًا" وحوالي 18 ميلاً "ما يقارب 30 كيلومترًا" عن البحر الميت، ونهر الأردن شرقًا، و19 ميلاً "ما يقارب 30 كيلومترًا أيضًا" عن مدينة الخليل جنوبًا، و30 ميلاً "أي نحو 40 كيلومترًا" عن السامرة أو سبسطية شمالاً، وتبعد عن البحر الأحمر في الجنوب نحو 155 ميلاً أو حوالي 250 كيلومترًا.
ثانيًا: المناخ
1- الحرارة والرياح
تقع المدينة في إقليم "المرتفعات"، أحد الأقاليم المناخية الأربعة لفلسطين (الثلاثة الأخرى هي: وادي الأردن، النقب، وأخيرًا إقليم السهول الساحلية)؛ حيث ترتفع معدلات الأمطار السنوية والرطوبة في المدينة؛ بسبب ارتفاعها عما يجاورها، ويصنف مناخ المدينة على أنه من النوع "المتوسطي الجبلي"، ويبلغ متوسط درجة الحرارة في "القدس" سنويًّا نحو 17ْ درجة مئوية، وتنزل درجة الحرارة إلى أدنى مستوى لها في يناير، حيث تصل إلى نحو 9.7ْ درجة مئوية، وقد تنخفض شتاءً إلى ما دون الصفر (حتى خمس درجات تحت الصفر)؛ لذلك تتساقط الثلوج أحيانًا على أعالي الجبال والتلال في المدينة وما حولها، أما أقصى درجات الحرارة التي تصل إليها المدينة فهي ما بين 25ْ إلى 30ْ درجة في شهر أغسطس، أما المعدل السنوي للحرارة في سفوح الحضيض فيتراوح ما بين 19ْ- 20ْ درجة مئوية.
وتتعرض المدينة تقريبًا لكافة أنواع الرياح؛ مثل الرياح الغربية، والرياح الشمالية في فصل الشتاء، وكذلك الرياح الشرقية، والرياح الجنوبية التي غالبًا ما تستمر في هبوبها، ما بين يوم إلى ثلاثة أيام، وأحيانًا لفترات أطول، وغالبًا ما تكون محملة بالرمال والأتربة، وتحمل كل ما يمكن تحريكه، فضلاً عن اقتلاعها الأشجار في بعض الأحيان، كما قد تؤدي إلى اضطراب في عملية سقوط الأمطار وكميتها.
2- الأمطار
يبلغ المعدل السنوي للمطر في "القدس" نحو 551 ملم، ويسقط أعلى معدل شهري للأمطار في شهر يناير؛ حيث يصل إلى 635 ملم، أما أقل معدل لسقوط الأمطار فهو في شهر مايو؛ حيث يبلغ المعدل نحو 2.7 ملم، ويتراوح المعدل السنوي للمطر في سفوح الحضيض الغربية ما بين 450- 500 ملم، ويهبط المعدل إلى ما بين 200- 350 ملم في منطقة برية "القدس"، في أعالي السفوح المطلة على غور الأردن، وهذه النسبة تكاد تكون قليلةً بالنسبة لمتطلبات الزراعة، وترتفع معدلات البخر في المدينة إلى نحو 1600 ملم، في فصل الصيف، وتهبط إلى نحو 550 ملم في فصل الشتاء؛ مما يساعد على تكوين الجريان السطحي والفيضانات في الأودية التي تتجه إلى البحر المتوسط، وكذلك في الأودية التي تتجه إلى غور الأردن.
لكن الجريان السطحي لا يستمر طيلة العام؛ لارتفاع نفاذية الصخور الكلسية وتسرب المياه عبرها لتغذية الخزانات الجوفية التي تنبثق عنها الينابيع سواء في سفوح الحضيض الغربية أو في سفوح وبطون الأودية الشرقية في البرية.. ويتركز نحو 70% من المطر السنوي في "القدس" في فصل الشتاء الحقيقي (ديسمبر ويناير وفبراير)، ولا يزيد عدد الأيام الممطرة عن 60 يومًا سنويًّا؛ مما يؤكد حقيقة التركيز الواضح في التوزيع المطري في "القدس".
وهطول المطر على مدينة "القدس" يتسم بعدم انتظامه، فالفترات ما بين أعوام 1854- 1873م، و1924- 1936م، كانت فترات جفاف، وكان العام 1950/1951م من أكثر الأعوام جفافًا، منذ أن تم البدء في رصد الهطول المطري ومعدلاته في المدينة منذ عام 1846م حتى الوقت الحاضر.
وسقوط الثلج والبرد أمر طبيعي في "القدس"، وقد بلغ ارتفاعه في فبراير من العام 1955م نحو 70 سم وهو أمر نادر الحدوث.. وبوجه عام قامت "القدس" على أرض جبلية صخرية وعرة، وصيفها قليل الضباب، وجوها جاف عمومًا، مع ملاحظة طغيان صفة الاعتدال أو البرودة على فترات الليل في المدينة.
ثالثًا: موارد المياه
لا توجد في المدينة أنهار كبيرة وإنْ كانت تحيط بها مجموعة الآبار وعيون المياه التي تصلح مياهها للشرب، وتمثل عيون المياه والمطر موارد المياه الأساسية للمدينة، والمدينة بوجه عام طيلة تاريخها تعتبر قليلة المطر، وتتضخم فيها مشكلة التزود بالمياه؛ لوقوعها على عدد من المرتفعات لا تتفجر بجوانبها الينابيع.
وأقرب منبع لها هو عين "أم الدرج" بالقرب من "سلوان" جنوبي شرق "القدس"؛ ولذلك اعتمدت المدينة منذ تاريخها الأول على تخزين مياه الأمطار في برك وآبار، وعلى عدد من العيون الطبيعية والآبار القليلة؛ مثل "أم الدرج"، وبئر "أيوب"، و"البركة الحمراء".
|
أحياء عربية في مدينة القدس المحتلة
|
1- "عين سلوان".. العين والقرية
وهي من أشهر عيون المياه التي تمد مدينة "القدس" باحتياجاتها منها، وتعرف بالعديد من الأسماء؛ منها عين "جيحون"، وعين "أم الدرج"، وعين "العذراء".
وتقع العين على مسافة ثلاثمائة متر من الزاوية الجنوبية الشرقية للحرم، وقد ذكرها الرحالة كثيرًا في كتبهم منذ وقت مبكر من التاريخ، وذهب البعض إلى أن مياهها قادرة على شفاء الأمراض، وأنها قريبة في قدسيتها من مياه بئر "زمزم" وقد قام الخليفة "عثمان بن عفان" "رضي الله عنه" بوقف مياه العين على فقراء مدينة "القدس"، ويقال إنها أيضًا وقف لأحد خلفاء بني أمية.
وقد أعطى الصليبيون أهمية خاصة لعين الماء هذه أثناء فترة احتلالهم للمدينة (1099- 1187م) لاعتقادهم أن السيدة "مريم العذراء" قد قامت بغسل ملابس السيد المسيح (عليه السلام)، وهو صغير، وقد أطلق المقدسيون على عين المياه هذه اسم "عين أم الدرج"؛ لأنَّ الوصول إليها يتم عن طريق درج أو سلم.
أما مدينة "سلوان" نفسها فهي قرية فلسطينية شهيرة كانت تتبع "القدس" قديمًا، إلا أنَّ الصهاينة قاموا بعد حرب يونيو 1967م، بضمها بشكلٍ كاملٍ إداريًّا وبلديًّا إلى "القدس"، فأصبحت إحدى أحياء المدينة.
وتقع "سلوان" جنوب سور الحرم القدسي الشريف، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى مجموعة من عيون المياه، التي يقال عنها إن السيد "المسيح" (عليه السلام) أمَرَ رجلاً أعمى أن يغتسل فيها؛ ليبرأ، ففعل الرجل فعاد إليه بصره.
وبالإضافة إلى عيون "سلوان" وعين "أم الدرج"، هناك بئر "أيوب"، التي يقال إن الذي قام بحفرها هو نبي الله "أيوب" (عليه السلام)، وجدد بناءها "صلاح الدين الأيوبي".. وتشتهر قرية "سلوان" بزراعة الزيتون، وينحدر سكانها العرب من أصول مصرية وأردنية وحجازية، ومن أشهر عائلاتها "أبو خاطر" و"أبو عليان" و"طوقان" و"العباسي".
2- برك "سليمان" أو سبيل "بركة السلطان"
وتنسب إلى السلطان العثماني "سليمان القانوني" فقد أنشئت في عهده في عام 943هـ أي تقريبًا في عام 1526م، وذلك لسقاية المارين به والسبيل له واجهة حجرية ذات شكل مستطيل وفي أسفلها صنبور مياه.
3- نهر "جيحون"
مجرى مائي يوجد في وادي "جهنم" أو وادي "قدرون" بمدينة "القدس"، وهو نفس الوادي الذي توجد به عين "سلوان"، وتسقي مياه هذا النهير الصغير مع مياه العين أرضًا هي من أخصب أراضي فلسطين.
4- عين "العذراء"
هي نبع ماء قديم يقع في وادي "ستنا مريم" في شرق مدينة "القدس"، وورد ذكره في التوراة باسم "جيحون"- بخلاف نهير "جيحون" سالف الذكر- ويعرف اليوم باسم عين "العذراء" ومنه نشأت عين "سلوان"، ولعل هذه العين- عين "العذراء"- هي السبب في نشأة مدينة "القدس" في مكانها الحالي.
5- جدول "عين كارم"
يبدأ في جبال "القدس" عند قرية "عين كارم"، ويسير من الاتجاه القادم من جنوبي غربي المدينة، وحتى أودية المدينة ذاتها من جهة الغرب.
وتعتبر البرك المنزلية من أهم مصادر تموين سكان "القدس" باحتياجاتهم من المياه، وهي عبارة عن خزانات أو صهاريج أرضية تساق إليها المياه لخزنها.. وإلى جوار البرك المنزلية والعيون والآبار هناك برك عامة ظلت كمعالم حضارية للمدينة لآلاف السنين، مثل: بركة "حاملا"، وبركة "السلطان"، وبركة "حزقيا".
|
إطار يحدد مخططات صهيونية لمحاصرة البلدة القديمة
|
كذلك هناك مجموعة من العيون في مجموعة من الأودية المختلفة مثل وادي "العروب" ووادي "البيار" و"البالوع" إذ تتفجر عيون المياه وتصب في برك "سليمان"، أما عين "عطافي" فتسيل رأسًا في قناة سبيل "السلطان سليمان القانوني".
وطيلة التاريخ حاول سكان "القدس" التغلب على مشكلة قلة موارد المياه وندرتها، وحينما احتل الرومان المدينة قبل ميلاد السيد "المسيح" (عليه السلام) فكروا في إمدادها بماء عيون وادي "العروب"؛ ومن أجل ذلك أنشأوا قنوات مائية شُيِّدت في الصخر، وذلك أيام الإمبراطور "هيرودوس" الكبير (30 ق.م) وقد استمر استعمال هذه القنوات على يد العرب والمماليك، والأتراك في العهد الإسلامي؛ حيث اهتم المسلمون بمسألة اهتمام المدينة بالمياه.
أما في عهد الانتداب البريطاني على المدينة (1917- 1948م) قام الإنجليز بجلب مياه "العروب" إلى المدينة في أنابيب، وظلت "القدس" تحصل على مياهها أيضًا من بركة "سليمان" حتى عام 1926م، بعدها سحب الماء من عين "فارة" على بعد 14 كيلومترًا شمال شرقي المدينة، وفي عام 1931م أخذت المدينة تتزود بالمياه من عين "الغوار" على بعد 6 كيلومترات من "فارة" إلى الشرق، وعين "القلط" في وادي "العروب" نفسه، وقد بلغ معدل تصريفه عام 1934م نحو 6 ملايين متر مكعب.
وفي عام 1935م، تحولت المدينة إلى التزود بالمياه من نبع "ريش" وهو رأس النبع على بعد 50 كيلومترًا إلى الشمال الغربي من مدينة "القدس".. وقد بلغ معدل تصريفه اليومي عام 1945م نحو 1.7 مليار جالون، واستمر هذا الوضع حتى عام 1948م، عندما أغلق الأنبوب وحرمت المدينة من هذا المصدر المائي المهم، فزودت بالمياه من برك "سليمان"، وعين "فارة" مرة أخرى، وبعد تقسيم المدينة في حرب 1948م، ربطت "القدس" بشبكة مياه الاحتلال بأنبوبين، وبعد ضم "القدس الشرقية"، في أعقاب عدوان يونيو 1967م، قاموا بحفر نحو تسعة آبار لتزويد المستوطنات اليهودية المحيطة بـ"القدس العربية" بالمياه، ثم جرى ربط "القدس العربية" بشبكة مياه الاحتلال.
رابعًا: الزراعة والمنتجات الزراعية في "القدس"
قد يصل معدل السقوط المطري على مدينة "القدس" في بعض الأحيان إلى نحو 600 ملم موزعة على موسم الشتاء الحقيقي، الذي تمر به المدينة (ديسمبر/ فبراير)، والكثير من الأودية والتلال والقرى التي تتخللها موارد المياه؛ يسرت ظهور مناطق الزراعة التي وفرت للسكان حاجاتهم من الحبوب والفواكه والخضروات.
ومن ذلك تلك المنطقة المحيطة بقرية "سلوان"؛ حيث بركة أو عيون "سلوان" وعين "أم الدرج" أسفل سفح جبل "صهيون" في وادي "جهنم"، إذ تقوم على البركة وعلى المجرى المائي لنهر "جيحون" في نفس الوادي الكثير من الزراعات، فهذه المنطقة كما سبق القول هي من أخصب أراضي فلسطين، وقد تزرع أربع مرات سنويًّا لتوافر المياه الضرورية للزراعة والري إضافة إلى حقول القمح الذي كان الحجاج المسيحيون يقتاتون عليه بمساعدة مزارع الشعير، كما كانت عامرة ببساتين الفاكهة قديمًا (التين والعنب والجوز والموز).
والقرى الواقعة حول "القدس" لديها ما يكفي من موارد المياه لحاجاتها من الزراعة فهناك عين ماء "العذراء" في وادي "جهنم" أو "قدرون"، والتي تدعى بئر "أيوب" وعين "أم الدرج" أو بئر "مريم"، كذلك هناك عين "اللوزة" بالإضافة إلى مياه الأمطار كما أن في المسافة بين "القدس" و"الخليل" مجموعة من القرى فيها الكثير من الأشجار البرية والحدائق والبساتين مزروعة بفواكه كالتين والعنب والزيتون.
وقد ينبت على التلال المحيطة بمدينة "القدس"، وبخاصة على السفوح والمنحدرات، حشائش وأعشاب تصلح لرعي الحيوانات، ولكن أساس هذه المناطق هي أراضٍ وأقاليم زراعية شديدة الأهمية اشتهرت بأسماء المحاصيل التي تزرع بها؛ ومن بينها "تل الفول" الذي يبعد نحو 5 كيلومترات عن بوابة "دمشق"- إحدى بوابات "القدس"- وإلى الشمال منها من جهة الطريق إلى نابلس.
ويلفت الأنظار كثرة المناطق المزروعة بالزيتون في الجبال المحيطة بالمدينة، وبخاصة جبل "الزيتون"، ومن بين الأشجار القديمة والمثمرة في "القدس" أشجار الكروم التي تزرع على امتداد الأراضي الممتدة على الجبال والتلال على امتداد الوادي المتجه إلى مدينة "الخليل".. وبكثرة أقل توجد أشجار التين والتفاح والمشمش والرمان والموالح، وبخاصة البرتقال والليمون الحلو بجانب الخروب والفستق والموز بالإضافة إلى نخيل البلح.
وعرفت "القدس" في المناطق التي تعرف وفرة في مياه الري زراعات كثيفة المياه، مثل القطن وقصب السكر والفول والبصل والكرنب وبعض الخضروات.
خامسًا: التكوين الجيولوجي لمدينة "القدس" وطبيعة التربة فيها
1- التكوين الجيولوجي:
تعتبر جبال "القدس" نجدًا نافرًا مكونًا من عدد من الطيات المحدبة والصدوع، وتشكل منطقة "القدس" الفجوة بين محدب "الخليل" الإقليمي في الجنوب، وبين طيات "نابلس" في الشمال، وكلاهما يزيد معدل ارتفاعه عن جبال "القدس" ما بين 100 إلى 200 متر، وقد سهلت الفجوة الأرضية التي تشغلها المدينة المقدسة من عملية اتصال البحر بالداخل، كما أن مناطق تقسيم المياه التي تشغلها منطقة "القدس" قد سهلت العبور بين الشمال والجنوب.
|
مدن وأحياء شرق القدس المحتلة
|
وقد تعرضت الطبقات الصخرية في الجانب الشرقي من المدينة إلى التصدع بفعل عدد من الصدوع السلمية فظهرت حافات صدعية؛ حيث تهبط الأرض تدريجيًّا من منسوب 800 متر فوق سطح البحر إلى ما دون سطح البحر في الغور.. وفي الجانب الغربي تهبط الأرض تدريجيًّا باتجاه الساحل، ولا يزيد ارتفاع سفوح الحضيض المسماة باسم "الشقيلة" عن 300 متر.
ويطغى على التكوينات الصخرية الحجر الجيري أو الكلس والدولومايت التي تعد من الأنواع الصلبة التي تقاوم عوامل التعرية إلا أنها تتأثر بالإذابة الكيميائية على نطاق، وتتخللها طبقات الطباشير والمارل التي تتأثر بالإذابة الكيميائية، كما أنها بخلاف التكوينات سالفة الذكر تشكل تكوينات لينة سهلة الحت استغلت في إنشاء المصاطب الزراعية لحماية التربة من الانجراف، ولتسهيل عملية قيام زراعة مطرية مثل الكروم والزيتون والحبوب واللوزيات والخضروات.
وأثناء دورة التعرية المائية تعرضت جبال "القدس" إلى التقطع بفعل الأودية المتجهة إلى البحر مثل وادي "الصرار" ونهر "روبين" والأودية المتجهة إلى الغور مثل وادي "القلط" ووادي "النار" وغيرها.. وأثناء الحركات التكوينية في عصر "البلايستوسين" أو العصر الجيولوجي الثالث تجدد النشاط الحتي لشبكات التصريف المائي؛ مما زاد في تقطع الحافات الصدعية المطلة على الغور وتزايدت وعورتها، وكذلك تمزيق جبال "القدس" المواجهة للساحل في الغرب مما أعطاها شكل أو منظر التكوين الجبلي التلالي مثل جبل "الزيتون"، وجبل "المشارف"، أو جبل سكوبس" شرقًا وجبل المكبر "جنوبًا".
وقد انجرفت كميات كبيرة من التربة من السفوح إلى بطون الأودية وروافدها؛ بحيث وفرت تلك التربة مناطق زراعية وأقاليم بيئية مستقلة منذ فجر التاريخ، وقد عمقت المجاري المائية أوديتها دون مستوى الطبقات الحاملة للمياه مما أدى إلى تفجر الينابيع على جانبي جبال "القدس"، واستغلت مياه الينابيع هذه في الأغراض المنزلية، وزراعة الحدائق والزراعة المروية على السفوح.
وقد نشطت عمليات التجوية الكيميائية خلال القسم المطير من عصر "البلايستوسين"، فنتج عن ذلك سهل "الجيب" بين "القدس" و"رام الله"، والذي شيد عليه مطار "قلندية".. ويؤكد توافق مستويات القمم بالنسبة لجبال "القدس" على أنها بقايا سطح تحاتي قديم، وقد أدى التحات التراجعي الصاعد لحوض وادي "الصرار" ونهر "روبين" في منطقة "القدس"- بسبب وفرة الأمطار في العصر المطير والزمن الراهن- إلى تراجع العامل المائي الأصلي الذي يفصل بين الأودية الغورية، وأودية البحر المتوسط بمعدل من 10 إلى 12 كيلومترًا شرقًا على حساب أحواض الأودية الغورية التي تقطع الحافة الصدعية.
2- طبيعة التربة والنبات الطبيعي في "القدس":
تتباين التربة وخصائصها في منطقة "القدس" حسب الصخر الأصلي الذي اشتقت منه، فحيث يسود الكلس ترتفع مركبات كربونات الكالسيوم في التربة؛ وحيث يسود الدولومايت ترتفع مركبات الماغنسيوم، إضافة إلى كربونات الكالسيوم في التربة، وتشكل السيليكا حوالي 50% من مكونات التربة في منطقة "القدس"، ومن 10- 15% من الحديد والألومنيوم، ويعطي الحديد التربة لونها الأحمر، وتذوب مركبات الكالسيوم في مياه الأمطار متجهة إلى السفوح الدنيا، أو تتسرب مع المياه في الشقوق وتبقى مواد السيليكا والحديد والألومنيوم، وتتجمع على شكل مواد صخرية للتحول إلى تربةٍ حيةٍ لاحقًا.
وتسود تربة "الرندزينا" ذات اللون الكستنائي (اللون البني المصفر أو الأبيض الرمادي) على سفوح الحضيض الغربية؛ حيث تظهر الصخور الطباشيرية، وتعد هذه التربة غنية بالكالسيوم والمواد العضوية لذلك فهي خصبة الحراثة، ونظرًا لقلة تعرضها على سفوح الحضيض لعمليات التعرية المائية والانجراف؛ فإنها سميكة نسبيًّا وتغلب الأراضي الحجرية على تربة برية "القدس" وسفوح الحافات الصدعية لذلك تستغل هذه الأراضي في الرعي منذ عهود بعيدة.
أما النباتات الطبيعية في منطقة "القدس" فتعد نموذجًا لأحراج البحر المتوسط بأشجارها دائمة الخضرة كالبلوط وذلك حيث ترتفع مناسيب الأرض عن 300 متر فوق سطح البحر، وفي الأرض التي يقل منسوبها عن ذلك مثل سفوح الحضيض أو برية "القدس" فتسود أشجار الخروب والنباتات الشوكية والشجيرات الكثيفة.
سادسًا: الجغرافيا الطبيعية لمدينة "القدس"
تعني الجغرافيا الطبيعية لأية مدينة أو أي مكان ما تحتوي/ يحتوي عليه من ظواهر طبيعية مثل الجبال والوديان والتلال، وغير ذلك من التكوينات التي نشأت بفعل عوامل الجيولوجية، ولا دخل للإنسان، أو النشاط البشري العادي، أو غير العادي فيه.
وبالنسبة للقدس فإن هناك أربع ظواهر طبيعية أساسية تميزها بخلاف عيون المياه التي سبق ذكرها، وهي: أولاً الجبال، وثانيًا التلال، وثالثًَا الوديان، وأخيرًا الخرب.. ونعرض لها جميعًا فيما يلي:
1- جبال "القدس" وما حولها:
أولاً أقيمت مدينة "القدس" على أربعة جبال هي: جبل "الموريا" وجبل "صهيون" وجبل "أكرا" وجبل "بزيتا", وهي ليست إلا آكامًا مستديرةً على هضبة عظيمة بينها أودية جافة أكثر أيام السنة.. ثم يحيط بهذه الجبال الأربعة عدة جبال أخرى من أهمها جبل "الزيتون" وجبل "رأس المشارف"، وجبل "السناسية"، وجبل "المنظار"، وجبل "النبي صموئيل"، وجبل "أبو عمار"، وجبل "المكبر" وجبل "بطن الهوا".. ونستعرضها كما يلي:
- جبل "الموريا" (جبل "بيت المقدس"):
هو الجبل الذي بنى عليه العرب اليبوسيون مدينة "القدس" أول مرة، ويعرف باسم هضبة الحرم إذ يحتضن الحرم القدسي الشريف بمساجده، ومواقعه التاريخية، وكلمة "الموريا" تعني "المختار" في اللغة العبرية القديمة.
وقد ورد اسم "موريا" في سفر "التكوين" من التوراة في الإصحاح "22" الآية الثانية في قصة الذبيح؛ حيث حدد الله سبحانه وتعالى طبقًا للتوراة هذا المكان ليقوم فيه خليل الرحمن تعالى "إبراهيم" (ص) بذبح ابنه، وإن كان اليهود على خلاف في موضع هذه القصة فاليهود "السامرا" يرون أن الحادثة كانت على جبل "جرزيم" بالقرب من "نابلس"؛ حيث قام أقدم هيكل لبني إسرائيل، وقد أبطله نبي الله "داوود" (عليه السلام)، بعد أنْ نقل عاصمته إلى "القدس"، أما سائر الطوائف اليهودية الأخرى؛ فتزعم أنَّ هذه الحادثة كانت على جبل "موريا"، وعلى الصخرة الشريفة على وجه التحديد.
ويبلغ ارتفاع هذا الجبل حوالي "2440" قدمًا.
- جبل "صهيون":
وهو جبل يقع في الجنوب الغربي من مدينة "القدس" أقام عليه العرب اليبوسيون حصنهم الذي بقي في أيديهم حتى سيطر عليه نبي الله تعالى "داوود" (عليه السلام) وسماه "مدينة داوود" ونقل إليه مقر حكمه، وذلك في السنة الثامنة من ملكه، وقد أطلق مسمى "صهيون" على المدينة في فترة من الفترات، وتعني كلمة "صهيون" (المشمس أو الجاف) في اللغة العبرية.
وكان هذا الجبل يعرف باسم "الأكمه" أو "أوفل" طبقًا لما جاء في عدد من أسفار التوراة، ومن بينها "الملوك الثاني 5/24" و"الأخبار الثاني 27/3 و33/14" و"أشعيا 32/14" و"ميخا 4/8" وفي موضع حصن "صهيون" أنشأ السلوقيون في عهد الملك اليوناني السلوقي "انتيخوس الرابع" أو "أبيفانوس" الذي حكم الشام من سنة 175 إلى سنة 164 ق.م قلعة عرفت باسم "أكرا".. ويبلغ ارتفاع جبل صهيون 2550 قدمًا فوق سطح البحر وينحدر باتجاه وادي "قدرون".
|
خريطة توضح الجدار داخل مدينة القدس المحتلة
|
- جبل "أكرا":
هو أحد جبال "القدس" الأربعة، ويقع إلى الشمال الشرقي من جبل "صهيون" أي أن "أكرا" يقع بدوره في الجنوب الغربي من المدينة إلى الداخل أو نحو المدينة ذاتها، ويفصل بذلك بين جبل "صهيون" وبين "القدس"، وعلى جبل "أكرا" تقوم كنيسة القيامة التي هي أقدس بقاع الأرض بالنسبة للطوائف المسيحية كافة.
جبل "بزيتا":
وهو أحد جبال "القدس" ويقع بالقرب من باب "الساهرة" أحد أبواب المدينة، والذي بني إبان حكم السلطان العثماني "سليمان القانوني"، ويعرف الآن باسم باب هيرودوس"، ويقع في الجانب الشمالي من سور المدينة المقدسة، ويعتبر امتدادًا بشكل أو بآخر لجبل "صهيون"؛ حيث أطلق "أبيفانوس" على قلعته في جبل "صهيون" اسم "أكرا"، والتي أخذ هذا الجبل اسمه عنها.
- جبل "الزيتون" (أو جبل "الطور"):
هو جبل يشرف على مدينة "القدس" بشطريها القديم والحديث، ويرتفع عن سطح البحر بمقدار 826 مترًا، وتقع أسوار الحرم القدسي الشريف في مواجهته من الشرق، ويفصله عن "القدس" وادي "قدرون"، ويسمي العرب هذا الجبل باسم آخر هو جبل "الطور"، واسمه الأول مأخوذ من شجر الزيتون الموجود عليه بكثرة، واشتهر عند اليهود باسم جبل "المسح" أو جبل "التتويج"؛ حيث يعتقدون أن الزيت المقدس الذي كان يتم به تتويج ملوكهم كان مستخلصًا من زيتونه، كما كانوا يحرقون عليه بقرة القربان الحمراء، ويستخدمون رمادها في تطهير الهيكل إذا ما دنسه شيء.
وفوق هذا الجبل تقع مدينة تسمى بمدينة "الطور".. ويقال إن نبي الله تعالى "عيسى بن مريم" (عليه السلام) كان يلجأ إليه هربًا من أذى اليهود، وأنه (عليه السلام) رُفِع من فوقه إلى السماوات السبع، وقد حطت معظم الجيوش التي أتت إلى فتح المدينة عبر التاريخ فوق هذا الجبل، ويوجد فيه مدافن شهداء المسلمين وأعلامهم منذ عهد سيدنا "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه).
- جبل "رأس المشارف":
هو جبل يقع شمال مدينة "القدس" وسمي بهذا الاسم لإشرافه عليها؛ حيث يشرف على طريق "القدس- رام الله" وهو امتداد طبيعي لجبل "الزيتون" من جهة الشمال الشرقي، وحتى الشمال، ويفصل بينهما منخفض يسمى بـ"عقبة صوان"، ويفصل "وادي الجوز" بين "جبل المشارف"، ومدينة "القدس".
ويبتدئ هذا الجبل من شمالي "شعفاط"، وينتهي بجبل "الزيتون"، ويرتفع عن سطح البحر بنحو 850 مترًا، ويسمى كذلك هذا الجبل بجبل "المشهد" وجبل "الصوانة".
وقد أقام القائد الروماني "تيطس" عام 70م معسكره عليه عندما قام بغزو "القدس"؛ حيث قام بهدم الهيكل السليماني الثاني، وتدمير المدينة المقدسة تمامًا، كما أقام الصليبيون عام 1099م تقريبًا معسكراتهم عليه بعد غزو المدينة، ويطلق الأوروبيون على هذا الجبل اسم "سكوبوس" وتعني باليونانية "الملاحظ أو المراقب" بينما يسميه اليهود "هار هاتسوفيم" وهي ترجمة عبرية لاسمه باللغة العربية "المراقبون"، وقد أقام عليه اليهود "الجامعة العبرية" عام 1925م.
- جبل "السناسية":
يقع إلى الجنوب الغربي من قرية "وادي فوكين" ويبلغ ارتفاعه نحو 735 مترًا فوق سطح البحر.
- جبل "المنظار":
وهو أحد جبال "القدس" ويقع جنوبي شرق المدينة عند دائرة عرض "44َ 31ْ" درجة بارتفاع 524 مترًا عن سطح البحر.
- جبل "النبي صموئيل":
وهو جبل يقع على بعد 5 أميال شمالي غرب "القدس" ويبلغ ارتفاعه 885 مترًا، وتقع قرية "الجيب" في شماله، وهو أعلى القمم الجبلية الموجودة بالقرب من بيت المقدس، وينسب إلى القاضي "صموئيل" أحد قضاة بني إسرائيل ممن حكموهم في عصر القضاة في القرن السابق قبل الميلاد.
- جبل "أبو عمار":
من جبال "القدس" ويبلغ ارتفاعه نحو 773 مترًا فوق سطح البحر عند دائرة عرض "44َ 31ْ" وخط طول "50َ 35ْ".
- جبل "المكبر":
وهو أحد جبال بيت المقدس الشهيرة، وله ذكرى مهمة لدى المسلمين؛ حيث صعد إليه أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه) وهو في طريقه إلى تسلم مفاتيح "القدس" من الأنبا "صفرونيوس" وكان مع عمر مجموعة من الصحابة وأشراف المسلمين، وقد وقف الخليفة "عمر بن الخطاب" على الجبل ليؤذِّن، ومن هنا جاء اسم الجبل "المكبر".
- جبل "بطن الهوا":
وهو امتداد لـ"جبل الزيتون" ويقع في الزاوية الشرقية للقدس؛ حيث يفصله عنها وادي سلوان الذي يتصل بوادي قدرون في النقطة نفسها، ويعرف عند اليهود باسم "هار هامشحيت" أو "الجبل الفاضح".
2- تلال "القدس" وما حولها:
هناك مجموعة من التلال متوسطة الارتفاعات التي تقع بداخل وحول المدينة، ومن أهمها: تل "الغول" وتل "الكابوس" وتل "النصبة" وتل "القرين" وتل "صرعة" وتل "شلتا".. ونستعرضها كما يلي:
- تل "الغول":
من تلال المدينة ذاتها، ويقع على بعد 6 كيلومترات إلى الشمال من مدينة "القدس" ويبلغ ارتفاعه عن البحر نحو 839 مترًا، وكانت تقوم عليه مدينة عربية كنعانية قديمًا.
- تل "الكابوس":
ويقع على بعد نحو 8 كيلومترات شمال شرقي مدينة "القدس" عند دائرة عرض "49َ 31ْ" وخط طول "18َ 35ْ".
- تل "النصبة":
ويقع على بعد كيلومترين جنوبي مدينة "البيرة" التابعة لقضاء "القدس" عند دائرة عرض "53َ 31ْ" وخط طول "12َ 35ْ"، وقديمًا كانت تقع عليه مدينة "الصفاة" العربية الكنعانية.
- تل "صرعة":
من تلال المدينة، ويقع غربي جبال "القدس" عند قرية "صرعة" وإلى الشمال من قرية "دير رافات" وإلى غرب قرية "عرطوف" عند دائرة عرض "47َ 31ْ" وخط طول "59َ 34ْ".
- تل "شلتا":
وهو تل مقدس يقع في جبال "القدس" غربي قرية "بلعين" بالقرب من قرية "شلتا" عند دائرة عرض "55َ 31ْ" وخط طول "1َ 35ْ".
3- أودية "القدس" وما حولها:
هناك عدد كبير من الأودية التي توجد في منطقة "القدس" وحول المدينة، وأهمها وادي "جهنم" ووادي "الجوز" ووادي "الجبانة" ووادي "الأرواح" والوادي "الكبير" ووادي "القلط" ووادي "مكلك" ووادي "مقطع الجص" ووادي "النار" ووادي "التعامرة" ووادي "زيتا" ووادي "الصرار" ووادي "هنوم" ووادي "قدرون".. ونستعرضها كما يلي:
- وادي "الصرار":
ويسمى أيضًا بوادي "روبين"، ويمتد بين منطقة "القدس" شرقًَا ويافا غربًا، ويربط جبال "القدس" بالسهل الساحلي، ووادي "الصرار" يحمل هذا الاسم حتى يصل إلى قريتي "المغار"، و"قطرة" فيحمل هناك اسم وادي "قطرة" وبعد منطقة "تل السلطان" يعرف باسم نهر "روبين" ويبلغ طول الوادي حتى آخره نحو 76 كيلومترًا.
- وادي "جهنم" أو وادي "قدرون" أو (الوادي الشرقي):
يبدأ هذا الوادي على بعد ميل ونصف الميل إلى الشمال الغربي من المدينة- 2500 متر- حيث يسير أولاً إلى الشرق حتى يصل إلى الزاوية الشمالية الشرقية من سور المدينة، ثم ينحرف بعد ذلك بميل حاد تجاه الجنوب فينحدر بين سور المدينة من الجانب الغربي وبين جبل "الزيتون" وتل "الزيتون" وتل "المعصية" من الجانب الشرقي.
يلتقي بعد ذلك مع وادي "هنوم" المنحدر من الغرب بعدها ينحدر المجرى الموحد على "مارسابا" المسمى بوادي "الراهب"، ثم يمتد إلى البحر الميت؛ حيث يسمى بوادي "النار"، وكان يعرف قديمًا باسم "الوادي الأسود"، كما كان يسمى بوادي "يهوشفاط"، ويبلغ طول هذا الوادي نحو كيلومترين، ويبلغ ارتفاعه فوق سطح البحر حوالي 2179 قدمًا، ويقال إن نبي الله تعالى "عيسى بن مريم" (عليه السلام) رفع منه، وفيه مصلى أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" (رضي الله عنه) وقبور الأنبياء، و"قدرون" اسمه القديم، وأسماه العرب أيضًا بوادي "النار" ووادي "سلوان".
- وادي "هنوم" أو (الوادي الغربي):
ينحدر رأسًا إلى الجنوب من شمال غربي المدينة، ثم ينعطف شرقًا بعد وصوله إلى حد المدينة الجنوبي حتى يتصل بـ"الوادي الشرقي" (قدرون) عند الموضع المعروف باسم "بئر أيوب" ويسمى هذا الوادي أيضًا بوادي "السلوان" حيث اسم النبع الموجودة فيه، كما يعرف كذلك بوادي "بني هنوم" نسبة إلى قبيلة كان يسمى بها الوادي قبل وجود بني إسرائيل على نحو ما ورد في العهد القديم في أسفار "يشوع" و"نحميا" و"الملوك الثاني" وغير ذلك كما كان الجزء الجنوبي الشرقي من هذا الوادي يسمى "توفة" أو "وادي القتل" كما ورد في التوراة عنه، ويصل ارتفاع هذا الوادي إلى ما يقرب من 2099 قدمًا فوق سطح البحر.
- وادي الجبانين = الجبانة (صانعي الجبن):
يمتد هذا الوادي من الشمال الغربي إلى الجنوب الغربي من مدينة "القدس"؛ حيث يتصل بوادي "سلوان" الذي يتصل بوادي "قدرون" شرقًا، ويقسم هذا الوادي المدينة إلى قسمين مؤلفين من هضبتين مستطيلتين؛ الغربية: يحدها وادي "هنوم" من الغرب، والشرقية: يحدها وادي "قدرون" من الشرق، ويسمى وادي "الجبانة" في الجزء الجنوبي الغربي من "القدس" بوادي "الزبالة"، وهذا الوادي مطمور الآن كما ردم جزء منه في أعمال توسعة لجبل "صهيون" وللحرم القدسي الشريف الواقع على جبل "الموريا" أو "هضبة الحرم الشريف".
- وادي "الأرواح" ويُعرَف أيضًا بوادي "العفاريت":
ويلتف هذا الوادي حول جبل صهيون من الغرب وحتى أقصى الجنوب، وتوجد به مدافن الموتى، وقد ورد هذا الوادي في سفر "يشوع 15/8" باسم وادي "الرفائيم" أي وادي "العفاريت" باللغة العبرية.
- وادي "الجوز":
ويطلق عليه أحيانًا اسم "الوادي الشرقي" أيضًا؛ لأنه يبدأ شرقي مدينة "القدس" ثم يتجه جنوبًا حتى ينتهي بوادي "قدرون" الذي يصب في البحر الميت كما سبق الإشارة عند دائرة عرض "42َ 31ْ" وخط طول "35َ 20ْ" وهو يفصل بين سور المدينة الشرقي، وبين جبل "الزيتون" وجبل "بطن الهوا" ويبلغ طول الوادي 2 كيلومتر، وهو عميق سريع الانحدار.
- "الوادي الكبير":
ويبدأ من شمال "اللطرون" في جبال "القدس" ثم يتجه إلى الشمال الغربي مارًّا بشمال "اللد" ثم يلتقي بنهر "العوجا" عند حريسة.
- وادي "القلط":
يبدأ شمال شرقي "القدس" على قرب من قرية "العيسوية" ثم يتجه إلى الشمال الشرقي مارًّا بمدينة "أريحا" ثم يصب في نهر الأردن شرقي "عين حجلا" عند دائرة عرض "5ً 49َ 31ْ".
- وادي "مكلك":
يبدأ شرقي "القدس" ثم يتجه شرقًا؛ حيث يصب في شمال البحر الميت بالقرب من قرية "كاليا" عند دائرة عرض "43َ 31ْ" وخط طول "28َ 35ْ".
- وادي "مقطع الجص":
يبدأ عند قرية "بيت فجان" من قضاء "القدس" ثم يتجه إلى الجنوب الشرقي حتى يتصل بوادي "المشاش" ويصبان معًا تحت اسم "درجة" في الشاطئ الغربي للبحر الميت عند دائرة عرض "34َ 31ْ" وخط طول "24َ 35ْ".
- وادي "التعامرة":
يبدأ في جبال "القدس" إلى الجنوب الشرقي عند "المشاش" عند دائرة عرض "37َ 31ْ" وخط طول "20َ 35ْ".
- وادي "زيتا":
ويبدأ غربي جبال "القدس" شرقي "بيت جبرين" ثم يتجه إلى الشمال الغربي، ثم يلتقي بوادي "صفرين" أو "لخيش" عند دائرة عرض "42َ 31ْ" وخط طول "41َ 34ْ"".
سابعًا: أهم الطرق التي تربط مدينة "القدس" بباقي مدن فلسطين
|
حدود حي البستان ووادي سلوان داخل القدس المحتلة
|
هناك طريقان رئيسان يربطان القدس بمدن فلسطين والبلدان العربية المجاورة وهما:
1- الطريق الساحلي:
ويبدأ من مصر ويمتد على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، ويستمر حتى صور وصيدا، ويمر بالمدن الفلسطينية الآتية: خان يونس وغزة ويافا وعكا.
2- الطريق الأوسط:
وكان يمتد من "بئر سبع" حتى "القدس" والتي كانت محطة مواصلات دولية في الشرق القديم بمعنى أن الكثير من الطرق كانت تخرج منها وتذهب إليها ومن أهم هذه الطرق:
- طريق "القدس- يافا":
وهو طريق وعر يمر بمناطق جبلية حتى يصل إلى السهل الساحلي ويبلغ طوله نحو 67 كيلومترًا، ويبدأ هذا الطريق من غربي "القدس" من عند الباب الغربي لها والمسمى بباب "يافا"، ويستمر في هضبة "القدس" نفسها، ثم يعبر إلى "دير ياسين"، و"أبو غوسن" ثم "الرملة" حيث يبدأ الطريق في الانحدار.
وابتداءً من "الرملة" وحتى السهل الساحلي يطلق عليه اسم طريق "باب الوادي"، وهو ممر يربط السهل الساحلي بمدينة "القدس"، وهو مفتاح المدينة المقدسة، ويقع على مسافة كيلومتر واحد من قرية "دير أيوب" وطوله نحو 15 ميلاً ويقع على بعد 24 كيلومترًا من "القدس".
وقد دارت فوق أرضه معارك كبرى عبر القرون الطويلة الماضية، ويشتمل على وادي "علي" ومداخله والهضاب المطلة عليه، والقرى القريبة منه كـ"هواس" و"اللطرون" و"تل الجزر" و"بيت نوبة" و"يالو" وغيرها، وذُكِرَ أن الخليفة الأموي "عبد الملك بن مروان" هو الذي أمر بإعمار المنطقة من "القدس" إلى "باب الوادي".
- طريق "القدس- حيفا":
ويمر بمدن: "رام الله" و"نابلس" أو (شكيم) و"جنين" ثم حيفا.
- طريق "القدس- الجليل (أو طبرية):
ويمر بكل من المدن الآتية: "رام الله" و"نابلس" و"سبسطية" و"العفولة" ثم الجليل.
وهناكوعة من الطرق الأخرى التي تربط ما بين مدينة "القدس" وعدد من العواصم العربية المجاورة وهي: "القدس- عمان" ويبلغ طوله "88" كيلومترًا، و"القدس- دمشق" وطوله "290" كيلومترًا و"القدس- بيروت" وطوله "280" كيلومترًا، و"القدس- القاهرة" ويبلغ طوله "528" كيلومترًا.. وهناك خط للسكك الحديدية يربط ما بين "القدس" ويافا، بجانب اتصال المدينة المقدسة مع العالم الخارجي عن طريق مطار "قلندية" شمال المدينة على الطريق إلى "رام الله".
-----------
المراجع:
* أولاً: الكتب:
- قسطنطين خمار: "أسماء الأماكن والمواقع والمعالم الطبيعية والبشرية والجغرافية المعروفة في فلسطين حتى عام 1948م" (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، 1981م).
- حسن عبد القادر صالح: "أسماء المواقع الجغرافية في الأردن وفلسطين" (عمان: اللجنة الأردنية للتعريب والترجمة والنشر، الطبعة الأولى، 1973م).
- أنيس صايغ: "بلدانية فلسطين المحتلة 1948م، 1967م" (بيروت: مركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية، الطبعة الأولى، 1968م).
- فخر الدين العبيدي: "فلسطين: وصفها الجغرافي وتطورها التاريخي" (بغداد: مطبعة المعارف، الطبعة الأولى، 1948م).
- ميخائيل مكس إسكندر: "القدس عبر التاريخ: دراسة جغرافية تاريخية أثرية" (القاهرة: حقوق النشر للمؤلف، الطبعة الأولى، 1972م).
- محمد محمد شراب: "معجم بلدان فلسطين" (دمشق: دار المأمون للتراث، الطبعة الأولى، 1987م).
- فائز أحمد: "القدس مدنها وقراها: موسوعة عائلات وعشائر فلسطين" (بيروت: دار الجليل للدراسات والأبحاث الفلسطينية، الطبعة الأولى، غير محدد تاريخ النشر).
- الموسوعة الفلسطينية: القسم الثاني، الدراسات الخاصة "بيروت: هيئة الموسوعة الفلسطينية، الطبعة الأولى 1990م).
- حسن عبد القادر صالح وآخرون: "الدولة الفلسطينية: حدودها ومعطياتها وسكانها" (القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية، الطبعة الأولى، 1990م).
- محمد جلاء إدريس: "أورشليم القدس في الفكر الديني الإسرائيلي" (القاهرة: مركز الإعلام العربي، سلسلة "كتاب القدس"، العدد رقم "4"، الطبعة الأولى، أبريل 2001م).
* ثانيًا: الدوريات ومصادر أخرى:
- أرشيف جريدة "الأهرام" القاهرية.
- الأرشيف الإلكتروني لجريدة "الحياة" اللندنية.
* ثالثًا: مواقع الإنترنت:
- موقع "إسلام أون لاين": (
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق