أمراض الفقر وسط الأحياء المتخلفة
دراسة ميدانية بمدينة بسكرة
د. طويل فتيحة
جامعة محمد خيضر بسكرة(الجزائر)
الملخص:
نحاول من خلال هذه الدراسة أن نسلط الضوء على أساليب عيش الإنسان وسط الأحياء المتخلفة، والمعاناة اليومية من سوء تغذية إلى رداءة المسكن إلى تلوث المحيط... وكيف تؤثر هذه الظروف على صحة الإنسان الفسيولوجية والنفسية بانتشار أمراض الفقر وسط الأحياء المتخلفة. محاولين تقديم توصيات لعلاج هذه الظاهرة، التي يعيشها الإنسان في الأحياء المتخلفة بمدينة بسكرة.
كلمات مفتاحية: الصحة – المرض- الاحياء المتخلفة....
The summery
With this study, we try to focus on how person live in poor quarters with daily misery, bad nutrition, bad dwelling, pollution… etc And how these circumstances make bad effects on the physiological and psychological health of persons. We try by this study to give some suggestions to cure this phenomenon which in creased in poor quarters of biskra city.
مقدمة:
يقال: أن الجسم هو المكان الداخلي، والسكن هو المكان الخارجي للجسم، إذ يجب أن يتلاءما قدر المستطاع من أجل امتصاص الضغوطات والإحساس بالفشل والعدوانية... فهل يمكن لساكني الأحياء المتخلفة أو العشوائيات الحضرية أو القصديرية...أن تتلاءم أجسامهم وسط مساكن غير صحية؟. لا تتوفر فيها المرافق الضرورية كالصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب والتهوية... وسط حيز مكاني تتراكم فيه الفضلات وتنتشر فيه الحشرات. مع ارتفاع معدلات التزاحم والازدحام من قاصدي هذا المكان سواء كانوا فقراء أو محرومين أو محدودي الدخل أو من لا مأوى لهم، كالمرض بأمراض معدية أو مستعصية أو المتسولين.. وغيرهم من الفئات التي تعاني الفقر المدقع وتدني مستوى المعيشة وسوء التغذية ..في مجتمع عرف بالكرم والتضامن؟
واقع مر تداخلت وتفاعلت فيه عدة عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية وبيئية.. لتشكل مشكلة اجتماعية حقيقية وأرضية خصبة، لأسباب و عوامل مادية ومعنوية تساهم في انتشار الأمراض وسط الأحياء المتخلفة، كفقر الدم والربو والكوليرا والإدمان...
فإلى أي مدى تؤدي أساليب العيش وسط الأحياء المتخلفة والمعاناة اليومية من سوء تغذية إلى رداءة المسكن إلى تلوث المحيط... إلى انتشار مختلف الأمراض الفيزيولوجية والنفسية والاجتماعية...؟؟
أولا: الأحياء المتخلفة:
تعتبر المناطق المتخلفة من بين أكبر المشاكل التي يعاني منها هذا العصر الناتجة عن سرعة التحضر، وكذا الهجرة المتعاقبة نحو المدن بسبب التوطن الصناعي الذي فرضته التجارب التنموية، وأدى بالتالي إلى عجز المدن عن التوسع المخطط من ناحية، وقلة الإمكانيات المادية المتاحة لحل أزمة السكن التي تعيشها هذه المناطق من ناحية أخرى.وكثيرا ما تتواجد هذه المناطق على ضواحي المدن كوسمة عار في حق ما طبق من سياسات حضارية، التي أنتهجتها الهيئات الحكومية والأهلية داخل العديد من بلدان العالم الثالث (1)
إذ نجد هذه الأحياء وسط تدهور بيئي وتشوه لسكناتها، وغياب تجهيزها بالمرافق الضرورية ناهيك عن المشاكل التي تنعكس عنها كالفقر، البطالة، الانحراف، التشرد... الأمر الذي يحدث اضطراب في تسيير المؤسسات الحضرية (2)، ومن هذا المنطلق ستحاول البحث عن حقيقة هذه الأحياء من خلال:
1-1 -مفهوم الأحياء المتخلفة:
وتعرف هذه المناطق في اللغة الانجليزية Slum. فهي تلك المناطق التي لم تمسها يد المخطط إطلاقا، أو أسيىء تخطيطها ولا يشترط فيها أن تكون مناطق قديمة، إذا كان من الممكن تواجدها في مناطق حديثة العمران إلا أنها سيئة التخطيط، وأحيانا تطلق على منطقة تضم مجموعة من المساكن التالفة أوالمستهلكة غير الصحية، والتي ينقصها الكثير من الوسائل المعيشية اللازمة (3).
ويعرفها "عاطف غيث" على أنها المكان الذي توجد به مباني تتميز بالازدحام الشديد، والتخلف والظروف الصحية غير المناسبة وما يترتب على وجود هذا كله من آثار على الأمن والأخلاق (4).
ويرى" بوعناقة علي" أنها عبارة عن مناطق سكنية مزدحمة بالسكان أتت من مناطق مختلفة من الريف خصوصا، ويؤلف هذا العمران بعد تكوينه لحزام يحيط بالمدن، ويتصف مكان الحي القصديري بأنه من المستويات الاقتصادية المنخفضة والمرفوضة اجتماعيا (5).
كما تعرف على أنها مناطق عشوائية سريعة النمو، ذات كثافة مرتفعة تقع عادة إما داخل المدينة القديمة أو القرب منها أو على هامش المنطقة الحضرية.
كما تعتبر المناطق المتخلفة مناطق ذات مظاهر سيئة، تغلب عليها طابع القذارة والفساد الاجتماعي، ذات شوارع وأزقة قديمة تقع داخل نطاق المدن، كأجزاء منها مكونة بذلك نواة المناطق المتخلفة (6).
ومن خلال ما سبق نستطيع أن نقول: أن الأحياء المتخلفة هي عبارة عن مناطق مزدحمة بالسكان بنيت بطريقة غير مخططة عشوائيا من صفائح القصدير أو الخشب أو الطين .. وغالبا ما تتواجد في أماكن منعزلة أو في ضواحي المدن أو بالقرب من مجاري صرف المياه، وتظهر نتيجة للهجرة الريفية والاستيطان الصناعي، وتعد هذه الأحياء المتخلفة وكرا للأمراض والفقر والآفات الاجتماعية، فهي غير مجهزة بالمرافق الضرورية للحياة، ولا تسكنها إلا الطبقات الفقيرة المحتاجة في اغلب الأحيان.
2-1: أسباب الأحياء المتخلفة:
- تظهر بسبب توسع المدينة بطريقة غير شرعية، أي أن التخطيط العام للمدينة لم يحدد ذلك النمو العشوائي، مما يضطر الدولة للاعتراف بها، ومحاولة تقديمه من مرافق عامة، وتسهيلات مختلفة.
- نتيجة لنمو عمراني موصى به من قبل التخطيط العام، إلا أنه لم يراع التوصيات والشروط التي ينص عليها التخطيط العام مثلا في الجزائر، وفي ظل المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير ظهر حوالي 30% من الأحياء المتخلفة (7).
- تنشأ المنطقة المتخلفة نتيجة انعزالها عمرانيا، واقتصاديا واجتماعيا عن المدينة، مما يجعل منها وحدة عمرانية شاذة تكرس التخلف.
قد تنشأ حول نواة عمرانية (قرية، تجمع عمراني محدد...) وتتطور حوله المدينة وتبقى هي متخلفة، أو المدن التي تتطور من خلال أحياء قديمة تتوسع لتضم لها قرى وأرياف نتيجة الهاجرين من منطقة إلى أخرى، الذين ينقلون فكرهم وسلوكهم على نوع المسكن الذي يعدوه بأنفسهم.
- وأحيانا فإن سياسة الإسكان تأخذ تقسيم المباني وفق نموذج واحد أو اثنين للموقع بأكمله، الذي لا يراعي التركيب الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للسكان، إذ توجد أنواع متعددة من الأسر بسبب حجمها لا تتناسب مع النموذج الواحد المستورد من الخارج، وهذا ما يضطر السكان إلى إدخال بعض التعديلات التي توافق احتياجاتهم وتقاليدهم (8) .
- نتيجة للتوزيع غير العادل للمشاريع على مختلف أرجاء البلاد.
- غياب الاختيار الموضوعي لطرق الإنجاز، ولضعف هياكل التخطيط والتنسيق بين القطاعات والمراقبة (9) .
3-1 خصائص الأحياء المتخلفة:
أ- من الناحية الاجتماعية: إن الحياة في الأحياء المتخلفة، حياة لا مكان فيها للتنسيق في ظل الاكتظاظها بالسكان الفقراء ذوي المستوى الاقتصادي المنحط، لأنهم يؤدون أعمالا وخدمات لا تضيف قيمة إلى الناتج القومي، ولا لعائلاتهم التي تزداد فيها معدلات الأمية والجهل، نتيجة للتسرب المدرسي والالتحاق المبكر بسوق العمل غير الرسمي و لانخفاض مستوى الدخل(10) عندهم، وهذا ما يؤدي إلى كثير من المشاكل، كالتشرد والطلاق والتفكك الأسري، ومختلف الانحرافات.. إلى جانب ذلك سوء أحوالهم الصحية ،لقلة النظافة وكثرة الفضلات والأوساخ، واشتراك العديد من الأسر في كثير من الأحيان بمجرى مائي، وهو خندق قلما يجري تنظيفه، مما يؤدي لانتشار الجراثيم والقاذورات التي تؤدي إلى تدهور الصحة نظرا لقلة المراقبة والمرافق الضرورية (11) .
ب- من الناحية المادية: هذه الناحية التي تبين ما تعانيه هذه الأحياء من تشوه مبانيها وقدمها ونقص التهوية والإضاءة، وقلة الحدائق والمجاري إن لم نقل انعدامها، إلى جانب ضيق الطرق والشوارع وانعدام المواصلات...وغالبا ما تبنى هذه الأحياء خاصة على ضواحي المدن، من قصدير أو فضلات الخشب والمواد المعدنية والكرتون. إلى جانب خلوها من المرافق الحيوية، الاجتماعية والاقتصادية مما يزيد من مشكل الأمية في أوساط السكان وانعدام الوعي عندهم (12) .
ويمكن أن ندرج كيفية توزيع هذه الأحياء في الجزائر في دراسة ميدانية أظهرت حوالي 60% من هذه الأحياء تقع على أطراف المدينة، و08% من هذه الأحياء داخل المحيط العمراني للمخطط الرئيسي للتعميرPUD، والمخطط التوجيهي للتهيئة والتعميرODAU في الأماكن الفارغة غير الصالحة للتعمير، و 02% لا توجد أحياء قصديرية (13) .
4-1- وظائف الأحياء المتخلفة:
على الرغم مما تحتويه هذه المناطق المتخلفة من آثار سيئة على البنية الحضرية، وما ينتشر في أوساطها من ظواهر اجتماعية تشل حركة التنمية، إلا أنها تعتبر مسكنا للذين لا مسكن لهم من المهاجرين والمحرومين، بما تساهم به من وظائف هامة منها:
- تعتبر موطنا للمهاجرين وأماكن لتكيفهم وتهيئتهم قبل اندماجهم في الحياة الحضرية.
- تسهل هذه الأحياء مهمة من بدؤوا حياتهم فيه بتمكينهم من توفير بعض المال لبداية أعمال بسيطة تساعدهم، على تأخير مساكن في مناطق أفضل من مساكنهم الأصلية.
- كما تقوم هذه المناطق بالكثير من التسهيلات الاجتماعية والاقتصادية المفيدة لسكانها، منها تشعيهم على ظاهرة التماسك الاجتماعي وتهيئتهم لمعرفة طرق المعيشية في المدن.
- كما تقوم هذه المناطق باستقطاب الأشخاص الذين رفضوا اجتماعيا ويعملون في المجالات غير المشروعة (14).
- وغالبا فإن هذه الوظائف التي تساهم بها الأحياء المتخلفة تحكمها متغيرات أهمها:
- الموقع: وهو الذي يفسر على أساسه مدى قرب هذه المناطق الحضرية المتخلفة، من أماكن العمل والخدمات الاجتماعية المختلفة.
- الأرض المتوفرة: تكون المناطق الحضرية المتخلفة ذات طبوغرافية وعرة وصعبة نوعا ما، في مستوى حالة الدخل المنخفض، بشرط أن تكون قريبة من سوق العمل، والنشاطات الاقتصادية والصناعية المختلفة.
- الاستقرار: ويقوم أساسا على تحديد مدة الحيازة المطلوبة والتي تتراوح بين الإقامة القصيرة المؤقتة والإقامة الطويلة التي تتطلبها الحيازة المستديمة.
- مستوى الدخل: ففي حالة مستوى الدخل المنخفض تكون مواقعها ذات أمد طويل وليس لها قابلية التلاؤم مع التحديث، أما إذا كان مرتفع فإن مواقها تكون ذات أمد قصير والتجديد في المستقبل.
- القابلية: ونعني بها استيعاب هؤلاء السكان لأساليب الحياة الحضرية الحديثة، ضمن فترة قصيرة معينة والذي له علاقة بالموقع والاستقرار.
- فاعلية تنفيذ القانون: وهو الذي يحد من عملية الاستيلاء على الأراضي الخالية (15) .
5-1- أنواع الأحياء المتخلفة: قد اختلف العلماء في تحديد أنواع الأحياء المتخلفة حيث قسم تشارلز ستوكس" الأحياء المتخلفة إلى نوعين هي:
أ- الأحياء المتخلفة ذات الأمل: وهي أحياء سكانها الوافدون الجدد إل المدينة من أجل حياة أفضل، من التي كانوا يعيشونها سابقا، يعلوهم الأمل والطموح على الرغم من المستقبل المجهول في هذه الحياة الجديدة- بأنهم سينتقلون يوما إلى مناطق أفضل، ومن ثم فإن مساهمة مثل هؤلاء السكان في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للمدينة ذات نطاق ضيق.
ب- الأحياء المتخلفة اليائسة: وهي مناطق ذات طابع يائس يشكل النهاية لمرحلة السكان القاطنين بهذه الأحياء، حيث فقدوا الأمل والطموح في الانتقال إلى حياة أفضل وتملكهم اليأس، واستسلموا للعيش في هذه المناطق للأبد.
كما قسم "غينسGans" هذه المناطق المتخلفة إلى نوعين هما:
- الأحياء المتخلفة: والتي تعمل على جذب المهاجرين إلى المدينة من الريف وكان هذا النوع من المدن الأمريكية مكان إقامة وجذب للأوربيين ثم الزنوج والبورتوريكو، الذين عملوا على إيجاد التوافق بين ثقافتهم وانطباعاتهم الاجتماعية، ولقد أطلق على هذه التجمعات البشرية القرويون الحضريون.
- المناطق المتخلفة والتي تعتبر وكرا للمجرمين ومختلف الشرائح الاجتماعية التي رفضها المجتمع، وفقدت الأمل في العيش وسط المجتمع والتفاعل معه، ويطلق على هذه الأحياء اسم الأدغال الحضرية لأنها توحي بنوع من الكآبة والوحشية والعدوان.
ج- الحي المتخلف في الأصل: مساحته تعتبر في الأصل متخلفة تتكون من مباني غير ملائمة، وهذا النوع لا يمكن معالجته بل لابد من هدمه.
- أما الأحياء الثانية: أحياء المهاجرين الذين يستوطنون في المدن.
- أما النوع الأخير: هي الأحياء الأكثر كآبة يأوي إليها المتشردون والشاحذون ومن ليس لهم أماكن يأوون إليها، وغالبا ما يكون هذا المكان قديم وبالي(16) .
ثانيا : الدلالات الاجتماعية للصحة والمرض:
تعتبر الصحة والمرض تجربة من تجارب الحياة التي يمر بها الفرد والجماعة والمجتمع ككل، والتي برزت فيها النظرة الاجتماعية لتفسير كل الظواهر التي تمس الجسم وبشكل خاص المرض وأعراضه، من خلال مجموعة من العوامل المتداخلة والمتصلة بالضغوط البيئية والثقافية والظروف الاجتماعية والقرارات السياسية والاقتصادية. وباختلاف تفسيرات هذه الظاهرة اختلفت على أثرها مفاهيم الصحة والمرض من مجتمع لآخر.
1-2 : مفاهيم الصحة والمرض:
كثيرة هي المفاهيم التي لا تنفصل عن بعضها البعض كمفاهيم الصحة و المرض، لأن معظم الناس ينظرون إلى الصحة والمرض على أنها نهايات وأطراف عبر متصل، وأن الناس يقفون في درجات على هذين الطرفين، وعبر هذا الخط المتصل" (17) ، فهي حالات نسبية تتحدد وفق الظروف الاجتماعية والثقافية والبيئية لكل مجتمع وفرد ، فمجرد إدراك الفرد الواعي بعدم الراحة وعجزه في القيام بوظائفه العادية، التي ترتبط عند القيام بها بالألم أو الضعف أو انحراف عن الحالة الطبيعية في جانب أو جميع الجوانب المحددة لشخصية الإنسان العقلية والاجتماعية والنفسية، هنا نقول عن هذا الفرد أنه مريض(18) .
الشيء الذي يوجب على الجماعة تحمل أعباء المريض، أو التخفيف من حدت المرض عند حدوثه وتنمية مستواه الصحي، من خلال محاولة تكييف جسم المريض مع العوامل الضارة التي يتعرض لها الإنسان بتطهير الوسط ومكافحة الأمراض، التي تمثل أهمية اجتماعية لتعليم قواعد النظافة الشخصية وتنظيم الخدمات الطبية والمرضية من أجل التشخيص والمعالجة الوقائية للأمراض،ولوضع إجراءات اجتماعية خاصة حيز التطبيق. ولضمان مستوى حياة متوافق مع حفظ الصحة لكل عضو من أعضاء الإنسان، ليشعر بالارتياح الجسمي والعقلي والاجتماعي والنفسي،ويصل لحالة من السلامة والتوازن والتكامل الصحي لجميع مكوناته.
وهذا ما يشير إلى مفهوم الصحة (19) الذي عوض مفهوم المرض في أدبيات سوسيولوجية الصحة، التي أصبحت تنظر إلى النظام الصحي كمؤسسة اجتماعية تسعى فيها إلى الوقاية والتثقيف الصحي، بدل البحث عن العلاج وشفاء المريض.
ومن هنا يمكن وضع التعاريف الإجرائية للصحة والمرض فنقول:
أن الصحة عقل سليم في جسم سليم في أسرة سوية ومسكن صالح ومحيط نظيف.وأن أي انحراف عن الحالة الطبيعية للفرد جسميا أو عقليا أو اجتماعيا أو نفسيا أو في أكثر من جانب في هذه الجوانب المحددة لشخصية الإنسان يعتبر مرض- كما تقول سلمى عثمان الصديقي- والناتجة عن العديد من الأسباب والمتغيرات الاجتماعية والبيئية وسط الاحياء المتخلفة.
2-2: العوامل والأسباب المؤدية لانتشار الأمراض:
لقد حاول علم الاجتماع الطبي دراسة قضايا الصحة والمرض، وبين أثر العديد من العوامل الاجتماعية والثقافية والبيئية... على انتشار الأمراض وسط البيئة الاجتماعية، وذلك من خلال تفاعل عامل واحد أو عدة عوامل تعمل كل منها في اتجاه ، قد يكون إيجابيا أو سلبيا فيما يتعلق بإكساب الصحة أو فقدانها.
ويكون المستوى الصحي في أي وقت بمثابة محصلة أو نتيجة للتفاعل الذي ينشأ بين هذه العوامل، فإذا تغلبت العوامل السلبية ظهرت الحالة المرضية، وإذا تغلبت العوامل الايجابية استمرت حالة الصحة والسلامة (20) .
لوحة من الواقع الاجتماعي الذي يؤثر بعوامله ومتغيراته ومسبباته النوعية أو المادية للمرض، فقد يكون تأثيرها من داخل جسم الإنسان، كالمواد التي تتكون من الدم أثناء مرض البول الســــكري أو التسمم الكبدي، إلى جانب تأثيرات العوامل البيئية التي تؤثر على التفاعل القائم بين المسببات النوعية للمرض وبين الإنسان العائل للمرض.
فقد يكون المناخ مسببا للأنواع محدد من الأمراض ككثرة الإصابة بالتسممات الغذائية في فصل الصيف نتيجة الحرارة، وكثر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي العلوي في فصل الشتاء نتيجة الرطوبة.
كما قد تكون الحالة الجغرافية سبب في التأثير على الصحة بأسلوب مباشر وذلك عن طريق الموقع الجغرافي والارتفاع عن سطح البحر، فأراضي المناطق الاستوائية تختلف عن أراضي المناطق المعتدلة مثل الملاريا التي توجد في الهند بنسبة عالية، والإصابة بمرض تضخم الغدة الدرقية في المناطق البعيدة عن البحر.
كما تؤثر البيئة البيولوجية بعناصرها النباتية والحيوانية التي تنقل الأمراض، كمرض الحمى المالطية التي تصيب الأغنام والأبقار، وأنفلونزا الطيور إلتي حصدت العديد من الأرواح و أثرت على تجارة الإنسان .. إضافة للمحاصيل الزراعة التي كثيرا ما ترش بالمبيدات وتسمم بالكيماويات والهرمونات التي تزيد من حجمها وإنتاجها وما تخلفه من أمراض نتيجة لقلة القيمة الغذائية بها(21) .
وليس ببعيد عن هذه التأثيرات الناتجة عن العوامل البيئية. هناك عوامل اجتماعية وثقافية كعادات وتقاليد الشعوب في تجهيز الطعام، كشرب اللبن دون غليه وشرب الشاي بعد الطعام وما يسببه من الإصابة بفقر الدم،وأكل اللحم نيئ والمأكولات الخفيفة الموجودة في التجمعات الشعبية في المقاهي وأماكن الترفيه و عند الباعة المتجولين..
إلى جانب العادات السيئة المتعلقة بالصحة الشخصية كقلة الاستحمام والتي تؤدي إلى الإصابة بالأمراض الجلدية ،واللجوء إلى السحرة والمشعوذين لتلقي العلاج، والسلوكيات غير الواعية من قبل أصحاب المصانع، وما ينتج عنها من ملوثات كالفضلات و أكسيد النتروجين و غيرها من المواد السامة..والازدحام و الضوضاء في الشوارع..
بالإضافة إلى هذا هناك الضغوط النفسية والشعور بالغيرة والحسد، وضغوط الحياة وعدم الإحساس بالمسؤولية والشعور بالوحدة وعدم الراحة والأمن والاكتتاب ،وما يجر عن هذه المسببات من انحراف كالإدمان على الكحول والمخدرات.. التي قد تتوفر أكثر عند الطبقات المعدومة والبطالين والمتشردين، هذه الفئة التي ربطت بعض الدراسات بين واقعهم وإصابتهم بالقرحة المعدية..
أما أصحاب المهن والوظائف، الذين يأخذ منهم التعب والسهر والإجهاد حقه، فإنهم يصابون بأمراض المهنة. كمرض السداد، و هو مرض يصيب القلب عند مسؤولي الإدارة وعمال البريد والسكة الحديدية وسكان المدن أكثر من الريف (22) . وهنا يدخل عامل كثافة السكان وتوزيعهم مما يؤدي إلى التفاوت في التعرض للبيئة البيولوجية وللتباين في المهن والعادات والتقاليد.
كما تختلف الأمراض وتتحدد درجة الصحة من خلال سن الإنسان ونوعه و عرقه، فالأطفال دون الكبار يصابون بمرض الحصبي.. ومرض سلطان الثدي يصيب النساء أكثر من الرجال. حتى أن العرق يحدد بعض أنواع الأمراض، فمثلا مرض الأنيميا يحدث عند العبيد أكثر من غيرهم، وبعض أنواع من الحمى كحمى البحر الأبيض المتوسط وغيرها من الأمراض التي قد تتسبب المتغيرات البيئية والاجتماعية والثقافية في إحداثها، وقد تنتقل من الأجداد والآباء إلى الأبناء عن طريق الوراثة الجينية، كمرض العمى الليلي الوراثي والحساسية ،ومرض التالاسيميا ومرض فقر الدم.. (23)
ومن خلال ما سبق يتبين كيف أن الصحة تتأثر بالتغيرات التي تعتري الوسط الاجتمــاعي، أو العلاقات الشخصية أو العوامل الوراثية أو غيرها. فكيف إذا اجتمعت وتداخلت العديد من هذه العوامل معا وسط الأحياء المتخلفة أو القصديرية التي تسكنها فئات مهمشة تعيش في قاع المجتمع، وفي أسوء الظروف السيئة للسكن ونقص النظافة والتهوية والازدحام السكاني و... الأمر الذي ينزع لساكن هذه الأحياء الراحة والصحة والاتصال العائلي. لأن المكان الذي يسكن فيه الفرد يعد أمر حيوي في تكوين شخصيته وعاملا مؤثرا على صحته النفسية والجسمية الاجتماعية (24) .
حتي أن التوجيهات الحديثة اليوم المهتمة بالنهوض بالمستوى الصحي الاجتماعي يعتمد على الإجابة عن سؤال أين يعيش الإنسان وليس فقط كيف يعيش؟ ولهذا يمكن أن نحدد أهم الظروف التي يعيش فيها الإنسان وسط الأحياء القصديرية، وكيف تعمل على انتشار الأمراض النفسية والجسمية والاجتماعية فيما يلي:
ثالثا: ظروف العيش وانتشار الأمراض وسط الأحياء المتخلفة بمدينة بسكرة:
إن محاولة إثبات الدراسة النظرية بالدراسة العلمية الميدانية ،من أهم مساعدي البحث العلمي لملء الفجوة القائمة بين النظري والواقع، بغية تحقيق أهداف هذه المداخلة والمتمثلة في معرفة الوضع الصحي في الأحياء المتخلفة، والبحث في ظروفها المعيشية والمعاناة اليومية، والمسـاهمة بطريقـة او بأخرى في انتشار مختلف الأمراض. وللإجابة أيضا عن سؤال الدراسة من خلال مجموعة من الأدوات والإجراءات التي تساعدنا في جمع المعلومات من الواقع المعاشر، بدأ بالمنهج الوصفي الذي تم تنفيذه بالاستعانة بأداة الملاحظة التي توجه انتباه الباحث وإدراكه إلى بعض خبايا الظاهرة المدروسة وسط المنطقة الغربية لمدينة بسكرة، هذه المدينة التي تحتوي على حوالي ألف كوخ فوضوي و قصديري ازداد انتشارا في العشرية الماضية، أين عرفت بسكرة هجرة كبيرة نحوها من الولايات المجاورة بحثا عن فرص العمل والأمن، حيث استقبل بسكرة ما بين 1987- 1998 حوالي 22747 عائلة، ناهيك على الهجرة ما بين البلديات (25) .
ومن خلال المعاينة المباشرة لهذه الأحياء يتبين مقدار المعاناة المادية لهذه الأحياء من تشوه مبانيها وقدمها، التي تبنى غالبا من الخشب أو القصدير أو.... ذات الحجم الضيق التي تنعدم فيها التهوية والحدائق والمجاري، إلى جانب قلة المواصلات وضيق الشوارع وانتشار القذارة والتلوث البيئي في كل مكان. على الرغم أن البعض منهم نلاحظ عليه مظاهر الغنى، حيث عادة ما نجد عنده الشاحنة النفعية بجانب الكوخ والهوائيات المقعرة فوق الأسطح. تناقضات الواقع الذي يبرز الخاصية الفيزيقية للأحياء القصديرية كما جاء في الجانب النظري لهذه الدراسة.
وللوقوف على الناحية الاجتماعية كخاصية أخرى لهذه الأحياء، وما يعاني سكانها من ظروف قاسية قد تعمل على انتشار الأمراض الفيزيولوجية والنفسية والاجتماعية... وسط الحياء القصديرية، اخترنا بطريقة غير عشوائية عينة قصدية لحوالي 10 بيوت قصديرية قريبة من منطقة حمام الصالحين توفر فيها أهداف الدراسة و تنطبق مع المفهوم الإجرائي للأحياء القصديرية المأخوذ في هذه المداخلة.
من كل بيت أخذنا رب الأسرة سواء كان رجل أو امرأة. لذلك لم نهتم في استمارتنا بالجنس والسن لأنه لا يهمنا في هذه الدراسة. ولقد احتوت استمارة المقابلة على مجموعة من الأسئلة أوردناها في أربع محاور، يتناول المحور الأول معلومات أولية عن المبحوث من الحالة المدنية إلى مستوى التعلم إلى الدخل... والمحور الثاني جاء يعالج ظروف السكن والمرافق الموجودة فيه، أما المحور الثالث فيتناول بيانات عن المشاكل التي تعاني منها المنطقة، وأخيرا المحور الرابع الذي جمع أنواع الأمراض الناتجة عن هذه الظروف التي يعانيها سكان الأحياء القصديرية.
1-3 المعلومات الأساسية لسكان الأحياء القصديرية:
معظم أفراد العينة متزوجين بنسبة 70%، ويرجع هذا للظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها المتزوجين، والتي تضطرهم للسكن في مثل هذه البيوت، وهذا ما يفسر انعدام فئة العزاب بهذه الأحياء، كما يوجد 20% من الأرامل وغياب رب الأسرة الذي يتكفل بالعائلة، مما اضطر الأم للسكن بهذه الأحياء بعد أن تم طردها، وتقل النسبة عند المطلقين الذين يتحملوا معاناة هذه البيوت بنسبة 10%. ويدل هذا على مقدار الحاجة و الفقر لسكان هذه الأحياء التي تتحمل الظروف الصعبة.
كما تبين الدراسة أيضا أن أغلب المبحوثين 60% موطنهم الأصلي الريف، وقاموا بالهجرة إلى المدينة بحثا عن العمل والحياة الأفضل المتوفرة في المدينة، وهذه أحد وظائف الأحياء القصديرية التي تعتبر مأوى للمهاجرين والذين بدؤوا حياتهم في المدينة، كما هو موجود في الشق النظري للمداخلة. إلى جانب هذه الهجرة توجد هجرة بين الولايات بحوالي 20% بحثا عن الأمن بعدما تعرضت بلدياتهم للإرهاب في العشرية الأخيرة، كما نجد 20% من سكان المدينة ترجع إقامتهم في هذه البيوت القصديرية إلى التفكك الأسري الناتج عن رب الأسرة أو طلاقه.
نستنتج مدى فقر الريف من المرافق الضرورية اللازمة لسكانه الذين اضطرتهم الحاجة للهجرة للمدينة ليصبحوا فقراء المدن، كما تميزوا بضعف المستوى التعليمي، أميون لا يجيدون القراءة والكتابة بنسبة 30%، أما الذين يجيدون القراءة والكتابة قدروا بنسبة 20% وأغلبهم تلقوا التعليم في كتاتيب حفظ القرآن. أما الذين دخلوا المدرسة فكانت نسبتهم 20% إلى جانب 20% من الذين واصلوا تعليمهم إلى الإكمالية، في حين نجد 10% من الذين واصلوا تعليمهم إلى الثانوية.
نستنتج انخفاض المستوى التعليمي لسكان الأحياء القصديرية سواء كان السبب عدم اهتمامهم بالتعليم، أو أن الظروف لم تسمح لهم بمواصلة تعليمهم نتيجة الفقر أو البعد عن المدارس، فنجد البعض منهم يسعى لتعليم أبنائه، أما البعض الآخر لا يهتم بدعوى ماذا فعل الذين يحملون الشهادات العليا في واقعنا المر؟ ألا يعبر هذا عن غياب الوعي لبعض هؤلاء المبحوثين الأمر الذي سينعكس على إدراكهم عن وسائل الوقاية من الأمراض، لأن المستوى التعليمي للمريض يلعب دور مهم في اتجاهاته نحو أعراض الإحساس المؤلم، فالمرضى من ذوي المستوى التعليمي المرتفع هم أكثر حرصا على الفهم وأكثر وعيا بأن الألم قد يكون غرضا لمرض خطير، كما يؤكد "مارك روبروسكي"(26) .
ولهذا السبب ولغيره ارتفعت نسبة البطالة في أوساط المبحوثين بنسبة 80% كما نجد 10% من يحترفون حرف خاصة تعود عليهم ببعض المال، ونجد 10% من العمال يوميا كالباعة الجائلين، وتنعدم نسبة الموظفين 0% لأن أغلب سكان الأحياء القصديرية من المهاجرين الذين يحملون معهم فقر وجهل الريف ليصبحوا فقراء المدن.
لنصل لنفس النتيجة التي وصل لها الباحث "بوعناقة": بأن البطالة تنتشر وسط سكان الأحياء القصديرية الذين يصعب عليهم تأمين الحياة المعيشية والصحية لعائلاتهم، الشيء الذي ساهم في زيادة القلق النفسي والاكتئاب لأرباب هذه الأسر، وقادها إلى أمراض عضوية كالربو والمعدة والصداع وتصلب الشرايين وآلام الكتف.. كما أكد ذلك معظم المبحوثين، و مختلف الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ وجدت أن الأسر ذات الدخل الأقل من 100 في السنة ترتفع بها نسبة الأمراض إلى 66% .فما بالك بالعديد من الأسر التي لا تملك قوت يومها، كأسر البيوت القصديرية؟
2-3: أوضاع المسكن ومرافقه الضرورية:
يرجع المبحوثين سبب إقامتهم في هذا المكان لبعده عن المدينة وعن أنظار الناس بنسبة 50% في حين يرجع 30% من المبحوثين السبب لعدم وجود مسكن بالمدينة نتيجة التوزيع غير العادل للمشاريع على مختلف أرجائها وغياب الاختيار الموضوعي لطرق الانجاز وضعف هياكل التخطيط، ويرى 20% أن السبب وجود أهل بهذه المنطقة وهذا ما يخفف عنهم بعض المعاناة بوجود من يشعر بهم وبظروفهم.
حتى الأراضي التي تبنى عليها هذه البيوت القصديرية بينت المقابلة أن 70% من الأراضي ملك للبلدية، و20% ملك للخواص ويرجع هذا لأن أغلب المبحوثين من المهاجرين الذين لا يجدون مأوى سوى بناء بيوت قصديرية على أراضي غير معمرة ليتم الاستيلاء عليها، في حين نجد 10% من الأراضي ملك لأصحاب البيوت القصديرية وهم من سكان المدينة الذين لا يملكون المال لبناء مسكن لائق هروبا من المشاكل العائلية، ومن هنا نستنتج وجود استعمال غير سليم لمساحات الأرض بالمدينة نتيجة انعدام التخطيط الواضح وعدم السيطرة والتحكم في هذا النمو العشوائي الذي يؤثر على المساحات الحضرية وهي أحد أسباب ظهور الأحياء القصديرية الموجودة.
هذه البيوت القصديرية التي لا تكفي غرفها لحجم الأسر التي تسكنها، إذ يؤكد 90% أن هذه البيوت لا تليق للعيش شكلا ومضمونا، إذ لاحظنا ارتفاع الحائط لبعض البيوت القصديرية 1.8م من طول الإنسان وكأنه كهف في العصر الحجري، والغريب أن فوق أسطح هذه البيوت توجد الهوائيات المقعرة، وكان جواب المبحوثين عن هذا التناقض أن ثمن هذا لا يشتري بيتا، على الأقل أروح عن نفسي وأنسى همومي بهموم العالم ؟، كما وجدنا 10% من آراء المبحوثين يرون كفاية غرف البيوت القصديرية نوعا ما لأنه لا خيار أمامهم سواها مع قلة حجم الأسرة مقارنة مع بقية المبحوثين.
نستنتج نفس نتيجة الباحث"بوعناقة" بأن أغلب غرف البيوت القصديرية غير كافية، لاحتوائها على غرفة أو غرفتين على الأكثر، يتزاحم فيها أفراد الأسر الذين بلغ عددهم ما بين 5 أفراد إلى 12 فرد، الشيء الذي يزيد من معاناة أفراد الأسرة ويعمل على انتشار الأمراض، كما اظهر علم الأوبئة وأكدته منظمة الصحة العالمية سنة 1967، من خلال عدة دراسات أكدت أن الأمراض تنتشر في الظروف السكنية السيئة وخصوصا في الأحياء القصديرية، وأن هذه الأمراض يصعب القضاء عليها بالنسبة لنصف سكان الأحياء(27)، ومن هذه الأمراض المرتبطة بهذه الظروف نجد الالتهاب الرئـوي..
كما أقر 60% من أفراد العينة أن لديهم دورة مياه خاصة إلى جانب 40% من أفراد العينة لا يملكون دورة مياه في مساكنهم، وأغلبهم يشترك مع أقربائه وجيرانه في دورة مياه تقل فيها النظافة و المياه.. و بالتالي تهيئة أرضية للعديد من الأمراض؟ .
كما لا يملك 20% من أفراد العينة الكهرباء، ويستعينون بالمصابيح الغازية للإنارة و التي تؤدي إلى قصر النظر بسبب قلة الضوء، و80% من المبحوثين يستعملون الكهرباء كوسيلة لإضاءة مساكنهم، كما شاهدنا الهوائيات المقعرة فوق سطح البيوت القصديرية.كما يلاحظ غياب المستلزمات الضرورية للكثير من البيوت القصديرية كالثلاجة التي تحمي الأطعمة و المكيف والحمام..الأمر الذي يساهم في انتشار العديد من المكروبات التي تلوث الأطعمة و المياه..وما ينتج عنها من أمراض كالكوليرا والتيفوئيد و التهاب الكبد..و الأمراض الناتجة عن الحيوانات التي تم مشاهدتها كالقطط و الماعز..
أما عن رضي المبحوثين عن حياتهم في هذه المساكن أجاب 90% بكلمة: آه ثم آه، هذه الآه التي تعبر عن عمق المعاناة وحياة اللارضى واللا سعادة بسبب هذه الأحياء القصديرية من الناحية الفيزيقية الاجتماعية كما هي موضحة في خصائص هذه الأحياء في هذه المداخلة، في حين يبن 10% من المبحوثين عن رضاهم بهذه المساكن لأنها أرحم من المساكن التي كانوا يسكنوها والتي لم توفر لهم العمل والأمن.
3-3: المشاكل التي تعاني منها منطقة المبحوثين:
جميع المبحوثين ركزوا على مشكل السكن والعمل، وكذا صعوبة المعيشة في هذه المناطق التي تعاني التدهور البيئي من رمي الفضلات تراكم الأتربة وبرك المياه القذرة.. وتنقص فيها مراكز الصحة وتنعدم أماكن الراحة والمساحات الخضراء،مع نقص الإضاءة والماء والأمن في مناطق كثر فيها الانحراف و التشرد... كثيرة هي المشاكل التي تعاني منها الأحياء القصديرية والتي لا تخرج عن خصائص الأحياء المتخلفة من الناحية الفيزيقية والاجتماعية الموضحة في الجانب النظري لهذه المداخلة، و التي تعبر عن غضب وألا رضا للمبحوثين عن حياتهم في هذه المساكن إذ أجاب 90% بكلمة: آه ثم آه، هذه الآه التي تعبر عن عمق المعاناة وحياة إلا سعادة بسبب ظروف العيش في هذه الأحياء القصديرية من الناحية الفيزيقية و الاجتماعية ، في حين يبن 10% من المبحوثين عن رضاهم بهذه المساكن لأنها أرحم من المساكن التي كانوا يسكنوها والتي لم توفر لهم العمل والأمن.
كما أكدوا أن السلطات المحلية لم تقم بأي جهود لتحسين أوضاع المنطقة إلا محاولاتها في هدم هذه البيوت القصديرية خلال سفر أهلها لبعض الوقت، ونجد 10% يقر أصحابها بجهود البلدية في محاولة النظافة حيث لم تنفع جهودهم مع الواقع المزري لهذه الأحياء.
4-3: أنواع الأمراض المنتشرة وسط الأحياء القصديرية بمدينة بسكرة:
من خلال الملاحظة لواقع البيوت القصديرية واستجواب سكانها يبين أن هذه الأحياء تعاني العديد من الأمراض دون أن يدرك أصحابها بأنها أمراض خطيرة، لأن المريض عندهم من يرقد في المستشفى أو يقترب من مشارف الموت، ويسعون جاهدين لمعالجته عند الأطباء والمستشفيات علي حساب غذائهم.
أما الأمراض التي اعتادوا عليها نجد اللشمانيا أو ناموسة بسكرة التي يتم علاجها بطرق تقليدية كطلاء الأظافر أو الكبريتية والبترول.. لانتشارها بكثرة وسط هذه الأحياء التي يكثر فيها البعوض والجرذان والذباب...الناقل لهذا المرض، ومرض التيفوئيد وهو من الأمراض المعوية الحادة التي تصيب الأمعاء الدقيقة الناتج عن تلوث المياه و كثرة النفايات أو تعفن الغذاء وتسممه الناتج عن خلل في النظام الغذائي العشوائي، و سوء التغذية الذي أدى لإصابة بعض الأطفال بالكساح والإسهال الذي ساهمة في موت طفلين و آخر مات بمرض الكوليرا.. إلى جانب إجهاض العديد من الأمهات و إصابتهم بأمراض النساء ، إلى جانب انتشار مرض الرمد الحبيبي ومرض الربو لقلة الأكسيجين وسط هذه الأحياء و كثرة الرطوبة في فصل الشتاء في مساكن من قصدير و طوب، وفقر الدم و الكيس المائي و السلطان إلى غيرها من الأمراض التي اعتاد عليها سكان هذه الأحياء، كضغط الدم والمعدة... الناتجة عن الأمراض النفسية التي أرهقت العديد من أرباب هذه الأسر.
وهذا ما يجعلنا نؤكد أن ظروف العيش وسط هذه الأحياء القصديرية من ضيق المسكن ونقص المرافق و الغذاء اللازم وقلة الدخل ونقص الوعي لوسائل العلاج والوقاية و العادات السيئة ،إذ كثير من سكان هذه الأحياء تترك أطفالها يستحمون في الترع أو التبول والتبرز في المياه الراكدة والمشي على الأقدام... وكذلك العلاج بالكي لأعراض الروماتيزم و الفجيعة.. دون إدراك للمضاعفات الخطيرة الناتجة عن الكي... وفي بعض الأحيان يتم الاستعانة بالمشعوذين والسحرة أو التسليم بالقضاء والقدر، بالإدعاء بأن المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين... كلها عوامل ساهمت بشكل كبير على انتشار الأمراض وسط هذه الأحياء.كالأمراض الاجتماعية من تعاطي الكحول والمخدرات وانحراف الأحداث وتشتت العائلة..
رابعا: نتائج تحليل بيانات استمارة المقابلة:
نستنتج من تحليل هذه المقابلة مدى صعوبة الحياة التي يعيشها سكان الأحياء القصديرية في سكنات غير صحية لا توفر لهم الراحة والاستقرار، لضيق المسكن ونقص المياه الصالحة للشرب، وصعوبة الحصول على عمل في ظل المستوى التعليمي المنخفض، الذي يتميز به أصحاب هذه الأحياء، وهذا ما يدفع أصحاب هذه الأحياء إلى التسكع في الشوارع والبحث عن بديل يمكن أن يقودهم إلى الانحراف، كما يشبه نتائج الباحث "بوعناقة" وأيضا دراسة الباحث بونقنوشث"، إذ تبين له أن عدد الأفراد في الحجرة الواحدة بلغ 7,1 ساهم في خلق مشكلات اجتماعية منها الانحراف و سلوكيات غير مرغوب فيها مجتمعيا، وهذا يدل أن الإنسان لم تلب حاجاته في السكن القصديري الذي ظهر نتيجة الهجرة من الريف إلى المدينة بسبب غياب العدالة في توزيع المشاريع بين الريف والمدينة، وهذا ما تبينه أسباب وظروف الهجرة الموجودة في الجانب النظري لهذه المداخلة، وهذا ما يستلزم نمو حضري في المدن تعود آثاره على الاستغلال غير السليم لمساحات الأرض والتشوه العمراني القائم على تناقضات الأحياء الفوضوية والفلل والعمارات في صورة مدينة بسكرة، التي لا تعبر عن خصوصية المنطقة الجغرافية والتاريخية واحتياجات مواطنيها. مما يدل على ضعف التخطيط وعجز هيكل التسيير والمراقبة في السياسة المتبعة وفشلها النسبي في القضاء على الأزمة السكنية المتعددة الأوجه كما يقول الأستاذ "عبدالعزيز بوذن" فهي بحق وصمة عار في حق ما طبق من سياسات حضرية.
هذه الأزمة التي شكلتها العديد من العوامل الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و البيئية..و خلقت أرضية خصبة لانتشار العديد من الأمراض نتيجة الفقر وانخفاض مستوى معيشة الإنسان الذي لا يستطيع أن يشبع حاجاته للغذاء والكساء والسكن والمرافق الصحية والمياه الصالحة للشرب و... هو إنسان معرض بشكل أو أكثر من غيره للإصابة للمرض. وهو أكثر احتمالا لأن يعاني من سوء التغذية وفقر الدم وأمراض القلب الروماتيزمية والسل والقرحة المعدية وغيرها من الأمراض الفيزيولوجية الأكثر انتشارا عند فئات المجتمع الدنيا(28) التي تسكن أحياء متخلفة لا تتوفر على الشروط الصحية اللازمة للإيواء، كما جاء في تقرير المنظمة العالمية للصحة سنة 1967 و أقرته هذه الدراسة وسط الأحياء القصديرية بمدينة بسكرة، ولما ارتبط بها من ظروف التزاحم وتلوث المحيط... الشيء الذي يؤدي إلى انخفاض مستوى المقاومة للإنسان، ويصبح سريع التأثر بالأمراض مع عدم القدرة على العلاج، وبالتالي انخفاض الرعاية الصحية والطبية (29) وسط هذه الأحياء.
وما يزيد من معاناة هذه الشريحة استسلامها للاكتئاب والقلق... الذي قد يتسبب مع مرور الزمن بوجود قرحة معدية وارتفاع الضغط الدموي الذي يتسبب في أمراض القلب، إلى جانب اضطراب الجهاز الهضمي أو فقدان الشهية و مرض الربو- كما بينته المقابلة - والأمراض الجلدية الناتجة عن الحالة النفسية للإنسان، التي قد تؤثر في جهازه التناسلي، كما أشار لذلك أستاذ الصحة العامة بجامعة كولومبيا Amerson-Haven الذي يرى احتمالية أن تكون الحجرة المزدحمة لحال الساكن في الأحياء المتخلفة أهم عامل في انتشار أمراض التنفس والأمراض التناسلية (30) .
كما تعود أسباب بعض هذه الأمراض وغيرها إلى تلوث المحيط وانتشار الحشرات الناقلة للأمراض كالذباب والبعوض، و كثرة الأوساخ والفضلات وقلة المياه الصالحة للشرب... مما يساعد على تلوث الأطعمة والتراب والهواء، وبالتالي الإصابة بالعديد من الأمراض كالكوليرا والتيفوئيد و التهاب الكبد والسل والربو و الرمد الحبيبي.. إلى جانب انتشار أمراض سوء التغذية في هذه الأحياء الفقيرة المعدومة أو القليلة الدخل.
إلى جانب العادات السيئة للساكن هذه الأحياء كعادات الأكل والنوم والتغذية... والجهل بقواعد الصحة، إذ كثير من سكان هذه الأحياء تترك أطفالها يستحمون في الترع أو التبول والتبرز في المياه والحقول والمشي على الأقدام... وبالتاي سرعة الإصابة بالأمراض كالبلهارسيا والأنكستوما والرمد الحبيبي الناتج عن تلوث مادة تسمى الخرزة الزرقاء توضع على الجبهة لتمنع الحسد وكذلك العلاج بالكي لأغراض الروماتيزم، دون إدراك للمضاعفات الخطيرة الناتجة عن الكي... وفي بعض الأحيان يتم الاستعانة بالمشعوذين والسحرة أو التسليم بالقضاء والقدر، بالإدعاء بأن المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين، مما يجعلهم يهملون الوقاية والعلاج بمعتقداتهم تارة ولعجزهم عن تسديد تكاليف العلاج أو شراء الدواء الباهظ الثمن بالنسبة لهذه الشريحة من المجتمع، والتي تعاني من البطالة، الفقر والانحراف والتشتت العائلي والإدمان على المخدرات والكحول والجريمة بأنواعها... لتستفحل الأمراض الاجتماعية هي الأخرى في هذه الأحياء المتخلفة التي تعاني كواقع حقيقي يعيشه العديد من الناس بمستوى معيشة متدني وسكن متدهور، و مرافق صحية ناقصة ودخل يكاد يكون منعدم وجهل اجتماعي وغذائي وصحي و بيئي..أحياء تداخلت فيها العادات والتقاليد والأعراف، وتوجهات المجتمع السياسية والاقتصادية والتعليمية والمواصلات (31).. كعوامل ومسببات أساسية لانتشار مختلف الأمراض وسط هذه الأحياء.
الخاتمة:
يمكن القول على ضوء ما تقدم أن ظروف وأساليب عيش الإنسان وسط الأحياء القصديرية و المعاناة اليومية من سوء تغذية إلى رداءة المسكن إلى تلوث المحيط...تؤثر بدرجة كبيرة على صحة الإنسان الفيزيولوجية و النفسية و الاجتماعية... بانتشار ألأمراض العديدة كاللشمـانيا والتيفوئيــد و الحمى المالطية و فقر الدم و..
و من هنا يمكن وضع بعض التوصيات كالتوعية عن طريق الإعلام و الجمعيات و إدراج التربية الصحية و البيئية في جميع أطوار التعليم و تفعيل دور الحكومات في التخطيط الجيد و التنفيذ السليم ومكافحة التلوث ومختلف الانحرافات و توفير المستشفيات و.. غيرها من التوصيات التي لن تنفع ؟! إلا بإرساء قواعد العدالة الاجتماعية و التقليل من الفوارق الاجتماعية الطبقية بمزيد من التكافل والتضامن الاجتماعي لشعب و حكومة مسلمة.
المراجع:
1- بوذراع، أحمد، التطوير الحضري و المناطق الحضرية المتخلفة بالمدن ، مركز منشورات جامعة باتنة الجزائر،1997، ص 6.
2- بوخلوف، محمد، التوطين الصناعي وآثاره العمرانية- دراسة سوسيولوجية لأطراف مدينة الجزائر، حالة منطقة سيدي موسى، أطروحة دكتوراه دولة في علم الاجتماع الحضري، جامعة الجزائر، 1995، ص143.
3- خطاب علي ، سعيد علي، المناطق المتخلفة عمرانيا وتطويرها- الإسكان العشوائي، دار الكتب العلمية للنشر والتوزيع، (ب.ت)، ص63.
4- غيث ، محمد عاطف، تطبيقات في علم الاجتماع، الاسكندرية ، دار الكتب الجامعية، 1970، ص303.
5- بوعناقة، علي، الأحياء غير المخططة وانعكاساتها النفسية والاجتماعية على الشباب، الجزائر، ديوان المطبوعات الجامعية، ص11.
6- الديبريز، جير، مجتمع المدينة في البلاد النامية، ت. محمد الجوهري، القاهرة ، دار النهضة العربية ، 1972، ص222.
7- بوذراع، أحمد ، مرجع سابق،ص13.
8- سحنون، طيب، المدينة الجزائرية وتحديات المستقبل،الملتقى الوطني لتنمية المناطق الصحراوية، معهد الهندسة المعمارية، جامعة محمد خيضر يسكرة،(يوم 20- 21 نوفمبر 1999)، ص157.
9- خطاب علي سعيد علي، مرجع سابق، ص70- 74.
10- بن السعيد، اسماعيل، معوقات التنمية العمرانية- دراسة في ثقافة سكان مناطق البناء الفوضوي في مدينة باتنة- رسالة لنيل شهادة الماجستير في علم اجتماع الريفي الحضري، 1990-1991، ص64-66.
11- عبد الله، جلال، السياسة والتغيير الاجتماعي في الوطن العربي، جامعة القاهرة ، مركز البحوث والدراسات السياسية، مطبعة الأطلس،1994، ص152- 154.
12- أمبرمز، تشارلز، المدينة ومشاكل الاسكان، ت. لجنة من الأساتذة الجامعيين، بيروت، دار الآفاق الجديدة، ص13،12.
13- غيث، محمد عاطف، علم اجتماع التنظيم- التغير والمشاكل- الاسكندرية، دار المعارف، 1967، ص433-434.
14- سحنون، طيب، مرجع سابق، ص157.
15- بوذراع، أحمد، مرجع سابق، ص21-24 / خطاب علي، سعيد علي، مرجع سابق،ص.76.
16- بوذراع، أحمد مرجع سابق،ص21و1و44و46و48.
17- عبد الله، محمد قاسم، ص16.
18- صدراتي، فضيلة، المتغيرات الاجتماعية والثقافية والبيئية للصحة والمرض اخل المجتمع المحلي، مذكرة مكملة مقدمة لنيل شهادة ماجستير في علم الاجتماع التنمية، جامعة بسكرة،2005-2006.
19- الصديقي، سلوى عثمان، مدخل في الصحة العامة والرعاية الصحية، الإسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 1999، ص25.
20- صدراتي، فضيلة ،مرجع سابق، ص،49.
21- صالح، عبد المحيي محمود حسن، الصحة العامة بين البعدين الاجتماعي والثقافي، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 2003، ص43-47.
22- دبلة، عبد العالي و إبراهيم بلعادي، سوسيولوجيا الصحة، مجلة دورية تصدر عن قسم علم الاجتماع، جامعة منتوري قسنطينة (العدد الخامس، جانفي 2004)، ص236. / تالا قطيشات وآخرون:مرجع سابق،ص20.
23- المليحي، إبراهيم عبد الهادي و سلوي عثمان الصديقي، الخدمة الإجتماعية في المجال الصحي ، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية ، 2004،ص 137.
24- السيد، عبد العاطي السيد، علم الاجتماع الحضري، ج2، الأزارطية، دار المعرفة الجامعية، 2000، ص210.
25- طويل، فتيحة، السياسة الحضرية ومشكلاتها الاجتماعية في المناطق الصحراوية، دراسة ميدانية في مدينة بسكرة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في علم اجتماع التنمية، 2004،ص135.
26- بومدين، سليمان، التصورات الاجتماعية للصحة والمرض في الجزائر- حالة مدينة سكيكدة. رسالة دكتوراه في علم النفس العيادي، جامعة منتوري قسنطينة، 2003-2004، ص268.
27- Hanin ,Mostafa , la question de l’habitat en Algérie aspect économique ,DR- 29-recherches, majester , université d’Alger , institut des sciences économiques, 1985, p171-172 .
28- الدوبي، عبد السلام بشير، علم الاجتماع الطبي،ط1، عمان، الأردن،دار الشروق للنشر والتوزيع، 2006، ص64.
29- رشوان، حسن عبد الحميد، دور المتغيرات الاجتماعية في الطب والأمراض، الاسكندرية، المكتب الجامعي الحديث، 2004، ط3، ص219.
30- السيد، عبد العاطي السيد، مرجع سابق، ص209.
31- الدوبي، عبد السلام بشير، مرجع سابق، ص56.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق