الجغرافيا البشرية والنظرية الاجتماعية النقدية
منصور محمد البابور
مقدمة :
أشرت في تعقيب ألقيته في الجلسة الأخيرة للم لتقى الجغرافي التاسع الذي انعقد بجامعة قاريونس خلال الفترة 9 /3/11- 2004 إلى في مدينة بنغازي إلى مثل الجغرافيا المتجددة دائما، وذلك ضمن سياق فلسفة الجغرافيا ومناهجها وأثر ذلك على البحث الجغرافي. واليوم أرى الفرصة متاحة لتوضيح كثير من النقاط التي أشرت إليها باختصار شديد جدا في ذلك اللقاء.
غني عن البيان أنه يتعين علينا أن نعمل ونجتهد من خلال فكرنا الجغرافي لكي نرى بوضوح معالم الطريق التي نسلكها ونعرف جيدا مواضع أقدامنا. عند الحديث عن الجغرافيا أو الاستماع إلى إسهامات الجغرافيين، نجد أنفسنا نتساءل عن التقدم في علم الجغرافيا، وماذا يعني هذا التقدم؟.
هل يعني إجراء المزيد من الدراسات الإقليمية المطولة وفق مناسك فلسفة التباين الإقليمي، أم أن الوهن قد دب في أوصال هذه الفلسفة وثبت عجزها بعد تجربتها. وصار التقدم في الجغرافيا يعني بناء النظرية واختبارها وتنقيحها والاسترشاد بها إقتداء بالعلم الطبيعي ونواميسه التي يسعى لإيجادها والبرهنة عليها. كانت النظرية المنشودة في الجغرافيا البشرية، ولا تزال، هي نظرية الموقع من خلال فون ثونن وفيبر وكريستالر ولوش وغيرهم من الأسماء المألوفة لنا معشر الجغرافيين، وكان السبيل إلى ذلك الثورة الكمية والنماذج الافتراضية-الاستدلالية. يعتمد التفسير وفق هذ ه المنهجية على التحقق الكمي المؤسس على الملاحظة المباشرة واعتبار ذلك الدليل الوحيد على صدق الفروض.
لقد تعرضت مناهج البحث الجغرافي التقليدية إلى التفحص والتدقيق، ومع انتصاف القرن الماضي بدأ البحث في الجغرافيا ينسلخ عن أصوله الامبيريقية ذات الابستمولوجية والانطولوجية والمنهجية المؤسسة على جمع "الحقائق" وتقديم مقارنات مفصلة فيما بينها وحّلت محّله أفكار فلسفية أخرى مورست من خلالها بحوث الجغرافيا البشرية تحت راية العلم الوضعي الذي ينادي بوحدة المنهج العلمي في سعيه لاختبار الفرضيات وبناء النظريات.
للمزيد اضغط هنا أو :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق