التسميات

الخميس، 29 يونيو 2017

ايجابيات التعاون بين دول حوضي نهري دجلة والفرات لاستغلال مواردهما المائية الاستغلال الأمثل ...



ايجابيات التعاون بين دول حوضي نهري دجلة والفرات 

لاستغلال مواردهما المائية الاستغلال الأمثل 
 
إعداد
الدكتور عبد الله الدروبي
مدير إدارة الموارد المائية
المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة

 
 الملتقى العلمي حول استراتيجية الأمن المائي العربي
جامعة نايف العربية للعلو م الأمنية - الرياض
19-21/12/2011



  
 
       فهرس المحتويــات
 

 رقم الصفحة
       أولا : مقدمـــة ..................................................................2
ثانياً : الوضع المائي في نهري دجلة والفرات .................................       4
    2-1 نهر الفرات .......................................................
    2-2 نهــر دجلــة .....................................................
6
14
ثالثا : الاستثمارات القائمة على نهري دجلة والفرات  .........................17
رابعا : الاتفاقيات الناظمة لاستثمار مياه النهرين والتعاون الحالي .............29
    4-1 استعراض الاتفاقيات الدولية  ....................................
    4-2 الاتفاقيات بين دول حوضي دجلة والفرات والتعاون القائم  .....
29
31
خامسا :ايجابيات التعاون بين دول حوضي نهري دجلة والفرات ..............33
    5-1 أهمية النهرين بالنسبة للدول المتشاطئة عليهما ..................
    5-2 أهمية التعاون بين دول النهرين ..................................
33
34
سادسا : الخلاصة والمقترحات .................................................38
سابعاً : المراجع ................................................................40
 
      

أولا : مقدمـــة

   لا يختلف اثنان على أن الماء هو سر الحياة وضمان استمرارها على هذه الأرض التي نحيا جميعاً من خيراتها، وليس أبلغ من دلالة على ذلك من قوله سبحانه وتعالى" وجعلنا من الماء كل شيء حي" فهذه الكلمات القليلة تلخص مصدر الحياة والتي بينت الاكتشافات العلمية وبعد ما يزيد عن 1400 عام من نزولها صحتها مما يؤكد الإعجاز العلمي الكبير للقرآن الكريم، وهذا طبعاً بالنسبة لنا كمسلمين ليس في حاجة إلى برهان .

  ولقد أجمعت البشرية أن المياه ستكون المشكلة الرئيسة التي ستواجه العالم خلال القرن الحالي، وأنها ستشكل العائق الأساس في تحقيق التنمية المنشودة في ظل تنامي الطلب على الماء نتيجة التزايد السكاني، وبالتالي فإن المسالة المائية أصبحت هماً عالمياً مشتركاً للبشرية جمعاء مما حدا بكافة المؤتمرات الدولية إلى المطالبة ببذل الجهود المكثفة لمواجهتها من خلال تطوير العلوم والتقانات وتشجيع التعاون بين مختلف دول العالم لتبادل الخبرة والمعرفة في مختلف مجالات ذات الصلة، إضافة إلى ما صدر عن قرارات دولية حول ضرورةضمان تأمين مياه الشرب النظيفة لجميع السكان وعلى مراحل متعددة وفقاً لما أصبح يعرف بأهداف الألفية للتنمية.

  هذا على المستوى الدولي، أما على المستوى العربي فالأمر لا يحتاج إلى توضيح من أن المنطقة العربية تعاني أكثر من غيرها من أزمة مائية خانقة أصبحت تهدد مستقبلها نظراً لندرة الموارد المائية فيها بسبب المناخ الجاف الذي يسود في معظم أراضيها وتكرار دورات الجفاف (شكل رقم 1)، ناهيك عن الطلب المتزايد على المياه نتيجة النمو السكاني المتسارع الذي يميزها مقارنة بمناطق أخرى من العالم، حيث زاد عدد السكان من أقل من 100 مليون نسمة في بداية القرن الماضي إلى مايزيد عن 300 مليون نسمة في بداية القرن الحالي، وما ترتب على ذلك من أعباء لتأمين المياه للشرب والمتطلبات الأخرى. وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان الوطن العربي سيقارب النصف مليار نسمة في نهاية الربع الأول من القرن الحالي، وقد نجم عن هذا التسارع في النمو السكاني انخفاض نصيب الفرد من الموارد المائية الطبيعية المتاحة من حوالي 3500 م3 /سنة للفرد في الستينات من القرن الماضي إلى حوالي 1000 م3/سنة وفي ما يزيد عن 10 دول عربية إلى مادون ذلك، علما بأن الاحتياجات الدنيا للفرد من المياه (للشرب والغذاء والاستخدامات الأخرى) تقدر في حدود 1000 م3/سنة وهذا ما يطلق عليه خط الفقر المائي، أي أن أكثر من نصف الدول العربية تقريباً باتت تعتبر دون حد الفقر المائي (شكل رقم2).


شكل رقم 1 توزع الهاطل المطري في المنطقة العربية

شكل رقم 2 : تطور نصيب الفرد من الموارد المائية المتجددة في الوطن العربي

   إضافة إلى ما سبق فإن المنطقة العربية تتميز بكون حوالي 66% من مواردها المائية السطحية المتمثلة بالأنهار الكبرى الرئيسة وهي دجلة والفرات والنيل والسنغال (والتي يبلغ مجموع مواردها حوالي 175مليار م3 / سنة و تشكل في مجموعها حوالي 77% من مجمل الموارد المائية السطحية المتاحة في المنطقة العربية البالغة 225 مليار م3/سنة ) فإن مياه هذه الأنهار تنبع من خارج حدود الوطن العربي، حيث تشكل الدول العربية المعنية دول المصب لهذه الأنهار، وبالتالي فإنها تخضع في اقتسامها إلى التجاذبات السياسية في المنطقة وما أكثرها، وفي حال عدم التوصل إلى اتفاقيات عادلة ومنصفة مع دول المنبع فإنها ستبقى مشكلة تهدد الاستقرار في المنطقة العربية (جدول رقم 1 ).

جدول رقم 1 : الموارد المائية السطحية في الدول العربية

ثانياً : الوضع المائي في نهري دجلة والفرات

  لايمكن لأحد أن يذكر نهري دجلة والفرات دون أن تعود به الذاكرة إلى الأهمية التاريخية لتلك المنطقة التي عرفت ببلاد الرافدين، والتي سادت فيها حضارة كانت من أعرق الحضارات التي شهدتها البشرية هي حضارة مابين النهرين، والتي سادت منذ ما يزيد عن أربعة آلاف عام وقدمت للإنسانية أول تشريع عرف بشريعة حمورابي .

يحتوي حوضا نهري دجلة والفرات على وحدات تضريسية متعددة ومتباينة بين مختلف أجزائه، وقد تشكلت تلك الوحدات بفعل الحركات التكتونية التي أصابت المنطقة خلال العصور الجيولوجية المختلفة، وتأثرت لاحقاً بالعوامل المناخية المتباينة السائدة في مناطق الحوضين مما انعكس انعكاساً واضحاً على أشكالها المورفولوجية الحالية، وعلى هيدرولوجية المنطقة بشكل عام، وبالتالي على النظام المائي للنهرين بشكل خاص. ويمكن تحديد المعالم التضريسية الإقليمية لمنطقة الحوضين بوحدتين رئيسيتين ذات امتداد إقليمي كبير هما المرتفعات الجبلية في الشمال والشمال الشرقي والشرق، والمناطق السهلية في باقي أجزاء الحوض حيث تسيل مياه النهرين من ارتفاع يزيد عن 3000 مترا في الهضبة الأرمينية لتنتهي عند شط العرب (شكل3) .

شكل رقم 3 حوضي نهري دجلة والفرات مع توزع الارتفاعات الطوبوغرافية في الحوض

شكل 3- أ: الأحواض الساكبة لنهري دجلة والفرات ( وزارة الموارد المائية – العراق)


2-1 نهر الفرات

  تقع ينابيع نهر الفرات في أعالي الهضبة الأرمينية والجبال الواقعة شرقي الأناضول في تركيا في المنطقة الممتدة بين بحيرة فان Van الانهدامية ذات الارتفاع 4363 م والبحر الأسود وعلى مناسيب تتراوح بين 3000 و 3500 م فوق سطح البحر ( وقد تصل ،حسب بعض المراجع، إلى 4000 م) ويتشكل من هذه الينابيع روافد عديدة تتحد لتشكل لاحقاً نهر الفرات. ويتكون نهر الفرات من رافدين أساسيين شرقي وغربي هما:

- نهر قره صو (فرات صو) أو الفرات الغربي، وينبع من جبل دوملو شمال مدينة أرضروم

- نهر مرادصو أو الفرات الشرقي وينبع من عين مراد غرب جبال ارارات (جبل ألاي داغ)


 بعد مدينة كيبان يصبح اسم النهر "نهر الفرات" والذي يجمع مياه تلك الروافد الكبيرة وغيرها من الروافد الصغيرة.
  
  ويمكن تقسيم مجرى النهر إلى ثلاثة أقسام: الأعلى والأوسط والأدنى، ويبين الشكل رقم 4 مقطعا طوليا لمجرى نهر الفرات من منبعه إلى مصبه، كما يبين الشكل رقم 5 توزع مناطق الحوض تبعا للارتفاع الطوبوغرافي .


شكل رقم 4 : مقطع طولي لنهر الفرات من منبعه إلى مصبه مع بيان الارتفاعات

الطوبوغرافية عن سطح البحر ( عبد السلام 1971)


شكل رقم 5: توزع المناطق تبعا لارتفاعها الطوبوغرافي عن سطح البحر

( ACSAD-UNEP 2001 )

   يتلقى النهر معظم مياهه في جزئه الأعلى نتيجة ذوبان الثلوج وغزارة الأمطار في تلك المناطق، حيث تتراوح معدلات الأمطار بين 400 و 1000ملم (ACSAD-UNEP 2001).

  أما في سورية فهناك العديد من الروافد مثل البليخ والخابور والساجور، وكلها تستقي مياهها في الحقيقة من ينابيع تقع على الحدود التركية السورية أي أن مصدرها الأراضي التركية .

  ورغم طول مجرى نهر الفرات في الأراضي العراقية فإنه لا يتلقى أي رافد يستحق الذكر.

  هذا وتتضارب المعلومات المنشورة حول طول نهر الفرات ونصيب كل دولة من الدول المتشاطئة على النهر من هذا الطول، وتعد معلومات وزارة الخارجية ووزارة الري العراقيتين أحدث المعلومات الرسمية المنشورة حول ذلك والتي تحدد طول النهر بـ2940 كم تتوزع بنسبة 40% في تركيا، و20.5% في سورية، و 39.5% في العراق، إذ اعتمدت نتائج المسح الميداني لمسار النهر لتحديد طوله داخل العراق. وعلى العكس مما هو عليه في أطوال النهر تتفق معظم المراجع على مساحة حوضه الصباب وتقدرها بـحوالي 444000 كم2 إلا أن تلك المراجع تختلف في تحديد نصيب كل دولة من ذلك الحوض، وانسجاماً مع ما اعتبرناه في تحديد طول النهر، تتوزع مساحة الحوض على الدول الأربع المعنية كما يلي:


تركيــا 28 %

سوريـة 17 %

العـراق 40 %

السعودية 15 %

  وبالرغم من أن أكثر من ثلثي الحوض الصباب لنهر الفرات تقع خارج تركيا، إلا أن 93% من المصادر الأساسية للنهر تتشكل ضمن الأراضي التركية وبالذات في جزء الحوض الصباب الواقع في أعالي موقع كيبان الذي تبلغ مساحته حوالي 000 64 كم2 ، ويقع على مناسيب مرتفعة تتراوح بين 700 و 3750 م فوق سطح البحر، وتقع أكثر من نصف مساحة هذا الجزء من الحوض على مناسيب أعلى من 1600 م فوق سطح البحر وفي مواقع جبلية، بينما أقسامه الشرقية في مواقع منبسطة نسبياً.

  تتدرج معدلات الهطول السنوية الوسطية بين أجزاء الحوض في البلدان الثلاثة المتشاطئة فتبلغ في تركيا 700 ملم وتهبط في سورية إلى 150 ملم وفي العراق إلى 75 ملم .

  بدأ الاهتمام بتأسيس مراكز ومحطات لقياس المناسيب والتصاريف على النهرين منذ مطلع القرن العشرين. وقد بدأت القياسات المائية لنهر الفرات في تركيا في محطة كيبان منذ عام 1936، وفي محطة بيره جيك القريبة من الحدود السورية التركية منذ عام 1944. أما في سورية فقد بدأت القياسات المائية لتصريف النهر بشكل غير منتظم في محطة جرابلس واستمرت حتى عام 1925، وفي عام 1930 تم توسيع شبكة القياسات المائية حيث تم إنشاء محطات يوسف باشا ومسكنة ودير الزور وأضيفت لها في عام 1942 محطة الرقة.

  وخلال فترة 1958-1959 أنشئ على نهر الفرات وروافده في سورية 18 محطة منها محطات لقياس تصريف المياه في كل من القدحية- أبو قبيع – الثورة- دير الزور- البوكمال.

  بدأت القياسات المائية على نهر الفرات في العراق في محطة عانه منذ عام 1919، وتوقفت في عام 1927 لتبدأ في محطة هيت اعتباراً من عام 1928، وفيما بعد أنشئ عدد كبير من المحطات على طول نهر الفرات وروافده لإجراء قياسات مائية كمية ونوعية.

  بلغ حجم الجريان الطبيعي لنهر الفرات في محطة جرابلس الواقعة على الحدود السورية التركية والتي يعبر من خلالها النهر إلى الأراضي السورية خلال الفترة الممتدة من ما قبل عام 1973 أي قبل البدء بتنظيم الجريان في النهر وبناء السدود في حدود 30.1 مليار م3/سنة (يتراوح معدل الجريان بين 309 م3/ثانية في شهر أيلول /سبتمبر ويرتفع إلى 2709 م3/ ثانية في شهر نيسان /ابريل) .وقد تم تسجيل أعلى حجم للجريان السنوي في تلك الفترة خلال العام الهيدرولوجي 1968- 1969 حيث وصل إلى 57 مليار م3 /سنة (1899% من المعدل) وأدنى حجم تم تسجيله كان للعام 1961-1962 حيث وصل إلى 15 مليار م3 /سنة ( حوالي 50% من المعدل ) .

  ولابد من الاشارة إلى أن هناك حدثين هامين في تاريخ تلك القياسات على نهر الفرات هما إنجاز سد كيبان في تركيا وسد الثورة في سورية، وبدء التخزين في بحيرتي هذين السدين بتاريخ واحد هو عام 1973، الأمر الذي انعكس بشكل واضح على القياسات في محطة جرابلس نتيجة بدء الملء في سد كيبان وفي محطة البوكمال نتيجة الملء في سد الثورة، إضافة إلى حدث هام آخر وهو إنجاز سد أتاتورك في مطلع عام 1990 الذي انعكس بشكل واضح في تنظيم تصريف المياه الواردة إلى جرابلس ( شكل رقم 6 ).

  وقد انخفض حجم الجريان إلى 25.1 مليار م3 /سنة ( 83% من معدل ماقبل عام 1973) وذلك بسبب تشغيل سدي كيبان واتاتورك والمشروعات القائمة عليها من الجانب التركي ACSAD_UNEP (2001) هذا وتبين الأشكال 7 و8 تصاريف النهر خلال الفترات الماضية .


شكل رقم 6 : تصاريف نهر الفرات عند الحدود السورية – التركية والسورية العراقية

شكل رقم 7 . المتوسط الشهري لتصريف نهر الفرات في محطة جرابلس – سورية

شكل رقم 8 : تصريف نهر الفرات ( م3/ثا ) ( الأعظمي ، الأصغري، والوسطي ) عند محطة جرابلس في سورية.

  ويبين الشكل (7) هيدروغراف متوسط التصريف الشهري لنهر الفرات في محطة جرابلس ( عند دخول النهر الأراضي السورية) للفترة ما قبل عام 1973 والفترة مابعد عام 1973، حيث يظهر بوضوح أن متوسط تصريف النهر الطبيعي قبل إنجاز سد كيبان كان يتراوح مابين 309 م3/ثا في شهر أيلول ويرتفع إلى 2709 م3/ثا في شهر نيسان. أما متوسط تصريف النهر الشهري بعد إنجاز سد كيبان فكان يتراوح مابين 515 م3/ثا في أيلول ويرتفع إلى 1024 م3/ثا في آذار، ويبدو واضحاً أن الفيضان قبل عام 73 كان يبدأ في شهر آذار ويصل إلى الذروة في شهر نيسان، وينحدر بعد ذلك حتى يصل إلى الحضيض في أيلول وتشرين أول، أما بعد عام 1973 فقد أخذ التصريف بالجنوح نحو الانتظام.

  كما يبين الشكل (8) تبدلات معدلات تصاريف نهر الفرات السنوية ( محطة جرابلس ) خلال فترة الرصد وتبدلات التصاريف خلال شهري نيسان وأيلول الممثلين للتصاريف الأعظمية والأصغرية، وتبين القياسات أن أعلى تصريف أعظمي وصل إليه النهر كان في أيار 1969 إذ وصل إلى 5066 م3/ثا، بينما أخفض تصريف أعظمي بلغه النهر قبل عام 1973 كان في نيسان 1961 إذ وصل إلى 1423 م3/ثا في ذروة فيضانه لذلك العام.

  يبين الشكل (9) هيدروغراف متوسط التصريف الشهري لنهر الفرات عند البوكمال للفترة ما قبل عام 1973 وللفترة ما بعد ذلك، ويظهر بوضوح التشابه في المنحى بينه وبين هيدروغراف محطة جرابلس، إلا أن هنالك فرق في المطال، ويتراوح مطاله للفترة ما قبل 1973 بين تصريف أدنى يصل متوسطه إلى حوالي 233 م3/ثا في أيلول ويرتفع إلى 2365 م3/ثا في نيسان، أما متوسط تصريف النهر الشهري بعد عام 1973 فكان يتراوح ما بين 537 م3 /ثا في أيلول ويرتفع إلى 800 م3 /ثا في أيار. ويبدو واضحاً أنه بعد عام 1973 أخذ التصريف بالجنوح نحو الانتظام ويعود السبب إلى بدء التخزين في سدي كيبان في تركيا والثورة في سورية، وبعد ذلك سد أتاتورك في تركيا.

شكل رقم 9. المتوسط الشهري لتصريف نهر الفرات في محطة البوكمال - سورية

شكل رقم 10 المتوسط الشهري لتصريف نهر الفرات في محطة هيت - حصيبة / العراق ( م3/ثا)

شكل رقم 11. حجوم المياه الواردة في نهر الفرات عند موقع هيث

( وزارة الموارد المائية –العراق 2010)

2-2 نهــر دجلــة :

   تقع منابع نهر دجلة في مرتفعات تركية الجنوبية الشرقية (جنوبي هضبة أرمينيا والأناضول الشرقية) والتي تشكل السفوح الجنوبية لسلسلة جبال طوروس الشرقية . ويتكون النهر من العديد من الروافد التي تجري من تلك المرتفعات لتشكل رافدين رئيسين هما :

- بطمان صو (أو دجلة صو) ويتكون من عدة روافد تنبع من مرتفعات بحيرة كولجك أو بحيرة هزار( على ارتفاعات 2500 – 4500 م ) ويتجه من الغرب نحو الشرق وترفده عدة روافد صغيرة منها صور كان، آيدنلك، كولي… وغيرها. 

- بوتان صو ويتكون من عدة روافد صغيرة يجري بعضها من المرتفعات المحيطة ببحيرة فان (على ارتفاعات 1000 – 1500 م ) ويتجه من الشرق نحو الغرب .

  ويلتقي الفرعان على مسافة 50 كم (وفي بعض المراجع 30 و 100 كم) قبل الحدود العراقية لتكوين المجرى الرئيس لنهر دجلة ، الذي يتجه بعدها جنوباً بمحاذاة الحدود السورية التركية والعراقية، اعتباراً من عين ديوار السورية وحتى فيش خابور العراقية . ومن ثم يتابع نهر دجلة جريانه في العراق حتى يصل الى مشارف مدينة الموصل وبعد ذلك يتلقى نهر دجلة العديد من الروافد الهامة على ضفته اليسرى والقادمة من جبال زاغروس وهي أنهار الزاب الكبير والزاب الصغير والعظيم وديالي وهي تزيد من تصريفه ( شكل رقم 3-أ) هذا ويبين الشكل رقم 12 مقطعا طوليا لنهر دجلة .

شكل رقم 12. المقطع الطولي لنهر دجلة من منابعه حتى الخليج العربي

  وكما في نهر الفـرات تتضارب المعلومات هنـا أيضاً حـول طول نهر دجلة ومساحة حوضه الصباب ونصيب كل دولة منه، وحسب معطيات وزارتي الري والخارجية في العراق يبلغ طول النهر 1900 كم منها 1415 كم ضمن الأراضي العراقية، و485 كم ضمن الأراضي التركية، يشكل 44 كم منها الحدود المشتركة بين تركيا وسورية. أما مساحة حوض نهر دجلة الصباب فتبلغ 235000 كم2 يصل نصيب العراق منها إلى 105750 كم2 .

  هذا ويبلغ المعدل الوسطي للأمطار فوق حوض النهر حوالي 800 ملم/سنة ويتراوح ما بين 440 و 600 م م/سنة وتحصل الفيضانات على طول نهر دجلة خلال فصلي الشتاء والربيع بفعل الامطار وذوبان الثلوج في المناطق الجبلية في كل من إيران وشمال شرق العراق وتركيا وتصب هذه الفيضانات في روافد نهر دجلة التي تلعب دوراً هاماً في تغذية وتصريف جريان النهر اذ ترفده بـحوالي 66% من مياهه وتكون هذه الروافد محدودة في سورية أما الروافد الاساسية للنهر في العراق فهي:

نهر فيش خابور(وتصريفه السنوي حوالي 2.1 مليار م3) ونهر الزاب الكبير (14.07 مليار م3/سنة) نهر الزاب الصغير وينبع من الأراضي الايرانية ومن أطراف الحدود العراقية في الجزء الشمالي الشرقي من جبال زاغروس (6.57 مليار م3 )ونهر العظيم : وهو نهر عراقي داخلي (790 مليون م3 )و نهر ديالي وينبع من الأراضي الايرانية والعراقية (5.84 مليار م3) و نهر الكرخة (Korkha) ويسمى أيضا نهر السويب وينبع من السفوح الجنوبية لجبال زاغروس في ايران وتصل مساحة حوضه الصباب الى 46000 كم2 ويبلغ جريانه السنوي حوالي 6.3 مليار م3 وتصرف مياهه في هور الحويزة ومنها تصرف إلى نهر دجلة وشط العرب ( شكل رقم 3-أ ).


ويبين الشكل رقم 13 متوسط التصريف الشهري لنهر دجلة عند محطة الموصل

شكل رقم 13. متوسط التصريف الشهري لنهر دجلة عند محطة الموصل(ACSAD-UNEP 2001)

  ويقدر الحجم الوسطي السنوي لجريان نهر دجلة وروافده بحوالي 48.69 مليار م3 ، وقد وصل في عام 1930 إلى حده الأدنى حيث بلغ 19 مليار م3 ، كما بلغ في عام 1969 أعلى قيمة سجلت حتى الآن وهي 106 مليار م3 ( شكل رقم 14).

شكل رقم 14. الواردات السنوية لنهر دجلة ( وزارة الموارد المائية – العراق 2010)

  هذا وتلخص الجداول التالية مساهمات الدول المتشاطئة في أحواض دجلة والفرات وشط العرب في واردات مياه هذه الأحواض ( وزارة الموارد المائية – العراق ) .

حوض دجلة :

 

الدولةالعراقسورياتركياايرانالمجموع
المعدل السنوي للايراد الطبيعي (مليار م3)22,430.2524.3711.3058.35
نسبة مساهمة الدولة في الايراد %38.440.4341.7619.37100 
 

  1. حوض الفرات 
الدولةالعراقسورياالسعوديةتركياالمجموع
المعدل السنوي للايراد الطبيعي (مليار م3)3.013.024.370.0127.0
نسبة مساهمة الدولة في الايراد %9.119.090.0381.77100 
 
    100
 

    الدولةالعراق  ايرانالمجموع
    المعدل السنوي للايراد الطبيعي مليار م3)0.42   18.2618.68
    نسبة مساهمة الدولة في الايراد %2.2597.75100
 
 ثالثا : الاستثمارات القائمة على نهري دجلة والفرات :

  لقد خضعت الموارد المائية لكلا النهرين ومنذ ما يزيد عن أربعة آلاف عام إلى استثمارات عديدة، وليس أدل على ذلك منها تلك المراكز الحضرية التي نشأت في المنطقة مثل لاجاش (2360 ق.م) وأور (2100 ق.م) وايسن (1930 ق.م)، وساهم في هذه المراكز الحضارية الأكاديون وخاصة الملك سارجون، والسومريون في اور، وذلك باستحداث أنظمة ري بواسطة القنوات، كما ساهم البابليون أيضاً في تطوير المعرفة عن الري واستخدامات المياه، ويشتمل القانون الشهير لحمورابي1792-1750 ) ق.م) على تشريع مائي لتنظيم الري والحد من أضرار الفيضانات، ومازال هناك العديد من الشواهد على هذه الحضارات حتى الآن وخاصة مايتعلق بالري وبناء السدود والزراعة المروية .

 وفي العصر الحديث فقد بدأت الاستثمارات مبكرة في كل من العراق وسوريا، واشتملت على إنشاء السدود التخزينية والنواظم التي أقيمت على نهر الفرات في النصف الأول من القرن العشرين في العراق وتشمل منظومة سدة الهندية (1911) وناظم المجرة – أبو دبس (1942)، ناظم الذبان (1948)، وفي عقد الخمسينات أنشئت عدد من النواظم أهمها كرمة بني سعيد، أم نخلة، عكيكة والحفر (1957) (MFA-MI 1999). كما تم بواسطة سدة الرمادي (1948) تحويل جزء من مياه فيضانات نهر الفرات إلى منخفض الحبانية ومنخفض أبو دبس عبر قناة الورار.

  وقد بدأت الدراسات الهادفة إلى استخدام مياه نهر الفرات من أجل تنمية الزراعات المروية في سورية في عام 1927 حيث تم استخدام مياه نهر الفرات لتطوير الزراعات المروية فيها على طول السهل الفيضي للنهر .

  أما الاستثمارات الريادية على نهر دجلة وروافده فكانت في العراق، واشتملت على إنشاء عدد من السدات والنواظم القاطعة أهمها سدة الكوت (1939)، منظومة سدة الثرثار –سمارة (1956) وسد دوكان (1959) (MFAMI, 1999).

 وحديثا تميزت المرحلة التنموية خلال الستينات والسبعينات من القرن العشرين بإنشاء سدود تخزينية كبرى (نسبياً) على نهري دجلة والفرات وأهمها تم تشييدها في سورية والعراق. ففي سورية تم إنشاء سد الثورة الذي أنجزت أعماله عام 1978 وبلغت سعته التخزينية 14.16 كم3، ومع انتهاء إنشاء سد كيبان على نهر الفرات في تركيا عام 1974 بدأت تركيا بملء خزانها الذي تبلغ سعته 30.9 كم3 بالمياه. وقد تزامن ذلك مع بدء سورية في ملء بحيرة الأسد أمام سد الثورة.

  وقد تم خلال هذه الفترة إنشاء عدة سدود ونواظم في العراق لتنظيم الجريان ولتخزين المياه، فالسدود التي شيدت على الروافد الشرقية لنهر دجلة اشتملت على سد دبس (1965) على نهر الزاب الصغير، وسد دربندخان (1962) وسد ديالي (1969) على نهر ديالي. أما على المجرى الرئيسي للنهر فقد أنشئ ناظما المشرح والكحلة حيث تم إنجاز العمل فيهما عام 1977، كما تم تشييد ناظمي البثيرة والعريض في عام 1978( شكل رقم 15). 

شكل رقم 15 : توزع السدود والخزانات في العراق على نهر دجلة والفرات وروافدهما

  قامت تركيا خلال العقدين الأخيرين بتنفيذ مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول والمعروف باسم الكاب (GAP ) وهو مشروع يعتبر من المشروعات العملاقة لتنمية واستعمال نهري دجلة والفرات (شكل رقم 16). وقد تم وضع خطة شاملة Master Plan عام 1980 لتنفيذ هذا البرنامج في الجزء التركي من حوضي نهري الفرات ودجلة (Bagis 2000) فالكاب يشمل إنشاء 22 سداً (جدول رقم2) و 19 محطة كهرمائية على نهري دجلة والفرات. أما أهم البحيرات التخزينية الكبرى القائمة والمخطط لها في تركيا فتشمل الأحواض التخزينية لسدود كيبان، قره قايا، أتاتورك، بيره جيك، وقرقميش، ومن هذه السدود الخمسة يعتبر حالياً قيد التشغيل كل من سدود كيبان، قره قايا وأتاتورك (Bagis, 2000) 

شكل رقم 16 : مخطط يوضح مشروع الكاب في تركيا

  تشمل السدود المنجزة على نهر الفرات في سورية سد تشرين (1999) وسد البعث (1987) وسد الثورة، وقد أنجز هذا الأخير عام 1978 وقد ازدادت كميات المياه المستخدمة من بحيرة هذا السد بشكل ملحوظ في العقدين الأخيرين، أما السدود التي أنشئت على نهر الخابور، الرافد الرئيسي لنهر الفرات في سورية فتشمل سد باسل الأسد (الخابور الكبير) بطاقة تخزينية قدرها 605 مليون م3 وسد 7 نيسان(الحسكة الشرقي) بطاقة تخزينية قدرها 232 مليون متر مكعب وسد 8 آذار(الحسكة الغربي) بحجم تخزيني قدره 93 مليون م3 وفي العراق أنجز أول سد تخزيني على نهر الفرات عام 1987 (MFI-MI 1999) لتنظيم جريان النهر في الجزء العراقي ولتوليد الكهرباء ويدعى سد القادسية (حديثة) ويبعد 120 كم عن الحدود السورية (شكل16)، ويعتبر هذا السد آخر منشأة تخزينية على المجرى الرئيس للنهر.

  تشمل خطة تنمية حوض نهر دجلة في تركيا إنشاء أربعة منشآت تخزينية على المجرى الرئيسي للنهر وهي سد كرال كزي وسد دجلة وسد ال سو وسد جزرة .

  وفي العراق تم تشييد سد صدام (الموصل) على مجرى نهر دجلة الرئيس عام 1986، وتشكل منظومة سامراء- الثرثار التي تشمل نواظم وبحيرة الثرثار أهم منشآت تنظيم جريان المياه السطحية في العراق إذ تصل طاقتها التخزينية إلى 85 كم3 وتتم عملية التخزين بتحويل المياه من نهر دجلة عند سدة سامراء لحماية بغداد من الفيضانات، أما الجزء من جريان نهر دجلة الذي يزيد عن 3000 م3/ثانية فيحول عبر قناة يبلغ طولها 64 كم وتصريفها 9000 م3/ثانية. ويتم جر المياه من بحيرة الثرثار إلى نهر الفرات بواسطة قناة طولها 37 كم وتصريفها 559 م3/ثا وقد استكملت أعمالها الإنشائية عام 1977. أما السدود الرئيسية التي أقيمت على روافد نهر دجلة في العراق فتشمل سد دوكان (1959) وسد دربندخان (1961) وسد حمرين (1979) وسد ديالي (1969) وسد العظيم (1999) (MFA-MI 1999) ، كما تشمل خطة إنشاء السدود في العراق إقامة سد خليكان وسد باكرمان وسد الفارس (بخمة) ومنداوة على نهر الزاب الكبير.

  وقد خطط لبناء سدود على نهر دجلة تصل سعة مخزونها الحي إلى 15.5 كم3 (Bagis, 2000)، علماً بأن تصريف نهر دجلة السنوي حسب القياسات التي تجرى على الحدود العراقية التركية يبلغ 20.9 كم3.

  ويبلغ إجمالي الطاقة التخزينية لبحيرات السدود على المجرى الرئيس لنهر الفرات في تركيا 90.557 كم3 بينما يبلغ إجمالي سعة التخزين على المجرى الرئيسي في سورية والعراق 16.3 كم3 و 8.28 كم3 على التوالي

  لإعطاء لمحة إجمالية عن التنمية المائية لنهري دجلة والفرات في الدول الثلاث المشاركة في مياه هذين النهرين تم إعداد الجدول رقم 2، ويبين الجدول رقم 3 السعات التخزينية للسدود المنجزة والتي هي قيد التنفيذ، ولا يشمل الجدول السدود التي خطط لإنشائها مستقبلاً . كما يبين الشكل رقم 17 مخططا لتوزع السدود في الدول الثلاث. من جهة ثانية بينت وزارة الموارد المائية العراقية أن تركيا تخطط لبناء عدد إضافي من السدود على نهر دجلة بحيث من المتوقع أن يصل الحجم التخزيني لهذه السدود إلى 23.8 مليار م3 /سنة .

  والجدير بالذكر أن معظم المشروعات المائية التنموية التي تم تنفيذها أو هي قيد التنفيذ أو المخطط لها صممت على أساس كونها سدوداً متعددة الأغراض، وأهمها تم تصميمها لغرضين رئيسيين وهما ري الأراضي وتوليد الطاقة الكهربائية، ومن الطبيعي أن مشروعات التنمية المائية في هذين الحوضين ستساهم مستقبلاً في توفير مياه الشرب كما تساهم في تلبية احتياجات مائية لأغراض أخرى كالصناعة والسياحة.

جدول رقم 2 : السدود المنجزة والمخططة على نهري الفرات ودجلة في تركيا
المنشأة

المشروع

المساحة المروية(هكتار)

حالة الإنجاز

محافظة إلازيك

1. سد كيبان

مشروع الفرات الأعلى

000 385

O

نهر الفرات

منطقة الـGAP
1. سد قره قايا


مشروع قره قايا


-


O
2. سد أتاتوركمشروع الفرات الأسفل281 706O
3. سد تشام غازي4. سد غوميكان
5. سد كوتشالي
6. سد سرمتاش
7. سد بيوك تشاي
8. سد كاهتا


مشروع أديمان- كاهتا
24 778UC
MP
MP
MP
MP
MP
9. سد تشاطالتبةمشروع أديمان-غوكسو-أربان98 715PL
10.سد بيره جيك11.سد قرقميشمشروع الفرات الحدودي-UC
UC
12.سد خان جيز13.سد كاياجيك
14.سد كيملن
مشروع غازي عنتاب000 89UC
UC
PL
 مشروع سروج-يايليك500 146UC
نهر دجلة:15.سد كرال كزي
16.سد دجلة

مشروع كرال كزي-دجلة

080 126

UC
UC
17.سد بطمانمشروع بطمان744 37UC
18.سد سيلفان19.سد قيصريمشروع بطمان-سيلفان
000 257
UC
UI
20.سد جرزانمشروع جرزان000 60UI
21.سد ال سومشروع ال سو-PL
22.سد جزرهمشروع جزرة000 121UI
المصدر : Regional Development Administration, GAP. Information Series, 2 April, 1999.
(Irrigation area of Keban Dam after Hussein, 1998).
________
O :  في التشغيل
UC :  قيد البناء
MP :  في الخطة الرئيسة
PL :  مخطط
UI :  قيد التحريات
 
 
جدول رقم 3 . حجوم التخزين للسدود المقامة والتي هي قيد الإنشاء على نهري الفرات ودجلة وروافدهما.

الدولة
نهر الفراتنهر دجلة
اسم السدسعته التخزينية
كم3
المخزون الحي
كم3
اسم السدسعته التخزينية
كم3
المخزون الحي
كم3



تركيا
كيبان30.916.9كرال كزي1.9191.71
قره قايا9.585.24دجلة0.5950.255
أتاتورك48.719.30بطمان   3.90.738
تشام غازي--سيلفان-0.41
بيره جيك1.220.97   
قرقميش0.1570.14   
خان جيز--   
كاياجيك--   
المجموع 90.55742.55 6.4143.113




سـورية
تشرين1.880.681   
الثورة14.1609.83   
البعث0.090.033   
باسل الأسد (الخابور الكبير)0.6050.555   
7 نيسان (الحسكة الشرقي)0.3320.307   
8 آذار (الحسكة الغربي)0.0930.078   
المجموع 17.1611.484   





العراق
القادسية (الحديثة)8.288.04صدام (الموصل)11.11 (13.73)**8.16
البغدادي--الفارس (بخمة)14.514.5*
بحيرة الحبانية3.32.65دوكان6.8-
       دبس  3-
   العظيم1.51.0
   دربندخان32.54
   حمرين2.5 (3.95)**2.2
   سنحاريب0.5-
   مكحول2.12.1**
المجموع 11.5810.69 45.01-
الإجمالي 119.29764.724 51.424-
 
  
 شكل رقم 17. الموقع العام لنهري الفرات ودجلة ومواقع السدود المقامة على المجريين الرئيسين لهما.

  هذا وقد لخصت الهيئة المعنية بإدارة المياه في تركيا الموازنة المائية المتوقعة بالنسبة لحوض نهر الفرات في تركيا بعد استكمال مشروع الـ GAP على الشكل التالي :

مليار م3

- الجريان الطبيعي لنهر الفرات في موقع قرقميش على الحدود السورية + 31.4

- الري في الحوض الاعلى لنهر الفرات (خارج مشروع الـGAP) - 2.5

- التبخر في الحوض الاعلى لنهر الفرات - 0.7

- الرواجع المائية من مشاريع ري الحوض الاعلى لنهر الفرات + 0.8

(خارج مشروع الـGAP)

- التبخر من سد كيبان - 1.0

- الري في الحوض الأسفل لنهر الفرات (ضمن مشروع الـGAP) - 10.7

- التبخر من الحوض الأسفل لنهر الفرات (سدود قره قايا، أتاتورك - 2.5

بيره جيك ، قرقميش )

- الرواجع المائية من حوض نهر الفرات الأسفل + 0.9

حجم الجريان المائي المتوقع في موقع قمرقميش على الحدود السورية - 15.7

  أن كل هذا يعني إن تركيا تخطط لاستثمار نصف واردات نهر الفرات تماماً تاركة لسورية والعراق النصف الآخر من وارداته، ولكن مع الاشارة الى أن 11% من هذه المياه ستكون ذات نوعية أدنى نظراً لأنها من رواجع الري في تركيا. ونذكر بهذه المناسبة بأن السعة التخزينية للسدود التركية على نهر الفرات تقارب ثلاثة أضعاف الجريان الطبيعي للنهر حسب الارقام التي أوردناها سابقاً .

  من جهة أخرى بينت وزارة الري في سورية الموازنة المائية المتوقعة لنهر الفرات ضمن أراضيها في ضوء ما اتفقت عليه مع العراق على تقسيم مياه نهر الفرات بواقع الثلث لتركيا والثلثين لسورية والعراق ومن ثم يقسم هذان الثلثان وفق الاتفاقية الموقعة بين البلدين والقاضية بتقسيم المياه الواصلة إلى سورية عند الحدود السورية-التركية بواقع 58% للعراق و 42 % لسورية:

   مليار م3
- الوارد على الحدود التركية السورية+ 20.93
- احتياجات المشاريع التي هي قيد الري- 3.58
- احتياجات مياه الشرب والصناعة-     1
- احتياجات مشاريع التنمية الأخرى التي هي قيد التنفيذ والمخططة- 3.16
- الفواقد الطبيعية من الخزانات-   1.5
- الرواجع المائية (صرف زراعي)+ 0.44
حجم الجريان المائي المتوقع في البوكمال عند الحدود السورية العراقية (حصة العراق)، علماً بأن احتياجات العراق المائية هي أكثر من 12.13 مليار م3، وكما هو مبين في الملحق رقم (2).- 12.13

  هذا وتقدر مساحة مشاريع الري المتوقعة في تركيا من مياه نهر الفرات بحوالي 1647203 هكتار أما الاحتياجات المائية فتقدر بحوالي 15.145 مليار م3 .

  أما بالنسبة لنهر دجلة فحتى الآن لاتوجد في تركيا موازنة مائية واضحة ورسمية تظهر حجوم المياه المستهلكة ورواجع مياه الري الى مجرى النهر الرئيسي وروافده، علماً بأن التقديرات السورية لحجوم المياه المستهلكة من مياه نهر دجلة في تركيا تقدر بـ 7-8 مليار م3، وحسب مختلف التقديرات ان تركيا تخطط لاستثمار ثلث جريان نهر دجلة المتشكل في تركيا تقريباً، تاركة لسورية والعراق الباقي، علماً بأن جزءاً من هذا الباقي سيكون ذو نوعية أدنى نظراً لأنه يأتي من عوائد مياه الري في تركيا .

  أما في سورية تفيد الاحصائيات بأن المساحات المخطط اروائها في حوض الفرات تبلغ 651610 هكتار وضع منها 208292 هكتار قيد الاستثمار الفعلي، يضاف لها 25000 هكتار قيد الانشاء، أما المساحات المتبقية بدرجات جاهزية مختلفة للتنفيذ فتبلغ مساحاتها 418318 هكتار (ACSAD-UNEP 2001).

  أما مايتعلق بنهر دجلة، فقد أجرت الحكومة السورية في منتصف الثمانينات بمساعدة شركة أغرو كومبليكت البلغارية دراسة للجزء السوري من حوض نهر دجلة غطت مساحة 532100 هـ وهدفت الى دراسة صلاحية تلك الأراضي للزراعة وتصنيفها، وقد تبين بنتيجة ذلك أن المساحة الاجمالية القابلة للزراعة تبلغ 481550 هكتار منها 444280 هكتار تصنف من الدرجتين الأولى والثانية حسب تصنيف التربة الامريكي. كذلك أجريت دراسة نهائية لمساحة 134820 هكتار بينت ان 133190 هكتار منها قابلة للزراعة باحتياج مائي سنوي مقداره 10296 م3/هـ/سنة، أي باحتياج اجمالي قدره 1371,32 مليون م3 سنوياً، علماً بأن كامل المشروع سيروى بالضخ من مياه نهر دجلة. وقد وافقت الحكومة التركية منذ عامين على تزويد سوريا بمياه دجلة لري حوالي 1500000 هكتار (بمعدل ضخ من مياه دجلة في حدود 150 م3/ثا ) وقد باشرت الحكومة السورية بتنفيذ الدراسات والأعمال الميدانية لوضع هذا المشروع في حيز التنفيذ .

  أما في العراق فتبلغ المساحات المروية حالياً على نهر الفرات في العراق 1.542550 هكتار (عام 2000 )موزعة على طول نهر الفرات كما هو مبين في الشكل رقم 28، علماً بأن المساحة الصالحة للإرواء ضمن حوض نهر الفرات في العراق تبلغ 4 مليون هكتار.

  أما في حوض نهر دجلة فتبلغ المساحات الإروائية المشمولة بشبكات ري وبزل في العراق في الوقت الحاضر 4 مليون هكتار، علماً بأن مجموع المساحات الممكن إروائها في ضوء جودتها في هذا الحوض تصل إلى 10.5 مليون هكتار يقع بعضها تحت الإنشاء والتخطيط حالياً.

  ووفقا لمعلومات حديثة من وزارة الموارد المائية العراقية ( 2010) فإن :

- مساحة الاراضي القابلة للارواء 2.2 مليون هكتار 

- الاراضي المزروعة 1.25 مليون هكتار في عام 2008 وهي تشكل 57.5% من الأراضي القابلة للأرواء

- مساحة الأراضي المستصلحة 4.3 مليون دونم

  هذا ويبين الشكل رقم 18 مخطـطا لشبكـة مشاريـع الـري والمنشـآت الهيدروليكيـة في العـراق .

شكل رقم 18. مخطـط لشبكـة مشاريـع الـري والمنشـآت الهيدروليكيـة في العـراق

( وزارة الموارد المائية العراقية 2010)

  مما سبق يتبين لنا حجم الاستثمارات والجهود الضخمة التي تم بذلت من قبل دول حوضي نهري دجلة والفرات من أجل استخدام مياه هذين النهرين لتحقيق تنمية زراعية واقتصادية فيها وأصبح هناك الملايين من السكان الذين يعيشون من خلال تلك الاستثمارات والتي كما رأينا تمتد إلى أكثر من أربعين عاما وللأسف فإن كافة هذه الاستثمارات كانت تتم بصورة قطرية دون أي تشاور بين الدول المعنية ودون وجود اتفاقيات نهائية ناظمة لتلك الاستثمارات ويبن الجدولان 4 و5 تأثير تلك الاستثمارات على واردات النهرين بالنسبة للعراق التي تعتبر دولة المصب للنهرين حيث نلاحظ أن واردات نهر الفرات إلى العراق انخفضت إلى الثلث أما دجلة فوصلت إلى النصف تقريبا .

  نبين قيما يلي تأثيرات انخفاض هذه الواردات على العراق وفقا لمصادر وزارة الموارد المائية العراقية:
- انخفاض إيرادات حوض الفرات خلال العامين لتصل الى 49% و31% على التوالي قياساً الى المعدل العام.

- انخفاض إيرادات حوض دجلة خلال العامين لتصل الى 38% و49% على التوالي قياساً الى المعدل العام.

- أضطر العراق الى تقليص المساحة المزروعة خلال العامين وخصوصاً في الموسم الصيفي لتصل الى 70% و 50% على التوالي قياساً بالمساحة المزروعة صيفاً خلال سنه معتدلة الايراد.
- تردي نوعية مياه نهر الفرات الواردة للعراق خلال السنة المائية 2008-2009 فوصلت نسبة الاملاح الذائبة في موقع القائم الى اكثر من 1000 جزء بالمليون، كما 
- تردت نوعية مياه شط العرب فوصلت نسبة الأملاح الذائبة فيه خلال عام 2009 الى اكثر من 1000 جزء بالمليون.

- انخفاض إجمالي الطاقة الكهرومائية المولدة خلال العامين لتصل إلى 65% و 55% على التوالي قياساً للطاقه الكهرومائية المولدة في سنة متوسطة الايراد.

  علما بأن تركيا ولغاية عام 2009 لم تنفذ سوى 15% من مشاريع الري في إطار مشروع الكاب (المخطط للري هو 1,8 مليون هكتار وتبلغ احتياجاتها المائية السنوية 18,5 مليار م3 من حوض الفرات و 6,5 مليار م3 من حوض دجلة)

رابعا : الاتفاقيات الناظمة لاستثمار مياه النهرين والتعاون الحالي :

استعراض الاتفاقيات الدولية : 

  لقد وضع المجتمع الدولي العديد من النصوص القانونية والأعراف التي يمكن الاستناد إليها من أجل مساعدة دول العالم في التوصل إلى اتفاقيات ناظمة لاستثمار المياه المشتركة، وهذه تشمل حسن الجوار وحسن النية وعدم الإضرار بالغير وعدم التعسف في استعمال الحق وحل المنازعات بالطرائق السلمية وعدم استعمال القوة ومبدأ المساواة في السيادة …. ومن التوصيات الهامة تلك المعروفة بتوصيات سالزبورغ الشهيرة الصادرة عنه في عام 1961 ورابطة القانون الدولي وقواعد هلسنكي الشهيرة الصادرة عنها في عام 1966.

  وأخيرا هناك قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (القرار 229 للدورة 51)، من أهم أعمال الأمم المتحدة في مجال الأنهار الدولية، كما تعتبر التقارير السابقة لهذا القانون (وعددها 14 تقريراً) والتي أصدرها المقررون الخاصون للجنة القانون الدولي، وكذلك التعليقات الواردة في مشروع الاتفاقية من أثمن الوثائق القانونية التي صدرت عن الأمم المتحدة، وذلك لأنها ربما تساعد على تفسير مواد هذا القانون الثلاث والثلاثين (ومع الأحكام الختامية تصبح سبع وثلاثون). وقد صدقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 21/5/1997 على القانون بأغلبية 103 أصوات وامتناع 27 صوتاً ومعارضة 3 أصوات فقط، وقد تضمن القانون قواعد هامة في القانون الدولي وصيغ بطريقة ملائمة لظروف معظم الدول ومنها الدول المتشاطئة على نهري الفرات ودجلة ونخص بالذكر المواد 5 و 7 و 8 و 21 التي أكدت على أهم المبادئ الرئيسية من مبادئ القانون الدولي في مجال المياه وهي :

المادة (5) - الانتفاع والمشاركة المنصفان والمعقولان

المادة (7)- الالتزام بعدم التسبب في ضرر ذي شأن

المادة (8)- الالتزام العام بالتعاون

المادة (6)- العوامل ذات الصلة بالانتفاع المنصف والمعقول

المادة (21)- منع التلوث وتخفيضه ومكافحته

المادة (33)- تســوية المنازعــات

  وقد تم وضع تعريف للمصطلحات الواردة في هذه الاتفاقية نذكر منها :

(أ) - يقصد بـ"المجرى المائي" شبكة المياه السطحية والمياه الجوفية، التي تشكل بحكم علاقتها الطبيعية بعضها ببعض، كلا واحداً وتتدفق عادة صوب نقطة وصول مشتركة.

(ب) - يقصد بـ"المجرى المائي الدولي" أي مجرى مائي تقع أجزاؤه في دول مختلفة.

(ج) - يقصد بـ"دولة المجرى المائي" دولة طرف في هذه الاتفاقية، يقع في إقليمها جزء من مجرى مائي دولي، ولن نخوض هنا في مجال استعراض مختلف الاتفاقيات والنصوص القانونية، فالمجال لايسمح بذلك في هذه الورقة علما بأن هذا القانون لم يتم إقراره بعد من قبل الأمم المتحدة لعدم حصوله على العدد المطلوب من الدول لاعتماده، ومازالت مصر ممتنعة عن توقيع هذه الاتفاقية إذ أنها تعتبر أنها ليست معنية بها بالنسبة لنهر النيل بسبب وجود اتفاقيات قديمة مبرمة بينها ودول حوض النيل. أما تركيا فهي الأخرى لم توقع على هذه الاتفاقية، في حين أن كلا من سورية والعراق وقعتا عليها.

  وبالعودة إلى تعاريف المصطلحات الواردة في القانون الدولي الخاص باستخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، فإذا أسقطنا تلك التعاريف على نهري الفرات ودجلة فسنجد أن نهر الفرات هو نهر متتابع ينبع من تركيا ويجري في سورية ويتابع جريانه الى العراق ليصب فيه، أي أن أجزاء النهر تقع في ثلاث دول، وبالتالي فهو مجرى مائي دولي حسب الفقرة (آ) من المادة (2) من القانون المذكور. أما نهر دجلة فهو يجمع بين صفتين معاً ففي قسمه العلوي هو نهر حدودي بين تركيا وسورية (حوالي 36 كم)، ونهر حدودي بين سورية والعراق (عدة كيلومترات)، أما في قسمه الادنى فهو نهر متتابع بالنسبة لتركيا والعراق، علماً بأن هناك نقطة حدود ثلاثية عند التقاء نهر فيش خابور بنهر دجلة.

  لم توافق تركيا على تعريف المجرى المائي الدولي وتصر على أن نهري دجلة والفرات هما نهران عابران للحدود وليسا دوليان على الرغم من أن هناك أكثر من ثلاثة عشر نصاً وقعت تركيا عليها مع كل من سورية أو العراق بين عامي 1920 و1993، وكل هذه النصوص تبرهن على وجوب اعتراف تركيا بالطابع الدولي لنهري دجلة والفرات وتوزيع مياههما بين البلدان الثلاثة، وذلك خلافاً لمضمون ملاحظات تركيا على قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الاغراض غير الملاحية المرسلة الى منظمة الأمم المتحدة بتاريخ 25/1/1993.

  نقطة خلافية أخرى حول المصطلحات بين الدول الثلاث نشير إليها تتعلق بحوضي نهري الفرات ودجلة، فبينما تعتبر سورية والعراق أن لكل نهر حوضه ويشكل النهران نظامين مائيين منفصلين، فإن تركيا تعتبر النهرين حوضاً واحداً بذريعة قيام العراق بالوصل بين النهرين عبر منخفض وقناة الثرثار. ولكن هذا العمل الهندسي الذي جرى لأغراض تفريغ الخزان عند الحاجة في حالات الفيضانات القصوى المتتالية لايرتب أي أثر قانوني لاعتبار الحوضين حوضاً واحداً انسجاماً مع ماورد في الفقرة (ب) من المادة الثانية في قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية. وقد أوردت لجنة القانون الدولي في الفقرة رقم (6) في تعليقها على المادة الثانية المشار إليها أعلاه رأيها حول هذا الموضوع بقولها "… فمثلاً كون حوضي صرف مختلفين، يتصلان بواسطة قناة، لايجعل منهما جزءاً من مجرى مائي واحد بالمعنى المقصود في هذه المادة.

الاتفاقيات بين دول حوضي دجلة والفرات والتعاون القائم : 

  لقد خضعت مياه نهري الفرات ودجلة إلى العديد من المباحثات بين الدول المعنية منذ بداية القرن الماضي، وهناك أكثر من ثلاثة عشر نصاً وقعت تركيا عليها مع كل من سورية والعراق بين عام 1920 وعام 1993 من أجل استثمار مياه النهرين بشكل سليم دون الإضرار بأي دولة من الدول المعنية ومع ذلك خالفت تركيا مضمون هذه المعاهدات عندما قطعت مياه نهر قويق عن مدينة حلب في سورية وعندما نفذ العديد من السدود على نهري دجلة والفرات وروافدهما من دون أخذ موافقة العراق على ذلك بموجب معاهدتهما لعام 1946، وعندما قطعت مياه نهر الفرات لمدة شهر في بداية عام 1990 خلافاً لمنطوق بروتوكول عام 1987 مع سورية.

  ونشير هنا إلى أهم ماصدر من بروتوكولات تعاون بين الدول المعنية نذكر منها بروتوكول عام 1980 للتعاون الفني والاقتصادي بين العراق وتركيا، والذي انضمت إليه سورية عام 1983 وهو يقضي بتشكيل لجنة فنية مشتركة لدراسة القضايا المتعلقة بالمياه الإقليمية (وخصوصاً مياه حوضي نهري الفرات ودجلة) وبروتوكول عام 1987 للتعاون الفني والاقتصادي بين سورية وتركيا الموقع بين الدولتين بتاريخ 17/7/1987 وهو يتضمن فقرة خاصة بالمياه تنص على مايلي :

  خلال فترة ملء خزان سد اتاتورك وحتى التوزيع النهائي لمياه الفرات بين البلدان الثلاثة الواقعة على ضفتيه، يتعهد الجانب التركي بأن يوفر معدلاً سنوياً يزيد عن 500 م3/ثا عند الحدود السورية – التركية وفي الحالات التي يكون الجريان الشهري تحت مستوى الـ 500 م3/ثا، فان الجانب التركي يوافق على ان يعوض الفرق أثناء الشهر التالي، وسوف يعمل الجانبان مع الجانب العراقي لتوزيع مياه نهري الفرات ودجلة في أقرب وقت. واتفق الجانبان على تعجيل عمل اللجنة الفنية المشتركة للمياه الاقليمية، كما اتفق الجانبان من حيث المبدأ على اقامة وتشغيل مشاريع مشتركة في أراضي البلدين على نهري الفرات ودجلة للري وتوليد الطاقة الكهربائية شريطة أن تكون لهذه المشاريع دراسات اقتصادية تبريرية يتم انجازها من قبل خبراء البلدين

  لعل هذا البروتوكول هو الأهم في علاقات الدول الثلاث المائية حيث أكد على النقاط التالية :

- تعهد الجانب التركي بتوفير الحد الادنى من الاحتياجات السورية والعراقية (ضمناً) خلال فترة ملء سد اتاتورك.

- أكدّ على التزام تركيا بواجب التوزيع النهائي لمياه نهر الفرات.

- أكد على تعجيل عمل اللجنة الفنية المشتركة للمياه موضوع بروتوكول عام 1980.

   هذا وقد قامت سورية بتسجيل البروتوكول المذكور كاتفاق دولي لدى سكرتارية منظمة الأمم المتحدة بموجب المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة وتحت رقم 30069 وتاريخ 16/11/1994.

  الاتفاق السوري – العراقي المؤقت لعام 1989 على الحدود السورية – العراقية الذي أصبح نافذاً منذ 16/4/1990، والذي يقضي بأن تكون حصة العراق الممررة له على الحدود السورية – العراقية بنسبة سنوية ثابتة (سنة مائية) قدرها 58% من مياه نهر الفرات الممررة لسورية على الحدود السورية – التركية، وتكون حصة سورية الباقي وقدره 42% من تلك المياه، وبتشكيل لجنة بين القطرين لوضع جميع التفاصيل الفنية والإدارية وغيرها لتنفيذه على أفضل وجه ممكن بما يحقق مصلحتهما المشتركة. هذا وقد تم تسجيل هذا الاتفاق لدى جامعة الدول العربية.

  وأخيرا البيان المشترك الذي صدر في دمشق بتاريخ 2/8/1992 عن نتائج اجتماعات السيدين وزيري الخارجية في كل من تركيا وسورية، والذي تضمن فقرة خاصة بالمياه كما يلي :

  " تناولت المباحثات التعليقات التي صدرت مؤخراً حول موضوع المياه وتم التأكد من عدم صحتها وأكد الجانبان تمسكهما ببروتوكول التعاون الفني والاقتصادي المشترك لعام 1987 وخاصة البند المتعلق بالمياه والتزام الجانب التركي بتمرير مايزيد على 500 م3/ثا من مياه نهر الفرات الى سورية ".

  أما بالنسبة للعلاقة بين العراق وسوريا فيما يتعلق باقتسام مياه نهر الفرات، فقد تم توقيع اتفاق بين الجانبين في عام 1989 ينص على اقتسام النسبة المتبقية أو الممررة لمياه نهر الفرات على الحدود التركية- السورية (في جرابلس) وتوزيعها بنسبة 58% للعراق و 42 % لسورية. وهذه الاتفاقية تم اعتمادها رسميا من قبل حكومتي البلدين، في حين أنه بالنسبة للجانب التركي فلا يوجد حتى الآن أي اتفاق نهائي وإنما هو عبارة عن محضر اجتماع يوضح التزام تركيا بتمرير كمية من مياه الفرات إلى سوريا لاتقل عن 500 م3/ ثانية .

  أما بالنسبة لنهر دجلة فلا يوجد حتى الآن أي اتفاق نهائي، وقد سمحت تركيا كما ذكرنا لسوريا مؤخرا في عام 2009 (بموافقة العراق ) بضخ كمية من مياه دجلة تصل إلى 150 م3/ثا، أي مايعادل 1.25 مليار م3/سنة من أجل تنفيذ مشاريع لري حوالي 150000 هكتار في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا .

  أما بين العراق وإيران فلا توجد أيضا أية اتفاقيات لتنظيم استثمار روافد نهر دجلة التي تأتي من إيران.

  وبالتالي فإن موضوع التوصل إلى اتفاق نهائي لاقتسام مياه النهرين بين الدول المعنية مازال يشكل هاجسا لدول المصب العربية، وهو يخضع لتجاذبات مرتبطة بالأوضاع السياسية وماأكثرها في المنطقة، وبالتالي فهي مازالت تشكل مصدر توتر يصعب من خلالها لتلك الدول وضع خطط تنمية طويلة المدى تعتمد على واردات مائية مضمونة. وهنا لابد من الإشارة إلى أن هذا التوتر من المتوقع أن يتفاقم في المستقبل تحت تأثير التغيرات المناخية التي تتنبأ بحدوث انخفاض في معدلات الأمطار وزيادة درجات حرارة الجو في مناطق منابع تلك الأنهار، إضافة إلى اكتمال العمل في مشاريع ري مشروع الكاب الذي تنهض به الحكومة التركية (مازالت كما ذكرنا تبلغ لغاية 2009 حوالي 15% من كامل المساحة المخطط لها والبالغة 1.8 مليون هكتار ).

خامسا :ايجابيات التعاون بين دول حوضي نهري دجلة والفرات :


1-5 أهمية النهرين بالنسبة للدول المتشاطئة عليهما

  يلعب نهرا الفرات ودجلة في الدول الثلاث دوراً كبيراً في التنمية الاقتصادية وخاصة الزراعية منها وان كان حجم هذا الدور يختلف من دولة لأخرى .

  ففي تركيا يغطي حوض نهر الفرات سدس مساحة تركيا أي حوالي 78000 كم2، وهو يجود بحوالي سدس الموارد المائية السطحية التي تبلغ وسطياً 180 مليار م3/سنة ، وبأكثر من ربع الطاقة الكهرمائية المجدية اقتصادياً والتي تبلغ 120 ترا واط ساعي/السنة. أما حوض نهر دجلة فيحتل نسبة من مساحة تركيا ويقدم عشر مواردها المائية السطحية تقريباً و 14% من الطاقة الكهرمائية المجدية اقتصادياً . لهذا فإن الاستثمارات القائمة في الحوضين بما فيها مشروع الـ GAP تشكل قاعدة مادية رئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في تركيا .

  أما في سورية فتعتمد التنمية الاقتصادية والاجتماعية اعتماداً أساسياً على مشاريع الري فيها نظراً لأن أراضيها تقع ضمن مناطق شبه جافة وجافة بشكل رئيسي، وبالتالي فإن مايزيد عن 90% من مجموع الأراضي السورية القابلة للزراعة يحتاج الى ري مستديم ضمانا لانتظام الزراعة واستقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتجنباً لتعرض الإنتاج الزراعي لتقلبات واسعة واضطراب كبير مما هدد دوماً بكوارث اقتصادية في مواسم القحط والجفاف، إذ أن نسبة كبيرة من السكان يعتمدون اعتماداً كلياً على الزراعة. وتقدر الأراضي القابلة للري في حوض الفرات استناداً الى دراسات تفصيلية تمت لهذه الغاية بـ 1040000 هكتار.

  أما في العراق فقد قدرت وزارة الري في العراق أن نقص كل مليار م3 من المياه سيؤدي إلى خروج 62.5 ألف هكتار من الأراضي المروية من الزراعة داخل العراق. ونبين فيما يلي بعض المعلومات عن الاستثمارات الزراعية والاحتياجات المائية في العراق :

- مساحة الاراضي القابلة للارواء 22 مليون دونم 

- الاراضي المزروعة 12.5 مليون دونم في عام 2008 وهي تشكل 57.5% من الأراضي القابلة للأرواء

- مساحة الأراضي المستصلحة 4.3 مليون دونم

- الاحتياجات المائية للاستخدامات الزراعية والبلدية والصناعية 49 مليار م 3 / سنة

- الاحتياجات المائية الإجمالية 70 مليار م 3 /سنة لتلبية مايلي :

- الاستخدامات الزراعية والبلدية والصناعية

- المتطلبات البيئية

- متطلبات الطاقة

- انعاش الاهوار

  استنادا إلى ماسبق يتبين لنا الحجوم الكبيرة للاستثمارات التي تمت في الدول المعنية، ناهيك عن الخطط المستقبلية التي تبنتها تلك الدول من أجل تنمية تلك المناطق اعتمادا على مياه النهرين مما يدل على الأهمية المصيرية بالنسبة لكافة الدول المعنية، إذ يشكلان العماد الرئيس للتنمية الزراعية والتطور الاقتصادي وتغطية متطلبات الأمن الغذائي وتوليد الطاقة الكهربائية.

2-5 : أهمية التعاون بين دول النهرين

  بداية لابد من الاشارة إلى أن منطقة حوضي نهري دجلة والفرات سوف تتعرض حتما لازدياد في الطلب على الموارد المائية لتلبية الاحتياجات التنموية المتزايدة في ظل التزايد السكاني، مما قد يتسبب في ازدياد التوتر بين الدول المعنية بموارد هذين النهرين، ناهيك عن التدهور البيئي الذي يمكن أن يتعرض له حوضي النهرين بسبب سوء الاستخدام وعدم وجود اتفاقيات تعاون واضحة لتجنب هذا التدهور، ولابد من التذكير هنا بالتوتر الذي حدث بين العراق وسوريا في سبعينات القرن الماضي عندما بدأت سوريا بملء بحيرة سد الفرات، وكاد أن يتطور الأمر إلى نزاع مسلح، وكذلك الأمر بين تركيا وسوريا عندما باشرت تركيا بملء خزان سد أتاتورك .

  ولاشك أن عدم التوصل إلى اتفاقيات نهائية توضح حصة كل من الدول في مياه النهرين سيبقى يشكل مصدر توتر في المنطقة. ناهيك عن الاختلاف بين تعريف النهرين من قبل تركيا والدول العربية المعنية، إذ أن تركيا تعتبر النهرين أنهارا عابره للحدود وبالتالي فإن لها السيادة الكاملة على إدارة مياه النهرين في أراضيها، في حين أن سوريا والعراق تعتبران النهرين كأنهار دولية. وبعيداً عن التفسيرات هذه والتي تدخل في جدل فلسفي فإنه لايمكن لأحد أن ينكر الحقوق المائية للدول الثلاث في اقتسام مياه النهرين، هذه الحقوق التي تعود إلى مايزيد عن أربعة آلآف عام ولايمكن لها أن تنسى هكذا، إضافة إلى ماذكرناه أعلاه من حجوم الاستثمارات الكبيرة التي بذلت والمخطط لها من قبل الدول المعنية والتي تتم حتى الآن بصورة أحادية ( unilateral) والعدد الكبير من السكان الذين يعيشون في حوضي النهرين والذي يقدر بما يزيد عن 25 مليون إنسان( UNEP 2010 ). ومن المتوقع ان يتفاقم الأمر سوءا في المستقبل إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تأثير التغيرات المناخية المتوقعة على تصريف النهرين، حيث تشير الدراسات إلى أن منابع نهري دجلة والفرات ستتعرض إلى انخفاض في الهاطل المطري في حدود 20 إلى 30 % مما سيؤثر سلبا على الجريان السطحي، إضافة إلى تأثير ارتفاع درجات الحرارة نتيجة التغيرات المناخية وانعكاس ذلك على الهاطل الثلجي في مناطق الينابيع المغذية لكلا النهرين، ويبين الشكلان 18 و19 هذه التاثيرات. إذ أن ارتفاع الحرارة بمقدار خمس درجات سيؤدي إلى انحسار الغطاء الثلجي من 170000كم2 إلى 33000 كم2 ، كما سيؤدي انخفاض الأمطار إلى نقص التغذية للمياه الجوفية في مناطق تغذية ينابيع نهري دجلة والفرات بمقدار 100% وان انخفاض الهطول المطري بمعدل 25% سيؤدي إلى انخفاض تصريف النهرين بنسبة 42% ( SMITH ,and al.2000 ).

  في الحقيقة فإن التوصل إلى اتفاقيات عادلة ومنصفة بين الدول المعنية يتطلب تصفية النوايا والثقة المتبادلة في مصير مشترك، وهذا الأمر يجب أن يتم بمعزل عن المصالح الجيو- استراتيجية إذ كما ذكرنا فإن المصالح الاستراتيجية لايمكن أن تلغي تاريخا مشتركا لشعوب المنطقة يعود إلى آلاف السنين، والنزاعات المسلحة لايمكن ان تفضي إلا إلى مزيد من الخراب والدمار لكافة شعوب الحوضين وحتى لتركيا التي تعتبر الأقوى من حيث القوة العسكرية والهيمنة، وحتى لو كانت دولة المنبع، إذ أن نشوب أي صراع مسلح سيؤدي بالضرورة ليس فقط إلى الدمار وإنما سيكون له انعكاسات إنسانية واقتصادية من حيث تكاليف العدة والعتاد ودمار المنشآت والمشاريع الاقتصادية التي تم بناؤها لصالح شعوب المنطقة، ناهيك عن العداوات التي يمكن أن تنشأ بين الشعوب ويمكن أن تستغل من قبل البعض في صراعات تخرج عن الهدف الذي انطلقت من أجله .

  ووفقاً للمعلومات المتاحة فإن نقطة الخلاف الأساسية بين الدول العربية (العراق وسوريا) من جهة وتركيا من جهة ثانية فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق نهائي هو أن تركيا تطالب بان يكون هناك إدارة متكاملة للنهر يتم في بدايتها إجراء حصر للأراضي الزراعية والاحتياجات المائية يتم في ضوئها تحديد الحصص، في حين أن الدول العربية تقول بأنه لا يمكن الحديث عن إدارة ناجحة وثابتة ومازالت دولتي المجرى الأوسط والأسفل لا تعلمان لتاريخه مقدار حصتهما من مياه النهرين من خلال اتفاقية نهائية بين الأطراف الثلاثة المعنية، وبعد أن يتم التوقيع على هذه الاتفاقية وحصول كل طرف بموجبها على حصته العادلة والمعقولة من مياه كل حوض، يتم تشكيل لجنة فنية مشتركة لإدارة كل حوض مشترك (دجلة والفرات) على حده نظراً لخصوصية كل منهما واختلاف ظروفه، وتكون مهام هذه اللجان كبيرة حيث يمكن بالإدارة الحكيمة والرشيدة تجنيب البلدان الثلاثة أي مخاطر طبيعية مثل الجفاف، الفيضان، وكذلك حسن الاستفادة من إيرادات النهر في الأوقات المناسبة وفقاً لخطط كل دولة بناءاً على طلبها.


شكل رقم 18 : تأثير مساحة الغطاء الثلجي في أعالي حوض نهر الفرات على تصريف النهر

شكل رقم 19 : تأثير انخفاض الهاطل المطري في أعالي حوض نهر الفرات على تصريف النهر

  وعلى الرغم من تحسن العلاقات السياسية بين الدول العربية وخاصة بين سوريا والعراق وتركيا، وانعكاس ذلك على التبادل التجاري فيما بينها، فإن التفاهم مازال محدودا فيما يتعلق بالتوصل إلى اتفاق نهائي ومنصف لموارد مياه النهرين وحتى بين العراق وإيران، فإن الجو الإيجابي السياسي فيما بينهما لم يسمح حتى الآن بالتوصل إلى أي اتفاق، وبالتالي فإن هذا الموضوع مازال يشكل بؤرة توتر بين الدول العربية المعنية وكل من تركيا وايران، ومازالت تركيا تتعامل مع الدول العربية بمياه هذين النهرين كصدقة تعطيها إلى الدول العربية. فعلى سبيل المثال عند زيارة الرئيس التركي غول إلى العراق في عام 2009 حيث كان الجفاف يسيطر على العراق - وافق على منح العراق كميات إضافية من نهر الفرات وصلت إلى 130م3/ثانية ( حوالي 4 مليار م3) إلا أن هذا الأمر توقف مع نهاية عام 2009 .

  ولقد تم الاتفاق بين الدول الثلاث تركيا وسوريا والعراق على تشكيل لجنة عليا على مستوى وزراء المياه للتشاور، وعقدت هذه اللجنة اجتماعات عديدة ومع ذلك فمازال موضوع اقتسام مياه النهرين دون حل جذري، ومازالت تركيا تطالب بأن يتم إجراء تحديد سنوي للاحتياجات يتم من خلاله توزيع المياه بين الدول الثلاث وذلك بحجة أن الموارد المتاحة في النهرين لايمكن أن تغطي كافة الاحتياجات التي تطلبها كل دولة على حدة، أي أن تركيا تحاور على تشكيل إدارة مشتركة للنهرين تعتمد على تبادل المعلومات والرصد. أي بمعنى آخر فإن حصة كل من سوريا والعراق سوف تتبدل تبعا للاحتياجات ومدى كفاءة استعمال المياه بصورة خاصة في الزراعة. أي ان كلا من سوريا والعراق ليس بمقدورهما وضع خطط متوسطة وبعيدة المدى بالنسبة للتنمية في المنطقة. وفي الحقيقة فقد تقدمت تركيا (مقترح وزارة الخارجية التركية في عام 2004 ) بمقترح يعتمد على ثلاثة مبادىء تشمل تعظيم الاستفادة من المياه، والتوزيع المنصف، والاستخدام العقلاني لمياه نهري الفرات ودجلة. ولكن هذا المبدأ رفض من قبل سوريا والعراق عندما عرض لأول مرة في عام 1984 وبعدها في عام 1990 و1993 وكذلك في عام 2004

(Three-Staged Plan for Optimum, Equitable and Reasonable Utilization of the transboundary Watercourses of the Euphrates-Tigris Basin”)

  من جهة ثانية لابد من الإشارة هنا إلى أن كافة التفاهمات التي تمت حول توزيع الحصص لا تأخذ بعين الاعتبار نوعية المياه، خاصة وأن جزءا كبيرا من مياه النهر تستخدم في الري سواء في تركيا أو في سوريا، وبالتالي فإنها تكون محملة ببواقي الأسمدة والمبيدات، إضافة إلى الملوحة المرتفعة وخاصة بعد استخدامها في الري ضمن الأراضي السورية التي تتميز بملوحة مرتفعة نتيجة انتشار الأملاح وخاصة الجص في تلك المناطق، وبالتالي فإن ما يصل إلى العراق من مياه نهر الفرات هو عبارة عن مياه مالحة يصعب الاستفادة منها في الري، حيث تشير بعض الإحصائيات العراقية إلى أن ملوحة مياه نهر الفرات عند دخوله الأراضي العراقية من سوريا تتجاوز 3 غرام بالليتر، وتزداد هذه الملوحة تدريجيا داخل العراق نظراً لمرور النهر في أراضي جصية، وبالتالي تصبح مياه النهر في العراق الأوسط غير قابلة للاستعمال. ولاشك أن هذا الموضوع سيؤدي أيضا إلى زيادة التوتر بين الدول، خاصة وان لدى العراق خططاً كبيرة للتنمية الزراعية بعد سنوات الحروب التي عانى منها .

  وقد تم الاتفاق مؤخرا بعد تشكيل المجلس الأعلى السوري التركي للتعاون ( 2009-2010 ) على التركيز على إيجاد نقاط للتعاون والاتفاق والبناء عليها بدلا من التركيز على نقاط الخلاف، وقد يكون هنا موضوع التركيز على التشاور وتبادل المعلومات فيما يتعلق بتنظيم أعمال الرصد ومواصفات القياس (monitoring, norms, standards ) نقطة البداية لحوار بناء بين الدول الثلاث. فهذا الأمر يحد من الأضرار الناجمة عن تنفيذ الدول لمشاريع بصورة أحادية الجانب.

  وأخيرا لابد من الاشارة إلى مبدأ هام وهي أن الدول تتعاون عندما تشعر بأن في هذا التعاون فائدة لها وأن التعاون سيجلب الفائدة للجميع سواء للبلد بحد ذاته أو للسكان المحليين، وبالتالي لابد من البناء على هذه المبادىء للتوصل إلى اتفاق يضمن الحقوق المائية للدول المشتركة في ذات المورد المائي. وفي الحقيقة فإن ضرورة التوصل إلى اقتسام نهائي لم يصل بعد إلى الدرجة الحرجة نظرا لأن تركيا مازالت تتمتع بموارد مائية جيدة لم يتم استنفاذها بعد، وهذا الأمر يمكن أن يحدث عند استكمال مشروع ري شرق الأناضول من جانب تركيا وازدياد الحاجات المستقبلية للري. هذا المشروع الذي صمم على نهر مشترك من أجل أن تستفيد منه تلك الدولة دون النظر إلى مصالح الدول في المجرى الأدنى ودون أن يكون هناك اتفاق مع تلك الدول .

  من جهة ثانية هناك الكثير من التجارب على مستوى العالم التي يمكن الاقتداء بها والتي بدأت بالصراعات نتيجة الاجراءات الأحادية الجانب، إلا أنها انتقلت بعد ذلك للتنسيق ومن ثم التعاون وأخيرا التعاون المشترك من أجل تنفيذ مشاريع مشتركة. إن هذه السلسلة تتطلب بداية الإيمان بأن النزاع لايحل أي مشكلة وان الحوار هو الأساس في تلبية المصالح المشتركة، وأن مصالح شعوب المنطقة تتطلب هذا الحوار بعيداً عن التدخلات السياسية والهيمنة، فالشعوب في النهاية ومهما بلغت القوة العسكرية لا يمكن أن تقهر .

سادسا : الخلاصة والمقترحات

  لقد عرفت مناطق مابين نهري دجلة والفرات بأنها كانت مهدا لحضارات عريقة عرفت فيها الزراعة والري منذ تلك الأزمنة الغابرة . وقد شكلت موارد النهرين في العصر الحديث أيضا مصدرا لتنمية زراعية لكافة الدول المعنية. ولقد تمازجت شعوب تلك المنطقة فيما بينها لتقدم للانسانية حضارة تشهد على عظمتها الأوابد التاريخية التي مازالت قائمة حتى الآن ومنها أنظمة الري والصرف في مدينة ماري الأثرية في شمال شرق سوريا .

  لقد خضعت عملية اقتسام مياه نهري دجلة والفرات مابين الدول المعنية إلى عملية شد وجذب منذ منتصف القرن الماضي وهذا ما وضحته هذه الورقة، ومع ذلك ومع مرور كل هذا الزمن لم يتم حتى الآن التوصل إلى اتفاق نهائي يوضح حصة كل دولة من الدول المعنية في مياه النهرين ومازال هذا الأمر يشكل بؤرة توتر في المنطقة ويهدد بنشوب نزاعات قد تتطور إلى نزاعات مسلحة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي، خاصة وأن كل دولة من الدول الثلاث وهي تركيا وسوريا والعراق قد أقامت العديد من المشاريع التنموية في المنطقة وصرفت في سبيل ذلك الأموال الطائلة، وهناك ما يزيد عن 25 مليون نسمة من الدول الثلاث يعيشون في منطقة النهرين، وفي الحقيقة قد يصل العدد إلى 50 مليون إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن كامل الشعب العراقي الذي يصل تعداده إلى حوالي 30 مليون نسمة يعيش من موارد النهرين. إضافة إلى ماسبق فإن الدراسات الحديثة تشير إلى أن التغيرات المناخية سوف تؤثر على مناطق منابع النهرين سواء من حيث الأمطار التي من المتوقع أن تنخفض بمعدل 20%، إضافة إلى حدوث ارتفاع في درجات الحرارة، وكلاهما سيؤثران سلبا على موارد النهرين ويزيدان من تفاقم الأمر سوء ا في ظل التزايد السكاني في المستقبل .

  وعلى الرغم من العلاقات الجيدة التي سادت في السنوات الأخيرة مابين الدول العربية المعنية وتركيا وكذلك مع إيران فإنه لم يتم حتى الآن التوصل إلى اتفاق نهائي حول اقتسام موارد النهرين بصورة عادلة ومنصفة ومازال هذا الموضوع يخضع لاجتماعات ومناقشات عديدة وخلاف واضح مابين الفرقاء حول طريقة تداول هذا الموضوع وهذا مابينته الورقة .

  غير أنه ورغم هذه المماطلات من الجانب التركي والايراني فلابد للدول العربية المعنية أن تستمر في محاولاتها مستخدمة كافة الأساليب الممكنة ومن بينها العامل الاقتصادي وحتى السياسي، ولابد للدول العربية مجتمعة ومن خلال جامعة الدول العربية بالفعل وليس بالكلام أن تدعم تلك الجهود من خلال ممارسة مزيد من الضغوط على تركيا وإيران للتوصل إلى اتفاقيات منصفة حتى نجنب المنطقة مزيدا من النزاعات في المستقبل، فهذه النزاعات سوف تكون حتمية في حال عدم التوصل إلى اتفاقيات نهائية وذلك في ظل التزايد المستمر للسكان ومتطلبات التنمية المختلفة في كافة البلدان المعنية. ويجب أن لا نعوّل كثيرا على المجتمع الدولي في هذا الدعم إذا لم نتمكن نحن من تحديد رؤانا حول هذا الأمر والاتفاق على خطة عمل تكفل في النهاية التوصل إلى اتفاق مرضٍ وهذه الرؤية يمكن أن تبدأ من التركيز على توفير المعلومات الدقيقة عن الموارد المائية المتاحة في النهرين والاستثمارات، وتحديد الاحتياجات وتنفيذ الدراسات اللازمة لتحديد التغيرات المناخية المحتملة ورفع كفاءة استعمال المياه في وحدة المتر المكعب من الماء وفي وحدة المساحة من الانتاج الزراعي. كلها نقاط يمكن للمحاور العربي أن يناقش فيها على أرض الواقع بدلا من الافتراضات والغيبيات التي لا تجد نفعا في مثل هذه المجالس ..

  وقد يكون من المفيد البدء بشكل فعلي في وضع خطة عملية بالتشاور بين كافة الدول المعنية حول أسلوب الرصد وجمع المعلومات ( الكمية والنوعية ) على مدخل النهرين في كل قطر ( الحدود السورية –العراقية والحدود السورية التركية والحدود الايرانية العراقية ) حتى لايكون هناك خلاف حولها عند مناقشتها ويكون الرقم المتحصل عليه موافقا للمواصفات العالمية. إن تنفيذ هذه المنهجية يمكن أن يساعد في إزالة الخلافات حول الأرقام والالتفات إلى مواضيع أكثر عمقا. ولاشك أن تنظيم اجتماعات دورية بين اللجان الفنية لتبادل المعلومات يفيد في تقريب وجهات النظر ويسمح بمعرفة بماذا يفكر الطرف الآخر مما يساعد في التوصل إلى نتائج مرضية خلال كل اجتماع. كما أن تنظيم اجتماعات دورية على مستوى الوزراء يساعد بدوره في استمرار التواصل وتقريب وجهات النظر والتنسيق لتجنيب المنطقة أية نزاعات قد تؤدي إلى خسائر مادية وبشرية كبيرة، إضافة إلى ظهور العداوات بين شعوب عاشت لقرون طويلة في تفاهم تام .

المراجع العربية :

- عادل عبدالسلام ( 1971) : جغرافية البلاد العربية , جامعة دمشق –سوريا

- وزارة الموارد المائية العراقية ( 2010 ) : الوضع المائي في العراق .عرض تقدمت به الوزارة إلى المجلس الوزاري العربي للمياه –القاهرة .

-ACSAD – UNEP( 2001) : Water Resources of Euphrates and Tigris ,166pp.ACSAD Publication.

- Bagis, Al.( 2000): TURKEY,s South Anatolia project ( GAP) and the water conflict in the Middle East .Hacettepe University ,6532,Beytep,Ankara Turkey.

-Hydropolitical Vulnerability and Resilience along International water UNEP 2009

- IUCN ( 2008) ; Share ,Managing water across boundaries ,95pp.

-Smith, R.B., J. Foster, N. Kouchoukos, .A. Gluhosky, R. Young, J. Zhang, 2000 Hydrologic Trends in the Middle East: Modeling and Remote Sensing

Yale University ,E. DePauw, ICARDA.

-UNEP ,ACSAD,AGU ( 2010);Assessment of fresh water resources vulnerability to climate change,98pp.

- UNESCO( 2009) ; Climate change ,water security and possible remedies for the Middle East,The United Nation World Assessment Program ,36pp.

* منافذ سفلى Bottom Outlet تشغل أثناء فترات الفيضان والجفاف.

** قيم أخرى في المناسيب الفيضانية الاستثنائية (حسب مراجع مختلفة)






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا