التسميات

الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

ملكية الأراضى فى ليبيا منذ العهد العثمانى حتى منتصف الالفية الجديدة (الجزء الثانى) ..م. صالح بشير المزوغى


ملكية الأراضي في ليبيا

 منذ العهد العثماني حتى منتصف الالفية الجديدة 

(الجزء الثاني) 

م. صالح بشير المزوغي

ملكية الأراضي في العهد الاستعماري الايطالي:

  دخل مصرف (بنك روما) إلى ليبيا بوكالة عن طريق استخدام أحد الايطاليين المقيمين فى ليبيا ففي 27 مايو 1907م أصدر ثلاثة من مسؤولي مصرف (بنك روما) من بينهم أرنستو باتشيللي – توكيلاً إلى المدعو أنريكور شياني كوكيل مفوض وسجلت هذه الوثيقة في السجلات العامة بروما في المجلد 275 بتاريخ يونيو 1907م وصدقت عليها وزارة العدل الإيطالية ووزارة الخارجية الايطالية ثم قنصل الدولة العثمانية في روما. 


  وبموجب نصوص هذه الوكالة يقوم الوكيل المفوض بما يلي :-

1- شراء الإراضي للمصرف والأراضي الصلحة للزراعة في كل من طرابلس وبنغازي، وان يدفع مقابل ذلك السعر الذي يراه مناسباً، وله أن يقبل سندات التمليك والمستندات التي تثبت خلو العقارات من أي قيد أو التزام كرهن أو قسمة أو تأجير .

2- تعيين سعر الفائدة ووضع الشروط اللازمة لرهن الأملاك . 

3-الاتفاق مع الراهنين في أن يحل محلهم في الرهنيات، وله أن يحدد الشروط ويقدر المبالغ التي يدفعها للراهنين .

4-تنظيم وتحير كل الأوراق الرسمية في حدود القانون، وذلك حسبما يلزم لاجراء المعاملات المذكورة .

5-منح الموكل للوكيل بالاضافة إلى ما سبق صلاحيات غير محددة بصفته وكيلاًمفوضاًله مطلق التصرف .

  و ما أن شرعت إيطاليا فى غزو ليبيا حتى باشرت بإصدار القرارات والقوانين المتعلّقة بهذا الإستيلاء ونذكر منها :الأوامر العسكريّة بتاريخ 24 يوليو 1912 و27 أبريل 1912 و 16فبراير 1913 بتصفية أصول المصرف العثماني الزراعي في طرابلس الغرب وبرقة وتحويلها الى بنك إيطاليا وبنك سيشيليا ثمّ لصناديق الإدّخار التي أُنشئت لتمويل المستعمرين الأوائل. وفي بداية عهد الجنرال فولبي 1922 تضخّمت الأراضي المصادرة،بموجب عملية شراء شكليّة وقسريّة لجزء كبير منها بنزع ملكيتها للمنفعة العامة لأقامة مشروعات الزراعة و العمران للدولة الايطالية الاستعمارية . امّا الأراضى الكبيرة التى سجلت بأسماء زعماء القبائل والأعيان بمناطق الدواخل لقاء ولائهم للدولة العثمانية فكانت تّنزع ملكيّتها ويُجبر شيخ القبيلة أو من ينوب عنه على البيع مباشرة أو بوكالة الورثة عن الأرض التى كانت مسجلة بأسمائهم "تنفيذا لنظريّة أملاك المتمرّدين وأقربائهم الذين رفعوا السلاح في وجه الجيش أو عرقلوا عمليّاته في حركة الإحتلال" كما أثبت بادوليو حاكم عام ليبيا في تقريره . وما أن جاء عهد بالبو عام 1933 بعد ان صدرت أحكاما بالعفو على بعض ممن تسموا بالمتمردين فتم تعويضهم مقابل أراضيهم التى صودرت منهم قبل انقلاب موسيلينى وبدأ بالبو حاكم ليبيا آنذاك بعدها بجلب المستوطنين ضمن برنامج التوطين لمليون مستعمر،حتى بلغت مساحة الأراضي المنزوعة ملكيتها بالشراء القسرى أكثر من نصف مليون هكتارا،إزدادت حتى بلغت 1938 ما مساحته 738,316 هكتارا في جميع أنحاء ليبيا ،ومن ثمّ وصل عدد هؤلاء الوافدين حتى عام 1940 تاريخ بدأ إندحار إيطاليا في الحرب،إلى 108,405 (معمّرا) . بينما لم يتجاوز عدد السكّان الليبيين– بما فيهم الرّعاة- 800,223 نسمة،حسب،إحصاء الكتاب السنوي (للمعهد الفاشيستي لإيطاليا الأفريقيّة) للعام 1940 .

ملكية الأراضى فترة الانتداب الانجليزى 1942-1969م

  استقرت الأمور بعد الحرب العالمية الثانية و خسرت ايطاليا الحرب و خرجت الحكومة الفاشية من ليبيا و بقى المعمرون الايطاليون فى المزراع و المدن الليبية بلا حكومة تحميهم وأصبحت ليبيا تحت الانتداب الانجليزى, فأحس الكثير منهم بالخطر فبدأوا ببيع الأراضى و المزارع و العقارات لليبيين وقد تم تاسيس البنك الزراعى والصناعى فى الخمسينات وقد ساهم فى تقديم القروض للمزراعيين والصناعيين الليبيين لشراء المزارع والمصانع من المعمرين الايطاليين وقد ظهرت فى بدايات الخمسينات تقسيمات داخل حدود سور المدينة طريق السور منها تقسيمات سيدى خليفة و المنصورة و فشلوم و النوفليين القديمة ثم بدأت مؤسسة دوكسيادس اليونانية بأعداد المخطط الشامل للمدن و القرى الليبية فى منتصف الستينات و ظهرت بعض المشروعات الاسكانية العامة للموظفين فى أراضى الدولة كما تاسست البنوك التجاريه الحكوميه وكذلك الاهليه والمساهمه التى أنشأت بعد أكتشاف النفط

فكان لها تأثير كبير فى حركة العمران و الاستثمار العقارى و تملك الأراضى كما سيأتى تفصيله....

ملكية الأراضى بعد اكتشاف النفط

  أحدث اكتشاف النفط تغييرا اجتماعيا أخذ شكل الحداثة دون التغيير فى التكوين الاجتماعى للأفراد ، فبعد ان تكونت فى ليبيا بعض المؤسسات المصرفية منذ العهد العثماني الأخير، وأثناء فترة الاستعمار الايطالى ، تكونت فى مناطق الساحل وخصوصا طرابلس بعض مفاهيم الاستثمارات العقارية لدى بعض الليبيين الاان أغلب أفراد المجتمع الليبى ظلّت تقليدية، رغم وجود التغييرات السياسية و الاقتصادية فى المجتمع الليبى منذ بدايات الدولة الليبية فى الخمسينات ووجود خطة للتغيير، إلاّ ان ميزانية الدولة لم تكن تسمح بذلك ، فقد كانت دون 10 مليون دولار. ان التخطيط للتنمية كان جيدا رغم عدم وجود الأموال اللازمة له، وحين توفّرت الأموال، تم توظيف عائدات النفط لتحديث المجتمع بالشكل المادي ، وظهر ذلك من خلال التخطيط للبنية التحتية والخدمية "أي الطرقات والمباني والمدارس والجامعات والمستشفيات وغيرها من المرافق الخدمية"، فارتفعت نسبة الراغبين فى تعليم أبناءهم فتحولوا بشكل مفاجىء من البادية الرعوية الى المدينة دون المرور بمرحلة الحياة الزراعية رغبة منهم فى العمل أولا فانتقلوا عزابا ثم كونوا أحياء متعددة من أكواخ الصفيح داخل أراضى المناطق العمرانية و على حدودها، تاركين حياة البداوة و الرعى والزراعة البعلية الموسمية , وقد ساهم انخفاض معدّلات الوفيات بين الأطفال فى زيادة السكان نسبيا فارتفع عدد المهاجرين للعمل بشكل كبير جدا خاصة بمدينة طرابلس و بنغازى، وقد تم تاسيس البنك العقارى الليبيى لتقديم القروض العقاريه لتمكين المواطنين من بناء مساكن خاصة داخل المخططات العمرانية المعتمدة فى الستينات بعد شراء بعض المستثمرين الليبيين الأراضى والمزارع فى طرابلس من المعمرين الايطاليين وتحويلها الى تقسيمات معتمدة بترخيص من السلطات الحكومية فظهرت الاحياء الشعبية لحل مشكلة أحياء الصفيح التى انتشرت بشكل كبير جدا لعشرات الالاف من الاسر المهاجرة للعمل وتعليم أبنائها من مناطق الدواخل فأوجدت التقسيمات الشعبية مثل غوط الشعال و قرجى و الدريبى و الشارع الغربى وقدح و أبوسليم و الهضبة الخضراء .

 كما زادت على وجه الخصوص الاموال المستخدمة في المضاربة على شراء العقارات وعمليات البناء . وكان ذلك استجابة لطلب الاجانب على المساكن الفاخرة والفيلايات .

  عمد رجال الاعمال ، واصحاب رؤوس الأموال خلال هذه الفورة المالية ، الى شراء الاراضي الزراعية والبساتين فتحولت الى مساحات سكنية لموظفي شركات النفط نتيجة لزيادة الطلب على السكن، فترتب على ذلك تحول المساحات الكبيرة من الاراضي الزراعية التي كانت تنتج المواد الغذائية والخضار والفاكهة الى عمارات سكنية وفيلات فخمة . وترتب على هذا الامر نقص كبير في انتاج المواد الغذائية الاولية ، وشجع ارتفاع سعر الأراضى النقص الحاد فى عمال الزراعة الكثير من المزارعين على بيع مزارعهم والانتقال الى المدن فقد هاجر عمال الزراعة الى المدينة للعمل فى الميناء و فى مجال البناء والحراسة وفى شركات النفط و التجارة والنقل وغيرها حيث الاجور المرتفعة اضافة الى توفر فرصة تعليم أبناءهم فى مدارس المدينة .

ملكية الأراضى بعد 1969

  إعدت بعد الثورة 4خطط للتنمية الأولى 1972- 73 ف , بعدها شهد المجتمع الليبي ثلاث خطط للتنمية وهي : 

الخطة الثلاثية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 73 -74 ف .

خطة التحول الاقتصادي والاجتماعي 76- 80ف

خطة التحول الاقتصادي والاجتماعي 81-85ف

   شهدت السنوات الأولى من عمر نظام القذافى توزيع المزارع المنتجة التى كانت تحت تصرف بقايا المعمرين الايطاليين بشكل عفوى على المواطنين البدو الذين كانوا يعملون فى هذه المزارع بالأجر اليومى,وغالبيتهم كانوا يعيشون حياة بدوية فى الخيام تعتمد على الرعى فانتقلوا بمفاهيمهم الرعوية وحيواناتهم الى مزارع كبيرة مشجرة و منتجة وهم على غير دراية بالعمليات الزراعية المتنوعة لهذه المزارع المنتجة على طول العام ,اضافة الى ادخالهم أكبر آفة الى المزارع وهى قطعانهم الكبيرة من الضأن والماعز الذى خربت بها البيئة الزراعية لهذه المزارع المنتجة خرابا كبيرا... ونتيجة للغفلة عن الضوابط القانونية للبناء فى هذه المزارع فقد انتشرت فيها البناءات العشوائية المتناثرة لورثة صاحب المزرعة الجديد فقسمت الوحدة الزراعية حصص ميراث شرعى دون اعتماد القاعدة الشرعية فى الميراث (لاضرر ولاضرار) التى كانت تمكن الدولة شرعا وقانونا من منع الورثة من تقسيم الوحدة الزراعية, انما تدفعهم الى بيعها لتقسيم الميراث وبهذه الطريقة تحفظ الوحدات الزراعية من التقسيم بالميراث ,كما تساهم فى عدم ارتفاع أسعار الوحدات الزراعية نتيجة لتقسيمها فتمنع بذلك تسرب العمران اليها مع تقدم الزمن .......كما ساهمت خطط التنمية الثلاث المتلاحقة هى الأحرى على تقويض أراضى البيئة الرعوية التى كانت مفتوحة للرعى المتعارف عليه بين الجميع فى الاراضى القبلية والاراضى الموات و الأراضى المتروكة خاصة فى مناطق الجبل الغربى و ترهونة والخمس فتحولت مناطق الرعى التى كانت تمتد لعشرات وعشرات الكيلومترات الى مزارع مسيجة ليست لها أي جدوى اقتصادية وليس لها أى انتاجية زراعية ذات نفع,بل أنها صارت مراعى خاصة للمنتفعين بها من الرعاة البدو الذين لم يتركوا ولا يتركوا ولن يتركوا تربية قطعان الضأن و الماعز فى هذه المزارع حتى لو كانت منتجة, لأنهم لايملكون ثقافة الفلاحة والزراعة أنما هم متشبثون بثقافة الرعى وتربية الحيوانات فكان من الخطأ الفادح اقامة هذه المشاريع أصلا لسببين أولهما انها غير مجدية زراعيا وثانيهما انها وزعت على مربين أغنام,,,فحتى لو كانت مجدية زراعيا فكانت ستلقى نفس مصير مزارع المعمرين الايطاليين التى كانت منتجة فعلا...... وزيادة الى ان هذه المزارع المسيجة قد ضمت أراضى قبائل و أراضى أفراد لم يتحصلوا على مزارع فى هذه المشاريع فقد دفعوا الى اتباع من سبقهم من أقاربهم الذين هاجروا الى المدن للعمل ولتعليم أبنائهم فقد كانت هذه الاراضى الفردية و القبلية التى شملتها مزارع المشروعات الزراعية تزرع موسميا بشكل بعلى ثم تفتح كعرف اجتماعى متفق عليه للرعى للجميع عند نهاية كل موسم, فأدت هذه الخطط التنموية الى بعض النتائج السلبية منها الاستحواذ الأسرى على أراضى أفراد الأسرة الواحدة فاستحوذ من بقى من الأسرة الواحدة على الميراث الشرعى لمن هاجر الى المدينة فأدى هذا الاستحواذ الى منازعات اجتماعية وقانونية خصوصا بعد وفاة أرباب الأسر المسنين ,كما ضمت هذه المزارع المسيجة لمشروعات التنمية الزراعية أراضى مملوكة لأفراد آخرين من غير أقارب المنتفع بالمزرعة المسيجة داخل حدود مزارع مشروعات التنمية ..... وعليه فأراضى مزارع هذه المشروعات هى خليط بين أراضى مملوكة لأسرة المنتفع بالمزرعة المسيجة و تشمل ضمن حدودها أراضى مملوكة لأفراد آخرين من قبيلة أخرى وأراضى قبلية مشاعة وأراضى موات.. وفى النهاية فهذه المزرعة المسيجة ليست سوى (مرعى خاص) لقطيع كبير من أغنام ينتفع بها صاحب المزرعة بمفرده وستظل هذه الأراضى كلها محل نزاع مستقبلى مالم يوضع لها حل جذرى سواءا أكان حلا قانونى أو عرفى, لأن الناس متفقون على الميراث الشرعى فى تقسيم الأراضى بينهم وعلى اعتماد و العرف الاجتماعى فى حل النزاعات و الخصومات بعد التقسيم وفق الفرائض الشرعية التى يقرها القانون أكثر من اعتمادهم على القانون و القضاء فى محاكم الدولة خاصة فى مناطق الدواخل .

التعويض لقاء نزع الملكية

  إن النصوص القانونية التى تحمى الملكية الفردية الخاصة فى ليبيا تؤكد على التعويض العادل لقاء نزع الملكية الخاصة لمصلحة المنفعة العامة,والملاحظ أن التعويضات التى استلمها المواطنون خاصة فى المناطق العمرانية الشعبية المزدحمة لم تكن مجزئة وعادلة لأ نها لم تأخذ فى حسابها القيمة الفعلية للموقع و الخدمات المتوفرة حوله والتى سيفتقدها المواطن صاحب العقار المنزوعة ملكيته, كالمدرسة و الروضة و المسجد و المحلات التجارية و خطوط المواصلات علاوة على الجيران و الكيان الاجتماعى الذى كان فيه, ولاشك أن هذه العناصر لها قيمة يفترض أن تقدر بثمن,ان الغاء أو عدم العمل القانون 648 لسنة 1375/2007 ف الذى يحدد قيمة التعويضات بالمتر المربع للعقارات الواقعة ضمن مسارات مشروعات المنفعة العامة, يجب أن تجدد أسعاره دوريا وفق تغيرات السوق,والا فان المواطن أصبح على دراية بحقوقه القانونية وسيعمد مباشرة الى الاعتراض على نزع الملكية واحالة الأمر الى دعوى قضائية, وهذا لاشك أنه سيعطل اجراءات نزع الملكية لوقت اضافى و بالتالى يعطل تنفيذ مشروعات المنفعة العامة,ونظراالى أن لقانون 648 لسنة 1375/2007 ف لم يشمل خيار التعويض البديل لقاء نزع الملكية الخاصة للمواطن, كتسليم المواطن قطعة أرض بمخطط أراضى معتمد بسعر السوق السائدة ويخصم باقى مايستحقه من تعويض بصك مالى يقوم بتنفيذ مسكنه به عن طريق دفعات مصرفية دون فوائد ربوية لأحد المصارف المعتمدة,أو تسليمه صكا ماليا دون شروط فى حال توفر البديل لديه بالشراء المباشر أو الاحتفاظ بالقيمة النقدية لنفسه مقابل اخلاء العقار, لأن تعدد البدائل المتاحة لقاء نزع الملكية سيكون له أثر ايجابى فى تسريع اجراءات نزع الملكية و الحفاظ على أسعار السوق السائدة دون ان تسبب تضخما ماليا يؤثر على الحياة العامة فى البلاد.أما تقدير العقارات المراد نزع ملكيتها فيفترض أن يتم بالتعاون بين لجنة تقدير العقارات و مكاتب العقارات بالمنطقة المراد نزع ملكيتة العقار فيها لأن ذلك يكون أقرب للتقدير الصحيح كما يجب أن تسبق عملية حصر العقارات اجراءات كالاعلان عن المواعيد المتعلقة بنزع الملكية و اخلاء القار و الهدم,و اخطار أصحاب الشأن بكل المواعيد كموعد الحضور وتسليم مستندات الملكية وتحديد موقع ممتلكاتهم وأسماء الملاك والورثة و الشركاء وأصحاب الحقوق فى الملكية و التوقيع على محاضر مسجلة تدل على صحة المعلومات المقدمة بعلم مندوب من المؤتمر الشعبى الاساسى المحلى, عندها يبدأ تقدير قيمة العقارات طبقا للاسعار السائدة وقت تسليم العقارات التى تقرر لزومها نزع الملكية للمنفعة لعامة,وفى حال عدم الموافقة على التقدير المقدم لصاحب العقار المراد نزع ملكيته يتم احالة الأمر مباشرة الى القضاء بمحضر يوقع عليه صاحب الملكية المعترض ويتم تسليمه مباشرة الى جهات الاختصاص ليأخذ مجراه القانونى وفق الاجراءات المتبعة بالخصوص عن طريق القضاء.

الاشكاليات التشريعية بنزع الملكية الخاصة فى ليبيا

  لايوجد تنظيم قانونى مستقل لنزع الملكية الخاصة لمصلحة المنفعة العامة فى القانون الليبى ,وانما تمت الاشارة الى مسائل نزع الملكية للمنفعة العامة فى نصوص قانونية متناثرة ويعكس ويعكس هذا مظاهر من عدم الوضوح و الفاعلية فى النظام القانونى لنزع الملكية فى القانون الليبى و يتجلى هذا فى العدد الكبير من الدعاوى القضائية المرفوعة ضد اللجنة الشعبية العامة من قبل العديد من المواطنية الذين تم نزع ملكياتهم الخاصة بموجب قرارات صدرت عنها ... وفيما يلى نستعرض النصوص القانونية لمسائل نزع الملكية للمنفعة العامة:-

· الملكية الخاصة غير المستغلة مصونةولاتنزع الا وفقا للقانون- المادة 19 الاعلان الدستورى للثورة 1969.

· الملكية الناتجة عن الجهد مقدسة مصونة لاتمس الا للمصلحة العامة ولقاء تعويض عادل- الفقرة 11 من الوثيقةلخضراء الكبرى لحقوق الانسان.

· لايجوز نزع الملكية الخاصة الا لأغراض المنفعة العامة ولقاء تعويض عادل- المادة 12- القانون20 -1991 بشأن تعزيز الحرية.

· لايجوز أن يحرم أحد من ملكه الا فى الأحوال التى يقررها القانون و بالطريقة التى يرسمها و يكون ذلك فى مقابل تعويض عادل – المادة 816 من القانون المدنى.

· يجوز تقرير المنفعة العامة طبقا للمواد السابقة لمشروعات( الاسكان- التطوير العمرانى- المشروعات الصناعية) مادة 52-قانون رقم 5-1969

· يراعى عدم المساس بالاراضى الزراعية او الصالحة للزراعة عند تطبيق المخططات العمرانية مادة 16-قانون3-1369 و.ر

· يراعى عند اعداد المخططات تطبيقها أحكام التشريعات الزراعية, الطرق ,الملكية العقارية مادة 38-قانون التخطيط العمرانى وعليه فإنه من خلال النصوص السابقة و تفصيلاتها نخلص الى مايلى:-

1- نزع الملكية فى القانون الليبى لم يقرره المشرع القانونى مرسلا دون ضمانات, انما أحاطه بسياج من الاجراءات ليحول دون تعسف الجهات الادارية فى استعمال هذا الحق.

2- إن أعمال المنفعة العامة التى وردت فى القانون الليبى جاءت على سبيل الحصر وفى نطاق مايلى:-

* مشروعات الاسكان العام و الخاص.

* التطوير العمرانى

* المشروعات الصناعية... فقط دون غير هذه الثلاث أنواع, فى حين تجعل النظم القانونية المقارنة كما هو الحال فى مصر مثلا فى ظل القانون رقم 10-1990 أن مشروعات المنفعة العامة ذكرت على سبيل التمثيل وليس على سبيل الحصر كما هو الحال فى القانون الليبى

3- يكشف التطبيق العملى على أرض الواقع لقرارات نزع الملكية فى ليبيا عن عدم مواكبة التشريعات القائمة للتطورات التى حدثت بالمجتمع الليبى و التى من نتيجتها تزايد دور الدولة الليبية فى اقامة المشروعات العامة التى تقتضيها المصالح السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية للمجتمع الليبى .

4- عد توفير الضمانات الكافية لمن تنزع ملكياتهم الخاصة لأغراض المنفعة العامة اقتضاء تحصيل التعويض العادلأو البديل المناسب وفق اجاءات مبسطة.

  إن أغلب القرارت الصادرة فى الاونة الاخيرة بشأن اعتبار بعض المشروعات من أعمال المنفعة العامة قد تتعرض للالغاء من دوائر القضاء الادارى للاسباب التالية:-

1-عدم أخذ الموافقة من اللجنة الشعبية العامة للزراعة و الثروة الحيوانية و البحرية و الاسكان و المرافق.

2-عدم تحديد السبب الدقيق للمنفعة العامة المتوخى من اصدار بعض قرارات نزع الملكية لبعض الاراضى.

  و الخلاصة أن هناك فراغ تشريعى يجب ملؤه فى أقرب وقت اذ أن القضاء الادارى قد ينتهى الى أنه من المتعذر قانونا فى الوقت الراهن اصدار قرارات نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة لعدم النص على ذلك صراحة فى القانون رقم 1 لسنة 1375 و.ر .

  وفى نهاية مذكرة رأى جهاز الادارة و المتابعة القانونية باللجنة الشعبية العامة وضع اقتراح مشروع قانون ينظم أحكام نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامة

المصلحة الوطنية وسياسة التشريع المستقبلية

  لقد أكدت لجنة مراجعة القانون المدني فى مذكرتها الإيضاحية المرفقة بمشروع القانون المقدم للمناقشة والإقرار من قبل السلطة التشريعية وهي المؤتمرات الشعبية الأساسية ؛ على ضرورة ضمان الحقوق المكتسبة والمراكز القانونية لمن طبقت فى شأنهم تلك القوانين المطلوب إلغائها وهي :

القانون رقم 4 لسنة 1978 م بتقرير بعض الأحكام الخاصة بالملكية العقارية .

القانون رقم 21 لسنة 1984 م بشأن الأحكام الخاصة بتقرير المنفعة العامة والتصرف فى الأراضي الزراعية .

القانون رقم 7 لسنة 1985م بتقرير بعض الأحكام الخاصة بدعاوى التعويض المتعلقة بتطبيق المقولات الثورية.

القانون رقم 7 لسنة 1986م بالغاء ملكية الأرض .

القانون رقم 11 لسنة 1992م بتقرير بعض الأحكام بالملكية العقارية .

القانون رقم 10 لسنة 1427م بتقرير بعض الأحكام الخاصة بدعاوى الملكية والطرد والإخلاء المتعلقة بالعقارات التي آلت إلى المجتمع .بموجب مشروع المصلحة الوطنية تقرر إلغاء كافة القوانين المعدلة للقوانين المشار إليها ، وإلغاء كل ما يخالف أحكام مشروع المصلحة الوطنية فى حال إقراره . وهو اتجاه إيجابي يتفق مع السياسة العامة الجديدة للدولة خاة وأن مشروع القانون أكد فى الفقرة الثانية من المادة 6 التي جاء فيها إنه :" لا يخل إلغاء القوانين المذكورة بالحقوق المكتسبة من تطبيق أحكامها ". بالمقابل فإن مشروع قانون المصلحة الوطنية أغفل وألغي ولم ينصف أصحاب الحقوق ممن تضرروا أو سوف يتضررون وهم كثر فى ضوء الكم الهائل من القرارات التي اتخذت وسوف تتخذها اللجنة الشعبية العامة بنزع الملكية لأغراض المنفعة العامة وقد اكتفت المادة الأولى من المشروع بقولها :" الملكية الخاصة مقدسة ومصانة ولا يجوز المساس بها إلا للمصلحة العامة وللقانون ولقاء تعويض عادل " ، وكان يجب أن يضاف إليها عبارة (أو البديل المناسب وأن تتضمن المادة الثانية من المشروع عبارة :" وتكون الأولية لمن تضرروا من نزع أراضيهم وممتلكاتهم لأغراض المنفعة العامة " لضمان الحق الذي منحه المشرع بموجب أحكام المادة 30 من القانون 116 لسنة 1972م الخاص بالتطوير العمراني) ، التي قد تعتبر ملغاة ضمنا بموجب المشروع ، رغم ما كفلته من حماية لحق الملكية بقولها :"يجوز أن يتم التعويض عن العقارات التي تؤول إلى الدولة بموجب أحكام هذا الباب عن طريق نقل ملكية عقار من أملاك الدولة إلى مستحق التعويض ، بشرط موافقته على ذلك وبمراعاة التعادل فى القيمة بين العقارين فإذا اختلفت القيمة أدى الفرق نقدا ".أما ما جاء بالمادة 88 من مشروع القانون والتي نصت على انه :" تفقد الأموال العامة صفتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة ، وينتهي التخصيص بمقتضى القانون أو بالفعل أو انتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة " ، فقد أعطت الحق لمن لا يستحقه ومنعته على من له الحق فى استرجاع ممتلكاته وأراضيه فى حالة انتفاء صفة المنفعة العامة عليها خصوصا وأن المادة 7 من المشروع قد نصت علي أن تلغي أي أحكام أخري مخالفة لهذا القانون ، وتم تجاوز ما ضمنته المادة 29 من القانون رقم 116 لسنة1972 سابق الإشارة ؛ من ضمانات – لأنه ساري المفعول فيما لا يخالف أحكام المشروع- التي نصت على انه :" إذا لم يبدأ فى تنفيذ المشروع الذي صدر قرار باعتباره من أعمال المنفعة العامة خلال ثلاث سنوات من تاريخ صدور هذا القرار جاز رد العقارات التي تقرر لزومها لتنفيذ هذا المشروع إلى ملاكها السابقين أو ورثتهم بناء على طلبهم وبشرط أن يردوا ما صرف إليهم من تعويض طبقا للأوضاع التي يحددها وزير الإسكان خلال ستة اشهر من تاريخ انقضاء مدة الثلاث سنوات المشار إليها ، ويصدر بالرد قرار من وزير الإسكان ينشر بالجريدة الرسمية ويسجل فى مكتب التسجيل العقاري المختص دون مصاريف أو رسوم " ، وكان يتعين إقرار سياسة تشريعية متوازنة تتماشى و التوجه الجديد للمجتمع ؛ علي أن يستفيد منها كافة أفراد المجتمع دون استثناء ولكن وعلي ضوء ما نراه في ساحتنا وما يطرح من أراء و أفكار فإن الرابح الأكبر الذي سوف يستفيد من مشروع القانون وفي حالة تمريره و إقراره بصيغته الحالية وأصبحت له الصفة التشريعية خصوصا بعد أن نصت المادة 7 من المشروع بإلغاء أي نص مخالف لهذا القانون ، فان الرابح الأكبر هو "الاستعمار القانونى الجديد" والذي سوف يبتلع كل شيء ونندم حيث لا ينفع الندم ، ويتمثل هذا الاستعمار القانونى الجديد في الشركات و صناديق الاستثمار و المحافظ الاستثمارية وغيرها والتي أنشأت بموجب قرارات صادرة عن اللجنة الشعبية العامة و ممولة بالكامل من الأموال العامة العينية و النقدية والتى خولت له حق التصرف و إدارة واستثمار عوائد الليبيين المستفيدين من توزيع عائدات النفط ، كذلك تملكها للأصول الثابتة و المنقولة المملوكة للمجتمع بما في ذلك الأملاك الخاصة بعد انتفاء صفة المنفعة العامة علبها حسب المادة 88 من مشروع القانون ، كذلك يشمل هذا التملك أراضى شواطئ البحر المملوكة للمجتمع وما تبقي من منشئات صناعية و خدمية و بذلك سيسيطر هذا " الاستعمار الجديد سيطرة كاملة علي مقدرات الشعب الليبى وعلي اقتصاده الوطني .وسيبقى أفراد الشعب الليبى يلهثون وراء الحصول على عمل فى مؤسسات هذا الاستعمار الجديد التى قامت على ملكيات أراضيهم الخصبة للاستثمار الاقتصادى و التى تنزع منهم باسم مشروعات المنفعة العامة ,تماما كما عملوا فى أراضى الميرى فى العهد العثمانى الثانى أو فى مزارع المعمرين الايطاليين فترة الاستعمار الايطالى أو أنهم سيبقون خاملين بلا عمل ولا انتاج ولانشاط اقتصادى وعالة على الدولة كما حدث عندما وضعت القوانين والتشريعات لنزع الملكيات الخاصة وتحجيم النشاط الاقتصادى للأفراد فى السبعينات والثمانينات من القرن الماضى.

المراجع:-

1- عمارة الارض فى الاسلام ,د. جميل عبد القادر أكبر

2- دور السياسة المالية الاسلامية فى تحقيق التنمية الاقتصاديه د.السيد عطيةعبد الواحد
3- قانون الأراضى العثمانى لسنة 1858 م.

4- تاريخ الزراعة فى ليبيا, المؤرخ أحمد الطوير.

4- تاريخ المصارف فى ليبيا منذ العهد العثمانى, عبد الرحيم محمد النعاس.

5- نزع الملكية للمنفعة العامة بين الشريعة و القانون. سعد محمد خليل 1990.

6- المنفعة العامة و حق الدولة فى ملكية الأرض د.محمد المدنى ,صحيفة الوطن لليبية.

7-المصلحة الوطنية وسياسة التشريع المستقبلية,د. فايزة الباشا, موقع القانون الليبى.

8- مذكرة الرأى حول الاشكاليات التشريعية المتعلقة بقرارات نزع الملكية الخاصة واعتبار بعض المشروعات من أعمال المنفعة العامة فى ليبيا، جهاز المتابعة و الأدارة, اللجنة الشعبية العامة..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا