التعرية وإستراتيجية التهيئة بحوض واد كبير الرمال
حالة وادي سمندوا و بو مرزوق
بحث مقدم لنيل درجة الماجستير في تهيئة الأوساط الفيزيائية
جامعة منتوري قسنطينة - كلية علوم الأرض
الجغرافيا و التهيئة العمرانية - قسم التهيئة العمرانية
من إعداد : بوستي صندراء
إشراف : الأستاذ المحاضر عميرش حمزة
2005
ملخــص
نظرا لمخاطر التعرية و تدهور المجال الطبيعي، يشهد الحوض التجميعي لوادي سمندوا و بومرزوق تقهقرا حادا، وهذا بسب تظافر و تداخل العوامل الطبيعية و البشرية معا، فقد يصنف هذا الأخير تضاريسيا ضمن الأوساط الأكثر تضرسا و وعورة، حيث يتميز سطحه بالتقطع و شدة الإنحدار، و تطغى عليه تكوينات هشة شديدة التأثر نتيجة الانجراف، هذا ما يجعل به ترب قابلة للتدهور مقاومتها الديناميكية ضعيفة و جد حساسة للتعرية في غياب الغطاء النباتي الواقي، بالإضافة إلى الممارسة الزراعية التي غالبا ما يكون فيها الإستغلال غير مطابق لملائمة الأرض مع مناخ يتميز بعدم الإنتظام يوافقه تذبذب كبير في الجريان و التقهقر النوعي، مما يتسبب في تغذية سد بني هارون بالمواد الصلبة التي ينقلها عن طريق المياه التي تنساب على سطح التربة فتؤدي إلى توحله، كما له تأثيرات كبيرة على المجال الزراعي و الصناعي و الأضرار التي ينجم عنها إختلال التوازن البيئي بفعل ملوثات مختلفة سواء كانت من الناحية الإجتماعية أو الإقتصادية و التي تؤثر سلبا على السد المستقبلي، فللمحافظة على هذا الوسط عن طريق حسن إستغلاله أصبح من الضروري دراسة كيفية الحد منها، و ذلك بتقديم بعض الحلول و التدابير العلمية و الهندسية التي من شأنها الحد من تفاقم هذه الظاهرة عن طريق تطبيق طرق الحماية المقترحة التي تهدف إلى توفير شروط صيانة التربة و المحافظة على سيرورة الوسط و حماية مختلف المنشآت العمرانية الموجودة بها.
كلمات مفتاحية: حوض الصرف، الكفاءة النحتية للأمطار، الأمطار الفجائية، جيومورفولوجية، ديناميكية السفوح، التعرية، أشكال السيلان المائي، الحركات الكتلية، التقهقر النوعي، التلوث،صيانة التربة، إستعمال الأرض.
ABSTRACT
The degradation of the natural environments and particularly that of the grounds revet currently a cardinal importance in the management of the ecosystems in place. The specific rates of degradation are revealing of a risk of real turning into a desert.
To this end, the basins of the Smendou wadis and Boumerzoug constitute an example characteristic of these problems in a space with precarious stability .
The explanatory factors are related to a difficult nature: long and complex geological history, aggressive structure deformed, lithologie érodable, precipitations and with an old human exploitation.
The risk factors of degradation and geomorphological processes are today a fact between nature and company.
Key words: Water shed - Land degradation - Area catchments - aggressive rains – Soil erosion physical and chemical, biogical erosion processes - specific deg.
Résumé
La dégradation des milieux naturels et particulièrement celle des sols revêt actuellement une importance capitale dans la gestion des écosystèmes en place. Les taux de dégradation spécifique sont révélateurs d’un risque de désertification réel.
A cet effet, les bassins des oueds Smendou et Boumerzoug constituent un exemple caractéristique de cette problématique dans un espace à stabilité précaire.
Les facteurs explicatifs sont liés à une nature difficile : histoire géologique longue et complexe, structure déformé, lithologie érodable, précipitations agressives et à une exploitation humaine ancienne.
Le risque de dégradation et les processus géomorphologiques sont aujourd’hui un fait entre nature et société.
Mots clés : Bassin versant –Capacité érosive du climat - pluies torrentielles –Bilan hydrique- processus géomorphologique – dégradation spécifique- Erodibilité des sols- Défense et restauration des sols .
مقدمة :
تتكون البيئة الطبيعية من عدة عناصر(مناخ، تربة، تضاريس، نبات، حيوان) متداخلة مع بعضها البعض و كل عنصر من هذه العناصر هو في حد ذاته مقومات البيئة الطبيعية، فهي تبين مجموعة من العلاقات بين مختلف العناصر الطبيعية من جهة و من جهة أخرى ما بين هاته الأخيرة و الإنسان، أي محاولة فهم نظام و حركية هذا المجال من أجل المحافظة على توازنه الإيكولوجي، و هذا ما تهدف إليه التهيئة.
فالتعرية إحدى الأخطار الطبيعية التي تشكل عائقا أمام توازن الوسط الطبيعي و تسارع وتيرتها على السفوح و المنحدرات، بتداخل عدة عوامل طبيعية و بشرية تؤثر سلبا على الأراضي الزراعية بفقدانها كميات هائلة من العناصر الخصبة إضافة إلى الأضرار التي تلحقها بالمنشأت الإقتصادية من غمر السدود و تخريب الطرق البرية، تهديم المنازل.....إلخ، فالجزائر كباقي بلدان العالم، والتربة التي تعتبر كمورد أساسي طبيعي لإستمرار البشرية هي دائما في تقهقر، حيث تفقد الأراضي الزراعية الخصبة ملايين الهكتارات، و قد زاد من تفاقم هذه الظاهرة كونها تخضع بإستمرار لأثر فعل تظافر كل العوامل الطبيعية و البشرية معا، أين تتجلى مظاهرها السلبية على مستوى الأوساط الطبيعية، هذا ما يوضحه اللإستقرار الذي يعرفه الوسط الطبيعي خاصة المنطقة التلية، مما يسهل أكثر هذا الخطر هو أن أغلبية وديان الجزائر الشمالية تصب بالبحر خاصة أودية الشرق: واد الرمال، واد الصفصاف، واد القبلي، واد جن جن....إلخ، حيث قدرت الحمولة الصلبة بـ 1250 كم 2 /طن/سنة في حوض زردازة (ح.عميرش 1984) و أكثر من 6000 كم 2 /طن/سنة بواد جن جن(م.بوروبة 1987).
و للتعرية المائية و الحركات الأرضية كذلك دور مهم في إختلال توازن الوسط، فهي جد منتشرة في التل القسنطيني على الخصوص و المرتفعات التلية الجزائرية على العموم، خاصة في المناطق والأحواض التي تتميز بإختلاف مورفولوجي و جيولوجي، فالتضاريس البنائية حديثة العهد متصفة بعدم الثبات و الإستقرار بصفة عامة، حيث كان لأثر الحركات التكتونية التي شهدتها المنطقة، إستغلال بنية جد معقدة تتميز بتراكم غشاءات متعددة الواحدة فوق الأخرى أساسها الكلس الضحل ثم غشاءات الفليش، فالتكوينات الكلسية، الحجر الرملي، وأخيرا تكوينات الميوسين الذي يتميز بعدم التوافق.
من هذه الفكرة كان موضوع دراستنا الذي يهدف إلى دراسة التعرية و إستراتيجية التهيئة في أحواض التل الشرقي حوض كبير الرمال و تم اختيار الحوضين الجزئيين لوادي سمندوا و بومرزوق اللذان يعتبران من أكثر المناطق عرضة للتعرية و تفشي تدهور الأراضي الزراعية بها، و لكونهما يشكلان عينة من الأحواض التلية القسنطينية، إذ يندرجان ضمن مجال جد حساس و ينفردان بخصائص طبيعية تزيد من قيمة التدهور منها: التضاريس(بنية جد معقدة و إنقطاعات في الميل)، التركيب الصخري(سلسلة نوميدية، تكوينات لينة غير نفوذة، صخور متناوبة هشة عديمة المقاومة) يجعلها تعرف ديناميكية محسوسة و خطيرة، مناخ هجومي(الأمطار السيلية ذات الشدة القوية، و الجريان الغير المنتظم مما يزيد في فقدان المواد الصلبة ونقلها بالمياه التي تنساب على سطح التربة)، تدهور الغطاء النباتي الطبيعي، دون أن ننسى الظروف البشرية التي تعد حافزا كبيرا لحدوثها، فالإنسان يعمل على إستنزاف الثروات الطبيعية دون مراعاة الخطر الذي سيحل بالطبيعة و من أبرز هذه الممارسات الغير عقلانية بهذه المنطقة من قبل السكان:
- الرعي الجائر نتيجة لإستخدام السكان للمراعي بصورة غير منتظمة، فيتسبب في ضغط متزايد على المراعي التي تتجاوز حدود الطاقة التجديدية للغطاء النباتي مما يؤدي إلى مضاعفة تدهور التربة.
- قطع الأخشاب و إزالة الغابات و حرقها عبر التاريخ أدى إلى تقليص رقعة الغطاء النباتي و الغابات.
- عدم إتباع الدورات الزراعية الملائمة، و عدم إختيار الأصناف الملائمة التي تتوافق مع الخصائص البيئية لأراضي المنطقة.
- الاستخدام السيئ للأراضي بما لا يتلاءم مع قدرتها الإنتاجية، مع الحرث في إتجاه إنحدار السطح.
هي طرق استغلال الوسط الطبيعي فعلى الرغم من فوائدها على الإنسان إلا أنها تساهم و بشكل كبير في حدوث التعرية خاصة إذا كانت عفوية و بعيدة عن التقنيات الحديثة، إضافة إلى ذلك المنطقة تحتوي على نسبة من الأملاح منها ما يعود لعصر الترياس ومنها ما يعود إلى التكوينات الكلسية و التكوينات الميوبليوسينية و التي تؤثر سلبا على الأراضي الزراعية، إضافة إلى مشكل كبير والذي يعاني منه الحوض الجزئي لواد بومرزوق ألا و هو التلوث الذي يهدد البيئة نتيجة عدة عوامل طبيعية و بشرية راجع لكيفية تصريف المياه القذرة بسبب انعدام منشآت التطهير، جراء ما تفرزه الوحدات الصناعية من المياه و الزيوت مباشرة في الواد دون معالجة، مما يؤدي إلى تلوث مياه واد الرمال و التي تشكل خطرا كبير على مياه سد بني هارون المستقبلي.
و بمأمن أحواض الصرف الجزائرية خاصة التلية تتسم بالتوحل السريع للسدود، و أن الجزائر في حاجة لبناء سدود مستقبلية للتقليص من أزمة المياه سواء الموجهة للشرب أو السقي، وخاصة أن المناطق التلية تمتاز بنظام مطري غير منتظم، يعرف سنة ممطرة أو سنتين مطيرتين ثم تليها عدة سنوات متتالية من الجفاف تعرف عجزا كبيرا في السقي و مياه الشرب، و إنها اليوم بصدد إنجاز أكبر سد باستطاعته تغطية حاجيات الشرق الجزائري سعته التخزينية تقدر بـ 750 3 مليون م (خ. كعبي 2002)، لكن هذا الإنجاز معرض لخطر التو حل لأن هذه الأحواض تشهد ديناميكية كبيرة و لم تشهد إستصلاحات مسبقة.
فالخطورة التي تشكلها ديناميكية السفوح أو الديناميكية النهرية بمساهمتها في النقل الصلب و العالق نحو السد المستقبلي، إلى جانب توضيح إمكانية التنمية التي تفرضها الظروف الفيزيائية، قصد تحسين الوضعية الإقتصادية و الإجتماعية للسكان داخل هذا المجال، فالكفاح ضد هذه التعرية يندرج ضمن إستراتيجية محكمة تعمل على تهيئة الوسط حتى لا يختل التوازن البيئي عن طريق رسم خطة عقلانية مستقبلية تسمح بحمايته، و استغلال أراضيه عن طريق صيانة موارد التربة و المحافظة عليها و الحد من تفاقم أخطار تعريتها، مع تنمية المجموعات البشرية التي تتوافق مع الظروف الفيزيائية و الهيدرولوجية (التحكم في الجريان(السطحي والباطني) وحجم المياه التي يصرفها الحوض)، عن طريق حماية المناطق الحساسة بالخطر، مع وضع اقتراحات تأخذ بعين الإعتبار الظروف الفيزيائية و الإجتماعية و الإقتصادية من أجل الحافظ على تكامل الوسط و استقراره.
ففي حالة الحوض التجميعي لوادي سمندوا و بومرزوق يظهر الإشكال في كيفية المحافظة على التكامل الذي يجب أن يكون ما بين الأوساط الجبلية بكل مميزاتها و أوساط التلال، أي التكامل ما بين المنطقة الزراعية (حوض سمندوا و بومرزوق) و المنطقة الجبلية المتمثلة في جبل الوحش و كاف سيدي إدريس بالحوض الجزئي واد سمندوا و بجبل قريون و فوطاس الذي يتعدى إرتفاعها 1700م بالحوض الجزئي واد بومرزوق، معنى هذا التوصل إلى تكامل وظيفي بين مختلف هذه الأوساط و بين الإنسان من جهة أخرى، و من هذا المنطلق جاءت العديد من التساؤلات نلخصها فيما يلي:
Ø ماهي الخصائص الطبيعية للحوض التجميعي ؟
Ø ما مدى تأثير هذه الخصائص على التوازن الطبيعي للحوض التجميعي ؟
Ø هل هناك توافق بين الإمكانيات الطبيعية و كيفية إستغلالها؟
Ø ما مدى تأثير المناخ على العناصر الطبيعية و الغطاء النباتي خاصة؟
Ø ما هي الخصائص البشرية و ماهو تأثير توزيعها على الوسط الطبيعي؟
Ø إلى أي مدى يتماشى الإستغلال البشري مع الجانب الطبيعي؟
Ø هل العلاقة ما بين الإنسان و الأرض متكاملة أم لا؟
Ø ما مدى مساهمة الخصائص الطبيعية و الإستغلال البشري في التعرية بالحوض التجميعي ؟
Ø ما نوع العلاقات ما بين التعرية و المؤثرات المتحكمة فيها ؟ Ø كم يفقد الحوض من التربة سنويا ؟
Ø كيف نتحكم في إستغلال المجال لضمان التوازن الطبيعي و الحفاظ على الترب من التعرية و الإنجراف و التقهقر بالحوض التجميعي ؟
Ø ما هي الطرق و الإقتراحات التي من خلالها يمكن الوصول إلى مجال متوازن و متكامل؟
أقسام البحث: لقد تم إنجاز هذا البحث وفق مراحل تشمل أربعة فصول رئيسية على النحو التالي:
* مقدمة.
* الفصل الأول: الخصـائص الطبيعيـة للـوسط.
Ø المبحث الأول: تحديد منطقة الدراسة - كثافة التضاريس- الإنحدارات – الجانب المورفومتري – الشبكة الهيدروغرافية.
Ø المبحث الثاني: الجيولوجيا و التربة و التغطية النباتية (تطرقنا إلى التركيب البنيوي لكلا الحوضين مع معرفة مدى مقاومة الصخور لعوامل التعرية للحوض الكلي و الأحواض الرافدية، تبيين أنواع التربة المتمركزة مع توضيح الخصائص الفيزيائية و الكيميائية لها، و إستخراج أي الترب القابلة للتدهور بالدرجة الأولى، مع توضيح أنواع التغطية النباتية بالحوضين(غطاء نباتي دائم+ مؤقت + مجال غير مستغل)).
* الفصل الثاني: المــوارد المـائيــة.
Ø المبحث الأول: المقاربة المناخية (الأمطار- الحرارة) والتي تلعب دورا أوليا في التصرف الهيدرولوجي للمجاري المائية.
Ø المبحث الثاني: المقاربة الهيدرولوجية ( نظام الجريان السطحي و الباطني – الفيضانات).
Ø المبحث الثالث: دراسة المعطيات الهيدروجيولوجية و إبراز علاقة كل عنصر بعامل التعرية و كيفية استغلال الموارد المائية (السطحية و الباطنية) وأسباب تلوثها.
* الفصل الثالث: التعريــة و إستراتيجيــة التهيئــة.
Ø المبحث الأول: الإنسـان و استغلال الأوسـاط الطبيعيـة. حيث يضم دراسة الوسط البشري و أنماط إستغلاله عن طريق العناصر التالية: السكان و خصائصهم، توزيع العمال حسب النشاطات الإقتصادية و تبيين تجهيزات الحوض، الإستغلال الفلاحي (الزراعة – الثروة الحيوانية) مع إبراز علاقة كل عنصر بعامل التعرية.
Ø المبحث الثاني: الإنعكـاسات على الأوسـاط و تنطيـق الضـرر. تطرقنا إلى دراسة أشكال التعرية تفصيلية و مدققة، وصف الأنواع المختلفة للظواهر الجيومورفولوجية و الأماكن التي تتواجد بمنطقة الدراسة وذكر الأسباب و العوامل المحددة لحدوثها، مع إستخرج خريطة التنطيق بالخطر، وهي خريطة للطوارئ أين أبرزنا فيها النطاقات المتضررة، والنطاقات متوسطة التضرر و النطاقات ضعيفة التضرر.
Ø المبحث الثالث: تقييم التعرية الحالية بالطرق النظرية للحوض التجميعي لوادي سمندوا و بومرزوق و للأحواض الرافدية.
Ø المبحث الرابع: إستـراتيجيـات التهيئـة. الخروج بجملة من الإقتراحات و التوجيهات العقلانية و التي تأخذ بعين الإعتبار الظروف الفيزيائية و الإجتماعية و الإقتصادية للأوساط الطبيعية و البشرية، من أجل الحافظ على سيرورة الوسط و إستقراره.
الخاتمة
يتضح من هذه الدراسة أن مخاطر التعرية و أسباب تدهور المجال الطبيعي التي تحدق بالحوض التجميعي لوادي سمندوا و بومرزوق الواقع ضمن أحواض التل القسنطيني و السهول العليا متعددة و متداخلة، و ذلك بالنظر لخصائص المقومات الطبيعية المكونة لهذا الوسط، و التي تهدف إلى حماية التربة عن طريق:
- أولا: حماية التربة من التقهقر و النقل مع مياه الجريان.
- ثانيا: حماية سد بني هارون من التوحل.
- ثالثا: حماية الأراضي الزراعية الخصبة من الإنجراف و التقهقر.
كل هذا تم عن طريق دراسة مدققة لعناصر الوسط، مع فهم علاقة تأثره به و التي يتعرض لها عن طريق: تدخل الإنسان، النشاط الفلاحي، الثروة الحيوانية، المناخ الهجومي (الأوابل)، الغطاء النباتي المتدهور، و تكوينات اللينة و الهشة.
فمنطقة الدراسة تصنف تضاريسيا ضمن الأوساط الأكثر تضرسا و وعورة، يتميز فيها السطح بالتقطع و شدة الإنحدار، تتغير فيه طبيعة نظام الجريان، تطغى عليه تكوينات هشة شديدة التأثر بفعل الإنجراف، و ذات ترب قابلة للتدهور و مقاومتها الديناميكية تكون ضعيفة مما يجعلها حساسة أكثر للتعرية، هذه البنية تترجم نشاط تقهقر الوسط في غياب غطاء نباتي واقي و ممارسة زراعية غالبا ما يكون فيها الإستغلال غير مطابق لملائمة الأرض مما يتسبب في زيادة تدهورها.
أما تأثير الجانب المناخي الذي يتميز بالتذبذب و عدم الإنتظام، يوافقه تذبذب كبير في الجريان و التقهقر النوعي، مما يتسبب في تغذية سد بني هارون بالمياه و المواد الصلبة التي ينقلها عن طريق المياه التي تنساب على سطح التربة فتؤدي إلى توحله، كما له تأثيرات كبيرة على المجال الزراعي و الصناعي، و الأضرار التي ينجم عنها إختلال التوازن البيئي بفعل ملوثات مختلفة سواء كانت من الناحية الإجتماعية أو الإقتصادية و التي تؤثر سلبا على السد المستقبلي.
فالإنسان هو المسئول الأول عن تدهور الوسط باستغلاله اللاعقلاني له، عن طريق توسع النشاط الفلاحي(زراعات واسعة- الرعي) على حساب الغطاء النباتي الدائم، و عدم إتباع الدورات الزراعية، الحرث العمودي وفق سطح الإنحدار، الحرائق، و ما زاد من حدة هذه العوامل هي المعطيات الديموغرافية التي تتميز بطابع التزايد المستمر، كل هذه الممارسات أدت إلى إنهاك المقومات الأساسية للتربة و تقهقر الوسط الطبيعي و زيادة حدة التعرية.
و بالنظر لحجم هذه الخسائر و ما يترتب عنها من أخطار تهدد إختلال التوازن البيئي و عدم إستقراره، فقد أصبح من الضروري دراسة كيفية الحد منها، و ذلك بتقديم بعض الحلول و التدابير العلمية التي من شأنها الحد من تفاقم هذه الظاهرة و ذلك عن طريق تطبيق طرق الحماية المقترحة التي تهدف إلى توفير شروط صيانة التربة و المحافظة على سيرورة الوسط و حماية مختلف المنشأت العمرانية الموجودة بها.
أو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق