التسميات

آخر المواضيع

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

مظاهر التعرية والترسيب في مجرى شط العرب ...


مظاهر التعرية والترسيب في مجرى شط العرب


الشاهد - 01 آب/أغسطس 2016 - د. فخري هاشم خلف:

   تعد المجاري النهرية احدى اهم الظواهر الطبيعية المؤثرة في تشكيل المظهر الطبيعي لسطح الأرض ولقد حظيت دراستها باهتمام الجيومورفولوجيين، ذلك لأن الاودية النهرية تمثل وحدات طبيعية، جيومورفولوجية، وهيدرولوجية وتمثل مسرحا لميكانيكيات معقدة ومتداخلة الى حد كبير فضلا عن انها تشغل بينات متباينة من النواحي المناخية والجيولوجية والجيومورفولوجية الدقيقة ضمن اوديتها ومع جانب العوامل الطبيعية المؤثرة في تشكيل الاودية النهرية التي تتنوع بين العوامل الجيولوجية والتضاريسية والمناخية والرسوبية والحياتية فهناك العمليات الجارية ضمن تلك الاودية التي تعكس التفاعل الحاصل بينها وبين العوامل الطبيعية السائدة فيها، والتي لها فعل ديناميكي يعمل على تشكيل وتطوير انماطها التضاريسية والشكلية بمرور الزمن.


   تم في هذه الدراسة التعرف على خصائص مجرى شط العرب لبيان دورها وتأثيرها المباشر وغير المباشر في المجرى وخصائصه المميزة اذ كان للبيئة الارضية والجيولوجية اثر في تشكيل الاشكال الارضية فيه، فضلاً عن الاحوال المناخية القديمة والمعاصرة من دور وسمة مميزة في تشكيل جبورمورفولوجية المجرى، لوحظ ان للمناخ القديم والتذبذبات المناخية وما يرافقها من تقدم وانحسار البحر الاثر المميز والاكثر سيادة عن الخصائص المناخية الحالية في رسم جيورمورفولجية النهرية للمجرى والى الوقت الحاضر، كما ان لاثر التضاريس وانحدار سطح الأرض ورسوبيات للمجرى دوراً مهما في تكوين المجرى.

   يهدف هذا البحث إلى دراسة ظاهرة التعرية والترسيب في مجرى شط العرب من خلال التأثير المشترك للعوامل المؤثرة في رسم المورفولوجية الحالية للمجرى وابراز الملامح الترسيبية فيه والتأكيد على الجزر النهرية والدلتا. 

سرع التيارات في شط العرب 

   يتبع نظام المد والجزر في مجرى شط العرب النظام المدى المختلط بين المد اليومي ونصف اليومي الا ان النوع السائد هو المد نصف اليومي أي حصول مدين وجزرين خلال اليوم الواحد ويتصفان بأنهما غير متساويين من حيث الفترة الزمنية ومديات المد والجزر وتكون الدورة المدية بحدود 24 ساعة و50 دقيقة وتتضمن نوعين من المد الواطئ ونوعين من المد العالي «حسين، 1991»، وفي حالة عدم تأثر المنطقة بالظروف المناخية المتطرفة وعلى الأخص الرياح الشديدة والزوابع والعواصف الرعدية فضلاً عن عوامل اضطراب أخرى ويصل الفرق بين المد العالي والمدى الواطئ حوالي 1.5م خلال مواسم الجفال وما يقارب 25 سم ايام ارتفاع مناسيب مياه النهر. ان مديات المد والجزر وعلى امتداد مجرى الشط ابتداء من ملتقى النهرين في القرنة وحتى دلتاه في الخليج العربي توضح حقيقة ان من زمن فترة الجزر الطول منها في حالة المد.

  إن سرع التيار تتفاوت بدورها وعلى امتداد مساحة المقطع العرضي للقناة وكالآتي وحسب الجدول 1.

أ - تتفاوت تبعا للعمق اذ تتفاوت في أقيامها بين الصفر عند القاع تبعا لزيادة عامل الاحتكاك مع اقترابنا من القاع الا ان السرع تأخذ بالتزايد تدريجياً اذ يمكن تمييز عدة طبقات مائية متباينة سرعها، الأولى الطبقة القاعية، والثانية الطبقة الداخلية والتي تمثل 10-20? من العمق اما الثالثة فهي الطبقة الخارجية التي تمثل 80-90? منه.

ب - تتباين السرع على امتداد القناة اذ تزداد عموماً في منتصف القناة حيث تتدني تأثيرات عوامل الاحتكاك الذي يقل عموماً في حالة المقاطع العرضية، فيما تتدنى سرعة التيار وجهد القص المائي وتتزايد كفاءة المجرى بشكل عام عند منتصف القناة، ان خطوط السرع المتساوية تتباين تبعا لشكل المقطع العرض اذ يتلاشى الانتظام في تلك الخطوط في حالة الالتواءات النهرية والحواجز والجزر النهرية وعدم انتظام القاع اذ ان هنالك علاقة ارتباط واضحة بين شكل المقطع وتوزيع سرع التيار وقابليته على الحت المائي ففي حالة المقاطع العرضية الضحلة المتسعة نسبياً يتولد منحدر شديد للسرع ضمنها ينشأ عنه توليد جهد مائي قرب القاع. اما في حالة القناة الضيقة العميقة يتولد منحدر شديد عند الاضفاف ما يزيد من حتها وتراجعها، في ضوء ما سبق يمتلك مجرى شط العرب خصائصه المميزة من حيث نمط التيارات السائدة وسرعتها. اذ تتمثل تلك التيارات بكونها سريعة، معتدلة السرعة في مصب الشط في الخليج العربي والتي تراوحت ما بين 1-1.5م/ثا إلا انها تأخذ بالتدني في مدياتها كلما اتجهنا شمالا باتجاه ملتقى نهري دجلة والفرات عند القرنة تبعاً لتدني تأثير ظاهرة المد والجزر شمالا لكنها بصورة عامة تؤشر الى ارتفاع سرع تيارات الجزر مقارنة مع سرع تيار المد اذ تراوحت سر تيارات الجزر ما بين 0.20-1.30)م/ثا فيما تراوحت سرع التيارات المد ما بين 0.15-0.90)م/ثا في المواقع نفسها.م اما في موقع جزيرة ام الرصاص فقد بلغت سرع تيارات الجزر 0.21 م/ثا في حين تراوحت سرع تيارات المد في الموقع نفسه المذكور ما بين 0.19 م/ثا يلاحظ ان سرع التيارات المدية وخلال كلا فترتي المد والجزر تأخذ بالتزايد كلما اتجهنا جنوبا باتجاه أسفل المجرى النهري ونظراَ لشدة تأثير ظاهرة المد والجزر وعلى الأخص مع اقترابنا من المصب لتصل في شدتها الى 1.5 م/ثا جدول (1).

العمليات الجيومورفولوجية في مجرى شط العرب

أولاً - النحت النهري في مجرى شط العرب:

   تتألف قيعان وضفاف معظم القنوات النهرية من مواد متماسكة تميل الى ان تصبح أكثر نعومة في حجومها كلما اتجهنا الى أسفل النهر، وتتألف من الطين والغرين الى جانب كميات محدود من الرمال. لا سيما ضمن السهول الفيضية المتطورة في اتساعاتها، لذا تبدي الكثير  من الضفاف النهرية مقاومة للحت المائي بسبب رسوبياتها الناعمة جدول (2) لا سيما عند أعلى الضفاف ويؤكد أحد الباحثين على ان رسوبيات الضفاف التي تتألف من (16-18?) من شبكة الجذور وتحت عمق يصل الى 5 سم من السطح تمنح حماية من الحت تصل الى مئات المرات عنها في الضفاف الخالية من الغطاء النباتي.

  إن التفاعل الحاصل بين مواد الضفة والجريان يمكن ان يتلخص عنه ثلاثة أصناف من العمليات الحثية النهرية وهي:

أ - النشاط الهيروليكي للماء

ب - الانهيارات وتقويض الضفاف

ج - تجوية وتفكيك مواد الضفاف

  إن تراجع الضفاف نتيجة للحت وعلى الأخص الضفاف المقعرة كما في مناطق الثنيات النهرية انما يرجع الي نشاط جهد القص المائي، اذ ان جريان الماء لا ينحصر تأثيره المباشر على رسوبيات الضفة وحدها بل يعمل على  تقويض قواعد تلك الضفاف وبالتالي جعلها اكثر انحدارا مشجعا على حدوث الانهيال الارضي فيها. ان انماط الجريان المائي في الانهار تتباين من موقع لاخر ضمن القناة النهرية الواحدة اذ ان خطوط الجريان قد تلتقي وتتفرق تبعا للتباين في اشكال المقاطع العرضية للانهار، كما في مناطق الاحواض والشطوط. ان الحت الضفافي يعد من الظواهر المعقدة تتحكم به جملة من المتغيرات اهمها:

أ - تباين مواد الضفاف من حيث «احجامها، تماسكها، طباقيتها».

ب - الخصائص الجومترية للضفاف «الارتفاع، زاوية الانحدار، تقوس الضفاف».

ج - هيدرولوجية الضفاف «الحت الانبوبي، المياه الجوفية، رطوبة التربة، ضغط الماء المسامي».

د - خواص الجريان «التباين في التصريف، التباين في توزيع السرع، التباين في جهد القص، درجة الاضطراب المائي».

هـ - المناخ «التساقط، الرياح سرعها واتجاهاتها».

و- العمل الحياتية «نوع الغطاء النباتي، كثافة الشبكة الجذرية، الحيوانات الثاقبة للتربة».

ي - نشاط الانسان «الملاحة النهرية» لذا يحدث الحث عندما تتفوق القوى المائية الناشئة عن الجريان المائي على قوى مقاومة الضفة.

   إن التباين في سرع الجريان بين القناة ونطاق السهل الفيضي ينتج عنه تفاعل يتولد عنه اضطراب التيار المائي وجهد قصي شديدين ينشأ عن ذلك توليد دوامات مائية رأسية تعمل علىحت القاع والضفاف مؤدية الى توسيع المقاطع العرضية للقناة عبر التراجع المستمر لفنانها، كما ان التباين في سرع التيار ضمن القناة من شأنه خلق منحدر ضغطي يعمل بدوره على توليد قوة تدعى بقوة السحب تعمل على تحريك الدقائق الرسوبية ضمن الضفة والقاع ونقلها مع تيار الماء الجاري الى اسفل تيار النهر.

 ثانيا - الترسيب النهري في مجرى شط العرب:

   تقوم معظم الانهار ببناء اشكال ترسيبية كثيرة اهمها السهول الفيضية الجزر والحوافز النهرية، الدلتاوات.. الخ. ويحدث الترسيب عندما تتدنى سرع التيار الى اقل من سرع الترسيب للدقائق الرسوبية المتحركة مع تيار النهر الجاري اذ ان السرعة للاخيرة تتفاوت بدورها بحسب قطر الحبيبة فالحبيبات الخشنة تترسب اولا ثم تترسب الحبيبات الناعمة بدورها مع استمرار تدني سرع التيار جدول «2» على الاخص عند مصبات الانهار وتتنوع مصادر الرواسب النهرية بين الرواسب المشتقة من حث القاع والضفاف الى الرواسب للنهر عبر روافده من اعالي حوض التصريف وتمر الانهار بمراحل مختلفة عبر مسيرتها من منبعها الى مصبها اذ تمتلك طاقة مجرى عالية في مقاطعها العليا حيث تتفوق معدلات الحت على معدلات الترسيب فيما تظهر تعادلا ضمن بعض مقاطعها بشكل عام لتتساوى فيها معدلات الحت مع مستويات الترسيب لتتفوق معدلات الترسيب على معدلات الحت اخيرا عند الاجزاء الدنيا للنهر مع تدني معدلات سرع وطاقة المجرى ومناسيب الانحدار عند التقاء النهر مع مستوى القاعدة الدائم له.

   لا يشذ مجرى شط العرب عن هذه القاعدة اذ يظهر ولاسيما اجزاءه الدنيا الواقعة الى الجنوب من مدينة البصرة مؤشرات واضحة حول سلوك النهر ضمن مرحلة الشيخوخة من دورته الجيومورفولوجية اذ تتفوق معدلات الترسيب على عمليات الحت والذي يؤشرها ظهور المنعطفات النهرية المتعددة والحواجز والجزر النهرية التي تتوسط المجرى وانتهاء بتكوين دلتاه ضمن المياه الشمالية للخليج العربي فإلى جانب الرسوبيات النهرية المنقولة بفعل انهار دجلة والفرات يتأثر الشط بالرسوبيات المنقولة من نهر الكارون ضمن مجراه الادنى والتي تتراوح في مقاديرها بين «167000 - 203200» طن/ سنويا من الحمولة القاعية والعالقة جدول «3» اما فيما يخص معدل الترسيب في هذه المنطقة فيصل الى نحو «14» سم/ سنة.

أشكال الترسيب النهري:

  تعد الجزر والاكتاف النهرية والدلتا من اهم الاشكال الترسيبية في الوادي النهري وتمثل الجزر النهرية والدلتا اهم اشكال الترسيب في مجرى النهر والذي يحدد بدوره المرحلة الجيوفورفولوجية للنهر.

أولاً: الجزر النهرية:

   تكثر الجزر النهرية على امتداد مجرى شط العرب والبالغ عددها حوالي 24 جزيرة. أهم الجزر التي تقع بين قضاء القرنة وحتى ملتقى نهر الكارون بشط العرب فهي: المحمدية، السندباد، الصالحية، البوارين، العجيراوية، الاغوات، الطويلة، الشمشومية، الخرنوبية، البلجانية، ام الرصاص، ام اللباني والرميلة.

  أهم الجزر الواقعة جنوب ملتقى نهر البارون بشط العرب، وحتى الخليج العربي هي: جزيرة محيلة، جزيرة ابو داود، المطوعة، ارك، خرم البحرية، الزيادية، شطيط، الدواسر، ام الواوية، منيوحي، معاوية والقطعة.

  يعتقد ان نشأة هذه الجزر في شط العرب يعود الى 200 سنة خلت، شكل2، 3 وذلك بفعل تصلب رسوبيات شط العرب ونهر الكارون، ونمو هذه الرسوبيات وارتفاعاتها عن مستوى المياه وتصلبها مكونة جزرا ذات طبيعة طينية - غرينية، تتمثل في منسوبها مع المنسوب العام للمسطحات الارضية المجاورة لها.

ميكانيكية التحام الجزر:

   هي ميكانيكية مسؤولة عن تزايد مساحة الجزر اكثر من كونها مسؤولة عن نشأتها بفعل عمليات الاطمار في القنوات الفاصلة بين الجزر ويؤكد «طه. 1977»، ان تلك القنوات الفاصلة غالبا ما يهدأ فيها النشاط التيار بشكل نسبي، وذلك بعدها عن المجرى الرئىسي المضطرب نسبيا مما يؤدي الى التحامها مع مرور الزمن وزيادة مساحتها وقد يعمل التصنيع والنشاطات البشرية على تغيير مورفولوجية الجزر. فعلى سبيل المثال ادت العمليات العسكرية اثناء الحرب العراقية - الايرانية الى حدوث تغيرات طبيعية او بشرية تتمثل:

أ- زيادة عمليات الترسيب وتعطل عمليات كرى وتعميق المجرى النهري والمجاري الفرعية لشط العرب ولعقدين من الزمن وما نجم عنه من تغيرات في الوضع الهيدرولوجي والجيومورفولوجي للمجرى.

ب- ادت العمليات العسكرية الى احداث بعض التغيرات في جيومورفولوجية المجرى كانشاء السدود والحواجز وردم الكثير من المجاري الفرعية والانهر المتفرعة من شط العرب كانشاء الطرق والجسور الترابية عبر تلك الجزر مثال على ذلك ردم نهر الخرنوبية الفاصل بين جزيرتي الخرنوبية والبوارين - ونهر السليمانية بين جزر الاغوات والبوارين والخرنوبية وغلق المفرس الفاصل بين جزيرتي الطويلة والشمشومية اللتين اصبحتا جزيرة واحدة حالياً، فضلا عن المفرس الفاصل بين جزيرتي الطويلة والعجيراوية الذي سد بحاجز خرساني تبدو بقاياه واضحة عند القاع حاليا وربما تبدو الجزيرتان في طريقهما للاندماج مستقبلا، اذ يصل اتساع المفرس الفاصل بينهما بحدود 20م فقط.

ج- تبدو جزيرة العجيراوية في الاصل بهيئة جزيرتين هما «الصالحية والعجيراوية» يفصل بينهما نهر تبدو بعض اجزائه حاليا بلون فاتح في الصور الفضائية، وتؤشر جودة الخرائط التاريخية لشط العرب لعامي 1917 - 1945 كان يدعى بنهر «محار» تعرض للاطماء حاليا.

د- تؤكد بعض الخرائط التي تعود لحقب تاريخية ماضية 1917 - 1970 وجود جزيرة تدعى «الزيادية» تمثل جزيرة شريطية النمط تقع على امتداد نقطة الحاجز الواقعة الى الخلف منها بعد تعرض المجرى الفرعي الفاصل بينهما الى الاطماء.

ثانيا - الدلتا:

   مناطق فيضية تكونت من رواسب طينية عند مصبات الانهار نتيجة التقاء مياه النهر بمياه البحر فيرسب النهر ما يحمله وذلك نتيجة بطيء تياره اولا ثم اندماج جزيئات الطمي الناعمة بفعل ملوحة البحار، ولهذا السبب تنمو الدالات في المياه المالحة بسرعة تفوق نموها في المياه العذبة، ولكي تتكون الدلتا يجب ان تكون كمية الرواسب التي تتجمع امام مصب النهر اكبر من كمية الرواسب التي تبعدها التيارات المائية والامواج.

  لقد كان شط العرب شأنه المجاري الدنيا لنهري دجلة والفرات خلال القرون السابقة للميلاد وبعدها كما هو عليه الآن من الناحيتين الجيولوجية والجيومورفولوجيا، اذ كان نهر رجلة مخترقا اراضي الدلتا الجنوبية بمجرى مستقل ليصب في الخليج العربي عند رأسه الشمالي، كذلك الحال بالنسبة لنهر الفرات وقد وثقت ذلك نظريات عدة وحقائق جيولوجية والمكتشفات الاثارية. كما ان نهر الكارون كان ينحدر ليصب بنهر دجلة الادنى عبر قناة الحفار الاصطناعية التي تمثل الطريق المائي المباشر بين نهر الكارون وشط العرب «دجلة الادنى» وقد تعرضت الحافات الجنوبية للدلتا لتغيرات مستمرة في مظهرها العام وامتد ادائها بفعل عوامل شتى، اهمها الهبوط الارضي لترسيب، التغيرات المستمرة لانظمة الانهار المحلية، فضلا عن تدخل الانسان في تشكيل سطح الدلتا لغرض النقل المائي بين اراضي الدلتا الجنوبية وراس الخليج العربي والمتمثل بشقه لعدة قنوات اروائية، اذ يمتلك السهل الادنى لوادي الرافدين شبكات معقدة من القنوات والجداول تتراءى بوضوح عند تفحص الصور الجوية والفضائية وما جاورها كما في المسطحات الغربية والجنوبية الغربية للوادي النهري عند رأس الخليج العربي تبدو بهيئة حافات وامتدادات طويلة الشكل.

 الطبيعة الترسيبية لمصب شط العرب:

   تستقبل منطقة المصب كميات كبيرة من الرواسب والتي تصل إلى 9500000 طن سنويا كحمل عالق و85000 طن سنويا كحمل قاعي جدول «2» بالرغم من ان هذه الكمية من الرواسب التي تصل الى المصب قليلة مقارنة مع الدلتاوات الاخرى الا انها تتراكم مع مرور الزمن وتصبح كميات كبيرة. ان عامل المد والجزر يلعب دورا اساسيا في توزيع الرواسب في المنطقة وكمية المواد التي تدفع باتجاه الخليج العربي واغلب هذه الرواسب هي عبارة عن مواد غرينية وبالدرجة الثانية طينية والتي مصدرها الاساسي هو نهر الكارون يضاف انها جزء قليل من التعرية المستمرة لضفاف وقاع شط العرب نفسه. اما الرمل فإن ما يصل منه الى المصب قليل جدا مقارنة مع الحجوم الاخرى جدول رقم «2» حيث ان النسبة الكبيرة منه تترسب في منطقة التقاء نهر الكارون بشط العرب ان هذا يعني ان الرمال الموجودة في المصب تمثل مرحلة من ازدياد التصريف والى حد ما عمليات التعرية والترسيب للرمال الموجودة في منطقة المصب والتي ترسبت في فترة الانحسار البحري.

  ويتبين من الجدول «2» وجود انخفاض في كمية الرمال كلما اتجهنا نحو المصب وتزداد كمية الطين والغرين باتجاه المصب مقارنة مع المواقع الاخرى ويرجع ذلك لحجم ووزن الرواسب واتجاه التيار السائد في عملية الترسيب.

 الطبيعة الفيزيائية لمصب شط العرب:

  تتأثر منطقة الدراسة بظاهرة المد والجزر وان النظام المدى هو من النوع المختلط والغالب عليه المد والجزر النصف اليومي، كما تشهد المنطقة تيارات عالية تصل الى 0.7م / ثا، كذلك فإن تقدم الجبهة المدية المالحة يحدث عملية تعليق في عمود الماء وتكون الكتل المائية المالحة العالية الكثافة اسفل الكتل المائية العذبة لشط العرب وتختفي ظاهرة التطبق في فترة الجزر وخصوصا الساعات الاخيرة منه حيث تتقدم كتلة الماء العذب لشط العرب بعيدا نحو الخليج بشكل عام يكون تيار الجزر السطحي اعلى قيمة من تيار المد السطحي الا ان معدل السرعة لطول عمود الماء مختلف تماما حيث تكون سرعة تيار المد اكبر من سرعة تيار الجزر في منطقة المصب وان اعلى قيمة لسرعة تيار المد والجزر في منطقة السد الداخلي بلغت 1.13 و1.06 م/ثا على التوالي، اما تأثير الامواج فانه محدد بطبيعة الرياح السائدة في المنطقة، حيث ان الرياح السائدة هي الشمالية الغربية وتأتي بعدها الرياح الجنوبية الشرقية هي الاكثر تأثيرا لما تسببه من امواج عالية تقل تدريجيا في شدتها وارتفاعها باتجاه الاعلى لشط العرب.

الخلاصة

1 - إن نظام المد والجزر في مجرى شط العرب هو المد النصف يومي اي حصول مدين وجزرين خلال اليوم الواحد وان زمن فترة المد اكبر من زمن فترة الجزر وذلك لزيادة سرعة تيارات الجزر مقانة مع سرعة تيارات المد.

2 - التفاعل الحاصل بين ضفاف المجرى والجريان المائي بسبب النشاط الهيدروليكي وتجوية وتفكك المواد الرسوبية للضفة.

3 - تبلغ كمية الرواسب المنقولة من مجرى الكارون الى مجرى شط العرب نحو «167000 - 203200» طن/ سنويا وان معدل الترسيب في مجرى شط العرب قرب جزيرة ام الرصاص نحو «14» سم/ سنة وفي موقع سيحان نحو «3» سم / سنة و«13» سم/ سنة في موقع الفاو.

4 - ان الزيادة الحاصلة في عملية الترسيب ادت الى التحام جزيرتي «الصالحية والعجيراوية» في جزيرة واحدة وارتباط جزيرة الزيادية الشريطية مع الحاجز الرسوبي واطماء ودفن المجرى الفرعي الفاصل بينهما.

5 - يتميز مجرى شط العرب باحتوائه على رسوبيات متماسكة متمثلة برواسب الطين والغرين وزيادة نسبة الرواسب الناعمة باتجاه المصب.

6 - زيادة معدلات الشهرية للتصريف وكمية الحمولة القاعية والذائبة والعالقة في موقع مصب الكارون مقارنة مع موقعي القرنه والفاو.

7 - إن تدني درجة انحدار النهر عموما بسبب زيادة عمليات الترسيب وان انخفاض درجة الانحدار بين «القرنة ومصب الكارون» مقارنة مع «مصب الكارون والفاو» ادى الى زيادة عدد الجزر في الموقع الاول مقارنة مع الموقع الاخر.

8 - إن نشاءة جزر مجرى شط العرب قد خضعت الى ميكانيكيات نحتية وترسيبية ومن الجزر التي تكونت بفعل الترسيب هي «السندباد - المحمدية - ام الرصاص - الرملية» والبعض الاخر تكونت نتيجة لقطع مجرى النهر اراضي من السهل الفيضي مثل جزيرة «الطويلة - الاغوات - الدواسر - ام الواوية».

9 - تدين دلتا شط العرب في نشأتها الى العوامل النهرية فضلا عن تيارات المد والجزر التي ساعدت على تنوع شكلها الجيومورفولوجي وقد ساعد في ذلك ايضا ظروف المصب وتعرضه لظاهرة الهبوط.

10 - إن دلتا شط العرب عبارة عن دلتا مدية متأثرة قليلا بالامواج وتتأثر الى حد كبير بطاقة النهر وان شكلها لم يكن متطورا وكما هو معروف عن هذه الانواع من الدلتاوات بسبب موقعها الجغرافي ما بين مصب نهر بمهنشير وخور عبدالله.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا