المناخ المحلي لمدينة صنعاء دراسة في المناخ التطبيقي
د . عبد القادر عساج محمد إسماعيل
أطروحة دكتوراه
قسم الجغرافية - كلية التربية - ابن رشد
2000
الملخص :
تمثل مدينة صنعـاء مـركز الصدارة وبؤرة النشاط السـياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن وبما يمثله موقعها الجغرافي الاستراتيجي لكونـها عاصمة البـلاد ومركـز الثـقل السكاني الأول اذ يصل تعداد السـكان القاطـنين فيهـا.
1500000 نسمةً يتوزعون على مساحة كلية قدرت ب 660كم مربع تقريباً .
بدأ علم المناخ منذ نشأته الأولى بداية تطبيقية، فما إن بدأ الإنسان يتنفس هواء الجو المحيط به ، ويتلمس النباتات الموجودة في بيئته المحدودة حتى شعر بضرورة البحث عن أثر الظاهرات الجوية في تحديد طرق معيشته، والعمل على ضبط تأثير تلك الظاهرات وتجنب مآسيها إن أمكن له ذلك . والحقيقة أن القيود المناخية التي تفرضها البيئة على الإنسان ما زالت في الوقت الحاضر ترهقه وتضايقه بنفس القدر الذي أحس به أبناء العصور القديمة، على الرغم من أن العدد الأكبر من سكان العالم يؤدون أعمالهم اليومية في أماكن يغلب عليها طابع الجو الصناعي الذي يجعلهم أقل تأثراً بالظروف المناخية العامة من أسلافهم الذين سكنوا العالم فيما مضى .
وقد حظيت الدراسات المناخية على المستوى العالمي باهتمام خاص ، وتوليها هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعـة لها ممثلة بمنظمـة الأرصـاد الجـويـة (WMO) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الأغـذية والزراعــة (FAO) عناية كبيرة ؛ وذلك لأن الغلاف الجوي نظام رئيسي تشارك في ملكيته كل الأمم ولا تقتصر عواقب تلوثه على النطاق المحلي بل تتعداه إلى مناطق أخرى تبعد مسافات عن مصادر ذلك التلوث، وما حادثة تشيرنوبل عنا ببعيدة ؛ هذا فضلاً عن الكثير من الانتهاكات التي حدثت وما زالت تحـدث لهذا الغـلاف ولا سيما في أواخر القرن الماضي إذ أسهمت المجتمعات الصناعية في تدمير الغلاف الجوي تدميراً دفع منظمة الأمم المتحدة لعقد قمة الأرض مرتين خلال العقد الأخير من القرن الماضي. كان أهم موضوعات هذين المؤتمرين هو معالجة الأخطاء البشرية التي تحيط بالغلاف الجوي والحيوي على حد سواء .
وقد أضافت بعض النظريات الحديثة المتعلقة بالتغير المناخي(Climate Change) بعداً جديداً إلى الدراسات المناخية ؛ يتمثل في النتائج الخطرة التي يمكن أن يحدثها التغير المناخي في معدلات إنتاج الغذاء وما يترتب على ذلك من صراعات دولية .([1])
وتكمن أهمية الدراسات المناخية على المستوى المحلي في اعتبار المناخ مورداً طبيعياً مهما وإذا أمكن دراسته بطريقة علمية سليمة أمكن استغلاله استغلالاً اقتصادياً ناجحاً .
وتعد دراسة المناخ المحلي Local Climate من أهم الدراسات المناخية ( التطبيقية) ، وأعقدها نتيجة التداخل والتفاعل المتبادل بين المناخ العام من ناحية والبيئة المحلية بما تمارس من تأثيرات تعمل على تعديل خصائص المناخ العام وتكسبه خصائص مناخية مميزة له في تفاصيلها من ناحية أخرى .
وقد زاد الاهتمام حديثاً بنتائج التطور المديني مع تزايد النمو المساحي والسكاني في المدينة فجاءت هذه الدراسة رغبة في الكشف عن الظروف المناخية التي تشكلها مدينة صنعاء وتبقى سمة لها ، ولكون هذه الدراسة هي أول دراسة تطبيقية في المناخ المحلي في اليمن خاصة ومدن المناطق المدارية عامة فقد بدت أهميتها في سعيها لكشف العلاقة بين النمط العمراني وأثره في المناخ كي يَعمل حساب ذلك عند التخطيط المستقبلي لتطوير المدينة اليمنية من جانب أو تحديث مدينة صنعاء من جانب أخر من خلال تحقيق هدف الدراسة الأسمى والمتمثل في إبراز دور العوامل المحلية " طبيعية وبشرية" في تشكيل المناخ المحلي للمدينة الذي يتحقق من خلال إبراز أهم العوامل المؤثرة في التباين المكاني لعناصر المناخ المحلي لإظهار الطبيعة المناخية التفصيلية وتحديد العلاقة القائمة بين عناصر المناخ بعضها ببعض وعلاقاتها بالمؤثرات "الطبيعية والبشرية" التي تفرضها استعمالات الأرض في المدينة.
وهي دعوة للباحثين لعمل دراسات مماثلة لمدن يمنية أخرى .
ولتحقيق هذه الأهداف تم القيام بقياسات ميدانية من خلال وضع أجهزة رصد شبه ثابتة. وزعت على خمسة عشر موقعاً في المدينة تمثلت في قياسات الحرارة والرطوبة والرياح.
ولتحديد خصائص مناخ المدينة خضعت تلك القياسات للتحليل الإحصائي ورسم الخرائط التفصيلية لإظهار صورة جزيرتي الحرارة والجفاف في المدينة .
وقد بنيت الدراسة على فصول خمسة خلصت إلى استنتاجات عدة كان من أهمها ما يأتي :-
أسهمت مدينة صنعاء من حيث عدم وجود أبنية عالية في مركز المدينة في ضعف الجزيرة الحرارية في فصل الشتاء نهاراً.
أظهرت الدراسة أن الجزيرة الحرارية ليلاً في فصل الصيف في صنعاء أقل وضوحاً مما هي عليه في فصل الشتاء.
يعزى تناقص درجات الحرارة في شهر آب- اذتصل 25مْ -إلى عوامل منهاارتفاع نسبة التغيم في هذا الشهر وزيادة ميل زاوية سقوط الأشعة الشمسية عما هي عليه في بقية اشهر الصيف مع احتمال ارتفاع نسبة هطول الأمطار في فترة ما بعد الظهر في حين يكون للضباب أثرٌ في حجب الأشعة الشمسية صباحاً.
أن سرعة الرياح تحتل المركز الأول في العوامل المؤثرة في درجتي الحرارة العظمى والصغرى في المدينة حيث بلغت نسبة التفسير لكل منها ما مقداره 40.3% من إجمالي التباين في درجات الحرارة العظمى. وهكذا نلاحظ أن سرعة الرياح تعمل على خفض درجات الحرارة الصغرى والعظمى بنسب تتراوح بين 23.6% و 28% على التوالي من المقدار الكلي المفسر لكل منها :
إن زيادة سرعة الرياح في المدينة بمقدار 1م/ث يؤدي إلى خفض درجات الحرارة الصغرى فتعمل على حراك حراري بين الأشعة الممتصة والمنعكسة هذا من جانب أما من جانب آخر فتعمل المرتفعات كمصدات رياح مما يساعد على تقليل سرعة الرياح الداخلة الى المدينة والخارجة منها مما ينعكس على عملية التبريد الريحي لدرجات الحرارة في المدينة كما أن للمرتفعات أثر في خفض درجة الحرارة بسبب ارتفاع وهبوط الهواء البارد ليلاً .
تتعاظم قيم الرطوبة النسبية الصغرى في فصل الشتاء جنوب وجنوب غرب المدينة نتيجة لكثافة الغطاء الشجري فيها .
يعزى ارتفاع معدلات الرطوبة العظمى صيفاً لما تحظى به المدينة من أمطار خلال هذا الفصل.
تؤثر الحرارة الصغرى في قيم الرطوبة النسبية العظمى بمقدار 51.1% من إجمالي التفسيرات المؤثرة في قيم الرطوبة النسبية العظمى في حين أثرت درجات الحرارة العظمى على قيم الرطوبة النسبية الصغرى بمقدار 44.7% . وهكذا فإن قيم الرطوبة النسبية العظمى والصغرى تتأثر بدرجات الحرارة أكثر من غيرها من العوامل المؤثرة في الرطوبة بشقيها.
كلما زادت درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة أدى ذلك إلى خفض في قيم الرطوبة النسبية العظمى بمقدار -1.9% و -0.67% لقيم الرطوبة النسبية الصغرى.
أوضحت الدراسة أن هناك علاقة ارتباط موجبة بين سرعة الرياح كمتغير تابع و تباعد المباني كمتغير مستقل قدره بـ0.87 عند مستوى ثقة 95٪ أي أن نسبة الخطأ المعياري للقياس لا تتجاوز 5٪ فقط.
كشف معامل بيتا أن مقدار التغير في سرعة الرياح يصل إلى 0.044م/ث كلما زادت مسافة البعد بين المباني بمقدار متر واحد .
لا يعد اتجـاه الريـاح في المدينة مؤشراً صحيحاً لاتجاهها نتيجة لما تفعله المدينة ولا سيما شوارعها من تكوين دوامات هوائية نتيجة الحراك الحراري بين المدينة وأطرافها .
تقلل الجبال الشمالية والجنوبية الغربية في النطاق الغربي والجنوبي الغربي من المدينة من سرعة الرياح فلم تسجل سرعتها اكثر من 2.5م/ث في عصر و 2.3م/ث في حدة ودار سلم في حين تعزى الزيادة في سرعة الرياح في حزيز الى كونها مفتوحة على الريف المجاور.
وإنني إذ أتقدم بهذا الجهد المتواضع الذي لا يخلو من النقص لأرجو من الله العلي القدير أن يكتب لي به أجراً وأن يكتب له التوفيق .
الاستنتاجات والتوصيات :
لكل عمل خاتمة ، وخاتمة هذا الجهد المتواضع ما توصلت إليه الدراسة من نتائج وتوصيات تمثلت فيما يلي :
أولا : الاستنتاجات :
أن المحطات الشمالية في المدينة تجاوزت معدل درجة الحرارة الصغرى الشتوية في كانون الثاني إذ تراوحت معدلاتها بين 1.1ْم لمحطتي سعوان وشعوب بينما سجلت محطتا الشيراتون ومذبح 0.9ْم لكل منهما.
كما كشفت الدراسة أن محطات شمالي المدينة ترتفع فيها المعدلات الحرارية عن المعدل فقد كان هذا الارتفاع 0.2ْم في محطتي سعوان وشعوب ولا تقل عن 0.1ْم في الشيراتون وتزيد على 0.6ْم في محطتي السبعين و 3.3 في دار سلم وحزيز 3.2ْم في الأصبحي وحدة. مركز المدينة.
أما المحطات الجنوبية في شباط فهي دون المعدل بينما تتراوح بقية المحطات بين 3.4ْم في محطة .
أظهرت القياسات الميدانية التي أجريت في فصل الشتاء ارتفاع درجات الحرارة في مناطق الازدحام السكاني والمناطق التي ترتفع فيها الكثافة العمرانية. وتنخفض فيها سرعة الرياح. في حين تنخفض درجات الحرارة في أطراف المدينة الجنوبية إذ تزداد نسبة مساحة الفضاء والمناطق الخضراء وتقل النشاطات البشرية وتزداد سرعة الرياح .
أسهمت طبيعة مدينة صنعاء من حيث عدم وجود أبنية عالية في مركز المدينة في ضعف الجزيرة الحرارية في فصل الشتاء نهاراً.
أن انفتاح المدينة بالاتجاهين الشرقي والغربي ساعد على تناقص سريع لدرجات الحرارة، أثر هذا الاختلاف على سرعة الرياح في الأطراف مقارنة بسرعة الرياح في مركز المدينة أو بقية الأجزاء إذ كانت معدلات سرعة الرياح تتراوح بين 2.6م/ث في مركز المدينة و 3.3 م/ث في جنوبي المدينة في حين وصلت إلى 3.5م/ث و 4.9م/ث في نقم الجبلية في شهري كانون الثاني وشباط على التوالي.
يعزا وضوح الجزيرة الحرارية نهاراً عنها ليلا إلى زيادة النشاط البشري والحركة التجارية عن احتراق الوقود جميع هذه العوامل تضيف إلى الهواء كمية كبيرة من الطاقة الحرارية ، فضلا عما يحدثه اختلاف سرعة الهواء بين المركز والأطراف.
يعزا التراجع في درجات الحرارة نهاراً في شهر آب لتصل 25ْم إلى عوامل منها ارتفاع نسبة التغيم في هذا الشهر عن غيره من الشهور وزيادة ميل زاوية سقوط الأشعة الشمسية عما هي عليه في شهر تموز، فضلا عن ذلك ترتفع نسبة احتمال هطول الأمطار في فترة ما بعد الظهر في هذا الفصل في حين يكون للضباب في الصباح الباكر أثر في حجب نسبة من الأشعة الشمسية.
يتراوح المدى الحراري لشهري حزيران وتموز بين 17-18ْم ، أما شهر آب فانه يشهد مدى حرارياً واطئاً جداً بل أنه أوطأ مدى حراري يومي لجميع أشهر السنة .
تكون الجزيرة الحرارية في فصل الصيف في صنعاء أقل وضوحاً مما هي عليه في فصل الشتاء وهذه النتيجة منطقية وتتفق مع نتائج الدراسات السابقة .
أن قيم الرطوبة النسبية الصغرى في فصل الشتاء تتعاظم في جنوب وجنوب غرب المدينة، إذ لا تقل درجات الرطوبة عن 40% إلا في محطة حزيز حيث تصل إلى 39.9 % في حين سجلت درا سلم وحدة والأصبحي 40.1 % ، 40.5 %، 40.8 % على التوالي.
أن معدلات الرطوبة النسبية الصغرى في فصل الصيف لا تختلف عما عليه في فصل الشتاء. إذ لا تقل الرطوبة الصغرى في هذا الفصل عن 31 % في الوقت نفسه تصل في بعض المحطات إلى 34 % وفي محطة نقم تصل إلى 37 % وبهذا فإن تأثير المدينة على قيم الرطوبة النسبية في فصل الصيف رغم ارتفاع الحرارة لا يختلف عما هي عليه في الشتاء وذلك لأن الصيف هو الفصل المطير.
تقلل الجبال الشمالية والجنوبية الغربية في النطاق الغربي والجنوبي الغربي من المدينة من سرعة الرياح فلم تسجل سرعتها أكثر من 2.5 م/ث في عصر و2.3 م/ث في حدة ودار سلم في حين تعزا الزيادة في سرعة الرياح في حزيز إلى كونها مفتوحة على الريف المجاور.
أن اتجاه الرياح في المدينة لا يعد مؤشراً صحيحاً لاتجاهها نتيجة ما تقوم به الأبنية من تغير في الاتجاه ولا سيما إذا كانت الأبنية منتظمة مما يساعد على انسياب الرياح في خطوط موازية لخط الشارع وقد تعمل على خلق دوامات هوائية في منطقة تقاطع الشوارع وعند مداخلها، فتعمل على رفع نسبة التلوث بالأتربة والعوالق في الهواء.
أن ارتفاع معدلات الرطوبة العظمى صيفاً يعزا إلى ما تحظى به المدينة من كمية أمطار تسقط عليها في هذا الفصل.
أن زيادة كثافة السيارات بمقدار سيارة لكل م2 تضاعف درجات الحرارة العظمى والصغرى بمقدار 0.0089ْم ، 0.0097ْم لكل منهما.
أن درجات الحرارة الصغرى تزداد بمقدار 0.0096ْم كلما زادت نسبة المساحة المشيدة بمقدار (1 كم2) تقريباً في حين تزداد درجات الحرارة العظمى بمقدار (0.0092م) تقريباً لكل (1 كم2) تضاف على المساحة المشيدة .
على الرغم من صغر المساحة المعبدة إلا أن أثرها في درجات الحرارة العظمى والصغرى واضح مقارنة بالمساحة الخضراء وكانت النتائج تمثل 14.6% من اجمال التباين للعوامل المؤثرة في درجات الحرارة الصغرى بينما سجلت 15.7 % من إجمالي التباين للعوامل المؤثرة في درجات الحرارة العظمى، كما سجلت معاملات الارتباط نسباً مقدارها 0.382ْم و 0.395ْم لكل من الحرارة الصغرى والعظمى على التوالي.
هناك علاقة عكسية بين المساحات الخضراء ودرجات الحرارة إذ تنخفض درجات الحرارة بمقدار 0.123ْم والعظمى مقدار 0.64ْم كلما زادت نسبة المساحة الخضراء بمقدار 1كم2.
أن قلة المساحة العرضية للشوارع قللت من قدرة تأثيرها على درجات الحرارة فكلما قلت نسبة تعامد الرياح على نقط القياس زادت درجات الحرارة الصغرى بمقدار 0.0034 والعظمى بمقدار (0.0032) .
إن الكثافات السكانية في المدينة تزداد كلما اتجهنا نحو مركز المدينة وتقل بالابتعاد عنه إذ ترتبط درجات الحرارة بعلاقة عكسية مع نسبة الإبتعاد عن مركز المدينة بمقدار 0.01ْم لكل (1 كم) بالنسبة لدرجة الحرارة الصغرى وبمقدار 0.0475ْم لكل (1 كم) لدرجة الحرارة العظمى.
تؤثر الحرارة الصغرى في قيم الرطوبة النسبية العظمى بمقدار 51.1 % من إجمالي التفسيرات المؤثرة في قيم الرطوبة النسبية العظمى في حين أثرت درجات الحرارة العظمى على قيم الرطوبة النسبية الصغرى بمقدار 44.7 % . وهكذا فإن قيم الرطوبة النسبية العظمى والصغرى تتأثر بدرجات الحرارة أكثر من غيرها من العوامل المؤثرة في الرطوبة بشقيها.
كلما زادت درجات الحرارة بمقدار درجة مئوية واحدة أدى ذلك إلى خفض في قيم الرطوبة النسبية العظمى بمقدار -1.9 % و -0.67 % لقيم الرطوبة النسبية الصغرى.
إن نسبة التغير في المساحة المشيدة بمقدار (1 كم2) يؤدي إلى خفض في قيم الرطوبة النسبية العظمى والصغرى بمقدار (-0.035) ، (-0.134) على التوالي.
إن هبوط مستوى المدى الحراري في آب الى 11ْم او 10ْم يعود بالدرجة الأولى إلى انخفاض درجة الحرارة العظمى إذ أن الصغرى تبقى مشابهة لحزيران ، ويعزا ذلك لقلة التغيم ليلا، أما العظمى فإنها تنخفض إلى العشرينات بسبب الغيوم والأمطار الغزيرة في شهر آب نهاراً مما يؤثر بشكل واضح على المدى الحراري اليومي ، وهذه الحقيقية التي نثبتها من خلال العمل تشير إلى اختلاف بين تسجيلات العمل الميداني ودرجة الحرارة لشهر اب المثبتة من قبل الهيئة العامة للإرصاد الجوية.
إن سرعة الرياح تحتل المركز الاول في العوامل المؤثرة في درجتي الحرارة العظمى والصغرى في المدينة فقد بلغت نسبة التفسير لكل منها ما مقداره 40.3 % من إجمالي التباين في درجات الحرارة العظمى. وهكذا نلاحظ أن سرعة الرياح تعمل على خفض درجات الحرارة الصغرى والعظمى بنسب تتراوح بين 23.6 % و 28 % على التوالي من المقدار الكلي المفسر لكل منها .
إن زيادة سرعة الرياح في المدينة بمقدار 1م/ث يؤدي إلى خفض درجات الحرارة الصغرى فتعمل على حراك حراري بين الأشعة الممتصة والمنعكسة هذا من جانب أما من جانب آخر فتعمل المرتفعات كمصدات رياح مما يساعد على تقليل سرعة الرياح الداخلة إلى المدينة والخارجة منها مما ينعكس على عملية التبريد الريحي لدرجات الحرارة في المدينة كما أن للمرتفعات أثرَ في خفض درجة الحرارة بسبب ارتفاع وهبوط الهواء البارد ليلاً .
إن إحاطة المرتفعات بمدينة صنعاء من ثلاث جهات قلل من أثر العوامل المناخية في درجات الحرارة الصغرى، والعظمى بمقدار -1.07ْم، -1.4ْم لكل منهما .
يعزا إلى هذه المرتفعات تأثيراتها في اتجاه الرياح فمعظم رياح مدينة صنعاء تكون موازية وشبه موازية لاتجاه المرتفعات.
يكون تأثير المرتفعات في كمية الاشعاع الشمسي والرياح معاً في درجة الحرارة العظمى أكثر مما هو عليه بالنسبة لدرجة الحرارة الصغرى.
ترتبط مساحات الفضاء بعلاقة عكسية مع درجات الحرارة الصغرى بمقدار 0.425 والعظمى 0.0328 على التوالي فكلما زادت نسبة مساحة الفضاء قلت درجات الحرارة والعكس صحيح.
تؤثر مساحات الفضاء في درجات الحرارة الصغرى بمقدار 17.9 % من نسبة التغيرات الأخرى بينما كان نصيب هذا المؤثر في درجات الحرارة العظمى 10.7 % فقط.
كلما زادت نسبة المساحة المعبدة (1كم2) فإن قيم الرطوبة النسبية العظمى تنخفض بمقدار -0.5% في حين تنخفض الصغرى بمقدار 0.049 % لكل 1كم2.
هنالك علاقتا ارتباط طردية بين المساحات الخضراء مع قيم الرطوبة العظمى وعكسية مع قيم الرطوبة الصغرى بمقدار (0.181) ، (-0.079) لكل منهما على التوالي.
إن مقدار التغير في سرعة الرياح يصل الى 0.044 م/ث كلما زادت مسافة البعد بين المباني بمقدار متر واحد.
إن التغير في سرعة الرياح مع نسبة المساحة المشيدة يقدر بـ 0.0072م/ث كلما زادت نسبة المساحة المشيدة 10% من مساحة المدينة.
كلما زاد عرض الشارع متراً واحداً زادت سرعة الرياح بمقدار 0.024 م/ث.
كلما زاد انحراف الشارع عن سرعة الرياح بمقدار زاوية واحدة انخفض سرعة الرياح بمقدار 0.1473 م/ث.
ثانيا : التوصيات:
توصي الدراسة بالتقيد بارتفاع المباني الحالي وعدم تركيز المباني العالية في مركز المدينة لكي تبقى الجزيرة الحرارية ضعيفة وقليلة التأثير وفي حالة اعتماد المباني العالية توصي الدراسة بإتباع أساليب التخطيط التي تنسجم مع الظروف المناخية للمنطقة .
العمل علي تقليل تدفق حركة السيارات والمركبات داخل المدينة بإتباع سياسة التنظيم للوسائط العاملة داخل المدينة لتقليل الضغط على المساحة المخصصة للطرق في المدينة .
تشجيع الدراسات عن مدن يمينه أخرى كبيرة الحجم وفي طور التطور والتوسع لمعرفة واقعها المحلي لرسم خطط توسعها بشكل صحيح.
تشجيع إقامة محطات مناخية أو الأكثار منها في بعض المواقع وذلك لغرض تسهيل مهمة جمع البيانات المناخية.
دعوة مراكز البحث العلمي في اليمن والجهات ذات العلاقة للعمل على تسهيل مهمة البحث العلمي وتطوير الإمكانات المتاحة وإبداء المساعدة اللازمة للباحثين.
تشجيع المهندسين والمخططين على النظر إلى المناخ المحلي للمدينة كعامل أساسي ومهم عند وضع الخطط للتوسع أو لتطوير المدينة.
____________________
([1]) نعمان شحادة ، مناخ الأردن ، دار البشير للطباعة والنشر ، ط1 ، 1991 ، ص13.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق