تحديد 43 مسجدا صلى فيها الرسول بعد إسقاطها على خارطة للمدينة من العهد النبوي
د. عبد الباسط بدر: حصلنا على 900 مخطوط من هولندا وبريطانيا وأميركا
الشرق الأوسط : المدينة المنورة: علي العمري :
أنهت دراسة جغرافية مسحية حديثة تحديد 43 مسجداً أدى الصلاة فيها الرسول صلى الله عليه وسلم في أنحاء متفرقة من المدينة المنورة، قام بها مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة وفق أسانيد وروايات من الأحاديث الصحيحة والسيرة النبوية والتراجم والروايات التاريخية.
وأوضح الدكتور عبد الباسط بدر مدير مركز المدينة للدراسات والبحوث، ان المركز قام بإسقاط مواقع المساجد التي صحت فيها الروايات على خارطة جوية بواسطة الأقمار الاصطناعية، بعد أن تم تحديد خارطة المدينة المنورة عليها في العهد النبوي، وذلك وفق المعالم الطبيعية والتجمعات السكانية والزراعية المحيطة بها، لأشهر فروع القبائل مثل الأوس والخزرج والمهاجرين وأماكن سكنهم من الجرف شمالاً وحتى قباء جنوباً.
وأشار الدكتور عبد الباسط إلى أن الإبقاء على ديموغرافية الانتشار السكاني كانت أحد أهم الأسباب وراء كثرة عدد المساجد، فقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يزور مواقع تلك القبائل لحضهم وتطييب أنفسهم في البقاء والإقامة في مواطنهم وعدم تركها للسكن بجوار المسجد النبوي الشريف، الذي كان الصحابة يحرصون على الصلاة فيه وراء النبي، وقيامه بالصلاة في مساجدهم ومصلياتهم التي اتخذوها وسط ديارهم، والتي من أشهرها ديار بني سلمة (قرب وادي العقيق شرق الجامعة الإسلامية)، وموقع بني سالم بن عوف (جنوب مسجد قباء).
وأوضح مدير مركز المدينة للدراسات والبحوث أن ابرز المساجد هي مسجد بني معاوية (الإجابة) مسجد بني حارثة، مسجد بني ساعدة، مسجد الشيخين، مسجد الشجرة (الميقات)، مسجد بني وائل، كما أن كثيراً من مواقع ومعالم تلك المساجد اندثر أو طمس تماماً لأسباب وصفتها الدراسة بالطبيعية، منها الهجرات والتوسع العمراني والتحولات السكانية، ولم يتبق من أبرزها سوى المسجد النبوي ومسجد قباء ومسجد الإجابة والقبلتين.
وأشارت الدراسة إلى أن المشروع يسعى إلى الاستعانة بسير وكتب المؤرخين لا سيما مؤرخي المدينة المنورة في محاولة لتثبيت المساجد بمسورات، والاعتماد على الوصف والاجتهاد في تحديد أماكن الأحياء والأجزاء والمساجد بعد توثيق القائمين على الباحثين في الدراسة باستخراج الأحاديث، ثم جمع هذه الأحاديث وتصنيفها.
وتهدف الدراسة بحسب مدير مركز المدينة للدراسات والبحوث إلى توثيق حديث للمساجد التي صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أن المراجعة العلمية وتدقيقها استغرقت أكثر من شهر.
وبين الدكتور عبد الباسط بدر أن المركز يقوم بجهد بارز في مجال جمع التراث لتوطين وإعادة المخطوطات عن المدينة المنورة في الجامعات والمكتبات ومراكز الاستشراف حول العالم، والتي خطها المؤرخون والمستشرقون أو الرحالة أو عبر تقارير كانت تبعث عن المدينة المنورة، وذلك بهدف إيجاد رؤية واضحة وتغطية الثغرات في تاريخ المدينة المنورة.
وأوضح أن المركز استطاع في هذا الاتجاه أن يحصل على جانب كبير بلغ 900 مخطوط من هذا الإرث التاريخي، خاصة من جامعة ليدن في هولندا، والتي تضم مكتبة أمين الحلواني أحد أشهر علماء المدينة المنورة، واستقرت في حوزة أحد المستشرقين، ومن تقارير وزارة الخارجية البريطانية عن أحوال المدينة المنورة في مراحل تاريخية معينة، كذلك من جامعة برينستون الأميركية، مؤكدا أن هناك تعاوناً قائماً بين مركز الملك فيصل ومعهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية ودار الكتب والوثائق المصرية والسورية.
وفند الدكتور عبد الباسط بدر المزاعم القائلة بأن الحياة في العهد النبوي كانت حياة حربية وجهاداً فقط، موضحاً أن هذا الجانب لم يكن يمثل سوى 15 في المائة من جوانب الحياة المدنية في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والزراعية، مؤكداً أن الجانب الأهم في مجمل الدراسات التي يقوم بها المركز هي إبراز الجانب الإنساني والقيم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق