تحليل جغرافي لمقومات وواقع السياحة في محافظة حضرموت :
دراسة في جغرافية السياحة
رسالة ماجستير
|
مقــدمة
السياحة بمفهومها الحديث هي صناعة القرن الحادي والعشرين وهي ظاهرة اقتصادية واجتماعية وعرفها الإنسان منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، فهي قديمة قدم الحياة، عريقة عراقة التاريخ. لقد أصبح للسياحة دور عظيم الأهمية ذو أبعاد كبيرة في حياة الأمم والشعوب، سياسية واجتماعية، واقتصادية، فصار عائدها ينافس عائدات الكثير من الصناعات الأخرى من خلال ما تحققه من عائدات مادية كبيرة تلعب دورا هاما في حل الكثير من المشكلات التي تواجهها تلك الأمم، لذلك أنشئت من أجلها المنظمات والهيئات الدولية والمحلية التي ترعى شؤونها وتهتم بها، لتطويرها والارتقاء بها وتنميتها وتنشيطها بين الدول المختلفة. بدا الاهتمام بدراسة السياحة من منظور جغرافي منذ بداية القرن العشرين، وذلك من خلال الاهتمام بالأنشطة التي تعالج استثمار العطلات والإجازات واستغلال أوقات الفراغ، التي برزت أهميتها في تحقيق نوع من الترفية والمتعة التي تساعد على تحديد نشاط الإنسان وتزيد من قدرته على العمل والإنتاج، إلى جانب تأثير هذه الأنشطة على انماط استخدام الأرض في المراكز العمرانية المختلفة. لذا يمكن القول أن السياحة من الموضوعات الهامة التي تحتاج إلى البحث والدراسة، وتكمن أهميتها في كونها تجارة تستخدم فيها أعداد كبيرة من الناس في أكثر بلاد العالم خاصة المتقدمة منها، كما أن إيرادت السياحة تشكل دخلا قومياً له قدرة ومكانه يرفد الاقتصاد القومي بسيل من العملات الصعبة إلى جانب ما توفره السياحة من فرص عمل لعدد كبير من السكان.
إن الدافع الأساسي الذي حدا بالباحث ليطرق هذا الموضوع الذي طرقه نفر من الباحثين، كما أن اختيار محافظة حضرموت كمنطقة للدراسة يُعَدّ إدراكاً من الباحث بأهمية هذه المحافظة المترامية الأطراف، ذات البيئة الطبيعية المتنوعة التي تحوي العديد من المقومات الطبيعية للسياحة، أضف إلى ذلك ما تتميز به المحافظة من معالم تاريخية وموروث ثقافي وحضاري عريق. إن الهدف من هذه الدراسة هو الكشف عن واقع السياحة في محافظة حضرموت وما تمتلكة هذه المحافظة من مقومات طبيعية وبشرية للسياحة، وإمكانية استغلالها للرقي بمستوى النشاط السياحي كنشاط اقتصادي يسهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية لسكان المحافظة بشكل خاص.
مشكلة البحث :
تتمثل مشكلة البحث في عدم الاستغلال الأمثل لكل المقومات الطبيعية والبشرية المتاحة في محافظة حضرموت للنهوض بالنشاط السياحي، وذلك نظراً لحداثة الاهتمام بالسياحة، وعدم وجود رؤية استراتيجية لدى جهات الاختصاص لاستغلال تلك المقومات في منطقة الدراسة خاصة واليمن عامة، وهذا بدوره أدى إلى ضآلة نصيب اليمن من حجم إجمالي عدد السياح الدوليين الذي بلغ عام 1998م (87627) سائحا دولياً وهو ما يشكل (0.56%) من حجم إجمالي عدد السباح الدوليين الواصلين إلى منطقة الشرق الأوسط البالغ عددهم (15.6) مليون سائحاً دولياً 1
فرضيات البحث:
تتمثل فرضيات البحث في الآتي:
1- أن حضرموت مؤهلة للقيام بالنشاط السياحي لما تمتلكة من مقومات طبيعية وبشرية.
2- هناك إمكانية لاستغلال كل المقومات الطبيعية والبشرية المتاحة في منطقة الدراسة إذا ما خطط لها بشكل سليم.
3- هناك العديد من المعوقات التي تعترض النهوض بالنشاط السياحي في محافظة حضرموت كغيرها من محافظات الجمهورية، تتمثل في قلة وتدني مستوى الخدمات العامة والخدمات والتسهيلات السياحية وعدم وجود تجانس اجتماعي بين السكان والسياح وحدوث ظاهرة الاختطاف للسياح.
4- التركيز على السياحة الثقافية واهمال بقية الانماط السياحة الاخرى.
5- عدم وجود رؤية إستراتيجية لدى جهات الاختصاص لاستغلال المقومات المتاحة في محافظة حضرموت للنهوض بالنشاط السياحي .
أهداف الدراسة:
تتبلور أهداف الدراسة في محورين احدهما نظري والآخر تطبيقي :
أولاً: الهدف النظري - ويتمثل في تكوين إطار نظري لدراسة السياحة من حيث المفهوم والأنماط، وكذلك دراسة الجغرافيا السياحية وجوانبها وإبراز العلاقة بين الجغرافيا كعلم والسياحة كظاهرة لرفد المكتبة الجغرافية بمثل هذه الدراسة نظراً لقلة الدراسات السابقة في هذا المجال.
ثانياً : الهدف التطبيقي - ويتمثل في الكشف عن المقومات الجغرافية للسياحة وأثرها في تنمية السياحة ومدى ملاءمتها للأنماط السياحية المختلفة بالإضافة إلى الكشف عن واقع السياحة في محافظة حضرموت من خلال معرفة حركة السياحة الخارجية ومصادرها وبعض الخصائص الاقتصادية والديموغرافية والاجتماعية للسياح باعتبارهم يمثلون حجم الطلب السياحي، وكذلك حركة السياحة الداخلية باعتبارها رديف للسياحة الخارجية واقل تأثراً منها بالعوامل السياسية والأمنية، لذا فهي أكثر ثباتا واستقرارا منها، كما ينطوي تحت هذا الهدف دراسة الآفاق المستقبلية للسياحة في محافظة حضرموت.
حدود الدراسة:
أ- الحدود المكانية للدراسة: وتتمثل في الحدود الإدارية لمحافظة حضرموت باستثناء جزيرة سقطرى.
ب- الحدود الزمانية: تشمل الفترة الزمنية التي تغطيها الدراسة للسنوات من 1990م إلى 2000م.
منهجية وأسلوب البحث:
اعتمد الباحث في دراستة على ثلاثة أساليب وذلك لفهم ومعالجة مشكلة الدراسة والتحقق من الفرضيات من خلال المعلومات التي تم جمعها عن منطقة الدراسة، وتلك الأساليب هي:
- الأسلوب الوصفي: وتم استخدامه لتوضيح المفاهيم العامة للسياحة والسائح ووصف الخصائص الطبيعية والبشرية لمنطقة الدراسة.
- الأسلوب التاريخي: لإعطاء لمحة تاريخية عن منطقة الدراسة وكذا بعض المقومات البشرية للسياحة ذات الطابع التاريخي.
- الأسلوب الكمي: وذلك لدراسة وتحليل البيانات عن الظاهرات المدروسة بهدف التوصل إلى نتائج سليمة من خلال استخدام بعض الأساليب الإحصائية في تحليل البيانات ومعالجتها وتمثيلها كارتوجرافياً، والتي شملت طريقة النسب والمعدلات وأسلوب الاختبار الإحصائي مربع كاي ومعامل الارتباط.
مراحل إجراء البحث :
لقد مرَّ البحث بالمراحل الآتية:
1- مرحلة جمع المعلومات والبيانات المكتبية المتعلقة بالبحث من المصادر والمراجع العربية والأجنبية والمجلات والنشرات والتقارير المنشورة وغير المنشورة من المكتبات العامة والخاصة ومن الهيئات والمؤسسات والأجهزة الحكومية.
2- مرحلة الدراسة الميدانية والتي تم فيها القيام بجمع المعلومات والبيانات التي لم يتم الحصول عليها في المرحلة السابقة من خلال إجراء بعض المقابلات الشخصية ببعض مدراء المؤسسات والهيئات ذات العلاقة والمهتمين بشئون السياحة وكذا توزيع استمارات استبان على عينة من السياح عن طريق عدد من الفنادق.
3- مرحلة تبويب المعلومات والبيانات لمختلف فصول الدراسة.
4- مرحلة تحليل البيانات والمعلومات التي تم الحصول عليها وصياغتها بشكلها النهائي.
5- مرحلة الخروج بالنتائج ووضع جملة من التوصيات على ضؤ ما توصلت إلية الدراسة في تحقيق فرضيات البحث.
الدراسة الميدانية :
اختيار العينة: يتميز مجتمع البحث السياحي بخصائص فريدة تميزه عن المجتمعات الاقتصادية والإنسانية الأخرى، ونتيجة لذلك فقد راعى الباحث في اختيار العينة عدة اعتبارات هي:
1- كثرة عدد مفردات مجتمع الدراسة .
2- عدم وجود إطار محدد لمجتمع الدراسة وهذا يعني صعوبة تحديد حجم العينة وقد اعتمد الباحث في ذلك على الأدبيات السابقة التي قامت بدراسة مشابهه مثل دراسة عبيد محمد عنان (دراسة ميدانية للسوق السياحي المصري) التي أخذ فيها(485) استمارة استبان، أما دراسة عباس غالي الحديثي (الخدمات الترفيهية لسكان مدينة البصرة) فقد اخذ (370) استمارة استبان لعينة طبقية، ودراسة عيسى موسى الشاعر (بعض الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للحجاج والمسلمين) التي أخذ (743) استمارة استبان، ودراسة عثمان عبد الله البدوي (مقومات وخصائص الحركة السياحية الخارجية بأمانة العاصمة، الجمهورية اليمنية) التي أخذ (402) استمارة استبان لعينة طبقية 2.
ونتيجة لتلك الاعتبارات التي تتعلق بطبيعة المجتمع المدروس فقد اختار الباحث عينة عشوائية طبقية شملت توزيع (120) استمارة على عينة الدراسة والتي تم تقسيمها إلى ثلاث طبقات بتجميع الجنسيات ذات الوزن المحدود في المجتمع السياحي في اليمن مع بعضها البعض حتى تسهل عملية تطبيق الاختبارات الإحصائية وتحليل البيانات فكانت الطبقات كما في الجدول رقم (34).
- الطبقة الأولى شملت الأوربيين (82) استمارة استبان.
- الطبقة الثانية شملت العرب (20) استمارة استبان.
- الطبقة الثالثة جمعت السياح من استراليا واسيا وأمريكا وشملت (8) استمارات استبان، وهي فئات ذات وزن نسبي قليل في مجتمع السياح في اليمن. لذلك تم التركيز على الفئتين الأولى والثانية حيث تمثل كل منهما (61.9%) ,(22.4%) على التوالي، وذلك حسب الإحصائيات السياحية الرسمية عام (1998م) 3. وقد تم توزيع استمارات الاستبان على ثمانية فنادق كعينة مقصودة من أجمالي الفنادق في محافظة حضرموت البالغ عددها (33) فندقا4.
صعوبات البحث :
لقد رافقت عملية البحث منذ البداية حتى إنجازه بصورته النهائية، مجموعة من الصعوبات والمعوقات، منها:
1- عدم وجود قاعدة بيانات إحصائية سياحية.
2- تحفظ بعض الجهات ذات العلاقة بالبحث في إعطاء البيانات والمعلومات المتعلقة بموضوع الدراسة.
3- قلة المصادر والمراجع التي يمكن الاستفادة منها في مجال البحث في المكتبة اليمنية.
4- حداثة مكتب وزارة السياحة في محافظة حضرموت، حيث كان سابقا مكتب للهيئة العامة للسياحة يفتقر للبيانات والمعلومات الإحصائية الدقيقة والمنظمة بحيث يتم الاعتماد عليها في مثل هذه الدراسات.
5- تأخير توزيع وجمع استمارات الاستبانه الخاصة بالسياح الأجانب مما أدى إلى إطالة فترة الدراسة الميدانية عما كان مقرر لها حسب الخطة الزمنية للدراسة، نظرا لضعف القدوم السياحي بل وانعدامه بفعل إلغاء عدد من الحجوزات 5، نتيجة للأحداث التي شهدتها منطقة الدراسة واليمن خاصة والعالم عامة، ومنها:
- تفجير المدمرة (يو. أس. أس. كول) الأمريكية قبالة ميناء عدن في 12/أكتوبر 2000م.
- هجمات 11 من سبتمبر 2001م على واشنطن ونيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية.
- تفجير ناقلة النفط الفرنسية (ليمبورج) قرب ميناء الضبة النفطي بمحافظة حضرموت في 6/ أكتوبر 2002م.
- حادثة مقتل الأمريكيين الثلاثة في مستشفى جبلة بمحافظة إب في 30/ديسمبر/2002م.
1 عبد الملك منصور، أولوية قطاع السياحة في خطط وبرامج الحكومة اليمنية، ورقة عمل قدمت إلى ندوة السياحة التي أقامها المجلس الاستشاري، صنعاء، 19-22 فبراير (2000م)
2 عثمان عبد الله البدوي، مقومات وخصائص الحركة السياحية الخارجية بأمانة العاصمة (الجمهورية اليمنية)، رسالة ماجستير غير منشورة - مقدمة إلى مجلس كلية الآداب جامعة عدن، 1999م، ص (7-8).
3 الهيئة العامة للسياحة الإدارة العامة للإحصاء والتخطيط، التقرير الإحصائي لعام 2000م، ص (12)
4 نفس المصدر ص (18)
5 الدراسة الميدانية، حضرموت، 2002م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق