التسميات

الجمعة، 25 أغسطس 2017

دور البحث العلمي في تطوير العلوم الإنسانية - دكتورة نورة إبراهيم الصويان ...

دور البحث العلمي في تطوير العلوم الإنسانية

دكتورة نورة إبراهيم الصويان
أستاذ مساعد علم الاجتماع .وكيلة الدراسات العليا والبحث العلمي لأقسام الطالبات - كلية التربية جامعة المجمعةالمملكة العربية السعودية

مقدم إلى
المؤتمر الدولي "العلوم الإنسانية الواقع والمأمول"
جامعة الإسراء 7-8 أيار2014
تمهيد:
أصبحت الحاجة إلى البحث العلمي في وقتنا الحاضر أشد منها في أي وقت مضى؛ حيث أصبح العالم في سباق محموم للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المثمرة التي تكفل الراحة والرفاهية للإنسان، وتضمن له التفوق على غيره.

وبعد أن أدركت الدولُ المتقدمة أهمية البحث العلمي وعظم الدور الذي يؤيده في التقدم والتنمية أولته الكثير من الاهتمام، وقدمت له كل ما يحتاجه من متطلبات سواء أكانت مادية أم معنوية؛ حيث إن البحث العلمي يعُتبرالدعامة الأساسية للاقتصاد والتطور، ويعد ركناً أساسياً من أركان المعرفة الإنسانية في ميادينها كافة، كما يعد أيضاً السمة البارزة للعصر الحديثفأهمية البحث العلمي ترجع إلى أن الأمم أدركت أن عظمتها وتفوقها ترجع إلى قدرات أبنائها العلمية والفكرية والسلوكية، ومع أن البحوث تحتاج إلى وسائل كثيرة معقدة وتغطي أكثر من مجال علمي وتتطلب الأموال الطائلة، إلا أن الدول المدركة لقيمة البحث العلمي ترفض أي تقصير نحوه، لأنها تعتبر البحوث العلمية دعائم أساسية لنموها وتطورها.( الدهشان، 2008)
ترتبط عملية تطور المعرفة العلمية بالبحث الدائم عن مناهج وطرائق جديدة لمعالجة المسائل النظرية والتطبيقية وإيجاد الحلول لها .وتبعاً لذلك فإننا نشهد في المرحلة المعاصرة تطور كثيرٍ من الاتجاهات العلمية التي تميز عمليةالتنظيم والتصنيف والتعميم النظري و التوجه نحو تركيب المعارف المكتسبة. (دويدري، 2000)
ومن المؤكد أن العلاقة بين النظرية والبحث العلمي علاقة متينة، بحيث لا يستغني أحدهما عن الآخر، فالنظرية بدون البحث العلمي الذي يمدها بحقائق جديدة ويمتحن صحتها باستمرار، لا يمكن عديمة الجدوى، لأنها قد تبقى مجرد تجريد لا يعكس الواقع، والبحث العلمي بدون توجيه نظري مثله مثل البحار الذي لا يمتلك بوصلة.
   ويقوم البحث العلمي بدور هام في تطوير النظرية، فيتم إثراء أو تعديل النظرية حسب النتائج الجديدة التي توصل إليها البحث العلمي، كما يُساهم في إعادة صياغة النظرية وتوسيع نطاقهاوأحيانا إعادة تحديد محور اهتمام النظرية، عندما يبتكر البحث أساليب وإجراءات جديدة، يستعين بها في جمع الحقائق وتحليلها، فيوجِّــه اهتمام النظرية نحو موضوعات جديدة (الهمالي، 1994، ص48-54.(
أولاًإشكالية الدراسة:
تعد النظرية التتويج النهائي للمنهج العلمي وحصاد خطواته الأخيرة ، فكل ما يهدف إليه المنهج العلمي موجود في النظرية العلمية دائماً ، فهي تحشد الوقائع والمفاهيم والفروض والقوانين في سياق واحدٍ ملتئمويتوقف صدقالنظريات على ما فيها من تطابق مع الواقع ، إِذ إن ما يستخلص منها من النتائج ينبغي أن يكون قابلاً للتحقيق.
وقد وضع أوجيست كونت الأسس المنهجية لعلم الاجتماع والذي يستند أساساً إلى الفكرة التي مؤداها أن المفهومات مشتقة من الواقع وأن الظواهر خاضعة لقوانين عامةوالمعرفة الوضعية تستمد عن طريق عدد من المصادر والإجراءات هي (الملاحظة، التجربة، المقارنة، المنهج التاريخي) (محمد ، 1983).
أي أن دراسة الوقائع الاجتماعية تستند إلى محاولة فهم المعارف التي تتخلل الواقع الاجتماعي وذلك بالكشف عما بين هذه العناصر من علاقات منطقية ذات معنىومن ثم كانت وسيلة الفهم إيجاد الترابط المناسب بين أجزاء الواقع الاجتماعي لتؤلف أنساقاً كلية يستند كل نسق منها إلى ما بين الأجزاء التي يأتلفها النسق من دلالات منطقية، تكشف عن معنى معين.
وقد دعا كونت إلى استخدام المنهج الوضعي في الدراسات الاجتماعية، ولذا فهو يهدف من وراء هذا المنهج إلى دراسة الظواهر الاجتماعية دراسة وضعية تحليلية منظمة لمعرفة ما تخضع له من قوانين ولفهم الظواهر الاجتماعية على الطريقة الوضعية.
ويهدف الباحث في البحوث الأساسية إلى توسيع آفاق المعرفة دون الالتفات إلى التطبيقات العلمية، وإن كان يمكن للعلماء استثمار هذه المعرفة العلمية في حل المشكلات القائمة، والحصول من خلالها على فوائد اجتماعية مختلفة ، وهو معني بالكشف عن حقائق، ونظريات علمية جديدة .
وطبقًا للمنهج العملي Practical approach يتم التوصل إلى مجموعة المبادئ التي تتكون منها النظرية عن طريق الملاحظة واختبار التطبيق العملي، حيث تعتبر أن مجموعة الممارسات العملية هو الأساس في تحديد النظرية، وبالتالي فإن أي نظرية ليست لها استخدامات عملية تعتبر نظرية غير سليمة .
وتتمثل إشكالية الدراسة في التعرف على دور البحث العلمي في تطوير العلوم الإنسانية ، وذلك من منطلق أهمية البحث العلمي في تطوير موضوعات الدراسة في العلوم الإنسانية، بالإضافة إلى تطوير النظرية عن طريق التحقق من الفروض العلمية ، وأيضاً تطوير مناهج البحث العلمي في العلوم الإنسانية.
ثانياًأهداف الدراسة:
هدفت الدراسة إلى التعرف على دور البحث العلمي في تطوير موضوعات ونظريات ومناهج العلوم الإنسانية. ويتفرع منه عدة أهداف هى:
  1. التعرف على دور البحث العلمي في تطوير موضوعات العلوم الإنسانية.
  2. التعرف على إسهامات البحث العلمي في تطوير النظريات الاجتماعية.
  3. التعرف على دور البحث العلمي في تطوير مناهج البحث في العلوم الإنسانية.
ثالثاًتساؤلات الدراسة:
حاولت الدراسة الإجابة على تساؤل رئيس فحواهما دور البحث العلمي في تطوير العلوم الإنسانية.
ويتفرع منه عدة تساؤلات هى:
  1. ما دور البحث العلمي في تطوير موضوعات العلوم الإنسانية؟
  2. ما إسهامات البحث العلمي في تطوير النظريات الاجتماعية؟
  3. ما دور البحث العلمي في تطوير مناهج البحث في العلوم الإنسانية؟
رابعاًمنهج الدراسة:
   اعتمدت الدراسة على منهج المسح الاجتماعي بالعينة لبعض البحوث العلمية التي أسهمت في تطوير العلوم الإنسانية سواء على مستوى الموضوعات أو النظريات أو المناهج. وذلك باعتبار المسح الاجتماعي ليس مجرد حصرأو جرد لما هو قائم بالفعل(البحوث) أو مجرد وصف للأحوال الحاضرة بل يتعدى ذلك الى عمليات أخرى بالتحليل والتفسير والمقارنة واستخلاص النتائج.
خامساًالإجابة على تساؤلات الدراسة:
الإجابة على التساؤل الأول وهوما دور البحث العلمي في تطوير موضوعات العلوم الإنسانية؟
يوجد تعاريف كثيرة للبحث العلمي ومنها هو مجهود منظم ومسلسل بطريقة علمية للتعرف على مشكلـة معينة ومحاولة  حلها(وصفي, 2003 :31). ويعرفه تركمان كما جاء في عليان ، 2003) بأنه محاولة منظمة للوصول إلى إجابات أو حلول للأسئلة أو المشكلات التي تواجه الأفراد أو الجماعات في مواقفهم ومناحي حياتهم(عليان, 2003,  17).
يُعرف البحث الاجتماعي بوصفه وسيلة لغاية ما، بمعنى أنه يستهدف حل مشكلة عملية أو منهجية، كما يستهدف كشف العلاقات بين البيانات المتراكمة، أو التحقق من صدقها بواسطة المنهج العلمي. عمل فكري منظم يقوم به شخص مدرب وهو الباحث من أجل جمع الحقائق وتنظيمها وتفسيرها وربطها بالنظريات والحقائق بهدف التوصل إلى حل مشكلة أو للإضافة إلى المعرفة في حقل من حقول المعرفة. 
فمن خلال تحديد أهمية البحث (Significance  of  the Research) يحدد الباحث في هذا الجزء التبريرات والدواعي العلمية والعملية التي تتطلب إجراء البحث، والأثر الذي ينتج عنه سواء في النظرية أو الممارسة العملية، وكيف يسهم في حل المشكلة التي تمثل موضوع البحث، وما الإضافة التي يمثلها إلى الإنتاج الفكري في المجال الذي ينتمي إليه الباحث.
ويساعد البحث العلمي على إضافة المعلومات الجديدة وعلى إجراء التعديلات الجديدة للمعلومات السابقة بهدف استمرار تطورها. ويفيد البحث العلمي في تصحيح بعض المعلومات عن الكون الذي نعيش فيه وعن الظواهر التي نحياها وعن الأماكن المهمة والشخصيات.. وغيرهاويفيد أيضا في التغلب على الصعوبات التي قد نواجهها سواء كانت سياسية أو بيئية أو اقتصادية أو اجتماعية.. وغير ذلك(المقبول ، 2005).
فيما يخص أهداف البحث العلمي التي يهدف إلى تحقيقها بصفة عامة :
1)       زيادة المعارف في كل المجالات العلمية سواء في العلوم الطبيعية أو العلوم الإنسانية .
2)       تزويد متخذي القرار سواء في الأمور السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية بأسس سليمة يمكن الاعتماد عليها في قراراتهم .
3)       تفسير الظواهر التي تجري في بيئة الإنسان ومحاولة إيجاد العلاقات بينها وبيـن الظواهـر الأخـرى على أساس مبدأ العليـة أو السببيـة أي أن لكـل سبب مسبب(جودة ، 2003  13).
قد تعددت الموضوعات التي تم استحداثها من خلال البحث العلمي ومن هذه الموضوعات:
  1. موضوعات تتعلق بتنظيمات المجتمع المدنى وذلك في ظل انتشار تنظيمات المجتمع المدني، وتعاظم أدوارها سواء كانت أدوار رعائية أم أدوار تنموية أم أدوار تتعلق بحقوق الإنسان، خاصة في ظل تراجع دور الأنظمة في العديد من المجالات.انظرالجنحاني،1999)
  2. موضوعات تتعلق بقضايا وتأثيرات العولمة: حيث كان للعولمة آثار هامة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسيةإضافة إلى المجالات العلمية وغيرها من المجالات.
  3. موضوعات تتعلق بالتنمية المستدامة([*]): وذلك في ظل استحداث قضايا التنمية المستدامة على مجال البحث العلمي، في ظل استهلاك الموارد الطبيعية ، ومدى مراعاة احتياجات الأجيال اللاحقة من هذه الموارد.
  4. موضوعات تتعلق بالمرأة المعيلة وتأنيث الفقر: وذلك حيث برزت هذه القضية في ظل انتشار أنماط الأسر النووية، والتى أدت إلى تحمل المرأة لأعباء الأسرة بعد غياب الزوج. والقضايا بفقر المرأة، ومظاهر ومؤشرات الفقر، وأساليب التكيف الاجتماعي والاقتصادي لمواجهة الفقر
  5. موضوعات تتعلق بحقوق المرأة: وذلك في ظل تزايد طرح قضية الحقوق من خلال وسائل الإعلام ، وانتشار نماذج لحقوق المرأة في المجتمعات الغربية.
  6. موضوعات تتعلق بظاهرة الإرهاب: حيث تم استحداث صور للإرهابفالإرهاب الإلكتروني هو استخدام التقنيات الرقمية لإخافة وإخضاع الآخرينأو هو القيام بمهاجمة نظم المعلومات على خلفية دوافع سياسية أو عرقية أو دينية وذلك في تنوع صور الإرهاب، واستحداث صور جديدة للإرهاب، والجرائم الإلكترونية.
  7. موضوعات تتعلق بنوعية وجودة الحياة: وذلك أن نوعية الحياة نتاج كلي لمجموعة من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية وحتى السيكولوجية، وأن نوعية وجودة الحياة تتكامل فيها الجوانب الموضوعية التي تشكل مدخلات نوعية الحياة مع الجوانب الذاتية.
  8. موضوعات تتعلق بالجودة الشاملة: يُعد عقد التسعينات من القرن العشرين هو عقد الجودة الشاملة Total Qualityأدرك ويليام إدواردز ديمنج في دراساته أن الموظفين وحدهم الذين يتحكمون بالفعل في عملية الإنتاج، طرح نظريته المسماة "دائرة ديمنجوتقوم تلك النظرية على أربعة محاور هامة (خطط، نفذ، افحص، باشر). (Deming, W. Edwards ,2000)
الإجابة على التساؤل الثاني وهو: ما إسهامات البحث العلمي في تطوير النظريات الاجتماعية.
إذا كانت النظرية تؤدي وظيفة تفسيرية مقيمةً خواص الموضوع وجوانبه وروابطه فإن المنهج يؤدي وظيفة تنظيمية مبيناً أكثر العمليات ضرورة للإنجاز من أجل التعمق المستمر للمعرفة عن الموضوع.
ترتبط عملية تطور المعرفة العلمية بالبحث الدائم عن مناهج وطرائق جديدة لمعالجة المسائل النظرية والتطبيقية وإيجاد الحلول لها .وتبعاً لذلك فإننا نشهد في المرحلة المعاصرة تطور كثيرٍ من الاتجاهات العلمية التي تميز عمليةالتنظيم والتصنيف والتعميم النظري والتوجه نحو تركيب المعارف المكتسبة، وليست المناهج التقليدية في حالة تؤهلها لمعالجة هذه المسائل ، لذلك ظهرت ضرورة إيجاد أسس منهجية واحدة تسمح بالتوحد العضوي لمختلف المداخلالعلمية في توجه عام.(دياب ، 2010، ص656)
تقوم البحوث النظرية بوضع تصور للإطار النظري للظواهر الاجتماعية والإنسانية ذات العلاقة المباشرة بالنماذج المثالية أو ما يجب أن تكون عليه المفاهيم من حيث اعتمادها على معايير أو مقاييس قابلة للقياسكذلك تعدالنظرية التتويج النهائي للمنهج العلمي وحصاد خطواته الأخيرة، فكل ما يهدف إليه المنهج العلمي موجود في النظرية العلمية دائماً، فهي تحشد الوقائع والمفاهيم والفروض والقوانين في سياق واحدٍ ملتئمويتوقف صدق النظريات علىما فيها من تطابق مع الواقع، إِذ إن ما يستخلص منها من النتائج ينبغي أن يكون قابلاً للتحقيق.(الجديلي ،2011، ص20)
العلاقة بين النظرية والبحث العلمي علاقة متينة، بحيث لا يستغني أحدهما عن الآخر، فالنظرية بدون البحث العلمي الذي يمدها بحقائق جديدة ويمتحن صحتها باستمرار، لا يمكن وعديمة الجدوى، لأنها قد تبقى مجرد تجريد لا يعكس الواقع، والبحث العلمي بدون توجيه نظري مثله مثل البحار الذي لا يمتلك بوصلة، ولا يعرف يهتدي بالنجوم وغيرها.
إنّ المبدأ المسَلَم به لدى علماء الاجتماع هو وجود الترابط والعلاقات التبادلية بين النظرية والبحث الميداني إذ كانت النظرة السائدة هي الاهتمام لإظهار دور النظرية في البحث الميداني ولكن الحقيقة هي أنّ البحث الميداني هوصاحب الدور والفضل أيضاً في إثبات وبناء النظريةفلولا المسح البياني لما حصلنا على نظرية فاعلة ولولا النظرية لما أنجزنا مسحاً ميدانياً صحيحاً يخرج باستنتاج وخلاصة ترتكز عليها أسس النظرية فالنظرية هي التي تقومبتفعيل وتنشيط البحث الاجتماعي وبالوقت ذاته يقوم البحث برفد ودعم وتعزيز ما تصبوا إليه النظرية من برهنته المرتكزات الفكرية التي تستند عليها مثل (المفاهيم والنصوص والقضايا والقوانين أو نقض مرتكزات نظرية أخرى تختلفمعها في الرؤيا والمنهج لا توجد نظرية بدون معلومات ولا توجد معلومات دون ميدان حقيقي يعكس حياة الناس قبل جوانبها إنّ من أهم غايات المعرفة هي التوصل إلى معرفة حقيقية وصادقة  للواقع البيئي للإنسان وبما في ذلكعلاقته بالبيئة بوجهيها الطبيعي والاجتماعي وما دام علم الاجتماع  هو أحد أركان المعرفة العلمية في العلوم الاجتماعية يستهدف تحقيق ذلك وخاصة الجانب الاجتماعي وسنوضح أدناه تلك العلاقة التبادلية بين وظائف النظرية وبينالبحث الميداني :
   تبدأ بالصورة التي يرسمها الواقع في شبكية عين النظرية كما تصوّر ذلك مجازاً في علم التشريح ففي تصور الواقع نعلم أنّ النظرية هي نسق معرفي منتظم ومنطقي يمثل تصوراً عقلياً مجرداً للواقع وهذا النسق فيه بيان مفصلللواقع الاجتماعي ومكوناته وارتباطاته البنائية والوظيفية بين هذه المكونات هذه التفاصيل تراها النظرية كذلك على شكل صورة عامة مجملة للواقع الاجتماعي الشامل إذن هي ترى صورة الواقع الاجتماعي بإطارها العام الذي يجمعكل التفصيلات وبنفس الوقت هي ترى النسق بتفصيلاته الدقيقةومن فوائدها الأخرى.
وتحديد البيانات المطلوبة في البحث الميدانياقتصاديةاجتماعيةسياسيةثقافيةشخصيةإذ أنّ البيانات لا بدّ أن تتحدد وفق مفاهيم ومتغيرات تستمد من النظرية وربما قد يكشف الباحث عناصر وبيانات جديدة من خلال بحثهتصبح مصدراً لإثراء النظرية(عمر ، 1992 ، :121)
وكما يوضح أيضا لوبي دال بايل " Loubet del Bayle فإن النظرية بوصفها ثمرةً لدراسات مستفيضة للوقائع والظواهر تُصاغ على شكل مفاهيم وقضايا وقوانين، وتقدم فكرة الوقائع، فهي تستند على المعرفة العلمية، ولكنها وبسبب اعتمادها على دور العقل المنظر تسعى لتجاوز المعرفة العلمية المُتاحة.    (J.L.Loubet del Bayle,1978.p:124)
كما أن الجهد العلمي لعدد من الباحثين في مجال معين من مجالات العلم يثمر مجموعة من القضايا أو الفرضيات التي يمكن أن تتكامل لتصبح توجها أو موقفا فيما يتعلق بمشكلة واقعية محددة.
إن البحث يعد من آليات النظرية الاجتماعية والتي من خلالها يمكن أن يتم تبرير أو إثبات البرهان على أحد أهدافها أو القضايا الجوهرية فيه، ومنه يمكن القول أن البحث العلمي إذا تجاهل دوره فإن النظرية تفقد براهينها ومصداقيتها، وهـذا لأن البحـث العلمي هو المصدر الرئيس للأحداث الاجتماعية المستمدة من الواقع بكل موضوعية.
    انصبت معظم البحوث في اختيار الفرضيات والتحقق من صحتها ويمكن سحب هذه الوظيفة على النظرية والمعرفة العلمية بشكل عام إذ يفترض أن البحث يرتكز على فرضيات تعطي دلالات يتم إخضاعها ميدانياً للاختباروالتحقق بحيث تعطي النتائج الميدانية أما قبولها أو رفضها بالإضافة إلى ذلك هناك وظائف أخرى للبحث الميداني كما يرى ميرتون 1957 ذو علاقة بنظرية قائمة أو باكتشاف نظرية جديدة هي(Merton, 1957)
  • اكتشاف فرضيات جديدة غير متوقعه: إنّ البحث الجيد والدقيق لا يقف عند اختيار الفرضيات والتحقق منها بل قد يؤدي من حيث نتائجه إلى تشكيل نظرية إذ باكتشافه لفرضيات جديدة مصادفة خلال دراسته الدقيقة للواقع تصبحهذه الفرضيات الجديدة أساساً لبناء نظرية جديدة لأنّ أي اكتشاف لبيانات وعلاقات جديدة بالبحث الميداني لا تتضمنه نظريات سابقة يؤدي إلى إمكانية بناء نظرية جديدة أو قد يفيد ذلك في إعادة تشكيل وبناء نظريات قائمة وماتتضمنه من افتراضات .
  • إعادة تعريف معنى المفاهيم ودلالاتها : إنّ المفاهيم هي أساس البناء النظري الأمر الذي يشترط الدّقة في تعريفها وتحديد المؤشرات الدقيقة والكاملة والواضحة لمعاني هذه المفاهيم وهنا قد يساهم البحث الميداني في اكتشافأوجه جديدة لمعنى المفهوم مما يؤدي إلى زيادة الدّقة في تعريف المفهوم وصحّة المؤشرات التي تشير إلى معناه في الواقع الحقيقي وهذا يحقق دقّة في تطابق النظرية مع المضمون الذي تعبر عنه تلك النظرية .
أمثلة لبعض النظريات:
(1)  البحث العلمي وتطور الاتجاه الوظيفى : شكلت الدراسات الأنثروبولوجية الحقلية رافداً رئيسياً فى نشأة وتطور الاتجاه الوظيفي فى كل من الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع .نجد أن علم الأنثروبولوجيا ، وهو العلم الذى يهتم بإجراء الدراسات الحقلية فى نطاق المجتمعات البدائية  خاصة فى مرحلة البدايات الأولى  قد ساهم هو الآخر فى تطوير عديد من المقولات والتصورات الوظيفية من خلال إسهامات كل من برنسلاو مالينوفسكى ، وراء كليف براون وإيفانز بريتشارد وغيرهم . حيث قام كل منهم بالدراسات الميدانية التى حاول من خلالها اختبار بعض الفرضيات أو التصورات الوظيفية، أو أن هذه الدراسات قد وجهت منذ البداية بالإطار الوظيفى، الأمر الذى أضافقدراً كبيراً الثراء إلى بناء هذا الاتجاه النظرى  (Demerath, N.S., 1962, P.63 )
    يشكل عمل دوركايم حول الانتحار أول بحث ميداني سوسيولوجي حقيقي نقف فيه على خطاطة المسعى التجريبي كما وصفه كلود برنارد CBernard، وهي:
إجراء ملاحظـات معاينـات.
صياغة فرضيـات التحقق منها عن طريق معطيات.
استخلاص تنظيــر.
ثم الدخول إلى البحث الميداني، أي البحث التطبيقيإنه استهلال انطلاقة علمية حقيقية تربط بين المحسوس والمعقول (أو المجرد)، بين الظواهر والنظرية، وبذلك صار طريق البحث مفتوحا.
تعتبر دراسة دوركايم عن «الانتحار» من خير دراساته التي تمثل البحث السوسيولوجي الذي يقوم على أسس نظرية واضحة.( المقدم، 1992، :35-45.)
كما أكد دوركايم أهمية دراسة الظواهر الاجتماعية دراسة موضوعية، أوضح أهمية التجريب والمنهج المقارن.             (Emile Durkheim, 1979)
ونادى فرنسيس بيكون فى كتابة (الطريقة الجديدةبضرورة الالتجاء إلى التجربة والبحث على أساس المنهج الاستقرائى، لأن هذا هو السبيل الوحيد الكفيل بتوصيلنا إلى معرفة جديدة، فإذا تمكنا من الوصول إلى قوانين، فإننا نستطيع الاستفادة منها فى واقعنا.( Kalu N.Kalu, 2011, pp121-122.)
(2)    البحث العلمي والتطورية والانتشارية: أن كل من التطورية والانتشارية ظلت كما هى مشروعات نظرية أو تأملات فلسفية لا تمتلك تصورا نسقيا تنتظم عناصر الواقع بالنظر إليه، بل كانت فى الغالب تلجأ إلى الواقع لتنتقى من بين معطياته الامبيريقية عمديا ما يؤكد وجهة نظرها.
(3)    الاتجاه الماركسي الجديد Neo Markist Approach  الذي حاول تطوير آراء ماركس بما يتفق مع الظروف الدولية الجديدة التي شهدها القرن العشرين، وبما يتفق مع متطلبات دراسة الواقع الذي تعيشه الآن الدول النامية.( Harrington,  2005)
(4)    الظاهراتية: الظاهراتية في المنظور السوسيولوجي تطمح إلى فهم إدراكات الناس وتصوراتهم حول مواقف مختلفة بمعنى أخر، يحاول هذا النوع من الدراسة ، الإجابة على أسئلة تتعلق بتجارب وخبرات الناس. (كريب، 1999،148  149 )
(5)    النظريةِ التفاعلية :إن أصحابَ النظريةِ التفاعلية يبدَءُون بدراستهم للنظام التعليمي من الفصل الدراسي (مكانَ حدوثِ الفعلِ الاجتماعي). فالعلاقةُ في الفصل الدراسي والتلاميذِ والمعلم، هي علاقةٌ حاسمةٌ؛ لأنه يمكن التفاوضُ حول الحقيقة داخل الصفّ، إذ يُدرك التلاميذ حقيقةَ كونهم ماهرين أو أغبياءَ أو كسالىوفي ضوء هذه المقولات يتفاعل التلاميذ والمدرسون بعضهم مع بعض، حيث يحققون في النهاية نجاحاً أو فشلاً تعليمياً.
تعتبرُ التفاعلية الرمزية واحدةٌ من المحاور الأساسيةِ التي تعتمدُ عليها النظرية الاجتماعية، في تحليل الأنساق الاجتماعيةوهي تبدأ بمستوى الوحدات الصغرى (MICRO)، منطلقةً منها لفهم الوحدات الكبرى، بمعنى أنها تبدأُ بالأفراد وسلوكهم كمدخل لفهم النسق الاجتماعيفأفعالُ الأفراد تصبح ثابتةً لتشكل بنية من الأدوار؛ ويمكن النظر إلى هذه الأدوار من حيث توقعات البشر بعضهم تجاه بعض من حيث المعاني والرموزوهنا يصبح التركيز إما على بُنى الأدوار والأنساق الاجتماعية، أو على سلوك الدور والفعل الاجتماعيومع أنها تَرى البُنى الاجتماعية ضمناً، باعتبارها بنىً للأدوار بنفس طريقة بارسونز Parsons ، إلا أنها لا تُشغل نفسها بالتحليل على مستوى الأنساق، بقدر اهتمامها بالتفاعل الرمزي المتشكِّل عبر اللغة، والمعاني، والصورِ الذهنيةِ، استناداً إلى حقيقةٍ مهمةٍ، هي أن على الفرد أن يستوعب أدوارَ الآخرين..
اعتمدت النظريةِ التفاعلية على المدرسة الفلسفية النفعية ، والتي هي مدرسة أمريكية خالصة ، وعلى التفسير الاجتماعي للأيكولوجيا ، أي دراسة العلاقة بين الكائن والبيئة ، وعلى مناهج الدراسة الحقلية التي طورها الأنثروبولوجيون والتي تعرف بين علماء الاجتماع الآن بمنهج الملاحظة بالمشاركة
(6)    نظرية التبادل الاجتماعيوقد انطلقت بعض أفكارها من الدراسات والبحوث الواقعية ويتضح اسهام جورج هومانز من مؤلفه  "السلوك الاجتماعي واشكاله وعناصره الاساسيةحيث عمل على بلورة مجموعة من القضايا لتفسير سلوك الأفراد داخل الجماعات الاجتماعية وقد تحدد اسهامه من خلال ثلاث خطوات اساسية قام بها وهي:
  • حصر الدراسات السابقة التي تناولت دراسة لجماعة في حالة ثباتها وتغيرها حيث قام بمراجعة النتائج التي انتهت إليها هذه الدراسات من أحل صياغة نسق حول سلوك الأفراد في الجماعات الاجتماعية.
  • حاول في هذه الخطوة الاسهام في وضع مجموعة من  المفاهيم المرتبطة بسلوك الناس في الحياة اليومية .
  • الخطوة الثالثة وهنا قام ببلورة مجموعة من الفروض المرتبطة فيما بينها .
(7)    نظرية الاختلافات الفردية  تعتمد على ما توصل إليه علماء النفس من آن الأفراد يختلفون بشكل كبير في البناء النفسي وعلى ذلك فان الأفراد من المفترض أن يستجيبوا بشكل مختلف للمثير والمنبه .
(8)    نظرية تدفق المعلومات على خطوتين  Two Step Flow وضعها ثلاث من الباحثين هم:  بول لازرسفيلد ، وبرناردبرلسون، وهازل جوديت الذين قاموا بدراسة حملة الرئاسة الأمريكية عام 1940 أثناء عملية إجراء مقابلات مع الناس حول الانتخابات ووجدوا آن جزء كبير من معلومات الناخبين عن الحملة جاءت من اناس آخرين سبق آن تعرضوا لوسائل الإعلام
(9)    نظرية المسئولية الاجتماعية: نتيجة الدراسات الواقعية التي أكدت على استخدام وسائل الإعلام في الإثارة والخوض في أخبار الجنس والجريمة مما أدى إلى إساءة الحرية أو مفهوم الحرية ظهرت نظرية المسؤولية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، وتقوم هذه النظرية على ممارسة العملية الإعلامية بحرية قائمة على المسؤولية الاجتماعية، وظهرت القواعد والقوانين التي تجعل الرأي العام رقيبا على آداب المهنة.
(10)           نظرية الشبكات الاجتماعيةجاءت هذه النظرية انعكاس لواقع تطور التكنولوجيا والإنترنتوازداد الاهتمام الأكاديمي بقضايا الشبكات الاجتماعية والمجتمع الافتراضي منذ أن شكل الإنترنت فضاءه المعلوماتي ونجاحه في تأسيس جماعاته الافتراضية وعبوره إلي الملايين بصورة ملفته للانتباه.( O.C. Mcswete,  2009)
الإجابة على التساؤل الثالث وهو: ما دور البحث العلمي في تطوير مناهج البحث في العلوم الإنسانية؟
المنهج العلمي هو طريقة للكشف عن الحقائق الموضوعية، وهو طريقة تتضمن استقراء الواقع للتحقق من صحة الفروض التي يصوغها الباحث في محاولة تفسير ظاهرة ما أو الوصول إلى حل عملي لعقبة أو عائق يعترض نشاطه.
المنهجية العلمية نسقًا من القواعد والإجراءات التي يعتمد عليها طريق البحث ، وهذا النسق لا هو بالمغلق ولا هو بالمنزه عن الخطأ، حيث يتم إدخال التحسينات بصورة دائمة على القواعد والإجراءات، ويقوم العلماء بالبحثعن المناهج والأساليب الفنية الجديدة للمشاهدة والاستدلال والتعميم والتحليل، وبمجرد تطور الأشياء وتثبيت تطابقها مع الفرضيات الواردة بالمدخل العلمي، يتم إدماجها في نسق القواعد التي تكون أسلوب المنهجية العلمية، فالمنهجية هي أولاً وقبل كل شيء تقوم بتصحيح نفسها، والعلم لا يتقيد بالموضوع الذي يدور حوله، ولكنه يتقيد بمنهجيته، والأمر الذي يجعل المدخل العلمي في وضع منفصل، هو الفرضيات العلمية التي يقوم عليها، والمنهجية التي يأخذ منها.
ويقول شوتز أنَّه لابد للعلوم الاجتماعية من تطوير منهج شامل من خلاله يمكن معالجة المعاني الذاتية للأفعال الاجتماعية بطريقة موضوعية، فالواقع هو مجرد المعاني والخبرات الفردية المشتركة ولذلك تم تجاهل الأساس الاجتماعي  الاقتصادي.
وقد كان للرواد ابن خلدون وأوجيست كونت ودوركايم فضل السبق في دراسة الظواهر الاجتماعية مستخدمين المنهج العلمي من أجل الوصول إلى قوانين اجتماعية والتنبؤ والتعميم، فقد كان لهم الفضل في إقصاء الذاتية من مجال علم الاجتماع ودراسة الظواهر الاجتماعية مثلما تدرس الظواهر الطبيعية بمعزل عن الفرد ولهذا تم إرساء قواعد علم الاجتماع(نعيم، 1997 :44- 45).
يستخدم الباحث الاجتماعي أساليب مختلفة لدراسة الظاهرات الاجتماعية فهو قد يستخدم أسلوب دراسة الحالة أو الأسلوب التجريبي أو التاريخي حسب نوع الظاهرة التي يدرسها وطبيعة المشكلة موضوع الدراسة.
والمنهج العلمي هو طريقة للكشف عن الحقائق الموضوعية، وهو طريقة تتضمن استقراء الواقع للتحقق من صحة الفروض التي يصوغها الباحث في محاولة تفسير ظاهرة ما أو الوصول إلى حلعملي لعقبة أو عائق يعترض نشاطه(العزاوي ،  2008).
ويمكن تحديد دور البحث العلمي في تطوير مناهج البحث في العلوم الإنسانية في عدة نقاط أهمها:
  • اكتشاف طرق منهجية جديدة: إنّ البحث الميداني هو من تسميته ميدان والميدان هو مختبر فحص وتحليل واسع كما عند العلوم التطبيقية مختبر في بناية فعلم الاجتماع  ميدانه المجتمع كلّه أينما تريد أن تفحص وتحلل هوجاهز فالطرق المنهجية الجديدة للفحص والتحليل قد تساعد على اكتشاف طرق منهجية غير مطروقة سابقاً يمكن أن يترتب عليها تبدلاً في المنظور المعرفي للواقع مثل؛ طريقة الجماعات البؤرية[*] Focus groups، طريقة أو أسلوب ديلفي[((]Delphi technique 
  • قاد ظهور الأثنوميثودولوجيا الى إعادة الاعتبار للمناهج التي تعتمد على السرد القصصي للأحداث Narrative construction of reality وعلى منهج تحليل اللغة اليومية للمحادثة ، والمنهج الأخير أصبح مصدرا ثريا للنظريات في حقل علم اجتماع المعرفة في فترة ما يعرف بعلم اجتماع ما بعد الحداثة Postmodern sociology، وخاصة النظريات النسوية Feminist theories  في العالم الغربي، والتي تتسيد الآن بلا منازع حقل التنظير الاجتماعي بمختلف مشاربه.
  • تجاوز صعوبات التكميم وضبط العينات : من الناحية التطبيقية ، فإن الفينومينولوجيا أقرب في منهجياتها لمنهجيات العلوم الاجتماعية في العالم الثالث ، حيث تتجاوز صعوبات التكميم وضبط العينات، والتحكم بالمتغيرات السببية، والظروف القانونية للاستقصاء المعرفي من المستَجوَبين وغير ذلككما تمهد للنمو المعرفي عن طريق تراكم الخبرات الفردية، والشروح الذاتية للوعي الاجتماعي السائد، وهي مقدمات ضرورية لابد من توافرها قبل الوصول الى مرحلة التكميم.
  • منهج الأصل الإحصائي العامويعتمد على اخضاع مجتمع البحث بالكامل للدراسة الإحصائية الشاملةوهو يتماهى والمنهج الإمبريقي في الدراسة الاجتماعية الميدانيةأو في الدراسات السكانية العامةفي الإحصاء الشامل الذي يهدف الى الحصول على بيانات حقيقية ضمن اتجاهات الاهتمام.
  • إعداد مقاييس نفسية واجتماعية: من خلال الدراسة الميدانية تم صياغة العديد من المقاييس في العديد من مجالات العلوم الإنسانية.

خاتمة:
أكدت الدراسة على تعدد أدوار البحث العلمي في تطوير موضوعات العلوم الإنسانية وذلك حيث أدى البحث العلمي إلى استحداث العديد من الموضوعات التي تعكس تغيرات الواقع وتمثلت بعض هذه القضايا  في؛ التنمية المستدامة، تنظيمات المجتمع المدني ، قضايا وتأثيرات العولمة، المرأة المعيلة وتأنيث الفقر، حقوق المرأة ،الجودة الشاملة ،ظاهرة الإرهاب.
وفيما يتعلق بإسهامات البحث العلمي في تطوير النظريات الاجتماعية فقد ساهم البحث العلمي في تطوير بعض النظريات مثل النظرية الوظيفية، والماركسية المحدثة، النظريةِ التفاعلية الرمزية ، نظرية تدفق المعلومات على خطوتين  إضافة إلى استحداث بعض النظريات مثل نظرية المسئولية الاجتماعية، نظرية الشبكات الاجتماعية، وذلك كمحاولة لتفسير وصياغة قوانين علمية تعكس مستجدات الواقع.
كما أوضح دور البحث العلمي في تطوير مناهج البحث في العلوم الإنسانية، وذلك أنه مع تعدد واستحداث موضوعات ونظريات البحث العلمي كان من الضروري التعرف على تطور مناهج وأدوات البحث العلمي مثل؛الأثنوميثودولوجيا، وطريقة الجماعات البؤرية ، طريقة أو أسلوب ديلفي، والعديد من المقاييس الاجتماعية والنفسية.
وعلى الرغم من أهمية البحث العلمي في تطوير العلوم الإنسانية فما زال البحث العلمي في الوطن العربي يعاني من العديد من المشكلات في مقدمتها ضعف التمويل، وعدم وجود استراتيجية واضحة لتنمية البحث العلمي، ضعف التنسيق بين اجهزة البحث العلمي المختلفة، اعتماد البحوث على الفردية من ناحية وعلى مزاجية الباحث وانتقائيتة ، نقص المراجع العلمية ومصادر المعرفة المطلوبة، هروب العنصر البشري من بعض الدول العربية ، المشكلات البيروقراطية التي ينجم عنها غياب قوانين واضحة لأهمية البحث العلمي والسعي لتنشيطه، صعوبة القياس بشكل دقيق للظواهر الاجتماعية والإنسانية لعدم وجود أدوات قياس دقيقة لها أحيانا.
واتضح أن البحث العلمي وتطويره من أهم القضايا التي يجب أن نوليها كامل اهتمامنا وعنايتنا ، ذلك لأن المواضيع التي يتناولها البحث العلمي بالدراسة ماهي إلا محاولة جادة لإيجاد حلول للمشكلات الكثيرة والمتعددة التيتواجه المجتمع العربيوفي إطار مواجهة هذه المشاكل يجب تخصيص ميزانية مناسبة للبحث العلمي، صياغة استراتيجية واضحة لتنمية البحث العلمي، الاهتمام بالتنسيق بين اجهزة البحث العلمي المختلفة، توفير المراجع العلمية ومصادر المعرفة المطلوبة، التعاون بين الأكاديميين والممارسين.
المراجع:
(1)   الجديلي ، ربحي عبد القادر(2011)، مناهج البحث العلمي فى :
(2) الجنحانى، الحبيب(1999)، المجتمع المدني بين النظرية والممارسة، مجلة عالم الفكر، تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، دولة الكويت، العدد الثالث، المجلد السابع والعشرون، يناير مارس ،1999. 
(3)   الدهشان ،جمال(2008) البحث العلمي وتحديات العصر، المؤتمر العلمي الثاني لكلية التربية جامعة الأزهر بالاشتراك مع المجلس القومي للرياضة بعنوان (التعليم الجامعيالحاضر والمستقبلفي الفترة من 18-19/5/2008.
(4)        العزاوي ، رحيم (2008) مقدمة في منهج البحث العلمي ، عمان ، دار دجلة ، الطبعة الأولى .
(5)        المقدم، مهى سهيل(1992) محاكمة دوركايم في الفكر الاجتماعي العربي، بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر.
(6)        المقبول، عبد الرحمن عبد الله أحمد(2005) البحث التربوي أهميتهوممارسته ، ومعوقاته ، لدى المشرف من وجهة نظر المشرفين التربويين بمنطقة الباحة، خطة بحث منشورة على الإنترنت بتاريخ 4/8/2005.
(7)  الهمالي ، عبد الله عامر(1994) أسلوب البحث الاجتماع وتقنياته، الطبعة الثانية، بنغازي، منشورات جامعة قاريونس.
(8)        جودة، محفوظ (2003) أساليب البحث العلمي في ميدان العلوم الإدارية دار زهران للنشر والتوزيع الأردن 
(9)  دياب ، علي محمد  (2010) ، دور مناهج البحث العلمي العامة المعاصرة في تطوير نظرية الجغرافية البشرية، مجلة جامعة دمشق  المجلد 26 - العدد الأول والثاني.
(10)    دويدري، رجاء(2000) البحث العلمي، أساسياته النظرية وممارسته العمليةدار الفكر، دمشق
(11)    عليان، ربحي مصطفى (2003) البحث العلمي أسسه  مناهجه وأساليبه  إجراءاته  بيت الأفكار الدولية الأردن .
(12)    عمر ، معن خليل(1992) نحو نظرية عربية في علم الاجتماع ، دار مجدلاوي – عمان
(13)    كريب، إيان (1999) النظرية الاجتماعية ، سلسلة عالم المعرفة ، العدد 244 ، إصدار المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب  الكويت
(14)    محمد ،علي محمد(1983) علم الاجتماع والمنهج العلمي، دار المعرفة بالإسكندرية، القاهرة.
(15)    نعيم، سمير أحمد (1997) ، المنهج العلمي في البحوث الاجتماعية، القاهرة، مكتبة سعيد رأفت
(16)    وصفي، عماد الدين (2003) البحث العلمي في الإدارة والعلوم الأخرى دار المعارف الاسكندرية , 2003
(17)          Demerath III, N.S. (1962) Synechodo and structural unctionalion (in) Demerath III, N. S. & Richarel Peterson (ed) System Change and Conflict, the free, Press, London.
(18)          Deming, W. Edwards (2000)The New Economics for Industry, Government, Education2 nd ed.. MIT PressISBN5-54116-262
(19)          Durkheim, Emile (1979( Suicide: A Study in Sociology. Trans. John A. Spaulding & George Simpson. New York: Macmillan
(20)          Harrington , Austin (2005) Modern Social Theory: An Introduction, Oxford University Press.
(21)          J.L.Loubet del Bayle.(1978.)introduction aux methodes des sciences sociales, Toulouse, edition Edward privat.
(22)          Kalu N.Kalu (2011) Institution-building, not nation-building: a structural-functional model,  Internationa Review of Administrative Sciences , 77(1) .
(23)          Merton, Robert. (1957) Social Theory and Social Structure. New York: Free Press
(24)          O.C.Mcswete, (2009)the challenge of social networks, Administrative theory and praxis, vol 13 , issue 1 , march .



[*] ورد مفهوم التنمية المستديمة لأول مرة في تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية عام 1987م، وعرفت هذه التنمية في هذا التقرير على أنها: "تلك التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية حاجياتهم.
[*] تتمثل طريقة البحث المعتمدة على الجماعة البؤرية في مناقشة منظمة مع جماعة مختارة من الأشخاص لغرض الحصول على معلومات تتعلق بوجهات نظرهم وخبراتهم حول موضوع معين لا يمكن الحصول عليها بطرق أخرى.
[((] تعتمد طريقة ديلفي على عملية مخططة لجمع وتركيز المعلومات من مجموعة من الخبراء بواسطة سلسلة من الاستبيانات المتلاحقة الممدودة بتحقيقات محددة للآراء المطروحة بهؤلاء الخبراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا