بـسـم الـلـه الـرحـمن الـرحـيـم
الأبعاد المكانية
للجريمة
Spatial Dimensions of Crime
أ.د. مـضـر خـليل ألعـمـر
1 - المـقـدمـة :
تشترك
في دراسة الجريمة وتحليل العوامل المساعدة على حدوثها و تأشير أسبابها و معطياتها مجموعة كبيرة من العلوم المختلفة و
ذلك لتعدد مجالاتها و زوايا النظر إليها
. وليس هذا بجديد ، فالاشتراك في الموضوع
ِarea[1]· يمثل توجها علميا حديثا نسبيا ، كما هو الحال
عند دراسة مواضيع : الحضر ، السكن ، الموارد الطبيعية ،
البيئة ، التلوث ، التخطيط ، النقل ، وغيرها . وقد امتد الاشتراك ليشمل تطوير تقنيات
جمع المعلومات و تحليلها ، مثل : الاستشعار عن بعد ، التحليل المكاني ، النمذجة ،
نظم المعلومات الجغرافية GIS ، وغيرها . و قد عـقـدت مؤتمرات و ندوات
علمية موحدة الموضوع و الهدف متعددة
التخصصات العلمية ، و صدرت دوريات علمية عديدة تعنى بالموضوع و ليس بالاختصاص
الأكاديمي . لقد تطورت العلوم
وتشابكت لدرجة أصبح ، في بعض الأحيان ، من المتعذر الفصل بينها في الموضوعات الدقيقة
المقياس و التخصص . ولعل هذا من أسباب تقدمها و نتيجته في الوقت عينه .
يقصد
بمصطلح البعد Dimension هنا التنظيم
، و الجغرافيا معنية بالتنظيم المكاني للظواهر التي تحدث على سطح الأرض ،
وهي علم يشترك مع الكثير من العلوم في
الموضوعات و التقنيات لشمولها في الدراسة و التحليل قطبي العلوم : الطبيعة
والإنسان ، والعلاقة بينهما . فالجغرافيا تفسر التباين المكاني للظواهر التي
تحدث على سطح الأرض على ضوء العلاقة بين المتغيرات الطبيعية و البشرية ، إنها
معنية بالبعد المكاني لكل ما يحدث على سطح الأرض
ويمس حياة الإنسان اليومية . ولما
كانت الجريمة ظاهرة بشرية تتباين مكانيا و زمنيا ، لذا فللجغرافي دور جوهري في
دراستها و تحليل مجالاتها من خلال تسليط الضوء على أبعادها المكانية . في هذا
المقال ، يسلط الضوء على الأبعاد المكانية لخمس من مجالات الجريمة و دور الجغرافي في دراستها . و المجالات هي :
(أ) المجال
القانوني (تطبيق القوانين) Legal space،
(ب) المجال الاجتماعي – الاقتصادي Socio-Economic
space
(ت) المجال
الإجرائي (الجريمة كفعل)space Crime
action ،
(ث) المجال
الديموغرافي (الجاني و المجني عليه) space Criminals & Victims
،
(ج) المجال
المكاني (مسرح الجريمة)space Crime
theater .
2 – البعـد الـمكاني
للـمجال القانوني :
الجغرافي
ليس معني بالقوانين بحد ذاتها ، بل
بالتباين المكاني الناجم عن تطبيقها وما تسببه من تباين بين المجتمعات المحلية Communities
، وتباينات في درجة استقرار كل منها و
توفير مستلزمات الحياة الضرورية لها . والمنهج التطبيقي Applied
approach في
الجغرافيا معني بهذا الجانب بشكل خاص (قوانين الطبيعة و القوانين التي سنها
الإنسان لتنظيم حياته) .
ولما
كانت الشرطة هي رأس الحربة في تطبيق القوانين و حفظ الأمن ، لذا أصبح عملها و
تقييم أدائها من صلب الموضوعات التي يهتم بها الجغرافي . فمناطق عمل وحدات الشرطة
، (سواء أكانت محافظات ، أقضيه ، نواحي ، مدن ، أحياء سكنية) ، متباينة في العديد
من المتغيرات ، مثل : المساحة ، حجم السكان و تركيبتهم العمرية و المهنية ،
تكرار حدوث الجريمة ، حجم قوة الشرطة ،
إمكاناتها البشرية والآلية ، لذا فان تطبيق القوانين ، وبالتالي حفظ الأمن ، سيتباين طبقا لقدرة قوة الشرطة في السيطرة على
الرقعة الجغرافية المسؤولة عنها . وبما أن هناك تباينا في الأداء ، وله بعده
المكاني ، لذا توفرت فرصة لاعتماد المنهج التطبيقي في الجغرافيا لتحليل الوضع
الأمني من خلال تقييم أداء مديريات الشرطة ، و تقييم الوضع الأمني على مستوى البلد ، الإقليم ، المحافظة ،
المدينة .
و
لتقييم أداء مديريات الشرطة و حداتها
العاملة ، يمكن اعتماد مؤشرات عديدة ، تجمع البيانات عنها ولفترة زمنية محددة ،
منها :-
(1) نسبة
تنفيذ أوامر القبض الصادرة ،
(2) نسبة كشف الجريمة ،
(3) نسبة كشف الجرائم المهمة (القتل ، السرقات ) ،
(4) نسبة
كشف الجريمة آلي عدد العجلات في المديرية ،
(5) نسبة الجريمة في مدة محددة قياسا بسابقتها أو
بمثلها من عام سابق ،
(6) نسبة الجريمة آلي عدد سكان منطقة عمل مديرية
الشرطة ،
(7) نسبة الجريمة آلي مساحة منطقة عمل المديرية ،
(8) نسبة الجريمة آلي عدد المباني أو الوحدات السكنية
في منطقة العمل ،
(9) نسبة الجريمة آلي عدد رجال الشرطة ،
(10) نسبة الجريمة آلي عدد الضباط ،
(11) نسبة الشرطة آلي الحجم السكاني في منطقة عمل
المديرية ،
(12) نسبة الضباط آلي قوة الشرطة ،
(13) نسبة
عدد السكان آلي مساحة منطقة العمل ( الكثافة العامة) .
تمثل المتغيرات الخمس الأولى مؤشرات
تقيس أداء المديريات ، وهي ضمن سيطرتها الكاملة ، والثلاث التي تليها تقارن
الوحدات العاملة على أساسها ، أما الخمس الأخيرة فتمثل محددات عمل المديريات وهي
خارج سيطرتها . آن جمعها مع بعض يعطي فكرة شبه متكاملة عن مجمل الأداء و المحددات
، أي النظرة الموضوعية لمعظم الظروف التي يتطلب أخذها بالحسبان عند التقييم العلمي
لأداء المديريات . إنها مسطرة قياس موحدة المعايير تعطي لكل ذي حق حقه . ([2])
شكل
رقم ( 1 )
العلاقة
بين مؤشرات أداء مديريات الشرطة
تنفيذ أوامر القـبـض
نسبة كشف المهم من الجرائم نسبة كشف الجريمة \ عجلة

كـشــف الجـريـمـــة
خفض نسبة الجريمة
ولم
يأت اختيار المتغيرات أعلاه اعتباطا ، بل بعد تمعن منطقي ، و تجربة عملية لتحليل
الأداء و تقيمه . فتنفيذ أوامر القبض يتطلب استخدام العجلات ، ومن خلال التنفيذ يتم كشف الجرائم ، المهمة
على وجه الخصوص ، و بالتالي ترتفع نسبة كشف الجريمة عموما .
وبكشف الجرائم و إلقاء القبض على المجرمين تتناقص نسبة الجريمة في المنطقة . فالعلاقة طردية متصاعدة ، أي إذا كانت العلاقة الإحصائية بين تنفيذ أوامر
القبض و كشف الجريمة بقيمة (0.5) ، فانه ، يفترض ، أن لا تقل عن (0.7) بين كشف
الجريمة و خفض نسبتها . وهذا هو الأساس
المنطقي الذي يحاول الشكل رقم (1) توضيحه .
تعتمد معظم الدول نسبة الجريمة آلي كل
مائة آلف نسمة من السكان كمؤشر أساسي لتقييم الأداء و قياس درجة السيطرة الأمنية
لجهاز الشرطة ، أو نسبتها آلي المباني السكنية أو تلك المطلوب حمايتها ، أو نسبتها
آلي الوحدة المساحية . يؤثر عكسيا على هذه النسبة متغيري نسبة الشرطة آلي السكان ،
و نسبة الضباط آلي الشرطة . فزيادة عدد الشرطة معناه وجود رجال الأمن في كل مكان و زمان يتطلب
تواجدهم فيه مما يعزز السيطرة و الاستقرار الأمني . و زيادة عدد الضباط يعني وجود
قادة ميدانيين يوجهون رجالهم بصورة فاعلة . الشكل رقم (2) يوضح العلاقة الفرضية
بين نسبة الجريمة آلي السكان و بعض المتغيرات المعتمدة في قياس أداء مديريات
الشرطة . ([3])
شكل رقم ( 2 )
نموذج فرضي للعلاقة بين نسبة الجريمة
آلي السكان وبعض المتغيرات
بالمقابل ، تؤثر
طرديا في نسبة الجريمة آلي السكان المتغيرات الآتية : نسبة الجريمة آلي الشرطة ،
نسبة الجريمة آلي الضباط ، و ارتفاع الكثافة العامة ونسبة الجريمة في الرقعة
الجغرافية .
لنسبة الجريمة آلي الشرطة علاقة عكسية مع نسبة الشرطة آلي السكان و نسبة
الضباط آلي الشرطة ، و علاقة طردية مع متغيرات : نسبة الجريمة آلي السكان ، نسبة
الجريمة آلي الضباط ، و الكثافة العامة . يعرض الشكل رقم (3) العلاقة الفرضية بين
نسبة الجريمة آلي الشرطة و عدد من المتغيرات المقترحة لتقييم أداء مديريات
الشرطة .([4])
شكل
رقم ( 3 )
العلاقة المنطقية بين نسبة الجريمة آلي
الشرطة و بعض المتغيرات
توضح
المخططات الانسيابية الثلاث أعلاه ، ألعلاقة بين المتغيرات المقترحة لتحليل الوضع
الأمني من خلال تقييم أداء مديريات (وحدات) الشرطة . ولا تغطي هذه المتغيرات جميع
ظروف عمل مديريات الشرطة و واجباتها ، و
دور الجهات الأخرى المعنية بحفظ الأمن و استقرار البلاد ، ولكنها بداية طيبة
للتحليل و التقييم المقارن . إنها تبرز التباين المكاني في حفظ الأمن و سيادة
القانون ، مؤشرة بعض الأسباب الذاتية والموضوعية وراء ذلك . فاختلاف العلاقة
الإحصائية عن الحالة الفرضية يعني وجود
خلل في التوزيع المكاني للمتغيرات قيد التحليل ، فقد يكون للموقع الجغرافي
(المناطق المحيطة بمنطقة عمل المديرية) دور مباشر وغير مباشر في ضعف السيطرة
الأمنية . فالخارطة و التحليل المقارن
(بين المديريات من جهة ، ومع الحالة الفرضية من جهة أخرى) يساعدان في توضيح البعد
المكاني لتنفيذ القوانين وحفظ الآمن .
إنها ترسم خارطة الوضع الأمني في منطقة الدراسة خلال فترة زمنية محددة .
3
– البعد المكاني للتركيب الاجتماعي –
الاقتصادي ،
يرى علماء الاجتماع و جغرافيو المدن أن
المجتمعات البشرية عندما تكبر و يزداد عدد أفرادها تميل طبيعيا آلي التكتل في
مجاميع صغيرة على أساس المهنة أو الطبقة الاجتماعية ، وتميل المجموعة أو الفئة آلي السكن مع بعض ، و السبب وراء ذلك
منافسة المجاميع لبعضها و حاجة كل منها
آلي الحماية و الدعم الذاتي من المجموعة نفسها ([5])
. يعني هذا أن الفرد يختار طواعية ، وينتقي المجموعة التي يحس بالانتماء إليها ، و
بهذا فانه يختار المنطقة التي يسكن عائلته بها . انه يختار الطبقة (الشريحة) التي يحتمل أن تتزوج ابنته أو يتزوج ابنه منها
([6])
لهذا السبب ظهر من يقول : قل لي أين تسكن أقول لك من أنت ([7])
.أي أن مكان سكن الشخص دليل عملي على موقعه في السلم الاجتماعي . فلكل موقع في
المدينة قيمتان : اقتصادية تمثل موقعه في سوق الإسكان ، و قيمة اجتماعية تمثل
موقعه في السلم الاجتماعي ([8])
. بعبارة أخرى ، أصبحت المدينة مكونة من مجموعة من المناطق المتميزة عن بعضها
بتركيبة سكانها (ديموغرافيا ، مهنيا ، تعليميا) و بنائها العمراني (مبان ،
استعمالات أرض ) و بيئيا (جميع هذه) ، وهذه الأجزاء مع بعض تشكل التركيب الاجتماعي
الاقتصادي المكاني للمدينة .
يمثل التنظيم المكاني للتركيب الاجتماعي
الاقتصادي للمدينة الأرضية التي تفسر على أساسها جميع المشكلات الاجتماعية التي
تعاني منها المدينة . يضاف آلي ذلك أن معرفته تساعد في التخطيط العلمي ، وتكون
عونا عند اتخاذ القرارات المناسبة لكل حالة و مشكلة . ([9])
. لقد ارتبطت الجريمة في أذهان العديد من الناس بالمدينة و التحضر رغم إنها وجدت
قبل وجود أول مدينة على سطح الأرض . وفي المدينة ترتبط الجريمة في أذهان الناس
بأماكن معينة فيها . وهذا الارتباط مقترن بالخارطة الذهنية التي يمتلكها الأفراد
عن مناطق المدينة و طبيعة ساكنيها . إنها نتاج الخبرة الذاتية و المكتسبة (السمعة
الاجتماعية لمناطق المدينة) .
لقد درس علما الاجتماع الجريمة و البيئة
الاجتماعية المرتبطة بها ، اعتمدوا العينات ، أو حالة دراسية لمنطقة معينة ، و
اختاروا مؤشرات للتحليل مثل : الكثافة
الاسكانية ، حجم العائلة ، نسبة النوع (الجنس) ، الحالة الاقتصادية للعائلة ، دورة
الفقر ، المناطق المتخلفة ، المستوى التعليمي لرب الآسرة ، تداخل استعمالات الأرض
وغيرها . جميع هذه المتغيرات متباينة في توزيعها مكانيا داخل المدينة ، و تتداخل و
تعزز بعضها ، ولهذا تشكل أنماطا مكانية .
نتجت هذه الأنماط عن طبيعة التركيب الاقتصادي الاجتماعي لسكان المدينة و تكتلهم
مكانيا . فدراسة التنظيم المكاني للتركيب الاجتماعي الاقتصادي للمدينة توسع المنظور وتحدد مكانيا المناطق
التي يمكن أن تكون نواة للجريمة ، سواء مصدرة للمجرمين أم جاذبة لهم .
تمثل دراسة التنظيم المكاني للتركيب
الاجتماعي الاقتصادي للمدينة أرضية ينطلق
منها التحليل البيئي للجريمة . فعلماء الاجتماع يرون أن هناك مناطق ((تربي))
المجرمين ، وأخرى تجذبهم إليها لاقتراف الجريمة . ويرى علماء النفس أن الضغط
النفسي على الأشخاص يتباين بين مناطق المدينة . و الجغرافيون يرون أن هناك مناطق
ترتفع فيها نسبة الفقر و الحرمان ، وأخرى مترفة ، وتنعكس درجة حدة التباين هذه على
المدينة و تفاقم مشاكلها ([10])
. فمعرفة المناطق الاجتماعية في المدينة و تنظيمها المكاني جوهري لكل معني
بالمدينة و ومشاكلها ، سواء أكان أكاديمي
أم إداري ، أم سياسي .
لمعرفة التركيب الاجتماعي الاقتصادي
المكاني دور فعال في رسم السياسة الإجرائية لمديريات الشرطة و المخططين
الاجتماعيين . لقادة الشرطة تمثل هذه المعرفة خلفية علمية تفسر التوزيع الجغرافي
للجريمة ، و تؤشر مسار المجرمين بين مناطق المدينة المختلفة ، وعلى ضوء ذلك تحدد
مواقع الدوريات و نقاط المراقبة و المتابعة .
و دراسة التركيب الاجتماعي الاقتصادي للمدينة و تنظيمه المكاني من صلب
موضوعات جغرافية الحضر ، التي هي فرع من فروع الجغرافيا الاجتماعية . فالجغرافي
الحضري معني بهذا الموضوع و له الدور البارز في تأشير الأنماط المكانية للمتغيرات
الاجتماعية و تفسيرها . لذا فان دور الجغرافي في المساعدة في رسم السياسة
الاجتماعية ، والبرامج الإجرائية للحد من الجريمة لا يمكن إنكاره .
4
– ألبعـد المكاني للمجال الإجرائي ،
يتمثل المجال
الإجرائي للجريمة بثلاث جوانب ، الأول : النمط المكاني و \ أو الزمني الذي يشكله
حدوث الجريمة ، الثاني : المجرم و رحلته لتنفيذ مآربه و مخططاته (مسار الرحلة بين
المنشأ و المقصد ، مناطق التصدير و مناطق الجذب) ، والثالث : يخص دوريات الشرطة و
المواقع المناسبة للسيطرة الأمنية .
4
– 1 ) النمط المكاني - الزمني للجريمة
،
الفرق بين التوزيع المكاني (أو الزمني)
و النمط ، أن الأول متغير و الثاني اكثر استقرارا . انه ليس ثابت ، ولكن حركته
أبطأ بكثير من التبدلات التي قد تحدث في التوزيع الجغرافي . فالجريمة عندما تحدث
بتكرارات متقاربة في الأماكن ( أو الأوقات) عندها تشكل نمطا . و دراسة التوزيع
الجغرافي للجريمة في منطقة معينة و خلال فترة زمنية غير قصيرة نسبيا تساعد على
تحديد الأنماط المكانية و الزمنية واتجاه الجريمة (نحو الزيادة أو النقصان) في تلك
المنطقة . و كلا النمطين يساعدان في تفسير الجريمة على ضوء المعلومات عن البيئة
الاجتماعية و الطبيعية و السياسية في منطقة الدراسة وما يجاورها .
إضافة آلي ذلك ، إمكانية حساب احتمالية حدوث الجريمة استنادا على نمط
حدوثها الزماني و المكاني و بعد تحديد العوامل المحلية المؤثرة عليها .
يمثل تحديد الأنماط المكانية و الزمنية
للجريمة حجر الزاوية في رسم السياسات العلاجية و الوقائية ، وبدونها تكون الإجراءات
قاصرة عن المعالجة الحقيقية لأنها عبارة عن ردود أفعال ليس آلا . وتحديد الأنماط
المكانية والزمنية مهمة ليست سهلة لأنها تتطلب خبرة و دراية بالتقنيات التحليلية ،
وعلم الخرائط ، و تستوجب توفر بيانات دقيقة عن منطقة الدراسة ولفترة غير قصيرة .
أن تعاون الأكاديميين مع رجال الشرطة في رسم خرائط الأنماط المكانية تعجل في
السيطرة على الجريمة من خلال تحديد طبيعة العوامل المؤثرة على الأنماط و المكونة
لها ، سواء أكانت هذه العوامل محلية أم خارجية ، طبيعية أم بشرية ، وهل أن الجريمة
" متوطنة " أم ناتجة عن مستجدات
يتطلب الانتباه إليها أخذها بالحسبان ([11])
.
بزيادة درجة التباين المكاني لحدوث
الجريمة تأشر وجود بؤر تتركز فيها حالات حدوثها
في أماكن معينة دون سواها ، في وقت يمثل التوزيع المتقارب للجريمة على
سيادة الفوضى و الاضطراب (في حالة تكرار حدوثها بنسب عالية) . آما التباين الزمني
الكبير فيعني أن العوامل المسببة للجريمة طارئة ، يعاكسه تقارب حدوث الجريمة من
معدلها زمنيا الذي يدلل على وجود عوامل و
ظروف محلية تساعد على استقرارية تكرار حدوث الجريمة . فعندما يترافق وجود تباين
مكاني كبير في منطقة معينة مع تباين زماني قليل في نقاط معينة منها ، حينها يعني ذلك وجود ظروف محلية قد ساعدت على توطن
الجريمة في هذه الأماكن ، والتي يمكن عدها مناطق جنوح و جريمة Criminal
Area . وتلعب الخارطة هنا دورها في تحديد أماكن
الجنوح و الجريمة ، وعلى وجه الخصوص عندما
تسقط عليها البيانات المتوافرة لفترة زمنية غير قصيرة . وتتضح الصورة أكثر برسم
خارطتين ، الأولى للنمط المكاني ، والثانية للنمط المكاني الذي يمثله التباين
الزمني (على ضوء معامل التباين الزمني
للوحدات الإحصائية في منطقة الدراسة) .
ويمكن اعتماد هذه الطريقة في تحديد درجة
توطن أنواع معينة من الجرائم ، وذلك بقياس نسبة التباين الزمني لمجموع الجرائم آلي
نظيره لجريمة محددة . فحيثما تكون درجة
تباين مجموع الجرائم في المنطقة أكبر من تباين جريمة محددة في المنطقة ذاتها و
خلال المدة الزمنية نفسها دل هذا على توطن هذه الجريمة وخضوعها آلي ظروف محلية
تساعد على تكرار حدوثها بنسق قريب من معدلها . بالمقابل ، عندما تكون درجة تباين
مجموع الجرائم أقل من درجة تباين جريمة محددة في المنطقة و خلال المدة عينها فيعني
خضوعها آلي ظروف خارجية طارئة . وما يصح على التباين الزمني يكون كذلك مع التباين
المكاني . فعندما تكون درجة تباين مجموع الجرائم اكبر من مقابلتها لجريمة معينة
فيعني ذلك سيادة هذه الجريمة و انتشار حدوثها في منطقة الدراسة بنمط قريب من
معدلها . وهذا على خلاف من أن يكون تباين مجموع الجرائم أقل قرينه لجريمة محددة ،
مما يؤشر تأثر هذه الجريمة بالعوامل الطارئة دون المحلية .
الأنماط المكانية (و الزمنية) للجريمة ،
و الأنماط المكانية للتركيب الاجتماعي الاقتصادي تكمل بعض لتشكل صورة الوضع الأمني
في المدينة أو منطقة الدراسة . إنها تفسر بعض ، ولا يستغنى عن أي منها عند التخطيط
الاجتماعي و الجنائي ، عند رسم السياسة الاجتماعية ، وعند تحويلها آلي برامج عمل .
واشتراك جغرافي مستوعب لواجبه العلمي – الوطني و متمكن من نقل المعرفة العلمية آلي
مستوى التطبيق العملي الميداني في فريق عمل للربط بين الأنماط المشار إليها آنفا
ضروري ، خاصة عندما يعتمد نظام المعلومات الجغرافية GIS في التحليل و الاستنتاج و رسم السياسات
الاجتماعية المختلفة .
4
– 2 ) الرحلة لتنفيذ الجريمة ،
رجال حفظ الآمن مغرقون بالواجبات
اليومية و التفاصيل الجزئية لعملهم ، و لا تتسنى نظرة شاملة ثاقبة إلا للقلة
منهم تعينهم في صياغة تفسير علمي للجريمة
في مناطق عملهم . المطلوب منهم متابعة الجريمة المفردة و كشفها ، وقد لا يسألون عن
الصورة التراكمية للوضع الأمني في مناطق عملهم ، فالواجب محصور بالتنفيذ في
الميدان . و رجال الإحصاء في مديريات الشرطة واجبهم تنضيد المعلومات في جداول وليس
المطلوب منهم تحليلها واستجلاء ما تحتويه من معاني و علاقات و مؤشرات . وهذه ثغرة
كبيرة من الضروري ملئها من خلال تكليف
رجال شرطة ذوي دراية وخبرة أكاديمية ، أو أكاديميين يهمهم آمن المجتمع ، و تطوير
معرفتهم النظرية بخبرة ميدانية تطبيقية .
بمعرفة البعد المكاني للتركيب الاجتماعي
الاقتصادي للمدينة ، و بتحديد مناطق سكن المجرمين ومناطق حدوث الجريمة يصبح سهلآ
تأشير مسار المجرمين بين أرجاء المدينة ، و تحديد مكان و وقت المراقبة . وقد اعتمدت مديريات الشرطة في العالم الخرائط
في غرف العمليات ، أسقطت عليها البيانات ذات العلاقة ، فكانت الخارطة مفتاحا
لتفسير الكثير من النقاط التي لم تكن بارزة للعيان في الوهلة الأولى وساعدت في كشف
الجريمة و متابعة منفذيها . لقد أصبحت الخارطة سمة ملازمة لغرفة العمليات ، فبدونها يصبح المكان قاعة اجتماعات اعتيادية .
وعند مناقشة سرقة السيارات تتعزز أهمية الخارطة في متابعة الجريمة و مطاردة مقترفيها ، وذلك لأن حركة الجناة واسعة و سريعة
بين أرجاء المدينة المختلفة ، وبدون الخارطة يصبح الأمر صعبا أن لم يكن مستحيلا .
الخارطة ليست جغرافية ، ولكن التعامل مع المعلومات التي تسقط عليها و ربطها
بالمعلومات الأخرى ذات العلاقة لغرض الاستنتاج و الاستدلال هو الجغرافية بمفهومها
العلمي ، و بمنهجها التطبيقي .
لقد درست الجريمة في العديد من المدن و حدد على الخرائط المناطق التي تأوي المجرمين
و المشبوهين ، و أماكن اقترافهم للجريمة . فقد درس احمد فارس العيسى ، على سبيل
المثال لا الحصر ، جريمتي القتل و السرقة في مدينة البصره و حدد مناطق الجريمة حسب
مسقط رأس المتهم ، وحسب مكان سكنه ، حسب مكان حدوث الجريمة و خرج بنمط مكاني واضح
([12])
.
و
بتكامل المعرفة العلمية ( الجامعيين ) مع الخبرة الميدانية لرجال الشرطة يمكن أن
تحل الكثير من المشكلات الاجتماعية ، ويكون أمن المجتمع أكثر استقرارية عندما ترسم
السياسة العلاجية على أساس طبيعة كل منطقة
و وضعها الأمني ، و في الوقت عينه يتعاظم الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية
بين مختلف الفئات الاجتماعية . وعندها يسود الأمان و يتعزز الإحساس به لأنه أصبح مسؤولية
اجتماعية عامة .
4
– 3 ) التوزيع الأمثل لمراكز الشرطة و دورياتها ،
الشرطة مؤسـسة تقدم خدمات مجتمعية لا
يمكن الاستغناء عنها ، فمجرد تواجدها في الرقعة الجغرافية يقلل من احتمالات حدوث
الجريمة . لذا من الضروري أن يكون انتشار قوتها و وتواجدها بشكل يؤدي آلي هذه
النتيجة وعلى أفضل صورة ، انتشار و تواجد
يتناسب مع حاجة كل منطقة وحسب جدول زمني .
ولما كان التباين المكاني حقيقة
ماثلة للعيان لكل ما يراد حمايته و حفظ أمنه ، من سكان و ممتلكات وغيرها ، لذا فان
التنظيم المكاني لتواجد رجال حفظ الأمن و عملهم
يجب بالضرورة أن يأخذه في الحسبان
. فمعرفة الواقع الجغرافي (الطبيعي و البشري) لمنطقة عمل وحدات الشرطة لا غنى لها
عنه عند تحديد مواقع تواجدها الثابتة و المتحركة ، وعند تقرير خطط حركتها
وإجراءاتها المختلفة ، وعند رسم حدود الإقاليم الوظيفية لوحداتها العاملة ، وعند
تقييم أدائها ، وغيرها من المهام الأخرى . وفي الدول المتقدمة اعتمدت نماذج رياضية
([13]
) تساعد المسؤولين في اتخاذ القرارات الصحيحة لمثل هذه الحالات ، حيث يتم
تحديد المواقع و المسارات باستخدام هذه النماذج ، بعد أن استندت على
إحصائيات تفصيلية عن السكان و الجريمة و ربطتها بالمسرح الجغرافي الذي تمارس
الشرطة واجبها عليه .
وتطورت النماذج من صيغة رياضية جامدة
على الورق آلي نماذج تجسيد Simulation
متحركة ومتفاعلة مع متطلبات و حاجات صانعي القرارات . ولم تستقر الحالة عند هذا ، بل تطورت لتتحول
آلي نظم معلومات متكاملة ترتبط بالمكان بكل مفاصلها و تفاصيلها ، عرفت بنظم
المعلومات الجغرافية Geographical Information Systems (GIS) حيث تنظم المعلومات وتبوب على أساس مكاني وتربط بخارطة مخزونة في
الحاسبة ، ومن خلالها ، وبعد إسقاط المعلومات المطلوب على الخارطة وتحليلها بواسطة الحاسبة ، أمكن تحديد مناطق الجنوح و الجريمة ، أماكن
تواجد قوات الشرطة المتحركة و الثابتة ، و غيرها ، خاصة عند اتخاذ القرارات المباشرة و الإجراءات
الآنية ، وحيثما يتطلب الوضع الأمني ذلك .
يشير محمد الخزامي عزيز ([14])
آلي انتشار استخدام نظم المعلومات الجغرافية وتطبيقاتها على المرافق الخدمية الخاصة
بالإسعافات الأولية و المطافئ و الحالات المرورية
والأمنية خلال عقد التسعينات ، وذلك
لاختيار أقصر الطرق آلي مكان الحادث أو الجريمة مستخدمة الصوت و الصورة آلي
جانب الخريطة . فمن خلال خزن المعلومات التفصيلية عن المسرح الجغرافي في الحاسبة ،
و استرجاعها على شكل خرائط أو معلومات تمثل متغيرات معينة ، منفردة أو متجمعة ،
يمكن اختيار المواقع المناسبة لمراكز الشرطة و مسار الدوريات و المسالك التي يمكن
أن تنهجها القوة الساندة للوصول آلي أماكن الحوادث و حيث الحاجة في أقصر وقت
ممكن . تستند نظم المعلومات هذه على الخارطة
، وبهذه الحالة تحولت الخارطة من جدار غرفة العمليات آلي شاشة الحاسبة الالكترونية
، موفرة معاها كل المعلومات التي قد يحتاجها صانع القرار ، ومنفذه في الوقت عينه .
إنها عبارة عن مجموعة من الخرائط التي يمكن ربطها ببعض لتوضح الصورة النهائية عن
منطقة العمل ([15])
. بعبارة أخرى ، ليس اختيار المواقع المثلى لمراكز الشرطة تتطلب معلومات و خرائط
عن منطقة العمل ، بل كل نشاط و واجب تقوم به قوة الشرطة تحتاج هذا . وليس هناك من
يتعامل مع الخارطة و المعلومات التي يمكن أن تحتويها مثل الجغرافي المتدرب تدريبا
جيدا على البحث و التحليل و الاستنتاج . فالجغرافي في مثل هذه الحالات الاستشاري
لصانع القرار ، وهو الكادر الفني الوسطي الذي لا يمكن الاستغناء عن خدماته في كل
المفاصل التي تتعامل مع المجتمع و تنظيمه المكاني .
5 – البعـد المكاني
للمجال الديموغرافي ،
في الفقرة (4 – 2) سلط الضوء على الرحلة
لتنفيذ الجريمة ، ولكن ماذا عن الجاني ؟ وماذا عن المجني عليه ؟ وهل لكل منهما بعد
مكاني ؟ بعبارة أخرى ، آلي أية درجة يتباين التوزيع الجغرافي للسكان حسب التركيبة
العمرية ؟ وهل تتعرض جميع الفئات العمرية آلي الجرائم المختلفة بالنسبة ذاتها ؟
وهل لجريمة معينة علاقة بفئة عمرية محددة أو جنس معين ؟
وعودة
آلي التنظيم المكاني للتركيب الاجتماعي ( 3 أعلاه) ، فان البعد الديموغرافي يشكل
أحد أركان هذا التركيب . فهو يتباين مكانيا بشكل كبير لا يمكن ملاحظته إلا من خلال
خرائط توزيع السكان حسب الفئات العمرية و نسبة النوع . وفي الدول الغربية ، وفي
المدن الكبرى على وجه الخصوص ، لوحظ نمط مكاني للسكن يرتبط بدورة حياة ألا سره .
فالعزاب يسكنون قريبا من مركز المدينة ، و في المرحلة الأولى من الزواج يستمر
الحال كذلك ، ولكن درجة الانتفاع المكانية تتناقص مع مجيء الأطفال حيث تظهر
متطلبات جديدة تستوجب الانتقال آلي مواقع أخرى في أطراف المدينة و ضواحيها . وفي
مراحل متقدمة من دورة حياة الآسرة ، بعد انفصال الأبناء بسبب العمل أو الزواج يفكر
الأباء بالعودة آلي مركز المدينة حيث المرافق الصحية و الخدمية التي يحتاجوها
باستمرار تقريبا . فالدورة تبدأ من مركز المدينة و تنتهي عنده . وفي دراسة قام بها
رعد ياسين محمد عن التركيب الاجتماعي لمدينة الزبير خلص آلي وجود تباين ديموغرافي مكاني في هذه المدينة الصغيرة
([16])
، فكيف الحال مع المدن الكبيرة التي لم تدرس بعد ؟
أشارت الكثير من الدراسات المعنية
بالجريمة آلي أن المسافة التي يقطعها الجاني تختلف حسب الفئة العمرية ، فالمراهقون
و الشباب تكون جنحتم قريبة من السكن في الغالب ، ويركزون على ما سهل حمله و غلى
ثمنه . في وقت تكون المسافة التي يقطعها الجاني أطول في المراحل العمرية اللاحقة ،
وتتباين الأهداف (المجني عليها) . وتكون مناطق سكنى المسنين و العوائل الأحادية
المعيل أكثر تعرضا للجرائم من العوائل الكبيرة ، والكبيرة نسبيا . بعبارة أخرى ،
يمكن تحديد نوعية الجريمة ، و الجاني و المجني عليه من خلال معرفة التركيب العمري
و النوعي للساكنين . فالجرائم التي تحدث في الأماكن التي يكثر فيها الأطفال هي
ليست تلك التي تحدث حيث يكثر المسنون ، وهي ليست التي تنتشر في المناطق التي تسود
فيها فئة الشباب . أن معرفة التركيب العمري و النوعي و تنظيمهما المكاني يساعد في
اتخاذ القرارات الخاصة بتقديم الخدمات المجتمعية ، بما فيها خدمات الطوارئ و
الجانب الأمني .
ركزت
الدراسات السابقة على التعرف على هوية المتهمين (الجناة) ، وحددت الفئات العمرية و
المهنية و ربطت كل منها بنوع معين من الجرائم . واهتمت الدراسات الحديثة بالضحايا
، وأيضا بتركيبهم العمري و النوعي و المهني ، وركزت على دورهم في جذب الجاني و التستر عليه . يعني هذا ، أن
النمط المكاني لتركيبة الجناة ، و النمط المكاني للمجني عليهم مادتان تستحقان
الدراسة و تحديد طبيعة الصلة بينها . هناك شذرات من الإشارات آلي هذا الموضوع في
الكتابات العراقية ، ولكن ليس هناك دراسة ، حسب علمي ، قد صبت اهتمامها على هذا
الجانب الحيوي .
6 – ألبعـد المكاني
لمسرح الجريمة ،
يقوم الجاني ، في العادة ، بجمع المعلومات و مراقبة الضحية
ومعرفة تفاصيل عنها وعن نمط سلوكها وتحركها، كذلك يدرس بعناية طبيعة المكان الذي
يسهل عليه قيامه بجرمه فيه ، وهذا المكان ليس فقط الموضع (النقطة التي تحدث فيها
الجريمة) ، بل الموقع من حيث البيئة المحيطة به . انه يدرس بعناية المجني عليه
ويتفحص موضع و موقع الجريمة . انه يختار المكان و الزمان ، بعد أن اختار الضحية .
وقد أكدت الدراسات وجود أماكن واهنة يمكن أن يستغلها ضعاف النفوس للقيام بأعمالهم
الدنيئة .
عقدت مديرية
الشرطة العامة في بغداد ندوة علمية متخصصة تحت عنوان ((دور التخطيط العمراني في
الحد من الجريمة)) ، وخلصت الندوة آلي أن الجريمة تزداد حيث تختلط استعمالات الأرض
مع بعضها ، وفي المناطق التي يمر بها اكثر من شارع رئيسي نافذ . إضافة آلي ذلك
أشرت دور التصاميم العمرانية واقترحت ما
يلي :-
أ - تقليل ارتفاع المبنى وذلك لأن :-
(1)
ارتفاع عدد الوحدات
السكنية لكل مدخل يزيد من فرصة حدوث الجريمة .
(2)
زيادة عدد الشقق في كل
طابق يزيد من احتمال حدوث الجريمة .
ب – فصل المباني غير السكنية عن السكنية ، وزيادة المسافة
الفاصلة بينها .
ت – إيجاد موانع و محددات طبيعية لتقليل فرص اختراق المحلة
السكنية من خارجها .
ث – تقليل إمكانية الاختفاء قرب المساكن أو المتاجر و غيرها ،
وتحسين إنارة الشوارع .
ج – النوافذ الكبيرة تسهل عملية اختراق المبنى و تضعف حمايته ،
على عكس النوافذ الصغيرة في التصاميم الشرقية القديمة .
ح – توقيع الفعاليات الخارجية على مرأى من نوافذ المنازل و
المتاجر يساعد على الحد من الجريمة .
خ – توقيع مواقف السيارات داخل الوحدات السكنية لتقليل تعرضها آلي السرقة . ([17])
على ضوء نتائج
هذه الندوة ، والدراسات الأخرى ، ألا يمكن تحديد الأماكن و المناطق الواهنة التي
تحتاج آلي حماية أمنية أكثر من غيرها . أليس المطلوب إسقاط المواقع الواهنة هذه على خارطة عمل وحدات
الشرطة ؟
7
– ومـاذا بـعـد ؟
ان دور
الجغرافي في خدمة المجتمع من خلال بحوث تطبيقية لا حد له ، وذلك لأن المسرح
الجغرافي الذي يعيش الانسان عليه و ينشط هو ميدان عمل الجغرافي ، فكل ما يوجد و
يحدث على ظهر هذا المسرح هو مادة للدراسة بالنسبة للجغرافي . فلكل شيء على سطح
البسيطة أوجه يمكن أن ينظر اليه من خلالها ، وأن يدرس على أساسها . وكل وجه من هذه
الاوجه له خصائصه التي تتباين مكانيا و زمنيا ، لذا فان الابعاد المكانية للدراسة
لا حصر لها . و ما يصح على الجريمة يكون كذلك عن جميع الظواهر البشرية و الطبيعية
.
وبتوفر تقنية
نظم المعلومات الجغرافية يتعاظم دور الجغرافي وذلك لأن "بنك المعلومات"
قد ترتبت بياناته على أساس الخارطة فاصبح الأمر أكثر سهولة واكثر تشويقا و اغراء .
كما أن غير الجغرافيين ، من مسؤولين و غيرهم ، ومن خلال التسمية (نظم المعلومات
الجغرافية) سيرتبط في ذهنهم سؤال مفاده : أين الجغرافي العراقي من هذا ؟ ستسقط
الحجة من يدي الجغرافي العراقي ، وسيكون في وضع لا يحسد عليه . وما على الجغرافي
العراقي الا اتباع سبيلين في وقت واحد : تعلم تقنية نظم المعلومات الجغرافية ، و
اختيار الابعاد المكانية للظواهر القريبة
من اختصاصه و اهتماماته العلمية . كل ما يحتاجه ، الجرأة ، وحسن الاختيار ، و
التوكل على الله . ومن يتوكل على الله فهو حسبه ، وهو نعم المولى و نعم النصير .
8
– المصادر :
- العمر ، مضر خليل و المشهداني ، أكرم عبد الرزاق 2000
تقويم موضوعي لأداء مديريات شرطة المحافظات في مجال مكافحة الجريمة لعام
1999
مركز البحوث و الدراسات ، مديرية الشرطة العامة ، بغداد .
-
العمر ، مضر خليل ، و المشهداني ، أكرم عبد الرزاق 2000
تحليل مقارن للانماط المكانية لأداء و محددات عمل مديريات شرطة المحافظات .
مركز البحوث و الدراسات ، مديرية الشرطة العامة ، بغداد .
- السعدي ، سعدي محمد صالح ، رؤوف ،
محمد خالص ، العمر ، مضر خليل 1990 جغرافية الاسكان مطبعة جامعة أربيل .
- العمر ، مضر خليل ، و المومني ، محمد
عقلة 2000
التركيب الاجتماعي للمدينة و الجريمة .
دار الكندي ، اربد ، الاردن .
- العمر ، مضر خليل 2001
قياس توطن الجريمة و تحليل عوامله المحلية .
مركز البحوث و الدراسات ، مديرية الشرطة العامة ، بغداد .
- العيسى ، أحمد فارس 1996
الانماط الزمنية و المكانية لجريمتي السرقة و القتل في مدينة البصره :
تحليل جغرافي
رسالة دكتوراه ، جامعة البصره ، البصره .
- عزيز ، محمد الخزامي 2000
نظم المعلومات الجغرافية : أسـس و تطبيقات جغرافية .
السعودية .
- الدلو ، دلال حسن كاظم 2001
اعداد نظام معلزمات جغرافي لانتاج محاصيل الحبوب في محافظة النجف .
رسالة ماجستير ، كلية التربية – ابن رشد ، بغداد
- الحسن ، رعد ياسين محمد 1990
التركيب الاجتماعي لمدينة الزبير : دراسة في جغرافية المدن .
رسالة ماجستير ، جامعة البصره ، البصره .
-
مجلة
الشرطة ، العدد 1 سنة 2000
ورقة عمل ندوة دور التخطيط العمراني في الحد من الجريمة .
-
Bourne , L.S. ,
1981 ,
The
Geography of Housing ,
Edward
Arnold , London
-
Jones , E.
& Eyles J., 1979
An Introduction to Social Geography ,
Oxford
U. Press , Oxford .
-
Ley , D. 1983
A
Social Geography of the City ,
Harper
& Row , New York ,
-
Herbert , D. &
Smith , D. , 1979
Social Problems and the City : A Geographical
Perspectives ,
Oxforf
U. Press , Oxford .
-
Lapatra , J. W. , Urban Protective Services ,
in Applying the System Approach to Urban Development , Community
Development Series .
[1]
(تعتمد
هذه الكلمة في اللغة الإنكليزية ليقصد بها الموضوع كما تعني المكان أيضا)
[2] العمر ، مضر خليل و المشهداني ، أكرم عبد الرزاق ، تقويم موضوعي
لاداء مديريات شرطة المحافظات في مجال مكافحة الجريمة لعام 1999 ، مركز البحوث و
الدراسات ، مديرية الشرطة العامة ، بغداد 2000
[3]
العمر ، مضر خليل و المشهداني ، اكرم عبد الرزاق ، تحليل مقارن
للأنماط المكانية لأداء و محددات عمل مديريات شرطة المحافظات ، مركز البحوث و
الدراسات ، الشرطة العامة ، بغداد 2000
[4]
المصدر السابق
[5]-Jones , E. & Eyles , J. , An
Introduction to Social Geography , Oxford University Press , Oxford , 1979
[8]
السعدي ، سعدي ، رؤوف ، محمد خالص ، و
العمر ، مضر خليل ، جغرافية الإسكان ، مطبعة جامعة اربيل ، 1990
[9]
العمر ، مضر خليل و المومني ، محمد احمد ، التركيب الاجتماعي للمدينة و الجريمة ،
دار الكندي ، اربد ، 2000
[11]
العمر ، مضر خليل ، قياس توطن الجريمة و تحليل عوامله المحلية ، مركز البحوث و
الدراسات ، مديرية الشرطة العامة ، بغداد 2001
[12]
العيسى ، احمد فارس ، الأنماط الزمنية و المكانية لجريمتي السرقة و القتل في مدينة
البصره : تحليل جغرافي ، رسالة دكتوراه ، جامعة البصره ، ذ996
[13] Lapatra , J.w. , Urban
Protective Services , in Applying the System Approach to Urban Development ,
Community Development Series .
[14]
عزيز ، محمد الخزامي ، نظم المعلومات الجغرافية : أسس و تطبيقات جغرافية ،
السعودية ، 2000
[15]
الدلو ، دلال حسن كاظم ، إعداد نظام معلومات جغرافي لانتاج محاصيل الحبوب في
محافظة النجف ، رسالة ماجستير ، كلية التربية ، جامعة بغداد 2000
[16]
الحسن ، رعد ياسين محمد ، التركيب الاجتماعي لمدينة الزبير : دراسة في جغرافية
المدن ، رسالة ماجستير ، جامعة البصره ، 1990
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق