تلوث البيئة في مدينة صنعاء: دراسة في الجغرافيا التطبيقية
المركز الوطني للمعلومات - اليمن - إعداد : أ . ياسين أحمد عبد الله القحطاني رسالة ماجستير - 2004م . الخاتمة:
وبعد تناول ثلاث صور للتلوث في مدينة صنعاء في ضوء الأهداف الموضوعة
لهذه الدراسة ، يمكن استنتاج بعض الأسباب والعوامل التي أدت إلى ظهور مشكلة التلوث
في مدينة صنعاء وهي كما يلي:
1. ظروف البيئة الطبيعية للمدينة ، حيث تسهم هذه الظروف في حدوث
ظاهرة التلوث بصورة مباشرة وأخرى غير مباشرة ، فالمظهر التضاريسي الحوضي للمدينة
يجعلها عرضة لحدوث الانعكاسات الحرارية ، التي تعمل على تمركز الملوثات في هواء
المدينة ، كما تسهم الظروف المناخية بعناصرها المختلفة في تلوث هواء المدينة ، حيث
يؤدي ارتفاع الإشعاع الشمسي وما يصاحبه من ارتفاع درجة الحرارة ونشاط حركة الرياح
أثناء النهار إلى بعثرة ونشر الغبار والجزيئات العالقة في هواء المدينة ، كما أن
سكون الرياح أثناء الليل مع انخفاض درجات الحرارة ، وارتفاع الرطوبة النسبية يعمل
على تمركز الملوثات في هواء المدينة ، مما يؤدي إلى ظهور طبقة قاتمة اللون تعلو
سماء المدينة خاصة في فصل الشتاء ، كما أن سقوط الأمطار في أيام محدودة من السنة
يقلل من إمكانية تنقية الهواء مما يعلق فيه من ملوثات ، فيكون فصل الشتاء أكثر الفصول
تلوثاً نظرا لقلة سقوط الأمطار خلاله.
2. الزيادة السكانية ، حيث أن النمو السكاني للمدينة حدث بصورة
عشوائية تفتقر إلى أي نوع من التخطيط ، مثلت الهجرة السبب الرئيسي لهذا النمو ،
وقد رافق هذا النمو السكاني نموا عمرانيا عشوائياً أيضا مرتبطاً ارتباطاً مباشرا
بتلبية حاجات السكان المتزايدة ، وقد صاحب النمو السكاني زيادة الطلب على الخدمات
الأساسية من خدمات المياه والصرف الصحي والطرق وغيرها من الخدمات ، ونتيجة لعدم
تلبية هذه الاحتياجات المتزايدة ظهرت مشكلة التلوث بكل صوره.
كما رافق النمو السكاني أيضا زيادة وتنوع الأنشطة السكانية التي زادت
وتنوعت بزيادة عدد السكان ، وزادت كمية المخلفات الصلبة الناتجة عن زيادة
الاستهلاك ، وتعددت مصادرها ، كما زادت أعداد السيارات التي تعتبر المصدر الرئيسي
لتلوث الهواء بالمدينة.
3. النمو العمراني العشوائي: حيث أدى سوء وغياب التخطيط إلى نمو
المدينة عمرانيا بصورة عشوائية ، فظهرت كثير من المناطق العشوائية والمتدهورة التي
تظهر فيها كافة صور التلوث لصعوبة تنميتها ، كما أدى النمو العشوائي أو التخطيط
قصير المدى إلى أن تضم المدينة أحياء غير مخططة كانت في فترات سابقة خارج حدود
المدينة ، وظلت محتفظة بشكلها السابق وشكلت صورة أخرى من صور العشوائية ، كما أن
العشوائية في النمو انعكست على شبكة الطرق داخل المدينة ، فظهرت في معظمها ضيقة ،
وغير منتظمة الاتساع والاتجاه ، وهذا أدى إلى إرباك الحركة المرورية داخل المدينة
، رغم قلة عدد السيارات نسبيا ، وهذا يزيد من إمكانية تلوث الهواء بعوادم
السيارات.
كما أدى النمو العمراني العشوائي للمدينة إلى عدم التوازن في توزيع
استخدامات الأرض ، وفي كثير من الأحيان تداخلها مع بعضها البعض ، وهذا التداخل أدى
إلى انتشار مصادر التلوث في معظم أجزاء المدينة ، كما أن العشوائية في النمو أدت
إلى غياب بعض استخدامات الأرض من المدينة مثل المساحات الخضراء التي تقتصر على
مناطق محدودة للغاية ، وهذا أدى إلى غياب دورها في تخفيف حدة التلوث الهوائي.
4. عدم اكتمال البنية التحتية للمدينة: فعدم اكتمال رصف جميع الطرق
في المدينة كان سببا رئيسيا لتلوث الهواء بالغبار والجزيئات العالقة التي تثيرها
السيارات من هذه الطرق ، إضافة إلى عدم انسياب الحركة المرورية عليها ، مما يعمل
على زيادة كمية العوادم الملوثة للهواء ، كما أن عدم اكتمال شبكة الصرف الصحي
واستخدام الحفر الامتصاصية لتصريف المياه العادمة أدى إلى تلوث خزانات المياه
الجوفية بها ، كما أن عدم وجود وسيلة لتصريف المياه العادمة المنزلية في بعض
الأحياء العشوائية ، وتصريفها إلى الأرض مباشرة أدى إلى تلوث الأرض بهذه المخلفات.
5. أسباب إدارية :حيث كان لسوء الإدارة دور في ظهور صور التلوث
المختلفة بصورة مباشرة وأخرى غير مباشرة ، فقد أدى عدم التنسيق بين الجهات الخدمية
في المدينة إلى زيادة فترة تنفيذ مشاريع البنية التحتية والتي غالبا ما تخترق
الطرق الرئيسية ، وهذا يعمل على إرباك الحركة المرورية ومن ثم زيادة عوادم
السيارات التي تلوث الهواء ، كما ينتج عن هذه المشاريع كميات كبيرة من الأتربة
والتي تظل متكدسة فترات طويلة ، و تكون عرضة لإثارة الرياح ، مما يؤدي إلى تلوث
الهواء بهذه الأتربة.
وقد أدى تعدد الجهات المسئولة عن إدارة المخلفات الصلبة إلى تلوث
المدينة بهذه المخلفات ، فالتغييرات المستمرة وعدم الاستقرار الإداري أدى إلى ضعف
كفاءة هذه الإدارة ، خاصة أنها كانت توكل إلى جهات ليس لديها الخبرة والإمكانيات
المادية الكافية للقيام بذلك ، ونتج عن ذلك أن ظلت كميات كبيرة من هذه المخلفات
متكدسة في أجزاء كثيرة من المدينة.
وعند تقييم مراحل التعامل الحالي لهذه المخلفات يتضح عدم كفاية
المعدات المستخدمة في ذلك ، كما أن عدد الحاويات المستخدمة في تخزين القمامة لا
تكفي الكميات المتولدة منها ، مع أنها ليست موزعة بشكل متوازن على مختلف مناطق
المدينة ، و أن استخدام الحاويات المكشوفة في تخزين القمامة له سلبيات واضحة ودور
واضح في تلوث بيئة
المدينة.
كما أن ضعف الرقابة من قبل بعض الجهات المختصة أدى إلى تزايد أعداد
محطات تعبئة المياه التي لا تتوفر بها أدنى شروط السلامة الصحية ، فالمياه في
غالبية هذه المحطات ملوثة لعدم القيام بالمعالجة على أكمل وجهه ، ومع غياب الرقابة
أيضا زاد عدد آبار المياه الخاصة التي تقوم ببيع المياه دون أي معالجة نتيجة
زيادة الطلب على المياه.
وقد أدى عدم الكشف الدوري على السيارات إلى أن معظمها أصبحت ذات
تأثير في واضح في تلوث الهواء نظرا لقدمها ، كما نتج عن عدم الرقابة على استيراد
السيارات إلى دخول أعداد كبيرة من السيارات المتهالكة التي خرجت عن العمل في مناطق
استيرادها ، وأصبحت تمثل مصدرا رئيسياً لتلوث هواء المدينة.
6. ضعف الوعي البيئي لدى السكان: أدى ذلك إلى ظهور عدة ممارسات ينتج
عنها تلوث بيئة المدينة ، مثل حرق القمامة والتخلص منها في أماكن غير مخصصة لذلك
ورعي الأغنام على حاويات القمامة وغيرها من الممارسات التي تنعكس على بيئة
المدينة.
7. حداثة الاهتمام بالبيئة: فقد كان نتيجة لذلك أن قامت كثير من
الأنشطة الملوثة للبيئة في سنوات سابقة دون أي دراسة لآثارها البيئية ، فجميع
المصانع تقوم بتصريف مخلفاتها السائلة في حفر امتصاصية (بيارات) دون أي معالجة
تذكر و أصبحت مصدرا مهما لتلوث خزانات المياه الجوفية ، كما أن معظمها أقيمت
بالقرب من المناطق السكنية.
التوصيات:
وبعد توضيح أهم أسباب التلوث في المدينة يمكن تقديم بعض التوصيات
والاقتراحات لمعالجة تلوث بيئة المدينة وهي كما يلي:
أولاً- توصيات عامة:
ثانياً-
معالجة تلوث الهواء:
- قياس التلوث
الهوائي: وذلك لمعرفة تركيز الملوثات في هواء المدينة ليسهل تحديد المستوى
الذي وصل إليه تلوث الهواء في المدينة ، ويمكن القيام بذلك بإنشاء نوعين من
المحطات لرصد الملوثات: الأولى ثابتة توزع بشكل مدروس على مختلف أجزاء المدينة ،
ويفيد ذلك في تحديد اكثر المناطق تلوثا ليتم التخفيف من حدته . الثانية متنقلة
(محمولة على سيارات) تقوم بقياس تركيز الملوثات في مختلف أجزاء المدينة خاصة
المناطق المزدحمة في أوقات مختلفة ، وذلك لمعرفة الاختلافات الزمنية في تركيز الملوثات لتحديد
اكثر الأوقات تلوثاً ليتم معالجته.
ثالثاً- معالجة تلوث الأرض بالمخلفات الصلبة والسائلة:
رابعاً- معالجة تلوث المياه :
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق