السياحة المحلية بين إغراءات الخارج ومعوقات الداخل
الاقتصادية - الثلاثاء - 01 أغسطس 2006 م - العدد : 4677 : المساحة الواسعة للمملكة والتشكيل الجغرافي المتنوع, يفترض أن يوفرا عوامل جذب وإغراء للسائح المحلي والخليجي، وحتى السائح من بلدان ودول أخرى.
وعند النظر إلىعدد السياح المحليين الراغبين في قضاء إجازاتهم متمتعين ببعض الأنشطة السياحية الوطنية، يمكن حينها أن نتوقع ازدهاراً للسياحة المحلية يفوق بكثير ما نراه على أرض الواقع اليوم، خصوصاً أن كثيراً من الأسر السعودية والخليجية باتت تضع برامجها السياحية كجزء من برامجها الحياتية الضرورية.
وعندما تشير بعض الدراسات إلى أن نحو 27 مليار دولار تتسرب خارج الخليج بحجة السياحة، فيمكن حينها أن نتساءل عن مبررات عدم قدرتنا على جذب هذا المليارات أو بعضها ليتم إنفاقها وتدويرها داخل المحيط السعودي والخليجي خصوصاً أن التجارب أثبتت أن السياحة الداخلية أكثر أماناً واطمئناناً، بل وحتى أقل تكلفة من الناحية المادية على عكس ما يروجه كثيرون من ارتفاع أسعار السياحة الداخلية.
ولكن المشاركين في ندوة "الاقتصادية" التي استضافتها غرفة أبها التجارية تحت عنوان "السياحة الداخلية بين مغريات الخارج ومعوقات الداخل" أجمعوا على أن سياحتنا لم تصل بعد إلى المستوى اللائق ولم تلب الطموح، لكنهم اختلفوا في آليات النهوض بها، وتباينت وجهات نظرهم في الحلول التي يمكن أن تحقق لها نهضة تجعل منها صناعة متكاملة ومؤثرة في الدخل الوطني.
وتباينت وجهات نظر المشاركين في كيفية الاستثمار في السياحة الداخلية ومعوقات هذا الاستثمار، وإن كانوا قد اتفقوا على وجود جملة من التعقيدات والروتين وطول زمن الإجراءات.
وعبر جملة من المحاور (مفهوم السياحة، الإعلام السياحي، ارتفاع الإنفاق السياحي المحلي، الاستثمار في السياحة الداخلية، دور الدولة في صناعة السياحة، دور القطاع الخاص ومعوقات اقتحامه لصناعة السياحة، السياحة الأسرية) قدم جميع المشاركين في الندوة آراءهم فتوافقوا واختلفوا، وخلصوا إلى جملة من التوصيات التي رأوا أن تفعيلها ربما ينهض بسياحتنا الداخلية ويعبر بها إلى آفاق أرحب.
مفهوم السياحة :
* الدكتور علي الشعبي :
بداية وفي صلب الحديث عن السياحة لا بد أن أعرج على مفهوم السياحة بشكل عام في العالم أجمع وليس على النطاق المحلي وحده، ولابد من التطرق إلى ما وصلت إليه وما تحقق لها في السنوات الأخيرة سواء في نهاية القرن الماضي أو مطلع القرن الحالي.
جميعنا يدرك أهمية هذه الصناعة التي أصبحت اليوم على رأس مصادر الدخل العالمية، وباتت تتفوق على كثير من الصناعات الأخرى التي كانت في السابق من المحاور الأساسية للاقتصاد العالمي بشكل عام، والاقتصاد الدولي على وجه الخصوص.
السياحة اليوم باتت صناعة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من أهمية لأنها باتت تحتل مكانة بارزة في الخدمات التي تقدمها، وفي استقطاب أعداد كبيرة من البشر تنتقل من مكان إلى آخر.
وبعيداً عن العموميات وبالانتقال إلى أهمية السياحة في السعودية على وجه الخصوص، أقول إن السعودية دولة مصدرة للنفط، وترتكز واردتها بالتالي على ما يؤمنه لها النفط من إيرادات، إلا أنها خلال الأعوام السابقة، وعندما بدأ كثير من الحروب يندلع، وبدأ كثير من الاضطرابات السياسية والأمنية يقوم في منطقة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، بدأت تبحث عن مصادر دخل أخرى تعوض أو تعزز مصدر الدخل الرئيس وهو النفط، ولذلك اتجهت إلى السياحة لأنها تمتلك مقومات سياحية جيدة ومتميزة، لعل أهمها الحج والعمرة رغم اعتراض البعض على اعتبارهما كذلك، لكن استثمارهما على الوجه المطلوب يسهم في تعزيز إيرادات واقتصاد المملكة.
ما مفهوم الإعلام السياحي؟ :
*الدكتور سعد مارق :
أتفق مع وجهة نظر الدكتور علي الشعبي في أن السياحة داعم ونشاط اقتصادي مهم، لكن البعض لدينا وللأسف لا يراها وفق هذا المنظور وهذا المفهوم، بل يعتبر أنها (ظاهرة مشبوهة)، وهناك شريحة ليست قليلة من المجتمع لم تقتنع بعد بجدوى السياحة، وهي تراها محاولة لجرف أو تغيير ثوابت المجتمع، وهذه الرؤية هي أكبر عائق يعترض تطور سياحتنا حتى الآن.
أنا أرى أن فهم السياحة على أنها ظاهرة مشبوهة هو فهم خاطئ للغاية، ولو أجرينا دراسات فعلية وأخذنا منطقة عسير كمثال لمنطقة عمر السياحة فيها 30 عاماً لوجدنا أن في برامجها السياحية لهذه السنة مثلاً 100 فعالية دينية، و100 محاضرة، وهذا يؤكد الانعكاس الإيجابي للسياحة حتى على البرامج والتثقيف الديني، وهو ما يناقض حتماً نظرة البعض لها كظاهرة مشبوهة في توصيف غير سليم وغير حقيقي.
ولتغيير مفهوم الناقدين للسياحة الذين يرونها تؤثر في الدوافع والثوابت لا بد أن تكون لدينا حملة إعلامية مركزة ومكثفة توضح المعنى الحقيقي للسياحة وجدواها وفوائدها، وهذا يجرنا حتماً إلى موضوع آخر هو ضرورة وجود إعلام سياحي قادر على تغيير نظرة المجتمع للسياحة، وهذا التغيير أهم بكثير في اعتقادي من القيام بحملة لتغيير المرافق السياحية مثلاً.
يجب أن نقنع الناس بأهمية السياحة، وأن نغير مفاهيمهم حيالها، لأن المجتمع حينما يرفض السياحة فلن تنجح حتى لو تبنتها الهيئات والمناطق، وهذا دور الإعلام السياحي المعني بتغيير مفاهيم الناس وقناعاتهم.
ولا أعتقد أنني أتجنى حينما أمنح الإعلام السياحي لدينا درجة الصفر في القدرة على التغيير، وفي التعاطي المهني السليم مع السياحة الداخلية، وحتى لو وجد لدينا هذا الإعلام فإنه إعلام منحرف عن الهدف، وكدليل على الغياب لهذا الإعلام نجد أنه حتى على المستوى الإعلاني لا تهتم وكالات السفر لدينا بإبراز البرامج السياحية المحلية ولا تركز عليها مطلقاً.
والإعلام السياحي ليس المقصود به ذاك الذي يقول إنه لدينا فندق خمس نجوم هنا، ولدينا برج سكني هناك.. ولدينا.. ولدينا.. وإنما هو ذاك الذي يوضح أبعاد السياحة وانعكاساتها على المنطقة، هو ذاك الإعلام الذي يقدم فكرة كاملة عن كم الوظائف التي أمنتها السياحة مثلاً لشباب هذه المنطقة أو تلك، وكم حققت من إيرادات للمنطقة.
المطلوب من الإعلام أن يزيد وعي المجتمع بأهمية السياحة، وهذا هو دوره الحقيقي في اعتقادي، فليس المهم الحديث فقط عن منتزهات أبها بقدر التطرق إلى فوائد إنشاء الشركة السياحية في أبها التي قامت على الأساس السياحي، لنتحدث عن كم الشباب الذين أمنت لهم الوظائف، وعن ميزانيتها التي تقدر بملايين الريالات سنوياً التي تنفق في المنطقة، والتي انعكست بشكل إيجابي حتماً على جميع مرافق المنطقة.
الظاهرة المشبوهة :
* الدكتور علي الشعبي :
اتفق مع ما ذكره الدكتور سعد مارق حيال وصف البعض للسياحة بأنها "ظاهرة مشبوهة"، وأعتقد أن السياحة لدينا ما زالت بين مؤيد ومعارض، وبين مد وجزر، حيث لم يبت المجتمع فيها بشكل واضح ومحدد ونهائي ما يجعلها في مرحلة ضبابية دون ملامح واضحة.
وأعتقد أن المفهوم السليم للسياحة لا يأتي عبر قرار سياسي بل بناء على قناعة المجتمع بها، وعلى تلمسه لمردودها عليه وعلى مؤسساته وأفراده، وحينما تتوافر قناعة المجتمع بجدواها يمكن حينها أن ندرك أنها بدأت تتحرك إلى طريق يوصلنا للمطلوب منها ولها.
هناك تجربة سياحية في عسير، وأخرى في الطائف، وثالثة في مناطق سعودية أخرى، لكن أعمق هذه التجارب يبقى في عسير التي تمتلك رصيداً هائلاً في هذا الجانب يمتد 30 عاماً، ومع ذلك لو أجرينا استطلاعاً في المنطقة حول مفهوم السياحة بعد كل هذه السنوات لصدمتنا النتائج، وهو ما سيؤكد أن لدينا خللاً لأننا عجزنا عن تغيير مفاهيم الناس حيال السياحة على مدى هذه السنوات الثلاثين.
وإذاً فإن ما نقوم به من عمل تجاه سياحتنا يتطلب أن نتوقف مع أنفسنا بصراحة، وأن نعي أن هناك خللاً طالما أننا لم نصل بعد كل هذه السنوات إلى المستوى الذي نتطلع إليه.
والمفهوم السليم للسياحة لا يأتي من فراغ، وقناعات المجتمع لا تتحرك أو تتغير بقرار سياسي، ولا يصنعها الإعلام مع احترامي لأهمية الإعلام في هذا الجانب، مجتمعنا تحركه الفتوى، ومتى صدرت فتوى شرعية واضحة حول موضوع السياحة قد تتغير المفاهيم الاجتماعية.
هناك حديث كثير حول السياحة الداخلية تم التطرق إليه حتى في خطب الجمعة في المسجد الحرام والمسجد النبوي، لكننا ما زلنا بحاجة إلى وضوح في الرؤية لتتحرك الهيئة العليا للسياحة والجهات المعنية بشكل واضح نحو تحقيق النهضة السياحية المأمولة، وأنا هنا أطالب بهذه الرؤية الواضحة باسم كلية الأمير سلطان للسياحة وليس بصفتي عضواً في الهيئة العليا للسياحة لأن هذه وجهة نظر شخصية.
أين يكمن قصور الإعلام؟ :
مطاعن :
أريد أن أعود إلى ما بدأ به الدكتور علي الشعبي حينما وصف السياحة بأنها صناعة، وهذه نقطة أساسية يجب أن نكثف التركيز عليها ونوضحها، وأنا هنا أركز كثيراً على السياحة في منطقة عسير باعتبار المنطقة رائدة في المجال لسياحي، وباعتبار أن الهيئة العليا للسياحة انطلقت منها عبر مؤتمر سياحي أقيم برعاية ولي العهد ، لأقول إنه على الرغم من الجهود التي يبذلها أمير منطقة عسير الأمير خالد الفيصل، ونائبه الأمير فيصل بن خالد لإيجاد سياحة تغطي كافة شرائح المجتمع، إلا أن هناك كثيرا من المعوقات التي تحتاج إلى دراسة وبحث تعترض سبيل هذه السياحة.
وأتفق مع ما ذهب إليه الدكتور سعد مارق في حديثه عن الإعلام القاصر بكل ما تعنيه هذه الكلمة، لأن هذا الإعلام لم يقم بدوره على الشكل المطلوب، خصوصاً حينما نتحدث عن واحد من أكبر التجمعات والمهرجانات السياحية العربية (مهرجان عسير) الذي يشهد كماً هائلاً من الفعاليات ويشارك فيه عدد هائل من البشر، والذي تستنفر له المنطقة بأكملها، بإداراتها الحكومية ومحافظاتها وشبابها وأنديتها وقطاعيها العام والخاص، لأننا نجد أن الإعلام غائب بشكل كبير عن مواكبة هذا المهرجان، فالتلفزيون الرسمي لم يقم بالدور المنوط به بما يخدم السياحة في المنطقة، ولم يقدم سوى بضع برامج سياحية بسيطة، وحتى جريدة "الوطن" الراعي الرسمي للمهرجان نجدها أنها تقصر أحياناً في تغطية بعض الفعاليات، وتفعل بقية الصحف الأمر ذاته بمعنى أن إعلامنا لم يعط السياحة ما تستحقه من الاهتمام، وهذا قصور يجب الإشارة إليه.
المقومات السياحية :
* الدكتور علي الشعبي :
مرة جديدة أركز على أن الإعلام السياحي ليس المعني وحيداً بتغيير مفهوم المجتمع للسياحة، بل نحتاج إلى الفتوى في هذا الجانب، وغير بعيد عن قناعات المجتمع يجب أن نتساءل كيف يمكن أن نحوّل 27 مليار ريال يصرفها الخليجيون في سياحتهم الخارجية لتنفق على السياحة الداخلية؟.
وأعتقد أن الجواب يكمن في البحث عن مبررات ذهاب هذه المبالغ للسياحة الخارجية.
وتقييم تجربتنا السياحية يؤكد أننا لم نؤهل المقومات السياحية المتوافرة لدينا لتكون وسيلة جذب للسائح وبديلة عن السياحة الخارجية.
وللأسف فإن الجودة لم تتوافر لدينا، وكل خدماتنا تعاني من مستوى رديء جداً في جودتها، وبالتالي كيف نطلب من السائح ألا يقضي إجازته في الخارج إذا لم نؤمن له البديل بالمستوى نفسه؟.
وكيف نطلب من المستثمر ألا يذهب بأمواله إلى دبي والمنامة مثلاً إذا كان يجد في بلده 120 معوقاً للاستثمار الداخلي؟.
إذاً لا بد من أنظمة وتشريعات وآليات ومرونة وبعد عن البيروقراطية، ولابد من وجود دعم للمستثمرين خصوصاً الصغار منهم، ولا بد من إعادة النظر بما لدينا من إمكانيات، وحينما نوفر كل هذه الأشياء نستطيع استقطاب عدد كبير من المستثمرين، وحينها سيفضل كثير من السعوديين قضاء إجازاتهم في الداخل بدل المواظبة على الذهاب إلى الخارج حيث المغريات والجودة أفضل.
الإغراءات والمقومات :
* سعيد العسيري :
أعتقد أن موضوع السياحة وصناعة السياحة في المناطق الداخلية أشبع في أدراج الهيئة العليا للسياحة ولجان السياحة الأخرى، وتم البحث في كثير من إيجابياته وسلبياته.
وأعتقد أنه رغم الإغراءات التي تعوّد عليها السائح السعودي أو الخليجي عموماً في الدول العربية والأوروبية، إلا أن السياحة الداخلية هي الأفضل والأكثر أماناً وطمأنينة ولعل في الأحداث الأخيرة التي يشهدها لبنان ما يؤكد ما أذهب إليه. ولكن المعوقات التي تواجه القطاع الخاص في مجال الاستثمار السياحي ما زالت تعوق السياحة الداخلية رغم صدور كثير من التوصيات والمقترحات لإزالتها.
ورغم أن القطاع الخاص هو الأكثر التصاقاً والأقرب للمستهلك إلا أن كل التوصيات بتخفيف المعوقات التي تواجهه في عمله مازالت حبيسة الأدراج، والقطاع الخاص يعاني ويعاني ويعاني في موضوع التشغيل والموسمية والإشكالات البيروقراطية من بعض الجهات ذات العلاقة في عمله.
وتحتاج المناطق السياحية السعودية وعلى الأخص منطقة عسير مثلاً إلى معالجة مواضيع ذات علاقة بالطيران وفتح الأجواء بين المدن السياحية مثل أبها والمدن الخليجية الأخرى، ويحتاج الأمر كذلك إلى النظر في مسألة سهولة تنقل المقيمين بين دول مجلس التعاون دون حواجز ومعوقات، فحينما يضطر أهل المنطقة الشرقية للانتظار إلى أكثر من ساعة ونصف الساعة لعبور 25 كلم من الخبر إلى المنامة فإن هذه معاناة قد تحد من حرية تنقلهم ومن تفكيرهم في السياحة بين المدن الخليجية.
عموماً نحن نتمنى الالتفات إلى كل التوصيات والمقترحات التي كانت تدغدغ مشاعر المستثمرين بشكل قوي، ونتمنى أن تتم العودة لها بشكل فاعل دون اللجوء إلى دراسات وبحوث جديدة أثقلت كاهل المستثمر وكاهل الدولة دون نتائج ملموسة على أرض الواقع.
الاستثمار ودور الدولة :
* الدكتور سعد مارق :
أريد أن أتحدث عن الجانب المتعلق بالاستثمار في السياحة الذي يصطدم بعوائق مماثلة لعوائق الاستثمار في كثير من المجالات الأخرى.
أعتقد أن رأس المال جبان، وبالتالي هناك تخوف دائم من المستثمرين في اقتحام المجال السياحي، ولهذا فأنا أرى أن الدولة حينما تقتنع بأهمية السياحة كمورد اقتصادي مهم عليها أن تبادر وأن تكون قائدة في هذا المجال، وهذا ما فعلته بعض الدول العربية الأخرى مثل سورية مثلاً حيث تمتلك الدولة هناك معظم المشاريع السياحية الضخمة.
وحينما يرى القطاع الخاص جدوى المشاريع التي تبدأها الدولة فإنه ينسج على منوالها ويدخل مجال الاستثمار فيها دون تخوف.
ولدينا في السعودية تجارب تؤكد أهمية قيادة الدولة لأي قطاع، فلو لم تضخ الدولة المليارات في الهيئة الملكية في الجبيل وينبع لما قامت لدينا مدينة الملك عبد الله الاقتصادية.
رأس المال يبحث عن الربح، وإذا لم تتدخل الدولة عبر مشاريع سياحية تقنع رأس المال هذا بالجدوى والربح وتكسر حاجز الخوف لديه فإنه قد يذهب بعيداً.
وأنا أرى أن تدخل الدولة يجب أن يدار بالعقلية التجارية لتنجح في التأكيد لرجال الأعمال أن القطاع السياحي قطاع مربح، وبالتالي تنجح في إقناعه باقتحامه، خصوصاً أن القطاع السياحي لا يزال ناشئاً لدينا كظاهرة تنموية حديثة، وليس ظاهرة مماثلة لما يحدث في بلدان أخرى في العالم لديها تقاليد عريقة في السياحة، حيث تحرص الدول هناك على تجنب منافسة القطاع الخاص وتترك له الفرصة للعمل في هذا المجال.
السياحة لدينا معروفة منذ سنوات، ولكن حتى الآن لم نجد لدينا مدينة ترفيهية على غرار ديزني لاند مثلاً على الرغم من مطالبة البعض بمثيل لها هنا، وهذا يعود في اعتقادي إلى إحجام المستثمرين عن إنشائها أو إنشاء مشاريع ضخمة على غرارها هنا إما للتخوف من العائد الاستثماري، وإما لوجود معوقات، وهذا يوجب أن تتدخل الدولة لتثبت أن السياحة هي خيار استراتيجي، وأن تخصص من أصل 400 مليار ريال تشكل ميزانيتها ثلاثة مليارات مثلاً للاستثمار السياحي، شرط أن تديره عن طريق صندوق الاستثمارات العامة، أو أي جهة لديها عقلية تجارية ليكون العائد الربحي منها مضموناً وجاذباً لرأس المال الخاص.
وحقيقة لدينا تجارب ناجحة عن تدخل الدولة في شركات مهمة في المملكة مثل "سابك" وهي تجارب أثبتت نجاحها، فالدولة التي باعت 30 في المائة من حصتها في "سابك" باتت اليوم مطالبة من كثيرين ببيع بقية حصتها في الشركة للقطاع الخاص بعدما أثبتت الشركة نجاحها، ويمكن للدولة أن تكرر التجربة ذاتها في القطاع السياحي بحيث تقود النجاح، ثم تبتعد لمصلحة القطاع الخاص حينما تؤسس لاستثمارات سياحية تستحق الذكر.
السياحة لدينا مازالت صناعة متأرجحة، والقطاع الخاص ليس لديه الاستعداد للمغامرة في صناعة متأرجحة طالما أن البدائل متاحة.
الدولة يمكنها أن تنشئ فندق خمس نجوم في نجران مثلاً، ويمكنها أن تنشئ منتجعاً بحرياً في عسير، ويمكنها أن تفعل الكثير للسياحة وتجعلها صناعة ثابتة بلا تأرجح، ولكني أركز على ضرورة أن تدخل الدولة هذا المجال بعقلية تجارية بحتة وليس العقلية الحكومية الخدمية.
مخالفة لدور الدولة :
* سعيد العسيري:
أخالف رأي الدكتور سعد مارق والدكتور علي الشعبي في نظرتهما التشاؤمية لمشاكل المستثمر ومعاناته، وأؤكد أن الصورة ليست قاتمة جداً، فلدينا بنية سياحية قوية، ولكن تشتت الخدمات والمرافق وبعد المسافات تؤثر في موضوع السياحة.
لدينا مشاكل تتعلق بفهم المستثمر نفسه للمنتج السياحي في البلد، وهذا يؤكد وجود حلقة مفقودة بين مقدم الخدمة السياحية ومستقبليها.
كما أخالف الدكتور سعد مارق أيضاً في موضوع المطالبة بتدخل الدولة في موضوع الاستثمار السياحي خصوصاً أن التوجه الآن نحو التخصيص وليس العكس، لأنه لا يمكن أن نزيد الأعباء على الدولة في هذا الوقت، ولكني مع الطلب من الدولة أن تسهل إجراءات الاستثمار أمام القطاع الخاص.
هناك كثير من المقترحات التي يمكن تفعليها والتي يمكن أن تعزز وضع السياحة، والتي يمكنها أن تنشط السياحة بين دول الخليج عن طريق تسهيل الإجراءات وبتعاون الجهات المختصة، وقد رفعنا من خلال ملتقى السياحة والاستثمار الخليجي الذي أقيم في المنامة من 14 إلى 16 شباط (فبراير) من العام الحالي جملة من التوصيات أدرجت ضمن البيان الختامي للملتقى يمكن أن تعزز أفق السياحة الخليجية، ويمكن أن تعزز السياحة الداخلية في السعودية، ومنها مثلاً ترفيع مطار أبها من الفئة (ج) إلى الفئة (ب) ليتمكن من تجاوز أزمة الطيران الموسمية، ومن استقبال الطيران الدولي، صحيح أن هناك دراسات في هذا الموضوع، وهناك توسعات بدأت في المطار، ولكن الأمر بحاجة إلى جهد أكبر، خصوصاً وأن أمير المنطقة يطالب بتسيير رحلات دولية من وإلى أبها من كل مدن الخليج منذ عشر سنوات، ولكن الأمر لم يتم ولم يفعّل حتى الآن بالصورة المقبولة.
وهناك كذلك مقترح وتوصية بدعم الدولة للاستراحات المطورة على الطرق العامة، بحيث تضم هذه الاستراحة فندقاً ومحطة وقود وإسعاف سيارات، وهذه فكرة طلبت الآن وتقوم الدولة على دعمها في القطاع الخاص.
ومن المقترحات المطلوب تفعيلها ما طرحته مثلاً منذ عام 1993 في أن تكون الغرفة التجارية في عسير مثلاً غرفة سياحية بحيث يكون نشاطها وجهدها متعلقاً بالسياحة. كما لابد أن نفعّل الاستثمار على شواطئ البحر بحيث تكون المشاريع مكملة لبعضها البعض على أن نترك مساحات معينة مفتوحة للعامة غير مرتادي هذه المشاريع.
ولا بد كذلك من موازاة تعرفة الكهرباء للمشاريع السياحية بنظيرتها الصناعية التي تحصل على تعرفة مخفضة جداً، إضافة إلى حصول هذه المشاريع السياحية على التخفيضات والمزايا التي تحصل عليها القطاعات الصناعية، خصوصاً وأننا نعد السياحة صناعة.
وكل ما ذكرته عن التوصيات والمقترحات يؤكد أن لدينا مقومات سياحية بحاجة إلى التفعيل، وبحاجة إلى أن نفهم معنى التكامل في السياحة فالبعض مثلاً يرى أن تمنح الفرصة للمناطق المختصة في الصيف لتقديم برامجها دون أن تزاحمها مناطق أخرى تتميز بدرجات حرارة ورطوبة عالية ببرامج ومهرجانات أخرى، ولكن التكامل يقتضي أن تكون لكل منطقة برامجها وطبيعتها، وهذا ليس عيباً في السياحة، وإن كنا نطالب بالتنسيق بين المهرجانات السنوية الكبيرة كمهرجان هلا فبراير في الكويت، ومهرجان التسوق في دبي وغيرها في صلالة وجدة وهذه بالذات يفضل ألا يكون بينها تداخل حتى تستقطب السائح الخليجي عموماً، بدل أن يتشتت بين هذا المهرجان أو ذاك خصوصاً وأنها كلها تأتي متزامنة خلال فترة الإجازات.
مرة جديدة أؤكد أن لدينا المقومات السياحية، لكن المشكلة في السياحة الخليجية والسعودية تكمن في أننا لا نخطط للسياحة بشكل مبكر، وسياحة كثير منا تكون آنية دون تخطيط مسبق، وربما نتعمد ذلك أحياناً لنبرر لأنفسنا السفر إلى الخارج.
مخالفة أخرى:
*الدكتور علي الشعبي:
بدوري أخالف الدكتور سعد مارق في مطالبته بتدخل الدولة في المجال السياحي، وأتمنى أن تبتعد الدولة كمستثمر، لكن دون أن تبتعد كداعم مطالب بتوفير صناديق لدعم المستثمرين ورجال الأعمال والقطاع الخاص، وأطالب بتدخلها فقط للعمل على إزالة المعوقات أمام المستثمرين لأن هذا هو الأجدى، وهو السبيل لنمو استثمارات القطاع الخاص بحرية كاملة بعيداً عن التعقيدات والقيود الموجودة.
أنا مع خروج الدولة من موضوع السياحة وتركه للقطاع الخاص، لأن مشاريع الدولة لم تحقق الربحية خصوصاً أن هدفها الخدمة وليس الاستثمار وتحسين الخدمات. الدولة في اعتقادي تملك دوراً في التشريع والمتابعة وتقديم التسهيلات للقطاع الخاص لينمو ويستثمر، ويجب ألا نحملها أكثر من ذلك.
* مطاعن :
أنا لا أؤيد تدخل الدولة في السياحة، واتفق مع الدكتور علي الشعبي في أن الدولة يجب أن تقدم المساندة والمساعدة للقطاع الخاص وتحل المعوقات التي تواجهه دون أن تتدخل بشكل مباشر في دور يمكن لهذا القطاع أن يقدمه.
وأنا لا أؤيد أن تتدخل الدولة في السياحة كمستثمر، ولكني أطالبها بتقديم كل التسهيلات والبنية التحتية والأساسية كتخفيف الإجراءات ووضع الآليات التي تعزز المناخ الاستثماري وتستقطب المستثمرين وتجعل من المملكة وجهة سياحية متكاملة.
وضوح الرؤية :
* أبو راس :
لست بعيداً عن رأي الدكتور سعد مارق، فدخول الدولة في مجال السياحة كشريك حينما يكون سياسة معتمدة يفترض أن تدخل تحتها إجراءات كثيرة ومتعددة، والمعروف أن هناك ثلاث مراحل في العمل أولها بناء الأهداف، وثانيها بناء السياسات، وثالثها البرامج والإجراءات، ولكننا دائماً نحدد الأهداف ونقفز مباشرة للبرامج والإجراءات، وهذا غير صحيح فلا بد أن تكون لدينا سياسات معلنة وواضحة ومحددة حيال السياحة تبين لكل جهة ما لها وما عليها وما هو دورها وما المسؤوليات المنوطة بها.
نحن نرى أن الهيئة العليا للسياحة لدينا ما زالت تعمل بخجل كبير ودون صلاحية محددة، وعندما يتشتت الإشراف بين أكثر من جهة لا يمكن أن يتحقق المطلوب ولا يؤدي إلى تحمل المسؤولية، ما نراه أن الهيئة وقعت اتفاقيات مع كل الوزارات، فيما المفترض أن تنفذ اختصاصاتها دون الحاجة إلى هذه الاتفاقيات طالما أن النظام أعطاها هذه الاختصاصات.
استراتيجية عسير :
* مطاعن :
أرى أن تدخل الدولة يتم عبر الهيئة العليا للسياحة، وقد شاركت هذه في رسم استراتيجية منطقة عسير التي تبني رؤية كاملة للمنطقة خلال عشر إلى 15 سنة مقبلة، حيث لعسير ثلاث وجهات سياحية بحرية وجبلية وصحراوية، وقد هيأت هذه الاستراتيجية بحيث تشمل الخدمات الكاملة ومنها أن تكون هناك وسيلة تنقل بين هذه الجهات أقترح أن تكون هيلكوبتر تاكسي تنقل السائح بين هذه الجهات، إضافة إلى مشاريع لقطارات زاحفة ومعلقة بين هذه الوجهات، هذا على المستوى الداخلي.أما على مستوى المناطق ومستوى الخارج فنحن نتمنى أن يكون مطار أبها مطارا دوليا يوفر على السائح زمناً طويلاً من التنقل بين المطارات للوصول إلى أبها أو المغادرة منها.
كما لا بد من تأهيل الطرق السريعة الموصلة إلى أبها مثل طريق أبها الحجاز الجبلي، وطريق الساحل والطريق الموصل إلى الرياض، وعندما تؤهل هذه الطرق ستحسن من نمو مستوى السياحة الداخلية، وهذا يعني أن دور الدولة يتجلى في هذه الجوانب وليس في الاستثمار المباشر.
دور مفترض لـ "النقل الجماعي" :
* الدكتور سعد مارق :
أرى أن فكرة تأهيل الطرق فكرة عملية وسريعة وواقعية، وهذا شيء مطلوب أيضاً من الدولة، ولكني أرى كذلك أن يتواكب مع تأهيل الطرق تطوير وتأهيل وسائل النقل البري، فلو وجدت لدينا حافلات النقل الجماعي المكيفة والعائلية والمشتملة على وسائل راحة حتى بما فيها الأسّرة والبوفيهات فإن ذلك سيعزز وضع سياحتنا الداخلية ويجنبنا أزمة الطيران الموسمية التي يصعب أن نجد لها الحلول خصوصاً في وقت الذروة الذي تشهد منطقة عسير خلاله توافد نحو 400 ألف سائح في فترة ضيقة لا يمكن جدولة رحلات طيران يمكنها أن تخدمهم وتستوعبهم.
وفي اعتقادي أن التأهيل يجب أن يمتد كذلك ليشمل خدمة سيارات الأجرة الليموزين بحيث تستثنى عسير من الضوابط الموضوعة لهذه السيارات، بحيث يسمح لشركات الليموزين أن تعمل في المطار والمدينة على حد سواء وليس كما يحدث في المدن الأخرى بالنظر لطبيعة المدينة.
كما يجب أن نجد الحلول التي تجذب شركات الليموزين للعمل في المنطقة عن طريق إيقاف مزاحمة السيارات الخاصة لها في عملها، خصوصاً أن السيارات الخاصة تستقطب نحو 70 في المائة ممن تستهدفهم سيارات الليموزين في عملها، لكن هذه المشاريع لا تعني بناء سياحة داخلية قوية دون تدخل من الدولة في المشاريع العملاقة والضخمة.
معوقات الاستثمارات السياحية :
* أبو راس :
نسمع كثيراً عن معوقات تمنع دخول رأس المال لمجال الاستثمار السياحي، وهناك حديث كثير من المستثمرين عن عدم وجود بيئة قانونية وتخطيط ووجود صعوبة في الحصول على تراخيص، ولكن لدينا مشروع مفاجئ هو مشروع الاستثمار في مركز الأمير سلطان الحضاري في مدينة خميس مشيط مرخص ومنظم ويمكن للمستثمرين اقتحامه، وهو يؤمن كل ما يحتاج إليه السائح في موقع واحد كالمتحف ومركز المعارض والمكتبة والفندق وقاعات الاجتماعات والنوادي والمطاعم وميدان الاحتفالات, أي أنه باختصار مجمع سكني فيه كل وسائل الترفيه للسائح وأسرته. وهذا مشروع جاهز تخطيطيا وسيوضع بمزايدة علنية مفتوحة يمكن لكل مستثمر أن يدخل مجال المنافسة فيه، وهذا يمضي على خطى تجارب معروفة في دول عالمية كثيرة.
لدينا سياحة :
* مطاعن :
أريد العودة لما ذكره الأخ سعيد العسيري حول المقومات السياحية المتوافرة لدينا، وللحقيقة فإن الهيئة العليا للسياحة برئاسة الأمير سلطان بن سلمان تركز كثيراً على تعدد الوجهات السياحية، وقد قدمت دعماً وصل حتى عتبات الدعم المادي لمشروع تطوير وسط أبها الذي يمتد من حي النصب القديم إلى منطقة قصر أبها، وهناك أيضاً تنسيق تام وكامل بينها وبين منطقة عسير لاختيار موقع لمشروع سياحي وقرى تراثية ستشملها عملية التنمية, إضافة إلى كثير من المشاريع المستقبلية.
وهناك كذلك مشاريع سياحية أخرى تشجعها الهيئة العليا للسياحة على البحر الأحمر لتشكيل أربع مناطق ممتدة من البرك والعمق والحريضة وغيرها ستكون عبارة عن منتجعات شتوية، وهناك مشاريع مطروحة للدراسة لوجهات سياحية جبلية في حدود خمسة مشاريع ستقدم جاهزة لرجال الأعمال توازي المشاريع الأربعة في تهامة عسير.
وهناك مشاريع أخرى للنزل الريفية التي تركز على تشجيع أصحاب المزارع الكبيرة على تحويل مزارعهم إلى منتجعات ومواقع جذب للسياح، ومشاريع للنزل البيئية وهي مواقع قريبة من المحميات، وهي تساعد على زيارة الناس المحميات وغيرها.
وهناك مشاريع لتنمية القلاع والطرق القديمة مثل طريق الحجاج من اليمن للسعودية، وطريق الفيل، وهناك مشاريع لاستراحات الطرق بالتنسيق مع البلديات، حيث تقدم الهيئة مخططات للراغبين في إنشاء هذه المشاريع.ولا شك أن الهيئة العليا للسياحة تعطي منطقة عسير أهمية خاصة بحكم أنها منطقة رائدة ولديها تقاليد سياحية، وهي تعمل مع إمارة المنطقة بتنسيق تام وشامل وكامل.
وبعيداً عن المشاريع الحالية والمستقبلية فإن ما يعزز وجود السياحة لدينا هي أسعارها المنخفضة عموماً وغياب الغلاء الفاحش الذي قد نلاحظه في بعض الدول، وخاصة في المواسم، ربما لعدم وجود فجوة بين الصيف الذي يعد الموسم السياحي الأمثل بالنسبة لنا وبين بقية الأشهر.
وللدلالة على غياب الغلاء نؤكد أن فيلا أجرتها اليومية من 200 إلى 300 ريال لا يمكن أن تكون غالية حتى لو كان هناك ارتفاع بسيط في الأسعار خلال الموسم لأسباب موسمية أو لتغطية تكاليف الاستثمار بالنسبة للمستثمرين.
* سعيد العسيري :
بدوري أؤكد عدم وجود الغلاء فعلاً في سياحتنا، لكن المشكلة تكمن في نوعية السائح الذي لدينا والذي غالباً ما يطالب بتخفيضات حتى لو قدمنا له عرضاً مجانياً. لدي مشروع يعمل لمدة 60 يوماً تقريباً كل عام، وعلي أن أتحمل كل تكاليفه لعشرة أشهر أخرى، ومع ذلك فالأسعار فيه عادية جداً كحال معظم المشاريع السياحية لدينا.
المشكلة في ضعف التسويق :
* الدكتور سعد مارق :
أتفق مع رأي الإخوان حول عدم وجود غلاء في سياحتنا الداخلية مقارنة بدول العالم، لكني أرى الأمر من جانب آخر يفترض فينا أن نركز على ضعف التسويق السياحي وعدم تفعيله، وعندما نفعل التسويق يمكن أن نقدم عروضاً أفضل للمستهلك عن طريق تقديم سلة خدمات كاملة له، وهو ما يفيد مقدم الخدمة الذي يسوق منتجه بشكل أوسع لكم أكبر من المستهلكين، ويفيد المستهلك في الحصول على عرض أقل تكلفة.
المشكلة لدينا أن سياحتنا تعاني ضعفاً أو عدم وجود التسويق السياحي وهذا يؤدي إلى ارتفاع تكلفة السياحة السعودية.
وغياب التسويق السياحي يندرج تحته حتماً غياب مفهوم المجموعات السياحية، وغياب الشركات التي تهتم بالتنسيق والتسويق المهني مع الفنادق، وتخوف المستهلك أحياناً وعدم ثقته بمكاتب السياحة، ويندرج تحته كذلك غياب التسويق السياحي الإلكتروني الذي يمكن السائح من التعامل الإلكتروني مع الحجوزات والبرامج وغيرها.
* الدكتور علي الشعبي :
بدوري أتفق أيضاً مع الدكتور سعد مارق في ضعف التسويق السياحي لدينا وحاجتنا إلى تطويره خصوصاً أنه يقوم على عناصر غير متوافرة لدينا لعل أهمها عدم وجود المتخصص في مجال التسويق السياحي.نحن نسوق سياحتنا بناء على الاجتهادات، علماً أننا نحتاج إلى المتخصص السياحي حتى في إعلاناتنا السياحية وفي الشعارات والعبارات التي نستعملها حتى نوصل الرسالة التي نريدها بشكل جيد ومناسب ومباشر.
وضعف التسويق لدينا ناجم أيضاً عن عدم وجود المعلومة الدقيقة، فنحن وللأسف نخاف من التقييم، فليس لدينا الجرأة لتقييم ما نعمل، ولا نسمح لجهات أخرى أن تقيم عملنا. والمعلومة تأتي من خلال المسوحات والدراسات والاستطلاعات والبحوث، وطالما أن لدينا قصوراً هنا، فمن الطبيعي أن يكون لدينا ضعف في المعلومات، وبالتالي ضعف في التسويق السياحي مع ما يخلفه هذا الضعف من آثار سلبية على سياحتنا.
تطوير السياحة الأسرية :
* الدكتور علي الشعبي :
مشكلة سياحتنا ليست في الغلاء، ولكن في جوانب أخرى، ونحن نستثمر الفرصة لنطالب بسياحة داخلية أسرية يتوافر فيها المناخ الأسري، ويمكن أن تقدم فرصة لمزيد من الألفة الأسرية، ويمكن أن تعزز الحالة النفسية لأفراد الأسرة عموماً، وتمكن رب الأسرة من توجيه رسائل إرشادية لأبنائه بأساليب غير مباشرة، على عكس ما يحدث لدينا أحياناً حيث تفرض العزلة على أفراد الأسرة خلال سياحتهم الداخلية، حيث يضطر رب الأسرة للتحول إلى مجرد سائق ينزل عائلته عند بوابة المكان المخصص للعائلة ويمضي بانتظار فراغها.
علينا أن نحد من ظاهرة "ادخلوا من أبواب متفرقة" تقديراً لعادات ما أنزل الله بها من سلطان، وليس لها ما يبررها، علينا أن نتجاوز العزل الموجود في أماكن الترفيه وأماكن البرامج المشتركة التي لا يمكن لكل أفراد العائلة أن يعيشوا فيها المشاعر المشتركة ذاتها.
* الدكتور سعد مارق :
أتفق مع الدكتور علي الشعبي في ضرورة عدم تشتيت الأسرة في أي موقع سياحي سواء كان مطعما أو مدينة ترفيهية، أما أن تتفرق الأسرة بحيث يدخل رب الأسرة من باب، والشباب من باب آخر، والعائلة من باب ثالث فهذا يفقد السياحة الأسرية متعتها ويشغل رب الأسرة دوماً فيما يمكن أن يحدث لعائلته من إزعاجات أو ضرر وهي بعيدة عنه.
برامج لكل الشرائح :
* مطاعن :
في موضوع تشتت الأسرة أعود لأتفق مع رأي الأخ سعيد العسيري على فكرة التكامل السياحي، وأركز على أن كثرة البرامج وتنوعها تأتي كحاجة طبيعية لتلبية كل الشرائح وكل الرغبات وكل الفئات وكل أفراد الأسرة، وحتى على مستوى الشباب الذي يشتكي البعض من أنهم مظلومون وليس لهم برامج خاصة بعيداً عن إطار العائلات نقول إن لدينا في مهرجان عسير مثلاً أكثر من عشر فعاليات خاصة بهؤلاء مثل برامج الطيران الشراعي والقفز المظلي وتسلق الجبال ورالي الجبال ودورات كرة القدم والسلة والأمسيات الشعرية وغيرها، وهذا بدوره يحقق التكامل ليس فقط بين المناطق والمحافظات ولكن كذلك في التوجه لجميع أفراد الأسرة.
كما أننا في مجلس التنمية في منطقة عسير لا نقوم بكل الأعمال التي يتضمنها مهرجان عسير السياحي بل نعمل كمظلة تجمع البرامج وتنسقها ونعلن عنها ونترك لكل إدارة ومحافظة أن تمارس فرحتها في الصيف وأن تكون لها برامجها الخاصة، وهذه سياسة متبعة منذ ظهور فكرة السياحة في عسير.
التوصيات :
1 ـ فتح الأجواء وتوسيع سعة المطارات في المدن السياحية.
2 ـ تخفيض تكاليف الطيران وتحفيز رجال الأعمال عن طريق تسهيل الإجراءات المقدمة لهم، خصوصاً أن النافذة الواحدة التي يطلبها المستثمر تستلزم منه إجراءات طويلة ومعقدة جداً.
3 ـ تحسين آليات التسويق السياحي بما يضمن تخفيض تكلفة السياحة السعودية.
4 ـ تطوير وإيجاد إعلام سياحي يعمق الوعي بأهمية السياحة الداخلية وانعكاسها على المجتمع.
5 ـ تعزيز آفاق السياحة الأسرية، وتأهيل الطرق البرية ووسائل النقل بين المدن السياحية.
6 ـ دخول الدولة لتقود المنظومة السياحية كما فعلت مع قطاع الصناعة.
7 ـ تخفيض التعرفة الكهربائية للمستثمرين في القطاع السياحي أسوة بالتخفيض الممنوح للقطاع الصناعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق