وصف المساحات واختبارات التوزيعات المكانية
Moran's Index
التحليل الإحصائي المكاني
في نظم المعلومات الجغرافية
تتميز الجغرافيا بعدد من الملامح العامة التي توضح اهتمامها بدراسة العلاقات والاختلافات بين الظاهرات المختلفة والتي يمكن بلورتها على النحو التالي:
• ارتباط دراسة الجغرافيا بالمكان ارتباطاً وثيقاً سواء أكان هذا المكان مساحة محدودة أم كبيرة
• اهتمام دراسة الجغرافيا بالظاهرات الطبيعية والبشرية على حد سواء
• إبراز عملية التوزيع والتحليل والوظيفة (العلاقات بين الأماكن)
• الاهتمام بالاختلافات والتشابهات المكانية.
• لسعي إلى الشخصية الإقليمية المتميزة
وبالتالي يصبح علم الجغرافيا هو ذاته العلم المكاني والذي تدور نظرية المعرفة فيه حول تنمية المعرفة المكانية. ويستهدف البحث فيه الكشف عن التركيبة العنصرية للمكان في أوضاعها الراهنة، وأنماط هذه التراكيب عبر الأمكنةوالأزمنة، والوقوف على التحولات التي تطرأ على هذه التراكيب العنصرية للمكان عبر الزمن لاستخلاص القوانين والميكانيزمات التي تنبئ بمستقبل هذا المكان أو الظاهرة أو ما يشبهها من أمكنة أخرى أو ظاهرات شبيهة، والوصولبهذه التراكيب العناصرية للأمكنة إلى حالة التوازن. ويتضح من هذا المفهوم المعاصر لعلم الجغرافيا أنه يتجاوز الوضع الحالي للظاهرة الجغرافية وينتقل إلى المستقبليات. وتدخل الجغرافيا في نطاق العلوم المكانية حيث أنها تحلل العلاقات المكانية Spatial Relationships . وفى هذا المجال يدرس الجغرافي ترابط الظاهرات المختلفة، وفى هذا المعنى يقول ف. لوكرمان:" دراسة المكان أو المجال كظاهرة معقدة ووحدة متداخلة حكر للجغرافيا".
وتعد أدوات التحليل الإحصائي المكاني Spatial Statistics Tools في نظم المعلومات الجغرافية (GIS) الوسيلة المثلى في عمليات التحليل المكاني للظاهرات الجغرافية، والربط بينها بقوانين لكشف العلاقات والارتباطات المتبادلة وصولا الى بناء نموذج مكاني (Spatial Models) للظواهر الجغرافية، باستخدام الوسائل الاحصائية المكانية القادرة على التعامل مع قاعدة البيانات الجغرافية. حيث تعتمد الدراسات الجغرافية في عمليات التحليل المكاني على التوزيع الجغرافي للظواهر ضمن الحيز المكاني، باعتبار ان كل ظاهرة لابد ان يكون لانتشارها وتوزعها شكل خاص، يطلق عليه نمط توزيع pattern والذي يمثل شكلا من اشكال رياضيات المكان تفرزه مجموعة من العوامل يطلق عليه تحليل الأنماط Pattern Analysis والذي يمثل حاصل جمع مواقع الظاهرات في المكان. وينشئ أي توزيع للظواهر أو لقيم احدى الخصائص المرتبطة بالظواهر نموذجا ضمن المنطقة المدروسة وتتراوح هذه النماذج للتوزيعات الجغرافية بين التجمع التام والشديد من جهة، الى الانفصال التام والتشتت من جهة أخرى.
ويقال عن النموذج الذي يتشكل بين هاتين الدرجتين المتطرفتين (النموذج العشوائي) وتعتبر معرفة النموذج التي تشكله البيانات مفيدة في فهم الظواهر الجغرافية بشكل أفضل، والتوزيع من الناحية الخرائطية هو التباعد (Spacing)وقد عرف واتسون(Watson) الجغرافية بانها علم التباعد، ويعني كثافة تواجد الظاهرة في الحيز المكاني من حيت التجمع او التباعد. احيانا يكون التحليل البصري للخارطة كافيا ويعطي تفسيرا جغرافيا، ولكن غالبا ما تكون هناك صعوبة في استخراج معلومات من الخريطة او القيام بعمليات تحليلية واستنتاجية. إن علماء الاحصاء المكاني تمكنوا من معرفة النمط المكاني مباشرة وكذلك الاتجاه والعلاقات المكانية عندما يكون هناك حاجة لعمليات تحليل التباين المكاني للظواهر وكشف انماط التوزيعات المكانية.
عليه فإن وسائل قياس التحليل الإحصائي المكاني يساعد ويكمل الوسائل الاحصائية المرئية والتقليدية وفي تحليل البيانات المكانية. وفي هذا المجال يمكن التعرض الى وتناول وسائل قياس التنظيم والتحليل الاحصائي المكاني في نظم المعلومات الجغرافية Spatial Statistics Tools في واجهة (Arc toolbox)، وشرح وسائل القياسات الاحصائية المكانية التي تصف النماذج المكانية كميا وتحدد العلاقات المكانية لنماذج التوزيع بالعوامل الجغرافية، وتعرفما إذا كانت الظاهرة تنتشر وفق نموذج توزيعي معين ولأي مدى تقترب من هذا النموذج. وتستخدم هذه الوسائل الكمية التي تقدمها نظم المعلومات الجغرافية أيضا للحصول على معلومات جديدة غير ظاهرة بشكل مباشر على الخريطة حيث تعتمد هذه الوسائل على الاحصاءات اللا مكانية لتمثيلها على الخرائط للحصول على النماذج المكانية والعلاقات الارتباطية الحقيقية للنماذج المكانية بالعوامل الجغرافية. ومن تقنيات التحليل الاحصائي المكاني:
أولا: التحليل العنقودي بطريقة مورانس:
من الطرائق الكمية المكانية التي تستخدم لوصف الاساليب التي تبحث في تجميع البيانات المتجانسة هو التحليل العنقودي بطريقة مورانس (Moran's I) في نظم المعلومات الجغرافية. إن هذه الاساليب تستخدم لغرض تجميع الوحدات المكانية تحت الدراسة الى مجاميع متجانسة في القيم التي تمثل خصائص التوزيع الجغرافي للظاهرة، وإن اسلوب التحليل العنقودي، هو وسيلة يتم استخدامها لغرض تحليل البيانات بحالات مختلفة، والبحث عن طبيعة التجمعات للبيانات. يأخذ نظم المعلومات الجغرافية بعين الاعتبار قرب الظواهر من بعضها وقرب قيم الخصائص المتعلقة بهذه الظواهر من اجل ايجاد تجمعات القيم المتشابهة. تفيد هذه الطريقة في اظهار مواقع القيم المتقاربة واماكن انتشار القيم المتشابهة والمختلفة من المنطقة المدروسة، ويمكن ان تمثل على الخريطة القيم الاحصائية المعرفة للمعالم المتشابهة، ونتمكن بذلك من ايجاد البقع الساخنة والبقع الباردة للظاهرة، وتبحث هذه الطريقة بقيمة الظاهرة.
يستخدم نموذج Moran's I الحالي لتحديد القيم والتجمعات المتشابهة للظاهرة الجغرافية بمقارنة قيمة ازواج المعالم بالقيمة الوسطى للمعالم في المنطقة. وتوضح الطريقة اختلاف القيم عن المتوسط ككل وكشف التباين المحلي لطبيعة التوزيع المكاني، وان اختبار الدلالة الاحصائية لطريقة Moran's I في تحليل التوزيع المكاني للظاهرة الجغرافية ذات مصداقية عالية.
تفسير نتائج قيمة Moran's I:
تنبئ القيمة الموجبة لــ (Moran's I) بان الظاهرة قيد الدراسة محاطة بظواهر مجاورة ذات قيم متشابهة له. أي ان الوحدات المكانية المتجاورة متشابهة القيم والمعبرة عن خصائص الظاهرة. سواء كانت هذه القيم مرتفعة اومنخفضة، اما القيمة السالبة لـ (Moran's I) فتدل على ان المعلم محاط بقيم غير متشابهة لقيمته.
شكل (1): نتائج الاحصاء المكاني لتطبيق النموذج
Mitchell, Andy. The ESRI Guide to GIS Analysis, Volume 2. ESRI Press, 2005.
Anselin, Luc. "Local Indicators of Spatial Association – LISA," Geographical
Analysis,, 1995p.43
ثانيا: معامل الارتباط الذاتي المكاني:
Coefficient (Moran Index) Spatial Autocorrelation
يستخدم خبراء الاحصاء معامل الارتباط الذاتي المكاني في عمليات قياس تشابه الظواهر المتجاورة والتي تعتمد على المقارنة بين القيمة المتعلقة بكل معلم مع القيمة المتوسطة للبنية والتي تسمى القيمة الاحصائية (Moran Index). وفي هذه الطريقة إذا كان الفرق بين المعالم المتجاورة أصغر من الفرق بين كافة المعالم فالقيم المتشابهة متجمعة. عادة ما ترتبط متغيرات الظواهر الجغرافية بقيم المتغيرات المتجاورة مكانيا، فعندما تتأثر اوترتبط قيم أحد المتغيرات في موقع ما مع قيم نفس التغير في موقع مجاور فان ذلك يظهر ارتباطا ذاتيا بين المتغيرين (Spatial Autocorrelation Coefficient)
ويشار اليه في بعض الاحيان بتأثير التجاور (Neighborhood effect) او التماس (Contiguity). والفكرة تعتمد على قانون الجغرافي الاول (توبلر) والذي ينص ان كل ظاهرة لها علاقة بالظاهرة الأخرى، ولكن الظواهر المتقاربة هي أكثر علاقة من الظواهر المتباعدة. وهنا نسأل هل الظواهر المتشابه في المكان تتجمع؟ عموما معامل الارتباط الذاتي المكاني يقيس في ان واحد مدى التشابهSimilarity بين مواقع العناصر المكانية وصفاتها المميزة.
ويعد دليل موران (Moran Index) أحد المقاييس المهمة في الكشف عن مدى الارتباط الذاتي بين عناصر الظاهرة المدروسة ويقيم نمط التوزيع المكاني لها هل هو نمط مشتت ام منتظم ام هو عشوائي.وتتراوح قيمة الدليل بين (-1) و(+1) فإذا كانت قيمة الدليل قريبة من (+1) فان ذلك يدل على أن النمط متجمع، أما إذا اقتربت قيمته من (-1) فان ذلك يدل على أن النمط عشوائي، بينما يوصف النمط بالمنتظم حال بلغت قيمته صفرا أو قريبا من ذلك. ويتباين نمط التوزيع بين التجمع والانتظام والعشوائية حسب قيمة الدليل. إن الإطار العام لاختبار الفرضيات يعد اداة جيدة للحكم على طبيعة ونمط التوزيع المكاني للظاهرة الجغرافية. خصوصا وان نتائج المقاييس المستخدمة ضمن برنامج (ArcGIS 9.3) تعتمد اعتمادا كليا على مبادئ اختبار الفرضيات، فالأمر يقتضي أولا تحديد الفرضية المبدئية (فرضية العدم) او الفرضية الصفرية، والتي تنص على عدم وجود نمط معين من التوزيع، وان النمط المتوقع هو نمط عشوائي ناتج بفعل الصدفة او الحظ. وبغية اتخاذ القرار بشأن قبول او رفض الفرضية السابقة في حالة استخدام المعامل فان النظرية الصفرية تقر انه لا يوجد تجمع او تكتل مكاني لقيم الظواهر الجغرافية.
لكن عندما تكون قيمة (P) صغيرة، وأن القيمة المطلقة لـ (Z) هي كبيرة جدا الى حد انها تقع خارج مستوى الثقة المطلوبة، فان الفرضية الصفرية (فرض العدم) ترفض. وإذا كانت قيمة المعامل أكثر من (صفر) فان مجموعة الظواهر تظهر بشكل متجمع وإذا كانت القيمة اقل من (صفر) فان مجموعة الظواهر تظهر بشكل متباعد.
من الشكل أعلاه يتضح أن توزيع المربعات البيضاء والسوداء تنتشران بانتظام تام في مساحتها المكانية. واذا تم استخدام دليل موران Moran's Index (I) لقياس هذا التوزيع فستكون قيمته = -1 وذلك لانتظامه وتمام انتشاره.
وفي حال كانت المساحة متقاسمة بين اللونين الأبيض والأسود فستكون قيمة دليل موران (I) = +1، أما إذا توزعت المربعات البيضاء والسوداء بصورة كاملة العشوائية فستؤول قيمة دليل موران (I)الى صفر. ويعتبر دليل موران مقياسا للارتباط الذاتي المكاني وذلك حسبما طوره العالم باتريك الفريد بيرس موران .Patrick Alfred Moran
ويقصد بالارتباط الذاتي المكاني وجود ارتباط بين المواقع المتجاورة في الفضاء المكاني.
يعتبر عرض البيانات الجغرافية على الخريطة او عرض القيم المرتبطة بها احدى طرق كشف النماذج المكانية، الذي تشكله الخصائص المرتبطة بالظواهر. ويعتمد قياس النماذج المكانية لقيم الخصائص المرتبطة بالظواهر على ان الظواهر القريبة من بعضها مكانيا تتشابه في قيم الخاصية المدروسة. وتنسب هذه الفكرة للجغرافي توبلر. والفكرة الاساسية هي ان المناطق المتقاربة متشابه. والقيم المتجاورة متشابهة، لتماثل الظروف المحيطة. وعندما تتشابه قيم الظواهر المتجاورة بشكل أكبر من القيم المتباعدة نقول إن هناك ارتباطا ذاتيا مكانيا متبادل موجب، اما إذا اختلفت قيم الظواهر المتجاورة نقول بان هناك ارتباط ذاتي مكاني متبادل سالب، أي عدم وجود ارتباط ذاتي مكاني. وبالنسبة للظواهر الجغرافية يعتبر الارتباط المكاني الذاتي هو الحالة الاكثر شيوعا.
كما يظهر في الشكل أدناه مخرجات التحليل وأشكال أنماط التوزيع التي تتدرج من النمط المشتت إلى النمط المتجمع مرورا بالنمط العشوائي. وأسفل هذا الشكل مساحات تمثل التدرج بين هذه الأنماط.وتحتها مستويات الثقة التي تتراوح بين 0.01 – 0.10 على الجانب الأيمن للمنحنى، و-0.01 – 0.10. ويحتوي الشكل أيضا على القيم المتوقعة لمعيار Z التي تصاحب مستويات الثقة.
وبالنظر إلى المخرجات المذكورة يلاحظ أن نمط التوزيع المتجمع Clustered يقع ضمن نطاق مستوى الثقة بين 0.01 و0.05 تقريبا. كما أنه يرتبط بقيم Z المتوقعة التي تتراوح بين + 1.96 و +2.58 وأكثر. وبالمثل فإن نطاق مستوى الثقة للنمط المشتت Dispersed بين 0.01 و0.05، في حين أنه يرتبط بقيم Z التي تتراوح بين -1.96 و -2.58 وأكثر.
شكل(2) التقرير الاحصائي لتطبيق النموذج
شكل(3) نمط التوزيع المكاني لنموذج الارتباط المكاني الذاتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق