الكوارث الناشئة عن التسوناميات الفيضانية

الزلازل:
من خلال دراسة خصائص الأرض بنية و تركيبا وحرارة وجد انها تمتلك طاقة حرارية كبيرة تتحول باستمرار الى قوة تدفع من خلالها اجزاء الارض الخارجية باتجاهات متباينة وتحرك في نفس الوقت المواد الموجودة ضمنها باشكال متعاكسة في كثير من الاحيان، وتؤدي الى تبدلات دائمة في ظهر القشرة الارضية، فتارة ترتفع مناطق وتارة تغوص اخرى. ومن هنا تبدأ الزلازل في الظهور.
اعصار بلدة مور بأوكلاهوما :

ولقد ازدهرت الابحاث البحرية والمحيطية منذ اواسط هذا القرن، ووجد ان واقع القيعان المحيطية، يختلف كثيرا عما هو عليه في القارات، فهي افقر بالمراكز الزلزالية، ولا تشاهد البؤر الزلزالية الا في اقاليم الجبال المحيطية الغورية والمتمركزة في اوسط القيعان المحيطية، وهي عبارة عن جبال يختلف مظهرها عن الجبال القارية، اذ انها جبال انهدامية غورية في محاورها وتتميز بصعود مستمر لمواد المهل الباطنية الساخنة وبالطاقة الحرارية العالية المنبثقة من مراكز صعود المهل وكذلك بتباعد شفتي هذه الاغوار، وذلك لان حركات الانتشار والدفع من المراكز الى الاطراف هي المسيطرة في هذه السلاسل بسبب صعود المهل وانتشاره جانبيا. كما لوحظ هنا وجود الكثير من الصدوع الجانبية. والواقع ان مكامن الزلازل تتمركز ضمن المناطق المتصدعة ببطء.
لقد وجدت المكتشفات الاخيرة في قيعان المحيطات لظهور نظرة جديدة مهمة بالنسبة لتطور القشرة الارضية. ولها تأثير مباشر وحيوي في ظهور الفعاليات الزلزالية في المحيطات والقارات. لقد عرفت هذه النظرية بنظرية المسطحات (الصفائح) البنائية. وعليه نجد ان القشرة الارضية كاملة مقسمة الى مسطحات كبيرة متجاورة تتحرك كل منها حركة متكاملة باتجاه معين، ولقد تم التمييز بين ثلاثة اشكال من الحركات الاساسية، هي: سيطرة الحركة التباعدية، وحركة صفائحية تقاربية، والحركة التماسية.
ويشار الى ان التأثيرات الحركية الباطنية والجانبية كثيرا ما تؤدي الى ظهور توتر واضطراب كبير في بنية المسطح الداخلية، مما يؤدي الى تكسرها وظهور وحدات اصغر. وهنا في اماكن التكسر تكثر الزلازل استجابة لعمليات التشقق والتمزق في القشرة الصخرية (بحر ايجة). ولكن قد تكون الزلازل هنا صدى لحركة صدم قديمة كما في مناطق جبال اورال، او انها مؤشر لعمليات زلزالية اشد وطأة اذ تكدس العمليات البنائية في باطن الارض طاقة حرارية كبيرة واذا ما انطلقت فجأة تحولت الى قوة محركة تحرك الكتل الصخرية محدثة بذلك زلازل عنيفة غالبا.
تسمى كل الشقوق المنبعثة في اعماق الارض ببؤر الزلازل. وهذه الشقوق تستمر في اطلاق الامواج الاهتزازية مادامت عملية التشقق والتصدع مستمرة. ويمكن ان تسجل الامواج هذه في مختلف انحاء الارض بوساطة اجهزة التسجيل الزلزالية. ولقد ساعدت عملية رصد الامواج الاهتزازية تسجيلها على ظهور ما يعرف بعلم الزلازل والاهتزاز الموجي، ومن المعروف ان علم الاهتزازات قد اهتم لفترة طويلة بدراسة قوانين انتشار وتوزيع الامواج الاهتزازية اللدنة في اعماق الارض. بينما تدرس الان بؤر الزلازل نفسها مستفيدة بذلك من الامواج الاهتزازية الصادرة عن البؤر.. وهكذا فان بؤر الزلازل تمثل مساحة من الارض في واقع امرها ليست سوى منطقة تهدم وتكسر وتشقق في اعماق القشرة الارضية واعماقها. ويسمى الموضع الذي تتكون فيه بؤرة الزلازل في باطن الارض، "المركز العميق". اما الموضع الذي يعلوه على سطح الارض فيطلق عليه المركز السطحي ويمثل الموضع هذا المركز الذي تبلغ فيه قوة الزلزال اشد ما يمكن اي انه مركز التدمير الأساسي.
التسوناميات:

تتميز امواج التسونامي الجبارة بمدى طويل جدا، فهي قادرة على نقل الطاقة المدمرة من مصدرها في المحيط الى مسافة تبلغ الاف الكيلومترات. ان التسوناميات بعيدة المصدر تضرب المناطق الساحلية بشكل مفاجىء في حين تتسم التسوناميات القريبة بالعنف والدمار الشديدين. وتمر التسوناميات اثناء نشوئها بثلاث مراحل: التولد والانتشار والغمر (او الاغراق). اذ يؤدي اي اضطراب يحدث في قاع البحر، مثل الحركة التي تحدث على طول اي صدع، الى دفع ما فوقه من مياه نحو الاعلى. وتنتشر الموجة عبر مياه المحيط العميقة بسرعة هائلة، غير ان ميل هذه الامواج، التي يصل طولها الى 600 ضعف ارتفاعها، يكون من الضآلة بحيث تتعذر ملاحظته. وعندما تصل الموجة الى المياه الضحلة تتباطأ سرعتها حتى تصل الى سرعة المركبات على الطرق العادية وقد تصل في بعض الاحيان الى الساحل على شكل موجة هادئة، وفي احيان اخرى يؤدي الانكسار والتضحل الى حشد طاقة الموجة وتركيزها، لتصبح حائطا عاليا وخطيرا من المياه وتنضغط طاقة الموجة داخل حجم اصغر، اثناء دخولها الى المياه الضحلة، وتتباطأ لتلحق بها الموجة التي تليها، او انها تلتف حول اي لسان او ارض متقدمة. تؤدي هذه الزيادة في كثافة الطاقة، بدورها، الى زيادة في ارتفاع الموجة والتيارات.
تدابير الوقاية:
امام حجم الاضرار الكارثية الناشئة عن التسوناميات البحرية، تهتم الهيئات العلمية ذات الاختصاص بوضع خطط فاعلة في مواجهة هذه الازمات الطبيعية، ويتضح ان هذه الخطط ادرجت ليس بمعزل عن خبرات اكثر الدول تقدما، وهي في ذات الوقت تعرضت بلدانها لهذه الاخطار. واقصد بذلك -على نحو خاص- اليابان والولايات المتحدة ان التنبؤ بمكان حدوث تسونامي يسهم في انقاذ الارواح والممتلكات بفعالية كبيرة، اذا توافر لدى السكان (في المناطق الساحلية) الوعي اللازم بالاخطار والاستجابة السليمة ازاءها. ان اكثر من ربع مجموع التسوناميات، الموثقة جيدا في منطقة المحيط الهادي منذ عام 1895، نشأت قرب اليابان، وهذا ليس غريبا لأن اليابان تقع بالقرب من ملتقى الحواف المتصادمة لأربع صفائح. وادراكا من اليابانيين لهذا الخطر المتجدد، وظفوا اموالا ضخمة على مر السنين من اجل التخفيف من اخطار التسوناميات، شملت اعداد البرامج التعليمية والتثقيفية، وانشاء نظام فعال للانذار المبكر، وزراعة غابات اعتراضية على الشاطىء، واشادة وحدات بحرية وغيرها من التحصينات الساحلية. لقد كان للانذار الذي واجهته الاذاعة اليابانية لسكان جزيرة اوكشيري الصغيرة مساء يوم 12/7/ 1993 اثر كبير حيث لجأ السكان الى الاماكن المرتفعة مما فوت فرصة التهام التسونامي الذي بلغ ارتفاعه 20 مترا، واقتصرت الاضرار على المنشآت والمباني. ان الوضع في اليابان افضل منه في البلدان الاخرى، التي تفتقر، او تكاد، الى برامج التوعية الشعبية. وقد بينت اللقاءات التي اجريت بعد ان ضرب تسونامي جزيرة فلورس في اندونيسيا عام 1992، وقتل اكثر من 1000 شخص، ان معظم السكان في السواحل المنكوبة لم يكونوا على علم بان الزلزال يمثل انذارا طبيعيا باحتمال حدوث تسونامي، ولم يحاولوا الفرار الى الداخل وللأسف، كان سكان بابواغينيا الجديدة غافلين عن ذلك، الامر الذي ادى الى ارتفاع عدد ضحايا الكارثة عام 1998 الى اكثر من المنتظر حدوثه. لاسيما وقد توجه بعض السكان الى الشاطىء لتحري الامر، فلقوا مصيرهم المحتوم.
في اعقاب التسونامي المفاجىء الذي ضرب رأس مندوسينو، مولت الوكالة الاتحادية لادارة الطوارىء دراسة لسيناريوهات الزلازل في شمال كاليفورنيا مشروع اعداد خرائط للمناطق التي يحتمل ان تغمرها طوفانات تسونامية. وكانت الحصيلة للجهود المبذولة ان تأسست "خريطة الاخطار"، تضمنت تحديد المناطق المعرضة للتسوناميات، وشدة الاهتزازات الزلازلية، واحتمالات انهيار التربة والانزلاقات الارضية.
ان ثلاثة انشطة مرتبطة روعي التركيز عليها، من اجل التصدي لاخطار الطوفانات التسونامية هي: تقييم الخطر المحدق بمناطق ساحلية معينة، وتحسين طرائق الاكتشاف المبكر للطوفانات واخطارها المحتملة، وتوعية المجتمعات المحلية لضمان حسن استجابتها عندما يضرب تسونامي. يذكر في شأن تقييم الخطر- استخدام النمذجة الحاسوبية، وحيث توفر الخرائط معلومات حيوية للمسؤولين المحليين عن ادارة الطوارىء والمكلفين بتحديد طرق الاجلاء من المنطقة المغمورة. ويجرى حاليا تطوير شبكة تضم محطات رصد في اعماق المحيطات، تسمح بتقصي التسوناميات والابلاغ عنها آنيا، هذه الشبكة تحل محل مسجلات الزلازل التقليدية، فيما يعرف بمشروع تقييم التسوناميات في المحيطات العميقة والابلاغ عنها.
______________
المرا جع
- بحت "الزلازل العملاقة في الشمال الغربي الباسيفيكي" مجلة العلوم، 1996، العدد 3، ص 3.
- بحث "تسونامي" مجلة العلوم، 1999، العددان 8و 9، ص 4.
- د شاهر جمال اغا "الزلازل" عالم المعرفة، 1995، العدد 200، ص 137:39.
- United States Tsundmis(including united - statees possessions): 1690 - 1988. Jaimes F.
- Lander and Patricia A. Lockridge. NOAA/ National Gcophysica Data Center, PubIication 41 - 42 1989.
- Lander and Patricia A. Lockridge. NOAA/ National Gcophysica Data Center, PubIication 41 - 42 1989.
- The Cape Mcndncino Tsunami.F.. Gongallez - aizd E.N. Bernard inEarthquakes and voIcanoes. vol. 33. No. 3, pages 135 - 138; 1992.
- Tsunami Walter. C. Dudley and Min Lee, - university of Hawaii Press, 1998.
- Mutter. John. C. FIoor spreading science. vol. -285. Nov. 1992. PP.1442-443.
- Yoshio Fucao. Seismic Tomogram of the - Earth,s Mantle; Geodynamic implicatio
_____________________
المصدر : مجلة علوم وتكنولوجيا -عدد : اكتوبر/ نوفمبر 2002م .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق