التسميات

الجمعة، 20 مايو 2016

الدولة الصغيرة: القدرة والدور - عمر .عمر الحضرمي ...


الدولة الصغيرة: القدرة والدور

عمر الحضرمي  - أستاذ مشارك، كلية العلوم السياسية، الجامعة الأردنية.

مجلة المناره للبحوث والدراسات - مجلد 19- العدد 4 - ص ( 37 - 87 ) -2013 م

ملخص
      لقد تناولت هذه الدراسة مسألة "الدولة الصغيرة" كونها أصبحت مكوّناً هاماً في السياسة الدولية، خاصّة في فترة ما بعد انتهاء الحرب العالميّة الثانية، حيث ولد الكثير من هذه الدول تحت رعاية القانون الدولي ومؤسساته ومنظماته، وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة، وبعد تنامي حركات التحرر القوميّة العديدة، التي أنشأت دولاً عدة لم يكن الكثير منها دولاً كبيرة.
      وقد انطلقت هذه الدراسة من فرضية تقول بأن التطورات والظروف الدوليّة قد غيّرت الكثير من المعايير في حسابات تصنيف الدول، ولفحص هذه الفرضية طرحت الدراسة مجموعة من الأسئلة وأجابت عليها كان من أهمها؛ هل حقيقة وقع تحوّل في مفهوم الدولة الحديثة؟ وهل ما زالت الدولة الكبيرة قادرة على التحكم في السياسات الدولية؟ وما هي الخطوات التي انتهجتها الدول الصغيرة في سبيل إثبات وجودها والمحافظة على بقائها؟.

      وحتى يمكن تحقيق ذلك أخذت الدراسة بمناهج مفهوم القوة ومفهوم العلاقات الدولية ومنهج الدور والمنهج المقارن، وذلك من خلال استخدام الأسلوب التحليلي ومنهج الاستقراء، ومن خلال مراجعة العديد من الأدبيات ارتكازاً على دراسة الحالة التفسيرية كأحد وجوه المنهجيّة المقاربة وذلك بإعادة تفسير الأوضاع القائمة.
          ولقد توصلت الدراسة إلى أن المجتمع الدولي قد بدأ يشهد تغيّراً في موازين القوى، من حيث حسابات القدرة والدور. فالدول التي كانت تصنّف صغيرة، حسب معايير القياس القديمة من حيث الحجم وعدد السكان والقدرة العسكرية والإمكانات الاقتصادية، أصبحت تصنف أحياناً بأنها دول قوية من حيث الفاعلية والدور والقدرة على التأثير.
كلمات مفتاحية: الدولة الصغيرة، الدولة الكبيرة، دور الدولة، مفهوم القوّة.

"Small-Size State: Political Capability and Role: Theoretical Comparison" 

Abstract

This study deals with the issue of a "small-size states" having become an important part of international politics, especially in the wakes of World War II. Many small-size states came out under the auspices of international law, its institutions and organizations, headed by the United Nations, and after the completion of numerous national liberation movements, which created multiple states, although many of which were not large size states or countries.

The study sets out from the premise that developments and international circumstances have changed many standards in the ranking designation of countries. To examine this hypothesis, the study poses a series of questions and answers them: the most important concerns are: Does a change really occur in the concept of the modern state? Are large-size countries still able to control international politics? What are the steps pursued by small-size states in order to prove their existence and maintain their survival? In order to achieve this, the study examines the concepts of power and international relations and the methodology of roles. It uses the analytical method and induction the methodology as it settles these issues down. 

The study concludes that the international community has begun to witness a change in the balance of power, in terms of capabilities and role. Countries that are classified as small in size—although are relatively small in terms of size, population and military capacity and economic potential— can be classified as large states in terms of effectiveness, political roles and the ability to appear on the international map.

Key words: small-size state, large-size state, the role of state, concept of power.

المقدمة:
      يدل واقع المجتمع الدولي هذه الأيام على أن "الدول الصغيرة" أصبحت تمثل أغلبية أعضاء هذا المجتمع، خاصة بعد الحرب العالمية الثانية حيث كثر عددها، بسبب تعمّق موجات حركات التحرر الوطني. أما بعد انتهاء الحرب الباردة فقد شهدت هذه الفترة ميلاد أعداد أخرى من الدول الصغيرة. ويتوقع المراقبون تزايد هذا العدد نتيجة للتمزقات التي يمكن أن تقع في بعض الدول الكبيرة التي بدأت تتعرض لهزات متتالية، إما على شكل انفصالات داخليّة كما هو مرشح للحدوث في العراق وليبيا واليمن، وكما حدث فعلاً في السودان، وإما بسبب تغيّر الحقائق الدولية خاصة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ودخول النظام العالمي في مرحلة جديدة متغيرة المعالم حين تبدلت الثوابت. ولعل أهم هذه التعديلات هو تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالقدرة على السيطرة على الشؤون الدولية في مختلف المجالات؛ السياسية والأمنية والاقتصادّية. وقد أدّى ذلك إلى وقوع خلل ملموس في التوازن الدولي الدقيق.
          وهنا لا بد من الالتفات إلى التبدل في الحقائق الاقتصادّية الدولية ابتداءً من انهيار نظام "بريتون وودز" لأسعار الصرف الثابتة، والتحوّل إلى نظام أسعار الصرف العائمة الذي تمت المصادقة عليه في مؤتمر صندوق النقد في جامايكا عام 1986م، وذلك في ظل الضغوط التي تعرّضت لها الولايات المتحدة الأمريكية من قبل الحلفاء في أوائل السبعينيّات من القرن الماضي، حيث أدّت هذه التبدلات إلى خلق تفاوت كبير في مفهوم حجوم الدول.
          وحتى يمكن الإحاطة بموضوع البحث، فإن الدراسة قد أفردت مبحثاً خاصاً تحدثت فيه عن مجموعة المفاهيم التي ستقوم عليها المقاربة كلها، ومن ذلك مفهوم الدولة ومفهوم القوة في العلاقات الدولية ومفهوم الدور. كما رأى الباحث أنه لا بد من الاتفاق على تعريف "الدولة الصغيرة"، وعلى محددات هذه الدولة وبالتالي التفريق بينها وبين "الدولة الكبيرة"، إذ إن اجتهادات مختلفة ومتعددة قد اعتمدت في مقاربتها لهذا التعريف، ولكنها ارتكزت، في المجمل، على مكوّنات المساحة وعدد السكان والموارد الطبيعية والموقع الجغرافي والفاعليّة السياسية والقوة العسكرية والمستوى الإدراكي للمواطنين بأنهم في دولة يجب أن تعتمد على الآخرين للحصول على أمنها. ولو أخذنا النموذج الأوروبي لوجدنا أن هناك تفاوتاً في هذا النموذج بين دول صغيرة وأخرى كبيرة. لذلك فقد استند التمييز بين الدول في أوروبا على مدى "حماية" الدولة نفسها، ولكن في السياق الأوروبي فقط.
          أما في الشرق فقد رأينا أن الدولة الصغيرة قد اعتمدت، في معظم الأحيان، لإثبات ذاتها، على أمرين : أولهما قدرتها الاقتصادية ،وثانيهما الاحتماء بدول كبرى هي، بالضرورة، دول من خارج المنطقة، وبشكل أساسي الولايات المتحدة الأمريكية. بينما اعتمدت اليابان على قدرتها الاقتصادية والتكنولوجيّة كي تغدو دولة كبيرة رغم صغر مساحتها وضعفها العسكري بعد استسلامها في الحرب العالمية الثانية.
          أما "الدولة الصغيرة" ذات القدرات المحددة، فإنا نجدها واضحة في أمريكا الوسطى والجنوبية وفي أفريقيا وفي الشرق الأوسط، حيث تشيع هناك ظواهر العجز السياسي والاقتصادي. وجميع هذه الدول لم تجد مخرجاً لعجزها إلا مع ظهور الأمم المتحدة حيث تمتعت (هذه الدول) بحق المساواة القانونية التي فرضتها قواعد القانون الدولي، وما خلفته الأحلاف العسكرية والأمنية والاقتصادية.

أهميّة الدراسة:
          لما أن تكاثرت الدول الصغيرة في عالمنا الحاضر، وغدت تمثل ثقلاً ووزناً ملحوظين على المستوى الدولي، يصبح من الأهميّة بمكان الالتفات إلى هذه الحقيقة، ومن ثم  دراستها من حيث وجودها، ومن حيث تأثيرها على طبيعةالقرار الدولي. ولنا من جولة فلمبان الفرنسي والمندوب الألماني اللذين جابا الدول الصغيرة التي كانت أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن عشية بحث قضية الهجوم على العراق عام 2003، خير مثل على ذلك. هذا بالإضافة إلى تولّد فكرة إقامة التحالفات وإنشاء المنظمات بين الدول الصغيرة لبناء مواقع قوّة تستطيع معها أن تحافظ على نفسها وتحمي مصالحها، خاصة وأن عدداً لا بأس به من هذه الدول يملك من الموارد ما يجعلها قادرة على لعب دور مؤثر على الساحة الدولية، وذلك بعد أن أصبحت هدفاً منشوداً من قبل الدول الكبرى.

أهداف الدراسة:
          تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق:
1- الأهداف العلمية:
          تسعى هذه الدراسة إلى الإحاطة بمفهوم الدولة الصغيرة من حيث أوزانها وحجومها، ومن ثم  معرفة المنطق الذي يحكمها، واختيار الفروض العلمية المتعلقة بتفسير صلاحيّة استيعابها لمكوّنات مصطلح الدولة الحديثة ودورها في الفعل الدولي.
          كما تهدف هذه الدراسة إلى جمع المزيد من البيانات والمعلومات ووضعها في إطار علمي يثري المعرفة الإنسانية، واستظهار الاستراتيجيّات التي تتبعها الأنظمة السياسية في الدولة الصغيرة.
2- الأهداف العملية:
          تعد دراسة الدولة الصغيرة من الموضوعات التي تم تناولها بشكل متواضع، خاصة إذا ما كانت الدولة محشورة في محيط يغلب عليه الصراع.
          ويمكن أن تساهم هذه الدراسة في تقديم تصور للمهتمين في مناقشة قضية الأنظمة السياسية، ومناهج عملها، وذلك في محاولة للإضاءة على بعض المستجدات الدولية وانعكاسات مضامينها على مضامين الدولة الصغيرة النامية، الأمر الذي يفرض على هذه الدول إعادة ترتيب أولوياتها بما يقلّص من سلبيات تلك الانعكاسات ويعظّم مكاسبها وأدوارها.

مشكلة الدراسة:
          تكمن مشكلة هذه الدراسة في أن الدولة الصغيرة أصبحت تسعى بقوّة للبحث عن دور على الخارطة السياسية الدوليّة، علماً بأن معظم هذه الدول قد مرّت بسلسلة طويلة من التجارب الاستعمارية خاصة في آسيا (الشرق الأوسط خاصة) وفي أفريقيا وأمريكا اللاتينيّة. كما تكمن مشكلة البحث في أن معظم الدراسات قد جاءت من الغرب الأوروبي ومن أمريكا، الأمر الذي وسمها بعدم الدقّة والموضوعية كونها دراسات ارتكزت على نماذج الدول الصغرى في فلك دولي واحد.

فرضية الدراسة:
          إن الظروف الدولية قد أسقطت كثيراً من المعايير التي كانت تفرض نفسها على عملية تصنيف الدول ومن ذلك المساحة وعدد السكان والموقع الجغرافي، مما كان يجعل من الدويلات الصغيرة ظاهرة غير صحيّة وغير منطقيّة لأنها غير قادرة على البقاء اعتماداً على قدرتها الذاتية.
لذلك فإن الباحث سيعتمد فرضية تقول "إن علمية تصنيف الدول بين صغيرة وكبيرة يقوم في الأساس على مجموعة من المعايير، وكلما اختلفت هذه المعايير كلما اختلف التصنيف". أما الفرضيات الفرعية فهي:
يؤثر المستوى الاقتصادي على مركز الدولة الصغيرة.
يلعب الموقع الجغرافي دوراً في صياغة مركز الدولة الصغيرة.
تميل الدول الصغيرة إلى الانخراط في تحالفات دولية لتعزيز قوتها، وعليه فإن الدولة الصغيرة تستجيب للقيود الخارجية أكثر من الدول الكبيرة.

أسئلة الدراسة:
          لفحص هذه الفرضية فإن الباحث سيحاول الإجابة عن الأسئلة الآتية:
1- هل وقع تحول واضح في مفهوم الدولة الحديثة؟
2- ما هي المعايير والقياسات التي أصبحت تحكم مفهوم الدولة الصغيرة ومفهوم الدولة الكبيرة؟ وهل تصدرت دول صغيرة المشهد الدولي بينما انكمشت دول كبرى؟
3- هل ما زالت الدولة الكبيرة حسب المعايير القديمة قادرة على البقاء في موقعها، ومن ثم  هل استطاعت الدولة الصغيرة أن تفرض نفسها على مقدرات القرارات الدوليّة؟
4-  ما هي الخطوات التي انتهجتها الدول الصغرى في سبيل إثبات وجودها؟

منهجية الدراسة:
          يرى الباحث، أن عليه في سبيل الوصول إلى النتائج ومن ثم  فحص الفرضية، أن يعتمد مفهوم "القوّة" في دراسته، ومفهوم العلاقات الدولية، ومفهوم الدور.
          وتنفيذاً لذلك سيأخذ الباحث بالمنهج الوصفي التحليلي، ويقتضي ذلك الاستعانة بمراجعة الأدبيات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تناولت الموضوع، كالكتب والدوريات والدراسات.
          كما سيأخذ الباحث بمنهج دراسة الحالة التفسيرية كأحد وجوه المنهجية المقارنة، وذلك بإعادة تفسير الأوضاع القائمة، استناداً على العناصر المسؤولة عن تشكّلها، انطلاقاً من الربط بين متغيّرين أو أكثر كما شرحها بيري وروبرتسون (شلبي، 2008؛ Perry and Robertson, 2002).

الدراسات السابقة:
          لقد تعرض مجموعة من الكتاب والباحثين والدارسين إلى هذه القضية، متوافقين على أن ظاهرة الدولة الصغيرة قد بدأت تمثل حقيقة دولية. وفي معالجتهم العلمية فقد ذكروا أن أي بحث لا بد وأن يركز على مجموعة من المحددات منها؛ مفهوم الدولة الحديثة، ومفهوم القوّة، ومكوّنات هذه القوّة، واستعراض بعض النتائج، ومن هؤلاء:
1- دراسة الدكتور محمد شلبي (2008) بعنوان، "السياسة الخارجيّة للدول الصغيرة: الأردن وعملية تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي (1979-1994)، حيث تناول تعريف السياسة الخارجية وأهدافها، والسياسة الخارجيّة للدول الصغيرة النامية، ثم شرع في دراسة السياسة الخارجيّة الأردنية كحالة دراسة. كما استعرض تعريف الدولة الصغيرة من ثلاثة مناظير اعتمد أولها المعيار الكلي، وثانيها منظار الإدراك النفسي، وثالثها منظار الاعتبارات السلوكيّة.
واستخلص مجموعة من الشواهد المتعلقة بالفرضية التي انطلق منها والتي تناولت تأثيرات القيود الإقليمية والدولية والداخلية على عملية تصنيف الدول.
2- دراسة جين – مارك ريكلي Jean – Mac Rickli بعنوان:
European small states' military policies after the cold war: from territorial to niche strategies.
          لقد ركزت هذه الدراسة على تقييم سياسات الدول الأوروبية الصغيرة بعد الحرب الباردة. ولذلك دارت في معظمها حول المنحى الأمني في سياسات هذه الدول، وحول طموحاتها وإمكاناتها.
3- دراسة Baldur Thorhallsson and Anders Wivel بعنوان:
Small States of European Union: What do we know and would we like to know?
          لقد تحدثت هذه الدراسة عن الدولة الصغيرة في المجموعة الأوروبية والمتطلبات التي واجهتها في سبيل بناء سياساتها. كما ألمح الباحثان إلى صعوبة الوصول إلى تعريف دقيق لمفهوم الدولة الصغيرة، لذلك أكدا على أن دراستهما تحوم حول الإجابة عن ثلاثة أسئلة. ما هي الدولة الصغيرة في الاتحاد الأوروبي؟ كيف يمكن أن نفسّر سلوكيات الدولة الصغيرة الأوروبية ؟ ما مدى تأثير هذه الدول على الاتحاد؟
4- دراسة Christopher Easter بعنوان:
Small States Development: A Commonwealth Vulnerability Index.
          وقد ركزت على محددات الدولة الصغيرة في مجموعة الكومنويلث، وعلى رأس ذلك حجم الإنتاج الداخلي لهذه الدول، وما هو الدور الذي تلعبه هذه الدول في صياغة المنهج الاقتصادي الدولي.

5- دراسة Christin Ingebritsen (et al) (ed) بعنوان:
Small States in International Relations.
          تحدثت هذه الدراسة عن موقع الدولة الصغيرة في النظام الدولي من حيث استخدام القدرة المتوفرة لديها. كما تناولت في فصل منها ظاهرة عدم المساواة بين الدول مع الاستشهاد في ذلك بالخلل في توازن القوى سواء داخل المجموعة الأوروبية أم في الأسواق الدولية.
6-  دراسة David Hirst بعنوان:
Beware of Small Countries: Lebanon the Battlefield of the Middle East.
          لقد تناول الباحث لبنان كدولة صغيرة مؤثرة في الحالة الشرق أوسطية. ومن خلال حديثة عن جوانب القوّة في الدولة الصغيرة تحدث عن الدور الذي لعبته وتلعبه لبنان في تشكيل خارطة الشرق الأوسط.
7-  دراسة Jean A. K. Hey بعنوان:
Small States in World Politics: Explaining Foreign Policy Behavior.
          تعتبر هذه الدراسة من الدراسات المفصليّة والمهمة في مسألة الدولة الصغيرة ودورها في السلوك الدولي. وتركز هذه الدراسة على السياسة الخارجيّة للدولة الصغيرة ومدى تأثيرها في سياسات الدول الأخرى. وبالتالي لا بد من قراءة إمكاناتها.
          بالرغم من أن الأدبيات السابقة قد غطّت قضية البحث في كثير من النواحي، إلا أنها قامت في مجملها من زاوية الرؤية الغربية، التي جاءت على خلفية المفهوم الغربي للدولة الصغيرة وقياساتها ومحدداتها، وكذلك القراءة المختلفة لمحددات دور الدولة.
          أما هذه الدراسة فستركز في جوهرها على المفهوم العام للدولة الصغيرة، ومدى تقبّلها للقيم والمحددات التي أغفلها المجتمع الدولي عندما تحدث عن تصنيف الدول بين صغيرة وكبيرة.

هيكلية البحث:
المبحث الأول: الإطار النظري.
المطلب الأول: مفهوم الدولة.
المطلب الثاني: مفهوم القوة في العلاقات الدولية.
المطلب الثالث: مفهوم الدور.
المبحث الثاني: الدولة الصغيرة.
المطلب الأول: مفهوم الدولة الصغيرة.
المطلب الثاني: تعريف الدولة الصغيرة.
المبحث الثالث: المعايير الدولية لتصنيف الدولة الصغيرة.
المطلب الأول: المعايير الاقتصادية.
المطلب الثاني: المعايير السياسية والاجتماعية.
المطلب الثالث: معيار التأثير الدولي.
المطلب الرابع: المعيار الأمني.
الخاتمة.
المراجع.


المبحث الأوّل: الإطار النظري
          تعتبر الدولة "الوجه الموضوعي" القائم في الفكر الإنساني كمعطى وجد منذ بداية التنظيم البشري الحديث، بحيث لم يعد الفرد يتساءل عن التجربة قدر تساؤله عن مستقبلها أو تطورها. إذ أن الدولة قد جاءت متزامنة مع الفرد والمجتمع، وذلك في سياق التساؤل عن وظائفها ووسائلها سواء في الظروف الزمانية أم المكانية تحافظ، بالضرورة، على محتواها ما دامت هي ظاهرة اجتماعية تحافظ، بالضرورة، عن محتواها ما دامت هي ظاهرة اجتماعية عامّة، في الوقت الذي يجيء فيه التفكير حول الدولة دائراً في محاور ثلاثة هي؛ الهدف والتطور والوظيفة. ومما لاحظه عبد الله المروي أن اختلاف المنطلق بين هذه المحاور يقود حتماً إلى تجاهل الأخذ بأحدها المحاور الأخرى وذلك تماهياً مع المقاربة الفلسفية (المروي، 1981).
          إن كل باحث يجد تفسه في مواجهة مجموعة من الإطلالات على مقاربة المفاهيم والنظريات التي تحدثت عن "الدولة"، وذلك في سياق الإجابة عن السؤال المركزي "ما هي الدولة؟". هذا السؤال الذي تعامل معه كل المفكرين الذين اشتغلوا بالعلوم السياسية والاجتماعية، وقد داروا في دراساتهم حول وضع "الهدف" داخل النطاق المحدد للدولة.
          ولتمكين الدراسة من الإحاطة بنظرية الدولة ودورها فسيتم تناولها من خلال ثلاثة مطالب:
          المطلب الأول: مفهوم الدولة.
          المطلب الثاني: مفهوم القوة في العلاقات الدولية.
          المطلب الثالث: مفهوم الدور.

المطلب الأول: مفهوم الدولة
          تعتبر الدولة أهم مؤسسة تتولى تسيير المجتمع وإدارة شؤونه عن طريق تنظيم علاقات أفراد المجتمع فيما بينهم، وعلاقاتهم مع السلطة. ويظهر ذلك في إقامة عدد من المؤسسات الإدارية والقانونية والسياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية التي تتوكل في تلبية احتياجات الأفراد بما يحفظ وجودهم. ويجب أن لا يغفلنا هذا عن الإقرار باستمرار غموض "ماهية" الدولة، النابع من تعقد الأدوار التي تلعبها الدولة والتناقضات التي ترافق ذلك، لأن العقبة ستقوم حول التساؤلات القائلة: هل يقتصر دور الدولة حول عملية التنظيم فقط؟ وهل يمكن أن ينحصر الأمر في "حياة الدولة"؟ وأخيراً كيف يكون وجود الدولة مشروعاً؟ (www.lycee.com).
          مما لا شك فيه أن فكرة "الدولة" ترتبط بفكرة "السلطة" بشكل عام، بالرغم من شمول الأولى على الثانية، وبالرغم من قدم فكرة الدولة التي كان آخرها ظهور الدولة الحديثة وذلك مع نشوء الدولة القومية بعد معاهدة وستغاليا عام 1948، وفي هذا السياق جرى تعريف الدولة بأنها فكرة مجردة، ولكن لها فوائدها ومخاطرها، إلا أن تعريفها قد وقع ضمن إستراتيجيتين؛ الوظيفية والتنظيميّة. أما الأولى فإنها تعتبر الدولة مجموعة من المؤسسات الحكوميّة تقوم بوضع القوانين وتتوكل في عملية الضبط والتوجيه والتنظيم. وهنا يمكن القول بأن الدولة في تعريفها التنظيمي ليست عنصراً جوهرياً ملازماً للمجتمع البشري، وعليه فقد ذكر علماء الأنثروبولوجيا أن هناك بعض المجتمعات التي لم تشهد ظاهرة "الدولة" من أمثال الأنظمة القبليّة المجزّأة، أو التجمعات الصغيرة المنعزلة؛ التي يتم فيها وضع القواعد واتخاذ القرارات بصورة جماعيّة، أو من خلال التفاوض الضمني، دون ضرورة لاقتصار الحكم على مجموعة أشخاص معينين. وغالباً ما يكون الأساس الذي تقوم عليه هذه القواعد تقليدياً أو دينيّاً.
          ومهما ذهب بنا التعريف فإن الدولة الحديثة هي طراز خاص جداً للحكم يتميز بخمس خصائص:
1-  أن الدولة هي مؤسسة، أو مجموعة مؤسسات منفصلة بشكل بيّن.
2- تتمتع الدولة بالسيادة، وهي صاحبة السلطة لمطلقة في كل ما يخص القانون والقواعد الملزمة المدعومة بالعقوبات التي تحفظها حقيقة الاحتكار الرسمي للقوّة.
3-  تمتد سيادة الدولة لتشمل كل الأفراد.
4-  تقوم الدولة بالإشراف على العاملين في مؤسساتها وهي موكلّة بتدريبهم.
5- الدولة هي صاحبة الولاية في جميع الإيرادات.
وبالرغم من كل ذلك فإن هذه الخصائص هي أفكار مجردة لذلك فهي عصيّة على التطبيق المتساوي في كل البلدان، وكل ما يمكن الأخذ به أنها ميّزت بين الدولة التقليدية (ما قبل الحداثة) وبين الدولة الحديثة (Anderson, 1974).
          أما التعريف الوظيفي للدولة فيمكن أن يأخذ شكلين أولهما مبني على المقاربة القائمة على أن الدولة كائن قبل الدولة (ex ante)، وعليه تعرّف الدولة بأنها مجموعة من المؤسسات التي تنفذ أهدافاً وأغراضاً معيّنة. وهذا يعني أن أية مؤسسة تتداخل أهدافها أو غاياتها مع وظائف الدولة تصبح جزءاً منها. وثانيهما ما هو مبني على ما هو كائن بعد الدولة (ex post)، بحيث تعرّف الدولة، تماهياً مع هذه المقاربة، انطلاقاً مما ينجم عنها من تبعات كالمحافظة على النظام الاجتماعي، على سبيل المثال. وهنا تصبح الدولة رديفاً وصنواً لتلك المؤسسات أو السلوكيات التي من شأنها تحقيق الاستقرار(Anderson, 1974).
          ولكي لا ننساق كثيراً داخل تفصيلات المراحل التي مرّت بها الدولة، ومن ثم  الولوج إلى مفهوم "القوة"، فإن الباحث سيذهب إلى ما جرى تصوره بأن الدولة هي خلاصة لعلاقات القوّة القائمة في المجتمعين الداخلي والخارجي، مع الالتفات إلى قول بعض الأيديولوجيات التي ترى بضرورة تحطيم الدولة، ومن ذلك ما ذهبت إليه الحركات الفوضوية والماركسيّة التي ادّعت بسموها فوق الدولة وتجاوزها.
          إلا أن من الضرورة بمكان تناول التعريف الأساسي للدولة والقائل بأن الدولة هي "جماعة من الناس يعيشون بصورة دائمة فوق إقليم جغرافي محدد ويخضعون لسلطة سياسية معينّة" (عبد الله، 1985، ص19). إلا أن الأدبيات الحديثة قد أضافت إلى هذين العنصرين؛ عنصر سيادة السلطة وعنصر الاعتراف الدولي. كما أضافت هذه الأدبيات قولها أن لا اشتراط لمساحة الدولة أو عدد سكانها، إلا أن اشتراط السلطة ذات السيادة والاعتراف الدولي هما الأساسان اللذان يجب توفرهما حتى تستكمل الدولة وجودها الفعلي، وحتى تتمكن من مباشرة حقوقها وإقامة علاقات مع المجتمع الدولي. وفي حدود العناصر الثلاثة الأولى تتساوى الدول إما في العنصرين الباقيين فيقع التمايز بين الدول، من حيث حجومها الفعلية، فتصنف الدول بين ناقصة السيادة أو كاملتها، وبين الاعتراف بفعلها على المستوى الدولي.
          وهنا ندرك أن الدولة هي جهة سياديّة وحصرية لتمثيل أفراد المجتمع كافة. وهي الشخصيّة المعنوية التي تفرض سيادتها على الأرض (الربيعي، 2008) وتشرف على توزيع القيم السلطوية فيها، ومع ذلك فهناك من يذهب إلى عدم الاعتراف بالشخصية القانونية للدولة، وعلى رأسهم L.Duguit  الذي ينكر فكرة الشخصية المعنوية من أساسها، انطلاقاً من نظريته الشهيرة في التضامن الاجتماعي (بدوي، 1970؛ ليله، 1967-1968). كما رفض فريق آخر وفي مقدمتهم G.Scelle الذي رفض الشخصية الافتراضية للدولة، وقال إنها مجرد جهاز من المرافق يعمل في خدمة الجماعة (بدوي، 1970؛ ليله، 1967-1968). ومع ذلك فقد استقر الفقه السياسي على أن الدولة هي منطلق السلطات كافة، وهي التي تدير شؤون مؤسساتها المختلفة، مع إقراره بأنه ليس هناك مفهوم محدد وشامل للدولة صالح لجميع المراحل التاريخية التي مرّت بها، خاصة وأن الأنظمة السياسية قد جهدت لتحجيم المفهوم لخدمة توجهاتها الفكرية. إلا أن تحديد هذا المفهوم في ثلاثة أطر طبقي فسّر الدولة بإخضاع تعريفاً إلى الفكر من الناحية الذاتيّة، أي خضوع الطبقات الاجتماعية إلى طبقة محددة وذلك لتحقيق مبدأ العدل. وقد عرّف (لينين) الدولة بأنها "هيمنة طبقة على أخرى بقوة القانون". أما الثاني فقد فسّر الدولة في إطار سياسي حقوقي قائم على الفكر والمصلحة يحدده الحقوقي ويضع شروطه السياسي. وذهب الثالث إلى التفسير الأخلاقي. فقد عرّف (دوركيم) الدولة بأنها "النظام المسؤول أساساً عن حماية الحقوق الفردية ويمتد نطاقها ليشمل الحقوق الأخلاقية وتقسيم العمل".
          تطور مفهوم الدولة ومهامها مع الزمن نتيجة لتعدد المخاضات السياسية والتحولات الاجتماعية الكبيرة وتطور مستوى الوعي لدى الأفراد، فأصبحت الدولة "ضرورة وحاجة" وشخصية حقوقية ومعنوية، وبدونها لا يمكن تحقق هوية الفرد خارج حدود الوطن. وعندها تصبح الدولة هي المرجعية القانونية على المستوى العام.
          وكلما كانت الدولة قوية ومكتسبة للشرعية الوطنية والدولية، كلما اكتسبت شخصية مواطنيها الاحترام والاعتراف بها على المستوى الدولي (الربيعي، 2008).

المطلب الثاني: مفهوم القوة في العلاقات الدولية.
          إن مفهوم القوّة (Power) هي ببساطة القدرة على التأثير على الآخرين وإخضاعهم لإدارة القوى الفاعلة في أي موقف اجتماعي كان أم سياسياً أم اقتصادياً أم ثقافياً.
          وتعتبر قوّة الدولة من العوامل التي يعلّق عليها أهمية خاصة في ميدان العلاقات الدولية، وذلك لأن هذه القوّة هي التي ترسم أبعاد الدور الذي تقوم به الدولة في المجتمع الدولي، وهي التي تحدد إطار علاقاتها بالأطراف الخارجيّة في البيئة الدولية (مقلد، 1987). ولا يعني هذا أن الدولة القوية التي تسيّر الأمور وفقاً لمصالحها واستراتيجيّاتها هي دولة سيئة أو فاسدة، فالسوء والفساد والأنانية أمور مستقلة عن مفهوم القوّة، خاصة وأن هذا المفهوم قد تجاوز في مضمونه الفكري المعنى العسكري الشائع إلى مضمون حضاري أوسع ليشمل القوة السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية والثقافية والتقنيّة. إلا أن توفر مقوّمات القوّة هذه لا يكتسب وزناً وتأثيراً بمجرد التحصّل عليه، وإنما يرتبط هذا الوزن والتأثير بالقدرة على استخدام ذلك في تمكين الدولة من التدخل الواعي لتحويل مصادر القوّة المتاحة إلى طاقة مؤثرة وسلاح فعال. فالقوة (strength) هي مجرد امتلاك مصادر القوّة كالموارد والقدرات الاقتصادية وحسن إدارتها، والمُكنة العسكرية والسكانيّة وغيرها. أما القدرة (power) فتنصرف إلى إمكانية تحويل هذه المصادر إلى عنصر ضغط وتأثير في إرادات الآخرين (شناكو، 2010).

تعريف القوة:
          لقد عرّف اللغويون القوة بأنها ضد الضعف، وهي تمكن الإنسان من أداء الأعمال الشاقّة. وتأتي القوّة بمعنى الجد في الأمر وصدق العزيمة.
          والقوّة هي إحدى المفردات التي توقف عندها كل المفكرين، وذهبوا إلى أن معناها هو القدرة على الفعل والاستطاعة، وعلى التأثير والنفوذ والسلطة (الصابوني، 1996).
          أما اصطلاحاً فقد عرّف علم الاجتماع القوة بأنها القدرة على إحداث أمر معيّن مؤثر في سلوك الآخرين. وفي رأي (كارل فريدريك) أن القوة هي "القدرة على إنشاء علاقة تبعية". والقوّة هنا لا تأتي مرادفة لمفهوم التسلّط فقط، ولكنها تتضمن أيضاً القدرة على الاستمالة والنفوذ لدى الآخرين. ويرى (فريدريك) أنه بالاستخدام الماهر والذكي للقوّة يتمكن الطرف (أ) من أن يجعل الطرف (ب) بفعل ما يريد دون قهر أو إرغام ويمكن تحويل القهر إلى اتفاق وتزامن كنفوذ جماعات الضغط في المجتمعات المتحضرة. أما (سبيكمان) فيرى أن القوّة تعني البقاء على قيد الحياة، وقدرة الفرد على فرض إرادته على الآخرين، والمقدرة أيضاً على إملاء هذه الإرادة على أولئك الذين لا قوّة لهم، وإمكانية إجبار الآخرين ذوي القوّة الأقل على تقديم تنازلات (هيئة البحوث العسكرية، 1990).
          أما (ميكافيللي وهوبر ومورغنثاو) فقد قالوا بأن القوّة هي الوسيلة والغاية النهائية التي تعمل الدولة للوصول إليها في مجالات العلاقات الدوليّة. في حين بلور علماء الجيوبولتيكا مفهوم القوّة بأنه مرادف لمفهوم السيطرة، ومنهم (راتزل) الذي رأى بأن الدولة هي كائن حي يحتاج إلى النمو والتطور حتى لو كان عن طريق القوّة (لايدر، 1981).
          ويعتبر علماء السياسة أن مفهوم القوّة هو المفهوم الرئيسي، ليس في علم السياسة فقط، ولكن في العلوم الاجتماعية كلها. وأن السياسة ترتبط بشكل وثيق مع القوّة. وقد ذهبوا في ثلاثة اتجاهات؛ الأوّل عرّف القوة بأنها القدرة على التأثير في الغير، وعلى حملهم على التصرف بطريقة تشكيل إضافة إلى مصالح مالك القوّة. أما الثاني فقد عرّف القوّة بأنها المشاركة الفعّالة في صنع القرارات المهمة في المجتمع الدولي. بينما ذهب الاتجاه الثالث إلى الجمع بين الاتجاهين السابقين، وعرّف القوّة بأنها التحكم والسيطرة المباشرة أو غير المباشرة لشخص معين أو مجموعة معينة أو دولة ما على أوجه إثارة القضايا السياسية العامّة، أو على عملية توزيع القيم (لايدر، 1981).

          أما كلية الحرب الأمريكية فقد عرّفت مفهوم القوّة القوميّة للدولة بأنها الإمكانية أو القدرة التي تمكن مستخدمها (الدولة) من الوصول إلى أهدافها القوميّة في الصراع الدولي، أي أنها هي الطاقة العامّة للدولة التي تسهّل السيطرة على تصرفات الآخرين والتحكم بها (ربيع ومقلد، 1993). وفي تحليل استخدامات القوّة في الفكر الاستراتيجي فإن ذلك يتم عند استخدام أدوات القوّة العسكرية أو الأدوات الاقتصادية أو العمل الدبلوماسي في القرارات السياسيّة. وتتركز مهام المسؤولية عن كل أداة في تحديد الكيفية التي يتم بها استخدام هذه الأدوات لتحقيق الأهداف، خاصة فيما يتعلق بالقرارات الكبرى.
          ولعل أخطر ما يمكن أن يكون مطروحاً بشأن استراتيجيّات استخدام القوة هو ما يشار إليه نظرياً دون أن يكون قائماً عملياً. وعندما تجتمع عوامل القوّة والقدرة، فإن الفعل (السلوك) سيكون أكثر تأثيراً في الطرف المقابل؛ والعكس صحيح. وهنا لا بد من إدراك أن الذي يحقق هذا التوازن هو "صانع القرار" (العمري، 2010).
          لم تحدد الفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة ما إذا كانت "القوة" التي تشير إليها هي القوّة المسلحة أو أي نوع آخر من القوة. ومع ذلك فإن البعض قد رأى أن المقصود بالقوّة هي القوّة المسلحة وذلك بالرجوع إلى عبارة القوّة المسلحة الواردة في ديباجة الميثاق (سكافي، 2009).
          لقد شهد مفهوم القوّة في العلاقات الدولية خلال الحرب الباردة وما بعدها حزمة من التغيرات، خاصة ما تعلّق منها بمفهوم الأمن. وفي هذا السياق يمكن التمييز بين مستويين من التغيّر؛ مستوى خاص بالعناصر المكوّنة للقوة والأشكال المختلفة التي تتخذها القوة. والمستوى الثاني خاص بالطرف الذي يملك القوّة (مقبل، digital.ahram.org.ed)، خاصة وأن هناك فاعلين عن غير الدولة قد أصبحوا يملكون بعض مصادر القوّة ذات التأثير في العلاقات الدولية.
مصادر القوّة:
          تعتبر مصادر القوّة وعناصرها ذات أهمية قصوى كونها تمثل العامل الأساسي في تحديد وزن الدولة ضمن هيكل القوة العالمي. فعلى الرغم من الدور الحيوي الذي تلعبه بعض القدرات المحددة (العسكرية والاقتصادية والتقنية وغيرها)، إلا أن عدم استناد تلك القدرات على موارد كبيرة وحسن إدارتها، يحد من تأثيرها على المستوى العام.
          إن تصنيف الدول إلى قوى عظمى وقوى كبرى، ودول متوسطة ودول صغيرة يرتكز، عادة، على أسس القوّة ذات الطبيعة الثابتة نسبياً. فانهيار الاتحاد السوفياتي هبط بالدولة الورثية (روسيا الاتحادية) من مصاف الدول العظمى إلى موانع الدولة الكبرى، رغم امتلاكها قوّة عسكرية، وكذلك فإن امتلاك كلٍ من الهند وباكستان للسلاح النووي، إلا أن ذلك لم يحوّلهما من دول متوسطة القوّة إلى قوى كبرى، وحيازة بعض دول جنوب شرق آسيا والخليج العربي لقدرات اقتصادية ومالية كبيرة لم يؤد إلى تعديل أوضاعها في هيكل القوّة العالمية (الموسوعة الجغرافية، المجلة الجغرافية؛ حسين، 1992).
          إن حصر عناصر القوّة لأية دولة يبدو أمراً معقداً إن لم يكن مستحيلاً، إذ أن قوّة الدولة وقدرتها على لعب دور مؤثر ومن ثم  جعلها دولة كبيرة نابع في الأصل من مجموع العناصر الأساسية وما يتفرع عنها، من مثل:
1- الأرض التي تمثل جانباً هاماً في تمكين الدولة ونعني بالأرض هنا:
أ- الموقع الجغرافي، فثمة دول تحتل مواقع استراتيجيّة متميزة على خريطة العالم مثل بنما وتركيا واليمن ومصر وإيران، بينما تقع دول أخرى في مواقع معزولة، ولعل المدرسة الجغرافية والأمريكية وعلى رأسها (الفرد ماهان ونيكولاس سبيكمان)، قد قدما أبحاثاً قيمة في هذا المجال.
          ويقول (ماهان) إن القوّة البحرية هي أساس قوّة الدولة، وأن أية دولة تريد السيطرة على العالم يجب أن تتحكم في (تملك) قوّة بحرية كبيرة، تمكنها من السيطرة على البحار. وقد ذهب إلى الإيمان بأن "الدولة البحرية" هي التي ستسود العالم في النهاية. وحتى يضع النظرية في سياقها التطبيقي فقد وضع ستة عوامل عدّها هي الأساس في تكوين القوّة البحرية للدول وهي:
1-    الموقع الجغرافي (الإطلال على بحار مفتوحة).
2-    شكل الساحل وامتداده.
3-    خصائص الظهير القاري (يجب أن يكون غنياً بالموارد).
4-    الصفات القومية للشعب.
5-    شخصية الحكومة وسياستها.
6-    عدد السكان  (www.arabgeograghers.net )
قبل (ماهان) كانت السيادة العالمية للقوة البرية التي تمتد في مساحات شاسعة مثل الإمبراطورية الرومانية والروسية، إلا أن (ماهان) رأى أن القوى البحرية هي التي تقرر الدولة القوية التي ستسود العالم. ويؤكد (ماهان) أن أوراسيا هي أهم جزء في العالم الشمالي، وبالرغم أن روسيا تحتل موقعاً برياً مسيطراً في آسيا إلا أنها تبقى كتلة أرضية حبيسة، وعليه   فإن (ماهان) يرى أن وجود دولة بحرية قوية بإمكانها بسط السيطرة على البحار، الأمر الذي يعزز حظوظها في السيطرة العالمية (Khechib, 2011).
          أما (سبيكمان) فقد رأى في الهلال الهامشي الذي يحيط بالهارتلاند عند (ماكندر) مفتاحاً للسياسة العالمية ومن ثم  تحديد الدولة الكبيرة. وقد أطلق على هذه الأراضي اسم "الإطار" (Rimland) أو (الحافّة) التي تضم أوروبا الغربية والشرق الأوسط والهند وجنوب شرق آسيا والصين. ويتمتع هذا الإطار بكثرة السكان ومصادر ثروة هائلة بالإضافة إلى كونه يقع على بحار واسعة. وعليه قال إن من يحكم (الإطار) يحكم أوراسيا ومن يحكم أوراسيا يتحكم بمصير العالم (www.arabgeograghers.net).
          وجاء بعد ذلك (جون ميرشايمر) الذي أكد بأنها، مع ارتكازها الكبير على التنافس الأمني والحرب بين القوى الكبرى، فقد هيمنت الواقعية على دراسات العلاقات الدولية طيلة الخمسين سنة الماضية. وقد برزت هنا إسهامات (هانزمورغانتو) في كتابه "السياسة بين الأمم" (وكينيث والتز) في كتابه "نظرية السياسة الدولية".
          وبالرغم من ذلك فقد اعتقد الأمريكيون والأوروبيون بأن للواقعية مستقبلاً مظلماً وغامضاً، كونها قديمة التفكير، وغير وثيقة الصلة تماماً مع الواقع السياسي للعالم.. وبالتالي فإن الواقعية التي ساعدت على فهم كيفية تفاعل الدول مع بعضها البعض قبل عام 1990 لم تعد مفيدة لإنهاء الحرب الباردة. ونتيجة لذلك فقد برزت نظريات جديدة مثل السلوكية وما بعد السلوكية والحداثة وما بعد الحداثة كمساعد هام في تكوين فهم جديد للسياسة الدولية في القرن الحادي والعشرين، الأمر الذي يفيد في تحديد الدولة الكبيرة وتلك الصغيرة.
          وفي سبيل تفسير رؤياه يقول (والتز) إن هناك ثلاثة مستويات (نظريات) لتحليل ظواهر القوة في العلاقات الدولية؛ مستوى "صناع القرار" ومستوى "البناء السياسي" الداخلي للدولة، والدور الذي تؤديه المؤسسات المحلية، وتركيبة النظام السياسي، وأخيراً مستوى النظام الدولي واختلاف توزيع القدرات بين الدول. وهنا يشير إلى أن الحرب (استعراض القوة واستخدامها) تقوم بسبب تأثير السلوك البشري، ولذلك طالب بضرورة التحكم في سلوك البشر بدلاً من تقويته، أي أن إصلاح الطبيعة البشرية يؤدي إلى تغيير بؤر التركيز بعيداً عن الحرب (Waltz, 1959).
          ويؤكد (والتز) أيضاً أن إزالة عيوب الدول (إصلاح مؤسساتها) تضع أسس السلام وقواعده، وهذا يعني ضرورة تغيير سلوك الدول لتصحيح أفعالها الخارجية (أبو زيد، 2010).
          وبعدها جاء (جوزيف ناي) الذي أثار في مقالة له في مجلة السياسة الخارجية "أن العالم انتقل بعد الحرب الباردة من عصر سياسة القوة إلى عصر الجغرافيا الاقتصادية، وذلك بعد أن ترابطت السياسة مع الاقتصاد" (شايمر، 2011).
          وهكذا فقد تداول العلماء نظرية القوة في العلاقات الدولية، وبالتالي تصنيف الدول إلى صغيرة وكبيرة، وضعيفة وقويّة.
ب- المساحة إذ أن كثيراً من الاجتهادات قد ربطت بين مساحة الدولة وقوتها، ولكن مع بعض الاستثناءات.
ج- الموارد الطبيعية، فكلما توفّرت كلما ازدادت قوّة الدولة ومن ثم  تأثيرها على المستوى الدولي.
2- العنصر الديمغرافي.
          للعنصر البشري دوره في التأثير في قوّة الدولة ولكن بصور متباينة (عطوي، د.ت):
أ- التعداد، وهو الأبرز في تشكيل قوّة الدولة، لما يرتبط به من نسب النمو وقدرة الدولة على الاستيعاب وحجم الضغط على الموارد.
ب- توزيع السكان عمرياً وجغرافياً وما يتبع ذلك من مؤشرات للتنمية البشرية وتحويل القدرات إلى أدوات قابلة للصرف في مجال التأثير في الدول الأخرى، إلى جانب الدخول في محاور الاستقرار السياسي وأداء النظام السياسي ومؤشرات الوحدة الوطنية للدولة (حسين، www.Lebarmy.gov؛  French  & Raven, 1959).
3- الاقتصاد:
          وهو وسيلة هائلة الأهمية في بناء حجم الدولة التأثيري، وذلك بعد أن أصبح الاقتصاد محور عمليات تفاعل واسعة النطاق بين الدول، لا تؤثر فحسب، على رفاهية الشعوب وإنما على أمن الدول (Coomber, 1982) واستغلال قراراتها أيضاً.
4- القوّة العسكرية:
إن المهام التي أوكلتها الدول إلى القوّة العسكرية والنتائج التي ترتبت على ذلك جعلتها أكبر وسائل القوة وأضخمها. إذ أن فشل القوّة الاقتصادية قد يؤدي إلى الفقر والعوز، بينما يعني فشل القوة العسكرية الاحتلال وضياع السيادة وفقدان القدرة على صيانة الموارد وضعف مقومّات حماية الأفراد وبالتاي موت الدولة بالمفهوم الاجتماعي والقانوني والواقعي (Campbell and O'Hanlon, 2006).
5- القوة الاستخباراتية:
          وتعني قدرة الدولة على جمع المعلومات الخاصة بقدرات الأطراف الأخرى ونواياها وخططها وتحركاتها ذات العلاقة بمصالح هذه الدولة. وتتجاوز هذه القوة حدود الاستطلاع والتنصت وتجنيد العملاء والجواسيس إلى تنفيذ عمليات الاغتيال والاختطاف والتوريط والتهريب والاتجار بالسلاح. بل وربما تذهب هذه القوّة إلى مجالات أوسع لتشمل الصفقات الأمنية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجيّة (Keegan, 2004).
6- الوسائل الدبلوماسية:
          كون السفارات لم تعد تضم عدداً من الدبلوماسيين فقط، إنما ينضم إليها الملحقون التجاريون والثقافيون والإعلاميون والعسكريون وعناصر الاستخبارات، وهؤلاء كلهم يعملون في إطار أدوات القوّة في بلدانهم (حسين، www.Lebarmy.gov).

          واستناداً إلى كل ما سبق، فإن موازين القوة تقاس من خلال معادلات تحاول صهر المقوّمات الكلية لقوّة الدولة؛ مادية ومعنوية، ثابتة ومتغيّرة، وذلك للوصول إلى تقدير تقريبي لهذه القوّة، وذلك وفق عدّة مناهج لقياس القوّة من مثل الاستناد إلى العوامل المادّية التي يمكن قياسها مباشرة بمؤشرات كميّة (الدخل القومي، عدد السكان، حجم القوات المسلحة، معدات إنتاج الطاقة، الزراعة، الصناعة، التعدين، والأرض). ومن مثل الاستناد إلى محاولة الجمع بين العوامل الماديّة والعوامل المعنوية. كما أُدخلت مجموعة من المعايير من مثل الأخلاق القومية والقدرات الثقافية ونظام القيم والقدرات التنظيمية. وبالرغم من أن الأدبيات الاجتماعية قد أنكرت على هذه المعايير قدرتها على قياس قوّة الدولة إلا أنها أقرت بأنها يمكن أن تؤسس القاعدة التي ترتكز عليها عملية رصد قدرة الدولة على التأثير في غيرها (رجب، د.ت).

المطلب الثالث: نظرية الدور ومفهومه
          تهتم هذه النظرية بدراسة سلوك الدول بوصفها "أدواراً سياسيّة" تقوم بها على المسرح السياسي الدولي. وتوجه نظرية الدور في كثير من الأحيان الصورة المتشكلة في ذهنية النخب وصناع القرار. هذا بالإضافة إلى أن تشكيل الدور ناتج في الأساس عن نسق من العوامل والمحددات الموجهة لهذه النخب، وعلى رأسها الهوية الاجتماعية في الدول، والقيم السائدة بين أفرادها، وخصائصها القومية من الأيديولوجيا والتاريخ والقدرات السياسيّة والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ودراسة بنيتها وتركيبها السوسيولوجي. كل ذلك لأن الدور هو في الأساس "موقف واتجاه سياسي، ناتج عن منظار تتداخل في تشكيله جملة من المحددات الأساسية منها هوية المتجمع ووصفه السياسي والاجتماعي وبنيته والقيم السائدة فيه، ومدى استجابة الأفراد لهذه البنية في تدعيم الاستقرار السياسي للمجتمع والدولة" (Cambell, 1999).
          وبسبب اختلاف هذا المنظار تختلف أدوار الدول على المسرح السياسي العالمي، وتتمايز بعضها عن بعض تبعاً لمنظار كل واحدة منها للظواهر والحوادث السياسية المختلفة، إذ يعتبر منظار الدور The Role Perspective، الموجّه الأساسي لتشكيل مواقف الدول من القضايا العالمية، وادوار هذه الدول على الساحة الدولية، وتحديد الاتجاهات التي تتبعها النخب السياسية المسؤولة عن صناعة القرار السياسي فيها، عبر وضع إطار عام محدد لهذا السلوك. كما أن أداء الدور The Role Performance، يتشكل نتيجة لرؤية سياسية واضحة لمصالح الدولة وأهدافها الوطنية، في حدود ما توفره إمكاناتها والقدرات التي هي في حوزتها.
          ويعتبر تشكيل جوهر الدور The Role Essence العامل المحدد لمدى قدرة النخب في الدولة على توظيف قدراتها لتشكيل الدور وبناء إطاره وهيكله، وتعبر عن مدى نجاحها في إدراك دور دولتهم المتناسب مع تلك الإمكانات(Issam1982.maktoobblog.com).
          لقد درس المفكرون السياسيون من أمثار (جورج ميد) و(جوزيف مورينو) نظرية الدور من حيث ارتباطها بالطابع السلوكي والوظيفي الذي تقوم بها الدول لحل مشاكلها، تماماً كما يفعل الأفراد. كما قاموا بإضافة العوامل النفسية التي تتحكم بصانع القرار السياسي، لذلك أناطوا، في كثير من مقارباتهم، تشكيل الدور بكونه جملة من المواقف والسلوكيات السياسية التي تتخذها النخب السياسية المسؤولة عن إدارة الدولة داخلياً وخارجياً، حيث تقود هذه القرارات الصادرة عن الصور المتشكلة في أذهان صناع القرار إلى رسم دور الدولة وتشكيله. بينما ذهب آخرون إلى القول بأن الدور هو موقف وطني وعليه  فإن العبرة منه هي في نتائجه، والمكانة التي تحدد المواقف والمفاهيم الصادرة عن الدولة عبر أداء الدور (Cambell, 1999). أما المفكر (بروس بيدل) فيرى أن الدور يعبّر عن مجموعة من التصرفات والقرارات والسلوكيات الصادرة عن النخب السياسية والهيئات الرسمية في الدولة، والتي تحدد المواقف والمفاهيم الصادرة عنها عبر أداء الدور (Cambell, 1999). كما تبرز أهمية تحديد قدرة الدولة على إدراك نتائج قيامها بدور ما أو جملة أدوار معيّنة، بحسب قدرتها على إدراك الدور Cognitive Role وحساب نتائجه، والاستعداد للتعامل مع جميع الاحتمالات الناتجة عنه (Walker, 1987).
          وفي مقاربتنا للقيام بالدور فهناك ثلاثة أشكال رئيسية لدور الدولة وهي، تغيّر الدور Role Change وتطور الدور Role Evolution وصراع الدور Role Conflict.  وهنا من يضيف الدور المفرط The Role Overload، ويعني ذلك عدم تقديم أصحاب القرار فرصة لبناء أدوار عقلانية تحافظ على المصالح المتبادلة مع الطرف الآخر، وبالتالي يغلب على مواقف هذه الدول الطابع الراديكالي والغلو المفرط بشكل يصعّب عملية التفاهم وقيام التعاون. كما يضيفون "غموض الدور" The Role Ambignity عندما لا يفهم الدور نتيجة غموض شكله العام وطبيعته، بحيث يصعب على المحلللين والمراقبين تصنيفه. أما تشوّش الدور The Role Confusion فهو عندما يتحوّل الغموض إلى حالة متقدمة من الارتباك، الأمر الذي يضاعف من احتمالات الوقوع في الخطأ، سواء من هذه الدولة أم تجاهها.
          ونتيجة لاستخدام نظرية الدور فإنه أصبح بالإمكان توقع أدوار الدول، وذلك اعتماداً على تحليل المعطيات والبيانات حول المحددات المتوفرة لديها والتي تسمى مصادر الدور Role Sources ، وهذا يقود إلى تحديد الدور وتوصيفه The Role Perception (Walker, 1987).
          لقد برزت أهمية دراسة "عامل الشخصيّة" في إدارات الدول وأثرها في النظام الدولي، بعد الحرب العالمية الأولى، وذلك بعد أن ظهرت مجموعة من القيادات والزعامات (نابليون، بسمارك، لينين، هتلر، موسوليني، ستالين، ايزنهاور، شارل ويغول، ويلسون، تيتو، نهرو وغيرهم) التي أدت قراراتها إلى إحداث تغييرات كبيرة على الساحة الدولية وعلى العلاقات بين الدول، سواء كان ذلك سلباً أم إيجاباً. ومن هنا برزت إثراءات نظرية الدور في مجال دراسة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي، وعلم النفسي السياسي. وعليه فإن مجالات استخدام نظرية الدور في علم السياسة المعاصر تتضح من خلال مستويين من التحليل؛ أولهما يبحث الأدوار السياسية في إطار الانساق الإنسانية في داخل الوحدة السياسية (الدولة) وذلك عبر محور تحليل أدوار صانع القرار السياسي وعلاقته وتفاعلاته مع أبنية النسق، ومحور دراسة علاقات الأدوات وتوزيعاتها وتفاعلاتها بين أبنية هذا النسق، ومحور دراسة أثر التركيب الاجتماعي وانعكاساته على أداء الأدوار السياسية. أما المستوى الثاني فيبحث في الأدوار السياسية في إطار النسق السياسي الدولي. وقد بدأ التنظير لهذين المستويين في حقبة الستينيات من القرن العشرين عبر علم النفس السياسي واهتماماته الرئيسية بنظرية الدور. في حين جاء مجال نظرية الدور والسياسة العالمية متأخراً وبصورة بطيئة في حقية الثمانينيات من القرن الماضي، حيث ركز (الموندوباول) اهتماماته على دراسة علاقات الدوار وتوزيعها وتفاعلاتها في العملية السياسية، ودراسة أثر التركيب الاجتماعي على حركة العملية السياسية. في حين ركز (آلان اسحق) على أثر شخصية صانع القرار في أدائه لأدواره داخل النسق السياسي. بعد ذلك بدأ التنظير نحو بناء نظرية للدور السياسي. أما (جيمس روزناد) فقد تناول في دراسته سيناريوهات الدور في السياسة الخارجيّة، وركز في تحليلاته، متفقاً مع (جورج ميد) على أن دور الفرد أو الدولة لا يوجد من دون وجود الأدوار الأخرى (disam.maktoobblog.com).
          وهكذا فإن نظرية الدور تقوم في الأساس على وجود تفاعلات وتوجهات ونشاطات ورغبات وعلاقات تقوم الدولة بالالتزام بها في إطارها الإقليمي أو الدولي (Holsti, 1977).
          ويمكن اعتبار مفهوم الدور من منظور صانعي السياسات بالأطر العامة للقرارات التي تلائم دولهم. أما مفهوم الأدوار الوطنية فيرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتوجهات والقواعد الأساسية، ويعكس شكل الميل نحو العالم الخارجي.

المبحث الثاني: الدولة الصغيرة
          منذ أن برز مفهوم الدولة القومية بعد اتفاقية وستغاليا 1648 وموضوع التمييز بين الدول قائم، وقد مرّت هذه العملية بعدد من المراحل، بحيث أصبح التصنيف أمراً متحوّلاً تتحكم به المعطيات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجيّة، وأصبح هناك ما يعرف بالدولة الصغيرة وتلك المتوسطة والثالثة القوية وأخيراً الدولة العظمى.
          لقد تم تناول الدولة من منظارين؛ أولهما المقترب القانوني وهو الذي يساوي بين الدول من حيث سيادتها وحقها في البقاء وعدم السماح للآخرين بالتدخل في شؤونها الداخلية. وثانيهما، المقترب الواقعي الذي يرى أن الدول تتفاوت من حيث القدرات المتوفرة لديها، وبالتالي تتفاوت من حيث القدرات المتوفرة لديها، وبالتالي فإن هذه الإمكانات تتيح الفرصة أمام الدول للتأثير في الأطراف الأخرى.

المطلب الأول: مفهوم الدولة الصغيرة
          إن الإدعاء بعدم وجود تعريف عام ومقنع لمفهوم الدولة الصغيرة لا يعني بحال من الأحوال، عدم وجود هذه الدولة، مع الإقرار بوجود نقص في البيانات والشواهد والدراسات جعلت اختيارات الفروض والنظريات والمناهج والاقترانات أمراً صعباً، خاصة مع عودة تسيّد "الواقعية الجديدة" التي تحدثت عن مقدرات القوّة العسكرية والتكنولوجية والاقتصادية، والضغوط التي فرضت نفسها على القرارات العامّة للدولة التي خضعت لحسابات القيود النسقية التي قالت بأن السياسة العالمية قد دخلت في مدارات اتسمت في البناء الفوضوي الذي يؤثر بصورة مباشرة في سلوك وتصرفات الوحدات السياسية. وقد رأينا ذلك في نتائج بعض المستجدات الإقليمية والدولية التي ارتكزت على الصراعات غير المتكافئة التي نشبت بين الدول الكبيرة والدول الصغيرة من مثل الصراع الأمريكي – الفيتنامي، والصراع الأمريكي – العراقي، مما شكل تورطاً كبيراً للدولة الكبيرة في الكثير من القضايا الإقليمية، في وقت عانت فيه الدول الصغيرة من محدودية الموارد مما يجعلها قليلة التأثير، بل ومتراجعة في القدرة على الحفاظ على مصالحها، الأمر الذي فرض عليها إقامة تحالفات وتكتلات تحاول من خلالها خلق واقع جديد يمكنها من التحصل على القوة. وكان أول ذلك ما شهدناه في فترة الحرب الباردة حيث وُلدت منظومة دول عدم الانحياز، وانطلق مفهوم دول العالم الثالث التي تميّزت بتدني مجالها الصناعي ومواردها الماديّة، وضعف إنتاجها، وافتقارها للقدرات التكنولوجيّة بعد سيطرة المنتج الوحيد، كما جعلها مضطرة إلى الاستعانة بالخبرات الأجنبيّة وبالبنوك الدولية للاقتراض، وبالتالي تغوّل الشخصيات المتنفذة في مراكز الحكم كونها تمسك بقوّة بسلطة اتّخاذ القرار السياسي والعسكري والإعلامي والمالي. وقد سهّل لها هذا التحكم عملية اختلاس المال العام والفساد، خاصة وأن نظامها البنكي قد افتقر لقواعد السلوك الاقتصادي الذي سيطرت عليه أجهزة بيروقراطية استغلت مواقعها في التزوير والابتزاز والتلاعب والكسب غير المشروع، سهلها ضعف أجهزة المراقبة والمحاسبة.
          كما بحثت البلدان النامية، لتجاوز عجزها، عن صيغ جديدة تحررها من قيود التبعية؛ منها صيغة الحوار الجنوبي – الجنوبي، والتوقيع على اتفاقيات اقتصادية لإنشاء تجمعات إقليمية وشبه إقليمية تسعى لإقامة نظام اقتصادي دولي جديد، يمكّنها من بناء حوار شمالي – جنوبي يصحح الاختلالات الكبيرة بين عالم الشمال القوي وعالم الجنوب الضعيف.
          جاء ذلك كله في سياق صياغة مفهوم جديد "للدولة الصغيرة" و"الدولة الكبيرة" ليس على المستوى الإقليمي ولكن على المستوى العالمي أيضاً.

المطلب الثاني: تعريف الدولة الصغيرة:
          حتى نصل إلى تعريف مقبول ومقنع "للدولة الصغيرة" لا بد من الأخذ بمنهجيّة إجرائية بما تتضمنه من عمليات الملاحظات والقياس. ولتحقيق ذلك، وابتعاداً عن اللبس والغموض، ستُطرح أسئلة محددة منها ما المقصود بالدولة الصغيرة؟ وما هي صفاتها ومواصفاتها وسماتها؟ وهل تعني مقاربة مفهوم الدولة الصغيرة تحليل هذه الظاهرة، وبالتالي استخدام مناهج ونظريات خاصة بها، أم السماح للباحث في استخدام المناهج والنظريات التي تستخدم في دراسة "الدولة" بالمطلق؟
          يواجه الباحث، في التصدي لظاهرة الدولة الصغيرة، مجموعة من المصاعب منها كونها ظاهرة تتناول أبعاداً وحقائق اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية، إلى جانب تباين الزوايا والمداخل التي يسلكها الباحثون والتي تفرضها مفاهيمهم والتي تُستخدم بشكل تبادلي أحياناً ومستقل أحياناً أخرى، من مثل الدولة "المجهرية" والدولة "المتخلّفة" والدولة "الضعيفة" والدولة "الفقيرة" والدولة "حديثة الاستقلال" والدولة "الجنوبيّة" والدولة "العالمثلاثية". وقد جاء هذا التراكم بالمفاهيم أثر ذلك البروز الكثيف للدول الصغيرة بعد الحرب العالمية الثانية وبالتحديد في عقدي الخمسينات والستينات من القرن العشرين (شلبي، 2008؛ Calvert, 1986; Korany,1986 Thorhallsson and Wivel, 2006). ومن الملاحظ أن معظم هذه الدول، إنْ لم يكن كلها،  قد مرّت بالتجربة الاستعمارية. وبُعيد الحرب الباردة، برزت دول صغيرة جديدة ولدت بعد تفكك دول كبرى من مثل الاتحاد السوفيتي السابق ويوغسلافيا.
          وفي سياق مقاربة تعريف "الدولة الصغيرة" فقد تم انتهاج عدّة مناظير منها: منظار المعيار الكمّي الذي اعتمد حجم الدولة الإقليمي أو السكاني أو الناتج القومي الخام واستهلاك الطاقة أو الموارد. ومن أولئك الذين أخذوا بهذا المعيار ديفيد فيتل     David Vital الذي عرّف الدولة الصغيرة بأنها تلك التي يتراوح عدد سكانها بين 10 إلى 30 مليون نسمة. أما صمويل كوزنتس Samual Kuznets وغيره فقالوا بأن عدد السكان يكون بين خمس ملايين إلى 15 مليون نسمة (Bachr, 1975; Barston, 1971; Fauriol, 1984). أما الأمم المتحدة فقد عرّفت الدولة الصغيرة بأنها كيان صغير جداً في مساحتها، وعدد سكانها، ومواردها البشرية والاقتصادية (إبراهيم، 1982)، دون تحديد واضح لهذا الصِّغر أو الكِبّرْ.
          ومع كل ذلك فقد رفض آخرون أن يكون الحجم بأبعاده المتعددة، هو العنصر الحاسم في تصنيف الدولة كدولة صغيرة، معتمدين على أن هناك العديد من الدول صغيرة الحجم تميّزت بقدراتها التأثيرية الكبيرة على الساحة الدولية، ومن ذلك إسرائيل (Hey, 2003)، وقطر والأردن ولبنان والنروج والدنمارك وسويسرا، ومن هؤلاء المفكرين رادولف رومل Radolf Rummel وجاك سوير Jack Sawer  (Fauriol, 1984) وغيرهم، رغم أن هذا المقياس ظل تبادلياً مع مفهوم الصِّغر والقدرة.
          ويؤكد هؤلاء الدارسون على أن الإفراط في تبني الحجم كمعيار تفسيري رئيسي ووحيد بمعزل عن معايير المقاييس الأخرى يؤدي، بالضرورة، إلى الخروج بنتائج مضللة، ويضربون على ذلك مثلاً يقول كيف يمكن أن نضع سويسرا وزمبابوي في فئة واحدة حسب تصنيف فيتل Vital (Corany, 1986)،  بينما في الواقع هناك تبايناً واضحاً في حضورهما على المستوى الدولي (شلبي، 2008).
          وللخروج من هذه الضلالة، فقد اعتمد دارسون آخرون من مثل روبرت روثشتاين Rober Rothstien وروبرت كيوهن Robert Keohane العامل النفسي مختلطاً بالمعايير الموضوعية الأخرى، حيث عرّف الأوّل الدولة (القوة) الصغيرة على أنها تلك الدولة (القوّة) التي تقر بعجزها عن الحصول على الأمن بذاتها، لذلك فإنها تجد نفسها مضطرة، في سبيل تحقيق أمنها، إلى الاعتماد على مساعدة الآخرين (Hey, 2003).
          وهنا نرى أن روثشتاين Rothstien، وهو يميل بشدّة إلى الفاعل الأمني، أنه متأثر بالمدرسة الواقعية التي سادت نظريات العلاقات الدولية في تلك الفترة (شلبي،2008؛ معوّض، 1987؛ Rickli, 2008). ويستطرد في تركيزه على البعد الأمني، إلاّ أن هذه الدول الصغيرة غالباً ما تضحّي بكثير من مصالحها ومبادئها وقيمها في سبيل المحافظة على وجودها واستمرار بقائها، ولذلك نراها تنخرط في أي نسق دولي يكون مركزه الأمن. ومن هنا يبدي روثشتاين، من منظوره الإدراكي، أن تعريف الدولة الصغيرة يصدر من خلال الوضعيّة التي تحتلها من زاوية رؤياها الذاتية أو من زاوية رؤية الآخرين لها (Rothstine, 1977; ingebritsen et al., 2006; Barston, 1971).
          أما روبرت كيوهن Robert Keohane فيقول إن الدولة الصغيرة هي تلك الدولة ضعيفة التأثير أو معدومته في النسق الدولي. وهي، منفردة أو مجتمعة، لا تستطيع مواجهة أي تهديد أمني كبير بشكل جوهري دون الاعتماد على المساعدة الخارجيّة، لأنها في الأصل مستهلكة للأمن لا منتجة له (Barston, 1971). وهي بالتالي لا تشكل أي نوع من الخطر على الدول المجاورة لها (Hey, 2003؛ شلبي، 2008).
ولقد تعرّض هذا المعيار إلى النقد حيث قال آخرون، إن التركيز على القضية الأمنية كمحور رئيسي لتصنيف الدول هو أمر غير دقيق، إذ أن الأمن هو محط اهتمام جميع الدول حتى الكبير منها، وذلك تبعاً لحجم الأخطار ودرجاتها وأنواعها، التي يحدد التعامل معها الإمكانات المتاحة للدول من حيث طبيعتها والموقع الجغرافي الذي يفرض على الدولة أشكالاً محددة من التعامل مع هذه التهديدات، إضافة إلى سلوكيات المحيط الدولي المهيمن، ومكانة هذه الدولة أو تلك في هذا النسق، خاصة وأن الأوضاع الدولية، منذ زمن طويل، هي مطبوعة بالفوضى وتغليب قانون القوة، وخاصة أيضاً إذا ما أدركنا أن هناك حقيقتين متعارضتين تحكمان المجتمع الدولي وهما التوفيق بين تحسين الأمن القومي وبين تطوير التنمية الاقتصادية.
          ويضيف هؤلاء أن التجربة التاريخية قد أثبتت أن هناك العديد من الدول الصغيرة قد تصدت في مقاومة شرسة لدول هي أكبر منها بكثير، ومثال ذلك مقاومة الجزائر لفرنسا، وليبيا لإيطاليا، وفيتنام لأمريكا، ويوغسلافيا للاتحاد السوفياتي، وكوبا لأمريكا (Rosenau, 1990; Stremlau, 1982; Allouche, 1989؛ الشنفري، 1995)، وغزة لإسرائيل، وحزب الله لإسرائيل (وإن كانت الأخيرتين حركات وليست دولاً).
          ولما أن عجزت المحاولات السابقة عن تكوين معيار دقيق ومعتمد لتعريف الدولة الصغيرة، أخذ بعض الدارسين بمنظار الاعتبارات السلوكيّة، وقالوا بأن الدولة الصغيرة هي تلك الدول التي تكتفي بتحقيق عدد من الأهداف المتدنيّة، بحكم موقع جغرافي ضيّق وواقع وظيفي محدود، لا تجد من خلالهما أي سبيل يمكنها من استخدام أدوات دبلوماسية واسعة (الشنفري، 1995)، بالرغم من كونها وحدات وطنيّة مستقلة (Fauriol, 1984).
          وبالرغم من كل هذه الدفوعات إلا أن هذا المنظار قد عجز عن تحقيق الدقة العلمية الصارمة، إذ أن كثيراً من الدول الكبيرة قد تميزت بسلوك خارجي محدود التأثير، وفي المقابل هناك دول صغيرة قد حققت تأثيرات واضحة على الساحة الدولية (شلبي، 2008).
          وهكذا نصل إلى حقيقة واضحة تقول إن اعتماد معيار واحد لا يكفي لإنتاج تعريف دقيق وجامع ومانع لمفهوم الدولة الصغيرة، دون أن يتسم المفهوم بالكثير من اللبس والغموض والارتباك، الأمر الذي اضطر مايكل هندل Micheal Handel إلى تخصيص 56 صفحة من كتابه حول الدول الضعيفة لتعريف هذه الدولة. وبالرغم من هذا الجهد المضني إلا أنه خَلُصَ إلى القول باستحالة أية مجموعة من الدول أن تحتل تصنيفاً معيّناً في الترتيب الدولي في سياق عبارة تقريرية واحدة مختصة ودقيقة وأنيقة (Fauriol, 1984). إلا أن هذا الإنكار كلّه لا ينفي وجود دولة صغيرة وأخرى كبيرة، تحظيان باهتمام الدارسين على اختلاف وجهات نظرهم ومشاربهم ومناهجهم ومنطلقاتهم. ومع ذلك فإن الأمر لم يمنع فيورال Feural من اعتماد تعريف شامل يقول: "إن الدولة الصغيرة هي مجموعة من الدول ذات سيادة، لها حجم جغرافي محدود، وعدد من السكان متدني، وقدرات اقتصادية ضعيفة. وأن السياق الدولي يشير إليها بأنها وحدات دولية مستقلة لها أدوار سياسية واقتصادية متواضعة في الشؤون العالمية، لأنها عاجزة عن تطوير بدائل فاعلة" (Fauriol, 1984).

المبحث الثالث: المعايير الدولية لتصنيف الدولة الصغيرة.
          لقد تعددت المعايير الدولية في تصنيف الدولة الصغيرة، فمنها المعايير الاقتصادية والقوميّة، والسلوكيّة والبيئية، وتؤخذ بشكل إفرادي أحياناً وتبادلياً أحياناً أخرى. وهناك مجموعة ثالثة جاءت بغير ذلك، إذ ذهبت إلى الأخذ بمعايير الإدراك الذاتي والوزن الدولي. كما يذهب البعض إلى الركون إلى الموقع الجغرافي للدولة كونه مكوّناً مهماً إن أخذنا في سياق الموارد والفرص وهوامش الحركة السياسية المترتبة على ذلك (East, 1978; Coplin, 1980)، هذا إلى جانب معايير متلازمة مع الموقع الجغرافي منها الموارد الطبيعيّة والحدود والتشاطئ البحري، ومن ذلك ما قال به (ماهان) وعلماء الجغرافيا الآخرون. كما لم تغفل الدراسات معيار الأمن والمحافظة على البقاء اللذين تسعى الدولة الصغيرة جاهدة على تأمينهما، بالرغم مما يكلفها، في العادة، من جهد في إدارة هذه العملية.

المطلب الأول: المعايير الاقتصادية:
          تلعب العوامل الاقتصادية، توفرها أو شحّها، أدواراً هامة في تصنيف الدول، وذلك لأن هذه العوامل تعكس فرصاً أو تفرض قيوداً بالنسبة لقرار الدولة، الأمر الذي يمثل الأداء الفاعل والذي يشكل مراكز إقليمية أو عالميّة. ومن هنا فإن حجم هذه الدول يرسمه هذا المعيار الذي يتناسب طردياً مع قدرتها الاقتصادية. فعلى أساس القدرة الاقتصادية صُنِّفت معظم دول العالم الثالث بأنها دول صغيرة وذلك بسبب ضعف مواردها الماديّة، وضعف إنتاجها، وبالتالي افتقارها إلى القدرات التكنولوجيّة. وهذا يرغم هذه الدول على الاعتماد على العالم الخارجي لحماية أمنها ولمواجهة احتياجاتها التي تثيرها الضغوط الشعبية في ميادين التشغيل والصحة والرعاية الاجتماعية، الأمر الذي يجعلها دولاً محكومة بقيود خارجة عن قدرتها على صياغة قراراتها، ويهمّش استطاعتها على التحرك بحريّة، دون الاستعانة بالقدرات القادمة من خارج حدودها، ماديّاً وعلمياً. ومما يلاحظ أيضاً أنها تعاني من حالات الفساد والتهريب والاختلاس والغش والبيروقراطية وتغوّل الشخصيات المتنفذة فيها التي تصبح مالكة للقرار السياسي والعسكري والإعلامي والمالي. وفي ظل ذلك تبقى هذه السلطات تبحث، جادة، عن استقرارها في مراكز التحكم، ولتحقيق ذلك نراها تسعى إلى القروض التي غالباً ما تكون مشروطة وتؤدي إلى اختلالات كبيرة بين عالم الإمكانات المحددة وعالم الإمكانات الواسعة الذي يعني بالتالي قيام حالات من التبعية، خاصة ما تعانيه الدول التي كانت ترزح تحت قيود الاستعمار (Cavert, 1986; Stremlau, 1982; Easter, 2000).
          إن نظريات النظام Regime Theory تسمح بدراسة التفاعل بين القوّة المادّية وقوّة الأفكار، كما تسمح بدراسة تفاوت هيكل القوة داخل النظام الدولي. ورغم صعوبة دراسة التأثيرات غير المدايّية للنظام الاقتصادي العالمي، تذهب بعض الاتجاهات إلى أن النظم تؤسس لنوع من الارتباط الذي يشكل تفاعلاً استراتيجياً أو نوعاً من التأثير، يستطيع، من خلاله، طرف أو أطراف ما التأثير في سلوك أو سياسات الطرف الآخر (Stein, 1980)، وعليه فمجرد عضوية دولة ما في القلب المؤسسي للنظام الاقتصادي العالمي، تترتب توقعات معينة من السياسات والسلوك على الأعضاء. وفي المقابل يأتي دور نظام المعونة الدولية، وفي القلب منه مؤسسات بريتون وودز (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) كحلقة وسط تعكس تأثيرات النسق الدولي على نظم تحكم في الدول المتلقية للمعونة (Krasner, 1982). وإلى جانب نظام المعونة ادولية، قد تلعب بعض المنظمات الإقليمية والمنظمات ذات العضوية الاختيارية سواء ذات الطابع الاقتصادي الخالص، أم المختلط، دوراً مشابهاً في التأثير على أدوار الدول وقدراتها وبالتالي قوتها (Pevhouse, 2002).
          أما على الصعيد الاقتصادي، فإن الأزمة الاقتصادية عام 2008، وبروز دور قوى اقتصادية صاعدة، مثل دول البريكس التي لعبت أدواراً مؤثرة فيما يتعلق بإسهامات الدول في المؤسسات الاقتصادية الدولية، وعمل لوبي للدول النامية داخل هذه المؤسسات (عبيد، www.sigassa.org.eg ).
          وفي أعقاب "الركود الكبير" تحوّل المد الاقتصادي والسياسي ضد الدول الصغيرة. وقد كانت الدول الأوروبية الصغيرة أوّل المتأثرين بذلك، ومنها ايسلندا وايرلندا ودول البلطيق الثلاث وأخيراً اليونان وقبرص. هذا إلى جانب أن السياسة الدولية أيضاً قد تحوّلت ضد الدول الصغيرة، وأكبر تطور جيوسياسي يجيء من الأزمة الاقتصادية هو تشكيل مجموعة العشرين، وهو نادي للدول الكبيرة التي تهدف الآن إلى تحديد ملامح المناخ التنظيمي للعالم، الذي بالضرورة، لن يكون في صالح الدول الصغيرة (راتشمان، www.aleqt.com).
          لقد أصبح واضحاً حجم التحديات التي تواجه الدول الصغيرة مؤخراً، وهي تحديات تنبع من مصادر شتى، وتهدد بإلحاق أفدح الأضرار، ليس بالوضع السياسي للدول الصغيرة، ولكن حتى بهويتها وبثقافتها بل وبوجودها القومي أيضاً، إلى جانب مخاطر التهميش التي تنتظر هذه الكيانات الصغيرة. هذا بالإضافة إلى ما نشهده من تسارع وتيرة العولمة الاقتصادية وهي تلك العملية التي تهدف إلى توحيد أجزاء الاقتصاد العالمي وإلغاء الحواجز التي تحول دون التغيّر نحو مواجهة الأزمات الاقتصادية الخطيرة في الدول الصغيرة. ولقد تجلت عملية تسارع العولمة هذه في السنوات الأخيرة، ونلاحظ ذلك إذا ما علمنا أن الاستثمار الأجنبي المباشر قد سجل زيادة ملفتة للنظر، إذ قفزت مبالغ هذا الاستثمار من 27.5 مليار دولار في السبعينيات من القرن الماضي إلى 559.6 في عام 2003.

المطلب الثاني: المعايير السياسية والاجتماعيّة:
          مما يلاحظ أن معظم (إن لم يكن كل) الدول الصغيرة قد تشاركت في كونها دولاً نامية، عانت من الاستعمار الذي لم تتخلص منه إلا بعد جهد كبير، وبعد أن تم استنزاف جزء كبير من مواردها. إضافة إلى أن هذا الاستعمار قد أورثها هياكل سياسية واجتماعية ضعيفة ومهزوزة وغير منتجة وعاجزة عن إدارة الدولة. كما أورثها اقتصاداً متخلفاً يعتمد في كثير من مكوناته على الاستيراد الذي ولّد تبعيّة غير محدودة. أما ثقافياً فقد تميّزت هذه الدول بضعف شديد تمثّل في أميّة مستشرية. وعلى مستوى العلاقات بينها فقد شهدت هذه الدول نزاعات حدودية خطيرة، وعانت من عدم الاستقرار السياسي.
          أما اجتماعياً فقد عانت هذه الدول من صراعات أثنية مهلكة، رافقها حالات واسعة من الهجرة واللجوء بسبب الصراعات والخلافات الاجتماعية والعرقية والإبادة الجماعيّة والافتقار إلى الأمن الداخلي، كان وراءها فقدان المؤسسات السياسية المستقرة، والتي اتسمت بالتقلبات الكثيرة وبغياب الشرعية الشعبية للأنظمة السياسية. لذلك شهدنا العديد من الانقلابات العسكرية التي أتت بحكم يفتقد إلى الخبرة ويقوم في أساسه على العلاقات الشخصية والقبلية.
          كما تفتقر هذه الدول، في أغلبها إلى وجود مجتمع مدني مستقل وفاعل، وذلك بعد تغول "الدولة" بمعنى السّلطة وهيمنتها عليه. ولتحقيق ذلك راحت مؤسسة الدولة، بسبب التربية السياسية التي خلقها الاستعمار، في بناء مؤسسات مجتمع محلي رسمي إلزامي وغير تنافسي (Alouche, 1989؛ ميتكس، 1999)، بما في ذلك إنشاء أحزاب هامشية تخرج في مهمتها الأساسية عن التعبير عن مصالح المواطنين، لتصبح أدوات للدولة، كونها امتدادات، بصيغة أو بأخرى، للقوى والمؤسسات التقليدية العائلية أو العرقية أو القبلية أو الطائفية أو حتى الشخصيّة، الأمر الذي جعل من هذه الأحزاب ظاهرة شكليّة فقط عاجزة عن استقطاب المواطنين لصفوفها، أو تنظيم علاقتهم بالدولة، وبالتالي فقدانهم لقدرة المشاركة في القرارات، إذ يبدأ النظام السياسي في اختار حزب واحد يتحكم في الحياة السياسية بعد خلق حالة من التداخل الكبير بين الحزب ونظام الحكم، تصبح معها وظيفة الحزب حشد المواطنين خلف هذا النظام أو خلف الزعامة السياسية التي تغدو مالكة لإدارة الحزب والدولة في آن واحد، وذلك عندما تختزل مهام الحزب في نشر ثقافة سياسية جوهرها الولاء المطلق للنظام (أو الحاكم) أو القيادة السياسية التي تكون، أحياناً كثيرة، متمثلة في الحزب الواحد. حتى إذا ما تظاهر النظام في أنه يبني تعددية حزبية، فإنه يسعى إلى وضع قيود قانونية وسياسية تجعل الأحزاب (غير الحزب الحاكم) عاجزة عن إثبات وجودها. أما المعارضة فتصبح ظاهرة لا تتعدى كونها واجهة شكلية (توفيق، 1999). وبذلك تختفي الحدود بين "الحاكم الشخص" وبين "سياسات الدولة" التي تفرض نفسها على الشعب ليكون موالياً "للزعيم"، ومنفذاً لرغباته. وفي هذه الدول غالباً ما يلعب الجيش دوراً مركزياً ويتحالف مع الحاكم. ولتثبيت سلطتهما فإنهما يعملان على التحكم بالمصادر والموارد على أساس أنهما ملك "للقائد" (Rothstin, 1977). وحتى تتحقق الولاية المطلقة له فإن عليه مصادرة الحريات واستخدام أساليب القوة والقمع ضد الرأي المخالف، الأمر الذي يؤدي إلى استشراء الفساد بكل أشكاله الإدارية والسياسية والمالية، ويغدو المال العام من ممتلكات السلطة، خاصة عندما تغيب الرقابة والمحاسبة والمساءلة (عبد الله، 1986).
          ومما يلاحظ أن جميع هذه المعايير تتشابك مع بعضها البعض لتشكل مرتكزات تقوم عليها الدول الصغيرة، حيث ينتشر الفقر والبطالة والمرض وعدم الاستقرار السياسي وغياب الرأي العام خاصة إذا كان معارضاً، أو إذا حاول رفض أوامر الحاكم، الذي يحرص على فرض قيود على العمليات السياسية. وحتى يتم ذلك، غالباً، ما يلجأ هذا الحاكم إلى الاستنجاد بالقوى الخارجيّة التي تفرض مصالحها، وتعمل على تحقيق أجنداتها، وعندها يستقر سمو المصلحة الشخصية على المصلحة القوميّة، فيضعف الأداء السياسي والاجتماعي والاقتصادي التي ترتهن، في مجموعها، إلى الإرادات المستوردة.
          ومع كل ذلك، فربما نجد حالات مختلفة حيال هذه التصنيفات حيث شهد المجتمع الدولي أمثلة لدول صغيرة استطاعت بحسن إدارة الدولة أن تلعب أدواراً متقدمة.
          وهنا لا بد من التذكير بأن عدداً لا بأس به من الدول الصغيرة قد استفادت من حقائق الثنائية القطبية العالمية، واستطاعت بالفعل أن تحقق قدراً من التأثير الدولي، ولنا في كوبا مثل على ذلك. إلا أن هذه الثنائية، من جانب آخر، كانت ترهق الدولة الصغيرة على أساس أن القطب الدولي كان يسعى إلى استخدام الدولة الصغيرة الدائرة في فلكه لتحقيق مصالح قدرته ولتحقيق المزيد من القوّة له.


المبحث الثالث: معيار التأثير الدولي
          لم تستطع الدولة الصغيرة أن  تخرج من قيود الدور المحدود في صناعة سياستها الخارجيّة، وذلك لضعف عوامل الاقتدار من حيث عدد السكان أو الموارد الطبيعية أو القدرة الاقتصادية أو العسكرية، لذلك سعت هذه الدولة إلى تعويض ذلك باجتراح سياسة خارجية تعتمد على التكتل الاقتصادي أو اللجوء إلى التجمع الإقليمي (Barston, 1971؛ Hey, 2003). هذه الأوضاع عكست ظروفاً وحقائق طبعت السياسة الخارجيّة للدول الصغيرة بسمات تكاد تنحصر في الآتي:
‌أ)    عجز الدول الصغيرة عن منافسة الدول الكبيرة في مجال الانخراط في الشؤون الدولية، وذلك بسبب محدودية الإمكانات من حيث المعلومات والقدرة على فرض دبلوماسيتها على الأحداث العالمية، وذلك عائد إلى صغر حجم تمثيلها الدبلوماسي، سواء ما كان من قلة عدد السفارات أم الدبلوماسيين الذين يديرونها، إضافة إلى ضعف قدرتها العسكرية، هذه القدرة التي أصبحت هذه الأيام أحد المكوّنات الرئيسية في عملية تنفيذ العديد من قرارات السياسية الخارجيّة، إضافة إلى أنها لا تملك الموارد المالية أو القوّة الماديّة أو المستوى التقني الذي يمكنها من المشاركة الفعّالة في السياق الدولي، الأمر الذي يفرض على هذه الدول الصغيرة أن تختار مجالات محدودة، أو دولاً قليلة توازيها في القوّة للتشارك معها في اتباع سياسات خارجيّة ملائمة. هذا بالإضافة إلى أن الدول الصغيرة لا تملك الخيارات في انتقاء آليات تمكنها من التأثير الخارجي. لذلك نرى أن محاولات هذه الدول، في فرض ذاتها، لا تتجاوز حدوداً معينّة مما يعني محدودية هذه القرارات إنْ لم يكن عدميّة فائدتها، هذا إذا لم تترك هذه القرارات احتمالات قيام تهديدات خطرة ضدها (East, 1973). ولمواجهة ذلك تضطر الدولة الصغيرة إلى التوجّه نحو تبني استراتيجيّات إقليمية (لا تكون فيها دول كبيرة) من أجل التحرر من الضغوطات الدولية. بل وأحياناً تميل إلى التزام الحياد لتتجنب مواجهة الإرادات الدولية الكبيرة، وهذا يعني الأخذ بالدبلوماسية متعددة الجوانب والاهتمامات، والتنسيق الجماعي وفي سبيل ذلك تسعى إلى تجميع المزيد من الوسائل السلمية للوصول إلى درجة من القدرة التي تغطي أوضاعها الهزيلة في النسق الدولي. ولتحقيق ذلك، نراها تعمل جاهدة على دعم النشاطات الدولية، والإفادة من عمليات المشاركة في المحافل الدولية لتخفيف الضغوط والقيود، الأمر الذي يجعلها في حالة دائمة تعتمد فيها على اغتنام الفرص المتاحة. وهذا يجعلها تجهد في الإصرار على تفعيل قواعد القانون الدولي التي ترى فيها إمكانات للمحافظة على ذاتها، ومن ذلك مثلاً دعمها لمؤسسة المحكمة الدولية وتطوير الوسائل السلمية في التغيير. وهذا يعني السعي الحثيث نحو مساندة الشرعية الدولية وتعظيم قيمها، وتنشيط الفعّاليات التي تقوم بها المنظمات الدولية، والدعوة إلى استخدام المناهج الأخلاقية والأدبية في حل القضايا الدولية (شلبي، 2008).
ومن الملاحظ أن بعض هذه الدول قد استطاعت أن تثبت وجودها الدبلوماسي النشط على المستوى الدولي والإقليمي، واستطاعت الحصول على وزن ودور وذلك عندما نهجت في إعداد نفسها كقوة داعمة للجهود التي تبذل دون اللجوء إلى الأعمال العسكرية رغم انكشافها، ورغم خطورة التهديدات الاقتصادية حتى الفاقة والتبعية، والخوف من تهديد هويتها الوطنية وتكاملها الاجتماعي وانتهاك إقليمها والخشية على سلامته (الشنفري، 1995؛ الإبراهيم، 1982؛ Allouche,1989)، وذلك لأن تضاءل الموارد البشرية والمادية للدولة يعني، بالضرورة، ازدياد الصعوبات التي تواجهها، وضيق خياراتها، وبالتالي سهولة تهديد بقائها عضواً مستقلاً كاملاً في المجموعة الدولية.
‌ب)  الميل نحو تفضيل الأدوات والاعتبارات الاقتصادية والتنموية على الأدوات والاعتبارات السياسية في علاقاتها الدولية، لذلك غالباً ما يلجأ قادة هذه الدول إلى استخدام الخطابات السياسية التي تقول بأن استراتيجياتهم تلتزم بالشؤون التنمويّة الاقتصادية واعتبارها أولوية في صدارة مناهجهم المتعلقة بالسياسة الخارجية (Fauriol, 1984)، وذلك تحت ضغوطات حاجات مواطنيهم المتعلقة بالغذاء والعمل والصحة والرعاية الاجتماعية، في ظل عجز بيّن في الصناعات المتطورة، وغياب تنوع الموارد وضعف الأسواق المحلية، والشح في موارد التمويل، وغالباً ما يرافق ذلك خلل في مواكبة الاحتياجات المعيشيّة، خاصة وأن معظم دخل الدولة إنّما يأتي عن طريق تصريف الموارد الأولية التي هي في الأصل ضعيفة، والتي تكون متركزة في سلعة واحدة في كثير من الأحيان. كل هذا يؤدي إلى الاضطرار إلى البحث عن مساعدات وقروض من الدول ذات الإمكانات، الأمر الذي يعني حالة من التبعية، التي تفضي إلى الإضرار بالاستقرار الداخلي، بعد أن تسقط هذه الدول في علاقات تتميز بعدم المساواة التبادليّة.
إن ذلك كله يخلق معضلات وأزمات تتمثل في:
1-   العجز عن تحقيق الأهداف المرسومة، التي هي في الأصل، أهداف متواضعة، وبالتالي تزداد الهوّة بين الإمكانات وبين القدرات. وغالباً ما يقود ذلك إلى الإحباط ثم التمرد اللذين يُترجمان إلى تآكل شرعية الأنظمة السياسية، إن كانت هناك شرعية.
2-   العجز عن ضمان وضع أمني يضمن الاستقرار والصيانة والوحدة للدولة، خاصة وأن التهديد يشكل خطورة متنامية في المجتمع الدولي هذه الأيام، وفي ظل سعي أطراف الاستقواء الدولي إلى احتلال المزيد من الأفلاك والساحات. وهنا تجد الدول الصغرى نفسها في ارتباك كبير إذا ما حاولت الاختيار بين أشكال العلاقات مع الدول الأخرى (Wagner, 2010)، وذلك عندما تضيق البدائل لديها.
3-   ظهور تكتلات اقتصادية عالمية ضخمة تتمثل في هيمنة الشركات المتعددة الجنسيّة، ومراكز المؤسسات الماليّة العالمية، التي باتت تتحكم في مصائر الكثير من الدول الصغيرة، وتشترط رهن الاستقرار السياسي وفرض التبعيّة المقيّدة مقابل تقديم المعونات لها. وقد دعت هذه الدول، للخروج من هذا المأزق، إلى إنشاء نظام دولي اقتصادي جديد، وذلك سعياً لتصحيح الاختلالات الهيكليّة والقضاء على واقع عدم المساواة. ومن ضمن هذه المحاولات أيضاً، سعت هذه الدول، إلى إقامة سلسلة من الحوارات بين الشمال والجنوب، بعد تحسين وضع العلاقات الاقتصادية بين دول الجنوب نفسه (Wagner, 2010; Weinstein, 1972؛ هلال، القرني، 1994).
‌ج)  الاضطرار إلى تبني تقنيات منخفضة التكلفة مثل اللجوء إلى استخدام المنظمات الدولية، والاعتماد عليها حتى تتمكن هذه الدول الصغيرة من تقوية قدراتها وزيادة نفوذها، كون هذه المنظمات تدعو إلى تعظيم معايير الشرعية الدولية.
‌د)  تتسم الأنظمة السياسية في الدول الصغيرة بوقوعها تحت إرادة القيادة السياسية فيها، وذلك لغياب المؤسسات الديمقراطية الفاعلة، الأمر الذي أدّى إلى شخصنة القرارات السياسية الخارجية، التي تكون، في الغالب غير مؤهلة لقيادة الدولة خاصة في الشؤون الدوليّة. ويؤدّي هذا، بالضرورة، إلى عدم الاستقرار خاصة إذا ما وقعت تقلبات مفاجئة في هرم السلطة، كتغيير الزعيم إثر الانقلاب أو موت هذا الزعيم (فضّة، 1983).

المطلب الرابع: المعيار الأمني:
          إن من الملاحظ أن الدول الصغيرة (خاصة إذا كانت تملك ثروات) مهددة في أمنها، لذلك فإنها غالباً ما تلجأ كي تسد عجز قدرتها في الدفاع عن نفسها ذاتياً، إلى الانضمام إلى أحلاف قوية، أو طلب حماية إحدى القوى الكبرى في العالم. لذلك فإن الدولة الصغيرة لا تملك "ترفاً استراتيجياً" متعلقاً بالشق الأمني، كما أنها لا تمتلك ترف افتراض أن لدى الأطراف الأخرى نيات حسنة تجاهها، أو أنها يمكن أن تتعامل مع الاحتمال الأقل ضراوة. لذلك نرى أن الدولة الصغيرة، غالباً، ما تعاني من عقدة "الأحجام القزمية"، التي يبدي لها كل شيء أكبر من حجمه الطبيعي والواقعي. كما نرى أن الدولة الصغيرة تميل في تقديراتها إلى توقع المخاطر الذي يصبح في النهاية إطاراً معتاداً للتفكير، وتتحول نظرية "الأمن" إلى نظرية "عدم الأمن". كما تبدأ الدولة في رسم استراتيجياتها على أساس أنه إذا تعارضت اعتبارات الأمن مع اعتبارات السلام مع الجوار، فإن اعتبارات الأمن هي التي سوف يتم الأخذ بها.
          وكما سلف، فإن مشكلة الدولة الصغيرة الأمنية المقلقة، تتمثل في أنها، دائماً، تكون عاجزة عن الدفاع عن نفسها بقدراتها الخاصة، أو وفق الاستراتيجيات الدفاعية التقليدية التي تنتهجها، وذلك بفعل اختلالات الهيكلة الواسعة بينها وبين الدول المناوئة لها، أو تلك التي يمكن أن تستهدفها أو تبتزها. وحتى تواجه ذلك فإن الدولة الصغيرة، غالباً، ما تذهب إلى ما يعرف "بتجييش" الدولة، وهو من الخيارات الشهيرة التي أخذت بها إسرائيل مثلاً، وذلك عندما وجدت أنها تعيش في بؤرة مملوءة بالكره تجاهها، وبالرغم من الكلفة الاقتصادية الهائلة والاضطراب الاجتماعي الكبير الذي لحق بها، إلا أنها ظلت تسلك نهج التجييش هذا، فتحوّلت الدولة كلها إلى معسكر كبير تسيطر عليه الميول الأمنية. وهذا الاستمرار على هذا المستوى من الإدراك الأمني، يجعل الدولة الصغيرة بحاجة متواصلة لمساعدة الدول المانحة، أو الدول ذات التصنيع المنتج لأدوات حفظ الأمن والدفاع عن الذات (واقعاً أم وهماً). كما أن الدولة الصغيرة ربما تذهب إلى الانخراط في التحالفات الإقليمية والدولية، وهو خيار شديد الجاذبية (عبد السلام، digital.ahram.org.eg)، إذ يبدو مثالياً في ظاهره، إلا أنه في جوهره يهدد سيادة الدولة في كثير من الأحيان، أو يجرها إلى صراعات لا تكون هي طرفاً فيها، ولكن التزامات التحالف تفرض عليها الانحراط في بعض العمليات العسكرية التي ربما تلحق الضرر بها. ومن الدول من يلجأ إلى الحياد العسكري، وهو نموذج دولي معروف اتبعته بعض الدول مؤقتاً أو دائماً. إذ أن دولة مثل سويسرا، مثلاً، كانت كثيراً ما تعاني من مآزق دفاعية في ظل وجودها في منطقة تحيط بها القوى الكبرى التي خاضت حروباً عالمياً في القرن العشرين. ولمواجهة ذلك تسعى الدولة الصغيرة إلى إعلان حيادها، لذلك تراها تسعى إلى عدم تشكيل قوات عسكرية نظامية بالمعنى المعروف، وتتحاشى، دائماً، خلق قيود معنوية أو إجرائية تدفع الأطراف الأخرى إلى مهاجمتها عسكرياً.

الخاتمة:
          مما سبق يلاحظ الباحث أن مفهوم الدولة الصغيرة قد خضع لعدة اعتبارات منها بل وعلى رأسها، أن معظم الدراسات قد جاءت من قبل الباحثين والكُتّاب الغربيين والأمريكيين على وجه الخصوص، وذلك لكون معظم الدول الكبرى قد كانت في عالمهم. وقد رأينا أن اهتمام هؤلاء قد انصب، في جُلّه، على اعتماد سياسة بلدانهم الخارجية كنموذج لمفهوم السياسة الخارجيّة بصورة أساسيّة، خاصة وأن هذه الدول قد تسيّدت المشهد الدولي منذ الخمسينيّات والستينيات من القرن العشرين. لذلك جاءت هذه المقاربات متأثرة بتصورات هؤلاء الكتاب، ومرجعيّاتهم، وآليات تفكيرهم، وتفسيرهم للظواهر السياسية والاجتماعية، وأنماط الأبنية والعلاقات وأوزان المتغيّرات التي جاءت معظمها في سياق ثقافي واقتصادي وسياسي واجتماعي معيّن. لذلك فقد أدّت هذه الإسقاطات على دراسة سياسة الدول الصغيرة النامية، إلى تجاهل الكثير من الحقائق، وبالتالي الوصول إلى نتائج غير دقيقة، ومنها المقدرات المادّية والحضارية ومستويات التنمية ونمط الأبنية والهياكل، إضافة إلى الاحتياجات والدوافع والمهمات. وتناسى هؤلاء عدم التماثل في الجوهر حين تمسكوا بالمظاهر والشكليات. كما تجاهلوا ما تركته التجربة الاستعمارية من خلل في إمكانات الدول الصغيرة.
          وإلى جانب ذلك فقد تسيّد المنظار (Perspective) الواقعي هذه الدراسات، التي اهتمت بشكل واضح بموضوع القوّة باعتبارها الوسيلة والغاية في العملية السياسية. ولمّا أن كانت الدول الكبرى هي التي تملك القدرة على تشكيل النسق الدولي، فقد أدى ذلك الأمر إلى دفع الدول الصغيرة إلى مراتب متدنيّة في سلّم اهتمام علماء السياسية. لذلك فقد رأى هؤلاء الدارسون أن الدول الصغيرة لا تملك سياسة خارجية، وأنّ كل ما تملكه هو مجرد سياسة تبحث عن البقاء واستمرار الوجود.
          وهنا لا ننسى أن الدارسين في الدول الصغيرة قد عجزوا عن تقديم البيانات والمعلومات الكافية والموضوعيّة عن دولهم. ومما يزيد الأمر تعقيداً أن الكثير من هذه البيانات قد افتقرت إلى الدقّة، ومالت إلى انتهاج أساليب التواطؤ مع الأنظمة السياسية مما أدّى إلى تشويه الحقائق وبالتالي اضطراب الصورة، بالرغم من أن العالم قد شهد ميلاد الكثير من الدول الصغيرة بعد الحرب العالميّة الثانية. ولو أُحسنت المقاربات لشهدنا الكثير من المستجدات والمناشط السياسية الدولية، خاصة مع تشكل بعض المنظمات الدولية كحركة عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الإفريقي، ومنظمة دول أمريكا اللاتينيّة وغيرها.
          وحتى يمكن تجاوز هذا المأزق لابد من بناء دراسات جادة من قبل الباحثين في الدول الصغيرة، ولا بد للأنظمة السياسية فيها إعارة هذه الدراسات الاهتمامات اللازمة. عندها يمكن أن نخلُص إلى تصوّر علمي شامل لمفهوم الدولة الصغيرة وتعريفها، وما يحيط بذلك من المحددات والمكوّنات والعوامل والحقائق.
          ولكي يصل الباحثون في دول العالم الصغيرة إلى الواقع لا بد من إخضاع دراساتهم إلى المنهج الاستقرائي القائم على استخدام "حالات دراسة" معينة، وذلك بعد اختيار بعض الدول التي صنّفت أنها صغيرة، ومن ثمّ الإطلاع على كل الأسباب والإمكانات والقدرات التي جعلت منها دولاً صغيرة، والبحث بالتالي عن المخارج التي يمكن اتباعها في سبيل إعادة التكوين والارتقاء إلى مراتب الدول الكبرى، أو على الأقل الخروج من دائرة الدول الصغيرة.
          وفي المجمل فقد خلصت هذه الدراسة إلى أن مفهوم الدولة ومفهوم الدولة الصغيرة بالذات، إنما يجيء في سياق المعايير التي تفرضها حقائق العلاقات الدولية في المجتمع الإنساني. وقد بدا أن معظم هذه المعايير إنما يتركز حول مقدرات القوة سواء الاقتصادية أم التقنية أم العسكرية أم الأمنية أم الثقافية أم الاستقرار السياسي. كما أن الدولة لم تعد تقاس بأحجامها التقليدية وإنما دخلت هناك مواصفات كثيرة منها النفسية ومنها الثقافية السياسية ومنها المعرفية. وهذه في مجملها قد غيّرت الكثير من التصنسفات ومن التفسيرات، ناهيك عما جرى الأخذ به فيما يتعلق بمفهوم الدور الذي تلعبه الدولة دون الالتفات إلى ضرورة أن تكون هذه القدرة مبنية على المعطيات العسكرية والاقتصادية فقط.
          ومع التحوّل الجديد في العالم فلم تعد هناك إمكانية لتسيّد مكوّن واحد للقوّة، خاصة وأن هناك مساحات هائلة من التعاون والتكامل والاعتماد المتبادل قد قامت بين أطراف الوحدات السياسية الدولية.
          وعلى ضوء ما ورد في الفرضيات فقد توصلت الدراسة إلى أنه قد تولدت مجموعة جديدة من المعايير التي حكمت عملية تصنيف الدول، فلم تعد المعايير التقليدية هي الوحيدة أو المتحكمة في هذه العملية. كما أنه لم تعد التصنيفات بيد الدول الكبرى أو العظمى في العالم، خاصة بعد أن سقط بعضها وانهار، وبعد أن تحوّل بعض منها إلى دول متشاركة مع غيرها، وبعد أن أحسّ بعضها أنه في وضع لا يسمح له بالصمود كثيراً.
          كما رصدت الدراسة واقع الحكم في الدول الصغيرة فوجد أن الحاكم متفرد، أحياناً كثيرة، في إدارة الدولة، بل وأن بعض هذه الدول قد قسّمت أدوات الحكم فيها إلى قطاعات أوكل كل قطاع منها إلى فرد من أفراد الطبقة الحاكمة.
          ومما لوحظ أيضاً أن الدولة الصغيرة حاولت جهدها أن لا تدخل في صراعات دولية، وإن هي اضطرت إلى ذلك فإنها تغفل ذلك ضمن تحالف ما. لهذا فقد رأينا أن الدولة الصغيرة تنتهج سياسات تهدف إلى إرضاء أكبر عدد ممكن من اللاعبين على الساحة الدولية، خاصة الأقوياء. إلى جانب أنها، غالباً، ما تحاول استثمار جميع الإمكانات المتوفرة لها في سبيل تأمين القوة اللازمة لحماية ذاتها، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإنها تحرص على إقامة علاقات وساطة لحل بعض النزاعات بين الدول التي هي في حجمها.
          ولقد وجدت الدراسة أن هناك تساوياً بين الدول ذات الأحكام الكبيرة وبين تلك ذات الأحجام الصغيرة في قضية الدفاع عن النفس. فالأولى تحتاج إلى قدرات هلئلة لحماية أرضها، كما أنها تعاني من أحجام كبيرة من السكان، الأمر الذي يكلّفها جهداً كبيراً في رعايتهم وضبط اختلافاتهم، بينما هذا كله يقل كثيراً في الدول الصفيرة.
          إلا أن ذلك لا يمنع من إدراك أن على الدولة الصغيرة أن تواجه حقائق أمنية صعبة، إذ أن عليها أن تواجه تحدياً دفاعياً صارخاً على المستوى الاستراتيجي، وهو أن مفهومها لأمنها، غالباً، ما يتقلص ليتركز في النهاية على فكرة البقاء، وليس الأمن بأي مفهوم آخر، أي أنه لن يصل إلى حواف "التّرف الاستراتيجي"، كالحديث عن سيادة الدولة. فعلى الرغم من أن مفهوم السيادة يمثل أهمية لدى الدولة الصغيرة، إلاّ أن هذه الأهمية تتضاءل عملياً عندما يتعلق الأمر بمقتضيات الدفاع عن الدولة ضد أية ميول هجومية خارجية، ولذلك فقد تناولت الدراسة مسائل القدرة العسكرية للدولة الصغيرة، وأكدت على أن الدفاع عن النفس يسمو، في كثير من الأحيان، على متطلبات العلاقات الدولية الهادئة، لأن في ذلك البحث عن البقاء.
          وفي سبيل الخروج من الأزمة التي تواجهها الدولة الصغيرة فلابد، كما يرى الباحث، من تفعيل دور المنظمات الدولية الحاضعة للعدالة الدولية، وتعظيم دور القانون الدولي، وإعادة الهيبة له، والثورة على الواقع الدولي الذي يأخذ "بقانون القوّة" والعودة إلى "قوّة القانون"، والعمل الجاد من قبل قيادات الدول الصغيرة على تصحيح مسارات العمل السياسي والاقتصادي فيها، والبدء في الإصلاحات على جميع المستويات، ومن ثمّ الذهاب إلى بناء علاقات دولية قائمة على التعاون والصدق والعمل على حماية الجنس البشري، وهذا ممكن رغم أنه يبدو في ظاهرة ترفاً رومنسياً.

الهوامش:
(1)   Perry, Robert and Robertson, John, Comparative Analysis of Nations, Colorado, Westview press, 2002, pp. 32-36.
شلبي، محمد، السياسة الخارجيّة للدول الصغيرة: الأردن وعملية تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي (1979-1994)، دار كنوز المعرفة العلميّة للنشر والتوزيع، عمان، 2008، ص17-18.
(2)   المروي، عبد الله، مفهوم الدولة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، 1981، ص5-8.
(3)   www.lycee.com .
(4)   Anderson, P., Lineages of the Absolutist State, New Left Books, London, 1974, P.2.
Tilly, C. (ed), The Formation of National States in Western Europe, Princeton University Press, Princeton, 1976, P.1.
دانليفي، باتريك وأوليري، برايندان ، نظريات الدولة: سياسة الديمقراطية الليبراليّة، مركز الخليج للأبحاث، دبي، الإمارات العربية المتحدة، 2005، ص13-14.
(5) المرجع نفسه، ص15.
(6) عبد الله، عبد الغني بسيوني، النظم السياسيّة: أسس التنظيم السياسي، الدار الجامعية، 1985، ص19.
(7) الربيعي، صاحب، "مفهوم الدولة"، الحوار المتمدن، العدد 2251، في  14/4/2008، ص10-28.http://www.watersexpert.se.
(8) بدوي، ثروت، النظم السياسية، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1970، ص54.
ليله، محمد كامل، النظم السياسية: الدولة والحكومة، دار الفكر، القاهرة، 1967-1968، ص38-39.
(9) بدوي، ثروت، مرجع سابق، ص54.
ليله، محمد كامل، مرجع سابق، ص41.
(10) الربيعي، صاحب، "مفهوم الدولة"، مرجع سابق.
(11)  مقلد، إبراهيم صبري، العلاقات السياسية الدولي، ذات السلاسل للطباعة والنشر، الكويت، 1987، ص163.
(12)  شنكاو، هشام، (26/2/2010)
      chegaouticham.elaphbiog.com/posts.aspx?U=2309&A=4166.
(13) الصابوني، محمد علي، صفوة التفاسير، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1996.
(14) هيئة البحوث العسكرية، حسابات القوّة الشاملة، إدارة المطبوعات والنشر للقوات المسلحة، 1990، ص1.
(15) لايدر، جوليان، "حول طبيعة الحرب"، مركز الدراسات العسكرية، دمشق، الطبعة الأولى، 1981، ص75.
(16) المرجع السابق، ص92.
(17) ربيع، محمد ومقلد، إسماعيل صبري، موسوعة العلوم السياسية، جامعة الكويت، الكويت، 1993، ص174.
(18) العمري، زايد بن محمد حسن، "مفهوم القوّة والقدرة في الفكر الاستراتيجي"، مجلة الدفاع الجوي، إدارة الشؤون العامة لقوات الدفاع الجوي، السعودية، العدد3، أيلول (سبتمبر) 2010، ص19.
(19) سكافي، محمد وليد، حق استخدام القوة ودوره في العلاقات الدولية، اللجنة  العربية لحقوق الإنسان، 2009،  ص12. http://www.achr.eu/art575.htm .
(20) مقبل، ريهام، مركب القوّة: عناصر وأشكال القوّة في العلاقات الدوليّة، الأهرام الاقتصادي digital.ahram.org.ed/articles.aspx?serial=887254&eid=7805
(21) الموسوعة الجغرافية، المجلة الجغرافية: نافذة الجغرافيين العرب www.ageography.com/showthread.php?t=584
حسين، خليل، "الكومنولث الروسي: مشروع اتحاد أم انحلال"، مجلة قضايا دولية، مركز دراسات السياسة الخارجية، بيروت، العدد الأول، 1992، ص39 وما بعدها.
(23)     Khechib, Djallel, (2011). International Studies bri-dges.maktoobblog.com/181/7.1914-1840.
(24)  مرجع سابق www.arabgeograghers.
(25)     Waltz, Kenneth N., Man, the state and war: A theoretical Analysis, Columbia University Press, New York, 1959, p.41.
(26) أبو زيد، أحمد محمد، "كينيث والتز: خمسون عاماً من العلاقات الدولية (1959-2009): دراسة استكشافية"، المجلة العربية للعلوم السياسية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 27، صيف 2010، ص98-100.
(27) شايمر، جون مير، الواقعية: العالم الحقيقي والعالم الأكاديمي، ترجمة جلال خشيب، 2011،
Internationalstudiestoridges.maktoobblog.com/273.
(28)عطوي، عبد الله، جغرافية السكان، دار النهضة العربية، د.ت، ص143-144.
(29)حسين، خليل، القوّة وأثرها في الأحلاف الدولة وصراعاتها، www.Lebarmy.gov.lb.qsp?In=ar&id=19718.
French, J.R.P. & Raven, B. "The leases of Social Power", In, Cartwrigh, D. (ed) Studies in Social Power, Ann Arbor, MI; University of Michigan Press, 1959, Chap.5.
(30) Coombes, David L., Representative Government and Economic Power, Ashgate Pub. Co., 1982,  pp.66-67.
(31) Campbell, Kurt and O'Hanlon, Michael, "Hard Power: The New Politics of National Security", Basic Books, (2006), p.22.
(32) Keegan, Jogn "Lutelligencein War", Vintage, (2004), P.57.
(33) حسين، خليل، القوّة وأثرها في الأحلاف والعلاقات الدولية، مرجع سابق.
(34) رجب، عمر الفاروق السيد، "قياس قوّة الدولة: دراسة في جغرافية القوّة"، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، العدد19.
(35)Cambell, Steven J., Role Theory, Foreign Policy Advisors, and U.S. Policy Making, U.S.A: Department of Government in International Studies of South California, International Studies Association, 1999, pp.1-5.
(36)Issam 1982.maktoobblog.com
(37) Campbell, Steven J., op.cit. p.6.
(38) Ibid, p.8
(39) Walker, Stephan G., Role Theory and Foreign Policy Analysis, Duke University Press, Duke University, Policy Studies, 1987, P.3.
(40) Ibid, p.9.
(41) (نابليون، بسمارك، لينين، هتلر، موسوليني، ستالين، ايزنهاور، شارل ويغول، ويلسون، تيتو، نهرو وغيرهم).
(42) disam.maktoobblog.com.
(43) Holsti, K.J. International Politics: A framework for Analysis, Prentice Hall, 1977,  P.120.
(44) شلبي، محمد، السياسة الخارجيّة للدول الصغيرة، مرجع سابق، ص51.
- Calvert, Peter, The Foreign Policy of New States, St. Martin's Press, New York, 1986, p. 4.
- Korany, Bahgat, "Coming of Age Against Global odds: The Third World and its Collective Decision-making, In, Karany et al (eds) How Foreign Policy Decisions are Made in Third World: A Comparative Analysis", Westview: Press, U.S.A, 1986, p.2.
- Thorhallsson, Baldur and Wivel, Anders, "Small States in the European Union: What Do we Know and What we Like to Know?". Cambridge Review of International Affairs, December 2006, 19 (4), pp. 652-656.
(45)     Baech, Peter, A Tool for Analysis, World Politics, April 1975, 27 (3), pp.457-466.
- Barston, Ronald, The External Relations of Small States, in, August Schou and Ame Brand land (eds), Small States in International Relations, Almqvist and Wilksell, Sweden, 1971, p.41.
-  Fauriol, Georges, Foreign Policy Behavior of Caribbean States, Center for Strategic and Intonation al studies, U.S.A., 1984, p.50.
شلبي، محمد، السياسة الخارجية للدولة الصغيرة، مرجع سابق، ص52-53
(46) إبراهيم، حسن، الدول الصغيرة والنظام الدولي: الكويت والخليج، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1982، ص69-74.
(47) Hey, Jean A. k., Small States in World Politics: Explaining Foreign Policy Behavior, Lynne Rienner Publishers, 2003, p.2.
(48)   Fauriol, Georges, op.cit, p.42.
(49)    Korany, op.cit, p.5.
(50) شلبي، محمد، السياسة الخارجيّة للدول الصغيرة، مرجع سابق، ص54.
(51)     Hey, Jeanne, op.cit, p.3.
(52)  شلبي، محمد، السياسة الخارجيّة للدول الصغيرة، مرجع سابق، ص55.
معوّض، نازلي، بعض الاتجاهات الحديثة في دراسة السياسة الخارجيّة لدول العالم الثالث، في، علي عبد القادر (مقدم)، اتجاهات حديثة في علم السياسة، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1987، ص246.
- Rickli, Jean – Marc "European Small States' Military Policies after the Cold War: from territorial to niche strategies", Cambridge Review of International Affairs, September 2008, 20 (3), pp.308-311.
(53) Rothstein, Ropert, "The Weak in the World of the Strong: The Developing Countries in the International System", Columbia University Press, New York, 1977, p.41.
For details see,
-  Ingebritsen, Christin, et al. (ed), Small States in international relations, University of Iceland Press, 2006.
- Barston, Ronald, op.cit, p.40.
(54) Barston, Ronald, op.cit, p. 42.
(55) Hey, Jean, op.cit, p.3.
شلبي، محمد، مرجع سابق، ص55.
(56) Rosenau, James, Turbulences in World Politics: A Theory of Change and Continuity, Princeton University Press, New Jersey, 1990, p. g.
-  Stremlau, John, "The Foreign Policies of Developing Countries in the 1980s, in, John Stremlau (ed.). The Foreign Policies Priorities of the Third World States, Westview press INC. Colorado, 1982, p.1.
- Allouche, Boussetta, Small States and International Mediation: The Case of Algeria, Office des Publications University Sybarites, Alger, 1989, pp. 24-29.
- الشنفري، أحمد، "سياسة عُمان العربية في عهد السلطان قابوس"، (رسالة ماجستير) كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، القاهرة – مصر، 1995، ص22.
(57) المرجع سابق، ص22.
(58)  Fauriol, Georges, op. cit, p. 48.
(59) شلبي، محمد، مرجع سابق، ص57.
(60) Fauriol, Georges, op. cit, p. 48.
(61)  Ibid, p.48.
(62) East, Maurice, "National Attributes and Foreign Policy", in, Maurice East (ed.), Why Nations Act: Theoretical perspectives Comparative Foreign Policy Studies, Sage Publications, California, 1978, p.123.
-  Coplin, William, Introduction to International Politics, 3rd ed., Prentice Hall Inc, 1980, p.159.
(63) Cavert, Peter, The Foreign Policy of New States, op.cit, p.111-122.
- Stremlau, John, The Foreign Policies of Developing countries in the 1980s, op.cit, p. 11-13.
-          Easter, Christopher, Small States Development A Commonwealth Vulnerability Index, CARPAX Publishing, Found Table (1999), 2000. p. 404.
(64) Stein, Arthur A., "The Politics of Linkage", World Politics, 33(1), October 1980, p.62.
(65) Krasner, Stephen, "Structural Causes and Regime Consequences: Regimes as Intervening Variables", International Organization, Special Issue, 36(2), Spring 1982, p.185.
(66) Pevhouse, Jon C. "Democracy from the Outside-In: International Organizations and Democratization. International Organization, 56 (3), Summer 2002, p.515.
(67) عبيد، هناء، ما بعد المشروطية: تأثير النظام الاقتصادي في مراحل التحول الديمقراطي.
(68) راتشمان، جديون، الدول الصغيرة وحيدة تسير على غير هدى. www.aleqt.com/2009/10/24/artical_292282.html.
(69)     Alouche, Boussetta, Small States and International Mediation, op.cit, pp. 57-69.
ميتكيس، هدى، الاتجاهات المعاصرة في دراسة النظم السياسية في دول العالم الثالث، في، علي الدين هلال ومحمود إسماعيل (محررين)، اتجاهات حديثة في علم السياسة، المجلس الأعلى للجامعات، اللجنة العلمية للعلوم السياسية والإدارة العامّة، 1999، ص151.
(70) توفيق، حسنين، دراسة الأحزاب السياسية في العالم الثالث، في، علي الدين هلال ومحمود إسماعيل، مرجع سابق، ص178-190.
(71) Rothstein, Robert, op.cit, pp. 105-109, 182-186.
(72) عبد الله، عبد الخالق، التبعيّة والتبعيّة السياسية، المؤسسات الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1986، ص84-86.
(73) Barston, Roland,"The External Relations of Small States", op.cit, p. 49.
For details: Hey, Jean A. k., Small States in World Politics: Explaining Foreign Policy Behavior, Lynne Rienner Publishers, 2003.
(74) East, Murice, "Size and Foreign Policy Behavior: A Test of Two Models", World Politics, July 1973, 25(4), pp. 556-576.
(75) شلبي، محمد، السياسة الخارجية للدول الصغيرة، مرجع سابق، ص68.
(76) الشنفري، أحمد، سياسة عُمان العربية في عهد السلطان قابوس، مرجع سابق، ص25.
- الإبراهيم، حسن، الدول الصغيرة والنظام الدولي، مرجع سابق، ص98-99.
-          Allouche, Bousseta, Small States and International Mediation, op.cit, pp. 48-49.
(77) Fauriol, Georges,  Foreign Policy Behavior of Caribbean States, op.cit, p.13.
(78) Wagner, Jacueline Braveboy, "Opportunities and Limitations of the exercise of foreign policy power by a very small state: the case of Trinidad and Togo", Cambridge Review of International Affaire, September 2010, 23 (3), pp. 407-408.
(79) Ibid, p.13, 65-71.
- هلال، علي الدين وقرني، بهجت،  مسح للأدبيات الرئيسيّة وإطار مقترح للتحليل، في، بهجت قرني، السياسات الخارجية للدول العربية، مركز البحوث والدراسات السياسية، القاهرة، 1994، ص18-20.
-          Weinstein, Franklin, "The Uses of Foreign Policy in Indonesia", World Politics, April 1972,24(3), p.366-371.
(80) فضّة، محمد، "أثر عامل الشخصيّة في صنع السياسة الخارجيّة، مجلة السياسة الدوليّة، العدد 74، أكتوبر 1983، ص54-70.
(81) عبد السلام، محمد، مشكلات الدفاع عن الدول الصغيرة في الخليج العربي. digital.ahram.org.eg/articles.aspx?servial=221869

المراجع:

المراجع العربية:
-  إبراهيم، حسن، الدول الصغيرة والنظام الدولي: الكويت والخليج، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1982.
- أبو زيد، أحمد محمد، "كينيث والتز: خمسون عاماً من العلاقات الدولية (1959-2009): دراسة استكشافية"، المجلة العربية للعلوم السياسية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 27، صيف 2010.
-  بدوي، ثروت، النظم السياسية، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1970.
- حسين، خليل، "الكومنولث الروسي: مشروع اتحاد أم انحلال"، مجلة قضايا دولية، مركز دراسات السياسة الخارجية، بيروت، العدد الأول، 1992.
- حسين، خليل، القوّة وأثرها في الأحلاف الدولة وصراعاتها، www.Lebarmy.gov.lb.qsp?In=ar&id=19718.
-  دانليفي، باتريك وأوليري، برايندان ، نظريات الدولة: سياسة الديمقراطية الليبراليّة، مركز الخليج للأبحاث، دبي، الإمارات العربية المتحدة، 2005.
- راتشمان، جديون، الدول الصغيرة وحيدة تسير على غير هدى. www.aleqt.com/2009/10/24/artical_292282.html.
- ربيع، محمد ومقلد، إسماعيل صبري، موسوعة العلوم السياسية، جامعة الكويت، الكويت، 1993.
- الربيعي، صاحب، "مفهوم الدولة"، الحوار المتمدن، العدد 2251، في 14/4/2008.http://www.watersexpert.se.
-  رجب، عمر الفاروق السيد، "قياس قوّة الدولة: دراسة في جغرافية القوّة"، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، العدد19.
-  سكافي، محمد وليد، حق استخدام القوة ودوره في العلاقات الدولية، اللجنة العربية لحقوق الإنسان، 2009. http://www.achr.eu/art575.htm.
- شايمر، جون مير، الواقعية: العالم الحقيقي والعالم الأكاديمي، ترجمة جلال خشيب، 2011 Internationalstudiestoridges.maktoobblog.com/273.
- شلبي، محمد، السياسة الخارجيّة للدول الصغيرة: الأردن وعملية تسوية الصراع العربي – الإسرائيلي (1979-1994)، دار كنوز المعرفة العلميّة للنشر والتوزيع، عمان، 2008.
- الشنفري، أحمد، "سياسة عُمان العربية في عهد السلطان قابوس"، (رسالة ماجستير) كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، القاهرة – مصر، 1995.
- شنكاو، هشام، (26/2/2010) chegaouticham.elaphbiog.com/posts.aspx?U =2309&A=4166.
-  الصابوني، محمد علي، صفوة التفاسير، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1996.
-  عبد السلام، محمد، مشكلات الدفاع عن الدول الصغيرة في الخليج العربي. digital.ahram.org.eg/articles.aspx?servial=221869
-  عبد الله، عبد الخالق، التبعيّة والتبعيّة السياسية، المؤسسات الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1986.
- عبد الله، عبد الغني بسيوني، النظم السياسيّة: أسس التنظيم السياسي، الدار الجامعية، 1985.
- عبيد، هناء، ما بعد المشروطية: تأثير النظام الاقتصادي في مراحل التحول الديمقراطي. www.sigassa.org.eg/NewsContent/3/134/2887/epsa 
- عطوي، عبد الله، جغرافية السكان، دار النهضة العربية، د.ت.
-  العمري، زايد بن محمد حسن، "مفهوم القوّة والقدرة في الفكر الاستراتيجي"، مجلة الدفاع الجوي، إدارة الشؤون العامة لقوات الدفاع الجوي، السعودية، العدد3، أيلول (سبتمبر) 2010.
-  فضّة، محمد، "أثر عامل الشخصيّة في صنع السياسة الخارجيّة، مجلة السياسة الدوليّة، العدد 74، أكتوبر 1983، ص54-70.
- لايدر، جوليان، "حول طبيعة الحرب"، مركز الدراسات العسكرية، دمشق، الطبعة الأولى، 1981.
- ليله، محمد كامل، النظم السياسية: الدولة والحكومة، دار الفكر، القاهرة، 1967-1968.
- المروي، عبد الله، مفهوم الدولة، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، 1981.
- معوّض، نازلي، بعض الاتجاهات الحديثة في دراسة السياسة الخارجيّة لدول العالم الثالث، في، علي عبد القادر (مقدم)، اتجاهات حديثة في علم السياسة، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1987.
- مقبل، ريهام، مركب القوّة: عناصر وأشكال القوّة في العلاقات الدوليّة، الأهرام الاقتصادي digital.ahram.org.ed/articles.aspx?serial=887254&eid=7805
-  مقلد، إبراهيم صبري، العلاقات السياسية الدولي، ذات السلاسل للطباعة والنشر، الكويت، 1987.
-  الموسوعة الجغرافية، المجلة الجغرافية: نافذة الجغرافيين العرب
- ميتكيس، هدى، الاتجاهات المعاصرة في دراسة النظم السياسية في دول العالم الثالث، في، علي الدين هلال ومحمود إسماعيل (محررين)، اتجاهات حديثة في علم السياسة، المجلس الأعلى للجامعات، اللجنة العلمية للعلوم السياسية والإدارة العامّة، 1999.
- هلال، علي الدين وقرني، بهجت،  مسح للأدبيات الرئيسيّة وإطار مقترح للتحليل، في، بهجت قرني، السياسات الخارجية للدول العربية، مركز البحوث والدراسات السياسية، القاهرة، 1994.
- هيئة البحوث العسكرية، حسابات القوّة الشاملة، إدارة المطبوعات والنشر للقوات المسلحة، 1990.

المراجع الأجنبية:
- Allouche, Boussetta, Small States and International Mediation: The Case of Algeria, Office des Publications University Sybarites, Alger, 1989.
- Anderson, P., Lineages of the Absolutist State, New Left Books, London, 1974.
-  Baech, Peter, A Tool for Analysis, World Politics, April 1975, 27 (3), pp.457-466.
- Barston, Ronald, The External Relations of Small States, in, August Schou and Ame Brand land (eds), Small States in International Relations, Almqvist and Wilksell, Sweden, 1971.
- Calvert, Peter, The Foreign Policy of New States, St. Martin's Press, New York, 1986.
-  Cambell, Steven J., Role Theory, Foreign Policy Advisors, and U.S. Policy Making, U.S.A: Department of Government in International Studies of South California, International Studies Association, 1999.
- Campbell, Kurt and O'Hanlon, Michael, "Hard Power: The New Politics of National Security", Basic Books, 2006.
- Coombes, David L., Representative Government and Economic Power, Ashgate Pub. Co., 1982.
-  Coplin, William, Introduction to International Politics, 3rd ed., Prentice Hall Inc, 1980.
-  disam.maktoobblog.com.
-   East, Maurice, "National Attributes and Foreign Policy", in, Maurice East (ed.), Why Nations Act: Theoretical perspectives Comparative Foreign Policy Studies, Sage Publications, California, 1978.
-  East, Murice, "Size and Foreign Policy Behavior: A Test of Two Models", World Politics, July 1973, 25(4), pp. 556-576.
- Easter, Christopher, Small States Development A Commonwealth Vulnerability Index, CARPAX Publishing, Found Table, 1999, 2000.
- Fauriol, Georges, Foreign Policy Behavior of Caribbean States, Center for Strategic and Intonation al studies, U.S.A., 1984.
- French, J.R.P. & Raven, B. "The leases of Social Power", In, Cartwrigh, D. (ed) Studies in Social Power, Ann Arbor, MI; University of Michigan Press, 1959, Chap.5.
- Hey, Jean A. k., Small States in World Politics: Explaining Foreign Policy Behavior, Lynne Rienner Publishers, 2003.
- Hey, Jean A. k., Small States in World Politics: Explaining Foreign Policy Behavior, Lynne Rienner Publishers, 2003.
- Holsti, K.J. International Politics: A framework for Analysis, Prentice Hall, 1977.
- Ingebritsen, Christin, et al. (ed), Small States in international relations, University of Iceland Press, 2006.
-  Issam 1982.maktoobblog.com
-  Keegan, Jogn "Lutelligencein War", Vintage, 2004.
Khechib, Djallel, (2011). International Studies bri-dges.maktoobblog.com/181/7.1914-1840.
-   Korany, Bahgat, "Coming of Age Against Global odds: The Third World and its Collective Decision-making, In, Karany et al (eds) How Foreign Policy Decisions are Made in Third World: A Comparative Analysis", Westview: Press, U.S.A, 1986.
Krasner, Stephen, "Structural Causes and Regime Consequences: Regimes as Intervening Variables", International Organization, Special Issue, 36(2), Spring 1982.
- Perry, Robert and Robertson, John, Comparative Analysis of Nations, Colorado, Westview press, 2002, pp. 32-36.
- Pevhouse, Jon C. "Democracy from the Outside-In: International Organizations and Democratization. nternational Organization, 56 (3), Summer 2002.
- Rickli, Jean – Marc "European Small States' Military Policies after the Cold War: from territorial to niche strategies", Cambridge Review of International Affairs, September 2008, 20 (3), pp.308-311.
- Rosenau, James, Turbulences in World Politics: A Theory of Change and Continuity, Princeton University Press, New Jersey, 1990.
- Rothstein, Ropert, "The Weak in the World of the Strong: The Developing Countries in the International System", Columbia University Press, New York, 1977.
- Stein, Arthur A., "The Politics of Linkage", World Politics, 33(1), October 1980.
- Stremlau, John, "The Foreign Policies of Developing Countries in the 1980s, in, John Stremlau (ed.). The Foreign Policies Priorities of the Third World States, Westview press INC. Colorado, 1982.
-  Thorhallsson, Baldur and Wivel, Anders, "Small States in the European Union: What Do we Know and What we Like to Know?". Cambridge Review of International Affairs, December 2006, 19 (4), pp. 652-656.
- Tilly, C. (ed), The Formation of National States in Western Europe, Princeton University Press, Princeton, 1976.
- Wagner, Jacueline Braveboy, "Opportunities and Limitations of the exercise of foreign policy power by a very small state: the case of Trinidad and Togo", Cambridge Review of International Affaire, September 2010, 23 (3), pp. 407-408.
- Walker, Stephan G., Role Theory and Foreign Policy Analysis, Duke University Press, Duke University, Policy Studies, 1987.
- Waltz, Kenneth N., Man, the state and war: A theoretical Analysis, Columbia University Press, New York, 1959.
- Weinstein, Franklin, "The Uses of Foreign Policy in Indonesia", World Politics, April 1972, 24(3), p. 366-371.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا