ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ
ﺩ. ﺴﻴﻑ ﺍﻹﺴﻼﻡ ﺸﻭﻴﺔ - ﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻭﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ - ﺠﺎﻤﻌﺔ ﻤﺤﻤﺩ ﺨﻴﻀﺭ ﺒﺴﻜﺭﺓ –ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ ﻋﺸﺭ - ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ 2007 م :
اﻟﻤﻠﺨـﺹ: حمله من هنا
ﺇﻥ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺘﻤﻴل ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺨﺫ
ﺒﺎﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺎﺒﻴﻥ ﻓﺭﻋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻲ، ﻓﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ
ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺭﻭﺍﺒﻁ ﺘﺭﺒﻁﻬﺎ ﺒﻤﺨﺘﻠﻑ ﺠﻭﺍﻨﺏ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻴﻌﻭﺩ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﻟﻅﺎﻫﺭﺓ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺠﻤﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺴﺎﺴﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺭﻀﻬﺎ ﻅﺎﻫﺭﺓ
ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ. ﺇﺯﺍﺀ ﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﺘﻨﻜﺭ ﻷﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﻜﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﻠﻡ ﺍﻹﺠﺭﺍﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺠﺭﻴﺕ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻤﻨﻬﺠﻴﺎ ﻭﻏﺎﺌﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻋﻥ
ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺘﻀﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺤﻔﺭ
ﻓﻲ ﺘﻀﺎﺭﻴﺴﻪ ﺒﺠﺭﺃﺓ ﺃﻜﺒﺭ ﻻﺴﺘﺨﻼﺹ ﺼﻭﺭﺓ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻻ ﻟﺒﺱ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﻏﻤﻭﺽ.
ﻴﺨﻠﺹ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺇﻟﻰ ﺍﻗﺘﻨﺎﻉ ﻋﻤﻴﻕ ﻤﻔﺎﺩﻩ ﺃﻥ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ
ﺘﻤﻴل ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺨﺫ ﺒﺎﻻﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﺎﺒﻴﻥ ﻓﺭﻋﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﺴﻠﻭﻙ ﺍﻹﺠﺭﺍﻤﻲ، ﻓﻬﺫﻩ
ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﺭﻭﺍﺒﻁ ﺘﺭﺒﻁﻬﺎ ﺒﻤﺨﺘﻠﻑ ﺠﻭﺍﻨﺏ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻭﺍﺤﻲ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎعية..
ﻤﻘﺩﻤﺔ:
ﻴﻬﺩﻑ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎل ﺇﻟﻰ ﺘﻭﻀﻴﺢ ﺃﻨﻪ ﻴستحب ﺩﺭﺍﺴﺔ ﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻅل
ﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﻓﺭﻋﻴﺔ(ﺒﻴﻨﻴﺔ)، ﺒﺄﺨﺫ ﺍﻷﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭ- ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥ.
ﻋﻠﻤﺎ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻲ
ﻟﻠﺠﺭﻴﻤﺔ ﻟﻡ ﻴﺤﻅ ﺒﺎﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ.
ﺘﻘﻊ ﺒﺤﻭﺙ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﻏﺎﻟﺒﺎ
ﺇﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﻜﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﻠﻡ ﺍﻹﺠﺭﺍﻡ، ﻭﻫﻲ ﻤﺒﺎﺤﺙ ﻭﻤﺩﺍﺨل ﻤﺸﺭﻭﻋﺔ، ﻭﻟﻜﻥ ﻫﻨﺎﻙ
ﻏﻴﺎﺏ ﻟﻠﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﻟﻠﻅﺎﻫﺭﺓ ﺒﺴﺒﺏ
ﺍﻟﺼﻌﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ وﺤﺴﺎﺴﻴﺎﺕ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ، ﻓﻬﻲ ﺘﻘﺘﻀﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺤﻔﺭ ﻓﻲ ﺘﻀﺎﺭﻴﺴﻪ ﺒﺠﺭﺃﺓ ﺃﻜﺒﺭ ﻻﺴﺘﺨﻼﺹ
ﺼﻭﺭﺓ ﻭﺍﻀﺤﺔ. ﻭﻻ ﺘﺩﻋﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﻭﺼﻔﺎﺕ
ﺠﺎﻫﺯﺓ ﻟﻤﺎ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ
ﻨﻅﺭﻴﺎ ﻭﺘﻁﺒﻴﻘﻴﺎ، ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﺘﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﺠﻭﺍﻨﺏ ﻤﻨﻬﺠﻴﺎ، ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﺘﺭﻜﺯ ﻓﻘﻁ ﻋﻠﻰ ﺘﻘﺎﺭﺏ ﺜﻼﺜﺔ ﻤﺠﺎﻻﺕ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﻫﻲ، ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ،
ﻋﻠﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ، ﻭﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ. ﻭﻓﻲ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﻤﻨﺎ ﻟﻭﻀﻊ
ﺘﺄﺼﻴل ﻨﻅﺭﻱ ﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺒﺔ ﺍﻟﺴﻭﺴﻴﻭ ﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺔ ﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺍﻟﺠﺭﻴﻤﺔ ﺼﻤمت ﻫﻴﻜﻠﻴﺔ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻭﺴﻨﻬﺘﺩﻱ ﺒﻤﺒﺎﺩﺉ
ﺃﺭﺒﻌﺔ، ﻴﺘﻡ ﻁﺭﺤﻬﺎ ﺘﺒﺎﻋﺎ.
أﻭﻻ : ﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺎ
ﻴﺸﻴﺭ ﺍﻟﻘﺎﻤﻭﺱ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺎ ﻫﻲ، ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺎﺱ،
ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺠﻭﺍﻨﺏ (1) ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﺴﻁﺢ ﺍﻷﺭﺽ ، ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺭﻴﻑ ﻴﻔﺘﻘﺩ ﻟﻠﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﺸﻤﻭﻟﻴﺔ،
ﻓﻤﻨﺫ ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ ﺍﻗﺘﻨﻊ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﻭﻥ ﺃﻥ ﻤﺠﺎل ﺘﺨﺼﺼﻬﻡ ﻟﻴﺱ ﺃﺩﺍﺓ ﻟﺠﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﻓﺤﺴﺏ،
ﻓﻠﻡ ﺘﻌﺩ ﺘﻘﺘﺼﺭ ﺍﻟﺠﻐﺭﺍﻓﻴﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﻭﻁﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ، ﻓﻬﻲ ﻻ ﺘﻬﻤل
ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ﻗﻁ، ﻓﻬﻲ ﺘﺩﺭﺱ "ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺨﺼﺎﺌﺹ ﺍﻟﻔﻴﺯﻴﻘﻴﺔ ﻟﻸﺭﺽ، ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺒﺎﺩﻟﺔ
ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﺼﺎﺌﺹ ﻭﺒﻴﻥ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺘﻭﺯﻴﻊ ﺍﻟﻨﺒﺎﺘﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺤﻴﻭﺍﻨﻴﺔ، ﻭﻤﺎ ﺘﻨﻁﻭﻱ (2) ﻋﻠﻴﻪ
ﻤﻥ ﻨﻤﺎﺫﺝ ﺍﻹﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ ﻭﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻤﻊ ﺒﻴﺌﺘﻪ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻴﺔ". حمله من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق