عنــــــــوان المداخلة
السكـــــن بالجــــزائر عامل للتنمية ومؤشر للسلم الاجتــماعي
الجمهـوريـة الجزائــريـة الديمقراطـيـة الشعبـيـة
جمعيــة العربـي بـن مهيـدي -ذات طـابـع اجتـماعي
رقم33 خ / 08
BP N°05 Hennaya 13550
Tlemcen
Algérie
Tel Fax : 00 213-43-27-99-25
Tel : 00 213-6- -65-27-42-81
Email : tlemcenchourouk@yahoo.fr
الجزائر يوم: الجمعة 29 اوت 2008 الموافق لـ27 شعبان 1429
بسم اللـــــه الرحمن الرحيم
السيد رئيس مجلس إدارة الشيخ زايد للإسكان.
السيد مدير برنامج الأمم المتحدة للإسكان موؤل.
السادة الحضور
حضرات السيدات والسادة
يطيب لي أن أتوجه بالشكر الجزيل للكل من ساهم في إعطاءنا فرصة الحضور و مشاركتكم لهذا الملتقى الذي يكتسى اهمية كبرى تتبلور في تبادل الخبرات في مجال سياسات الدول الإسكانية اذ اننا بحاجة ماسة الى تكثيف اللقاءات قصد التعرف على مدى بلوغ سياسات الاسكان للاهداف المروجة ممثلة في بعث الاستقرار لدى شعوب المعمورة بادماج اكبر عدد ممكن من المواطنين في برامج التنمية بشتى انواعه و التي ترمي الى السمو بمستوى معيشي محترم باطفاء عوامل عديدة منها المساواة و العدالة الاجتماعية التي هي لاشك تضمن الاسقرار و السلم العالمي و تحسين اطر العيش للمواطن اين مكان و كيف ماكان لونه و دينه و لغته اذ ان بلوغ هذه الاهداف السامية كانت احدى دعائم انتفاضات و ثورات شعوب امتنا العربية ضد الاحتلال ابان القرن الماضي كما هو الشأن بالنسبة للجزائر التي عاشت ثورة الكرامة انتهت باستقلاله ذات 05 لاجويلية 1962 و هي اليوم تسعى لتحقيق الكرامة و العزة بتسطير برامج متنوعة و ان كانت البرامج السكنية تحظى بحصة الاسد لما لها من اهمية كبرى في حياة الجزائريين الذين عرفوا مبكرا ازمة السكن و يعملون على التخلص منها بانتهاج سياسة سكنية واعدة و هو ما نحاول تقديمه في هذا العمل المتواضع الذي نأمل ان يسهم في اثراء نقاش مؤتمركم هذا.
حضرات السيدات والسادة :
عنــــــــوان المداخلة :
السكـــــن بالجــــزائر عامل للتنمية ومؤشر للسلم الاجتــماعي.
مــقدمــة: بعـد مرور أزيد من 46 سنة من الإستقلال، أدركت الجزائر اليوم مدى أهمية ملف السكن الذي لم توليه الأولوية التي يستحق في السنوات الأولى لاستقلالها نظرا لانشغال الدولة الفتية بمجابهة مخلفات الاستعمار وما تركه من خراب في مجالات الثقافة و التربية و الصناعة و الصحة ...الخ.
إن التزايد السكاني الذي شهدته الجزائر، والذي تضاعف ثلاث مرات ( من12 مليون نسمة عشية الاستقلال إلى 34 مليون نسمة و 400.000 حسب آخر إحصائية للسكان تمت منتصف سنة 2008)جعل من الاهتمام بالسكن مسألة لا يمكن فصلها عن مخططات التنمية الاجتماعية التي سطرتها مختلف الحكومات المتعاقبة. وقد أدت التحولات والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التيشهدتها الجزائر منذ استقلالها إلى تفطن الدولة الجزائرية بأنه لا يمكن نجاح أي عميلة تنمية في أي مجال و على أي صعيد ما لم تصاحبها سياسة رشيدة في مجال الإسكان والبناء والتعمير قصد ضمان استقرار المواطن، الذي هو عامل بشري ثابت ومحرك أساسي في مختلف قطاعات التنمية كون طبيعته وفطرته تتطلب مأوى يركن إليه. من هنا تكمن الأهمية الكبرى لقطاع السكن و حساسيته في تحسين الإطار المعيشي للمواطن مهما اختلف مستواه و أصله الاجتماعي ومهما اختلفت الجهة التي ينتمي إليها. ومن أجل ذلك عملت الدولة الجزائرية في العشرية الأخيرة إلى إطلاق سلسة من البرامج السكنية تتنوع حسب تنوع فئات المجتمع و حسب الجهات و المناطق الجغرافية ، تحت شعار "مليون سكن" ينتظر أن تسلم قبل انقضاء سنة 2009 مما يعد بحق تحديا كبيرا جندت له الدولة طاقات مادية و بشرية ضخمة. وبذلك تكون الجزائر بصدد إنجاز أكبر برنامج للإسكان منذ الاستقلال وفي ظرف يمكن اعتباره قياسيا. و يمكن اعتبار هذا البرنامج الطموح نموذجا يمكن لدول عربية أخرى الإقتداء به بغية ردم الهوة بين العرض والطلب في مجال السكن الذي ظل يتسع من سنة لأخرى لأسباب مرتبطة بشكل رئيس بتصاعد النمو الديمغرافي.
و ما يجب الإشارة إليه أن العجز في السكن هو من دون شك أحد العناصر التي كان لها دور رئيسي في تفجير الأزمة الاجتماعية في الجزائر والتي لا يمكن فصلها عن الجانب السياسي والأمني. فلقد ساعد الانفجار السكاني و النزوح الريفي الجماعي خلال سنوات العنف على احتدام أزمة السكن الأمر الذي استدعى تدخلا سريعا للدولة الجزائرية من أجل إرساء قواعد سياسية تحفيزية في الكراء و البناء و طمأنة المالكين فيما يتعلق بعقود الكراء من أجل تحفيزهم على تأجير سكناتهم، ومن ثم المساهمة في تقليص أزمة السكن. ومن شدة هذه الأزمة يمكن أن نلاحظ أن كثيرا من مطالب العمال المضربينسواء أتعلق الأمر بالمصانع الكبرى أو بقطاع التعليم العالي تتضمن قضية السكن ضمن اولويات انشغالاتهم الاجتماعية المشروعة التي لا يمكن إغفالها أو تجاهلها . ويشير علماء الاجتماع إلى دور أزمة السكن في الاحتقان الاجتماعي لاسيما لدى الشباب. يمكن في هذا الصدد الإشارة إلى ما ذكره مثلا أستاذ علم الاجتماع الدكتور الهواري عدي حين يعتبر أن أزمة السكن وضيق السكنات قد أثر على المراهقين بشكل خاص بحيث دفعهم إلى الانتقال "العنيف" من مرحة الطفولة إلى سن الرشد.
و من اجل إعطاء صورة مفصلة عن السكن سياسة الإسكان بالجزائر نرى من الواجب التطرق الى النقاط التالية:
ا) حظيرة السكن بالجزائر:تقدر الحظيرة الجزائرية بحوالي 7 ملايين وحدة سكنية، 90% منها تعتبر سكنات خاصة. ونظرا للفارق الكبير بين التعداد السكاني و عدد السكنات فإن الأمر تطلب إيجاد حلول استعجاليه لردم الهوة تمثلت بشكل رئيسي في مشروع المليون سكن الذي أطلق بمبادرة شخصية من رئيس الجمهورية ضمن مخطط خماسي (2005-2009) خصص له مبلغ 396 مليار دينار جزائري. وقد قطع المشروع أشواطا لا بأس بها حيث تفيد الأرقام الرسمية انه إلى غاية الفصل الأول من السنة الحالية تم تسليم 460 ألف وحدة سكنية في حين قدر عدد السكنات قيد الإنجاز 544ألف وحدة. والمشروع جزء من سياسة عامة تشمل السكن والتهيئة العمرانية سيكلف خزينة الدولة خلال السنوات الخمس ما يعادل 18 مليار دولار. ". و تتوزع المليون وحدة سكنية على الشكل التالي120.000 سكن اجتماعي بالايجار 215.000 سكن اجتماعي تساهمي 275.000 سكن ريفي 80.000 سكن موجه للبيع عن طريق الايجار 310.000 سكن ترقوي و بناء ذاتي.
و ينبغي في البدء لفت الانتباه أن الاهتمام بسياسة السكن قد أخذ بعدا خاصا منذ 1998 تاريخ بداية ما عرف ب " سياسة التعديل الهيكلي" التي وقعتها الحكومة الجزائرية مع البنك العالمي. وينص الاتفاق بالأساس على ضرورة تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في قطاع السكن وتنظيم سوق السكن من طرف الدولة وذلك بإيجاد الآليات القانونية التي تسهل ماليا وإداريا البدء في سياسة السكن الجديدة، تمثلت أساسا في ضرورة المبادرة بسياسة أكثر فعالية من أجل تسيير القطاع وذلك بتحريره ماليا وترشيد مجال تدخل الدولة. ومما نتج عن هذا الاتفاق تحول الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط إلى "بنك السكن" وإنشاء "مؤسسة ضمان القرض السكني.
ب)أنواع السكن بالجزائر:تتعدد أنواع السكنات وطرق الاستفادة منها بالجزائر حسب الطبقات الاجتماعية و مستوى دخل كل مستفيد، و يمكن إجمالها كالآتي :
01) السكن الاجتماعي: مخصص للفئات الدنيا، وهو سكن ممول من طرف الدولة أو الجماعات المحلية و موجه فقط للأشخاص الذين تم تصنيفهم حسب دخلهم الشهري وهم ضمن الفئات الاجتماعية المعوزة و المحرومة التي لا تملك سكنا أو تقطن في سكنات غير لائقة تنعدم فيها شروط النظافة والصحة . ويستفيد من هذا السكنات من يقل دخلهم شهريا عن 12000دج و لا يزيد عن الضعف أي24000 دج (و هو ما يعادل 150 دولار 300 دولار).
02) السكن التساهمي: هو سكن يتم إنجازه أو اقتنائه عن طريق مساهمة مالية تمنحها الدولة و تسمى الإعانة للحصول على الملكية و يستهدف عرض السكن المدعوم ، أساسا طلبات السكن التي تتقدم بها الطبقات ذات الدخل المتوسط التي لا يمكنها الحصول على ملكية المسكن دون هذه الإعانة المقدمة من طرف الدولة. والإعانة يتكفل بها صندوق عمومي تم تأسيسه خصيصا لهذا الغرض يسمى الصندوق الوطني للسكن.CNL و يشارك في كل عمليات التدعيم المالي للسكن. و ويمكن الإشارة إلى أن الإعانة تعطى دون تعويض، إذ هي هبات مالية تساهم بها الدولة بغرض القضاء على أزمة السكن.ويستفيد من خدمات الصندوق و إعاناته ذوي الدخل القار وينقسمون إلى ثلاثة فئات:
الفئة الأولى : تستفيد من إعانة مالية تقدر بـ400.000 دج و هو ما يعادل 6500 دولار و تقتصر على من يفوق دخلهم الشهري أكثر 5.2 مرات الأجر الوطني الأدنى المضمون.
الفئة الثانية : تستفيد من إعانة تقدر بـ 350.000 دج ما يعادل 5600دولار تقدم لمن يفوق دخلهم أكثر من 4 مرات الأجر الوطني الأدنى المضمون.
الفئة الثالثة: تستفيد من إعانة تقدر بـ 300.000 دج ما يعادل 4900 دولار تقدم لمن يفوق دخلهم أكثر من 5 مرات الأجر الوطني الأدنى المضمون.
03) السكن -بيع عن طريق الإيجار- : طريقة يتم من خلالها احتساب ثمن كراء السكن كثمن بيع بالتقسيط حيث عند بلوغ المستأجر للقيمة المالية للسكن التي سددها لمدة سنوات يتم التنازل له من قبل الدولة وفق دفتر شروط موقع بين الدولة صاحبة السكن والمواطن المستأجر. تلقى هذه الصيغة إقبالا كبيرا في الجزائر نظرا لسهولة التسديد على المدى الطويل و التي يفوق الـ25 سنة وهو ما يلقىإغراء الموطنين ذوي الدخل الضعيف على اعتبار أنه يتماشى و ظروفهم الاقتصادية والمعيشية .
04) السكن الريفي: يشمل فئة الفلاحين الذين يقطنون خارج النسيج العمراني قصد تثبيتهم بالقرب من أراضيهم و مزارعهم. و يأتي مشروع السكن الريفي بعد عملية النزوح الريفي التي شهدتها البلاد جراء الأزمة الأمنية، إذ أدى غياب الأمن وشعور الآلاف من العائلات بأنها مهددة في أرواحها إلى خلق وضع من الفوضى تمثل في ظهور بناءات الصفيح على مشارف المدن و بروز تجمعات سكنية انعدمت فيها أدنى ضروريات الحياة. وقد أدى ذلك كله إلى خلق وضع اجتماعي مزري زاد من المتاعب اجتماعية و الصحية للسكان، و في بعض الأحيان تسبب في تداعيات أمنية حيث خلقت هذه التجمعات السكنية الفوضوية وضعيات استحال التحكم فيها أمنيا بسبب انتشار الجريمة بشتى أنواعها نظرا لتراكمات عدة حيث كانت طبيعة السكن الهش ملاذ آمنا لمروجي المخدرات. و قد عجلت هذه الأوضاع إلى دفع السلطات العمومية بالتفكير جليا في خلق مشروع السكن الريفي. هذا البرنامج السكني ازدواجي التسيير، إذ تشرف عليه وزارتا الفلاحة والسكن والعمران اللتان تعملان على إعطاء الأولوية لسكان الأرياف لوضع حد لظاهرة النزوح الريفي أين توفر لهم كل ضروريات الحياة خاصة التغطية الصحية و الصرف الصحي والماء و الكهرباء إضافة إلى المرافق الاجتماعية الترفيهية المتنوعة وفضلا عن ذلك يوفر لهم الأمن بمنح حصة لأفراد القوات النظامية المختلفة ممن يرغبون في السكن بالريف و المنحدرين عادة من أوساط ريفية.
ج)-التشريع والتنظيم الخاص بالتسيير العقاري: سن المشرع الجزائري ترسانة قانونية تنظم السكن و تسهر على تسييره التسيير الحسن وكذا المحافظة على الوجه اللائق للعمارات كيفما كانت خاصةأو عمومية، سنوجزها في خمس نقاط.
01) الإطار التشريعي و التنظيمي يظبط و ينظم كل الامور المتعلقة بالسكن و العقار في مجال البناء و التعمير.
02) التأمين العقاري يفرض االتامين الاجباري على كل بناية فوثيقة التأمين على العقار مطلوبة في كل عمليات البيع و الشراء و حتى الكراء و جاءت كنتيجة حتمية بعد الزلزال القووي الذي ضرب مدينة بومرداس سنة 2003.
03) تسيير المنازعات يسهر القانون على تسيير المنازعات كيف ماكانت في مجال العقار و السكن سواء ثنائية بين المالكين و المستأجرين او في مجالات شتى كعدم احترام مقاييس البناء و الاعتداء على ملكية العقارية للغير.
04) تنظيم الملكية المشتركة هو قانون يعد قديم نوع ما اذ صدر بتاريخ 12 نوفمبر 1983 يكفل عملية صيانة و تسيير الملكية المشتركة و التكفل بالحضيرة الوطنية اذ يحدد حقوق و واجبات الشركاء في العمارات و الاجزاء المشتركة مثل مداخلا العمارات الاقبية و الأسطح و المساحات الشاغرة و السلاليم...الخ
05) قواعد منح السكن الاجتماعي الايجاري ( قانون السكن الجديد المؤرخ في 05 جمادى الأول عام 1429 هـ الموافق 11 مايو 2008. يحدد قواعد منح السكن الاجتماعي الايجاري.) يعد احدث قانون في مجال السكن وهو مرسوم تنفيذي موقع من قبل رئيس الحكومة ينطم و يضبط عملية توزيع السكن العمومي الايجاري والذي يلقى اقبال غالبية المواطنين نظرا لسعر الكراء المنخفض الذي يعد في متناول الطبقات ذات الدخل الضعيف. وقد تشددت الحكومة في إجراءات الاستفادة من السكن الاجتماعي، إذ يخضع القانون الجديد كل طالب سكن إلى سلم تنقيط يفرد الأولوية لذوي الدخل اقل من 12000دج حتى 24000 دج بتنقيط قدر بـين 30 نقطة و 15 نقطة و هو يكفل حق المعاقين و الأرامل و ذوي الحقوق أو ما اصطلح عليه بالأسرة الثورية من مجاهدين و أبناء الشهداء. وتحرص على دراسة الملفات لجنة محلية متنوعة، إلا انه يعاب عليها استثناء ممثلي المجتمع المدني و الجمعيات الأهلية بالخصوص بالرغم من أن القانون السابق كان يضمن لهذه الجمعيات المساهمة في عملية دراسة ملفات الطالبين ونتوزيع السكن. و من السلبيات التي تميز برامج منح السكن الاجتماعي العمومي الايجاري غياب العدالة في التوزيع مما يثير حفيظة المواطنين البسطاء إلى درجة أن أعمال الشغب غالبا ما تمثلالسمة التي تعقب إعلان قوائم المستفيدين من السكن. وقد بلغت أعمال العنف التي تعبر عن استياء المواطنين درجة جعلت السلطات الأمنية ممثلة في مسؤولها الأول العقيد علي تونسي مدير الأمن الوطني تأمر بفتح تحقيقات أمنية تتعلق بعملية التوزيع للسكن كونه قضية قد تعصف باستقرا البلاد.
د)النوعية السكنية: واكب الاهتمام الذي أعطته الجزائر لإنجاز السكن بالعدد المطلوب لسد حاجيات السوق حرص كبير على النوعية. من أجل هذا الغرض أنشأت الوكالة الوطنية لتحسين و تطوير السكن ، والتي من مهامها تطوير طرق البناء بغرض استعمال التقنيات الحديثة والأخذ بعين الاعتبار بالمتطلبات الاجتماعية والحفاظ على التناسق مع المحيط الطبيعي بحسب ما تمليه الخصوصيات الثقافية للجماعات والجهات والمرتبطة أساسا بطرق العيش والخصائص الجغرافية و المناخية المحلية والبيئية. و لأجل ذلك شرعت الوزارة الوصية في بعث مجمعات سكنية منسجمة ومندمجة تماما من خلال توفير حياة الرفاهية لجميع فئات الأعمار، و لا يتم ذلك إلا بفتح القطاع على فنيات بناء جديدة من خلال تصنيع البناء من أجل خفض أجال الإنجاز.
إن تحسين النوعية السكنية يقضي أساسا بالقضاء على السكن الهش الذي قدر بحوالي نصف مليون سكن و هو رقم مخيف بالفعل. و بغرض القضاء على هذه الظاهرة تم برمجة إنجاز 100 ألف وحدة سكنية في قانون المالية التكميلي لسنة 2008 تخصص لأصحاب السكنات الهشة بغية القضاء عليها، كما تم وضع منهجية تدريجية للقضاء كلية على السكن الهش بمكافحة الظاهرة التي تعد ذات أبعادتاريخية و اقتصادية و اجتماعية توجب محاربتها بإجراءات و وقائية و جزائية و القضاء على مسبباتها.
هـ) الشراكة: لم تكن المشاريع العديدة التي أشرفت عليها الدولة الجزائرية في مجال البناء في مستوى المؤسسات الوطنية عامة وخاصة لتفي بطموح وتطلعات برنامج إنجاز مليون وحدة سكنية في ظرفخمس سنوات كون التجربة الجزائرية وإن كانت واعدة فإن القدرات تبقى دون الآفاق المبتغاة مما دفع الوصاية على فتح سوق السكن أمام المستثمرين الأجانب حتى تفي بوعودها واحترام الآجال التي قطعتها على نفسها بتسليم كل المشاريع قبل انقضاء الثلاثي الأول من العام 2009 . وممن الدول الصديقة التي شاركت الجزائر برنامجها الإسكاني، نشير بالأساس في هذه الورقة دور الإمارات العربية المتحدة على اعتبار أنها الشريك العربي والأجنبي الأول للجزائر في مشاريعها الإسكانية.
الشراكة الإماراتية : كانت دولة الإمارات العربية الشقيقة السباقة لولوج سوق السكن في الجزائر إذ باشرت شركة الإمارات الدولية للاستثمار بإنفاق خمسة مليارات دولار لانجاز مشروع سكني وترفيهي.و وبحسب تصريحات مسؤول مكتب الشركة في الجزائر فأن الشركة ستعتمد على مواردها لتمويل مشروع (دنيا بارك) على مساحة 670 هكتار. وقد استفادت الشركة من تحفيزات كبيرة وتخفيضات في الضرائب وهو ما دفع الشركة للرمي بكل ثقلها في السوق العقارية بالجزائر. ويضيف مدير شركة الإمارات أن %57 من مشاريعها في الجزائر تعتبر استثمارا ضخما دون مقابل اذ ستتمكن الشركة من جمع الأموال بفضل بناءات أهمها الفنادق و الأبراج و المكاتب التي يشملها المشروع السكني، وتخصص الشركة 200 مليون دولار لبناء فندق بضواحي الجزائر العاصمة وملعب للقولف وحدائق مع غرس عشرة ملايين شجرة و قدر الغلاف المالي لكل هذه الاستمارات ببحوالي 20 مليار دولار.
ولم تتوقف الشراكة الإماراتية عند حدود شركة الإمارات الدولية للاستثمار بل شهية الإماراتيين أمام سوق عقارية عذارء أضحى أكثر انفتاحا إذ وقعت مؤخرا شركة اعمار العقارية عقودا لإنجاز آلاف السكنات. وطموح شركة اعمار يبدو بلاحدود في الجزائر، إذ صرح العبار ان مجموعته لها أفكار و تصاميم تناسب الخصوصيات المعمارية لمدن متوسطية مثل الجزائر، بل ذهب الى ابعد من ذلك إذ اعتبر أن مشاريعه في الجزائر من شأنها تغيير الوجه العمراني المتقادم للجزائر. وهنا تظهر أن السوق العقارية الجزائرية هي سوق واعدة تستقطب أكثر من متعامل عربي و أجنبي وقد قدرت وزيرة الاقتصاد الإماراتية الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي عقب استقبالها من طرف الرئيس الجزائري أن القيمة المالية لاستثمارات دولة الإمارات ستتجاوز مبلغ 30مليار دولار في حدود سنة 2010.
ان الشراكة الإماراتية و إن كانت في المقدمة ورائدة فلا يمكن تجاهل الشراكة الكويتية وكذلك السعودية في مجال انجاز مشاريع سكنية وقَّعت شركة سناسكو للاستثمار والتطوير العقاري، اتفاقية شراكةٍ استراتيجية مع «مؤسسة ترقية السكن العائلي» لولاية وهران في الجزائر، يتم بموجبها تولي «سناسكو» تطوير مشروع متكامل يلبي احتياجات شريحة واسعة من العملاء بقيمة 400 مليون يورو كأول شركةٍ عقارية خليجية تعقد شراكةً حكومية في الجزائر يوفر حلولاً عقارية متكاملة مثل الشقق السكنية والمكاتب والمحال التجارية، ويضم على أقل تقدير 2000 وحدة سكنية.
أمام هذا الطموح العربي العربي، فإن الصين و دولا أوربية أخرى قد بدأت تتراجع في مجال الاستثمار السكني بعد ان ادرك المستثمرون العرب مدى اهمية السوق العقارية الجزائري ،ان هذا التنافس الأجنبي وأهميته فإن السوق الجزائرية بالامكانات المتاحة بفضل ارتفاع سعر النفط أساسا جعل طموح الحكومة الجزائرية يفوق كل التوقعات لتسطر سياسة سكنية رائدة قصد تحسين الاطار المعيشي للمواطن الجزائري.
خلاصــــــــة
ومع كون السياسة السكنية الجزائرية طموحة وفعالة على أكثر من مستوى إلا أن بعض النقائص والمشاكل ما تزال تحيط بالقطاع منها بيروقراطية الإدارة الجزائرية الأمر الذي لا يشجع الخواص في الاستثمار بشكل كبير بحيث أن الإدارة الجزائرية أصبحت تميل إلى تفضيل الأجانب ولاسيما الصينيين في مشاريعها على الخواص المحليين إذ تعمد السلطات الوصية على انجاز المشاريع السكنية وهي محكومة بظرف زمني وجيز اطلق عليه المشروع الخماسي و هو ما ادى حالات فسخ عقود المتعاملين سواء بسبب التأخر في استلام السكنات في آجالها أو عدم احترام المعايير الفنية. كما أن الشركات صاحبة المشاريع تتذرع بحجج عدة مثل ارتفاع سعر مواد البناء الأساسية من أجل رفع تكلفة الإنجاز وهو ما جعل السعر المرجعي للسكن يقفز من 18 ألف دينار و20 ألف للمتر المربع إلى 26 الف دينار، وبذلك أصبحت مؤسسات الانجاز تتكبد خسائر هائلة. وقد أدى هذا الأمر إلى عدم احترام مواعيد تسليم عشرات الآلاف من السكنات، و صاحب ذلك كله احتجاجات المواطنين الذين سبق لهم أن دفعوا تسبيقات قصد الحصول على السكنات.
من جهة أخرى، فإن التوافق يكاد يغيب كلية بين ما يسميه أحد الأخصائيين "الوحدة الفضائية" أي السكن و "الوحدة الاجتماعية" أي الأسرة، ومؤدى ذلك أن السياسة السكنية أغفلت الاهتمام ببعض الخصائص المحلية والاجتماعية المرتبطة أساسا بالمحيط السكني، كما أغفلت أو تجاهلت إدراج الجماعات الحضرية والريفية كذلك في اتخاذ القرارات أو على الأقل في استشاراتهم فيما يرتبط مباشرة بهذه الخصائص.
وينبغي ملاحظة أنه حسب بعض الدراسات فإن غالبية الجزائريين يعولون كلية على الدولة في إيجاد السكن كما أن هذه الغالبية أيضا تبقى غير راضية عما تم إنجازه بحيث يميل الجزائريون إلى تغيير السكن والاتجاه إلى المدن الكبرى بحثا عن ظروف معيشية أحسن. ويدل ذلك على مدى الارتباط بين السكن والعمل وظروفه. فأزمة السكن بالجزائر تظل قائمة و إن خفت حدتها كون الطلبات تظل في ارتفاع وهي مرتبطة بظواهر اجتماعية عديد، إذ تشهد الجزائر سنويا 150 ألف زيجة 80 بالمئة من هؤلاء الأزواج لا يتوفرون على مسكن. وحسب آخر دراسة للديوان الوطني للإحصاء فإن عدد الولادات بلغ السنة الماضية 36 ألف مع تسجيل انخفاض في عدد الوفيات، فهذا الارتفاع في عدد المواليد و الذي صاحبه استقرار شجع على ارتفاع عدد الزيجات مؤشر على تعقيد إشكالية العقار في الجزائر إذ أن الكثير من الأسر تعيش في سكنات ضيقة أعدت أصلا لإيواء ما بين 4 أفراد أو ستة، إلا أن الواقع الاجتماعي والاقتصادي الجزائري يقضي غالب بأن تعيش اسر بالأبناء والأحفاد داخل مساحة لا تفوق 60مترا مربعا في أقصى تقدير. و من وأخذا بعين الاعتبار بهذا الواقع فإن جود الدولة تنصب الدولة كلية على إعداد سياسة سكنية أنفقت عليها مبالغ ضخمة تضاف إليها إلى مساعدات دولية في شكل إعانات تتهدف إلى التخفيف من حدة أزمة السكن، فمثلا قدمت السعودية مؤخرا مساعدة بـ10 ملايين ريال سعودي قصد إعادة ترميم و تأهيلا سكنات قديمة.و ما يجب الاشارة اليه ان الحكومة تعمد بالاضافة الى انجاز السكنات بالكم المطلوب فهي بالموازاة تجتهد ايما اجتهاد في تحسين المحيط العمراني اذ يكفى ان الدولة صرفت 300 مليار دينار قصد اعطاء صورة جميلة للمحيطالعمراني. و الى ان يجني الجزائريون ثمار دولتهم في مجال السكن تبقى السنوات القادمة كفيلة بالحكم على التجربة الجزائرية التي هي بالفعل على المحك.
تقبلوا فائق الاحترام و التقدير الأخوي.
السيد بن زنين نوري
رئيس جمعية العربي بن مهيدي
Bibliographie :
Bibliographie :
Kamel Kateb, Ecole, population et société en Algérie, Paris, L’Harmattan, 2006.
Revue Confluences Méditerranée, numéro 11. Comprendre l'Algérie, juillet 1994.
Jacques Fontaine (ed.) ; Aménageurs et aménagés en Algérie : héritages des années Boumediène et Chadli, Paris, l’Harmatta, 2004/
Ahmed Mahiou, Jean-Robert Henry , Où va l'Algérie ? Paris, Khartala, 2001.
Gilles Mauceron (ed.), Algérie : comprendre la crise, Paris ; Editions Complexe, 1999.
Addi Lahouari, L'Algérie et la démocratie. Pouvoir et crise du politique dans l'Algérie contemporaine, Paris, Editions La Découverte, 1994.
Addi Lahouari, Les mutations de la société algérienne, Paris, La Découverte, 1999.
بالعربية :
مجلة السكن العدد01 جوان 2008.
الديوان الوطني للاحصاء .
الجريدة الرسمية رقم 10 في 27 فيفري 2008.
اعلان وزارء السكن لدول الاتحاد المغاربي 14 جمادي الاخيرة 1429 هـ الموافق لـ18 يونيو 2008.
بالإضافة الى مصادر صحفية منها جريدة الخبر وكالة ريتز الدولية.
قناة الجزيرة النشرة الاقتصادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق