التسميات

الجمعة، 16 أغسطس 2013

ﺑﺣث ﻓﻲ"اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎھﯾﻣﻲ و اﻟﻧظري ﻟﻌﻠم اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك" ...

ﺑﺣث ﻓﻲ"اﻹطﺎر اﻟﻣﻔﺎھﯾﻣﻲ و اﻟﻧظري ﻟﻌﻠم اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك"

دنيا الرأي- 18-12- 2012م - د.ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ﺳﻠﯾﻣﺎن وادى - رﺋﯾس ﻣرﻛز راﺷﯾل ﻛوري اﻟﻔﻠﺳطﯾﻧﻲ ﻟﺣﻘوق اﻻﻧﺳﺎن وﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻌداﻟﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ :

ﻣﻘدﻣﺔ ﻋﺎﻣــــــﺔ .

اﻟﻣﺑﺣث اﻷول : ﻣﻔﮭوم اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك و ﺗطورھﺎ اﻟﻧظري.

اﻟﻣطﻠب اﻷول : اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك ﻗدﯾﻣﺎ و ﺣدﯾﺛﺎ.

اﻟﻣطﻠب اﻷول : اﻟﻌواﻣل اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ .

اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ: اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﺗﻐﯾرة.

ﺧﺎﺗﻣﺔ.

ﻻﺋﺣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ .


ﻣﻘدﻣﺔ ﻋﺎﻣــــــﺔ :

   "إن ﻣﻌرﻓﺔ ﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﯾﻌﻧﻲ ﻣﻌرﻓﺔ ﺳﯾﺎﺳﺗﮭﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ" ﻧﺎﺑﻠﯾون ﺑوﻧﺎﺑرات اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ "إن ھذه اﻟﻛﻠﻣﺔ اﻟﻣﺷﺑوھﺔ ﺟدا، و اﻟﻣﻣﻘوﺗﺔ ﺟدا ، ﯾﺟب أن ﯾﻌﺎد ﻟﮭﺎ اﻋﺗﺑﺎرھﺎ ، ﺑﺈﻋطﺎﺋﮭﺎ ﻣﻌﻧﺎھﺎ اﻟﺣﻘﯾﻘﻲ." ج.دوﻛﺎﺳﺗرو

   ﺗﻌﺗﺑر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓرﻋﺎ ﺟﻐراﻓﯾﺎ ھﺎﻣﺎ ﻗﺎﺋﻣﺎ ﺑذاﺗﮫ اﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟرأي ﺑﯾن اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﯾن اﻟﺟﻐراﻓﯾﯾن و ھﻲ ﺑذﻟك ﺗﺷﺑﮫ ﻏﯾرھﺎ ﻣن ﻓروع اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب اﻟﺗﻛﺎﻣل اﻟﻣﻌرﻓﻲ ﺑﯾن اﻟﻣﻧﺎھﺞ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ و اﻟﻌدﯾد ﻣن ﻓروع اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻟﻛﻲ ﺗﺳﺗﻘﻲ ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻣذاق  اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻟﻣﻣﯾز ﻟﻠﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ.

   إﻻ أن ﺑﻌض اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻧظروا إﻟﯾﮭﺎ ﻣن زاوﯾﺔ أﺧرى ﻓﺎﻋﺗﺑروھﺎ ﺟزء ﻣن اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻓﻲ ﺻورة دﯾﻧﺎﻣﯾﻛﯾﺔ ﺗرﺗﺑط ﺑﺄﻧﻣﺎط اﻟﺗﺟﻣﻌﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻋﺑر اﻟﺗﺎرﯾﺦ و ﻣن ﺛم ﻛﺎن اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﻌواﻣل اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟﮭذه اﻷﻧﻣﺎط اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﻧﻔردة أو اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺔ ﻣن أھم اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟﺟدﻟﯾﺔ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و ذﻟك ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أن اﻟﻌواﻣل ﺑﺣد ذاﺗﮭﺎ ﻛﺛﯾرة و ﻣﺗﻧوﻋﺔ ﯾﺗﺻل ﺑﻌﺿﮭﺎ ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻷرض اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻧﻣط اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ و اﻹﻧﺳﺎن اﻟذي ﯾﺷﻛل ﺟوھر ھذا اﻟﻧﻣط،أﺿف إﻟﻰ ذﻟك اﻟﺻراع اﻟﺣرﺑﻲ و اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ أوروﺑﺎ إﺑﺎن اﻟﻧﺻف اﻷول ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن اﻟذي ﻣﺛل ﻣﺣورا ﻟﻠﺗﻐﯾﯾر اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻓﻲ دراﺳﺔ ھذا اﻟﻔرع ﻣن اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ.
و ﻣن ﺗم ﻓﻘد ﻛﺎﻧت دراﺳﺔ ﺧرﯾطﺔ أورﺑﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﻧذ ﻣطﻠﻊ ھذا اﻟﻘرن رﻛﯾزة اﻟﻌﻣل اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻻ ﺳﯾﻣﺎ و أن ھﻧﺎك ﺻﻠﺔ وﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾن اﻟﻘوى اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ھذه اﻟﺧرﯾطﺔ و اﻟوﺿﻊ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻗﺎرﺗﻲ أﻓرﯾﻘﯾﺎ و آﺳﯾﺎ اﻟذي ﺷﮭد ﺗطورا ﻣﻠﺣوظﺎ ﻓﻲ اﻟرﺑﻊ اﻷﺧﯾر ﻣن ھذا اﻟﻘرن.
   و ﻋﻠﯾﮫ ﺳﻧﻌﻣل ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻣوﺿوع اﻟﻣوﻣﺎء إﻟﯾﮫ أﻋﻼه وﻓق اﻟﺗﻘﺳﯾم اﻟﺗﺎﻟﻲ : ﻣﻔﮭوم اﻟﺟﯾﺑوﻟﺗﯾك و ﺗطورھﺎ اﻟﻧظري (ﻣﺑﺣث1) ، ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و أﺛرھﺎ ﻓﻲ ﻗوة اﻟدوﻟﺔ(ﻣﺑﺣث2).

اﻟﻣﺑﺣث اﻷول : ﻣﻔﮭوم اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك و ﺗطورھﺎ اﻟﻧظري

اﻟﻣطﻠب اﻻول: اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك ﻗدﯾﻣﺎ و ﺣدﯾﺛﺎ

   اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗك ﻣﺻطﻠﺢ ﻣﻛون ﻣن ﺟذرﯾن ﯾﺷﯾر أﺣدھﻣﺎ إﻟﻰ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ واﻵﺧر إﻟﻰ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ، ﻟﻛن ﻟﯾس اﻟﻣﻘﺻود ﻣﻧﮫ ھو اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻲ ﺑﺗﺄﺛﯾر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ (اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﺑﺷرﯾﺔ) ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ، إﻧﻣﺎ ﯾﻧﺻب اﻻھﺗﻣﺎم ﻓﯾﮫ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺳﻠوك اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻐﯾﯾر اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ.

   وﯾذھب ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن إﻟﻰ أن ﻋﻠم اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗك ﻣن اﻟﻌﻠوم اﻟﻘدﯾﻣﺔ، ﺣﯾث ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﺟد ﺑﻌض ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﻛﻲ ﻓﻲ آراء أرﺳطو ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ ووظﺎﺋف اﻟدوﻟﺔ وطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣدود وﺗﻧﺎﺳب ﻗوة اﻟدوﻟﺔ ﻣﻊ ﻋدد ﺳﻛﺎﻧﮭﺎ وﺗوزﯾﻊ اﻟﺛروات ﻓﯾﮭﺎ.
وﯾﻧﺳب اﻟﺑﻌض آراء اﺑن ﺧﻠدون ﻓﻲ ﻣراﺣل ﻋﻣر اﻟدوﻟﺔ إﻟﻰ ﻣﻔﮭوم اﻟدوﻟﺔ اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﺗﺗطور ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﻛﯾﺔ، وﯾرى ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن أن اﻟﻣﻔﻛر اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣوﻧﺗﺳﻛﯾو ھو ﻣن وﺿﻊ اﻹﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﮭذا اﻟﻌﻠم ﻋﻧدﻣﺎ رﺑط ﻣﺟﻣل اﻟﺳﻠوك اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ وﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ اﻟﻣﻧﺎخ واﻟطﺑوﻏراﻓﯾﺎ ﻣﻊ اﻟﺗﻘﻠﯾل ﻣن ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻌواﻣل اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ.
   ﻟﻛن اﻻﻧطﻼﻗﺔ اﻟﺣﻘﯾﻘﯾﺔ ﻟﮭذا اﻟﻌﻠم ﺑﻣﻧﮭﺟﯾﺎﺗﮫ وﻣﺣدداﺗﮫ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﺗﻌود إﻟﻰ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﻓردرﯾك راﺗزل (1844- 1904) اﻟذي ﯾرﺟﻊ إﻟﯾﮫ اﻟﻔﺿل ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﺔ أول ﻣؤﻟف ﻓﻲ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﻛﺎ ﯾﺣﻣل ﻋﻧوان "اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ" ﻓﻲ ﻋﺎم 1897م.
وﻗد ﺷﮭد اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر واﻟﻧﺻف اﻷول ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن ﺗطوراً ﻛﺑﯾراً ﻟﮭذا اﻟﻌﻠم ﺳواء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻧظري، أو ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﺗﺄﺛﯾره ﻓﻲ ﺻﯾﺎﻏﺔ اﻟﺗوﺟﮭﺎت اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﻟﻠدول، وﻗد ﻻ ﯾﻛون ﻣن اﻟﻣﺗﯾﺳر ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣدﯾث ﻓﮭم اﻟرؤى اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ وﺟﮭت اﻟﻣواﻗف واﻟﺗﺣوﻻت اﻟﻛﺑرى ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑدون اﻟﻌودة إﻟﻰ ﻣﻘوﻻت اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﻛﺎ، ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟدوﻟﺔ ﻛﺄﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﮭد اﻟﻧﺎزي ﺣﯾث ﺗﺣوﻟت ﻣﻘوﻻت اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﻛﺎ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﻘوﻻت ﻣﻘدﺳﺔ ﯾﺗﺣدد ﺗﺑﻌﺎً ﻟﮭﺎ اﻟﻣوﻗف ﻣن اﻟﺣرب واﻟﺳﻼم.

   وﻟﻛن ﻣﻊ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ وھزﯾﻣﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ، ﺻﺎر ﯾﻧظر إﻟﻰ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗك ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻣﺛﺎل ﻟﻠﺗوظﯾف اﻟﺧﺎطﺊ ﻟﻠﺟﻐراﻓﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ، وﺑﻠﻎ ھذا اﻹﺷﻛﺎل ﻣﺑﻠﻐﺎً ﻛﺑﯾراً ﻋﻧدﻣﺎ أﺧذ ﯾﻧظر إﻟﯾﮫ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎره ﻋﻠم زاﺋف وﺣﺎﻣل ﻷﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎ ﻋداﺋﯾﺔ؛ ﻓﻘﺎﻣت ﻣﻌظم اﻟدول ﺑﻣﻧﻊ ﺗدرﯾس اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﮭﺎ؛ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﻣﺎ ﻋﻠﻣﯾن ﻣﺷﺑوھﯾن ﯾﺳﻌﯾﺎن إﻟﻰ ﺑذر اﻟﻌداء وﯾﻛرﺳﺎن اﻷطﻣﺎع اﻟﻘوﻣﯾﺔ.
  واﺳﺗﻣر اﻟﺣﺎل ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻣﻧوال ﺣﺗﻰ ﺗﺳﻌﯾﻧﺎت اﻟﻘرن اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﻻﺣت ﻣؤﺷرات اﻻﻧﮭﯾﺎر اﻟﻛﺑﯾر ﻟﻠدوﻟﺔ "اﻟﺳوﺑرﻋﻣﻼﻗﺔ" اﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ، ﻟﻧﻌود وﻧﺷﮭد اﻟوﻻدة اﻟﺟدﯾدة ﻟﻣﻘوﻻت اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗك، ذﻟك أن اﻧﮭﯾﺎر ﻛل اﻟﻣﺣددات اﻷﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﻋﻠﻰ أﺳﺎﺳﮭﺎ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﺛﻧﺎﺋﻲ اﻟﻘطﺑﯾﺔ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ، دﻓﻊ اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻻﺗﮭم ﺗﻠﻣس ﺷﻛل اﻟﻧظﺎم اﻟﺟدﯾد اﻟﻣرﺗﻘب إﻟﻰ أﻛﺛر اﻟﻌواﻣل ﺛﺑﺎﺗﺎً ودﯾﻣوﻣًﺔ ﻓﻲ ﺻﻧﻊ اﻟﻛﺗل اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻛﺑرى، أﻻ وھﻲ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ؛ ﻓﻌﺎدت إﻟﻰ اﻟظﮭور ﻣﻘوﻻت اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﻛﺎ وظﮭرت ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺗﺑﺎت ﻣؤﻟﻔﺎت ﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ودراﺳﺎت ﺣدﯾﺛﺔ ﺗﺳﻌﻰ ﻟﻘراءة اﻟﺗﺣوﻻت اﻟﻛوﻧﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﻣن ﻣﻧظور ﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﻛﻲ واﻧﻔرط ﻋﻘد اﻟطﺎﺑو -ﻏﯾر اﻟﻣﻌﻠن- اﻟذي ﻓرض ﺣول ھذا اﻟﻌﻠم.
  وﻗد ﻛﺎﻧت دراﺳﺎت اﻟروﺳﻲ أﻟﻛﺳﻧدر دوﻏﯾن، واﻟﺗﻲُﺗرﺟﻣت إﻟﻰ ﻣﻌظم اﻟﻠﻐﺎت اﻷوروﺑﯾﺔ، ﻣن أﺑرز اﻟدراﺳﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل، ﺣﯾث أﺳﮭﻣت ﻓﻲ إﻋﺎدة ﺗﻘدﯾم اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻟﻣؤﺳﺳﻲ ھذا اﻟﻌﻠم وﻓﻲ إﺛﺎرة ﺟدل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ روﺳﯾﺎ ﺣول اﻟدور اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﻣﻧوط ﺑروﺳﯾﺎ ﺳواء رﻏب اﻟﺳﺎﺳﺔ اﻟﺣدﯾﺛﯾن ﻓﻲ ذﻟك أم ﻟم ﯾرﻏﺑوا؛ ﻓﺣﻘﺎﺋق اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ﺗﻔرض ﻋﻠﻰ روﺳﯾﺎ ﻣﺻﯾراً ﺳﯾﺎﺳﯾﺎً ﯾﺗﻧﺎﺳب وﻋﻣق اﻟﻣدى اﻟروﺳﻲ وطﺑﯾﻌﺔ اﻻﻣﺗداد ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﺣﺔ ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻣن ﻗﺎرﺗﯾن ھﻣﺎ آﺳﯾﺎ وأوروﺑﺎ.
   و"أﻟﻛﺳﻧدر دوﻏﯾن" ﻓﯾﻠﺳوف وﻣﻔﻛر روﺳﻲ ﯾﻘدم ﻧﻔﺳﮫ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻓﯾﻠﺳوف اﻟﺗﻘﻠﯾد (Traditionalism) ، وﻟﮫ ﻣؤﻟﻔﺎت ﻋدﯾدة ﺻدرت ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻘد اﻟﺗﺳﻌﯾﻧﺎت، ﻣﻧﮭﺎ: (دروب اﻟﻣطﻠق) وھو ﻣؤﻟف ﯾﮭدف إﻟﻰ ﺗﻘدﯾم ﺗﺻور ﻋن اﻟﻣﻧطﻠﻘﺎت اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ ﻟﻠرؤﯾﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟم. وﻟﮫ ﻛذﻟك (ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾد) واﻟذي ﯾﺣﺎول أن ﯾﻘدم ﻣن ﺧﻼﻟﮫ ﻣﺎ ﯾراه أﺳﺳﺎً ﻓﻛرﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ، وﻟﮫ ﻛﺗﺎب طرﯾف ﻓﻲ ﻣوﺿوﻋﮫ ﻏﻧﻲ وﺟدﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﺗواه ﺑﻌﻧوان (ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣؤاﻣرة – Conspiralogy) ﯾﺳﺗﻌرض ﻓﯾﮫ وﯾﻧﺎﻗش أﻛﺛر ﻧﻣﺎذج اﻟﻣؤاﻣرة ﺷﮭرة ورواﺟﺎً ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺗﻘدات اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻋﻧد اﻟﺷﻌوب وﻓﻲ اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻋن اﻟﻣؤاﻣرة اﻟﻛوﻧﯾﺔ. وﻟﮫ ﻛﺗﺎب ﯾﻌﻧﻰ ﺑدراﺳﺔ ﻓﻠﺳﻔﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ وﺗطور اﻷﺳس اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻠﻌﻠوم واﻟرؤﯾﺔ اﻷوراﺳﯾﺔ، ھذا ﺑﺎﻟطﺑﻊ إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻛﺗﺎب اﻟذي ﺑﯾن ﯾدﯾﻧﺎ "أﺳس اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﻛﺎ".
   وﻗد ﻋﻣل اﻟﻣؤﻟف ﻣﺳﺗﺷﺎراً ﻟﻠﺑرﻟﻣﺎن اﻟروﺳﻲ ﺧﻼل ﺳﻧوات 2003-1998 وھو اﻟﯾوم رﺋﯾس ﺧﺑراء اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﻛﺎ اﻟﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠﻣﺟﻠس اﻹﺳﺗﺷﺎري اﻟﻣﺗﺧﺻص ﺑﺷؤون اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ اﻟﺗﺎﺑﻊ ﻟرﺋﺎﺳﺔ ﻣﺟﻠس اﻟﻧواب اﻟروﺳﻲ "اﻟدوﻣﺎ".
× و ﻟﻔﮭم اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك أﻛﺛر ﻻﺑد ﻣن ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻔرق ﺑﯾﻧﮭﺎ و ﺑﯾن اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ و ھذا ﻣﺎ ﺳﻧﺣﺎول ﻣﻌﺎﻟﺟﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﻔﻘرات اﻟﻣواﻟﯾﺔ.

   ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﻛﺎن ﻓﯾﮫ راﺗزل وﺳﺑﻧﺳر ﯾﺗﺣدﺛﺎن ﻋن اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻛﺎن ﺑﻌض اﻟﺟﻐراﻓﯾﯾن اﻷﻟﻣﺎن ﯾﺗﺣدﺛون ﻋن ﻋﻠم اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻷرﺿﯾﺔ أو ﻣﺎ اﺻطﻠﺢ ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﯾﺗﮫ ﺑﺎﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك.
   وﻗد ﺑدا أﻧﮫ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺗﻧظر إﻟﻰ اﻟدوﻟﺔ ﻛوﺣدة إﺳﺗﺎﺗﯾﻛﯾﺔ ﻓﺈن اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك ﺗﻌدھﺎ ﻛﺎﺋﻧﺎً ﻋﺿوﯾﺎ ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ ﻣﺗطورة.
ﻓﻲ ھذه اﻷﺛﻧﺎء ﻛﺎﻧت أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﺗﻌﯾش ﺑﻌد اﻟﮭزﯾﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻣﻧﯾت ﺑﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ، ﻓﻲ اﻧﺗﻛﺎﺳﺔ ﻗوﻣﯾﺔ ﺑﺳﺑب ﻣﺎ اﻗﺗطﻊ ﻣﻧﮭﺎ ﻣن أراض ﻛﺈﺟراءات ﻋﻘﺎﺑﯾﺔ ﻟﮭﺎ ﻣن ﻗﺑل اﻟﻣﻧﺗﺻرﯾن، وﺗﻘﺳﯾم ﻣﺳﺗﻌﻣراﺗﮭﺎ ﺑﯾن إﻧﺟﻠﺗرا وﻓرﻧﺳﺎ، ﻛﻣﺎ ﻓرض ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺣﺻﺎر ﻋﺳﻛري وﻣﺎﻟﻲ.
  وﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﺣرﺑﯾن ﻛﱠرس اﻟﺟﻐراﻓﯾون واﻟﺳﯾﺎﺳﯾون اﻷﻟﻣﺎن ﺟﮭودھم ﻟﻠﺧروج ﺑوطﻧﮭم ﻣن ﻣﺣﻧﺗﮫ، وﺧرﺟت ﻷول ﻣرة دورﯾﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺗﺣﻣل ﻋﻧوان "اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾﻛﯾﺔ" وﺿﻣت ھﺟﯾﻧﺎً ﻣن اﻟﻔﻛر اﻟﺟﻐراﻓﻲ واﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ واﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻟﻘوﻣﻲ واﻻﺳﺗﻌﻣﺎري.
وﻗد ﺻﯾﻎ ھذا اﻟﻔﻛر ﻓﻲ ﻗواﻟب ﻋﻠﻣﯾﺔ رﻓﻌت ﺷﻌﺎر: "ﻻ ﺑد أن ﯾﻔﻛر رﺟل اﻟﺷﺎرع ﺟﻐراﻓﯾﺎً وأن ﯾﻔﻛر اﻟﺳﺎﺳﺔ ﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾﻛﯾﺎً".
   وﻗد ﺟﺎء ھذا اﻟﺷﻌﺎر ﻟﯾﺑرر اﻟﻛم اﻟﮭﺎﺋل ﻣن اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ "اﻟﻣﻐﻠوطﺔ" اﻟﺗﻲ ﻗدﻣت ﻟﻠﺷﻌب اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﻋن دول ﺷرق أورﺑﺎ واﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ.
   ﻛﻣﺎ ﺗم ﺗوظﯾف ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺑﺣث اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ واﻵﺛﺎر ﻟﺗﻘدﯾم ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋن أﺣﻘﯾﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ أراض وﺑﻠدان ﺗﺑﻌد ﻋﻧﮭﺎ ﻣﺋﺎت اﻷﻣﯾﺎل ﺷرق أورﺑﺎ.
  وﺑﺎﻟرﻏم ﻣﻣﺎ ﻗد ﻧظﻧﮫ ﻣن ﻣﮭﺎم ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺑرﯾﺋﺔ ﻟﻠﺟﻣﻌﯾﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻓﺈن دورھﺎ ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟﺗوﺳﻊ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﻛﺎن ﺟﻠﯾﺎً واﺿﺣﺎً.
   وﺗﺣت رﻋﺎﯾﺔ اﻟﺟﻣﻌﯾﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ أﻧﺷﺋت ﻓﻲ ﻣﯾوﻧﺦ ﻋﺎم 1924 اﻟﻣدرﺳﺔ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ رأﺳﮭﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻛﺎرل ھوﺳﮭوﻓر.
   وﺑﺟﮭود ھذه اﻟﻣدرﺳﺔ وﺑﺎﻷﻋداد اﻟﻣﺗواﺗرة ﻟﻠدورﯾﺔ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾﻛﯾﺔ ﺟّﮭـز اﻟﺟﻐراﻓﯾون واﻟﺳﯾﺎﺳﯾون اﻟﻔﻛر اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﺑﻌﺿوﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ وﺿرورة زﺣزﺣﺔ ﺣدودھﺎ ﻟﺗﺷﻣل أراﺿﻲ ﺗﺗﻧﺎﺳب ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑﺎﺗﮭﺎ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ وﺗﺣﻘق ﺿم اﻷراﺿﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﻘطﻧﮭﺎ اﻟﺟﻧس اﻵري.
وﻗد ﺟﺎء ذﻟك ﻓﻲ ظل ﺗﻧﺎﻣﻲ أﻓﻛﺎر اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﺷﯾﻔوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻣزوﺟﺔ ﺑﺄﻏراض اﻟﺗوﺳﻊ اﻟﻌﺳﻛري ﻟﻠﺣزب اﻟﻧﺎزي.
   وﻗد ﺗﻠﻘف ھﺗﻠر أﻓﻛﺎر ھوﺳﮭوﻓر وزﻣﻼﺋﮫ، ﻛﻣﺎ اﺳﺗﻌﺎن ﺑﺄﻓﻛﺎر اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻹﻧﺟﻠﯾزي اﻟﺷﮭﯾر ﻣﺎﻛﻧدر (اﻟذي ﻛﺎﻧتﺑﺣث ﻓﻲ"اﻹطﺎر ا ﻟﻣﻔﺎھﯾﻣﻲو اﻟﻧظري ﻟﻌﻠم اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك" ﺑﻘﻠم : د.ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم ﺳﻠﯾﻣﺎن ٢٠١٣/٨/١٦ ﻣﻘﺎﻻﺗﮫ ﺗﺗرﺟم إﻟﻰ اﻟدورﯾﺔ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾﻛﯾﺔ)، ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠك اﻷﻓﻛﺎر اﻟﺗﻲ ﺻﺎغ ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻧظرﯾﺗﮫ ﻋن "ﻗﻠب اﻷرض"، واﻟﺗﻲ ﺗﻘول ﻓﺣواھﺎ: إن ﻣن ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﺷرق أورﺑﺎ ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم. وﺗﻧﺑﺄ ﻓﯾﮭﺎ ﺑﺎﻧﺗﻘﺎل اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم ﻣن اﻟﻘوى اﻟﺑﺣرﯾﺔ (إﻧﺟﻠﺗرا وﻓرﻧﺳﺎ) إﻟﻰ اﻟﻘوى اﻟﺑرﯾﺔ (أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ واﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ).
   وﺟﺎءت أﻓﻛﺎر ھﺗﻠر ﺑدءاً ﻣن ﻛﺗﺎب "ﺣﯾﺎﺗﻲ"، وﻣرورا ﺑﺧطﺑﮫ اﻟﺣﻣﺎﺳﯾﺔ، ﻟﺗﻛرس ﻣﻔﮭوم اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺣﯾوي ﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺎ Lebensraum، أي ﻣﺳﺎﺣﺗﮭﺎ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﻼﺋﻘﺔ ﺑﮭﺎ وﺑﺎﻟﺟﻧس اﻵري، وﻟﺗﻣﺛل أﺑرز ﻣﻘوﻣﺎت اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ (اﻟﻧﺎزﯾﺔ) اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻧﺎھﺎ.
وھﻛذا زاد اﻟﺗداﺧل ﻓﻲ اﻟﻣﻔﺎھﯾم وﺻﺎر اﻟﻔﺻل ﺻﻌﺑﺎً ﺑﯾن اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك واﻹﻣﺑرﯾﺎﻟﯾﺔ.
   وﺻِﻌدت اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك إﻟﻰ ﻣﺻﺎف اﻟﻌﻠوم اﻟﻛﺑرى ﺧﻼل اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ، ﺣﺗﻰ ﻛﺗﺑت ھزﯾﻣﺔ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻧﮭﺎﯾﺔ ﻟﮭذه اﻟﻣﻛﺎﻧﺔ.
  وﺻﺎر ﻣﻔﮭوم اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻗرﯾن اﻟﺗوظﯾف اﻟﺳﯾﺊ ﻟﻠﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ، وھو ﻣﺎ أﺿر ﺑﺗطوﯾر اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك واﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﻌﺎً.
ووﺻل اﻷﻣر ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟدول إﻟﻰ ﻣﻧﻊ ﺗدرﯾس اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﮭﺎ؛ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھﻣﺎ ﻋﻠﻣﯾن ﻣﺷﺑوھﯾن ﯾﺳﻌﯾﺎن إﻟﻰ زرع اﻟﻌداء وﯾﻛرﺳﺎن اﻷطﻣﺎع اﻟﻘوﻣﯾﺔ.

ﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك :
   ﯾﻌﻧﻰ ﻋﻠم اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑدراﺳﺔ ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ (اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ) ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ.
  وﯾﺗداﺧل ھذا اﻟﻣﻔﮭوم ﻣﻊ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك: "ﻋﻠم ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻷرض"، أي دراﺳﺔ ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺳﻠوك اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻐﯾﯾر اﻷﺑﻌﺎد اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ. وھو اﻟﻣﻔﮭوم اﻟذي اﺑﺗدﻋﺗﮫ اﻟﻣدرﺳﺔ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ ﻣﻧذ ﺑدء اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن وﺗطور ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﺣرﺑﯾن اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺗﯾن.
1. ﺗدرس اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻹﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ، ﺑﯾﻧﻣﺎ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن اﻻﺣﺗﯾﺎﺟﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠﺑﮭﺎ ھذه اﻟدوﻟﺔ ﻟﺗﻧﻣو ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن وراء اﻟﺣدود.
2. ﺗﺷﻐل اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻧﻔﺳﮭﺎ ﺑﺎﻟواﻗﻊ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻛرس اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك أھداﻓﮭﺎ ﻟﻠﻣﺳﺗﻘﺑل. ﻣن زﺣزﺣﺔ اﻟﺣدود إﻟﻰ ﺗزﯾﯾف اﻟﺧراﺋط.
3. ﺗﻧظر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ إﻟﻰ اﻟدوﻟﺔ ﻛوﺣدة إﺳﺗﺎﺗﯾﻛﯾﺔ اى اﺣﺻﺎﺋﯾﺔ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﻌدھﺎ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك ﻛﺎﺋﻧﺎً ﻋﺿوﯾﺎ ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ ﻣﺗطورة.
4. اﻟﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾك ﺗﺟﻌل اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻟدوﻟﺔ، ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗرى اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أﻧﮭﺎ ﺻورة ﻟﻠدوﻟﺔ.ﺑﺣث ﻓﻲ"اﻹطﺎر ا ﻟﻣﻔﺎھﯾﻣﻲو اﻟﻧظري ﻟﻌﻠم اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك" وھﻛذا رﻓﻊ اﻟﺟﻐراﻓﯾون ﺷﻌﺎر: "ﻻ ﺑد أن ﯾﻔﻛر رﺟل اﻟﺷﺎرع ﺟﻐراﻓﯾﺎً وأن ﯾﻔﻛر اﻟﺳﺎﺳﺔ ﺟﯾوﺑوﻟﯾﺗﯾﻛﯾﺎً".

اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ: ﻣدارس اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك

ﻧظرﯾﮫ اﻟﻘوه اﻟﺑرﯾﮫ

   ﯾﻌد راﺗزل ( 1904 – 1844 ) أول ﻣن درس وﻋﺎﻟﺞ اﻟﻣﻛﺎن واﻟﻣوﻗﻊ ﻣﻌﺎﻟﺟﮫ ﻣﻧﺳﻘﮫ ووازن ﺑﯾن اﻟدول وﻗد أﻛد راﺗزل ﻋﻠﻰ وﺟود رواﺑط ﻗوﯾﮫ ﺑﯾن اﻟﻘوى اﻟﻘﺎرﯾﮫ واﻟﻘوى[1] اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﮫ.
   وﻋﻠﯾﮫ ﻓﺈن ﺑداﯾﺔ ﻣﻔﮭوم اﻟﻘوى اﻟﻘﺎرﯾﮫ ﯾﻘﺗرن ﺑﺄداء راﺗزل، وﻟﻛن ھذا اﻟﻣﻔﮭوم ﯾظل ﺷﺎﺧﺻﺎً وﻓﺎﻋﻼً طﺑﻘﺎً ﻵراء ﻣﺎ ﻛﯾﻧدرو ﺑﻐﯾﺔ إﺑراز ھذه اﻟﺣﻘﺎﺋق، ﻓﺈن ھذا اﻟﻣﺑﺣث ﺳﯾﻌرض آراء ﻛل ﻣن راﺗزل وﻛﯾﻠن وﻛﺎرل ھوﺳﮭوﻓر ﺛم ﺗﻧﻘل إﻟﻰ ﻣﺎﻛﯾﻧدر.

ﻓردﯾك راﺗزل 1904 – 1844:
  ﻛﺎن راﺗزل ﻣﺗﺄﺛراً ﺑﻧظرﯾﺔ ( اﻟﻧﺷوء واﻷرﺗﻘﺎء ) وآﻣن ﺑﺄن اﻟدوﻟﮫ ﻛﺎﺋن ﺣﻲ، ﻓﺎﻟﻧﻣو ﺣﺎﺟﮫ ﻣﺎﺳﮫ ﻟﻠﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ واﻟدوﻟﮫ ﻛذﻟك طﺑﻘﺎً ﻵراﺋﮫ ﺣﺗﻰ وﻟو ﻛﺎن ذﻟك ﻋن طرﯾق اﻟﻘوه وﻗد أﻛد راﺗزل ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎﺣﮫ Raum واﻟﻣوﻗﻊ Lage وطﺑﯾﻌﮫ اﻟﺣدود اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﮫ Grenzen واﻋﺗﻘد أن اﻟﻣﺟﺎل اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﯾؤﺛر ﻓﻲ ﻗوة اﻟدوﻟﮫ ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﯾﻌﺗﻣد ﻓﻲ ﺣﺟﻣﮫ ﻋﻠﻰ ھذه اﻟﻘوه.
  وآﻣن ﺑﺄن اﻟﻣﺳﺎﺣﮫ اﻟﻛﺑﯾره ﺿروره ﻟﻧﻣو اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ، وﯾﺿﻔﻲ اﻟﻣوﻗﻊ ﺻﻔﺎت ﻣﻣﯾزه ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎﺣﮫ. أﻣﺎ اﻟﺣدود ﻓﮭﻲ ﺟﻠد اﻟﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ وھﻲ ﻋﻼﻣﮫ اﻟﻧﻣو أو اﻹﺿﻣﺣﻼل.
وﻗد وﺿﻊ راﺗزل ﺳﺑﻌﮫ ﻗواﻧﯾن ﻟﻠﺗوﺳﻊ اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ وھﻲ:
1. ﺗزﯾد ﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟدوﻟﮫ ﺑﺈﻧﺗﺷﺎر اﻟﺳﻛﺎن وﻧﻣو ﺛﻘﺎﻓﺗﮭم.
2. إن ﻧﻣو اﻟدوﻟﮫ ﻋﻣﻠﯾﮫ ﻻﺣﻘﮫ ﻟﻧﻣو اﻟﺳﻛﺎن.
3. ﺗﺗﺳﻊ اﻟدوﻟﮫ ﺑﺿم اﻟوﺣدات اﻟﺻﻐﯾره إﻟﯾﮭﺎ.
4. اﻟﺣدود ھﻲ اﻟﻌﺿو اﻟﺣﻲ اﻟﻣﻐﻠف ﻟﮭﺎ ﻓﮭﻲ ﺗﻧﻣو أو ﺗﻧﻛﻣش ﺗﺑﻌﺎً ﻟﻘوة اﻟدوﻟﮫ.
5. ﺗﺣظﻰ اﻟﺳﮭول وأودﯾﺔ اﻷﻧﮭﺎر واﻟﻣﻧﺎطق اﻟﮭﺎﻣﮫ اﻷﺧرى ﺑﻣرﻛز اﻟﺛﻘل ﻓﻲ اھﺗﻣﺎﻣﺎت اﻟدوﻟﮫ ﺧﻼل ﻣراﺣل
ﻧﻣوھﺎ.
6. إن اﻟﺗوﺳﻊ اﻷرﺿﻲ ﯾﺄﺗﻲ ﻟﻠدوﻟﮫ اﻟﺑداﺋﯾﮫ ﻣن اﻟﺧﺎرج.
7. اﻟﺗوﺳﻊ ﯾﻔﺗﺢ اﻟﺷﮭﯾﮫ ﻟﻠﺗوﺳﻊ.
  وﻗد وﺳﻊ راﺗزل اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺳﺎﺑﻊ ﻓﻘﺎل إن ( ھذا اﻟﻛوﻛب اﻟﺻﻐﯾر " اﻷرض " ﻻ ﯾﺗﺳﻊ إﻻ ﻟدوﻟﺔ ﻋظﯾﻣﮫ واﺣدة ).
   وذﻛر راﺗزل إن اﺳﺗﻐﻼل اﻟﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟﻛﺑﯾره ﺳﺗﻛون أھم ظﺎھرة ﺳﯾﺎﺳﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن.
  وأﻛد ﻋﻠﻰ أن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﺎﻟم ﺳﺗﺗﺣﻛم ﻓﯾﮫ اﻟدول اﻟﻛﺑﯾره اﻟﻣﺳﺎﺣﮫ ﻛروﺳﯾﺎ ﻓﻲ أوراﺳﯾﺎ واﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده ﻓﻲ أﻣرﯾﻛﺎ
اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﮫ.
   وﻟﻛن ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﻘول أن اﻟﻣﺳﺎﺣﮫ ﻻ ﺗﻌد ﻋﺎﻣﻼً ﻣﺟرداً ﻗﺎدراً ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻌل ﻟوﺣده دون ﻏﯾره ﻣن اﻟﻌواﻣل اﻷﺧرى.

رودوﻟف ﻛﯾﻠن 1922 – 1864
   ﺟﻐراﻓﻲ ﻋﻣل اﺳﺗﺎذاً ﺑﺈﺣدى ﺟﺎﻣﻌﺎت اﻟﺳوﯾد، وھو ﺻﺎﺣب اﻟﻔﻠﺳﻔﮫ اﻟﻣﻌروﻓﮫ " ﺑﺄن اﻟﻘوه أھم ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ".
   وإن اﻟﺿرورة ﻻ ﺗﻌرف اﻟﻘﺎﻧون ". وﺗﻧﺑﺄ ﺑﺄن دوﻻً ﻋظﻣﻰ ﺳﺗﻧﺷﺄ ﻓﻲ آﺳﯾﺎ وأﻓرﯾﻘﯾﺎ وأوروﺑﺎ وﺗﻧﺑﺄ ﺑﺄن اﻟﺳﯾﺎده ﺳﺗﻧﺗﻘل ﻣن اﻟﻘوى اﻟﺑﺣرﯾﮫ إﻟﻰ اﻟﻘوى اﻟﺑرﯾﮫ اﻟﺗﻲ ﺳﺗﺗﺣﻛم ﯾوﻣﺎً ﻓﻲ اﻟﺑﺣﺎر.
  وﻗد ﻧﺷر ﻛﯾﻠن ﻛﺗﺎﺑﯾن أوﻟﮭﻣﺎ ﻋﺎم 1917 ﺑﺎﺳم " اﻟدوﻟﮫ ﻣظﮭراً ﻣن ﻣظﺎھر اﻟﺣﯾﺎة " واﻟﺛﺎﻧﻲ ﻋﺎم 1920 ﺑﻌﻧوان " اﻷﺳس اﻟﻼزﻣﮫ ﻟﻘﯾﺎم ﻧظﺎم ﺳﯾﺎﺳﻲ " وﯾرﺗﻛز ھذان اﻟﻛﺗﺎﺑﺎن ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﯾﺔ ﺗﻣﺗد أﺻوﻟﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻔﻠﺳﻠﻔﮫ اﻟﻌﺿوﯾﮫ.
واﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻵراء اﻟﻣﺗﻌﺎرﺿﮫ اﻟﺗﻲ ﺗظﮭر ﻣن ﻛﺗﺎﺑﺎت راﺗزل وﻣﺎﻛﯾﻧدر. وﻗد طور ﻛﯾﻠن أﺑﺣﺎﺛﮫ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻋرف ﺑﻌد ﺑﺎﺳم ﻧظرﯾﺔ اﻟدوﻟﮫ، وﻗد ﻗﺳم اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣرﺗﺑطﮫ ﺑﺎﻟدوﻟﮫ إﻟﻰ :
(أ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ واﻟدوﻟﮫ.
(ب اﻟﺳﻛﺎن واﻟدوﻟﮫ.
(ت اﻟﺗرﻛﯾب اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ.
(ث اﻟﻣوارد اﻹﻗﺻﺎدﯾﮫ ﻟﻠدوﻟﮫ.
(ج اﻟﻣﻧطﻘﮫ اﻟﺣﻛوﻣﯾﮫ.

اﻟﻠواء/ ﻛﺎرل ھوﺳﮭوﻓر 1946 – 1869
   ﺟﻐراﻓﻲ أﻟﻣﺎﻧﻲ ﻧﺎل درﺟﺔ اﻟدﻛﺗوراه ﻋن ﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﯾﺎﺑﺎن ﻋﺎم 1911 ﺧدم ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﮫ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ اﻟﺟﯾشاﻷﻟﻣﺎﻧﻲ وارﺗﻘﻰ ﻓﯾﮫ ﺣﺗﻰ ﻧﺎل ﻣرﺗﺑﺔ ﻟواء، وﺻدﯾق ﺣﻣﯾم ﻟﺗﻠﻣﯾذه ھﯾس اﻟذي ﻣﺎت ﻣﻧﺗﺣراً ﻓﻲ أﯾﻠول ﻋﺎم 1987، وﻋﯾن ﻋﺎم 1895 ﻣدرﺳﺎً ﻟﻠﺟﻐراﻓﯾﺎ واﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑﻣﻌﮭد ﻣﯾوﻧﺦ، ﺛم أﺳس ﻣﻌﮭد اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾﻛﺎ ﺑﻣﯾوﻧﺦ وﺑﻌد وﺻول ھﺗﻠر ﻟﻠﺣﻛم ﻋﯾن ھوﺳﮭوﻓر رﺋﯾﺳﺎً ﻟﻸﻛﺎدﯾﻣﯾﮫ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﮫ.
   ﻟﻘد آﻣن ھوﺳﮭوﻓر ﺑﺄن اﻟﺣﯾﺎه ﻟﻠدوﻟﮫ اﻟﻛﺑﯾره. أﻣﺎ اﻟدوﻟﮫ اﻟﺻﻐﯾره ﻓﻣﺻﯾرھﺎ اﻟزوال وﻛﺎن ﻣؤﯾداً ﻟﻣﺑدأ ( ﻣوﻧدو ) ﻓﻲ ﻧﺻف اﻟﻛره اﻟﻐرﺑﻲ وﻛﺎن ﯾﻌﺗﻘد أن اﻟﻌﺎﻟم ﻣﺻﯾره ﻟﺛﻼث ﺣﻛوﻣﺎت: اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده ﻓﻲ اﻟﻐرب واﻟﯾﺎﺑﺎن ﻓﻲ اﻟﺷرق وأﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻓﻲ أوروﺑﺎ وإﻓرﯾﻘﯾﺎ.
وﻗد آﻣن ﺑﺎﻟﺷﻌﺎر اﻟذي دﻓﻌﮫ اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﯾون: اﻟﺗوﺳﻊ اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ وأﺧﺗزال اﻟﺿﻐط اﻟﺳﻛﺎﻧﻲ وآﻣن اﻟدوﻟﮫ ﺑﺄن اﻟدوﻟﮫ ﻛﺎﺋن ﺣﻲ.
واﻋﺗﻘد أن اﻟدوﻟﮫ ﯾﺟب أن ﺗﺗﺑﻊ ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻹﻛﺗﻔﺎء اﻟذاﺗﻲ.
   وﻗد رأى أن اﻟدوﻟﮫ ھﻲ اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﻓر ﻟﮭﺎ ﻋدد أﻛﺑر ﻣن اﻟﺳﻛﺎن وﻣﻌدﻻت ﻣواﻟﯾد ﻣرﺗﻔﻌﮫ ووﺟود ﻣواﺋﻣﮫ ﺗﺎﻣﮫ ﺑﯾن اﻟﺳﻛﺎن وﺗرﺑﮫ اﻟوطن وﺗوازن ﺑﯾن ﺳﻛﺎن اﻟﺣﺿر وﺳﻛﺎن اﻟرﯾف، وﻗد ﻧظر ﻟﺣدود اﻟدوﻟﮫ ﻛﺎﻟﻌﺿو اﻟﻣﻐﻠق ﻟﻠﻛﺎﺋن اﻟﺣﻲ ﻗﺎﺑل ﻟﻠﺗﻐﯾر واﻟﻧﻣو واﻻﺿﻣﺣﻼل أﻣﺎ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﮫ اﻟﻌﺳﻛرﯾﮫ ﻓﻘد رأى ان اﻟﻘوه اﻟﻌﺳﻛرﯾﮫ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أرﻛﺎن " اﻟﺟﯾش، اﻹﺳطول، اﻟطﯾران". وﻗد أﻛد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷﺎه ﺑوﺻﻔﮭم ھم اﻟذﯾن ﯾﻣﺳﻛون ﺑﺎﻟﻣﺟﺎل اﻷرﺿﻲ " وﻣن آراﺋﮫ أن اﻟدول اﻟﺻﻐﯾره اﻟﻣﺳﺎﺣﮫ ﻻ ﺗﺻﻠﺢ ﻟﻠدﻓﺎع ﺑل اﻟﮭﺟوم ﻟﺗﻧﻘل اﻟﻣﻌرﻛﮫ إﻟﻰ داﺧل أرض اﻟﺧﺻم" أﻣﺎ اﻟﺑﻼد اﻟواﺳﻌﮫ اﻟﻣﺗراﻣﯾﺔ اﻷطراف ﻛروﺳﯾﺎ ﻓﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟدﻓﺎع ﺑﻌﻣق وﻗد ﺣذر أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻣن ﻓﺗﺢ ﺟﺑﮭﺗﯾن ﻓﻲ آن واﺣد ﻛﻣﺎ ﺣذرھﺎ ﺑﺄﻻ ﺗﺑدأ ﺑﺎﻹﻋﻼن ﻋن اﻟﺣرب ﻟﺗﺟﻧب وﺻﻣﺔ إﺷﻌﺎل ﻧﺎرھﺎ. ﻛﻣﺎ أﻛد أن اﻹﺣﺗﻼل اﻟﻌﺳﻛري ﻟﻠﻣﺟﺎل اﻷرﺿﻲ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﻛون اﺣﺗﻼﻻً ﻛﺎﻣﻼً ﺣﺗﻰ ﯾﺗﺳﻧﻰ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ ﺣرب اﻟﻌﺻﺎﺑﺎت وﻟم ﯾﺣﺑذ ﻓﻛرة اﻹﺳﺗﯾﻼء ﻋﻠﻰ اﻟﻣدن ﺑل ﻣﺣﺎﺻرﺗﮭﺎ واﻛد ﻋﻠﻰ أن ﺗدرﯾب اﻟﻣﻘﺎﺗﻠﯾن ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﯾﺗﻣﺎﺷﻰ واﻟﺑﯾﺋﺎت اﻟﺗﻲ ﺳﯾﻘﺎﺗﻠون ﻓﯾﮭﺎ أرﺿﺎً وﻣﻧﺎﺧﺎً.
   وﻗد رأي اﻟﻠواء/ ھوﺳﮭوﻓر ﺑﺄن اﻟدول اﻟﻣوﺟوده ﻓﻲ ﻗﻠب اﻷرض ﯾﺟب أن ﺗﺗﻛﺗل وأن ﺗﺷرف دوﻟﮫ ﻗوﯾﮫ واﺣدهﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺟزء ﻣن اﻟﻌﺎﻟم وﻓﻲ إﻋﺗﻘﺎدي أن أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ھﻲ اﻟدوﻟﮫ اﻟﻣﻘﺻوده.
   وﻋﻠﯾﮫ ﻓﮭو ﻟم ﯾﻛن راﻏﺑﺎً ﻓﻲ اﻟﺗﺣرش ﺑروﺳﯾﺎ، وﻛﺎن ﯾﻔﺿل أن ﯾﻛون ھﻧﺎك ﺣﻠف ﺑﯾﻧﮭﺎ وﺑﯾن أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ.
.( 2 – 5 ) ، ( 1 -5 ) اﻟﺷﻛل 1947 – 1861 ﻛﯾﻧدر ﻣﺎ ھﺎﻟﻔورد ؛ ﯾﻌد ھﺎﻟﻔورد ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻣن اﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﯾن اﻟﻌظﻣﺎء وﻗد ﺗﺑوأ ھذا اﻟﻣرﻛز اﻟﻔرﯾد ﻟﻧظرﯾﺗﮫ اﻟﻣﻌروﻓﮫ ﺑﻧظرﯾﮫ ( ﻗﻠب اﻟﻌﺎﻟم ( وﯾرﺟﻊ اﻟﻔﺿل ﻟرﺟﺎﺣﺔ أﻓﻛﺎره ﻟﺗﻛوﯾﻧﮫ اﻟﻣوﺳوﻋﻲ اﻟﮭﺎدف. ﻓﻘد درس ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻋﻠوم اﻟﺣﯾﺎة واﻟﺗﺄرﯾﺦ واﻟﻘﺎﻧون واﻟطوﺑﻐراﻓﯾﮫ واﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﮫ واﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ﻓﻼ ﻏراﺑﮫ أن ﺗؤھﻠﮫ ﺧﻠﻔﯾﺗﮫ اﻟﻌﻠﻣﯾﮫ ﻟﯾﻛون دﺑﻠوﻣﺎﺳﯾﺎً ﻣﺗﻣﯾزاً وﻋﺎﻣﻼً ﺑﺎرﻋﺎً وﺟﻐراﻓﯾﺎً ﯾﺷﺎر ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺑﻧﺎن.
  وﺣظﻰ ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﺑﺎھﺗﻣﺎم ﻛﺑﯾر ﻣن ﻟدن اﻟﺟﻐراﻓﯾﯾن واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﯾن ﺑﺳواء ﻟﻣﺣﺎﺿراﺗﮫ ﻋن اﻻرﺗﻛﺎز اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻟﻠﺗﺄرﯾﺦ ﻓﻲ اﻟﺟﻣﻌﯾﮫ اﻟﺟﻐراﻓﯾﮫ اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﮫ ﻋﺎم 1904 ﻓﻘد أﺛﺎرت ھذه اﻟﻣﺣﺎﺿره ﻧﻘﺎﺷﺎً اﺳﺗﻣر ﻧﺻف ﻗرن ﻣن اﻟزﻣن وﻗد أﺛرت ﻋﻠﻰ أﻓﻛﺎر ﻛﯾﻠن وھوﺳﮭوﻓر وأﺛرت ﻓﻲ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﮫ اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﮫ ﻋﺎم 1940 وﻋﺎد ﻣﺎﻛﯾﻧدر وﻋدل ﻧظرﯾﺗﮫ ﻋﺎم 1919 ﻓﻲ ﻛﺗﺎﺑﮫ " اﻟﻣﺛل اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﮫ واﻟﺣﻘﯾﻘﮫ " وﯾﻌود ﻟﮭﺎ ﻣرة ﺛﺎﻧﯾﮫ ﻓﻲ ﻋﺎم 1943 ﻓﻲ ﺿوء اﻷﺣداث اﻟﻣﺷﮭوره ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﮫ اﻟﺛﺎﻧﯾﮫ وﻛﺎن ﻋﻣره وﻗﺗذاك 83 ﺳﻧﮫ وﻗد ﻻﺣظ ﻣﺎﻛﯾﻧدر ان ﺛﻼﺛﮫ أرﺑﺎع ﻣﺳﺎﺣﮫ اﻟﻛرة اﻷرﺿﯾﮫ ﻣﻐطﺎه ﺑﺎﻟﻣﯾﺎه ﻓﻲ ﺣﯾن أن ﻣﺳﺎﺣﮫ اﻟﯾﺎﺑﺳﮫ ﻻ ﺗﺗﺟﺎوز رﺑﻊ إﺟﻣﺎﻟﻲ ﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﻌﺎﻟمىوﻻﺣظ اﺗﺻﺎل اﻟﺑﺣﺎر ﺑﺑﻌﺿﮭﺎ اﻟﺑﻌض ﻓﺄطﻠق ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻣﺣﯾظ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ World Ocean ﻛﻣﺎ أطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﯾﺎﺑس اﻟﻘدﯾم اﺳم ﺟزﯾرة اﻟﻌﺎﻟم World Island ﺗﺷﻐل 1/16 ﻣن ﻣﺳﺎﺣﮫ اﻟﻌﺎﻟم واﻋﺗﺑر أن أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﮫ واﻟﻶﺗﯾﻧﯾﮫ واﺳﺗراﻟﯾﺎ ﺑﻣﺛﺎﺑﮫ ﺟزر ﺗﺣﯾظ ﺑﺎﻟﯾﺎﺑﺳﮫ ﺗﻐطﻲ ﻧﺣو 1/12 ﻣن ﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﻛره اﻷرﺿﯾﮫ، وﺗﺗﻛون اﻟﺟزﯾره اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﮫ ﻣن أﻓروأوراﺳﯾﺎ ﯾﺗوﺳطﮭﺎ اﻟﺑﺣر اﻟﻣﺗوﺳط وﻗد أﺷﺎر إﻟﻰ أن 14/16 ﻣن ﺳﻛﺎن اﻟﻌﺎﻟم ﯾﻘطﻧون ھذه اﻟﺟزﯾره أﻣﺎ اﻟﺟزر اﻟﻣﺣﯾظﮫ ﻓﯾﺳﻛﻧﮭﺎ 1/6 ﻣن اﻟﺳﻛﺎن وﯾﺳﻛن اﻟﺟزر اﻟﺧﺎرﺟﯾﮫ أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﮫ واﻟﻶﺗﯾﻧﯾﮫىواﺳﺗراﻟﯾﺎ ﻧﺣو 1/16 ﻣن ﺳﻛﺎن اﻟﻛره اﻷرﺿﯾﮫ.
   وﻗد أطﻠق ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧطﻘﮫ اﻟوﺳطﻰ ﻣن اﻟﺟزﯾره اﺳم ﻣﻧطﻘﮫ اﻹرﺗﻛﺎز Pivot Area ﻋدل ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد إﻟﻰ ﻣﻧطﻘﮫ اﻟﻘﻠب Heartland وﻓﯾرﺟرﯾف أول ﻣن اﺳﺗﺧدم اﺻطﻼح ( ﻗﻠب اﻟﻌﺎﻟم ( ﯾﻣﺗد ھذا اﻟﻘﻠب ﻣن ﻧﮭر اﻟﻘﻠﻐﺎ ﻏرﺑﺎً إﻟﻰ ﺷرق ﺳﯾﺑﯾرﯾﺎ. وﻣن اﻟﻣﺣﯾط اﻟﻣﺗﺟﻣد اﻟﺷﻣﺎﻟﻲ إﻟﻰ ھﺿﺎب إﯾران واﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎن وﺑوﻟوﺟﺳﺗﺎن ﻓﻲىاﻟﺟﻧوب.
وﯾﻐﻠب طﺎﺑﻊ اﻟﺳﮭول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﮫ واﻟوﺳطﻰ واﻟﻐرﺑﯾﮫ وﻻ ﯾﺗﺧﻠﻠﮭﺎ ﺳوى ﺟﺑﺎل اﻷورال وﺗﻧﺻرف ﻣﯾﺎه اﻟﻘﻠب داﺧﻠﯾﺎً ﺻوب اﻟﻣﺣﯾط اﻟﻣﺗﺟﻣد اﻟﺷﻣﺎﻟﻲ وﯾﻘﻊ ﻏﺎﻟﺑﯾﮫ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﻠب ﻓﻲ روﺳﯾﺎ وﺟزءاً ﻣن ﻏرب اﻟﺻﯾن وﻣﻧﻐوﻟﯾﺎ واﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎن وإﯾران ﻋدا ﻣﻧﺎطﻘﮭﺎ اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﮫ.
  وﻗد أﺿﺎف ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﺑﺗﻌدﯾﻠﮫ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣﻧﺎطق ﺟدﯾده إذ ﻣد ﺣدود ﻣﻧطﻘﮫ اﻟﻘﻠب إﻟﻰ ﺷرق أوروﺑﺎ ﺣﺗﻰ ﻧﮭر اﻷﻟب وﺗﻣﺗﺎز ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﻠب ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻣﻧطﻘﮫ ﺳﮭﻠﯾﮫ ذات ﺗﺻرﯾف داﺧﻠﻲ وﺗﻌد ﻗﻠﻌﮫ دﻓﺎﻋﯾﮫ وأﻓﺿل ﻧﻣوذج ﻟﻠدﻓﺎع ﺑﺎﻟﻌﻣق ﻛﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﻣﺣﺎظﮫ ﻣن اﻟﺷﻣﺎل ﺑﻣﺳطﺢ ﻣﺎﺋﻲ ﻣﺗﺟﻣد أﻏﻠب أﯾﺎم اﻟﺳﻧﮫ وﯾﺷﻛل ﻣﻧطﻘﮫ ﺣﻣﺎﯾﮫ طﺑﯾﻌﯾﮫ ﻟﻠﻘﻠب.
  وﻗد أﺷﺎر ﻣﺎﻛﯾﻧدر إﻟﻰ ﻣﻧطﻘﺔ إرﺗﻛﺎز أﺧرى وﺳﻣﺎھﺎ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﻠب اﻟﺟﻧوﺑﻲ وﺗﺿم إﻗرﯾﻘﯾﺎ ﺟﻧوب اﻟﺻﺣراء وﺗﻌد اﻟﺻﺣراء ﺣﺻﻧﺎً طﺑﯾﻌﯾﺎً ﻟﻠﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﺟﻧﺳﯾن اﻷﺑﯾض واﻷﺳود وأﻧﮭﺎ ذات ﺗﺻرﯾف داﺧﻠﻲ ﻣن اﻟﮭﺿﺑﮫ اﻟداﺧﻠﯾﮫ إﻟﻰ أﻧﮭﺎر اﻟﻧﯾﺟر واﻟﻛوﻧﻐو واﻟزﻣﺑﯾزي واﻷوراﻧﺞ واﻟﻠﻣﺑوﺑو.
  وﺗﺗﺻل اﻟﻣﻧطﻘﺗﺎن ﻋﺑر اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗد ﻣن اﻟﻧﯾل ﻏرﺑﺎً إﻟﻰ اﻟﻌراق ﺷرﻗﺎً وھذا ﺧطﺄ واﺿﺢ وﻗﻊ ﻓﯾﮫ ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻷن ﺑﻼد اﻟﻌرب ﺗﻣﺗد إﻟﻰ أﺑﻌد ﻣن ھذه اﻟﺣدود وﻗد أﺷﺎر أﺣد اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن اﻟﻌرب إﻟﻰ ھذا اﻟﺧطﺄ[2].
  وﻗد أطﻠق ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻋﻠﻰ اﻷراﺿﻲ اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﮫ اﺳم اﻟﮭﻼل اﻟداﺧﻠﻲ وﻗد أطﻠق ﻓﯾرﺟرﯾف ﻋﻠﻰ اﻟﮭﻼل اﻟداﺧﻠﻲ اﺳم ﻣﻧطﻘﮫ اﻷرﺗطﺎم وﺗﻣﺗﺎز ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﮭﻼل اﻟداﺧﻠﻲ ﺑﺄن أﻧﮭﺎرھﺎ ﺗﺗﺻرف ﻧﺣو اﻟﺑﺣﺎر اﻟﺻﺎﻟﺣﮫ ﻟﻠﻣﻼﺣﮫ وﺗﺗﻛون ﻣن اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺳﺎﺣﻠﯾﮫ واﻷرض اﻟﻌرﺑﯾﮫ واﻟﺻﺣراوﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺷرق اﻷوﺳط واﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻣوﺳﻣﯾﮫ ﻓﻲ آﺳﯾﺎ.
  أﻣﺎ اﻟﺣﻠﻘﮫ اﻟﺧﺎرﺟﯾﮫ ﻓﺄطﻠق ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﮭﻼل اﻟﺧﺎرﺟﻲ وﺗﺗﻛون ﻣن أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﮫ واﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻶﺗﯾﻧﯾﮫ وأﻓرﯾﻘﯾﺎ ﺟﻧوب اﻟﺻﺣراء واﺳﺗراﻟﯾﺎ وﻟﯾﺳت ھﻧﺎك دوﻟﮫ ﺗﺳﺗﺣق اﻹﺷﺎره ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﮭﻼل اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﺳوى اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ وﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ واﻟﯾﺎﺑﺎن.
واﻟﻣﻼﺣظ أن ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻟم ﯾﻌط اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده أھﻣﯾﮫ ﺧﺎﺻﮫ ﻋﺎم 1904 إﻻ أﻧﮫ أﻋطﺎھﺎ ﻣﺛل ھذه اﻷھﻣﯾﮫ ﺑﺗﻌدﯾﻠﮫ ﻋﺎم 1943 وﻟﻌل ﻣن اﻟﻣﻔﯾد أن ﻧﺷﯾر إﻟﻰ أن ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻗد ﺗﺧوف ﻣن ﻧﺷوء دوﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻘﻠب ﻓﺗﺗﻣﻛن ﻣن ﺗﻛوﯾن اﻣﺑراطورﯾﮫ ﻋﺎﻟﻣﯾﮫ وﺑذﻟك ﺗﺻﺑﺢ ﺟزﯾرة اﻟﻌﺎﻟم ﻗﺎﻋدة ﻣﮭﻣﮫ ﺑرﯾﮫ وﺑﺣرﯾﮫ وﺟوﯾﮫ ﯾدﯾن ﻟﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﺄﺳره ﺑﺎﻟوﻻء وﻛﺎن ﯾرى أﻧﮫ ﻣن اﻟﻣﻣﻛن ذﻟك ﻟو أن أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ أﺗﺣدت ﻣﻊ روﺳﯾﺎ اﺗﻔﺎﻗﺎً أم ﻏزواً.
   واﻋﺗﻘد ﻣﺎﻛﯾﻧدر أن ﺳﻼح اﻟﺟو ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻘوه اﻟﺑرﯾﮫ أھﻣﯾﮫ أﻛﺛر ﻣن اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ وأﻛد أن اﺳﺗﺧدام اﻟطرق اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻻ ﯾﺗم إﻻ ﻣن ﺧﻼل إﺷراف اﻟﻘوه اﻟﺑرﯾﮫ وﻗد أﻛد أن ﻋﮭد اﻟدول اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻗد أﻧﺗﮭﻰ وأن ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﺎﻟم ﻟﯾس إﻻ ﺻراﻋﺎً ﺑﯾن اﻟﻘوى اﻟﺑرﯾﮫ واﻟﻘوى اﻟﺑﺣرﯾﮫ وإن اﻟﺳﯾﺎده ﺳﺗﻛون ﻟﻠدول اﻟﺑرﯾﮫ.
وﻟﺧص ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻧظرﯾﺗﮫ ﻓﻲ : (أ ﻣن ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ ﺷرق أوروﺑﺎ ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ ﻗﻠب اﻟﺟزﯾره اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﮫ.
(ب ﻣن ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻘﻠب ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺟزﯾره ( ﺟزﯾره اﻟﻌﺎﻟم أﻓروا أوراﺳﯾﺎ ).
(ت ﻣن ﯾﺗﺣﻛم ﺑﺎﻟﺟزﯾره ﯾﺗﺣﻛم ﺑﺎﻟﻌﺎﻟم.
  وﻓﻲ ﺗﻌدﯾل ﻋﺎم 1943 أﻛد ﻣﺎﻛﯾﻧدر أن اﻟﺗﮭدﯾد ﻟﻠﻘﻠب ﻣن اﻹﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ ( ﺳﺎﺑﻘﺎ ) وﻟﯾس ﻣن أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ وأﻛد أﯾﺿﺎً أن اﻟﻣوﻗف اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻠﻘوى اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﮫ ﻻ ﯾﻌﺗﻣد ﻓﻘط ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻟﻠﻘﻠب وإﻧﻣﺎ أﯾﺿﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺑﻧﺎء اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ ﻛﻣﺎ اﺳﺗﺣدث ﻣﺻطﻠﺢ " اﻟﺣوض اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻟﻠﻘﻠب وإﻧﻣﺎ أﯾﺿﺎً اﻟﺑﻧﺎء اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ ﻛﻣﺎ اﺳﺗﺣدث ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﺣوض اﻷوﺳط ﺷﻣﺎل اﻷطﻠس ﺑﯾن ﻏرب أوروﺑﺎ وﺷرق اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ وأﻛد ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﺑﺄﻧﮫ ﻟو ﺧرج اﻟﺳوﻓﯾت ﺑﺎﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﮫ اﻟﺛﺎﻧﯾﮫ ﺳﯾﺻﺑﺣون أﻋظم ﻗوه ﺑرﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻋﻠﻰ اﻧﮫ ﯾﺣﺳن ﺑﻧﺎ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻋﺎم 1943 ﺗﻘل اﻷھﻣﯾﮫ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾﻛﯾﮫ ﻟﻠﻘﻠب ﻣن ﻣﺟرد اﻹﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻗﻊ واﻟﺗﻼﺣم اﻷرﺿﻲ وﺳﮭوﻟﮫ اﻟﺣرﻛﮫ ﻟﻠﻘوى اﻟﻘﺎرﯾﮫ إﻟﻰ اﻹﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻛﺎن واﻟﻌﻣران واﻟﻣوارد واﻟﺧطوط اﻟﺧﻠﻔﯾﮫ ﻟﻠﺣرﻛﮫ واﻟﻣﮭم أن ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻗد وﺿﻊ ﺗﺻوره ﻣن وﺟﮭﮫ ﻧظر اﻟﺑﺎﺣث اﻹﻧﺟﻠﯾزي اﻟذي ﯾﺣﺎول أن ﯾﻠﻔت ﻧظر اﻟﺳﻠطﮫ ﻓﻲ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ إﻟﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﮫ ظﮭور ﻗوه ﻋﺎﻟﻣﯾﮫ ﺑرﯾﮫ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ اﻹﻧﺟﻠﯾزﯾﮫ اﻟوﺻول إﻟﯾﮭﺎ.
   وﻗد وﺟﮭت ﻋدة إﻧﺗﻘﺎدات ﻟﻧظرﯾﮫ ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻣﻧﮭﺎ إﻏﻔﺎﻟﮫ ﻟﻸوﺻﺎف اﻟﺗﻘﻧﯾﮫ اﻟﻣﺗطوره ﻓﻣﻧﻌﮫ اﻟﻣﺣﯾط اﻟﻣﺗﺟﻣداﻟﺷﻣﺎﻟﻲ ﻟم ﺗﻌد ﻗﺎﺋﻣﮫ ﺑﻌد اﻛﺗﺷﺎف ﻛﺎﺳﺣﺎت اﻟﺟﻠﯾد واﻟﻐواﺻﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﯾر ﺗﺣت اﻟﻐطﺎء اﻟﺟﻠﯾدي ﻛﻣﺎ أن اﻛﺗﺷﺎف اﻷﺳﻠﺣﮫ اﻟﻣﺗطوره واﻟﺻوارﯾﺦ واﻷﺳﻠﺣﮫ اﻟﻧووﯾﮫ ﺑﺎﻟذات ﻣﺎ ﯾﻐﯾر ﻣن ﻣﻧﻌﮫ ﻣﻧطﻘﮫ اﻟﻘﻠب.
   وﻓﻲ رأي ﺑﻌض اﻟﻣﻔﻛرﯾن وﻣﻧﮭم ﻣﯾﻧﺞ Mining أن ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻟم ﯾوﻓق ﺣﯾن ﺣدد ﻗﻠب اﻷرض واﻟﮭﻼﻟﯾن طﺑﻘﺎً ﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﻣوﻗﻊ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺑﮫ ﻟﻠﯾﺎﺑس واﻟﻣﺎء وأﻧﮫ ﻛﺎن ﻣن اﻷﺟدر ﺗﺣدﯾده ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﻌﯾﺎر اﻟﺣﺿﺎري ﻷﻧﮫ أﻛﺛر ﺛﺑﺎﺗﺎً وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﮫ ﻟﻠرﻣﻼﻧد اﻟﮭﻼل اﻷوﺳط ﻓﻘد ﻗﺳﻣﮫ ﻣﯾﻧﺞ إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن ( اﻟﮭﻼل اﻷوﺳط اﻟﻘﺎري ، واﻟﮭﻼل اﻷوﺳط اﻟﺑﺣري ) واﻋﺗﻣد اﻟﺟﺎﻧب اﻟوظﯾﻔﻲ أﺳﺎﺳﺎً ﻟﻠﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﻓﻲ رأي ﻣﯾﻧﺞ أن ﻣن ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﻗﻠب اﻷرض ﯾﻣﻛن أن ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﺑﻌض دول اﻷطراف ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾرى ﻣﺎﻛﯾﻧدر أن ﻣن ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻛﻠﮭﺎ ﯾﻣﻛﻧﮫ اﻟﺳﯾطره ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ.
  وھﻧﺎك ﻣﺳﺄﻟﮫ ﺗﺿﺎف وھﻲ أن اﻟﻣرﻛزﯾﮫ اﻟﺷدﯾده اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳم ﺑﮭﺎ ﺳوﯾداء اﻻرض ﻟﯾﺳت ﻋﺎﻣﻼً ﻓﻲ ﺻﺎﻟﺣﮫ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺻﺑﺢ ﻋرﺿﮫ ﻟﻠﮭﺟوم ﺟوا وھذا ﯾﻌﻧﻲ أن ﺳﻼح اﻟطﯾران ﯾﺛﻠل ﻛﺛﯾراً ﻣن أھﻣﯾﮫ ﻣوﻗﻌﮭﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ.
   وﯾرى ﻓﯾرﺟرﯾف أن اﻟﯾﺎﺑﺳﮫ ﻋﺑﺎره ﻋن ﺟزﯾرﺗﯾن ﻋظﯾﻣﺗﯾن ھﻣﺎ ﺟزﯾرة ﻣﺗوازﯾﺔ اﻷﺿﻼع ﺗﻣﺛل اﻟﻌﺎﻟم اﻟﻘدﯾم وﺟزﯾرة زﺧرى ﻋﺑﺎرة ﻋن اﻷﻣرﯾﻛﺗﯾن وﻛﻠﺗﺎھﻣﺎ ﺗﻘﻌﺎن ﻓﻲ ﻣﺣﯾط ﻋظﯾم وﯾﻧﻘﺳم ﻣﺗوازي اﻷﺿﻼع إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن ﺗﻔﺻﻠﮭﻣﺎ اﻟﺻﺣراء أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﯾﻔﺻﻠﮭﻣﺎ اﻟﺑﺣر.
   وﻋﻣوﻣﺎً ﻓﺈن ﻣﺧططﻲ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﻐرب ﯾﻘرون ﺑﺄن ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﺣق ﻓﻲ أﻓﻛﺎره ﻓﺄﻟﻣﺎﻧﯾﺎ ﻟم ﺗﺗﻣﻛن ﻣن اﻟﺳﯾطره ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧطﻘﮫ اﻟﺣﺎﺟزة ﺑﯾن اﻟﺟرﻣﺎن واﻟﺳﻼف، وأﺻﺑﺣت اﻷراﺿﻲ اﻟﻣﻣﺗده ﻣن اﻟﺑﺣر اﻟﺑﻠطﻲ إﻟﻰ ﺑﻼد اﻟﺑﻠﻘﺎن ﻓﻲ داﺋرة اﻟﻧﻔوذ اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ ﺳﺎﺑﻘﺎ اﻟذي ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﻠب وأﺛرت آراء ﻣﺎﻛﯾﻧدر ﻓﻲ ﺧطط اﻟﺳوق اﻹﻧﺟﻠوأﻣرﯾﻛﯾﮫ ﻓﻛل اﻷﺣﻼف اﺑﺗداءاً ﻣن ﺣﻠف اﻷطﻠﺳﻲ إﻟﻰ ﺣﻠف ﺟﻧوب ﺷرق آﺳﯾﺎ ﻣﺎ ھﻲ إﻻ ﻣﺣﺎوﻻت ﻣﺧططﮫﻟﺗطوﯾق ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﻠب واﻟﺳﯾطره ﻋﻠﻰ اﻟﮭﻼل اﻟداﺧﻠﻲ اﻟﻣﺣﯾط ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﺣﯾﻧﮫ.
 واﻟﺣﻘﯾﻘﮫ أن أﺣداﺛﺎً ﺟدﯾده طرأت ﻋﻠﻰ دول اﻟﻌﺎﻟم ﺑﻌد ﺳﻧﯾن اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﮫ اﻟﺛﺎﻧﯾﮫ ﺗﺛﯾر اﻟﺷﻛوك ﺣول آداءوﺻﺣﺔ ﺗطﺑﯾﻘﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﺻرﻧﺎ اﻟﺣﺎﻟﻲ وﻣن ھذه اﻷﺣداث ﻣﺎ ﺗﺷﮭده اﻟﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻌرﺑﯾﮫ وﻣﺎ ﺷﮭدﺗﮫ ﻣﻧﺎطق ﺟﻧوب ﺷرق آﺳﯾﺎ وظﮭور اﻟﺻﯾن اﻟﺷﻌﺑﯾﮫ ﻗوة ﺗﺣظﻰ ﺑﻣرﺗﻛزات طﺑﯾﻌﯾﮫ وﺑﺷرﯾﮫ ﺗؤھﻠﮭﺎ أن ﺗﻛون ﻗوه ﻋﺎﻟﻣﯾﮫ ﻓﻲﻣﻧطﻘﮫ اﻟﮭﻼل اﻟداﺧﻠﻲ وﺗرﺑﻊ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻋرش اﻟﺳﯾﺎده اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﮫ ﻛﺎﻣﺑراطورﯾﮫ وﺣﯾده ﺑﻌد اﻧﮭﯾﺎر اﻹﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ وﺣﻠﻔﺎﺋﮫ ﻋﺎم 1989 واﺻﺑﺢ اﻟﻌﺎﻟم أﺟﺎي اﻟﻘطب.
اﻟﻘوة اﻟﺑﺣرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺳﺗﮭل اﻟﺣدﯾث ﻋن اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ واﻟﻘدره اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻓﺎﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﺗﻌﻧﻲ اﻟﻘوه اﻟﻣﻘﺎﺗﻠﮫ واﻟﻣﺳﺣﻠﮫ ﺑﺎﻷﺳﻠﺣﮫ اﻟﺑﺣرﯾﮫ اﻟرﺋﯾﺳﯾﮫ اﻟﺗﻲ ﺑﻣﻘدورھﺎ إﻧﺟﺎز اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﻠﮫ أو اﻟﻣﺷﺗرﻛﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎھم ﺑﮭﺎ ﺻﻧوف أﺧرى ﻣن اﻟﻘوات اﻟﻣﺳﻠﺣﮫ ﻛﺎﻟﻘوات اﻟﺟوﯾﮫ واﻟدﻓﺎع اﻟﺟوي واﻟﻘوات اﻟﺑرﯾﮫ أﻣﺎ اﻟﻘدره اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻓﺗﻌﻧﻲ اﻟﻘوات اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻣﺿﺎﻓﺎً إﻟﯾﮭﺎ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺳﻔن اﻟﺗﺟﺎرﯾﮫ وﺗﺳﮭﯾﻼﺗﮭﺎ اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻛﺎﻟﻣواﻧﺊ اﻟﺑﺣرﯾﮫ وﻣﻧﺷﺄﺗﮭﺎ اﻷﺧرى.
  وﻗد ظﮭر ﻣﻔﮭوم اﻟﻘوى اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﺳﯾﺎﺳﮫ اﻟﺟﻐراﻓﯾﮫ ﻣﻧذ ﻧﮭﺎﯾﮫ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﺣﯾث ﺗﺻﺎﻋد دور اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺎت اﻟدوﻟﯾﮫ وﯾﻘف اﻟﻘﺎﺋد اﻟﺑﺣري اﻷﻣرﯾﻛﻲ (اﻟﻔرﯾد ﻣﺎھﺎن) ﺑﻣﻘدﻣﮫ رواد اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ.

اﻟﻔرﯾد ﻣﺎھﺎن 1914 – 1840
  ﯾﻌد اﻟﻔرﯾد ﻣﺎھﺎن 1914 – 1940 ﻣن أﺷﮭر اﻟﻣؤرﺧﯾن ﻓﻲ اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ وذﻟك ﻻن ﺧﻠﻔﯾﺗﮫ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﯾدان ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻹﻋداد اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟذي أﺣرزه ﻣن ﺧﻼل دراﺳﺗﮫ ﻓﻲ اﻷﻛﺎدﯾﻣﯾﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﺧرج ﻓﯾﮭﺎ ﻋﺎم 1859 وﺑﻌد ھذا اﻟﺗﺎرﯾﺦ أﺻﺑﺢ ﺿﺎﺑطﺎً ﻓﻲ اﻟﺑﺣرﯾﮫ اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ وﺗدرج ﻓﻲ ﺳﻠم اﻟرﺗب اﻟﻌﺳﻛرﯾﮫ ﻏﻠﻰ أن وﺻل رﺗﺑﺔ أدﻣﯾرالبحري وﺑﻌدھﺎ ﺗﻘﺎﻋد ﻓﻲ ﻋﺎم 1908 واﻧﺗدب ﻣﺣﺎﺿراً ﻓﻲ ﻛﻠﯾﮫ اﻟﺣرب اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻓﻲ ﻣدﯾﻧﮫ ( ﻧﯾوﺑورت ) ﻓﻲ وﻻﯾﺔ وداﯾﻠﻧد اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ ﺛم أﺻﺑﺢ ﻋﻣده ﻟﮭﺎ ﻋﺎم 1886 وﻟﮫ ﺛﻼث ﻛﺗب ھﻲ:
· ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ ﺑﯾن ﺳﻧﮫ 1783 – 1660 واﻟﻣﻧﺷور ﻋﺎم 1892.
· ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺛوره واﻹﻣﺑراطورﯾﮫ اﻟﻔرﻧﺳﯾﮫ 1812 – 1793 واﻟﻣﻧﺷور ﻋﺎم 1892.
· اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﺣرب ﻋﺎم 1812, ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﻛﺗب ﻣﺎھﺎن ﻋن اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻌﻧﻲ اﻟﻘوه اﻟﻌﺳﻛرﯾﮫ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻧﻘﻠﮭﺎ ﺑﺎﻟﺑﺣر إﻟﻰ اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻣطﻠوب دون أن ﯾﻌﻧﻲ ﻣﺟرد اﻷﺳطول اﻟﺑﺣري وﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﺑﺣﺎر ﯾﻌﻧﻲ ﻟدﯾﮫ اﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﺑرﯾﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗﺎز ﺑﺎﻟﻣواﻗﻊ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﮫ اﻟﻣﺗﺣﻛﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﻧﻘل اﻟﺑﺣري واﻟﻘواﻋد اﻟﺑﺣرﯾﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣﯾﮭﺎ أﺷﻛﺎل اﻟﺳواﺣل ﻣن ﺟﮭﮫ وﻋﻣق ﺧﻠﻔﯾﺗﮭﺎ اﻷرﺿﯾﮫ وﯾرى أن اﻟﺛوره اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﮫ اﻟﺗﻲ ﺷﮭدﺗﮭﺎ أوروﺑﺎ ﺑﯾن 1830 – 1760 دﻓﻌت اﻟدول اﻷوروﺑﯾﮫ إﻟﻰ اﻹﺳﺗﻌﻣﺎر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ وﺗﻛوﯾن ﻣﺳﺗﻌﻣرات ﻟﮭﺎ ﻓﯾﻣﺎ وراء اﻟﺑﺣﺎر ﻟﺗﺻرﯾف ﻓﺎﺋض إﻧﺗﺎﺟﮭﺎ ﻣن اﻟﺳﻠﻊ اﻟﻣﺻﻧوﻋﮫ وﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣواد اﻟﺧﺎم اﻟﻣﺗﻧوﻋﮫ ﻟﻣﺻﺎﻧﻌﮭﺎ وﻟﺗوﻓﯾر اﻟﻣواد اﻟﻐذاﺋﯾﮫ ﻟﺳﻛﺎﻧﮭﺎ اﻟذﯾن ﺗزاﯾدت أﻋدادھم واﺳﺗدﻋﻰ ھذا إﻧﺷﺎء اﻷﺳﺎطﯾل اﻟﺗﺟﺎرﯾﮫ اﻟﺿﺧﻣﮫ ﻟﻧﻘل اﻟﺗﺟﺎره واﻟرﻛﺎب ﺑﯾن اﻟﺷرق واﻟﻐرب وﺗطور اﻟﻣﻼﺣﮫ اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻧﺗﯾﺟﮫ ﻹﺣﻼل اﻟﺣدﯾد ﻣﺣل اﻟﺧﺷب ﻓﻲ ﺻﻧﺎﻋﮫ اﻟﺳﻔن وﻻﺳﺗﺧدام اﻟﺑﺧﺎر ﻓﻲ ﺗﺳﯾﯾرھﺎ ﺑدﻻً ﻣن اﻟﺷراع وﻗد ﻋﻣدت دول أوروﺑﺎ إﻟﻰ إﻧﺷﺎء اﻻﺳﺎطﯾل اﻟﺣرﺑﯾﮫ ﻟﺣراﺳﺔ اﻟﺳﻔن اﻟﺗﺟﺎرﯾﮫ ﻣن اﻟﻘراﺻﻧﮫ واﻟﻌدوان وھﻛذا أﺻﺑﺣت اﻟﺑﺣﺎر واﻟﻣﺣﯾطﺎت ﺷراﯾﯾن ﺗﺻل ﺑﯾن اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرات وﺑﯾن اﻟدول اﻷوروﺑﯾﮫ ﺻﺎﺣﺑﮫ اﻟﺳﯾﺎده ﻋﻠﯾﮭﺎ وأﺧذت أھﻣﯾﮫ اﻟطرق اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﺗﺗزاﯾد ورأت ﺑﻌض اﻟدول اﻷوروﺑﯾﮫ ﺿرورة اﻟﺳﯾطره ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﻣواﻗﻊ اﻟﺳوﻗﯾﮫ اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﮫ ﻋﻠﻰ طول اﻟطرق اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻟﺣراﺳﺗﮭﺎ ورأى ﻣﺎھﺎن أن إﻧﺟﻠﺗرا ﻟﮭﺎ اﻟﯾد اﻟطوﻟﻰ ﻓﻲ ﻛل ذﻟك ﻧظراً ﻟﻣوﻗﻌﮭﺎ اﻟﺟذري اﻟﻣﻧﻌزل ﻣﻣﺎ ﯾﺟﻌﻠﮭﺎ ﺑﻌﯾده اﻟﻣﻧﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻘوى اﻷوروﺑﯾﮫ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﮫ اﻟﻣوﺟوده ﻋﻠﻰ اﻟﯾﺎﺑس اﻻوروﺑﻲ وإن ﻣوﻗﻊ ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ ﻣن اﻟﺳﯾطره ﻋﻠﻰ ﺧطوط اﻟﻣﻼﺣﮫ ﻣن وإﻟﻰ ﺷﻣﺎل أوروﺑﺎ وﻗد أﺻﺑﺢ ﻟﮭﺎ أﺳطوﻻً ﺣرﺑﯾﺎً ﺿﺧﻣﺎً ﯾﺗﻌدر ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻷوروﺑﯾﮫ اﻟﻘﺎرﯾﮫ أن ﺗﻧﺷﺊ ﻣﺛﻠﮫ.
  وھذا ﯾﻌﻧﻲ أﻧﮫ ﺑﺈﻧﻛﺎﻧﮭﺎ ﺣﺻﺎر ﻣواﻧﺊ اﻟﻘﺎره اﻷورﺑﯾﮫ وﻗت اﻟﺿروره واﻟدﻓﺎع ﻋن اﻟﺟزر اﻟﺑرﯾطﺎﻧﯾﮫ وﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﮫ ﻟم ﯾﻛن ﺑﻣﻘدور أﯾﮫ دوﻟﮫ أوروﺑﯾﮫ إﻋداد ﺟﯾش ﺑﺣري ﻟﻠدﻓﺎع ﻋن أرﺿﯾﮭﺎ ﺑﺳﺑب ﻣوﻗﻌﮭﺎ اﻟﺑري وﯾﺷﯾر ﻣﺎھﺎن إﻟﻰ أن ﻗﯾﺎم ﻗوه ﺑﺣرﯾﮫ ﻓﻲ أﯾﮫ دوﻟﮫ ﯾﺗطﻠب ﻗﯾﺎم وﺗوﻓر ﺑﻌض اﻟﻌواﻣل ﺣددھﺎ ﺑﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ:

1. اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻟﻠدوﻟﮫ:ﻣرﻛز راﺷﯾل ﻛوري اﻟﻔﻠﺳطﯾﻧﻲ ﻟﺣﻘوق اﻻﻧﺳﺎن وﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻌداﻟﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وﯾﻌﻧﻲ ﺑﮫ ﻣوﻗﻌﮭﺎ اﻟﺑﺣري ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﺣر واﺣد ( أﺣﺎدﯾﮫ اﻟﻣوﻗﻊ ) أو ﻋﻠﻰ ﺑﺣرﯾن أو أﻛﺛر ﻛﻣﺎ ﯾؤﺧذ ﺑﻧظر اﻻﻋﺗﺑﺎر ﺻﻼﺣﯾﮫ ھذه اﻟﺑﺣﺎر ﻟﻠﻔﻌﺎﻟﯾﺎت اﻟﻣﻼﺣﯾﮫ وﺳﮭوﻟﮫ اﺗﺻﺎﻟﮭﺎ ﺑﺑﻌﺿﮭﺎ وﺑﺄﻋﺎﻟﻲ اﻟﻣﺣﯾطﺎت وﯾﺷﺗرط ﻋﻠﻰ اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺑﺣري أن ﺗﻣﻛﯾن اﻟدوﻟﮫ ﻣن اﻟﺳﯾطره ﻋﻠﻰ اﻟطرق اﻟﺗﺟﺎرﯾﮫ اﻟﮭﺎﻣﮫ واﻟﺗﺣﻛم ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﺳوﻗﯾﮫ ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺗﺻدي ﻟﻌدو ﻣﻧﺗظر ﻗد ﯾﮭدد ﻧطﺎﻗﮭﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ.
  ﻓﺎﻟﻧﺷﺎط اﻟﻌﺳﻛري ﻷي ﻗطر ﺑﺣري ﻣﺛﻼً ﯾرﺗﺑط ارﺗﺑﺎطﺎً وﺛﯾﻘﺎً ﺑﻧوع اﻟﺑﺣر اﻟذي ﯾﻘﻊ ﻋﻠﯾﮫ اﻟﻘطر ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﻣﻔﺗوﺣﺎً أم ﻣﻐﻠﻘﺎً ﻓﺎﻟﺑﻠدان اﻟواﻗﻌﮫ ﻋﻠﻰ ﺳواﺣل اﻟﺑﺣر اﻟﺑﻠطﻲ ﺗﺗﺄﺛر ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺗﯾن اﻟﺗﺟﺎرﯾﮫ واﻟﻌﺳﻛرﯾﮫ إذا ﻣﺎ ﺳﯾطرت دوﻟﮫ أﺟﻧﺑﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻣداﺧل ھذا اﻟﺑﺣر وﻗد دﻟت أﺣداث اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﮫ اﻟﺛﺎﻧﯾﮫ ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺣﯾﻧﻣﺎ ﺳﯾطرت اﻟﻘوى اﻟﻧﺎزﯾﮫ اﻻﻟﻣﺎﻧﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﺑﺣر اﻟﺷﻣﺎل ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﻓرض ﻧﻔوذھﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺣر اﻟﺑﻠطﻲ وﺿﯾﺎع ﺳﯾﺎدة ﺑﻠدان ھذا اﻟﺑﺣر ﻟذا أﺻﺑﺢ ﻣوﻗﻊ اﻟﺳوﯾد واﻟدﻧﻣﺎرك ﯾﻌد ﻣن أﻓﺿل اﻟﻣواﻗﻊ.

2. طﺑﯾﻌﮫ ﺳواﺣل اﻟدوﻟﮫ:
   وﻓﻲ ھذا اﻟﺟﺎﻧب ﻻ ﯾؤﺧذ طول اﻟﺳﺎﺣل ﺑﻧظر اﻻﻋﺗﺑﺎر وإﻧﻣﺎ ﻧوﻋﯾﺗﮫ وﺻﻼﺣﯾﺗﮫ ﻹﻧﺷﺎء اﻟﻣواﻧﺊ ﻓﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺳﺎﺣل ﻣﺗﻌرﺟﺎً ﺗﻛﺛر ﻓﯾﮫ اﻟﺧﻠﺟﺎن اﻟﻌﻣﯾﻘﮫ، أﺻﺑﺢ ﺟﺎذﺑﺎً ﻟﺳﻛﺎن ظﮭﯾره وﻣﺷﺟﻌﺎً ﻟﮭم ﻟرﻛوب اﻟﺑﺣر واﻹﺗﺻﺎل ﺑﺑﻘﯾﺔ أﻗطﺎر اﻟﻌﺎﻟم ﻓﺎﻹﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﻣﺛﻼً ﯾﻣﺗﻠك ﺳواﺣل طوﯾﻠﮫ وﻟﻛن ﻣﻌظﻣﮭﺎ ﻏﯾر ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻧﺷﺎط ﺑﺣري ﻓﺳواﺣل اﻟﻧروﯾﺞ ﺗﻛﺛر ﻓﯾﮭﺎ اﻷودﯾﮫ اﻟﻌﻣﯾﻘﺔ اﻟﻣﺣﻣﯾﮫ اﻟﻣﻣﺗده ﻣﺳﺎﻓﺎت طوﯾﻠﮫ إﻟﻰ ﻗﻠب اﻟدوﻟﮫ وﻗد ﺳﺎﻋدت ﺻﻼﺣﯾﺗﮭﺎ ﻟﻠﻣﻼﺣﮫ وﻓﻘر اﻟﯾﺎﺑس ﻋﻠﻰ ﺗطور ﻧﺷﺎط ﺑﺣري واﺳﻊ ﺟﻠب ﻟﮭﺎ ﻣؤﺛرات ﺣﺿﺎرﯾﮫ ﻣن ﻣﻧﺎطق ﺑﻌﯾده وﻗد ﻋًد ﻣﺎھﺎن ﻛﺛرة اﻟﻣواﻧﺊ ﻓﻲ ﺳواﺣل اﻟدوﻟﮫ ﻣﺻدر ﻗوة وﻏﻧﻰ وﻗد ﻣﯾز ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﺳواﺣل ھﻣﺎ:
(أ اﻟﺳﺎﺣل اﻟذي أدت ﺣرﻛﺎت اﻟرﻓﻊ ﻓﻲ ﻗﺷرة اﻷرض إﻟﻰ ظﮭوره وھذا ﻻ ﯾﻛون ﻋﺎدة ﻣﺳﺗﻘﯾﻣﺎً ﺧﺎﻟﯾﺎً ﻣن اﻟﺗﻌﺎرﯾﺞ اﻷﺳﺎﺳﯾﮫ ﻣن رواﺳب ھﺷﮫ وھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺳﺎﺣل ﻻ ﯾﺻﻠﺢ ﻟﻧﺷﺎط ﻣﻼﺣﻲ ﻣﺛل ﺳﺎﺣل اﻟﻣﻛﺳﯾك ودﻟﺗﺎ اﻟﻧﯾل.
(ب اﻟﺳﺎﺣل اﻟﮭﺎﺑط واﻟذي أدت ﺣرﻛﺎت ﺗﻛﺗوﻧﯾﮫ إﻟﻰ ھﺑوطﮫ وأﺑرز ﻣﺎ ﯾﻣﯾزه ھو ﻛﺛرة اﻟﺧﻠﺟﺎن اﻟﻌﻣﯾﻘﮫ وھﻧﺎك أﺻﻧﺎف ﻣن ھذه اﻟﺧﻠﺟﺎن وھﻲ ﻛﻠﮭﺎ ﺻﺎﻟﺣﮫ ﻟﻠﻧﺷﺎطﺎت اﻟﻣﻼﺣﯾﮫ وﻻ ﺗﻌﯾق ﺗطور ﺣرﻛﮫ اﻟﻣﻼﺣﮫ.

3. ﺻﻔﺎت ظﮭﯾر اﻟﺳﺎﺣل:
   وﯾﻘﺻد ﺑﮭﺎ أراﺿﻲ اﻟدوﻟﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﺧﻠف ﺧط اﻟﺳﺎﺣل ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت ھذه اﻷراﺿﻲ ذات ﻣﺳﺎﺣﮫ ﻛﺑﯾره وﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺛروات طﺑﯾﻌﯾﮫ وﻓﯾره ﺗﻛﻔﻲ ﻟﺳد ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺟﻣوع ﺳﻛﺎن اﻟوﺣده اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﮫ ﻓﮭﻲ ﺗﺻﺑﺢ ﻋﺎﻣل ﺟذب ﻟﻠﺳﻛﺎن ﻧﺣو اﻟداﺧل وﺑذﻟك ﯾﻛون اﻟﺗوﺟﮫ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻟﻠدوﻟﮫ داﺧﻠﯾﺎً ﻋﺑر اﻟﯾﺎﺑس وﻟﯾس ﻧﺣو اﻟﺑﺣر ﺣﺗﻰ وإن ﻛﺎن ﻣوﻗﻌﮭﺎ ﺑﺣرﯾﺎً وﺗطل ﻋﻠﻰ ﺳواﺣل طوﯾﻠﮫ وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ذﻟك ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﮭﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﺑﺣﺎر اﻟﻣﺗوﺳط واﻷطﻠس اﻟﺷﻣﺎﻟﻲ وﻟﻛن ﻣﻊ ھذا ﻓﮭﻲ ﻟﯾﺳت دوﻟﮫ ﺑﺣرﯾﮫ، وذﻟك ﻟن ﺧﺑراﺗﮭﺎ اﻟداﺧﻠﯾﮫ ﻛﺛﯾره ﺟذﺑت اﻟﺳﻛﺎن إﻟﻰ اﻻﺷﺗﻐﺎل ﻓﻲ اﻟﺑر وﻋدم اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺑﺣر ﻛﺳﺑﺎً ﻟﻣﻌﯾﺷﺗﮭم وﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻓﻘر اﻟظﮭﯾر ﺑﺎﻟﻣوارد ﻧوﻋﺎً ﻣﺎ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻌﻣل ﻋﻠﻰ طرد اﻟﺳﻛﺎن وﺗوﺟﯾﮭﮭم ﻧﺣو اﻟﺑﺣر ﻟﻠﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻏذاﺋﮭم وﻛﺳب ﻣﻌﯾﺷﺗﮭم اﻟﯾوﻣﯾﮫ وﻣن ھذه اﻟدول ﻣﺛﻼً إﯾطﺎﻟﯾﺎ واﻟﯾوﻧﺎن وھذه ﺗﺣدد ﻓﻌﺎﻟﯾﺎت اﻟﻘطر وﻧﺷﺎطﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﮫ اﻟﺳﻛﺎن.

4. ﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟدوﻟﮫ وﻋدد ﺳﻛﺎﻧﮭﺎ:
  وﻣن اﻟﻣﺣﻔزات اﻟرﺋﯾﺳﯾﮫ ﻟﺑﻧﺎء اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﺳﻌﺔ اﻟﻣﺳﺎﺣﮫ وﻛﺛرة اﻟﻧﻔوس إذ ﯾرى ﻣﺎھﺎن أن ﻟﮭذﯾن اﻟﻌﻧﺻرﯾن إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﻧوع اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﮫ داﺧل اﻟﻣﺳﺎﺣﮫ اﻟﻛﺑﯾره ﻟﻠدوﻟﮫ وﻛذﻟك ﻗدرة اﻟﻘوى اﻟﺑﺷرﯾﮫ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﮫ ﺑﻌدد اﻟﺳﻛﺎن ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻷﺳﺎطﯾل اﻟﺑﺣرﯾﮫ وﻓﻲ اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﮭﺎ وﺻﯾﺎﻧﺗﮭﺎ ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣﺳﺎﺣﮫ اﻟﻛﺑﯾره ووﻗوع اﻟدوﻟﮫ ﻋﻠﻰ أﻛﺛر ﻣن ﺑﺣرواﺣد ﯾزﯾد ﻣن اﺣﺗﻣﺎﻻت ﺗواﺟد اﻟﺳواﺣل اﻟطوﯾﻠﮫ واﻟﺻﺎﻟﺣﮫ ﻟﻠﻣﻼﺣﮫ.

5. اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻘوﻣﯾﮫ ﻟﺳﻛﺎن اﻟدوﻟﮫ:
   وﻣن اﻟﺷروط اﻟﻣﮭﻣﮫ اﻟﺗﻲ ﯾراھﺎ ﻣﺎھﺎن ﺿرورﯾﮫ ﻟﺑﺎء أﯾﺔ ﻗوه ﺑﺣرﯾﮫ ھﻲ ﻣﻌرﻓﺔ رﻏﺑﺔ اﻟﺳﻛﺎن وﻣﯾﻠﮭم ﻟرﻛوب اﻟﺑﺣر إذ أن ھذا اﻟﺷرط ﯾﻌد ﺣﺟر اﻟزاوﯾﮫ ﻓﻲ إﻗﺎﻣﺔ ﺻرح اﻟﺗﺟﺎره اﻟﺑﺣرﯾﮫ اﻟﻛﻔﯾﻠﮫ ﺑﺗﺟﻣﯾﻊ اﻟﺛروات اﻟﺿرورﯾﮫ ﻟﺑﻧﺎء اﻟﻘوة اﻟﺑﺣرﯾﮫ .

6. ﺗوﺟﮫ اﻟﺳﻠطﮫ اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ :
   ﺗﻌﺗﻣد رﻏﺑﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺣﺎﻛﻣﮫ ﻓﻲ اﻟﺗوﺟﮫ ﻧﺣو اﻟﺑﺣر ﻟﺧﻠق ﻗوه ﺑﺣرﯾﮫ وﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر ﻛﺎﻓﺔ اﻟظروف اﻟطﺑﯾﻌﯾﮫ ودرﺟﺔ ﻣﻼﺋﻣﺗﮭﺎ وﺗﻔﺎﻋل ذﻟك ﻣﻊ اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﮫ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺗﺎز ﺑﮭﺎ ﺳﻛﺎن ﺗﻠك اﻟدوﻟﮫ وﻗد اﻧطﻠق ﻣﺎھﺎن ﻓﻲ ﻧظرﯾﺗﮫ ﻋن اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺟﻐراﻓﯾﮫ ﻟﻠوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ ﺣﯾث ﺟﺎءت ﻣطﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻲ وﺿﻌﮭﺎ أﺳﺎﺳﺎً ﻟﺑﻧﺎء اﻟﻘوه اﻟﺑﺣرﯾﮫ وﻛﺄﻧﮫ أراد ﺧدﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻻﻣرﯾﻛﯾﮫ ﺑﺎﻟدﻋوه إﻟﻰ اﻟﺗوﺳﻊ ﺧﺎرج ﺣدود ﻧطﺎﻗﮭﺎ اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ واﺷﺗرط ﻟﮭذا اﻟﺗوﺳﻊ ﺑﻧﺎء ﻗوه ﺑﺣرﯾﮫ ﻣؤﻟﻔﮫ ﻣن ﻋدة اﺳﺎطﯾل ﻛﺑﯾره ﺣﺗﻰ ﯾﻛون ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ ﺿﻣﺎن اﻟدﻓﺎع اﻟﻘوﻣﻲ ﺿد أي ﺣﺻﺎر ﺑﺣري ﯾوﺟﮫ ﺿدھﺎ ﺑﺻﻔﺗﮭﺎ ﺟزﯾره ﻗﺎرﯾﮫ.وﻛﺎن ﯾرى ﺿرورة اﺣﺗﻼل اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ ﺟزر ھﺎواي ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻣﺛل ﻗﺎﻋدة ﻋﺳﻛرﯾﮫ أﻣﺎﻣﯾﮫ ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ اﺳﺗﺧداﻣﮭﺎ ﻟﺻد أي ھﺟوم ﯾﺄﺗﻲ ﻣن اﻟﻘﺎره اﻵﺳﯾوﯾﮫ ﻛﻣﺎ أﻛد ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﻓﺗﺢ ﻗﻧﺎة ﺑﯾن اﻷﻣرﯾﻛﯾﺗﯾن ﺗﺻل اﻟﻣﺣﯾط اﻟﮭﺎدي ﺑﺎﻟﻣﺣﯾط اﻷطﻠﺳﻲ وﻧﺑﮫ أﻧﮫ ﻻﯾﻣﻛن اﻟﻣﺣﺎﻓظﮫ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ ھذه اﻟﻘﻧﺎة دون أن ﯾﻛون ﻟﻠوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻟﮭﯾﻣﻧﮫ اﻟﺗﺎﻣﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣر اﻟﻛﺎرﯾﺑﻲ وﻓﻲ اﻟﻘﺳم اﻟﺷرﻗﻲ ﻣن اﻟﻣﺣﯾط اﻟﮭﺎدي وﻗد ﺗﺣﻘق ﻓﻌﻼً ﻣﺎ ذھب إﻟﯾﮫ ﻣﺎھﺎن ﻣن ﻗﺑل رﺋﯾس اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ روزﻓﻠت وﻣن اﻟﻣظﺎھر اﻷﺧرى ﻟﻠﺗوﺳﻊ اﻻﻗﻠﯾﻣﻲ اﻟذي ﻧﺎدى ﺑﮫ ﻣﺎھﺎن ﺑﻌد أن اﺳﺗوﻟت اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﺟزﯾرة ﺑورﺗرﯾﻛو ﻋﺎم 1898 اﺛر ﺣرﺑﮭﺎ ﻣﻊ اﺳﺑﺎﻧﯾﺎ واﯾﺟﺎد ﻣﻧطﻘﮫ ﺟواﻧﺗﺎﻧﺎﻣو ﺟﻧوب ﺷرق ﻛوﺑﺎ ﻋﺎم 1903 ﻟﻣدة 90 ﻋﺎﻣﺎً . وﻓﻲ ﻋﺎم 1977 اﺷﺗرت ﻣن اﻟداﻧﻣﺎرك ﺟزاﺋر ﻓرﺟﯾن واﺳﺗوﻟت ﻋﻠﻰ ﺟزﯾرة ﻧﺎﻓﺎﺳﺎ إﻟﻰ اﻟﺟﻧوب ﻣن ﻛوﺑﺎ واﺳﺗﺄﺟرت ﻣن ﺟﻣﮭورﯾﺔ ﺗﯾﻛﺎراﻏوا ﺟزﯾرﺗﻲ ﻛورن اﻟﻛﺑرى اﻟﺻﻐرى وأن ﺟﻣﯾﻊ ھذه اﻟﻣواﻗﻊ ﻛﺎن اﻟﻐرض ﻣﻧﮭﺎ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣوﻗﻊ ﻗﻧﺎة ﺑﻧﻣﺎ.أﻣﺎ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻣﺣﯾط اﻟﮭﺎدي ﻓﻘد اﺳﺗوﻟت ﻋﻠﻰ Midway ﻋﺎم 1851 واﺷﺗرت اﻻﺳﻛﺎ ﻣن روﺳﯾﺎ 1867 وﺿﻣت إﻟﯾﮭﺎ ﺟزر ھﺎواي ﻋﺎم 1898 ﺑﻘرار ﻣن اﻟﻛوﻧﺟرس وﺑذﻟك ﺿﻣت ﻟﮭﺎ ﻣﻔﺗﺎح اﻟدﻓﺎع ﻋن اﻟﻘطﺎع اﻟﺷرﻗﻲ ﻟﮭذا اﻟﻣﺣﯾط.

  ﻛﺎن ﻟظﮭور ﻋﺻر اﻟطﯾران واﻟﻔﺿﺎء دوراً ﺑﺎرزاً ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾل ﻣﻔﺎھﯾم ﺟدﯾده ﻓﻲ ﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﮫ ﻓﻘد طرح ﺑﻌض ﻣن ﻛﺗب ﻓﻲ ﻣﻔﮭوم اﻟﻘوه اﻟﺟوﯾﮫ آراءه ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل ﻣﻧﮭم A – Macleish ﻓﻲ ﻣﻘﺎل ﻧﺷره ﻋﺎم 1942 ﺑﻌﻧوان " أﺗوﻗﻊ اﻟﻧﺻر " أﺷﺎر ﻓﯾﮫ إﻟﻰ أن ﺑﻣﻘدور اﻟطﺎﺋرات أن ﺗﻐﯾر ﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟم وأﺷﺎر ﺑﺎﻟدور اﻟذي ﺗﻠﻌﺑﮫ اﻟﻘوة اﻟﺟوﯾﮫ ﻓﻲ إﺣراز اﻟﻧﺻر وﻗد ﺣذر ﻣن أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ واﻋﺗﺑرھﺎ اﻟﻘﻠب اﻟذي ﯾﻘﻊ ﻓﻲ إﺣراز اﻟﻌﺎﻟم وﺗوﻗﻊ ﺳﯾطرة اﻟﻘوة اﻟﺟوﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﻠب ﻋﻠﻰ ﺟزﯾرة اﻟﻌﺎﻟم وﺳﯾطرة اﻟﻘوة اﻟﺟوﯾﮫ ﻣن ﺳواﺣل ﺟزﯾرة اﻟﻌﺎﻟم ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣﺎر وان اﻟﻘوه اﻟﺟوﯾﮫ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺧﺿﻊ اﻟﺟزر اﻟواﻗﻌﮫ ﻋﺑر اﻟﺑﺣﺎر، وﻓﻲ ﻋﺎم 1944 ﻧﺷر ﺟورج رﯾﻧر Renner آراءه ﻣﻧﮭﺎ أن اﻟطرق اﻟﺟوﯾﮫ ﻗد رﺑطت ﺑﯾن اﻟﻘﻠب اﻷورآﺳﯾوي وﻗﻠب أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﮫ اﻷﺻﻐر ﻣﻧﮭﺎ ﻋﺑر اﻟﻣﻧطﻘﮫ اﻟﻘطﺑﯾﮫ وﺗﺗﺻف ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﻠب ھذه ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻣﮭدده ﻣن أﺣدى اﻟﻘوﺗﯾن اﻟﺳوﻓﯾت ﯾﺷﻛﻠون ﻣﺻدر ﺗﮭدﯾد اﻟﻘطب ﻓﻲ اﻣرﯾﻛﺎ واﻟﻌﻛس ﺻﺣﯾﺢ وﯾﻣﻛن أن ﺗﻛون ﻗﺎﻋده ﻋﺎﻟﻣﯾﮫ ﻷﻧﮭﺎ ﻗرﯾﺑﮫ ﻣن اﻟداﺋره اﻟﻘطﺑﯾﮫ وﻋﻠﯾﮫ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺻﺑﺢ اﻟﻣﻧطﻘﮫ اﻟﻘطﺑﯾﮫ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﮫ ﺑؤرة اﻟﺣرﻛﮫ وﻣﻔﺗﺎح اﻟﻧﻔوذ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ. وﺗرﺟﻊ أوﻟﻰ ھذه اﻷﻓﻛﺎر إﻟﻰ اﻟطﯾﺎر اﻟروﺳﻲ اﻟﻛﺳﻧدروي ﺳﻔرﺳﻛﻲ اﻟذي ﺳﺎھم ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﮫ اﻷوﻟﻰ ﺛم ﻋﻣل ﺑﻌد ذﻟك ﺑﺑﻧﺎء اﻟطﺎﺋرات وﺗطوﯾرھﺎ ﻓﻘد ﻧﺷر ﺑﺣﺛﺎً ﺑﻌﻧوان اﻟﻘوه اﻟﺟوﯾﮫ ﻣﻔﺗﺎح اﻟﺑﻘﺎء ﻋﺎم 1950 ﻓرﺳم ﺧرﯾطﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟم ﺑﻣﺳﻘط ﻗطﺑﻲ ﻟﻠﻣﺳﺎﻓﺎت واﻻﻧﺣراﻓﺎت اﻟﺻﺣﯾﺣﮫ وﺗﺑﻌﺎً ﻟﺧرﯾطﺗﮫ ھذه ﯾﻘﻊ اﻟﻧﺻف اﻟﻐرﺑﻲ ﻟﻠﻌﺎﻟم ﻓﻲ ﺟﻧوب اﻟﻘطب ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻘﻊ اﻟﻧﺻف اﻟﺷرﻗﻲ ( أوراﺳﯾﺎ ـ أﻓرﯾﻘﯾﺎ ) ﻓﻲ ﺷﻣﺎل ﻧﻘطﺔ اﻟﻘطب وھذا ﯾﻌﻧﻲ ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﺎﻟم إﻟﻰ ﻋﺎﻟم ﻗدﯾم وﻋﺎﻟم ﺟدﯾد وﻗد ﻋدت اﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻶﺗﯾﻧﯾﮫ ﻣﺻدراً ﻟﻠﺧﺎﻣﺎت اﻻﻣرﯾﻛﯾﮫ وھﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﮫ ﻣﻧطﻘﮫ اﻟﺳﯾﺎده اﻟﺟوﯾﮫ ﻟﻠوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده اﻻﻣرﯾﻛﯾﮫ أﻣﺎ اﻟﺳﯾﺎده ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﮫ ﻟﻠﺳوﻓﯾت ﻓﺗﻣﺗد ﺟﻧوب أﺳﺑﺎﻧﯾﺎ وﺟﻧوﺑﮭﺎ اﻟﺷرﻗﻲ وإﻓرﯾﻘﯾﺎ ﺟﻧوب اﻟﺻﺣراء أي أن ھذه ھﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗﺻل إﻟﯾﮭﺎ اﻟﺳﯾطره اﻟﺟوﯾﮫ ﻣن اﻟﻌﻣﻼﻗﯾن. أﻋﺗﺑر (ﺳﻔرﺳﻛﻲ ) ﻣﻧطﻘﺔ ﺗداﺧل اﻟﺳﯾﺎده اﻟﺟوﯾﮫ ﻟﻛل ﻣن أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﮫ واﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾت ھﻲ ﻣﻧطﻘﮫ اﻟﻣﺻﯾر وﺗﺗﻣﺛل ﻣﻧﺎطق اﻟﺗداﺧل اﻟﺟوي اﻧﺟﻠو اﻣرﯾﻛﺎ ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘﻠب ﻓﻲ أوارﺳﯾﺎ وأوروﺑﺎ اﻟﺑﺣرﯾﮫ ﺷﻣﺎل اﻓرﯾﻘﯾﺎ واﻟﺷرق اﻷوﺳط (اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ) وﯾﻣﻛن ﺗﺣدﯾد ھذه اﻵراء ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ:
1/ ﻣن ﯾﻣﻠك اﻟﺳﯾﺎده اﻟﺟوﯾﮫ ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎطق ﺗداﺧل اﻟﻧﻔوذ ( ﻣﻧطﻘﮫ اﻟﻣﺻﯾر ).
2/ ﻣن ﺗﺗﺣﻛم ﺑﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻣﺻﯾر ﯾﺳﯾطر ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟم.
  وﺗﻌد آراء ﺳﻔرﺳﻛﻲ اﺳﺗﻛﻣﺎﻻً ﻵراء رﯾﻧر ﻟﻛﻧﮭﺎ ﺗﺧﺗﻠف ﻋﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﺗﯾﺟﺗﯾن ﺗﺗﻌﻠﻘﺎن ﺑﻣﺳﻘط اﻟﺧرﯾطﮫ اﻟﺗﻲ اﻋﺗﻣدھﺎ ﺳﻔرﺳﻛﻲ إذ أدى ھذا اﻟﻣﺳﻘط إﻟﻰ إﺑﻌﺎد اﻓرﯾﻘﯾﺎ ﻋن أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﺟﻧوﺑﯾﮫ ﺑﺷﻛل ﻻ ﯾﻧطﺑق ﻣﻊ واﻗﻊ اﻟﺣﺎل ﻋﻠﻰ ﺧرﯾطﺔ اﻟﻌﺎﻟم وﻗد ﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ھذا اﻻﺑﺗﻌﺎد أن ﺟﻌل ﻛل ﻣن اﻟﻘﺎرﺗﯾن ﻓﻲ ﺣوزة اﻟﻘوة اﻟﺟوﯾﮫ ﻟﻠﺳوﻓﯾت واﻻﻣرﯾﻛﺗﯾن ﻋﻠﻰ اﻟﺗواﻟﻲ واﻻﺧﺗﻼف ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﯾﻧﺑﻊ ﻣن أن اﻷول طﯾﺎر ﯾرى اﻟﻌﺎﻟم ﻣن اﻟﺟو أﻣﺎ رﯾﻧر ﻓﮭو ﯾﻘرا ﺧﺎرطﺔ ﻣﺳطﺣﮫ أﻣﺎﻣﮫ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻟﺣﺎل ﺗﺑﺗﻌد اﻓرﯾﻘﯾﺎ ﻋن اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده ﺑذات اﻟﻣﺳﺎﻓﮫ اﻟﺗﻲ ﺗﺑﻌد ﺑﮫ اﻣرﯾﻛﺎ اﻟﺟﻧوﺑﯾﮫ ﻋﻧﮭﺎ أﺿف إﻟﻰ ذﻟك أن ﺳﻔرﺳﻛﻲ اﻋﺗﻘد أن ﻣﻧطﻘﺔ اﻟﻘطب اﻟﺷﻣﺎﻟﻲ ھﻲ آﺧر ﻣﻧطﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ واﻋﺗﻘد أن ﻗوه واﺣده ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن ﺗﺳﯾطر ﻋﻠﯾﮭﺎ إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺗﻣﻠك اﻟﺳﯾﺎده واﻟﺗﻔوق اﻟﺟوي ﻋﻠﻰ ﻛل ﻧظﺎﺋرھﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﺷوب ﺣرب ﺟوﯾﮫ ﺷﺎﻣﻠﮫ وﻗرر أن اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده واﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ ﺳﺎﺑﻘﺎ واﻟﻣﻣﻠﻛﮫ اﻟﻣﺗﺣده ھﻲ اﻟدول اﻟﻣؤھﻠﮫ ﻟﻛﻲ ﺗﻛون ﻗوه ﻋظﻣﻰ وﻟﻛن اﻟواﻗﻊ ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﯾﻣﻛن أن ﯾﺧﻠق أﯾﮫ دوﻟﮫ أﺧرى ﺗﻛون ھﻲ ﺻﺎﺣﺑﮫ اﻟﺳﯾﺎده طﺎﻟﻣﺎ أن ھﻧﺎك ﺗطورات رھﯾﺑﮫ ﻓﻲ ﺗﻛﻧﯾك وﻣواﺻﻔﺎت ﺳﻼح اﻟطﯾران ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم اﻵن ، ھذا وﻗد أوﺻﻰ ﺳﻔرﺳﻛﻲ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣده ﺑﺄن ﺗﺑﻧﻲ ﻟﻧﻔﺳﮭﺎ ﻗوه ﺟوﯾﮫ ﺿﺎرﺑﮫ ﻛﻣﺎ اﻧﺗﻘد اﻟﺳﯾﺎﺳﮫ اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ اﻟﺧﺎﺻﮫ ﺑﺈﺷﻌﺎل ﻧﯾران اﻟﺣروب اﻷﻗﻠﯾﻣﯾﮫ ﻛﺣرب ﻓﯾﺗﻧﺎم وﺣروب اﻟﺷرق اﻻوﺳط وﺣرب ﻧﯾﺟﯾرﯾﺎ وﻏﯾرھﺎ ﻓﮭﻲ ﺗؤدي إﻟﻰ اﺳﺗﻧزاف ﻗوة اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﻛون اﻟﻐﻠﺑﮫ ﻟﻠﺧﺻم ﻛﻣﺎ رأى ﻓﻲ ﺿرورة ﺗﺻﻔﯾﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﻌﺳﻛرﯾﮫ اﻷﻣرﯾﻛﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﺧﺎرج ﻷﻧﮭﺎ ﻣﻛﻠﻔﮫ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎً وﺗﻘود ﻧظرﯾﮫ ﺳﻔرﺳﻛﻲ إﻟﻰ ﻧﺗﯾﺟﺗﯾن ھﻣﺎ:
1/ اﻻﻧﻌزال اﻟﺟوي اﻟذي ﯾوﺻﻲ ﺑﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌﺎﻟم ﺗﻘﺳﯾﻣﺎً ﻣﻌﻘداً إﻟﻰ ﻗﺳﻣﯾن.
2/ ﻧظره ﻣوﺣده ﻟﻠﻛره اﻷرﺿﯾﮫ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أﻧﮫ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣرب ﺷﺎﻣﻠﮫ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﻘوه اﻟﻣﺗﻔوﻗﮫ ﺟوﯾﺎً أن ﺗﺳود اﻟﻌﺎﻟم ﺑﻐض اﻟﻧظر ﻋن ﻣوﻗﻌﮭﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ.
   واﻟﺣﻘﯾﻘﮫ أن ﺳﻔرﺳﻛﻲ ﻟم ﯾﻛن ﯾﺗوﻗﻊ ﻋﺎم 1950 أن دوﻻً ﻛﺛﯾره ﺳﺗﺻل إﻟﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺎت اﻟﺗدﻣﯾر اﻟﺷﺎﻣﻠﮫ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌد ﺑروز اﻷﺳﻠﺣﮫ اﻟﻧووﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻣﺳرح اﻟﺗﺳﻠﯾﺢ اﻟﻌﺳﻛري ودﺧوﻟﮭﺎ ﻣﺟﺎﻻت اﻟﻘوى اﻟﺛﻼث اﻟﺑرﯾﮫ واﻟﺑﺣرﯾﮫ واﻟﺟوﯾﮫ ﻋن طرﯾق اﻟﺻوارﯾﺦ واﻟﺻوارﯾﺦ اﻟﻣﺣﻣوﻟﮫ واﻟﻘﺎذﻓﺎت واﻟﺣﺎﻣﻼت واﻟﻐواﺻﺎت وﻏﯾرھﺎ ﻛﻣﺎ أن ﺳﻼح اﻟﺟو ﻻ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎره ﺑﻌداً ﺛﺎﻟﺛﺎً ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻘوه طﺑﻘﺎً ﻟوﺟﮭﺎت ﻧظر ﺑﻌض اﻟﻣﺧﺗﺻﯾن ﻓﮭو ﻋﻧﺻر ﺣﻣﺎﯾﮫ وﺗﻐطﯾﮫ ﻟﻠﻘوات اﻟﺑرﯾﮫ واﻟﺑﺣرﯾﮫ ﻓﻲ اﻟﮭﺟوم ﻛﻣﺎ ھو ﻓﻲ اﻟدﻓﺎع واﻟﺗﻘدم واﻹﻧﺳﺣﺎب ، وﺛﻣﮫ ﻣﺳﺄﻟﮫ ﺗﺿﺎف وھﻲ أن اﻟرﻋب اﻟﻧووي ﻋﻠﻰ رأي Jslessor ﻋﻣل ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺑﻌﺎد اﺣﺗﻣﺎل ﻗﯾﺎم ﺣرب ﻋﺎﻟﻣﯾﮫ ﺛﺎﻟﺛﮫ ذﻟك أن اﻟﺗﻘدم ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ھذا اﻟﺳﻼح اﻟﺗدﻣﯾري اﻟرھﯾب ﻋزز ﻣن ﻣﺑدأ اﻟﺗوازن اﻟدوﻟﻲ وﻗﺎد ﻟﻺﻧﻔراج.

اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ : ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و أﺛرھﺎ ﻓﻲ ﻗوة اﻟدوﻟﺔ :

  ﺗﺗﺟﻣﻊ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻧﺻرﯾن : اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ و اﻟﺑﺷرﯾﺔ:
    ﻓﺎﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺗﺷﻣل : اﻟﺣدود اﻟﺑرﯾﺔ و اﻟﺑﺣرﯾﺔ - اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ – اﻟﺗﺿﺎرﯾس– اﻟﻣﻧﺎخ – اﻟﻣوارد اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ أﻣﺎ اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻓﺗﺗﻛون ﻣن :ﻋدد اﻟﺳﻛﺎن وﻣﻌدل اﻟﻧﻣو – اﻟﺗرﻛﯾﺑﺔ اﻟﻌرﻗﯾﺔ و اﻟﻣذھﺑﯾﺔ و ﻏﯾرھﺎ .

اﻟﻣطﻠب اﻻول: اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ :
   ﻗﻠﻧﺎ إن اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺗﮭﺗم ﺑدراﺳﺔ اﻟﺗﺑﺎﯾﻧﺎت اﻟﻣﺳﺎﺣﯾﺔ ﻟﻠظﺎھرات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ،ة ﺗﻌطﻲ اھﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟﻠﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗظم ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ ﻓﻲ وﺣدات ذات ﺣدود و ﺗﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﻘوﻣﺎﺗﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﺳﺎﻋدت ﻋﻠﻰ ﻗﯾﺎﻣﮭﺎ و اﻟﮭدف اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣن وﺟودھﺎ.
و ﻟﻌل ﻣن اھم ﺻﻔﺎت اﻟﺗﺑﺎﯾن ﺑﯾن اﻟدول و اﻟوﺣدات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ھﻲ اﻟﺗﺑﺎﯾن اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ ﺗﻘﯾﯾم ﻗوة اﻟدوﻟﺔ و ﻣﻛﺎﻧﺗﮭﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ.و اﻟﻣﻌروف ان اﻟدول ﺗﺗﺑﺎﯾن ﺗﺑﺎﯾﻧﺎ واﺿﺣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘوة اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ و اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺄﺛﯾر ﻋﻠﻰ اﻟﻐﯾر،و اﻟﻣﺳﺎھﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﺳﻼم و اﻻﻣن اﻟدوﻟﻲ.ﻛذﻟك ﺗﺗﺑﺎﯾن اﻟدول ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧﺗص ﺑدرﺟﺔ اﻟﺗﺟﺎﻧس اﻟداﺧﻠﻲ. و درﺟﺔ اﻹﺳﺗﻘﻼل اﻟﺧﺎرﺟﻲ، وﻧوع اﻟﺣﻛوﻣﺎت و طرﯾﻘﺔ اﻟﺣﻛم و ﻏﯾر ذﻟك ﻣن ﻣﻼﻣﺢ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ،و ﻛذﻟك اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟذاﺗﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ و ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑروح اﻟدوﻟﺔ.
  و ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻧﺟد أن اﻟدول ﺗﺗﺑﺎﯾن ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺧﺗص ﺑﮭذه اﻟﻣﻼﻣﺢ.و اﻟﺗﻲ ﺑدورھﺎ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻗوة اﻟدوﻟﺔ،و اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ ﻗوة اﻟدوﻟﺔ ﺗﺻﻠﺢ أﺳﺎﺳﺎ ﻣﻧطﻘﯾﺎ ﻣﻘﺑوﻻ ﻟﻠﺗﻣﯾز ﺑﯾن اﻟدول اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ. و ﯾﻣﻛن ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛرﻓﻲ ﻗوة اﻟدوﻟﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ اﻟﻰ اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ .

ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ.
   ﻣن اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﻗوة اﻟدوﻟﺔ و ﻣﻛﺎﻧﺗﮭﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ،ﻓﻧﺟد ان ﻣن أول اﻷﻣور اﻟﺗﻲ ﯾرﯾد اﻟﻧﺎس ﻣﻌرﻓﺗﮭﺎ ﻋن أي دوﻟﺔ ھﻲ اﻣورﻣﺛل اﻟﻣوﻗﻊ و اﻟﺣﺟم و اﻟﺷﻛل.ﻛﻠﻣﺎ ﻛﺎﻧت ھﻧﺎك ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻋن اﻟﺳطﺢ و اﻟﻣﻧﺎخ و اﻟﻧﺑﺎت ﻛﻠﻣﺎ أﺻﺑﺣت اﻟﺻورة اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻟﻠﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ھذه اﻟدوﻟﺔ او ﺗﻠك أﻛﺛر وﺿوﺣﺎ،وھذه اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻻ ﺷك ﺗﻛﺳب اﻟدوﻟﺔ ﻣﻣﯾزات ﻣﻌﯾﻧﺔ إذا ﺗوﻓرت ﻓﯾﮭﺎ.وﺗﺳﺑب ﻟﮭﺎ ﻣﺷﻛﻼت ﻛﺛﯾرة اذا ﻛﺎن ﻟﻠﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺛﻐرات ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ ﻛﯾﺎن اﻟدوﻟﺔ، و ﺳوف ﻧﻔﺻل ھذه اﻟﻌواﻣل ﻋﺎﻣﻼ ﻋﺎﻣﻼ ﻧظرا ﻻھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﯾﯾم اﻟدوﻟﺔ و ﻣﺳﺎھﻣﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻗوﺗﮭﺎ او ﺿﻌﻔﮭﺎ.
  ﻗﺑل ان ﻧﺳﺗرﺳل ﻓﻲ ﺗوﺿﯾﺢ ھذه اﻟﻌواﻣل ﯾﺟب ان ﻧﻠﻔت اﻟﻧظر اﻟﻰ أن ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻌواﻣل اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔلاﺗﻠﻌب دورا ﻛﺑﯾرا ﻓﻲ ﺗوﺟﯾﮫ ﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدوﻟﺔ و ﻓﻲ اﻟﻣﻘوﻣﺎت اﻹﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﮭﺎ.وﻛﺛﯾرا ﻣﺎ ﯾﺷﺎر اﻟﯾﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﮭﺎ اﻟﻌواﻣل اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ-ﺧطﺄ ﺑﺎﻟطﺑﻊ- ﻻن ھذه ﻟﯾﺳت ھﻲ ﻛل اﻟﻌواﻣل اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ. ﻓﮭﻧﺎك ﻣﺟﻣوﻋﺔ أﺧرى ﻣن اﻟﻌواﻣل اﻟﺑﺷرﯾﺔ و ھﻲ أﯾﺿﺎ ﻋواﻣل ﺟﻐراﻓﯾﺔ.

و أھم اﻟﻌواﻣل اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ھﻲ :

اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ
أ اﻟﻣوﻗﻊ : و ھو اﻟﻣدﺧل اﻟذي ﺗﺑدأ ﺑﮫ ﻋﺎدة اﻟدراﺳﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ.وﻟﮫ أھﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻷﻧﮫ ﯾﺗﻧﺎول ﺗﺣدﯾد ﻣﻛﺎن اﻟدوﻟﺔ. و ﻣﻛﺎن أو ﻣوﻗﻊ اﻟدوﻟﺔ ﯾﺣدد ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﺎ ﯾﺄﺗﻲ :
1-ﻣوﻗﻊ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺧطوط اﻟطول و اﻟﻌرض،و ھو ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻟﻣوﻗﻊ اﻟﻔﻠﻛﻲ.
2-ﻣوﻗﻊ اﻟدوﻟﺔ ﻣن اﻟﯾﺎﺑس و اﻟﻣﺎء.
3-ﻣوﻗﻊ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدول اﻟﻣﺟﺎورة.
   ﯾﺻف ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻣﻛﺎن اﻟﺻﻔﺎت اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﻸرض ﻣن ﺣﯾث اﻻﻧﺣدار ، اﻻرﺗﻔﺎع ،واﻻﻧﺧﻔﺎض ، ﻓﻲ ﺣﯾن ﺑﺻف ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻣوﻗﻊ ﺗوﺿﻌﮭﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدول ، أو اﻟظﺎھر اﻷﺧرى ﻓﯾﻣﻛن ﺗﺣدﯾد ﻣوﻗﻊ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣطﻠق ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺧطوط اﻟطول ودواﺋر اﻟﻌرض ، وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣواﻗﻊ اﻟدول اﻷﺧرى واﻟﻣظﺎھر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ، ﻛﺎﻟﺑﺣﺎر ، اﻷﻧﮭﺎر ، واﻟﺟﺑﺎل ﻣﺛﻼ .
    وﻟﻠﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﻛﺑﯾرة ﺑﺎﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟدﻓﺎﻋﯾﺔ أو اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﮭﺟوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻌﮭﺎ اﻟدول . ﻓﺗﺳﻌﻰ اﻟدول اﻟﻘﺎرﯾﺔ ﻛﺟﻣﮭورﯾﺔ روﺳﯾﺎ ﻣﺛﻼ إﻟﻰ ﺗﻌزﯾز ﻗوﺗﮭﺎ اﻟﺑرﯾﺔ ، ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﺳﻌﻰ دول ﺑﺣرﯾﺔ ﻛﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ ﻣﺛﻼ إﻟﻰ ﺗﻌزﯾز ﻗوﺗﮭﺎ اﻟﺑﺣرﯾﺔ . واﻟوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻟﻧﺳﺑﻲ أﻣﺎ أن ﯾﻛون ﻣﺗوﺳطﺎ ﯾﺳﮭل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﺗﺻﺎل ﺑﯾن اﻟدول ، وإﻣﺎ أن ﯾﻛون ھﺎﻣﺷﯾﺎ ﺑﻌﯾدا ، ﯾﻌرﻗل ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻻﺗﺻﺎل .
   واﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ذو أھﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﺣرب واﻟﺳﻠم ﻋﻠﻰ ﺣﺞ ﺳواء ، وﺗﻌﺗﻣد ﻛﺛﯾر ﻣن أﻧﺷطﺔ ،وﺳﻠوك اﻟدول اﻋﺗﻣﺎدا ﻛﺑﯾرا ﻋﻠﻰ ﻣوﻗﻌﮭﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ، وﻟذﻟك ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻟﺗﻔﺳﯾر ﺳﻠوك اﻟدول . ﻓﺗزدھر اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗل ﻣوﻗﻌﺎ ﺟﻐراﻓﯾﺎ ﻣﺗوﺳطﺎ ، اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﺳﻠم ، ﻣن ﺧﻼل ﺳﯾطرﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ طرق اﻟﺗﺟﺎرة اﻟدوﻟﯾﺔ ، ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﺳﺗﻐل ﺗﻠك اﻟدول ﻣوﻗﻌﮭﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻓﻲ أوﻗﺎت اﻟﺣرب ﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﺳﯾطرة واﻟﺗﻔوق اﻟﻌﺳﻛري ، وﺗﻛﺗﺳب اﻟﻣﻣرات اﻟﻣﺎﺋﯾﺔ ، واﻟﻣﺿﺎﺋق ، أﺷﺑﺎه اﻟﺟزر ، ﻣﺻﺑﺎت اﻷﻧﮭﺎر ، اﻷودﯾﺔ ، واﻟﺟزر اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ طرق اﻟﻣﻌﺎﺑر اﻟﻣﺎﺋﯾﺔ ،أھﻣﯾﺔ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻛﺑﯾرة . وﻣﺛﺎل ذﻟك ﻣﺿﯾق دوﻓراﻹﻧﺟﻠﯾزي اﻟذي وﻗف ﺣﺎﺋﻼ ﺑﯾن اﻟﺟﯾوش اﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺔ واﻟﻘوات اﻹﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ . ﻛﻣﺎ ﻟﻌب ﻣﺿﯾق ﻣﺳﯾﻧﺎ ، اﻟذي ﯾﻔﺻل ﺟزﯾرة ﺻﻘﻠﯾﺎ ﻋن اﻟﺑر اﻹﯾطﺎﻟﻲ ، دورا اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎ ﻣﮭﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺣرب ، ﺣﯾث ﻋﺑرﺗﮫ ﺟﯾوش دول اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻓﻲ طرﯾﻘﮭﺎ ﻷﻟﻣﺎﻧﯾﺎ . وﻣن اﻟﻣﻣرات اﻟﻣﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﺄھﻣﯾﺔ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ، ﻣﺿﯾق ﻣﻼﻗﺎ اﻟذي ﯾﻔﺻل ﯾﺑن ﺟزﯾرﺗﻲ ﺳوﻣطره اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ ﻹﻧدوﻧﯾﺳﯾﺎ ، ودوﻟﺔ ﻣﺎﻟﯾزﯾﺎ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ، وﻛذﻟك ﻣﺿﯾﻘﻲ اﻟﺑﺳﻔور واﻟدردﻧﯾل اﻟﺗرﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻل اﻟﺑﺣر اﻷﺳود ﺑﺎﻟﺑﺣر اﻟﻣﺗوﺳط .
   وﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻌض اﻟﺟزر اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﺑﻣواﻗﻊ ﺟﻐراﻓﯾﺔ ذات أھﻣﯾﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﻛﺑرى ، ﺳﻌت اﻟدول اﻟﻣﺗﺣﺎرﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﯾﮭﺎ ، ﻟﺗﺣﻘﯾق ﺗﻔوق اﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ وﺗﻛﺗﯾﻛﻲ ﻓﻲ اﻟﺣرب .
   ﻓﻘد ﻛﺎن ھﺟوم اﻟﯾﺎﺑﺎن ﻋﻠﻰ ﺟزﯾرة أوھو ﻓﻲ ﺟزر ھواﺋﻲ أﺛر ﻛﺑﯾرا ﻓﻲ ﻗرار اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﺳﺗﺧدام اﻟﻘوة اﻟﻧووﯾﺔ ﺿد اﻟﯾﺎﺑﺎن . وﻗد اﺣﺗل اﻷﻟﻣﺎن ﺟزﯾرة ﻛرﯾت اﻟﯾوﻧﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻷھﻣﯾﺗﮭﺎ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ .
   وﻗد ﻛﺎن ﻻﺣﺗﻼل اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﯾﯾن ﻟﻣﺻب ﻧﮭر اﯾروادي ، اﻟذي ﺗﻘﻊ ﻋﻠﯾﮫ ﻣدﯾﻧﺔ راﻧﺟون ﻋﺎﺻﻣﺔ ﺑورﻣﺎ ، أﺛر ﻛﺑﯾرا ﻓﻲ ﻧﺟﺎﺣﮭم ﺑﺎﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرة اﻹﻧﺟﻠﯾزﯾﺔ . وﻗد ﺳﻌﻰ اﻟﺟﯾش اﻟﻧﺎزي ﻟﻠﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ ﻣدﯾﻧﺔ ﺳﺗﺎﻟﯾﻧﺟراد اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻧﮭر اﻟﻔوﻟﻐﺎ ، ﻣن أﺟل اﺳﺗﺧدام اﻟﻧﮭر ﻟﻠﺗوﻏل ﻓﻲ أﻋﻣﺎق روﺳﯾﺎ واﻟوﺻول إﻟﻰ ﺑﺣر ﻗزوﯾن .
  ﻛﻣﺎ أن اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﻧﺳﺑﻲ ﻟﻠدول ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺣﺟم ﻗوﺗﮭﺎ ، ﻓﺎﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﺟﻐراﻓﯾﺎ ﻓﻲ ظل اﻟدول اﻟﻌظﻣﻰ ﻛﺎﻟﻣﻛﺳﯾك ﻣﺛﻼ ، واﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ظل اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ، ﺗﺿطر ﻟﻠدوران ﻓﻲ ﻓﻠك ﺗﻠك اﻟﻘوى اﻟﻌظﻣﻰ ، اﻟﺗﻲ ﺗﺣدج ﻣن طﻣوﺣﺎﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻗوة ﻋﺳﻛرة ﺿﺧﻣﺔ . وﯾﻧطﺑق ذﻟك ﺑطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣﺎل ﻋﻠﻰ ﻛﻧدا اﻟﺟﺎر اﻟﺷﻣﺎﻟﻲ ﻟﻠوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة .
واﻟﻣوﻗﻊ اﻟﻣطﻠق ﻟﻠدول اﻷوروﺑﯾﺔ ﻛﺎن ﻟﮫ اﻷﺛر اﻷﻛﺑر ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻗوﺗﮭﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ . ﻓﻣﻌظم اﻟدول اﻷوروﺑﯾﺔ ﻣدﯾﻧﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻗوﺗﮭﺎ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ إﻟﻰ ﻣوﻗﻌﮭﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻟﻣطﻠق ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻌروض اﻟوﺳطﻰ اﻟﻣﻌﺗدﻟﺔ .
   وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻓﺈن وﻗوع أﺟزاء ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻣن اﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ ﺳﺎﺑﻘﺎ ، وﺟﻣﮭورﯾﺔ روﺳﯾﺎ اﻻﺗﺣﺎدﯾﺔ ﺣﺎﻟﯾﺎ ، ﻓﻲ اﻟﻌروض اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﺑﺎردة ﺣد ﻣن ﻗدراﺗﮭﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ . ووﻗوع ﻣﻌظم أراﺿﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻌروض اﻟﻣدارﯾﺔ اﻟﺣﺎرة ﺟﻌل ﻣﻌظم أراﺿﯾﮫ ﺻﺣراوﯾﺔ ﻗﺎﺣﻠﺔ ، ﻻ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ إﻗﺎﻣﺔ ﻗوة اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻛﺑﯾرة .
   وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻏﻧﻰ ﺑﻌض أﺟزاء اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﺑﺎﻟﻧﻔط ،إﻻ إﻧﮫ وﻷﺳﺑﺎب ﺟﻐراﻓﻲ وﺟﯾوﻟوﺟﯾﺔ ﯾﻘﻊ ﺧﺎرج ﻧطﺎق وﺟود اﻟﻔﺣم اﻟﺣﺟري ، اﻟذي ﺗﺗواﺟد ﺧﺎﻣﺎﺗﮫ ﺑﯾن ﺧطﻲ ﻋرض ( 60-40 ) درﺟﺔ ﺷﻣﺎﻻ . وﯾﺣدد اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ طﺑﯾﺔ اﻟظروف اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ اﻟﺳﺎﺋدة ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺣدد ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣدى ﺗوﻓر اﻟﻣﯾﺎه اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر واﺣدة ﻣن أھم اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﻠﻘوة.

ﺷﻛل اﻟدوﻟﺔ
   ﯾؤﺛر اﻟﺷﻛل اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﺗوﺟﯾﮫ ﺳﯾﺎﺳﺗﮭﺎ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ، ﻓﺄﻣﺎ أن ﯾﻣﻧﺣﮭﺎ ذﻟك اﻟﺷﻛل ﻗوة ﺗﻌزز ﻣﻛﺎﻧﺗﮭﺎ اﻟﻌﺳﻛرة ،أو أن ﯾﺿﻌف ﻗوﺗﮭﺎ وﯾﮭدد ﺻﻣودھﺎ ، وﯾﻣﻛن ﺗﺻﻧﯾف اﻷﺷﻛﺎل اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻟﻠدول إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻠﻲ:
(1)اﻟﺷﻛل اﻟطوﻟﻲ :
   وھﻲ اﻟدول ذات اﻻﻣﺗداد اﻟطوﻟﻲ اﻟﺷﻣﺎﻟﻲ – اﻟﺟﻧوﺑﻲ ﻣﺛل ﺗﺷﯾﻠﻲ ، اﻟﻧروﯾﺞ ، اﻟﺳوﯾد ، ﺗوﺟو ، ﺟﺎﻣﺑﯾﺎ ، إﯾطﺎﻟﯾﺎ ، وﻣﻼوي ، أو ذات اﻻﻣﺗداد اﻟﺷرﻗﻲ – اﻟﻐرﺑﻲ ﻣﺛل ﺗﺷﯾﻛوﺳﻠوﻓﺎﻛﯾﺎ ، روﺳﯾﺎ ، وﺑﻧﻣﺎ . وﯾﺑﻠﻎ طول ﺗﺷﯾﻠﻲ ﺳﺗﺔ أﺿﻌﺎف ﻋرﺿﮭﺎ ﺗﻘرﯾﺑﺎ ( 4160 إﻟﻰ 160 ﻣﯾل ﺗﻘرﯾﺑﺎ ) . ﻓﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻣﺷﺎﻛل اﻟﺳﯾطرة اﻟداﺧﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻔرﺿﮭﺎ ﻣﺛل ھذا اﻻﻣﺗداد اﻟطوﻟﻲ ، ﻓﺈن ھذا اﻟﺷﻛل ﯾﻘف ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻛﺑﯾرا أﻣﺎم ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟدﻓﺎع ﻋن ﺣدود ﺗﻠك اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﻓﺗرات اﻟﺣرب ، وﯾﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘوات اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻟﺗﻠك اﻟدول ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣدود طوﯾﻠﺔ .
  ﻓﻲ ظروف ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﺗﺣرﻣﮭﺎ ﻣن اﻟﻌﻣق اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ . وﺑرﻏم اﻻﻣﺗداد اﻟطوﻟﻲ ﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ روﺳﯾﺎ اﻻﺗﺣﺎدي ، ﻏﯾر إن اﻟﻌﻣق اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ اﻟذي ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﮫ اﻟدول ﻧظرا ﻟزﯾﺎدة اﻟﻧﺳﺑﺔ ﺑﯾن ﻋرض اﻟدوﻟﺔ وطوﻟﮭﺎ ، ﯾﻘل ﻣن ﺳﻠﺑﯾﺎت ﺷﻛﻠﮭﺎ اﻟطوﻟﻲ . ﻏﯾر أن ﻟﻠﺷﻛل اﻟطوﻟﻲ ﻟدول وﺧﺎﺻﺔ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗد ﺑﺎﺗﺟﺎه ﺷﻣﺎﻟﻲ – ﺟﻧوﺑﻲ ﻋﻠﻰ طول ﻋدد ﻛﺑﯾر ﻣن دواﺋر اﻟﻌرض ﻓواﺋد اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋظﻣﻰ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﺗﻧوع اﻟﻣوارد اﻟزراﻋﯾﺔ ، ﻧظرا ﻟﺗﻌدد اﻟﻣﻧﺎﺧﺎت واﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ ، وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟزﯾﺎدة ﻓرص ﺗوﻓر اﻟﺛروات اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻧﻌﻛس ﺑﻣردود اﻗﺗﺻﺎدي ﺟﯾد ، ﯾﻧﻌﻛس ﻋﻠﻰ اﻟﻘوة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ .

(2)اﻟﺷﻛل اﻟﻣﺗراص :
   وھو اﻟﺷﻛل اﻟﻣﺗﻣﺎﺳك اﻟﻣﻧدﻣﺞ اﻷطراف ، اﻟداﺋري أو اﻟﻣرﺑﻊ ، وﯾﻣﺗﺎز ھذا اﻟﺷﻛل ﺑﻘﺻر طول اﻟﺣدود ﻗﯾﺎﺳﺎ ﺑﺎﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﻛﻠﯾﺔ ﻷرض اﻟدوﻟﺔ . أو اﻧﺧﻔﺎض اﻟﻧﺳﺑﺔ ﺑﯾن أطوال اﻟﺟدود وﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟدول . وﯾﺳﮭل ھذا اﻟﺷﻛل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ أﺟزاء اﻟدوﻟﺔ . وﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟدول اﻟﻣﺗراﺻﺔ ﻣﺛﻼ ﻓرﻧﺳﺎ ، وﻣن اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﺛﻼ ﻣﺻر وﻟﯾﺑﯾﺎ . وﯾﺳﮭل ھذا اﻟﺷﻛل ﻋﻠﻰ اﻟﺟﯾوش اﻟﺳﯾطرة اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﺣﺎء اﻟدوﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﯾﺳﮭل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟدﻓﺎع ﻋﻧﮭﺎ ذد أي ﻋدوان ﺧﺎرﺟﻲ . ﻛﻣﺎ ﯾوﻓر اﻟﺷﻛل اﻟﻣﺗراص ﻓﺳﺣﺔ واﺳﻌﺔ ، وﻋﻣﻘﺎ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎ ﻟﻠﻣﻧﺎورة اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣرب .

(3)اﻟﺷﻛل اﻟﻣﺷﺗت أو اﻟﻣﺟزء أو اﻟﻣﻘطﻊ :
   وﻓﯾﮫ ﺗﺗﻛون اﻟدوﻟﺔ ﻣن ﻋدد ﻣن اﻷﺟزاء ﻏﯾر اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ، أو اﻟﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻋن ﺑﻌﺿﮭﺎ اﻟﺑﻌض ﺑواﺳطﺔ اﻟﺑﺣر ، أو ﺑواﺳطﺔ دول أﺧرى . وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ﺗﻠك اﻟدول إﻧدوﻧﯾﺳﯾﺎ ، اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻣن ﺟزر ﺟﺎوه ، ﺳوﻣطره ، ﺳﻠوﯾﺳﻲ ، ﻛﺎﻟﻣﻧﺗﺎن ، ﺷرق ﺗﯾﻣور ، وﻏرب أرﯾﺎن ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻌدد آﺧر ﻣن اﻟﺟزر اﻟﺻﻐﯾرة . وﻣﺎﻟﯾزﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻣن ﺷﺑﮫ ﺟزﯾرة اﻟﻣﻼﯾو ، وﺟزء ﻣن ﺟزﯾرة ﺑورﻧﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺿم ﻣﻘﺎطﻌﺗﻲ ﺻﺑﺎح وﺳراوك . واﻟﺑﺎﻛﺳﺗﺎن ﻗﺑل أن ﺗﺳﺗﻘل ﻋﻧﮭﺎ ﺑﻧﻐﻼدش ، وإﯾطﺎﻟﯾﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻛون ﻣن اﻟﺑر اﻹﯾطﺎﻟﻲ ، وﺟزﯾرﺗﻲ ﺻﻘﻠﯾﺎ وﺳردﯾﻧﯾﺎ . وﻣن ﻣﺳﺎوي ھذا اﻟﺷﻛلاﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻟﻠدول ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺳﯾطرة واﻟدﻓﺎع ﻋﻧﮫ ﺿد أﯾﺔ ﺗﮭدﯾد ﺧﺎرﺟﻲ ، ﻛﻣﺎ ﯾﺳﮭل ﻗطﻊ أي ﺟزء ﻣن ھذه اﻷﺟزاء ﻋن اﻟﻣرﻛز اﻷم ﻓﻲ ﺣﺎل اﻟﺣرب .

(4)اﻟﺷﻛل ﻏﯾر اﻟﻣﻧﺗظم :
   وﻓﯾﮫ ﺗﺗداﺧل ﺑﻌض أﻗﺎﻟﯾم اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟﻐراﻓﻲ داﺧل دول أﺧرى ﻋﻠﻰ ﺷﻛل ﻗطﺎﻋﺎت وأﺻﺎﺑﻊ ، أو اﻧﺑﻌﺎج ﺣدودھﺎ ﻟﻠداﺧل ﻟﯾﺳﻣﺢ ﻹﻗﻠﯾم دﻣﻠﺔ ﻣﺟﺎورة ﺑﺎﻟﺗﻐﻠﻐل داﺧل ﺣدودھﺎ . وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ھذا اﻟﺷﻛل ﺣدود دوﻟﺔ اﻟﻛوﻧﻐو اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ( زاﺋﯾر ﺳﺎﺑﻘﺎ ) اﻟدﻧوﺑﯾﺔ اﻟﺷرﻗﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗد ﻋﻠﻰ ﺷﻛل إﺻﺑﻊ ( إﻗﻠﯾم ﺷﺎﺑﺎ – أو إﻗﻠﯾم ﻛﺎﺗﻧﺟﺎ ذو اﻷھﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ) داﺧل ﺣدود دوﻟﺔ زاﻣﺑﯾﺎ ( رودﯾﺳﯾﺎ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎ ) . واﻻﻣﺗداد اﻟﻐرﺑﻲ ﻟدوﻟﺔ اﻟﻛوﻧﻐو اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ، اﻟذي أﺗﺎح ﻟﮭﺎ ﻣﺟﺎل اﻻﺗﺻﺎل ﻣﻊ اﻟﻣﺣﯾط اﻷطﻠﺳﻲ .
وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷھﻣﯾﺔ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﻣﺗﻊ ﺑﮭﺎ ھذا اﻹﻗﻠﯾم اﻟطوﻟﻲ اﻟذي ﯾﻣﺗد ﺑﯾن ﺟﻣﮭورﯾﺔ اﻟﻛوﻧﻐو ( اﻟﻛوﻧﻐو ﺑرازاﻓﯾل ﺳﺎﺑﻘﺎ ) وﺟﻣﮭورﯾﺔ أﻧﻐوﻻ ،ﻓﮭو أﯾﺿﺎ ﯾﺿم اﻟﻌﺎﺻﻣﺔ ﻛﯾﻧﺷﺎﺳﺎ . وﯾﻣﺗد ﻗطﺎع ﻛﺎﺑرﯾﻔﻲ ﻣن دوﻟﺔ ﻧﺎﻣﺑﯾﺎ ( ﺟﻧوب ﻏرب إﻓرﯾﻘﯾﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ ) ﻧﺣو اﻟﺷرق ﻟﯾﺻل إﻟﻰ ﻧﮭر اﻟزﻣﺑﯾزي ، وﯾﻣﺗد ﺑﯾن دوﻟﺗﻲ زاﻣﺑﯾﺎ وﺑﺗﺳواﻧﺎ . وﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷﺧرى ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺷﻛل دوﻟﺔ ﺑورﻣﺎ ، اﻟﺗﻲ ﯾﺗوﻏل اﻟﺷرﯾط اﻟﺟﻧوﺑﻲ ﻣﻧﮭﺎ داﺧل ﺷﺑﮫ ﺟزﯾرة اﻟﻣﻼﯾو. إن ﻋدم اﻻﻧﺗظﺎم ﻓﻲ اﻟﺷﻛل اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﻟﻠدول ﯾﺧﻠق إرﺑﺎﻛﺎ ﻓﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟدﻓﺎع ﻋن ﺗﻠك اﻷﺟزاء اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺗد داﺧل اﻟدول اﻷﺧرى ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺣرب ، ﻓﮭﻲ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﮭﺎ ﺗﻣﺗد داﺧل ﺣدود دول ﻗد ﺗﻛون ﻏﯾر ﺻدﯾﻘﺔ ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻔﺗﻘر إﻟﻰ اﻟﻌﻣق اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ، وﯾﺳﮭل ﻗطﻌﮭﺎ ﻋن اﻟدوﻟﺔ اﻷم .وﯾظﮭر ذﻟك اﻟﺧطر ﺣﺗﻰ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺛورات اﻟداﺧﻠﯾﺔ ، وﺣرﻛﺎت اﻟﺗﻣرد واﻟﻌﺻﯾﺎن ، ﺣﯾث ﯾﺻﻌب ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛوﻣﺔ اﻟﻣرﻛزﯾﺔ إﺧﻣﺎد اﻟﺛورات وﺣرﻛﺎت اﻟﻌﺻﯾﺎن داﺧل ﺗﻠك اﻷﻗﺎﻟﯾم . وھذا ﻣﺎ ﺣدث ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻓﻲ اﻟﻛوﻧﻐو اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ، ﻋﻧدﻣﺎ ﺣﺎول إﻗﻠﯾم ﺷﺎﺑﺎ اﻟﻐﻧﻲ ﺑﺎﻟﺧدﻣﺎت اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ واﻟذي ﯾﻌد ﻋﺻب اﻟﺣﯾﺎة اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﯾﮭﺎ ، اﻻﻧﻔﺻﺎل ﻋﻧﮭﺎ ﺑﻌد اﻻﺳﺗﻘﻼل .

(5)اﻟﺷﻛل اﻟﻣﺣﺗوى :
   واﻟدول اﻟﻣﺣﺗواة ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗوﯾﮭﺎ دول أﺧرى ، ﺑﺣﯾث ﺗﻛون ﺗﻠك اﻟدول ﻣﺣﺎطﺔ ، وﻣن ﺟﻣﯾﻊ ﺟﮭﺎﺗﮭﺎ ﺑدوﻟﺔ أﺧرى . وﻣن أﻣﺛﻠﺔ ﺑﻠك اﻟدول دوﻟﺔ اﻟﻔﺎﺗﯾﻛﺎن ، اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﻗﻠب روﻣﺎ ، ودول اﻷﻓﺎرﻗﺔ اﻟزﻧوج ، ﻓﻲ ﻗﻠب ﺟﻣﮭورﯾﺔ ﺟﻧوب أﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟوﺳطﻰ (ﻟﯾﺳﺗو ، ﺳوازي ﻻﻧد ، ﺗراﻧﺳﻛﻲ ، ﺟﺳﻛﻲ ، وﻓﻧدا ) وﻻ ﯾﺧﻔﻰ ﻋﻠﻰ أﺣد اﻟوﺿﻊ اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻟﻌﺳﻛري اﻟﮭش ، اﻟذي ﺗﻌﯾﺷﮫ ﺗﻠك اﻟدول ﻣن ﺧﻼل ﻛوﻧﮭﺎ ﺗﺣت رﺣﻣﺔ اﻟدول اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﺿﻣن ﺣدودھﺎ .

اﻟدول اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ :
   ﺗﺧﺗﻠف اﻟدول اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ ﻋن اﻟدول اﻟﻣﺣﺗواة ، واﻟﺗﻲ ﺳﺑق وﺗﺣدﺛﻧﺎ ﻋﻧﮭﺎ ، ﻓﻲ أن اﻷوﻟﻰ ﻣﺣﺎطﺔ ﺑﺎﻟﺣدود اﻟﺑرﯾﺔ ﻟدوﻟﺔ أﺧرى ﻣن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺟﮭﺎت ، أﻣﺎ اﻟدول اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ ﻓﮭﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺗﻘر إﻟﻰ ﻣﻧﻔذ ﺑﺣري ، وﯾﺣﯾط ﺑﮭﺎ ﻋدد ﻣن اﻟدول . وﯾﺿم ﻋﻼم اﻟﯾوم ﻋددا ﻛﺑﯾرا ﻣن اﻟدول اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ ( Land locked States ) ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ھو ﻓﻲ ﻗﺎرة أﻓرﯾﻘﯾﺎ ﻣﺛل : ﻣﺎﻟﻲ ، اﻟﻧﯾﺟر ، ﺗﺷﺎد ، ﺑرﻛﯾﻧﺎ ﻓﺎﺳو ، ﺟﻣﮭورﯾﺔ إﻓرﯾﻘﯾﺎ اﻟوﺳطﻰ ، أوﻏﻧدا ، رواﻧدي ، ﺑوروﻧدي ، ﻣﻼوي ، زاﻣﺑﯾﺎ ، زﯾﻣﺑﺎﺑوي ، وﺑﺗﺳواﻧﺎ وأﺛﯾوﺑﯾﺎ . وﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ آﺳﯾﺎ ﻣﺛل أﻓﻐﺎﻧﺳﺗﺎن ، ﻧﯾﺑﺎل ، ﺑوﺗن ، ﻣﻧﻐوﻟﯾﺎ ، وﻻﻏوس واوزﺑﻛﺳﺗﺎن طﺎﺟﻛﺳﺗﺎن وﻗرﻏﯾزﯾﺎ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﺗﺻل ﻛﺎزاﺧﺳﺗﺎن وأذرﺑﯾﺟﺎن وﺗرﻛﻣﺎﻧﺳﺗﺎن ﺑﺑﺣر ﻗزوﯾناﻟﻣﻐﻠق . وﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻣﺛل اﻟﻧﻣﺳﺎ ، ﺳوﯾﺳرا ﺟﻣﮭورﯾﺔ اﻟﺗﺷﯾك ، ﺟﻣﮭورﯾﺔ ﺳﻠوﻓﺎﻛﯾﺎ ، وھﻧﻐﺎرﯾﺎ وأﺧرى ﻓﻲ أﻣرﯾﻛﺎ اﻟﻼﺗﯾﻧﯾﺔ وھﻲ : ﺑوﻟﯾﻔﯾﺎ ، واﻟﺑراﻏواي .
   وﻗد أﻧﺷﺋت ﺗﻠك اﻟدول وﺣرﻣت ﻣن اﻟﻣﻧﺎﻓذ اﻟﺑﺣرﯾﺔ إﻣﺎ ﻋﻘﺎﺑﺎ ﻟﮭﺎ ورﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ إﻣﻛﺎﻧﯾﺎﺗﮭﺎ ﻓﻲ إﻧﺷﺎء ﻗوى ﻋﺳﻛرﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋظﻣﻰ ، أو ﻣن أﺟل إﻗﺎﻣﺔ دول ﻟﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻋرﻗﯾﺔ وﻗوﻣﯾﺎت ﺗرﻏب ﻓﻲ ﺣﻛم ﻧﻔﺳﮭﺎ ﺑﻧﻔﺳﮭﺎ . وﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﺣرم اﻷردن واﻟﻌراق ﻣن ﻣﻧﺎﻓذ ﺑﺣرﯾﺔ ﺗﻣﻧﺣﮭﺎ أھﻣﯾﺔ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ وﻗوة ،إﺿﺎﻓﯾﺔ إﻟﻰ ﻗوﺗﮭﺎ . وﻟذﻟك ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر ﻛل ﻣن اﻷردن واﻟﻌراق ﻣن اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺷﺑﮫ اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ . وﺗﻔﺗﻘر ﻛل اﻟدول اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ إﻟﻰ ﻋﻧﺻر اﻻﻧﻔﺗﺎح ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺣر اﻟذي ﯾﻣﻧﺣﮭﺎ ﻗوة ﻋﺳﻛرﯾﺔ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻛﺑﯾرة زﻣن اﻟﺣرب . وﻋﻧد ﻗﯾﺎس ﻣﻌدل اﻟدﺧل اﻟﻘوﻣﻲ GNP ، وﺟد إن اﻟدول اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ ﻣن أﻗل دول اﻟﻌﺎﻟم دﺧﻼ . وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﺗﻛون اﻟدول اﻟﻣﻐﻠﻘﺔ دول ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻟﻠدول اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺑﮭﺎ ، أو ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺳﯾطرﺗﮭﺎ .

ﺣﺟم اﻟدوﻟﺔ ( ﻣﺳﺎﺣﺗﮭﺎ )
   ﺣﺟم اﻟدوﻟﺔ ھو ﻋﻧﺻر آﺧر ﻣن ﻋﻧﺎﺻر ﻗوﺗﮭﺎ ﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟظﺎھرﯾﺔ . وﻟﯾس ھﻧﺎك ﺣﺟم ﻣﻌﯾن ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎره اﻟﺣﺟم اﻟﻣﺛﺎﻟﻲ ﻟﻠدول ، واﻟذي ﯾﺟب ﻋﻠﻰ اﻟدول أن ﺗﺳﻌﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘﮫ . ﻏﯾر أﻧﮫ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول إن اﻟﺣﺟم اﻟﺻﻐﯾر ﻟﻠدول ھو أﺣد ﻋواﻣل ﺿﻌﻔﮭﺎ . ﻏﯾر أن اﻟﻣﻌﺎدﻟﺔ ﻟﯾﺳت ﻋﻛﺳﯾﺔ داﺋﻣﺎ ، ﺑﻣﻌﻧﻰ إﻧﮫ ﻟﯾس ﺑﺎﻟﺿرورة أن اﻟﺣﺟم اﻷﻛﺑر ﻟﻠدول ھو اﻷﻓﺿل داﺋﻣﺎ. ﻓﻘد ﺗﺣﺗل اﻟدول ﻣﺳﺎﺣﺎت ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻛﺑﯾرة أو ﺻﻐﯾرة . وﻟﻣﺳﺎﺣﺎت اﻟدوﻟﺔ أھﻣﯾﺔ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻗﺻوى .
   وﯾرى أﺻﺣﺎب اﻟﻔﻛر اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾﻛﻲ اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ أن اﻟﺑﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ھو ﻟﻠدول ذات اﻟرﻓﻌﺔ اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻟواﺳﻌﺔ .
   ﺑل إن دول اﻟﻌﺎﻟم ﺳﺗدرك أن اﺗﺳﺎع اﻟرﻗﻌﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ھﻲ إﺣدى دﻋﺎﺋم ﻗوﺗﮭﺎ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ . وھذا ﻣﺎ دﻓﻊ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﺟون ھﯾرز إﻟﻰ وﺻف اﻟدول اﻟﺻﻐﯾرة اﻟﺣﺟم ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻛﯾﺎﻧﺎت ھﺷﮫ ﺿﻌﯾﻔﺔ ، ﺗﻔﺗﻘر إﻟﻰ ﻣﻘوﻣﺎت اﻟدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳﮭﺎ . وﻋﻠﯾﮫ ﻓﺈن ﻋﻧﺎﺻر ﺑﻘﺎﺋﮭﺎ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ طﻠب اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ واﻟﻌون ﻣن ﺟﯾراﻧﮭﺎ، ﻣن ﺧﻼل اﻻرﺗﺑﺎط ﻣﻌﮭم ﻓﻲ ﺗﻛﺗﻼت وأﺣﻼف ﻋﺳﻛرﯾﺔ إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ودوﻟﯾﺔ . وھذا ﻣﺎ أطﻠق ﻋﻠﯾﮫ ھﯾرز اﺳم اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﻧظرﯾﺗﮫ اﻟدوﻟﺔ اﻹﻗﻠﯾم .
   وﺗﺗﺑﺎﯾن اﻟدول ﻓﻲ ﺣﺟﻣﮭﺎ ﺑﯾن اﻟدول اﻟﻛﺑﯾرة ﺟدا اﻟﺗﻲ ﺗزﯾد ﻣﺳﺎﺣﺗﮭﺎ ﻋن 2.5 ﻣﻠﯾون ﻛم ﻣرﺑﻊ ﻛﺎﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺗﻲ ﺳﺎﺑﻘﺎ ، اﻟﺻﯾن ، ﻛﻧدا ، واﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ، ودول ﻛﺑﯾرة اﻟﺣﺟم ( ﺑﯾن 2.5-350.000 ﻣﻠﯾون ﻛم ﻣرﺑﻊ ) ﻛﻔرﻧﺳﺎ ، اﻟﻣﻛﺳﯾك ، ودول ﻣﺗوﺳطﺔ اﻟﺣﺟم ( 350.000-150.000 ﻣﻠﯾون ﻛم ﻣرﺑﻊ ) ﻣﺛل ﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ وﺑوﻟﻧدا ، ودول ﺻﻐﯾرة ( أﻗل ﻣن 250.000 ﻛم ﻣرﺑﻊ) ﻣﺛل ﻟﺑﻧﺎن وﺑورﻧدي ، ودول ﺻﻐﯾرة ﺟدا ( Ministates ) ﻣﺛل ﻗﺑرص وﺑروﻧﺎي ، ودول ﺻﻐﯾرة ﺟدا ﺟدا ( Microstates ) ﻣﺛل إﻣﺎرة ﻣوﻧﺎﻛو ، اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗزﯾد ﻣﺳﺎﺣﺗﮭﺎ ﻋن ﻛﯾﻠو ﻣﺗر واﺣد ( 234 ھﻛﺗﺎر ) واﻟﻔﺎﺗﯾﻛﺎن ( 44 ھﻛﺗﺎر ) .
   وﻻﺗﺳﺎع اﻟرﻗﻌﺔ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ أھﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻓﺗرات اﻟﺣرب وھﻲ ﻣﺎ أطﻠق ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻋﻠﻣﺎء اﻟﺟﯾوﺑوﻟوﺗﯾﻛﺎ اﻷﻟﻣﺎن اﺳم " اﻟدﻓﺎع ﻓﻲ اﻟﻌﻣق " ( Defence in Depth ) . ﻓﻘد اﻧﮭﺎرت اﻟدول ذات اﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﺻﻐﯾرة أﻣﺎم اﻟدول اﻟﻛﺑﯾرة ﻓﻲ اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ . ﻓﻘد اﺳﺗﺳﻠم اﻟﺟﯾش اﻟﮭوﻟﻧدي أﻣﺎم اﻟﺟﯾش اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ ﺑﻌد أرﺑﻌﺔ أﯾﺎم ﻣن ﺑدء اﻟﮭﺟوم ﻋﻠﯾﮫ . ﻓﻲ ﺣﯾن ﺻﻣد اﻟروس اﻟذﯾن اﺳﺗﻧدوا إﻟﻰ ﻋﻣق اﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﻛﺑﯾر ﺷﮭورا طوﯾﻠﺔ أﻣﺎم ﺟﯾش ھﺗﻠر ،ﺑل إﻧﮭم اﺟﺗذﺑوا ﺟﺣﺎﻓل اﻟﺟﯾش اﻷﻟﻣﺎﻧﻲ إﻟﻰ أﻋﻣﺎق ﺑﻼدھم ﻣﺛﻠﻣﺎ ھزﻣوا ﻧﺎﺑﻠﯾون ﺑوﻧﺎﺑرت ﻋﺎم 1812 . وﻗد ﻧﺣﺞ اﻟروس ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام ﻣﺑدأ ﺗﺳﻠﯾم اﻷرض ﻟﻛﺳب اﻟوﻗت ﻧظرا ﻻﺗﺳﺎع اﻟﻌﻣق اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻟﺑﻼدھم.
   ﻛﻣﺎ ﻓﺷل اﻟﯾﺎﺑﺎﻧﯾون ﻓﻲ إﯾﻘﺎع ھزﯾﻣﺔ ﻧﮭﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﻟﺻﯾﻧﯾﯾن ﻓﻲ اﻟﺣرب ﻧﻔﺳﮭﺎ ، ﻟﻧﻔس اﻟﺳﺑب أﯾﺿﺎ .
   وﻓﻲ ظل اﻟﺗطور اﻟﺗﻘﻧﻲ اﻟﺿﺧم اﻟذي ﺷﮭده اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻘد أدرك اﻟﻌﻠﻣﺎء أن ﺣﺟم اﻟدول وﻣﺳﺎﺣﺗﮭﺎ ﻟم ﯾﻌد ﯾﻘﺎس ﻓﻘط ﺑﺎﻟﻛﯾﻠوﻣﺗرات اﻟﻣرﺑﻌﺔ ، أو اﻷﻣﯾﺎل اﻟﻣرﺑﻌﺔ. ﺑل إﻧﮫ أﺻﺑﺢ ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن ﻗﯾﺎس ﺣﺟم اﻟدول ﺑﺎﻟوﻗت اﻟﻣﺳﺗﻐرق ﻓﻲ ﻗطﻊ اﻟﻣﺳﺎﻓﺔ ﺑﯾن أطراف اﻟدوﻟﺔ ، واﻟﺗﻛﺎﻟﯾف واﻟﺟﮭد اﻟﻣﺑذول ﻓﻲ ﻗطﻊ ﺗﻠك اﻟﻣﺳﺎﻓﺎت . وﻋﻠﯾﮫ ﻓﺈﻧﮫ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول إن دوﻟﺔ ﻣﺛل اﻟﺳﻌودﯾﺔ ﻣﺛﻼ ، ھﻲ أﺻﻐر ﻣن ﺟﯾﺑوﺗﻲ إذا اﺳﺗﺧدﻣﻧﺎ اﻟﻣﻘﺎﯾﯾس اﻷﺧﯾرة ﻓﻲ ﻗﯾﺎس اﻟﺣﺟم ، وﻟﯾس اﻟﻛﯾﻠو ﻣﺗرات اﻟﻣرﺑﻌﺔ .وﻟذﻟك ﻧظرا ﻟﻣﺎ ﺗﺷﮭده اﻟﺳﻌودﯾﺔ ﻣن ﺗطور ﺗﻘﻧﻲ ﻓﻲ وﺳﺎﺋل وﺷﺑﻛﺎت اﻟﻧﻘل اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺗﻘر إﻟﯾﮭﺎ ﺟﯾﺑوﺗﻲ .
  وﻋﻼوة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣق اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ أو ا( اﻟدﻓﺎع ﻓﻲ اﻟﻌﻣق ) اﻟذي ﯾوﻓره اﻟﺣﺟم اﻟﻛﺑﯾر ﻟﻠدول ، ﻓﺈﻧﮫ ﯾوﻓر ﻓرص أﻛﺑر ﻟﺗﻌدد اﻟﻣوارد واﻟﺛروات اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ واﻟﺑﺷرﯾﺔ . وﺗﻛﺎﺗف اﻟﺟﮭود واﻹﻣﻛﺎﻧﺎت واﻟﻘدرات ﻟﺻﻧﻊ ﻗوة اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ وﻋﺳﻛرﯾﺔ ﯾﺣﺳب ﻟﮭﺎ اﻟﺣﺳﺎب .وﻗد ﺗواﺟﮫ اﻟدول اﻟﻛﺑﯾرة اﻟﺣﺟم ﻣﺛﻼ ﻣﺷﻛﻠﺔ اﺳﺗﻐﻼل اﻟﻣوارد اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻓﯾﮭﺎ ﻧظرا ﻟﻘﻠﺔ رؤوس اﻷﻣوال .
   ﻣرﻛز راﺷﯾل ﻛوري اﻟﻔﻠﺳطﯾﻧﻲ ﻟﺣﻘوق اﻻﻧﺳﺎن وﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻌداﻟﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﺣدود اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﺣدود واﻟﺗﺧوم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ھﻲ ﻣرآة ﻗوة اﻟدوﻟﺔ أو ﺿﻌﻔﮭﺎ .وھﻲ أﺣد ﻣظﺎھر ﻗوﺗﮭﺎ اﻟﻣورﻓوﻟوﺟﯾﺔ أو اﻟظﺎھرﯾﺔ .
   ھذا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ أﺑو اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻓردرﯾك راﺗزل . وﺗﺧﺗﻠف اﻟﺣدود ﻋن اﻟﺗﺧوم ﻓﻲ إن اﻷﺧﯾرة ھﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻣﻧﺎطق ﺟﻐراﻓﯾﺔ واﺳﻌﺔ ﺗﻔﺻل ﺑﯾن اﻟوﺣدات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ . وﺗﻣﺗﺎز اﻟﺣدود ﻓﻲ أﻧﮭﺎ ﺧطوط ﻣﺣددة ودﻗﯾﻘﺔ ،ﺗﻔﺻل ﺑﯾن اﻟدول ﻋﻠﻰ اﻟﺧرﯾطﺔ . وﻗد ﻛﺎﻧت اﻟﺗﺧوم ﺗﻔﺻل ﺑﯾن اﻟدول اﻟﺣدﯾﺛﺔ . ﻛﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺗﺧوم وﻻ زاﻟت ﺗﻔﺻل ﺑﯾن اﻟﻌﺷﺎﺋر واﻟﻘﺑﺎﺋل اﻟﺑدوﯾﺔ .
   واﻟﺣدود ﺣﺳب ﻣظﮭرھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺎرطﺔ ،إﻣﺎ أن ﺗﻛون ﺣدودا ھﻧدﺳﯾﺔ أو ﻏﯾر ھﻧدﺳﯾﺔ . واﻟﺣدود اﻟﮭﻧدﺳﯾﺔ ھﻲ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻊ ﺧطوطﺎ ﻣﺳﺗﻘﯾﻣﺔ ،وزواﯾﺎ ﻣﺣددة ، ﻟﺗﺻﻧﻊ أﺷﻛﺎﻻ ھﻧدﺳﯾﺔ ﺗﻔﺻل ﺑﯾن اﻟدول.وﻟﻌل ﻣن اﻟﻣﻔﯾد ھﻧﺎ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ إن ﻣﻌظم اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﺑﯾن اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ھﻲ ﺣدود ھﻧدﺳﯾﺔ اﻟﺷﻛل ، رﺳﻣﺗﮭﺎ اﻟدول اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرة ﻋﻧد اﻧﺗﮭﺎء اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻷوﻟﻰ . وﻗد ﺗﺑﻌت ﺑﻌض ﺗﻠك اﻟﺣدود ﺧطو اﻟطول ودواﺋر اﻟﻌرض ، وﯾطﻠق ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺣدود اﺳم اﻟﺣدود اﻟﻔﻠﻛﯾﺔ .
   وﯾﻣﻛن ﺗﺻﻧﯾف اﻟﺣدود ﺣﺳب طﺑﯾﻌﺗﮭﺎ إﻟﻰ ﺣدود طﺑﯾﻌﯾﺔ ،وأﺧرى ﺑﺷرﯾﺔ . واﻟﺣدود اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ھﻲ ﺗﻠك اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻊ ﻣظﮭرا ﺟﻐراﻓﯾﺎ طﺑﯾﻌﯾﺎ ﻛﺎﻷﻧﮭﺎر ، واﻟﺟﺑﺎل واﻟﺑﺣﯾرات . ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﻣﺗﺎز اﻟﺣدود اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻓﻲ أﻧﮭﺎ ﺗﺗﺑﻊ ﻣظﺎھر ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻣن ﺻﻧﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﻟطرق ، اﻟﻘﻧوات ، اﻟﺳﻛك اﻟﺣدﯾدﯾﺔ ، أو اﻟﺣدود اﻟﻌﺷﺎﺋرﯾﺔ أو اﻟدﯾﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﺑﯾن اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ .
   وﻣن أﻣﺛﻠﺔ اﻟﺣدود اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﺑﯾن اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻧﮭر اﻷردن اﻟذي ﯾﻔﺻل ﺑﯾن اﻷردن وﻓﻠﺳطﯾن ، وﻧﮭر اﻟﯾرﻣوك اﻟذي ﯾﻔﺻل ﺑﯾن اﻷردن وﺳورﯾﺎ . وﻣن اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ، اﻟﺣدود ﺑﯾن اﻷرﺟﻧﺗﯾن وﺗﺷﯾﻠﻲ ، ﺣﯾث ﺗﺷﻛل ﺟﺑﺎل اﻷﻧدﯾز اﻟﺣدود ﺑﯾن اﻟﺑﻠدﯾن . وﺗﻌﺗﺑر اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺻل ﺑﯾن ﺗرﻛﯾﺎ وﺳورﯾﺎ ﻣﺛﺎﻻ ﻋﻠﻰ اﻟﺣدود اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،واﻟﺗﻲ رﺳﻣت ﻣوازﯾﺔ ﻟﺳﻛﺔ ﺣدﯾد ﺑﻐداد ، ﺗﺑﻌﺎ ﻻﺗﻔﺎﻗﯾﺔ ﻋﻘدت ﺑﯾن ﻓرﻧﺳﺎ وﺗرﻛﯾﺎ ﻋﺎم 1926 . ﻛم اﺗﺑﻌت اﻟﺣدود ﺑﯾن اﻟﺟزاﺋر وﺗوﻧس طرﯾق ﺗﺟﺎرة اﻟﻛرﻓﺎن اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺻل ﺑﯾن اﻟﺳﺎﺣل وداﺧل إﻓرﯾﻘﯾﺎ .
   وﻟﻛل ﻧوع ﻣن أﻧواع اﻟﺣدود ﺳﻠﺑﯾﺎت وإﯾﺟﺎﺑﯾﺎت ، ﻧﺗﺣدث ھﻧﺎ ﻋن ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﻟﮭﺎ ﺗطﺑﯾﻘﺎت ﻋﺳﻛرﯾﺔ واﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ . ﻓﻼ ﺑد ﻣن اﻟﺗرﻛﯾز ﻋﻠﻰ أھﻣﯾﺔ اﻟﺣدود اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻛﺣدود واﺿﺣﺔ ﺳﮭﻠﺔ اﻟﺗﺣدﯾد . وھﻲ ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ذﻟك ذات أھﻣﯾﺔ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻛﻣواﻧﻊ ﺗﺳﺎﻋد ﻓﻲ اﻟدﻓﺎع ﻋن اﻟدوﻟﺔ . ﻓﺗﻘف اﻟﺟﺑﺎل ﻛﻣواﻧﻊ طﺑﯾﻌﯾﺔ أﻣﺎم أي ﻏزو ﻋﺳﻛرة ﻣن اﻟدول اﻟﻣﺟﺎورة ،وھﻲ ﺑذﻟك ﺗﺳﮭل ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟدﻓﺎع ﻋﻧﮭﺎ وﺣﻣﺎﯾﺗﮭﺎ . وھﻲ أﯾﺿﺎ ﻣواﻗﻊ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻣﺳﯾطرة .
   وﺗﻘف اﻷﻧﮭﺎر ﻛﻣواﻧﻊ طﺑﯾﻌﯾﺔ ﺻﻌﺑﺔ اﻻﺟﺗﯾﺎز أﻣﺎم اﻟﺟﯾوش ﻣﮭﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺻﻐﯾرة . ﻓﺎﻟوﻗت واﻟﺟﮭد واﻹﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﻼزم ﺗوﻓرھﺎ ﻻﺟﺗﯾﺎز ﺣدود طﺑﯾﻌﯾﺔ ﻛﺎﻷﻧﮭﺎر ﻣﺛﻼ ھﻲ أﻛﺑر ﺑﻛﺛﯾر ﻣن ﺗﻠك اﻟﻼزﻣﺔ ﻻﺟﺗﯾﺎز ﺣدود ﺑرﯾﺔ . وﻟذﻟك ﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘوات اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﺑﻧﺎء ﺟﺳور وﻣﻌﺎﺑر ﻋﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻧﺎة اﻟﺳوﯾس ﻋﻧد اﺟﺗﯾﺎزھﺎ ﻓﻲ ﺣرب رﻣﺿﺎن ﻋﺎم 1973 . وﻟوﻻ وﺟود اﻟﻌﺎﺋق اﻟطﺑﯾﻌﻲ اﻟﻣﻣﺛل ﺑﺎﻟﻘﻧﺎة ﻟﻛﺎﻧت ﻋﻣﻠﺔ اﻻﺟﺗﯾﺎز أﺳﮭل واﻗل ﺗﻛﻠﻔﺔ .
وﻗد ﺗﻛون اﻟﺟدود اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻣﺻدر ﻗﻠق وﻣﺷﺎﻛل ﻟﻠدول اﻟﻣﺗﺟﺎورة . ﻓﻘد ﯾؤدي ﺗﻐﯾﯾر ﻣﺟرة اﻟﻧﮭر إﻟﻰ ﺣدوث ﻣﺷﺎﻛل ﺑﯾن اﻟدول ، ﺗؤدي أﺣﯾﺎﻧﺎ إﻟﻰ ﻧﺷوب اﻟﺻراﻋﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺑﯾﻧﮭﺎ . وﺗذﻛر ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل ﻣﺎ أﺣدﺛﮫ ﺗﻐﯾﯾر ﻧﮭر اﻷردن ﻣﺟراه ﺑﺎﺗﺟﺎه اﻟﻐرب ﻋﺎم 1982 ﻟﯾﺿﯾف ﻟﻸراﺿﻲ اﻷردﻧﯾﺔ ﺑﻌض اﻟﮭﻛﺗﺎرات ﻣن أراﺿﻲ ﻓﻠﺳطﯾن ، ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﻧﺷوب ﺻراع ﺳﯾﺎﺳﻲ ﺑﯾن اﻷردن و ( إﺳراﺋﯾل ) ﺣول ﺗﻠك اﻷراﺿﻲ . وﻗد ﺗﺧﺗﻠف اﻟدول ﺣول ﺗﺣدﯾد أﻣﺎﻛن ﺗﻘﺳﯾم ﺧطوط اﻟﻣﯾﺎه ﻋﻠﻰ ﻗﻣم اﻟﺟﺑﺎل . وﺗﺣدث ﺗﻠك اﻟﻧزاﻋﺎت ﺑﺳﺑب ﺗﻐﯾﯾر ﺧطوط ﺗﻘﺳﯾم اﻟﻣﯾﺎه ، اﻟﺗﻲ ﻋﺎدة ﻣﺎ ﯾﺗﻔق ﻋﻠﻰ ﻛوﻧﮭﺎ ﺗﻣﺛل ﺧطوط اﻟﺣدود ﺑﯾن اﻟدول . وﺗﺗﻐﯾر أﻣﺎﻛن ﺗﻠك اﻟﺣدود ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻣﺎ ﯾﻌرف ﺑﺎﻻﺳر اﻟﻧﮭري ﻟﺑﻌض رواﻓد اﻷﻧﮭﺎر ﻓﻲ ﻗﻣم اﻟﻣرﺗﻔﻌﺎت اﻟﺟﺑﻠﯾﺔ .
   أﻣﺎ اﻟﺣدود اﻟﺑﺷرﯾﺔ ، أو اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻊ ﻣظﺎھر ﻣن ﺻﻧﻊ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﮭﻲ إﻣﺎ أن ﺗﻠﻌب دورا إﯾﺟﺎﺑﯾﺎ أو ﺳﻠﺑﯾﺎ ﻓﻲﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟدﻓﺎع ﻋﻧﮭﺎ أو اﺟﺗﯾﺎزھﺎ . ﻓﺗﻘف اﻟﺣدود اﻟﺑﺷرة اﻟﻣﻣﺛﻠﺔ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺎت ﻣن اﻟﻘرى ﻛﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﺻل ﺑﯾن ﺳورﯾﺎ وﻟﺑﻧﺎن ﻣﺛﻼ ، أو ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﻓﺻﻠت ﺑﯾن اﻟﺿﻔﺔ اﻟﻐرﺑﯾﺔ وﻓﻠﺳطﯾن اﻟﻣﺣﺗﻠﺔ ﻋﺎم 1948 ، ﺗﻘف ﺣﺎﺟزا أﻣﺎم اﻟﺟﯾوش اﻟﻐﺎزﯾﺔ . ﻓﻲ ﺗﺳﮭل ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟدﻓﺎع ﻋﻧﮭﺎ ﻟﻠﺟﯾش اﻟﻣﺗﺣﺻن ،ﻟﻣﺎ ﺗﺷﻛﻠﮫ اﻟﻣراﻛز واﻟﺗﺟﻣﻌﺎت اﻟﻌﻣراﻧﯾﺔ ﻣن ﻋواﺋق ﻓﻲ وﺟﮫ ﺣرﻛﺔ اﻟﺟﯾوش .

اﻟﻣﯾﺎه واﻟﻣﻧﺎخ

اﻟﺷروط اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ:
   ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﻧﺎخ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎرح اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ھو ﻣن اﻟﻣﺳﻠﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻣت دراﺳﺗﮭﺎ ﻋدد ﻛﺑﯾر ﻓﻲ اﻟﻣرات ، وﻻ ﺷك ﺑﺄن اﻟﺷروط اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ ﺗدﺧل ﺗﻐﯾرات ﺗؤدي إﻟﻰ ﺗﺄﺟﯾل ﺗﻧﻔﯾذ أو إﻟﻐﺎء اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻛﺗﯾﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﮭد ﻟﺗطﺑﯾق اﻟﺧطط اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻌﻣﻠﯾﺎﺗﻲ إن ﻛﺎن ﻋﺳﻛرﯾﺎ أو اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ أو ﻷﻏراض اﻹدارة اﻟﻣدﻧﯾﺔ ﻛﺈدارة اﻷراﺿﻲ وﻏﯾرھﺎ.
واﻷﻣﺛﻠﺔ ﻛﺛﯾرة ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺣروب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ واﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ، ﻓﺎﻟﺛﻠوج ﺗﻣﻧﻊ ﻣن اﺳﺗﺧدام ﺟﯾد وﻣﺗﻧﺎﻏم ﻟﺳﻼح اﻟطﯾران، ﻛﻣﺎ أن اﻟﻌواﺻف اﻟرﻣﻠﯾﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ ﺗﻌطﯾل ﻛﺎﻣل وﻣﺣﺗم ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻛﺗﯾﻛﯾﺔ، واﻟﺗرب اﻟطﯾﻧﯾﺔ اﻟﻣﺗوﻟدة ﻋن ذوﺑﺎن اﻟﺟﻠﯾد ﺗؤﺛر ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ اﻵﻟﯾﺎت اﻟﺛﻘﯾﻠﺔ، واﻟﺣرارة اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن ﺗﺷﻐﯾل ﻣﺣرك اﻟدﺑﺎﺑﺎت اﻟﺛﻘﯾﻠﺔ وﻧﺎﻗﻼت اﻟﺟﻧود اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ، ﺗﺳﻣﺢ ﺑﻛﺷﻔﮭﺎ ﻓﻲ ﻟﯾﺎﻟﻲ اﻟﺑﺎردة، وﻓﻲ اﻷراﺿﻲ ذات اﻟﻣﻧﺎﺧﺎت اﻟﺑﺎردة وﺷﺑﮫ اﻟﻘطﺑﯾْﺔ، ﻧﺎھﯾﻛم ﻋن ﺗﺄﺛﯾر اﻟﺗﺟﻠد أو اﻟﺟﻣد ﻋﻠﻰ رﺟﺎل اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻣﯾداﻧﯾﺔ ﺑﻣﺧﺗﻠف أﻧواﻋﮭﺎ، وﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻷراﺿﻲ ذات اﻟﻣﻧﺎﺧﺎت اﻟﺻﻌﺑﺔ اﻟﻘرﯾﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎطق اﻟﻘﺎﺣﻠﺔ أو اﻟﻘطﺑﯾﺔ اﻟﺻرﻓﺔ، وأراﺿﻲ اﻟﺟﺑﺎل اﻟﻌﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌروض اﻟﻣﻌﺗدﻟﺔ وﻏﯾر اﻟﻣﻌﺗدﻟﺔ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ ﻓﺻول اﻟﺳﻧﺔ.

اﻟﻣﯾﺎه :
   إن اﻷھﻣﯾﺔ اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻟﻠﺑﺣﺎر ﻗدﯾﻣﺔ ، ﺑرﻏم ﺗﺑﺎﯾن اﻻﺳﺗﺧداﻣﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﻟﮭﺎ .
   ﻓﻘد اﻗﺗﺻر اﺳﺗﺧدام اﻟﺑﺣﺎر ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﺳواﺣﻠﮭﺎ ﺣﯾث اﻋﺗﺑرت اﻟﺑﻼد اﻟﺑﺣرﯾﺔ أو اﻟﺟزرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺄﻣن ﻣن اﻟﻐزو ، أو ﻏﯾر ذات أھﻣﯾﺔ ﻓﻲ ﺑﻌض اﻷﺣﯾﺎن .
وﻟﻠﺑﺣﺎر أھﻣﯾﺔ ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﻗﺻوى إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أھﻣﯾﺗﮭﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ.
ﻓﺗﺿﻣن اﻟﺑﺣﺎر ﻟﻠدول اﻟﻣطﻠﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﺗﺻﺎل ﺣﺿﺎري ﻣﻊ اﻟﺷﻌوب واﻟﺣﺿﺎرات واﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ .
ﻛﻣﺎ ﺗﺿﯾف اﻟﺑﺣﺎر ﻟﻠدول اﻟواﻗﻌﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻗوة إﺿﺎﻓﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ و اﻻﻧﺗﻘﺎل وﺗوﻓﯾر ﺳﺑل إﺿﺎﻓﯾﺔ ﻟﻠﺗزوﯾد واﻹﻣداد .
   وﻣن ﺧﻼل اﻟﺑﺣﺎر ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﺟﯾوش اﻟوﺻول إﻟﻰ ﻣواﻗﻊ ﺑﻌﯾدة ﻋن أراﺿﯾﮭﺎ ، وﺗﻛﺗﺳب اﻟﺑﺣﺎر اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺗﺟﻣد أھﻣﯾﺔ أﻛﺑر ﺑﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺑﺣﺎر اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺟﻣد ، وﻛذﻟك ﺗﻛﺗﺳب اﻟﺑﺣﺎر اﻟواﺳﻌﺔ أھﻣﯾﺔ اﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ أﻛﺑر ﻣن اﻟﺑﺣﺎر اﻟﺿﯾﻘﺔ ، واﻟﻌﻣﯾﻘﺔ أﻛﺛر ﻣن اﻟﺑﺣﺎر اﻟﺿﺣﻠﺔ ، وﻛذﻟك ھﻧﺎك أھﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣوﻗﻊ اﻟﻧﺳﺑﻲ ﻟﻠﺑﺣر ﺑﯾن اﻟدول .
   وﻛذﻟك ھﻧﺎك أھﻣﯾﺔ ﻟطول اﻟﺳواﺣل اﻟﺑﺣرﯾﺔ وﻟطﺑﯾﻌﺗﮭﺎ ، ﺗﻔﺗﻘر ﺳواﺣل ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟدول إﻟﻰ وﺟود اﻷﻣﺎﻛن اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻟﺑﻧﺎء اﻟﻣراﻓﺊ واﻟﻣواﻧﺊ اﻟﺑﺣرﯾﺔ ،ﺑرﻏم طول ﺳواﺣﻠﮭﺎ اﻟﺑﺣرﯾﺔ .
  ﻓﺑرﻏم ﻣن وﻗوع ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﺣرﯾن ھﻣﺎ اﻟﺑﺣر اﻟﻣﺗوﺳط ، وﺑﺣر اﻟﺷﻣﺎل ، إﻻ أن اﺗﺟﺎه اﻟﻔرﻧﺳﯾﯾن ﻧﺣو اﻟﺑﺣر ھو أﻗل ﻣن ﻏﯾرھم ، ﺑﺳﺑب ﻋدم ﻣﻼﺋﻣﺔ اﻟﺳواﺣل اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ اﻟﻣواﻧﺊ اﻟﺑﺣرﯾﺔ .
  وھﻧﺎك أھﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣﯾﺎه ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣن ﺣﯾث ﺗواﻓر اﻟﻣﯾﺎه ﻣن ﻋدﻣﮫ،وﻣﺷﻛﻠﺔ اﻷﻣن اﻟﻣﺎﺋﻲ ﺗدرس ﻓﻲ ﻧﻘطﺔاﻻﻗﺗﺻﺎد .

اﻟﻣﻧﺎخ :
   أﺛر ظروف اﻟطﻘس واﻟﻣﻧﺎخ ﻋﻠﻰ ﺳﯾر اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﯾﺄﺗﻲ اﻟﻣﻧﺎخ ﻓﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑﻌد اﻟﺗﺿﺎرﯾس ﻣن ﺣﯾث ﺣﺟم وﻗوة ﺗﺄﺛﯾره ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ . وﯾؤﺛر ﻛل ﻣن اﻟﻣﻧﺎخ وأﺷﻛﺎل اﻟﺳطﺢ اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻋﻠﻰ ﺳﯾر اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ، وﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ واﻷﺳﻠﺣﺔ واﻷﺟﮭزة واﻟﻣﻌدات .
   واﻟﻣﻧﺎخ ھو ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟو اﻟﺳﺎﺋد ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻣﺣددة ، ﻓﻲ ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ طوﯾﻠﺔ ﻗد ﺗﺻل إﻟﻰ ﺳﻧﺔ . وﯾﻣﻛن وﺻف ﻣﻧﺎخ ﻣﻧطﻘﺔ اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ ﺻﻔﺎت اﻟطﻘس ﻟﻔﺗرة زﻣﻧﯾﺔ طوﯾﻠﺔ ﻗد ﺗﺻل إﻟﻰ 30 ﻋﺎﻣﺎ .واﻟطﻘس ھو ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟو ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ وﻟﻔﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﻗﺻﯾرة ﺗﺗراوح ﺑﯾن ﺑﺿﻊ ﺳﺎﻋﺎت إﻟﻰ ﻋدة أﯾﺎم . وﺗﺷﻣل ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﺣرارة اﻟﺿﻐط اﻟرﯾﺎح ، واﻟرطوﺑﺔ . أﻣﺎ اﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ ﺗؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺎخ ﻓﮭﻲ اﻟﻣوﻗﻊ اﻟﻔﻠﻛﻲ ﻟﻠﻣﻛﺎن ، أو ﻣوﻗﻌﮫ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﺧطوط اﻟطول ودواﺋر اﻟﻌرض ، وﻣوﻗﻌﮫ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﯾﺎﺑس واﻟﻣﺎء ، واﻻرﺗﻔﺎع واﻻﻧﺧﻔﺎض ﻋن ﻣﺳﺗوى ﺳطﺢ اﻟﺑﺣر ( اﻟﺗﺿﺎرﯾس ) ، واﻟﻘرب أو اﻟﺑﻌد ﻋن اﻟﺗﯾﺎرات اﻟﺑﺣرﯾﺔ.
  وﯾﮭﺗم اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﺑدراﺳﺔ اﻟﺗوزﯾﻊ اﻟﻣﻛﺎﻧﻲ ﻟﻠﻣﻧﺎﺧﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ ، واﻟﻌواﻣل اﻟﻣؤﺛرة ﻋﻠﻰ اﻧﺗﺷﺎر ﺗﻠك اﻟﻣﻧﺎﺧﺎت ، ﻓﻲ ﺣﯾن ﯾﮭﺗم ﻋﺎﻟم اﻷرﺻﺎد ﺑدراﺳﺔ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻘس واﻟﺗﻧﺑؤ ﺑﮫ ﻟﻔﺗرات زﻣﻧﯾﺔ ﻗﺻﯾرة ﻗد ﺗﺻل إﻟﻰ ﻋدة أﯾﺎم . وﻋﻠﯾﮫ ﻓﺈن ﻋﺎﻟم اﻷرﺻﺎد ﯾﮭﺗم أﯾﺿﺎ ﺑدراﺳﺔ ﻋﻧﺎﺻر أﺧرى ﻟﻠطﻘس ﻣﺛل اﻟﻐﯾوم ، واﻟﺿﺑﺎب و اﻟﺗﺳﺎﻗط ، وﺳطوع اﻟﺷﻣس ، وﻣدى اﺳﺗﻘرارﯾﺔ اﻟﮭواء . وﻻ ﺷك إن ﻛل ﻣن اﻟﻣﻧﺎخ واﻟطﻘس ﯾؤﺛران ﻋﻠﻰ ﺳﯾر اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ.
   ﻓﺗﺣﺳب اﻟﺟﯾوش اﻟﺣﺳﺎب ﻟﻠظروف اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ اﻟﻣﺗوﻗﻌﺔ أﺛﻧﺎء ﺳﯾر اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ، وﻛذﻟك ﺣﺎﻟﺔ اﻟطﻘس اﻟﺳﺎﺋدة أﺛﻧﺎء اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ . وﻟﺗﻠك اﻷﺳﺑﺎب ، أﺧرت اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة ھﺟوﻣﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺟﯾش اﻟﻌراﻗﻲ ﻓﻲ اﻟﻛوﯾت ﻓﻲ ﺣرب اﻟﺧﻠﯾﺞ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﻋﺎم 1991 ،ﺣﺗﻰ ﻣﻧﺗﺻف ﺷﮭر ﺷﺑﺎط ، ﺣﯾث ﺗﻧﺧﻔض درﺟﺎت اﻟﺣرارة ، وﯾﺻﺑﺢ اﻟطﻘس أﻛﺛر ﻣﻼﺋﻣﺔ ﻟﻠﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ . ﻛﻣﺎ أن ﻣﻌظم اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻟطﻠﻌﺎت اﻟﺟوﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﺗﺗم ﻓﻲ اﻟﻔﺗرات اﻟﺻﺑﺎﺣﯾﺔ واﻟﻣﺳﺎﺋﯾﺔ ﺗﺟﻧﺗﺎ ﻟدرﺟﺎت اﻟﺣرارة اﻟﻣرﺗﻔﻌﺔ ﺑﯾن اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﻌﺎﺷرة واﻟراﺑﻌﺔ ﺑﻌد اﻟظﮭر . وﯾظﮭر ھﻧﺎ اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣﻧﺎخ واﻟطﻘس ﻓﻲ آن واﺣد .

أوﻻ : اﻵﺛﺎر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻠﻣﻧﺎخ ﻋﻠﻰ ﺳﯾر اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ

1 – دور درﺟﺎت اﻟﺣرارة :
   ﺗؤﺛر درﺟﺎت اﻟﺣرارة ﺳواء ﻛﺎﻧت ﻣرﺗﻔﻌﺔ أو ﻣﻧﺧﻔﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﯾر اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ، وﻋﻠﻰ ﻋطﺎء وﻗدرات اﻟﺟﻧود ، اﻵﻟﯾﺎت ، اﻷﺳﻠﺣﺔ ، اﻟﻣﻌدات ، واﻷﺟﮭزة . وﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن ﻗدرة وﻓﻌﺎﻟﯾﺔ اﻟﺟﻧدي ﺗﺗﺿﺎءل ﻣﻊ اﻧﺧﻔﺎض درﺟﺔ اﻟﺣرارة .
   ﺣﯾث ﯾﺗوﻗﻊ أن ﯾﺄﺧذ وﻗت إﻧﺟﺎز ﻋﻣل ﻣﺎ ، أو ﻣﮭﻣﺔ ﻗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻣﺎ ، 5-4 أﺿﻌﺎف اﻟوﻗت اﻟﻼزم ﻹﻧﺟﺎزھﺎ إذا ﻛﺎﻧت درﺟﺎت اﻟﺣرارة ﻣﻧﺧﻔﺿﺔ . وﺗﻧﺧﻔض ﻗدرات اﻟﺟﻧدي وﻋطﺎؤه وﻛذﻟك ﻣﻌداﺗﮫ ﻣﻊ اﻧﺧﻔﺎض درﺟﺎت اﻟﺣرارة ﺗﺣت اﻟﺻﻔر ، ﺣﺗﻰ –26 درﺟﺔ ﻣﺋوﯾﺔ . وﺗﻧﻌدم ﻗدرة اﻟﺟﻧد ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﺎﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ، إذا اﻧﺧﻔﺿت درﺟﺔ اﻟﺣرارة ﺗﺣت –42 درﺟﺔ ﻣﺋوﯾﺔ . وﯾزﯾد ھﺑوب اﻟرﯾﺎح ﻓﻲ اﻟطﻘس اﻟﺑﺎدرة ﻣن ﺳوء اﻷﺣوال اﻟﺟوﯾﺔ ، ﻣﻣﺎ ﯾﻌﯾق اﻟﺟﻧود ﻋن اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻣﮭﻣﺎﺗﮭم اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ .
    وﺗﻌﻣل اﻟرﯾﺎح اﻟﺑﺎردة اﻟﺷدﯾدة ﻋﻠﻰ إﻧﮭﺎك اﻟﺟﻧد وإﺻﺎﺑﺗﮭم ﺑﺎﻹﻋﯾﺎء واﻟﻌطش اﻟﺷدﯾد . ﻓﻘد وﺻﻠت درﺟﺔ ﺣرارة ﻣﻧطﻘﺔ ﺻﺎﻟﺔ Salla ، ﻓﻲ ﺷﻣﺎل ﻓﻧﻠﻧدا، واﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺎﻓﺔ 50 ﻛم ﺷﻣﺎل اﻟداﺋرة اﻟﻘطﺑﯾﺔ ، ﻧﺣو –80 درﺟﺔ ﻓﮭرﻧﮭﺎﯾت ﻋﻧد ﻣﮭﺎﺟﻣﺔ اﻷﻟﻣﺎن ﻟﻠﺟﯾش اﻟروﺳﻲ ﻓﻲ ﺷﺗﺎء ﻋﺎم 1941 ، أﺛﻧﺎء اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ .

ب – أﺛر اﻟﺛﻠوج :
   وﺣﺗﻰ أﺛﻧﺎء ذوﺑﺎن اﻟﺛﻠوج ﻓﻲ أواﺧر ﻓﺻل اﻟﺷﺗﺎء وﺑداﯾﺔ اﻟرﺑﯾﻊ ، ﻓﺈن ﺣرﻛﺔ اﻵﻟﯾﺎت واﻟﺟﻧود ﺗزداد ﺻﻌوﺑﺔ ، ﺣﯾث ﺗﺧﺗﻠط ﻣﯾﺎه اﻟﺛﻠوج اﻟذاﺋﺑﺔ ﻣﻊ اﻟﺗرﺑﺔ ، وﺗﻛون اﻷوﺣﺎل واﻟطﯾن اﻟذي ﯾﻌﯾق اﻟﺣرﻛﺔ . وﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن ﻣﻧﺎطق اﻟﻌﺎﻟم ﺗظﮭر ﻣﺛل ﺗﻠك اﻟظروف ﻓﻲ ﺷﮭري آذار وﻧﯾﺳﺎن ﻣن ﻛل ﻋﺎم . ﻓﻘد أﺧر اﻷﻟﻣﺎن ھﺟوﻣﮭم ﻋﻠﻰ اﻟﯾوﻧﺎن ﻓﻲ ﺷﺗﺎء ﻋﺎم 1941 ﻷن أﺳطﺢ اﻟﻣطﺎرات ﻓﻲ ﺑﻠﻐﺎرﯾﺎ ﻛﺎﻧت ذاﺋﺑﺔ وﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﺎﻟطﯾن ، اﻟذي ﯾﻌﯾق ﻋﻣﻠﯾﺎت إﻗﻼع وھﺑوط اﻟطﺎﺋرات .

د – أﺛر ﺳطوع اﻟﺷﻣس :
    ﯾؤﺛر طول اﻟﻧﮭﺎر ﻋﻠﻰ ﻋدد اﻟﺳﺎﻋﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﮭﺎ اﻟرؤﯾﺎ دون ﻣﺳﺎﻋدة اﻟوﺳﺎﺋل اﻻﺻطﻧﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺿﺎءة واﻟﺗﻧوﯾر . ﻓﻘد ﺗﻣﻛﻧت ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺣرب ﻣن اﺧﺗراع وﺳﺎﺋل إﺿﺎءة وﺗﻧوﯾر ﺳﺎﻋدت اﻟﺟﯾوش ﻋﻠﻰ اﻟﺣد ﻣن ﺳﻠﺑﯾﺎت اﻟﻠﯾل واﻟظﻼم ﻋﻠﻰ اﻟرؤﯾﺎ .
   ﻏﯾر أﻧﮫ ﯾﺟب اﻻﻋﺗراف ﺑﺄن اﻹﺿﺎءة اﻟﻣﺗوﻓرة ﻣن ﺧﻼل اﻟوﺳﺎﺋل اﻻﺻطﻧﺎﻋﯾﺔ ،ﻻ ﺗﺻل ﺑﺄي ﺷﻛل ﻣن اﻷﺷﻛﺎل إﻟﻰ ﻛﻔﺎءة اﻹﺿﺎءة اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻹﺷﻌﺎع اﻟﺷﻣﺳﻲ . ﻛﻣﺎ ﺗوﺻﻠت ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﺣرب إﻟﻰ اﺧﺗراع أﻧظﻣﺔ اﻷﺷﻌﺔ ﻓوق اﻟﺣﻣراء اﻟﻧﺷطﺔ (اﻟرادارﯾﺔ) ، (اﻟﺗﻲ ﺗطﻠق اﻷﺷﻌﺔ وﺗﻌود ﻟﺗﺳﺗﻘﺑﻠﮭﺎ) واﻟﺳﻠﺑﯾﺔ ( اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻘﺑل اﻷﺷﻌﺔ ﻓﻘط ) ، واﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋد اﻟﺟﯾوش ﻋﻠﻰ ﺗﺣدﯾد أھداﻓﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﺗﻣﺔ اﻟﻠﯾل .
   وﺗﻌﻣل ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ اﻷﻗﻣﺎر اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺗﻘط ﺻورھﺎ اﻋﺗﻣﺎدا ﻋﻠﻰ اﻷﺷﻌﺔ اﻟﺣرارﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﻋن اﻷﺟﺳﺎم طﯾﻠﺔ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻠﯾل واﻟﻧﮭﺎر . ذﻟك إن ﺟﻣﯾﻊ اﻷﺟﺳﺎم ﻋﻠﻰ ﺳطﺢ اﻷرض ﺗطﻠق أﺷﻌﺔ ﺣرارﯾﺔ ﺗﺗﻧﺎﺳب ودرﺟﺔ ﺣرارﺗﮭﺎ . وھﻲ ﺑذﻟك ﺗﺣد ﻣن ھﯾﻣﻧﺔ ﻋﺗﻣﺔ اﻟﻠﯾل ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ . وﻣن اﻷﺟﮭزة اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﻐﻠب ﻋﻠﻰ ظﻼم اﻟﻠﯾل أﺟﮭزة ﺗﺿﺧﯾم اﻟﺻور Image Intensifiers واﻟرادارات اﻟﺣﻘﻠﯾﺔ Field radars .
ورﻏم ﺳﻠﺑﯾﺎت اﻟظﻼم ، إﻻ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻣﻛن إﻧﻛﺎر وﺟود ﺑﻌض اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻧﺣﮭﺎ اﻟﻠﯾل ﻟﻠﻘوات اﻟﻣﺗﻘﺎﺗﻠﺔ .
   ﻓﺗﺳﺎﻋد ﻋﺗﻣﺔ اﻟﻠﯾل ﻋﻠﻰ ﺗﺳﮭﯾل ﺣرﻛﺔ اﻟﻘوات واﻟﺗراﺟﻊ واﻻﻧﺳﺣﺎب . وﻏﺎﻟﺑﺎ ﻣﺎ ﯾﻛون اﻟﻠﯾل إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻘوات اﻟﻣﮭﺎﺟﻣﺔ ، ﺣﯾث ﯾﻣﻛﻧﮭﺎ ﻣن اﻟﺣرﻛﺔ ﻓﻲ ﺣﻠﻛﺔ اﻟﻠﯾل ، دون أن ﺗراﻗﺑﮭﺎ ﻋﯾون اﻷﻋداء . واﻟﻠﯾل ﯾوﻟد اﻟذﻋر واﻟﺧوف ﻓﻲ ﺻﻔوف اﻟﻘوات اﻟﻣداﻓﻌﺔ ، ﻧظرا ﻟﻘﻠﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﺗوﻓرة ﻟدﯾﮭﺎ ﻋن ﺣﺟم وﻋدد اﻟﻘوات اﻟﻣﮭﺎﺟﻣﺔ .
   وﻟزاوﯾﺔ ﺳﻘوط أﺷﻌﺔ اﻟﺷﻣس أﺛر ﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ ﻗدرات اﻟﺟﻧود وﻣدى اﻟرؤﯾﺎ . ﻓﺗﺗﺟﻧب اﻟﺟﯾوش ﺗﻧﻔﯾذ ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﻌرض اﻟﮭﺟوﻣﻲ ﻓﻲ اﻷوﻗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻓﯾﮭﺎ زاوﯾﺔ ﺳﻘوط اﻟﺷﻣس ﻓﻲ ﻋﯾون اﻟﺟﻧود . وﻟذﻟك ﻓﻘد اﺧﺗﺎر اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ وﺧﻣﺳﺔ دﻗﺎﺋق ﻣن ﺑﻌد ظﮭر ﯾوم اﻟﺳﺎدس ﻣن أﻛﺗوﺑر ﻣن ﻋﺎم 1973 ، ﻟﺑدء ھﺟوﻣﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻘوات اﻹﺳراﺋﯾﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗل ﺳﯾﻧﺎء . وﺗﻛون أﺷﻌﺔ اﻟﺷﻣس ﻓﻲ ھذا اﻟوﻗت ﻣن اﻟﻧﮭﺎر ﻗد زاﻟت ﺑﺎﺗﺟﺎه اﻟﻐرب 5د . وﻟذﻟك ﻓﻘد اﺧﺗﺎر اﻟﺟﯾش اﻟﻣﺻري اﻟﺳﺎﻋﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ وﺧﻣﺳﺔ دﻗﺎﺋق ﻣن ﺑﻌد ظﮭر ﯾوم اﻟﺳﺎدس ﻣن أﻛﺗوﺑر ﻣن ﻋﺎم 1973 ، ﻟﺑدء ھﺟوﻣﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻘوات اﻹﺳراﺋﯾﻠﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗل ﺳﯾﻧﺎء . وﺗﻛون أﺷﻌﺔ اﻟﺷﻣس ﻓﻲ ھذا اﻟوﻗت ﻣن اﻟﻧﮭﺎر ﻗد زاﻟت ﺑﺎﺗﺟﺎه اﻟﻐرب ، ﺑﺣﯾث ﺗﻛون ﻣواﺟﮭﺔ ﻟﻠﺟﯾش اﻹﺳراﺋﯾﻠﻲ .

ﺛﺎﻧﯾﺎ : اﻵﺛﺎر ﻏﯾر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻠﻣﻧﺎخ ﻋﻠﻰ ﺳﯾر اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ :
   ﻟﻠﻣﻧﺎخ أﺛر ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﻋﻠﻰ طﺑﯾﻌﺔ وﻧوع اﻟﺗﺿﺎرﯾس اﻟﻣﻧﺗﺷرة ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﺎ أو ﺑﻘﻌﺔ ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻣﺣددة . ﻓﺎﻟﻣﻧﺎخ ﯾﺣدد ﻓﯾﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻣﻧطﻘﺔ رطﺑﺔ أم ﺟﺎﻓﺔ ، ﺣﺎرة أو ﺑﺎردة . وھذا ﺑﺎﻟطﺑﻊ ﻟﮫ أﺛر ﻛﺑﯾر ﻋﻠﻰ وﺟود وﻓﻌﺎﻟﯾﺔ ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﺟوﯾﺔ ( ﻋﻣﻠﯾﺎت ﺗﻛﺳﯾر اﻟﺻﺧور ) واﻟﺗﻌرﯾﺔ ( ﻋﻣﻠﯾﺎت ﻧﻘل وﺗﺣطﯾم اﻟﺻﺧور ) اﻟﺗﻲ ﺗؤدي إﻟﻰ ﺗﺷﻛﯾل ﺳطﺢ اﻷرض . وﺳواء ﻛﺎﻧت ﻋﻣﻠﯾﺎت اﻟﺗﺟوﯾﺔ ﻛﯾﻣﯾﺎﺋﯾﺔ أو ﻓﯾزﯾﺎﺋﯾﺔ ، ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗرﺗﺑط ﺑﻌواﻣل ﻣﻧﺎﺧﯾﺔ .
وﯾؤدي ارﺗﻔﺎع واﻧﺧﻔﺎض درﺟﺎت اﻟﺣرارة إﻟﻰ ﺗﺣطم اﻟﺻﺧور ﻣﯾﻛﺎﻧﯾﻛﯾﺎ ، ﻣﺛﻼ ﯾؤدي ﺗﻔﺎﻋل اﻟﻣﺎء ﻣﻊ اﻟﻣواد اﻟﻣﻌدﻧﯾﺔ اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟﺻﺧور إﻟﻰ ﺗﺣﻠﻠﮭﺎ وﺗﻔﺗﺗﮭﺎ . ﻛﻣﺎ ﺗؤدي اﻷﻧﮭﺎر واﻟﻣﯾﺎه اﻟدارﯾﺔ إﻟﻰ ﺗﻛوﯾن اﻷودﯾﺔ ، واﻟﺟﺑﺎل واﻟﺑﺣﯾرات .. إﻟﺦ ، وھﻲ ﻛﻠﮭﺎ ﻧﺗﯾﺟﺔ ظروف ﻣﻧﺎﺧﯾﺔ .
   وﯾؤﺛر اﻟﻣﻧﺎخ أﯾﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﺗوزﯾﻊ وﺣﺟم وﻛﺛﺎﻓﺔ اﻟﺳﻛﺎن ﻓﻲ اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ . ﻛﻣﺎ ﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ ﺗوزﯾﻊ وﺣﺟم وﻛﺛﺎﻓﺔ اﻟﻐطﺎء اﻟﻧﺑﺎﺗﻲ اﻟﻣﻧﺗﺷر ﻓﻲ ﻣﻧطﻘﺔ ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ . واﻟﻣﻧﺎخ ﯾﺣدد ﻛﻣﯾﺎت اﻟﻣﯾﺎه اﻟﺳﺎﻗطﺔ ، وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﯾﺣدد ﻣﻌدل رطوﺑﺔ اﻟﺗرﺑﺔ . وﻟرطوﺑﺔ اﻟﺗرﺑﺔ أﺛر ﻣﺑﺎﺷر وﻓﻌﺎل ﻋﻠﻰ ﺳﯾر اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ، ﺑﺳﺑب ﺗﺄﺛﯾرھﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ ، واﻟﻌﺳﻛرة ، وﺣﻔر اﻟﺧﻧﺎدق وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺗﺣﺻﯾﻧﺎت .
وﻟﻠﻣﻧﺎخ أﺛر ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﻋﻠﻰ ﻧﺟﺎح أو ﻓﺷل اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ، ﻣن ﺧﻼل ﺗﺄﺛﯾره ﻋﻠﻰ اﻟوﺿﻊ واﻟﻘوة اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻟﻠدوﻟﺔ . ﻓﺗﻌدد اﻷﻗﺎﻟﯾم اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ ﻓﻲ اﻟدوﻟﺔ ، ﻟﮫ أﺛر إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻗوة اﻗﺗﺻﺎدھﺎ . ﻓﻠﺗﻌدد اﻟظروف اﻟﻣﻧﺎﺧﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺷﯾﻠﻲ ﻣﺛﻼ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻﻣﺗدادھﺎ اﻟﺟﻐراﻓﻲ اﻟطوﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻋدد ﻛﺑﯾر ﻣن دواﺋر اﻟﻌرض ، أﺛر إﯾﺟﺎﺑﻲ ﻋﻠﻰاﻗﺗﺻﺎدھﺎ . ﻓﯾﺳود ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻣﻧﺎخ اﻟﺻﺣراوي ﻓﻲ اﻟﺷﻣﺎل ، وﻣﻧﺎخ اﻟﺳواﺣل اﻟﻐرﺑﯾﺔ اﻟﻣﺎطر ﻓﻲ اﻟوﺳط ، وﻣﻧﺎخ اﻟﺑﺣر اﻟﻣﺗوﺳط ﻓﻲ اﻟﺟﻧوب . وﺗﻔﺗﻘر اﻟدول اﻟﺻﺣراوﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻘوة اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻷﺳﺑﺎب ﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻣﻧﺎﺧﯾﺔ ، ﻓﻲ ﺣﯾن ﺗﺗﻣﺗﻊ دول أوروﺑﺎ اﻟﻐرﺑﯾﺔ ، وأﻣرﯾﻛﺎ اﻟﺷﻣﺎﻟﯾﺔ ، ﺑﺛروات ﺗﻔوق ﻋدد ﺳﻛﺎﻧﮭﺎ ، ﻟظروف ﻣﻧﺎﺧﯾﺔ ﻣن ﺑﯾن ﻋواﻣل أﺧرى .

اﻟﺗﺿﺎرﯾس:

اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ: ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻌواﻣل اﻟﺑﺷرﯾﺔ :

اﻟﺳﻛﺎن :
   واﻟﻣﻘﺻود ﺑﮭذا اﻟﻌﺎﻣل ھو "اﻟﺳﻛﺎن"، ﻓﺎﻟﻛﺛﺎﻓﺎت اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ ﻟﻣﺧﺗﻠف ﻣﺳﺎرح اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت، وﺑﻘﻊ اﻟﺗﻧﺎزع اﻟﺳﻠﻣﻲ واﻟﻌﺳﻛري وﻛذﻟك أﻗﺎﻟﯾم اﻟﺗطوﯾر اﻹداري ـ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠب ﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺎت ﺳﻠﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﺗﺧطﯾط وإﻋﺎدة اﺳﺗﻐﻼل اﻷراﺿﻲ. ﻓﺎﻟﺣﺟوم اﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ ﺗﺷﻛل ﻗوى ﺗؤدي إﻟﻰ ﺗزوﯾد ﻣﺳﺎرح اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت ﺑﺎﻟرﺟﺎل ـ اﻷﻓراد، وﻛذﻟك ﺗؤدي إﻟﻰ ﺗزوﯾد اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﻠﯾﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن ﻣﺳﺎرح اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت ﺑﺎﻟﻣﻔﻛرﯾن اﻟﻘﺎدرﯾن ﻋﻠﻰ إدارة اﻷزﻣﺎت إن ﻛﺎﻧت ﺣرﺑﯾﺔ أو ﻣدﻧﯾﺔ.
   اﻹﻧﺳﺎن ﻣوﻟد ﻟﻠﺛروة وﻟﻠﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺔ وﻣن ھﻧﺎ ﺗﺄﺗﻲ اﻷھﻣﯾﺔ اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻟﺑﻌض اﻟدول اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ ﻛﺎﻟﺻﯾن واﻟﮭﻧد واﻧدوﻧﯾﺳﯾﺎ واﻟﺑرازﯾل، ﻓﺎﻟﻘوة اﻟﺑﺷرﯾﺔ أدت إﻟﻰ ﺗﻐﯾﯾر اﻟﻧزاع أو ﺗﺣوﯾﻠﮫ ﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺣﺗل أو ﻹﯾﻘﺎف اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ وﺗﻐﯾﯾر ﻣﮭﻣﺗﮭﺎ، وھذا ﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺗطور ﺣروب اﻟﻌﺻﺎﺑﺎت ﻟدى اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺗﻔوﻗﺔ ﺑﺄﻋداد ﺳﻛﺎﻧﮭﺎ واﻟﺿﻌﯾﻔﺔ ﺗﻛﻧوﻟوﺟﯾﺎ، واﻷﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل ﻻ ﺗﻌد وﻻ ﺗﺣﺻﻰ ﻓﻲ اﻟﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻘدﯾم واﻟﺣدﯾث، ﻟﻌدد ﻣن دول اﻟﻌﺎﻟم ﺷرﻗﮫ وﻏرﺑﮫ، ﻓﮭل ﺗﻌﺗﺑر ﻣﮭﻣﺔ اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻏزو اﻟﻣﻛﺎن أم أن أھداﻓﮭﺎ اﻟﻣﻌﻠﻧﺔ ﺗﻛﻣن ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻣﻛﺎن ﻣن أﺟل إﻋﺎدة ﺗطوﯾﻌﮫ ﻷﻏراض اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻧﻔﻌﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﻧﮭﺎ وﻏﯾر اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ.
   وﻣن أﺟل اﻟوﺻول إﻟﻰ ھذا اﻟﮭدف ﻓﺈن اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗﺑﺣث ﻋن ﺗطوﯾر اﻷﻣن اﻟﻘوﻣﻲ اﻟداﺧﻠﻲ ﻛوﻧﮫ اﻹطﺎر اﻟذي ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺗطوﯾر اﻷﻣﺔ ﺑﻣﺧﺗﻠف ﻗطﺎﻋﺎﺗﮭﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ، وإﺗﺑﺎع اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻟﻣﻧﮭﺞ "ﺳﻠﻣﻲ" ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ ﺗطوﯾر آﻟﯾﺎت اﻟدﻓﺎع ﻋن اﻟﻣﺳرح اﻟﻌﻣﻠﯾﺎﺗﻲ اﻟﻘوﻣﻲ اﻟوطﻧﻲ اﻟذي ﯾﻣﺗد ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻣل اﻟﺗراب اﻟوطﻧﻲ ﻟﻠدول، وﻻ ﯾﻌﻧﻲ ھذا ﺗﺧﻠﻲ أﺻﺣﺎب اﻟﻘرار اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟدول اﻟﻛﺑرى ﻋن طﻣوﺣﺎﺗﮭم ﻓﻲ اﻟﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎت اﻟﻌﺎﻟم ﻟﻠﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻛﺗﺳﺑﺎﺗﮭم ﻓﻲ ﺧﯾراﺗﮫ وﺛرواﺗﮫ، ﻟدرﺟﺔ ﺟﻌﻠت رؤﺳﺎء ﺑﻌض ﻣن ھذه اﻟدول ﯾﻌﻠﻧون ﺻراﺣﺔ أﻧﮫ ﻣن اﻟﺧطﺄ اﻟﺗﻔﻛﯾر ﺑﺄن دوﻟﻧﺎ ھﻲ دول ﻣﺣﺎﯾدة، وﻟن ﺗﺗردد ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام اﻟﺧﯾﺎرات اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﻣدﻋوﻣﺔ ﺑﺎﻟﺳﻼح اﻟرادع ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻷھداف اﻟﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ ﻣﺻﺎﻟﺣﮭﺎ.
   وﯾﻼﺣظ اﻟﻣﮭﺗﻣون واﻟﻣﺗﺎﺑﻌون ﻟﺷؤون اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ، ﺑﺄن ﺗطوﯾر اﻟﻌﺎﻟم ﻟﺗﻛﻧوﻟﺟﯾﺎ اﻟﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻔﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﺎﺳﺗﺧدام ﺗواﺑﻊ ذات ﻣرﺋﯾﺎت ﻋﺎﻟﯾﺔ اﻟوﺿوح اﻟﻣﻛﺎﻧﻲ، ﻛﻣرﺋﯾﺎت اﻟﺗﺎﺑﻊ اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ "إﯾﻛوﻧس" واﻟﺗﺎﺑﻊ اﻟﺻﻧﺎﻋﻲ "ﻛوﯾك ﺑﯾرد" ﺟﻌل ﻟﻠﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﺑﺷﻘﯾﮭﺎ اﻟﻌﺳﻛري واﻟﻣدﻧﻲ ﺑﻌداً ﻓﺿﺎﺋﯾﺎً ھﺎﻣﺎً، ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﻣﺎد اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﻣﻐﺎﯾر ﻟذﻟك، واﻟﻘول ﺑﺄن اﻟطﻣوﺣﺎت اﻟﺗﻲ ﻣﺎزاﻟت ﻛﺛﯾرة وﻣﺗﻌددة ﻟﻠدول اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ ﺣرﺑﮭﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ، وﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ، ﻓﻘد ﺗم ﺗطوﯾر ھذه اﻟﺗواﺑﻊ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ اﻟﻣﺎﺳﺔ ﻟﻸرض اﻟﺗﻲ ﺗﻘدم ﻣرﺋﯾﺎت ﻓﻲ ﻏﺎﯾﺔ اﻟدﻗﺔ واﻟﺗﻔﺻﯾل ﻟﻣﺧﺗﻠف ﻣﺳﺎرح اﻟﻌﻣﻠﯾﺎت.
  وﻻ ﺷك ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺎل ﺑﺄن اﻟﮭدف اﻟﺛﺎﻧﻲ واﻷﻛﺑر ﺑﻌد اﻟﮭدف اﻟرﺋﯾﺳﻲ اﻷول ﻟﻠﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ، ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻣﻛﺎﺳب وﺗﻛوﯾن ﻣﻧﺎطق اﻟﺗﺄﺛﯾر واﻷﻧظﻣﺔ اﻟﻼﺣﻘﺔ أو اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ، ذﻟك أن اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﺗﺗطﻠب أن ﯾﻛون ھﻧﺎك ﻣﻧﺎﻓﻊ وﻣﻛﺎﺳب ﻣن وراء اﻷراﺿﻲ اﻟﻣﺣﺗﻠﺔ ، اﻟﺗﺎﺑﻌﺔ أو اﻟﺣﻠﯾﻔﺔ، ﺑﺷﻛل ﻣﺑﺎﺷر أو ﻏﯾر ﻣﺑﺎﺷر ﻋن طرﯾق ﻋﺑﻘرﯾﺔ اﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار اﻟﺻﺎدر ﻋن اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ اﻟﻣﺳﯾطر أو اﻷﻗوى اﻟذي ﯾﺗﺧذ ﻋﺎدة "اﻟﻘرارات اﻟﺗﻛﺗﯾﻛﯾﺔ اﻟﮭﺟوﻣﯾﺔ" اﻟﺗﻲ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻋﻼﻗﺎت ﻣﻛﺎﻧﯾﺔ، وإﻻ ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟن ﺗﻛون ﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ وﻟن ﯾﺗﻣﻛن اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﻣن ﺗطوﯾﻊ "ﻣﻛﺎن اﻵﺧر" ﻟﺻﺎﻟﺣﮫ، وذﻟك ﺑﺎﻋﺗﻣﺎد واﻗﻊ اﻟﻣﻛﺎن واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ـ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ اﻟﻣﮭﯾﻣﻧﺔ أو اﻟﺳﺎﺋدة واﻷھداف اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﻣطﻠوب اﻟوﺻول إﻟﯾﮭﺎ.
  وﺗﺣﺗﺎج اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اذن إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ اﻟﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ـ اﻟزﻣﻧﯾﺔ، وھذه اﻟﻣﻌﻠوﻣﺔ ﯾﺟب أن ﺗﻛون ﻣوﺛﻘﺔ وﺻﺣﯾﺣﺔ ﻟﻛﻲ ﺗﺗﻣﻛن اﻟﻘرارات اﻟﺗﻛﺗﯾﻛﯾﺔ اﻟﺻﺎدرة ﺣﺳب اﻟﺧطﺔ اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﺔ ﻣن أن ﺗﻛون ﺻﺣﯾﺣﺔ وﻗﯾﻣﺔ وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ذات ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ، واﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﺑﺄن ﻋن طرﯾﻘﯾن ﻓﻘط ھﻣﺎ: اﻟﻌﻣل اﻟﻣﯾدان، وآﻟﯾﺎت اﺳﺗﺷﻌﺎر ﻋن ﺑﻌد ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣرﺋﯾﺎت اﻟﻔﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﺎﻟﯾﺔ اﻟدﻗﺔ، ﻛﻣﺎ أن اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﻛﺎﻧﯾﺔ اﻟﻣرﺋﯾﺔ واﻟﺑﯾﺎﻧﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻣﺧﺗﻠف اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ ﻷي ﻣﺳرح ﻋﻣﻠﯾﺎت ﺗﺳﻣﺢ ﺑﻌزل وﺣﺻﺎر ھذا اﻟﻣﺳرح إﻋﻼﻣﯾﺎً وﻗطﻌﮫ ﻋن اﻟﻌﺎﻟم ﻣﻣﺎ ﯾؤدي إﻟﻰ ﺷﻠل ﻛﺑﯾر ﻓﻲ ﻣﺧﺗﻠف ﻣراﻓق ھذا اﻟﻣﺳرح وﺳرﻋﺔ وﻗوﻋﮫ ﻛﻘﯾﻣﺔ ﻧﺎﻓﻌﺔ إن ﻛﺎن ذﻟك ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻔﻛري أو اﻟﻣدﻧﻲ ﻟﻠﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ.
   وھﻛذا ﻧﺟد ﺑﺄن اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ھﻲ ﻟﯾﺳت ﻧوﻋﺎً ﻣن أﻧواع اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻷن اﻟﻣﺳﺋول اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﺟﻲ ﯾﮭدف إﻟﻰ اﻟﺳﯾطرة اﻟﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺎل ـ اﻟزﻣن ﻣن أﺟل أن ﯾﺗﻣﻛن اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﻲ ﻣن اﺗﺧﺎذ ﻗراره اﻟﺻﺣﯾﺢ واﻷﻣﺛل، وﻧظرﯾﺎً ﻧﻌﺗﻘد ﺑﺄن اﻟﺟﯾوﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ ﻻ ﺗﺳﺗﺧدم ﻷﻏراض "ﻣﺣو اﻵﺧر" أي ﻷﻏراض ﻋﺳﻛرﯾﺔ ﺑل ھﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟطرق اﻷﻣﺛل ﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻣﺟﺎل ﻟزﻣن ﻣﺣدد ﻟﺗﺣﻘﯾق أھداف ﻋﺳﻛرﯾﺔ وﻣدﻧﯾﺔ وﻟﺧدﻣﺔ اﻻﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ـ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ، ﻓﮭﻲ إذن ﻣن ھذا اﻟﻣﻧطﻠق أداة ﺗﻘﻧﯾﺔ ﻻﺗﺧﺎذ اﻟﻘرار وھﻲ ﺗﻛﺗﺳب ﻛل أھﻣﯾﺗﮭﺎ ﻣن ھذااﻟﻣﻧطﻠق.
   و ﺧﺗﺎﻣﺎ ، طرأت ﺗﻐﯾرات ﻛﺛﯾرة ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺎھﯾم اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﻣﺎ أدى إﻟﻰ ﺿرورة إﻋﺎدة اﻟﻧظر ﻓﻲ ﻋدد ﻣن اﻟﻣﻔﺎھﯾم اﻟﻘدﯾﻣﺔ.و ﻛذﻟك ﻓﻲ ﻣواﻗف اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣن ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة.و ﺗﺄﺛرت ﻣﻔﺎھﯾم اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﺑﺗﯾﺎرات اﻟﺗﻐﯾﯾر ﻓﻲ اﺗﺟﺎه اﻟﻔﻛر اﻟﺟﻐراﻓﻲ ﻧﻔﺳﮫ،ﺗﻠك اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت ﺗﻣﯾل إﻟﻰ اﻟﺟواﻧب اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ و اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ ﻟﯾس ﻓﻘط،و ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و ﻣﻔﻛرﯾﮭﺎ أن ﯾﺑذﻟوا ﺟﮭودا ﻛﺑﯾرة ﻟﻣﻼﺣﻘﺔ ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺗﻲ ﺷﮭدھﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﻣؤﺧرا.
و ﺗﻣﺎﺷﯾﺎ ﻣﻊ اﻟﺗﻐﯾرات اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ و اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻋرﻓﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﻌد اﻧﮭﯾﺎر اﻟﻣﻌﺳﻛر اﻟﺷرﻗﻲ،ﺗﻐﯾرت ﻧظرﯾﺎت اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ،ﻧﻔﺳﮭﺎ ﻋن وظﺎﺋف اﻟدوﻟﺔ،و ﻣﻘوﻣﺎﺗﮭﺎ،و ﻛذﻟك ﻋن ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺑﻧﺎء اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ﻟﻠدوﻟﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺎ و داﺧﻠﯾﺎ.و ﺗﻐﯾرت ﻛذﻟك ﻧظرﯾﺎت و أﺳﺎﻟﯾب دراﺳﺔ اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾك و أﺻﺑﺣت اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ ﻣﻠﯾﺋﺔ ﺑﺎﻟﻌدﯾد ﻣن اﻟﻧﻣﺎذج اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ و اﻟواﻗﻌﯾﺔ ﻋن اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺣدود و اﻷراﺿﻲ اﻟﻣﺗﻧﺎزع ﻋﻠﯾﮭﺎ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ﻻﺋﺣﺔ اﻟﻣراﺟﻊ:

اﻟﻛﺗب:
1/د.ﻋدﻧﺎن اﻟﺳﯾد ﺣﺳﯾن،اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺳﻛﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟم اﻟﻣﻌﺎﺻر، اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ
ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ ،ﺑﯾروت ،طﺑﻌﺔ 1996.
2/ ﺣﺳﯾن ﺣﻣزة ﻧﺑدﻗﺟﻲ،اﻟدوﻟﺔ دراﺳﺔ ﺗﺣﻠﯾﻠﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺑﺎدئ اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ،ﺟدة ،طﺑﻌﺔ 1981.
3/د.ﻓﺎﯾز ﻣﺣﻣد اﻟﻌﺳﯾوي،اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ اﻟﻣﻌﺎﺻرة،دار اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ طﺑﻌﺔ 2000.
3/ اﻷﻣﯾرال ﺑﯾﯾر ﺳﯾﻠﯾرﯾﯾﮫ ﺗرﺟﻣﺔ اﺣﻣد ﻋﺑد اﻟﻛرﯾم،اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ اﻹﺳﺗراﺗﯾﺟﯾﺔ،اﻷھﺎﻟﻲ.
4/ د.ﻣﺣﻣد اﻟﮭزاط،ﻣﺣﺎﺿرات ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﺔ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ،ﻣﻛﺗﺑﺔ ﺳﻠﺟﻣﺎﺳﺔ ،طﺑﻌﺔ2005.
5/ﻣوﺳﻰ اﻟزﻏﺑﻲ ،اﻟﺟﯾوﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ ،ﻣﻧﺷورات وزارة اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺟﻣﮭورﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ
اﻟﺳورﯾﺔ،دﻣﺷق 2004.
6/اﻟﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾﻛﺎ،رﺳل ﻓﯾﻔﯾﻠد،اﻧزل ﺑﯾرﺳﻲ،ﺗرﺟﻣﺔ ﯾوﺳف ﻣﺟﻠﻰ وﻟوﯾس اﺳﻛﻧدر،اﻟﻛرﻧك.
7/ ﻗﺎﺳم اﻟدوﯾﻛﺎت(د.)، أﺛر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﻣل اﻟﻌﺳﻛري،اﻟﻣﺣرر إﻋداد وﺗﻧﺳﯾق أﺑو ﺳﻌد اﻷﺛري.2005.

اﻟرﺳﺎﺋل اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ:
1/ ﻣﺣﻣد اﻟداﺳر"ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺟﯾوﺑوﻟﺗﯾﻛﯾﺔ ﻟﻠﻣﺷرق اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ ﺿوء اﻟﺗطورات اﻟدوﻟﯾﺔ اﻟراھﻧﺔ"200-2003م.
دنيا الرأي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا