التسميات

الأحد، 29 أكتوبر 2017

البطالة في العراق : الواقع ، الآثار ، آليات التوليد وسبل المعالجة ...


البطالة في العراق

الواقع ، الآثار ، آليات التوليد وسبل المعالجة 

الأستاذ الدكتور كامل علاوي كاظم


جامعة الكوفة

كلية الإدارة والاقتصاد

قسم الاقتصاد

أيلول 2011 


البطالة في العراق

الواقع ، الاثار ، اليات التوليد وسبل المعالجة
الخلاصة
           تعد البطالة واحدة من المشاكل المزمنة والخطيرة التي تواجه الاقتصاد العراقي لما لها من اثار اجتماعية وسياسية واقتصادية وخيمة.وقد استفحلت هذه المشكلة منذ ثمانينات القرن الماضي أثر تزايد اعتماد العراق على قطاع النفط، والتوسع غير المخطط لقطاع الخدمات غير المنتجة والقطاعات المتصلة بالمؤسسة العسكرية، مترافقا مع إهمال القطاعات المنتجة كالزراعة والصناعة، وإهمال الاستثمار الإنتاجي في النشاطات المدنية وتزايد سيطرة النخبة الحاكمة على مؤسسات الدولة وتسريح ما يقرب من مليون مجند عقب انتهاء الحرب العراقية-الإيرانية ، ليدخلوا سوق العمل من دون مهارات تؤهلهم للحصول على عمل ذي دخل مجز.وتفاقمت حدة المشكلة في ظل الحصار الاقتصادي (1990-2003) وتدهور مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتراجع مستويات المعيشة وتزايد معدلات البطالة والفقر بفعل الحصار، وبعد الغزو الأمريكي كان الاقتصاد العراقي يئن تحت وطأة الظروف القاسية ويعيش في أسوأ حالاتهفقد كان اقتصاداً محطما بفعل الحروب الداخلية والخارجية والعقوبات والإدارة السيئة وتوقف عملية التنمية وتدمير البنى التحتية ومؤسسات القطاع العام وتضاؤل الفرص أمام النشاط الخاص وسيادة الفوضى الأمنية والعنف في أنحاء مختلفة من البلد وعدم موائمة النظام التعليمي لمتطلبات سوق العمل التي أدت الى تعطيل شبه كامل للخدمات العامة،وهو ما أدى إلى حدوث نقص حاد في الإنتاج المحلي وتوقف شبه تام في إعادة الأعمار ، وخلال كل تلك السنوات وبرغم الصعوبات فقد تعايش في الاقتصاد قطاعان متمايزان، فإلى جانب القطاع العام كان هناك قطاع خاص حقيقي يوظف ثلثي اليد العاملة، إلا إن معظم تلك الوظائف كانت في اقتصاد الظل.   
وفرضت الظروف الاستثنائية مزيداً من الفوضى الاقتصاديةفالأهداف التي أعلنت من جانب سلطة الائتلاف بعد غزو العراق لم تتحقق فتدهور امن الإنسان وزادت حالات البؤس والفقر وتراجعت مؤشرات النمو الاقتصادي وتفاقمت حدة بعض المشاكل كالبطالة والنقص في الطاقة.فضلاً عن أن السير المتعجل وغير المدروس نحو اقتصاد السوق لم يؤد إلى زيادة فاعلية تخصيص الموارد، وإنما قاد إلى تدهور حاد في الطلب المحلي على عناصر الإنتاج مع إغراق السوق المحلية بالسلع الأجنبية بسبب سياسة الاستيراد المنفلت، وتدهور الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي،وظهور أعراض «المرض الهولندي» على الاقتصاد مجددا بعد اختفائها بسبب العقوبات الاقتصادية، فقد أدى انتعاش الاقتصاد النفطي إلى زيادة الواردات الأجنبية، وفقد منتجو السلع الزراعية والصناعية قدرتهم على منافسة السلع الأجنبية الرخيصة، وأدى ذلك إلى منع نمو استثمارات خاصة داخل الاقتصاد، وقلص بالتالي إمكانية خلق فرص عمل جديدة وتزايد معدلات البطالة.
إن طبيعة الاقتصاد والحال التي وصل إليها زاد من أزمة البطالة في البلد بشكل خطير تعايشت معه معدلات عالية من التضخم لينتجا حالة من التضخم الركودي Stagflation ،تسعى هذه المداخلة الى تحليل واقع البطالة وتحديد آثارها ومن ثم تحديد حزمة من السياسات الكفيلة للقضاء عليها ،بعد تحديد الآليات المولدة لها.

Abstract
Unemployment constitutes the most dangerous problem which faces the Iraqi economy .It can be seen that unemployment affects both levels: Socially ,economically politically. Furtherer more it wastes workmanship
    One of the policies adopted by the government to overcome this question is the produce conducted by the government to enrolling a number of youngman  in the security institutions, however , this plan unfortunately carries negative aspects.
      To limit the amount of unemployment , which happen in Iraq after 2003 , It requires exceptional efforts as well as effective , comprehensive policies . These policices include reforming the market of "Labour"  in the area of industry and agriculture as well as reforming private sector.


أولاالمقدمة
         تعد البطالة من اخطر المشاكل التي تواجه الاقتصاد العراقي لما لها من آثار اقتصادية واجتماعية  وسياسية ، فضلاً عن إنها تمثل هدراً بالعنصر البشري .وهي تنذر بوجود خلل في النظام الاجتماعي والسياسي فهي تؤشر على ان الدولة غير قادرة على أداء واجباتها إزاء مواطنيها في ظل بنائها الهش وسيادتها المهددة،و أن البطالة في ظل هذه الأوضاع تعد البيئة الملائمة لنمو الإرهاب والتطرف .
   إن سياسة الدولة في استيعاب العاملين في أجهزة الدولة ولاسيما الأمنية منها لم تنجح في استيعاب قوة العمل المتزايدة بل كانت لها  نتائج سلبية اذ ظهرت البطالة المقنعة في القطاع العام مما يجعل  الصعوبة في مكافحتها اكبر بسبب  المردودات السلبية التي تتولد عنها ان الحد من ظاهرة البطالة  ومن ثم معالجتها تحتاج الى جهود استثنائية  والى حزمة من السياسات المتكاملة  والهادفة أولا الى إصلاح سوق العمل  والى  إصلاح القطاعات المستوعبة الى العمالة وبخاصة القطاعيين الإنتاجيين الصناعة والزراعة مع إصلاح القطاع الخاصان التدمير الذي أصاب الاقتصاد العراقي من خلال دخوله في حروب ثلاث وما لحق به بعد التغيير في نيسان 2003 من حرب وأعمال إرهابية فضلاعن سياسة الانفتاح غير المنضبطة التي أدت الى زيادة الاستيرادات بشكل كبير وقصور العرض المحلي وتوقف الإنتاج بشكل شبه كامل  والى تراجع الصادراتعدا النفطية )  ومع النمو في الصادرات النفطية ظهرت أعراض ما يسمى بالمرض الهولندي بحيث فقدت السلع الزراعية تنافسيتها مع السلع المستوردة وأصبح البلد يعتمد بشكل كامل على الخارج ، وجملة هذه الأسباب الاقتصادية ساعدت في تفشي ظاهرة البطالة الى جانب التدهور الحاصل في الملف الأمني والإرث الثقيل الذي خلفته الأنظمة السابقة وارتفاع معدلات النمو السكاني وتدهور النظام التعليمي .

ثانياً: السمات العامة للاقتصاد العراقي
ان النظر الى تاريخ العراق الاقتصادي يظهر لنا أن هذا الاقتصاد لا يختلف عن بقية اقتصادات الدول النامية مع وفرة موارده المالية والمادية والبشرية فهو يعاني من الاختلالات الهيكلية ليس بسبب ضعف السياسات الاقتصادية فحسب بل بسبب مصادرة القرار الاقتصادي بحيث أصبحت القرارات التي تتخذ ذات طابع سياسي أكثر منه اقتصادي، مما ادى الى تعميق تلك الاختلالات[1].العراق بلد نفطي بلغ الاحتياطي المؤكد منه 115 مليار برميلوهو يشكل 11% من الاحتياطي العالمي مما جعل الأمم تتصارع عليه،فضلاً عن أهله الذين دمروه أكثر مما دمره الغزاة الطامعون فلم ينفعه النفط ولا السهل ولا الجبل ولا حتى حضارته المكتوبة قبل اكثر من ستة آلاف سنة الا انه كلما يدمر يعاود البناء من جديد فقد كان التدمير خلال الثلاثين سنة الماضية عمدياً، فلم يقتصر على جوانب الاقتصاد بل شمل كل جوانب الحياة بسبب الحروب التي خاضها ضد إيران والتي دمرت الأخضر واليابس ثم غزو الكويتوما رافقه من عقوبات اقتصادية فرضها مجلس الأمن وتدمير البنى التحتية في كل من العراق والكويت والتي قدرت بـ448 مليار دولار[2] ،لكن التدمير كان اكبر بعد غزو العراق اذ لم تقتصر الأضرار على البنى التحتية بل أفرزت اقتصاداً جديداً لم يكن مألوفا من قبل أطلق عليه اقتصاد الحواسمالقائم على عمليات السلب والنهب وذلك بسبب فشل قوات الاحتلال في بسط الأمن وضمان الاستقرار لكن الذي حدث هو أن انفلاتاً امنياً قد حصل لم يكن مسبوقاً من قبل فاستبيحت حياة المواطن وانتشرت أعمال القتل والإرهاب التي طالت أرجاء البلاد[3].ان هذه الأوضاع فرضت على قوات الاحتلال والحكومات المتعاقبة ان يغيروا سلم الأولويات اذ ركز الاهتمام على مكافحة الإرهاب وإعادة بناء الجيش العراقي.ان غياب وجود سياسة اقتصادية واضحة المعالم أدت الى تفاقم حالات التدهور في مؤشرات البطالة والفقر وتدهور الأمن البشري وتراجع النمو الاقتصاديان المداخلة لا تسمح بتفصيل سمات الاقتصاد العراقي الا ان متطلباته تستلزم ذكرها:-
  1. اختلال هيكل الإنتاج
  2. اختلال هيكل الصادرات
  3. اختلال هيكل الموازنة
  4. المديونية الخارجية
  5. تدهور معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي (غير النفط)
  6. تدهور مؤشرات التنمية البشرية
  7. تزامن ارتفاع معدلات التضخم والبطالة
  8. اتساع ظاهرة الفساد بكل أنواعه الإداري والمالي والسياسي
  9. تبديد الموارد
  10. ارتفاع معدلات النمو السكاني
  11. الانفتاح الاقتصادي غير المنضبط

ثالـثاًحــال البطالة في العراق
      قبل معرفة حال البطالة لابد من معرفة السكان النشطين اقتصادياً في العراق(السكان في سن 15 سنة فما فوقفقد بلغ 11.616 مليون فرد سنة 2003 ارتفعت الى 14.214 مليون فرد سنة 2008 وبعدل نمو سنوي مركب 5.5%،والشكل (1) يوضح تطور السكان النشطين اقتصادياً للمدة (2003-2008). 

  أما بالنسبة للبطالة فلا تتوفر بيانات دقيقة عنها يمكن الركون اليها في التحليل الاقتصادي قبل 2003 بسبب الظروف السياسية التي كان يمر بها البلد وضمور الجهد الإحصائي،وما يذكر من تقديرات عن معدلات البطالة لم تكن سوى اجتهادات شخصية لا تستند الى قاعدة إحصائية علمية ولا تحديد واضح المعالم للتعريف[4].ولكن بعد التاريخ انف الذكر قامت وزارة التخطيط بإصدار المسوحات الخاصة بالتشغيل والبطالة بشكل فصلي وسنوي،فضلاً عنإصدار المسوحات والتقارير التي تتعرض لمشكلة البطالة كمسح أحوال المعيشة وخارطة الحرمان وإستراتجية التخفيف عن الفقر .
     وقد تباينت التعاريف المستخدمة في تلك المسوحات الأمر، الذي ترك أثره في تقدير حجم البطالة في البلد ،الا ان تعريف منظمة العمل الدولية (ILO ) يبقى هو المستخدم الذي يعرف الفرد العاطل عن العمل بأنه "كل شخص قادر على العمل ويرغب فيه ويسعى اليه ويقبل به عند مستوى الأجر السائد ،لكنه لا يجد هذا العمل"[5]
وبحسب المفاهيم القياسية لمنظمة العمل الدولية يصنف السكان الى أربعة أصناف العاملون،العاطلون،غير النشطين اقتصادياً،دون سن العمل(وهي الفئة التي تقع أعمارها دون 15 سنةوتقسم فئة السكان في سن العمل الى عامل،عاطل،خارج نطاق القوى العاملة، استناداً الى نشاط الفرد خلال الأيام السبعة التي تسبق إجراء المقابلة مع أفراد العينة، وعلى ضوء مفهوم المنظمة يصنف الفرد ضمن القوى العاملة اذا عمل لمدة ساعة واحدة او تغيب عن العمل بشكل مؤقت خلال عملية المسح ،ويصنف الفرد عاطلاً عن العمل اذا لم يعمل لمدة ساعة واحدة ولم يتغيب عن العمل وكان يبحث عن عمل.فضلاً عن التعريف القياسي يظهر في المسوحات مفهوم العمالة الناقصة الذي يقصد به"معدل عمالة الأفراد الذين يؤدون عملاً مدفوع الأجر أو يعملون لحسابهم الخاص ،سواء أكانوا موجودين في العمل أم متغيبين عنه ،والذين يشتغلون ساعات عمل تقل عن معدلات الاشتغال الاعتيادية البالغة (35) ساعة أو الأفراد الذين يشتغلون ولكنهم يتسلمون دخولاً قليلة مقارنة بمستوى العمل أو الجهد المبذول أو الأفراد الذين يعملون بأعمال لا تتناسب مع مؤهلهم العلمي أو التقني"[6] والبطالة حسب المفهوم المتراخي  Relax Definition of Unemployment التي تنطبق على الأفراد المستعدين للعمل والباحثين عنه وعندما تكون سوق العمل غير منظمة ومجالات البحث عن العمل محدودة ،بشكل يكون امتصاص البطالة غير كاف ،أو أن العمال يعملون لحسابهم الخاص"[7] أو مايطلق عليه العمل بـ "الوظائف الهشة".
      ان تحليل البطالة في العراق يحتاج الى تحليل صارم لا يقتصر على تحليل سوق العمل لكون البطالة نتاج تفاعل الطلب وعرض العمل ،بل هناك ظروف خاصة تجعلها  تتأثر بعوامل خارجية وداخلية قد يكون بعضها يصعب السيطرة عليه ،وبلغ معدل البطالة 28.1% في المسح الذي اجري عام 2003 حسب مفهوم منظمة العمل الدولية كما يوضحه الجدول (1) ،في حين قدرت الأمم المتحدة المعدل بحوالي 50% [8]، ان هذا التفاوت بالتقديرات وعدم دقتها توقع الباحث في اللبس ، ان هذه النسب لا تشمل الأشخاص المحبطين الذين لا يبحثون عن العمل بجد واجتهاد ومنشأ هذا الإحباط هو فقدان الأمل في الحصول على الوظيفة بسبب الظروف التي يمر بها البلد مما يجعل من التعريف مشوشاً كما تهمل البيانات البطالة المقنعة التي تعد اخطر أنواع البطالة التي تعاني منه مؤسسات الحكومة[9]، انخفض المعدل الى 11.7% عام 2007 الا انه ارتفع الى 15.34% عام 2008 وهي آخر سنة تجري فيها المسوحات، ويرجع السبب في انخفاض تلك المعدلات الى التحسن النسبي في الأمن والى قيام الدولة باستيعاب قدر كبير من العاطلين في المؤسسات الحكومية ولاسيما الأجهزة الأمنية الجيش والشرطة ،فبعد ان كان عدد العاملين الحكوميين 827  ألف موظف سنة 1990 [10]،ارتفع الى ما يقارب 2320 ألف موظف[11]، والى 2645 ألاف موظف في عام 2011[12]،وهذا يشير الى وجود البطالة المقنعة والترهل في الجهاز الحكومي الذي يحتاج الى إعادة النظر فيه ولو بالأجل المتوسط ، لصعوبة التعديل في الأجل القصير بسبب ارتفاع معدلات الفقر والبطالة[13].

جدول (1)
معدلات البطالة في العراق مقارنة بالمعدل العام حسب البيئة والجنس
للسنوات (2003-2008)        %
حضر
ريف
مجموع
ذكور
إناث
مجموع
ذكور
إناث
مجموع
ذكور
إناث
مجموع
2003*
31.0
22.3
30.0
28.9
6.7
25.4
30.2
16.0
28.1
2004*
28.3
22.4
27.7
31.2
3.1
25.7
29.4
15.0
26.8
2005**
18.60
22.68
19.27
20.18
2.55
16.09
19.22
14.15
17.97
2006***
19.74
37.35
22.91
15.04
8.04
13.17
16.16
22.65
17.50
2007***
11.4
14.7
11.9
12.3
5.0
11.0
11.7
11.7
11.7
       2008
13.09
25.02
15.19
14.89
8.26
13.34
14.33
19.64
15.34
* باستثناء إقليم كردستان.
**بأستثناء الأنبار وأربيل ودهوك.
*** بيانات الحضر للمراكز الحضرية.
المصادر:
جمهورية العراق، وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، تقرير حول نتائج مسح التشغيل والبطالة لسنة 2003، كانون الثاني، 2004، جدول (1)، ص16
جمهورية العراق، وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي، الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات، مديرية الإحصاء الاجتماعي، نتائج مسح التشغيل والبطالةالمرحلة الثانية، النصف الأول لسنة 2004، كانون الأول 2004، جدول (1)، ص12
الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات، مسح التشغيل والبطالة في العراق لسنة 2006، تموز/ 2007، جدول (3-1)، ص25
الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات، مسح التشغيل والبطالة في العراق لسنة 2008، .
الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات، المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة العراقية 2007، جدول 5-4، ص 326-327

    تتباين معدلات البطالة في العراق حسب المعايير المستخدمة كالتباين البيئي (ريف-حضر)والمناطقي الذي يشير الى عدم المساواة بين المناطق مما يخلق تفاوتاً خطيراً كما تتباين بحسب التحصيل الدراسي والفئات العمريةويمكن إجمال خصائص البطالة في العراق على النحوالآتي[14]:-
  1. على الرغم من ان النساء يشكلن نصف المجتمع فأنهن لا يشكلن سوى 18% من معدل النشاط الاقتصادي البالغ 46.84% من إجمالي السكان عام 2008 مقابل 74.95% للذكور وتختلف النسب بين الريف والمدينة اذ بلغت 24.52% و78.01% في الريف و15.84% و73.79% في المدينة على التوالي وقد اختلت النسب خلال المدة 2003/2008 حسب ما يظهره الجدول انف الذكر .

شكل (1): معدل البطالة بحسب الجنس في العراق للمدة 2003-2008

  1. حسب تصنيف البطالة على مستوى الحضر-المركز والحضرالأطراف والريف نجد ارتفاعها عام 2008 في مناطق حضر المركز والأطراف بالنسبة للإناث وبمعدلات 25.02% و36.05% على التوالي في حين بلغت في الريف 8.26% وبالنسبة الى الذكور كانت 13.09% و15.42% و14.89% على التوالي.ويرجع هذا التباين الى ان المشاريع تكون في المدينة وان القطاع الزراعي يستوعب جزءاً من العمالة وخاصة النساء الرجال في الريف،إذ تم استيعاب جزء منهم في الجيش والشرطة مما وفر المجال امام النساء في العمل حتى ولو كان لحسابهم الخاص.
الشكل (2): البطالة في العراق حسب البيئة للمدة 2003-2008

  1. يظهر الجدول (2) تصنيف البطالة بحسب المحافظات،ومازالت محافظة ذي قار تتصدر المحافظات الأخرى إذ بلغت نسبتها 30.01%  لكلا الجنسين وكانت للذكور 46.93% وللإناث 28.22% تليها محافظة المثنى ثم نينوى ثم صلاح الدين ويرجع السبب في ذلك الى طبيعة اقتصادات تلك المحافظات المتمحور حول الزراعة والرعي،ويرجع أيضاً الى عدم الاستقرار الأمني بخاصة في محافظات الانبار ونينوىوديالى.وبالمقابل سجلت العاصمة بغداد اقل معدلات البطالة، إذ بلغت 11.77% لكلا الجنسين ،وكانت نسبة الذكور 10.18% و الإناث 17.14% تليها محافظة السليمانية ثم بابل وأربيل،إن انخفاض المعدلات في تلك المحافظات يرجع في جزء منه الى الاستقرار الأمني النسبي باستثناء بغداد والتي تؤدي طبيعة اقتصادها وحجمه دوراً مهماً في تقليص معدل البطالة وزيادة واحة العمل،وفي البصرة التي تتمركز فيها اغلب المنشات النفطية الكبيرة في البلد،أما المحافظات الأخرى وخاصة ذات الطابع الديني فقد كان للسياحة الدينية فيها دور مهم في استيعاب قوة العمل المنخرط في السوق المحلي.
جدول (2)
معدلات البطالة وترتيب المحافظات لسنة 2008                %
المحافظة
     الحضر
        الريف
    المجموع الكلي
ذكر
انثى
مجموع
ذكر
انثى
مجموع
ذكر
أنثى
مجموع
نينوى
18.49
30.77
20.08
25.77
9.09
25.02
21.31
27.69
21.91
كركوك
13.19
20.24
14.41
11.04
1.87
9.65
12.27
14.50
12.63
ديالى
10.30
22.60
14.01
12.78
14.33
13.01
13.27
20.12
14.62
الانبار
19.39
26.76
20.80
13.45
3.86
10.83
14.37
11.68
13.77
بغداد
10.32
22.82
12.54
4.42
3.28
3.93
10.18
17.14
11.77
بابل
12.59
32.67
17.59
9.90
3.61
7.69
12.25
12.55
12.34
كربلاء
11.08
36.54
15.43
12.76
14.98
13.03
11.56
28.93
14.20
واسط
12.22
27.09
14.59
11.97
4.72
9.82
12.46
13.51
12.71
صلاح الدين
21.03
24.60
21.71
17.54
3.48
14.26
19.80
10.86
18.01
النجف
12.53
29.89
14.75
12.08
10.30
11.85
13.24
22.77
14.48
القادسية
14.20
29.82
17.52
14.25
6.17
12.43
14.14
17.21
14.78
المثنى
21.09
16.30
20.35
31.45
4.66
28.41
26.78
11.27
24.89
ذي قار
22.84
41.58
26.47
30.07
53.13
31.79
28.22
46.93
30.81
ميسان
18.68
17.03
18.48
11.92
3.06
11.57
16.78
14.39
16.58
البصرة
14.82
21.07
15.87
15.38
13.46
15.27
14.89
20.07
15.51
دهوك
12.08
23.80
14.26
12.88
58.52
17.51
13.29
39.72
16.91
اربيل
7.00
8.43
7.24
7.73
64.82
23.90
7.49
36.03
13.22
السليمانية
6.34
24.58
10.45
7.15
23.69
11.26
7.91
27.41
11.88
المجموع
13.09
25.02
15.19
14.89
8.26
13.34
14.33
19.64
15.34
المصدروزارة التخطيط والتعاون الانمائي "مسح التشغيل والبطالة لسنة 2008، ص 33 .

والشكل (3) يوضح معدلات البطالة حسب المحافظات لعام 2008

    تعد البطالة بين الشباب من اكبر المخاطر التي تواجه الحكومة العراقية لكونها اعلى من المعدل العام بكثير ،وهي الفئة الأكثر تأثيرا في الحياة،إذ تشكل بطالة المتعلمين ،ومن منظور اقتصادي بحت، يمكن أن يكونارتفاع أعداد شباب وشابات العراق ونسبهم تحديا للسياسات الوطنية نظراً لضرورة توفير المزيد من الخدمات التعليمية ومرافق البنية التحتية لهم، فضلاً عن إيجاد فرص عمل لائقعلى أية حال،فهذه مفاضلة قصيرة الأمد وتفتقر إلى الاعتبارات متوسطة الأمد والطويلة بالنسبة للجوانب الاجتماعية والاقتصادية للفرصة المرتبطة بالنمو السريع للشباب.و يجب تجسيد هذه الفرصة على أن تكون السياسات الاقتصادية والاجتماعية مؤاتية للشباب وتراعي الفوارق بين الجنسين بالنسبة لموارد التنمية البشرية الإستراتيجية المستقبلية،وقد بلغ معدل البطالة من فئة الشباب 15-24 سنة 30.28% سنة 2006 ولم تتغير النسبة خلال سنة2008 ،مما يدل على ان التوجهات لم تنصب على علاج البطالة في هذه الفئة العمرية ، وكانت النسب متقاربة بين الذكور والإناث الا انها تختلف بين المدينة والريف.( الجدول 6)

شكل (4): معدل البطالة بين الشباب في الفئة العمرية (15-24 سنة) 2004-2008


وقد سجلت الفئة العمرية 15-19 سنة أعلى معدلات للبطالة إذ بلغت 34.12% بسبب ما تشكله هذه الفئة من قوة العمل التي تتجاوز نسبتها 30%،ومما تجدر الإشارة اليه ان معدلات البطالة تتناسب عكسيا مع الفئات العمرية، إذ نجد أن أدنى المعدلات تقع في الفئة العمرية 60-64 سنة التي بلغت 4.63 عام 2008. (ينظر جدول 3)
جدول ( 3)
معدلات البطالة حسب الفئات العمرية لسنة 2008               %
فئات العمر
ذكـر
انثى
المجموع
15-19
37.07
21.62
34.12
24.20
25.19
35.64
27.09
25-29
15.70
25.68
17.66
30-34
8.72
19.14
10.72
35-39
5.48
16.85
7.71
40-44
5.03
12.62
6.55
45-49
4.71
6.80
5.16
50-54
4.67
5.73
4.88
55-59
4.97
5.02
4.98
60-64
4.77
3.77
4.63
65 فأكثر
5.41
4.26
5.30
المصدروزارة التخطيط والتعاون الإنمائي "مسح التشغيل والبطالة لسنة 2008، ص 35.

  1. ان ارتفاع معدلات البطالة رافقها ارتفاع في عمالة الأطفال في الفئة العمرية 5-14 سنة ،فقد بلغت نسبة العاملين منهم الى عددهم من الفئة العمرية نفسها 5.83% وتركزت غالبيتها في الريف إذ بلغت 10.44%،في حين بلغت في المركز 2.67% ، ويرجع ذلك الى تسرب الأطفال من المدارس،هو لمواجهة متطلبات العيش،فضلاً عن ضعف الوعي الثقافي وانعدام الدافعية لدى الآباء مما حدا بهم الى توجيه أبنائهم للعمل دون الالتحاق بالدراسة[15]

  1. وعلى الرغم من التناسب العكسي بين البطالة والمستوى العلمي،الا انه نجدها مرتفعة بين حملة شهادة البكالوريوس،إذ بلغت 16.1% شكلت الإناث 23.5% و13.1% للذكور وهي أعلى من المعدل العام وبمقارنة مع معدل البطالة للذين لا يحملون شهادة أذ بلغت 16.4% لكلا الجنسين شكلت الإناث 14.6% والذكور 17% في حين كانت أدنى المعدلات لحملة الدكتوراه.(الجدول 4)

جدول ( 4 ): معدل البطالة حسب الحالة العلمية والجنس لسنة 2008          %
الحالة العلمية
بدون شهادة
ابتدائية
متوسطة
اعدادية
دبلوم
بكالوريوس
دبلوم عالي
ماجستير
دكتوراهفاعلى
اخري
ذكر
17.0
14.7
12.0
12.3
12.5
13.1
3.0
8.1
1.9
25.0
انثى
14.6
17.3
34.1
30.1
18.5
23.5
11.4
9.2
6.2
9.7
المجموع
16.4
15.0
14.2
15.2
14.6
16.1
5.3
8.4
2.7
21.4
المصدروزارة التخطيط والتعاون الانمائي "مسح التشغيل والبطالة لسنة 2008، ص 35.


شكل (5): معدل البطالة حسب الحالة العلمية والجنس لسنة 2008


  1. تشير العمالة الناقصة بسبب قلة ساعات العمل والرغبة بالعمل الإضافي للمشتغلين بسن 15 سنة فما فوق فقد بلغت 8.46% لكلا الجنسين سنة 2008 بعد ان كانت 23.5% سنة 2003 فاختلفت على مستوى البيئة والجنس كما في الجدول (5).
جدول ( 5 )
معدل العمالة الناقصة بسبب قلة ساعات العمل والبيئة والجنس
السنة
    حضــر
ريـــــف
    المجموع
ذكر
انثى
المجموع
ذكر
انثى
المجموع
ذكر
انثى
المجموع
2003
14.0
26.4
17.7
29.2
65.5
36.3
19.4
40.2
23.5
2006
12.58
3.68
11.28
12.91
2.51
9.96
12.20
3.83
10.83
2008
7.68
1.24
6.68
12.39
2.97
10.07
9.73
2.70
8.46
المصدروزارة التخطيط والتعاون الانمائي "مسح التشغيل والبطالة لسنة 2003، ص 18.
          وزارة التخطيط والتعاون الانمائي "مسح التشغيل والبطالة لسنة 2006، ص 44.
           وزارة التخطيط والتعاون الانمائي "مسح التشغيل والبطالة لسنة 2008، ص 57.

  1. إن الانخفاض الذي شهده معدل البطالة عام 2005 لم يكن نتيجة تبدل أوضاع سوق العمل، بل يرجع بالدرجة الأساس إلى تبدل في آلية جمع البيانات الخاصة بالبطالة، واستبدال السؤال الأساس في المسح بما يتناسب مع معايير منظمة العمل الدوليةعلى إن الشخص الذي عمل بأجر ولو ساعة واحدة في الأسبوع السابق للمسح لا يصنف عاطلا[16].
  2. وعلى الرغم من إن القطاع الزراعي غير قادر على خلق فرص عمل لسكان الريف، مما فرض عليهم الهجرة الى المدينة للعمل في أنشطة خدمية وفي قطاع البناء والتشييد أو التوظيف في المجال العسكري،وهذا ولد ضغوطاً على الخدمات في المدينة،لذا لابد من تشجيع الاستثمار الخاص في الأنشطة غير الزراعية في الريف بغية ضمان توليد فرص عمل جديدة من خلال تبني المشروعات الصغيرة التي ينبغي توجيهها إلى الريف لزيادة فرص توليد الدخل وفرص العمل للعمال الزراعيين الذين لا يملكون أرضا زراعية .
  3. على الرغم من التذبذب في معدلات النشاط الاقتصادي ومحدودية مساهمة المرأة في قوة العمل  ،الا أننا نلاحظ من الجدول الآتي إمكانية أن تسير البطالة بالاتجاه نفسه الذي يسير فيه النشاط الاقتصادي.( الجدول6) 

جدول (6)
معدل البطالة والنشاط الاقتصادي لسنة 2008             %
السنة
2003
2004
2005
2006
2008
معدل البطالة
28.1
26.8
17.97
17.5
15.34
معدل النشاط الاقتصادي
44.1
48.5
49.55
49.72
46.48
           وزارة التخطيط والتعاون الانمائي "مسح التشغيل والبطالة لسنة 2008، ص 12 و19.
   ويمكن معرفة اتجاه الحركة بين معدل البطالة ومعدل النشاط الاقتصادي من خلال الشكل الاتي
       شكل (6) معدل النشاط الاقتصادي ومعدل البطالة 2003-2008
  
   رابعاً اليـات توليد البطالـة
         إن البطالة في العراق هي نتاج تفاعل عدة عوامل ،منها ما يتعلق بطبيعة الاقتصاد العراقي ومنها ما يتعلق بسوق العمل التي تأثرت بشكل كبير بالحالة الأمنية وظروف الحرب والحصار،فضلاً عن اعتماد هذه السوق على القطاع العام في توليد فرص العمل[17].
   ان تفاقم البطالة يرجع الى عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية...... ،الا ان هناك آليات تساعد على توليد البطالة وهي:-
  1. الطبيعة الريعية للاقتصاد العراقي
يعد الاقتصاد العراقي اقتصاداً ريعياً يشكل النفط أكثر من نصف ناتجه المحلي الإجمالي واكثر من 90% من صادراته والمصدر الرئيس في تمويل الموازنة ،وعلى الرغم من هذه الأهمية الا انه لا يستوعب سوى 2% من قوة العمل،إضافة الى ان ما يحصل من نمو في القطاع النفطي لا يؤثر في التنمية في البلد التي يفترض ان تنمو القطاعات الأخرى ثلاثة أمثال النمو في القطاع النفطي حتى تستوعب القوى العاملة[18]. وأن الاقتصادات الريعية بطبيعتها غير مولدة لفرص العمل ،وهذا ما أدى الى تفاقم معدلات البطالة[19].

  1. النمو السكاني المرتفع
      بلغ سكان العراق 6.299 مليون نسمة حسب تعداد 1965 ،فقد ارتفع الى 22 مليون نسمة استناداً الى آخر تعداد اجري في العراق عام 1997 الا انه قدر بـ 29 مليون نسمة سنة 2007 وبمعدل نمو سنوي مركب 2.4%[20]وهو من أعلى المعدلات في العالم في حين بلغ معدل نمو القوى العاملة 5.5%[21] وأهم ما يميز السكان هو غلبة الفئة العمرية اقل من 15 سنة التي بلغت 43.1% من مجموع السكان وانخفاض الفئة العمرية أكثر من 65سنة التي تبلغ 2.8% وهذا يدلل على ارتفاع معدل الإعالة العمرية الذي بلغ 45.9% مما يولد ضغوطاً على سوق العمل والى ضغوط على الدولة في توفير الخدمات الصحية والتعليمية ...ان زيادة معدل النمو السكاني يعني ضخ قوة عمل جديدة في سوق العمل ، وعلى الرغم من آثارها الايجابية، لكونها في المجتمعات الديناميكية تعبر عن قوة على أنها تزود الاقتصاد بقوة إنتاجية متجددة تسهم في النمو الاقتصادي[22] في ظل عوائد "الهبة السكانية"،وأنهاتخلق طلباً إضافيا يؤثر في الإنتاج، وبالتالي زيادة الطلب على قوة العمل، وبالمقابل اذا لم تستغل الزيادة السكانية بشكل سليم عن طريق استيعابها في المجالات الإنتاجية فإنها سوف تؤدي الى بطالة اكبر.
جدول (7)
سكان العراق للمدة 1987 – 2009               ألف نسمة
السنة
1987
1997
2000
2004
2005
2006
2007
2008
2009
معدل النمو %
عدد السكان
16335
22046
24086
27139
27963
28810
29681
30581
31508
2.4
المصدر:السنوات 1987-2006 وزارة التخطيط والتعاون الانمائي،الجهاز المركزي   للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات"المجموعة الاحصائية السنوية 2005-2006" ص 48
السنوات 2007-2009 التقرير الاقتصادي العربي الموحد ص 312
  1. الحالة الامنية
        أثرت الحالة الأمنية في الوضع الاقتصادي والاجتماعي بشكل كبير حتى ان بعضهم قسم مناطق البلد الى مناطق ساخنة ومناطق آمنه ،وكان للتدهور الأمني أثره في القطاعات الاقتصادية كافة، الا ان القطاع الأكثر تأثراً هو قطاع الكهرباء الذي يعد عصب الحياة وقد توقفت معه اغلب المشاريع ،ومن ثم صار التدهور الأمني قيداً يكبل القطاع الخاص المحلي والأجنبي وعائقاً أمام الاستثمار الأجنبي المباشر، على الرغم من محاولات الحكومة خلق البيئة الاستثمارية الجاذبة للاستثمار من خلال إصدارات التشريعات اللازمة لهذه البيئة.وقد تباينت الآراء حول العلاقة بين الأمن والبطالة اذ يرى بعضهم ان البطالة هي المسببة للتدهور الأمني في حين يرى آخرون خلاف ذلك ،إذتفرز الحالة الأمنية المتدهورة معدلات مرتفعة من البطالة، كما هي الحال في المناطق الساخنة(نينوى ،الانبار،ديالى)وهذا الرأي يمكن رده لان هناك محافظات آمنة لكن معدلات البطالة فيها مرتفعة كما في ذي قار والمثنى ،وهناك رأي ثالث وهو الأرجح ،إذ يرى ان العلاقة بينهما علاقة تبادلية ذلك ان انعدام الأمن يؤدي الى توقف عمليات إعادة الأعمار وهو ما يؤدي الى انعدام الوظائف، ومن ثم انعدام الأمن[23]في حلقة مفرغة ومحكمة.
  الفساد يغذي البطالة
      يعد الفساد الارهاب البارد من اخطر المشاكل التي تؤرق السياسيين قبل صانعي القرار الاقتصادي بعد ان كبر حجمه وتشعبت آثاره واستفحل أمره في اغلب مفاصل المؤسسات العامة،ولم تقتصر خطورته على المفهوم الخاص الذي تبناه البنك الدولي باستغلال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب شخصية ،بل تعدى ذلك الى الجوانب الأخلاقية والاجتماعية والسياسية وتزداد خطورته إذ يؤدي الى تشويه النسيج الاجتماعي والبنى الطبقية في المجتمع[24].وحسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية احتل العراق المركز 178 من مجموع 180 دولة استناداً الى مؤشر مدركات الفساد ولم يسبقه الا الصومال ومينمار[25]. وعلى الرغم من امتداد آثار الفساد الا أن آثارهفي البطالة تتأتى من خلال الحد من النمو الاقتصادي إذ يؤثر في حجم الاستثمارات المحلية والأجنبية لان الاستثمار يتجنب البيئة التي يستشري فيها الفساد وهذا ما يؤدي الى الفقر والبطالة ..........[26]نتيجة النقص الحاصل في الوارد الموجهة لمعالجة الفقر وتوليد وظائف جديدة في الاقتصاد.
  1. الانفتاح التجاري
        ان اختلال هيكل التجارة الخارجية هو إحدى سمات الاقتصاد العراقي، لكون هيكل الصادرات يتصف بعدم المرونة ويتركز على النفط ،فضلاً عن طبيعة المجتمع العراقي الذي يستهلك ويستثمر أكثر مما ينتج ويدخر وهذا ما جعل  طلب العراقيين على المنتجات الأجنبية أعلى بكثير من طلب الأجانب على المنتجات العراقية،وقبل التغيير في 2003 أدى ضعف فاعلية السوق وما يتبعها من سوء تخصيص الموارد بان يكون المسوغ الأساسلإتباع سياسة الحماية التجارية التي بنيت على نمط سياسة إحلال الواردات والاعتماد على الدولة في إدارة القطاع التجاري وتهميش القطاع الخاص وعدم السماح للقطاع الأجنبي في العمل بالمجال التجاري،وقد ادى هذا التوجه التنموي الى ان يكون النمو الاقتصادي غير قابل للاستدامة، لكن الوضع قد تغير بعد التغيير أذ أصبح من غير الممكن القبول بماضي العراق التجاري دليلاً على مستقبله لكون الظروف قد تبدلت ،فالانفتاح على الاقتصادات المتقدمة قد يسهم في بناء قاعدته الإنتاجية المدمرة وتحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي،الا ان هذا الانفتاح الذي حدث بعد 2003 يمكن ان يوصف بالانفتاح المنفلت.
       ان سياسة حرية الاستيراد وان اتفقت مع الأطروحة الرأسمالية التي تتمثل في مقولة "دعه يمرالا انها لم تكن على وفق ضوابط وأسس تحكمها متطلبات الاقتصاد فقد أغرقت السوق المحلية بالسلع والبضائع ذات المناشئ العادية والنوعية الرديئة بهدف جني الأرباح وهو ما ترتب عليه أمران[27]:-
اختفاء الصناعات والمهن الصغيرة التي تعد اساس النهوض بالاقتصاد
تزايد عدد العاطلين عن العمل ودخولهم في صفوف البطالة المستشرية أساسا.
     ان سياسة الاستيراد غير المنضبط على الرغم من ايجابياتها في توفير السلع للمواطن الذي عانى من الحرمان طوال ثلاثة عقود،الا ان آثارها السلبية أكثر بكثير من تلك الايجابية إذ وصل الأمر بالبلد الى ان يستورد المياه المعدنية،وهو يمتلك الرافدين (دجلة والفرات)،وعملت أيضاً على تدمير الصناعة والزراعة اللتين عملتا في ظل حماية الدولة ولم يعتادا على المنافسة،لذا أدت هذه السياسة الى تعطيل الطاقات الإنتاجية ومن ثم التأثير فيالبطالة،وظهور نوع من البطالة سمي بالبطالة المستوردة او البطالة الناشئة عن أسباب خارجية[28].وأدت هذه السياسة الى إفلاس العديد من المؤسسات الحرفية والصناعات الوطنية بسبب المنافسة غير المتكافئة مع السلع القادمة من الصين وبعض دول الشرق.

  1. الدولة رافد للبطالة المقنعة
     ان تزايد معدلات البطالة أدى بالدولة الى إتباع الأسلوب التقليدي الذي انتهجته الحكومات السابقة وذلك بالتوسع في ملاكاتها وخاصة في قطاعي الجيش والشرطة ، وإدماج المليشيات (عناصر الصحوات بالدرجة الأساسفي القوات الأمنية ،على الرغم من توجه الدولة نحو اقتصاد السوق والخصخصة الا انه نجد استمرار النمو في حجم العاملين في قطاع الدولة نتيجة زيادة زخم التوظيف في المؤسسات الأمنية ويقدر موظفي القطاع العام بـ 2.395 مليون موظف عام 2008 ارتفع الى 2.562 مليون موظف سنة 2010. وبلغت نسبة تعويضات المشتغلين في القطاع العام 61% سنة 2005 وارتفع الى 64% سنة 2007 من إجمالي تعويضات المشتغلين وكان لابد من هذا الإجراء لمعالجة مشكلة البطالة التي تولدت بعد عام 2003 والتي أسهمت بتغذية الإرهاب ويمكن تلمس العلاقة العكسية بين نمو حجم الأجهزة الأمنية وانحسار العمليات الإرهابية، وان كان ذلك مرهقا لموازنة الدولة، الا ان هذا العلاج الاقتصادي للمشكلة كان هو الأكثر نفعا وجدية في الحل.وان زيادة الرواتب والاجور في مؤسسات القطاع العام وان شكل عبئاً على الموازنة الا انه عمل على جذب العاملين اليه بعد ان كان طارداً للعمل قبل التغيير

شكل (6): تطور أعداد موظفي القطاع العام 2004-2010

  1. عدم التوافق بين النظام التعليمي وسوق العمل
       ان احد الأهداف الرئيسة للتعليم هو تمكين الناس بالحصول على العمل يتفق مع ما يحمله الشخص من مؤهلات علمية،فالعمالة هي ترجمة لعملية التعليم والتي من خلالها يمكن الحصول على النمو والتوزيع العادل لثماره بغية مواجهة الفقر والبطالة ،ولكن عندما تنقطع العلاقة بين العمالة والتعليم يتم هدر الموارد وتبديد العوائد،ويزداد الأمر سوءاً لجمود مؤسسات التعليم وقلة الاستثمارات وعدم تلبية متطلبات السوق بنوعية العمالة المطلوب، نجد أهم ما يؤرق الحكومة هي بطالة الخريجين التي تظهر استمرار إدامة التعليم العالي في العراق سوق العمل بشكل لا يتلاءم مع حاجته 

  1. تدني مساهمة القطاع الخاص
       كان دور الدولة إنمائيا بعد 1958 اذ عد النشاط الاقتصادي جزءاً من مهماتها ووضعت الخطط الاقتصادية لتحقيق هذا الدور ،وأصبح القطاع العام يتسع حتى وصل الى امتلاك المؤسسات الإنتاجية والخدمية وفي مختلف القطاعات وتركز هذا التدخل خلال حقبة السبعينات الى منتصف الثمانينات ،ولم يدم هذا الدور طويلاً بسبب الظروف التي مر بها البلد فاتخذت الدولة دوراً تصحيحياً وهي بذلك أخذت تغازل البنك والصندوق الدوليين ، فقامت بخصخصة بعض المؤسسات العامة وترشيق جهاز الدولة مما خلق جيشاً من العاطلين بعد إضافة أعداد المسرحين من الجيش بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية ليزيد من معدل البطالة، وقد ازداد الأمر سوءاً بعد غزو الكويتومارافقه من فرض العقوبات الاقتصادية وهذا ما فرض على الحكومة ان تستبدل نهجها الاقتصادي وتقوم بدعم القطاع الخاص المحلي وتسمح بشكل محدود للاستثمار العربي بالاستثمار في العراق ،الا ان القطاع الخاص المحليولج القطاع التجاري  مما خلق طبقة من التجار سيطرت على حركة التجارة مما ولد شعوراً لدى الحكومة بأنهم أصبحوا يشكلون خطراً على قدرتها على التحكم بالاقتصاد مما أدى بها الى إعدام مجموعة من التجار في عام 1992وبطريقة بشعة وهذا ما أثر في القطاع الخاص الذي هرب هو وأمواله الى الخارج .ولكن بعد التغيير في 2003 تفاقمت مصاعب هذا القطاع فضلاً عن تردي الوضع الأمني ،فأن عمليات السلب والنهب قد طالت اغلب المنشات الخاصة ،وأسهم الاستيراد غير المنضبط في تدهور القطاع الخاص لعدم قدرته على المنافسة السعرية والإنتاجية لكون السلع المستوردة ارخص ثمناً وذات نوعية رديئة مما حدا بالدولة الى ان تلتفت الى هذه النقطة في العام 2011وتفرض آليات السيطرة النوعية وإلزام المستوردين بالحصول على شهادة المنشأ وحتى هذا الإجراء غير كاف في دعم القطاع الخاص ،وقد أثر هذا التدهور في القطاع الخاص على أوضاع البطالة اذ أصبح غير قادر على امتصاص أعداد العاملين المتزايدةفمحدودية هذا القطاع تعني محدودية استيعابه للعمالة لان طلبه للقوى العاملة دالة في نشاطه.

خامسـاًآثـار البطالة
      إن البطالة، بالرغم من انها تمثل هدراً بالموارد البشرية ،الا ان لها اثار اقتصادية واجتماعية خطيرة لكونها تؤشر المسار غير الصحيح للعملية الاقتصادية وما يرافقها من تدهور دخل الفرد  وتعميق حالة الركود الاقتصادي ،وتبرز خطورتها في هجرة الكفاءات العراقية الباحثة عن فرصة العمل ،ولها آثار اجتماعية تهدد عملية الاستقرار الاجتماعي من خلال تفشي الأعمال غير المقبولة اجتماعياً والتسرب من الدراسة وانتشار الأمية ،وانتشار الجريمة،بخاصة لدى الشباب العاطلين عن العمل أذ تشير احدى دراسات البرنامج الإنمائي حول العراق الى ان 85% من الجرائم التي تقع عند الفئة العمرية 10-24 سنة هي لدى العاطلين عن العمل[29]. الا ان التأثير الأكبر هو فيمستويات الفقر الذي هو نتاج للظروف التي مرت بالبلد، ولان الفقر بوصفه ظاهرة مركبة ومعقدة لكونها ترتبط بظواهر لا تقل عنه أهمية كالبطالة والأمية وتردي الوضع الصحي التي تشكل الظواهر الأكثر إيلاما على الفرد والمجتمع والحكومة.
  وتشير خارطة الحرمان لسنة 2006 الى ان مستوى الفقر في العراق بلغ 65% في الريف بينما كان 21% في المدينة في حين قدرت وزارة التخطيط العراقية معدل الفقر بـ 23% سنة 2007[30] وهذا يعني ان حوالي سبعة ملايين من سكان العراق هم تحت خط الفقر ،لذا ان الامر يحتاج الى حلول استثنائية حزمةًً متكاملة والا سوف نكون امام حلقة مفرغة بين تلك الظواهر ،فلا يمكن الحد من الفقر الا من خلال تخفيض البطالة ، ولا يمكن القضاء على البطالة ما لم يتم تحسين الوضع التعليمي والصحي ، ولا يمكن تحقق ذلك ما لم  يتم تحسين الوضع المعاشي للفرد العراقي.
  ان مكافحة الفقر تمثل تحدياً حاسماً امام الحكومة يتطلب ضمان نمو مستدام وخلق فرص للعمل ، واعادة النظر بالنظام التعليمي الذي يجب ان ياخذ بنظر الاعتبار سوق العمل ، مع معالجة الاسباب البنيوية المولدة للبطالة.

سادساً:سبل معالجة البطالة
    تمثل البطالة مصدراً من مصادر التوتر الاجتماعي في العراق ومن مصادر الأزمة بين المجتمع والسلطة ،لكونها من معوقات التنمية ومغذية للعنف والتطرف والإرهاب وتوسعها يعني توسيع لدائرة الفقر لا بل ان العاطلين سوف يشاركون العاملين في إنتاجهم، لذا لابد من معالجة الأسباب البنيوية المغذية للبطالة واظهار الحالات السلبية المولدة لها التي تقدم ذكرها لتكون ايجابية بغية استيعاب قوة العمل المتزايدة،وان التحول من الاقتصاد الريعي المتمحور حول النفط الى اقتصاد متنوع قادر على استيعاب العمالة وبخاصة في القطاعين الصناعي والزراعي اللذين يعدان المستوعبين لقوة العمل ،فضلاً عن الإجراءات الأخرى التي يمكن إدراجها في أدناه:- 
  1.  قامت الحكومة العراقية بمنح القروض الميسرة لتحقيق هدفين رئيسين هما التخفيف من حدة الفقر والبطالة لما لها من اثر في خلق فرص العمل ،وأدى هذا الإجراء الى ظهور أنماط جديدة للعمل والتشغيل المتمثلة في رفع قدرة العمل الذاتي لدى الشخص العاطل أو الذين يعملون لحسابهم الخاص  من خلال اكتسابهم للمهارات والقدرة على استغلال مواردهم بكفاءة عالية لكون العمل التقليدي غير قادر على استيعاب العاملين لذا كان الاتجاه نحو العمل الذاتي والحر.
       بدأ العمل بهذا الأسلوب في عام 2007 وتمثلت الشرائح المشمولة بالقروض الميسرة ،الخريجين والمهجرون بسبب أعمال العنف او الإرهاب،أصحاب المشاريع المتضررة بسبب الإرهاب والعوائل المتضررة بسبب الإرهاب أيضا.بدا المشروع بأربعة مراحل الأولى في بداية العام 2007 بتوفير 18445 فرصة عمل بتخصيص 235 مليون دولار والمرحلة الثانية بخلق 250 فرصة عمل بتخصيص 30 مليون دولار لمحافظات بغداد والموصل والبصرةومبلغ 25 مليون دولار لبقية المحافظات،والمرحلة الثالثة اقتصرت على العاصمة بتخصيص 60مليون دولار شملت 40028 مقترض والمرحلة الأخيرة بخلق 250 الف فرصة عمل .
    وعلى الرغم من حداثة هذا المشروع الا ان تنفيذه يؤشر على أهميته وحيويته وجدواه في امتصاص قدر معين من البطالة وبذلك فهو يحتاج الى تطوير واستمرارية وان تكون هناك برامج موازية له تتعلق في التدريب والتأهيلوالتطوير[31].
              وتؤدي القروض الصغيرة دوراً اقتصادياً واجتماعياً لانها تؤدي الى امتلاك الإفراد أصول جديدة تعمل على كسب دخل إضافي واستيعاب عمالة أكثر ،لذا لابد من استمرار العمل بها وضمان ديمومتها وخاصة في المناطق الزراعية ،كونها أثبتت نجاحها فخلال عام 2007 تم خلق 18139 فرصة عمل وخلال المدة 2003-2009 تم خلق 244144 فرصة عمل توزعت 228213 للذكور و15931 للإناث تدرب منهم 766 متدرباً

  1. إصلاح نظام التعليم
       يلعب النظام التعليمي دوراً مهماً في تحقيق النمو الاقتصادي على أنه يؤمن موارد بشرية بالكم والنوع المطلوب ،الا ان التشوهات التي حصلت في تخصيص الموارد أثرت في اتجاه النظام التعليمي ،أذ ساد التفضيل للتخصصات الأدبية على التخصصات العلمية ، كذلك تفضيل التوظيف العام غير المرتبط بالإنتاجية قلل من أهمية التعليم[32]، ذلك بان المؤهلات العلمية استخدمت لاحتساب الرواتب والاجور وليس لغرض الكفاءة الإنتاجية ،وهذا يتوجب ان توثق العلاقة بين النظام التعليمي وسوق العمل وان يستهدف هذا النظام العاطلين عن العمل من خلال برامج التأهيل والتدريب وان توثق العلاقة بين المجتمع والجامعة بصفتها في إعداد جيل من المتعلمين يلبي حاجة السوق .

  1. تفعيل دور السياسات النقدية والمالية
      تعد البطالة مؤشراً للحالة التي يمر بها الاقتصاد ،وعلى الرغم من صعوبة تحديد ما يظهره معدل البطالة ،الا انه يظهر مجموعة مركبة من اختيارات الأفراد ،الإجراءات التنظيمية التي قد تتغير بمرور الزمن[33].ولمعالجة الحالة التي يمر بها الاقتصاد تستخدم على الأغلب السياستين النقدية والمالية بعد تشخيصها وفي حالة العراق فان الاقتصاد يمر بحالة التضخم الركودي .
    ان السياسة النقدية في العراق تعمل من اجل تحقيق هدف واحد هو السيطرة على سعر صرف الدينار وهذا الهدف لم يتحقق عبر الآليات التقليدية من خلال التحكم بعرض النقد او سعر الفائدة وإنما من خلال مزاد العملة ،ففي الوقت الذي يجب ان يتدهور سعر صرف العملة بسبب زيادة عرض النقد بشكل كبير أذ ارتفع من 3.75 ترليون دينار عام 2003 الى 28.19 ترليون دينار سنة 2008 في حين انخفض سعر صرف الدينار من 1957 دينار لكل دولار سنة 2003 الى 1170 دينار/دولار سنة 2008 ،وبذلك فان استهداف التضخم من خلال السيطرة على سعر الصرف متجاهلة الأهداف الأخرى المتعلقة بالتأثير في سياسة التشغيل،علماً ان مزاد العملة يمول عن طريق إيرادات النفط بشكل ادى الى ان تكون السلع المستوردة ارخص من السلع المحلية التي اثرت في المنتج المحلي وبالتالي تقليص فرص العمل والتأثير في المشاريع الصغيرة والمتوسطة وهذا ما يسمى "المرض الهولندي"[34].
   أما السياسة المالية التي تعبر عن دور الدولة في النشاط الاقتصادي هي الأخرى لها دور في امتصاص البطالة من خلال السياسة المالية التوسعية المتمثلة في زيادة الإنفاق العام وتخفيض الضرائب لرفع مستوى الطلب الفعال الذي يؤثر في زيادة الطلب على القوى العاملة[35] ،لكونهما يرتبطان بعلاقة ايجابية .ان هذه السياسة أدت الى ترهل الجهاز الحكومي تمثلت بالبطالة المقنعة الامر الذي يتطلب إعادة النظر في الموازنة العامة وإعادة ترتيب سلم الأولويات بحيث تهدف الى امتصاص البطالة من خلال دعم المشاريع الصغيرة ودعم القطاعين الصناعي والزراعي على انهما القادران على استيعاب البطالة ،فضلاً عن وضع موازنة استثمارية مستقلة عن الموازنة التشغيلية تأخذ على عاتقها خلق فرص عمل واستيعاب تشغيل الأيدي العاملة[36]، وإعدادها بشكل ينسجم مع الوضع الاقتصادي.كما يتطلب الأمر دعم القطاع الخاص.
  1. ان خلق فرص عمل إضافية تتطلب تسريع وثائر النمو وخلق دفعة قوية للاستثمار وفي مختلف القطاعات الاقتصادية،ولكن في العراق وعلى الرغم من القوانين والتعليمات الصادرة لخلق بيئة استثمارية جاذبة الا ان العامل الأمني لم يزل هو المحدد الأساس لجذب تلك الاستثمارات وخاصة الأجنبية منها ،أما في مجال الاستثمار الحكومي فانه بلغ 31% من إجمالي التخصيصات وبلغت نسبته الى الناتج  26.1% [37]،وهي نسبة مثلى الا ان المشكلة تتعلق بالظروف المحيطة بالبلد وخاصة تفشي ظاهرة الفساد وعدم كفاءة الجاهزة التنفيذية ،لذا لم تجد الحكومة التي تعد رب العمل الأساس رب عمل شريك يستطيع توفير فرص عمل وتامين استمرارها الا وهو القطاع الخاص خاصة وان البلد من الناحية الدستورية يتجه نحو اقتصاد السوق الذي يجب ان يكون بشكل علمي ومدروس بحيث لا يتم فسح المجال في انسياب الفائض الاقتصادي صوب القطاع الخاص وتمنعه عن الدولة[38]،  وبذلك تتم إضافة أعداد جديدة للحيتان السمان.
  2. تصحيح مسار السياسة التجارية بشكل يؤمن ضبط الاستيراد حتى لو تطلب الامر حماية المنتج المحلي في الأجل القصير على ان يتم تحريرها بشكل تدريجي وانتقائي[39]،على ان الاستيراد المنفلت أدت الى تدمير الاقتصاد العراقي أذ أفرزت سياسة الباب المفتوح ضخامة الخسائر التي تكبدها خلال إنتاج المزيد من التشوهات في النشاط الاقتصادي وتعاظم حجم البطالة وتدهور الأجور.......، وفي جانب الصادرات لابد من التركيز على السلع ذات الميزة التنافسية وذات القيمة المضافة المرتفعة ، كذلك اعادة النظر في التعريفة الكمركية بشكل يؤمن الحماية المرحلية بالحدود التي تسمح بها التزامات العراق مع العالم الخارجي خاصة المؤسسات الدولية.على الرغم من تعارض هذه الإجراءات مع متطلبات تحفيز الاستثمار الأجنبي.
  3.         تنشيط مكاتب التشغيل في المناطق الحضرية مع إنشائها في المناطق الريفية بغية خلق فرص العمل في ظل تقلص فرص العمل الزراعية على ان لا تقتصر فرص العمل على القطاع العام،ان هذه الآلية إحدى آليات تخفيف الفقر الواردة في إستراتجية تخفيف الفقر في العراق من خلال خلق فرص العمل في الريف والمدينة[40]. 

سادساً:الخاتمـة
      تعد البطالة من اخطر الافات التي تفتك بالمجتمع العراقي لما لها من اثار سلبية سواء أكانت اقتصادية ام اجتماعية أو سياسية ،لذا فهي تحتاج الى حلول جذرية لما لها من ارتباط وثيق بمسالة الأمن والأعمار ، اذ لايمكن القضاء على البطالة ما لم يتحقق الأمن ولا يمكن تحقيق الأمن ما لم يتم استيعاب الإعداد الهائلة من القوى العاملة ، لذا فان الأمر يتطلب كسر الحلقة المفرغة والمحكمة بين الأمن والبطالة ، وعلى الرغم من الإجراءاتالتي اتخذتها الحكومة لغرض التخفيف من حدة هذه المشكلة الا انها غير كافية في الحد منها،وتجدر الإشارة الى ان بعض الإجراءات قد تكون لها آثار سلبية في الاقتصاد بعد ان ترهل جهاز الدولة وخاصة بالجانب العسكري ، وهذا يتطلب ان تؤخذ الاثار الاخرى للمسالة بعين الاعتبار.
      تتباين معدلات البطالة في العراق في ضوء المعايير المستخدمة في التحليل لكن التباين الأكثر حدة هو بحسب المحافظات التحصيل العلمي ،ففي ضوء المعيار الأول فقد اثر بشكل واضح في حالة الفقر على مستوى المحافظات ،إذ كانت محافظة ذي قار الأعلى نسبة في الفقر والأعلى معدلاً في البطالة وهذا يتطلب من الحكومة إعادة تخصيص الموارد باتجاه تلك المحافظات ،وفي ضوء المعيار الثاني فان المشكلة تكاد تكون أكبر،وبخاصة انها تمثلت في بطالة الخريجين، وهذا يستلزم إعادة النظر في النظام التعليمي بشكل كامل كي يتناسب مع التطورات الاقتصادية.
    أشار البحث الى وجود علاقة عكسية بين معدلات البطالة والفئات العمرية ،إذ ينخفض معدل البطالة في الفئات العمرية العالية،ويرتفع في الفئات العمرية الشبابية.
   أن أصلاح نظام التعليم وضبط التجارة وإصلاح السياسة المالية ،منح القروض الميسرة والصغيرة والاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة،فضلاً عن تنويع الاقتصاد وتحفيز معدلات النمو الاقتصادي ودعم القطاع الخاص........... هي إجراءات كفيلة بالحد من البطالة في الأجل القصير مع إمكانية القضاء عليها في الأجل الطويل.


الهوامش

[1] كامل علاوي كاظم،"دراسة تحليلية لواقع الاقتصاد العراقيمجلة الغري للعلوم الاقتصادية والادارية، العدد 2 / 2005 ، ص 5 .
[2] التقرير الاقتصادي العربي الموحد لسنة 1992 ص
[3] برنامج الامم المتحدة الانمائي "تقرير التنمية الانسانية لعام 2004 " ص 33.
[4] وزارة التخطيط والتعاون الانمائيمسح التشغيل والبطالة لعام 2003"،ص 5.
[5]     Office For National Statistics, How Exactly Is Unemployment Measured? August 2010,P.5.
[6] وزارة التخطيط والتعاون الإنمائيمسح التشغيل والبطالة لسنة 2006 " ص 5.
[7] وزارة التخطيط والتعاون الإنمائيمسح التشغيل والبطالة الفصل الرابع لسنة 2008 ، ص 5
[8] الامم المتحدة والبنك الدولي "التقديرات المشتركة لإعادة أعمار العراقأكتوبر 2006، ص 25
[9] حسن لطيف واخرون"البطالة في العراق ،المظاهر والآثار وسبل المعالجة،مجلة دراسات اقتصادية ،العدد 21، 2009 ، ص 110
[10] وزارة التخطيط والتعاون الانمائي ،المجموعة الاحصائية السنوية ،ص 108 .
[11] الموازنة العامة للدولة لسنة 2009، الجدول(1).
[12] الموازنة العامة للدولة لسنة 2011، الجدول(1).
[13] محمد علي زيني "الاقتصاد العراقي الماضي و الحاضر وخيارات المستقبل"دار الملاك للفنون والاداب و النشر ط،2009 ،ص462 .
[14] وزارة التخطيط والتعاون الانمائي "مسح التشغيل و البطالة لسنة 2008
[15] كامل علاوي كاظم"الامن البشري في العراق:مقاربة من وجهة نظر التنمية البشرية"مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والادارية ،المجلد الثاني،العدد السادس،2007 ، ص 142
[16] حسن لطيف واخرون، مصدر سبق ذكره، ص  113
[17] حسن لطيف الزبيديالفقر في العراق :مقاربة من منظور التنمية البشرية مجلة بحوث عربية،العدد 38 ،السنة 18 ،2007،ص 104 .
[18] وزارة التخطيط والتعاون الانمائي ،الجهاز المركزي للاحصاء وتكنولوجيا المعلومات"خارطة الحرمان و مستويات المعيشة في العراق لسنة 2006 "بغداد،2006،ص 195.
[19] حيان أحمد سلمان"الاقتصاد الريعي"مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ،دمشق،2009،ص 1.
[20] استخرجت النسبة من قبل الباحث
[21] التقرير الاقتصادي العربي الموحد لسنة 2010 ،ص 314
[22] صفوت الشيخ حسين"البطالة في سوريا 1994-2004 " المكتب المركزي للإحصاء دمشق،2007،ص 19.
[23] المجموعة الدولية لمعالجة الازمات"الشرق الاوسط،اعادة اعمار العراق"التقرير30،عمان ص 16ٍ
[24] ناجي الغزيظاهرة الفساد،مسبباتها وتحليل اثارها على المجتمع العراقي"صوت العراق،2009،ص 2 .
[25] منظمة الشفافية الدولية "مؤشرات مدركات الفساد في العالم لسنة 2011"
[26] مركز حمورابي للبحوث و الدراسات الإستراتيجية "التقرير السترتيجي العراقي الثاني" 2010،ص237 .
[27] مركز حمورابي للبحوث و الدراسات الإستراتيجيةالتقرير السترتيجي العراقي الأول"2008 ، ص 294
[28] منظمة العمل العربية،المنتدى العربي  للتشغيل، دور المنشات الصغيرة  والمتوسطة  في  خفيف  أزمة البطالة"بيروت،2009،ص 10.
[29] حنان عبدالخضر هاشم وآخرون"البطالة في الاقتصاد العراقي الآثار الفعلية و المعالجات المقترحة"،مجلة الغري للعلوم الاقتصادية والادارية،المجلد الثالث العدد 16، 2010،ص87
[30] وزارة التخطيط والتعاون الانمائي"الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر"2009، ص 8
[31] صباح رحيم مهدي الاسدي"مستقبل التنمية البشرية في ضوء مستجدات البيئة الاقتصادية في العراق"أطروحة دكتوراة مقدمة الى مجلس كلية الادارة والاقتصاد-جامعة الكونة،غير منشورة 2010، ص 1491
[32] بلقاسم العباس "حول صياغة إشكالية البطالة في الدول العربية المعهد العربي للتخطيط،جسر التنمية،العدد الثامن والتسعون،سبتمبر/كانون الاول،2010،ص13.
[33] جيمس جوارتيني و ريجارد استروب"الاقتصاد الكلي،الاختيار العام والخاص"ترجمة وتعريب عبد الفتاح عبد الرحمن وعبد العظيم محمد ،دار المريخ،الرياض،1988،ص 199.
[34] نانسي بيردسال"الثروة النفطية،عون كبير أم عائق أكبرأمام افاق التنمية في العراق"في النفط والاستبداد الاقتصاد السياسي للدولة الريعية ،معهد الدراسات الستراتجية،بغداد،2007،ص 378 .
[35] محمد فوزي ابو السعود"مقدمة في الاقتصاد الكليالدار الجامعية،الاسكندرية،2004،ص 184
[36] رمزي زكي"الاقتصاد السياسي للبطالة ،تحليل لاخطر مشكلات الراسمالية المعاصرة"سلسلة عالم المعرفة ،الكويت ،1998،ص441.
[37] التقرير الاقتصادي العربي الموحد لسنة 2010، ص 28.
[38] رمزي زكي"اللبرالية المستبدة"سينا للنشر،القاهرة،1993،ص 83.
[39] محمد جلال مراد "البطالة والسياسة الاقتصادية"مجلة العلوم الاقتصادية السورية،دمشق ،ص39
[40] الإستراتجية الوطنية للتخفيف من الفقر ،مصدر سبق ذكره، ص 18.

حمله من هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا