أهمية المعلومات الهيدرولوجية والهيدروجيولوجية في تقييم الوضع المائي
أستاذ جيولوجيا المياه المشارك ووكيل كلية العلوم
جامعة الملك سعود
إن
التطبيق الجيد للطرق الهيدرولوجية و الهيدروجيولوجية هو أساس لتنمية و إدارة مصادر
المياه و الإفادة منها. و كنتيجة طبيعية لازدياد عدد سكان الكـرة الأرضـية فـإن
الطلـب و الـضغط المتواصل على مصادر المياه في ازدياد دائم ؛ و هو ما يستدعي
دائماً التفكير في تطـوير طـرق البحث و التحليل و الدراسة لمشاكل المياه لمواجهة
هذا التحدي الاستراتيجي للبشر جميعاً لإيجـاد الحلول
المناسبة و المصادر البديلة التي تفي باحتياجاتهم. و إن من أهم عناصر التطـوير
لطـرق البحث و التحليل و الدراسة للمشاكل المائية هي المعلومة الهيدرولوجية و
الهيدروجيولوجية.
فمثلاً يجب أن
يعتمد مد المياه لأي مدينة أو لأي مشروع زراعي أساساً على معلومات دقيقـة ووافيـة
وصادقة عن أولاً الاحتياجات المائية اللازمة لذلك الغـرض و ثانيـاً كميـات الميـاه
المتـوفرة والمخزونة الممكن استخدامها سواء كانت مياه سطحية أو جوفية و كيفية
ملاءمتها و كفايتها لـسد الاحتياج و الطلب الاستهلاكي. و البحث فيما إذا كان من
الممكن استخدام المياه السطحية المتمثلة في
السيول وقت توافرها و اللجوء إلى اختزانها في مستودعات و خزانـات للميـاه الـسطحية
أو كذلك الجوفية لتكون مخزوناً يمكن العودة إليه وقت الحاجة. و بناء علـى
المعلومـات المتـوفرة لجميع الظروف و الخصائص الهيدرولوجية و الهيدروجيولوجية
سيكون من الممكن تصميم خزان للمياه بحيث يكون قادراً على مد المنطقة بحاجتها من
المياه بغض النظر عن التغيـر فـي الميـاه الواردة
له على مر السنين. و يعتبر التوازن في تقيـيم منظومـة معلومـات متكاملـة و شـاملة
هيدرولوجية و هيدروجيولوجية هو القادر على إيجاد و تصميم الحل الأمثل لأي مـشكلة
مائيـة.
فمثلاً
جميعنا نعلم أن بناء سد أو خزان للمياه أكبر مما ينبغي يعتبر مضيعة للمال و الجهد
في حين أن بناءه أصغر مما ينبغي يجعله لن يؤدي الغرض الذي أنشئ من أجله و لن
يستفاد منه في إيجاد حل شاف للمشكلة المائية.
ينظر
إلى المعلومة في الوقت الحاضر على أنها عصب و أساس أي بحث علمي سليم يحـاول أن يضع
حلولاً مثالية للمشاكل المائية في أي منطقة من العالم . لذلك فإن المعلومـة تعتبـر
العامـل الأساسي و الركيزة التي يعتمد عليها في اتخاذ القرار السليم على المستويين
التنفيـذي و الإداري لأي منظومة إدارية تختص بإدارة شئون المياه. ولقد أدخل العلم
الحديث نظم المعلومات الجغرافية كتطبيق
مباشر لنظم معلومات جيولوجيا المياه لتكون وسيلة طيعة في أيدي المسئولين و متخـذي
القرار تمكنهم من سرعة أخذ القرار السليم بناء على معلومات صحيحة مخزونة في ذاكرة
النظـام العملاقة يقوم باستدعائها بسرعة بالغة وترتيبها و مقارنتها ببعـضها الـبعض
و ربـط العوامـل المختلفة و المتباينة للوصول إلى تصورٍ شامل وواضحٍ لجميع جوانب أي
مشكلة مائيـة ووضـع الحلول
المناسبة لها آخذاً في الاعتبار جميع أفرع المعلومات الغير متجانسة و الخروج
بتفـسيرات جديدة و حلول تقليدية في ضوء هذا الربط الفريد عبر هـذه الـنظم
المتطـورة للحاسـب الآلـي والمسماة بنظم المعلومات الهيدرولوجية و الهيدروجيولوجية
.
إن
من أمثلة استخدامات نظـم المعلومـات الجغرافيـة أو المكانيـة ( GIS ) فـي الدراسـات
الهيدرولوجية و الهيدروجيولوجية هي دراسات الحد من مخاطر السيول و الاستفادة مـن
مياههـا مثلاً. و في هذا المثال تتم الاستفادة من جميع المعلومات الخاصة بأفرع
مختلفة من العلـوم مثـل معلومات الطقس و التي تشمل كميات الأمطار المتساقطة و
معدلات سقوطها و سـرعة الريـاح ودرجات
الحرارة و الرطوبة. كما يمكن الاستفادة من معلومات متعلقة بنوع التربة و مدى
قابليتها لترشيح و امتصاص المياه و كمية المواد الممكـن انجرافهـا مـع ميـاه
الـسيول و جيولوجيـة وطبوغرافية المنطقة و مسارات الأودية و نوعية انحدارها. بالإضافة
إلى معلومات دقيقـة مـن صور الأقمار الصناعية و الملاحظات الحقلية تشمل نوعية صخور
الوادي و البنيات الجيولوجيـة الخطية
و ذلك لتصميم نموذج رياضي لمحاكاة جريان الماء في الوادي و مناطق تراكمه وارتفاع
منسوبه. يمكن استخدام هذا النموذج الرياضي في إدارة هذا المصدر المائي وتحديـد
المـسطحات التي يمكن أن تملؤها مياه السيول بالإضافة إلى تحديد وتصميم المنشآت
التي يمكن إقامتهـا علـى مسار الوادي خاصة الطرق التي من الممكن تصميمها بحيث تعبر
بجسور يعتمد تصميمها علـى حجم الوادي و كمية المياه التي يمكن أن تمر من خلاله.
مما
سبق يتضح أن المعلومة هي الأساس في سبيل إيجاد حل لأي مشكلة مائية مستعصية و يـأتي
بعد ذلك طرق التعامل مع المعلومة بأساليب غير تقليدية و تطبيق مناهج مختلفة للبحـث
العلمـي للوصول للغاية المنشودة و هي تأمين مصادر مائية كافية و متجددة للأجيال
الحاليـة و القادمـة.
وسوف نتعرض فـي هـذا المنـوال للمعلومـة بـصفة عامـة ثـم
المعلومـة الهيدرولوجيـة والهيدروجيولوجية بصفة خاصة و ذلك من حيث طرق الحصول
عليها و التأكد من صـحتها ثـم تخزينها و حفظها و استدعائها واستخدامها وتفسيرها و
بالتالي رسم اسـتراتيجية التعامـل معهـا للتغلب على التحدي الحقيقي للإنسانية
جمعاء في زماننا الحاضر و الأزمنة القادمة وهو الـضغوط المتزايدة على مصادر المياه
في مواجهة زيادة الطلب عليها ووقف استنزافها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق