التسميات

الأربعاء، 7 مايو 2014

هجـرة وتغيـر القيم الحضرية في الجزائـر - محمود قرزيز ...

هجـرة وتغيـر القيم الحضرية في الجزائـر 
محمود قرزيز


مجلة الآداب والعلوم الاجتماعية - العدد 08 ماي 2009 N°08 Mai 2009 - ص ص 236 - 257 :

مقدمة :
   ترتبط ظاهرة الهجرة الريفية نحو المدن بعوامل الجذب والطرد،وما توفره المدينة من عوامل جذب للأسر والأفراد، وتختلف أسباب هذه الهجرة من مجتمع لآخر تبعا للخصائص السوسيوثقافية والاقتصادية والإتاحات المختلفة المتوفرة بالفضاء الحضري. ولقد أثرت الهجرةالريفية في الجزائر في الاطار القيمي للمجتمع الحضري . فظهر شكل جديد وبخصائص جديدة.
    سنعالج في هذا البحث أبعاد و شكل وأثر الهجرة الريفية نحو المدن في الجزائر- في الفترة الأخيرة - والتغير القيمي للمجتمع الحضري.

1-مدخل حول الهجرة :
1-1-مفهوم الهجرة :
   تعرف الهجرة على أنها تغير دائم لمكان الإقامة من بيئة إلى بيئة أخرى بقصد الاستقرار في البيئة الجديدة(1).والهجرة كعملية سكانية تزايدت معدلاتها في عالم اليوم على نحو ملحوظ نتيجة لتغير نظام العمل، والإنتاج في أغلب مجتمعاته، من الزراعة إلى الصناعة ومن نظام في الإنتاج الزراعي يقوم على استقرار مجتمعاته، وأصبح عاجزا عن أن يوفر العمل لجميع السكان إلى نظام يقوم على التصنيع، حيث تجذب فرص العمل التي يوفرها أعداد كبيرة من السكان فتضطرهم إلى التنقل السكاني أينما توجد هذه المنشآت الصناعية.
   من هنا ينظر إلى الهجرة باعتبارها علامة بارزة مع التغير الاجتماعي طالما كانت عملية التصنيع تصحبها حركات سكانية من الريف إلى الحضر ومن مدينة إلى أخرى في نفس البلد ومن مجتمع لآخر، ولقد علق على هذه الحركات السكانية أهمية كبيرة مع بداية القرن الماضي في مختلف بلدان العالم. ولهذا فقد حددت عملية الهجرة بأنها عملية انتقال أو تحول أو تغير فيزيقي لفرد أو جماعة من منطقة إلى أخرى داخل حدود بلد واحد أو من منطقة إلى أخرى خارج حدود هذا البلد(2).
   وقد تتم هذه العملية بإرادة الفرد أو الجماعة أو بغير إرادتهم وإنما باضطرارهم إلى ذلك قسرا أو لهدف خططه المجتمع، وقد تكون عملية الانتقال والتحول في المكان المعتاد للإقامة من منطقة إلى أخرى، على نحو دائم أو مؤقت وهكذا.
   هناك الكثير من المفاهيم ذات الصلة بمفهوم الهجرة ولكن تختلف عن التشابه معها، فنجد أن المهاجرين يختلفون عن المتنقلين، ذلك لأن المهاجر الذي يغير مكان إقامته المعتاد من منطقة إلى أخرى يختلف عن الذين ينتقلون من بيت لآخر، حتى ولو أضطرهم ذلك إلى تخطي حدود بلدهم، لأن نقل مكان الإقامة في حالة الهجرة لا يترتب عليه بالضرورة نقل حياة الإنسان المهاجر برمتها، أما الذي ينتقل بين مسكن وآخر قد يظل يمارس حياته كلها في مكان السكن الأول (3).
     كما نلمس فارقا واضحا بين التنقل الاجتماعي والهجرة، ذلك أن التنقل الاجتماعي يعتبر من قبيل تغيير المركز الاجتماعي والاقتصادي، وقد يتم هذا التغيير داخل منطقة واحدة في المجتمع دون حاجة الانتقال إلى منطقة أخرى، كما أن الهجرة باعتبارها عملية تغيير فيزيقي تنطوي بين طياتها على عملية تنقل اجتماعي، على اعتبار أن المهاجر قد يحقق أثناء إقامته في منطقة المهجر مستوى من الحياة الاجتماعية ويصل إلى بعض المراكز، ويتمتع بمكانة اجتماعية واقتصادية لم تكن له في المنطقة التي انتقل منها وهجرها وهكـذا(4 ).
2-1- أنواع الهجرة :
يصنف علماء الاجتماع والديموغرافيا الهجرة*إلى نوعين رئيسيين :الهجرة الخارجية والهجرة الداخلية.
    فالهجرة الخارجية هي التي تتم من دولة إلى أخرى سواء كانت قريبة ومتجاورة أو كانت بعيدة عن بعضها البعض، وتعتبر المهاجر وافدا بالنسبة للدولة المستقبلة، كما يعتبر نازحا بالنسبة للدولة المصدرة (5)، ويؤثر بصفة مباشرة هذا النوع على النمو الديموغرافي، وذلك إما بزيادة عدد السكان عن طريق عدد الوافدين أو بانخفاضه عن طريق عدد السكان المغادرين في البلدين.
     كذلك يشمل التوزيع الديمغرافي، فالتعديلات التي تحدث في التكوين الجنسي والعمري تحدث تغييرات اجتماعية، فمن حيث التكوين الجنسي، نجد أنه إذا زاد عدد الذكور عن عدد النساء في المجتمع فإن المجتمع يتقدم اقتصاديا وعمرانيا، ويحدث العكس للمجتمع الذي يزيد عدد نساءه عن رجاله، ومن حيث التكوين العمري نجد أنه إذا زاد عدد الشيوخ عن عدد الشبان كان المجتمع متحفظامتمسكا بالقديم، وإذا زاد عدد الشبان عن الشيوخ كان المجتمع مرنا يتقبل كل ما هو جديد(6)، فالهجرة عامل من عوامل التغير الاجتماعي، فظهور جماعات جديدة و اختفاء جماعات قديمة يؤدي إلى تغير اجتماعي .
   ولا تزال الهجرة الخارجية حتى الآن من المسائل التي تشغل بال المجتمعات وبدأت تسن القوانين التي تنظمها إما بالتحديد أو المنع أو تغيير أصناف المهاجرين الذين يمكن قبولهم كما هو جاري في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية باستخدام ما يطلق عليه اليوم بالهجرة الانتقائية أو قبول هجرة الكفاءات.
   أما الهجرة الداخلية: فهي الهجرة التي تتم بين منطقتين داخل البلد وتشير أيضا إلى عملية انتقال الفرد والجماعات من منطقة إلى أخرى في نفس هذا المجتمع(7).
    يرى الكثير من الباحثين أن حجم الهجرات الداخلية يزيد عن حجم الهجرات الخارجية، ومن أهم عوامل ذلك أن الهجرة الداخلية قليلة التكاليف، لا تعرض القائم بها لمشاكل الدخول والخروج من دولة إلى أخرى، ولا تمثل اللغة مشكلة في القيام بها، بمثل ما يحدث للمهاجرين من دولة إلى أخرى مختلفة في لغتها ، يحتاج الأمر إلى ضرورة إلمامالمهاجرين بها، كما أن الاستعداد النفسي للهجرة الداخلية أكثر منه بالنسبة للهجرة الدولية.
وتقسم الهجرة الداخلية بدورها إلى صنفين :
·  هجرة من إقليم إلى آخر أومنطقة إلى أخرى داخل البلد الواحد حيث تحملان نفس الصفات الثقافية والحضرية.
·هجرة ريفية حضرية، وأشهرها هجرة الأفراد والجماعات من الريف إلى المدن في ظل ثنائية طرد الريف وجذب المدن، وهي أهم وأبرز شكل للهجرات الداخلية وخاصة بالدول النامية كالجزائر، حيث شهدت ذلك الشكل في فترات مهمة خاصة بعد الاستقلال وهي في الاستمرار إلى اليوم باختلاف الظروف.هناك أنواع أخرى لطبيعة الهجرة، ومن زوايا نظر أخرى يشير إليها"القطب"في الآتي(8):
من حيث الدافع :
   هناك الهجرة الاختيارية، حيث يختار الفرد مكان هجرته بنفسه، حسب الظروف والأسباب التي تتعلق بأوضاعه الخاصة، وهناك الهجرة القسرية أو الإجبارية والتي تتم عملية الهجرة فيها بصورة إجبارية تحت ضغط الاستعمار.
·  من حيث مدة الهجرة :
   فهناك الهجرة الموسمية والفصلية، حيث ينتقل الأفراد والعائلات من القرى والبادية إلى مناطق أخرى بسبب ملائمة الظروف الاقتصادية والمعيشية وتوافر الماء والرعيللماشية، يعودون بعدها إلى مناطقهم الأصلية كما يحدث فيمعظم البلاد العربية خاصة في الجزائر، تونس، وشبه الجزيرة العربية. وهناك الهجرة الدائمة أوطويلة الأمد التي يبتعد فيها الفرد عن موطنه الأصلي لفترات طويلة مع احتمال عدم العودة إليها.
·  من حيث الشكل :
    قد تكون الهجرة فردية على شكل أفراد من أسر وفئات وطبقات وعقائد متباينة ومختلفة في المجتمع يهاجرون لأسباب اقتصادية أو ثقافية أو سياسية لفترات ومسافات طويلة أو قصيرة، وقد تتخذ الهجرة شكلا جماعيا بصورة جلاء شعب من وطنه أو قبيلة من القبائل بسبب الحروب أو القحط والجفاف والظروف البيئية المختلفة. وقد تتم الهجرة الجماعية وفق تخطيط قومي أو دولي بمقتضى اتفاقيات دولية لتبادل قطاعات سكانية بين دولتين أو مجموعة من الدول، وقد نجد تصنيفات أخرى للهجرة كالهجرة الأولية والثانوية، الهجرة الإصطفائية...وغيرها.وتقع هذه التصنيفات ضمن إطار تحليلي لأنماط الهجرة ودوافعها واتجاهاتها التي تختلف من دولة لأخرى، وقد تتشابه بين مجموعة من الدول.
3-1- طبيعة الجذب الحضري للمدن :
  الهجرة الريفية تجاه المدن هي ظاهرة اجتماعية تتسم بتوفر أسباب سماها الاجتماعيون الأسباب الظاهرة والجاذبة أو أسباب الطرد والجذب.
   فالهجرة الريفية نحو المدن ظاهرة اجتماعية واقتصادية ونفسية وديموغرافية معقدة، تساهم وتشترك فيها عوامل وأسباب، هذه الأسباب علاقات مركبة بحيث يتعذر بغرض التأكد من العوامل المسببة لبقاء بعض العوامل، ثانية أو أخرى متغيرة.
يقدم التراث العالمي لدراسات الهجرة على نتائج عامة التي تلقي الضوء على هذا الصنف منها،من عدة جوانب :
    فبعضها يوضح عوامل الهجرة الريفية تجاه المدن والأخرى تحلل عوامل التيار العكسي للهجرة والثالثة تبين عوامل الجذب في المناطق المستقبلة للمهاجرين، والأخيرة تكشف عن خصائص المهاجرين.تعد الهجرة الريفية تجاه المدن اليوم أهم مظاهر حركة السكان خاصة في البلدان النامية، ومنها الدول العربية، حيث تحفز هذا النوع من الهجرة كلا من عوامل الطرد في المناطق المستقبلة للمهاجرين،وعوامل الجذب في المدن، وهناك العديد من العوامل التي تقف وراء الهجرة،لكن تبقى المحفزات الاقتصادية هي الأهم علاوة على الضغط السكاني وقلة الأراضي الزراعية الذي يسبب الفقر والجوع، وافتقار المناطق الريفية للاستثمارات الصناعية والخدمات الاجتماعية والصحية والثقافية للأزمة وتعاقب فترات الجفاف والكوارث كلها تمثل عوامل طرد تدفع الريفيين للهجرة إلى المدن (9).
    كما أن المدن تمتاز بجاذبيتها كمراكز لفرص العمل، ودخول أعلى، وكمراكز للتعليم والثقافة والنقل والمواصلات والخدمات الاجتماعية والصحية المرتفعة.
    وظهر بذلك مجتمعان حضري وريفي، بينما فوارق كبيرة اقتصادية واجتماعية وثقافية(10). لقد درس "عاطف غيث"المجتمع القروي، وتبين له أن هناك أسباب أخرى تضغط على الريفي حتى يغادر الريف ويتجه نحو المدن.
   ويرى أن الهجرة شملت أولئك الذين يملكون أراضيزراعية والذين لا يملكون إلا مساحات ضئيلة جدا لا تكفي وحدها لسد حاجة الفرد الضرورية وعائلته، كما ذهب عدد الأفراد من عائلات تملك أرضا زراعية تسد حاجة جميع أفرادها وقد تزيد، وكان الدافع لهؤلاء أن العمل الزراعي لا يكفي إلى جانب الرغبة في الحصول على مزيد من المال(11).
   ويضيف: في حين هناك آخرون يذهبون إلى أماكن العمل الجديدة، وليس في نيتهم البقاء، وقد كانت العودة بعد سنوات في المدن، من العوامل المؤثرة في طريق الحياة الجماعية التقليدية من حيث التخلق بأخلاق المدينة في الملبس والمسكن والكلام وطريقة ونمط العيش    وظهرت آثارهم بوجه خاص في النواحي الخاصة بالثقافة المادية، كما أنهم يحملون معهم طرقا جديدة وأفكارا جديدة (12).
يرى الباحث الاجتماعي" أحمد بوذراع" ، أنه من بين العوامل التي تعمل على حركة الهجرة نوعية الحياة السائدة في المدن فهي في حد ذاتها تضيف قيمة اجتماعية وتكسب سكانها مكانة مميزة على القرى (13).
يؤكد ذلك  فيصل غرايبية و يقول :ان من أهم عوامل الهجرة عامل تحسين مستوى المعيشة للسكان(14).
   في حين يذكر الآثار السلبية لهاته الهجرة على الأفراد والجماعات خاصة على مستوى الريف، أين تخلق الهجرة احتياجات إلى الأيدي العاملة بالزراعة وهجر واضح للأرض وانكماش في مقدار الإنتاج الزراعي، وكذلك تعميق للتناقضات الاجتماعية من جراء تغير هيكل الملكية ونسق المكانة الاجتماعية، وهذا بالتالي ينعكس بوضوح على الوحدات الاجتماعية الصغرى، أي الأسرة والفرد بخصائصها وأوضاعها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والثقافية(15).
   إن الهجرة الريفية تجاه المدن أخذت شكلين في العموم، الأول يعنيالأفراد خاصة لغرض العمل، والآخر الأسر بغية الاستقرار طويل المدى أو الأبدي في إحدى التجمعات الحضرية بالمدن. 
    شهدت الجزائر تطورا مهما لظاهرة الهجرة الريفية تجاه المدن، وظهرت بقوة غداة الاستقلال، فقد مثلت نسبة سكان الحضر بـ42 %  (16).
   وترجع أسباب تلك الهجرة إلى عوامل مهمة مادية ومعنوية شجعت الكثير من الجزائريين للهجرة إلى المدن، ومن أهم هذه الأسباب والعوامل نجد: الأرض المستغلة حقيقيا من طرف الفلاحين الريفيين، أصبحت غير كافية لسد الحاجيات الضرورية وأكثر من ذلك دون جدوى ومردودية، وكان الفلاح لا يستطيع أن يضمن بقاء الأسرة(17).
      وقد لعب الاستعمار الفرنسي دورا كبيرا في إنتاج هذا الواقع المر لحياة الشعب الجزائري، حيث يشير "الجيلالي ساري"إلى أن الفلاحين الجزائريين ظلوا على هامش الحياة الريفية فازداد وضعهم سوء بعد سوء، خاصة في الفترات 52 – 54 حيث قويت العمليات العسكرية، وكانت النتيجة بجمع الفلاحين أو الريفيين في مناطق منعزلة (18).
   وكان بجمعهم هذا في مناطق منعزلة منحصرة في الجبال، وازدادت عمليات المستعمر العسكرية حرقا وإبادة بكل ما يملك الفلاح الجزائري من ماشية وأرض زراعية، علما أنها كانت قليلة جدا. لقد ورث الشعب الجزائري بعد الاستقلال اقتصاد منهار في شتى المجالات وكذا شعبا أميا فقيرا، وكان لذلك أثر كبير في وضعيته ونمط معيشته.
      فاختارت الكثير من الأسر الجزائرية والأفراد الانتقال من الريف إلى بعض المدن والتجمعات الحضرية المتوسطة، وقد شهدت الفترة ما بين 1962 إلى 1966 فترة مهمة سجلت أكثر معدلات الهجرة الريفية نحو المدن في الجزائر، كان الحضري المسجل والمرتبط بالهجرة الريفية في حدود 600.000 شخص، بمعدل 150.000 شخصا في السنة، وتم تسجيل زيادات وتطور مهما في نسب الهجرة على المدن، وإضافة إلى كل ما سبق يمكن أن نؤكد أن الواقع الذي كان يعيش فيه الفرد الجزائري أو الأسرة الجزائرية لم يكن السبب الوحيد لهجرته نحو المدينة، فهناك عوامل أخرى منها فرص الجذب المهمة التي كانت تستقطب الجزائريين للهجرة لما تتوفر عليه المدينة الجزائرية من فرص جذب مهمة انطلاقا من توفر فرص التعليم، أين تتوفر المدارس الكبرى والجامعات التي كانت قليلة خلال العقدين المواليد للاستقلال، إضافة إلى توفر المدينة على فرص أكثر للعمل خاصة في المجال الصناعي والتجاري في ظل سياسة التصنيع التي تبنتها الجزائر خصوصا في فترة الرئيس الراحل "هواري بومدين"، أين أنشئت العديد من المنشآت الكبرى الصناعية، وكذا تأميم الكثير من المؤسسات الصناعية الحيوية، إضافة إلى بحث الجزائري والأسر الجزائرية للعيش في رفاه اقتصادي ومعيشي بما تملكه المدينة من متطلبات ذلك.
    لكن تعود الهجرة الريفية نحو المدن لتضرب بقوة وأسباب ظروف مغايرة للسابقة، وكانت العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر وما تبع ذلك من آثار مس مختلف القطاعات ومختلف الشرائح الاجتماعية، ولظروف عدم الاستقرار الأمني قامت الكثير من الأسر الجزائرية إلى ترك منازلها وحقولها والاتجاه نحو المدينة، بحثا عن مواقع عيش أكثر أمنا وبحثا عن عمل آخر لأفرادها، فكثرت الأعباء وزادت حدة أزمة السكن وظهرت اثر ذلك تجمعات سكنية عشوائية وغير مخططة أفسدت الجانب الجمالي والبيئي بالمدن وخاصة بالعاصمة، ضف إلى ذلك تنامي ظاهرة الانحراف والجريمة والفساد الأخلاقي الذي أنتشر بوجه جديد لواقع اجتماعيمرهق لجلالجزائريين.
   فالهجرة الريفية نحو المدن في الجزائر وكبقية بلدان العالم خاصة النامية، تبقى تتحكم فيه عوامل الطرد الريفي والجذب الحضري، فالأصل ثابت بينما الظروف هي التي قد تغير في سلوك الأفراد المهاجرين، وفي تغير بنائي ووظيفي يمس الأسر المهاجرة.
2-الخلفية السوسيولوجية لظاهرة التحضر :
1-2-  مفهوم التحضر :
      يعرف التحضر بأنه الانتقال من الحياة الريفية إلى الحياة الحضرية وهذا الانتقال يكون بسبب الهجرة من الريف إلى المدن، حيث يتعين على الفرد أو الجماعة أن تتكيف بنظم والقيم السائدة في المدينة(19)، فالحياة في المدينة تمتاز بتعقدها واختصاصها في علاقات إنسانية واجتماعية معينة، كما أن أسلوب حياة الحضر يمتاز بالمصلحة، وبعادات وطابع وسلوكات حضرية (20).
فالوسط الحضري يختلف عن الوسط الريفي من حيث اعتباره مركز تنظيم اجتماعي، واقتصادي وثقافي خاص، يخضع لوسائل ضبط اجتماعي، رسمي أكثر من الوسط الريفي.
     والتحضر هو انتشار نظام مواقف واتجاهات وسلوكات موجودة في جماعة ذات خاصية، وهي مجتمع الحضر، فالمدينة ليست وحدة أو حيز مكاني فقط. ولكنها وحدة منتجة لثقافة ذات علاقات اجتماعية وقواعد وأعراف وقيم خاصة ونموذج تنظيم وتصور متميز (21).
فالمدينة لا تمثل شكلا جديداللتنظيم الاقتصادي، وبيئة فيزيقية  مختلفة، ولكن تمثل أيضا نظاما اجتماعيا جديدا، يؤثر تأثيرا شديدا على سلوك الإنسان وتفكيره، فلقد أدى التحضر إلى ظهور الحضرية كأسلوب في الحياة، ذلك أن حجم الإنسان وكثافتهم وتباينهم من الأمور التي تأثر على طبيعة العلاقات الاجتماعية وكثافتها وتواترها، وبالتالي توثر علىالتنشئة الاجتماعية والطبيعة الإنسانية ذاتها، وتمثل المدينة نمط من أنماط التدخل الثقافي، الذي ترك آثارا بالغة على البناء الاجتماعي والعمليات والنظم الاجتماعية ويذهب "محمد أحمد غنيم"إلى تعريف المدينة بأنها جماعة كبيرة من السكان استقرت في بيئة محددة استهدفت نشاطا صناعيا تجاريا ومن ثم اضطلعت بالعديد من الوظائف التي تتم وفق تخصصاتهم المتبانية، وكلما تتزايد كثافة هؤلاء السكان في تلك المدينة تزايدت الأصول العرقية والاجتماعية والثقافية، مما قد يؤدي إلى عدم تجانسهم، على الرغم من تفاعلهم داخل تلك الوحدات الحضرية المعقدة والمتباينة والتي يطلق عليها اسم المدينة.
    وللتحضرصلة كبيرة حتى بالتغير الحاصل في نطاق الأسرة ببروز الأسرة الحضرية ، ففي الجزائر بدأت تبرز  نمط جديد للأسرة في الوسط الحضري كأسرة زواجية نووية، كما تغير وتقلصت العلاقات القرابية وتغيرت الأسس التي كانت قائمة عليها.
ويفضل علماء الاجتماع الذين يدرسون المدن استخدام مصطلح المكان الحضري بوصفة أكثر شمولا لأن يشير إلى كل من المدن والبلدات(22).
على أن تفسير التحضر يشمل بعدين :
الأول:تفسير مبنيعلى انتقال السكان بشكل عام من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية.
الثاني:التفسير المبنيعلى وجود المدن في مواقع جغرافية بعينها(23).
   إن التحضر عملية من عمليات التغير يتم بواسطتها انتقال أهل الريف والبادية إلى المدن، وعادة ما تؤثر هذه العملية تأثيرا كبيرا في   التركيب الاجتماعي والاقتصادي والمهني للسكان.
     وللتحضر الزائد مشكلات كجرائم الملكية والعنف، ومشاكل الازدحام والمرور والإسكان وتلوث البيئة، إضافة إلى حقيقة أنه ليس لدى مناطق كبيرة من السكان الحضريين في كثير من الدول النامية أي ميل نحو تطوير خدمات البيئة الأساسية الحضرية(24).
     ويبقى التحضر عملية تغير شاملة ودائمة في حياة المجتمعات، ويؤثر هذا التغيير الذي تحدثه اختراعات وابتكارات مادية ومعنوية جاءت لتلبيحاجات الإنسان الحياتية،وكان لها التأثير على وحداتهالبنائية يؤدي إلى تغيير في الوظائف الاجتماعية للنظم الاجتماعية.
2-2-ظاهرة تريف المدن:
     يعرف النزوح الريفي على أنوه تغيير لمكان الإقامة أي الانتقال من المنطقة الريفية التي تتصف على أنها مدينة، وقد شهدت المدينة الكثير من مشكلات التحضر فيها، فأعطى الكثير من الباحثين الاجتماعيين اهتماما بها في شرح أبعادها وأسبابها ونتائجها، فمن بين المشكلات التي يتسبب فيها النزوح الريفي نجد المشاكل الديموغرافية حيث تحدث اختلالا في الكثافة والتركيب السكاني وتوزيعهم وخصائصهم، جعل تمركز السكان في بعض المناطق دون الأخرى، إضافة إلى كون الكثير من النازحين لا يتخلون عن القيم الريفية التي تحرص على زيادة النسل وكبر حجم الأسرة، والحفاظ على العلاقات القرابية شأنها شأن ما هو موجود بالريف. ومن الواضح أن المهاجر يعيش في المدينة ولكنه في الواقع لا ينتمي إليها أي لا يندمج فيها اجتماعيا وثقافيا وأساليب الحياة الأخرى إلى درجة أن تكون علاقات المهاجر محدودة جدا (25).
   فهو حيث يهاجر إلى المدينة يهاجر بعاداته وقيمه وقيم مجتمعه الأصلي وطموحاته ويبقى لمدة طويلة متمسك بها مما يعرقل عملية التحضر والتكيف مع القيم الحضرية الجديدة.
   ومن نتائج النزوح الريفي ليس فقط تأثير النازحين بالنمط الحضري، بل أيضا بتأثير هؤلاء في نمط الحياة الحضرية، إذن ليس هناك تأثير يسير في اتجاه واحد وكثيرا ما يعتقد بعض الباحثين أن الجماعة المهاجرة هي التي تتأثر فقط بالمكان الحضري من خلال معيشتها بالمدينة، إلا أن الحقيقة أن أفراد هذه الجماعة يؤثرون أيضا في نمط الحياة الحضرية(26).
   وقد رافق النزوح الريفي العديد من المشاكل المرتبطة بالتهيئة العمرانية خاصة في ضواحي المدن ومنها ظهور الأحياء التلقائية أو الأحياء العشوائية*أو الأحياء المتخلفة. وهي أحياء تقع عادة على أطراف المدينة وهي عبارة عن صورة للهامشية الايكولوجية والاجتماعية حيث تتجسد النماذج المرتبطة بالإحباط والحرمان من أبسط مقومات الحياة الإنسانية(27).
          وفي سياق التحولات التي تشهدها مدن العالم النامي خصوصا، وتزايد الوزن النوعي وأهميته الفئات الساكنة على أطرف المدن وتعاظم ودورها الفعال في تحديد اتجاهات التطور بعد بقائها لفترة طويلة على الهامش.
هناك ثلاث اتجاهات رئيسية للتفسير(28 ):
- الاتجاه الأول :ينظر للمستوطنات الهامشية باعتبارها مناطق شبه ريفية لم تكتمل بعد مع النمط الحضري.
- الاتجاه الثاني :فينظر لها باعتبارها خارج السياق الاجتماعي ولها ثقافتها الفرعية، ولقد تأثر هذا الاتجاه بنظرية"أوسكار لويس"O.Lewis  عن ثقافة الفقر.
- في حين نجدالاتجاه الثالثالذي يتزعمه كثير من الدارسين أمثال "مانجي"Mangin، "كرنليوس"Conelius، و"ليدز"A.Leedsو"ترنر"S.Turner، ويقوم في أساسه على دراسات عديدة  أجريت في مناطق مختلفة من البلدان النامية، وتستند  فكرة هذا الاتجاه إلى تصور المستوطنات الهامشية على أنها أجزاء متكاملة مع البناء الحضري القائم، كما يتسم البناء الاقتصادي بالازدواجية حيث ينقسم إلى قطاع رسمي وقطاع غير رسمي، ويضم هذا الأخير أعدادا كبيرة من العمال أصناف المهرة وغير المهرة.
إن العلاقات بين المدينة والريف علاقة تأثير، تأثر، وبالتالي فالنازحون الجدد عند الاستقرار بالمدينة يتأثرون بالنمط المعيشي الحضري وذلك يتبنى قيم حضرية جديدة في مقابل تأثيرهم في المجتمع الحضري بإدخال بعض العناصر من الثقافة الريفية باستعمالها أو في نمط وسلوك معين. فالكثير من الرواسب الريفية تنتقل إلى الوسط الحضري، وقد أشار "ويدي بوزر"W.Bouzazبوجود  هاته الرواسب الريفية الحضري الحالي حيث أثبتت وجودها، حيث يعتبر أن الرواسب هو في الحقيقة عبارة عن التمسك على خاصية ثقافية وانثروبولوجية (29).
يرى "بورديو"أن استمرارية هاته الرواسب محدودة بزمن معين، ويؤكد اختفائها أو اندماجها في المستقبل فيقول: "إن الريفيين المتمسكين بدوام القيم الريفية يبدون تائهين، وحتى مثيرين للسخرية..." وهذه الوضعية جديدة بالإقناع، وأن القطيعة بالماضي تبدو بدون جدوى وأن زوال العادات يعتبر أمر حتمي(30).
   إن عدد معتبر من المهاجرين وأسرهم يعني استقرارهم بالمدينة العيش فيها والانتماء إليها، ولكن ليس بالضرورة المشاركة في الحياة الحضرية العصرية بل قد يبقوا يحيون وفقا لاستجاباتهم وثقافاتهم الأصلية.
3- التحضر وخصائص المجتمع الحضري الجزائري
1-3- مراحل التحضر في الجزائر :
    إنقيام الحضارات المتعاقبة بالجزائر يفسر أن عملية التحضر كانت قديمة أكدتها الكثير من الحفريات والشواهد التاريخية والأثرية، حيث كانت الجزائر محطة لقيام العديد من الدول والحضارات. وقد شهد المجتمع الجزائري بروز نمطين اجتماعيين هما مجتمع ريفي وآخر حضري.
   لقد شهدت الجزائر حضارة البربر وهم السكان الأصليون للجزائريين وقد مرت حياة الحضر في الجزائر بمراحل تاريخية استمت بنوايا ظهور المدن، تطور البعض منها وزال البعض الآخر انطلاقا من التواجد الفنيقي فالغزو الروماني والوندالي فالبزنطي، وبعد الفتوحات الإسلامية، تطورت الكثير من المدن في الجزائر، إن هذا التراكم والتنوع الثقافي والحضاري صب في دائرة احداث تغيرمهم في نمط الحياة في مختلف الحقبات والفترات التاريخية.
   قبل الاستعمار الفرنسي كان الطابع العائلي والقبلي هو السائد في الجزائر، وكان الاقتصاد مبني على إنتاج الحاجات الأساسية وخاصة بالوسط الريفي، والعلاقة الريفية والحضرية اتسمت بالكثير من التوازن.
      وبعد دخول الاستعمار الفرنسي حدث الكثير من التغيرات في بناء المجتمع الجزائري وقد حدد "بوودون"المراحل التي مرت عليها عملية التحضر في الجزائر فيما يلي(31 )  :
- مرحلة الغزو الفرنسي الشامل:وسيطرة المستوطنين الأوربيين على الأراضي والسهول الخصبة بإقامة مستوطنات خاصة بهم حول المدن الهامة في الجزائر وربطها بشبكة طرقات برية وسكك حديدية، ثم إيصالها بمصادر الموارد الأولية لتنتهي بالموانئ قصد تصديرها نحو فرنسا. وقد كان لعملية الاستقطاب والاستغلال هذه الأثر البالغ في تدهور الأوضاع المعيشية للسكان الجزائريين في الأرياف، الأمر الذي دفع بالأغلبية إلى الهجرة نحو المراكز الحضرية والاستقرار في أكواخ من القصدير على أطراف المدن.
إن هذه السياسة الاستعمارية أنتجت وضعا اجتماعيا يمثل حالة نموذجية لمخطط كولونيالي متكامل لنقل شعب ذي تقاليد حضارية عريقة إلى وضع شبه بدائي تمهيدا لإخضاعه وإبادته.
- مرحلة الاستقرار العالمي:نتيجة الحروب والاضطرابات التي أثرت على أوضاع الجزائر اقتصاديا واجتماعيا، فكانت سببا في انتشار ظاهرة الفقر بين السكان بفعل تحول الإنتاج الزراعي من القمح خاصة باتجاه فرنسا، وقد استمرت الأوضاع على هذه الحال حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية مما أرغم أعداد كبيرة من سكان الأرياف إلى الهجرة باتجاه فرنسا بحثا عن العمل.
- مرحلة اندلاع الثورة التحريرية :حيث شهدت هذه المرحلة نزوح ريفي واسع باتجاه المدن بسبب سياسة التشريد والأرض المحروقة، وإقامة محتشدات لتجميع سكان الأرياف وعزلهم عن الثورة.
    كما قام الاستعمار الفرنسي بتفكيك البنى العائلية والقبلية حيث غير الكثير من عادات السكان خاصة بالريف الجزائري، فحطم نمط الإنتاج الرعوي والذي كان يجمع أفراد العائلة وتحقيق لهم الاستقرار، فبدأت ظاهرة النزوح الريفي محدثة ما يسمى بهامشية السكان النازحين. كان للاستعمار آثار سيئة على سكان الريف في البنية وتغيير الكثير من الوظائف الأصلية ببيئتهم.
- مرحلة الاستقلال :حيث تواصلت الهجرة بشكل مكثف نحو المدن خاصة مع عودة آلاف اللاجئين من تونس والمغرب واستقرارهم في المدن وازدياد تدفق المهاجرين، خاصة بعد مغادرة المعمرين للجزائر وتوفر السكن الشاغر لذلك.
- مرحلة التخطيط الاقتصادي والإصلاح الزراعي : بدأ بتأميم الأراضي إلى إقامة التعاونيات الفلاحية فبناء القرى الاشتراكية في فترة الرئيس الراحل "هواري بومدين"، ورغم ذلك فالهجرة استمرت باتجاه المدن بحثا عن العمل وحياة أفضل من ذي قبل مقارنة بالظروف التي مر بها الريف قبل ظهور نتائج هذا التخطيط مما زاد في اتساع الهجرة بين الريف والحضر بسبب تركز عملية التصنيع بالمدن. كما شهد العمل المأجور تطورا وخاصة بدخول المرأة الجزائرية لميادين العمل المختلفة، وتحسن الحياة الحضرية بإدخال عناصرعصرية إلى الوسط العائلي (ماء، ضوء، غاز) إلى غير ذلك، ساهم فيإحداث تغيير نمط المعيشة والأدوار والعلاقات في الفضاء ين الريفي والحضري في الجزائر.
- مرحلة ارتفاع معدلات النمو الحضري بالمدن : صاحب ذلك انتشار بعض مظاهر التخلف والبؤس كالأحياء القصديرية التي شملت الكثير من المدن الجزائرية والتي كانت عاملا هاما ساهم في تفاقم أزمة السكن وانتشار البطالة.
    ومع الوفرة المالية التي يعيشها الاقتصاد الوطني بفعل تزايد مداخيل النفط، تسعى الدولة إلى محاولة تحسين الظروف المعيشية والمهنية للفرد الجزائري بغرض مواكبة وتحقيق فرص التنمية المنشودة.
2-3- عوامل التحضر في الجزائر :
    إن التحضر الذي شهدته الجزائر خصوصا بعد الاستقلال يرجع إلى عوامل عدة قد تكون أهمها الهجرة الريفية نحو المدن والتي خلقت كثافة سكانية كبيرة داخل التجمعات الحضرية، فقد ظهرت الهجرة الريفية بعد الاستقلال ومثلت نسبة سكان الحضر بـ 42% وظهور أسر بسيطة زواجية بنسبة 14% مقابل 6% الموجودة في الوسط الحضري من قبل(32).
 بالإضافة إلى النمو الديموغرافي والزيادة الطبيعية بين سكان المدن، أضاف الباحث "عبد العزيز بوودن"(33).
     عدة عوامل فأشار إلى أن إعادة هيكلة القطاع الزراعي وخوصصته كان بمثابة الدافع القوي بالنسبة لشباب الأرياف لمغادرة بيئتهم نتيجة حرمانهم من الاستفادة من عملية توزيع الأراضي التابعة للدولة، فاضطروا إلى الهجرة نحو المدن بحثا عن مصادر الرزق فيها خاصة في قطاع البناء والأشغال العمومية الذي كان آنذاك في توسع وانتشار، واستمرت وتيرته بشكل أسرع خلال السنوات الأخيرة.
     وقد لعبت السياسات المطبقة في الجزائر دورا كبيرا في تنامي درجة التحضر، فازدادت المستشفيات في ظل الإصلاحات الخاصة بالمجال الصحي وقد لعب التعليم وسياسات محاربة ظاهرة الأمية التي شملت شرائح مهمة في المجتمع الجزائري أيضا دورا كبيرا في ذلك.
    ويضيف عبد العزيز بوودن أنه إضافة إلى التحول في النهج الاقتصادي بإتباع سياسة اقتصاد السوق وحرية الاتجار في السنوات الأخيرة، بحيث طبعتها الفوضى مع تيار المعايير والمقاييس المعمول بها في هذا المجال، وتناقص أو انعدام الرقابة أحيانا على النشاط التجاري خاصة داخل المدن، مما سمح وشجع أعداد معتبرة من شباب الأرياف والقرى المجاورة للتجمعات والمراكز الحضرية لامتحان التجارة الموازية كباعة متجولين لمختلف المنتوجات المحلية أو المستوردة بطرق غير شرعية، أو بيع الخضر والفواكه في الأسواق الفوضوية المنتشرة عبر أحياء المدينة.كما أن ترقية العديد من التجمعات الحضرية في التصنيف الإداري من خلال أحداث ولايات أو دوائر بلديات جديدة وما تبع ذلك من مرافق حضرية جديدة وخدمات اجتماعية إضافية، مكن من نشوء وتطور العلاقات الاجتماعية وأثر ذلك على مسار عملية التحضر بشكل كبير(34).
   ومع إفرازات وسائل الاتصال الحديثة في فضاءات الإعلام المختلفة طور الكثير من العادات من العادات الاجتماعية التي تمس الإطار القيمي للمجتمع وللعائلة الجزائرية مم خلق أنماط حياتية جديدة وبالتالي أشكال ونماذج استقلالية أخرى، تعتبر إضافات وتغيرات للحياة الحضرية للمجتمع الجزائري.
3-3- الهجرة الريفية والتغير القيمي للمجتمع الحضري في الجزائر : 
  إن النمو الحضري المتسارع في العديد من الدول أدى إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية وصحية وأمنية وغيرها، فظهرت المناطق العشوائية التي تفتقر للخدمات الضرورية مثل الكهرباء ومياه الشرب النقية وشبكات الصرف الصحي كما ارتفعت معدلات الجريمة، وتدهورت صحة البيئة في المساكن العشوائية (35). كان من أبرز نتائج التوسع الحضري أنانخفض عدد سكان الريف بصورة مستمرة في مختلف المجتمعات خاصة النامية والحضرية منها، وتفاقم النزوح إلى المدن بنسب متزايدة، بحيث أصبحت ظاهرة التحضر حصيلة الهجرة الكبرى للقرن العشرين أكثر مما هي حصيلة للنمو السكاني الطبيعي(36).  وهي أيضا أسرع نموا من ظاهرة التصنيع والبناء كما يفوق نزوح سكان الريف إلى الحضر معدلات إنشاء المواطن الجديدة للعمل، وبناء المساكن، واستحداث الخدمات الضرورية من نقل وعلاج وتأطير إداري بكثير(37).        
          أشار  "علي بوعناقة" (38)إلى أن نماذج التنمية المتبعة في الوطن العربي والجزائر منه، أدت إلى اختلالات بين الريف والمدينة، حيث أن الهجرة الريفية العشوائية بفضل العوامل المختلفة أدت إلى إفراغ الريف من الطاقات البشرية، وبالمقابل ساعد ذلك على نمو المدن نموا فاق التصور، وقد صاحب الظاهرة مطالب جديدة فاقت الاحتياجات المتوفرة المادية والثقافية.
وقد نتساءل في هذا الشأن:
ما هي طبيعة هاته الأحياء العشوائية أو الهامشية ؟
   إجابة عن هذا التساؤل، تؤكد "سناء الخولي"أن نتيجة التوسع الحضري في مختلف البلدان العربية كان نموا يتصف بصفات التلقائية الفوضوية، ويقوم على الاستيلاء على الفضاء المتاح حتى لو كان من جنس المقابر كما هو الحال بمصر، أو حتى الأوهاد والمستنقعات كما هو الشأن في تونس وقطر أو الغابات العمومية كما كان الحال في الجزائر(39).
    وتضيف تعريفا ماديا لهاته الأحياء والمساكن فتقول: تتكون هذه الأحياء السكنية عادة من منازل قديمة متهدمة أو من أكواخ صنعت من الأخشاب والصفيح، وبعضها عبارة عن عدد من الحجرات الضيقة المتجاورة تسكن في كل حجرة منها عائلة بأكملها، وعادة ما يستخدمون دورة مياه واحدة، وبعض المساكن في هذه الأحياء جديد بناها أصحابها لأن دخلها مغر بالنسبة إلى تكلفتها(40 ).
يقر "إبراهيم توهامي" على أن سكان الأحياء المتخلفة يعيشون على أطراف المدينة محرومين من الخدمات الأساسية وبعيدين عن الحياة الحضرية بوجه عام(41).
على أن هاته الأحياء المتخلفة أو الهامشية هي خاصية المدينة،وتتميز بجملة من خصائص مشتركة يحددها كالآتي :
     فهي أحياء تقع عادة على أطراف المدينة، وهي عبارة عن صورة للهامشية الايكولوجية والاجتماعية، تعاني من الملكية الغيابية لبعض السكان الذين يضعون أيديهم على مساحات بعينها سواء تابعة للدولة أو للخواص، ودون أن يتمكنوا من بناءها نظرا لسوء أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، أو لوقوف أجهزة الدولة ضدهم لعدم تمكنهم من البناء، وفي ظل هذه الظروف غير الآمنة يصبح الفقر والهامشية من الملامح المميزة للحياة الحضرية وفي نفس الوقت تجسد الأحياء المتخلفة هذه الملامح المرتبطة بالإحباط والحرمان وأبسط مقومات الحياة الإنسانية(42).
    كما أوضحت الدراسة التي أجراها المعهد العربي لإنحاء المدن في عم 1997 أن نحو 60% من العشوائيات في المجتمع العربي توجد على أطراف المدن، و30% توجد خارج النطاق العمراني، وتوجد 8% فقط وسط العواصم، كما كشفت تلك الدراسة عن أن 70% من تلك العشوائيات قد شيدت بطريقة فردية و22% شيدت بطريقة جماعية، ولا تزيد نسبة المباني المستأجرة في الأحياء العشوائية عن أن 70%(43).
    تعتبر تلك المساكن العشوائية معوقا للتنمية، وكذلك مصدر الكثير من الآفات والمشاكل الصحية والسلوكات الغير سوية. وفي ورقة علمية في المؤتمر الخامس والعشرون للديموغرافيا بالقاهرة، أشارت الباحثة "عايدة البطران"إلى مشكلة الإسكان العشوائي في مصر، حيث توصلت إلى تقدير عدد المناطق العشوائية في مصر بنحو 1034 منطقة، منها 903 منطقة مطلوب تطويرها، وهناك 81 منطقة مطلوب إزالتها،ويسكن في تلك الأحياء العشوائية نحو 12.6 مليون نسمة، ويشكلون نحو 46%  من إجمالي سكان المراكز(44).
    ويرجع ازدياد الأحياء الهامشية أو العشوائية في البلدان العربية لعدة عوامل، أهمها الهجرات المتزايدة نحو المدن  والمراكز الحضرية، ويثير الكثير من الباحثين أن الصفة الغالبة التي تؤسس لهذا النوع من الأحياء والمساكن هي الأسر المهاجرة وبدرجة أقل الأفراد، فالأفراد عموما يلجؤون إلى الأقارب والأصدقاء، وليس لهم القدرة على تنمية هذا الشكل من الأحياء، كذلك من أسباب هذا الازدياد عدم الاهتمام بالمناطق الريفية من حيث تحسين الخدمات وتوفير فرص العمل اللازمة وتطوير الأنشطة الفلاحية وعصرنتها.
وقد شهدت الجزائر كمثيلاتهامنالبلدان العربية هذا النمط من المساكن والأحياء القصديرية، والتي شيدت ولا تزال بأطراف المدن خاصة الكبرى منها حيث اتضح أن نحو 6% من سكان الجزائر العاصمة يقيمون في أحياء عشوائية(45).
وقد لعبت الهجرة الريفية نحو المدن سبيا وعاملا حاسما في ظهور ونمو هذا النمط الغير مخطط من الأحياء.
     وفي غياب دراسات مسحية إحصائية، بين الواقع الجزائري تميز هاته الظاهرة بهجرة الأسر، مع خصوصية حجمها الكبير وبرواسبها الثقافية والاجتماعية لتحل وتأخذ موقعا لها بالمدينة،فقد ساهم هذا النزوح الريفي لهاته باحداث مشكلات كبيرة بالتهيئة العمرانية خاصة بضواحي المدن وظهور الأحياء التلقائية، والنزوح الريفي لا تعتبر فقط انتقال أهل الريف إلى المدينة، لكنه أيضا انتقال لنوع من الحضارة إلى آخر.
فالهجرات لعبت دورا مهما في العلاقات بين الثقافة الريفية والثقافة الحضرية في إطار المتصل الريفيالحضري.
    ويضيف "بن عطية"إن الريفي يصل إلى المدينة بموقفين، فهولم يأتي إلى المدينة في إطار اقتصادي محدد لكن في انتظار غير مخطط لاندماج اقتصادي اجتماعي في المدينة،انهيأتي إلى المدينةبجلب معه وبالحفاظ عليها، كل العلاقات العائلية، الاقتصادية والاجتماعية، التي تربطه بأصله الريفي(46 ).
          لقد هاجرت الكثير من الأسر الجزائرية من الريف إلى المدن اضطراريا لأسباب عدة وخلال فترات متباينة والأكيد أن الظروف الصعبة جعلت التأقلم مع الحياة الحضرية ليس بالأمر الهين. ومع غلاء المعيشة بالمدينة وغلاء قيمة الأرض والمضاربة فيها، كان البديل الوحيد هو الاحتماء بأطراف المدينة، وبناء سكن فوضوي دون رخصة في العموم، ودون توفر المرافق الضرورية للعيش- خصوصا في الفترة الأخيرة مع افرازات العشرية الحمراء التي مرت بها بلادنا - يؤكد "إبراهيم توهامي"47) ،  في دراسته الميدانية بإحدى الأحياء الهامشية القريبة من مدينة سكيكدة،  أن الهامشية كظاهرة اجتماعية تشكل لأحد أبرز الأعراض المتصلة ببنية اجتماعية اقتصاديةمتخلفة.
    وأشار إلى أن حل مشكلات الأحياء المتخلفة لا يمكن في تقديرالسلطات المحلية لبعض الحلول الجزئية، وإنما في ضرورة تبني حلول جذرية تمس البنية الاجتماعية والاقتصادية تهدف إرساء دعائم العدالة الاجتماعية، وتقليل الفوارق الطبقية في المجتمع، حتى لا يحرم البلد من فاعلية هذه الشرائح وطاقتها البشرية التي يمكن إنأحسن استغلالها إن تدعم جهود التنمية المتواصلة.
    لقد لعبت الهجرة الريفية المتنامية باستمرار ببلادنا- في الفترة الأخيرة - الى احداث شرخ كبير في نسق القيم الحضرية وأدى ذلك ال احداث تغير مهم على مستوى العلاقات الأسرية، وعلى نقص في العلاقات الجوارية بالمدن، زيادة نسب الجريمة والانحراف  والسرقة والانتحار. ونمو قيم سلبية تجاه الحفاظ على البيئة والمساحات الخضراء، زيادة حدة البطالة و أزمة السكن ..وغيرها.
    ان القراءة السوسيولوجية لواقع المجتمعات المحلية في الجزائراليوم تقدم لنا نموذجان غير طبيعيان للمجتمع الجزائري على مستوى الريف والحضر، هما للأسف مدينة متريفة وريف شبه حضر        
- خاتمـــة:
          إن البحث في هدف  الحفاظ على التوازن الاجتماعي في المجتمع الحضري الجزائري يجب أن  يؤسس من خلال تخطيط المدن تخطيطا سليما تراعي فيه كل الخصوصيات الاجتماعية والاقتصادية والأسرية، ففي مجال تخطيط السكن والإسكان وتطوير بعض المناطق العشوائية وإزالة البعض منها، وكذا تحقيق الأتي :
- إنشاء مشاريع إسكان لذوي الدخل المحدود داخل المدن وتشجيع المشاريع الإسكانية التعاونية.
- توفير الأراضي الصالحة للسكن لفئة ذوي الدخل المحدود.
- تفعيل دور الرقابة البلدية في التشريعات الخاصة بالبناء بحيث تكون أكثر فاعلية للحدمنالاستمرار في إنشاء المباني المخالفة لأحكام التنظيم ومتطلبات البناء كالتراخيص.
- ضرورة تنفيذ التشريعات القانونية الخاصة بحماية الأراضي من التعديات العشوائية الجديدة.
- قيام جهاز مقتدر لمعالجة ومكافحة ظاهرةالسكن العشوائي.
- تشجيع الهجرة العكسية بخلقمشاريع تنمويةجاذبة في المناطق الريفية.
         ويبقى المقترح الأخير هو الأهم على اعتبار أن أهم حل للقضاء على الأحياء العشوائية وبالتالي القضاء على الكثير من الآفات الاجتماعية الأخرى كالاجريمة والانحراف ..، هو خلق نوع من الاستقرار للأسر والأفراد بالأرياف ولا يأتي ذلك إلا في إطار الاهتمام بالتنمية الريفية الحقيقية. ببعث الكثير من مشاريع الدعم الفلاحي وكذا المساهمة في برامج بناء السكن الريفيوالأهمالحفاظ على الشكل الطببعي والعضوي للمتصل الريفي الحضري في الجزائر.

محمود قرزيز, «الهجــرة وتغيــر القيــم الحضريــة فـــــي الجزائـــر»

ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامـش :

1- إسحاق،يعقوب القطب، الحركة السكانية من الريف إلى المدينة في الوطن العربي، إصدارات العهد العربي لإنماء المدن، السعودية، مطابع جامعة الملكسعود، 1986، ص 5.

2- على،عبد الرزاق جبلي، علم اجتماع السكان، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 1998، ص 256.

3-نفس المرجع ، نفس الصفحة .

4 - نفس المرجع، ص ص 256- 257.

5 - إسحاق،يعقوب القطب، مرجع سبق ذكره، ص 5.

6 - حسين ، عبد الحميد أحمد شوان، العلاقات الإنسانية في مجالات علم النفس، علم الاجتماع وعلم الإدارة، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 1997، ص 202.

7 - نفس المرجع، ص 257.

8 - اسحاق ، يعقوب القطب، مرجع سبق ذكره، ص ص 5- 6.

9 - نفس المرجع، ص 8. 

10 - نفس المرجع، نفس الصفحة.

11- محمد عاطف،غيث، التغير الاجتماعي في المجتمع العربي، القاهرة، دار النهضة للطباعة والنشر، بدون تاريخ النشر، ص 154.

12 - نفس المرجع، نفس الصفحة.

13 - أحمد، بوذراع، التطوير الحضري والمناطق الحضرية المتخلفة بالمدن ، باتنة ، منشورات جامعة باتنة، 1997، ص 154.

14 - فيصل، محمد غرايبية، انعكاسات الهجرة على كيان الأسرة، ووظائف أعضائها في المجتمع العربي، بحث مقدم إلى الملتقى الدولي حول مستقبل الأسرة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تونس 22- 23 فيفري، 1989، ص 28.

15 - نفس المرجع، نفس الصفحة.

16- Boutefnouchent , Mostafa, La famille Algérienne ; son Evolution et ses caractéristiques récentes, ed SNED, Alger 1980.P 155.

17-بن أشنهو، عبد اللطيف، الهجرة الريفية في الجزائر، ترجمة عبد الحميد آتاسي، الجزائر، المؤسسة الوطنية للمطبعة التجارية، بدون تاريخ نشر، ص 07.

18- Djilalli, sarie, La dépossession des Fellahs, Algérie, SNED, 1975, P5.

19- إبراهيم، مذكور، معجم العلوم الاجتماعية، القاهرة، الهيئة العربيةالمصرية للكتاب، 1975، ص 126.

20- Haward, P, chudacoff , L’urbanisation a la measure de la Société, Nouveaux Horizons, 1977, p11.

21- Remy,Jean, La ville et L’urbanisation, geamlaux, édition du culot, 1974, p 234.

22 - بوجلي ، صالح الزوي ، علم الاجتماع الحضري، بنغازي، منشورات جامعة قاريونس، 2002.،ص 25.

23 - نفس المرجع، ص 26.

24 - السيد، عبد العاطي، علم الاجتماع الحضري، ج2، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، بدون تاريخ نشر، ص117.

25 - بوقصاص، عبد الحميد،النماذج الريفية-الحضرية لمجتمعات العالم الثالث في ضوء المتصل الريفي الحضري،قسنطينة،ديوان المطبوعاتالجامعية، بدون تاريخ نشر، ص210.

26 - محمود الكردي،التحضر، القاهرة، دار المعارف، 1986، ص 166.

27- إبراهيم توهامي، "الأحياء المتخلفة بين التهميش والاندماج في البناء السوسيو اقتصادي الحضري"، مجلة الباحث الاجتماعي، قسم علم الاجتماع، جامعة قسنطينة، الجزائر، عدد5، جانفي 2004، ص 48.

28 - نفس المرجع، صص49 – 50.

29- W.Bouzar, La mouvance et La pause, regards sur la Société Algérienne, Alger , Sned,1983, p316 .

30-Bourdieu, et Sayad,le déracinement, Paris édition minuit 1964 pp 141, 143.

31 - عبد العزيز، بوودن، "التحضر في الجزائر"، مجلة الباحث الاجتماعي، قسم علم الاجتماع، جامعة قسنطينة، العدد 5، جانفي 2004.، صص165-166.

32- Boutefnouchent , Mostafa, op, cit , 155.

33 - عبد العزيز بوودن، مرجع سبق ذكره، ص 163.

34- عبد العزيز، بوودن، نفس المرجع السابق، نفس الصفحة.

35- النعيم، عبد الله العلي، "ندوة "حول الانعكاسات الأمنية وقضايا السكان والتنمية، القاهرة، 22-12-2004، ص1 .

36- سناء،الخولي، أزمة السكن ومشاكل الشباب، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 2002. ص 44.

37- نفس المرجع، نفس الصفحة.

38- علي،بوعناقة، "المدينة الجزائرية والألفية الثالثة"، مجلةالتواصلللعلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة عنابة، جوان، 2000، ص 16.

39- سناء، الخولي، أزمة السكن ومشاكل الشباب،مرجع سبق ذكره، ص 44.

40- نفس المرجع، ص 45.

41- إبراهيم،توهامي،"الأحياء المتخلفة بين التهميش والاندماج في البناء سنيو- اقتصادي الحضري"، مجلة الباحث الاجتماعي، قسمعلم الاجتماع، جامعة قسنطينة، عدد5، جانفي،2004 ،ص 48.

42- نفس المرجع السابق، نفس الصفحة.

43- نفس المرجع، نفس الصفحة.

44- عبد الله، العلي النعيم، مرجع سبق ذكره، نفس الصفحة.

45- نفس المرجع، ص3.

46- نفس المرجع، ص 90.

47- ابراهيم ، توهامي، مرجع سبق ذكره، ص 69.

* يقصد بالأحياء العشوائية : الأحياء الهامشية، القصديرية، الغير مخططة، الفقيرة التي تفتقر لأدنى شروط الحياة والصحة، وتسمى أيضا بأحياء الصفيح.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا