التسميات

الخميس، 8 مايو 2014

جـرائـم العنـف والملكيـة بيـن الطـلاب في مصـر : دراسة تحليلية مقارنة ...

 جـرائـم العنـف والملكيـة بيـن الطـلاب في مصـر : دراسة تحليلية مقارنة
إعــداد : أ.د . السيـد عـوض - أستاذ ورئيس قسم الاجتماع - كلية الآداب بقنا – جامعة جنوب الوادي .
    ألقى ملخص هذا البحث في المؤتمر الدولي للحوار بين الحضارات بكلية   الآداب جامعة حلوان بعنوان ظاهرة العنف وانتشار الإرهاب في المجتمع الدولي المعاصر خلال الفترة من 18 20 أبريل 2004م. 
حمله من هنا PDF حمله من هنا DOC
    تعد ظاهرة خروج الطلاب على القانون من الظواهر التي تعانى منها المجتمعات الحديثة، وقد بدأت حدتها في الازدياد تبعا لازدياد حركات الشباب في العالم التي أصبحت سمة من سمات العصر والتي هي النتيجة المنطقية لحالة القلق وعدم الاستقرار التي يعيشون فيها نظرا لتعقد سبل الحياة وتصارع القيم الحادة بين الأجيال القديمة والحديثة وعدم رضاهم عن النظم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي باتوا يعتقدون أنها فشلت في تحقيق الحياة الكريمة لبنى الإنسان([1]).

   ولقد تزايدت منذ منتصف الستينات من القرن العشرين حركات التمرد والرفض التي يقودها الطلاب في جميع أنحاء العالم حيث كانوا يحرقون المباني ويقذفون القنابل ويستخدمون العنف وجميع المظاهر الإرهابية، ويقدم برونو باتلهايم Bruno Bettelhiam تفسيراً مقنعاً لظاهرة العنف الطلابي على افتراض مؤداه أن وجود خواء أخلاقي في حياة الشباب الجامعي الثائر خال من الإحساس برسالة أخلاقية لوجوده كله، وبالتالي إحساسه بتفاهة الحياة، فقد أخفقت التربية في إعطائهم هدفا رفيعا يصلح أن يكون رمزا أو محورا ينظمون حوله خبراتهم ويبنون عليه طموحاتهم الاجتماعية والإنسانية، وهذا الفراغ الأخلاقي لدى الطالب يعوضه بتبني أهداف اجتماعية أخرى كالاحتجاج أو بالثورة على النظام ككل. ويرى باتلهايم Bettelhiem وغيره من أصحاب هذا التفسير أمثال لويس فيور Leuis Feuer وسيدنى هوك S.Hook "إن ما يوقد العنف عند الطلاب هو التحول الطاريء على موقف المجتمع من الأجيال الشابة عموماً، هذه الأجيال التي صار المجتمع الحديث يطيل من أمد اتكالها عليه، ويعفيها أطول فترة ممكنة من تعلم تحمل المسئولية الاجتماعية، وبهذا يطيل المجتمع من فترة المراهقة عن غير وعى ولا قصد، ولذا فإننا على مستوى الجامعة نتعامل من حيث الواقع مع مراهقين لم يستكملوا بعد أسباب الرشد الاجتماعي، ومن التفسيرات الأخرى الصراع الثقافي وتناقض القيم والتعصب العنصري وهذه كلها تعد بمثابة التربة الخصبة التي تساعد على نمو العنف الطلابي([2]).
   ومنذ بداية السبعينات اتجهت حركات التمرد والرفض التي يقودها الطلاب إلى نظم الحكم في بلادهم، فالطلاب بشكل دائم يرون نقائض حكومة بلادهم، ويبالغون في إظهارها، ويهتم الطلاب بإيجاد حلول عاجلة لمشكلات شديدة التعقيد، ويؤيدون أية وعود جانبية لعلاج مثل هذه المشكلات دون تأمل عميق لنتائج هذا العلاج([3]). وحينما يستخدم الطلاب أسلوب العنف والاضطرابات فإن ذلك لابد وان يقابل بصرامة القانون، حيث إن من الطلاب جماعات لا تؤيد أو تقبل الحوار المنطقي وأنها بدلا من ذلك تستخدم العنف، وإذا كان العمال في المجتمع الصناعي يضربون عن العمل للحصول على مزايا معينة، فإن إضراب الطلاب يعنى ضياع الوقت الثمين الذي يحتاجونه للإعداد لمستقبلهم لذا فإن الطلاب حينما يضربون فإنما يضربون ضد أنفسهم([4]).
      وفى ثمانينيات القرن العشرين وتحت تأثير عمليات الانتشار الثقافي لأسلوب العصابات الإجرامية الأمريكية بدأت ظاهرة عولمة العصابات gangs global phenomena ، وفى تسعينات القرن العشرين حدثت العديد من التغيرات في اقتصاد العالم منها انهيار الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية الأمر الذي ترتب عليه خلق ظروف يائسة في العديد من الدول وخاصة الدول النامية حيث ظهر نظام رأسمالية العصابات gangster capitalism وهو نظام تديره بعض العصابات في اقتصاديات الدول المتخلفة كما هو الحال في دول العالم الثالث، حيث تؤدى عمليات التنمية غير المتكافئة إلى ظهور الاغتراب والتمرد بين الشباب، وزيادة معدلات الهجرة إلى الدول الأوربية والأمريكية هذا بالإضافة إلى أن حركة العصابات الإجرامية تتبع دائما حركة المهاجرين باعتبارها وسيلة لتحسين مستوى المعيشة([5]). فلقد شهد العالم خلال العقدين الأخيرين تحولات بنائية شاملة اشتهرت بالعولمة وأفضت إلى آثار سلبية متعددة عالمية ومحلية تمثلت بشكل رئيسي في تعاظم البطالة وارتفاع معدلات الفقر والتهميش، فتزايدت معدلات الجريمة بأنماطها المختلفة، حيث خلقت العولمة فرصا عديدة للجريمة عابرة القارات مع ظهور شبكات ومؤسسات للجريمة متعددة الجنسيات([6]).
ويمر المجتمع المصري في الوقت الراهن بمرحلة تتسم بالتغير الاجتماعي الواسع المدى الذي يشمل البناء الاقتصادي الأساسي، وما يعلوه من قيم وعادات وتقاليد، ويرد هذا التغير أساسا إلى الجهود المخططة التي تبذل على مستوى الدولة لجعل المجتمع المصري يتوافق مع النظام العالمي الجديد الذي يطلق عليه العولمة، وإذا كانت مرحلة الانتقال إلى محاولة التعايش مع العولمة تثير مشكلات اقتصادية وسياسية، إلا أنها أيضاً تثير مشكلة اجتماعية بالغة الخطورة يمكن إن لم تجابه بطرق علمية دقيقة وبنظرة سياسية ثاقبة أن تضع عقبات أمام طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن بين هذه المشكلات مشكلة إجرام الطلاب التي تتخذ مظاهر متعددة.
أهمية الدراسة:
يرجع الاهتمام بدراسة جرائم الطلبة لوعي المجتمعات بأهمية حماية تلك الشريحة الاجتماعية، وتوفير كافة فرص الرعاية الاجتماعية الضرورية لها، ومحاولة فهم مشكلاتها، وتحديد احتياجاتها في ظروف المجتمعات النامية التي تتعرض لموجات متلاحقة من التغيرات الاجتماعية السريعة والنمو الحضري المتزايد وذلك لحماية الطلاب من مردودات تلك التغيرات الثقافية والاجتماعية والشخصية، وتأثيرها على مستويات تكيفهم واستجاباتهم السلوكية في نطاق البيئة الحضرية، ومن هنا تأتى أهمية هذه الدراسة كاستجابة واعية لهذا الاهتمام بهذه الفئة التي تعد من صفوة الشباب، فإذا كان الشباب في أي مجتمع هو عدته وذخيرته، فإن الطلاب هم صفوة هذا الشباب، كما أن الطلاب هم أكثر فئات المجتمع تأثرا بالتغيرات الحادثة بالمجتمع، ومن ثم فإن هذه التغيرات تحدث للطلاب أزمة كبرى.
الدراسات السابقة:
ولقد سبقت هذه الدراسة عدة دراسات عن الشباب وعن المشكلات التي يعانون منها، نذكر منها ما يلي:
دراسة سيد عويس ونجوى حافظ عن: الشباب الجانح في الجمهورية العربية المتحدة 1969، وقد انتهت الدراسة إلى أن الفئة الغالبة من الشباب الجانح تتراوح أعمارهم ما بين 20 24 سنة (53.2%)، وأن غالبيتهم أميون وغير متزوجين، وأن غالبية جرائمهم هي جرائم ضد الأموال (38.4%)، ثم جرائم ضد أمن الدولة (21.5%)، ثم جرائم التشرد (11.7%)، ثم جرائم ضد الأشخاص (4.8%)، وأخيرا جرائم ضد الآداب (3.6%)، وأن نسبة الطلاب من بين هؤلاء الشباب الجانح (1.03%)([7]).
كما كشفت دراسة عماد الدين سلطان 1971م، عن احتياجات طلاب الجامعات أن هناك العديد من المشكلات التي يعانى منها طلاب الجامعات في شتى المجالات الصحية والتعليمية والأسرية والاقتصادية والترويحية والدينية والجنسية والسياسية والاجتماعية([8]).
كما أكدت دراسة عصام المليجي عن جرائم الطلبة (1973) أن الجنايات التي ارتكبها الطلاب يغلب عليها أن تكون موجهه ضد الأشخاص حيث بلغت نسبتها 65.1% في عام 1965، 78.5% في عام 1966، أما الجنايات ضد الأموال فقد بلغت نسبتها 3.2% عام 1965، و3.9% في عام 1966، أما بالنسبة لجنح السرقات ضد الأموال فقد بلغت نسبتها في سنتي الدراسة 85.1%، 83.8%([9]).
وتؤكد دراسة على ليلة عن ظاهرة العنف في المجتمع المصري 1976، أنه استناداً لما تؤكده الفروض النظرية فإن العنف يسود في إطار الشباب كمرحلة عمرية ويرجع ذلك إلى عاملين:
1- بناء الشخصية في إطار هذه المرحلة حيث تتميز هذه الشخصية بنقص استكمال صياغتها النظامية واستيعابها لكل تقاليد المجتمع وقيمه، هذا بالإضافة إلى أن بناء الشخصية في هذه المرحلة يكون أكثر حساسية لمتغيرات الواقع المتجددة، ومن ثم فإن ذلك يجعلها أقل ارتباطا بما هو كائن وأكثر ارتباطا بما ينبغي أن يكون وفى إطار الهوة بين ما هو كائن وما ينبغي أن يكون يتراكم عدم إشباع الحاجات الأساسية للشخصية ومن ثم تتكثف التوترات التي تعانيها الشخصية في حياتها عبر هذه الهوة، فهي معانية قلقة وأقل استقرارا نتيجة لعدم تمثلها قدر المعايير الذي يؤسس استقراريتها.
2- العامل الاجتماعي المتعلق بكون الشباب شريحة عمرية لها علاقاتها المتميزة ببناء المجتمع فالشباب على عكس كل من الصغار والشيوخ فئة أكثر حضورا في التفاعل الاجتماعي، وهم الفئة ذات الأدوار الناقصة الأمر الذي يجعل الشباب أكثر حرية في حركته الاجتماعية لأنه لم يتقيد بكل أدواره بشكل كامل، ويرجع نقص استكمال الأدوار لظروف اجتماعية تحول دون ذلك، ومن هنا يزداد العنف عند الشباب الأعزب عنه عند المتزوج وعند شباب الحضر عنه عند شباب الريف([10]).
كما تشير دراسة محمد على محمد عن الفراغ والشباب الجامعي 1984، إلى أن هناك نقصا واضحا فى نسبة مشاركة الشباب الجامعي في ألوان النشاط المختلفة خلال أوقات فراغهم، وأن أكثر أنماط استغلال أوقات فراغهم مشاهدة التليفزيون والتردد على دور السينما وأن هناك ضعفا واضحا فى مستوى الوعي السياسي لهم([11]).
وتوضح دراسة فراج سيد محمد فراج 1993، أن هناك علاقة إيجابية بين ظاهرة العنف لدى الطلاب وكل من تفشى البطالة والمعاناة الاقتصادية والاجتماعية، وانكماش القدرة الرقابية داخل محيط الأسرة وعدم اشتراك الطلاب في عمليات صنع القرار والتناقض الإعلامي وعدم التثقيف الديني، كما أشارت نتائج بعض الدراسات إلى أن التفكك الأسرى وإهمال الأبناء وتركهم بمفردهم في المنزل من أهم العوامل المولدة للسلوك العنيف([12]).
وتشير دراسة عدلي السمري عن سلوك العنف بين الشباب 2000، إلى أن الطلاب مرتكبي السلوكيات التي تتسم بالعنف يؤكدون على أهمية الإحساس بالظلم سواء في تعاملاتهم في الأسرة أو المدرسة أو مع زملائهم، في حين يؤكد المعلمون على أهمية المشكلات الأسرية وضعف العلاقة بين المدرس والأخصائي الاجتماعي، أما أولياء الأمور فقد أكدوا على سوء أداء الأسرة لوظيفتها، وسوء أداء الجهاز الإعلامي، وانعدام الوعي الديني، وغياب الدور التربوي للمدرسة وعدم قيام مؤسسات المجتمع بتوفير سبل الحياة([13]).
كما توصلت دراسة سميحة نصر عن التغير الاجتماعي وجرائم العنف 2003م، إلى أن التغيرات التي حدثت في مصر مع التحول من الاشتراكية إلى الليبرالية أدت إلى حدوث تغير في معدلات الجريمة وأنماطها وأدواتها ودوافعها، فلقد ترتب على هذه التغيرات ظهور أنماط جديدة من الجريمة وزيادة جرائم الاغتصاب وهتك العرض والحريق العمد، وشيوع الجريمة ذات الطابع الجماعي وخاصة في جرائم القتل، وزيادة الوزن النسبي لجريمة القتل بين الجرائم في الحقبة الليبرالية، وأكدت الدراسة أن التحول في نسق القيم وشيوع قيم الفردية والمادة والقيم المرتبطة بالطموح والاستهلاك وغيرها من القيم المرتبطة بالتحول إلى الرأسمالية هي التي تفسر الميل نحو ظهور العنف الجماعي وشيوع الجرائم بين المتعطلين([14]).
أهداف الدراسة وتساؤلاتها:
تهدف الدراسة إلى محاولة رصد التحولات في عدد ونسبة الجرائم والمجرمين الذين هم في سن المسئولية الجنائية في مصر عامة وبين الطلاب خاصة، وتوزيعهم بين مناطق الجمهورية المختلفة في ضوء تقارير الأمن العام لسنتي 1989، 1999، وتعداد السكان لسنتي 1986، 196، والكشف عن معدلات الجريمة (سواء عنف أو ملكية)، والوقوف على التغير في حجم الجريمة واتجاهاتها وأنماطها.
وفى ضوء ذلك يمكن صياغة تساؤلات الدراسة كما يلي:
-         ما هي معدلات الجريمة في المجتمع المصري؟.
-         ما هو التوزيع الجغرافي لجرائم العنف في المجتمع المصري؟
-         ما هو التوزيع الجغرافي لجرائم الملكية في المجتمع المصري؟
-         ما هي معدلات الجريمة بين الطلاب؟
-         ما هي أنماط جرائم العنف بين الطلاب؟.
-         ما هي أنماط جرائم الملكية بين الطلاب؟.
-         ما هو التوزيع الجغرافي لجرائم الملكية بين الطلاب؟.
نوع الدراسة ومناهجها:
تعد هذه الدراسة نمطا من الدراسات الكشفية الاستطلاعية، التي تهدف إلى استخلاص نتائج يمكن من خلالها استنباط فروض جديدة وهى أيضاً نمطً من الدراسات التحليلية الإحصائية المقارنة للطلاب المجرمين في مصر من واقع البيانات الإحصائية المسجلة بتقارير الأمن العام حيث تحوى هذه التقارير على الرغم من التحفظات والمحاذير الموجهة إلى مثل هذه الإحصائيات حول مدى تمثيلها للواقع وعمقها على بيانات ذات أهمية قصوى، فهذه البيانات يتم جمعها عن طريق الشرطة، فرجل الشرطة هو أول من يظهر على المسرح بعد ارتكاب الجريمة، وهو أول من يستدعى، وأول من يبحث ويتصل بالجاني والمجني عليه، كما أن الإحصائيات الجنائية بصفة عامة يمكنها أن تبث فينا وعيا بوجود مشكلات يعانى منها الطلاب، ومدى حجمها ، وإلقاء الضوء على موضوعات ومشكلات تحتاج إلى بحث أعمق لتفسيرها([15]). هذا بالإضافة إلى عدم وجود مصادر بديلة أكثر موثوقية في هذا المجال، كما أن الدراسة تهتم بدلالة الأرقام أكثر من دقتها في توضيح حركة وتطور الجريمة من زمن إلى آخر، الأمر الذي يتيح للباحثين منهلاً خصباً لإبراز أهم العوامل التي تسهم في هذا التطور.
وتعتمد الدراسة الحالية على استخدام أكثر من منهج في سبيل التحقق من تساؤلات الدراسة حيث استخدمت المسح الاجتماعي بالحصر
الشامل لجميع البيانات الإحصائية الواردة فى تقارير مصلحة الأمن العام لسنة 1989، وسنة 1999، عن أنماط جرائم العنف والملكية التي ارتكبت في مصر. وخاصة تلك التي ارتكبها الطلاب في سن المسئولية الجنائية.
كما استخدمت الدراسة المنهج المقارن حيث إجراء المقارنات اللازمة سواء كانت زمنية أو مكانية بهدف التعرف على جوانب التغير والثبات في بعض مظاهر جرائم العنف والملكية المتاحة في تقارير الأمن العام.
مجالات الدراسة:
المجال الجغرافي: يتحدد هذا المجال في جميع محافظات المجتمع المصري.
المجال البشرى: الطلاب الذين هم في سن المسئولية الجنائية.
المجال الزمني: اقتصرت الدراسة على تحليل البيانات المعروضة في تقارير الأمن العام لسنتي 1989، 1999م.
التعريفات الإجرائية للدراسة:
1-الجريمة crime
تتعدد تعريفات الجريمة بتعدد الزوايا التي ننظر بها إليها (دينية اجتماعية قانونية إلخ) فالجريمة من وجهة نظر علم الاجتماع هي نوع من الخروج ومخالفة قواعد السلوك التي حددها المجتمع لأفراده سواء نص قانون الدولة على ذلك أو لم ينص([16]). وهى آفة مجتمعية لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات مهما كانت درجة تقدمه أو تخلفه([17]). فالفعل الإجرامي هو فعل من أفعال تمرد الإنسان على النظام الاجتماعي([18]). والدراسة الحالية ستتبنى التعريف القانوني للجريمة، وعلى ذلك تكون الجريمة وفقا للمعيار القانوني هي كل فعل أو امتناع عن فعل يرتب له القانون عقوبة جنائية.
2-العنف Violence
تتعد أيضاً تعريفات العنف بتعدد الزوايا التي ننظر بها إليه حيث يعرفه البعض على أساس الهدف منه، والآخر على أساس تعدد مظاهره ويقصد بالعنف في مجال هذه الدراسة "استخدام القوة المادية لإنزال الأذى بالأشخاص والممتلكات، فهو كل سلوك فعلى أو قولي يتضمن استخداما للقوة أو تهديداً باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالذات أو بالآخرين وإتلاف الممتلكات، لتحقيق أهداف معينة.
3-جرائم العنف والملكية:
يقصد بجرائم العنف كافة صور السلوك المخالفة للقانون التي تتخذ طابعا عنيفا وتحدث ضرراً وأذى في الأفراد الذين يقع عليهم الفعل الإجرامي، وتعد جرائم العنف كالقتل والاغتصاب والاعتداءات الخطيرة والسرقة بالإكراه بمثابة انتهاكات واضحة لمعايير الجماعة والقانون، أما جرائم الملكية فهي تلك الجرائم التي تكون تكلفتها اقتصادية فقط ولا تتضمن أي شكل من أشكال العنف كسرقات المساكن واللصوصية وسرقات السيارات([19]).
وقد حاول الباحث في الدراسة الحالية تصنيف جرائم الطلاب إلى جرائم عنف وجرائم ملكية معتمدا في ذلك على ما يلى:
-         الوصف القانوني للجرائم طبقا للقانون المصري.
-         تقارير الأمن العام المصرية([20]).
-         التصنيف الذي حدده مكتب التحقيق الفيدرالي (F.B.I) للجريمة الموحدة في الولايات المتحدة الأمريكية([21]).
-         الدراسات السابقة([22])
وقد جاء التصنيف كما يلي:
أولا: جرائم العنف
-   جرائم عنف ضد الأشخاص وتشمل جنايات القتل العمد والشروع فيه، والضرب المفضي إلى الموت، والضرب المفضي إلى عاهة، والتهديد.
-   جرائم عنف ضد أمن الدولة وتشمل جنايات الرشوة، والتزوير، والاختلاس، وتقليد الأختام، ومقاومة السلطات، والتزييف، وتعطيل أو تعريض وسائل المواصلات والاتصالات للخطر.
-       جرائم عنف ضد الأموال وتشمل جنايات السرقة بالإكراه، والحريق العمد، وتسميم الماشية.
-       جرائم عنف ضد الآداب، وتشمل جنايات الخطف، وهتك العرض والاغتصاب.
ثانياً: جرائم الممتلكات
وتشمل هذه الجرائم جنح السرقات الهامة وهى سرقات المساكن والمتاجر والسيارات والماشية.
وفى إطار هذه الدراسة فإن جرائم العنف يقصد بها "تلك الجرائم التي يرتكبها الطلاب الذين هم في سن المسئولية الجنائية، ويكون وصفها القانوني جناية، ومسجلة بتقارير الأمن العام. أما جرائم الملكية فيقصد بها "تلك الجرائم التي يرتكبها الطلاب الذين هم في سن المسئولية الجنائية ويكون وصفها القانوني جنحة والمتعلقة بجنح السرقات الهامة والمسجلة بتقارير الأمن العام.
4-الطلاب:
يمثل الطلاب فئة من الشباب الذين يتلقون العلم في أي من معاهده المختلفة، فالطلاب يعرفون بأنهم فئة اجتماعية وليس طبقة خاصة بهم وذلك لأنهم لا يشغلون وضعا مستقلا في عمليات الإنتاج الاقتصادي، وإجرائيا في هذه الدراسة تنحصر فئة الطلاب في الأفراد الذين يقعون في الفئة العمرية من 18 سنة فأكثر، وقد تم استبعاد الفئة العمرية أقل من 18 سنة لأنها تضم فئة الأحداث التي تخرج عن نطاق الإحصاءات الجنائية. والطلاب في هذه الدراسة يقصد بهم "تلك الفئة من الشباب الذين يتلقون العلم في أي من معاهده المختلفة ويقعون في سن المسئولية الجنائية ويرتكبون جرائم مسجلة فى تقارير الأمن العام"
5-المحافظات الحضرية وتشمل القاهرة و الإسكندرية وبورسعيد السويس.
6-محافظات الوجه القبلي  وتشمل الجيزة، والفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، سوهاج، قنا، وأسوان.
7-محافظات الحدود وتشمل سيناء الشمالية، سيناء الجنوبية، والبحر الأحمر، والودي الجديد، ومطروح.
8-محافظات الوجه البحري وتشمل الإسماعيلية وباقي محافظات مصر.

نتائج الدراسة ومناقشتها:
أولا: معدلات الجريمة في المجتمع المصري
1-معدل الجريمة في سنتي 89، 99
توضح بيانات جدول رقم (2) بالملحق أن عدد جرائم العنف التي ارتكبت في مصر عام 1989 بلغت 2239 جريمة بنسبة 24.9 % من إجمالي الجرائم المرتكبة خلال هذا العام، في حين أن جرائم الملكية بلغ عددها 6756 بنسبة 75.1% من إجمالي الجرائم المرتكبة، وفي عام 1999 بلغ عدد جرائم العنف 2032 جريمة بنسبة 12.7% من إجمالي الجرائم المرتكبة هذا العام، في حين أن جرائم الملكية بلغ عددها 14028 جريمة بنسبته 87.3%. وتشير المعالجات الإحصائية لهذا الجدول أنه في عام 1989 كان معدل الجريمة 35 جريمة لكل مائة ألف من السكان منها 8.7 جريمة عنف، و26.3 جريمة ملكية، في حين أن معدل الجريمة في عام 1999 ارتفع إلى 48.9 جريمة لكل مائة ألف من السكان منها 6.2 جريمة عنف، و42.7 جريمة ملكية.
(2) معدل المجرمين في مصر في سنتي 89، 99.
يشير جدول ­رقم (3)  بالملحق ولذا يوضح توزيع المجرمين في مصر حسب نوع الجريمة أن هناك انخفاضاً في نسبة مرتكبي جرائم العنف فبعد أن كانت نسبتهم 34.1% في عام 1989 انخفضت إلى 23.2 في عام 1999، إلا أن مرتكبي جرائم الملكية ارتفعت نسبتهم من 65.9% في عام 1989 إلى 76.8% في عام 1999. وتشير المعالجات الإحصائية لبيانات هذا الجدول إلى أنه في عام 1989 كان معدل المجرمين 37.7 مجرماً لكل مائة ألف من السكان منهم 12.9 مجرماً يرتكبون جرائم عنف، و 24.8 مجرماً يرتكبون جرائم ملكية. أما في عام 1999 أصبح معدل المجرمين 43.7 مجرماً لكل مائة ألف من السكان منهم 10.1 مجرماً يرتكبون جرائم عنف، و 33.6 مجرماً يرتكبون جرائم ملكية.
-تشير البيانات السابقة إلى أن معدل الجريمة ارتفع من 35 جريمة لكل مائة ألف نسمة عام 1989 إلى 48.9 جريمة لكل مائة ألف نسمة في عام 1999، وأن معدل المجرمين ارتفع أيضا من 37.7 مجرماً لكل مائة ألف نسمة في عام 1989 إلى 43.7 مجرماً لكل مائة ألف نسمة في عام 1999.
-وتشير هذه النتيجة إلى أن الزيادة في السلوك الإجرامي تفوق الزيادة السكانية، فزيادة معدل الجرائم من ناحية ومعدل المجرمين من ناحية أخرى سمة مميزة لكل المجتمعات على الكوكب الأمر الذي يجعلنا كباحثين في علم الاجتماع نحاول فهم السلوك الإجرامي كظاهرة اجتماعية ترتبط بالعديد من الظواهر الأخرى منها عولمة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية حيث أن المكاسب المتحصلة من العولمة يحصدها قلة من البشر في حين أن الغالبية العظمى يتم تهميشها بشكل كامل، ولقد توصلت الدراسات المعاصرة إلى أن التحول في نسق القيم وشيوع قيم الفردية والمادة والقيم المرتبطة بالطموح والاستهلاك وغيرها من القيم المرتبطة بالتحول إلى الرأسمالية هي التي تفسر الميل نحو ظهور العنف الجماعي([23]).
-كما تشير البيانات إلى أنه على الرغم من هذا الارتفاع سواء في معدل الجريمة أو معدل المجرمين، إلا أن معدل جرائم العنف يميل إلى الانخفاض في مصر من 8.7 جريمة عنف لكل مائة ألف نسمة في عام 1989 إلى 6.2 جريمة عنف لكل مائة ألف نسمة في عام 1999. كما أن معدل المجرمين مرتكبي جرائم العنف قد انخفض أيضا من 12.9 مجرماً لكل مائة ألف نسمة في عام 1989 إلى 10.1 مجرماً لكل مائة ألف نسمة في عام 1999. وقد يكون مرد ذلك إلى الجهود المكثفة التي تقوم بها الشرطة للحد من مثل هذه الجرائم. وعلى الرغم من هذا الانخفاض سواء في معدل جرائم العنف أو معدل المجرمين مرتكبي جرائم العنف، إلا أن نسبة اشتراك أكثر من مجرم في ارتكاب جريمة عنف واحدة قد زادت من 1.5 مجرماً فى عام 1989 إلى 1.64 في عام 1999 الأمر الذي يشير إلى شيوع جرائم العنف ذات الطابع الجماعي وتزايد احتمالات ارتكاب أكثر من مجرم لجريمة عنف واحدة وإلى اتجاه جرائم العنف إلى كونها جرائم منظمة Organized crimes  وهنا تكمن خطورة هذه الجرائم.
أما فيما يتعلق بجرائم الملكية في مصر فإن اتجاه هذه الجرائم يسير بشكل مخالف تماماً لاتجاه جرائم العنف حيث نلاحظ أن معدل جرائم الملكية يميل إلى الارتفاع من 26.3 جريمة لكل مائة ألف نسمة في عام 1989 إلى 42.7 جريمة لكل مائة ألف نسمة في عام 1999، كما أن معدل المجرمين مرتكبي جرائم الملكية قد ارتفع أيضا من 24.8 مجرماً لكل مائة ألف نسمة في عام 1989 إلى 33.6 مجرماً لكل مائة ألف نسمة في عام 1999، وعلى الرغم من هذا الارتفاع سواء في معدل جرائم الملكية أو معدل المجرمين مرتكبي هذه الجرائم، إلا أن انخفاض نسبة جرائم الملكية إلى نسبة الجناة من 0.9 مجرماً في عام 1989 إلى 0.8 مجرماً في عام 1999 يشير إلى تزايد احتمالات فرص قيام المجرم الواحد بارتكاب أكثر من جريمة ملكية واحدة.


ثانياً: جرائم العنف والتوزيع الجغرافي
تتفاوت أنواع الجرائم في حدتها بصفة عامة، وجرائم العنف بصفة خاصة من منطقة إلى أخرى، فقد يزداد وقوع نوع منها في منطقة من المناطق ازدياداً كبيراً بحيث تشكل ظاهرة إجرامية يصبح لها طابع مميز بهذه المنطقة، ولا يكون هذا قائم إلا إذا بلغت نسبة هذه الجرائم أعلى نسبة من إجمالي هذا النوع من الجرائم. ولقد أشارت بعض الدراسات إلى أن جرائم العنف تتركز في المناطق الحضرية وتقل في المناطق الريفية([24]).
ومن استقراء البيانات الإحصائية المشار إليها في الجدولين رقمي (4، 5) بالملحق يتضح عدد من المؤشرات حول التوزيع الجغرافي لجرائم العنف في سنتي 1989، 1999م.
ففي سنة 1989 يتضح ما يلي:
-   
أنه على الرغم من أن سكان المحافظات الحضرية في سن المسئولية الجنائية يمثلون (20.8%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1986)، إلا أنهم ارتكبوا (34.7%) من إجمالي جرائم العنف، (24.9%) من إجمالي جرائم ضرب الموت، و(25%) من إجمالي جرائم ضرب العاهة، و(50%) من إجمالي جرائم الخطف، و(44.7%) من إجمالي جرائم هتك العرض والاغتصاب، و(59%) من إجمالي جرائم السرقة بالإكراه، و(41.5%) من إجمالي جرائم الحريق العمد، و(46.9%) من إجمالي جرائم الاختلاس، و(56.8%) من إجمالي جرائم الرشوة، و(51.3%) من إجمالي جرائم التزوير، و(41.7%) من إجمالي جرائم مقاومة السلطات، ويتضح من العرض السابق أن المحافظات الحضرية سجلت أعلى النسب في كافة جرائم العنف التي ارتكبت في مصر عام 1989 باستثناء جرائم القتل العمد (12.8%).

-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الوجه البحري في سن المسئولية الجنائية يمثلون (43.2%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1986)، إلا أنهم ارتكبوا (31.4%) من إجمالي جرائم العنف في عام 1989، وهى نسبة تقل كثيراً عن نسبة تمثيلهم في المجتمع، ويبدو هذا واضحا في كافة أنماط جرائم العنف التي ارتكبت في عام 1989م، باستثناء جرائم ضرب الموت (43.6%) التي جاءت بنسبة متقاربة مع نسبة تمثيل سكانها فى المجتمع.
-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الوجه القبلي في سن المسئولية الجنائية يمثلون (35.4%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1986)، إلا أنهم ارتكبوا (32.2%) من إجمالي جرائم العنف في عام 1989، وهى نسبة تكاد تقترب من نسبة تمثيلهم في المجتمع، ولقد كانت نسب ارتكابهم لكافة أنماط جرائم العنف أقل من نسبة تمثيلهم في المجتمع باستثناء جرائم القتل العمد (54%)، وجرائم ضرب العاهة (38.5%).
-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الحدود في سن المسئولية الجنائية يمثلون (1.2%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1986)، إلا أنهم ارتكبوا (1.8%) من إجمالي جرائم العنف في عام 1989، وهى نسبة تكاد تقترب أيضاً من نسبة تمثيلهم في المجتمع، ومن الجرائم التي ارتكبت بنسب تفوق نسبة تمثيل سكانها في المجتمع، هتك العرض والاغتصاب (6%)، الاختلاس (6.2%)، الرشوة (3.4%)، وقد خلت تماما هذه المحافظات من وقوع جرائم الخطف والسرقة والحريق العمد ومقاومة السلطات.
أما في سنة 1999 يمكن ملاحظة ما يلي:
-   أنه على الرغم من أن سكان المحافظات الحضرية في سن المسئولية الجنائية يمثلون (18.6%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1996) إلا أنهم ارتكبوا (30.8%) من إجمالي جرائم العنف فى عام 1999م، ولقد كانت أيضاً نسب ارتكابهم لكافة جرائم العنف تفوق نسبة تمثيلهم في المجتمع باستثناء جرائم القتل العمد (12.7%).
-   إنه على الرغم من أن سكان محافظات الوجه البحري في سن المسئولية الجنائية يمثلون (43.5%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1996)، إلا أنهم ارتكبوا (32.6%) من إجمالي جرائم العنف في عام 1999، وهى نسبة تقل كثيرا عن نسبة تمثيلهم في المجتمع، ويبدو هذا واضحا في كافة جرائم العنف المرتكبة في هذه المحافظات، باستثناء جرائم ضرب الموت (44.25)، وجرائم الخطف (50%)، وجرائم الحريق العمد (47.5%).
-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الوجه القبلي في سن المسئولية الجنائية يمثلون (36.5%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1996)، إلا أنهم ارتكبوا (34.5%) من إجمالي جرائم العنف في عام 1999م، وهى نسبة تكاد تقترب من نسبة تمثيلهم في المجتمع، ولقد كانت نسب ارتكابهم لكافة جرائم العنف أقل من نسبة تمثيلهم في المجتمع باستثناء جرائم القتل العمد (60.4%).
-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الحدود يمثلون (1.4%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1996) إلا أنهم ارتكبوا (2%) من إجمالي جرائم العنف في عام 1999، ومن الجرائم التي ارتكبت بنسب تفوق نسبة تمثيل سكانها في المجتمع، هتك العرض والاغتصاب (4.8%)، والحريق العمد (4%)، والاختلاس (2.7%)، والرشوة (7.5%)، والتزوير (3.9%)، وقد خلت هذه المحافظات، تماما من جرائم ضرب العاهة، وجرائم الخطف.
ويشير العرض السابق للبيانات إلى أن معدلات الجرائم بشكل عام ترتبط بدرجة التحضر في المجتمع، حيث أثبت دوركايم أن هناك علاقة طردية بين درجة التحضر وارتفاع معدلات الجريمة، كما وضح ميرتون أن خصائص المجتمع الحضري تشجع الأفراد على الرغبة الجامحة في جمع الأموال بكل الطرق، وعلى كراهية القانون، وعلى المحاولات المستمرة لإيجاد البديل غير المشروع لتحقيق الأهداف، هذا فضلا عن دور الحياة الحضرية في التفكك الاجتماعي الذي يؤدى إلى ظهور مشكلات اجتماعية ومن بينها الجرائم، وما تتسم به المحافظات الحضرية من الازدحام واللاتجانس في العلاقات الاجتماعية، والكثافة السكانية العالية([25]).
أما فيما يتعلق بانخفاض نسب جرائم القتل العمد في جميع محافظات الجمهورية وارتفاعها في محافظات الصعيد فإن هذا الأمر يمكن رده إلى تفشى ظواهر الثأر في صعيد مصر الذي يأتي على رأس البواعث المؤدية إلى جرائم القتل العمد. كما هو واضح في تقارير الأمن العام.
أما فيما يتعلق بانخفاض نسبة جرائم العنف في المحافظات الحضرية من (34.4%) في عام 1989 إلى (30.8%) في عام 1999، وارتفاعها في بقية المحافظات بنسب متفاوتة فهذا راجع إلى عدة اعتبارات منها انخفاض نسبة سكان المحافظات الحضرية وارتفاع هذه النسبة بين سكان بقية المحافظات ومنها أيضاً انتشار ظواهر التحضر في كافة محافظات الجمهورية كما تؤكده المشاهدات الواقعية.

ثالثاً: جرائم الملكية والتوزيع الجغرافي
تكشف البيانات كما يوضحها جدول رقم (6) بالملحق عدداً من المؤشرات حول التوزيع الجغرافي لجرائم الملكية في سنتي 1989، 1999.
ففي سنة 1989 يتضح ما يلي:
-   أنه على الرغم من أن سكان المحافظات الحضرية في سن المسئولية الجنائية يمثلون 20.2% من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1986)، إلا أنهم ارتكبوا أكثر من نصف جرائم الملكية التي وقعت في مصر عام 1989 (55.6%)، حيث ارتكبوا (62.6%) من إجمالي سرقات المساكن، و(63.8%) من إجمالي سرقات المتاجر، و(40.8%) من إجمالي سرقات السيارات، أما سرقات المواشي فقد ارتكبت في هذه المحافظات بنسبة تقل كثيرا عن نسبة تمثيلهم في المجتمع (4.9%).
-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الوجه البحري في سن المسئولية الجنائية يمثلون (43.2%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1986)، إلا أنهم ارتكبوا (21.8%) من إجمالي جرائم الملكية التي وقعت في مصر عام 1989، وهى نسبة تقل كثيرا عن نسبة تمثيلهم في المجتمع، ولقد كانت نسب ارتكابهم لكافة أنماط جرائم الملكية أقل من نسبة تمثيلهم في المجتمع باستثناء سرقات الماشية (62.7%).
-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الوجه القبلي في سن المسئولية الجنائية يمثلون (35.4%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1986)، إلا أنهم ارتكبوا (20.6%) من إجمالي جرائم الملكية التي ارتكبت في مصر عام 1989، وهى نسبة تقل كثيرا عن نسبة تمثيلهم في المجتمع، كما أن نسب ارتكابهم لكافة أنماط جرائم الملكية أقل من نسبة تمثيلهم في المجتمع.
-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الحدود في سن المسئولية الجنائية يمثلون (1.2%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1986)، إلا أنهم ارتكبوا (2%) من إجمالي الجرائم التي ارتكبت في مصر عام 1989، وهى نسبة تزيد قليلا عن نسبة تمثيلهم في المجتمع إلا أن نسبة ارتكابهم لكافة أنماط جرائم الملكية أقل من نسبة تمثيلهم في المجتمع باستثناء سرقات المساكن (2.4%)، وسرقات المتاجر (2.4%).
أما في سنة 1999م، تشير البيانات إلى ما يلي:
-   أنه على الرغم من أن سكان المحافظات الحضرية في سن المسئولية الجنائية يمثلون (18.6%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1996). إلا أنهم ارتكبوا (50%) من إجمالي جرائم الملكية التي ارتكبت في مصر سنة 1999م، حيث ارتكبوا (50%) من إجمالي سرقات المساكن، و(54.1%) من إجمالي سرقات المتاجر، و(52.6%) من إجمالي سرقات السيارات أما سرقات الماشية فقد ارتكب سكانها هذا النمط من جرائم الملكية بنسبة تقل كثيرا عن نسبة تمثيل سكانها في المجتمع (4.9%).
-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الوجه البحري في سن المسئولية الجنائية يمثلون (43.5%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1996)، إلا أنهم ارتكبوا (16.6%) من إجمالي جرائم الملكية التي ارتكبت في مصر سنة 1999م، وهى نسبة تقل كثيرا عن نسبة تمثيل سكانها في المجتمع، ولقد كانت أيضاً نسب ارتكابهم لكافة أنماط جرائم الملكية أقل كثيرا من نسبة تمثيل سكانها في المجتمع باستثناء سرقات الماشية (62.7%).
-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الوجه القبلي في سن المسئولية الجنائية يمثلون (36.5%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1996)، إلا أنهم ارتكبوا (31.4%) من إجمالي جرائم الملكية التي ارتكبت في مصر سنة 1999م، كما أن نسب ارتكاب سكانها لجميع أنماط جرائم الملكية كانت أقل وإن كانت بنسب ضئيلة من نسب تمثيل سكانها في المجتمع.
-   أنه على الرغم من أن سكان محافظات الحدود في سن المسئولية الجنائية يمثلون (1.4%) من إجمالي سكان مصر في هذه السن (تعداد 1996)، إلا أنهم ارتكبوا (2%) من جرائم الملكية التي ارتكبت في مصر سنة 1999م، ولقد كان ارتكابهم لجميع أنماط جرائم الملكية أقل من نسبة تمثيل سكانها في المجتمع باستثناء سرقات المساكن (2.5%)، وسرقات المتاجر (2.4%).
ويوضح العرض السابق للبيانات في سنتي 1989، 1999، مجموعة من الحقائق حول التوزيع الجغرافي لجرائم الملكية منها ما يلي:
-   انخفاض نسبة جرائم الملكية في المحافظات الحضرية من (55.6%) سنة 1989 إلى (50%) في سنة 1999م، وأنه على الرغم من هذا الانخفاض، إلا أن نسبة جرائم الملكية فى هذه المحافظات تفوق كثيراً نسبة تمثيل سكانها في المجتمع.
-   الانخفاض الملحوظ والمتزايد لجرائم الملكية في محافظات الوجه البحري من (21.8%) سنة 1989 إلى (16.6%) سنة 1999م، على الرغم من أن نسبة جرائم الملكية في هذه المحافظات كانت في عام 1989 أقل كثيرا من نسبة تمثيل سكانها في المجتمع، وأنها ازدادت انخفاضا في سنة 1999م، وهذه ظاهرة تستحق دراسة متعمقة لمعرفة العوامل المؤدية إليها.
-   الارتفاع الملحوظ لجرائم الملكية في محافظات الوجه القبلي من (20.6%) سنة 1989 إلى (31.4%) سنة 1999م، وهذه أيضاً ظاهرة تستحق الدراسة، وإن كانت المشاهدات الواقعية للباحث تشير إلى أن هذه المحافظات أصبحت في السنوات الأخيرة من المحافظات الجاذبة للسكان بعد أن كانت من المحافظات الطاردة حيث ازدادت حركة الهجرة إليها وقد يكون مرد ذلك إلى أن الفوارق في خصائص المحافظات الحضرية ومحافظات الوجه القبلي بدأت تتضاءل عما كانت عليه في السنوات الماضية، كما أن المشاهدات الواقعية تؤكد أن النماذج الحضرية بدأت تنتشر بسرعة في محافظات الوجه القبلي.
-       ثبات نسبة ارتكاب جرائم الملكية في محافظات الحدود عند (2%) في كل من سنتي 1989، 1999م.
وعلى أية حال تشير بعض الدراسات المتعلقة بالعلاقة بين الجرائم والتوزيع الجغرافي إلى أن العوامل المسببة للجريمة تكمن في عناصر البيئة الجغرافية فهناك علاقة بين المناخ والجريمة، وأن هناك علاقة بين الموقع الجغرافي لمنطقة ما وبين تغير معدل الجريمة. فلقد أشار كتيليه Qeuetelet في منتصف القرن التاسع عشر إلى أن المجتمع يهيئ للجريمة، وأن الجاني ما هو إلا أداة مصاحبة للمجتمع([26])، كما توصل إلى قضية مؤداها "أن جرائم الملكية أكثر انتشاراً في المناطق الباردة في حين أن الجرائم ضد الأشخاص أكثر انتشاراً في المناطق الحارة، واعتبر كتيليه ذلك بمثابة قانون عام وشامل ووصفه بالقانون الحراري للجريمة([27])، كما تشير بعض الدراسات إلى أن الجرائم أكثر انتشارا في المناطق الحضرية مقارنة بالمناطق الريفية حيث أن الجريمة ترتبط بظروف التفكك الاجتماعي المرتبطة بانهيار خصائص ومقومات الضبط الاجتماعي التي تحدث نتيجة العمليات المتتابعة لنمو المدن، الأمر الذي يجعل المناطق الحضرية بمثابة مناطق إجرامية، كما أن الجريمة أكثر انتشارا في المدن الكبرى عنها في المدن المتوسطة وفى الأخيرة عنها في المدن الصغرى حيث أنه كلما اتسع حجم المدينة تعددت المناطق التي تمكن المجرم من مزاولة نشاطه([28]).
رابعا: معدلات الطلاب المجرمين
تشير البيانات الواردة في الجدول رقم (7) بالملحق إلى عدد من المؤشرات منها ما يلي:
-   ارتفاع نسبة الطلاب المجرمين مرتكبي جرائم العنف من (28.5%) من إجمالي الطلاب مرتكبي الجرائم في مصر سنة 1989 إلى (35.7%) من إجمالي الطلاب مرتكبي الجرائم في مصر سنة 1999م، في حين انخفضت نسبة الطلاب المجرمين مرتكبي جرائم الملكية من (71.5%) سنة 1989 إلى (64.3%) سنة 1999، وتوضح هذه البيانات أنه على الرغم من أن غالبية جرائم الطلاب هي جرائم ملكية إلا أن ميول الطلاب إلى ارتكاب جرائم عنف بدأت في الارتفاع في مقابل انخفاض ميولهم نحو ارتكاب جرائم ملكية، ولقد أشارت العديد من الدراسات السابقة إلى أن جرائم الشباب أصبحت أكثر عنفا في جميع أنحاء العالم وأن الشباب من أكثر الفئات ارتكابا لجرائم العنف وقد يرجع ذلك إلى أن جرائم العنف تستلزم استخدام القوة في ارتكابها مما يتناسب مع هذه المرحلة العمرية.
-   على الرغم من زيادة عدد الطلاب المجرمين في سن المسئولية الجنائية من 411 طالب في سنة 1989 إلى 465 طالب سنة 1999 إلا أن نسبة الطلاب المجرمين في سن المسئولية الجنائية انخفضت من 4.2% من إجمالي المجرمين في مصر سنة 1989 إلى 3.2% سنة 1999، ومع ذلك فإن الطلاب من أكثر فئات المجتمع ميلا إلى ارتكاب الجرائم حيث أن نسبتهم في عام 1989 كانت 2.7% من إجمالي سكان مصر في سن المسئولية الجنائية وأصبحت 2.8% في سنة 1999.
-   إن معدل الطلاب المجرمين في سنة 1989 كان 58.2 طالباً مجرماً من كل مائة ألف طالب منهم 16.6 طالباً مرتكباً جرائم عنف، و41.6 طالباً مرتكباً جرائم ملكية، إلا أن معدل الطلاب المجرمين انخفض إلى 51 طالب من كل مائة ألف طالب في عام 1999م، منهم 18.2% طالباً مرتكباً جرائم عنف، و32.8 طالباً مرتكباً جرائم ملكية.
-   إن معدل الطلاب المجرمين في مصر سنتي 1989 (58.2 طالباً مجرماً) و 1999 (51 طالباً مجرماً)، يفوق كثيراً معدل المجرمين في مصر سنتي 1989 (37.7 مجرم)، 1999م (43.7 مجرم).
-   أنه في الوقت الذي تشير إليه نتائج المقارنة إلى انخفاض معدل المجرمين مرتكبي جرائم العنف في المجتمع المصري يميل معدل الطلاب المجرمين مرتكبي جرائم العنف إلى الارتفاع، كما أن معدل المجرمين مرتكبي جرائم الملكية في المجتمع المصري يميل إلى الارتفاع في حين ينخفض معدل الطلاب المجرمين مرتكبي جرائم الملكية.
ويشير العرض السابق إلى أن اتجاهات الجريمة في الشريحة الطلابية تسير وبشكل مخالف تماما لاتجاهات الجريمة في الشرائح الأخرى في المجتمع المصري، فالطلاب أكثر ميلا إلى ارتكاب الجرائم بشكل عام وجرائم العنف بشكل خاص، وقد يكون مبرر ذلك أن الفترة العمرية من 18 : 25 سنة هي فترة يضعف فيها ارتباط الشباب بالمؤسسات التقليدية (الدينية العمل العائلة)، إلا أنه حينما يبدأ الأفراد في استعادة هذه الروابط في الفترات العمرية الأكبر من خلال الزواج أو الحصول على العمل فإن الأفراد يميلون إلى التقليدية في مبادئهم الأخلاقية([29]).
خامساً: أنماط جرائم العنف بين الطلاب
بدراسة البيانات بالجدولين رقمي (8 ، 9) بالملحق المرتبطة بأنماط جرائم العنف التي ارتكبها الطلاب خلال سنتي الدراسة، يمكن ملاحظة عدد من المؤشرات أهمها ما يلي:
-   احتلت جرائم العنف ضد الأشخاص المرتبة الأولى خلال سنتي الدراسة، بل ارتفعت نسبة الطلاب مرتكبي هذا النمط من العنف من 47% من إجمالي الطلاب مرتكبي جرائم العنف في مصر سنة 1989م (32.5% جرائم قتل عمد، 12.8% جرائم ضرب الموت، 1.7% جرائم ضرب العاهة)، لتصل إلى 48.9% فى سنة 1999م، (33.1 جرائم قتل عمد، 12% جرائم ضرب الموت، 3.6% جرائم ضرب العاهة). وواضح من العرض السابق أن جرائم العنف ضد الأشخاص تعد سمة أساسية لجرائم العنف بين الطلاب في مصر سنتي 1989، 1999م، حيث أن هذه الجرائم مازالت هي الجرائم الأكثر غلبة سواء فى فترة الثمانينيات أو فترة التسعينات وقد يكون مرد ذلك إلى ارتباط القتل بظروف الفقر والقهر الاقتصادي والقهر الاجتماعي، أو ارتباطه بثقافة فرعية خاصة في المجتمعات التي يسود فيها الثأر([30]).
-   احتلت جرائم العنف ضد أمن الدولة المرتبة الثانية سنة1989م بنسبة 23.9% (11.1% جرائم تزوير، 12.8%  جرائم مقاومة السلطات)، إلا أنها احتلت المرتبة الأخيرة متساوية في ذلك مع جرائم العنف ضد الآداب في سنة 1999م، بنسبة 10.2% (7.8% جرائم تزوير، 0.6% جرائم اختلاس، 0.6% جرائم تعطيل وسائل المواصلات والاتصالات، 1.2% جرائم مقاومة السلطات)، وواضح مدى الانخفاض الملحوظ في هذا النمط من جرائم العنف الذي يبدو أكثر وضوحا في أحد أنواعه وهو جرائم مقاومة السلطات الأمر الذي قد يعد انعكاسا لنجاح الشرطة المصرية في مقاومة الإرهاب.
-   احتلت جرائم العنف ضد الأموال المرتبة الثالثة سنة 1989 21.4% (14.5% جرائم السرقة بالإكراه، 6.8% جرائم الحريق العمد)، إلا أن هذا النمط من جرائم العنف ارتفع بشكل ملحوظ سنة 1999م، ليحتل المرتبة الثانية وتصل نسبته إلى 29.5% (25.9% جرائم السرقة بالإكراه، 3.6% جرائم الحريق العمد) ويبدو أن ذلك راجع إلى سيادة القيم المادية والربح والفردية التي تبرز إمكانية انتهاك الآخرين والتعدي على ممتلكاتهم الخاصة بالإكراه.
-   احتلت جرائم العنف ضد الآداب المرتبة الرابعة والأخيرة خلال سنتي الدراسة حيث بلغت نسبة الطلاب مرتكبي هذا النمط من جرائم العنف 6.8% من إجمالي الطلاب مرتكبي جرائم العنف في سنة 1989 وتضمنت فقط جرائم هتك عرض واغتصاب، إلا أن هذا النمط من جرائم العنف ارتفعت نسبته بشكل ملحوظ في سنة 1999 لتصل إلى 10.2% (9.6% جرائم هتك عرض واغتصاب، 0.6% جرائم خطف)، وقد يكون ارتفاع نسبة جرائم العنف ضد الآداب بين الطلاب ناتجا عن الضعف الذي أصاب منظومة الثقافة والقيم حيث نلاحظ أن من أخطار ثقافة العولمة ثقافة الجنس التي تبث من خلال الفضائيات أو أشرطة الفيديو أو شبكة الإنترنت التي تغزو في الأساس عقول الشباب بشكل عام والطلاب بشكل خاص، وتحت وطأة الظروف الاقتصادية المتعثرة لبعض الشرائح الاجتماعية التي تدفعهم إلى سلوكيات تساعدهم على إشباع حاجاتهم الاجتماعية والجنسية([31])، ويأتي الاغتصاب وهتك العرض والخطف التي قد يلجأ إليها الطلاب انعكاسا لذلك.
أما عن نسبة الطلاب المجرمين مرتكبي جرائم العنف إلى بقية فئات المجتمع فهذا ما توضحه البيانات الواردة في الجدول رقم (10) بالملحق حيث تشير هذه البيانات إلى عدد من المؤشرات منها ما يلي:
-   أنه على الرغم من أن الطلاب في سن المسئولية الجنائية يمثلون 2.7% من جملة سكان مصر في هذه السن (تعداد 1986) إلا أن الطلاب لهم تمثيل عال في ارتكاب جرائم العنف حيث بلغت نسبتهم 3.5% من إجمالي المجرمين في مصر سنة 1989، فهم يمثلون 3.2% من إجمالي مرتكبي جرائم القتل العمد، 4.3% من إجمالي مرتكبي جرائم ضرب الموت، 3.8% من إجمالي مرتكبي جرائم هتك العرض والاغتصاب، 2.9% من إجمالي مرتكبي جرائم السرقة بالإكراه ، 7.3% من إجمالي مرتكبي الحريق العمد، 4.3% من إجمالي مرتكبي جرائم التزوير، 13% من إجمالي مرتكبي جرائم مقاومة السلطات.
-   وبمقارنة البيانات السابقة في سنة 1989 بما هو وارد في بيانات 1999 يلاحظ أنه على الرغم من أن الطلاب في سن المسئولية الجنائية يمثلون 2.8% من جملة سكان مصر في هذه السن (تعداد 1996)، إلا أن الطلاب لهم تمثيل عال في ارتكاب جرائم العنف حيث بلغت نسبتهم 5% من إجمالي مرتكبي جرائم العنف في مصر سنة 1999، وهى نسبة لا تفوق فقط نسبة تمثيل الطلاب فى المجتمع بل تفوق أيضاً نسبة الطلاب مرتكبي جرائم العنف في عام 1989 الأمر الذي يوضح زيادة ميل الطلاب إلى ارتكاب جرائم العنف وتزايد هذا الميل عبر الزمن، فلقد بلغت نسبتهم 4.4% من إجمالي مرتكبي جرائم القتل العمد، 6.9% من إجمالي مرتكبي جرائم ضرب الموت، 8.8% من إجمالي مرتكبي جرائم السرقة بالإكراه، 5.5% من إجمالي مرتكبي جرائم الحريق العمد، 4.9% من إجمالي مرتكبي جرائم التزوير، 4% من إجمالي مرتكبي جرائم مقاومة السلطات.
ومن خلال المقارنة على المستوى الزمني تكشف الدراسة عن مدى الزيادة الملحوظة في نسبة تمثيل الطلاب في ارتكاب جرائم العنف بالنسبة لبقية فئات المجتمع حيث ازدادت نسبتهم في ارتكاب جرائم القتل العمد والضرب المفضي إلى الموت، والضرب المفضي إلى عاهة، وهتك العرض والاغتصاب والخطف والتزوير والاختلاس فالزيادة في السلوك الإجرامي العنيف تفوق الزيادة في أعداد الطلاب، فلقد أصبح تكرار جرائم العنف مثل الطاعون في انتشاره بين الطلاب، وهذا ما أكدته الدراسات السابقة، حيث تشير دراسة سيد عويس ونجوى حافظ عن الشباب الجانح في مصر([32]) إلى أن نسبة الطلاب المجرمين بلغت 1.03% من إجمالي المجرمين في مصر عام 1963م، كما تشير دراسة سميحة نصر عن التغير الاجتماعي وجرائم العنف([33]) إلى أن نسبة إجرام الطلاب بالنسبة لبقية فئات المجتمع في فترة الستينات من القرن العشرين كانت 1.9% في جرائم القتل العمد، و 6% في جرائم الخطف، و 6.5% في جرائم هتك العرض والاغتصاب، و 1.5% في جرائم التهديد وأن نسبة إجرامهم في الجرائم الأربعة بلغت 2%، أما في فترة الثمانينيات من نفس القرن بلغت نسبة إجرام الطلاب 3.7% في جرائم القتل العمد، 11.9% في جرائم الخطف، 7.3% في جرائم هتك العرض والاغتصاب، 8% في جرائم التهديد وأن نسبة إجرامهم في الجرائم الأربعة بلغت 4.3%، كما تشير دراسة هالة غالب عن اتجاهات تطور جرائم السرقة بالإكراه في المجتمع المصري([34]) إلى أن نسبة إجرام الطلاب في جرائم السرقة بالإكراه بلغت 6.3% في عام 2000.

سادساً: أنماط جرائم الملكية بين الطلاب
بدراسة البيانات الواردة بالجدول رقم (11) بالملحق المرتبطة بأنماط جرائم الملكية التي ارتكبها الطلاب خلال سنتي الدراسة يمكن ملاحظة عدد من المؤشرات كما يلي:
-   تحتل سرقات المساكن المرتبة الأولى خلال سنتي الدراسة في جرائم الملكية التي يرتكبها الطلاب،إلا أن نسبة الطلاب مرتكبي هذا النمط من جرائم الملكية انخفضت من 61.6% من إجمالي الطلاب مرتكبي جرائم الملكية سنة 1989 لتصل إلى 51.5% سنة 1999م.
-   تحتل سرقات المتاجر المرتبة الثانية خلال سنتي الدراسة في جرائم الملكية التي يرتكبها الطلاب، إلا أن نسبة الطلاب مرتكبي هذا النمط من جرائم الملكية ارتفعت من 20.4% سنة 1989، لتصل إلى 34.1% سنة 1999م.
-   تحتل سرقات السيارات المرتبة الثالثة خلال سنتي الدراسة في جرائم الملكية التي يرتكبها الطلاب، إلا أن نسبة الطلاب مرتكبي هذا النمط من جرائم الملكية انخفضت من 10.5% سنة 1989 لتصل إلى 7.7% سنة 1999م.
-   تحتل سرقات الماشية المرتبة الرابعة والأخيرة خلال سنتي الدراسة فهي أقل أنماط جرائم الملكية تسجيلا لنسب الطلاب بل إن نسبة الطلاب مرتكبي هذا النمط انخفضت من 7.5% سنة 1989 إلى 2.7% سنة 1999م.
ومن خلال المقارنة على المستوى الزمني لجرائم الملكية بين الطلاب تشير الدراسة إلى عدد من الحقائق:
-   تعد سرقات المساكن سمة أساسية لجرائم الملكية بين الطلاب على الرغم من الانخفاض الملحوظ في نسبة الطلاب مرتكبي سرقات المساكن.
-   الارتفاع الملحوظ في نسبة الطلاب مرتكبي سرقات المتاجر وربما يكون ذلك انعكاسا لكثرة البضائع التجارية المعروضة بقصد التشجيع على الشراء.
-   الانخفاض الشديد في نسبة الطلاب مرتكبي سرقات الماشية وقد يكون ذلك انعكاسا لميل الطلاب إلى السرقات العصرية والعزوف عن السرقات التقليدية.
أما عن نسبة الطلاب المجرمين مرتكبي جرائم الملكية بالنسبة إلى بقية فئات المجتمع الأخرى، توضح البيانات الواردة بالجدول رقم (12) بالملحق عدداً من المؤشرات أهمها:
-   أنه على الرغم من أن الطلاب في سن المسئولية الجنائية يمثلون 2.7% من إجمالي سكان مصر تعداد (1986)، إلا أن لهم تمثيلا عاليا في ارتكاب جرائم الملكية حيث بلغت نسبتهم 4.6% من إجمالي مرتكبي جرائم الملكية في مصر سنة 1989 (5.5% في سرقات المساكن، 4.5% في سرقات السيارات، 3.6% في سرقات الماشية، 3.3% في سرقات المتاجر).
-   إن الطلاب في سن المسئولية الجنائية ارتكبوا جرائم ملكية سنة 1999 بنفس نسبة تمثيلهم في المجتمع 2.8% كما هو وارد في كل من تقرير الأمن العام لسنة 1999، وتعداد السكان لسنة 1996، إلا أن هناك تباينا في نسب تمثيلهم في ارتكاب أنماط جرائم الملكية المختلفة، حيث بلغت 3.3% في سرقات المتاجر، 3% في سرقات المساكن، 2% في سرقات السيارات، 0.9% في سرقات المواشي.
ومن خلال المقارنة على المستوى الزمني يتضح مدى الانخفاض الملحوظ في نسبة تمثيل الطلاب في ارتكاب جرائم الملكية بالنسبة لبقية فئات المجتمع، حيث انخفضت نسبتهم من 4.6% سنة 1989 لتصل إلى 2.8% سنة 1999، كما انخفضت نسبة تمثيلهم في سرقات المساكن من 5.5% سنة 1989 إلى 3% سنة 1999، وفى سرقات السيارات من 4.5% سنة 1989 إلى 2% سنة 1999، وفى سرقات المواشي من 3.6% سنة 1989 إلى 9 و 0% سنة 1999، إلا أن نسبة تمثيلهم في ارتكاب سرقات المتاجر بالنسبة لجميع مرتكبي هذا النمط من جرائم الملكية ظلت ثابتة عند 3.3% خلال سنتي الدراسة على الرغم من أن عدد الطلاب مرتكبي سرقات المتاجر قد زاد من 60 طالب سنة 1989 إلى 114 سنة 1999م.

سابعاً: التوزيع الجغرافي للطلاب مرتكبي جرائم الملكية

يتضح من الجدول رقم (13) بالملحق الذي يعرض للتوزيع الجغرافي للطلاب مرتكبي جرائم الملكية خلال سنتي الدراسة ما يلي:
-   تحتل المحافظات الحضرية المرتبة الأولى من حيث نسب الطلاب مرتكبي جرائم الملكية على مستوى محافظات الجمهورية خلال سنتي الدراسة، حيث بلغت نسبتهم 37.4% من إجمالي الطلاب مرتكبي جرائم الملكية سنة 1989، وارتفعت هذه النسبة إلى 38.5% سنة 1999م.
-   تحتل محافظات الوجه البحري المرتبة الثانية من حيث نسب الطلاب مرتكبي جرائم الملكية على مستوى محافظات الجمهورية سنة 1989 حيث بلغت نسبتهم 35% من إجمالي الطلاب مرتكبي هذه الجرائم في هذه السنة، إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى 20.7% من إجمالي الطلاب مرتكبي هذه الجرائم سنة 1999 الأمر الذي أدى إلى احتلال هذه المحافظات المرتبة الثالثة من حيث نسب الطلاب مرتكبي جرائم الملكية على مستوى محافظات الجمهورية.
-   تحتل محافظات الوجه القبلي المرتبة الثالثة في نسب الطلاب مرتكبي جرائم الملكية سنة 1989 حيث بلغت نسبتهم 24.8% من إجمالي الطلاب مرتكبي هذا النوع من الجرائم على مستوى محافظات الجمهورية، إلا أن هذه النسبة ارتفعت إلى 33.8% سنة 1999، الأمر الذي ترتب عليه احتلال هذه المحافظات المرتبة الثانية من حيث نسب الطلاب مرتكبي جرائم الملكية على مستوى الجمهورية.
-   تأتى محافظات الحدود أقل المحافظات تسجيلا لنسب الطلاب مرتكبي جرائم الملكية خلال سنتي الدراسة حيث بلغت نسبتهم 2.7% سنة 1989 وارتفعت إلى 7% سنة 1999م.
كما تكشف قراءة البيانات الإحصائية بنفس الجدول عدة أمور هامة هي:
-   إن طلاب المحافظات الحضرية أكثر ميلا إلى ارتكاب سرقات السيارات فالمتاجر فالمساكن ويعزفون تماما عن سرقات الماشية، فالطلاب في المناطق الحضرية يعزفون عن السرقات التقليدية ويميلون إلى السرقات العصرية كسرقة السيارات لما للسيارات من أهمية وقيمة كبرى باعتبارها رمزا للمكانة والهيبة بين جماعات الأقران، هذا فضلا عن أن زيادة عدد السيارات في هذه المناطق يزيد أيضاً من فرص سرقتها.
-   إن طلاب محافظات الوجه البحري أكثر ميلا إلى ارتكاب سرقات الماشية فالمساكن فالسيارات وأخيراً المتاجر، وربما يكون زيادة ميول الطلاب في هذه المحافظات إلى السرقات التقليدية راجع إلى أن نسبة المناطق الريفية في هذه المحافظات هي أعلى نسبة على مستوى الجمهورية.
-   إن طلاب محافظات الوجه القبلي أكثر ميلا إلى ارتكاب سرقات المساكن، فالمتاجر، فالماشية، وأخيرا السيارات، وقد يكون ذلك انعكاسا لتزايد حركة العمران في صعيد مصر وزيادة مظاهر التحضر والتوسع في إقامة المدن الجديدة.
-   إن طلاب محافظات الحدود أكثر ميلا إلى ارتكاب سرقات المتاجر، فالمساكن ويعزفون تماما عن سرقات السيارات والمواشي، وربما يكون زيادة ميل طلاب محافظات الحدود إلى سرقات المتاجر راجع إلى أن بعض هذه المحافظات بها منافذ جمركية تكثر فيها المعروضات التجارية كمنفذ السلوم بمحافظة مرسى مطروح ومنفذ نويبع بمحافظة سيناء ومنفذ سفاجاً بمحافظة البحر الأحمر، فحينما يكون هناك إسراف فى عرض البضائع التجارية بقصد التشجيع على الشراء يكون ذلك نفسه بمثابة عامل جذب وتشجيع الطلاب على السرقة.

وقد تكون زيادة نسبة الطلاب مرتكبي جرائم الملكية في المحافظات الحضرية خلال سنتي الدراسة انعكاساً لطبيعة الحياة في المجتمعات الحضرية وما تهيئه من فرص أكبر لارتكاب مثل هذه الجرائم حيث زيادة الممتلكات المعرضة للسرقة في الوقت الذي تتعدد فيه احتياجات الشخص الحضري بما لا يقوى على مقاومة إلحاحها وانعدام الفرص الشرعية التي تكفل له تحقيق هذه الاحتياجات هذا بالإضافة إلى ما توفره الحياة في الحضر من أساليب اللهو غير البريء لقضاء وقت الفراغ، كما أن المجتمع الحضري يتسم بعدم التجانس بين سكانه وضعف وسائل الضبط الاجتماعي غير الرسمي، وقد يكون انخفاض نسبة الطلاب مرتكبي جرائم الملكية في المحافظات غير الحضرية راجعاً إلى أن مثل هذه المحافظات تضم مناطق ريفية ومناطق حضرية في آن واحد وأن خصائص المناطق الريفية من حيث تجانس السكان واستقرارهم وقوة الضبط الاجتماعي غير الرسمي وقوة الروابط الاجتماعية قد تحد من ميل الطلاب إلى ارتكاب جرائم الملكية مقارنة بطلاب المحافظات الحضرية.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن عامل استخدام الأرض يلعب دوراً في تحديد نمط جرائم الملكية السائد بين الطلاب في محافظات مصر المختلفة فالمناطق الريفية تيسر ارتكاب سرقات تقليدية كسرقات المواشي وأن المناطق الحضرية تيسر ارتكاب سرقات حضرية كسرقات السيارات وأن المناطق العمرانية الجديدة تيسر ارتكاب سرقات المساكن وأن مناطق الحدود تيسر ارتكاب سرقات المتاجر.

تعقيب وخاتمة:
-   يتضح من العرض السابق لاتجاهات جرائم العنف والملكية في مصر بصفة عامة وبين الطلبة بصفة خاصة وجود عدد من المؤشرات منها ما يلي:
-         يميل معدل الجريمة والمجرمين في مصر إلى الارتفاع عبر الزمن.
-         شيوع جرائم العنف ذات الطابع الجماعي بمعنى تزايد احتمالات فرص قيام أكثر من مجرم بارتكاب جريمة عنف واحدة.
-   شيوع جرائم الملكية ذات الطابع الفردي بمعنى تزايد احتمالات فرص قيام المجرم الواحد بارتكاب أكثر من جريمة ملكية واحدة.
-   أظهر التوزيع الجغرافي لحجم جرائم العنف والملكية في محافظات مصر المختلفة، أن هذه الجرائم أكثر انتشاراً في المحافظات الحضرية، فالجريمة كما يقول جيمس كولمان ودونالد كيرس- هي مشكلة حضرية بشكل عام فالإحصائيات الرسمية في الولايات المتحدة الأمريكية على مدار كافة السنوات تؤكد أن جرائم العنف violent crimes  وجرائم الملكية property crimes  أكثر انتشارا في المناطق الحضرية([35]) فظواهر التباعد الاجتماعي بين الأفراد في المناطق الحضرية، وظروف الحرمان التي يعانى منها الأفراد في هذه المناطق كعدم توفر الضروريات اليومية بالدرجة الملائمة أو الكافية، وانخفاض مستوى الخدمات والاختناقات السلعية والتصادم مع السلطة([36]). مثل هذه الظروف تعد بمثابة مبررات لارتفاع معدل جرائم العنف والملكية بصفة عامة في المناطق الحضرية، وهذا ما كشفت عنه الدراسة الحالية، إلا أن معدل جرائم القتل العمد كأحد أنماط جرائم العنف كان أكثر ارتفاعاً في محافظات الوجه القبلي، وعلى الرغم من اتجاه هذا المعدل إلى الانخفاض في المحافظات الأخرى عبر الزمن إلا انه يميل إلى الارتفاع في محافظات الوجه القبلي وقد يكون ذلك مرتبطا بالخصوصية الثقافية السائدة فى صعيد مصر والتكوين الثقافي والمعتقدات والعادات والتقاليد والأعراف التي تعطى قيمة عالية للثأر. كما أن معدل سرقات المواشي كأحد أنماط جرائم الملكية أكثر ارتفاعاً في محافظات الوجه البحري وقد يكون ذلك راجعا لارتفاع نسبة المناطق الريفية في هذه المحافظات.
-   إن دراسة أثر البعد الزمني من التغير الاجتماعي على معدل الطلاب مرتكبي جرائم العنف في مصر يوضح أن اتجاه معدل المجرمين في الشريحة الطلابية يسير بشكل مخالف تماما لاتجاه معدل المجرمين في مصر، حيث تشير الدراسة إلى أن معدل الطلاب مرتكبي جرائم العنف يميل إلى الارتفاع عبر الزمن، في حين أن معدل المجرمين مرتكبي جرائم العنف في مصر يميل إلى الانخفاض، كما أن معدل الطلاب مرتكبي جرائم الملكية يميل إلى الانخفاض في حين أن معدل المجرمين مرتكبي جرائم الملكية في مصر يميل إلى الارتفاع. فجرائم العنف التي يرتكبها الطلاب فى تزايد مستمر عبر الزمن، فالمستقبل ينبئ بزيادة نسبة الطلاب مرتكبي جرائم العنف ضد الأموال، وضد الآداب، وضد الأشخاص وذلك لإشباع حاجاتهم المادية والجنسية وميلهم إلى الانتقام والثأر، فجرائم العنف بين الطلاب كجرائم الثأر في صعيد مصر([37])، لن تختفي في المستقبل ولن تتراجع أمام انتشار نظم الحداثة ومحلياتها ونظم الأمن الحديثة، بل علينا أن نتوقع زيادة حرص الأجيال الجديدة من الطلاب على استخدام العنف كوسيلة لحل مشكلاتهم أكثر من حرص الأجيال القديمة من الطلاب عليه، فالطلاب بمزاياهم وعيوبهم حصيلة ظروف معينة منها:
·   ظروف التربية الأسرية التي نشئوا في ظلها وتشربوا قيمها وعاداتها، فلقد أشارت عدة دراسات إلى أن الطفل الذي يعامل بوحشية وعنف في طفولته، قد يرتكب جرائم عنف في المراحل اللاحقة من حياته بهدف الانتقام([38]).
·   ظروف التربية المدرسية التي عاشوا تحت تأثيرها سنوات لا تقل عن أثنى عشر عاما من حياتهم، فالمدرسة تعتبر مدخلاً يتيح الفرصة لهؤلاء الذين يستطيعون اجتياز اختباراتها التعليمية في الصعود إلى مكانة متقدمة، إلا أن هناك عوامل قد تجعل من المدرسة مكانا مولدا للجناح والانحراف وعائقاً أمام تقدم التلاميذ إلى مكانة أعلى، ومن هذه العوامل ما يلي:
انخفاض المكانة الاجتماعية والاقتصادية لأسرة التلميذ، انخفاض مستوى الذكاء لعدد كبير من التلاميذ، نقص الدافعية وضعف الأداء المدرسي، عدم الاستقرار العاطفي، والعيوب الشخصية، عدم توافق التعليم وموضوعاته مع احتياجات التلاميذ، قلة المشاركة في الأنشطة خارج المناهج الدراسية، عدم الرغبة في الموضوعات الدراسية، التخلف الدراسي، الاتجاهات الوالدية غير المؤيدة للتعليم، الأسر المتصدعة، الإحساس بعدم الانتماء داخل حجرة الدراسة، الخطط المهنية والأكاديمية الغامضة، الهروب من المدرسة([39]).
·   تأثيرات المجتمع الكبير التي لا يمكن إنكار دورها فهي أولا وأخيراً تشكل الإطار الذي يعيش في داخله كل من الأسرة والمدرسة فلقد شهد المجتمع المصري خاصة في أعقاب سياسة الانفتاح الاقتصادي تغيرات سريعة ومتلاحقة أثرت على بنيته وتمثلت في أساليب السلوك وفرص الحياة المستجدة، ولقد كان الطلاب من أكثر فئات المجتمع تأثراً بهذه التغيرات وجعلتهم أكثر ميلا إلى الانسلاخ عن القيم المتوارثة ووقوعهم في مصيدة اللامعيارية، وضعف ارتباطهم بالأسرة والدين والمجتمع، كما تعددت مظاهر الاستهلاك غير الرشيد، ومظاهر الغلو في الفردية والمزيد من الاستقلالية، وأنه كلما حقق الأفراد مزيداً من المكاسب الناتجة عن استقلالهم كلما فقدوا مزيداً من المبادئ والقيم والركائز المرجعية للتعايش الإنساني، فالاستقلال يؤدى إلى الاقتناع بأن كل شيء مسموح، إنها الحرية، حرية السوق التي تحولت إلى شيء مهلك ومميت بل وكارثة، فلقد أدى تراجع أثر مجانية التعليم في الاتجار بالتعليم والتفاوت الواضح بين التعليم الحكومي المجاني والتعليم الخاص مدفوع الأجر إلى انهيار مبدأ تكافؤ الفرص([40])، كما أدت سياسة الخصخصة إلى فقدان الأعمال الثابتة للعديد من أولياء أمور الطلاب الأمر الذي قد يشير إلى ارتباط جرائم العنف التي يرتكبها الطلاب ببطالة أولياء أمورهم، هذا بالإضافة إلى أن إدراك بعض الطلاب بأن مستوى التعليم الذي سيحصلون عليه قد لا يؤهلهم لتحقيق طموحاتهم وآمالهم وإشباع حاجاتهم وأن فرص تحقيق ذلك سواء بالوسائل الشرعية أو غير الشرعية تكاد تكون منعدمة؛ الأمر الذي جعل بعض الطلاب على يقين بعدم وجود ضمانات مستقبلية كافية بعد التخرج، هذا بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الحياة، كل ذلك من شأنه زيادة مشاعر الإحباط والقلق لدى الطلبة ومن ثم زيادة ممارستهم لأعمال العنف([41]). وحيث إن هؤلاء الطلاب لا يبقون منعزلين، ولكنهم بدلا من ذلك يعيدون تجميع أنفسهم ويخلقون ثقافة فرعية خاصة بهم بديلا عن المجتمع الذي رفضهم وعجز عن إشباع حاجاتهم، فيكونون فيما بينهم جماعات على درجات متباينة من التنظيم تتيح لهم إظهار مهاراتهم وتخلق لديهم نوعا من الحماية المتبادلة، حيث تؤكد العديد من الدراسات أن الفشل في اندماج الشباب في البناءات الاجتماعية الكبرى وعجز السياق الاجتماعي عن تقديم إشباعات حقيقية لحاجاتهم ينعكس في مؤشرات عديدة من التفكك الاجتماعي([42]). ويميل المجتمع إلى اعتبار مثل هؤلاء الشباب بمثابة مجرمين ليس بسبب سلوكهم ولكن بسبب الطريقة التي يتعامل بها رجال السلطة والسياسة والشرطة ووسائل الإعلام معهم، فرجال الشرطة يعتبرون أن نمط حياة هؤلاء الشباب بمثابة طريق يمهد إلى حياة الجريمة، وأن اتجاه التحدي الذي تتعامل به السلطات معهم يعد من العوامل الأكثر تأثيرا في تشجيعهم على ارتكاب السلوك الإجرامي العنيف، فاستخدام العنف لكبت النشاط الإجرامي لا يعتبر حلا سليما؛ ذلك لأن العنف المكبوت لن يضع نهاية للجريمة العنيفة، ويميل بعض رجال السياسة إلى قمع العنف من أجل كسب المكانة حتى ينظر إليهم على أنهم متشددون وغير متسامحين مع الجريمة العنيفة، كما أن زيادة قدرات مؤسسات العدالة الجنائية يمكن أن تساعد فى البحث والتحري والعقاب على الجرائم التي ارتكبت، ولكن ذلك لن يؤدى إلى القضاء على الجريمة العنيفة، فالحد من جرائم العنف يكمن في مواجهة العوامل المؤدية إليها وليست الآثار المترتبة عليها([43])، حيث إن إيقاف سلوك العنف بالقوة وكفاءة السيطرة عليه في الظاهر دون علاج أسبابه وجذوره يؤدى إلى انفجاره بشكل مفاجئ من حين لآخر([44]).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا