التسميات

السبت، 10 ديسمبر 2016

أثر السدود على البيئة والتنمية الاقتصادية والزراعية بالمغرب ...


أثر السدود على البيئة والتنمية الاقتصادية والزراعية بالمغرب



تورية العفطي - رئيسة مصلحة التخطيط المائي

مجيد بنبية - مدير البحث و التخطيط المائي

١. مقدمة

  يشكل الماء عنصراً طبيعياً أساسياً للحياة البشرية وازدهارها من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وكذا التوازن البيئي. وفي هذا الإطار يكتسي التحكم في المياه بالمغرب طابعا حيويا لكون الوضع المناخي والهيدرولوجي يتميز بهشاشة بالغة.

   ويتوفر المغرب على موارد مائية محدودة ، تقدر في المتوسط بحوالي ١٩ مليار متر مكعب في السنة من المياه السطحية وحوالي ٤ مليارات من الموارد المائية الجوفية.

  كما أن عدم انتظام توفر المياه في الزمان والمكان والتأثير المتزايد لفترات الجفاف والفيضانات بالإضافة إلى الضغط المتزايد على الطلب من الماء ومحدودية الموارد المائية ، كلها عوامل فرضت وضع استراتيجية محكمة لتنمية الموارد المائية وتدبيرها.

   في هذا الإطار نهج المغرب مبكرا سياسة مائية لاستثمار موارده المائية. مما جعل المملكة المغربية تتوفر على ما يناهز ١١٤ سداً بسعة إجمالية تصل إلى ١٦,٨ مليار م ٣ و ١٣ منشأة لتحويل المياه و عشرات آلاف الآبار و الأثقاب. وتمكن هاته المنجزات من تعبئة حوالي 70 % من مجموع الموارد المائية القابلة للتعبئة.

  كما أن المنشأت المائية الكبرى تلعب دوراً أساسياً في اقتصاد البلاد و دلك بتحقيق ضمان التزويد بالماء الصالح للشرب و خاصة بالعالم الحضري و سقي الأراضي الفلاحية المجهزة في ظروف ملائمة و إنتاج الطاقة الكهرومائية وتحسين جودة المياه بسافلة السدود عن طريق صبيب الصرف الصحي المخصص لهدا الغرض. وتساهم السدود في الحماية من الفيضانات التي كانت تؤدي إلى خسائر جسيمة في الأرواح و الممتلكات ، كما أنها تساهم في نمو متوازن للبلاد بتمكينها إحداث أقطاب اقتصادية مهمة بالمملكة.

  و للسدود كذلك آثار ايجابية تتمثل في تطوير الهندسة المدنية و هندسة الموارد المائية بالمغرب. كما أن لها آثار ايجابية و سلبية على المجالين البيئي الطبيعي و الاجتماعي والاقتصادي.

 و يتوخى هذا التقرير عرض آثار السدود على البيئة و التنمية الاقتصادية و الزراعية بالمغرب 

٢ سياسة تعبئة الموارد المائية بالسدود

١-٢ أهداف سياسة تنمية الموارد المائية

  ترمي سياسة تعبئة الموارد المائية و خاصة إنجاز السدود إلى تحقيق الأهداف التالية:

- تلبية حاجيات التجمعات السكنية من الماء الصالح للشرب والصناعي.

- سقي مليون هكتار في أفق سنة ٢٠٠٠ : تحقق هذا الهدف منذ سنة ١٩٩٧.

- إرساء التضامن من بين المناطق في مجال المياه: وذلك عن طريق إنشاء مشاريع لتحويل المياه من المناطق التي تتوفر على فائض إلى المناطق التي تعرف خصاصا في هذه المادة الحيوية.

- تقليص التبعية للخارج في مجال الطاقة بإنتاج الطاقة الكهرومائية.

- تكثيف السقي من أجل إنعاش وتنمية القطاع الفلاحي.

- اجتياز السنوات الجافة المتعاقبة دون تأثير سلبي ملموس على الإنتاج الفلاحي الوطني: وذلك بفضل التنظيم من سنة لأخرى للمياه المعبأة.

- الحد من آثار الفيضانات المدمرة في الأحواض الكبرى : وذلك بالتحكم في الحمولات وتمريرها نحو أسفل الوديان والأنهار في أحسن الظروف لحماية السكان وممتلكاتهم وكذا التجهيزات التحتية.

- المساهمة في تغذية الطبقات المائية الجوفية.

٢-٢ مراحل تنمية الموارد المائية بالمغرب

الموارد المائية

  يقدر الجريان السطحي بحوالي ١٩ مليار في السنة العادية. وتبقى الموارد المائية المؤمنة تسعة سنوات على عشرة أقل بكثير من هذا المعدل ، حيث أن الموارد السطحية يمكن أن تسجل انخفاضا يصل إلى أقل من ٣٠ في المائة في السنة الجافة.

  تقدر الموارد المائية الجوفية التي تمثل جزءا هاما في الرصيد الهيدرولوجي المغربي و التي يمكن استغلالها ٤ مليار م٣ موزعة على ٨٠ طبقة مائية من بينها ٤٨ سطحية. يقدر الحجم المستغل حاليا ب ٣ مليارم٣. تتميز الموارد المائية الجوفية بحسن توزيعها الجغرافي على جميع أنحاء البلاد.

  وإجمالاً ، يتوفر المغرب على موارد مائية محدودة ، غير منتظمة في الزمان والمكان. وتقدر نسبة الموارد المائية الطبيعية للفرد الواحد التي تبين معدل الوفرة أو الندرة بالنسبة للماء في بلد ما بحوالي ١٠٠٠م٣ للفرد في السنة ، ومن المتوقع أن تنخفض هذه الحصة إلى ٧٠٠ م٣ للفرد في السنة في حدود سنة ٢٠٢٠.

مراحل تنمية الموارد المائية

 عرفت تعبئة الموارد المائية السطحية بواسطة السدود الكبرى عدة مراحل :

الفترة من ١٩٢٥ إلى ١٩٦٦ : تميزت سياسة تنمية المياه خلال هذه الفترة بإنجاز السدود في المناطق التي تتوفر  على موارد مائية مهمة لتوليد الطاقة الكهربائية وفي المناطق التي كانت تتواجد فيها تجمعات سكنية صغرى في حاجة إلى الماء الشروب مع انطلاق إنجاز سدود لمجال الري .

  ابتداء من سنة ١٩٦٧ أعطى المغفور له الملك الحسن الثاني رحمه الله نفسا جديدا لسياسة السدود وذلك بإعلانه عن ، بداية برنامج كبير وطموح، هدفه سقي مليون هكتار قبل سنة ٢٠٠٠ لتعزيز هذه السياسة، حث المغفور له الملك الحسن الثاني انطلاقا من سنة ١٩٨٦ عن إنجاز سد كبير كل سنة إلى غاية سنة ٢٠٠٠ وذلك لتدعيم تعبئة المياه وسقي مليون هكتار في هذا الأفق. و قد تم تحقيق هذا الهدف سنة ١٩٩٧ و التي عرفت تدشين سد الوحدة الذي يعتبر أهم سد في المغرب بحقينة يبلغ حجمها ٣٨٠٠ مليون م ٣ و يمكن هذا السد لوحده من سقي ١٠٠,٠٠٠ هكتار في سهل الغرب ومن إنتاج ٤٠٠ مليون كلواط ساعة سنويا وكذلك من حماية سهل الغرب من الفيضانات.

  مند سنة ٢٠٠١ أعطى الملك محمد السادس تعليماته في متابعة تنمية العرض من الماء إلى جانب تدبير الطلب  المائي.

  وهكذا، فبفضل هذه السياسة أصبح المغرب يتوفر حالياً على تراث مهم من التجهيزات الهيدرومائية يتكون على الخصوص من  ١١٤ سداً كبيراً و ١٣ مركباً لتحويل المياه. فالقدرة التخزينية الإجمالية لمجموع هذه السدود تصل إلى ١٦،٨ مليار متر مكعب. هذه القدرة المهمة تمكن من تنظيم سنوي يقارب من ٦٣ % من المياه السطحية القابلة للتعبئة، أي ما يعادل ٩،٥ مليار متر مكعب وتحويل المياه على ٧٨٥ كلم بصبيب يبلغ ١٧٥ متر مكعب في الثانية لضمان تنمية أكثر توازنا لمختلف مناطق المملكة.

   و مكنت سياسة السدود الكبرى التي أعطيت انطلاقتها سنة ١٩٦٧ من تجهيز دوائر سقوية كبرى ذات مردودية اقتصادية عالية نظراً لاعتماد المزروعات الصناعية. غير أن المناطق القروية التي سجل فيها نقص في الموارد المائية الجوفية لم تعرف نمواً موازياً. و قد مكن البرنامج الطموح لإنجاز السدود الصغرى والمتوسطة والذي شرع في إنجازه سنة ١٩٨٥ من تنشيط اقتصاد المناطق القروية والتقليص نسبيا من عدم التوازن الذي نتج بسب الجفاف. والهدف المتوخى من هذا البرنامج هو التطور المندمج للسقي الصغير والمتوسط وتزويد بعض المراكز التي تعرف خصاصاً في الماء الصالح للشرب.

٢-٣  المحافظة على المنشأت المائية

  تعد المنشأت المخصصة لتعبئة المياه رهاناً استراتيجياً أساسياً لتلبية الحاجيات من الماء الصالح للشرب و الري وتوليد الطاقة الكهربائية.

  إن المحافظة على هذا التراث الوطني الثمين تستلزم وضع استراتيجية دقيقة للصيانة، والإصلاح والتجديد لضمان دوام الاستثمارات و سهولة الاستغلال وسلامة المناطق الموجودة في السافلة.

  وعياً منه بهذا الرهان، قام المغرب ببذل جهود جبارة لضمان سلامة المنشآت المائية المستغلة طبقا للمعايير الدولية.

يتوزع التراث الوطني حسب مدة الاستغلال كما يلي :

- ٣٠ % من المنشأت تفوق مدة استغلالها ٢٠ سنة منها ٣٠ % يفوق ٥٠ سنة.

- ٤٠ % من المنشأت تتراوح مدة استغلالها بين ١٠ و ٢٠ سنة .

- ٣٠ % من المنشأت تقل مدة استغلالها عن ١٠ سنوات .

  لقد أظهرت التجربة أن أشغال الإصلاح والتجديد تصبح ضرورية بعد عشر سنوات من الاستغلال، على هذا الأساس فإن ٧٠ % من المنشأت المائية الموجودة تستلزم تدخلات للإصلاح والتجديد لبعض المعدات الملحقة حتى تتمكن من القيام بالخدمات التي صممت من أجلها في ظروف مثلى من السلامة والاستمرارية.

  تتم حالياً المحافظة على المنشأت المائية بتدخلات منتظمة للتتبع و المراقبة و الفحص و الصيانة وإصلاح المنشآت والمعدات .

٣ - السدود و التنمية الاقتصادية و الزراعية بالمغرب

  نظراً لخاصيات مناخ المغرب، لتضاريس أرضه ولتوزيع السكان، فإن الضرورة القصوى تقتضي تعبئة الموارد المائية الطبيعية بخلق خزانات ذات طاقة كبيرة لتلبية الحاجيات من الماء.

  تتميز الموارد المتوفرة بتغيرات موسمية مهمة وبفترات جفاف يمكن أن تدوم عدة سنوات، وعلى هذا الأساس، لا يمكن ضمان التزويد بالماء طول السنة دون تخزين الماء في السدود. إن بعض المدن ما كانت لتخلق أو تتطور لولا إنجاز السدود.

  لا يمكن تلبية حاجيات المناطق التي تبقى الوديان فيها جافة خلال ستة إلى تسعة أشهر في السنة إلا بتخزين مياهها خلال الثلاثة أو ستة أشهر التي تعرف جريان المياه.

   في أغلب الأحيان، كانت السدود تصمم على أساس أن التزويد بالماء والطاقة يساهمان مباشرة في النمو الفلاحي والاقتصادي وتحسين جودة الحياة وفي هذا الحال يمكن اعتبار أن أغلبية السكان بالمغرب تستفيد من منافع السدود التي توجد حالياً في طور الاستغلال؛ تمكن هذه المنشأت من تطوير التعمير و الصناعة والحماية من الظواهر الطبيعية القصوى ( الجفاف والفيضانات).

  يتكون التراث الوطني من المنشآت المائية حاليا من ١١٤ سداً كبيراً كما سبق ذكره أعلاه، أغلبها ذات أهداف متعددة لتعبئة الموارد المائية السطحية.

  يمكن تقييم منافع السدود على الاقتصاد الوطني من خلال الدور الاستراتيجي الذي تلعبه القطاعات المرتبطة بالسدود في الأمن المائي والغذائي للبلاد و تطور مدا خيل الفلاحين و الشغل والولوج للخدمات العمومية المختلفة (الماء الصالح للشرب و الكهرباء،…).

٣-١ الماء الصالح للشرب

  مكنت المجهودات المبذولة في ميدان إنجاز السدود من تحسين تزويد السكان الحضريين بالماء الصالح للشرب بكيفية جد مرضية.

  وهكذا تضاعف إنتاج الماء الصالح للشرب ٥ مرات بين ١٩٩٢ و ٢٠٠٤ ليصل إلى ٨٤٠ مليون متر مكعب في السنة، في حين أن الساكنة الحضرية ازدادت من ٥،٦ إلى ١٦ مليون نسمة خلال نفس الفترة. كما ارتفعت نسبة الربط لشبكات توزيع الماء الشروب من ٥٣ % سنة ١٩٧٢ إلى ٨٢ % سنة ٢٠٠٤ و يتم تزويد باقي الساكنة الحضرية بالنافورات العمومية.

  ما يناهز ٦٨ % من الساكنة الحضرية يتم تزويدها انطلاقاً من حقينات السدود. سترتفع هذه النسبة لتصل إلى ٨٠ % سنة ٢٠٢٠ بعد إنجاز المشاريع المبرمجة لتزويد المدن التي من المنتظر أن تعرف تشبع الموارد المائية الجوفية في مستقبل قريب.

  لقد مكنت تعبئة المياه بواسطة إنجاز السدود من التطور العمراني والصناعي للمدن المهمة في البلاد والتي توجد في أحواض تتوفر على موارد مائية جوفية ضعيفة. و هكذا، تمكن السدود من تلبية حاجيات بعض المدن من الماء الصالح للشرب والصناعي بنسبة ١٠٠ %، كمدن الدار البيضاء، المحمدية، الرباط، سلا، طنجة والجديدة والتي تشكل ما يناهز ٤٠ % من الساكنة الحضرية للبلاد وتساهم بما يناهز ٦٠ % من الإنتاج الصناعي للبلاد.

٣-٢ الري

  تمكن المياه المعبأة بواسطة السدود من تزويد ما يناهز ٧٠٠,٠٠٠ هكتار من الأراضي الفلاحية بالماء ( ٣٠٠٠٠٠ هكتارتزود من المياه الجوفية). بالرغم من أنها تمثل أقل من ١٠ % من المساحة الفلاحية النافعة، تساهم المساحة المسقية بمعدل ٤٥ % من القيمة المضافة الفلاحية و ٧٥ % من الصادرات. هذه المساهمة في القيمة المضافة يمكن أن تصل إلى ٧٥ % خلال سنوات الجفاف. كما تمثل ٧ إلى ١٠ % من الناتج الداخلي الخام للبلد حسب رطوبة السنة. 

   لقد بذلت مجهودات جبارة خلال الثلاثين سنة الأخيرة لتطوير الري لتلبية الحاجيات الغذائية، تحسين ظروف الحياة للساكنة القروية والمساهمة في تطوير الصادرات الفلاحية.

   تقدر المساحة المجهزة حاليا ب ٣٣ هكتار لكل ألف نسمة مقابل معدل عالمي يصل إلى ٤٣ هكتار لكل ألف نسمة. ومن المنتظر أن . تصل هذه النسبة إلى ٢٥ هكتار لكل ألف نسمة في أفق ٢٠٢٠ .

  يلعب الري دوراً استراتيجياً في ضمان الأمن الغذائي للبلاد. لقد تحسنت نسبة تغطية الحاجيات بالنسبة لبعض المواد بكيفية ملحوظة. وهكذا وعلى سبيل المثال، فإن حاجياتنا من السكر والحليب والخضروات تتم تغطيتها بنسب تتراوح بين ٧٠ و ١٠٠%.

  رغم الأشواط التي قطعها المغرب في مجال تطوير الموارد المائية خلال العقود الأخيرة يجب بذل المزيد من المجهودات لرفع التحدي المتمثل في التزايد المستمر للسكان بتوسيع المساحات المسقية بالمناطق المحلية وتحسين فعالية الري.

٣-٣ - إنتاج الطاقة الكهربائية

  تعتمد هذه الطاقة المتجددة و النقية على تكنولوجيا معروفة ومتحكم فيها. وتشكل بالمغرب عنصراً أساسياً في اختيار المخططات المائية والتصور الأمثل لحجم السدود.

  تتوفر المعامل الكهرومائية بسافلة السدود على قوة مجهزة إجمالية تقدر ب ١٧٠٠ ميكاواط،و تمكن هذه المعامل حاليا من إنتاج ما يناهز ٢٠٠٠ جيكاواط ساعة في سنة متوسطة أي ما يعادل ١,٢٠٤,٠٠٠ برميل/ سنة. وتساهم في تلبية الحاجيات من الطاقة ما بين ١٨ و ٢٠ %. هذا الإنتاج الكهرومائي يمكن من اقتصاد متوسط في العملة الصعبة يقدر ب ٢ ملايير درهم في السنة. أهمية الطاقة الكهرومائية تكمن كذلك في مرونة التصرف فيها والفائدة في استعمالها خلال ساعات الطلب الأقصى حيث تكون كلفتها أقل بكثير عن كلفة الطاقة الحرارية المعادلة.

٣-٤ الحماية من آثار الظواهر الهيدرولوجية القصوى

  تعد الحامولات من الكوارث الطبيعية التي لها مخلفات خطيرة على السكان. و يرجع الارتفاع الحاصل في الخسائر الناتجة عن هذه الحامولات إلى النمو الديموغرافي المتزايد، وكذا تعمير واستغلال المناطق المعرضة للفيضانات و ارتفاع الاستثمارات والبنايات المنجزة دون احترام معايير السلامة وضعف وسائل الاتصال خلال الحامولات.

  تتميز الهيدرولوجيا في المغرب بتعاقب فترات الجفاف والفيضانات ونظراً لأهميتها و حدتها تِؤثر سلباً على اقتصاد البلاد. وأخذاً بعين الاعتبار هذا المعطى، فإن السدود تصمم لمواجهة سنوات متتالية من الجفاف الحاد ولتلعب دوراً حاسماً في التحكم في الحامولات.

  وتشكل الحماية من الفيضانات أحد الأهداف الرئيسية للتخطيط المائي حيث مكنت السدود التي أنجزت في مناطق عدة بالمغرب من تفادي الفيضانات المهمة التي كانت تعرفها السهول الكبيرة والغنية، حيث خصصت أجزاء مهمة من الحقينات للتقليص من الحامولات.

  كما بين تقييم الحالة الهيدرولوجية خلال سنوات الجفاف التي عرفها المغرب خلال العقدين الأخيرين الدور الأساسي الذي لعبته السدود في التخفيف من الآثار السلبية للجفاف على اقتصاد البلاد حيث :

- تمت تلبية حاجيات المراكز الحضرية من الماء الصالح للشرب في ظروف جد عادية ما عدا مدينة طنجة التي عرفت تقليصا يناهز ٥٠ %. وقد نتجت هذه الوضعية عن مصادفة حالة من الجفاف الحاد و نهاية إنجاز سد ٩ أبريل ١٩٤٧ . ولمواجهة هذا الوضع، اتخذت تدابير استثنائية من بينها نقل الماء بالبواخر الصهريجية على مسافة ٣٠٠ كلم .

- تمت تلبية حاجيات الدوائر السقوية في ظروف حسنة، لم يتعد الخصاص من الماء نسبة ٣٠ إلى ٣٥ % رغم حدة ومدة مختلف فترات الجفاف.

٣-٥ التأثيرات على المناطق العليا والسفلى:

  مكنت السدود من تطوير القطاع الصناعي والخدمات في عالية وسافلة المشروع المنجز. ومن أهم التأثيرات الإيجابية لسياسة السدود ندكر:

- تطور مهم للصناعات الفلاحية والغذائية، وهكذا يتوفر المغرب حاليا على ١٣ معملا للسكر بطاقة إجمالية تقدر ب ٦٠٠,٠٠٠ طن في اليوم من الشمندر وقصب السكرو ٩ معامل لتكرير السكر بطاقة تفوق ٧٠٠,٠٠٠ طن في السنة من السكر الخام و ١٣ معمل للحليب ومشتقاته بطاقة تصل إلى ٥٠٠ مليون لتر في السنة والمئات من محطات التلفيف والتبريد و تصبير الفواكه والخضر بطاقة مليون طن في السنة.

- إنجاز المركبات الصناعية لمعالجة الفوسفاط والأسمدة التي ساهمت في تطور الفلاحة وزيادة مناصب الشغل، - تزويد بالماء الصناعي ما يفوق ٧٠ % من الوحدات الصناعية التي تساهم بما يناهز ١٢ إلى ١٥ % في الناتج الداخلي الخام.

- تطور قطاعي الهندسة والأشغال العمومية مع ظهور فاعلين وطنيين بإمكانهم المساهمة الفعالة في تصميم وإنجاز واستغلال هاته المشاريع.

٣-٦ المنافع الاقتصادية والاجتماعية

   كانت لسياسة السدود تأثيرات إيجابية مباشرة، نذكر منها ما يلي :

- خلق فرص للعمل : ساهم تطور قطاع الري مع سقي المليون هكتار في تنمية سوق الشغل ب ١٤ %. ويتم التأثير الإيجابي على سوق الشغل على عدة مستويات :

* على مستوى إنجاز المنشآت المائية وصيانتها ودلك بخلق فرص شغل مباشرة في أورااش الأشغال التي  حيث تشغل ما بين ٥٠٠ إلى ٣,٠٠٠ شخص. كما يتراوح معدل نسبة اليد العاملة في كلفة الاستثمار بين ١٥ و ٢٠ % إذا تعلق الأمر بالإنجاز وبين ٥٠ إلى ٦٠ % إذا تعلق الأمر ببرامج صيانة الدوائر السقوية.

* على مستوى الإنتاج الفلاحي؛ بفعل تكثيف الاستثمار، يشغل هكتار في دائرة سقوية ٥ أضعاف اليد العاملة في هكتار متواجد بمنطقة بورية. وتقدر كلفة الأجور الموزعة على الهكتار ما معدله ٢,١١٥ درهم ، وتمثل ٢ مليار درهم في السنة بالنسبة لمجموع المساحات المسقية حالياً.

   و هكذا تمكن المساحات المسقية حالياً من خلق ١٢٠ مليون يوم عمل أي ما يناهز ١،٦٥ مليون منصب شغل منها ٢٥٠,٠٠٠ منصب شغل قار دون اعتبار المناصب التي تخلقها الأنشطة الأخرى بعالية وسافلة المساحات المسقية تحسين مداخيل الفلاحين نتيجة اعتماد الري، حيث تضاعفت مدا خيل الفلاحين ٥ إلى ٨ مرات وتتراوح من ٦,٠٠٠  إلى ١٣,٠٠٠ درهم للهكتار. هذا التحسن الملموس في المداخيل ساهم في محاربة الفقر وتحسين مستوى العيش في العالم القروي الشيء الذي مكن من الحد من الهجرة القروية.

- التنمية الجهوية والمحلية : تعد السدود حالياً الحلقة الرئيسية للبنية التحتية التي تهيكل إعداد التراب الوطني. وهكذا مكن التوزيع المتوازن عبر التراب الوطني للسدود، للتجهيزات الهيدروفلاحية ولقنوات التزويد بالماء الصالح للشرب من بزوغ أقطاب للنمو حول المشاريع المتعلقة بالماء، كما ساهمت شبكات الطرق والمسالك القروية المحدثة بموازاة إنجاز السدود إلى فك العزلة عن المناطق القروية المجاورة وتسهيل رواج المواد والولوج إلى مختلف الخدمات مساهمة بذلك في تحقيق الأهداف الوطنية للنهوض بالعالم القروي.

- التنمية السياحية : مكّن إنجاز ١١٤ سداً من التوفر على مساحة مائية إجمالية مهمة. تتواجد هذه المساحة في المناطق الجبلية وتتوفر على بنية تحتية كافية تم تطويرها في إطار مشاريع السدود. مما يوفر إمكانيات كبيرة لتنمية الأنشطة السياحية بهده المناطق شريطة أخذ التدابير اللازمة للحفاظ على جودة المياه وعموما على البيئة المائية.

تطوير الصيد : تتوفر حقينات السدود كذلك على إمكانيات كبيرة لتنمية تربية السمك. حيث يمكن إنتاج ما يناهز ٥٠ كيلوغرام للهكتار في السنة. و تقدر الطاقة الإنتاجية لحقينات السدود ب ٥٠,٠٠٠ طن من السمك في السنة أي ما يناهز ١،٨ كلغ/ نسمة/ سنة. و تقدر قيمة هذا الإنتاج بما يناهز ١٠٠ إلى ١٥٠ مليون درهم في السنة. إلا أن هذا النشاط الذي يمكن من خلق ما يناهز ٥,٠٠٠ منصب عمل لم يتم تطويره كما يجب إلى وقتنا هذا.

٤- السدود و التأثير على البيئة

  إلى جانب الآثار الإيجابية ، للسدود آثار سلبية على البيئة الطبيعية و الاقتصادية و الاجتماعية تتجلى في:

* غمر مساحات بعض الغابات و الأراضي الفلاحية، مما يترتب عنه فقدان بعض أنواع النباتات و المزروعات بمنطقة السد و حقينته و أماكن جلب مواد إنجاز السد.

التأثير على المناخ المحلي بمنطقة السد و دلك بالرفع من درجة الرطوبة التي قد يكون لها بعض التأثيرات السلبية على  بعض الأشجار كما قد يكون لها وقع إيجابي بالتخفيف من وقع الحرارة بالمناطق المجاورة.

* غمر بعض المآثر التاريخية و المقابر.
 
* غمر بعض المساكن و المباني و ضياع شغل الفلاحين المرتبط بالزراعة.
 
* غمر بعض الطرق و المسالك.
 
* غمر جزء من شبكة الماء الصالح للشرب لبعض المراكز الحضرية و الأرياف.
 
* غمر جزء من الشبكة الكربائية و الهاتفية و بعض التجهيزات الاجتماعية. 

* التأثير على جودة المياه بالحقينة و بالسافلة.

  و تقوم المصالح المختصة بمديرية البحث و التخطيط المائي بدراسة تأثير السدود على البيئة الطبيعية و الاجتماعية و الاقتصادية و ذلك طبقاً للمعايير الدولية و القوانين الجاري بها العمل.

  و يتم من خلال هاته الدراسات جرد جميع التأثيرات السلبية و الإيجابية ودلك من خلال بحث ميداني يمكن من تعريفها و قياسها و تقييمها المادي. بعد جرد و تقييم التأثيرات يتم وضع مخطط العمل الذي يجب أن يتبع للتخفيف و إصلاح التأتيراث السلبية مع إبراز التأثيرات الايجابية التي لها وقع على الحياة الاجتماعية و الاقتصادية.
و يهم مخطط العمل ما يلي:

* تعويض السكان عن مساكنهم و أراضيهم الفلاحية مع إمكانية ترحيل الراغبين في ذلك.
 
* تعويض كل البنيات التحتية التي غمرتها مياه حقينة السد .
 
* اقتراح أنشطة لتنمية المنطقة و توفير مناصب للشغل كتنمية السياحة بالوسط القروي و تربية النحل و تنمية الصيد و استصلاح الأراضي الفلاحية إلى غير دلك. و يتم تحديد هاته الإجراءات مع السكان خلال البحوث الميدانية.

* اقتراح تحسين جودة المياه إذا كان هناك تأثير.
 
* اقتراح تدابير تنظيمية لمتابعة كل التأثيرات البيئية. 

  بالإضافة إلى هاته الدراسات يتم في إطار دراسة تأثير السدود على البيئة، تقييم الأثر الهيدرولوجي بسافلة السد و الأثر الهيدروجيولوجي على الطبقات المائية المجاورة.

   كما تؤخذ نتائج تأثير السدود على البيئة بعين الاعتبار في دراسات تصميم السدود و خاصة عند تحديد مستويات السد.

٥- خاتمة

شرع المغرب منذ العشرينات في تنمية الموارد المائية من خلال بناء السدود المتعددة الأهداف. وأعطيت الانطلاقة الحقيقية للسياسة المائية في الستينات لتحقيق هدف سقي المليون هكتار ولإنجاز برنامج طموح للسدود.

  وهكذا مكّنت المجهودات المبذولة في مجال تعبئة الموارد المائية بواسطة السدود من إنجاز ١١٤ سداً كبيراً و ١٣ منشأة لتحويل المياه.

   وتمكن هذه المنشأت المائية إلى جانب تعبئة الموارد الجوفية من تزويد الساكنة الحضرية والقروية بالماء الشروب وسقي المليون هكتار، الذي تحقق في أواخر التسعينات، وإنتاج الطاقة الكهرومائية والحماية من الفيضانات والتخفيف من آثار الجفاف وتطوير ميادين الصناعة والسياحة.

  و تعد السدود ومنشأت تحويل المياه تراثاً وطنياً يستلزم المحافظة عليه. ويقوم المغرب ببذل جهود مهمة لضمان سلامة هاته المنشأت المائية وذلك بتطبيق برنامج منتظم للتتبع والمراقبة والفحص وإصلاح المعدات.

  وللسدود منافع اقتصادية واجتماعية عدة تتجلى في خلق فرص للعمل وتحسين مداخيل الفلاحين والتنمية الجهوية والمحلية وتطوير صيد الأسماك بحقينات السدود. كما لها آثار سلبية على البيئة الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية تتم دراستها طبقاً للمعايير الدولية و القوانين الجاري بها العمل، حيث يتم جرد وتقييم كل هاته التأثيرات ويوضع برنامج عمل للتخفيف من هاته الآثار.

  هذا وأصبحت الجهات المختصة و المتدخلة في قطاع الماء تأخذ بعين الاعتبار إلى جانب تنمية الموارد المائية تدبير الطلب المائي ومحاربة استنزاف المياه الجوفية والتلوث . و قد تم اعتبار الاقتصاد في الماء كأداة فعالة للحد من الضغط الذي تعرفه الموارد المائية نتيجة النمو الديموغرافي و الاقتصادي و التغيرات المناخية التي تؤثر سلبا على الموازنات المائية. كما وضع إطار للتنسيق بين جميع المتدخلين حسب مقتضيات قانون الماء ١٠- ٩٥ .



 أو



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا