التسميات

الجمعة، 22 أغسطس 2014

محاضرات في جغرافية الزراعة .. المحاضرة الثانية عشر ...

المحاضرة الثانية عشر

حرفة الرعي وتربية الحيوانات
سنتناول في هذه المحاضرة (الثانية عشر) والتي تليها أنواع من الحرف التي تلحق بالنشاط الزراعي والتي تشمل حرف الرعي وتربية الحيوانات وصيد الأسماك والثروات البحرية.
خلال هذه المحاضرة سيتم مناقشة حرفة الرعي وتربية الحيوانات حسب عناصر المحاضرة والتي ستكون على النحو الآتي:

         تطور حرفة الرعي
         صور حرفة الرعي وأنماط تربية الحيوان:
o       الرعي المتنقل
o       الرعي التجاري
o       التوزيع الجغرافي لنطاقات الرعي
o       دراسة عن بعض الحيوانات الأليفة

         تبلغ مساحة الجزء اليابس في كرتنا الأرضية باستثناء القارة القطبية الجنوبية 133,92 مليون كيلومتر مربع، منها والمتمثلة بالأراضي التي تنمو بها الاعشاب مختلفة الانواع الطبيعية حوالي 30 مليون كيلومتر مربع أي بنسبة 22.4% من مساحة اليابسة. ومن هذه المراعي 39% توجد في القارة الشمالية (أمريكا الشمالية واسيا وأوروبا) بينما تشكل النسبة الباقية (61%) مراعي القارات الجنوبية المتمثلة بأستراليا وافريقيا وامريكا الجنوبية. وتتركز نطاقات تربية الحيوانات في القارات وكما يلي:
         أمريكا الشمالية: وتمتد من كندا حتى وسط المكسيك وفي الجانب الغربي من القارات على وجه التحديد.
         أمريكا الجنوبية: وتمتد في الجزء الشرقي من البرازيل حتى جنوب الأرجنتين وقد تتواجد بعض القطعان في سواحل وجبال فنزويلا.
         أفريقيا: ويظهر نطاق تربية الحيوان في هذه القارة في القسم الجنوبي من أنغولا ويمتد في جنوب غرب افريقيا وجنوب افريقيا وروديسيا.
         أوقيانوسيا: وتشمل معظم اراضي استراليا ونيوزيلندا.
         آسيا: وتمتد في وسط القارة الاسيوية وحول بحر قزوين والاورال فقط.
وقد دخلت في هذه المناطق بناء على سياسة الاتحاد السوفيتي السابق بعد ان كانت تعتمد على الرعي المتنقل اسوة بزميلاتها في بقية انحاء القارة الاسيوية.
تشتد الكثافات الحيوانية في كل من اسيا وأوروبا. اذ انهما يضمان حوالي 36% من مجموع ماشية العالم والسبب يعود في ذلك كثرة استخدام الحيوان في الزراعة في اسيا وسيادة الزراعة المختلطة في أوروبا وهنالك فارقاً كبيراً بين حيوانات اوروبا.
وعند دراسة التوزيع النوعي للحيوانات في القارات او المناطق نجد هنالك تركيز لنوع معين في منطقة معينة فهنالك مثلاً 10% من الماشية في الهند و 22% من الاغنام في استراليا و 30% من الماعز في افريقيا و 35% من الخنازير في الصين و 88% من الجاموس في آسيا وهنالك بعض الحيوانات بدأت تتناقص في كرتنا الارضية وذلك لزيادة استخدام المكننة الزراعية فمثلاً عدد الخيول تناقص كثيراً وبشكل خاص في النصف الشمالي للكرة الارضية.

تطور حرفة الرعي

يرتبط نمط الصيد البري كأسلوب وحيد في التعامل والانتفاع من الحيوان بالتخلف والانخفاض في المستوى الحضاري للإنسان وسيادة الظروف الطبيعية التي لا يمكن للإنسان من التحول وهذه الحرفة الى اسلوب جديد للانتفاع من الموارد المتاحة في مساحات معينة. اذ ان الجماعات التي تحترف الصيد تحتاج الى مساحات واسعة لكي تسد احتياجاتها المختلفة من وراء صيد الحيوانات. ولكن بتطور الانسان الحضاري تحول صيد البر في معظمه من الصيد البري يمارسه الانسان في مساحات واسعة لسد احتياجاته الحياتية المختلفة الي الصيد البري الاقتصادي الذي يمارسه الانسان حالياً في نطاقات ضيقة كأسلوب من اساليب التعامل والانتفاع من الحيوان الذي لم يستأنسه الانسان. ان الصيد البري الاقتصادي كأسلوب من اساليب التعامل مع الحيوان جاء لتلبية حاجات خاصة للإنسان نتيجة لتطوره الحضاري واتساع دائرة حاجاته
فقد شرعت قيود وقوانين تنظم التعامل مع هذه الحيوانات مثل منح حق الصيد بتراخيص معينة ولفترات زمنية محددة خارج نطاق فترات الحمل والولادة لهذه الحيوانات. وحجز مساحات محددة يحرم الصيد فيها لكي تكون ملاذاً تلجأ اليها الحيوانات وتحتمي فيها طلباً للمحافظة على النوع. ولقد اقدم الإنسان في هذا المجال على استئناس بعض الحيوانات وبشكل خاص في المناطق القطبية.
وقد تكون هذه العملية هي الخطوة الأولى في طريق التحول وحرفة الصيد الاقتصادي كأسلوب من اساليب الانتفاع بالحيوان.
يعتبر استئناس الحيوانات واقتناء القطعان اهم علامة من علامات التقدم للإنسان من وجهات النظر المختلفة الحضارية والاجتماعية والاقتصادية. ولقد فرضت الظروف الطبيعية المحيطة بكل من الانسان والحيوان الى عملية الاستئناس هذه. اذ انتخب الانسان انواعاً معينة من الحيوانات معظمها من الثديات وأكلة العشب، ولكي يقتني منها القطعان. اذ ان هذه الحيوانات المستأنسة كثيراً ما كانت تلجأ للعيش بالقرب من التجمعات البشرية خوفاً من الحيوانات لمفترسة أكلة اللحوم.
ان استئناس الحيوان والتحول إلى الرعي قد وفر للإنسان المزيد من الغذاء من ناحية ومن ناحية اخرى المزيد من الجهد في البحث عن الغذاء للحيوان نفسه. ولقد فرضت الظروف البيئية نفسها هنا في تحديد نوع وحجم القطعان الحيوانية.
لقد كان سابقاً في معظم مساحات المعمورة وحالياً في مساحات محددة اقتران قطعان الحيوانات والانتفاع بها مع البداوة وعدم الاستقرار ان عدم الاستقرار ينتج من حركة الرعاة مع قطعانهم والتي غالباً ما تكون فصلية معتمدتاً على الثراء النباتي والمائي للمواقع المختلفة المقصودة من قبل الرعاة لسد احتياجات حيواناتهم المختلفة.
ان اقتناء القطعان وممارسة الرعي وضع الثروة الحيوانية كمصدر اقتصادي في متناول الانسان يتم الانتفاع به وفق اسلوب حضاري متقدم على ما سبقه من عمليات صيد تقليدية.

صور حرفة الرعي وأنماط تربية الحيوان

أولاً: الرعي التقليدي:
هنالك بعض المساحات الواسعة في كرتنا الأرضية تقل فيها الأعشاب ويصعب قيام الزراعة بها نظراً لندرة الأمطار وعدم وجود مياه سطحية او برودة الجو مما ينعكس على قصر فصل النمو أو وعورة السطح بسبب كثرة الصخور أو طوبوغرافية المنطقة.
تسود البداوة في المجتمعات البشرية التي تمارس الرعي التقليدي، ويمتاز نمط الانتفاع بالحيوان ومنتجاته الحيوانية بالتخلف. اذ تتألف القطان من اعداد كبيرة من الحيوانات من الابقار أو الاغنام او الابل او حتى الرنة اعتماداً على الظروف البيئية السائدة في هذا الموقع او ذلك. وبمثل هذه الظروف لا يراعي الراعي حالة التوازن بين حجم القطيع والمساحة المتاحة للرعي ولا يراعي ايضاً اختيار افضل السلالات الحيوانية المكونة للقطيع.
ويمكن القول ان جل اهتمام الرعاة في مثل هذه البيئات هو حجم القطيع الذي يمثل المورد الاساسي والذي يحقق له الانتاج ويلي الحاجات اليومية المختلفة باعتباره هو مصدر الدخل الوحيد للعائلة القاطنة والمزاولة لحرفة الرعي في مثل تلك البيئات. ومعظم الانتاج الرعوي التقليدي لا يدخل ضمن النشاط الاقتصادي الدولي إلا صورة محدودة مثل انتاج الصوف او الجلود وعلى نطاق ضيق جداً في بعض المراعي في وسط أوروبا اما في مناطق الحشائش المدارية في افريقيا وفي النطاق الصحراوي لكل من افريقيا واسيا فأن النظام التعاملي مع الثروة الحيوانية للرعاة هو حجم القطيع الذي يمثل مصدر قوة للرعاة.
نادراً ما تجد رغبة لدى الرعاة في التفكير في انخفاض انتاجية قطيعه وقد تجد فيهم من يرفض العناية البيطرية لقطيعه رغم ان كثير من البلدان تقدمها لحيواناتهم دون مقابل.
وأهم اقاليم الرعي التقليدي هي بعض المناطق الجبلية الاوروبية والصحاري الافريقية والآسيوية الحارة وبعض المناطق في شمال افريقيا والصحاري المعتدلة في أواسط آسيا وبعض المناطق الباردة في كل من شمال روسيا الاتحادية وولاية ألاسكا الأمريكية.

ثانياً: الرعي التجاري

يقترن هذا النوع من الانتفاع بتحول اقتصادي كبير لدى الانسان. ان هذا التحول الكبير في التعامل مع الثروة الحيوانية نتيجة منطقية لتوظيف التقدم العلمي في تربية وادارة الثروة الحيوانية مما ينعكس على منتجاتها المتنوعة. ولقد لعب التخصص والتخطيط والاساليب العلمية في تربية الحيوان الدور الكبير في الانتفاع المتقدم بالحيوان.
ويقصد بالتخصص في مجال تربية الحيوان واستغلال الثروة الحيوانية استغلالاً اقتصادياً هو استغلال القطيع الحيواني كمصدر لمنتج محدد مثلاً لإنتاج اللحوم او لإنتاج الالبان او لإنتاج الأصواف وتحديد نوع المنتج والتركيز عليه.
ويتضمن هذا التخطيط الخطوات التي تحدد الاطار العام الذي يسلكه النشاط البشري في حقل تربية والإنتاج الحيواني. وخير مثال يضرب في هذا المجال هو انتخاب أنسب الحيوانات الموجودة من اجل اعطاء اكبر كمية وأجود نوعية للمنتج المحدد وراء تربية قطيع الحيوانات, وهذا يعني تركيز النشاط البشري فيما يخص الاختلاط والتهجين والتكاثر وفق ما يريده اصحاب القطعان من اجل الحصول على افضل الحيوانات. وفي العقود الاخيرة بدأ توظيف الهندسة الوراثية في تحسين السلالات الحيوانية من اجل افضل نوعية واكبر كمية لمنتج محدد. ويتضمن التخطيط الاهتمام بغذاء الحيوانات واختيار المراعي وطبيعة الغطاء النباتي التي تناسب الحيوانات. وقد يقوم اصحاب القطعان بزراعة مساحات محددة بنباتات علفية كالبرسيم والجت ولتنظيم وتغذية الحيوانات. وقد يذهب المخططون إلى ابعد من ذلك في تحديد نوع العلف المقدم للحيوانات للحصول على منتج معين بمواصفات محددة.
وعندما يكون التخطيط هو السبيل المحدد لاستغلال الاقتصادي المتطور للثروة الحيوانية فإن الاسلوب العلمي هو الذي يسلكه اصحاب القطعان في العناية بالحيوانات ومجابهة المشاكل التي تواجه اصحاب القطعان وتكفل لهم الاستمرار في الانتاج الحيواني بالكم والنوع المطلوب. ويلعب الاسلوب العلمي الدور الرائد في عملية التهجين والتركيز على الصفات المطلوبة في الحيوان الذي يُربي. ولا ينسى هنا دور الاسلوب العلمي في الرعاية الطبية والبيطرية لقطيع الحيوانات الذي يسلكه اصحاب القطعان من اجل حماية القطيع من الامراض والآفات لتي تصيب القطعان.
بعض المناطق التي يسودها الرعي التجاري الاقتصادي الذي يلعب البعد البشري الدور الريادي في تحقيق الاستغلال الاقتصادي الامثل للثروة الحيوانية:
الرعي التجاري في استراليا ونيوزيلاند: يمكن القول ان القدرات البشرية الخلاقة قد تجلت في تطوير الانتفاع بالثروة الحيوانية بعد توفر الظروف الطبيعية في كل من نيوزيلاند وبعض المواقع في استراليا.
من المعروف أن القارة الاسترالية تتباين في خصائصها المناخية من منطقة لأخرى فالمناطق الشرقية والجنوب شرقية تمتاز بكونها ذات امطار غزيرة نسبياً وتشح الامطار كثيراً في وسط استراليا التي يمر خلالها مدار الجدي ذو الضغط المرتفع. اما المناطق الساحلية الغربية والجنوبية فهي ذات امطار معتدلة نسبياً في حين ان منطقة شمال استراليا تعتبر من نطاقات السفانا المدارية (منطقة الحشائش). واعتماداً على الظروف المناخية تتباين الخصائص النباتية من موقع لآخر.
إذ نرى الغنى النباتي في المواقع الشرقية والجنوب شرقية والتي تتمثل في التلال الرطبة هناك، وهذا وفر الغذاء والماء على مدار السنة مما جعل هذه المنطقة تضم حوالي 76% من اغنام استراليا في حين تتوزع النسبة الباقية منها على السواحل الغربية الاسترالية والجنوب الاسترالي. وقد اتبع نظام التخصص في مجال تربية الاغنام اذ ان معظم اغنام استراليا التي تربى في الشرق والجنوب الشرقي تتخصص في انتاج اللحوم في حين ان المناطق الجنوبية والسواحل الغربية تتخصص في انتاج الاصواف اعتماداً على توفر الغذاء الذي يدفع بالحيوانات الى السمنة في المناطق الجنوب شرقية. اما عن تربية الماشية في تتركز في المناطق الشمالية مناطق السفانا المدارية الحارة التي تستطيع الماشية التأقلم فيها على عكس الاغنام التي تتأثر كثيراً بارتفاع درجة الحرارة.
تسهم الثروة الحيوانية بصيب عال في الاقتصاد المحلي اذ انها شكلت في السنوات الأخيرة ما مقداره 60% من قيمة الصادرات الاسترالية موزعة بين الصوف واللحوم علماً بأن الصوف يشكل النسبة الأعلى. وبالرغم من ضخامة الصادرات الاسترالية من اللحوم إلا انها لا تشكل إلا ثلث المنتج محلياً من اللحوم والسبب في ذلك هو استنفاذ معظمه في الاستهلاك المحلي. وتقدر نسبة صادرات استراليا من الصوف ولحوم الماشية ولحوم الأغنام بحوالي 30%، 14%، 17%، على التوالي من الصادرات العالمية. وتقدر عدد رؤوس الماشية بحوالي 24 مليون رأس و 132 مليون رأس غنم حسب احصائيات 1982.
من أهم المشكلات التي تواجه تربية الحيوانات الارانب البرية والتي تعيث فساداً في الغطاء الخضري والكلاب الوحشية والذئاب التي تهاجم القطعان. ولقد اخذت الحكومات الاسترالية المتعاقبة على عاتقها توجيه حملات ابادة لملايين الارانب البرية والكلاب الوحشية والذئاب للحد من تأثيرها السلبي على الثروة القومية الحيوانية.
لا يختلف النيوزيلنديون عن الاستراليين بكونهم نزحوا من اوروبا مع بعض الحيوانات لغرض تربيتها والانتفاع بها. وعلى الرغم من ان سكان نيوزيلاند حوالي 3 ملايين نسمة إلا انها تعتبر من دول العالم المتقدمة في الرعي التجاري. وستاهم بنسبة عالية حوالي 65% من تجارة لحوم الاغنام في العالم ونسبة محددة من لحوم الماشية (حوالي 7%) وحوالي 15% من تجارة الصوف العالمية. وبالرغم من ان اعداد الاغنام حوالي 74 مليون راس و 9 ملايين راس من الماشية وهي اقل من الثروة الحيوانية الاسترالية، إلا ان نيوزيلاند تجاوزت استراليا في تصدير لحوم الاغنام. فنيوزيلاند تحتل المركز الأول في العالم في تصدير اللحوم والمركز الثالث في تصدير لحوم الماشية. وتشكل صادرات المنتجات الحيوانية اهم مصادر الدخل القومي لنيوزيلاند فهي تشكل حوالي 90% من صادرات نيوزيلاند.
الرعي التجاري في أمريكا الشمالية
يمتد نطاق الرعي التجاري في مناطق الحشائش المعتدلة في غرب الولايات المتحدة الامريكية ومنطقة البراري وكندا وشمال المكسيك. وقد امتدت في السنوات الاخيرة مناطق تربية الماشية الى الولايات في الجنوب الشرقي من الولايات المتحدة الأمريكية ولقد كانت سابقاً، مناطق الرعي التجاري الحالية مسكونة بالقطعان الضخمة من الجاموس البري والتي كانت تمثل مصدر الغذاء للهنود الحمر الذين يصطادونها.
وبما ان الحشائش الطبيعية هي المصدر الرئيسي لتغذية الحيوانات وتبعاً لذلك تختلف الكثافة الحيوانية تبعاً لغنى المنطقة بالحشائش او الأعشاب او فقرها.
لقد احتل انتاج اللحوم والمنتجات الحيوانية الاخرى في المكسيك دوراً ثانياً بعد الذرة التي تحتل المركز الاول في القمة بالنسبة للدخل الزراعي. وتتركز تربية الماشية في الاجزاء الوسطى من المكسيك. وبالرغم من الجهد المبذول من قبل الحكومة المكسيكية في تطوير الثروة الحيوانية، الا أن صفة سيادة الانواع المحلية هي السائدة على معظم انواع الحيوانات التي تربى في المكسيك.
الرعي التجاري في أمريكا الجنوبية
لقد أعطت كمية الامطار السنوية البالغة بين 500 – 1000 ملم الساقطة على مساحات واسعة في الأرجنتين والأورجواي والبرازيل نمواً نباتياً طبيعياً ثرياً ادى الى انتشار المراعي الطبيعية في هذه المساحات. وبالرغم من ان معظم الامطار تسقط صيفاً الا ان للشتاء حصة صغيرة من الامطار تديم خضرة الأرض ان الخصائص الطبيعية للمراعي جعلها توفر الظروف المثلى لقطعان الأبقار وتدخل الانسان الايجابي في اختيار وانتخاب انسب السلالات الحيوانية. واعطت هذه المراعي ما تعطيه من لحوم ومنتجات حيوانية اخرى بالكميات التجارية الاقتصادية المنافسة. تعد الارجنتين من الدول ذات المراعي النموذجية لاقتناء الابقار وتسمينها.
يشكل الرعي التجاري النشاط الاقتصادي الاول في الاورجواي حيث يشكل 60% من مساحة البلد ومنتجات الثروة الحيوانية تشكل 60% من جملة الصادرات. وما من شك فيه ان المناخ المعتدل وتوزيع المطر على مدار السنة قد حقق هذا الثراء والازدهار للمراعي الطبيعية والثروة الحيوانية. وهنا لا بد من ذكر ان الثروة الحيوانية في هذا الجزء من البرازيل يعود اساساً الى الاستثمارات الامريكية في هذا القطاع.
الرعي التجاري في أوروبا: يسود مناطق شمال البحر المتوسط في معظم اوروبا ما عدا اجزاء من بريطانيا وايرلندا تربى الابقار بأعداد كبيرة لأغراض انتاج اللحوم وهي تدخل ضمن نظام زراعي متنوع الأهداف وبالرغم من الاعداد الكبيرة للأبقار إلا ان الكثافات السكانية الكبيرة في اوروبا تجعلها من القارات المستوردة للحوم وتمثل سوقاً واسعاً امام الدول المصدرة للحوم في العالم.
الرعي التجاري في جنوب أفريقيا: تتركز مناطق الرعي التجاري في جمهورية جنوب افريقيا في هضبة الفلد ذات الحشائش الطبيعية الواسعة الامتداد والتي يقوم عليها الرعي التجاري. ولقد ساهم المستوطنين الاوربيين في اغناء الثروة الحيوانية من خلال استثمارهم وإدارتهم لحقول تربية الحيوان في هذا البلد واستغلال منتجاتها بطريقة اقتصادية
يختلف الرعي التجاري الاقتصادي عن الرعي المتنقل التقليدي في بعض الخصائص الاجتماعية والاقتصادية كما اشار اليها بعض الباحثين في الاختلافات الآتية:
         يسود الرعي المتنقل التقليدي في الدول النامية بشكل عام بينما الرعي التجاري في معظمه في اراضي الحشائش في العالم الجديد.
         يعيش اصحاب القطعان الذين يمارسون الرعي المتنقل التقليدي في خيام متنقلة ومجتمعة على أساس قبلي بينما يتميز الرعي التجاري الاقتصادي بالاستقرار حيث يعيش أصحاب القطعان في بيوت مجهزة بوسائل الراحة في حين تحيط بالقطعان اسوار أو اسلاك شائكة.
         تتخصص مناطق الرعي التجاري في تربية انواع معينة من الحيوانات تتلائم مع الظروف البيئية المحيطة لتعطي انتاج في حين يمتاز الرعي المتنقل التقليدي بكون الرعاة يرعون انواعاً مختلفة من الحيوانات في قطيع واحد.
         يهدف الرعي التجاري الاقتصادي الى التخصيص في الانتاج من اجل سد الاحتياجات الذاتية ويسد متطلبات الاسواق العالمية في الوقت الذي يكون انتاج الرعي المتنقل التقليدي لا يكاد يسد الاحتياجات الذاتية للرعاة انفسهم وان تجاوز الاحتياجات الذاتية فإنها بالتأكيد لا تسد الاحتياجات المحلية.

التوزيع الجغرافي لنطاقات الرعي
يبين مناطق الرعي المتنقل والرعي التجاري في كرتنا الارضية، والذي يتضح منه ان مناطق الرعي التقليدي تسود في القارتين الاسيوية والأفريقية في حين ان الرعي التجاري يغطي اراضي العالم الجديد (الامريكيتين واستراليا ونيوزيلاند كما يوجد في مساحات ضيقة في أوروبا وجنوب أفريقيا).
أولاً: الرعي التقليدي المتنقل:
تنتشر اقاليم الرعي التقليدي في مناطق واسعة ويتضح ان مناطق الرعي المتنقل التقليدي تحتل معظم الجهات الجافة وشبه الجافة في قارتي اسيا وأفريقيا وكذلك يضاف اليها شمال اسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية. ويمكن تحديد مناطق الرعي المتنقل التقليدي في قارة اسيا وقارة افريقيا والمناطق الباردة بالمناطق التالية:
1- الرعي التقليدي في الصحاري المعتدلة في أواسط اسيا حيث ينتشر في كل منغوليا والتبت وبعض الجمهوريات الاسلامية في اواسط آسيا.
2- الرعي التقليدي في جنوب اسيا: ينتظم نطاق الرعي هذا في هضاب ايران وتركيا وشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام.
3- الرعي التقليدي في شمال افريقيا والساحل الجنوبي الغربي من القارة الافريقية: يغطي هذا النطاق الصحراء الافريقية الكبرى وهوامشها الشمالية والجنوبية والصحاري الساحلية في جنوب غرب القارة الافريقية.
4- الرعي التقليدي في مناطق التندرا: يشمل هذا النطاق اقصى كل من قارة اوروبا واسيا وأمريكا الشمالية (بشكل خاص في ولاية ألاسكا).

ثانياً: الرعي التجاري والاقتصادي

1- الرعي التجاري في المراعي الحارة: تشغل هذه المراعي مناطق السافانا المتاخمة لإقليم الغابات المدارية في كل من افريقيا وأمريكا الجنوبية وشمال أستراليا وتسود تربية الابقار في هذه المناطق بالرغم من انها لا تنتج نظيراتها في المراعي المعتدلة لكونها تواجه مجموعة من المشاكل تأتي على رأسها ارتفاع الحرارة والرطوبة النسبية في فصل الصيف مما يؤدي إلى انتشار الحشرات والآفات والأوبئة التي تصيب الماشية. وكذلك ارتفاع الحرارة والرطوبة يؤدي الى نمو الحشائش بسرعة وتجف بسرعة ايضاً مما يقلل من قيمتها الغذائية. وقد يؤدي سقوط الامطار بشدة سقوط عالية إلى حدوث فيضانات تعمل على تدمير المراعي وحدوث خسائر كبيرة لهذه الثروة الحيوانية.
تشغل حشائش السافانا مناطق واسعة من افريقيا يقدر بحوالي ثلث مساحة هذه القارة. وهذه الحشائش تحيط بالغابات المدارية من الشمال والشرق والجنوب. وبالرغم من اتساع هذه المراعي إلا ان دورها محدوداً اذ تعمل على سد حاجة الرعاة من اللحوم والألبان.
تنتشر حشائش السافانا في امريكا الجنوبية بمساحات اصغر مما هو عليه في افريقيا، الا انها احسن استغلالاً واوفر انتاجاً وتتمثل اهم مراعي السافانا هنا في اقليم الجراند شاكو في شمال الارجنتين وإقليم الكامبوس في هضبة البرازيل والتي تمتد حتى تصل الى سفوح جبال الانديز غرباً وإقليم اللانوس في فنزويلا وكولومبيا واقليم بوليفار في شمال كولومبيا.
وعندما ننتقل إلى القارة الاسترالية فأن المراعي الحارة تشغل شمال القارة الذي يعتبر اغنى جهات استراليا في تربية ابقار اللحوم وبشكل خاص الساحل الشمالي الغربي من القارة. وتجدر الاشارة هنا إلى ان الجفاف في سافانا استراليا له اثر بالغ في تذبذب الماشية.
2- الرعي التجاري في المراعي المعتدلة: تختلف المراعي المعتدلة عن المراعي الحارة بكون الأولى تمتاز ذات امطار اكثر ودرجات حرارة اقل من الثانية مما يترك اثره على الغطاء النباتي فهو اكثر كثافة ويستمر لفترة زمنية اطول وهذا يعني ان الترحال وراء الماء والكلأ نادراً ما تجده في  المراعي المعتدلة.
لقد ادخلت الثروة الحيوانية على نطاقها التجاري في العالم الجديد (الأمريكيتين) منذ أن وطئت خيول وأبقار وأغنام الاسبان هذه الأراضي.
تغطي المراعي المعتدلة مساحات واسعة من امريكا الجنوبية فهي تضم معظم شمال الأرجنتين ووسطها والأورجواي وجنوب البرازيل. واهم الاقاليم الارجنتينية هو إقليم البمباس يعد اضل اقاليم تربية ابقار للحوم في العالم لملائمة مناخه وغنى مراعيه طوال العام.
على الرغم من أن استراليا ونيوزيلاند يقعان على مسافات بعيدة عن الاسواق الاستهلاك الرئيسية لمنتجات الثروة الحيوانية، إلا ان الرعي التجاري يعتبر ركيزة من ركائز اقتصادها فهي تشكل 65% و 80% من صادرات استراليا ونيوزيلاند على التوالي. وكما هي بداية الثروة الحيوانية في الامريكيتين كانت بدايتها في استراليا ونيوزيلاند على يد الاوربيين.
تمثل هضبة جنوب افريقيا اوسع المراعي المعتدلة في اقليم الفلد والتي تستقبل كميات لا بأس بها من امطار اذ يتراوح معدلها السنوي 300-750ملم في السنة. وهذه الامطار وعلى الرغم من قلتها النسبية إلا ان اعتدال درجات الحرارة يعطي غطاء نباتياً كافياً لرعاية الاغنام والأبقار والماعز المنتشرة فيها. وتعتبر الاغنام المنتجة للصوف الجيد من اهم الحيوانات الراعية في تلك المنطقة.
اما عن المراعي التجارية الاوربية فهي تغطي مساحات لا بأس بها في اوربا ولكن الكثافات السكانية الكبيرة في القارة الاوربية لم تترك لهذه المساحات ان تستغل كمراعي فقط اذ ان تربية الحيوانات وأبقار اللحوم على وجه التحديد تكون كجزء متمماً للنظام الزراعي المتنوع الأهداف وفي الغالب تستخدم الاعلاف الجافة والخضراء في تسمين ابقار اللحوم والأبقار ثنائية العرض (ابقار اللحوم والألبان في نفس الوقت).

دراسة عن بعض الحيوانات الأليفة

الأبقـــار :-
تتصدر قارة آسيا القارات في أعداد الأبقار تليها على التوالي كل من امريكا الجنوبية وأفريقيا وأمريكا الشمالية وأوروبا واقيانوسيا. في حين ان الهند تتصدر دول العالم بأعداد الابقار اذ تمتلك حوالي 16.1% من المجموع العالمي حسب احصائيات عام 1999م. وترجع الكثرة في أعداد الابقار في الهند الى التقديس الذي تتمتع به الابقار وعدم اكل لحومها ونسبة كبيرة من هذه الابقار تعيش دون وسائل التربية الحيوانية المتعارف عليها. وتحتل الصين المركز الثالث، اذ ازدادت اعداد الابقار في الصين في الثلاثة عقود الاخيرة من القرن العشرين زيادات كبيرة مواكبة مع التطور الكبير الذي يحصل في باقي الجوانب الاقتصادية في هذا البلد. وتأتي الولايات المتحدة في المركز الرابع من حيث اعداد الأبقار اذ قدر العدد بحوالي 98.5 مليون رأس عام 1999 أي بنسبة تقدر بحوالي 7.4% من المجموع العالمي و 61,2% من أعداداها في قارة امريكا الشمالية. وتنتشر الابقار انتشاراً كبيراً في الولايات المتحدة الامريكية باستثناء المناطق الجبلية والصحراوية. واكثر المناطق انتشاراً وتركيزاً للأبقار هي مناطق نطاق الذرة وخاصة في غرب بحيرة متشيغان.
الأغنام:-
توزيع الأغنام في العالم:
أولى قارات العالم في عدد الأغنام هي قارة آسيا والتي تحتوي على 412.6 مليون رأس غنم وهذا ما يشكل نسبة من اغنام العالم حوالي 38.6%. ويلي قارة آسيا القارة الافريقية وبنسبة تشكل 22.5% من اغنام العالم. وتحتل مجموعة اوقيانوسيا المركز الثالث بعدد تقدر 165.7 مليون رأس غنم. ثم تتبعها قارة اوروبا وأمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى والشمالية على التوالي. وعلى صعيد الدول، فأن الصين تحتل المرتبة الاولى وبعدد يقدر بحوالي 127.163 مليون رأس غنم وبنسبة تقدر بـ 11.9% من اغنام العالم. ويلي الصين استراليا اذ يقدر عدد اغنامها بحوالي 119.6 مليون رأس وهذا ما يشكل نسبة 11.2% من اغنام العالم.
ثم تتبع أستراليا كل من الهند وإيران ونيوزيلاندا والمملكة المتحدة والسودان على التوالي. ويلاحظ أن أكبر تركز للأغنام في آسيا يقع في شرقها في حين أن تركز الأغنام في القارة الأوروبية يتمثل في جنوب القارة والجزر البريطانية.
وتسيطر أستراليا ونيوزيلاندا والأرجنتين والأورغواي على التجارة الدولية في منتجات الألبان على الرغم من أنها تمتلك نسبة لا تتجاوز 18.5% من أغنام العالم. ولكنها تستأثر بحوالي 60% من إنتاج الصوف العالمي (وتأتي استراليا في مقدمة الدول المصدرة للصوف تليها جنوب افريقيا)، ونسبة تصل الى 90% من صادرات لحوم الضان، وتتصدر هذه الدول كل من استراليا ونيوزيلاند.
الابل (الجمال):
الابل من الحيوانات التي كانت وما زالت مستمرة في العالم القديم (آسيا وأفريقيا). اذ تنتشر تربية الجمل ذو السنام الواحد في الصحاري الحارة الافريقية وجنوب غرب آسيا والجمال والسنامين في صحاري آسيا الوسطى المعتدلة.
تتركز الابل في الصحاري الحارة فهي تضم حوالي 90% من الجمال والغالبية العظمى يقع في الصحاري الافريقية اذ ان صحراء الصومال وامتدادها في اثيوبيا وكينيا تحتوي على حوالي 41% من جمال العالم. في حين ان صحاري اسيا الحارة تضم حوالي 14% من جمال العالم. وتحتل الصومال المركز الأول في اعداد الجمال فهي تملك ما يقارب 31,4% من جمال العالم ثم تأتي السودان وباكستان وموريتانيا بالمراكز الاخرى على التوالي.

منتدي جامعة الملك فيصل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا