التسميات

الأحد، 6 مايو 2018

الدور الجغرافي في تحقيق التنمية المستدامة ...

الدور الجغرافي في تحقيق التنمية المستدامة
أ.م.د. حسين عليوي ناصر الزيادي
جامعة ذي قار- كلية الآداب


مجلة كلية التربية الأساسية - جامعة بابل - العدد 12 -  حزيران 2013م - ص ص 455 - 470 :
المقدمة
أصبحت التنمية بأشكالها المختلفة خيار استراتيجي مهم للرفاهية الشعوب والمجتمعات، في حين باتت التنمية المستدامة ضرورة واقعية ملحة لا بديل لها كمعالج ومرافق للتنمية في مراحلها المختلفة. وغاية هذا الفرع المستحدث هو الكفاح لبقاء الإنسانية وديمومة الحياة على كوكب الأرض وتأكيد السيادة على الثروات والموارد الطبيعية، وضمان حقوق الأجيال القادمة.
يتمثل هدف البحث ((Aim of Research بالوقوف على مفهوم التنمية ودلالته المختلفة والتطور التاريخي للمفهوم فضلاً عن العلاقة بين التنمية من جهة وعلم الجغرافيا من جهة أخرى، وذلك من أجل إبراز أهمية هذا العلم ودوره الحيويّ في دراسة وتحقيق التنمية المستدامة، وذلك في محاولة لإبراز دور "جغرافية التنمية Geography of Development. والاقتراب من المفهوم الجغرافي للتنمية وبالتالي التنبؤ Prediction بالأبعاد المستقبلية للدراسات التنموية التي ستكون أساسا لبناء المجتمعات فضلا عن إبراز دور وأهمية التنمية المستدامة التي أصبحت هاجس جميع الدول والبلدان.
وقد افترض البحثHypotheses of Research  أن هناك تباين واضح في تفسير مفهوم التنمية وخلط كبير بين المرادفات الأخرى كالتطوير والتحديث والنمو الاقتصادي وأن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب ترشيد المناهج الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية أما منهجية البحث (The Method of Research) فقد تم الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي لإعطاء الأبعاد الحقيقية في التفسيروفيما يتعلق بهيكلية البحث Frame of Research فقد اقتضت الضرورة العلمية تقسيم الدراسة إلى عدة مواضيع، اشتمل الأول دراسة التطور التاريخي للمفهوم والأبعاد الأخرى ومظاهر قصور هذا المفهوم رغم شموليته، في حين خصص المبحث الثاني لدراسة مقاييس التنمية، وركز المبحث الثالث والأخير على العلاقة بين الجغرافيا والتنمية وتعريف بالتنمية المستدامة والدور الجغرافي في بلورتها وصيرورة مفاهيمها العامة.


مفهوم التنمية
إن لفظة تنمية تعني الحركة أو الفعل الذي يؤدي إلى النمو، والنمو هو رديف الزيادة والكثرة والتطور. ويتضح الاختلاف بين مفهوم التنمية في اللغة العربية عنه في اللغة الإنكليزية. حيث يشتق لفظ التنمية من "نمى" بمعنى الزيادة والانتشار. أما لفظ النمو Growth فيعني الزيادة أو (النقص)، فالنمو قد يكون سالبا أو موجبا ومنه ينمو نموا. وإذا كان لفظ النمو أقرب إلى الاشتقاق العربي الصحيح، فإن اطلاق هذا اللفظ على المفهوم الأوربي يشوه اللفظ العربي. فالنماء يعني أن الشي يزيد حالا بعد حال من تلقاء نفسه لا بالإضافة إليه.وطبقا لهذه الدلالات لمفهوم التنمية فإنه لا يعد مطابقا للمفهوم الإنكليزي[*] Development والذي يعني التغير الجذري للنظام القائم واستبداله بنظام آخر أكثر كفاءة وقدرة على تحقيق الأهداف. وقد كانت كلمة التنمية تستعمل كمرادف لكلمة التطور كما هو الحال في ستينيات القرن الماضي وربما استعمل مفهوم التنمية كرديف لمفهوم التحديث Modernization .
والتنمية في وقتنا الحاضر تعني عملية تغيير لمرفق عام أو نشاط خدمي يتم التخطيط له بهدف زيادته ورفعه إلى مستوى أعلى من مستواه السابق من أجل خدمة الإنسان وتحقيق أماله وغاياته [(1)] وتعد التنمية بأشكالها وأنواعها المتعددة الوسيلة الأمثل لتحقيق السعادة والرفاه الاجتماعي social welfare.
وفي ضوء ما تقدم فالتنمية تهدف الى الارتقاء بالإنسان نحو الافضل واشباع رغباته المادية والمعنوية وفق خطط معدة سلفا. وهذا ما يميزها عن مفهوم التغير Ghange الذي يحدث بصورة تلقائية وفي أي اتجاه. كما تختلف التنمية عن مفهوم النمو الذي غالبا ما تختص به الدول المتقدمة التي قطعت أشواطا بعيدة في المجال التنموي.
وفي ضوء مفهوم الجغرافية (بوصفها علم التباين المكاني)[(2)]. فإن فهم التباين الحقيقي للمؤشرات التنموية وتوزيعها الجغرافي وتطورها الزمني ونوع العلاقات التي تحكمها تدخل في صميم عمل الجغرافي.
التطور التاريخي لمفهوم التنمية
إن ثراء اللغة العربية بمفرداتها واشتقاقاتها جعل البحث في معنى مصطلح التنمية أمرا عقيما. لذا فإن الاتفاق حول هذا المفهوم لا يكون إلا من خلال الفهم التاريخي له ومتابعة أبعاده التاريخية وتطوراته الزمنية.
ابتدأت المرحلة الأولى في بداية الخمسينيات من القرن الفائت، حيث كان مفهوم التنمية ينصب على الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة بحيث يتسنى الحصول على أكبر إنتاج بأقل كلفة [(3)]. وعرفت التنمية آنذاك بأنها تنشيط الاقتصاد القومي وتحويله من حالة الركود والثبات إلى مرحلة الحركة والديناميكية عن طريق زيادة مقدرة الاقتصاد لتحقيق زيادة سنوية ملموسة في إجمالي الناتج القومي، مع تغير هياكل الإنتاج ووسائله في الاعتماد على القطاع الصناعي، يقابله انخفاض في الأنشطة التقليدية ويعني ذلك تغير البيئة الاقتصادية وذلك بالتحول الى اقتصاد الصناعة. ولهذا عدت الزيادة السنوية الملموسة في إجمالي الناتج القومي ومتوسط دخل الفرد المرتفع من المؤشرات الأساسية للتنمية. وقد حدث من جراء ذلك خلط بين مفهوم التنمية والتنمية الاقتصادية والنمو الاقتصادي [(4)]. حيث يشير الأخير إلى الزيادة الحقيقية في الناتج القومي وفي حصة الفرد منه خلال مدة زمنية محددة. وهناك ثلاثة أنواع من النمو النمو التلقائي Spontaneous Growth والذي يحدث بسبب البعد الزمني، والنمو العابرTransient Growth والذي يحدث بدون تخطيط مسبق، والنمو المخططPlanned Growth وهو نمو يقوم به ويخطط له الإنسان وفق اليات معينة [(5)]. أما مفهوم التنمية الاقتصادية فهو يشير إلى معنى أوسع وأكثر شمولاً من النمو ، أي أن النمو الاقتصادي جزء من التنمية الاقتصادية [(6)].
أما المرحلة الثانية فهي تبدأ في نهاية الستينيات إلى نهاية السبعينيات وهي تمثل مفهوماً جديداً يؤكد على كون التنمية ليست حالة صماء يتم التعامل معها من خلال مؤشرات كمية اقتصادية أو حتى مجتمعية. فالمؤشرات جميعها لا تشير إلى التنمية بل تشير إلى مظاهر تنموية. والتنمية عملية Process وليست مؤشرات قد تكون نتيجة نمو بلا تنمية. فالتنمية عملية حضارية شاملة لمختلف أوجه النشاط في المجتمع بما يحقق رفاه الإنسان وكرامته وهي بناء للإنسان وتحرير له وتطوير لكفاءاته وإطلاق لقدراته للعمل البناء واكتشاف موارد المجتمع[(7)].
ومن هنا انبثقت النظرية الشاملة المتكاملة للتنـمية والتي انعكسـت منذ نهاية السـتينيات فـي نظــرية تــوزيع ثـمار النمـو فتشمـل مفـهوم التكامل الـذي يشـمل تداخـل الجوانب الاقتـصادية والاجتماعية والبيئية والتقنية، ومنذ أواسط الستينيات طرح شعار (ما يجب فعله هو ليس تنمية الأشياء بل تنمية الإنسان)[(8)].
وفي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات اتضح للقائمين على التنمية أن التنمية تتم بالبشر وللبشر، ولا يمكن حدوث التنمية إلا من خلال تنمية العنصر البشري من كافة النواحي، الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها من الجوانب. وقد أوضحت تجارب التنمية خلال النصف قرن الأخير أن العنصر البشري قادر على تحقيق التنمية حتى مع ندرة أو قلة الموارد المادية في المجتمع - اليابان ودول جنوب شرق آسيا - عن طريق تحسين نوعية حياة البشر وتوسيع الخيارات المتاحة أمام الناس بتمكينهم من الحصول على الموارد اللازمة وتطوير قدراتهم الفنية والصحية وإكسابهم المعارف والمهارات وتحسين ظروف البيئة المحيطة بهم [(9)].
ويستخدم مفهوم التنمية الحديث ليشير إلى عمليات التغير الايجابي في المجتمع ويستند إلى خطط وبرامج علمية معدة ومدروسة للوصول إلى الأهداف المرجوة. وطبيعة عملية التنمية تؤكد على الجانب الاقتصادي، أي تحسين الظروف المادية والاقتصادية من أجل رفع مستوى معيشة الفرد وحياته الاجتماعية، أي على التنمية أن تجعل الناس محور اهتماماتها. وأن الغرض منها ليس الدخل وحده أو الجانب الاقتصادي فقط [(10)].
وفي ضوء ما تقدم يمكن القول أن التنمية هي الأسلوب العلمي لتحقيق التقدم في المجالات المختلفة. وهي عملية إنسانية واعية ومقصودة تعبر عن رقي العقل البشري وتستعمل أساليب مختلفة بهدف تحقيق توازن الإنسان وإشباع حاجاته المادية والمعنوية، متغلبة أحيانا على ندرة الموارد الطبيعية وأن وجدت الأخيرة فالتنمية تهدف إلى تعظيم وتنظيم فائدتها ومثالية استغلالها. ضامنة بذلك حقوق الأجيال القادمة والمحافظة على البيئة والعدالة في توزيع العائدات فضلاً عن المشاركة الجماهيرية في صنع القرارات والخطط التنموية في مناخ تسوده الحرية والديمقراطية. ومن الخطأ حصر التنمية وتضييق مفهومها لتشمل الجوانب الاقتصادية بمعزل عن الجوانب الأخرى فالتنمية عملية شاملة ومتكاملة لكل نواحي الحياة.
الأبعاد الأخرى لمفهوم التنمية
لاشك أن النصف الثاني من القرن العشرين شهد محاولات عديدة لحصر معنى التنمية وتحديد مفهومها، فقد يكون الاتجاه اقتصاديا صرفاً ويشير إلى (التقدم المادي والتقدم الاقتصادي والتحديث)(11). وقد يكون الاتجاه اجتماعيا حيث تعرف التنمية الاجتماعية بكونها(الظاهرة التي يمكن أن تحدث حراكاً مؤثراً في النسيج السياسي والاجتماعي والحضاري للمجتمع الإنساني)(12). ومن دون الترابط بين الثقافة كمنظومة شاملة والتنمية كعملية اقتصادية واجتماعية تفقد التنمية حيويتها وتصبح بلا روح [(13)]. فلكل مجتمع خصوصيته الثقافية والحضارية والاجتماعية، وبالتالي لا يمكن تعميم المضامين والتسميات لكل البلدان وبالدرجة نفسها.
وقد انتقل مفهوم التنمية إلى حقل السياسة منذ ستينيات القرن العشرين، حيث ظهر كحقل منفرد يهتم بتطوير عملية تغيير متعدد الجوانب غايته الوصول الى مستوى الدول الصناعية من حيث المشاركة الانتخابية والمنافسة السياسية وترسيخ القيم الوطنية والسيادة.والسياسة مهمة للتنمية لرغبة الناس في كل مكان أن يكونوا أحرار Free في تقرير مصيرهم وأن يعبروا عن آراءهم Views ويشاركوا في القرارات Decisions. وهذه القدرات لا تقل أهمية عن التعليم أو التمتع بصحة جيدة. أما التنمية الثقافية فهي تسعى لرفع مستوى الثقافة في المجتمع وترقية الإنسان وتعزيز قدراته الثقافية بالشكل الذي يؤهله لمجابهة الغزو الثقافي والفكري[(14)].
أما التنمية البشرية فقد عرفت بأنها توسيع نطاق الخيارات أمام الناس وأهم هذه الخيارات هي العيش حياة طويلة في صحة جيدة. والتعليم والتمتع بمستوى لائق، وهناك خيارات إضافية تشمل الحرية السياسية وحقوق الإنسان[(15)]. وهناك من يرى أفضلية استخدام مصطلح التنمية الإنسانية كبديل لمصطلح التنمية البشرية Human Development لأن الأول يشير إلى حالة راقية من الوجود البشري [(16)].
أن جوهر مؤشرات التنمية هو مدى تفعيل المجتمع للقدرات الذاتية لمواطنيه وتوظيفها بما يخدم التطلعات التنموية للمجتمع. وبالتالي فإن مقياس التنمية ليس امتلاك الموارد الطبيعية فقط أو استيراد أحدث التقنيات وإنما المقياس الحقيقي هو تنمية القدرات البشرية والعناية بالمكونات الخلفية لمشروعات التنمية كالثقافة والمستوى الحضاري والتعليمي والصحي [(17)]. ولا شك أن هذه المكونات وغيرها تعد من المقاييس التي تحدد درجة تطور الدولة وتصنيفها في مجال التنمية [(18)].
وفيما يتعلق بقياس التنمية فهناك مؤشرات عديدة لقياسها كالمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ومؤشرات الحاجات الأساسية ونوعية الحياة، ولا يمكن الاعتماد على جانب واحد وإهمال بقية الجوانب لأن التنمية عملية شاملة متكاملة لكل نواحي الحياة 
وقد اتضح للقائمين أن استخدام متوسط الدخل خلال الثمانينيات غير كاف لمعرفة وفهم الظروف التي تحدث في معدلاته التنمية وبين الدول المختلفة لذلك قام البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة عام 1990 بتقديم دليل التنمية البشرية (H D l) كمؤشر يمكن أن يعكس بصورة أكثر شمولا الأبعاد الأساسية للتنمية في المجتمع واعتمد هذا المؤشر على ثلاثة أدلة فرعية هي دليل توقع الحياة ودليل التعليم ودليل الناتج القومي[(19)]
ويظهر أن هذا الدليل قد اعتمد على ثلاثة اتجاهات مهمة في حياة الفرد هي الاتجاه الصحي ويمثله العمر المتوقع عند الولادة، ولا شك أن هذا الاتجاه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالجانب الصحي. في حين ارتبط الناتج القومي بالجانب الاقتصادي. أما المؤشر الثالث فقد ارتبط بعملية اكتساب المعارف والقضاء على الأمية ويمثله الجانب التعليمي.
أما النمو الاقتصادي فأنه يشير إلى الزيادة المضطردة في الناتج القومي الإجمالي لمدة طويلة من الزمن. في حين يشير مفهوم التنمية الاقتصادية إضافة إلى نمو الناتج القومي الإجمالي حصول تغيرات هيكلية واسعة ومهمة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والديموغرافية. ولهذا فالتنمية الاقتصادية أعم وأشمل من النمو[(]20).
وعلى سبيل المثال أن دخل الفرد في جميع أقطار الخليج العربي على سبيل المثال يمثل مرتبة عالية بالنسبة لمتوسط دخل الفرد في بقية دول العالم بما في ذلك الدول المتقدمة اقتصاديا، إلا أنه لا يمكن عد ذلك مؤشراً جيداً للنمو والتنمية، إذ أنه تحقق بسبب عائدات النفط فقط، ولو كان هذا المؤشر كافيا لعدت اقطار الخليج العربي في عداد الدول المتقدمة اقتصاديا [(]21).
ولم يعد النمو الاقتصادي وحده يعني التنمية إنما التنمية يجب أن تكون شاملة لشتى جوانب الحياة سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم ثقافية أم سياسية أم غير ذلك. وهذا يعني أن ثمة فروقاً بين التنمية والنمو، فالتنمية في معناها الشامل تعني بناء مشروع حضاري متكامل يتوافر فية التكامل والتوازن بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن غير الجائز اليوم تجاهل المحتوى الاجتماعي والتاريخي والثقافي لكل من التنمية والتخلف [(22)]
ويبدو أن اتساع معنى التنمية وشمولية الاتجاهات والمفاهيم التي تعالجها لا يلغي أهمية الجانب الاقتصادي ولا يقلل من المساحة الكبيرة التي يحتلها. وهو أمر يمكن أن يعزى إلى جانبين الأول يتعلق بسهولة ملاحظة وحساب التغيرات الاقتصادية بشكل ملموس،والجانب الآخر يتعلق بأهمية هذا القطاع بالنسبة لجميع القطاعات الأخرى. فمن النادر أن تتواجد تنمية في قطاع أو مرفق بدون وجود أساس اقتصادي رصين، والعكس صحيح أيضا. فالنمو الاقتصادي يرتبط بالتنمية البشرية لأن القوة البشرية هي المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي.
(ويستخدم الدخل القومي بمثابة مقياس إحصائي لإظهار العلاقة بين السكان والموارد، وجملة الدخل القومي لا تظهر مستويات المعيشة بين السكان، لذلك تحسب على أساس قسمة مجموع الدخل القومي على عدد السكان لإظهار متوسط نصيب الفرد من الدخل. وهو بوجه عام يعطي صورة عن مستوى المعيشة)[(]23)، ولاشك أن الارتفاع في الدخل القومي ينعكس إيجابا على مرافـــق التنـمية المختلفة.
التنمية المستدامة
  بعد أن أصبحت التنمية بأشكالها وتطبيقاتها المتنوعة الشغل الشاغل للعالم حتى الأمس القريب، فإن هذا العالم أدرك بعد أن تفاقمت مشاكله أنه ماض في طريق يحتاج إلى تصحيح وأن نموذج التنمية الحالي فيه تعدي على حقوق الأجيال القادمة لاسيما بعد أن ظهرت أزمات بيئية خطيرة مثل التغيرات المناخية والتصحر وقلة المياه العذبة وتقلص مساحات الغابات، وتلوث الماء والهواء، والفيضانات المدمرة الناتجة عن ارتفاع منسوب مياه البحار والأنهار، واستنفاد الموارد غير المتجددة لا سيما بعد أن مارس الإنسان ضغوطاً كبيرة على البيئة أدت إلى ظهور مشكلات بيئية تختلف حجماً وخطورة حسب درجات النمو والتطور التي وصلت إليها الأمم، مما دفع بعدد من منتقدي ذلك النموذج التنموي إلى الدعوة إلى نموذج تنموي بديل مستدام يعمل على تحقيق الانسجام بين تحقيق الأهداف التنموية من جهة وحماية البيئة واستدامتها من جهة أخرى[(24)]. لذا يرى بع الباحثين أن التنمية المستدامة ماهي إلا نموذج تنموي بديل عن نموذج التنمية السابق الذي كان يهدف إلى زيادة رفاهية الإنسان بالدرجة الأولى من وجهة نظر راسمالية
لقد بدا المجتمع الدولي، منذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي، يدرك مدى الحاجة إلى التنمية المستدامة وقد تظافرت الجهود السياسية والعلمية من اجل الحد من المشكلات البيئية التي ظهرت بجلاء خلال عقد التسعينيات من القرن المنصرم وقد ظهرت مفاهيم وتسميات مختلفة قبل أن ينضج مفهوم التنمية المستدامة الذي كان في بدايته عبارة عن صرخات أخذت تتعالى للمحافظة على البيئة وضمان حقوق الأجيال القادمة ثم ظهر ما يسمى "التنمية بدون تدمير" Development without Destruction الذي تبنته منظمة البيئة في الأمم المتحدة UNEP وكذلك مفهوم "التنمية الإيكولوجية" Ecodevelopment، وقد تبع ذلك عقد المؤتمرات والندوات العالمية، إلا أن أهم تقرير وضح منهجية التنمية المستدامة هو تقرير التنمية الإنسانية العالمي الصادر عام 1995[(25)] ولا ريب أن الاهتمام بالتنمية المستدامة جاء نتيجة طبيعية لتنامي المشكلات والتحديات التي تواجهها البشرية، وهذه المشكلات البيئية لها ثمن وكلما زادت حدة هذه المشكلات كلما كان الثمن باهضاً وله انعكاسات سلبية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدان المتضررة. ولعل أكثر البلدان تضرراً من المشكلات البيئية الدول النامية التي ليست لها القدرات والإمكانيات الكافية لا على صعيد الوقاية ولا على صعيد العلاج.(26) ويتعامل البعض مع التنمية المستدامة من جانب أخلاقي لعلاقته بحقوق الأجيال القادمة، ويرى البعض أن التنمية المستدامة ردة فعل طبيعية للنظام الصناعي الرأسمالي الذي يبحث عن الربح دون النظر الى الآثار المترتبة على ذلك، لذا تحاول التنمية المستدامة إصلاح أخطاء الأنظمة الرأسمالية التي لم تكن علاقتها طيبة مع البيئة ومكوناتها التنمية المستدامة. وإذا كانت الأخيرة تعني الاستعمال المثالي الفعال لجميع المصادر عناصر البيئة فإنها تركز من جانب آخر على وجود حياة أفضل ورفاهية أعلى لكل فرد في المجتمع الحاضر والمجتمع المستقبلي أي أنها بعبارة أخرى لا تحتكر موارد البيئة للأجيال القادمة فقط دون النظر إلى احتياجات العالم الحاضر.
وتتباين تعاريف التنمية المستدامة بين الدول النامية والدول المتقدمة، ففي الوقت الذي تنظر فيه الأخيرة إلى التنمية المستدامة على أنها إجراء تخفيضات في استهلاكها من الطاقة والموارد الطبيعية وتخفيض تجاربها النووية والأدخنة المتصاعدة من مصانعها. فإن الدول النامية تنظر إلى التنمية المستدامة على أنها توظيف الموارد من أجل رفع مستوى رفاهية السكان.
   وتختلف تعريفات التنمية المستدامة بحسب الاتجاه العام فعالم الاجتماع ينظر إليها على أنها دعوات باتجاه تخفيض النمو السكاني المضطرد وتقليل نسب الخصوبة وإعطاء الحقوق الكاملة للمرأة، أما القانونيين فينظرون إلى التنمية المستدامة على أنها دعوات باتجاه تخفيض نسب الجرائم والبناء القانوني الصحيح للمجتمع وتحسين العلاقات الدولية والقضاء على مشاكل الحدود والموارد المائية المشتركة، بينما ينظر السياسي إلى التنمية المستدامة على أنها توجه لترسيخ نظام الانتخابات ومشاركة جميع الأفراد في اتخاذ القرار السياسي داخل المجتمع، والقضاء على الأنظمة الديكتاتورية وترسيخ قيم المواطنة والاحترام المتبادل بين الدول والتفاعل الايجابي.
ومن الجانب الإعلامي والمعلوماتي فإن التنمية المستدامة تعني تفعيل وسائل الإعلام ووسائل الاتصالات من أجل إحداث التغييرات الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية المطلوبة لإحداث التغيرات السليمة، إذ لا يوجد شيء على وجه الأرض إلا وله مفهوم أو مدلول في التنمية المستدامة.
ويبقى الجانب البيئي هو الأكثر ملامسة لأهداف التنمية المستدامة من خلال الاستخدام الأمثل للأراضي الزراعية، والموارد المائية في العالم وزراعة المساحات الصحراوية واستخدام الطرق الأفضل في الري وفي التخلص من النفايات.
ولكي تكون التنمية مستدامة يجب ان :
1ـ أن تهيئ التنمية للجيل الحاضر متطلبات الأساسية والمشروعة، دون أن تخل بقدرة المحيط الطبيعي على أن يهيئ للأجيال التالية متطلباتهم، أو بعبارة أخرى، استجابة التنمية لحاجات الحاضر، دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة على الوفاء بحاجاتهم
2ـ تراعي المحددات البيئية والشروط الواجب مراعاتها فيما يتعلق البيئة الطبيعية، وأن لا تؤدي إلى استنزاف موارد البيئة وتكون ضامنة لحقوق الأجيال القادمة.
2ـ يفترض بالتنمية المستدامة أن تؤدي إلى رفع مستويات المعيشة بالنسبة للأجيال الحالية وتطوير المستويات المعيشية المتعلقة بكل جوانب الحياة (المسكن، المؤسسات الصحية، المؤسسات التعليمية، المؤسسات الخدمية) .
2ـ ما هي أهداف التنمية المستدامة:
يمكن القول أن التنمية المستدامة ترتكز على أربع أهداف أساسية
1- الأهداف الاقتصادية والاجتماعيةيشير هذين العنصرين إلى عاملين أساسين هما زيادة رفاهية المجتمع إلى أقصى حد والقضاء على الفقر من خلال الاستغلال المتوازن لموارد البيئة. فضلا عن العلاقة بين الطبيعة والسكان وتحسين سبل الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، إلى جانب الوفاء بالحد الأدنى من معايير الأمن واحترام حقوق الإنسان والأهداف الجانبية الأخرى المتعلقة بتنمية الثقافات المختلفة والتنوع والتعددية والمشاركة الفعلية للقواعد الشعبية في صنع القرار.
2- الهدف السياسيويقصد بالهدف السياسي تأمين أنواع الحكم الديمقراطية والقضاء على القمع والاضطهاد والعنصرية ونشر مفاهيم الديمقراطية وحرية الفكر والتنقل والتعبير ومشاركة الأفراد في اتخاذ القرارات السياسية داخل المجتمع فضلاً عن تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وإعطاء الأخيرة حقوقها لتأخذ دورها في المجتمع.
3- الهدف البيئي ويتمثل بالحفاظ على الموارد الطبيعية دون المساس بالنظام الايكولوجي للبيئة وإتباع الوسائل الحديثة للمحافظة على البيئة واجتناب الإسراف في استخدام الأسمدة والمبيدات حتى لا تؤدي إلى تدهور الأنهار والبحيرات والتربة وتهدد الحياة البرية وتلوث الأغذية البشرية والإمدادات المائية، فضلاً عن استخدام الري استخداماً حذراً واجتناب تمليح أراضي المحاصيل وتشبعها بالماء إلى جانب الابتعاد عن التجارب النووية ورمي النفايات في عرض البحار واستعمال الطاقة النظيفة والتوسع في استخدامها [(27)]. كما يشترط في التنمية المستدامة أن تستحوذ على قناعات الجماهير التي يجب أن تشترك في قراراتها، إلى جانب المردود الاقتصادي لها وقابليتها على اشباع الحاجات الإنسانية (مخطط 1).

المخطط (1)
الشروط التي يجب مراعاتها في التنمية المستدامة

المصدر من عمل الباحث
العلاقة بين علم الجغرافية والتنمية
بما أن الجغرافية هي علم المكان الذي يزودنا بتفسير منطقي ومعقول لتوزع الظاهرات في المكان "فالشخصية الجغرافية تنبع من دراستها لعدد كبير من الملامح والعلاقات المتفردة للمكان (Unique)[(28)] فمن هنا تأتي أهمية دراسة الأبعاد المكانية لأي ظاهرة على سطح الأرض، وما يهمنا في هذا المجال موضوع التنمية بأبعاده المختلفة الذي سيخلق اختلافات وتباينات مختلفة تشكل مادة خصبة للدراسات الجغرافية باعتبار أن علم الجغرافية هو علم التوزيعات كما يحلو للبعض تسميته، " إذ التوزيع من المفاهيم الجغرافية الهامة والتي لا يمكن للجغرافي أن يتخطاها لما لها من أثر بالغ في تحديد مفهوم الجغرافية كعلم اتسعت آفاقه المعرفية ليتناول خصائص ومؤشرات وظواهر مختلفة كانت حتى الأمس القريب حكراً على علوم معينة ولم يكن لأحد إمكانية الولوج إلى معالمها والخوض في غمارها "[(29)].
ولا يقتصر الدور الجغرافي على دراسة اللامساواة المكانية Spatial Inequality أو التفاوت في الدخل وعدم العدالة في توزيع ثمار التنمية التي تستحوذ عليها في الأغلب لاسيما في الدول النامية المراكز الحضرية الكبرى، بل يتسع الدور الجغرافي ليشمل توفير الأسس المادية للتنمية وتحديد احتياجاتها، فالجغرافية بحكم منهجها ومجالات بحثها واتساع نطاق دراستها تكون الأقدر على معرفة احتياجات الأقاليم والمرتكزات الرئيسة للتنمية من موارد طبيعية واقتصادية لأن الجغرافي أشبه بالواقف على مكان مرتفع وينظر إلى الإقليم أو المنطقة نظرة شمولية واسعة من جميع الزوايا والاتجاهات وهو الأمر الذي يميزها عن غيرها من العلوم فهي تأخذ من كل علم على قدر احتياجاتها، ويعتمد علم الجغرافية على جملة من الوسائل الإحصائية والرياضية والتقنيات الحديثة المتمثلة بنظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد وغيرها من التقنيات الحاسوبية للوصول إلى النتائج الدقيقة والمطلوبة (ينظر الشكل 2). وفضلاً عما تقدم فأن لعلم الجغرافية دور مهم في حل مشكلات اللاتوازن التنموي بين الأقاليم وإعطاء البعد المستقبلي لتنمية أي إقليم وهو مايدخل ضمن مفهوم الجغرافية المستقبلية كما تعمل الجغرافية على "تسوية" الاختلافات المكانية المتعلقة بسوء توزيع ثمار التنمية، عن طريق تقليلها أو الحد منها وتوضيح مناطق الفقر التنموي ومناطق التركز التنموي تركزها، ونقل التنمية إلى مناطق تناقصها، بغية الوصول إلى مرحلة العدالة التنموية، وهو الوضع الذي تتساوى فيه أجزاء المنطقة أو الإقليم في الإفادة من نتائج التنمية وثمارها وتتبع الجغرافية في ذلك وسائلها الإحصائية وأبرزها مؤشّر مرتبة التنمية Development Rank Index of(I.D.R) ومؤشّر حالة التنميةDevelopment Status Index of(I.D.S)[**]     
    ولا يقتصر دور الجغرافية على دراسة التنمية من الجوانب التي تمت الإشارة إليها، بل تقوم الجغرافية بإدخال التنمية ضمن مفاهيمها الرئيسة وأبرزها التوزيع والتباين والعلاقات المكانية، فهي تبحث في تباين مستويات التنمية بين الدول وتوزيع الدول بحسب موقعها في سلم التنمية.
ويرى الجغرافيين أن التنمية تعني أفضل السبل لاستغلال موارد إقليم ما لتحقيق رفاهية سكانه، وأن هذه الموارد يختلف توزيعها من نطاق إلى آخر ويختلف معها طرق استغلالها حسب مقدرة السكان على ذلك ومن ثم ينعكس ذلك على تفاوت مستويات نوعيات الحياة.ومن هنا تظهر قضية الاختلافات المكانية في مستويات التنمية ويأتي دور الجغرافية لإبراز تلك الاختلافات لذا فالتنمية البشرية جغرافيا تعني ممتلكات الأقاليم المختلفة بقصد توفير احتياجات السكان وتحسين مستويات[(30)] كما تساهم الجغرافية في بلورة التفاعل المكانيSpatial Interaction للتنمية وما يؤدى إليه من أنماط مكانية مختلفة، ومن هنا ظهرت جغرافية التنمية Geography of Development وهي إحدى فروع الجغرافية البشرية التي انبثقت منها التنمية المستدامة التي تعني استخدام الموارد الطبيعية بالشكل الذي يضمن المحافظة على حقوق الأجيال القادمة وتتطلب العملية ترشيد المناهج الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، وربما تعرف على أنها الإدارة المثلى للموارد الطبيعية، وذلك بالتركيز على الحد الأقصى من منافع التنمية الاقتصادية، بشرط المحافظة على خدمات الموارد الطبيعية ونوعيتها. وتعرف التنمية المستدامة على إنها التحول إلى تكنولوجيات أنظف وأكفأ وتقليص استهلاك الطاقة وغيرها من الموارد الطبيعية فضلا عن إيجاد أفضل وأحسن وأسهل الطرق للتخلص من النفايات والملوثات .
وهناك العديد من المعوقات والمشاكل التي تقف عقبة أمام التنمية المستدامة أهمها النمو السكاني الغير متوازن ويعد الأخير قطب الرحى التي تتمركز حوله المشاكل البيئية الأخرى وتختلف معدلات النمو السكاني بين الدول والأقاليم بل وتختلف حسب المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية داخل الدولة الواحدة لأن النمو السكاني عرضة للتأثر " بمنظومة من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والنفسية والسياسية " [(31)]. وقد شهد موضوع العلاقة بين السكان والتنمية اهتماماً واسعاً في الأدبيات السكانية والاقتصادية منذ ظهور مقالة مالثوس . ويذهب جملة من الباحثين إلى أن النمو السكاني يؤثر تأثيراً سلباً في عملية التنمية، حيث يمكن لهذا النمو أن يكون محفزا لعملية النمو والتنمية ومعوقاً لها بنفس الوقت بحسب توفر الموارد الطبيعية ومساحة الدولة أو الإقليم.
 إذا كانت العلاقة وطيدة في السابق بين الحجم السكاني وقوة الدولة، فهذه العلاقة ما عادت كسابق عهدها أمام التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة. بل على العكس تماما إذ أصبحت الأحجام السكانية المرتفعة تشكل تحدياً أمام الموارد الطبيعية فضلاً عما تخلفه من تقلص المساحات المزروعة وارتفاع مستويات التصحر وزيادة نسب التلوث وما إلى ذلك من مشاكل وتحديات وازدياد في الملوثات والنفايات (ينظر المخطط 3)[***] فضلاً عما يتطلبه هؤلاء السكان من تعليم وصحة وخدمات مختلفة. وتأسيساً على ذلك تتباين دول العالم في نظرتها للنمو السكاني وعوامل مكوناته، فبعضها يتدخل بشكل مباشر أو غير مباشر للحد من تلك المعدلات أو زيادتها وفق ما تقتضيه الظروف العامة للبلد [(32)].
وبما أن علم الجغرافية من أبرز العلوم التي تهتم بدراسة السكان نمواً وتركيباً وتوزيعاً فضلاً عن دراستها لللعوامل والمتغيرات ذات الصلة بتوزيع السكان، وبهذا فإن دراسة التنمية تدخل في صميم علم الجغرافية.
تاسيساً على ما تقدم ووفقا للشمولية الواضحة لعلم الجغرافية، فإن التنمية المستدامة باتجاهاتها المختلفة وأسسها وأبعادها تعد الوليدة الشرعية لعلم الجغرافية، ومن الصعوبة أن تجد التنمية فرص النجاح دون أن يكون للجغرافية دوراً فيها لأن التنمية تستند على المتغيرات الطبيعية والبشرية وهي المضامين الرئيسة لعلم الجغرافية. ولايمكن حصر دور الجغرافي في تقديم المشورة العلمية بل لا بد أن يكون للجغرافي دوراً في التخطيط والتنفيذ العملي المباشر.

المخطط (2)
علاقة علم الجغرافيا بالعلوم الأخرى

المصدر من عمل الباحث

المخطط (3)
العلاقة بين النمو السكاني والضغط على البيئة
المصدر من عمل الباحث

دور نظم المعلومات الجغرافية في تحقيق التنمية المستدامة
في العقود الأخيرة حدثت قفزات واسعة في مجالات الدراسات الجغرافية فقد ظهرت الجغرافية التطبيقية وأخذت حيزاً واسعاً في الدراسة الجغرافية بسبب تنامي المشكلات الاقتصادية والحضرية والسكانية بأبعادها المختلفة، وقد امتازت الدراسات التطبيقية بحاجتها إلى مستلزمات وتقنيات وأجهزة متطورة لإعطاء صورة واقعية عن المتغيرات والعوامل ذات الصلة بالدراسات الجغرافية التطبيقية، ومن بين تلك التقنيات برزت نظم المعلومات الجغرافية (G.I.S) وهي مختصر للكلمات التالية (Geographic Information Systems) وهذا النظام عبارة عن نظام حاسوبي بتكنولوجيا متطورة يقوم بالتعامل مع المعلومات والبيانات بتقنية عالية " ويعتمد على كفاءة بشرية والكترونية غاية في الدقة والتميز" [(33)]. وهناك من يعرف النظام مركزاً على الفائدة والأهداف المتوخاة منه فيؤكد على كونه نظام حاسوبي يستعمل للحصول أو التغلب على المشاكل والتحديات من خلال الإجابة عن التساؤلات أو تحليل الظواهر أو خزنها أو عرض البيانات الجغرافية [(]34) وذهب الكثيرون إلى أن نظم المعلومات الجغرافية طريقة لتنظيم المعلومات الجغرافية باستخدام الحاسوب وربطها بمواقعها المكانية، مما يجعلها تتعامل مع البيانات من حيث إدخالها وتخزينها واستخراجها ومعالجتها يمكن أن نصل إلى تعريف لنظم المعلومات الجغرافية في ضوء ما تقدم، بأنه نظام حاسوبي يهتم بجمع وإدخال ومعالجة وتحليل وعرض وإخراج وربط المعلومات الوصفية ويقصد بها الأسماء والجداول ، بالمعلومات المكانية التي يقصد بها الخرائط والصور الجوية والمرئيات الفضائية في مكان ما، وعمل خرائط متعددة ومختلفة بأحجام متنوعة وهو أمر وفرته الطبقات الموجودة في النظام والتي تدعى بالـ (Layer) المخطط (4)، ومن الطبيعي أن يكون الجغرافي هو الأقدر والأفضل والأنسب للتعامل مع هذا النظام بحكم العقلية الموسوعاتية للجغرافي واطلاعه الواسع على أغلب المظاهر الطبيعية والبشرية لسطح الأرض وإمكانيته التحليلية وربط المعلومات المكانية. لذا فقد ذهب البعض إلى أن نظم المعلومات الجغرافية تحتاج إلى من يمتلك 60% جغرافية والنسب الباقية تتوزع بين علوم المساحة والهندسة والإحصاء والرياضيات.

المخطط (4)
الطبقات (Layer) التي توفرها تقنية نظم المعلومات

المصدر (http// www. Gisqatar. org).

تحاول نظم المعلومات الجغرافية من خلال ما تملكه من تقنية عالية ودقة متناهية تبسيط العالم الخارجي من خلال قاعدة بيانات وعرض كاتوكرافي. أي أن المعلومات عن منطقة معينة يتم تقسيمها الى طبقات. كل طبقة تمثل ظاهرة جغرافية في العالم الخارجي فمن الممكن أن تكون طبقة مخصصة للمدن وأخرى لحقول النفط وأخرى للنقاط العسكرية أو المحاصيل النقدية أو حيوانات الماشية أو...الخ وكل طبقة لها جدول يحتوي على البيانات التي تم جمعها عن هذه الطبقة وجانب كاتوكرافي يصف البيانات بصورة مرئية بالإضافة إلى المعلومات العادية في الجدول تحصل البيانات على جانب جغرافي يشمل نقاطاً على الخريطة ويمكن تحليل الصلات بين الطبقات المختلفة كما يسمح النظام بالإجابة عن التساؤلات المختلفة بشكل ممنهج ومنظم، فضلاً عن ذلك فالنظام يسمح بإمكانية طرح أسئلة حول العلاقات المنطقية بين الظواهر المختلفة والإجابة عليها بمنتهى الدقة، بالإضافة إلى اختيار البدائل في العملية التخطيطية.
وتأسيساً على ما تقدم وفي ضوء الإمكانات الهائلة لبرامج نظم المعلومات الجغرافية فإن لهذا النظام دور مهم في الحفاظ على البيئة وتحقيق التوازن العقلاني في الموارد الطبيعية والبشرية وضمان حقوق الأجيال القادمة وبالتالي فإن تحقيق التنمية المستدامة يعد عاملاً من عوامل الجغرافي الذي يعمل على تقنية النظم الجغرافية ويسخرها لخدمة أهدافه تستطيع تقنية المعلومات أن تلعب دوراً مهماً في التنمية المستدامة، من خلال الإمكانات اللامتناهية التي تمتلكها، وتعزيز بناء القدرات في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

التنمية المستدامة ضرورة ملحة
الاستدامة كتعريف تعني استجابة التنوع الحيوي بجميع عناصره ليقابل متطلبات السكان كاستخدام الموارد لتحقيق التنمية الكاملة أو الشاملة وانجاز صيانة الموارد الحية وإنتاجيتها لكل من الأجيال الحالية والأجيال المستقبلية وفقا لهذه الظروف الهيكلية.وفي ضوء هذا التعريف ووفقاً لما تعانية المجتمعات والشعوب من تحديات تختلف باختلاف درجة تطورها فإن تحقيق التنمية المستدامة بات أمراً ضرورياً ملحاً ففي الدول النامية برزت مشاكل الأمن الغذائي المستدام (Sustainable Food Security) في أي إقليم أو دولة عادة بضمان ثلاث عوامل أساسية هي استدامة الموارد الطبيعية (الأرض والمياه) واستدامة التنوع الحيوي (الموارد النباتية والحيوانية)(35)
لقد كانت علاقة الإنسان مع بيئته علاقة طبيعية متوازنة وكانت البيئة قادرة على الإيفاء بمتطلبات الإنسان المادية فضلاً عن قدرتها على احتواء الملوثات بفعالية أكثر لأن الطبيعية بمفرداتها وعواملها قادرة على تنقية نفسها بنفسها لما تحتويه من عناصر موزونة غابة في الدقة ولأن أعداد السكان ومعدلات استهلاكه وما يستخدمه من وسائل تقنية كانت في حدود قدرة البيئة على العطاء وقد أشار القران الكريم إلى هذه الدقة في مواضع عديدة {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }القمر49{وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ }الحجر19. إلا أن ضغط الإنسان على البيئة وعبثه أحياناً قي بعض عناصرها ولد عجزاً بيئياً كبيراً في مواجهة الضغط الذي يمارسه الإنسان على بيئته، بذلك اختلت العلاقة المتوازنة الدقيقة بين الإنسان والبيئة، وتوجس الناس خوفاً من خطر قائم ومشكلة حقيقية، ومن هنا ظهرت فكرة التنمية المستدامة فالإنسان أدخل تغييرات كبيرة على النظم الايكولوجية البيئية حيث اقتحمها بمدنه ومصانعه، الأمر الذي أدى إلى استنزاف الموارد الطبيعية وتخريب بعض الأوساط الملائمة للحياة حتى أن بعض الأنهار والبحيرات لم تعد أوساطاً صالحة لعيش بعض الكائنات الحية، وفي أقل تقدير اختفت منها كائنات معينة، كما هو الحال بالنسبة لانقراض أنواع معينة من الأسماك في بعض الأنهار الملوثة أو انقراض بعض الأنواع من الحيوانات البرية.
لقد وضعت استراتيجيات متعددة من قبل المنظمات والهيئات المتخصصة لمنع التدهور في مجال الموارد الطبيعية نورد منها الأتي [(36)]:
1- تحسين أنظمة المعلومات لإدارة الأراضي والمياه.
-2 زيادة التنمية التكنولوجية والأبحاث في مجال تحسين الأراضي والمياه.
-3 ترويج الاستثمار في مجال تحسين الاراضي وإقامة السدود.
-4 تعديل حقوق الملكية بهدف تشجيع الاستثمار طويل الأمد.
-5 البحث عن بدائل جديدة للطاقة والتوسع في استخدامها.
 -6تطوير أنظمة تخطيط مرنة تشارك في الاستخدام المناسب للأراضي والمياه.
-7 تطوير البنية التحتية التسويقية.
-8 تشجيع التنمية الريفية.
-9 تشجيع الاستثمارات في المناطق الحدية.
-10 معالجة محددات زيادة ري الأراضي من خلال الاعتماد على وسائل حديثة.
-11 الحد من التلوث الإشعاعي من خلال تفعيل المعاهدات الدولية.
-12  إيجاد قوانين وتشريعات خاصة للحد من تلوث البحار.
وكما أن هناك اتجاهات يمكن من خلالها توجيه التنمية المستدامة وفقا لأهدافها المنشودة، فإن هناك تحديات تمثل مشاكل وعقبات تحول دون تحقيقها كالحروب والسياسات الخاطئة والمحاصصة الطائفية [(37) فالتطور الاجتماعي والاقتصادي الذي تشهده الدول المتقدمة ليس قضية اقتصادية مجردة تتعلق فقط بمسالة تراكم بمسالة تراكم رأس المال والازدهار فالتطور يرتبط بعملية الابتكار والتقدم التكنولوجي الذي لايمكن أن ينمو إلا في ظل فلسفة الدولة الاجتماعية ووضوحها وموضوعيتها وارادتها في تحقيق أهدافها ومنها الأهداف المتعلقة بالتنمية المستدامةومنها الاهداف المتعلقة بالتنمية المستدامة [(38)].
الاستنتاجات والتوصيات
1- هناك خلط واضح فيما يتعلق بمفاهيم التنمية وتداخلها مع مفاهيم ومصطلحات أخرى. وفي الوقت الحاضر تؤكد التنمية على بناء الإنسان وإكسابه المعارف والمهارات وهذا لا يتم إلا من خلال الإنسان، فهو هدف التنمية ووسيلتها.
2- بالإضافة إلى اهتمام علم الجغرافية بالاختلافات المكانية فإن الجغرافية تهتم بصنع الوضع الأمثل للحياة البشرية على سطح الأرض، عن طريق تحسين مستوى التفاعل بين الإنسان والمكان، وتعمل على إزالة التفاوت في ثمار التنمية.
3- أن الجغرافيا كعلم تطبيقي ـ لها دورها المهم في دراسة التنمية سواء من حيث أسسها المادية أو من خلال دراسة التفاوتات المكانيّة الإقليميّة Regional Spatial Disparities.
4- أن التنمية الشاملة تدخل من صميم الدراسات الجغرافية لأن علم الجغرافية يعد أنسب العلوم وأقدرها على دراسة التنمية الشاملة لما لها من ميزات ولما تملكه من نظرة شمولية لموارد البيئة.
5- أن الاهتمام بالتنمية المستدامة أصبح ضرورة اقتصادية أخلاقية غاية في الأهمية إذ لا يختلف اثنان على أن التغيرات البيئية المعاصرة أصبحت مشكلة وخطر محدق قائمة وما هي إلا نتيجة سوء تعامل الإنسان مع البيئة.
6- في ضوء الإمكانات الهائلة لبرامج نظم المعلومات الجغرافية فإن لهذا النظام دور مهم في الحفاظ على البيئة وتحقيق التوازن العقلاني في الموارد الطبيعية والبشرية وضمان حقوق الأجيال القادمة وبالتالي فإن تحقيق التنمية المستدامة يعد عاملاً من عوامل الجغرافي الذي يعمل على تقنية النظم الجغرافية ويسخرها لخدمة أهدافه.تستطيع تقنية المعلومات أن تلعب دوراً مهماً في التنمية المستدامة.
7- هناك العديد من المعوقات والمشاكل التي تقف عقبة أمام التنمية المستدامة أهمها النمو السكاني الغير متوازن الذي يعد قطب الرحى التي تتمركز حوله المشاكل البيئية الأخرى.
8- أن التنمية المستدامة باعتبارها ضرورة ملحة تقع عند نقطة الالتقاء بين البيئة والاقتصاد والمجتمع، لذلك تتحمل وسائل الإعلام مسؤولية جعل سكان العالم أكثر وعياً واهتماماً بالمخاطر البيئية وبالمشاكل المتعلقة بها، فضلاً عن إيجاد الحلول للمشاكل الآنية والحيلولة دون نشوء مشاكل جديدة وهذا لا يتم إلا من خلال نشر الوعي البيئي.




[*] في التراجم الخاصة بالسكان والتنمية فإن Development تعني - تنمية - تطور - إنماء - تحسين - تنشيط - تظهير.
. المصدر : مختار جمال ومحاسن مصطفى، قاموس السـكان والتــنمية، الهيئة المصرية للكتــاب، القاهرة، 2006 ، ص63.
[(1)] عباس فاضل السعدي، "خصائص المؤشرات الديمـغرافية للتنمية البــشرية وتباينـها المـكاني في الوطن العربــي"، مجـلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد(241)، 1999، ص69.
[(2)] محمد علي الميرزا "رؤية في مضامـين الجغرافية واتـجاهاتها"، مجـلة كلــية الآداب، جامــعة، بغــداد، 2005، ص617.
[(3)] سعد طه عــلام، التنمــية والمجــتمع، عربية للطـــباعة والنشر، مكــتبة مدبــولي، القـاهرة، 2007، ص247.
[(4)] أسامة عبد الرحمن، البيروقراطية النفطية ومعضلة التنمية، سلسلة عالم المـعرفة، العدد (57)، الكويت، 1982، ص13.
[(5)] حسن عبد القادر صالح، التوجه الجغرافي للتنمية الوطنية والإقليمية - دراسة تطبيـــقية على الوطــن العربي، دار وائل للنشر، الجامعة الأردنية، عمان، 2002، ص26.
[(6)] سالم النجيفي، التنمية الاقتصادية الزراعية، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1987، ص26.
[(7)] محمد قـنبر وآخرون، التنمية وترقية المجتمع، دار المتنبي للنشر والتوزيع، الدوحة، 1996، ص137 - 138.
[(8)] ناهده عبد الكريم حافظ، "التنمية البشرية المستدامة - المفهوم - الأدلة - موقف العراق عرض تعريفي "، مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، العدد (79)، 2007، ص191.
[(9)] سعد طه علام، مصدر سابق، ص147.
[(10)] عبد الله عطوي، السكان والتنمية البشرية، دار النهضة العربية، بيروت، 2004، ص26
[(13)] فوزي هادي الهـنداوي، "منــظومة الثــقافة والتنــمية المســـتدامة - دور وسائل الإعلام كأدوات ثـقافية في الـــتنمية المستدامة"، مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، العدد(74)، 2006، ص300.
[(14)] عبد الله عطوي، السكان والتنمية البشرية، مصـدر سابق، ص18.
[(15)] الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، الفقر وطرق قياســـه في منــظمة الأســكوا، بيــروت، 2003، ص14.
[(16)] ناهدة عبد الكريم، مصدر سابق، ص394.
[(17)] صالح بن علي الهذول، "النمو السكاني ومستقبل التـنمية الحضرية في أقــطار مجلس التــعاون الخليــجي "، مجـلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، العدد (109)، الكويت، 2003، ص 56.
[(18)] للمزيد حول تلك المقاييس ينظر: أنور مهدي صالح، "العالم الثالث بين التنمية والتخلف "، مجلة كلية الآداب، جامعة بغداد، العــدد(67)، 2004، ص235-336.
[(19)] الأمم المتحدة، تقرير التنمية البشرية لعام 2004، ص14.
[(20)]  مدحت القريشي، التنمية الاقتصادية - نظريات وسياسات وموضوعات، دار وائل للنشر، الجامعة الأردنية، عمان ، 2007، ص121 - 132.
[(21)]  الصندوق العربي للإنماء الاقتصــادي والاجتــماعي، " النفط والتنمية في الدول العربية "، مجلة النــفط والتعــاون الإنمائي، المجلد (21)، العدد(73)، 1995، ص56.
[(22)] أحمد سامر الدعبوسي، التنمية والسكان، مكتبة المجتمع العربي، عمان، 2010، ص12
[(24)]  عباس فاضل السعدي، " التحليل الجغرافي لمشكلة الأمن الغذائي العربي "، مجلة الجمــعية الجغرافيــة العراقيــة، المجلد (11)، 1980، ص193.
[(24)] عبدالله بن جمعان الغامدي الـتنمية المسـتدامة بين الحق في استغلال الموارد الطبيعية والمسئولية عن حماية البيئة، جامعة الملك سعود، المملكة العربية السعودية، الرياض، 2007، ص2.
[(25)] الأمم المتحدة، تقرير التنمية البشرية لعام 1995 (UNDP).
[(27)] المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية إشكالية التنمية المستدامة في العالم، 2009.
[(28)]  هارتشورن، طبيعة الجغرافيا، ترجمة د. شاكر خصباك، ج2، الطبعة الثانية، مطابع جامعة الموصل1985 ج2، ص339.
[(29)] حسين عليوي ناصر، التوزيع الجغرافي وتغيره في الجمهورية اليمنية للمدة 1994-2004 (دراسة في جغرافية السكان باستخدام GIS )، المجلة الجغرافية العراقية، 2011.
[**] للمزيد حول مقاييس التنمية ينظر :
حسين عليوي ناصر الزيادي، بعض مؤشرات التنمية الصحية في العراق(دراسة في جغرافية التنمية باستخدام GIS )، مجلة جامعة ذي قار العلمية، العدد 6، المجلد2، 2010، ص19.
[(30)]  رفيق محمد الدياسطي، إقليم بحيرة البرلس دراسة في جغرافية التننمة البشرية، مجلة الجمعية الجغرافية الكويتية، العدد (310)، 2006، ص4.
[(31)] صفوح الأخرس، علم السكان وقضايا التنمية والتخطيط لها ، وزارة الثقـافة والإرشاد القومي، دمـشق، 1980، ص109.
[***] للمزيد حول السياسات السكانية في بعض دول العالم ينظر :
- حسـين عبـد الحميد رشـوان، السكان في مـنظور علم الاجتماع، الإسكندرية، 2001، ص183– 195.
[(32)] حسين عليوي ناصر الزيادي، تباين خصائص السكان والمؤشرات التنموية في مملكة البحرين للمدة 1991-2001، أطروحة دكتوراه، كلية الآداب، جامعة بغداد، 2008، ص23.
[(33)]  محمد الخزامي عزيز، نظم المعلومات الجغرافية أساسيات وتطبيقات للجغرافيين، الطبعة الثالثة، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2004، ص26.
[(35)] Chany. Kang-tsurey “Introduction to geographic in formation(34) systems” Mc Graw. Hill. New york. 2002. P2.  
[(36)] المصدر السابق، ص21.
[ فالتطور الاجتماعي والاقتصادي الذي تشهده الدول المتقدمة ليس قضية اقتصادية مجردة تتعلق فقط بمسالة تراكم بمسالة تراكم رأس المال والازدهار فالتطور يرتبط بعملية الابتكار والتقدم التكنولوجي الذي لا يمكن أن ينمو إلا في ظل فلسفة الدولة الاجتماعية ووضوحها وموضوعيتها وارادتها في تحقيق أهدافها ومنها الأهداف المتعلقة بالتنمية المستدامة ]
[(37)] كمال محمد جاسم العاني، اقتصاديات التنمية المستدامة في العراق، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية، المجلد (1)، العدد (63)، 2011، ص213-257.
[(38)] فلاح معروف جمال العزاوي، التخطيط المضاد والتنمية المستدامة في الأقطار النامية، مجلة الجمعية الجغرافية العراقية، المجلد (1)، العدد (63)، 2011، ص6.


حمله 





للقراءة والتحميل 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

آخرالمواضيع






جيومورفولوجية سهل السندي - رقية أحمد محمد أمين العاني

إتصل بنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...

آية من كتاب الله

الطقس في مدينتي طبرق ومكة المكرمة

الطقس, 12 أيلول
طقس مدينة طبرق
+26

مرتفع: +31° منخفض: +22°

رطوبة: 65%

رياح: ESE - 14 KPH

طقس مدينة مكة
+37

مرتفع: +44° منخفض: +29°

رطوبة: 43%

رياح: WNW - 3 KPH

تنويه : حقوق الطبع والنشر


تنويه : حقوق الطبع والنشر :

هذا الموقع لا يخزن أية ملفات على الخادم ولا يقوم بالمسح الضوئ لهذه الكتب.نحن فقط مؤشر لموفري وصلة المحتوي التي توفرها المواقع والمنتديات الأخرى . يرجى الاتصال لموفري المحتوى على حذف محتويات حقوق الطبع والبريد الإلكترونيإذا كان أي منا، سنقوم بإزالة الروابط ذات الصلة أو محتوياته على الفور.

الاتصال على البريد الإلكتروني : هنا أو من هنا