إشكالية الشغل لدى المرأة القروية بالمغرب
عرض من انجاز شكير مونيا بريم مليكة
تقديم
يحتل القطاع الفلاحي مكانة مهمة في الاقتصاد الوطني، بكونه يساهم بنسبة كبيرة في الناتج الوطني الخام قدرت ب 20% ،ولهذا أولت الدولة له اهتماما كبيرا وراهنت عليه لتطوير الاقتصاد الوطني الخام وهكذا عرف القطاع الفلاحي عدة تطورات.
و لا يمكن تحقيق أهداف التنمية القروية المستدامة، دون الاعتراف بأهمية المرأة القروية و مساهمتها الفعالة، هذه حقيقة لا يستطيع أحداً أن ينكرها خاصة و أن المرأة تشغل في العالم القروي مكانة هامة في المسار الإنتاجي بصفتها امرأة و بصفتها مزارعة أو حرفية أو تاجرة أو عاملة أو مستعملة للمواد الطبيعية. ففي عالم يعاني من تفشي الفقر، و انعدام الأمن الغذائي، و تزايد الهجرة القروية، و تدهور الأحوال البيئية، ما زالت المرأة القروية توفر الغذاء لأسرتها على الرغم من إمكانيتها المحدودة في الحصول على الأرض، و الائتمان، و التموين، و التقنيات، و التأهيل و التواصل. وقد واجه خروج المرأة إلى العمل مجموعة من المشاكل سواء على المستوى الاجتماعي أو السوسيواقتصادي وكذا على المستوى الأخلاقي،الأمر الذي يستدعي معه القيام بمقاربة ميدانية لوضعيتها بغية رصد ظروفها التي ينعكس وقعها على المجال ككل.
طرح الإشكالات
- ماهي الأوضاع الاجتماعية للمرأة القروية بالمغرب؟
- ماهي الأوضاع السوسيواقتصادية للمرأة القروية المشتغلة في القطاع الفلاحي؟
عرف المغرب تطوراً ملحوظاً علي عدة مستويات اقتصادية،واجتماعية،وثقافية إلا أن هذا التحول يتميز بعدم التكافؤ بين الوسطين الحضري والقروي،وبين الجنسين في الوسط الواحد خاصة بالمجال القروي. فالرجل يحظى بالأولوية في جميع الميادين في حين أن المرأة تعاني من التهميش رغم الدور الاجتماعي و السوسيواقتصادي. إذن فما هي مميزات الأوضاع الاجتماعية و السوسيواقتصادية للمرأة القروية؟.
المحور الأول : الأوضاع الإجتماعية للمرأة القروية
شهدت الأوضاع الاجتماعية للمرأة المغربية تطورا،يتعلق الأمر بالديمغرافية،الخصوبة،سن الزواج و التعليم... لكن هذا التطور لم يكن متساويا بالنسبة للمرأة القروية و الحضرية. وهذا ما سيتضح من خلال المقارنة بين هذه الخصائص كل واحدة على حدة.وأول عنصر سنبدأ بيه هو عنصر الدمغرافيا.
تطور الساكنة القروية النسوية
عرف عدد سكان المغرب تطوراً ما بين سنة 1960 وإلى 2004. كما شهد ارتفاعاً في نسبة السكان القرويين حتى حدود1994، خاصة الإناث.
انتقل عدد سكان المغرب في الفترة ما بين1960_1971 من 11.626.470ن إلى 15.379.259ن خلال هذه الفترة انتقل عدد السكان القرويين من 8.236.857ن إلى 9.969.534ن. في الوقت الذي سجلت فيه الساكنة الحضرية فقط 3.389.613ن سنة 1960 لتصل إلى 5.409.725ن سنة 1971.
استمر عدد السكان القرويين في الارتفاع حيث بلغ في سنة 1982 حوالي 11.689.156ن ليصل إلى 12.665.882ن سنة 1994 من مجموع السكان الذي انتقل من 20.419.495ن سنة 1982 إلى 26.073.717ن سنة 1994.
بينما انتقل عدد السكان الحضريين من 8.730.339ن سنة 1982 إلى 13.407.835ن سنة 1994.
هذا الارتفاع للساكنة القروية عرف تراجعا مهما، في سنة 1994 انخفض عدد السكان القرويين إلى أقل من نصف سكان المغرب و الذي وصل إلى 29.891.708ن سنة 2004، في الوقت الذي عرفت فيه الساكنة الحضرية ارتفاعا مهما، إذ انتقلت من 13.407.835ن إلى 16.463.634ن خلال الفترة مابين 1994و2004، مقارنة مع الساكنة القروية التي مرت من12.665.882ن إلى 13.428.074ن خلال نفس الفترة.
يعزى هذا الارتفاع الذي عرفته الساكنة القروية إلى الهجرة القروية نحو المدن.
تميزت الساكنة القروية أيضاً بارتفاع نسبة الأنوثة التي عرفت تزايداً مهما حيث انتقل عددها من5,9 مليون ن سنة 1982 إلى 6,6 مليون ن سنة 1991.استمر هذا العدد في الارتفاع ليصل إلى7, 6 مليون ن حسب إحصاء 2004، حيث فاق عددها عدد السكان الذكور الذي بلغ 6,6 مليون ن.
يعود هذا الارتفاع للساكنة النسوية القروية إلى الهجرة القروية التي تمس الرجال أكتر من النساء وإلى ارتفاع أمد الحياة عند المرأة القروية أقل من أمد الحياة بالنسبة للمرأة الحضرية الذي يبلغ 72سنة وذلك لتحسن المستوى الصحي و الغذائي.
يلاحظ من خلال هذا التحليل أن هناك تراجعاً مهماً للساكنة القروية، لكن هناك استمرار لارتفاع عدد النساء القرويات على حساب الذكور.هل الانخفاض للساكنة القروية له علاقة أيضاً بانخفاض معدل الخصوبة؟ .
انخفاض معدل الإنجاب
مهما كان المؤشر المستعمل فالملاحظ هو اختلاف السلوك التناسلي للساكنة عبر العالم، بل حتى داخل البلد الواحد، ففي المغرب مثلاً وصل معدل الإنجاب حسب إحصاء 2004 إلى 2,5 طفل لكل امرأة. هذا المعدل يتوزع بشكل متباين بين الوسطين القروي والحضري. فمعدل الخصوبة بالمجال القروي انتقل من6,6 طفل لكل امرأة في سنة 1994 ليصل إلى 3,1 طفل لكل امرأة.في المقابل انتقل معدل الخصوبة لدى المرأة الحضرية من4,2 طفل لكل امرأة سنة 1982 إلى 2,5 طفل لكل امرأة في 1994 ليصل إلى حوالي 2,1 طفل لكل امرأة في 2004.
يتضح إذن أن مستويات الإنجاب بالمغرب تعرف ارتفاعاً في الوسط القروي مقارنة مع الوسط الحضري.ويؤدي هذا الاختلاف إلى مجموعة من العوامل،اقتصادية،اجتماعية و ثقافية. فالإنجاب ينخفض عندما يرتفع مستوى عيش السكان في القرى يجعل الأزواج يحبذون كثرة الأولاد باعتبارهم قوة عمل في الحقول،بينما انخفاضها في المدن يمكن تفسيره بتزايد مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي.ذلك أن انتشار العمل المأجور ساهم في نوع من الفصل بين البيت و مقر العمل مما زاد من صعوبة التوفيق بين العمل و تربية عدد كبير من الأطفال.ويمكن إدراج بعض العوامل الاجتماعية لفهم اختلافات الإنجاب منها ارتفاع سن الزواج وأهمية العزوبة لدى النساء ومدى انتشار وسائل منع الحمل.وبالفعل يظهر أن ارتفاع هده المؤشرات هي مهمة بالنسبة للعالم الحضري عنه في العالم القروي. هناك أيضا بعض العوامل الثقافية التي تحكم هذا الاختلاف في معدل الإنجاب بين الوسطين القروي و الحضري. فالمرأة القروية تعتبر أن كثرة الأولاد و خاصة الذكور يضمن لها الحضور والقوة والحماية وسط العائلة،بالإضافة إلى إيمان الزوجين المشترك بأن الأولاد يشكلون حماية للآباء وإعالة لهم أثناء الشيخوخة.
وتستطيع وسائل منع الحمل الفعالة (كالأقراص واللولب)المساهمة في الحد من الإنجابية إذ ظهرت لدى نسبة كبيرة من الأزواج في سن الإنجاب رغبة في الحد من النسل، فاستعمال موانع الحمل من طرف المرأة القروية وصل في 1992 إلى 32% في الوقت الذي كان هذا المعدل يمثل 15% في سنة 1984. في المقابل بلغ هذا المعدل 55% بالنسبة إلى المرأة الحضرية في سنة1992.
إذن فعدد النساء القرويات اللواتي استعملن وسيلة لمنع الحمل تضاعف مرتين خلال 7 سنوات.أما فيما يتعلق بالوسيلة الأكثر انتشارا لدى النساء القرويات هي الأقراص بنسبة 24% و 70% من المستعملات تعول على القطاع العام(مستوصفات،مركز صحية...). يعود انتشار هذه الوسيلة إلى انخفاض مستوى التعليم والوعي لدى النساء القرويات. إلى جانب هذا فعملية تتبع الحمل والولادة بالنسبة للوسط القروي ضعيف، ففي سنة 1992 فقط 17% من النساء القرويات اللواتي لهن أولاد خلال5سنوات الأخيرة حظين بعناية طبية أو ممرضة أو مولدة. في حين ارتفع هذا المعدل لدى الساكنة الحضرية إلى 60%. و4% من النساء اللواتي استفدن من الرعاية الطبية أثناء الولادة لأن الولادة في المنزل طريقة شائعة و منتشرة جداً مثلت سنة 1984 93% تشرف عليها سيدة تسمى‘‘القابلة‘‘.
نستنتج أن معدل الخصوبة انخفض بالنسبة للمرأة القروية رغم كونه لم يصل بعد إلى المعدل الوطني. هذا الانخفاض يمكن أن يساهم في تراجع عدد السكان القرويين إذا انضاف إلى العوامل الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية السالفة الذكر.
الوضعية التعليمية للمرأة القروية حظي قطاع التعليم بالمغرب منذ بداية الاستقلال بعناية خاصة،لاعتباره عنصر حيويا في سياسة التنمية التي ترتكز على طاقات بشرية مكونة قادرة على أن تساهم في النهوض التكنولوجي. إذ قامت بمجموعة من المجهودات إلا أنها غير كافية، فالتعليم ببلادنا لم يرق بعد إلى المستوى المطلوب كما أنه يعرف عدم التكافؤ بين الوسطين القروي و الحضري وبين الإناث و الذكور خاصة بالنسبة للمجال القروي.فما هي المجهودات التي قامت بها الدولة لتحسين وضعية التعليم خاصة تعليم الفتاة بالوسط القروي؟ .
قامت الدولة المغربية مند الاستقلال بمجموعة من الإجراءات لتنشيط حركية التمدرس خاصة الوسط القروي و الإقبال على المدرسة نذكر منها زيادة الحجرات الدراسية وإسكان المدرسين وتوفير بعض الخدمات و المساعدات بشأن بعض اللوازم و الكتب المدرسية و حملات التوعية و التحسس.
رغم ذلك فالمغرب ولعدة اعتبارات اجتماعية واقتصادية و ثقافية،(ضعف المستوى التعليمي للوالدين و الإمكانات المادية،بالإضافة إلى حاجة الأم لمساعدة ابنتها في شغل المنزل و الحقل...) ما يزال يعاني الكثير من المشاكل في هدا المجال وخاصة تمدرس الفتيات. ففي سنة 1992 وصلت نسبة الالتحاق بالنسبة الأولى من الطور الأول من التعليم الأساسي 84,6% في الوسط الحضري،بينما لم يتجاوز في الوسط القروي 69%، غير أن عدم كفاية المدرسة القروية تبرز أيضا عبر مؤشر آخر هو عدم الاحتفاظ بزبنائها لمدة أطول.فإذا كانت هذه النسبة تبلغ حوالي 85% ـ من السكان المتمدرسين من الجنسين ـ تصل منها إلى السنة السادسة من التعليم الأساسي فإن هده النسبة لا تتعدي في الوسط القروي 46% مسجلة بالإضافة إلى تراجع المستوى الدراسي،هناك تمايزا وضحا بين الجنسين 58,7% بالنسبة للذكور و28,8% فقط بالنسبة للإناث.
إلا أن هذا التباين في الحظوظ ولا سيما في الوسط القروي وبين الجنسين بالذات لا يقف عند التعليم الأولي بل يتخذ شكل تنامي تراتبي. بدءا من الطول الأول من التعليم الأساسي إلى الطور الثاني من التعليم الإعدادي ثم الثانوي فالعالي الذي لا يوجد إلا في بعض المدن الكبرى و المتوسطة دون أن ننسى التكوين المهني الذي يظل أيضاً دون المستوى المرغوب فيه بالوسط القروي تحديداً، حيث إن 2,1% من مجموع الفتيات المتمدرسات لها شهادة التعليم الابتدائي و0,3% لها شهادة التعليم الإعدادي 0,1% لها شهادة التعليم ألتأهيلي.
وهكذا يظل تعميم التعليم داخل الوسط القروي متدن حتى على مستوى التعليم الابتدائي الذي يعتبر القاعدة الرئيسية في كل نظام تعليمي. ولم يلاحظ سوى بعض التطور النسبي في هذا المجال" إذ انتقلت النسبة الصافية لتغطية الدواوير من 22% إلى 33% سنة 1993". هذا النمو النسبي ناتج عن تلك المجهودات التي كرست لإنماء القطاع التربوي.
يعرف الوسط القروي بالإضافة إلى تدني المستوى التعليمي استفحال ظاهرة "الأمية"، بالرغم من المجهودات التي بدلت من الجهات المعنية في إطار برنامج محو الأمية خاصة في صفوف النساء،كما يبين ذلك الجدول التالي:
الوسط والسنوات الجنس
|
الوسط الحضري
1982
|
الوسط الحضري
1991
|
الوسط القروي
1982
|
الوسط القروي
1991
|
الذكور
|
30
|
24
|
68
|
55
|
الإناث
|
57
|
49
|
95
|
87
|
المصدر:كتاب قضية المرأة و تحديات التعليم و التنمية البشرية، لمصطفى محسن، العدد15 مايو2000، منشورات رمسيس،ص 77
يتضح من خلال هذه الأرقام ارتفاع الأمية لدى العنصر النسوي و خاصة في الوسط القروي وذلك على الرغم من الجهود التي بدلت في إطار برنامج محو الأمية من طرف عدة جهات مسؤولة.... سنة 1990، لم يبلغ المعدل الوطني لمحو الأمية بالمغرب سوى 49,5% من الأميين المستفيدين من هذه البرامج من بينهم 61,3% من الذكور و38% من الإناث. مما يبين ضعف استفادة العنصر النسوي من هذه البرامج، وهذا سيكون له آثار سلبية على الدور التربوي و الاجتماعي للمرأة، وفرص اندماجها في محيطها الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي و نوعية مشاركتها في مسيرة التنمية المنشودة إضافة إلى وعيها بالمشاكل التي يعرفها المجتمع الآن و المشاركة في الحلول المشتركة على عدة مستويات اقتصادية و اجتماعية. إن الوضعية الاجتماعية التي تعيشها المرأة القروية تقلص من دورها في دورها في التنمية الاجتماعية و تحد أيضاً من مشاركتها في التنمية الاقتصادية و تتيح الفرصة لتوسع هامش مبادرة المرأة الحضرية نظراً للتطور الغير المتكافئ بينهما،الاجتماعي و السوسيواقتصادي.فما هي الأوضاع السوسيواقتصادية للمرأة الريفية؟.
المحور الثاني : الأوضاع السوسيو اقتصادية للمرأة القروية
إن الخصائص السوسيواقتصادية التي تميز المرأة القروية تتضمن السكن و الأنشطة،فالسكن و الظروف المحيطة بيه تجعل المرأة الريفية تعيش حياة صعبة و تضيف لها أشغالاً أخرى.
ظروف السكن
إن تحليل ظروف السكن القروي من استنتاج مجموعة من المؤشرات تبين الوضعية التي يعيش فيها سكان القرى،حيث أن ضعف الربط بالماء الصالح للشرب الذي لا يمثل سوى 11,9% سنة 1999. وعدم التوفر على قنوات الصرف الصحي يؤثر سلبا على الساكنة إذ يتسبب في العديد من الأمراض، كما أن ضعف الربط بالكهرباء وضعف الطرق يزيد من عزلة العالم القروي حيث أن الأسر القروية التي تتوفر على الكهرباء تمثل فقط 15,64% و 38.000 كيلومتر من الطرق التي تؤمن المواصلات بالعالم القروي تضم 30% من الطرق غير صالحة لفترات تزيد عن 30 يوما و82% منها في حالة رديئة.هذه المؤشرات تدل على صعوبة العيش في هذا المجال خاصة النساء، فزيادة على الأشغال التي تقوم بها المرأة القروية تقوم بجلب الماء على مسافة كبيرة. فماذا عن الأنشطة الأخرى التي تقوم بها المرأة القروية؟ .
الأنشطة التي تقوم بها المرأة القروية متنوعة
تقوم المرأة القروية بعدة أنشطة فبالإضافة إلى أشغال المنزل تعمل خارجه في مجال الفلاحة.
يصل معدل الأنشطة بالنسبة لنساء القرى إلى 21,6% مقابل 27,6% للمرأة الحضرية. نلاحظ إذا أن مشاركة المرأة القروية في الأنشطة مهم جداً.
إن تحليل معدل نشاط المرأة حسب المجموعات يعطينا تفاوتاً بين الوسطين الحضري و القروي. فبالنسبة للنساء القرويات يعرف معدل النشاط ارتفاعاً عند الفئة (45 ـ 59) سنة بمعدل 57% متبوعاً بالمجموعة (25 ـ 44 )سنة بمعدل 48%.وهو مؤشر على أن المرأة القروية ساهمت دائماً في النشاط الاقتصادي، وأن الطلب دائما موجود مهما كان العمر. أما بالنسبة للمرأة الحضرية فمعدل النشاط مرتفع عند الفئة (25 ـ 40) سنة بنسبة 47% تليها المجموعة (15ـ 24) سنة بمعدل 32%. مما يدل على أن النشاط عند المرأة الحضرية نشاط شاب. أما فيما يخص نشاط الفتيات الأقل من 1 5سنة،فنلاحظ أن معدل النشاط بالنسبة للفتيات القرويات هو 14% مقابل 3%ن نظيرتها الحضرية،وذلك لارتفاع معدل تمدرس الفتاة الحضرية عن القروية.
إن الوسط القروي يهيمن عليه النشاط الزراعي إذ يمثل 92% من مجموع الأنشطة في حين لا تشغل الصناعة التقليدية إلا 6%. أما في الوسط الحضري فالعكس من ذلك، حيث إن المرأة تساهم في مختلف الأنشطة، فالصناعة تشغل 32% والأنشطة الشخصية و المنزلية تساهم ب 13%، و الإدارة تشغل 10%.
إن المرأة الريفية، تمارس أنشطتها كمساعدة عائلية بالدرجة الأولى،فمن أصل 10 نساء نشيطات نجد أن 8 منهن يشغلن كمساعدات أسرويات وفقط 5% تعملن كأجيرات بينما في الوسط الحضري فنجد معدل العمل المأجور يمثل أكثر من 69%. هكذا نلاحظ أن المرأة القروية فاعل اقتصادي لكن لا زالت تحت الوصاية، أما فيما يتعلق بساعات العمل فنلاحظ أن أكثر من 56%من النساء يشتغلن أكثر من 32 ساعة في الأسبوع إذ أنهن بالإضافة إلى الأنشطة الاقتصادية فهن تقمن بأعمال المنزل كتربية الأولاد وجلب الماء وحمل الخشب...
خاتمة
شهدت الأوضاع الاجتماعية والسوسيو اقتصادية للمرأة المغربية مجموعة من التغيرات، لكنها لم ترق بعد إلى المستوى المطلوب كما أنها لازالت تتسم بعدم التكافئ ،بين الوسطين الحضري والقروي،وكذا بين الجنسين داخل الوسط الواحد نظراً للأولوية التي تعطى للوسط الحضري عن الوسط القروي وكذلك الميز الحاصل بين الذكور والإناث خاصة في الأرياف.
عرفت وضعية المرأة المشتغلة في القطاع الفلاحي مجموعة من الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك الأخلاقية، يعزى ذلك إلى ضعف تدخل الدولة وكذالك المجتمع المدني إذ لا نجد جمعيات تهتم بالمرأة القروية عامة وبالمشتغلات تحديدا،هذه الأخيرة التي لازالت عاني كثيرا من التهميش وعدم الاهتمام رغم الدور الكبير الذي تلعبه، إذا نظرنا إلى الأنشطة التي تقوم بها نجد أنها أكثر نساء القرية اشتغالاً فهي تجمع بين العمل داخل البيت وفي الحقول. هذه الوضعية الصعبة التي تعيشها الأجيرة تدفعها إلى الهجرة نحو المدينة، لتتحول إلى خادمة في البيوت أو عاملة في المصنع. مما ينعكس بشكل سلبي على القطاع الفلاحي من جهة خاصة ببعض الفترات إذ أن انخفاض اليد العاملة خاصة النسوية يؤخر غرس بعض المزروعات، أما من جهة ثانية فالهجرة هذه تتسبب في بطالة للعاملات في المدينة وما يتبعها من مشاكل أخرى، الشيء الذي ينتج عنه خلل بين المجالين الحضري و القروي. لذا من الواجب إيجاد حلول سريعة لهذه المشاكل لإعادة التوازنات المجالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق