الزحف على إستعمالات الأرض الزراعيّة ومصادرتها - أزمة تخطيطيّة تتفاقم في إقليم كوردستان العراق
عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - الحوار المتمدن-العدد: 3570 - 2011 / 12 / 8 :
ليس الاعتماد شبه التام على دول الجوار(تركيا، ايران، سوريا) في تأمين أبسط المنتجات الزراعية اليومية للسكان إلاّ مؤشراً واضحاً على تردّي أوضاع الإقليم لدرجةٍ تكاد تتساوى (معيشياً) مع باقي أجزاء الوطن المنكوب حيث الفساد المستشري بكل مفاصل المؤسسات والدوائر الرسمية لتغدو كوردستان المعروفة لدى العراقيين بعطائها وخصوبتها عاجزة عن تلبية حاجات ابنائها مما يستدعي الوقوف عند هذه المشكلة والبحث عن البدائل العملية السريعة والحلول الناجعة.
تؤكد العديد من الحوادث المسجلة في المنطقة أن الزحف على الأراضي الزراعية لا يتم بشكل عشوائي كما يتصور البعض بل ان هناك مجاميع من رجال الأعمال المتنفذين (بلطجية) الاحزاب السياسية الحاكمة يشترون تلك الاراضي بأبخس الأثمان ومن ثم يغيّرون إستعمالها(الزراعي) إلى إستعمالات سكنية وصناعية وغيرها ليعرضوها للبيع باسعار خيالية تفوق ماهو معروض حتى في لندن ونيويورك وباريس وبرلين!! ويعمدوا بكل الوسائل على توسيع الازمة لتحقيق مآربهم غير المشروعة المبنية على معاناة الشعب البسيط في مسلسل ينتظر وصول رياح التغيير العاصفة ببؤر الفساد القابعة هناك وتنسج بين ميدان التحرير المصري وساحة ئازادي بالسليمانية خيوط الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقيقية فتعود كوردستان سلة غذاء عامرة بخيرات ارضها المعطاء تفيض لتغطي حاجات ابنائها وباقي اجزاء الوطن بل وخارجه.
تردد الكابينة الوزارية السادسة اليوم نفس الاسطوانة التي ملّها المواطنون من سابقاتها وتتبجح (بالحمل الثقيل الواقع على كاهلها) وتنأى بنفسها عن واجبها بتشريع القوانين الرادعة لهذه المشكلة وغيرها مما تغوص به كوردستان لتتفرغ بالمقابل إلى تعزيز امتيازات اعضائها، والانعقاد الدائم لمتابعة وتكثيف جهودها في قمع تظاهرات الجياع والمحرومين ومصادرة اصواتهم بشتى الوسائل!
لسنا هنا نستهدف تلك الحكومة بمقالة سياسية لتتهمنا بإحدى التهم الجاهزة التي تلصقها بكل من يخالفها الراي وتطعن في وطنيته وانتمائه..فنحن أحرص على كوردستان منهم، وما وجودنا خارجها ضمن ملايين الكورد المستقرين في الشتات الاّ هرباً من الظلم ومصادرة الحقوق والحريات التي تمارسها تلك الحكومة حتى اليوم! فأختصاصنا واستشعارنا بحجم الكارثة التخطيطية المترتبة على هذه الانتهازية السياسية، ورغبتنا في تبرئة ذمتنا أمام التاريخ هي الدافع لتناولنا هذه المشكلة، وطرح المقترحات اللازمة بشانها ولعل في مقدمتها:
1. بلورة أستراتيجية تخطيطية واضحة المعالم في كوردستان تتضمن في اولوياتها الحفاظ على توازن استعمالات الارض وفق المعايير التخطيطية المعتمدة دولياً لكل نشاط وفي مقدمتها الزراعة.
2. تشريع القوانين والتعليمات ذات (الأثر الرجعي) اللازمة للحد من تغيير جنس الأراضي الزراعية إلى أستعمالات اخرى، والزام المخالف بإزالة ماشيده سابقاً خلال إطار زمني محدد من تاريخ الإخطار.
3. تطهير الدوائر الرسمية من كل مظاهر الفساد وانزال اقصى العقوبات بمرتكبيها، والمعروف ان الدوائر الخدمية وفي مقدمتها البلديات المسيّرة من مافيا الفساد تحتل مرتبة الصدارة بين باقي مفاصل الدولة ،بينما مجالس المحافظات تحتل المرتبة الثانية في الفساد المالي و الاداري .
4. تقديم كافة التسهيلات الممكنة للفلاحين والمزارعين، والمساعدة على أعادة اراضيهم المغتصبة خاصة ان الكثير منهم قادر على تزويد القضاء(المعطّل) بالادلة والقرائن التي تدين عصابات الاحزاب السياسية النافذة في المنطقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق