التسميات

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

الجغرافيا كوعاء فكري عظيم وعلم بيئي متداخل التخصصات ...

الجغرافيا كوعاء فكري عظيم و علم بيئي متداخل التخصصات

Geography as a Great Intellectual Melting Pot  And
The Preeminent Interdisciplinary Environmental Discipline 
David L. Skole ديفد سكول
Michigan State University 

      بدخولنا للقرن الثاني من البحوث الجغرافية ، فان المسارات تتلاقى لوضع علم الجغرافيا في المقدمة لخلق المعرفة في العلوم البيئية ، وبتأكيد رئيسي على تفاعل الإنسان – البيئة ، وستعرض هذه المسارات فرصا وتحديات جديدة للجغرافيا كعلم تكاملي . أريد أن اركز هنا على هذه المسارات البحثية ومضامينها الواسعة لمجتمعنا الجامعي . 

تحديات بحثية جديدة في القرن الحادي والعشرين :


     ركز المسار البحثي الأول على تقصي التغيرات البيئية العالمية ، على المشاكل التي تعمق الحاجة إلى أبحاث متداخلة التخصصات العلمية interdisciplinaryوأبحاث تستند على التوليف synthesis-basedالفكري، وستدفع باتجاه دراسة المزاوجة بين النظم البشرية والطبيعية . فالمجتمعات تواجه تحديا صارما للتغيرات البيئية على مستوى العالم ، بما فيها التغيرات المتسارعة في المناخ والايكولوجيا ، وتداعي نوعية مصادر المياه العذبة ، وعالمية الأمراض ، ومخاطر الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والإرهاب . والمشكلة الأكثر تعقيدا ، هي كيفية ضمان بيئة آمنة للمدى البعيد . فالنشاطات البشرية وتأثيراتها قد أصبحت عالمية المقياس والاهتمام ، مؤثرة على البيئة وما بعد النظم البيئية المحلية لتشمل الكرة الأرضية ونظم الحياة المساندة، وحياة الناس حتى البعيدين عن مصادر التغيير . فالناس في قارة يتأثرون بأفعال الآخرين في قارة بعيدة ، وحتى بطرق غير متوقعة . فعلى سبيل المثال ، فان الانبعاثات من وقود المتحجرات في أمريكا الشمالية تؤثر على الأنماط المناخية والأمن الغذائي في أجزاء أخرى من العالم . والتغيرات في أسعار الطاقة التي يسددها المستهلك في أمريكا الشمالية وأوربا فإنها ، وبشكل غير مباشر ، تؤثر على سياسات استعمالات الأرض في جنوب البرازيل من خلال القروض التي يمنحها البنك الدولي لمشاريع تحديث الزراعة والتي بدورها تؤدي إلى قطع الغابات في الامزون . ويساهم البشر وبشكل متزايد في تصميم وادارة العلاقات المعقدة بين الناس والنظم البيئية ، والغلاف الحيوي برمته .
      إن التوجهات البحثية والتعليمية الجديدة للعديد من المسائل البيئية العالمية الأكثر ضغطا ستمتد إلى ما بعد الهياكل العلمية الراهنة وتتطلب تمويلا ماليا وتنظيمات مؤسسية جديدة . وفي الوقت الذي تستمر فيه أهمية الهيكل العلمي الراهن مستمرة و بحاجة إلى تقوية ، إلا أن التحديات الراهنة والمستقبلية ستركز على الصلة عبر العلوم والمستوياتscalesمعززة الدراسات والنشاطات التركيبية synthesis studies  وبشكل اكثر صرامة ، ربط العلوم مع التقنيات و صناعة القرار و تحقيق قدرة على التوقع حيثما أمكن . وتقع الجغرافيا في صلب هذا التكوين الجديد لعلم تركيبي تحولي .
      في المحصلة النهائية فان التغيرات البيئية سيكون تأثيرها على الحياة المحلية والمجتمعات الهشة مميزا، مؤثرة على نوعية الهواء ، والماء ، والتربة ، والإنتاجية الزراعية ، وخصائص المظهر الحضري ، وانتشار وحدوث الأمراض الوبائية ، والمعطيات الصحية والرفاهية للإنسان . لذلك فالبيئة العالمية تشكل عنصرا مهما في إستراتيجيات التنمية العالمية . ومؤتمر الأمم المتحدة عن البيئة والتنمية عام 1992 و لقاء القمة عن التنمية المستدامة عام 2002 قد ركزا الاهتمام العالمي على مشاكل البيئة العالمية لأنها ترتبط بالتنمية الاقتصادية . ومثل هذا الاهتمام البيئي جاء على قمة البرامج العالمية الرئيسية للتنمية ، والأدوات الجغرافية والنظريات ستكون مهمة لنجاح هذه المساعي .
      ولنناقش بطريقة الأمثلة بعض التحديات التي تواجه العالم خلال القرن الحادي والعشرين في مجالي البيئية العالمية واستدامتها ، وكما موضحة في الجدول . توضح هذه الأمثلة الطبيعة المعقدة للمسائل البيئية التي تواجه الكائن البشري ، وحيث تشكل العناصر شبكة معقدة من الضغوط المتداخلة والتي تضع بعض الأقاليم في خانة الخطر على الإنسان والحياة . إضافة إلى ذلك ، فإنها تركز على ضرورة أن يكون مستوى مناقشاتنا ما بعد خط منحى المشكلة – الاستجابة – التخطيط باتجاه منحى متعدد التخصصات يعنى بنظرات ثاقبة متنوعة وطرائق من مختلف العلوم . وضمن هذا السياق ، فان البعد البشري للتغيرات العالمية يمثل اكثر المناطق البحثية تحديا خلال الأعوام القادمة . وخلال العقدين القادمين فان عناصر العلوم الاجتماعية عن التغييرات العالمية ، مثل تلك المرتبطة باستعمالات الأرض والغطاء الأرضي ، فإنها ستكون الأكثر تميزا وتأثيرا مباشرا على صلاحية المكان لسكنى الإنسان ، وحتى اكثر من التغيرات الطبيعية في المناخ ، التي هي الأخرى مسالة مركزية أيضا . والأكثر من هذا ، فان اكثر المشاكل الشائكة المتعددة التخصصات مرتبطة بالسياسة المحلية ، والإدارة ، والتنمية الاقتصادية ، والحاجة إلى صناعة قرارات تواجه مشكلة الانتقال في المقياس من العالمي إلى المحلي بسبل لا نزال لا نعرفها ، ولحين الآن فان الأبحاث تفصل الطرائق العالمية عن المكان أو الطرائق المحلية .

التحدي : من العالمي إلى المحلي :

      لقد لوحظ دور الجغرافيا في البرنامج البحثي للتغيرات العالمية ، وما طرأ في السنين الحالية هو الاعتراف بذلك ، فالملاحظات على مستوى العالم للتغيرات البيئية يمكن أن تكون على مستويات مكانية تفصيلية من اجل فهم العمليات الحقيقية والوكالات agentsالتي تقود هذه التغيرات . ومن التحديات للبحث في التغير العالمي هو أن العديد من التغيرات في نظم الأرض لا يمكن قياسها على المستوى التراكميaggregate  خاصة تلك المصاحبة لاستخدام الإنسان للمصادر الطبيعية والأرض . يضاف إلى ذلك ، فان اكثر التفاعلات أهمية بين وكالات التغيير تتطلب قياسات مكانية دقيقة جدا و تحليل . لذا ، فان التحدي البحثي البيئي العالمي هو اكتشاف ما يعنيه الانتقال من المقياس العالمي إلى مستوى الأرض (المحلي) في محاولة لبناء نماذج ونظريات الجزء المركزي فيها هو الوصف التفصيلي المكاني والزمني للتغيرات البيئية فوق مساحة كبيرة من الأرض . ومثل هذا المنحى جوهري لفهم السواقات drivers  الاجتماعية التي تقود تغيير البيئة والعمليات الايكولوجية التي تبرز جراء ذلك . فعلى سبيل المثال ، سؤال واحد يواجه مجتمع الجغرافيين يقود استعمالات الأرض و تغيير الغطاء الأرضي مفاده : كيف نمثل وننمذج سواقات تغيرات الغطاء الأرضي بمستوى دقيق بطريقة نظرية و تجريبية تستند على الفهم الاقتصادي والاجتماعي للأفراد والاقتصاديات ، والقيام بذلك على مستوى إقليم كبير بقصد الإجابة عن التساؤلات المطروحة على مستوى العالم . وفي هذا الخط الجديد من التقصي ، فان تمييز المكان – المحلي قد تتشكل عند دراسة الأقاليم بنوع جديد من برامج الأبحاث المبنية على المكان ، والتي هي متصل محلي وعالمي ، والقدرة على حل المحلي ضمن بيئة العالمي الذي يصغر بالتقدم الجديد في نظم الملاحظة الأرضية وتقنيات المعلومات الجغرافية-المكانية . وسيكون هذا تقدما في نظم ملاحظة الأرض ، وتقنيات المعلومات المكانية-الجغرافية و النماذج التحليلية التي تركز على القياسات والنماذج على المستوى التفصيلي الدقيق فوق مساحة كبيرة جدا من الأرض التي تقود المفاهيم الجديدة والنظريات للعلوم المستندة على المكان ، وتوسيعها لتشمل القارة أو العالم كحدود جغرافية للمكان الذي ندرسه .
      توفر الأقمار الصناعية معلومات جديدة ذات تفاصيل ودقة عالة ، ولاند سات 7 (تفصيل 30 متر للمربع الدقيق في الصور) يسجل ملاحظات عن الأرض بشكل منتظم ولجميع القارات . وبنبرة افتخار قال البعض بأننا نعمل في عصر الملاحظات العظيمة ، فالتكنولوجيا تمكن من قيام علم جديد . ففي مختبري الخاص و في أقسام الجغرافيا حول العالم ، فإننا نستخدم آلاف المرئيات الفضائية من لاند سات لقياس بتفاصيل عالية أنماط تغيير المظهر الأرضي وعلى مستوى القارات . فمن هذه المجسات تكتسب المعلومات وتجزأ وبصيغ متنوعة لجعلها متوفرة للباحثين من العلوم الطبيعية والاجتماعية . وهذا الاشتراك في البيانات بدوره قد خلق فرصا للتعاون بين العلماء ، مع تضمينات للحركة عبر الحدود بين العلوم ، وبمنظور لتطوير تقنيات وميادين معرفة جديدة . وتزاوج مع هذا التقدم في اكتساب واستخدام مجاميع بيانات هائلة الكمية أن نشهد بروز GIScكسيادة لعقلية الجغرافيا الريادية ، والذي يتطلب طرائق تحليل مكانية ، وتبنى التعاون بين العلوم . يضاف إلى ذلك ، ومع الملاحظة المستمرة والمتصلة للأرض ولفترة طويلة ، فقد تشكلت فرصا مثيرة لتحليل متعدد الأبعاد وحالات دراسية مقارنة بين عناصر الهيكل العالمي . وفي الوقت نفسه ، فان قواعد البيانات الكبيرة هذه قد طورت ، والتقدم الحاصل في تقنيات المعلومات الجغرافية-المكانية قد جعل إدارة شبكة كبيرة من البيانات ممكنا ، كذلك تكامل العديد من قواعد البيانات في النماذج وفي التحليل . ولأول مرة ، فقد أمكن الربط المباشر لمجاميع بيانات عن مناطق كبيرة مع دراسات تفصيلية ، موفرة فرصة عظيمة ، عبر عنه بلي تيرنر " بجعل البكسل اجتماعيا" . ومن ابرز نتائج هذا السعة الجديدة في خزن البيانات ،  هي تنامي إمكانية فهم العمليات على المستوى التجزيئي ، وفهم العلاقات المتداخلة مكانيا بين وكالات متعددة مع علاقات متداخلة مكانيا بين المظهر الأرضي والوكالة .
      إن تطور تقنيات ملاحظة الأرض الذي رافقه تقدم تقنيات نظم معلومات جغرافية – مكانية سيؤدي إلى تغير الكيفية التي ندرس بها البيئة ، مثيرا تساؤلات جديدة تعنى بالنظرية والطرائق في علم الجغرافيا . والى يومنا هذا ، فنحن نملك النزر القليل من معلومات عن التغيير المكاني والزمني لخصائص استعمالات الأرض وغطائها . إضافة إلى ذلك ، فان نماذجنا تتوقع بصيغة تراكمية على أساس العالم ، بينما افتراضاتنا النظرية , نادرا ما تختبر على هذا الأساس ، وتركز على الوكالات الاقتصادية التي تعمل على المستوى الدقيق . وعلى الرغم من وجود أدبيات نظرية ذات صلة  بالجغرافيا الاقتصادية والعلم الإقليمي ، فانه نادرا ما تحمل في طياتها مسالة أن التغيير في استعمالات وغطاء الأرض هما من وكلاء التغيير العالمي . وبيانات استعمالات الأرض وغطائها والتغيرات الحاصلة فيهما هي على شكل جداول أرقام مأخوذة من ملخصات إحصائية أو حالات دراسية منفصلة وغير متصلة ببعض . يوفر النوع الأول وسائل لتقديرات لمساحة كبيرة من الأرض ولكن يفتقد النظرة الداخلية للأنماط التفصيلية . والأخير قد يوفر تفاصيل عن مواضع أو أماكن ولكن لا يمكن استخدامها في التقصيات لهيكل كبير المساحة . لذا فان عملنا الاختباري ، وليومنا هذا ، هو موائمة بين المغالطات الايكولوجية وفقدان العمومية . ومن اجل المساهمة في تغيير المجتمع العالمي ، علينا أن نتبنى نظريات لطرائق جديدة تعنى بالتحليل على مستوى العالم ، والقيام بذلك بطريقة حساسة للنظرية والطرق العلمية . وبوضوح فان الأسباب التقريبية وعمليات تغير استعمالات الأرض هي بالأصل ذات مستوى دقيق ، وحتى عندما تتم الإشارة إلى تأثيراتها التراكمية على مستوى العالم . لذا فان كوامن تقويم العمليات والتغيرات في أنماط استعمالات الأرض  وغطائها على المستوى الدقيق فوق إقليم كبير جدا لم تكن مركز تقصي جغرافي، ولعل ذلك راجع جزئيا إلى فقدان البيانات على المستوى التفصيلي لمساحة كبيرة من الأرض . وهذا ما ستساعدنا فيه التقنيات الجديدة .
      الجغرافيون هم أبطال استخدام تقنيات الجغرافية المكانيةgeospatial، ورواد تطورها وتنقيح الطرائق ، ومعززوها ، و في الواقع يراجعوها نقديا . وفي كل مكان وفي المراكز الراقية لأبحاث التغيرات العالمية هناك جغرافيون يقودون المحاولات على مستوى الملاحظة العالمية والتحليل ، مستخدمين التحسس النائي والتقنيات المتقدمة للتحليل المكاني . لقد تنازلت الجغرافيا عن حقها في قيادة التقنيات الحديثة إلى غيرها من العلوم ، والتي تجد الآن أن استعمالها ضروري جدا لتحسين استيعاب التغيرات البيئية .  

أصالة الجغرافيا  :

      ثلاثة اتجاهات لها مضامينها لمجتمع الجغرافيين : مع تنامي التوجه للبحث في النظم البيئية المعقدة ، فان الجغرافيا ستجذب أعضاء جدد من علوم أخرى ، ومناقشات و طرائق أخرى  ممن يبحثون عن ملجأ في أقسام الجغرافيا . وهؤلاء  قد ينجزون أبحاثا  متداخلة التخصصات عن البيئة ، أو أبحاثا أكاديمية مركزة على التخصص بموقف عدائي للعمل التكاملي . وبارتباط هؤلاء بأقسام الجغرافيا فانهم يحصلون على سهولة الوصول إلى القواعد التقنية والفكرية لتقنيات المعلومات الجغرافية – المكانية المطلوبة للإجابة عن تساؤلات بيئية . و يتوقع أن يتغير المجتمع الجغرافي واصالة الجغرافيا بانضمام المهاجرين الجدد من علوم أخرى ، الراغبين في الاستفادة من التقنيات والتركيبة المتداخل التخصصات في الجغرافيا . ومن اجل الاغتناء في هذا البرنامج ، على الجغرافيين أن ينفتحوا ويهظموا أفكار العلوم الأخرى وأناسها . ففي المائة عام القادمة نحتاج اكثر فاكثر لتبني هذا العلم ليكون وعاء كبيرا يذيب الأعضاء الجدد وأفكارهم بدمجهم في تركيبته.
      وسواء اختارت الجغرافيا أن تأخذ زمام المبادرة أم لا ، فان التغيير حاصل بطريقة علمية . ومؤسسة العلوم الوطنية قد طورت برنامجا عن الأبحاث البيئية والتعليم ، مع التركيز على توفير فرص لأبحاث متداخلة التخصصات لدراسة النظم البيئية المعقدة . والحافز في البرنامج الجديد غير موجه لعلمنا وحده ، ولكننا في موضع قيادة ما سيأتي لاحقا . يسعى مجتمع علم البيئة الأوسع إلى تقصي الصلات بين النظم البشرية والنظم الطبيعية . وكمثال ، ضمن حقيبة البحث البيئي والتعليمي فان المؤسسة قد اقترحت برنامجا عن التعقد الحيوي في البيئة ، وبموضوع مركزي عن تزاوج النظم البشرية والطبيعية . ومن التقرير المقدم من اللجنة المشرفة ((النظم البيئية المعقدة : تركيبة الأرض ، الحياة و المجتمع في القرن 21)) ورد أن البحوث المعنية بتزاوج النظم البشرية والطبيعية تسعى إلى فهم الشبكة المعقدة من التغذية الراجعة للبيئة  وبمستويات متنوعة زمنيا  ومكانيا . والتساؤلات الرئيسة هنا هي : كيف تعمل البيئة ؟ كيف يستخدم الناس البيئة ؟ كيف يغير هذا الاستخدام البيئة ؟ وفي بعض الأحيان لا يمكن نقض هذا التغيير ، وكيف تؤثر نتائج التغيير البيئي على الناس ؟ إنها تشمل اهتمامات في الأبعاد الطبيعية والبشرية لتغير البيئة ، وبضمنها مختلف تراتب النظم البشرية الاجتماعية، والسياسية وتركيبة المؤسسات ، والطبقة ، والعرق ، والعلاقات بين الجنسين .
   ومن الأمور المميزة لتكون مثل هذه البرامج هو دورها النقدي في صلاحية مسعى البحث المتعدد التخصصات من خلال آلية التمويل المالي والفرص المباشرة للتعزيز . وعلى الرغم من أن العديد من الميادين الدراسية بإمكانها الادعاء في انتمائها لهذا العلم الجديد المتداخل التخصصات ، إلا أن التغير الواضح في تكون مثل هذه البرامج التكاملية هو في الربط العلني بين النظم البشرية مع النظم الطبيعية وصلاحية التقليد المهم للناس – البيئة والذي له تاريخ عريق في الجغرافيا . تتمثل إيجابيته للجغرافيا بقدرتنا كجغرافيين على الربط بين التقنيات المكانية ومقاييسها والملاحظات التي تجعل من منحى الناس – البيئة ممكنا . وسيعتمد نجاحنا في جزء كبير منه على قدرتنا على جعل من هم من داخل الاختصاص يسعون إلى مثل هذه الأعمال و جذب أكاديميين من خارج الجغرافيا للعمل معنا . وفي الوقت نفسه ، على الجغرافيا أن تتجرأ وتخرج عن شرنقتها لتكون خارج اختصاصها الأصلي والتفاعل مع المجتمع العلمي الأوسع . فحيوية التخصص تعتمد قليلا على كيف نستوعب أنفسنا ،  أو على طبيعة الحوارات الجارية داخل التخصص ، ولكنها تعتمد اكثر على التأثير الذي نملكه ضمن المجتمع العلمي الأوسع . وكذلك ، المشاركة في  مجتمعات ومؤسسات مثل المجلس القومي للأبحاث والمنظمات العالمية التي تعرف برامج الأبحاث يساعد في نمو تخصصنا .
      لقد استفادت الجغرافيا دوما من انضمام المهاجرين إليها ، ولكن ليس هذا تاريخا هادئا . فقد وصف تيرنر تاريخ الجغرافيا بأنه "تنافس الهويات"  ، وكأحد التعارضات المميتة . ومن وجهة نظر واحد من أولئك المهاجرين ، فانه يصعب علي أن أرى الحاجة إلى المنافسة واسكت : فعلا هناك حاجة لإعادة تعريف نظرية تزاوج النظم البشرية – الطبيعية ضمن مملكة عالمية للمعلومات المكانية العالية التفاصيل والتي تجعل من الهدنة ضرورة ملحة . وبأي مستوى ، فان الانجذاب إلى الجغرافيا من تخصصات أخرى قد يؤدي إلى تعزيز اندماج الهويات من الأفكار والناس في وعاء واحد . وبالتأكيد فان هذه مشكلة صعبة . ففي القسم الذي انتمي إليه ، وكما هو حال العديد من الآخرين من المهاجرين إلى الجغرافيا ، فإني افترض أن على طلبة الدراسات العليا من ذوي الخلفيات العلمية غير الجغرافية اخذ كورسات لاستكمال النقص في تكوينهم المهني . وقد شهدت فصلا دراسيا طويلا أزيح فيه جميع المشرفين من غير الجغرافيين . وكان الهدف هو مساعدة الطلبة الجدد ممن ليس لديهم خبرة مسبقة بالنظرية الجغرافية للنجاح والتقدم وفهم التخصص وأفكاره . ولكن أيضا حقيقيا في الوقت نفسه عندما نرى في كل مكان هناك توكيد على تداخل التخصصات في تركيبة علمية واحدة . إن العقود القادمة ستكون فيها النظرة ليست إلى الداخل بل إلى الخارج . وقد سمعت سؤالا فيما إذا سيعاد استحداث قسم الجغرافيا في جامعة هارفرد . الجواب بسيط ، نعم ولكن هل أن القسم الجديد سيدعى قسم الجغرافيا ؟ .

جدول التغيرات البيئية العالمية للقرن القادم

تغيير المناخ العالمي : وصل العلماء حاليا إلى فهم لدور ثاني أو كسيد الكربون في التغيرات المناخية  الناتج عن نشاطات الإنسان جراء استهلاك الطاقة وتغير استعمالات الأرض ، مع مقترحات عن التأثير الكبير على إنتاج النظم البيئية وإدارتها .
النمو الحضري وما بعد المدن العملاقة : في الخمسين سنة الماضية كان النمو السكاني والتوسع المساحي للمناطق الحضرية كبيرا ، وقد أديا إلى سيادة النمو المتروبولوتيني في مختلف أرجاء العالم ، وبالتالي ظهور مدن عملاقة بمشاكلها : تركز الفقر فيها ، والتجزئة الاجتماعية والسياسية ، وتداعي نوعية البيئة .
الضعف: إن تلاقي الكثافات السكانية العالية ، مع دورة طاقة هيدرولوجية على مستوى العالم ، مع قرون من سوء استخدام الأرض , وسحق للفقراء و تدخلات غير مدروسة في الأقاليم الأخرى في العالم ،  فإنها قد أنتجت عالما فيه الكلف عالية ، وفيه تكرار ممل و عدم استقرار سياسي وكوارث بيئية .
المياه : عبر الولايات المتحدة والعالم فان الماء يسحب من جوف الأرض و 20 ألف سنة لخدمة التنمية ، والزراعة ، والصناعات الجديدة ، وفي الوقت نفسه فان مخزون المياه قد تلوث من خلال المياه السطحية وعدم التنقية للمياه المستخدمة بكثافة متنامية من مختلف استعمالات الأرض .
الأمراض المعدية وصحة الإنسان : إن الموازنة بين الإنسان والمكروبات قد اختلت من خلال  نمو السكان، وانتقال الإنسان من مكان إلى آخر ، والتغيير الجيني . ويعتقد العلماء ، يوما بعد آخر ، أن توافق الضغط الناتج عن تغير استعمالات الأرض والتغيرات المناخية يلعبان دور كبيرا في ذلك .  إن دورهما الحقيقي  والأهمية النسبية لازالتا بحاجة ماسة للتقصي .
العولمة : إن تنامي عولمة الاقتصاد والتقنيات لهما تأثير كبير جدا على التحول الصناعي واستعمالات الأرض، وعلى حياة الناس في الأماكن المحلية ، مع زيادة مستمرة لثروة الأغنياء  وزيادة فقر الفقر وانتاج بيئات مهمشة.
    
أ.د. مضر خليل العمر

·Annals of the Association of American Geographers , 94(4) , 2004 , pp. 739 – 743

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا