التسميات

الاثنين، 15 يوليو 2013

خصخصة المنتزهات العامـة مداخل نظرية لنشاطات القطاع الخاص في تفعيل دور المنتزهات الترويحي وحماية البيئة ...


خصخصة المنتزهات العامـة

مداخل نظرية لنشاطات القطاع الخاص في تفعيل

دور المنتزهات الترويحي وحماية البيئة

د. عبدالرزاق بن أحمد اليوسف

قسم الجغرافيا ،  كلية العلوم الاجتماعية 

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

المملكة العربية السعودية

الملخص :
يقدم هذا البحث تعريفا  بأهمية إسهام القطاع الخاص في تنمية المنتزهات والحدائق العامة حسب درجتها المكانية من محلية وإقليمية ووطنية ، وأهمية خصخصتها على ضوء مفاهيم جغرافية  تخطيطية وبيئية واقتصادية واجتماعية. كما يقدم البحث إيضاحاً لأهداف خصخصة المرافق العامة والمنتزهات وأساليبها.إلا أن البحث لا يقدم  تبريرا مطلقا للخصخصة ، فهو يطرح أسئلة عن جدوى خصخصة مرافق المصلحة العامة مثل المنتزهات ، خاصة وأن الفوائد المرجوة من الترويح يكتنفها اعتبارات شخصية لا يمكن إخضاعها لمقاييس مادية فقط وإنما هناك اعتبارات جمالية أيضا .
إن أهمية إنشاء وتفعيل المنتزهات العامة في النسيج الحضري تتطلب  تخصيص مساحات خضراء تتناسب مع تزايد أعداد السكان ، لما لها من دور فيإحداث التوازن البيئي. وكمثال على هذا فإنه لمواجهة احتياجات الزيادة المتوقعة في عدد سكان المملكة العربية السعودية حتى عام 2020 فانه لابد من توفير ما يقرب من 5,4 مليون وحدة سكنية يتبعها منتزهات ومساحات خضراء مناسبة ، تتطلب مبالغ تقرب من 982 بليون ريال سعودي .
وفي مدينة الرياض ، وإذا ما استمر النمو العمراني وفقا للأنماط الحالية التي تتسم بكثافات سكانية منخفضة ومساحات كبيرة للوحدات السكنية الفردية فسوف يلزم مد مشروعات التجهيزات والمرافق العامة على مساحات سكنية جديدة تعادل سبعة أمثال المساحة الحالية لمدينة الرياض  التي تزيد عن 800كيلومتراً مربعاً . وإن الأمر يحتاج لتفكير جدي في تشجيع مشاركة القطاع الخاص في توفير الوحدات المطلوبة لمواجهة الزيادة السكنية المتوقعة ، والمساهمة في إنشاء المرافق كالمنتزهات عبر أساليب الخصخصة المتاحة .
إن انتشار المنتزهات الخضراء والمحافظة على البيئة النظيفة في المدن والأرياف يعزز غاية العمران التي هي الاستدامة ، استدامة الحياة والتعمير والاستثمار وتوليد المنفعة من أرض ومن مال ومن ذرية. وبدون ذلك فانه من الصعب مع الضغط الحالي على الموارد والبيئة تخيل  كيف يمكن للسكان الحضريين أن يتضاعفوا خلال الخمس والعشرين سنة القادمة بدون انظمة بيئية لتلافي بعض أنواع الانهيارات الاقتصادية والايكولوجية .
أولاً - المقدمة :
يتميز الترويح بارتياد المنتزهات بأنه سلوك إنساني لا يمكن أن يتم إلا عن طريق المستخدم نفسه . فنحن نستطيع أن نلبي كثير من احتياجاتنا بطرق غير مباشرة عن طريق الغير ، أو بوسائل الاتصال عن بعد مثل التعلم ، والشراء ، والتعامل مع البنك ، والاجتماع مع الآخرين ، والعلاج عن طريق الطب الاتصالي ، بل والعمل من خلال الجلوس في البيت واستعمال الكمبيوتر وشبكات الاتصال . ولكن الترويح لا يمكن أن يتم إلا بمبادرة وحضور الشخص نفسه ، ومباشرة وظيفة الاستمتاع بالطبيعة من هواء وماء وخضرة . وهي وظيفة يحتاجها كل من المريض في طريقه للشفاء ، والمتعافي للمحافظة على عافيته ، والمشغول ليأخذ قسطا من الراحة حتى يواصل عمل ما هو مشغول به ، والعاطل حتى يجد ما يشغله .

تعريف المنتزهات العامة :
تندرج المنتزهات ضمن المناطق الخضراء في استعمال الأرض المخصص للوظيفة الترفيهية، وتعرف هذه المناطق على أنها  الأراضي آلتي لا تحتوي على بناء لمختلف الاستعمالات الأرضية وتحوي خضرة ومياه وأراضي واسعة وتتمتع بهواء نقى ومخصصة للنشاط الترفيهي العام  . ويميز  بين نوعين من المناطق الخضراء هي الحدائق العامة المفتوحة كلياً لعامة المواطنين و الحدائق الخاصة التي يقتصر استخدامها على فئة خاصة من أفراد المجتمع (الهيتي1982: 5( .
ومن ناحية أخرى هناك تعريف للحدائق حسب المستوى الذي ترقى إليه ، فهناك المنتزه المحلي الذي يعني مساحة تشمل تجهيزات لأوقات الفراغ من مختلف الأنواع (رياضية ، استجمام ، ثقافية ) ، وأحيانا أماكن إيواء منفصلة ( تخييم في مقطورة ، مخيم متنقل ، سكن بسيط لتمضية الفراغ ) . ومراحات التسلية مزودة بتجهيزات نشاطية ، وتستثمر ضمن  نظام الفنادق . وهناك الحديقة الإقليمية التي هي بين المساحات الخضراء الحضرية ، والحديقة الوطنية ، وتتطلب منطقة ريفية أو غابية بحيث تخضع وحداتها إلى حرية التنظيم الذي يهدف إلى الحفاظ على الإطار الطبيعي واستثماره ، ومن خلاله تنظم الدولة أو البلدية  تجهيزات رياضية وثقافية ومراكز استقبال . أما الحديقة الوطنية فهي أرض محمية طبيعية واسعة ، وقد تكون مجهزة لإعداد وتثقيف الجمهور . وهي تختلف عن المحميات الطبيعية التي تهدف لحماية بعض الأصناف النباتية أو الحيوانية . يرتكز تنظيم الحديقة الوطنية على مبدأ الحماية المطلقة للمواقع ، والمنع التام للصيد والمحافظة  على الحيوانات غير المفترسة والنبات . وقد يتخللها بعض المواقع المحصورة المخصصة للاستثمارات الرعوية المصانة وكذلك حق صيد الأسماك (جورج 1994: 295) .
إن  الحدائق والمنتزهات العامة  من أهم الميادين العامة للترويح لما لها من أثر فعال في تحسين المستوى الصحي لسكان المدينة ومن المعتاد  تشبيه المنتزهات العامة  برئات تتنفس منها المدن وتنقى هواءها ،  ففي الحدائق العامة متعة للنظر ومنطلق للصغار والكبار على حد سواء . يمكن الإشارة إلى عدد من الوظائف للحدائق  العامة منها على سبيل المثال الوظيفة الصحية والثقافية والاجتماعية والترفيهية والجمالية (كمونة 1985 : 38 . (

تعريف خصخصـة المنتزهات العامة :
تتضمن خصخصة المنتزهات  إسناد عمليات إنشاء وتمويل وتنمية وملكية وتشغيل وإدارة هذه المنشآت   إلى القطاع الخاص سواء كان محليا أو أجنبيا  .ففى تعريف للخصخصة أنها تعني تحويل ملكية المنشآت العامة إلى أطراف أخرى تقوم بإدارتها وفقا لمبادئ قطاع الأعمال الخاص .  كما يشير تعريف آخر   إلى أن الخصخصة تتمثل في زيادة كفاءة إدارة وتشغيل المشروعات العامة من خلال الاعتماد على آليات السوق والتخلص من الترتيبات البيروقراطية . أي أن الخصخصة تتمثل في زيادة الدور الذي يقوم به القطاع الخاص في ملكية وتشغيل وإدارة الوحدات الإنتاجية في المجتمع بغرض تحسين الكفاءة الإنتاجية لهذه الوحدات بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية( عطية 2000: 103) .

ثانيا – مفاهيم خصخصة المنتزهات
يمكن النظر إلى ضرورة بحث موضوع دور المنتزهات في النسيج الحضري والعمراني من خلال عدة مفاهيم أو تخصصات معرفية تبرر أهمية التخصيص ، وهذه المفاهيم تشكل المركب الايكولوجي المتكامل لأي منتزه ولا يمكن التقليل من دور أي من مكوناته . تشمل هذه المفاهيم مبررات جغرافية تخطيطية ، وبيئية ، واقتصادية، واجتماعية .

1- المفهوم الجغرافي التخطيطي :
يشمل هذا المفهوم مواقع وتوزيع المنتزهات ، ووظائفها ، وحجم ونوعية المستفيدين ، وذلك باعتبار أن المنتزهات تلبى بعض الخدمات الاجتماعية ، ومن هنا فان تلبية هذه الخدمة الاجتماعية هو جزء من الخدمات العامة التي لايستطيع الأفراد تزويد أنفسهم بها ولايستطيع ــ أو لايرغب ــ القطاع الخاص توفيرها لهم.  وحيث أن توفير الخدمات العامة مطلب أساسي لتنمية المجتمعات الحديثة فهي عادة من مسؤوليات الحكومات ، مثل التعليم ، الصحة، الدفاع المدني، الأمن، الطرق، ومياه الشرب العذبة. إلا أن هناك أنواع أخرى من الخدمات مثل الإسكان، النقل العام، الحدائق العامة، المكتبات العامة تقدمها بعض الدول لمجتمعاتها حسب مقدرتها ، بينما تقتصر دول أخرى على تقديمها لبعض المناطق التي تكون بحاجة ماسة لها دون أخرى.
إن تدخل الدولة في توفير الخدمات العامة مهم جدا لرفاهية جميع السكان ــ خاصة في سن التشريعات والتنظيمات الخاصة بها ــ سواء كانت هذه الخدمات مقدمة  من الدولة أو القطاع الخاص. وتهدف الحكومات من ذلك إلى التأكد من أن مستويات الخدمات المقدمة تندرج ضمن الأهداف الوطنية التي يجب إنجازها والتأكد من توفيرها  لجميع السكان بالمواصفات المحددة (بيرش1419: 265 . (
ولذلك فان نقص أو عدم وجود هذه الخدمات الحضرية يعني خللا في تركيب البنية التحتية ، وان هناك مشاكل مصاحبة لتنفيذ خطط التنمية . كما يؤدي عدم كفاية الخدمات الحضرية إلى بطء عملية التنمية الاقتصادية وما يترتب على ذلك من قلة الفرص الوظيفية أمام الانفجارات السكانية المتزايدة .
إن مجرد وجود المدن  المكتظة  لا يعني تحضرا وإنما ينبغي أن يكون هناك توازنا بين مؤشرات ومكونات وظائف التحضر ومراحل التنمية حيث تسوق لنا أدبيات العمران العلاقة القوية وإلايجابية  بين التحضر  ومعظم المعايير المستخدمة في قياس التنمية كالزيادة في متوسط العمر المتوقع،  وانتشار وسائل النقل والاتصال واستهلاك الفرد من الطاقة، وارتفاع نسبة التعليم، وارتفاع النسبة المئوية للعمالة في مجال الصناعات غير الاستخراجية ( فرسبي 1419: 21 ).، وكذلك التناسق في توزيع استخدام الأرض ووجود الخدمات الترويحية . ومرة أخرى فان عدم توفر خدمات معينة يعني أن الدولة ــ أية دولة ــ إنما هي مشغولة بأولويات أخرى حسب ظروف التخطيط الاستراتيجي ، والتوزيع الاقليمي لأوجه التنمية . إن إنشاء المنتزهات كمرافق عامة ، إنما يدخل ضمن التخطيط الحضري ، وهو عنصر أساسي ضمن أي مخطط عمراني جديد لإحداث التوازن بين عناصر التصميم المدني . وإذا كانت الأرض موجودة، ولكن لم ينفذ المنتزه بعد فالأرض تنتظر تنفيذ التطوير، أما إذا كان المنتزه موجودا ولكن يحتاج إلى العناية والتحسين فهو ينتظر التخصيص والتشغيل.
وعلى أية حال فيوجد العديد من الطرق والنماذج لدراسة تطوير الأراضي نذكر منها ما يلي 
1- النموذج الاقتصادي المعتمد على الطلب المحدد على الإيجارات والإيرادات.
2- نموذج تتابع الأحداث والذي يركز على مراحل تطوير الأراضي كما هي مفهومة لدى مديري العقارات.
3- النموذج الذي يهتم بدور المشاركين في عملية التطوير.    
4- النموذج الهيكلي المبني على مفهوم الاقتصاد السياسي والقوى المؤثرة في العلاقات المرتبطة بعملية تطوير الأراضي العمرانية.  
5-  النموذج المؤسساتي والذي يعطي منظور شامل لعملية التطوير.
  ولكل نموذج مزاياه الخاصة وطريقته المميزة في عرض عملية تطوير الأراضي العمرانية. ومن الصعب تحديد أي من هذه النماذج هو الأنسب ، لان هذا يتوقف على الاتجاه التنموي السائد . وفي المملكة العربية السعودية فان نموذج المشاركين قد تمم تطبيقه منذ عقود نتيجة دراسات استشارية عالمية وعربية . ويعمل المشاركون وفق تقسيم الأدوار لتطوير المرافق كما يلي :
1  ملاك الأراضي القابلة للتقسيم والتطوير
2  مكاتب العقار وهم الوسطاء
3   رجال الأعمال المستثمرين والمطورين
4 الدولة كمنظم لعملية التطوير ومزودة بالخدمات والبنية التحتية ( عبدالعال 1419: 180 ) ..
وإذن فإن خصخصة المرافق إنما تعني في النهاية أن يقوم القطاع الخاص بإنشاء ، أو إدارة وتشغيل المنتزهات أيضا  نيابة عن الدولة . و يرى الهذلول أنإنشاء البنية التحتية للمرافق الحضرية قد يتطلب وقتا، وقد يستهلك جزاء من ميزانية إنشاء المرافق ، وكمثال فان تكاليف  التحضر تقتطع جزأ كبيرا من موارد الدولة يقدر بأكثر من 60 بالمائة ومستنفدة بذلك ما مجمله 9 سنوات من الناتج الوطني الإجمالي للفرد الواحد ، أو إحدى وأربعين سنة من الاستثمار المحلي الإجمالي للفرد الواحد لقاء تمدينه، كما أن تكلفة توطن الفرد في المدن الرئيسة تزيد كثيرا عن بقية المناطق الحضرية. كما أورد الهذلول مثالا على ثقل عبء ازدياد السكان في المملكة العربية السعودية ، فانه لمواجهة احتياجات الزيادة المتوقعة في عدد السكان حتى عام 2020 لابد من توفير ما يقرب من 5, 4مليون وحدة سكنية يتبعها  منتزهات ومساحات خضراء مناسبة ، وإذا ما استخدم  لتمويل هذه الوحدات السكنية صندوق التنمية العقارية فسيتطلب ذلك مبالغ هائلة قد تبلغ حوالي 982 بليون ريال سعودي. ولضخامة المبالغ المطلوبة فان الأمر يحتاج لتفكير جدي في تشجيع مشاركة القطاع الخاص في توفير الوحدات المطلوبة لمواجهة الزيادة السكنية المتوقعة ، والمساهمة في إنشاء المرافق كالمنتزهات .
وفي مدينة الرياض إذا ما استمر النمو العمراني وفقا للأنماط الحالية التي تتسم بكثافات سكانية منخفضة ومساحات كبيرة للوحدات السكنية الفردية فسوف يلزم مد مشروعات التجهيزات والمرافق العامة على مساحات سكنية جديدة تعادل سبعة أمثال المساحة الحالية التي تزيد على 800 كيلومترا مربعا ، مما يدعو لتبني سياسات خاصة بتشجيع مشاركة القطاع الخاص للاستثمار في قطاع الإسكان وإعادة النظر في استراتيجيات التنمية العمرانية بما يمكن من مواجهة تحديات مستقبل قطاع الإسكان والتشييد (الهذلول 1419: 463-484). 

2- مفهوم حماية البيئة المستدامة  :
لاحظنا أن المنتزهات هي أحد عناصر  البنية التحتية الحضرية ، و أحيانا قد يؤجل تنفيذها أو تلغى بسبب الحاجة إلى الأرض لمرافق أخري . مع أن المساحات الخضراء على اختلاف أنواعها هي المتنفس الذي يعادل باقي مكونات المدينة من مباني سكنية ومناطق صناعية وأسواق مركزية وشوارع وميادين ، وبذلك فإنها تؤدي مجموعة من الوظائف نذكر منها الوظيفة الترفيهية، وظيفة حفظ التوازن البيئي، الوظيفة الصحية، الوظيفة الثقافية والإجتماعية والوظيفة العلمية. 
ومن المعروف أن محدودية المساحات الخضراء والازدحام في بعض المدن والقرى يكون عشوائيا حتى أن الإنسان يعاني من ارتفاع نسبة التلوث فيها لدرجة أن الحياة فيها تصبح مهددة بالخطر الشديد ، ويكاد الوضع يتغير تماما بوجود المسطحات الخضراء والماء . حيث تقوم المسطحات المائية بامتصاص درجة الحرارة وتخزينها على صورة طاقة كامنة تستخدم أثناء  تبخره وهذا يجعل ميزان الطاقة موجباً وحرارة الجو معتدلة. أما دور الغطاء النباتي والمسطحات الخضراء فإنه يغنى هواء المدينة بعنصر الأكسجين الضروري لصحة الكائنات الحية ويسلبه ثاني أكسيد الكربون لاستخدامه في بنائه الضوئي. وبمعنى آخر فإنالإنسان (الفرد الواحد) يحتاج إلى (12 م 3) من الهواء في اليوم الواحد ويتطلب سطحاً أخضر قدره (150 م 2) لتعويض الأكسجين المستهلك من  قبل الكائنات الحية وعمليات الاحتراق المختلفة (كامل1985) . ) كذلك فان المدن التي بها مساحات خضراء أقل  لديها نسبة تركز أكسيد الكبريت في الهواء أعلي مما في المدن ذات المساحات الخضراء الكبيرة.
لهذا فانه للحد من استفحال ظاهرة التلوث بمختلف أشكالها، يمكن القيام بعدة إجراءات وقائية من ضمنها إحداث مساحات خضراء كبيرة داخل المدن وكذلك أحزمة خضراء تحيط بالمدن بغية المحافظة على محيط الحضر أي بمعنى آخر تجميل المدينة وتهيئتها لجعلها قابلة كثر للسكنى.
لكن لسوء الحظ تشكو جل مدن العالم نقصا فادحا من المساحات الخضراء ، ففي مدينة القاهرة مثلا ،  بلغ  نصيب الفرد الواحد من الحدائق 0.75 م 2ويختلف هذا النصيب كثيرا بين الأحياء:  فحي"مصر الجديدة " مساحته : 445 فدانا ونصيب الفرد من المساحات الخضراء 4.7 م 2، وحلوان : 144  فدانا و , 1 م 2، ومصر القديمة والمعادي : 105 فدانا و 5,7 م 2، وحي غرب : 300 فدان و 1,1 م 2،  وحي جنوب ": 85 فدانا و1,1م 2. وفي باقي الأحياء تكاد تنعدم المساحات الخضراء: "شبرا الخيمة " مساحته (7 فدادين)، و"الزيتون " (51 فدانا)، و" الوايلي " (28 فدانا)، و " وسط " (155 فدانا)  ، وعابدين (28 فدانا) بحيث ان متوسط نصيب الفرد في هذه الأحياء لايزيد عن 0,2 م 2 (الجديدي1997: 276).
إلا أن الحال في مكة المكرمة أفضل  من ذلك  حيث يبلغ نصيب الفرد الواحد من المساحات الخضراء (الحدائق العامة) أكثر من (5 م 2) وهي مساحة جيدة إذا ما قيست بظروف البيئة الطبيعية في مكة المكرمة ، ويشير التوزيع الجغرافي للمساحات الخضراء في مكة المكرمة إلى تركزها في الأحياء الجديدة البعيدة عن الحرم الشريف وعلى محاور الطرق الخارجية لمكة المكرمة ، رغم النقص في المساحات الخالية للبناء عليها ، والنقص في  مياه الري(الشمراني1406: 20) .   
وفي العراق بلغ نصيب الفرد الواحد من المنتزهات (كذلك في عام 1985) ما يلي في عدد من المدن:  "الموصل ": 0.76 م 2، " كركوك ": 11, 1 م 2،"البصرة: 3.65 م 2، "الحلة": 1.51 م 2 ، كربلاء": 1.87 م 2، " النجف ": 26. 6 م 2، " أربيل ": 52. 0 م 2 (بني 1985: 276) وقد توصل االهيتي الى أن التوزيع الجغرافي للمساحات الخضراء في مدينة بغداد يعتبر توزيعاً غير عادل إذ تزيد المساحات الخضراء في بعض الأحياء وتنعدم في أحياء أخرى. وان نصيب الفرد الواحد من المساحات الخضراء في مدينة بغداد لا يزيد على 49, م2 وهو مقدار صغير جداً إذا ما قيس بنصيب الفرد في مدن عالمية أخرى (الهيتي ، مصدر سابق) .
ولو تمت مقارنة هذه الأرقام مع ما يخصص للفرد الواحد في مدن الدول الأوروبية مثل بريطانيا  (23 م 2/ فرد) أو في الولايات المتحدة الأمريكية أو في الاتحاد السوفيتي سابقا (46 م 2/ فرد") أو في استراليا (162 م 2/ فرد في أكبر مدينة "سيدني ") للُوحظ أن النسبة المخصصة للمناطق الخضراء في المدن العربية على وجه العموم هي نسبة ضعيفة جدا خاصة وأن هذه المدن في حاجة ماسّة إلى المزيد من المساحات الخضراء بحكم وجودها في المناطق الحارة من العالم (الجديدي ، مصدر سابق) . 
وبالإضافة إلى السعي لتخطيط وتخصيص المساحات الخضراء ، فانه ينبغي السعي أيضا إلى الحد من التلوث والآثار البيئية السلبية للتخصيص ، إذ يتهم اقتصاديو البيئة القطاع الخاص بأنه المسيء الأكبر للبيئة، وذلك لأن دافع الربح قد يعميه عما يحدثه من تلوث وتدهور للبيئة واختلال توازنها؟ وهذا صحيح إذا ترك الأمر على عواهنه، أما إذا تدخلت الحكومة لإجبار القطاع الخاص على دفع تكاليف ما يحدثه من آثار بيئية، فإن تلك الآثار ستصبح عند حدها الأمثل (الداغستاني1419: 42).
كذلك من الملاحظ  أن أكبر ما تواجهه المدن من صعوبات هو الزحف والانتشار العمراني على حساب الأراضي الخضراء ، وعندما يحس أرباب الأسـر بالخطر المتمثل بالتلوث وانخفاض مستوى الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية ، فانه لايبقى أمامهم سوى الرحيل الى الضواحي المجاورة ، وهذا يعني الاستيلاء على الأراضي الزراعية ، وحيازة بيوتا أوسع على قطع أكبر من الأراضي ، والنتيجة هي قلاع من العزلة ، ورحلة طويلة فردية بالسيارة إلى العمل ، والانسحاب من التفاعل الاجتماعي الحضري 
إن انتشار المنتزهات الخضراء والمحافظة على البيئة النظيفة في المدن والأرياف يعزز غاية العمران التي هي الاستدامة ، استدامة الحياة والتعمير والاستثمار وتوليد المنفعة من ارض ومن مال ومن ذرية . إذ تقترن التنمية المستدامة  بمؤشرات إشباع الحاجات الأساسية للسكان آلتي هي الحاجات الفسيولوجية مثل التغذية الجيدة والهواء النقي ، والحاجات الأمنية ، والحاجات الاجتماعية ومن أهمها تأكيد الانتماء إلى الجماعة  والمشاركة في نشاطها ، والحاجة إلى تحقيق الذات ، والحاجة إلى المعرفة والفهم. كما اعتبرت التنمية أنها مسلسل التفاعل المستديم والتدريجي الذي يتم بواسطة الاستغلالالتدريجي للطبيعة كما وكيفا في الزمان والمكان باعتبارها الثروة الأساسية . فأصبحت التنمية المستديمة تندرج في إطار العلاقة بين الإنسان والبيئة ، ومن ثم اصبح البعض ينادى بعدالة اجتماعية مكانية  وتقليص التباينات الإقليمية . هذا من ناحية ، ومن ناحية أخري فان التنمية في رأي إسماعيل سراج الدين إنما هي كشجرة تتم تربيتها أثناء نموها بتغذية جذورها وليس بانتزاع فروعها ، إنها رؤية للتنمية المستدامة التي تتمركز حول البشر وعلى مشاكل الإنسان، وتسعى من اجل تمكين الضعفاء والفئات الأقل قدرة في كل مكان أن يصنعوا الرفاهية والرخاء لأنفسهم ، رؤية تدرك أن التنمية يجب أن يكون لها مضمونثقافي ، وان الحكم وبناء المؤسسات وتعزيز القدرات البشرية كلها عوامل محورية في عملية التنمية ، وقد تكون المفاتيح آلتي تؤدى إلى الرفاهية الاقتصادية(سراج الدين1998: 13).    
وحسب إعلان اسطنبول فان التنمية المستدامة هي لصالح البشر مع إدراك الاحتياجات الخاصة بالنساء والأطفال والشباب لتوفير أوضاع المعيشة السليمة والصحية المأمونة ، وقد وعد البيان بتكثيف  الجهود  من أجل استئصال آفة الفقــر والتمييز ومن أجل تعزيز وحماية كافة حقوق الإنسان والحرياتالأساسية للجميع، وتلبية الاحتياجات الأساسية مثل التعليم والتغذية وخدمات الرعاية الصحية والاجتماعية ، وخاصة توفير المدى الملائم للجميع . ونرى من هاتين الوجهتين ما بين الاستدامة والخصخصـة من علاقة متلازمة تهدف في النهاية إلى ترشيد الموارد على نحو يديم حسن استغلالها خاصـة الموارد النادرة . وهناك حاجة للتعامل مع الاستدامة المحلية ومن ضمنها الخدمات الحضرية و تلك الحاجات الضرورية للناس والتي لا يمكن الاستغناء عنها مثل المياه النقية والصرف الصحي والكهرباء والمنتزهات الخضراء والمطلوب هو تهيئة هذه الخدمة وتيسيرها للناس بتكلفة معقولة  يمكن استدامته .  وبدون ذلك فانه من الصعب مع الضغط الحالي على الموارد والبيئة تخيل  كيف يمكن للسكان الحضريين أن يتضاعفوا خلال الخمس والعشرين سنة القادمة بدون بعض أنواعالانهيارات الاقتصادية والايكولوجية (Clark2001:582).  

3- المفهوم الاقتصادي:
تهتم السلطات البلدية بجذب السياح ومحبي وطلاب الراحة والاستجمام ، يقضون بعض الوقت في أماكن مريحة ، وذلك بتهيئة أماكن الإيواء ومواقف السيارات والمعسكرات الخلوية والحفلات والعروض الجماعية ، مقابل رسوم  للحصول على موارد مالية  والاكتفاء الذاتي  في تسيير أمورها.
ولدينا في هذا السياق قضية تستحق الوقوف عندها ، بما أن المنتزه يقع داخل  ارض واسعة  ذات تكلفة عالية  إذا ما كانت في موقع استراتيجي حساس داخل المدينة ، فإن  هذا الموقع الحساس بالضبط هو ما يعطي المنتزه دوره الهام في الترويح عن النفس داخل بيئة مكتضة مزدحمة تشهد كثافة سكانية عالية ، وهكذا فإن على البلديات أن تضحي وتقدم هذه الخدمة للمواطن . السؤال هل هذه الوظيفة الترويحية تبرر تخصيص المكان للترويح ، بكل احتياجاته من ارض ومياه نادرة وصيانة وموظفين وأمن ؟ أليس من الأوفق تخطيط الموقع على شكل عمائر وبيعه شققا ومكاتب تدر دخلا مضاعفا للبلدية ، واختيار مكان آخر على اطراف المدينة ليكون منتزها عاما ؟؟. وأيضا سؤال آخر ، هل ينبغي أن نفرض رسوما على استنشاق الهواء النقي ، فلا مكان للفقراء في هذه الحدائق الغناء والجنائن ؟ أين مبدأ الشمس والهواء  للجميع ؟  وثمة سـؤال أخير ،  إلى أي مدى نستطيع أن نمضي في استغلال الموارد الطبيعية على أساس الربح المادي فقط ؟ طالما رأينا آثار سـطوة رأس المال في تناقص الغطاء النباتي الغابي ، وتلوث الأنهار ، والزحف العمراني على الأراضيالخضراء حول المدن ؟؟  إنها أسئلة محيرة ، وان طرح البدائل الرأسمالية للرسوم على الحدائق  يعرفها رجال المال والإعلان ، وانها حقا لعملية تطبيع بين الفقراء والبضائع الرأسمالية الاستهلاكية ، آلتي أن لم يطلها الفقير من البقالة ، فإنها ستطاوله بصورتها كإعلان على سور الحديقة ! .
لقد طرح حازم الببلاوي ذات مرة سؤالا أصعب من هذه الأسئلة : هل تدفع الدولة ثمن السلع العامة  أم يدفعها صاحب المصلحة ؟  وهو يعني بالسلع العامة الخدمات التي تقدم للمصلحة العامة ، التي متى اديت لفرد أفاد منها الغير ، فهي سلع وخدمات لا تخضع لمبدأ الاستئثار ، بل هي شائعة المنافع ومن ذلك حماية البيئة من التلوث وضمان جمال المدينة ونظافتها ، ويرى انه من الضروري الاعتراف بدور الدولة ومنظمات المجتمع المدني في تقديم الخدمات العامة ، الدولة بما تملك من سلطة ، ومنظمات المجتمع المدني بما تقوم عليه من مبدأ التعاون والتنسيق (الببلاوي1999 :50) .  
إنها أسئلة صعبة ، وخيارات هامة بين القيم الحضارية الجمالية والبيئة النظيفة المستدامة ، وبين القيم المادية . ومع هذا فهل نجد مخرجا من هذا الخيار ؟ إن أحد اهتمامات الاقتصاد الرئيسية هو المفاضلة بين الاستخدامات البديلة للموارد الطبيعية المحدودة حيث يواجه المجتمع باستمرار الخيارات المختلفة .ويحاول الاقتصاديون أن يساعدوا صانعي القرار، الذين يجب أن يختاروا البدائل، عن طريق المقارنة الموضوعية ـ كلما أمكن ـ لتقييم الجمهور للخدمات المتنوعة. وكما أن هناك طلبا متزايدا على الترويح الخلوي فسوف تكون هناك أسئلة ملحة عن الميزات النسبية لصرف مقادير متزايدة من المال على الترويح بدلا من إنفاقها على البدائل المتاحة. وللإجابة على هذه الأسئلة تحتاج الفوائد المرجوة من الترويح أن تقاس بطريقة ما، آلتي سوف تقارن مباشرة بفوائد الخدمات  وأيضا بتكاليف إيجاد وسائل الترويح عن النفس ، وقد أظهر الاقتصاديون الذين اعتادوا مقارنة المزايا وفوائد الإستثمارات المختلفة خلال السنوات العشر الى الخمس عشرة سنة الماضية اهتماما متزايدا بمزايا وفوائد الترويح الخلوي.
وبعد كل هذا ، فإن محاولات وضع قيم نقدية مقابل فوائد الترويح عن النفس مثار جدل ومعارضة على أساس ثلاثة عوامل رئيسية: أولاً: من المقترح أن التقييم النقدي لا يكون ملائما بسبب اتسام تجربة الترَفيه (الترويح) بالمعيار الذاتي.  ثانيا: إن الترويح قد يتسبب في فوائد ثانوية كبيرة قد لا يدركهاالشخص ذاته في سياق رغبته لدفع تكاليف هذه التسهيلات. ثالثاً: هناك جدل بأن الترويح عن النفس هو ميزة مطلوبة مثله مثل التعليم الذي يجب أن يتاح بلا مقابل لكل المواطنين ويأتي ذلك فى اطار سياسة اجتماعية. إن الفوائد الأولية المرجوة من الترويح يكتنفها اعتبارات  شخصية ذاتية متباينة، ومن ثم، لا يسهل إخضاعها لمقاييس مادية (لافري 1987: 217).    
إن وجود المنتزهات الواسعة ضمن المخططات الحضرية يعزز من اقتصاديات مواقع الخدمات  والوظائف الحضرية بكل أنواعها ومستوياتها ، لما لها من أثر جاذب ، والشعور بالتنمية المكانية المتوازنة ، اذ أن التركز السكاني الشديد ، وارتفاع أسعار الأراضي ، وازدحام المرور ، يؤدي الى تحطيم القوة الجاذبة إلىالمراكز الحضرية المتروبوليتانية ، وبروز هياكل حضرية في الضواحي ، والتحول إلى سياسة اللامركزية لتحقيق الموازنة المكانية للتنمية الاقتصادية (الحديثي1986: 171).
إن ما ذكرناه في المفهوم  الجغرافي التخطيطي والمفهوم  البيئي يكفي لان يوضح أهمية إقامة المنتزهات ، وان الفرصة متوفرة  أمام القطاع الخاص لتلبية حاجة المجتمع الحيوية للمنتزهات عبر أي من أساليب الخصخصة المتاحة ، حيث يمكن للخصخصة أن تسهم ضمن الاستثمار في ألبني التحتية في تحسين الوضع الاقتصادي .
وفي اقتصاديات الحضر فان  البناء التحتي في المدن يمثل  المحرك إن لم يكن عجلات النشاط الاقتصادي، وتحاول العديد من الدراسات ايجاد صلة بين المصروف الكلى على البنية التحتية وبين النمو في الناتج المحلي العام وهى تعكس المردود الكلى . وقد أشارت إحصائيات البنك الدولي للإنشاء والتعمير عام 1990 إلى أن إجمالي الأسهم في البنية الأساسية قد زادت بنسبة 1% ، مع زيادة 1% في نصيب الفرد من الناتج المحلي العام ، في البلاد ذات السياسة التقليدية من الدول ذات الدخل المرتفع .   
وفي هذه المناسبة يحسن إيراد مثال من سياسات تخصيص البنية التحتية وفتح مجال الاستثمار أمام القطاع الخاص ، ففي المملكة العربية السعودية يأتي تخصيص البني التحتية وبعض المرافق العامة  ضمن سياسة الانطلاق نحو بناء هيكل اقتصادي يرتكز على فعاليات القطاع الخاص، بما يعنيه عمليًا من الاستثمار الأمثل للموارد الاقتصادية المتاحة، وحسن توزيعها وفق القواعد الاقتصادية الثابتة التي يجب أن تحكم قرارات الاستثمار والإنتاج لتحقيق ذلك المعنى 
ولا شك في أن هذا التحول يتطلب أن يكون تعامل القطاع الخاص معه مبنيًا على أسس الاقتصاد الحر الذي يحتكم إلى قوى السوق وتفاعل العرض مع الطلب في عناصر الإنتاج من رأس مال وموارد وأيدي عاملة ، وتنظيم  يؤدي الى  إنتاج يحقق الربح والرفاه معًا مما يتطلب تسخير الموارد الاقتصادية في قنوات الاستثمار الصحيحة .
وهذا المنهج  يتفق  مع سياسة التخصيص في المملكة العربية السعودية وفق ما أشار إليه قرار مجلس الوزراء عام  1418 هـ من أنه عند إقرار النشاطات الحكومية المختلفة المحولة الى  القطاع الخاص، يجب أن يراعى أثر ذلك في النمو الاقتصادي، وميزانية الدولة، والعمالة الوطنية ومحدودي الدخل، ومشاركة شريحة كبيرة من المواطنين في هذا النشاط. ومن المؤكد أن أي آلية عملية لتحقيق هذه السياسة تتطلب استراتيجية متأنية لتطبيق التخصيص يمكنها أن تستوعب هذه الاشتراطات المتعددة والوصول إليها وتحقيق الهدف المنشود ، وهذا ما أكدته خطة التنمية السادسة السعودية من أن سياسة التخصيص يجب أن تراعي أن تكون نتيجة التخصيص إيجابية للدولة وللقطاع الخاص ، وأن يتم اختيار التوقيت المناسب وتهيئة الأوضاع الملائمة للمرافق المرشحة بما يكفل نجاح برنامج التخصيص. ويلاحظ المتتبع لخطوات البرنامج في المملكة العربية السعودية بأن مراحل تطبيقه تلتزم هذه السياسة لقناعتها بأن تحقيق أهداف التخصيص هو الغاية التي يجب أن تكون محصلته النهائية ( الداغستاني 1419: 20 ). 

4- المفهوم الاجتماعي:
تأتي أهمية المنتزهات في أنها تمثل أماكن عامة يمكن من خلالها ممارسة العديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية ، وان تأثير الخصخصة هو إن هذه المرافق ستقدم الأنشطة إلى شرائح خاصة من المجتمع بسبب مستوى الرسوم ، وأنها ستقدم أنشطة ثقافية واجتماعية خاصة أيضا بسبب هوية المستثمر ، ما لم تراعى اعتبارات حساسية الأوضاع العرقية والدينية والسياسية الداخلية ومراعاة المستوى المعيشي لغالب شرائح المجتمع أثناء صياغة عقود التخصيص . فمع أن دولة الرفاهية تعزز حق المواطنين المتساوي في الحصول على الخدمات العامة والحد الأدنى في الحياة الكريمة ، إلا أن الخصخصة في بعض أشكالها  توكل ذلك إلى رفاهية الرأسمالية الخاصة آلتي تتيح تنامي الفروق الصارخة بين الطبقات وعودة عهود الامتيازات البغيضـة .
أما تأثير الخصخصة الاجتماعي على بنية المدن والنسيج الحضري فيأتي من التحول المعاصر في وظائف المدن خاصة في الدول الغربية المتقدمة ، وهي نتيجة رد فعل للتدهور البيئي الذي يهدد سكان المدن الكبرى ، ولذلك لم تعد المدن في الدول الغربية مواقع لصناعات الإنتاج الكبير ، وإنما أصبحت أماكنلأبحاث التطوير والتكنولوجيا الرفيعة ، وإنتاج النماذج الأولية ، والصناعات الإبداعية والثقافية ، بدأ بالمسارح والمتاحف إلى النشر والإذاعة والمنتزهات وأماكن السياحة والإبداع  الثقافي . إن وظيفة الترويح في المراكز العمرانية  تجذب الناس ، وبالتالي رؤوس الأموال والاستثمارات في الثقافة والفنون  فتجعل الشوارع اكثر إنسا وأمنا ، وتشيع محيط عصري وما يترتب على ذلك من سريان الحيوية في اقتصاد المدينة وإيجاد وظائف جديدة ، وفوائد مادية مثل زيادة الرسوم المدفوعة للبلدية ، بل إن هذه الأنشطة الترويحية تنطبع في خيال الملايين من السكان الذين يستعدون لقضاء إجازاتهم في منتزهات ومنتجعات معينة بسبب شهرتها في تقديم خدماتها ذات المستوى المناسب .

ثالثا أهداف وأساليب الخصخصة :
إن هناك أهداف عديدة للخصخصة فهي مالية للتخلص من النفقات الحكومية المصروفة على هذه المرافق.  وأهداف إدارية تشمل إسناد عمليات إنشاءوتمويل وتنمية وملكية وتشغيل وإدارة المنشآت إلى القطاع الخاص سواء أكان محليا أو اجنبيا لزيادة كفاءة ادارة وتشغيل المشروعات العامة من خلال الاعتماد على آليات السوق والتخلص من الترتيبات البيروقراطية . وأهداف اقتصادية بتحويل ملكية المنشآت العامة إلى أطراف أخري تقوم بإدارتها وفقا لمبادئ قطاع الأعمال الخاص و في زيادة الدور الذي يقوم به القطاع الخاص في ملكية وتشغيل وإدارة الوحدات الإنتاجية بغرض تحسين الكفاءة الإنتاجية بما يخدمأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية.  كما أنها تعني اجتماعيا ضمان جودة الخدمة وتخفيض التكاليف بسبب وجود المنافسة ، وكذلك مشاركة العاملين فيالملكية وتوثيق الولاء للمنشأة مما يحفز بذل الجهد المخلص . وكسب ثقة المواطنين في عملية الخصخصة نتيجة استمرارية وتطوير فعاليتها وإشباع حاجات المجتمع .
أما أساليب الخصخصة فتتم من خلال عقود خدمة ، آو إدارة ، أو تأجير ، أو امتياز الاستغلال . كذلك طرح الأسهم للاكتتاب العام ، أو توزيع الأسهم على العاملين .  إلا أن هناك من يرى أن كل ما تحتاج أليه  المرافق العامة هو إعادة هيكلتها وادارتها على أسس تجارية واقتصاديات السوق في ظل الحكومة  ، خاصة عند  تدني مستوى المعيشة والبطالة وغير ذلك من الظروف الاجتماعية الصعبة ( الباتل 1422: 25) ، وبالنسبة لتخصيص المنتزهات العامة فهناك اعتبارات تبعد النتائج  قليلا عن مبدأ الربح والخسارة .
وأخيرا يمكن التوصية بالا تسند إدارة وتشغيل المنتزهات إلى مؤسسات فردية ذات مخاطر تتعرض للربح والخسارة أو الافلاس وتعطيل الخدمة ،  وإنما  تسند إلى مؤسسات اجتماعية تقدم أعمالا أخري تحقق لها دخولا مناسبة تتناسب مع مجهودها الخاص الفعلي ، وبمعنى آخر أن تكون المنتزهات العامة مسرحا لنشاط هيئات اجتماعية تقدم خدمات علمية وثقافية أو رياضية أو حضارية للمجتمع ، ومن أمثلة هذه الهيئات الجامعات ، والجمعيات العلمية ، والنقابات المهنية ، والنوادي الرياضية ، وهيئات الآثار والسياحة الأهلية وذلك لضمان استمرار تطويرها  في نطاق النظام السياسي والاجتماعي السائد . ومن المتوقع أن تقيم هذه الهيئات الاجتماعية مبان لمختلف الفعاليات الثقافية من مسارح ، ومتاحف ، ومكتبات عامة ، ومراكز المؤتمرات ، وصالات الاجتماعات والمناسبات . ويدخل هذا الاقتراح ضمن مبدأ مضاعفة استعمال الأرض ، وهو مبدأ معروف في الاقتصاد الحضري .(( Murphy1986:68)) وبالطبع فان تكاليف هذه المباني يمكن أن تؤمن عن طريق السندات ، أو من قروض طويلة الأجل من بنك الاعمار. 

المراجع العربية  :

الباتل ، عبدالله (1422) . هل التخصيص هو الحل الأمثل ؟ .المجلة الاقتصادية السعودية ، العدد السادس ،  ص ص 25-30
الببلاوي ، حازم ( 1999) . الركوب مجانا في زمن العولمة . مجلة الكتب وجهة نظر ، العدد التاسع ، ص ص 50 - 54
بني ، أنور جميل (1985) . واقع المشاريع الخدمية ، نماذج مختارة . في: محمد الجديدي ( 1997) . مسائل في الجغرافيا الحضرية . تونس : المعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمر ، جامعة تونس الأولى للآداب والفنون والعلوم الانسانية ،  ص 276
بيرش ، براين وآخرون (1419) . التباين الإقليمي في توفير الخدمات التعليمية والصحية واستخدامها . في: صالح الهذلول و نارايانان  ايدادان ، محرران , التنمية العمرانية في المملكة العربية السعودية ، الفرص والتحديات . الرياض:  دار السهن , ص 265
الجديدي ، محمد ( 1997) .  مسائل في الجغرافيا الحضرية .  تونس : المعهد الأعلى للتربية والتكوين المستمر ، جامعة تونس الأولى للآداب والفنون والعلوم الانسانية  ، ص 276
جورج ، بيار (1414 ). معجم المصطلحات الجغرافية ، ترجمة حمد الطفيلي . بيروت : المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ،  ص ص 295-799
الحديثي ، حسن محمود علي (1986) . سياسة التنمية المكانية وعلاقتها بالتطور العمراني للمدن مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ، المجلد السابع عشر ، ص ص 171
الداغستاني ، عبدالعزيز إسماعيل  ( 1419) .  التخصيص ، رؤية اقتصادية في المنهج والتطبيق (الاقتصاد السعودي نموذجا) ، دراسات معاصرة رقم (3) . الرياض:  مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ، ص 42
سراج الدين ، إسماعيل ( 1998) . الثقافة والتنمية في البنك الدولي . مجلة عصر المدن ، عدد خاص ، سبتمبر 1998، ص 13
الشمراني ، صالح علي (1406) .  استخدامات الحدائق العامة في مدينة مكة المكرمة .  سلسلة بحوث العلوم الاجتماعية. مكة المكرمة :  جامعة ام القرى ، ، ص 20
عبدالعال ، وليد عبدالله (1419) .  عملية تطوير الاراضي العمرانية . في : صالح الهذلول و نارايانان  ايدادان ، مصدر سابق ، ص 180
عطية ، عبدالقادر محمد (2000) . اتجاهات حديثة في التنمية . الاسكندرية : الدار الجامعية ، ص 103
فرسبي ، وليام (1419) . تجربة التحضر السعودية من منظور مقارن .  في : صالح الهذلول و نارايانان  ايدادان ، مصدر سابق ، ص 21- 60
كامل ، محمد وليد (1985) . مناخ المدينة من النبات وسلوك الإنسان . في : صالح علي الشمراني (1406) مصدر سابق.
كمونه ، حيدر عبدالرزاق (1985) . تخطيط المدن وتشجيرها هل من ارتباط بينهما . المدينة العربية ، العدد (18) السنة الرابعة ، ص ص 38-83
لافري ، باتريك ( 1987) .  جغرافية الترويح ، ترجمة محبات الشرابي . القاهرة : دار الفكر العربي  ،  ص 217 
الهذلول ،  صالح  (1419) .  تأملات في مستقبل التنمية العمرانية الوطنية . في صالح الهذلول و نارايانان  ايدادان ، مصدر سابق ، ص 463- 481
الهيتي ، صبري فارس  (1982) . استخدامات الأرض الترفيهية في مدينة بغداد .  مجلة الجمعية الجغرافية العراقية ، المجلد (13) ص ص 5-32 

المراجع الانجليزية :

Clark,D (2001), “The Future of Urban World “ In R. Le  Gates,ed.The   City      Reader, , London:  Routledge Pub.,2nd ed,  p. 582

Murphy,P.E.(1986) Tourism, A community approach, London:Methuen,p.68


النص الكامل : 



حمله من هنا أو من هنا




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا